Skip to main content

Full text of "مغامرة الإسلام الضمير و التاريخ في حضارة عالمية ( ثلاثة أجزاء ) - مارشال هودجسون"

See other formats




معامره الإساد 


الضمير والتاريخ في حضارة عالميّه 








المجلد الأول 


العحصرالكلاسيكي الإسلام 


مارشال هود جسون 
ترجمك: أسامة غاوجي 


الشبكة العربية للابحاث والنشر 


516 لا8نام طلائلة لاع ظطفعطوعظ 08ع 0816 الااعلزا 8م هم 











مغامرة الاسلام 
الضمير والتاريخ في حضارة عالميّة 
المجلد الأوّل 
العصر الكلاسيكي للإسلام 


مارشال هودجسون 


ترجمة 


آأسامة غاوجي 








11 0 
_ 95 
الشبكة العربية للأبحاث والنشر 


81151 نام للق لأعظلفع5ع5 قمع )لم0 برعم ققكم 


الشبكة العربية 
للأبحاث والنشر 


بيروت ‏ المكتب الرئيسي: 
5 بيروت. المنارة. 

شارع نجيب العرداتي 
ض:ب8565-١١‏ حموا يروت 
9 لبنان 

هاتف: /ا/941ة؟/!ا١‏ أكقء٠‏ 

محمول: 09717111741/5141. 


0211: 121022120192217 011. 


بيروت ‏ مكنية 

السوليدير. مقابل برج الغزال. 
بناية المركز العربي 

..5511991441١ هاتف:‎ 
:05711/١071914167 محمول:‎ 


وسط البلد, 77 شارع عبد الخالق ثروت 
هاتف: ٠.7.2990 ١0850‏ 
محمول: 1ت 1 0.. 


الاسكندرية ‏ مكتية 

عمارة الفرات., 

”> شارع عبد السلام عارف_سابا باشا 
هاتف: ٠.١07١ "080/71١*‏ 

٠.٠١.50١ 11١015553406 محمول:‎ 


الدارالبيضاء ‏ مكتية 
زدقة روماء تقاطع شارع 
مولاي إدريس الأول 

هاتف: /548741 ٠.71١0:‏ 
محمول: ٠07115705588448‏ 
تونس ‏ مكتبة 

٠‏ نهج تانيت, نوتردام, 
قبالة وزارة الخارجية 
هاتف: ٠.7386“‏ 
محمول: 071717011531448. 


اسطنبول ‏ مكتبة 
المتفرع من شارع فوذي باشا 
محمول: ٠.500177091/017١/4‏ 


الفهرسة أثناء النشر ‏ إعداد الشبكة العربية للأبحاث والنشر 


هودجسون. مارشال 

مغامرة الإسلام: الضمير والتاريخ في 
حضارة عالمية/ مارشال هودجسون؛ ترجمة 
أسامة غا وي 

امج . 

15871 978-614-431-77 

:١‏ الإسلام ‏ تاريخ . ؟. الحضارة الإسلامية. 
“”. الإمبراطورية الإسلامية. أ. غاوجىء أسامة 
(مترجم) . ب . العنوان. 
1ش 2222 


«الأراء التى يتضمنها هذا الكتاب لا تعبر بالضرورة 
عن وجهة نظر الشبكة العربية للأبحاث والنشر' 


0 01 عستخص ؟٠‏ ع1" 
1 70210 د صز و«مأعتط ل0سه عع2ة 00251 
10 ...0.5 112152211 
011250 01 217715117ل1آ عغطأ نا 1974 © 
65170 5اطع11 [آاذل 
,21655 0116280 01 2176151177ل1] عطأ نا 0ع25ع16آ 
دنا ,11112015 ,01162860 


جميع حقوق الترجمة العربية والنشر محفوظة حصراً 
للشبكة العربية 
الطبعة الأولى» بيروت» ٠١7١‏ 


إِنّْ تخلينا عن النظر إلى البشر بوصفهم إخوة لناء والاعتقاد بأنْ 
الفضل مخصوص بِأْمَدَ واحدة من دون بقيّه الأمم, يشير ضواحة 


. .#0 
جون وولمان 





إلى جون نفه وإلى ذكرى الراحل غوستاف فون غرونياوم 
إعجاباً وامتناناً 


(*) جون وولمان ١7٠١(‏ -1/7/ا١).‏ أحد أبرز دعاة الكويكرز (جمعية الأصدقاء الدينية) في 
أمريكا الشماليّة. كان واعظأً جَوَّالا في أنحاء بنسلفانياء وكاتياً داعية للسلام وقعازضا للرق والقسوة 
على الإنسان والحيوان» منتقداً لسياسات الاستغلال والتفاوت والحروب الرأسماليّة . أثرت كتاباته: 
خاصّة بوميّاته» تأثيراً كبيراً في الكويكرز وفي مارشال هودجسون على نحو شخصي (المترجم) . 


الكتاب الثاني 

الحضارة الكلاسيكية للخلافة العليا 

توطئة الكتاب الثاني مي ب ا 0 
)١(‏ المعارضة الإسلاميئة 597 ٠/65٠‏ [”/ا ”77١اه]‏ 08 51 
() ازدهار الحكم المطلق ١6/ا  ١57[ 8١75‏ - 198١ه]‏ ا 
(") رؤية الشريعة الإسلاميّة (نحو ٠5لا -1١7[)958‏ 5“ه] 50000 
(:) التقوى الشخصيّة عند المسلمين: مواجهات مع التاريخ والذاتية (نحو 
دولا 7[)956 ١"‏ :5"لاه] 000 

(4) النظر العقلي: الفلسفة وعلم الكلام 
(نحو ٠6لا ١75[)9568‏ - 775ه] 
(5) الأدس: ازدهار الثقافة الأدبية العربية 
(نحو ”١6م‏ 450) -1١98[‏ 5؟1ه] 175( 
(0) أفول تقليد الحكم المطلق 4١7‏ 155 [75-198اه] 25000 


مقدمة المترجم 


«اللَهُمَ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض». 
حتى سقط رداؤه يَكِلَهِ عن منكبيه"' . 
الو جاء زائر من المريخ إلى الأرض في القرن السادس عشرهء فإنّه كان 
سيظنٌ أن الإسلام على وشك أن يسود عالم البشر يد 
مارشال هودجسون 


عن هذه المغامرة» التى استهلتها رؤيا مستوحدٍ في غارء ثم أعادت 
اختراع العالم. يحدثنا انال هودجسون. وعن هذه المغامرة» متشعبة 
المسالك6.ومترافية البلذاة» ومتغددة الشعوب::والالسنة» يعن هو ةحسون 
سرد القصّة التي نعرفها والتي لا نعرفها. يخبرنا من جديد عن تعمد 
صيرورات التاريخ وتفاعلات مصالح المجموع والبيئة البشرية والطبيعية ورؤى 
الأفراد المبدعين. الحرض ا ما ير أخصنا نحن العرب 0 
تلوّن الإسلام بألوان شعوب شتّىء تتورّع بين الصين وغرب المتوسّطء لا 
تعدو العرب أن بكودوا سيم وتكبرنا'من كوك اننا ها مناه هد 


)١(‏ أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الجهاد والسير: «لما كان يوم بدر نظر رسول الله كَِنَةِ إلى 
المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا ٠»‏ فاستقبل : نبي الله ككَِهِ القبلة ثم مد يديه 
فجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني» اللهم أتِ ما وعدتني» الى إن كيرت هد اتساب من 
أهل الإسلام لا تعنيك فى الاارضص: فما آل ميعفية ترية اذا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن 
منكبيه » » فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ” ثم التزمه من ورائه وقال: : يا نبي الله كفاك 
مناشدتك ربك». فإنه سينجز لك ما وعدك)». 

1/1 4اته ,:7هأ5[ ,ءمره«لاظظ «ده دبرودكظ :برمماىة27 4ا«ه 17 217:1 رمموع 1100 .5 .0 اأقطوحة‎ !!!0|4 )١( 
,ع225:108هن) 111 ععلعنا8 لستتصلظ نزط ده أوتاعهه2) 220 «متاءن 200 م1 عد طاتس لعاتله ,نرممائةقر‎ 38] 

7 .م ,(1993 رؤووع؟ 1021976125113 ع2108ط له 


٠‏ اين سس 


فصول قصّة حضارة المسلمين في المراحل التي تسرّع غيرّه في وصفها ب 
«عصور الانحطاط». وإذ 8 جو مود بهذه القصّةء فإنه يبني النماذج 
ويطوّرهاء ويناقش غيره ويُفحمه» يُوضَح المزالق التي وقع فيها المؤرخون 
والمستشرقونء ويخبرنا عن المسارات التي لم يُفكر فيها أحد. إنّه لا يُمتعنا 
بفريد القصص وحسن الأحاديث؛ بل تفععنا بما نجده في أنفسنا من وضوح 
في الفهم ونزاهة في المنهج عمو واتساع في التحليل. 

كأن هو دحسون ساف قادته نزاهته الفكريّة وإخلاصه لموضوع بحثه إلى 
نقد انحيازات الاستشراق من داخله» وإلى الإعلان جهراً عن عطب مناهج 
المؤرّخين الغربيين الذين نظروا إلى العالم بعين غربيّة مستعلية. كان سبّاقاً في 
النظر إلى تاريخ العالم كلوحة تتدافع فيها تأثيرات الشعوب والحضارات» 
وتتداخل في نسيجها ألوان ثقافاتهم» التي ما تفتأ تتبدّل وتتطوّر وتتمازج عبر 
خطوط التجارة والتبادل الثقافى والحروب. ولهذا كان جهده فاتحةً مهمّة 
لتطوّرات كبرى في حقول الاستشراق ودراسات الإسلاميات والتاريخ العالمي 
وسوسيولوجيا الإسلام . 

جاء مغامرة الإاسلام ثمرة لحياة مؤرخ ومستشرق من طراز فذّ» آمن بوبحدة 
ضمير الإنسانية وبفرادة منجزاتها الحضارية. اقترب من الإسلام متعرّفاء 
و«خلع نعليه عند باب مسجده"”'". ثم قدّم تراثه في سياق عالمىٌّ يتفخص 
خطوط التواصل والترابط بين حضارات العالم ومجتمعاته. لم يعن بماثر 
الملوك وسجلات الدول وصولات المعارك بقدر ما عنيَ بتاريخ الوعي 
والضمير»ء وبحركيّة التقاليد الثقافية وتموضعاتها الاجتماعيّة» على أساس من 
تحليل الشروط المادّية للبيقة والنشاط الاقتضادي. فجاءت الصورة النهائية 
لمغامرة الإسلام لوحة تحليلية شاملة : شاملة من جهة تتبّعها لكافة مظاهر التغير 
التاريخي وسبر جميع العوامل المسهمة فيه؛ وشاملة أيضاً في تغطيتها لزمان 
لمان يساس ١ ١‏ الساجيازو ودا لتويو اا ناعرط دن 
القوميات في العالم الثالث؟؛ وشاملة أيضاً في تغطيتها لرقعة جغرافيّة تمتدٌ من 
الأرخبيل الماليزيّ إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وما جاوزهما. 


فى هذه المقدّمة الموسّعة» سأعرّف بمارشال هودجسون والمناخ الذي 
(9) والعبارة لمحمود أيوب» نقلا عن : 4 ص« ,.1510 ,رمموع1100آ 


١١ 


كتب فيه مغامرة الإسلام» وسأتناول نقاط تفرده وتميّزه ونقاط قصوره 
وفتحدؤة تقشع كنهنا سأتوسّع في إيضاح منهج مغامرة الإسلام وهيكله العام 
وتأثيراته اللاحقة لأمهّد للقارئ الطريق للدخول إلى هذا الكتاب ذي المنهج 
المركب والأدوات التحليلية المعمّدة والحافل بخفايا الفرائد. وفي ختام 
المقدمة. اا ةن اختياراتي في الترجمة وبالرموز التي اكتعملها في 
هذا الكتاب. وهو ما لا غنى للقارئ عن الاطلاع عليه قبل قراءة هذا الكتاب. 


من هو مارشال هودجسون؟ 

ولد مارشال لراري سرمي ةا لي لصاوي لتروور اد ارين 

من عام ١4157”‏ في رد يتشموند من ولاية إنديانا الأمريكية. التحق فى صباه 
بمدرسة ويست تاون الداخلية. وهي مدرسة تابعة للكويكرز في ولاية 
بنسلفانياء وحصل على درجة البكالوريوس في عام ١957‏ من جامعة 
كولورادو فى «الاقتصاد والعلوم السياسية» ثم في برنامج «الإغاثة وإعادة 
الإعمار» من كليّة إيرلهام» وهي كليّة خاصّة للفنون الليبرالية تأسّست على يد 
الكويكرز. كان ذلك في خضم الحرب العالميّة الثانية» وكان اهتمام 
هودجسون بالتاريخ العالميّ لا يزال في أوّلهء ولكنّ حسّه الدينيّ والتزامه 
الإنسانيٌ كانا شديدي الحضورء فكان يأمل بالتحاقه ببرنامج «الإغاثة وإعادة 
الأعمار» أن يُسهم بإعادة إعمار البلاد المنكوبة بأهوال الحرب العالمية 
الثانية”*؟. خلال دراسته الجامعية» التحق هودجسون بالنادي الكوزموبوليتاني» 
الذي كان يعمل على إنهاء التمييز العنصري بحقّ ذوي الأصول الإفريقية. كان 
على هودجسون أن يلتحق بالخدمة العسكريّة فور تخرّجهء ولكنه رفض ذلك» 
معلناً أنّ القتال والحرب لا يتوافقان مع ضميره ومواقفه الدينيّة. كلّفه ذلك 
قضاء ثلاث سنوات )١1957-1١9457(‏ فى معسكرات الاحتجاز المخصّصة 
لزافضى التخدعة السكرية تخللت تلك النستوات أعمالاً من الخدمة العامة 
كما حظي هودجسون خلالها بالكثير من الوقت للتأمّل والقراءة والكتابة. وقد 
كتب في السنة الأخيرة» التي قضاها عاملاً في مستشفى كونكورد للأمراض 
العقليّة» دراسة مطوّلة حول تاريخ العالم. 


(؟) أمعامتكده]8 0 اعامك عطا دده نم1115 214ه78 01 مم نامع م1 عط1“ ,ررعنزء 0 اعقطء111 
6 :[107كاظ 71014 4:14 #بهانط .قله ,منلصة51 .[ أمءعط180 لصه 111 مم8 لستتصسقظ نص **رععمهادزوع جع 
.2 ,(2018 رؤقع281 80 2عقطن) 01 [(511ةء اله لآ عط1' :11 ,معدعتط0)) ارمدعوله8] المطدوجمكة زه دع ابرع لآ 


١١ 






من هم الكويكرز؟ 
ظهر الكويكرزء أو الصاحبيون, أو جمعيّة الأصدقاء الدينية. في 
إنجلترا القرن السابع عشر. على يد رجل استثنائيّ اسمه جورج فوكس 
(غ17 - ٠‏ ). عندما كان جورج في العشرين من عمره. وفي 
السنوات الأخيرة من حرب الثلاثين عاماً. راودته رؤيا روحيّة تدعوه إلى 
الصدح بمذهب جديد. مذهب لا يرى لإنسان فضلاً على إنسان. إذ كل 
إنسان هو مستودعٌ للنور الإلهي: كل البشر متساوون, أيا كان دينهم أو 
عرقهم أو جنسهم. لا تجوز أذيّتهم, وكلّهم قادرون على التواصل الفرديٌ 
مع اللّه. دون الحاجة إلى أيٍّ نوع من الوسطاء أو من «الأشكال الفارغة» 
كالطقوس والأسرار الكنسيّة المقدّسة التي يحرسها رجال الدين. يظفر 
الفرد بصلته الخاصّة بالله في كل مكان: إذا ما أصفى قلبه إلى صوت الله 
الساري في الطبيعة والبشرء فالله يُخاطب الإنسان مباشرةٌ ودائماً. ووحيه 
لا ينقطع. وفي عصر الإصلاح البروتستانتيء الحافل بالطوائف الدينيّة 
الجديدة؛ نادى فوكس برؤيته في الكنائس والشوارع. ووعظ المؤمنين به, 
الذين أسماهم ب «الأصدقاء». بمحبّة الجار والإيمان بمساواة الناس 
أجمعين واحترام كرامتهم الإنسانيّة. والتزِّم أتباعٌه بألا ينادوا أحداً إلا 
باسمه الأوّل. ولو كان الملك أو رأس الكنيسة, وألا يرفعوا قبّعة الاحترام 
لأخة» وهؤاما كان مكل توعا من العصيانة السلمي على السلطتين 
السياسية والكنسية. نادى فوكس بالإصلاح الاجتماعي وإلفاء التفاوت 
الطبقي وحظر تجارة العبيد. قضى فوكس نصف حياته في السجن, كما 
تعرّض نحو ٠٠١‏ من «الأصدقاء» للسجن ما بين ١7761777‏ في 
بريطانيا. ولكنّ دعوته استمرّت. ووصل عدد أتباعه حين وفاته نحواً من 
٠٠‏ ألفاً. 
انتقل عدد كبير من «الأصدقاء» إلى الأرض الجديدة: أمريكاء على 
أمل بناء مجتمع جديد على أساس الإيمان الحقٌّ. ولكنّ اضطهادهم لم 
يتوقف. وتعرّض بعضهم للاعدام. استفاد وليام بن (وهو الشخصيّة 
الثانية في المذهب) من منصبه كقاض في المحكمة الملكيّة البريطانية 
ومن صلات أبيه الوثيقة مع الملك تشارلز الثاني لتيسير حصول الكويكرز 
على حل باسس سفاني في بنسلفانياء أَسّس الكويكرز مجتمعهم. 
واشثّهر و الأصليين:ء إذ استأذنوا منهم في 
مشاركتهم الأرضء واشتروا منهم حصّتهم من الأرض لزراعتهاء وتعلّموا 
منهم أنواع المزروعات في تلك الأرض الجديدة: وعلموهم في المقابل 
تقنيات الزراعة الحديثة. جاهر الكويكرز منذ نهاية القرن السابع عشر 
برفضهم لاستيراد العبيد من إفريقيا. وكانوا في طليعة الحركة 
المناهضة للعبوديّة في أمريكا. ظل الكويكرز طائفة نخبويّة لا ينتمي إليها 
إلا قلّة من المؤمنين لا تتجاوز أعدادهم اليوم ٠٠١‏ ألف. يتركز نصفهم 
في إفريقيا (وفي كينيا على وجه الخصوص). ثم الولايات المتحدة 
وبريطانيا. يشتهر الكويكرز بانخراطهم النشط في القضايا الحقوفيّة 
والسياسيّة وبنشاطهم في الحقول العلميّة. وبعقلانيّة إيمانهم ( الذي لا 
ينص على عقيدة مُحدّدة). يلتقي الكويكرز أسبوعيّاً في ما يُُسمونه «بيوت 
اللقاء» (كمقابل ل «الكنائس»). ويقضون الشطر الأكبر من لقاءاتهم 
صامتين. ليتعلّموا الإصغاء لصوت الله في قلوبهم. 











































١ 


خلال سنوات 
التكوين هذى ظهرت 
عند هودجسون بواكير 
وعيه التاريخيء. كما 


تأكد التزامه الديني 


بمذهب الكويكرز داخل 
نمسه. وقد كان هذان 
العنصران متلازمين فى 
كوك كفك دقف إبغانة 
الكويكري بتآخي البشر 
ووحدتهم إلى الانتباه 
مبكراً إلى خطل 
المقاربات التي تموضع 
الغرب الأوروبي في 
فلب تاريخ العالم 
وتهمّش تواريخ 
الشعوب الأخرى. في 
حياة هودجسون العديد 
من المشاريع غير 
المكتملة. فى شبابه 
(عام 1946)» أراد أن 
ينون قراتقة وفع :فى 
تاريخ العالم ب الي 
ئثمة شيء ايسمه 
المشرق!) (7210 15 عرعط1 
إغصع02)ء و أعذ في 
العام نفسه مخطوطة 
كتاب حول «المواطنة 
العالمية»). في صفحاتها . 
غير المنشورة يقول: 


«علينا أن نكفٌ عن الحديث عن ار عالميٌ أو عن 0 عام... 0 
كان حديثنا ا بالاساسى عان تاريخ البلدان الأوووسة و متحي انها + 
تمثل هودجسون مبادئ الكويكرز على المستوى الشخصيّ» فامتنع منذ شبابه 
وحن اتهاة بعاته عق الليخم.والسجائر و الشهر ‏ : 
من الآرث الديتى والروحي للخويكرن تمسّك هودجسون برؤية أخلاقيّة 
للتاريخ. وهوما اشيم الحدف تلميذاته» هوريشان إسلام أوغلو صفطاءفعس]؟ 
نااعه0طة151] ) في أربعة بنود: ١-كلّ‏ البشر موجودون في العالم معاً. يجمعهم 
تاريخ مشتركٌ أكثر أهميّة من الفروقات والخلافات التي تفصل بينهم . لا للفرة 
أهميّته في التاريخ الاقتصادي. 7 الفرد ليس مجرّد موضوع متغيّر تابع في حركة 
التاريخ» بل هو فاعل مكين في التغيير . ؛ - صحيحٌ أن جميع الأفعال الإنسانية 
مشروطة وخاضعة للظروف التاريخيّة» إلا أن هذه الظروف التاريخيّة لا يُمكن أن 
تُفهم إلا بعديّاً بأثر رجعئّ وبشيء من النقد الذاتي”"". تتجلّى هذه الرؤية 
الأخلاقيّة في الاقتباس الذي افتتح به هودجسون كتابه الأول من كلمات جون 
وولمان» الواعظ الكويكري المتجوّل المناهض للعبوديّة والاستغلال الرأسمالي : 
«إنّ تخلّيئا عن النظر إلى البشر بوصفهم إخوة ة لناء والاعتقاد بأنّ الفضل 
مخصوصض نّ بِأمَةٍ واحدةٍ من دون بقيّة الأمم. يُشير صراحة إلى ظلامية يْةِ في الفهم». 
خلال السنوات التي قضاها مارشال هودجسون في معسكرات 
الاعفيه زه كان بو اده خممس ‏ العدير 1951 )نكر والمدارة فلن الرمارة إلى 
سدهي له رين لجا ر لكل الستساي ل اد ل اشر ع 
أن اهتمام ابنه بالتاريخ العالميّ ومنهجه العابر للتخصصات يتقاطع مع منهج 
اللجنة وتوجّهها'*". وقد كانت لجنة الفكر الاجتماعي (التيى سيغدو 


(6) القطذ د11 ::9ه111502 70210 1260216128" ,11210103212 122003 لصة ,61 .م .15010 ,ععوعء0 

4 .2 ,.1510 ,.05» ,1م842 320 111 ععاتناظ :12 **راعء220[6 10118500 عط 0مة دمدوع 1100 

0 انظر شهادة هشام شرابي حول ذلك : هشام شرابي» الجمر والرماد: ذكريات مثقف عربي 
(بيروت: دار الطليعة» :)١91/8‏ ص560١.‏ 

(/ا) الهطةة14 ده أععمدمماع 1 جدعلآ-40 كن :7760تهاء1 20ة لعتدء12 ولاتصء 0" رععر 13371 .8 ععنمر8 

11 ,اعمسمقطن) 80015 0 بااعتتهع11 وعاعع دخ 5م[ ذل ,22[13لع143:8) **,0دأذ1 01 عتنغخرعء7! عط1 د :دموعل110] .0.5 

و(2014 نعط ترع نه ل[ 

. </10085012-7611]11156-151212-اء6م16101500165.018/161705/ا 121 22113ز3://12218صاخط > 

0( ”,27008508 القطة:142 1ه ممناولا 210221ع1ال8 20ة عقنآ لقدمزووعء)ه: عط1“ ,عستاوعنف]1 دذل نآ 

.6 .2 و(2012 ,0116280 01 112196151179 ,واوعط1' ,ذشالة) 


١ 


هودجسون ريا لاحقا لها) هي البوتقة تقة التى صبَت فيها شتى تيارات 
«دراسات الحضارة» وامتزجت بالمناهج الأتفريو لوسةة والتاريخية الجديدة. 
وكانكاهن أوائل من قدم برامج عابرة للتخصّصات والحقول المعرفيّة؛ فقد 
عرّفت اللجنة منهجها بالقول: (إِنْ الدراسة الجادّة لأيّ موضوع أكاديميّ أو 
لأيّ عمل فلسفيّ أو تاريخي أو لاهوتي أو أدبي تتطلّب دراية واسعة ومعمّقة 
بالمسائل الرئيسّة التي تنطوي عليها جميع هذه الدراسات. وعلى الطالب أن 
يتعلّم ما يحتاجه من هذه المسائل عبر الاطلاع على النصوص القديمة 
والحديثة على السواء في مناخ عابر للتتخصّصاتء وله بعد ذلك وليس قبله - 
أن يركز على موضوع دراسته وبحثه الذي اختاره»2. لاحقاًء سيقول جون 
نِف في تأبين مارشال هودجسون بأنه كان اؤليلا على :ضيكة المنها نه التي 
قونا ونا -عندها سما هذى للع 


في لجنة الفكر الاجتماعي. ظهر اهتمام هودجسون بالتاريخ الإسلامي. 
جيك الصق ب «المعهد الشرقي»» وعمل تحت إشراف بروفسور العربيّة» 
المستشرق النمساوي الشتهيز غوستاف فون غرونباوم 0 وأنجز تحت إشرافه 
رسالته للدكتوراه بعنوان «مجتمع منشق في الإسلام الوسيط: تاريخ. عام 
للإسماعيلية النزارية فى حقبة آلموت لمنءناءا! عن «اتسسجمده© نعءتوعذ« 4 
2100 771411ه| ل 111 111 0 قعالم ع[ زه ««هاكةظ أه«ءدء0 4 :«رعاو1اء وعليها 


حصل على درجة الدكتوراه في عام .١1960١‏ كان هودجسون يتن قراءة العربيّة 
وكتابتهاء وإن لم يجد الحديث بها بطلاقة9' , 


0 .(2019) 380ع1طن) 01 1217151 ,أطعنامط 1 50121 2ه عع] مم00 1ع81 .لآ مطه[ عط]' 

)2230 .6 .م ,.1010 ,عستاوع]آ 

)١(‏ غوستاف فون غرونباوم. ولد في النمسا عام ١9‏ » وحصل على درجة الدكتوراه من 
برلين في دراسته مدى الواقع في الشعر العربي الأول. * ثم هاجر من النمسا إلى الولايات المتحدة بعد 
ضمّها من قبل ألمانياء وذلك لأنه كان من ا و ان هلي د عه . عيّن أستاذاً 
للعربية في جامعة شيكاغو عام ”21915 ثم انتقل إلى جامعة كاليفورنيا في عام 1191 ليرأس قسم 
0 الشرقية . وعلى الرغم من غزارة إنتاجه في تخصّصه بالأدب والشعر العربيين» إلا أن منظوره 
ظل وا سع الرؤية ومتصلاً بفهم الحضارة الإسلاميّة في شموليّتها. ويشهد على ذلك كتابه الإسلام في 
العصر ايا انظر : عبد الرحمن بدوي» مو سوعه ة المستشرقين . ط” (بيروت دار العلم للملاين» 
,)١*‏ ص .١1 87” ١875‏ 

(0) يشهد لذلك هشام شرابي في كتابه الحمر والرماد (ص556١).‏ شير قائمة مراجعه إلى أنه 
كان ننقن الفردية والاتمانة ايها . وقد أخبرتني الباحثة المتخصّصة في حياة هودجسون» ليديا * 
كيسلنغ » ٠‏ في تواصل شخصيء بأنّه تعلّم شيئاً من التركية قبل أن يسافر إلى تركياء وبأتّه التحق 5 


١ 


خلال سنوات دراساته العليا في «لجنة الفكر الاجتماعي» يحكي هشام 
شرابي في مذكراته «الجمر والرماد» قصّة تعرفه على هودجسون. وفيها يروي 
أنه كان يقضي معظم وقته في مكتبة «المعهد الشرقي». وأنه كان يخرج لتناول 
غدائه الخفيف على درجات المكتبة من دون أن ينقطع عن القراءة. ويصف 
شخصيّته بالقول: «كان مارشال هادئ الطباع. لطيفاء لا تخرج من فمه كلمة 
غايرة :كاك مندنا علذ مطيء ركرة العف وتوم الغا نوي 


بعد تخرّجه على الفور. حل ارا على ل تر رايت لقضاء سنة 
ع ل ل ل فى الهند. ثم إنه سافر من الهند 
77 وقفضى ١‏ بعض الوقت في إيران وتركياء ثم قضى سنة بحثيّة أخرى في 
جتامعة فرانكنووزت: تالماتيا: وفي عام 58# عاذ ليسأ تقس مشوارة 
الأكاديمنَ محاضراً في لجنة الفكر الاجتماعي . 


في عام »١455‏ طلب إلى هودجسون المشاركة في المشروع الذي مولته 
اليونسكو لكتابة تاريخ علمي وثقافي للبشرية» وأسهم هودجسون بفعاليّة في 
تحرير الكتاب الرابع منه حول «أسس العالم الحديث ١٠١‏ هلا/ا١)‏ 
كمعاون للمؤرّخ العالمي لويس جوتشالكء. كما أنه كتب معظم الفصول 
الجتعلفقة تك «الحشنارة الأنادية؛ ا هذا المشروع. كان لهذا المشروع 
بصمته على فكر هودجسون؛ فقد :5 تضمُّن المشروع لقاءات مباشرة وغير 
مباشرة مع مؤرّخين من شتى بلدان العالمء ير الفصول المتعلقة 
ببلدانهم وليساهموا في صياغة تاريخ خم عالمي متحرّر من المركزية الغربيّة. 
تواصل هودجسون مع مؤرخين من 82 السوفياتي». ومن الهند والصين 
ومن أمريكا الوسطى» كما كان للمؤرّخين العرب إسهامٌ في مراجعة الفصول 


التعدلقة ببلدانهم. فشارك في المشروع كل من قسطنطين زريق ومحمود 
ر7540كى, 
زايد 


زاوج هودجسون بين اهتمامين متصّلين: التاريخ خ العالمي. ودراسات 


- الأرجح ‏ ببعض فصول دراسة الفارسية . ولكنّه كان كثير السخط على نفسه فيما يتعلّق بمعرفته باللغات» 
وكان يشعر بأنّه لم يكن جيّداً بما يكفي» في هذا الباب. 
)2 شرابي» الجمر والرماد: ذكريات مثقف عر بي ١‏ ص2 .١5‏ 
)2 835000ل!نا عطا 0هة مموع200 المطدد81 :ندمؤدنة1 110:10 عممعامءء16'' ,ماممستاجه] 
9- 88 .مص ”رامع زمع2 


١6ه‎ 


الإسلاميات. وقد كانت أجواء «الجنة الفكر الاجتماعي» مشبجعة على تطوير 
اهتماماته في كلا الحقلين؛ فرئيس اللجنة آنذاك كان جون نف. المؤرّخ 
الاقتصادي وصاحب كتابّي: «الأسس الثقافية للحضارة الصناعيّة» و«الحرب 
والتقدم الإنساني» (وإليه وإلى غرونباوم أهدى هودجسون كتابه الذي بين 
يديك)؛ وفي الجامعة نفسهاء أنجز وليام ماكنيل كتابه الكبير «صعود الغرب 
ادء7! 176 ره ء835 2)776) ذا المجلدات الثلاثة. والذي كان أوّل محاولة معتمدة 
في التاريخ العالمي» إذ حاول أن يقرأ صعود الغرب فى سياق عالمى يُلاحظ 
خطوط التأثر والتأثير وخطوط التبادل التجاري والثقافيَ مع الحضارات 
الأخرى” . اشترك هودجسون منذ وقت مبكّر في حلقة دراسيّة حول 
«الدراسات الثقافيّة» ضمّت وليام ماكنيل والأنثروبولوجيى الأمريكى روبرت 
ووذفلةوا اأشرير لوحن البوليدي ملتوق سجر» الخير فى اللدرافناف الوتديةه 
والدي استفاد منه هودجسون في بناء تصوّره عن الحميا:ة كما سأبيّن 
لاحقا. وعن هذه الحلقة تطوّر مشروع «الأنثروبولوجيا الاجتماعيّة المقارنة 
للحضارات». الذي تبلورت فيه فكرة إنشاء مساق لدراسة «الحضارة 
الإسلامية» »)١94065(‏ وهو المساق الذي تولّى هودجسون (منذ ١145‏ /اه 
إلى نهاية حياته) تدريسه والإعداد له. ولأجل هذا المساق» شرع هودجسون 
بكتابة أوراق («مغامرة الإسلام» لتكون كتاباً موسا عاه50 غ16 للطلبة . ظ 


قضى هودجسون سنواته منذ عام ١108‏ بتدريس مساق الحضارة 
الإسلامية. وخلال السنوات الممتدّة من ١165١‏ إلى وفاته فى 2١974‏ نشر 
هودجسون جملة من الدراسات التي أثارت الاهتمام بمشروعه الطموح 
ورؤيته النقدية الصارمة. وقد لفتت دراساته الانتباه إلى ظهور مستشرق 


(15) في قسم التاريخ في جامعة شيكاغوء برز مؤرّخان آخران يُعذدَان اليوم» مع ماكنيل 
وهودجسونء الأعمدة الأربعة لمدرسة «التاريخ العالمي»»؛ وهما: لويس جوتشالك وننامآ) 
(القطع00)5) . الذي درس الثورة الفرنسية من منظور التاريخ العالمي, وقد تقاعد من جامعة شيكاغو في 
عام 6 » والذي عمل هودجسون معه في مشروع «اليونسكو)؛ ولفتن ستافريانوس «166أمآ) 
(5]3713205» الذي بدأ مسيرته المهنية بدراسة تاريخ البلقان والعلاقات العثمانية اليونانية» ثم قدّم جملة 
من الأعمال حول التاريخ العالمي» أبرزها العالم حتّى عام ١16٠١‏ : تاريخ عالمي (صدر في ,)197٠‏ 
وقد عمل ستافريانوس لبعض الوقت في جامعة شيكاغوء ثم انتقل إلى جامعة إيلينوي» ولم أجد ما يفيد 
فى :مدق تأشره أو ضاعه بهودحسون”: أما تاثير سماكفل + فشافصل فيه لاعفا + للمريد انظر: 

15 طعده2مم4 1تتمزعوء:12162 عاتعطمدنصيع 1ط عط مضه ممدع 200 :5 .0 القط5:ة51'' ,111 ععلعند8 لمنتسلظ ٠‏ 
.7 .م ,(1995 1211) 2 .20 ,6 .701 ,نز«هاكىة 8 4اءه/11 زه /716لا0ل *,/01ؤ115] 1/0:10آ 


هل 


ومؤرّخ فذاض لل وعدلهة بولك مولهها كان يتابع العمل بالتوازي على 
مشروعين كبيرين» يضع فيهما عصارة رؤيته ويخيطهما بمنهجه واصطلاحاته 
الخاصّة» ويختبر أفكارهما بالتدريس والنقاش مع زملائه» ثم يعكف على 
كتابة فصولهما بأسلوبه الخاص الذي لم يكن يسمح للمحرّرين بتعديله. أوّل 
هذين المشروعين هو «مغامرة الإاسلام»» الذي كانت كتبه الأربعة الأولى 
(المجلّدان الأول والثاني) فل رانك هدر ده العا قت سناعة اوقا امو لفت هنيما 
ظلّت بعض فصول الكتابين الخامس والسادس بانتظار أشواط المراجعة 
النهاتيّة. وقد احتاج الكتاب إلى تعاون زملاء هودجسون (أخصّهم روبين 
سميث» شريكه في تدريس مساق الحضارة الإسلامية) وبعض طلابه وزوجته 
فيليس لإخراجه بصورته النهائيّة وإضافة الملاحظات التي تركها هودجسون 
في مواضعها (كما سيأتي تفصيل ذلك في كلمة الناشر ومقدّمة روبين سميث 
المختضرة). أما الكتاب الثاني حول التاريخ العالمي+ فلم يُكتب له الظهور 
بالعنوان الذي وضعه هودجسون «وحدة تاريخ 0 إذ لم يكن ما اكتمل 
من فصوله كافياً لنشره؛ ولكنّ بعض فصوله قد نشرت في كتاب (إعادة 
التفكير في تاريخ العالم»"' '". الذي حرّره إدموند بورك (أستاذ التاريخ في 
جامعة كاليفورنياء ورئيس مركز التاريخ العالمي فيها)»؛ بعد أن جمع إلى تلك 
الفصول بعض دراسات هودجسون المتفرقة» ونشر الكتاب في عام .)١19975(‏ 


حصل هودجسون على درجة الأستاذيّة في عام 1971» وفي العام نفسه 
أَسّس مع محسن مهدي ما أصبح لاحقا «لجنة دراسات الشرق الأدنى»» ثم 
أصبح رئيسا لها وللجنة الفكر الاجتماعي في عام .١1974‏ وكذلك أسهم في 
تأسيس مركز «دراسات الشرق الأوسط» في عام .١470‏ كما قضى سنة ١9177‏ 
وبعضاً من سنة ١910‏ أستاذاً زائراً في دراسات الشرق الأوسط في عدد من 
الجامعات الأمريكيّة. حاول هودجسون قصارى جهده التخفف من أعبائه 
الإدارية للتفرغ لإكمال «مغامرة الإسلام' و«وحدة تاريخ العالم». فطلب من رئيس 
الجامعة عقا مهام ا للجنة الفكر الاجتماعي قبل ثلاثة أشهر من 
وفاته» كما قدّم طلباً آخر لمنحه سنة للتفرّغ العلمي؛ ولم يُقبل طلباه آنذاك""' . 


60) .([15107لط 1107|4 0:14 ,::1[5|27 ,عم0 لال 011 دكبرودوط :مرمماكطلط وا«ه 171 عاراء/ن 121 ,دموع ل10]آ 
)١١1/(‏ .مم ”همدع 8500 المطدعد]ة كه صمنول! 1أهصه6هءدل5 لصة عكنآ لهممنووععمءط عط" ,وستامعتك] 
.32-3 


1١,7 


وفي العاشر من حزيران/ يونيو من عام 2.١474‏ أسرع الموت إلى قلب 
الشاب المكتهل ذي الشعر الأشيب والجسم المهزول. بينما كان يهرول في 
عا مر . لم يكن مارشال قد أتمٌ عامه السابع والأربعين بعد 
ولم يكن قد أنهى مراجعة المجلّد الثالث من مغامرة الإسلام»؛ إضافة إلى 
جملة من الدراسات التي كانت تنتظر اللمسات الأخيرة قبل النشر. أما عمله 
الموعود في التابيح العالمي. فكان لا يزال يحبو. ولم يكتب له السير عل 
النحو الذي أراده مؤلّفه. أمّا ١اوديان‏ الوؤيا؟ء العمل اللاأكاديمي» الذي 
أخفاه هودجسون عن أقرانه. وظل: يمني نفسه بالتفرع له فلم يكن إلا 
مجموعة قصاصات وأفكاراً جنينة في رأس صاحبها"' . 


كان مارشال قد التقى بزوجته فيليس» الشاعرة وعازفة.البيانو. بعد أن 
أكملت دراستها لعلم النفس وانتقلت إلى شيكاغو للتدريس. حيث واظبت 
على قوز لقاءات الأصدقاء (الكويكرز). تزوّجا وصحبته في أسفاره 
الطويلة» واشتريا منزلاً في منطقة ويسكنسون أطلقا عليه اسم «جمالستان». 
أ أرض التخمال: ررق هودجسون وفيليس بثلاث بنات» اثنتان منهنّ توأمان 
مُصابتان بمرض عصبىّ عضلى لا يُرجى شفاؤه. سبقته إحداهما إلى الموت 
في عام 19517, ولحقت بها الأخرى بعد سبع سنوات (ثمّ لحقت بهن 
الثالثة). وقد ترك مرضهما فيه ألما عميقاً. لم تشفه ساعات القراءة التي كان 
يُخصّصها لهما قبل نومهما بصوته الأجش. ولعل انكبابه المحموم على 
العمل في سنواته الأخيرة كان في جزء منه محاولة للتناسي والتسلي عن هذا 
المصاب كما يلمح زميله الكاتب (الحائز على جائزة ل للآداب) سول 
بيلو"“. ظلّت فيليس وفيّة لتراث زوجها لنحو خمسين عاماًء فأسهمت في 
إخراج «مغامرة الإسلام» وساعدت في إعداد أوراق كتاب «إعادة التفكير فى 
تاريخ العالم». حتى وافتها المنية في عام ٠ا١١5.‏ 


خلال سنوات تدريسهء ظلّ هودجسون ناشطأً فى القضايا الحقوقيّة 
والسياسية؛ فقد انخرط فى نهايات الخمسينيات والستينيات فى أنشطة لتقريب 
وجهات النظر .بين البيض وذوي الأصول الإفريقيّة في شيكاغوء واتصل في 


)١4(‏ .60 .م *”رعمعسهاكاوعه أمعاهتحهه11 01 أمام5 عط صسده نورمؤ5نظ1] 178/010 01 ممنأمء له[ عط1"' ,تعنزء0 
)219 .6 .م ,(1998 رو13551© متتجومء ‏ :2000م.آ) عأعه8 نجه «ءاموسئعء3 10 ,107ا8 نادت 


لل 


هذا الصدد بحركة أمَّةَ الإسلام”' ". آمن هودجسون بجدوى مشروع الأمم 


المتحدة ووكالاتهاء ودورها المأمول في تمثيل دول العالم بالتساوي» وإقامة 
نظام أكثر عدالةَ؛ وعلى هذا الأساسء. انخرط في مشروع تاريخ العالم الذي 
موّلته» وكتب في فتجلتهنا تاريخ العالم) على أمل إحداث «ثورة» في فهم 
البشر للتاريخ ولمشتركاتهم الإنسانيّة؛ ولكنّ الإحباط بدأ يتسرّب إليه حين 
رأى بأنْ مشروعها التاريخيّ لم يكن قادراً على الخروج عن فرضيات التاريخ 
الغربي» وتعاظم هذا الإحباط لما رآه من تسييس لجهود الأمم المتحدة في 
أثناء الحرب الباردة'''“. كان مارشال هودجسون أوّل أستاذ جامعي في 
جامعة شيكاغو يعلن رفضه لحرب الفييتنام. شاركنا هودجسون ‏ نحن العرب 
- قضايانا الكبرى» فعبّر عن غضبه فى أعقاب حرب 1457ء قائلاً: «لا شأن 
نكم ابه النهرد فى ولوف العرييو" "ها يشل مول ولوف إزة إنه كان يرن 
بأنَ الحركة الصهيونيّة كانت تتعامل مع العرب على نفس الأرضيّة 
الاستعماريّة» فتنظر إليهم بوصفهم شعباً أدنى» لا بوصفهم ورثة حضارة 
عظيمة. كان أكثر ما يغيظ هودجسون هو محاولة تطبيق الأفكار السياسية 
الغربيّة على «الشرق الأوسط» دون فهم عميق لثقافته . 


لقد اكتسب هودجسون مكانته بين أقرانه بفضل جهده العلمن الذي لا 
يغرت الكلنم بوفضسن اتابته الأخلاية الرشعة الى تصل :إلى مكدو الاسط ف 
تنقل لنا ليديا كيسلنغ أنْ أحد زملائه (وهو الوق < إيرا لابيدوس)”"'' وصفه 
لها بوصف لا يتردد كثيراً في أروقة الأكاديمياء قاتلاً: «لقد كان قديسا». 
ريما يرد صدى ذلك شهادة - تحتمل أن تكون/ تصبح أسطورة ‏ تقول بأن 
صاحبنا قد دخل إلى مقهى ألماني» فشاهد خارجه مجموعة من الجوعى 


(9) أمة الإسلام؛ حركة دينيّة تأسست في ديترويت عام ١97“١‏ بين ذوي الأصول الإفريقيّة على 
يد والااس فارد» ثم خلفه الإليجا محمد حتى عام 6لا وبعد هذا التاريخ, تحوّل اسمها إلى 
«البلاليون»» نسبة إلى بلال بن رباح الحبشي. آمنت الحركة بتفوّق العرق الأسود على الأبيض في 
عنصرية مضادة للعنصرية البيضاء الأمريكيّة. التحق بها مالكوم إكس في بدايات إسلامه. ثم عارض 
مبادئها العنصرية. 

)1 ؟) ما طعقمعممة لهدمعء عام[ عتمعطمكتصع1آ1 عط لصة ومدع 1100 .5 .© القطدمدكة“ ,111 ععامن8 

.9 .م ”,21560177 1/010ا 

0) .1 ,.10ط1 ,ج6110 8 


(7) كما أخبرتنى فى مراسلة شخصية . 


١1 


المعشؤلين: يي نفسه الطعام. وألزم نفسه سنة كاملة 2 باكل إلا 


»)2 
صححته 0 0 


مؤلفاته ودراساته 


عند وفاته» لم يكن هودجسون قد نشر إلا كتاباً واحداً» وهو رسالته 
للدكتوراه. التي أعاد مراجعتها ثم م نشرها عام ١06‏ بعنوان «نظام الحشاشين 
السرّي : : صراع الإسماعيلية النزارية الأوائل مع العالم الإسلامي') 5261 0 
1514771 ©1116 7151قهع4 15[ 157101 انمء اا براتمظ 1172 [0 عأعوهلا51 176 :15 :ةددهدكلم زه ع0 


(170714 . +اوهىدراسة: كشفت: عن فهع عميق. للتيارات: المركرية في القرن 
الحادي عشرء كما يشهد إدموند 100 وروبرت ا 01 1 


في العام نفسه نشر هودجسون دراسة مهمّة حول التشكل الطائفى للشيعة 
الإمامية بعنوان: «كيف أصبح الشيعة الأوائل طائفيين ؟) «راممظ ءا 4ذك ه11 ) 
(71041ه1ء56 716مع82 51:6 . وكان يطمع في توسيعها بكتاب يتناول هذه 
ال 1 


تابع مؤلفنا اهتمامه بالتشيّع المبكرء فنشر في عام ١957‏ دراسته: 
«الدرزي وحمزة في أصول الدين الدرزي”"'". ثم أسهم (1958) بفصل 
بعنوان «الدولة الإسماعيلية» في تاريخ كامبريدج لإيران. كما أسهم بمقالة 
عن الغلاة في الطبعة الثانية من دائرة المعارف الاسلامية. ومقالة عن فرقة 
الفسائة اي 


(غ )7١‏ 726 **رضموع 1100 القطوعة]8 4ه عكلنآ عط1' :202102عمتصرمءع8 01 معااعط"" ,عستاوع 1 2ذللآ 
و(2016 ععطاماء0) 6) ع1«أجمع14! 1177165 ع0«1 7 مله[ 


-01131136110261011-1116-1116-01-22151211 1161-01-16 83211226/16 10/09/1222 /27/11265.60112/2016. 77/777ا// :5م111 > 
. < أصتغط.سموع 100 


)7١0(‏ **,ضموعل110 .5 .0 اأقطةة71 01 وعتناصء/! عطط1"' رمتعاصة81 .ل أمعط80 320 111 ععأمباظ مسلط 
7.3 ,1(مكعله80 المطك مهالا إن دء !1 1/16 (١‏ 10كىةلط 17014 00:4 ه151 .كله ,متعلصة]3 لصه 111 ععلساظ8 :م1 
)7١1(‏ وقد تُرجمت الدراسة إلى العربيّة ونشرتها مجلّة الاجتهاد. العدد ١4‏ بعنوان: «كيف تطور 
التشيع إلى مذهب؟!). 
(70) وهما مبحمد بن إسماعيل نشتكين الدرزي وحمزة بن أحمد بن علي . 
(") م1707:1:2 410عممأعنن 21 *,قمتطاك ص1جل000 المط71425 ,«مدع 2100" ,لمقطدمعة عتنسخث 5210 
. < القطة 2 ت-دهنع 77777.1522162021126.018/3:)1165/200// :طأاط > ,(2015 ,ممتاتلء عستلده) 


َى 


في حقل تاريخ الإسلام العام. نشر في عام 048 دراسة بعئوان: 
«الانتباه إلى حالة الإسلام» (سبهادا [ه ءعه© علا 16 «هن1دء41)ء وألحقها 5 عام 
» بدراسة: «وحدة التاريخ الإسلامي المتأخرا. وفيها ينافش فده 
تاريخ الإسلام في الحقبة التالية للاجتياح المغولي. ٠‏ ثم نشر دراسة 0 
القارئ بعض ملاحِظها في طيات مغامرة الإسلام. وهي : : «مؤرّخان مسلمان ما 
قبل حديثين: مزالق وفرص تقديمهما إلى المحدثين»» حيث يتناول عمل 
الطبري وأبي الفضل علامي ومنهجهما في التأريخ من زاوية مقارنة. كما نشر 
هودجسون في عام 14 دراسة حول «الإسلام والصورة». يتناول فيها علاقة 
المسلمين بالصور والأيقونات» وإليها يُشير في غير موضع من كتابنا هذا . 
وبعد وفاته نشرت له دراسة بعنوان: ١اموقع‏ الإسلام في التاريخ العالمي' 
.)١1917(‏ 


بدأ اهتمام هودجسون بالتاريخ العالمي مبكراء وأولى دراساته في هذا 
الباب نشرت قبل التحاقه بالدراسات العليا فى جامعة شيكاغوء وهى 
بعنوان: «تاريخ العالم والنظرة العالمية» .)١955(‏ ثم نشر أولى دراساته 
الجادّة» والتي ظلّ ملتزماً بخطوطها العامّة» في عام »١405‏ وهي بعنوان: 
«تاريخ العلاقات في نصف الكرة الأرضيّة كمقاربة لتاريخ العالم». ثم نشر 
في عام ١157‏ دراسة بعنوان لافت: «في مركز الخريطة: كيف ترى الأمم 
نفسها بؤرة التاريخ» . وفى عام اا ا تروت دراسته التى تلخص منهجه فى 
التاريخ العالمى : «العللاقات المتبادلة للمجتمعات 0 التاريخ». كما كتنه 
نقدا موجزا لمنهجيّة كتاب وليام ماكنيل وأبرز مزالقها وعيوبها في دراسة 
«حول العمل في تاريخ العالم) (55ة1١).‏ وكرت اسيم وفاته )١54(‏ 
دراستان: «نحو مجتمع عالمي؛؛ وهي تأكيد أخلاقيّ على وحدة تاريخ 
العالم؛ و«المؤرخ بوصمه لاهوتياً). وه تمفريغ لمحاضرة ألقاها في عام 
551 » في مساق «الدين فى الحياة الفكرية»» وفيها تكثيف لنظره الفلسفيٌ 


كان هودجسون قد أعدٌ بعض الفصول لكتابه الحامول ااوحلة تاريخ 
العالم»» وقد نشرت هذه الفصول ‏ إضافة إلى بعض الدراسات التى ذكرتها 
أعلاه ه- في الكتاب الذي جمعه إدموند بورك وندشره بعنوان: (إعادة التفكير 
في تاريخ العالم). وتأتي هذه الدراسات وهي ثلاث بالعناوين التالية: 


"5 


«الموضوعية في البحث التاريخي ذي النطاق الواسع : حدودها المخصوصة 
وفخط ناته اشروط المقارنة التاريخيّة بين د والمناطق: حدود 
صلاحيتها». «الدراسات بين المناطقيّة بوصفها قينا للحقول التاريخبة: 
المضامين العمليّة للتوجّه البين مناطقي عند العلماء وعند الجمهور 
العام»”" '' . 


ادمجها كفصول : في مغامرة الإسلام. 


كان هودجسون يأمل بالعمل على ما وصفه يوماً بأنّه «كتاب أحلامه»؛ 
إنه عمل بعنوان «وادي الرؤية» (هه:وذ/ 6ه نز772116 2)16» يرد ذكره متفرقا فى 
أوراقه منذ عام .١4554‏ وقد كتب عدداً لا بأس به من الملاحظات لإدراجها 
فيه. في إحدى رسائله التي تعود إلى عام :١4505‏ يصف هذا العمل بأنه 
عمل شعريّ «على غرار الكوميديا الإلهية. يقدم رؤية للعالم من النوع الذي 
قدّمه جون ملتون أو ابن عربي»”' "2 وبأنه عمل ملحميّ ولكنّه يُمكن أن يحل 
محل عمل توينبي ! ثم م قارنه في زشالة أخرق بعمل هيجل أو هيرودوت” ا 
وفي رسالة من عام .»١945١‏ أخبر أحد أصدقاته بأنْ الكتاب بدأ يستحضر 
نوعاً من «الخيال العلمي» ومن عناصر الذكاء الاصطناعي! ولكن؛ أيَّا كان 
شكل الكتاب المرجوّء فإن هدفه ظلّ هو هو: 

(إنني أطمع بتقديم تصوّري الخاص عن مسار البشزية» عن ذلك التدفق 
الهادئ لقصّة الإنسان؛ وأريد فيه أن أقدّم وفك عن الحياة بوصفها كلا 
واحداًء ليتأتّى للقارئ أن يقبل التراث الإنساني كلهء بخيره وشرّه» بوصفه 
تراثه 0 

إنه هدف مثالي» يريد شمل التاريخ البشري في قصّة واحدة» ذات رؤية 
ومغزى. وهو بذلك عمل غير أكاديميّ بالضرورة» ولكنه يكشف العمق 


()) انظر: 


871510 17014 071:0 ,15/0771 6 1 كنزوككط :نر«ه)ئ ةل 4ا«ه !17 عاجاع|1 11 ,حمدعل10آ]1 
وفي مقدمته توثيق لبعض الدراسات التي ذكرتها . 
0 0 .2.9 ”مهنع 100آ لتقطوعة781 4ه دمذوذة/ لههمنادعنل8 لصة عكأنآ لههمزووع1معط عط ,رع صتاوء 11 
(20 المصدر نفسهء؛ ص9 .١5‏ 
0 المصدر نفسهء ص5 .١5‏ 


ف 


الدينى الكامن خلف أعمال هودجسون الأكثر أكاديميّة وصرامة. 


لقد وصف كتابه هذا ذات مرّة بأنه نوعٌ من «السيرة الذاتية لله)!”""“. 


منهج مغامرة الاسلام: قطائع ثلاث 
أشار ريتشارد إيتون (أستاذ تاريخ الإسلام في المنطقة الهنديّة في جامعة 
أريزونا) إلى أنْ هودجسون قد أحدث ثلاث قطائع مع من سبقه من المؤرّخين 
والمستشرقين: قطيعة في التصوّر الفكري». وقطيعة في الترتيب الزمني. 
وقطيعة في البُعد الجغرافي”*". وقد أجاد المؤرّخ المغربي عبد السلام 
الشدادي تفصيل هذه القطاي 290 وفيما يلي أتناولها بمزيد من التفصيل : 

١‏ القطيعة النظريّة: إنها قطيعة مع تراث الاستشراق. لقد عد 
هودجسون نفسه مؤرّخاً مُراجعاً لا يُسلّم بالمسلّمات والمصطلحات التي يقوم 
عليها حقل دراسته دون أن يوليها قدرا من الفحص والاختبار الدقيقين. لقد 
تلقّى هودجسون قسطأ وافراً من تعليمه في حقل الاستشراق الكلاسيكي». 
حين كانت مناهج الاستشراق تركّز على المقاربة العاراوسةم أي على دراسة 
النصوص المؤسّسة بلغاتها الأصلية» وهي مُقاربة كثيراً ما تتجاهل دراسة 
الوقائع التاريخيّة» مكتفية بما تقدمه النصوص من معلومات ووثائق تاريخية. 
وقد رأى هودجسون ضرورة التخلص من المقاربة الفيلولوجيّة لحساب مقاربة 
تاريخيّة أوسع نطاقاً: مقاربة تتناول الوقائع التاريخيّة» وتُحلّل التقاليد الثقافيّة 
وحركتهاء وتعنى بتتبّع خطوط التأثر والتأثير في الثقافة والتجارة. وتُحكم 
بنيانها عبر دراسة النشاط الاقتصادي وطبيعة البنية السياسية لتوفير فهم أفضل 
للعالم التاريخي للحضارة المدروسة. 


رأى هودجسون بأنْ تراث الإستشراق والتاريخ العالمي غارق حتّى أذنيه 
في نزعةٍ تجعل من الغرب مركز العالم» وترى في الخظّ الممتد من الإغريق 


(0 المصدر نفسهء ص9". 

(0" ريتشارد إيتون» «الحضارة الإسلامية والتاريخ العالمي»» مجلة الاجتهاد. السنة لا» عدد 
مزدوج 77-755 .)١945(‏ ص96١.‏ 

0560 وذلك في مقدمة كتابه الذي نشر فيه أربع دراسات لهودجسون: مارشال هودكسون.ء الاسلام 
في 0 00 جمع وترجمة عبد السلام الشدادي (الدار البيضاء: ملتقى الطرق» 2)5١١5‏ 
ص١١‏ - 


وف 


إلى الرومان فعصر النهضة فالتنوير ثم الحدائة العمودَ الفقريّ للتاريخ. أما 
تاريخ بقية الشعوب فلا يعدو أن يكون هوامش على هذا المتن. وقد صبّ 
هودجسون جام نقده على نزعة المركزية الغربيّة هذه وتصوّراتها المشوّهة. 
وكانت ملاحظاته في نقد تلبّس الاستشراق بالمركزيّة الغربيّة أسبق من 
ملاحظات أنور عبد الملك في دراسته 0 «الاستشراق في أزمة؛).» ومن 
كتاب إدوارد سعيد الموْسّس (الاستشراق»"". على أنْ بواعث نقد 
00 الحقل المعرفي وباج الإمبريالية 
والهيمنة العسكرية والسياسيّة ‏ وإن كان وأغنا يها ايا زكرت بالا امن 
على الانحيازات الفكريّة وما تنتجه من مصطلحات وتصوّرات مشوّهة وقاصرة 
عن الفهم. 

وقد كان مذهب هودجسون في دراسة التاريخ مشرباً بنزعة إنسانيّة عميقة 
الأثرء فالبشر عنده يصنعون تاريخهم» و«كل جيل يتخذ قراراته الخاصّة» وهو 
'اليينن مقيّداً سوافت أسلافهء وإن كان عليه أن يتعامل مع نتائج هذه 
المواقف). إذاّء ليس ثمة صفات ثقافيّة تكوينيّة ثابتة تَسِمَ الشعوب 
والحضارات بصفاتٍ جوهرانيّة ثابتة لا تتغيّرء كما اعتاد الاستشراق 
الفيلولوجي ودراسات الحضارات أن يفعلا (وهو ما كانت تعرّزه آنذاك نزعة 
لجنة الفكر الاجتماعى بالتركيز على «الكتب الكبرى 80015 67686 غ221 
لتكون النافذة التي يُطلٌ منها الدارس على الحضارات). 


لم يقتصر نقد هودجسون على التصوّرات» بل امتد إلى إعادة صياغة 
ومن شأن المصطلح المشوّه أن يُعيد إنتاج التصوّر المشوّه كما يقول. ولهذا 


(5©).وجه أليرثك جوراق تقدا لأدذغا لآدواو د سعيد» مدييما إياو يانه قنز إلى الآبد لفظلة 
الاستشراق ك «حقل علمي"'. فلم يعد من الممكن الاعتداد بالجهود المنصفة في هذا الحقلء. مثل 
أعمال مارشال هودجسون وكلود كاهن وأندريه ريمون . ويشير حورانى إلى تعمد سعيد تغييب ذكر 
هؤلاء المسشرقين الذين يغذوة عن المتطظور الذى أعظاه سعين لالأستشراق . وقد رد سعيد على ذلك 
بالقول بأنَ ذلك «لا يتعارض مع ما أقوله في الاستشر تشراق » مع فارق أنني ألح على أن خطاب الاستشراق 
تتسوده بنية من المواقف التي لا يُمكن استبعادها أو غض النظر عنها . إنني لا أحاج أبدأ بن الاستشراق 
شرير أو زلق أو هو ذاته دائماً وعند كل المستشرقين . . ولكتني أقول بأنْ جهاز تجمّع المستشرقين له, 
تاريخ توعي في التواطو .مع النبلظة الامبريالية 4 انظر ‏ إدوازد سبغيد اتعقييات على الاسغتراق» ترحمة 
وتخرير ضبكى بخديلاق ليروك #/المودسة العرئة للدرانات والنشير1983):ص 1 


>32 


نجده في مقدمته (التىي يصمها ستيف تماري بأنها «المقدمة العربية" ع1 
:02001 مععاوء77 على غرار مقدمة ابن خلد اي يخصص 5 كبيراً 
لمراجعة المصطلحات العلمية. فيخلص لفظة «التقليد 210 مما ألبسها 
إياها الكثير من المستشرقين قبله بمطابقتها بالأحاديث النبويّة» ويفند مطابقة 
مصطلح «الشريعة» ب «القانون المقدّس»» حيث تغدو الشريعة عنده مجموعة 
من المُثل والممارسات المعياريّة التي تشكل لبّ الحياة الاجتماعيّة» ويعيد 
0 «الأرثوذكسية» ويُحدّد مواضع استعماله الصحيحة؛ ثم يحدّد 
من هم «العرب» ويُفصّل في ما يعنيه حين يتحدّث عن «أوروبا» وعن 
«الغرب» وعن «الغرب الحديث»» ويبرّر اجتراحه لمصطلحاته الخاصّة من 
قبيل «إسلاماتي» و«الحاضرة الإسلامية»» ‏ كما سيأتي التفصيل. ثم إنه يُدقق 
مصطلحات الجغرافيا وأدواتهاء فيرى ‏ على سبيل المثال لا الحصر - أ 
مصطلح «الشرق الأدنى» و«الشرق الأوسط» مصظلحان معيبان: «شرق 
فد 446 رسال فو وجسون: “لا بد إذا من إعادة تسعية المتاطى بأسهاء أكثر 
طبيعيّة» فهذه المنطقة التى تمتد من نهر النيل إلى نهر جيحون ذات خصائص 
طبيعيّة وثقافيّة وإثنيّة متشابهة» وهي مركز الحضارة الإسلاميّة» فليكن اسمها 
منطقة «النيل إلى جيحون». بل إن نقده يمتدّ إلى علم الخرائط» فإسقاط 
مركاتورء الذي يرسم خريطة الأرض على شكل مستطيلء يُضْخُم حجم 
العاصطق الشمالية والجنوبية على نحو مشوّهء ولا بذ من اعتماذ أفكال أكثر 
دقة مر الخرائط لإعطاء أوروبا 520 اصح كلسان بري ففكل. غراف 
ار افيا أها خدفا قارّةَ وعدّ آسيا كلّها قارَّةٌ في مقابلهاء فهذا عين الغلط 
الذي نجم عن المركزية الأوروبية. 

؟ - القطيعة الجغرافيّة: لقد أسهم المستعربون (دارسو العربية) من 
المستشرفينة في المطابقة والمماهاة بين تاريخ العرب وتاريخ الإسلام» وكثيرا 
ما اتخذوا من القاهرة بؤرة نظرهم» جاعلين إياها صورة مصغرة تعبّر عن 
حال العرب أجمعينء ثم عن حال المسلمين كافة. يُشكل العرب ما 
مجموعه /٠١‏ من عدد المسلمين فقط» ومن الإجحاف قراءة الإسلام من 
منظور العرب وحدهم. لقد أزاح هودجسون بؤرة الرؤية شرقاًء فجعل مركز 


(/70) 220 مسهاذآ 1ه سقتهئ5ئز1] بصسقدماول! زممدعله1] القطوعة81 ذه عتتخصعم؟ عط1"' ,تتفة1 مم5 
6 .2 ,(2015) 1 .20 ,701.9 ,وناك [ه5ه1 0 سولق **,7170210 عط 


6 


ثقل الإسلام متمركزاً في النطاق الإيراني ووسط أوراسيا (الإيراني ‏ 
التركي). يُعلل هود جسول أن المستشرقين بمقاربتهم الفيلولوجيّة قد ركّزوا 
على العربيّة بوصفها رافعة النصوص المؤسسة لحضارة المسلمين*", ثم 
نهم الاسئات سياسية - نظروا إلى المنطقة المخانيه لهم علىضناب 6 
لمكن التوتطط عنعن اكير يكوه نحجها .وؤورا اأكير. 


لقد قبل هودجسون بالنظرة القائلة بأنّ العنصر الإيرانى كان مكونا ريسا 
في الإسلام. ديناً وحضارة؛ فهو يرى بأن الإسلام ا تنوييها للتقليد 
الايراني به السامي* أي 'تتويجا للتروعات الن تجلت لدى أنبياء: اليد القديم 
وأنبياء الزرادشتيّة. ثم إِنْ العنصر الإيراني كان مُساهماً في تشكل التقاليد 
الفرعيّة في الثقافة الإسلامية إلى جوار العنصر العربي: ففي.الأدب» نرى ابن 
المقفع وبشار بن برد وأبا نواس». وفي اللغة نرى سيبويه والكسائي». وفي 
الفقه نرى أبا حنيفة» وفي التصوّف نرى أبا يزيد البسطامي والحلاج» وفي 
الفلسفة نرى الفارابي وابن سيناء وغيرهم. كما أن المسلمين قد تبنّوا النظام 
السياسي الساساني وخاوار تحقيق نموذج «الملك المطلق». وإن قاموا بتبيئته 
وخلطه بتراثهم العربيّ ومُثْلهِم العليا الإسلامية. ألم يقل الجابري بأنَ علماء 
الأخلاق والأسمكاء السلطانية «لم يدفنوا أباهم أردشير»!؟ 


- القطيعة الزمنية: لم يقبل هودجسون بالسرديّة الاستشراقيّة 
(والاستعرابية) التي تعتقد بأنْ التاريخ الإسلامي قد مرّ بطور كلاسيكيّ إبان 
حكم الخلفاء العباسيين في العصر العباسي الأوّلء ثمّ تلا ذلك عصر مديد 
من الانحطاط الذي استمرٌ وصولاً إلى صدمة الحداثة» عندما وطئت أقدام 
دوف #ابليوة السواخل المضرية :بدلا :من :ذلف» انس هرد حسيون إلى أن 
المراحل الوسيطة (الممتدّة من سقوط بغداد بيد البويهيين وخروج الشوكة من 
يد العرب 0م 5”اه) إلى زمن صعود إمبراطوريات العارود في 7٠16م‏ 
104ه) قد شهدت فترة خصبة من الازدهار الثقافي» وأن التجزؤ السياسي 
الذي شهدته قد سمح بظهور نظام سياسيّ لامركزيّ أكثر مرونة» وسمح 
بظهور نظام اجتماعيّ تتوازى فيه السلطتان السياسية والاجتماعية وتتوازنان 


() ثم إِنهم اعتبروا أن كل ما كتب بالعربيّة معبّر عن ثقافة العرب وحدهم» في حضارة كانت 
تتمتّع بتعدّد لغويّ هائل» كتبت فيها شعوبٌ مختلفة الألسن كُبّها بالعربيّة (ثُمَ بالفارسية لاحقاً). 


>35 


(وهو ما يُسمّيه «نظام الأعيان والأمراء»». ثم إِنْ الغزو المغولي؛ على ما 
سيّبه من دمارء قد أدّى إلى ولادة تقاليد سياسيّة جديدة» وظهور نمط الدول 
«العسكرية الراعية»» التي كان لها دور كبير في رعاية الفنون البصرية والثقافة 
الأدبية والعلمية ركه هماه خاصّة في النطاق الفارسي . 


يُقسّم هودجسون تاريخ العالم إلى أربعة عصور كبرى: عصر الحضارات 
الزراعيّة القديمة الذي يمتد إلى بداية العصر المحوري؛ ثمٌ العصر المحوري 
( إلى ٠٠١‏ ق.م)». الذي شهد تبلور الثقافات الحضارية الأربع الكبرى 
وتمفصلها فى المنطقة الصينية والمنطقة الهندية والمنطقة الإغريقية ‏ الهيلينية 
ومطتة القل: الى عيجون 0 المرسلة الزراعنة نا يعد الخصير المحورف» ال 
شهدت ظهور الإسلام؛ وأخيراًء العصر الحديث (الذي بدأ منذ .)186٠١‏ 
وبهذا التحقيب» يموضع هودجسون الإسلام في مسار تاريخ العالم؛ فحين 
يتناول حال المنطقة قبل ظهور الإسلام» فإنه لا يُعنون فصلهء على عادة 
الدارسين من قبله؛ ب «الجزيرة العربية قبل الإسلام»» بل يعنونه ب «العالم قبل 
الإسلام»؛ ولا يكتفي بتناول حال العرب قبل الدعوة المحمّدية» بل يدرس 
حال الممالك الكبرى المحيطة بهم: الإمبراطورية الساسانيّة والرومانية 
وإمبراطورية الحبشة. إِنْ المنظور الذي يستشفّه القارئ منذ البداية منظورٌ 
عالميّ متصل ومتشابك يؤثْر فيه القريب على البعيد والبعيد على القريب . 


ثم يقسّم هودجسون تاريخ الإسلام إلى ثلاث مراحل كبرى» تنقسم كل 
واحدة منها إلى قسمين (وكتبٌ مغامرة الإسلام السنّة تتوافق مع هذا 
التقسيم): تمتدٌ مرحلة نشأة الحضارة الأولى وتكوّنها من بداية الدعوة النبويّة 
إلى انتهاء حكم الجيل الأوّل من الأمويين (5197م الموافق ل ”الاه)ء وفيها 
ظهر نظام اجتماعيّ جديد بفعل الوحي والدعوة النبويّة. وتمتد المرحلة 
الثانية»؛ مرحلة الخلافة العلياء من عهد المروانيين من بني أميّة إلى نهاية 
العصر العباسي الأوّل وسقوط بغداد في يد البويهيين (444م الموافق ل 
4م ). وهي المرحلة التي شهدت تشكل إمبراطورية ذات نظام بيروقراطي 
مطلق قائمة على أساس زراعىء والتى كانت اللغة العربيّة هى رافعة ثقافتها 
العليا. ثم هذا العوعلة الرسيظلة المبكرة. مراة اعفار العالية الخوج 


يف 


تستمر حتى الاجتياح المغولي لكام الموافق ل 7ه)ء وهي الفترة التي 
شهدت تشك نظام سياسي متفكك فداهنا تنازعه ممالك ودول سلاليّة شتّى 
يخلف بعضها بعضاً. ولكنه نظام اجتماعيّ كوزموبوليتاني ولامركزي مرن. 
تحوّل فيه المسلم إلى مواطن عالميٌ في الحاضرة الإسلامية كلها. في تلك 
المرحلة راج التصوّف وارتفع نان الفارسية كلغة للثقافة العليا في البلاطات 
الملكيّة. وتليها المرحلة الوسيطة المتأتحرة» عصر النفوذ المغولي» التي 
نداقه كهجول المفول: إلى تعطق التيل إلى تمتدون ‏ ديف ولت الفتاضر 
الحاكمة التركية والمغود» وأحدثت: تطوّرات مهمّة في بنى الدول «العسكرية 
الراعية» ولد ية نتفطا جردا من الرعاية الفنية. ازدهرت فى ظله الفئنون 
البصريّة أيّما ازدهار؛ وفي ظلَّ هذه المرحلة؛ بلغ الإسلام أقصى اتساع 
جغرافيٌ وبشريّ له». فامتد في البلقان وإفريقيا جنوب الصخراء. وتغلغل في 
الأرخبيل الماليزي» وخوباء د ناسنا ظهوها . امتذت هذه المرحلة حتى 
صعود إمبراطوريات البارود الثلاث (نحو عام ١15١م‏ الموافق ل 94٠١1ه):‏ 
العثمانية والصفوية والتيمورية ‏ الهندية (وهى التسمية التى يفضلها هودجسون 
عن :1 المعرلب1). سيك عا وذت: امير اطور نانف البيرو قراطتة الظليوي: إلها 
على أساس جديد. وشهدت تلك الإمبراطوريّات ظهور نخب حاكمة جديدة 
ذات أصول تركيّة في جلّهاء وتبلورت فيها نُظم مختلفة من الشرعيّة 
السياسيّة» كما سادت بينها اللغة الفارسيّة كلغة للتبادل الدبلوماسي وللتأليف 
الثقافي والأدبي إلى جوار العربية» التي ظلّت اللغة الأثيرة للعلوم الشرعيّة . 
وتطوّرت في هذه الإمبراطوريات ‏ في الإمبراطورية الصفوية على وجه 
الخصوص» التي يعدّها هودجسون الإمبراطورية المركزيّة ‏ العلوم الطبيعية» 
كما أثمر مزيج التصوّف والفلسفة أبدع ثماره الثقافيّة. وفي هذه المرحلة؛ لم 
يكن ثمّة من ينازع المسلمين في تسيّدهم على العالم» ولم تكن المساعي 
الأوروبيّة الجديدة تبدو فى ذلك الحين قادرة على منافسة أيّ إمبراطوريّة 
منفردة منهم إلا مع نهايات هذه المرحلة. وأخيراً أتى العصر التقني الحديث 
18٠١(‏ )» الذي شهد تحوّلاً شاملاً عم العالم بأسرهء وظهرت أولى نتائجه 
في أوروباء وهو تحوّل لم يكن مكنا لولا ما شهدته المعمورة الأفرو ‏ 
أوراسية من تطوّرات متراكمة على طول الألفيّة السابقة» والتي جنى 
الأوروبيون ثمارها أُوَّلآً ووظفوها في الهيمنة مبكّراً على العالم ووضع بلداته 
في خانة الاقتصادات التابعة لمركزهم . 


542 


أثار هذا التحقيب ملاحظتين اثنتين: الأولى من ألبرت حوراني. الذي 
أشار إلى غرابة أن بيكون القيسيم الذى يكنا عودعسون: سياستا بالدرجة 
الأولى. اا ا مؤرخ يعكاول تاريخ الوعي والضميرهء أئ دار 
الحضارة؛ إلا أنه يُعمَّب بالقول بأن التغيرات السياسية مرتبطة ذوفا بأنواع 
أخرى من التغيّر: فقد يكون التغيّر السياسي نتيجةً أو سبباً لتغيّر في النظام 
الاجتماعى» وتغيّر في أنماط العلاقة بين الريف والمدينة» وفي أشكال رعاية 
الفنون والثقافة» وفي الأسس التي تنهض عليها الشرعيّة السياسيّة» وفي غير 
5 


أما الملاحظة الثانية فتأتي من عبد الله العروي» في كتابه «مفهوم 
التاريخ»» حيث يستشكل العروي مسألة التحقيب برمّتهاء ويأخذ من تحقيب 
هودجسون مثالاً عليها. فهدف المؤرّخ من التحقيب هو منح فترة زمنيّة ما 
(تتعدّد فيها الدول والأحداث) مدلولا تاريخيًا ما. ولكنّ تعيين هذا المدلول 
معدي إل كل مون التمتتو فاحنانا يعمك الدة اعون الن: الكميية سد 
الحقب والفترات التاريخيّة اعتماداً على حدث ديني (ظهور الإسلام مثلاً). 
أو حربي (اجتياح المغول)», أو اقتصادي (العصر الصناعي أو التقني 
الحديث). أو فني (عصر النهضة الأوروبي). وَلكن هذه اللأحداث ذات بؤرة 
نيّة يصعب تعميمها على منطقة بأكملها فضلاً عن تعميمها على الحضارة 
أو العالم بأسره. فخصائص القاهرة وبلاد السودان في المرحلة الوسيطة 
المتأخرة تختلف قطعا عن خصائص سمرقند ودلهى فى المرحلة نفسها. 
رلك الموتع بصا إلى الععقيب بالغيرورة). إن سداق يمه يبورين 
لأهداف منهجية. لكي لا يتحوّل التاريخ خ إلى معمعة من الأحداث المتفرّقة 
التي لا ينظمها ناظم. لا يُقدّم العروي جواباً لهذه المعضلة””'*'. وإن أمكن 
39 أن 55-85 نيابة عن هودجسون على هذا الإشكال. فإن الجواب سيكون 
من المرونةٍ والإدراك بأنَ الحدّ الفاصل بين الحقبة والأخرى ليس حداً 

01 ذل كثيرا ما اتتذاخل خضاتض الحقب: وكقيرا نا تكد لدان الأطواك 


(9”") ألبرت حوراني» «مارشال هودجسون ومغامرة الإسلام»» مجلة الاجتهاد. السنة لا عدد 
مزدوج 55 لا" .)١1996(‏ ص8١٠١.‏ 

(50) عبد الله العروي. مفهوم التاريخ. ط؛ (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي» 2)5١١8‏ 
ص 7/١‏ - 787. 


>32. 


ا 0 ١‏ ا 00 


يحفل مغامرة الإسلام بجداول للتأريخ الفرعيء التي ركز على تواريخ 
مناطق بعينهاء أو التي تتناول الأحداث المهمّة في تقليد ثقافي مخصوص ١»‏ 
فيمكن للقارئ أن يتناول هذه التواريخ خ الجزئية من دون أن يفقد النظرة الكلية 
التي تربط هذه التواريخ بالحقب التاريخيّة الكبرى التي تُمثّل نوعاً من 
الوحدات المتجانسة ب والتي تجعل الصورة الكلية لتاريخ الإسلام 
مفهومة لدى القارئ. 


مع ذلك» ظلّت مشكلة التحقيب في عمل هودجسون قائمةً بين المؤرّخين» 
كما تحفظ العديد منهم على رؤية هودجسون عن القرن الثامن عشر وصعود 
الحداثة الأوروبية. لا يرى هودجسون بأن عصر النهضة الأوروبئ كان بداية 
الحداثة التقنية الحديثة. فعصر النهضة عنئذده لم يكن إلا مرحلة من الازدهار 
الزراعي. التي شهدت حضارة المسلمين مثيلها فى مرحلة الخلافة العليا 
وشهدتها الصين إبان حكم سلالة سونغ. ظل عصر النهضة ومرحلة الكشوف 
الجغرافية وتوسّع البرتغاليين والإسبان في البحار مرحلة مندرجة ضمن محدّدات 
العصر الزراعي ولم تخرج عن مقتضياته؛ فقد ظل ميزان القوى متكافئا 
بالمجملء وظل تقدّم إحدى القوى أمراً يُمكن العودة عنه وعكسه من قبل 
القوى الأخرى. ينحصر الانحطاط الإسلامي عند هودجسون في القرن الثامن 
في الغرب وعجزهم عن تدارك الفجوة التي أخذت حينذاك بالتنامي”'*'. 


2)١(‏ تنافتن شارل عيساوي في كتابه تأمئلات في التاريخ العربي هذه الرؤية» ويرى بن 
جره إد يقارن بين 0 0 6 والغرب في القرنين 0 عشر 50 
كنازل عبشا رق تأمّلات في التاريخ العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية» 041 
ص8 ٠١‏ 1ن 

من جهة أخرى» يقلب بيتر جران المنظور التحديثي في أطروحته الجذور الاسلامية للرأسمالية 
حيث يُقدّم قراءة لمصر ما بين »184٠ - ١77٠‏ مفادها أن صيرورات التحديث الداخليّة كانت جيّة في 
المرن الثامن عشر» وأن مصر كانت تشهد ولادة تحوّللات اجتماعية وثقافية كبرى» جاء الاستعمار 
للإطاحة بها ولإغزاق مصر في التنافس الرأسمالي من موضغ التبعيّة وإجهاض ديناميكيات التحديثك 
الداحلية. انظر: بيتر جرانء الجذور الإسلاميّة للرأسمالية: مصر 21854١٠ ١!"5٠١‏ ترجمة محروس 
سليمان (القاهرة: دار الفكر للدراسات» [د.تت.. 1).. 


07 


تحقيب بديل: 

على إثر هذه الملاحظات وغيرها. راجعت تلميذة هود جسون ماريلين والدمان تحقيب أستاذهاء وأعادت 
بناء الهيكل الأساسيى للحقب الإسلاميّة بتفصيل أكثر دقّة في مادّة «العالم الإاسلامي» في (10:20/02064:4/ 
1) وجاء تحقيبها على النحو التالي: 

١‏ - حقبة التكوّن والتوججه (البعثة إلى عام 154) إلى وفاة الخليفة الأول أبي بكر. ١‏ حقية التحوّل 
والتبلور  3774(‏ ١87)ء‏ التي ساد فيها حكم الإسلام: دون أن يدخل معظم السكان في الإسلام. فظل 
المسلمون أقليّة حاكمة. ؟' ‏ حقبة التجرّؤ والتفتّح الثقاضي ,:)٠١4١  479(‏ وفيها تفتّتت السلطة السياسيّة 
بين دول المسلمين. ولكنْ الإسلام ظهر كحضارة كبرى توحّد الجسم الاجتماعي للمسلمين تحتها لأوّل مرة. 
: - حقبة الهجرة والتجديد  ٠١4١(‏ 100١)ء‏ وفيها ظهرت الحركيّة الاجتماعيّة العالية لحضارة المسلمين 
أجلى ما تكون, فقد ظهرت في هذه المرحلة قدرة الحضارة الإسلامية على استقبال الهجرات المختلفة 
واستيعابها ضمن تراثها الثقافي النامي والمتجدّد. تضم هذه الحقبة الاجتياح المغولي وتنتهي مع وفاة 
تيمورلنك. © حقبة التوحيد والتوسّع »)1787--1١4+-005(‏ وهي الحقبة التي شهدت ظهور الإمبراطوريات 
المركزيّة وتوسّع الإسلام في البحار الجنوبيّة وإفريقياء وقد انتهت هذه المرحلة مع فشل العثمانيين في فتح 
فييناء. وهو ما كان إشارة على بداية انقلاب ميزان القوى مع الأوروبيين. الذين بدؤوا منذ ذلك الحين 
مرحلة توسّعهم. 7 مرحلة الإصلاح والتبعيّة والإحياء  ١147(‏ الحاضر).ء وهي المرحلة التي لمع فيها 
نجم الغرب وتعاظم فيها تأثيره. وانتقلت فيها الحاضرة الإسلاميّة من موقع التسيّد على مفاصل العالم إلى 
موقع التبميّة ومحاولة اللحاق بركب الفرب المتقدم. 


تأثّر وتأثير 

كل قراءة تترك بصمتها في عقل المفكر والكاتب؛ ؛ ومن ثمء 26 
المؤثّرين في موْلّفنا واسعة. إلا أن تقاطع الآراء لا يعني التأثّر بالضرورة. فكما 
يحدث في التاريخ أيضاًء : كخيرا ما تكر امن الكشوفات العلفتة والتقدية ذون أن 
يعني ذلك بالضرورة أن إحدى الحضارتين قد قلّدت الأخرى . سأعمد في ما يلي 
إلى تبيان من تركوا ا ا ل الإسلام» وينفذ إلى 
منهجه وتوجهاته الكبرى» ثم م أبِيّن التأثيرات التي تركها هودجسون فيمن بعذه. 

- في التاريخ العالمي ومفهوم الحضارة 

برز حقل تاريخ خ العالم (أو التاريخ العام) في عصر الأنوار الأوروبي. 
وشهد شيئاً من الحفاوة في ثورة التأريخ في الجامعات الألمانية في القرن 
الثامن عشر. نعثر على آثار ذلك في عمل فولتير «مقالة في التاريخ العام». وفي 
عمل إدوارد جيبون «اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها»؛ الذي يحمل 
بعض ملامح التشابه مع عمل هودجسون كما يُشير روبرت مانكين”'*'. على 





(5) ,منلم ج14 224 111 عاعناظ نمز *”رعاعد8 320 دمدعل210 5غ صمطط01 رمع" بمناصمة14 .ل ترعطهم ]1 
25-37 .زط« ,اتمكع100] المطكبمكاة زه دعاس !1 116 :برمماعىة7ط1 14«ه!17 تنه ««جمان]1 ,.دل»ء 


"١ 


أن هذا الاهتمام قد تضاءل مع صعود التاريخ القومي وما تلبّسه من نزعات 
شوفينية. وعلى الرغم من أن مؤرخي الحضارة (أمثال شبنغلر وتوينبي) قل 
أعادوا الاعتبار لهذا النوع من التاريخ العالمي» إلا أن عملهم ظلّ محل 
استهجان وازدراء» خاصّة لما ينطوي عليه من تصوّرات مثالية وميتافيزيقيّة 
في نظرتهم إلى الحضارات”*'. غير أنْ أجواء ما بعد الحرب العالميّة 
الثانية» والشعور بالترابط العالمي وانحسار هيمنة الإمبراطوريات القديمة. 
وتراجع جاذبيَّة النزعة القومية الشوفينية» إضافة إلى ما شهدته الثقافة 
الأمريكيّة على وجه الخصوص منذ مطلع القرن العشرين من نزعات مثاليّة 
ذات توججه عالمى إنسانى (إضافة إلى ما استجد من كشوفات نظريّة فى 
حقل الأتفروير لو جتنا ): 7 أعاد فتح الباب أمام نوع جديد من التاريخ 
العالمي» كان وليام ماكنيل صاحب الخطرة الواثقة الأولى فيه بكتابه 
«صعود الغرب». الذي أعاد قراءة قصّة صعود الغرب ضمن سياق عالمي 
يركز على الترابط بين الحضارات على امتداد المعمورة» وإن ظل أسيراً 
لنزعة المركزية 3 


قرأ هودجسون شبنغلر (صدر «تدهور الغرب» في )١1918‏ وتوينبي (ظل 
«دراسة التاريخ» يصدر ما بين »)١95١ - ١95‏ وأبدى امتعاضه من النظر 
إلى الحضارات بوصفها كائنات عضويّة لها دورة حياة تمتد من الطفولة إلى 
الشيخوخة» كما أنه رفض التصوّر الذي ينظر إلى الحضارات بوصفها معزولة 
عن بعضها البعضء» لكل حضارة منها روحها الخاصّة. إِنْ في ذلك مسحة 
ميتافيزيقيّة تجعل لكل حضارة جوهراً سرمدياً لا يتغيّر» كما أنها رؤية لا 
تراعي التداخل الأفقي والعمودي بين الحضارات”**'؛ فأين بالضبط تنتهي 
حضارة روما وتبدأ حضارة بيزنطة» هل تتجاوران أم تتعاقبان أم تتداخلان؟ 
وإ كانتا حضارة واحدة تستمدٌ أصلها من الإغريق» فما حال البلاد التي 
باتت جزءاً من إمبراطورية الإسلام؟ وما معنى أن يكون للثقافة الهيلينيّة أثر 
تكويني عميق في ثقافة الإسلام؟ 





(5) عبد السلام الشدادي في : : هودكسون. الاسلام في التاريخ العالمي. 1 

(54) انظر.مزيداً حول ذلك وحول تصوّر هودجسون المفتوح عن الحضارة : : إدموند بورك 
«تاريخ الإسلام في تاريخ خ العالم : مارشال هودجسون ومغامرة الإسلام»» مجلة الاجتهاد. السنة لا 
عدد مزدوج 71 /ا” ,.)١19965(‏ ص ١١0‏ وما يليها . 


يض 


في مقابل هذه الانتقادات » إيخطر ور جود إلى 
00 عرصنيا د كقافياان ارم انها 


0 1 الحضارة كان جر كنا ديعا ]| مفتوح 
التهاياف» لا كيانا شساكناء: كما يتشعلها قابلة: للتشكل 
والتحوّل على طول تاريخها عبر التفاعل مع العناصر 
الماديّة لحياة المجتمع والتفاعل مع الحوارات الثقافيّة 
الفرعيّة» ويجعلها أيضا متواشجة الصلات مع الحضارات 
المجاورة لهاء والتي قد تُشاركها بعض تقاليدها الثقافيّة 


يقول هود جسون في 
تعريف الحضارة: إنها 
«تجمّع واسع وشامل 
يفا من الثقافات 
المتداخلة. ولكنّ هذه 
الثقافات على اختلافها 
تشترك في تقاليد 
متراكمة على صورة 


ثقافة عليا في المستوى 
الحضري والكتابي/ 
العالِم؛ وهي ثقافة 
علينا أن نتعامل معها. 


مثلما هي الحال في 
ثقافات أوروبا والهند 


وهنا يطرح السؤال» فى ظل هذه الحركية العالية ا 
الدائمة للتشكل والتحوّل: ما الذي يمنح الحضارة 
وحدتها؟ 

5 المثل العليا اللمصارر والتى ي: يتم الحوار بين التقاليد الثقافية 
ومصالح المجموع دائماً في ضوئهاء. وهذه ا هي التي تشكل الأساس 
الذي يمنح الشرعيّة للمجتمع وسلطتة السياسية”*؟؟ .إن هذه المثل العليا ذات 
أعناسق ديني في الغالب (وهنا يعود تأتيو توينبى من جديد). تكبجلة3 اعتماداً 
على الحدث المبدع المؤسّس للثقافة أو الحضارة (الوحي القرآني مثلاً»» ثمّ 
على التزام المجموعة به. ثم تصاع تمظهراتها عبر التفاعل التراكمى الذي 
مع البيئة المحيطة ومصالح المجموع. وينهل منها 5آذظإض ويبعث دماءً جديدة 
في الثقافة. ولكن التخرارات النقافتة تذور خالا نيو تخية مهيرة محدود: 
العدد من المعنيين الذين د يحاولون ربط واقع الحياة بالمثل العليا المؤسسة 
للحضارة وليس بين جميع السكان (وهنا ب* يشترك مع توينبي افيا ): 


ولكنّ هودجسون لا يكتفي بأن يؤسّس وحدة الحضارة على المُثل العليا 


واحد». 





(48)«لقين ارك هونا نى إلى استفادة هودجسون من ا بن خلدون في هذه النقطة (انظر : 
حوراني ؛ «مارشال هودجسون ومغامرة الإسلام»» ص" .)١ ٠‏ انظر : ما يذكره ابن خلدون في المقدمة 

في الفصل ”-١‏ 5 في أن الدول العامّة الاستيلاء. العظيمة الملك». أصلها الدين. إما من نبوّة أو 
دغوة خنق»: 


رضنا 


(التي يستعصي تحديذها تحديداً موضوعيّاً كما سأبيّن لاحقاً). إذ إِنَّ من شأن 
الحوار المتراكم في المجتمعات أن يلوّن هذه الحضارة الممتدّة من لخدب 
إلى تخوم الصين بألوان متنوّعة تنوّعاً قد يصل إلى حدّ التنافر. وهنا يتبنى 

هودجسون المقاربة السائدة في دراسات الحضارة في الخمسينيات ل 
في جامعة شيكاغوء والتي اتحتيهها رن عمل بيلتود حمر لتر كه لين 
مشروع 0لا نقوويو لوففيا الاجتماعيّة المقارنة للحضارات»). والتي عراف 
الحضارة بالإحالة على «الثقافة العليا». أي الثقافة الكتابيّة العالمة التي 


تتشكل في المدنء والتي تتصل ببلاط الحكمء والتي تحافظ على شيء من 
الوحدة والاستمرارية عبر خطوط التاريخ والجغرافياء وفيا ا 
ألوان الثقافة الشعبيّة والشفهية مثلاً . 


لا شيك بأن انق الانتقادات: الوحيية لمفازية رياد تأت فين 
الاتجاهات التاريخية الأحدث,. والتي ركّزت على التواريخ الفرعيّة وتواريخ 
الهوامش. فلا شك أن 0 تاريخ الفلاحين في صعيد مصر وتاريخ فلاحي 
البنجاب فروقاً يصعب رقعها وإدراجها ضمن كيانٍ أو «حضارة» واحدة» وأن 
الوحدة النسبية التي نراها في تقاليد الثقافة العليا في قصور حكام' “دلهي 


وقصور العثمانيين ستتخلخل بذاك عدم - إذا ما أشحنا نظرنا عن هذه 
النشنةا هن الزسال"'"** المتعلميق + وركدنا علن"الظطقات. والفعات اليتق 


(7) ملاحظة جندريّة : يدرج هودجسون في الكتاب على استعمال لفظة «الرجال» في سياقات 
يصحٌ استعمال لفظة «البشر» فيهاء وقد يكون هذا مدعاة لنقد نسويّ مشروع. إلا أن علينا التحلى بشيء 

من التحرّز قبل إصدار حكم جازم في المسألة» لعدّة أسباب ؛ أوّلها: أن هودجسون يستعمل اللفظة في 
سياق الفعل الاجتماعي» بينما يعمد إلى استعمال ألفاظ محايدة عدر في السياقات الأكثر فردية. 
وهذا قد يصح على مستوى الوصف التاريخي لما حدث» إذ إِنْ الرجال كانوا في الغالب هم الجنس 
الفاعل في تشكيل المجتمع في مجالاته العمومية. والوصفٌ لا يقتضي التبرير والموافقة . انيها: أن 
التطهير (والبسترة) للغة ومكافحة الذكوريّة في النصوص ليست هي مناط الموقف من المرأة (إن كان 
للمؤرّخ أن يتخذ موقفاً بهذه العموميّة)؛ فعندما أنهى هودجسون عمله وحياته في ١174‏ وهي سنة 
حاسمة في هذا السياق كان .الوعي بانحيازات اللغة الجندريّة لا يزال قاصراً :لع يخرج هودجسون عن 
مقتضيات عصره في لغته وتصوّراته الاجتماعيّة عن المرأة وإن حاول التقدّم خطوة ةَ إلى الأمام. ولعل ما 
تنقله زوجته فيليس عن دوره في البيت أن يكشف هذه الخطوة؛ إذ تقول بأنه كان يرى بأن غسل الأطباق 
ليس عملا لائقاً بأستاذ جامعىّ! (تقول بأنّ هذه نقطة تحسب عليه)» ولكته كان يجلس إلى جؤارها 
ويقرأ عليها من رواية الحرب والسلام لتولستوي. حتى أنهيا أجزاءها السنّة عند حوض الغسيل هذا! 
على كل حال» لقد حافظتٌ على استعمالاته كما هي» ولم أتصرف حتّى في المواضع التي كانت دلالة 
«الرجل» فيها تعني الشخص (من دون أي تنعات حتدرية )از كانت دلالة «الرجال» فيها تعني - 


5 


وثقافاتها. إلا أنّ مقاربة هودجسون لا تزعم بأنّها المقاربة الوحيدة التي تغني 

عن المقاربات الأخرى, نلا عدون ينارياك سني اتدرين صورة بانورامية 

وتفصيلية في آنٍ معا أن «مقارية هزه حسون نَقدّم لنا هذم الصورة البانورامية 

الواسعةء. والتي لا مكدع المقاربات الأخرى. التي كن علي المحلى 

-0 تقديمها : كلها أن ققاربة هو دتحسون لا تستطيع أن قب معلا في 
يم الصورة التفصيلية وإبراز الفروق الدقيقة بين الطبقات والجغرافيات. 


تأت إلى مشكلة تحديد المثل العلياء التي تمنح الحضارة وحدتها 
وتصوغ نظام شرعيتهاء وهنا لا مناص أمام مؤرخنا من شيء من الذاتيّة . 
وسأتناول رؤية هودجسون لعنصر الالتزام الذاتي عند الباحث» ثم أعود إلى 
مشكلة تحديد المثل العليا للحضارة الإسلامية : 

لذ نتقض[. الأعمال الكيوئ عن #متوضن «متجيها 4 ومهما كان المؤلت 
أكاديميّ المنهج. موضوعيّ المقصدء فإنه ينطلق بالضرورة من التزامات 
شخصية تصبو فكره وكتاباته؛ وهذه الالتزامات (وسمها إن شئت: 
الانحيازات) تبدأ من اختيار الموضوع وتحديد أسئلة البحث 52000 
القراسات لا يري هنود سول عفرا :فين ذلك ايل إنه يوق بان الالعراء 
(الديني أو الإيديولوجي) قد يوفر للمؤرّخ زوايا نظر مُلهمة إذا ما تعلّم كيف 
يستفيد من الاستبصارات التي تقدّمها له التزاماته» وتعلّم كيف يتجتب 
مزالقها. إِنْ الحل الذي يقترحه هودجسون هو نوع فق الوقوف المكر : 
إدراك المؤرّخ لمنهجه ومنطلقاته. والبقاء حذرا من عدم الشطط نتيجة التزامه 
الشخصيّ. إضافة إلى هذا الوقوف المتوترء تعلم هودجسون من لويس 
ماسينيون مبدأ التعاطف (أو التقمّص العاطفي) مع موضوع الدراسة؛ إذ لا 
كل ع ل إن رعس ايك لسر م الماك ور اله 
خارجهاء بل عليه أن يتعمّق في فهم الظاهرة حتى ينفذ إلى منطقها الداخليّ» 


- «الناس» بعامّة. أما آراء هودجسون فيما يخصٌ الجندر والجنسانيّة في الحضارة الإسلاميّة فقد كانت 

أكثر تقذما وتحزراً رن الصورة الشيطة الى رشمكها تعض أديات الاستفراق الى تنيع الشرق 

بالشهوانيّة والاستبداد الذكوري. ويمكن الاطلاع على آرائه في هذا الصدد في فصل «الأنماط الثقافيّة 

بين الحاضرة الإسلاميّة والغرب» في الكتاب الثالث؟ وفي الفصل الفرعي «قانون العائلة : الدفع 1 

00 في المكانة الفردية» في فصل «رؤية الشريعة الإسلامية» في الكتاب الثاني ؛ ؟؛ وفي الفمصل 

الفرعي «الجنس» والرقيق» ونظام الحريم: ديانة الشرف الذكوري» في فصل «النظام الاجتماعي» في 
الكتاب الثالث؛ وفي مواضع متفرّقة أخرى في مغامرة الإسلام. 


هم 


ويمفهم كيف كان الفاعلون ينظرون إليها ويشعرون بهاء أي إِنّ عليه أن يمتلك 
القدرة على النظر إلى العالم بعينيها”؟' . 


على أساس هذه الاعتبارات والمنطلقات المنهجيّة» يُقدَّم هودجسون 
قراءته الخاصّة لفحوى الإسلام. ولمثله العليا التي استشعرها المؤمئون به 
وحاولوا تنزيلها في التاريخ. يُمكن إيجاز هذه المثل العليا (بشيء من 
الاختزال» إذ إنْها تخترق عمل هودجسون وتبرز في أكثر من موضع من 
كتابه) في منْدا ‏ التسؤولية الأخة دا الفرديّة التي يكون المسلم بموجبها 
دنال أمام الله وه فرداً فحتى لو تولن المام كفنا في الدولة. 
فإن المسؤوليات التي تناف إليه نابعة من مبدأ التعاقد. وهى مسؤوليات 
لا ُعفي مجتمع المسلمين من القيام بالمسؤولية لو قصّر في أدائها؛ فجلى 
هذا السسدا نضا فى حقيقة أن الشريعة كانت تُراعي الحقوق الفرديّة على 
حياب حترق الجماغة :روالدولة)؟. تضاف إلى ذلك ميذا المسارافه الذي 
ظلّ يسري في جسد الشريعة» والذي ظل لا يرى الحاكمّ إلا واحداً من 
المسلمين لا يفضل عليهم . الأمر الذي أعاق ياواه العباسيين وعبرهم في 
اي نظام من المُلْكِ المظتون: تمكو أن لضت إلى هذه الشكن أمورا 
ثابتة الخضون في التقليد الإيراني 9 السامي وفي تاريخ المسلمين» مثل 
النزعة الجماعية» التي ترى بأن الدين الحقّ لا بد أن يتجلى في مجتمع 
تاريخ موحد يتمايز عن المجتمعات الكافرة الأخرى؛ كما يمكن أن 
تدك نوها مين الناعةا الكورمويوليغانية الحضرية. يطل نظي رن 
ابتك “كمهنو لان ها لمق ولع متلقهة :على مان التأثيرات: النقافة 
وعلى استيعاب الشعوب الجديدة ضمن نظامها الاجتماعي المرن. يضيف 
هودجسون إلى هذه الخلطة مسحة من مزاجه الإنساني ونزعته الكويكرية 
السلميّة النابذة للعنف. بل ونزعته المناهضة للهيمنة الإمبريالية والاستغلال 
الرأسمالي» ويقرأ بعض الاتجاهات الراسخة في الإسلام بعدستها. ربما 
تروق هذه العدسة قارئاً يؤمن ‏ مثل هودجسون - بهذه القيم» ولكنّ ذلك 
يظلّ نقداً مشروعاً ووجيها لمغامرة الإسلام» كما بين كريستوفر بيلي 
(رئيس مركز دراسات جنوب آسيا في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «ميلاد 


220 بورك. «تاريخ الإسلام في تاريخ العالم:. مارشال هودجسون ومغامرة الإسلام.» ص .١16١‏ 


م 


العالم الحديث»)1:*0. 
اتصال وانفصال: مارشال هودجسون وعصره 


عطفاً على لويس ماسينيون: يُمكن أن نلمح بين مارشال هودجسون 
وهذا المستشرق الفرنسي الصوفي. الذي استحوذ عليه 5 وقضى عدداً 
من سنوات عمره في الجزائر والعراق» ونازعته نفسه مراراً أن يقضي بقية 
عمره ناسكاً فى صحراء الجزائر متابعاً خطا الراهب المسيحي الإشكالي 
شارك يهو توكو لمكن أناتليم بديعا قنها من جهات. 2 نإضافة إلى 
مبدأ التقمّص العاطفي» أو قراءة «التفهّم»» كان عند كليهما ميل إلى التيارات 
الشيعية والصوفية في الإسلام» واهتمام مضاعف بالفكر والأدب الفارسيّ. 
إضافة إلى التزام إنساني لاعنفي والتزام دينيئ مسيحي. وفي هذا السياق» 
تحضر أصداء واقتباسات من هنري كوربان وجاك بيرك. غير أن هودجسون 
لم يغرق في الاهتمام بالتصوّف. ونجا من الزلة التي عابها إدوارد سعيد على 
ماسينيون بالتركيز على التصوّف وتجاهل الأبعاد التشريعية والاجتماعيّة 
للإسلام. 


يُمكن أن نضيف إلى قائمة المؤثرين في فكر هودجسون الكثير من 
المستشرقين والعلماءء فقد ترك غوستاف فون غرونباوم أثرا عميقا في فكر 
تلميذه» الذي ظل مواظبا على مراسلته حتى بعد مغادرته جامعة شيكاغو في 
عام /61»,. وقد أسهم غرونباوم - الذي عمل مع عزيز أحمد (المتخصص 
في الإسلام الهندي) في السنوات الأخيرة من دراسة هودجسون عنده ‏ في 
توجيه تلميذه نحو فهم العالم الثقافى والسياسى للهند المسلمة: وريما أسهم 
ذلك في توجّهه لقضاء سنة بحثية بعد إنجاز الدكتوراه في جامعة عليكرة 
بالقرب من دلهي . 


يُمكن أن نعثر على تقاطعات في الأفكار والآراء» وعلى خلافات 

أمضاح مع بفاناهون حي وتوساس ارقولةة .وفاميلى تاردر لد هو 

0 ومع كارل يسبرزء وبول تيليش». وكارل يونج» وابن ور 
مرسيا إلياد» ورودولف أوتوء وكليفورد جيرتز من المؤرخين والفلاسفة 


(4:) .0.5 القط142:5 ده أععمدم2اع1 عوعلا-40 كن :لعستتداء1 320 102160 ولانصع 0" ,رع 13111620 


“151320 01 عتتاخمع/ عط]1' 5 مموع 1100 


7 


وعلماء النفس والدين والأنثروبولوجيا”*'؛ إلا أن تأثيراً معتبراً يظلّ محجوزاً 
لماكس فيبر الذي استفاد هودجسون من منهجه وتشربه وإن خالفه في 
خلا صاته. فهودجسون مؤرخ ميحد في استنباط النماذج الكلية لكل مرحلة 
تازيفة اسعنادا إلى المعطيات الثقافية بامحضادة والسياسية؛ لا يهمه 
ضاف الاأخكناتك واضبيط سجدلة ها فقط. بل يعنى فوق كل شىء باستنطاق 
النماذج الكامنة خلفهاء ثم قراءة الأحداث في ضوء هذه التصوّرات الكلية. 
ثم إن هودجسون. على الرغم من صرامة تحليلاته المادية. يمنح ل «رؤية 
الإنسان العام توفع بر كديا في التحوّل التاريخي. على سبيل المثال» يرى 
فو ةمون بان لت الحداثة يكمن في عملية (التقننة» ه2200زلههنهطءه)» التى 
أجل القصكيم' أخذ كر البهااع بوالعققه سم تزه تعو التتعيفية الحيابية 
والابتكارية» تربط التخصصات المختلفة وتصوغ نمط التوقّعات الاجتماعيّة 
عند الشرائح المهمّة في المجتمع. إذاء على الرغم من الأسس الاقتصاديّة 
والماديّة المختلفة التي جعلت هذه العمليّة ممكنة» فإِنْ جوهر العمليّة جوهرٌ 
ثقافيّ» يُمثّْل في جانب منه ‏ كما يشرح إدموند بورك تطويراً على عملية 
«الترشيد/ العقلنة» الفيبرية» يتجاوز مزالقها”””". لقد قيل بأنْ «مغامرة الإسلام» 
كان يمكق أن يكون هو العمل الذي سيقوم فيه فيبر بدراسة سوسيولوجيا 
الإسلام لو فيض له ذلك. إلا أن في ذلك شيئاً من المبالغة؛ إذ إن رؤية 
هودجسون تخالف رؤية فيبر فيما يتعلق بالعلاقة بين الدين والعقلنة» وفي 
رفضه للقسمة بين «التقليدي» و«العقلاني» كما سيتبين لاحقا . 


على الرغم من رواج نظرية التحديث في أوساط جامعة شيكاغو في 
السكتات اد أنَ مؤلفنا ظلّ على وعي دقيق بمزالقها . فقد كانت نظرية 
التحديث ترى أن الحداثة قد ظهرت في الغرب نتيجة خروج الغرب من ربقة 
«التقليد» وتبنيه ل«العقلانية»)» وهو ما يوازي في نظرهم الخروج من م 
الديني المسحور إلى فسحة العلمانية. غير أن هود حسون فد أورك كرا 
قبل كثير من نقاد نظريّة التحديث - أن كافّة الثقافات لا تخلو من قدر من 


(59) انظر بعض تفاصيل هذه التأثيرات فى : 
111 عط1تنا8 نمز **رعوة مقع81100 غطا م1 [01غ11156 4 220 ,1513 رمموع 5500" ,لزانزد8 .ىخ تعطمهأولعتطب 
.39-42 .7ص ,11095071 المطدهكة زه وعسنضء!! 116 :بردمك ةلط ها« '7آ 2214 :77ه|؟1 ,.كلء ,ستعلصدكل8 220 


(6 ) بورك. «تاريخ الإسلام في تاريخ العالم : مارشال هودجسود ومغامرة الإسلام»» ص .١ ١4‏ 


6 


العقلانية ومن التقليد في آنٍ معاً. وأنْ التقليد والعقلانيّة ليسا متضادين» بل 
هنا محدولان ا في 00 ضرورية من التجدد والثبات. فالتقاليد لا ترسخ 
إلا لأنها تلبّي احتياجات معيّنة يرجو مجتمع ما تثبيتها؛ وحين تنتهي صلاحية 
هذه التقاليد وتكفت عن خدمة الأهداف المرجوّة منهاء يعمد الجيل التالي 
إلى اتتعديدها أو التخلى عنيا ب ال“تشفلب» العدانة: انعد رفن ةلمن 
العضا رانك الرواطة إلا امن جدوة سرعة وقوه "اعقو لد إن المعناثة يد 
تراكم الإنجازات الإنسانيّة على طول السنوات الألف السابقة» وكان 
لمختلف الشعوب - والمسلمين والصينيين خاصّة ‏ إسهام ما فيه. وكل ما 
اعفط وه القر تر أن هذا التضول قد مارمن تعالفة فيد أولا “قا مكنم له 
التقدم بخطوات سريعة ‏ بمساعدة وضعيّته الجغرافيّة وبكوريّة أراضيه وجذة 
حضاريته - نحو الخروج من شروط النظام الزراعي وقيوده وإرساء مبادئ 
مؤسساتية جديدة» ثم تكفلت صيرورة «التقننة» بإدامة الفجوة بينه وبين 
الشعوب الأخرى. ولولا بعض المصادفات التاريخيّة» لريّما أمكن للصين 
التي شهدت في عهد سلالة سونغ تطوّراً صناعياً وحركيّة تجاريّة هائلة أن 
تستهل «العصر التقني». ألم تكن الصين هي السبّاقة آنذاك إلى اختراع ثلاثيّة 
البارود والبوصلة والطباعة؟ ولكنّ الاجتياح المغولي قد عظّل هذه الصيرورة 
ومنعها من المضيّ إلى آخرها . 


استفاد هودجسون من الخطاطة العامة لعمل وليام ماكنيل (صعود 
الغرب». فاستقى منه تصوّره عن المناطق المركزيّة الأربع التي تتقاسمها 
أربعة مركبات من التقاليد الحضارية الكبرى: المركب الأوروبيء» والمركب 
الهندي» والمركب الصيني» ومركب منطقتنا التي تمتدٌ من نهر النيل إلى نهر 
جيحون (وقد وضع ماكنيل هذا المخطط كبديل عن الحضارات التسع عشرة 
التي فصّلها توينبي). كما أن هودجسون قد اشترك مع ماكنيل في جملة من 
الاعتبارات المنهجيّة؛ أوّلها: فصل التاريخ العالمي عن الأسس الميتافيزيقية 
والإيديولوجية التي ظهرت في أعمال توينبي وشبنغلر وغيرهما؛ وثانيها : 
موضعة الصداثة مسن سعاب الغاريت العالمى » ونالدها ؟ الاسقتاذة عن 
مستجدات الدراسناتة الا ثرويو لوجية : ولكنْ هودجسون عاب على ماكنيل 
نزعته المتمركزة حول الغربء. والتي من شأنها أن تشوّه خلاصاته وتحدّ 


كن 


صلاحية قراءته للتاريخ والجغرافيا. فقد ركّز ماكنيل على منطقة شرق 
المتوسّط كبؤرة لنظره ودراسته (وركّز فرناند بروديل لاحقاً على غرب 
المتوسّط)» أما هودجسون فقد وسّع نطاق نظرته وأزاح مركزها شرقاً» بحيث 
غدت المنطقة الممتدّة من المحيط الهندي إلى حوض المتوسّط وما حاذاها 
شمالا من أوراسيا هي الرقعة التي تدور فوقها فصول التاريخ الكبرى. 


استفاد هو وحسون أيضاً من قراءة ماركس. ونمط تحليله الاقتصادي. 
ولكنّه لم يكن ماركسياً كلاسيكيّاً في تصوّره لحركة التاريخ ودوافعها (وإن انّهِم 
بالميل إلى الشيوعيّة في أثناء الحرب الباردة)» ولم يكن ماركسياً البنّة في رفضه 
الجذري للعنف ونزعته الغانديّة. ولكنّ رؤيته لوضعيّة العالم الحديث تتقاطع 
بوضوح مع نظريات التبعيّة» التي تُركز على دراسة علاقة المركز الرأسمالي 
الاستعماري بالأطراف المستعمّرة المنهوبة والمتخلّفة تبعاً لذلك (كتلك التي 
نجدها اليوم في كتابات إيمانويل والرشتاين وسمير أمين). ولعل التأثير الأكبر 
قد جاء من طريق أندري غوندر فرانك» أحد أبرز مؤسسي نظرية التبعيّة 
والذي كان شريك هودجسون في سكنه في عامَئ 19457 0019464 . 


إذاء ككل مفكّر أصيلء» كانت علاقة مارشال هودجسون بمفكرئ عصره 
علاقة اتصال وانفصال. لقد استفاد هودجسون من مناخ جامعة شيكاغو 
والتيارات الفكريّة التي سادت فيها في الخمسينيات والستينيات» ولكنه ظل 
مستقل الرأي قادراً على استثمار قراءاته في رؤيته الخاصّة؛» أو في حواره 
الخاص (إذا ما استعملنا مفردات هودجسون)» وظلّ منفتحاً على التيارات 
الفكريّة العالميّة» فلا شك بأنْ تراث نقد المركزيّة الغربيّة قد بدأ فى الأطراف 
أؤلاً»اقبل أن عشوق المركره كنا زعين كريستوفر يلي 7" .ولعل اتفتاجه 
على مؤرّخي الهند والصين والاتحاد السوفياتي والعرب قد زوّده ببعض عذته 
النظريّة النقدية. 


ب تاتيرزاك هود جسون 
«اعترف الكثيرون بعبقريّة هودجسونء ولكنّ قلة فقط تبتّت 


)6١(‏ مغ طعومءمجة أقصمنعء مع م1 عتتعطمكتصة]ط عط لسة مموعل110 .5 .0 القطدمة84' ,111 ععلمنظ8 
.9 .ل *” ,ه1150 1/0210 


02320 43-44 .مم ”رععة مرعل1510 عط هذ نم1115 77170210 لصة ,هه1ذ1 رممدع 100" ,لإأرد8 


5 


تضطلهانهة''*. تدز هذه العيارة لبروس لوزن (أستاذ الدراساك" الاإشلامة 

والعلوم الإنسانية في جامعة دوك ©كانا©)) صادقةً إلى حد بعيد في وصف ما 

حصل لتركة هودجسون وتراثه. نعم. لقد سرت أفكاره وتصوّراته في عروق 

جديدة» وطوّرت العديدٌ من الاتجاهات النظرية والتاريخيّة رؤاه ومقولاته 

حول الاستشراق والمركزية الغربية والتبعية الاقتصادية وضرورة قراءة تاريخ 

حضارات العالم كتاريخ مترابط» ولكنّ الإحالة إليه اسمأ ظلّت أمراً محفوفا 
من الريبة والقلق. 


غاب كو هودجسولن عن «تاريخ كامبريدج لإلإسلام» (١/ا9١),‏ وعن 
أعمال فرناند بروديل» وعن أعمال جمهرة من المؤرخين والدارسين الذين 
نشطوا فى نفس النطاقات التى اشتغل هودجسون فيها”**'2. يعود هذا التجاهل 
إلى جملة من الاعتبارات». بعضها ذاتيٌ وبعضها موضوعي . أوجِرٌ الاعتبارات 
الذاتية فى ثلاث نقاط؛ أوّلا: كان لوفاة هودجسون المبكرة (قبل صدور 
أعماله 5 أثرٌ بالغ في تراجع تانسة بعد مونه. فمي الأؤشتاطظ 
الأكاديميّة» يعمل العالِم على الدفاع عن مقولاته وتطويرها وإعادة التأكيد 
عليها والرد على الانتقادات الموجهة لهاء وهو ما يزيد من درجة حضوره 
والافجيام به؟ أما مؤرخنا فقد رحل فبكراء خاصة بالنسية إلى مؤرخء 
فالتأريخ مهنة صعبة بطيئة تتناسب فيها جودة الإنتاج واحجمة طرديّاً مع عمر 
المؤرخ. ثانا : إِنْ عمل هودجسون مركب ومعمّدء له بناؤه الاصطلاحيٌ 
الخاص»ء وأدواته التحليلية الخاصة.» وهو 06 لا يسلم القارئ إلى خلا صاته 
بسهولة. بل يطلب منه التد ين فى أدوات التحليل : ثم التحرز في دان أحكام 
جازمة. ولا تيك د نأن عمل من هذا النوع يصعب 0 عاضا أو استثماره 
صحفيّاً فى مقولات جاهزة. ثالثا: إن منهج هودجسون في مراجعة 
المصطلحات العلمية وتقديم مصطلحات جديدة يقطع الاستمرارية المعتادة في 


فر 6 6 2 01 ,1156أنا 1 3 الناعط) 1771 )و25 ذل :0205120201122) 15121216216“ ,121/162 .8 لم8 
.2015 لتتظك 24) دع نايا[ 271/77107111165 ”,11210101287 111)ك 
-141156-5)111؟!-01011-1111156 غ81 -251م-011122م615/15121216216-051210م2م/1165111111165.018 321 تلتتتط// :قطاخط > 
. < /8 1111101012 
(:6) .45-6 .مم ,.1010 ,اناج 8 
(08) لاحظ أن بحوثه المتخصّصة في التاريخ العالمي» في كتاب إعادة التفكير في تاريخ العالم. 

لم تصدر إلا في عام .١77‏ 


5١ 


الحقل التاريخي: يفضل معظم المؤرّخين المراكمة على مقولات من سبقهم. 
وتسهيل تواصلهم مع القارئ من خلال اعتماد مصطلحات مألوفة لديه. إن 
تفضيل استعمال مصطلحات أكثر دقّة وإن كانت أقلّ شيوعاً يتطلّب مؤْرّخا 
مستقل الرأي» منحازاً تماماً إلى تصويب التصوّرات على حساب الشهرة 
الفوريّة» وهو الثمن الذي كان هودجسون مُدركاً له ومستعداً لبذله. 


أما الاعتبارات الموضوعية. فتعود في قسم منها إلى التطوّرات التي 
طرأت على الحقل التاريخي وعلى مزاج الأكاديمياء وتعوة فى يشم متها إلي 
المناخ السياسي العام ومدى جاه لمشروع تار عالميّ: لا يضع الغرب 
في مركز الخارطة جغرافياً اويا . إن من خصائص النزعة التقانوية» كما 
يقول هودجسون. الميل إلى التخصصيّة المفرطة» التي تضحي بالرؤية الكلية 
لحساب التخصّص في موضوع جزئيّ» وهي تفترض ضرورة نزع أحكام 
القيمة وكافة الاعتبارات الأخلاقيّة من أي دراسة أكاديمية تتوححى 
الموضوعيّة. لقد تراجعت النزعة المثاليّة التى سادت فى أعقاب الحرب 
العالجية الفانية فى الأرساط الأكاابيية لمات تر من «العندمية 
الإبستمولوجيّة واللاأدريّة الأخلاقيّة). بتعبير بورك نا ثم إن حمل 
التاريخ قد شهد في السبعينيات صعود مجموعة من الاتجاهات النظريّة 
الجديدة. التي أولت عنايتها لدراسة تاريخ الديموغرافيا والرأسمالية 
والتحوّلات الاقتصادية في اباط الإنتاج. وهو ما ظهر في المضاء 
الأنجلوساكسوني مع كتابات إريك هوبزباوم وأندري غوندري فرانك وبيري 
أندرسون» وفي الفضاء الفرانكفوني مع بروديل ومدرسة الحوليات. 


لا شك بِأنْ النظرة الإنسانية لهودجسونء والموقف الأخلاقي المناهمض 
لبطش الإمبريالية المنتصرة وعنجهيتها الإبستمولوجية» ونظرته المنصفة (بل 
والمنحازة كما يُنّهم) لحضارة الإسلام. وموقفه السياسي المعادي للصهيونيّة 
وأشكال الاستعمار الجديدء قد أسهمت في جعله خصما لمؤرّخي صراع 
الحضارات وتفوّق الغرب» خصماً لا بدّ من تصفيته بالتجاهل. فصحيحٌ أن 
هودجسون يؤمن بشيء من تمايز الحضارات على مستوى تصوراتها الثقافية 
(كما يظهر بوضوح في فصله المعنون ب «الأنماط الثقافيّة بين الحاضرة 





)0650 .2 .2 ”,11008502 .0.5 القطدعة81 01 وععتضوء 7 غط1” ,رمتكلمة81 لصة 111 ععاتنظ 


3 


الإسلامية والغرب»), إلا أنه من جهة أخرى يَؤْكّد على ديناميكيّة الثقافة 
وتاتهيا المدو ل كما ييز كد على «وسدة الاسارئة واقعر لك لكر محميها اتن 
ضمير إنسانى واحد. لا يبدو هذا الموقف دايا فى عصر احرب 
الإرهاب». الذي يحتفي بكتابات مثل «فرادة الحضارة الغربية» لريكاردو 
دوتشيسن, وبنظرات تاريخيّة لم تتعلم شيئأ من دروس التواضع ولا من 
الانتقادات التى كيلت للمركزيّة الأوروبية وقصور رؤيتها الثقافوية» كتلك التي 
سنا فى كداي#الحضارة شال تبر ع مود نز إن عدو الت ارك يه 
تسكن متتحاهد لكين البودة إلى نواه ووياء «العالى: لند 1 لهذا فعين 
عن بياض العالم من ظلمة «الإرهاب الإسلامي» في عصرنا المتحذلق 
بالصوابية السياسية! 


مع ذلك» كان لمارشال هودجسولن اتير بالغ في جملة من المؤرخين 
والدارسين» اللمخ استفادوا من تصوراته وتصويباته. وشهدوا له بالفضل . 
وم ير م ا ا ا 0 
00 التي 00 جارد مراتن لسار اف 0 فقد شهد عمد 
العوامل» أهمّها نهاية الاستشراق الفيلولوجى» وتهاوي نظريّة التحديث. 
وصعود المنظور العالميء. وتطوّر العلوم الإنسانيّة الرديفة وأبرزها 
الأكرويو لوصا ونمو دراسات المناطق. ثم صعود الإسلام السياسي والدين 
عموما (وهر ما عرف بعودة المقدّس) إلى المجال السياسي» ثمٌ جاء تبلور 
نقَل الا ستشراق على يد إدوارد سعيد ليكون المسمان الاخير فى العدن 
الاستشراق الكلاسيكى. تفرعت خمسة اتجاهات أسنافية عن ثرات 
الب 0 أوّلها: عبّر عن نزوع لساني لدراسة النصوص ونقدها (وهو 
الاتجاه الأكثر وفاءً للاستشراق الفيلولوجي). وثانيها: دراسات المناطق» أي 
دراسة منطقة بعينها مع العناية بالتطوّرات السوسيولوجيّة والسياسية والثقافية 
الأحدث؛» مثل دراسات الشرق الأوسط (وهو استمرارٌ للاستشراق القديم من 
جهة علاقته بالهيمنة الإمبريالية). وثالثها: حقل التاريخ والتاريخ العالمي» 


(00) انظر بعضها في: رضوان السيدء الصراع على الاسلام: الأصولية والاصلاح والسياسات 
الدولية (بيروت: دار الكتاب العربي» )), صن 1553 


او 


الذي ظلّ عمل هودجسون فيه عملا أساسيًا لا غنى عنه لكل دارس» وفي 
هذا الحقل ظهر تأثيره في جملة من الأعمال الكبرى» مثل عمل ألبرت 
حوراني «تاريخ الشعوب العربية» ( »© وكتابات المؤرّخ إيرا لابيدوس». 
ناف كتابه «تاريخ المجتمعات الاسلامية» 2.)١198/(‏ و«أطلس العالم 
الإسلامي منذ »١6٠١‏ الذي أعده فرانسيس روبنسون .)١985(‏ وكتاب فيرنون 
إيجر المرجعي «تاريخ عالم المسلمين» .)290١5(‏ ورابعها: حمل 
أنثروبولوجيا ادم الذي افتتحته دراسات إرنست جيلنر وكليفورد غيرتزء 
ولقي نقداً وتأطيراً منهجيًا دقيقاً على يد طلال أسد**" , 


خامس هذه الاتجاهات وأهمّها هو حقل سوسيولوجيا الإسلام. الذي 
يُعدّ اليوم أغنى هذه الحقول وأجرأها في الفكاك من المسلّمات المنهجيّة 
التي طبعت الاستشراق الكلاسيكي. يُمكن تأريخ ولادة حقل سوسيولوجيا 
الإسلام بكتاب بريان تيرنر فيبر والإسلام (9 23001 ويمكن تأريخ نضجه 
بصدور كتاب أرماندو سلفاتوري سوسيولوجيا الإسلام: المعرفة والسلطة 
والمدنية .2''*00١(‏ في هذا الحقل». تحظى تصوّرات هودجسون 
ومصطلحاته بأهميّة تأسيسيّة» إذ إن منطلق هذا الحقل مشابه لمنطلق 
هودجسون: الوفاء لمنهج فيبر والتحرّر من خلاصاته المتمركزة حول أوروبا 
المسيحية. استفاد حقل سوسيولوجيا الإسلام من المنظور الجديد الذي فتحه 
هودجسون لدراسة المراحل الوسيطة والعناية بالتصوّف كأساس للنظام 
الاجتماعي في العصر الإسلاميّ الوسيط. ثم استفاد حقل سوسيولوجيا 
الإسلام من الأرضيّة التي فتحها نقد الاستشراق ونقد المركزية الغربية» ولكنه 
لم يكتفٍ بنقد صيغ فهم مجتمع المسلمين التاريخي السائدة في الغرب» بل 
عمد إلى بناء تصوّرات أصيلة تنطلق من فهم مجتمعات المسلمين التاريخيّة 


(058)انظر: المصدر نفسهء ص١٠‏ -15١١.انظر‏ أيضاً إن شئت: طلال أسدء «فكرة 
ا الإسلام»» في : أبو بكر أحمد باقادر. أنثروبولوجيا الإسلام (بيروت: : دار الهادي. 
)0 0 


ان لاد ل رت د اقلم 6 .أي ضيه عئار جنا 0 00 
لي و ا ا و اي ارك ب 
الإسلام. 


5 


وتعترف ب «الديناميكية الاجتماعيّة والمدنية لمظاهر الإفصاح غير الغربية عن 
الو ضاف «سوسيولوجيا الإسلام» مفهوم المدنيّة إلى العذة 
المفاهيمية لمارشال هودجسونء وطوّر تصوّراته عن «الحضارة» (بل وحاول 
الاستغناء عن هذه اللفظة لما علق بها من حمولات سياسية وإيديولوجية). 
كما استعان بتطويرات ميشيل فوكو لقراءة مجتمع الحاضرة الإسلامية من 
منظور السلطة والمعرفة. 


إضافة إلى ذلك». حظي عمل هودجسون باهتمام واسع بين المؤرخين 
الاسيوسين كما يشير كريستوفر بيلي. وبين غيرهم من مؤرخي الاطراف 
ومؤرخى دراسات التابع”'" . وربما تجدر هنا الإشارة إل أحين أوعطة فقصور 
عمل هودجسون. الذي وإن أفلت من مركزيّة أوروباء واهتم في المقابل 
بالفضاء الجغرافي الممتدّ من الصين إلى البحر الأبيض المتوسّط - لم يُعط 
تاريخ إفريقيا وأوقيانوسيا وتاريخ الأمريكتين حمّه من العناية» ربّما لعدم صلته 
المباشرة بحضارة الإسلام. 


٠‏ ملاحظة: في القسم التالي» تفصيل في تأثيرات مصطلحيه: 
(إسلاماتي) و«فارساتي». 


هذه الترجمة 

يقال بأن الترجمة التي , بين أيديكم الآن قد طال انتظارهاء فهي الترجمة 
الأولى والكاملة ل مغامرة الاسلام. كتب الكثيرون بحماسة وحفاوة عن هذا 
الكتاب وتيك يعض تضوله وتغضن :دراشات خودتخسؤة الأخرض إلى 
العربية» ولكنٌْ الكتاب ظل حبيس حجمه الثقيل ووعورة لغته لخمس وأربعين 
ارين اناري صدوره». ينتظر من يتصدّر لعمل يتطلب تفرّغا طويلاً واجتهاداً 
دقيقاً في ترجمة اللاصطلاحات» وتسقا دنا إضافيين في تحقيق مقولاته 
ووصلها بأصولها في كتب التراث والتاريخ . م ون اصطلااعي كرحم مد 
العمل بطولة بل مغامرة محفوفة بالمخاطر: فلغة هودجسون أوَّلاً لغة شاقّة. 
طويلة الجمل» كثيرة الاستطراد. حافلة بالتراكيب والبلاغة» والبلاغة عنده 


00 0 .م ”عع ذل 140012 عطأا هذ نرم أذذآط 710110 320 ,دنها1ذ1 رممدع 21500 ,إ1نو82 


ه: 


ليست زخرفاً أو زينةً يُحلّي بها أفكاره» بل هي استراتيجيّة لغويّة تُمكنه من 
نقل تصوّرات دقيقة وتوفر عليه عناء سرد معلومات مفصّلة. لا يمكن ترجمة 
البلاغة إلا بشيء من البلاغة» ولكنّ هذه العمليّة تتطلّب ‏ فى سياق 
الدراسات التاريخيّة ‏ الاطلاع على الحوادث التي يتحدّث عنها المؤللّف 
لإدراك مقصد استعارته وفهم ما ترمي إليه عبارثه بالضبط. ولا أبالغ إن قلت 
أن جملة واحدة قد تجبر مُترجمها على قضاء جل نهاره في القراءة حولها 
ليجلو مقصدها ويدرك مرادها. 


ثم إِنْ منهجية هودجسون في الكتابة لا تبدأ بسرد الأحداث تفصيلاً ثم 
تحليلها وشرحها واستنباط الخلااصات حولها؛ بل إن منهجه في الكتابة 
يزاوج 57 بين التحليل والسردء وبين الإشارة إلى المعلومة واستنطاق 
دلا لاتهاء وبين بناء مقوللات تحليليّة كبرى وإيراد الشواهد عليها. يضاف إلى 
ذلك أنْ تاريخ هودجسون شامل كما أسلفتٌ من ثلاثة وجوه: شامل في تتبّع 
كافة مظاهر التغيّر التاريخي وسبر جميع العوامل المسهمة فيه؛ وشامل في 
تغطيته لزمان تاريخيّ يمتدّ من أيام الساسانيين وما قبلهم ولا ينتهي إلا مع 
مرحلة صعود القوميات في العالم الثالث؟؛ وشامل نقيأ في تغطيته لرقعة 
جغرافيّة تمتدٌ من الأرخبيل الماليزيّ إلى إفريقيا جنوب الصحراء وما 
جاوزهما. كل ذلك يجبر المترجم على توسيع حقول قراءاته التاريخيّة 
بالتوازي مع الترجمة» ومحاولة قراءة ما يستطيعه من الموادٌ التاريخيّة حول 
الحقبة التي يتناولها هودجسون بالتحليل» ليتسنى له فهم القصّة التاريخية 
ومعرفة الإحالات والروايات التي يشير إليها المؤلف وتعريف القارئ بها قدر 
الإمكان. 1 

إلا أن المبالغة في شرح القصص التاريخيّة والتعريف بكلّ الشخوص 
المذكورين في الكتاب أمرٌ متعذر ومُضْرٌ بسلاسة الكتاب وبمقصده. فهدف 
هودجسون النهاء ئي كما أسلفت هو رسم صورة ل 0 هذه 
السغارة العائمتة وائراة سلاك: كارك عله القفمو نم :وت انطها» بوجاجة ار 
إلى التفاصيل مقصورةٌ على ما يخدم هذه الغاية. ولمن أراد التبخر في 
ماء أو منطقة جغرافيّة ماء» أن يعود إلى مواذها التاريخية وما ا 5 
تُعينه في ذلك قائمة المراجع التي يقترحها المؤلّف في نهاية كلّ مجلّد (وإن 
تقادمت معظم أعمالها). 


5 


تُرجمت لهودجسون بعض الدراسات وبعض الفصول من كتابيه «مغامرة 
الإسلام») و«إعادة التفكير في تاريخ العالم» . الخ ف جلها فزاساك» منيدة في 
التعريف بهودجسون وتقديم شيء من رؤيته التاريخيّة» ولكنها قاصرة قصوراً 
نالغا في تقديم تمييزاته الاصطلاحية. والتمييزات الاصطلاحية هي إحدى 
أهمّ مساهمات جودجسوده في حقل الإسلاميات وفي حقل التاريخ . لعل 
ترجا ترجم تاد واتحدا| ايو يوان اتدكوك يعدور] في إغفال التمييز بين 
(إسلامى 16م:1513» و«إسلاماتى خنع نطة و1 أو فى ترجمة الحاضرة الإسلامية 
11 ب «العالم الإسلامي) (على الرغم 0 رفض هودجسون الصريح 
لمصطلح «العالم الإسلامي»)؛ فلكي يفهم هذه التمييزات وترجماتها 
الوجيهة. عليه أن يعود إلى مقدّمة هودجسون المطوّلة حول «دراسة الحضارة 
الإسلامية». ثم إنه قد يخشى إرهاق القارئ وإثقال النصّ. وسواءٌ أكان من 
سبقني من المترجمين معذوراً أم لاء فإِنْ تلك الترجمات قد قصرت عن 
تقديم أحد أهمٌ إسهامات هودجسون في إعادة بناء مصطلحات حقل دراسته : 
نه مؤرّخ مُراجع» أخذ على نفسه نذراً بألا يستعمل مصطلحا لمجرّد 
سائد»ء وحاول أن ينعم النظر في أصول كل مصطلح ودلالاته وما يضمره من 
انحيازات» وأقام بعد ذلك بنيانه الاصطلاحيء الذي بدأ الكثيرون بالإقرار 
بأهميّته وبالاعتماد عليه . 


اظلعتُ على كل ما ترجم لهودجسون في مجلة «الاجتهادا التي أشرف 
على تحريرها 0 السيّد والفضل شلق (وخصّصت عددا ا 
لهودجسون في كتاب :الاسلام والتاريخع العالميا وعلى ما نشر من ترجمات 
مراع ولكنص يوي عو ويد وب حية 
الموفقة» وعلى هدايتي إلى قراءات ممكنة لبعض العبارات المستعصية في 
نص هودجسون . 

لقد كان التحدّي الأكبر في هذه الترجمة هو ترجمة المصطلحء. وهو أمرٌ 
احتجت فيه إلى كثير من التمعّن وتقليب الخيارات واستشارة أهل الخبرة من 
راء ار سيا وي ال 0 


/و5 


يروت اجتهاداتي في الهوامش» باستثناء مصطلح «إسلاماتي» الذي سأفصّل 
فيه لاحقاً. يبدأ التحدّي من عنوان هذا الكتاب: 
مغامرةالاسلام: الضمير والتاريخ في حضارة عالمية 

01 ننم 0انمللاه دا به 1ه أل 21:0 601516206 ١513117:‏ 01 عأناادو/ا ها 

تحوز لفظة 6:دغم6؟ على عذة معان» فهي ليست مغامرة بالمعنى الصريح 
ه20 بل هي أقرب إلى المشروع الذي ينطوي على قدر من المجازفة 
لامر وكثيراً ما تُستعمل في سياق المشاريع التجاريه اليه التي قد 

يخلق: أصحابها تجاعا مدهلا أى يفشلون قفخلا محتقا . شاع الكتاب بعنوان 

«مغامرة الإسلام» لآن متجلة الاجتهاد قد قدّمته بهذا العنوان (وهي الترجمة 
الأقرب إلى الصواب في نظري)» وشاركهم في ذلك غير واحدٍ ممن كتبوا 
عن الكتاب» منهم هشام شرابي. اختار المؤرّخ طريف الخالدي ترجمة 
عنوان الكتاب ب «مسعى الإسلام»» وهو خيار جميل؛ فكلمة «مسعى» ذات 
دلالة ترائيّة أصيلة» وهي تنطوي على معنى المكابدة وبذل الجهد والمحاولة» 
وتحملٌُ ظلالها الدلالية الدينية معنى جميلاً» وهو أنَّ غاية السعي هو الطريقٌ 
نفسه لا نهايته. وقد شجعنى د. جوزيف مسعد على هذا الاختيار حتى كدت 
أميل إليه. ولكنّ المسعى في دلالته الاستعمالية لا يكون إلا بين بداية ونهاية 
معلومتين (السعي بين الصفا والمروة» أو سعي الإنسان بين ولادته ووفاته). 
أَمّا عتتضمء؟ فذات نهاية مفتوحة. غير مضمونة» وهو معنى أصيل وأكيد في 
استعمال هودجسون للفظة على طول الكتاب (يتأكد أوضح ما يكون في 
خاتمته التي تتناول مستقبل الإسلام الممكن في العالم الحديث). ذهب 
عبد الله العروي في «مفهوم التاريخ» إلى ترجمة الكتاب ب«مجاهدة الإسلام»؛ 
وهو خيارٌ بعيد وقاصرء على ما ينمٌ عنه الخيار من ألمعيّة صاحبه وتفرّد 
رأيه. 

0 تأتي 6. وهي تعني اليوم بلا جدال: الضمير». أي ملكة 

تفييد المخير والشير : يم مأخوذة من الفرنسيّة القديمة ثم من اللاتينية 

2 . . وصحيح أن دلالتها الحرفية رك من (مع دمء) و(معرفة 
خم ه5)ء وأن لفظة الوعي 59 قد اشتقّت منهاء إلا أنها ظلت 
مقعم بمعنئ الإدراك الأخلاقي. ولم تتخذ معنى «الوعي» إلا في حالاات 
نادرة ومهجورة. مع ذلك اختارت مجلّة الاجتهاد ترجمة العنوان الفرعي 


682 


للكتاب ب «الوعي والتاريخ في حضارة عالمية». وحذا حذوها كتبراق ل 
والحقيقة أن هذا الخيار الخاطئ يقول شيئاً عن الثقافة العربية الحديثة. التي 
احتلت فيها مفردة «الوعي») فواقةا رك في مقابل «الوازع الأخلاقي». فبات 
«الوعى» هو العمدة في قراءة التاريخ» وبات بناء «الوعي» هو المطلوب في 
الحاضرء أما «الضمير الأخلاقى» فمسألة مرذولة متروكة للوعّاظ والدراويش» 
وغير حقيقة بأن تكون ففخووا لقراءة التاريخ . فكأن أصحاب هذا الاختيار قد 
أوتاوا يأن المولت قد قصد «الوعي) جديا : حكن الو كتبه (الضهتر)! شرز 
البعض هذا الخيار بأنْ هودجسون ذو خلفيّة ماركسيّة» وثنائيّة الوعي والتاريخ 
أضيلة فى الجدل الهميجلى :. الذئ لبسة الساركسية إلا سقلوية:: وَلكن 
ف جعون أرشا توخلفنة ديلتة إنساتة "يكت )تنه القهير مكان الصدانة: 
والأهمٌّ من خلفيّته. هو أن تتبّع الكلمة في سياق الكتاب يؤكّد مقصد 
هودجسون في الإشارة إلى الضمير بالمعنى الاخلاقيّ. 

ا الآن إلى تسويغ ترجمة 1513501816 ب إسلاماتى» وهى لفظة مركزية 
في نصٌّ هودجسون تعمّ صفحات كتابه. 


ما الذي قصده هودجسون ب (إسلاماتي»؟ 


أراد هودجسون التمييز بين معنيين دقيقين: ما يتصل بالإسلام بوصفه 
ديناً (إسلامي)» وما يتصل بالمجتمع الذي تشكل حول الإسلام» والذي 
تسود فيه أمورٌ لا يصح وصفها بأنها «إسلاميّة»؛ إذ إِنها لم اتنبع من صميم 
الدين» بل وريما خالفت أوامر التتريعة الدينية» ولكنها ظلت ذانث فده 
خاصّة متصلة بالإسلام اتضالا يعيدا: وهي بالتالي: «إسلاماتية) . 


يصحٌ أن نصف الشريعة بأنها «إسلاميّة», ولكننا لا نستطيع أن نصف 
جميع مناحي القانون عند المسلمين بأنها «إسلاميّة»؛ لا يصحٌ أن نصف 
الأدب بأنه «إسلاميّ»» وإذا صم مثلاً وصف الشعر المنسوب إلى الإمام 
الشافعي أو أبي العتاهية بأنه «إسلامي»» فإِنْ ذلك لا يصمٌّ في وصف 
خمريات أبي نواس قطعا. بالمثل» لا نستطيع وصف اللغة «الفارسيّة» أو 
«التركيّة الغربيّة» بأنها إسلاميّة» إذ إِنْها لم تنبع من الإسلام» ولكتها لما 
حملت الإسلام وعبّرت عن المجتمع الذي حكمه المسلمون» اكتسبت مسحة 
خاصّة تشترك فيها جميع اللغات «الإسلاماتيّة». أسهم الكثير من غير 


ا 


المسلمين في الحضارة التي تشكلة حول الإسلام. وإسهامائهم - سواءعً 
كانت في الآدت أق الفلمننة أو الطب - هي الإسلاماتية». كذلك الأمر 
بخصوص الإنجازات التي اعتبرها علماء الشريعة مخالفة للوسلام. ففلسفة 
أبي بكر الرازي والراوندي (إسلاماتية»)» والمئمئمات التيمورية التي فل تصوّر 
ايان أحوالاً من العري والمجون والإيروتيكا هي الإسلاماتية». وفنٌ 
الأرابيسك والخطٌ (إسلاماتيان». 


رأى بعض الدارسين في هذا التمييز نوعاً من التمييز بين ما هو «ديني» 
وما هو «دنيوي» أو «علماني». وهو يها حدر هودجسون من التمادي فيه. 
فعلينا أن «نحذر من رسم خط حادٌ بينهماء ففصل الدين (وليس الإسلام 
فقط) وعزله عن بقيّة جوانب الحياة أمرٌ خاطئ ومشوه جزئياً. كما يقول. 
وقد أحسن سرينيفاس أرافامودان (أستاذ الأدب الإنكليزي وعميد كليّة 
الإنسانيئّات 5 جامعة دوك (عان)) حين اعتبر بأن الإسلاماتي» تعني «الأثر 


الهجين لحضور الإسلام»” "'. إِنّها مُجنة بين تأثير الإسلام كدين وتأثير 
العوامل التاريحية د والاستمراريّات الثقافية والاجتماعية الحاضرة في 


|| . نا 


يعد هذا المصطلح مصطلحاً فيخورا في عمل هودجسون. وهو أجل 


(57) 511 عتناياط 2 02 ,ع سانا 2 الامطال/آ امد كل :مقأتا0م 2050© عأمعنسة][و1' ,ععمء 1 ة1آ 
ش .** 87ه1ل1 متا 


(15) أحبٌ أن أشير هنا إلى وجه هودجسون الفيلسوف. وهو وجه يتبذى في كثير من المواة ضع التي 
يناقش فيها حركة التاريخ ومنهجيّة فهمهاء ولكنه يظهر أيضاً في ابتكاره للمفاهيم . كان الفيلسوف الفرنسي 
جيل دولوز قد عرّف الفلسفة بوصفها اختراعاً للمفاهيم» واختراع المفهوم عنده لا بدّ أن ينطلق من حاجة 
أصيلة. » أي من فراغ قائم في نظام الفكر لا يُمكن لغير هذا المفهوم أن يسدّه . تحوز بعض المفا هيم التي 
صاغها هودجسون على هذه السمة ا ا 
ككيرا ها يستعولون :فمناء حتى لو لم يتم تبني المصطلحين نفسيهما؛ فمعارض الفنون الحديثة 
والتاريخيّة ثقدّم مجموعات فتية تتورّع جغرافيّتها من سوريا إلى حدود الصين» وهي مجموعات لا يصح 
وصفها بأنها إسلاميّة.» ولاسيما أن بعض فنانيها ليسوا مسلمين» ولكنّها حتماً تشترك في «حساسيّة 
مخصوصة» وفي أسلوب متشاكل له صلةٌ ما بثقافة الإسلام وبالمجتمع الذي تشكّل حول دينه» ولكتها 
ليست إسلاميّة بأيّ معنى دينيّ (كيف تكون دينيّة وبعض فنونها تحتفي بالبورنوغرافيا؟) : إنْها «إسلاماتيّة» 
بهذا المعنى» حتى لو لم يستعمل أمناء المعارض هذا المصطلح لوصفها عداهو المراح الذي يحل 
الحاجة إلى المفهوم. وهذا ما يجعل من مفهومي «إسلاماتي» أو «فارساتي» مفهومين أصيلين . 

انظر: 


510 رع 121712 


اناق الى #رةة لفط لبسدة عاق فى بعقل: الأسلامات:<:وفل تاخر 
الدارسون في الأخذ بهذا المصطلح لأسباب أشرتٌ إليها سابقاً. ولكتّه بدأ 
يكتسب قيمته وموقعه المركزي في النقاشات والمؤتمرات والكتب المعنية 
بدراسة الإسلام» ثم توسّع استعماله توسّعاً كبيراً خلال السنوات العشر 
الماضية”*'2. في عام )35١١١(‏ انطلق موقع إلكتروني باسم «مجتمع الفكر 
المعاصرو العالم الإسلاما تي) عطا قسة أطقنامط1' ةرهم سع مم0 2ه تإأعنه50) 
(1770:14 عنوعندسذاة1» وانطلقت في عام )3١١7(‏ عن دار 8:11 مجلة علمية بعنوان 
«التارر بخ الفكر يِ للعالم الإسلاماتي') 6 171 إن بماك ةلط أمنااءء |6 11ر1 ) 
16714 . كما أن الدار نفسها بدأت منذ عام 7٠١١6‏ بإصدار سلسلة كتب تحت 
عنوان «التار بخ الفكر يُ الإسلاماتي') (برمها5ة8] لمنداءءااء 11 16هع11ه111) . وقد 
استهلت (عنمصيء0هءة تإمناطمصرهه81) منذ عام 5 ” بإضيدان سلسلة ف الكتب 
(بلغت إصداراتها ١5‏ كتاباً حتى الآن) تحت عنوان «الفكر الشرق أوسطى 


و الإسلاماتي المعاصر ) (اطعناهط1 عنمءعناجبهاك1 نجه «رعاكممر 1001ل[ بوره «م مجع 1ه ) . 


وبالمثل» فد مصطلح فارساتى 615182816م يحظى ببعض الحضور 
والاهتمام. فتم تأسييين (اجمعية دراسة المجتمعات الفارساتية» 0 )0 
(5عناع500 علفسفتديء2 01 لإلياة5 عط +10 في 5 وا مدر ت في عام اليا 
«محلة الدراسات الفارساتية) (د5ءنلا5 عنم ممتسءط ره أه«سلام2) . 


كيف نترجمها؟ 
تتمتّع ((ع1512111026) بنهاية وصمية مزدوجة (رف 1- وع21- كلتاهما لاحقة 


تقاف إلى الاسم لتجعله صفة)» وهو ما يجعل صلتها بالمصدر الأصليّ 
بعيدة. ترد هذه الصيغة ‏ وهى قليلة الشيوع 0 (عأهسقتلة)1» مغلا وهى 


(15) بجرد ببليوغرافي سريع, لا نعثر قبل عام ٠‏ إلا على عدد قليل من المنشورات التى 
استعملت لفظة (إسلاماتى») ف عناوينهاء أبرزها الكتاب الذي حرره بروس لورئس وديفيد جيلمارتن . 
انظر : 
كلاماع اع غ1 عاناء ا سططاءغ1 :41 :ةلط 2:4ه 11471 071:4ز26 ,.05» ,ععطء211آ ععناع8 320 ستأع مز 23110] 

.(2000 ,1*105109 01 و5وع:21 1139و1ء الملا :هآآ ,116 القع طنهة©) هأكل 5011 1[5!277112216 دز 
وهو في الأصل مؤتمر عقد في عام .١4405‏ ولكننا نعثر منذ العام 7٠١١7‏ على نحو عشرين كتاباً 
تضمتة عناوينها لفظة (إسلاماتى)». وفى عناوين هذه الكتب ما دي لد توسع استعمال المصطلح 


اه 


تعني . كما يقول المؤلّف: «بالأسلوب الإيطالي»؛ أي إنّها لا تُحيل إلى 

ل 0 يطالي» ار 
أن يتحذث عن 520 0 0-06 انة 7 58 أو 0 
مثلاً . 


لبق في العربية ما يقابل صيغة 266هندواةذ مقابلة صحيحة ؛ ولذاء لا بد 
من نحت تركيباخاضٌ لهاء لتفادي اشععمال تعبيرات نطولة هن قبيل 
«بالأسلوب الإسلامي» أو «ذو طابع إسلامي». تنوّعت الاقتراحات» فأشار 
البعض إلى صيغة «إسلاماني»"'''» ولكنّ الألف والنون تدخلان قبل ياء 
اواك فى يرنه الجعرسمين واللشوفين - للتشديد والمبالغة في نسبة الصفة. 
إلا 001 ف «(الإسلاماني) كف إسلاميّة من نا اقترح مُترجم 
كعات الترت حوراني «الإسلام في الفكر الأوروبي» (طبعة )١995‏ صيغة 
«مؤسلم»). وهي خاطئة بلا ريب». فهي تنطوي على دلالة الافتعال وعلى 
دلالة إسباغ صفة «الإسلام» على شيءء هذا أوَلاً؛ أمّا ثانياً» فإنّ هودجسون 
يستعمل «1260ما:1» ليّشير إلى جوانب الحياة التى تمّت أسلمتها عند الشعوب 
غيو المنليةه,واحيانا إلى «صول الأسلاء إلى منطقة من المتقاطق» وقد 
استعمل هشام شرابي صيغة «مؤسلم» أيضاً. واقترح د. عصام عيدو (أستاذ 
الدراسات العربية والإسلامية في قسم الدراسات الدينية في جامعة فندربلت) 
صيغة الإسلافي)”*', لدكود مركبة بن إسادع ااتقافى : :وهو التراع ييه 
إلا أن في هذا النحت تصرّفا في المصطلح لم يختره المؤلف» إضافة إلى ما 
يشغب على 0 «الثقافة» من جدالات أنثروبولوجيّة توسعه ع وتضيقه 
حيناً. اخترثٌ ‏ بعد طول حيرة ‏ «إسلاماتي». قد يُحيل هذا الخيار عند 
السماع الأوّل اتن معنى تعدّد الإسلامات» وهو معنىء وإن لم يدخحل في 
اعتبار هودجسون.» يعرّز المعنى الذي أراده؛ فما ينتمي إلى فضاء المجتمع 


(77)انظر: جوزيف مسعدء الإسلام في الليبرالية ترجمة أبو العباس إبراهام وجوزيف .مسعد 
(بيروت: جداول» .)5١١8‏ ص١712.‏ 

(/7) انظر: "عباس حسن,» النحو الوافي؛ 5 ج» ط ” (القاهرة: دار المعارف» [د. ت.1)؛ جْ 
؛» صة:/. 

() في تواصل شخصي معه. 


؟ه 


الذي تشكل حول الإسلام متعدّد 0 كله يزعم وصلا ما بالإسلام» وهذه 
مزية لحضارة الإسلام. تظل هذه المسألة اجتهاداً ا يبنى على جملة من 
الاعيا راث انكر نوالا مطلو اربع الام ار فيد مق معيناب اف سمالت 
شيخستة رضي المعرحه: فكلّ نحت اصطلاحي سيبدو غريباً أوّْل الأمر» إلى 
أن تعتاد عين القارئ وأذنه عليه . 


ما لاا يسع القارئ جهله 

فى هذه الترجمة» استعملت مجموعة من الرموز والاختيارات التي 
ينبغي على القارئ الإلمام بها قبل الشروع في قراءة الكتاب. 

١‏ كل ما يرد داخل النصٌ بين معقوفين 1 ] هو إضافة من المترجم. 
إلا إذا أشرت الوحت زلا فى الجرامدي وقد حاولت من خلال ذلك 
التعريف بإيجاز ببعض الشخصيات التي ب+* بشي إلبنها لجرو لفك دون أن يذكرهاء 
وشرح بعض غوامض العبارات» وغير ذلك مما يغني الشرح الموجز عن 
إدراج هامش له. 


1 د أسفعمل التسويد (البولد) للألفاظ العربية التي وردت بلفظها العربيٌ 
من المؤلف». وأكتفي عادةٌ بتسويدها عند مرورها أوّل مرّة» كأن يُورد المؤلئف 
الصوت العربئ للفظة الفتوّة طه«سنؤدة أو الاجتهاد أو الصلاة أو غير ذلك. 
إذ1ا لم بكرن المصطلح ليها مع غيره فإنني أورده لاحقاً من دون تسويد 
وأكتفي بتسويد موضع وروده الأوّل» أما إن كان المصطلح مه يدرفا فن 
الدلالة على معنيين أحدهما من العربيّة والآخر من الترجمة عن الإنكليزيّة 
(مثل لفظة التقليد» فهى ترد على طول الكتاب كترجمة للفظة ههنلهئا» أي 
الكدلينة توضفه: تراكنا وثر كي | التحملة فين الجا ويا كبا لير لات درالقاذاث 
والتوقعات المتفاعلة مع صيرورة البشر في التاريخ» ولكنّ المؤلف في سياق 
مخصوص يورد لفظة التقليد بصوتها العربي 729114 للدلالة على فعل الاتباع 
وتقليد الآراء السابقة وعدم إعمال الاجتهاد الفقهي فيهاء وهنا أواظب على 
التسويد في كل مواضع ورود اللفظة للتمييز بين الدلالتين). سيجد القارئ 
مثيل ذلك في ألفاظ مثل الأدب (2035 ,عمد هئعغ11) والفلسفة ,لإطمهدم1ئطم) 
(طدداة5. أما إذا كانت الدلالة بيّنةَ من السياق مثل: «الطريقة» بمعناها 
الصوفيء. و«الطريقة» والطرق بالمعاني الأخرى. فإنني أؤثر ألا أرهق النصّ 


"هه 


بالتسويد» إلا إن دعت الحاجة للتمييز في المواضع التي لا يتكمّل السياق 
 "‏ أستعمل الخطّ المائل (/) بين كلمتين متلاصقتين لأداء معنيين 
متقاربين تحملهما اللفظة الإنكليزية. وذلك لتوضيح المعنى المزدوج الذي 
تحملها ؛ مثل : كنا / عالم معاي أو أخلاقى/ معنوي 20181 فى بعض 
السياقات . 
# كل .ما تحنه خظ فى الكتات هو تشديد من المؤلفه. وقد استعملت 
الخظّ عِوضاً عن الإمالة في النصّ الأصلي. 





(9) انظر تفصيل دواعي ذلك في الهامش التاسع للمترجم في «توطئة عامة» في الكتاب الأوّل. 


5ه 


شكر وامتنان 


إن هذه الترجمة وصاحبها مدينان لمن أسهموا في العناية بهذا الكتاب. 
522 كيدا دو تمتحيكا وتتيحيها. كان لحواراتي مع الأستاذ والصديق 
حسن أبو هنيّة مساهمة محوريّة في إقبالي على ترجمة هذا العمل الضخم. 
د 0 هودجسون يترذد في حواراتنا مقترنا بغسرورة الشفر إلى التقاليد 
0 والهضم رامين جارد فىى صيرورة تاريخيّة خلاقة 
ومستمرّة» لولاها لتحجّرت التقاليد في التاريخ . ثم إِنْ «حسن» كان موضع 
مشورتى الأوّل فى كثير من مسائل الكتاب وفى ضبط عددٍ من إحالاته» وقد 
أكرمني بقراءة عدد من فصوله. حظيت بتشجيع مبكر من السيدة سرين حورم 
وما أزال أذكر نقاشاتنا الأولى حول ضرورة الوعي التاريخي في النظر إلى 
الإسلام في سياقات تشكله وحركته عبر التاريخ والجغرافياء وكيف تمّ طمس 
هذه النظرة التاريخيّة مع سيادة السلفيّات وهواجس النزعات الأصوليّة 
والهويّاتية. أكرمنى الصديق 00 7 بقراءة مسودة الكتاب الأوّل» وأبدى 
المواضع التُشكلة: التي احتجت 7 ان عي ثانية لفهم قاد التعل وهتك 
ستار البلاغة نفاذاً لين ما وراءها من معنى . . كذللكة أعانكنئ د. امال عوص 

فى صخر الي خفن الميارات المستعصيّة وكثيراً ما نبّهتني إلى بعض المعاني 
الناققة قة في النصّ. أكرمني د. عصام عقلة (أستاذ التاريخ الإسلامي في 
مايا د اموت اسن اعد التقنيّة 
الباحثة ليقن 56 التي زودتني 00 الجامعئة 0 حياة هودجسون 
وبمجموعة وافرة من أوراقه وملشخصات محاضراته ورسائله. إليهم أضعيك 


مم 


66 


جملة من الأصدقاء والأساتذة الذين تفضّلوا علىّ بالمشورة في بعض المسائل 
المتخصّصة: محمد عبد الباري» طارق خميسء» سليمان الناصرء غيداء أبو 
الخيران» منى حواء كريم محمدء علي حبيب الله. حظي العمل بتحرير أنيق 
دقيق من يدي د. حكمة شافي اللأسعدء الذي التقط أخطائي بأصابع المح 
ورقّع ما انفرط من المعنى» ٠‏ وأقام ما العو ين اللفطه فأنا له مدين. وأسهم 
فريق الشبكة العربية اهايا مشكوراً في إخراج الكتاب بالصورة المثلى 
وتنسيق خرائطه وجداوله والصبر على هوس مترجمه في التدقيق والمراجعة. 

لم تكن هذه الترجمة لتكون لولا مشاركة سلوى في هذه المغامرة. فقد 
واكبت العمل منذ بداياته» وكانت قارئته الأولى» وأمدّت صاحبه بلطيف 
العناية وكريم المشورة وجميل الصبر. ولا أشكرهاء إذ لا يشكر المرء 
بقفسة . 

كل خطوةٍ في هذه الحياة مدينة لما غرسته أصابع أبي وأمي فىّ» ومدينة 
لما طوّقا أيامي به من جلال وجمال. وإليهماء وإلى ذكرى جذي الشيخ 
وهبي» أهدي ما صلح من هذا العمل . 


65 


مارشال هود جسون ومغامرة الإسلام 


عل مابانال ليريم ميد عردسب ومن عالمة ينلا في بار بن 
حزيران/ يونيو من عام 2١54‏ عن عمر ناهز السابعة والاربعين» قبل أن 
يتمكن من إنهاء جملة من الأعمالء» منها هذا الكتاب. عند وفاته» كان قد 
أرسل نسخاً نهائيّة من مخطوطات الكتب الأربعة الأولى من اناير ا 
إلى الناشر (مع بقاء بعض التعديلات التحريريّة الثانويّة وبعض الهوامش 
والإحالاات الناقصة. الم وجب إتمامها). وكان قد أعاد النظر بمعظم أجزاء 
الكتاب الخامس.». ووضع مللاحظاته لمراجعة بعض المواضع في الكتاب 
السادس. كانت معظم الرسومات والمخططات التوضيحية لا تزال مسوّدات 
أوّلية» ولم يكن بين أيدينا إلا وصف عام للخرائط التي يجب إدراجها في 
الكتاب. كان ثمّة نسخة أقصر من العمل» تشبه «مغامرة ل 
العام. وقد كانت متاحة لعدة سنوات يستعملّها ويظلع عليها طلاب 
00-١‏ والاراسات العليا على السواء. وقل نات هله النسخة على 
ة صفحات موجرة 00 الخطوط العامة. ابعص افسرويا ان تكن حوري 
0 صمحتين أو ثلاث وبعضها لم يكن مكتوباً أصل . كان هودجسول دائما 
0 بوواجوا. روم نول و 
القرّاء يوما. الي ذلك أله ظل مقنماً لوقت طويل 
أن يي شو اد 00 الكل التاريخي ؛ 0 
ا ا 0 00 


/اه 


يتطلّب إضافات وتعديلات ستجعل من العمل مختلفاً إلى درجة لا نستطيع 
معها أن نزعم بأنه عمل هودجسون نفسه”*' . على أنْ عدداً لا بأس به به من 
الافتراضات الاشاسة التي وضعها مومكسوه حول تاريخ العالم.» وبعض 
وجهات نظره بهذا الخصوص.ء سواط في «مغامرة الإسلام». بخاصّة في 
أقسام «مقدّمة لدراسة الحضارة الإسلاميّة»). والتي كان هودجسون ينوي 
وضعها كمّلحق للعمل. كان هودجسون من الأشخاص الذين لا يكلّون ولا 
يملون في عملهمء كما أنه كان صعب الإرضاءء كثير التدقيق» جريئاً في 
م أفكاره الخاصّة. قم أنه كان يبحث عن النصائح المفيدة انتما :وحدهات 
فإنه كان عنيداً متشلا + بحيث لم يكن يسمح لمحرّري ون النشن أن كمسوا 


5 تكن موافقتي الاطلاع على هذا العمل خلال نشوم جد بوقاة نفو له 
أمرا بولا :هل كاذ مشروعا سيحفوفا بالمخاوف. لقد عملت مع 
هودجسون. بل إننا تشاركنا المكتب ذاته لبعض الوقت» وَتَولنا 5 إدارة 
مياق تارك العضار" الانتلامكة فى جايعة مكاعر :وهو المسناف النائ 
ابتكره هودجسون, والذي درسناه معا لعامين من الزمن. كان الهدذف من 
مغامرة الإسلام بالأساس هو تلبية احتياجات هذا المساق؛ ولكن هودجسون 
كان سورك في الوقت نفسنه يان ما يريد قوله يتجاوز حدود أي نص عادي . 
لقد كان يأمل ذويها أن مك هذا الكتاب من مخاطبة القارئ المتعلم 
العاديّ». إضافة إلى المتخصّصين والطلاب المبتدئين على السواء؛ لقد كان 
يعتقد بأنّه يُمكن أن يصل إلى هذه الفئات الثلاث معاً. وعلى هذا الأساس 
كال يحكقت: 

مرك هودجسون بين أيدينا كميّة وافرة من الملاحظات» كما أنه كتب 
العديد من التوجيهات لنفسه. وترك لنا مجموعة كبيرة من الرشوة التوضيحية 
المكتملة. وبعض الرسومات الأوّلية والتصاميم. وقد ترك ايها مجموعة كبيرة 
من التوضيحات والشروحاتء والتي تم حذفها مع الأسف لأسباب تتعلق 





(*#) كان هودجسون قد عنون هذا العمل ب «وحدة تاريخ العالم برمماىة 11 1714 [0 مونل 2806 
وقد قام إدموند بيرك باستلال فصول العمل الجاهزة ومع إليها بعض فصول «مغامرة الإسلام» ويعص 
مقالاات هودجسؤن الأخرى ونشرها )١997(‏ في كتاب (إعادة التفكير في تاريخ العالم جاجع لهم :1861 
بر«ه51ة18 4!ه 217 (المتر جم): 


مه 


بالتكلفة د وقة اوتا كيان اقم ميتس إلى الخد الأدق هيوان احافظ على 
المخطوط كما صاغه هو. ومن ثم بي 0 
تفصيلاً» وأغنى بالرسومات والخرائط» مقارنةَ مع الثلث الأخير. أما أسلوب 
كتابته فلم يتغيّر على طول العمل؛ ثمّة مواضع تمّ تغييرها عمداً في المخطوط 
لافنا ؤوخة أعلن من التعقين والعداخن.على النضن الأول :إذئ: الأسلوت 
الأقلّ تفصيلاً . كان هدف هودجسون ذونا هن تحمي .ياد أكبر قدر ممكن 

من المعاني». على أن تبقى هذه المعاني مقصورةً على المعاني التي يريدها . قل 
تكون بعض ابتكاراته الاصطلاحيّة غير جذابة مقارنة بغيره من الكُتّاب. على 
أنّه قد جعل قارئه واعياً بالمزالق التي قد يقع فيها الكاتب إذا ما حاول إعطاء 
كلمة ما او منهوع «الونتى [اخدي قافا تا دب هال مكادت لمعى يي الى 
سياق ثقافة أخرى . وقد كان من شأن عمله في تاريخ خ العالم أن يكون ذا قيمة 
مركزية فى هذا الصدد. لقد تتبّعت ملاحظاته قدر الإمكان: ذلك أنه قد غير 
مع القن راكد فى محل ينض اللنتروات وسار م يعون ايكيا انه 
الاصطلاحيّة في المراحل المتقدّمة من الكتابة» ومن ثم فقد حاولت أن أحافظ 
على اتساق النصّ. في حالات قليلة» قامَّ بتغيير بعض التواريخ التقليديّة إلى 
أخرى أقل استعمالا في السجلات التاريخيّة؛ وقد حافظت على هذه التواريخ 
كما هي . ولم أتطفل على النصّ إلا بملاحظات قليلة ما بين أقواس في 
الكتاب السادس . إنني آمل وأؤمن بأنْ هذا العمل هو عمل هودجسون تماماً. 
وبأنني لم أقم بأيّ تعديل يُغيّر من حقيقة نسبته المباشرة إليه. 


لا شك بأن كل من احتكٌ بمارشال هودجسون وعَرّفه عن قرب قد تأثر 
بالشخص الذي كانه وبالقامة العلميّة التي مثلها . لقد كان عملاقاً أقل شهرة بين 
العلماء المعروفين. وقد زوّدته خلفيّته الكويكريّة*" بقدر عالٍ من تهذيب الخلق 
المفيحوت يمره [اارلمن حيو يتزع لاخر وبدرجة أكبر مما نجد لدى معظم 
الأساتذةء فقد أثرت شخصيّته في الفصول والمساقات التي درّسهاء ويخاصة 
فى ستائل القران والتصنوف» لويركن :هو وجمنوة تقرف خين الاختصا صن 
ولذلك فقد وجد في لجنة الفكر الاجتماعي (خطع امعط 5021 ذه عع تستمده©) - 





(*) راجع مقدمة المُترجم لتفصيل أوفى حول الكويكرز وظلال مذهبهم في نصّ هودجسون 
(المترجم). 


64 


ذات الاهتمام الفكري الواسع في جامعة شيكاغو ‏ مكاناً مُرضياً للتنافس» 
وقد استفادت هذه الأخيرة من دراسته الإسلاميّة وتدريسه أيّما استفادة. 

من المستحيل في هذا المقام أن نسدي الشكر نيابة عن هودجسون لمن 
هم أهله. فقد قرأ أبرز علماء الإسلاميّات» من مختلف أنحاء العالم» أجزاءً 
من عمله. وقد أمكنه أن يحظى ببضع استراحات من مهامّه التدريسيّة 
والإذازئة لكرييين وفنه تنام لليف 4 ولك هذه الفرضي النفينة فليا تخرقك:. 
لقد حظي هذا العمل أيضاً بدعم أصدقائه ومساعدتهم» وبخاضة تلاميذه. 
وأودّ هنا أن أشكر بالاسم من تلطفوا بمساعدتي بمشوراتهم القيّمة من زملائه 
وتلامذته» برحابة صدر وحماسةٍ عاليين» وأخصٌ: البروفيسور وليام مكنيل 
(241611 .21 صة:!1ة77)» ومحسن مهديء. والراحل غوستاف فول غرونباوم. 
ومن طلابه المتخرجين هارولد روجرزء ومارلين روبينسون والدمان» ووليام 
أوتشسيروالد» وجورج تشادويكء» والذين استهلوا الآن مسيراتهم العلمية 
الخاصّة؛ إضافةً إلى آخرين كُثر لم أذكرهم 

ولعلّ أهم تلك المساعدات التي لا يُمكنني تفويت شكرها هي تلك 
الساعات الطويلة التي كرستها زوجة مارشال هودجسون. فيليسء» لهذا العمل 
طوال سنة كاملة في ظروف شديدة الصعوبة والإرهاق. ينبغي أن يظل 
تبوذيكيا ,وجو جه اقدوة وتذكارا: لناء 

روبين سميث 
كلية كاليسون 
جامعة المحيط الهادئ 


نكلمة الكاشير 
جامعة شيكاغو 


لفدوبالع: وبين سحت في التراقع ينانا سب اتدمة ذن ظلهور :الل 
الضخم للراحل مارشال هودجسون إلى الضوء. فخلال ما لا يقل عن أربع 
سنوات»: أغطى :سوينة: الكثر :مخ الوقت» والذئ كان يمكق له أن يتفقه - 
أقاثة وكتاناقة ا لتقاقةة» لأاضها ( المعيةة الثاقة المكيتلة بإنياء عه زميلة: 
ولأجل هذا الإخلاص المتفانى» ولأجل روحه الطيّبة والمرحة دوماً في 
الإجابة عن الأسئلة التي لا تنتهي حول الكتاب» تتقدّم مطبعة جامعة شيكاغو 
بالشكر الجزيل إلى السيّد سميث نيابة عن جميع الطلبة والقراء الذين 
سيحظون بقراءة هذه المجلدات . 

عندما حصلت مطبعة جامعة شيكاغو على (مغامرة الإسلام' من ناشر 
تجاريء تم م ضبط النصّ وإخراجه من قبل (لعانصنآ ععطامءظ8 منونا) في 
إنجلتراء وتولى السيّد سميث تصحيح تجارب الطباعة. ظلت بعض القرارات 
عالقةٌ بخصوص الرسومات التوضيحيّة والخرائط. وبعد استشارة السيّد 
سميث؛ قرّرت المطبعة أن تضمٌ جميع الرسومات التي هيّأها مارشال 
هودجسون للكتاب» باستثناء مجموعة صغيرة من الرسومات والخرائط غير 
المكتملة أو الهامشيّة. إن عناوين الرسومات التوضيحيّة في العمل من وضع 
هودجسون نفسه» وكذلك المفاهيم والمحتوى» بأقصى قدر ممكن من الدقة 

لقد وضع سميث قائمة أوّلية لأسماء الخرائط بناءً على ملاحظات 
هودجسون وإشاراته داخل النصّ. وباستعمال هذه القائمة» واعتماداً على 
خبرته الواسعة في هذا الحقلء إضافة إلى فهمه الجيّد لأهداف هودجسون 
ووجهات نظرهء قام جون وودز (71/0005 .8 مطه1)ء من قسم التاريخ في 


5١ 


جامعة شيكاغوء والذي أصبح أحد الأساتذة المدرّسين لمساقات الحضارة 
الإسلاميّة» بتجهيز جميع الخرائط المُضمّنة في هذه المجلّدات. واعتماداً 
على هذه المسوّدات» قام قسم رسم الخرائط في جامعة ويسكونسون برسم 
النسخ النهائية 

أما فهارس المجلدات الثلاثة فقد تمٌّ جمعها من قبل يوسف غزنوي» 
طالب الدراسات العليا في جامعة شيكاغوء بمساعدةٍ من زوجته. 
هوريجيهان. إحدى طالبات هودجسون. كما قام السيد غزنوي بترتيب ثبت 
المصطلحات وتوزيعه على المحلنات الثلاثة بحيث يتاح للقارئ في كل 
مكدلة أن يعود إليه بسهولة ليتبت من تعريفات الكلمات غير المألوفة لديه . 
إن قرارنا بإتاعة هده المجلدات للقارئ (كل سداد على حدة. أو كمجموعة 
واحدة) قد تطلّب منا إجراء بعض التغييرات على خطظّة هودجسون الأصليّة. 
فقد أراد هودجسون وضع سلسلة من «الملاحق» التي تعرض آراءه في معاني 
المصطلحات الإسلاميّة وفي آليات ا الصوتيّة» وأشكال أداء الأسماء 
الشخصيّة والتواريخ» والمنهجيّة التاريخيّة وغير ذلك من الجوانب اليك 
المتصلة بهذا العمل. وكيك إن الاطلاع 9 هذه المادّة سيحسّن من قدرة 
القارئ على فهم العمل بأكمله. فقد قرّرنا نقلها جميعاً إلى بداية المجلّد 
الأوّلء وقمنا فقط بتغيير العنوان من «الملاحق» إلى «مقدّمة لدراسة الحضارة 
الإسلاميّة». وعذلنا كل إحالة وردت داخل النصّ إلى «الملاحق»» وعزوناها 
إلى «المقدّمة» (نأمل أننا لم نفوّت واحدةً سهواً). كان هودجسون قد رتب 
قائمة «المراجع المُختارة للتوسّع» ضمن أقسام مرئّبة زمنياً. بحيث أمكننا أن 
تفشيزيا على الميجلداك الثلاثئة على نحو مناسب». وهكذا أصبح لكل مجلد 
قائمته الخاصّة من اام المختارة». أما الأعمال المرجعية العامة فهي 
مقيتة فى ذفل المتحلة الأرلة. اوا“ننثت: المنغتط لهات نقد كان أمرا كيد 
صعوبة. وقد ارتأينا في النهاية أن تعمد إلى وضع ثبت خاصٌ للمصطلخات 
في كل مجلّدء بما يتناسب مع احتياجات القارئ» على الرغم من أن بعض 
الألفاظ والمصطلحات ترد في المجلّدات الثلاثة كلّها'*". أخيراء بينما قام 

(*) لم أجد للقارئ العربيَّ حاجةً في ثبت المصطلحات الذي أورده هودجسون. فهو ثبسّه لا 
يتناول مصطلحاته التاريخيّة والمنهجيّة» بل يشرح ويُفْسَر (للقارئ الغربي) مصطلحات الحياة والثقافة 


الإسلاميّة العامّة» مثل: الإجماع. والفتوى» والديوان» والإمام. والمذهب؛, والمسجدء وأسماء - 


57 


هودجسون بوضع عناوين الكتب الستة جميعها ووضع 0 العمل ككل». 


فإنه لم يتصوّر أن يُقسّم هذا العمل إلى ثلاثة مجلدات مستقلة؛ ولهذا فقد 
وضعنا عنواناً لكلّ مجلّد اعتماداً على المصطلحات التي استعملها المؤلف 
في أماكن أخرى 


يسر مطبعة جامعة شيكاغو أن تقدّم «مغامرة الإسلام؟ للعديد من الطلااب 
والأصدقاء الذين طال انتظارهم لصدوره. تأسنا الوحيد هو أن مارشال 
هودجسون لم يعد معنا ليشاركنا هذه الفرحة. 





- الفرق المشهورة.ء ويعرّفها باختصار لا يغني القارئ العربىّ. وعوضاً عن ذلك» عملت تنا اختر 
بالمصطلحات التقنية والتاريخية والتحليليّة الإنكليزية التي ترد على طول الكتاب (المترجم). 


5 


مقدمة لدر اسه الحضار هه الإسلامية 


لا يُمكننا أن نفهم حقٌ الفهم فكرّ من عاشوا في زمانٍ ومكانٍ بعيدين 
عنّاء من دون أن نكون على درايةٍ وافية بما كان مهما لهم من أفكار وأمورء 
قدالة تمعلاف فكافا هقانلا فقا ليهاء نزي الواخد هنا أنيقرا الأعيان 
التي عبر فيها هؤلاء الأشخاص عن أفكارهم؛ وفي هله الأغمال: لا يدهة 
إعادة إنتاج مفاهيم الكتّاب ومقولاتهم» إضافة إلى الشخصيات والأمكنة التي 
يُشيرون إليها فى أثناء الترجمة (إن كانت الترجمة جادّة). ولكنّ النتيجة 
القهاتة مهما بد لكا بخن سعيد فى تكتيقه | للفة الاكلير با وتوظفيه اتكاناتها 
لإجبارها على أداء هذه اجون عقن غوبية عن الاسلوت والعبارة 
الإنكليزية المعتادة . 


ينطبقٌ هذا الأمر بدرجات متفاوتة على أي عمل يتناول الحضارات 
الغربية غنا أو الأجشنة : :وعلى القارئة الجاة أن يكون مستعدا للتفكير 
تأشالنئ حزن سك قت والتسقق للقي فإن عله أن كوت سيتكزا الاستيعا ب 
مجموعة كبيرة من المفاهيم والمصطلحات الجديدة. وإذا لم يكن مستعداً 


(*) ابتكر هودجسون مصطلح «إسلاماتي 13116 تمييزاً له عن «إسلامي 15138:016): وهو 
مصطلح محوري على مدار الكتاب. فمصطلح إسلامي يصف الظواهر التي تنتمي إلى الإسلام بما هو 
دين» أما مصطلح إسلاماتي فيصف الظواهر التي تنتمي إلى الحضارة والثقافة اللتين ارتبطتا بالإسلام ؛ 
فيصحٌ وصف أشكال الشعائر مثلاً بأنّها إسلاميّة» في حين يستعمل هودجسون مصطلح إسلاماتي 
لوصف ظواهر مثل الأدب واللغات التي كتب بها المسلمون. للمزيد من التفصيل» راجع قسم 
«استعمالات الألفاظ في دراسات الإسلاميّات» في مقدّمة المؤلّف, وراجع «مقدّمة المترجم' 


56 


لذلك»ء فليس له أن يتوقع الحخصول على 'قائده شي 
أفضل الأحوال؛ سيكوّن مآلُ جهده تكوينَ انطباعات مختلفة تتراوح من 
الشعور بالجمال الأخاذ أو الشعور الرومانسيّ إلى الشعور بالنفور؛ وكلّها 
انطباعات غير منصفة لا تنطبق على حقيقة الحياة الإنسانيّة 


على الرغه من أن العديد بخ :اللغاث التحدلفة».«وقير المفصيلة عفدا 
البعضن»:'قة تناوية التغيت: عزة الكقافة وديم إلا أن معظم 
المصطلحات والممارسات المعياريّة قد أصبحت مشتركة بين هذه اللغات 
حمينا. . على سبيل المثال» فقد اشنّقَت معظم المصطلحات التقنيّة في مجال 
الدين. وفي بعض المجالاات الأخرى من العربية» وفى بعض الأحيان من 
الفارسيّة» مثلما هي الحال مع المصطلحات الغربيّة إلتي اشبُّقّت من 
الإغريقيّة واللاتينيّة. وكما في العالد م امد المستعيية) فإن أسياء 
المسلمين تشكل» إلى حدٌ بعيدء مخزوناً لي لوي ك0 ا 

جميع دول المسلمين. أما بالنسبة إلى طرائق تأريخ الحوادث أو استعمال 
ات الخربتة أو عتاوين الرسائل 0 فإنّ لها في الغالب 
طريقة موحدة وثابتة») ومن المهم أن يعتاد القارئ عليها. 


إِنْ ما يزيد المسألة تعقيدا هو أن من كقيوا عن العاضرة الأ 


(0:ه20:ةاة1) وترجموا نصوصها كانوا مختلفين بدرجة كبيرة في أداء الأسماء 


والمفاهيم وتهجئتها . ولذلك». فإِن القارئ قد يُقابل نفس المصطلح بأشكال 
مختلفة تهناها في الكتابات المختلمة. ولأجل ذلك» فإن أقسام هذه المقدهة 


لخدم بعض الإسهامات في مناقشة هذه المتاهة من الخلط والالتباس؛ إذ إنني 
أوضحت فيها الخطوط العريضة لآليات الترجمة الصوتيّة لألفاظ اللغات 
الإسلاماتية المختلفة» وشرحت كيفيّة نقل اللفظ من نظام إلى آخر لدى 
الكتّاب المختلفين؛ كما أنني صنفت أسماء المسلمين إلى أنواع شائعة يسهل 
تمييزها من بعضها البعض؟؛ وشرحت الية التقويم الزمني للمسلمين؛ ووضعت 
بعض المقالات القصيرة حول مشكلات دراسة الحضارة؛ وشرحت بعض 
المصطلحات التي سيتكرر ذكرها في الكتاب. وقد أجلت الحديث عن معظم 


يه 7 5 . دواعي اختيار هذا المصطلح 7 القسم المخخصص ل «استعمال الألفاظ في 
دراسات تاريخ العالم» من هذه المقدمة (المترجم). 


55 


التفاصيل إلى مواضعها فى فصول الكتاب وأقسامه المخصوصة. اعتقاداً مني 
بِأنَّ المهمّ في البداية هو التركيز على أسباب اختيار نظام ترجمة صوتيّة معيّن 
دون آخرء وتقديم إضاءات وافية حول كيفيّة مساهمة نظام الكتابة الذي 
سأستعمله على طول الكتاب في تقريب طريقة نطقنا للكلمات من طريقة 
نطقها الأصلية. 


ناذا الترحمة انوكت 
إن الترجمة الصوتية (النقحرة) ون وعم ناموس )60 هى طريقة أداء تهجئة 
الكلية فى نقعيا الأعلن بلق أعرى دوقي الها ستمو عن لاجد 
(العربيّة»» المُستعملة في اللغات الإسلاماتية» إلى الأبجديّة اللاتينيّة» التي 
نستعملها 5 اللغة الإنكليزية. أفينا النسخ الصوتي (النقصوة) 
اموس )0 فهو أداء صوت الكلمة لكي يتمكنم القارئ من نطقها 
بشكل صحيح. نظرياًء لا بد أن تتضمّن الترجمة الصوتيّة النسحّ الصوتيّ قدر 
الإمكان. حين يكون النص الأصليٌ عون فعياة وغير مالوف» فإن الترجمة 
الصوتية تكون ضرورية ولا في بخالة الاأسفاء والتي لذ يمكن: ٠‏ بحكم كونها 
أسماء» أن تترجم» والتي يجب بالطبع أن تكون قابلة للتمييز والتعف علتها 
من بين الأسماء الأخرى» كي لا تختلط الأسماء ببعضها ببعضها. وتكون الترجمة 
الصوتية ضرورية ثانياً في حالة المصطلحات». حين يكون المفهوم غائياً فى 
اللعة الأخرى بريكون الاضارة اليه يدنه أمرا فوووا 1 


في الحالة الثانية دأ فها تعلق بالتصطلحهات الع دقان كه 
اختلافاً ايها حول استعمال الترجمة الصوتية بالمقارنة مع الترجمة العادية. 
ويشتلت الكتاف فى هذا الشان مصورة جلبة: ادميتها يحاون البقشن تقل 
المعطرح غير اللريقهه الصوتية. يعمد بعض المؤلفين إلى ترجمة المصطلح 
ترجمة مباشرة بالبحث عن كلمات إنكليزيّة مكافئة له بدرجة من الدرجات» 
ما لأنهم لا يولون أهميّة كبيرة لدقة المعنى الاصطلاحي في بعض 

(#) وهي مركبة من كلمتين» نقل وحرف» وقد نحتها منير البعلبكي وذاعت في الكتب المختصّةء 


وأوردها ليتعرف عليها القارئ الذي يألف المصطلح. ٠‏ إلا أنني أفضّل استعمال «الترجمة الصوتيّة» 
لاعتبارات تتعلّق بسلاسة النصّ (المترجم) . 


)#0ديد) وهي مركبة من نقل وصوت» وسأعتمد «النسخ الصوتي» (المترجم). 


5 


الحالات» أو لأنهم يأملون إيجاد مفردة أو عبارة إنكليزيّة مكافئة للمعنى 
التقني للمصطلح. ولنأخذ مصطلحاً حاضراً في جميع اللغات الإسلاماتيّة مثل 
مصطلح «الشريعة»» وهو مصطلح غير متوفر في الإنكليزيّة. إن قمنا بترجمة 
المصطع إلى «قانون «41.3», فإِنْ هذا سيكون تضليلاً للقارئ» لأنّ «الشريعة» 
تُعْمَلي مساحات ودلالات واسعة لا نستعمل لفظة «القانون» لوصفهاء كما أن 
هناك دلالات للفظة «القانون» لا تتضمنها لفظة «الشريعة». وحتى لو استعملنا 
وفوظليها را مثل «القانون المقدّس 1278 2252060 فإنه لن يكون مسقنا 
للقارئ ما لم تشمّع الترجمة بتقديم شرح تفصيلي يوضّح اختلاف دلالات 
المصطلح عما سيتبادر إلى ذهن القارئ حين يسمع بمصطلح «القانون 
المقدّس». في «مغامرة الإاسلام» يكتسب هذا المصطلح أهمّية كبيرة؛ ولذا 
يجب أن نؤديه بدقةع بحسب طريقة اللفظ العربية» عيو اله التوسية لد 
(التي تتضمّنء قدر الإمكان». النسخ الصوتي)» فيكون على النحو التالي 
((5/:1): مشفوعاً بشرح تفصيلي لدلالاته. وهذا ما سأفعله مع عدد من 
المسااحات العوقة ادن ستفكر ر«ظلى رن العناي ,يله الطريقة» تن 
الممظاح لق يسمل معة دلالاك سابقة لأثه لبس مكعقا أو بحطابقا 
لمصطلحات إنكليزيّة سابقة» وإِنْما سيتعيّن معناه عند القارئ بحسب الشرح 
الذي سأقدّمه له. كما أن هذه الطريعة ستصيين م وقوع الخلط بين المفردة 
الإنكليزية والمصطلح العربي الأصلي الذي لبخي إليه؛ 8 حين أن 
الترجمات الاعتباطيّة للمصطلحات, التي تختلف من كاتب لآخر»ء يُمكن أن 
تست" التسويكن للقارئ المدفق:. 
د كان النظام المعتمد للترجمة الصوتية لالأسماء والمصطلحات تقلاها 
فيجكما وفطردا ودقيقاً: فإنه فنتردر ,قلينا؛ حييعا كنا من الوقت والجهد على 
المدى الزمني البعيد. والأهمٌ من ذلك هو أن النظام يجب أن يعمل 
بالاتجاهين؛ أي أن يكون الباحث قادراً على إرجاع اللفظة الإنكليزيّة 
[المقروحمة وا إلى الأصل العربي» بغضٌ النظر عن وجود اختلافات 
طفيفة في طريقة #الفلق اعجاناء وتجية أن يكون النظام. بقدر الإمكاد» 


(*) على طول هذا الكتاب (وباستثناء مواضع معدودة يُشار إليها في حينها) فإِنْ كل ما يقع بهن 
معقوفين [ ] هو إضافة من المترجم لغايات التوضيح المختصر»ء مما لو تمٌ نقله إلى الهوامش لكثرت 


5/1 


ملتزماً بالنسخ الصوتي» لكي يتمكّن القارئ الجادّ من نطق الكلمة» بطريقة 
يُمكن تمييزها في التواصل الشفوي. أخيراً» يُفضّل أن يحوي المصطلح أقل 
قدر ممكن من علامات التشكيل الصوتيٌ (15ه013)» بحيث تكون الكلمة 
وافية ضنوتتا بالحد الأدنى ».كن لو أزلنا عنها غلامات التشكيل الضيوى ؛ 
كما يجب أن تكون علامات التشكيل الصوتى المستعملة معروفة وشائعة لدى 
القارئ ذي الثقافة الأكاديميّة المتوسّطة. 0 


إن لعلامات التشكيل الصوتئ أهميّة كبيرة؛ ذلك أنْ بعض الحروف في 
التكات الأخرى لا تعد ليا مكانها وا دقيقاً في أبجديات اللغات 
الأخرى» ومن ثم فإن اختيار الحروف الإنكليزيّة المكافئة لبعض الحروف 
العربيّة أو الفارسيّة قد يكون اختياراً اعتباطيّاً وتحكّمياً. سنجد بعض الحروف 
التى يسهل أداؤها عبر مقابلتها بأصوات الحروف الإنكليزيّة (على سبيل المثال 
5 «التاء» يُطابق فى صوته حرف 7 الإنكليزي). على أن ثمّة أصوات 
حروفي أخرق لا هيه ا أصوات معتادة في الإنكليزيّة» ولكنها تنتمي إلى 
ذأبت الففة العيردكة الا حل جورف بجلا فاه مدلها يعن عليه السا :فى الا فتران 
الصوتي بين صوت حرف 6 في كلمة 88306 وصوت رن رمن عم وفى 
مثل هذه الحالات. يمكن أن نستعمل الحروف المركبة ناو مواق) لوقا 
مزدوجان يؤدّيان معاً صوتاً منفرداً].» كما هى الحال فى استعمالنا لحرفى 111 
تنقيا ووو لأداء عدوت اعونت ١‏ لاشريقن 514 [نينا 1ه ولك ضليقة ا جنانا أذ 
نبتكر حرفاً إنكليزياً جديداً لا يتوفّر» لا شكلاً ولا صوتاًء في الأبجديّة 
الإنكليزيّة. ومن ثم فإننا اخترنا اعتباطاً حرفاً ليكون مقابلاً لحرف «الطاء» 
العربي» لأنّ صوت هذا الحرف لا يُشبه في طريقة نطقه الطريقة التي ينطق بها 
أهل الإنكليزيّة حرف 1. يجب أن نلاحظ بأنّ حرفي 7 و7 مُختلفان في طريقة 
نطقهما كما هو الاختلاف بين © و0 (في الحقيقة» ٠‏ فإنْ حرف © قد تشكل 
بنفس الطريقة» عبر إضافة خطّ صغير إلى ©). إِنّ الجزء المُضاف - نقطة أو 
خط أو غير ذلك - هو علامة تشكيل صوتي عرد الجديد. وفي أحيانٍ ماء 
يتم حذفها في الطباعة (كما هي الحال في , بعض النقوش اللا تينية التي تكتب 
كلا الحرفين © و0 على شكل ©. من دون خط إضافى). ولكنّ الصواب أن 
علامة التشكيل الصوتيٌ اميف قتي ا زاننا قا الإطلاق ليتم حذفها؛ بل إنها 
جزء أساسي من الحرف الجديد. 


14 


قد يبدو للبعض أن إرجاع اللفظة بدقّة إلى أصلها أمرٌ تقتصر أهمّيته على 
العلماء المختصّين الذين يعرفون اللغة الأصليّة”''. ولكتّه في الحقيقة أمرّ مهمّ 
للقارئ العادي أيضاً ؛ فهو بحاجةٍ لأن يعرف ما إذا كانت لفظة 50226688 فى 
أحين الكتباجي ذانها 8 في كتاب آخر (وهما كيان لممكات لحسد 
ااشريعة))؛ أو ما إذا كان حسان 1135588 وحسن 235388 هما الشخص نفسه 1 
تتخضان مخدانان:,. ((وهها اماق مشعلفان كماما ؛ ولكن الصحفيين الذين لا 
يتبعون نظام ترجمة مطرد يكتبون كلا الاسمين عبان 5532])) . أمّا أن يجد 
الإنسان المتعلّم نفسه عاجزاً أمام التركعدة الصوتية الدقيقة. شاعراً بأنه غير 
قادر على الاستفادة منهاء فإِنْ هذا لبمدن خللا في الطبيعة البشريّة» وإنْما 
قصورٌ في نظام التعليم الغربي . والطريقة الوحيدة لعلاج هذه المشكلة لدى 
العلماء ء هي تقديم نموذج جيّد وتطوير عادات أفضل لدم القرّاء . 


فلو استعما جميع الكتّاب نظام ترجمة صوتية مطرداً وت دا فإن 
فشكل العنييق ورد الاأسماء المترصمة معتل بديحة كير عدا ...اذا كاد 
ذلك مسشتحيلا :: فعلن الأقل يجي أن يعتمد كل مولي نظام ذقيقاً» :وان 
يشرحة (عها ينها المؤلّفون المُدققون) ِمَا في الهوامش أو في المقدّمة» ومن 
ثم فإن القارئ 3 35 بالرجوع الى هذا الشرح من المطابقة بين الأسماء 
والمصطلحات (المكتوبة بأشكال مختلفة) . 


قد يكون كافياً أن يضع الكاتب الشكل الدقيق للألفاظ المترجمة في 
الملاحق, تفادياً لوضع علامات التشكيل الصوتي داخل النصّ. ولكنّ هذا 
الخياد بضيع على العين فرصة الاعتياد على الشكل الح اللو راي 
تألف الشكل الملتبس منهاء كها أن هذا الخيار سيكون مزعجا للقارئ الذي 


)١(‏ يقال أحبانا بآن الفحتضين لآ يتحتاجوت إلى الترجمة الصوتية وأنغس المتخصين لا 
يستطيعون استعمالهاء والأمر ليس كذلك؛ فخارج دائرة المختصّين المتبحرين الذين حازوا معرفة 
وإلماماً مباشريّن بالنصوص الأصليّة» فإِنْ القارئ» حتى المتقن للعربيّة أو الفارسيّة» سيمرٌ على أسماء 
ترد على مسامعه للمرّة الأولى؛ وسيكون بحاجة لمعرفة الأضل الذي تحيل إليه . فمن دون علامات 
التشكيل الصوتى لا يُمكن القارئ أن يُميّز بين على وعالي» أو بين حاكم وحكيم». » أو بين ظاهر وزاهرء 
أو بين أمير وعامر. كما أنّ القول بأنّ القارئ غير المختصّ لن يحتاج إلى ترجمة صوتيّة دقيقة ينطوي في 
حقيقة الأمر على تقليل من مستوى القارئ واحترامه. وكأننا نفترض بأنه لن يقرأ سوى كتاب واحد حول 
هذا الموضوعء ولن يحتاج لاحقاً إلى التوفيق بين الألفاظ التي يجدها هنا وتلك التي سيجدها في كتاب 
آخرء ولن يحتاج إلى تصويب الأسماء أو تدقيق الاصطلاحات التي ستمرٌ به لاحقاً . 


07 


يُريد قراءة النصّ متصلاً دون انقطاعات تُجبره على العودة إلى الملاحق في 
نهاية الكتاب. لقد بات القراء الحريصون ينطقون. بشكل صحيح »؛ كلمات 
مثل «سيزان عصهدة©» [رسام فرنسي]» و١توبينغن‏ «5هعهز130» [مدينة ألمانيّة]» 
و«سان صانز ومقه65هنة5» [مؤلف موسيقي فرنسي]. و«تشارلوت برونتي 
قنده82 106هط2» [روائيّة وشاعرة إنكليزية]. و«عل2؟ة؟» [التي تعني واجهة 
المبنى الرئيسّة» واللفظة من أصل فرنسي]ء وابروفنسال 5+0762981» [نسبة إلى 
بروفئنس وهي منطقة فرنسيّة]ء و«بوتمكين متلصة]هم» [اسم لإحدى القرى 
الروسيّة» واشتهرت كاسم لمعركة شهيرة]» ويجب أذ كاذ أيغنا على نطق 
الكلمات العربيّة والفارسيّة بشكل صحيح بعلامات تشكيلها الصوتي. ويجب 
ألا يعتب القارئ غير المتخصصء أو غير المهتمٌ بالتدقيق» على حرص 
القارئ الجادّ على ذلك. ومع ذلك فقد ارتأيت» في حالة الأسماء التي 
قاعه وعُرفت على نطاق واسع وتم التعارف على تأديتها بطريقة موحّدة في 
الإنكليزيّة» أن أحافظ عليها بحسب ما تعارف عليه الباحثون وما اعتاد عليه 
القرّاء» وألا أضمّنها في نظام الترجمة الصوتيّة الذي أعتمده. ذلك أن الصيغ 
الإنكليزية الشائعة ك «القاهرة مرنة0» وادمشق 242832035005 قد أصبحت 
واضحة ودارجة من دون غموض. وأعتقد بأن ذلك مناسب في معظم 
السياقات الإنكليزية المتكررة التي لا تتعلق بنقاش مواضيع إسلاماتية 
مخصوصة؛ أي بعبارة أخرىء» في الحالات التي لا تحتاج إلى عادات فكريّة 
جديدة. إن القاعدة العامّة التى أتبعها هى أنه يجب الاحتفاظ بالاستعمال 
الإنكليزي المُتعارف عليه» حين تكون الكلمة عَلَماً على شيء يسهل التعرّف 
عليه وتمييزه» وحين يكون الشيء موجوداً في الحافي» تمدن اكير 7 


(؟) تجدر الإشارة إلى أنْ الصيغ «الشعبيّة» غير التقنيّة معرضة اللتاكل المستمر » مهما كانت ادرجة 
الانتظام والاتساق التي وصلت إليها . فالعلماء سيميلون إلى استعمال الترجمة الصوتية التقنية. أولأء في 
الدراسات العلميّة المختصّة». ثم سيدرجون على استعمالها » بحكم العادة. في أعمالهم العامة غير 
المتخصصة . وحين يستعمل أغلبية المتخصصين ترجمة صوتيّة تقنيّة في أعمالهم العامّة: فإِنْ من المرجّح 
أن يحذو بقيّة العلماء حذوهم؛ وبعد مذة من الزمن» سيتبع غير المختصّين طريقة المختصّين 
واستعمالاتهم. وعدا دخا اسم النبي [محمد] سابقاًء فقد كان غير المختصّين يستعملون لفظة 
1 ؟ م تم م استبدالها بشكل مطلق اليوم بل6تتصةط740؛ وخلال ذلك الوقت تم اختيار ترجمة 
صوتيّة تقنيّة أكثر دقة وإصابة بين المتخصصين وهي 2/1101235011330. وقد بدأت هذه الترجمة الأدق بالشيوع 
وبدأت تحلّ (دون علامة التشكيل الصوتي تحت ال 8) محل الترجمة القديمة» حتى بين غير المختصين . 


أما بالنسبة إلى من يؤكدون باستمرار على ضرورة وجود اتصال واستمرارية فى التقاليد الكتابية - 


07“ 


المكن الاستغناء عن علامات الك ل الصوتي في حالة الكلمات الاكلارع 


بعض الملاحظات العامة مة حول طريقة يقة النطق 

يتطلب هذا العمل ترجمة صوتيّة من أربع لغات». وهي العربيّة والفارسيّة 
والتركيّة العثمانيّة والأرديّة» وجميعها لغات استعملت شكلاً من الأبجديّة 
ذات الأصول العربيّة. وفي هذه اللغات» سنقابل العديد من الألفاظ العربيّة 
ذلك أنه ولغايات توحيد طريقة نطق المصطلحات التقنيّةء » سنستعمل شكل 
أداء واحد أي كان السياق اللغوي). يوافق شكل أدائها في لغتها الأصليّةء 
والتي هي العربية غالبا . 

يمكن للمبتدئ أن ينطق الألفاظ» التي سنستعملها فى هذا الكتاب 
للترجمة الصوتيّة من العربيّة والفارسيّة» بشكل واضح يُمكن تمييزه بدرجة 
كافية إن قام بأداء حروف العلّة كما تُؤدَى بالإيطاليّة (هه-ه» حرف»ء كما 
يلفظ في كلمة عط ,1-600 بطمعن روه -1). وقام بأداء نطق بقيّة الحروف 
بحسب الطريقة الإنكليزية الشائعة. أما حروف العلّة الطويلة/ الممدودة (8 ,1 ,8) 
فبيجيه أن تمد بدوعة اكير ويسكو أذاؤها ببعض التسديت: أنا الخرو 
الصوامت (5ههاوهمه) [أي الحروف الساكنة التى ينحبس الصوت فى أثناء 
نطقهاء وهي جميع الحروف باستثناء حروف العلّة أو الصوائت (15ه؛)] 
فينبغي نطقها من دون تغيير؛ كما ينبغي مراعاة الصفير'فيى حرف 5. ومراعاة 
نطق حرف 8 في جميع الحالاات». كما في كلمات مهدي :01280 00 طقلم 
(إلا في حالة الحروف المركّبة مثل ذه ,طة ,8 والتى تلفظ بنفس طريقة 
الإنكليزيّة). قد يلفظ المبتدئون الحروف التي تحمل علامات تشكيل 0 


- الإنكليزية فالحقيقة أنه من الصعب أن نعرف متى يجب بالضبط أن نحاول إيقاف التدفق والثبات على 
استعمال لفظة ما. فأحياناً يصبح الشكل التقني أكثر شيوعاً بين المختصّين ‏ مثلاً استعمال هة دا بدلاً 
من 120188 - بعد أن يكون الأوان قد فات على تغيبر الاستعمال الشائع . وقد بقيت بعض المصطلحات 
القليلة التي يبدو أنها ستحتفظ بشكلها غير التقني» ٠‏ نظراً لأنها باتت تمتلك تاريخاً طويلاً من 
الاستعمال. بخاصّة تلك المصطلحات البارزة في التاريخ الأوروبي. والتي سيتطلب إرساء شكلها 
التقني الدقيق را كبيراً: لا في شكل الكتابة وحسبء. وإِنّما في النطق نضا (كاستبدال لتأمهصسة0© 
ب0]0082. وطمتله0 ب 21185ط1). أما الأسماء الجغرافيّة» من جهة أخرىء فيبدو أنها أوفر حظّأ ؛ 
ويُمكن أن تدرج ترجماتها الصوتيّة الدقيقة مستقبلاً» ؛ على الرغم من أنْ بعض رسّامي الخرائط لا يزالون 
ميالين إلى اعتماد الصيغ الدارجة مثل 8 [والصواب 6دده2] أو ناهم713 [والصواب 165م802] . 


07 


(خظ أو نقطة) كنطقهم للحروف الخالية من هذه العلامات». ولا باسن 5 
ذلك» ولكن عليهم أن يُميّزوا في ذهنهم بين الكلمات التي تختلف في 
علارات شكاليا لاد بحعرا لي الخلطدبين . الأسماء المختلفة. *»ى تلفظ كما 
تَلْفْظِ داه فى كلمة عوتامطء» وطل 00 مثل في كلمة «وط). أما الحرف 
الأوّل فى 556 (حمزة طودسقط”) و(عين هلزة'). فهي حروف صامتة لا 
تستطيع الأذن الإنكليزيّة تمييزهاء ويُمكن أن يتمّ تجاهلها في النطق. 

يُمكن اعتماد القواعد ذاتها في التعامل مع اللغات الأخرىء فيما عدا 
الأرديّة (والفارسيّة الهنديّة)» إذ تُلفظ ه القصيرة [دون خط أعلاها]ء كما تلفظ 
ادي كلمة إناناء أما ال ط المجاورة لصامت.». فهي في هذه الحالة ليست 
حروفاً فرش ولكنّها تلفظ بإشباع؛ كهنا أن في الأرديّة والفارسية الهندية 
لا تُلفظ كما في #دنطاهه وإنما يُلفظ كلّ حرف مستقلاً كما في 6مط 26. 
ولف طل كما فى تتعستصوط 20 . أما الأسماء التركيّة العثمانيّة فيمكن التعامل 
معها كما نتعامل مع الأسماء الفارسيّة باستثناء حرفئ ة وناء فهما يُلفظان كما 
في الألمانيّة (أو بحسب النطق الفرنسي © ون) . 0 
الحديثة أبجديّة لاتينبّة خاصّة بهاء 0 بعض الحروف لأغراض 
مخصوصة (نذكرها في القسم التالي)؛ ولكن فيما عدا ذلك: فإنّ النظام 
المعتاد سيبقى صالحاً ؛ “تالا محروق العلة معي رةه النظق :التق أما 
الحروف الساكنة فتّنطق كما فى الإنكليزيّة. ستكون قواعد النطق هذه صالحة 
بالمجمل مع جميع الأسماء الأجنبيّة التي ستواجهنا في الكتاب . 


من المتوقع والمقبول ألا يؤدّْي القارئٌ المبتدئٌ التشديد على الحروف. 
وأن ينطق كل مقطع صوتي بذات القدر من التحقيق الصوتي (ما لم يكن يعلم 
بِأنْ أحد المقاطع الصوتيّة يجب أن يُشْدَّد). 

ا اسح في الكل كم لو أنها من جزأين؛ 1 
(والصحفيون) ا عن الجزء الأبّل 50 لاد الثاني كما لو 
أنه ١(اسم‏ العائلة »تدم 1356» أو «الكنية» ويكتفول جة.. والامن يشية استعحمال أرثر 
مر بدلا من مك أرثر شع . ولكنٌّ أبا يزيد» على سبيل المثال. هو 


شخصيّة مختلفة تماماً عن يزيدء وابن سعد ليس هو سعدء ا لويف 
«ملك» بدلاً من «عبد الملك». (والأسوأ من الاكتفاء ب«ملك» بدلا من 


07 


عبد الملك». هو الأخطاء الشائعة في التعامل مع «عبد ال -2460-1 كما لو أنه 
اسم أوّل)» مستقل : فالظن بأنَ ألفاظاً مثل «عبد 00 أو «أبو ال اناطة؟ أو «ابن 
ال أنه16» هي ألفاظ مستقلة هو خطأ فاحش» يدل على سطحية الاطلاع على 
النصوص الأصليّة). . في هذا الكتاب سنكتب هذه الأسماء المركبة بوضع 
علامة واصلة  (‏ ) للربط ؛ بين أجزائها؛ ولكنّ العديد من الكتّاب يفصلون بين 
هذه الأجزاء من دون علامة ربط» وعلى القارئ» حتى المكدف أن يرجع 
علامات الربط هذه في عقله كي لا يسقط في متاهة التشوّش”* 


الترجمة الصوتيّة 
تزايدت في الآونة الأخيرة درجة الانتظام والوحدة ذ في الترجمة الصوتية 

حضوم عن العربيّة» في الأعمال العلميّة المكتوبة بالا ك4 0 
الكتاب لا يزالون يختلفون حتى الآن؛ فالكتب التي كتبت في نهاية القرن 
الماضي وبداية القرن الجديد”** » تُظهر درجة عالية من الاختلاف في أنظمة 
الترجمة الصوتيّة المتبعة (وبعضها يفتقر إلى نظام مو الأساس): ولا بذ 
للقارئ الجادٌ أن يعتاد ريا على الاختلافات القديمة وعلى أنظمة الترجمة 
العواكة الصسدية ال 


كما سأفصّل في الجزء التالي من هذه المقدّمة» فإِنْ هناك ثلاثة شروط 
عملت ل بذ أنه سحمة:: فى الترجمة الصوتية: الأول : هو إمكانية الانتقال من 
اللفظة المُترجمة إلى الأصل من دون الوقوع في الخلط؛ والثاني: إمكانيّة تمييز 
الكلمة فى التواصل الشفهىء أي أن تكون طريقة نطق القارئ قابلة للتمييز 
ايح ها عند.ذن ينطق الكلمة يصيورتها :لصحيف الأعانة دوالتالك: هن أن 
تمتلك اللفظة المترجمة القدرة على الصمود أمام الأخطاء المحتملة, 


(*) بطبيعة الحال لن نلجأ إلى آليّة الربط بين أجزاء الأسماء العربيّة» فهي مألوفة ومعروفة للقارئ 
العربي (المترجم). 

(**) أي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (المترجم). 

() لا تزال الاختلافات التفصيليّة في الترجمة الصوتيّة متزايدة. فعلى سبيل المثال» قدم كوان 
(00:35) في تحريره لترجمةٍ للقاموس العربي للغة المكتوبة الحديثة لهانس فير (ئط1/6آ 11305)» رمزين 
00 . كما أن يعض الاختلافات غير مشفوعة بتبرير» ما يزيد من صعوبة المشكلة القائمة . كما أن 

ئرة المعارف الاسلامية. باحتفاظها بالرموز القديمة [ك و21 في طبعتها الثانية» قد أضاعت القرضة 
ا ع 0 على الأقل في الفضاء ء الإنكليزي . 


,/5 


يببقى التشوّش في حدّه الأدنى لو سقطت علامات التشكيل الصوتيء نعي اق 
لخطأ مطعن قاذ .ل كيو هذه الشروط الثلاثة لا بدّ من وجود نظام مستقل 
الترجمة الضوتتة مواكز” لغة إلى كل لفة..فالغريية والفارسئة لآ تبحتلفان فقط في 

بقة نطق عضي التخروت :ول هما اعفان مكتلفعا نا كلبة + ومن نم دللا يكف 
وضع نظامين متمايزين للنسخ الصوتي وحسبء. بل لا بذ من هكذا نظامين في 
الترجمة الصوتيّة أيضاً”*'. لقد حاول بعض العلماء. المهتمّين فقط بإمكانيّة 
الانتقال من اللفظة المُترجمة إلى الأصلء, أن يستعملوا نظاماً واحداً للترجمة 
الصوتيّة من جميع اللغات باستعمال الحروف اللاتينيّة. ولكنّ المشكلة هي أن 
الحروف اللاتينيّة تُنطق بطرائق مختلفة في الإنكليزيّة عن طرائق نطقها في 
الفرنسيّة مثلا . يمكن للعلماء + أن يعملوا على تاد نظام غاليي للترجمة 
الصوتية. ولكنّ القارئ العاديّ سيجده نظاما صعا) وأعتقد بأنه سيفضل أن 
يستعمل أنظمة ترجمة صوتيّة مختلفة لكل لغة من اللغات المنتشرة عا لين 
ويُمكن للعلماء والباحثين أن يتعلّموا انظلمة الفرضينة الصو ة الفري: 
والآلها ةسفن الطروقة إلتى ليون بها السعهررتف: الفى اتطرا عرق هده 
اللقاك م -رسسد لقاو العافى يانه ناه يذللك أكثر ايتخذادا لمواصلة :ال إن 


غالباً ما سيقوم الكاتب الحريص بسرد الحروف التي سيستعملها للترجمة 
الصوتيّة بترتيبها المعتاد في الأبجديّة العربيّة (أو الفارسيّة» أو غير ذلك) أو 


() سابقاً. كان ثمة محاولة لوضع نظام موحد للترجمة الصوتيّة عن جميع اللغات الساميّة (نظام 
فلهاوزن ه56اة178/0615)؛ يشمل العربيّة والفارسيّة والتركيّة وغيرها؛ ومن ثم تمت محاولة وضع نظام 
ترجمة صوتي موحّد لجميع اللغات باستعمال الأبجديّة العربيّة. ولكن. إضافة إلى صعوبة الحفاظ على 
بعض أشكال الترجمة الصوتيّة للغات الإسلاماتية الأخرى كالفارسيّة» فإِنْ هذه المحاولة لإرساء «نظام 
ترجمة صوتيّة موخد) قد اصطدمت بحقيقة أن الأرديّة (الهندوستانيّة) تكتب بأبجديّتين (يتمّ التعامل مع 
كل واحدة بشكل مختلف عن الأخرى)؛ ومن ثم فإمًا أن تبدو طريقة الكتابة الإسلاماتية للأرديّة قاصرة 
بالمقازنة مع الطريقة الأخرى. أو أن طريقة النظام لكتابة العربيّة ستبدو مشوّهة وغير متفقة مع معايير 
الترجمة الصوتية عن بقيّة اللغات السامية . ولكنّ هناك بُعداً أكثر خطورةًٌ حين نستعمل نظام ترجمة 
صوتية يعتمد على الترجمة من أبجديّة إلى أبجديّة بدلا من الترجمة من لغة إلى لغة . فإذا كانت الفارسية 
أو التركيّة تُقدّم نفسها على أنّها لغة مستقلّة, فإِنْ موقف «الترجمة الصوتيّة الموحّدة» سيبدو موقفاً عدائياً 
وانتقاصياً ؛ ذلك أنْ الاختلافات في النطق» ٠‏ بل والخلافات في النحو والصرف. في الفارسيّة مثلاء 
ستظهر على أنها مجرد «استثناءات» من قواعد النحو العربي. ف لجل عام كا لدي تكن ريده يجب 
أن نتجتب مثل هذه الأخطاء . فمشروع الترجمة الصوتية الموخدة معني بالفيلولوجيا أكثر من عنايته 
بالوضوح لدى القارئ العاديّ. يستطيع الفيلولوجي بسهولة أن يتعلّم كيفيّة الانتقال من لغة إلى أخرى. 
ولكنّ القارئ العاديّ بحاجة إلى مساعدة ليتمكن أوّلاً من نطق الكلمة بشكل صحيح . 


>, 


سيشير إلى المصدر الذي يتبعه» والذي يمكن من خلاله الوصول إلى قائمة 
الحروف الى تكولا ااترجمة الضرطة: ولكننيء بهدف إقامة روابط بين 
المصطلحات الواردة في هذا العمل والواردة في الأعمال الأخرى. أرى بأنَ 
القارئ سيحتاج إلى المقارنة والربط بم بين الحروف هنا وبينها في القوائم 
الأخرى ؛ ومن ثم سيتسنى للقارئ أن 000 كان الكاتبان ع 
المصطلح أو الاسم ذاتهء أو ما إذا كانا يتحدّثان عن شيئين مختلفين. في 
الجداول التالية أبِيّن انا المعتاد. مع تفضيلاتي في الترجمة الصوتية. 
وأضع بعض البدائل الأخرى أيضاة 


الترجمة الصوتيّة عن العريّة/*) 


لامب لم مم ممم | صممم م م سس سسسبالسس سم ا شم ل ا ا -ممم:. 


الرموز | العالمية دائرة يقة النطق التقريبيّة | استعمالات / 
والحروف ١‏ المعارف يله تر 
الانكليزيّة ' الإسلاميّة | أحياناً ' 
ٍ ضانت ختدرى:وقفن اموحوش تحلف أحيان 
8 5 الإنكليزية ظ [ 
انر" لكايه ظ ظ 
1 اط ا الإنكليزيّة» كما تلفظ في هنط ‏ |6 :6 [ 
1 8 الك [ الإتكليزية ع#كمافي 
0 ٍ ِْ ط حلقية : ْ٠‏ 
طعا 5 7 الألمانيّة أو الاسكتلنديّة أو زايا : [ 
0 0202020207000 _الإسبائيّة ظ 
ل 4 طك ط) الإنكليزيّة كما تلفظ فى ونطة 2 أكك بك [ 
.٠ 1‏ 0 1 مكررة ومرددة ١‏ [ 
:5 [ [ و مع مراعاة الصفير» كما تُلفظ في ونط) | 55 


(#) قد تبدو أنظمة الترجمة الصوتيّة المفصّلة عن اللغات المخصوصة غير ذات فائدة للقارئ 
العربي» خاصة وأن أنظمة الترجمة الصوتيّة والنسخ الصوتيّ قد تطوّرت خلال السنوات المهمسة 
والأربعين الماضية (منذ نشر الكتاب عام 4 ) وباتت أكثر اظراداً وبساطة. وتخففت من بعض 
علامات التشكيل.الصوتي التي يستعملها هودجسون. ولكنّ الاطلاع على منهج عمل هودجسون في 
هذا الباب مفيد لما فد من طوس فى الاستفامة المنهجية والحرص على الدقةء والعناية بالدقائق. 
والجرأة على مخالفة السائد إذا كان فاسداً أو قاصراً (المترجم). 


ك/ 


الرموز | العالمية ‏ دائرة يقة النطق التقريبيّة | استعمالات 
والحروف | [ 0 بديلة ترد 
[ [ أحياناً 


ا ا ا 2 ا 1 ب اا ااي ار 10101 يي ل ا امح ررك سا ا ا ا 7 ١ض‏ 
3 3 


طء تطعة 





. 1 1! 1 55:5 
. [ [ 4 حلقيّة مع التشديد الى بطق 
ِْ ٠ش‏ 1 بطع 


2 


0 
3 ١ 
ا‎ 

5 


طه ا اله هع ُطابق طريقة نطق «اا 

عا لهوية زمن اللهاة] 1 © 

الإنكليزية 

1[الإنكليزيّة (كما فى 1176) ْ 

« الإنكليزية 0 ؤ 

« الإنكليزية ( 

8 الإنكليزية [ 

7 الإونكليزية [ 

لا الإنكليزية (مع التسكين) |! 

2 قصيرة» من دون مذّء كما في :68 | 6 

ْ٠ 251 أو‎ 

[ فصيرة» من دون مذء كما في ]601 3 

لا فصيرة» من دون مذء كما في آنا 0 

2 ممدودةء كما في وكاء 31 وأحياناً 0 كك 

كما في 12 (مع الإطالة) ا 

1[ ممدودة» كما في 111211 3 اعه6 

٠‏ ْ الإطالة) 

0 [ [ نا مملودة.ء كما في 1ن امع إللاه ,00 

ْ [ْ الإطالة) 

ع2 اج [ الإنكليزيّة كما تلفظ في «مط 
.٠‏ ْ كما تلفظ في «مط 

21 اله ْ 2 الإنكليزيّة. كما في عأوتة أو أثه 


2 


8 ص سم لخ هس نمم 


.ىا الح 


دع 


سم 


اه 017 
ْ 
ٍ 


| © ولاء 


/ك/ا 


إن الترجمة الصوتيّة المسمّاة ب «الإنكليزيّة» في الجدول. هى المُستعملة 
عادة في الأعمال العلميّة المنشورة بالإنكليزيّة”“. في هذا النظام نُستعمل 
بعض الحروف المركّبة (5) وطه مثلاً). وفي بعض الأعمال والكتب» يتم 
وضع خط أسفل أزواج الحروف المركّبة هذه؛ وحين يُزال الخظ من أسفل 
الحروف المركّبة» وهي الحالة النادرة» فهذا يعني بأنْ الحرفين يُنطقان 
كحرفين مستقلين» ويتمّ الفصل بينهما بفاصلة علويّة''“. (ومن ثم فحين تُكتب 
1 فهي تلفكل كينا تلففا في عصمط 36). أما الانحراف الأبرز عن استعمال 


هذه الحروف فيتمثل في رفض بعض العلماء الإنكليز ‏ ذوي النزعة المعياريّة 


(5) إِنْ النظام الإنكليزي قريب من نظام دائرة المعارف الاسلاميّة» فيما عدا أنه يستعمل [ز كبديل 
أسهل من زل» ويستعمل ه بدلاً من عا لأن الأخيرة تحتوي نقطة وقد تتعرّض للمحو فيتسبب ذلك في 
تشوّش القارئ. كان النظام ليكون أفضل لو أنه استعمل علامات التشديد في اللغات الأوروبيّة بدلاً 

من النقطة أسفل الحرف» وتلك العلامات موجودة في كل آلة طباعة ومعروفة لدى كل كاتب عليها. 
على أن مكل هذا الاسعيدال كان لعستة بالكنين من التشوقن والالعرامن.. كما أنْ النظام كان ليصبح 
أفضل لو تم استبدال علامة (©) بعلامة أخرى . ولكننا اتبعنا الممارسة العلميّة السائدة في هذا العمل» 
لأن وضع نظام جديد لا يُتوقع منه أن يسود ويصبح قاعدة متّبعة» هو أمرٌ سيزيد من التشوّش والإرباك. 
وفي حروف العلّة فإِنَ كلا من الخط العلوي (8) أو المدّة المعقوفة فة (*) يستعملان لإطالة زمن نطق 
الحرف ومذده. على أن المدّة المعقوفة هي الخيار الأفضل في حال توفرها في الآلات الكاتبة 
والطابعات. ربما سيبدأ العلماء بإعادة التفكير في مشكلة علامات التشكيل الصوتي ومدى توقرهاء 
ذلك أننا اندخل الآن في عصر الطباعة غير المكلفة والنشر على نطاق واسع. بخامة مع رواج يق 
طباعة الأوفست (06560) . (ومن ثم فإن الشعور القديم أيضاً بأن علامة تشكيل صوتي معيّنة يجب أن 
تأخذ قيمة ما على نطاق كونيء والذي أدَى إلى استعمال الخظ العلوي بشكل مستمرٌ بمدّ الحروف. 
والنقاط أسفل الحرف لجميع الصوامت الحلقيّة» اباجيا خرف الو يجب أن تُتجاوز مع رواج 
الطباعة واتساع آفاق الدراسات الصوتية والنطقية) . زيما كت أن تود خحزروف العلة المجدودة بطريقة 
أفضل ك ثانا لاغ ,3 لتجئب الالتباس أو احتماليّة 0 علامات التشكيل الصوتي» وللتأكيد على مد 
النطق وإطالته.» ولإظهار حروف الجذر في الحالتين الأخيرتين [نإذ ونتان]؛ أما الفارق الدقيق في النطق 
العربيّء والذى. تميق نظريا بد بين أ وللالاء فإنه غير ذي صلة باحتياجات الترجمة الصوتيّة. ولكنني أتبع 
الممارسة المعتادة. 

(7) يرى بعض الفيلولوجيين بأنْ الحروف المركبة غير نافعة على المستوى البيداغوجي التعليمي ؛ 
فهم يُفضلون مضاعفة حركات التشكيل الصوتي على الرغم من صعوبة كتابتها وإ وإضعافها للقدرة على 
التمييز الشفوي للكلمات وضعف قدرتها على مقاومة الحوادث والأخطاء ء العرضية. وإذا اقتنعوا 
باستعمال الحروف المركبة من الأسامن» فإن البعض منهم يرون استعمال الوصل (1183]0:6) [إليصاق 
الحروف] ليجعلوا الحروف المركبة تظهر على أنها وحدة واحدة. ولكنّ استعمال الوصل حين يستعمل 
الكاتب الحروف المائلة يزيد من الصعوبات أيضاً؛ علاوة على ذلكء لا بدَّ أن تبقى الفاصلة العلويّة 
مستعملة حين لا تُشْكّل الحروف معأ حروفاً مركبة (مثل 8:8)» لتنبيه القارئ العادي والمهتمٌ بأنْ طريقة 
النطق الإنكليزية للحروف المركّبة لا تنطيق هنا . 


,, 


لغويّاً ‏ لها ولجوتهم إلى استعمال الحروف "«العالميّة» بدلاً منهاء لأنها شائعة 
بشكل كبير فى أفوونا : لقد أسهمت دائرة المعارف الاسلاميّة (4غ2ءممما عبر 
ماس[ زه)ء التي تم تحريرها كر من لَغة» في الحفاظ على حالة التعقيد. 
باستعمال حرفئ ز وو الإنكليزيين. أما في الأعمال القديمة وفي الكتابات 
العتحفتة و فإن الاخدلافاك فى احديان السروقه :فى التردمة الضوكة كبرة 
جدّاًء وأحياناً يتم الاعتماد على العلامات الصوتيّة الفرنسيّة» على الرغم من 
أنّ هذه الأعمال تصدر بالإنكليزيّة. أما أنظمة الترجمة الصوتيّة العلميّة في 
بقيّة اللغات الغربيّة فإنها تميل إلى محاكاة النظام الإنكليزي» مع استثناء 
الاختلافات فى استعمال الأخرف: المركبة؟ فعلى سبيل المثال تؤدئ زه 
الإنكليزيّة به بالفرئسيّة أو ب همه بالألمانيّة؛ كما أن [ الإنكليزيّة تُقابلها زه 
في الفرنسيّة وطهوك بالآلمانيّة . 


إضافةً إلى الصوائت والصوامتء التي تظهر بانتظام في الكتابة العربيّة. 
فإِنَ ثمة خصائص صوتيّة أخرى يجب أن تؤدَّى في النطق العربي. وهنا 
تنهض اختلافات كثيرة ناشئة عن طريقة الكتابة العربيّة. فشكل الكتابة العربيّة 
المعتاد لا يُقدّم علامات صوتيّة كافية لتحديد طريقة نطق المصطلح بدقة؛ 
فالكتابة العربيّة» على سبيل المثال» تسقط حروف العلّة/ الصوائت القصيرة 
[الحركات: الضمة والفتحة والكسرة] التي تعتمد عليها جميع أنظمة الترجمة 
الصوتيّة. علاوة على ذلكء فإِنَ التركيز المبالغ فيه على النسخ الصوتي. في 
أثناء الترجمة الصوتيّة» يُمكن أن يتسبب بالتشوّش للقارئ غير المختص» 
ويُمكن أن يتسبب بتشويه عناصر الكلمة أيضاً. ومن ثمء فإِنْ من المسلم به 
أن على أي نظام ترجمة صوتيّة أن يعقد بعض المساوماتء ولكنني أرى بأن 
المهم هنا هو التركيز في نظام الترجمة الصوتيّة على إمكانيّة سير الترجمة 
بالاتجاهين؛ أي إمكانيّة ردّ المصطلح المترجَم إلى الأصل مرّة أخرى . 

ثمّة نقطتان على وجه الخصوصء. يُضطر العلماء عندهما إلى التحلى 
بشيء من المرونة وعقد نوع ما من المساومة. الأولى. هي حرف عربي 
صامت غير مدرج في الأبجديّة العربيّة [يقصد التاء المربوطة]» يُلفظ مرّة على 
أنه ه ومرّة على أنّْه ؛» ويأتى دوماً فى آخر الكلمة بعد حرف 8. فى هذا 
العدن »سرود هذا الحرت دن إن حاوميسه وظير مجتودة) وبي إن أن 
بعد حرف 8 ممدودة؛ يميل بعض الكتّاب إلى حذفه. على الأقل إن تلا 8 


,/4 


قصيرة غير ممدودة أو يؤدّونه بحرف ؛ قبل المفردة التالية" , من ثم فنحن 
نكتب الكوفة (ط8/ةع1). في حين يكتبها البعقن 13. أما 1 الثانيةم 
فنعا ب«أل» التعريف» ففي بعض الحالات تُنطق اللام بإدغامها مع 

خرف :من الكلية"* [اللاء الفهسية]؛ .يفيل الكثات دي 
الصوتية قريبة من طريقة نطق الكلمة فيضعون 26 أو 35 قبل المفردة التي تبدأ 
ب+أو و» وهكذا. ولكنّ بعض الكتّاب (وهذا الكتاب يتبع هذا اليج 
يميلون إلى أداء أل التعريف ب 1» بغض النظر عن طريقة نطقهاء لأنْ الخطأ 
إلى انيه الت سيط بالمقارنة جم التبوين الذي سيصيب القارئ البسيط . 
ومن 2 م فإنني كتنب الشافعي (31-588)» وليس (355-586)» على الرغم 
فين أن الأخيرة تغتر عن طريقة تظقينا الضصيحة. 


ثمّة ملاحظات ثانويّة لا بدّ من الإشارة إليها هنا. بعض حروف العلّة 
(الضوانت) ٠ف‏ أنهاية الكلمة تكتي: معدودة بالعريتة ولكتها تلفظط وه ا 


523 الألف المقصورة أو الياء المرسلة]ء” فمى الكتاب نميزها ب 8» ل 
أن تعفن الكتابيكقبوتها ممدودة وه باتساق هم القواعه الجعتادة لتطق 
الصوامت والصوائت ( اتيم في الكتاب أشكا لا معينة 1 و/1111/3 » ولكنْ 
البعض يكتبونها 1 وكلالا» ولكنني أقوم باستثناء وحيد .عن ذلك. وهو حين 
ترد هذه اللأصوات في نهاية الكلمة فأضع 1 بدلا من لالإذ» لتكون متوافقة مع 
المارسية والتركية والأرديّة ومع العامية العربية. ومن ثم م فإنني أكتبن 
البخاري (8:1ط1ن31-8) وليس (لازمقط1ن31-8). وهناك عدد قليل من الكتّاب 


(0) في هذه الحالة» فإِنَ الوضوح والاتساق يستدعيان استعمال حرف علة بعلامات تشكيل 
صوني ء وسيكون أفضل الخيارات المتاحة لنا هو استعمال 2 بعلامات مميّزة» ولكن مثل هذا الحرف 
ا ا ا كرد نس مر لسعم 
(مثاً 00 لين اللمرة 7 000070 000 وهو خلط تُمكن ومحتمل ولا يُمكن أن يقع في حال 
إضافة الط كما أن هذا الخيار سيجتبنا الخلط بينه وبين 8- حين ترد كزائدة نحويّة في النهاية؛ حين 
نترجم صوتيّاً عبارة بأكملها ونضمّن النهايات فيها. يُمكن التساهل مع استعمال ]3- بحكم انتشار هذه 
العادة في النطق» وكونها لا تختلط وتتداخل مع غيرها مثلها مثل 85-. 

(8) الحروف التي تُدغم مع «أل) هي 2 ,2 يظا وإ ب ,ث8 ,5 ,5 :5 ,2 رأ مالك ,4 ره 


م٠‎ 


يكتفون بأداء ذلك بحرف 5 وتعصهم 0 أما الفاصلة العلوية 0 في 
بداية كلمة حمزة» فهي كيخلاوافة وروونا . وكدلك في النهايات النحوية التي 
تحزف عتد: السكت علن :نهاية الكلمة لطي ايان 


الترجمة الصوتيّة من الفارسيّة والتركيّة والأردية 


في هذا العمل. أستعمل ذات الشكل من الترجمة الصوتيّة على طول 
الكتاب» 0 من 0 العربيّ . ولكنني 0 الجممحات صر عن 
تطسيعة: التخال:: نان اسنساة الاتعفاضن والبلدان فد تخفلك: نين لهة الن 
التقنيّة» ذات الأصل العربيئ» تؤدّى بشكل يُقابل الشكل الفارسي منها أو 
يقابل شكلاً آخر كالتركيّة الحديثة المكتوبة بالأحرف الرومانيّة/ اللاتينيّة. فعلى 
سبيل المثال» فى مثل هذه الأعمال قد تظهر كلمة 30158 على هذا النحو 
5 . ولأجل ذلك. على القارئ مراعاة الملاحظات التالية عند قراءة مثل 
هذه الأعمال» لكي يدرك بأنْ هذا المصطلح يُقابل الكلمة العربيّة التي 
واجهها ماإشاءد كه أنه يقابل الترجمات الصوبية تيّة للمصطلحات من اللغات 
الأخرى . 


لا شك بأن الترجمة الصوتيّة من اللغات الإسلاماتية الأخرى تنطوي 
على مجموعة من الإشكالات. فقد كانت أقلّ تنظيماً ومنهجيّة لدى العلماء. 
وهذا صحيح بشكل خاص فيما يتعلق بالترجمة الصوتية عن الفارسية. والتى 
اشتقت منها التركيّة والأرديّة وغيرها من اللغات أبجديّتها (وليس بشكل 
مباشر من العربيّة). كثيراً ما يتعامل علماء الإسلاميات» الذين يُتقنون العربيّة 
اكثر من إتقانهم الفارسيّة» مع الكلمات الفارسيّة كما لو أنها كلمات عربيّة 
ويكتفون بإضافة أرمعة أحرف : 85 21 ره وص. لفقل طج كما يلفظ حرف 5 فى 


(9) كما هي الحال في اللغات الأوروبيّة. حيث تمثل (ا7/135 ,83516 ,343513 الاسم نفسه بأشكال 
مختلفة» فكذلك الحال في العربية. فط ألاء115] ,االاء1105 ,3ال111153) هي الاسم نفسه في 0 
والفارسيّة والتركيّة. على الأقل بين العربيّة والفارسيّة» فإنَ من السهل تتبّع المقابلات عبر المقارنة بين 
الحروف المتكافئة في نظام الترجمة الصوتيّ؛ ولكنّ البحث عن الجذر الإيتيمولوجي «التأثيلي) للاسم 
لن يكون مهمّأ للإنسان البسيط في معظم الحالات. 


م١‎ 


كلمة عتتاموعاص الفا له كما تلفظ في كلمة طنعتاطءء وأخخانا يتم م استعمال 6 
بدلاً من ده و بدلاً من طدء لمن يفضلون عدم استعمال الأحرف المركبة في 
العربيّة). وبما أن الفارسيّة تزخر بالكلمات والأسماء المشتقّة من العربيّة, 
وكثيرا ها يكون تن الصعب تحديةها اذا كان اسم ما ينتمي إلى السياق 
العربي أو الفارسي» فإنَّ هذه السياسة تمتلك مزيّة عدم إحاجتنا إلى جواب 
يقيني في كل اسم ومصطلح. ذلك أنها تتيح لنا الانتقال من أبجديّة إلى 
أخرى والعودة منها إلى الأولى (مع تجاهل النسخ الصوتي)» وهي تعمل 
بشكل جيّد فيما يبدو. 


ولكنّ الفارسيّة لغة منفصلة؛ إذ تمتلك أبجديّتها قواعدها الخاصة ومن 
الأفضل أن تَؤدَّى عبر نظام خاص بهاء يكون مختلفاً بأقِلّ درجة ممكنة عن 
نظام تأدية المفردات العربيّة. مع الأسف. فحين يتعلّق الأمر بالترجمة 
الصوتية عن الفارسية» بخاصّة مع مراعاة جزئيّة للنسخ الصوتي» فإننا لا نعثر 
على نظام واحد مقبول على نحو عام. والقائمة التالية تُقدّم الأنظمة المُفضّلة 
وبعض البدائل. (أضع الأشكال المعياريّة للترجمة عن العربيّة بين أقواس). 


ينه (2) ©) (9) (طق) (طغ) 
7 02 شت دواع عا و أطع ل الل ا 
ع1 (: دع 2 12 2 8.1 
1 21 غ2 “لات ذا 1 كه 3111 
©6- ,©- طاء و6 بنته ك1 6©0 


2 ,© خت2,آء 11ت ,011 


يُمثّل السطر الأوّل النظام الأكثر استعمالاً وشيوعاًء بعيداً عن نظام 
التعريب (4:2612:258) المذكور أعلاه. يتضمّن هذا النظام عيبا خطرا (إضافة 
إلى كون علامات التشكيل الصوتي غير مناسبة في الكتابة على الآلة الكاتبة: 
بخاصة مع وضع خط تحت الحروف)» وهو استعماله: ل بطريقة تختلف 
عن استعمالها عند الترجمة الصوتية من العربية. ولأجل ذلك فإن السطر 
الثاني يُقدّم نظاماً جديداً ويُشير إلى نقاط الاختلاف» ويحافظ هذا النظام 
على استعمال و كما يلون في أنظمة الترجمة الصوتيّة عن العربية؛ ومن 
ثم فإنه يحل النزاع حول حرف (بين الأقواس توجد بدائل ل 2””'. 


)9١(‏ يبدو أن هذا النظام» والذي تتبنّاه مكتبة الكونغرس» قد بات يحمل القدر الأكبر من 


/ 


في النظام الجديد» تمثّل جميع علامات التشكيل الصوتي (باستثناء 
الممدودة) تمييزات عبر فود أ إنهنا تمبية ات فعاق شك الكتابة عن 
الفارسيّة من دون أن تؤثّر في 000 الكلمة. ومن ثم فإنها تتوافق مع 
النزعة نحو ترجمة صوتيّة عن الفارسيّة تتجاهل جميع التمبيزات غير الصوتيّة 
في النطق الفارسي»ء ويمكنها من ثم بحكم كونها بالأساس نوعا من النسخ 
الصوتيء أن تتجاهل علامات التشكيل الصوتي برمّتها. يُشير السطر الأول 
من حروف الغلة [السطر رابع" إلى ممارسة في الترجمة الصوتية قريبة إلى 
العربية؛ أما السطر التالي فيُشير إلى ترجمة صوتيّة تقترح نوعاً ما من التقريب 

سا الصوتي؛ أما ار الثالث [السادس من الشكل ككل] فهو يظهر 

بعض التنويعات الأخرى التي تُستعمل أحياناً . 


في هذا العملء اتبعت النظام الأحدث (5.2. إلخ) في أداء 
الصوامت. واخترت بوصفها أوضح من 2. ولكن لأنْ حروف العلة التي 
يعتمدها النظام الجديد نادراً ما تظهر في الأعمال العلميّة» وستكون في غير 
محلّها تماماً في الهندو ‏ فارسيّة» فقد حافظت على نظام حروف العلة 
القريب من العربيّة (واستعملت 6 وة فى الهندو الفارسيّة)» باستثناء حروف 
العلة الواضلة فى الفارمنتة) بوالسى قوذي عسوو فى المحضلة 
النهائية. فإنني» في الكلمات الفارسية. أستعمل الأسماة المشتقة من العربية 

كما نؤديها عن العربية ني ناستشتاء أريعة أحرف صامتة فتؤذى كالانى: 
(2 يك :2 بطل رق نط :9:9 ) . قا "الهرؤف الم فية مها ودلا من قصينيا 
بواصلة .2''١6-(‏ 


- المشروعيّة اليوم. قرّرت مكتبة الكونغرس استعمال خطّ تحت 2 عوضاً عن» وهو اختيار اقترحه 

خبراؤها وتم استعماله في أماكن أخرى (مثلاً عند المحرّرين للنسخة التركيّة من دائرة المعارف 
الإسلامية). صحيح * أن مفقودة في معظم خطوط الطباعة وأنها عرضة للتشوّه [بفعل فقدان النقطة مع 
الطباعة]؛ إلا أن 2 محل نزاع في الاستعمال في الأنظمة الأقدم, كما أنها ستكون غير ملائمة عند 
وضع خطوط أسفل الكلمات. وإذا كان البعض يرى بأن النقطة أعلى حرف غير ملائمة أو غير مقنعة 
فيُمكن أن يستبدل بها فاصلة علويّة أو علامة تشكيل صوتي أخرى» مثلما تمّ استبدال الخط أعلى 
الحرف بالمذة المعقوفة والنقطة أسفل الحرف بذيل 64118». ويجب أن تُصبح هذه العلامات جميعها 
متاحة في الطابعات الأكاديمية. 


)١١(‏ يُفضّل الإيرانيّون الحديثون استعمال »© وه» مما يجعل علامات التشكيل الصوتي في 1 وت 
غير ضرورية» وإن كانت مفيدة في المواخ ضع التي لا يعرف فيها القارئ ما إذا كان الاسم المكتوب عرباً - 


الذذا 


تلفظ جميع الأحرف الصامتة في الفارسيّة قريباً من لفظها الإنكليزي. 

مع تجاهل علامات التشكيل الضودي (والتي لا تؤثر في طريقة 0 
ل باستثناء طعا وطع فإنها تثلفظ كما نفعل مع الترجمة الصونية 
العربية» وأحياناً تُلفظ 4 مثل «ع (ويُترجمها البعض صوتيًاً بهذا الشكل). أما 
حرو إن انظ ميمربا وه تلفظ ذوما وروي اموا ف اكلم لصو 
أما ده فتلفظ مثل 2 221 ) أما حرف « بعد طك فإِنّه لا يُلفظ. تلفظ 
حوزن الله كه لط ىعري باستثناء 4 فَإنّها تُلفظ مثلما تُلفظ في اله؛ 
أما 1 فتلفظ مثل > في كلمة 560؛ و«ة تلفظ مثل ناه فى 1ومعتط . . وحين ترد 
طه في نهاية الكلمة تلفظ مثل » في 2664 مع جعل 8ط صامتة لا تُلفظ . . في 
ل كيت عر عي ارسي وقد ليه 


قليلا فا“درة الاأسماء الدركنة والا رةه في هذا العمل . بطبيعة الحال» 
تَؤدّى الألفاظ المستعملة في الجمهورية التركيّة الحديثة وفقاً للأبجديّة اللا تينيّة 
الشركة الحديثة» والتي نُستعمل منذ ١978‏ (كان الأتراك في الاتحاد 
السوفياتي بمكعملون أكال؟ ار بون الاأنحدتة اللقتيكة وال 11" 
وهنا تُلفظ معظم الحروف الصوامت قريباً من لفظها الإنكليزي» باستثناء » 
فتلفظ مثل ذ؛ و مثل ظه؛ أما 8 فهي تقترب صوتياً من ع في نظام الترجمة 
الصوتية عن العربية؛ و تلفظل كها تلفظ بالفرنسية (مثل 2 في عتناحة) ؛ أما و 
فتلفظ مثل ده. (وبالطبع فإِنَ 5 تلفظ مهموسة. وع مُشدّدة). أما حروف العلة 
ل ا ا ا لل ل ا 


- 


تلفظان بالالماية (بالفرنسية تقايللان لاع ونا) ؟ و1 تكتب من دون ل (وأحيانا 


أو فارسياً. ولكنّ الصائت دا أكثر دقّة صوتيًاً في معظم الحالات من 0» وفي بعض الأحيان تكون ‏ أدقٌ 


من ©. إِنْ استعمال ال 1 وال نا شائع ومتكرّر في الأعمال العلميّة التي تتعامل مع الحقب ما قبل الحديثة 
ويستعمل بشكل متكرّر في بداية الكلمات (ومن ثم يجب تحديد الأبجديّة المستعملة في الملاحق). 
ويبدو أنّه من المبرر أن يتم استبدال » (و إ0) وه (و 0) بال 1 وال نا فقط عندما يتم التخلّي تماماً عن 
علامات التشكيل الصوتي (وهي ممارسة لم تعد مبرّرة بعد الآن) . أما بالنسبة إلى المركبات» فإنها 
ستكون مضلّلة للقارئ غير المثقّف إذا طبعت بشكل منفصل عن بعضهاء كما أن قيمة الإشارة إلى 
أصلها تختفي في اللغة الثانية . 

(#) السيريليّة أو الكيريلية» نظام فى عازن فسان ا سارت شري السلا لذن 
شمال آسيا ووسطها وشرق أوروبا (المترجم). 


15 


اين 
م 5 
م 


تُميّز بدائرة أو نصف دائرة فوقها)» وهي حرف علة مخنوق الصوت يُوجد 
أيضاً في الروسية . 

ولكنّ الأبجديّة التركيّة الحديثة لا تتسع للغات التركيّة الأخرى أو حتى 
للتركيّة العثمانيّة» جزئياً بسبب اشتباك حروفها بالإنكليزيّة وبالأنظمة 
المستعملة في الفارسيّة والعربيّة» ومن ثم فإِنّها ستكون مشْوّشة جداً خارج 
سياقها المحدد. 

بالنسبة إلى التركيّة العثمانيّة» والتى تستعمل الأبجديّة العربيّة ‏ الفارسيّة. 
فإنَ النظام الذي اصطلحنا عليه لنقل الأسماء والمصطلحات الفارسيّة سيكون 
بمثابة القاعدة المتّبعة فيما يتعلّق بالحروف الصوامتء مع إضافة شكل 8 والتي 
تلفظ ك ه (في الأصل 58)» والتي نؤديها في هذا العمل هكذا 3؛ واستعمال 
بدلا من ©» وهو ما يستبعد فئة كبيرة من الانزياحات (0601210085) عن معايير 
اللأتينية الجحديكة والا جد السيرراية ‏ غلين أن أساليت التطق فكذلك الغدلانا 
كبيراً من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر؛ في بعض الكلمات يتم لفظ 
حرف ع با لاوة وحرف ؛ ب 4» وغير ذلك؛ أما الصامت الانفجاري الذي 
يرد فى نهاية الكلمة فلا يُلفظ [وهى أصوات حروف الشدٌ والقلقلة فى 
العرية ]د “كما #قداات انقيكة الكنماك احانا ل سكن هنع الها لاب عد 
المناسب أن نأخذ بطريقة النطق النايجة فى امون عوضاً عن التهجئة 
الصسيعة , :غالبا .ولس ذاقما ع يظهن القميور فى العرحمة العنونتة نوين + 
وكعاء وبين 5 و5» وبين ؛ و؛ بحسب موقعها من حروف العلة [الصوائت]؛ فى 
مثل هذه الحالات» يُمكن التخلّى عن علامات التشكيل الصوتي. ويتم إظهار 
حروف العلة بأفضل طريقة عبر الأبجديّة اللاتينيّة للجمهوريّة الجديدة؛ ف باه 
العربية تصبح /©. ولاه تصبح إا©. أما حروف المد الثلاثة في العربية 
والفارسيّة فإنها تبقى متمايزة كيفاً ونوعاً (لا كمّاً) ويُمكن أن يتم تمييزها لهذا 
العيت» ولكدينا غاذة 1 تك لفك | وف شروو النمة العركية مرق قافر 
المعارف الإسلامية باستعمال النظام التالي لأداء التركيّة العثمانيّة : 


(.ة ط؟ سداق م عا عط اع  '‏ +2 و و 5 زج 5 0 طط و؟» 5 1 م ( ” 


أما اللغات التركيّة الأخرى ذات الخطّ الفارسي فإنّها فى هذا العمل 
مستواعة دمن التركدة العثمانية أو :شيم الفارسة بقدر ما يبدو ذلك ناميا ) 


/6 


ذلك أنه من الصعب غالبا أن تعيد بناء النطق الصحيح للاسم بشكله الخاصّ 
بالتركيّة. 


أما الترجمة الصوتيّة عن الأرديّة (اللغة الإسلاماتية في الهند) فلا يُمكن 
الشروع بها دون الإحالة إلى الأنظمة الموضوعة للترجمة الصوتيّة عن 
الأبجديّة السنسكريتيّة» ذلك أن اللغتين في الأساس لغةٌ واحدة. إِنَّ الترجمة 
الصوتية القديمة عن الفارسيّة (التى تغدو بموجبها 4 العربيّة 2) قد تطوّرت» 
مع أخذ احتياجات الأرديّة بالحسنبان» ولا تزال هي النظام السائد للترجمة 
الصوتيّة عن الأرديّة» إن كان ثمة. تتطلب الترجمة الصوتيّة عن الأرديّة 
إغنافة إلى سمقائل للتحوقفه الفارسية» امععمال حتروف صيزاقت ف 6انوزة 
وتفيينة اخراك صيو امك أريعة اليرت ارقداد نه تكن (مفلها تزدئ فى 
البقدنة) مرق وا" ويا فدات نكاما عن الغرة )0 وعلةمة على :العف 
(أو ه أو وضع علامة > على حرف العلة). تأتي العديد من الحروف الصامتة 
في الأرديّة مع زفير/ نفخ» بحيث إنها تكون مصحوبة ب 8 تعبّر عن نفخة 
هوائيّة بعد السكت. لا على شكل صوت احتكاكى/ كشطى . إذأأء فحين ترد 
ها حب أن تقرأ كما لو أنها ةد وكذللة الكاك مع طك وط) وطكق روطم 
وطط وطط وطع وططه وطز وط. ومن ثم فإِنْ الحروف المركّبة مثل ط وطع 
يُمكن أن تمثل حرفين متجاورين في السياق الهندي: فهي تعبّر عن صامت 
احتكاكي بالعربيّة والفارسيّة ولكنها تعبر عن حرف صامت وحرف زفير في 
الأروفتة > (أها مكار طة أويعة فذ دس فى هذا السيان )د لمكن أن 
يُضاف إلى الحروف المركّبة خط تحتها حين تؤدّى صوتياً كحروف مركّبة 
وتركها من دون خط حين تؤدّى بالزفير/ النفخ. (في الهنديّة, تكتب 2 
الإنكليزيّة ك ه طبيعيّة» أما طه المشفوعة بالزفير» والتي تُترجم صوتياً أحيانا 
إلى ططءء فإنّها تكتب له) . 


لأغراض هذا الكتاب» يبدو بأن من الأيسر والأبسط في الترجمة 
الصوتيّة عن الأرديّة استعمال نفس النظام المتبع في الترجمة عن الفارسية. 
مع إضافة تمييز للحروف الارتداديّة (2 ,0 ,]) (كما في دائرة المعارف 
الاسلامية)؛ واستعمال 3 (لتمييز الغنّة على 8). (ويمكن كما قلنا وضع خط 


(*) نسي الرابعة» ولعلّها كما تُشير بعض المصادر هي ال و (المترجم). 


/5 


تحت الحروف المركبة الاحتكاكيّة ا وطع؛ ولكن ذلك فقط بهدف تمييز 
الحرف المركب عن الحرفين اللذين ينتهيان بزفر ا وطعء فهذه حروف مركبة 
ولا يجب الخلط بينها وبين 8 وطم» اللذين سبقت مناقشتهما في الجزء 
المتعلّق بالترجمة الصوتيّة عن العربيّة). وفيما عدا الحروف الارتداديّة. 
والزفر/ النفخ» والغنّة» فإنْ نطق الحروف الصامتة مشابه لنطقها في الفارسية 
(الأصوات الإنكليزيّة الشائعة» مع تجاهل علامات التشكيل الصوتي). أما 
الصوائت [حروف العلّة]ء فإِنّْها مثل العربيّة باستثناء حرف 8 فيُلفظ مثل دا في 
أله وه فتلفظ مثل 8 فى 25904 و« فتُلفظ مثلما تلفظ في 86«دء وَتَلفْظج 
كما لفل في لاعطاء و6 كما في 1 . 


أما بالنسبة إلى اللغات الأخرىء فإثنا نادراً ما نحتاج إلى ترجمتها 
عونا في سياق هذا العمل» وفي المناسبات القليلة لذلك سنقوم بالترجمة 
غلى الأسسن الى سبق توضيحها قدن الإمكان: أحبانا يكون هتاك اتفاق نين 
العلقات دكن اعوج مسن ذكون هناك كل ,وومانى | الانى .سنتينت فعا رق 
فإِنّه يُمكن أن يُطبق على الأزمنة القديمة؛ أو يُمكن للترجمة الصوتيّة أن تتبع 
قواعد الكتابة السيريليّة. أحياناء يتم استيعاب الأسماء في واحدة من هذه 
اللغات الأربع» حين يظهر الاسم في سياق واحدة منها. إذأء فالترجمة 
الصوتيّة من اللغات الأربع إلى الإنكليزيّة (بعد توضيح الأسباب وإثبات 
الملاحظات في السابق) ستكون: 


انط ضطد1 ع1هو4طع ++4وطوه 2 طق 4 طنغاط ‏ [وط+ + 7 : العربية 
7 1 128 عع1و:1طع '262 وطةوطدج + 2 0 طتعاططء ز5ة غوط” : الفارسية 
لاط؟ شسصم1 م41 :1ظع /2+2وطووطة 2 : 2 4 ل ططا ططه زة 46غ+مط*' الأردية 
التركمة 

ناط ا 82صعع1ق م عا عط طم ' 2 + 2 وطه دو طع 2 + 2 4 طعاطاطه [5ة ‏ +وصط* : 0 
طه- بود د 1 13وج : العربيّة 

6- ,©- طه- 23 +20 10 1 1138 3 : الفارسية 

طه- 7ه 3 5 616 3 113 2 :الأردية 

التركيّة 


( 1815 ذا 186 160ع 2) : العثمانية 

باتباع هذه الأنظمة في الترجمة الصوتيّة» سيسهل الانتقال من لغة إلى 
أخرى وبالعكس بشكل سلس (باستثناء بعض التفاصيل في التركيّة)؛ كما أنَّ 
هذه الأنظمة لا تتعارض مع أنظمة الترجمة الصوتية إلى العربيّة (باستثناء 
الزفر في الأرديّة في ط) وط3)؛ وهو ما يُتيح للقارئ درجة جيّدة من القدرة 


// 


على التمييز الصوتي للكلمة؛ وهي أنظمة في الحدّ الأدنى من الصعوبة بحيث 
يسهل تبنيها من قبل الكتّبة وإدخالها في خطوط الطابعات؛ كما أنْ هذه 
الأنظمة تتميّز بأنها ستبقى مفهومة بالحدّ الأدنى لو سقطت علامات التشكيل 
الصوتي عنها لسبب أو آخر. إِنْ الأنظمة المستعملة في هذا العمل تختلف 
بانزياح (4601316) طفيف عما أرسته الطبعة الثانية من دائرة المعارف 
الاسلاميّة. واختلافها على النحو التالي : 

في جميع اللغات : طه- بدلا من ه- ,و بدلاً من > (باستثناء التركية)» ز بدلا 
من زل؟ ومن دون وضع خط أسفل الحروف المركية (باستثناء الأرديّة). 


افي الفارسيّة والأرديّة والتركية: ة بدلاً من طاء وة بدلاً من ال ة 
وبدلاً من ٠0‏ وم بدلا من الا وطء بدلا من 26 و(لاع-)ع- بالا من 1-» كما يتم 
دمج الأحرف وا لاماء المركبة (10015- وما شابهها)؛ وفى الهندو ‏ فارسية 
والأرديّة تستعمل: 6 و6. 

أقا "فى العرنكية الضوتتة مق العربثة إلى الفركيةة تراغ أخرف العلة 
التركية . 


الأسماء الشخصيّة للمسلمين 

لا شك بأنّ العديد من الأسماء الشخصيّة التى سيواجهها القارئ في 
شع با 5 الحضارات اي ولا علاج لهذه الحو إلا 
نظلول الآلقة والمتفارسة: على الرغن بين ذلك فقاوم زيط قله 
ببعض الأنماط التى تترتّب وفقها الأسماء الشخصيّة ليتمكن من فهمها. فإذا 
تمكن من إدراك التشابهات في هذه الأسماءء فسيغدو من السهل عليه التركيز 
على ما بق ينها في أثناء قراءته. وسينجو من الوقوع في الخلط . 

إن أغلت الأسماء الشخصيّة للمسلمين ذات أصول عربيّة أو فارسيّة أو 
تركية » حتى في البلدان الي تتحدّث لغات غير هذه الثلاث ؛ والعنصر العربيّ 

هو العنصر الأكثر حورا في أصول الأسماء الشخصية . بالطبع» 97 
الأميماء مسكهدة من لغاتها المحلية». كما في ماليزيا أو إفريقيا . لقد كان 
التعامل مع الأسماء الشخصيّة بالمجمل واحدا في كل مكان. فحتى الازمنة 


/1/ 


الحديثة» لم يكن «اسم العائلة» الفوعا مع أسماء معظم المسلمين» سوى 

فى القليل سو الملةاقنن :و الطوريقة (الأكقر تدوع اللنسيية” كاتف انعفن الاق 
خانات” الأولى هي الاسم الذي يمنح للمرء ء عند ولادته؛ ثم اسم أبيه ؛ 
وأخيراً» إذا تطلّب الأمرء يأتيى اسم ثالث للوصف والتحديد» فيكون إشارة 
إلى منديقة اتهره الأصيلتة أو إكدازة إلى ميعته أو متصيية» أو إشيارة إلى 
أسلافه. أي إلى عائلته. إضافةً إلى ذلك» غالباً ما يكون لدى أصحاب 
المناصب اسم تشريفي يخلعه عليهم الحاكم عادةً. في الأزمنة والأمكنة 
المختلفة» كان للشخص. لأغراض وغايات مختلفة» اسمان يحملهما معا: 
أحدهما مستمدٌ من كونه مسلماً» ويكون مشتقًاً من العربيّة» واسم آخر مستقى 
من بيئته المحليّة؛ أو يكون له اسم عاديّ واسم تشريفئي؛ أوء وهذا بين 
العرب» اسم كنية بجانب الاسم الشخصي (وسأشرحه بعد قليل). وهذه 
الأشكال هي الغالبة والسائدة في الأسماء. 


لم يكن لدى المرء»ء بين هذه التشكيلة من الأسماءء «اسم رسمي». 
مثل الأسماء التي نبحث بموجبها عن الشخص في دليل الهاتف أو الاسم 
الذي يحمله المرء على بطاقته الشخصيّة . أما تحديد ما هو الاسم قن هد 
مجموع الأسامي والكتر. والألقاب ‏ الذي سيستعمل عند الاشارة المقتضية 
إلى العتمن:فيذا آمو عاتد الما عع تابنا وفلذتما (أخيانا يتم اختيار 
الاسم الآفل شيوغا للهرة ييخ اتناعة أو ازملاتد)اء :مكلا »كب أن ها 
اسمه أحمدء واسم أبيه علىَ؛. وهو معروف ب الزنجاني» لأنه جاء من زنجان 
[مدينة في إيران اليوم]. هناك الآلاف ممن يحملون اسم أحمد في مدن 
المسلمين. وعشرات ممن يحملون اسم عليّ؛ ولكنْ قلة فقط من جاءت من 
مدينة صغيرة مثل زنجان؛ وهكذا فإن الاسم الأقل إثارة للغموض والتشوّش 
للإشارة إلى هذا الرجل سيكون «الزنجاني» (ما لم يكن هناك أشخاص 
روسن لماي ذاتها في سياق الإشارة إليه). اانا يكون للمرء اسمان 
عرف جنا ف بعالا ما يكون ذلك لتمييزه ه في الدوائر المختلفة. بناء على 
ذلك» فإذا أراد المبتدئ الإشارة إلىى شخص ماء فمن الأفضل ا يتبع الاسم 
الذي يورده المؤلف الذي يعتمد عليه. وفي حالة الشكٌ 57 
التشوفن أن الخلط» فإن له أن يعمل تركية هن الأمماء السكياتة: 


ثمة مجموعة من العناصر المختلفة» التي توجد على وجه الخصوص فى 


/14 


الأسماء ذات: الأصضول العربيّة» والتي تشكل جزءاً لا يتجرّأ من أنواع معيّنة 
من الأسماءء وعلى الطالب أن يتعلم هذه العناصر ويميّزها. ف«ال» هي أداة 
تعريف». تقابل عطاء ونجدها حاضرة في العديد من الأسماء. حين ترد «أل» 
التعريف قبل بعض الحروف الصوامت» يتم دمج اللام وإدغامها في الحرف 
الصامت في النطق؛ وفي بعض الترجمات الصوتيّة تُكتب كما تُلفظ. فُكتب 
[بدلاً من 41] 4 ,5 ,5» إلخ. (قارن ذلك بما ورد في قسم الترجمة الصوتيّة). 
فى بعضن الحالات» يمكن أن ترد أل التعتريف أو تحذف غلى السواء: 
وغالباً ما تُحذف في الفهرسة. أما لفظة 3طه. فهيى تعني «أبو/. ولكنّها 
اطحية يكزا من مكونات الس السخطى: لمكن أن ترقمم أ الس 
وتشكل الغر كيئة امن «أذوة :وا لاسبى العالى لهذا انيما 0 كد !| سردي 
القدماء. كان ذلك يُشكل الكنية أو اسم التشريفء :كما يُشكل أسماء 
الأشخاص مثل «أبو بكر» (في الفارسيّة والتركيّة» فإنَ أبو 469 تُصبح -8 أو 
8). أما -صصتا فإنها تحل محل أبو في أسماء الإناث» مثل أمَّ كلثوم . 

أما حرف 6 فهو اختصار ل «ابن» (أو بنت)» ويستعمل في العربيّة كواسطة 
بين اسم الشخص واسم أبيهء وبين اسم الأب واسم الجدّء وهكذا ضعوداً في 
السلسلة» والتي تستمرٌ أحياناً لتقدّم لنا الاسم الكامل للشخص . وأحياناً تصبح 
«ابن فلان» اسم عائلة . في اللغات الأخرى غير العربيّة: وفي العديد من البلدان 
العربية الحديثة. لم تعد «ابن» تُستعمل في سلسلة التسمية. على الجانب الآخرء 
في الفارسيّة يتم استعمال الزائدة ازاده 28085» عوضاً عن «ابن»؛ أما في 


التركية فتستعمل كلمة «أوغلو ه51ه». والتي تشكل عادة اسم العائلة. أحياناً 
يتم استعمال هذه الكلمات بالتبادل» ف «ابن تقي" يصبح «تقى زاده) . 

لخسنا ستر ا" سفى هه العقاضو مق اين وأبوة إضافة إلى عفن 
اللواحق والبوادئ» لا يُمكن أن تحذف من دون أن يتغيّر الاسم تماما. في 
هذا العمل فَإننا ستصل ببيتها وبين الاسم بواضلة )1 





(؟١1١)‏ إن استعمال الواصلة في الأسماء المركّبة من مقاطع يعود إلى العادة الأنغلوساكسونية في 
عزل العنصر الأخير في الاسم الشخصي بوصفه «اسم العائلة». (يُمكن أن يُساعد استعمال الواصلة في 
إزالة مصدر كبير من مصادر الالتباس لدى القارئ المبتدئ) . والعناصر الثانويّة والتي لا تتجرّأ عن 
الاسم في الآن ذاته تشمل: ابن -1568» بنت» أمء أبو» نورء غلام» مملوك. عبد. ذوء سيط؛ ومن 
اللواحق : قلي ناهي- » بنده» بخشء دادء زاده» أوغلو. وهناك العديد من المركبات الأخرى التي - ١‏ 


9 


لا بل من مراعاة فئكات | ل سنا وتمييزها عن بعضها (والقائمة التالية لا 
تستوفي جميع فئات هذه الأسماء بالطبع» ولكنّها تشمل بعض الأنواع الرئيسة 
التي يسهل تمييزها) : 

: اسفاء الأنبياء‎ ١ 


إن معظم أبطال الكتاب المقدّس معروفون كأنبياء عند المسلمين» كما 
أن أسماءهم (ولو أنه قد طرأت عليها تعديلات عن اللغات الأخرى) معروفة 
بالشكل العربي. (على أن اليهود والنصارى في الأراضي الإسلاماتية قد 
استعملوا تنويعات خاصّة على بعض هذه الأسماء. والأمثلة كالتالي: إبراهيم 
- أبراهام؛ إسماعيل - إشماعيل؛ إسحاق - أيزاك؛ يعقوب - جاكوب؛ 
يوسهف - جوزيف؛ موسى - مورس ؛ هارون - آرون؛ داوود - دتفيكل؟ 
سليمان - سولومون؛ يحيى - جون؛ مريم > ماري؛ عيسى - جيسس . كما 
أن هناك مجموعة من الأنبياء الذين لم يذكرهم الكتاب المقدّس وفي 
مقمتهم محمّد نفسه. والذي بات اسمه شائع الاستعمال. 

"١‏ الأسماء المشتقّة من الحذور العربية المفضلة. وأبرزها: 

أ من ح م دء تدخل هذه الأحرف الثلاثة في تشكيل مجموعة من 
الكلمات الت تحمل دلالة الحمد والثناء» مثل محمد » ايده ومحمود. 
وحامد. وغير ذلك . 

ب من ح س نء» تتشكل مجموعة من الكلمات التى تحمل دلالة 
الحسن مثل محسن» وحسن» وحسين» وحسان.ء. وغير ذلك . 

ج - من س ع د» تتشكل مجموعة من الكلمات التى تحمل دلالة 
«السعادة»)» مثل سعل») وسعيل)») ومسعود.». وغير ذلك . 


دعن و 1 كلمات تحمل دلالة «الزيادة» و«النمو». مثل 


زيد» ويزيد. وغير ذلك. 





- تستعمل كأسماء أيضاً. في بعض الأحيان» يُمكن إسقاط العناصر الثانويّة من الاسم وقد تستعمل 
لوحدها؛ ولكنّ الواصلة مناسبة دوماً حين لا يكون العنصر الأخير من الاسم كافياً ليُستعمل وحده؛ 
وعلى القارئ ألا يتجاهلها . 


04١ 


ه ‏ من ع م 4 تتألفن مجموعة كلمات تحمل دلالة «العمْر» و«الحياة». 

مثل عمروء وغمرء وغير ذلك . 
- الأسماء المبدوءة ب «عبدل): 

تعنى كلمة «عبد» العبد المسترق» وهي تأتي كبادئة يلحقها اسم من 
أسيهناء الله بتكا مها :امنيا اذا لا يمك تتجرنتة. . ومن ثم فإن 
العبل القادر»ا هو اسم واحد (ل تمكن قسمتة إلى ائنين كما يفعل بعض 
الصحفيين). ومثله أسماء على شاكلة «عبد الرحمن»؛ وأشهرها عبد الله. 

كان ثمّة كلمات أخرى تشابه في دلالتها «العبد»: مثل بادئة «مملوك» 
فلان أو «غلام) فلان» أو زائدة فلان «بنده» [وتعنى خادم بالفارسية] و«قلى) 
[ومعناها الجندي أو الأجير في التركيّة]» وفي كثير من الأحيان تُستعمل هذه 
الزوائد والبوادئ موصولة باسم نبي أو إمامء لا باسم من أسماء الله. 

5 - الأسماء المختومة ب الله : 

كحال الفئة السابقة» تأتي فئة الأسماء التي تنتهي ب الله (أو بأحد 


بي أب 


أشهائه) مع اختلاف في العنصر الأوّل في الاسم الأوّل (أو البادئة)؛ مثل 
«حمد اللّه) . وأتجانا تكون الأشماء المركبة متصلة باسم اعفن الأثبياء» مثل 
انور ميحمدكد) . 


- الأسماء المختومة ب «الدين»» «الدولة». «الملك»: 

بالأصل فإِنْ الأسماء على هذه الشاكلة كانت ألقاباً» ولكنّها أصبحت 
أضنفاء: لاحن : مثل «قطب الدين». و الدولة». وانقام الملك». لاحظ 
حيداً بأن هذه اللواحق الثللاث يمكن أن تحدف من دون أن د يتشوّه الاسم إلى 
د عد معه تمبيزه . 

5 - الأسماء المبدوءة ف م 8410 : 

معظم سما الفاعل تنذأ بحرف الميم او وغالياً ب 1/1 ؟ وكثير من 
أسماء التفخيم ترد على صيغة اسم الفاعل. وهذا ينطبق بوضويح على 
أسماء معظم الخلفاء العباسيين: المنصورء المأمون» المعتصمء المتوكل» 
المعتضد.ء المستنصر. تبدأ الكثير من الأسماء ب 2404 أو 056ا284» وتنطبق 
هذه البادئة على مجموعة كاملة. من الأفعال. وعلى القارئ أن يلااحظ 


1 


الحروف التالية لهذه البادئة لكي يُميّر بين الأسماء في هذه الفئة. 
'٠‏ - الأسماء المختومة بالياء 1: 


بدن هله الفاتمة فى العدنة مين اللقات الانتلافاتنة: :وهى تشين عادة 
إن وحرد ضلانة أو قيجة إلى الأضل «التتحمن: الذي سحن من قيران إطلن 
عليه الشيرازي؛ ويُطلق على من أتى مِن الهند لقب «الهندي»؛ ويطلق على 
من يرعاه أو يحميه شخص اسمه سعد لقب «السعدي»؛ وعلى سليل عثمان 
لقب «العثمانى»؛ كما يُطلق على العضو في قبيلة كندة اسم «الكندي». 
(والمقابل التركي لهذه الخاتمة هي لي ناء أو لو 13 ,نط). 


كما تتكرّر مجموعة من الأسماءء التي لا يسهل تصنيفها عبر النظر إلى 
شكلهاء ذات الأصول العربيّة (للذكور: على». جعفرء حبيب. حمزة. 
صالح؛ للإناث: فاطمة» زينب» إلخ). وذات الأصول الفارسية (فيروزء 
بهرام. إلخ). وذات الأصول التركيّة (أزسااك 4 :تممووه اوشير ذلك غناك 
مجموعة أخرى من الأصول التى تنحدر منها الأسماء. 

أحياناً نُستعمل الألقاب المختلفة كأجزاء من أسماء الأشخاص (مثل ملك 
شاهء وهي مركبة من ملك العربيّة» وشاه الفارسيّة والتي تعني مَلك أيضاً) . 
كوا يكير الشعمال الألثات تحر الحا محل الانيو التيحصى» ا ستول 
معه دون انفصالٍ بينهما. ومن بين هذه الآلقاب مير (أمير). بيك. خانء 
ميرزاء شيخ» شاهء آغاء وغير ذلك. ولبعض هذه الألقاب دلالات خاصّة : 
فشاه حين تأتي كبادئة تعني «قديس» أو «رجل صالح». وحين تأتي كخاتمة 
تعنى «ملك»؛ وميرزا حين تأتى كخاتمة/ لاحقة تعنى أميرء وحين تأتى كبادئة 
تعنى (سيّدة؛ كا 10000 ااسيد) واكتريقف) كلقب بر ا نسل 
ا وتستعمل «حاج» و«حجي» لمن أدَى الحجٌّ. لبمن إلى مكة بالضرورة: 

في اللغات | لمختلفة. قد يكون نفس الاسم صعب التمييز : فمحمد 
مطح ج11 قد تصبح لعسطء 21 (أو أعصقطء34) بالتركية» وقد تصبح 01/311220 
في غرزت إقريقيا. :ني الإميراطويّة الروستة ؛ استعدل السليؤن حافية الباءة 
اوقل وزاده. 52 9©») ولوف 7اه»)؛ أو قاموا ببساطة بإضافة اللواحق 
الروسيّة على الأسماء كما هى. كما أن مسلمى الهند فى بعض الأحيان قد 
أدخلوا عناصر إنكليزيّة في اياف امعان المعايى عام في طريقة النطق 


+ 


الإنكليزية؛؟ فاستعملوا هنإو بدلا من 14ل[ة58 [سيد]اء ول5266 بدلا من 5210 
[سعيد]؛ وبالمجمل استعملوا 0ه -8 ,6ه -1 ,و دنر فدلا من 8 القصيرة 
استعملوا نا. في المستعمرات الفرنسيّة» تفرنست أسماء المسلمين ,:و-و 


لاع - ع ,0-011 » إلخ . 


التقويم الإسلاماتي 

إن العصر 658 هو نظام لترقيم السنوات بدءاً من سنة تمثّل القاعدة أو 
نقطة الانطلاق (فالسنة الأولى من العصر المسيحي هي السنة التي يُفترض 
بِأنَ المسيح قد ولد بها). أما السنة الأولى من العصر الإسلامي فهي سنة 
الهجرة. » التي هاجر فيها محمّد من مكة إلى المدينة وأسّس فيها المجتمع 
المسلم. تقابل هذه السنة الجزء الأخير من سنة 177+ والجزء الأول من سنة 
77 من العصر المسيحي أو العصر المشترك (الميلادي 8©). 

على خلاف معظم أشكال التقويم» فإِنَ «السنوات» في العصر الإسلامي 
ليينة: تواتك شحسية - الدورة الكاملة للفصول انها عونتتو انك قمر 
مكوّنة من اثني عشر ١شهراً‏ حقيقياً», أي من اثنتي عشرة دورة للقمر. وبما 
أن الشهر الحقيقى يتكون نة: 54 أو يوماء فإِنْ ال ١١‏ شهراً تنقص عن 
البينة لجيه بجوو اجن عو وها ب عاد ها كان المععلرن بالغرب 
القمري» الذين يستعملون الأشهر الحقيقيّة « يجاطرق علي ارنباطهم بالسنة 
الشمسيّة من خلال إضافة شهر إضافي كل ثلاث سنوات تقريباً. وهو أمرٌ 
حرّمه القرآن' *. ومن ثم فإنَ التاريخ في السنة الإسلاميّة لا يرتبط ارتباطاً 
ثابتاً بالفصول؛ فالأعياد مثلاً قد تنتقل من الصيف إلى الربيع» ومن الشتاء 
إلى الخريف. ثم إلى الصيف من جديد ثلاث مرات في ال ٠٠١‏ سنة. بناء 
على ذلك. فإن التقويم الإسلامي. المستعمل لأغراض دينية طقوسية 
ولأغراض تاريخيّة.» كان دوا 00007 بجانب تقويم «علماني» آخرء يعتمد 
على السنة الشمسية» والذي كان يستعمل لأغراض الدولة والإمارة وللأغراض 
عمليّة أخرى. كان ثمّة أنواع كثيرة من هذه التقويمات العلمانيّة الإسلاماتية» 
ل ل ولم يستعمل تقويم منها لفترة طويلة» 


(*) إشارةً إلى النسيء في الآية 11 من سور التوبة: :ا« إنّما ألبَّمَءُ زجاءء في الكثر يِصَلٌ به 
الترح كووأ ملُومَهُ عَامَا 1 عَمًا لبوَاطِتُوا عِدَّةَ ما حَرّمْ أَلَهُ را ما حَحَرَّمَ مذي (المترجم). 


1 


كما لم د عتم غليها تشكر كاف: للأغراض التاريحةة .وباستفناء الآرمة 
المتأخّرة. حين أصبح التقويم العلماني معتمدا على التقويم الغريغوري او 
التقويم العالمي الحديث» لم تكن أي من هذه التقويمات الشمسيّة المرافقة 
تنافس م الإسلامي القمري 0 1 
تقريبي ء فإِنْ من المتعرّر أن تُضيف إلئ التاريخ الهجري رقماً ا 3 
الفارق بالسنوات بين نقطة الانطلاق في التقويم الهجري ونقطة الانطلاق في 
التقويم المسيحي (151م) لنحصل على التاريخ ف الصححه بحسي اناري 
المسيحي (كما نفعل مع التقويمات الأخرى). إذا لم يكن المرء ء يمتلك 
دولا للتحويل. فإن 038 طريقة سريعة لمعرفة السنتين الميلاديتين اللتين 
تقابلان السنة الهجرية التى نريد معرفة مقايلها. بسبب قصر «السنوات» 
الإسلاميّة» فإِنْ القرن الإسلامي أقصر بثلاث سنوات من القرن في التقويم 
الشمسي؛ ومن ثم فإن التاريخ الإسلامي يتقدم بمعدل ثلاث سنوات في كل 
قرن» مقارنة بالتقويم الشمسي. في السنة الهجريّة الأولى» كان هناك فارق 
5١‏ دكن البده ١75‏ المسيحية. في السنة ٠ه‏ أصبح الفارق 5١‏ 
سنة (أي إنها ثقابل 5١8 +٠‏ د مالا م)؟ فين الشيتة 85 1ه أصبح 
الفارق 8١6( 5١6‏ م). وبحلول عام ٠٠ل/اهء‏ أصبح الفارق ٠5٠٠‏ سنة فقط 
(يقابلها سنة ١10م).‏ بعد ذلكء فإِنْ الفارق قد أصبح أقلَ من 5٠١‏ سنة. 
بناء على ذلك. فإن التاريخ التقريبي في التقويم المسيحي يُمكن أن يُحسب 
عبر إضافة ٠٠١‏ سنة + " سنوات لكل قرن قبل عام ١٠/٠ه»ء‏ أو بإضافة 
٠٠‏ -” سنوات لكل قرن بعد عام ١٠/اه.‏ 

ولأصحاب النزعة الرياضيّة» يمكن الوصول إلى تاريخ أكثر دقة عبر 
اشتعها ل هذه المعادلة: 

ويمكن معرفة التاريخ الإسلامي من السنة الغريغوريّة عبر المعادلة التالية : 

ه دغ 555١‏ + (غ - 00/)177. 

ومن الضروريّ ملاحظة أنْ هذه المعادلة تُعطينا السنة الجارية [فى 


2) 





(1) قد يكون من الأسهل استعمال المعادلة التالية: غ -ه ‏ الا٠,٠‏ ه +577. 


ا 


التاريخ المقابل] عند بداية السنة في التاريخ المُعطى لنا (أما الجزء الأكبر من 
السنة فقد يصادف السنة نفسها أو السنة التالية لها). 

عادة ما كانت أشهرٌ السنة الإسلاميّة تتحدّد من خلال المراقبة الفعليّة 
للهلال؛ أي إن الشهر نفسه كان يتكوّن من عدد مختلف من الأيام [9؟ أو 
]"٠‏ في السنوات المختلفة» بل وفي السنة نفسها في الأمكنة المختلفة؛ على 
أن هذا قد جعل التحديد الدقيق للتاريخ أمراً محفوفاً بالمخاطر ما لم يكن 
اليوم داخل الأسبوع معلوماً أيضاً (والتقويم الإسلامي يتضمّن إيراد الأيام 
السبعة للأسبوع والأشهر الإثني عشر). في ظلْ بعض أنظمة الحكم» كانت 
هناك بعض الوسائل الحسابيّة» مثل تناوب الأشهر على ثلاثين يومأء ثم 
تسعة وعشرين» ثم ثلاثين» وإضافة «سنة كبيسة» في بعض الأنظمة» تستعمل 
لجعل التقويم أكثر انضباطاً وأسهل للتنبّو. والأشهر على الترتيب هي : 
محرمء صفرء ربيع الأوّلء ربيع الثاني» جمادى الأولى» جمادى الآخرة» 
رحن كتغنان4-رمضات + شوال+ ذو "القعةة» اذو الححة: 

وبما أن الشهر يبدأ برؤية الهلال الجديد في أوّل المساءء فإِنَ اليوم يبدأ 
مع غروب الشمس . 


أما الأسماء العربيّة الأكثر شهرة في التقويم الشمسي الإسلاماتي (مع 
ذكر مقابلها الغريغوري) فهي التالي : 
كانون الأوّل (ديسمبر)» كانون الثاني (يناير)» شباط (فبراير)» آذار (مارس). 


وبا ا : 


فرودين (مارس - أبريل): أرضيياقيت (أبريل مايو)» خرداد (مايو ‏ 
يونيو)» تير (يونيو - يوليو)» شهريور (أغسطس - سبتمبر)» مهر (سبتمبر - 
أكتوبر)» آبان (أكتوبر - نوفمبر)ء آذر (نوفمبر ‏ ديسمبر)» دي (ديسمبر - 
يناير)» بهمن (يناير - فبراير)» إسفند (فبراير - مارس) . 





2# تبدأ السنة الشمسيّة الفارسيّة من الاعتدال الربيعي (الذي يقابل ١‏ آذار/ مارس)؛ أي إن 
بداية الشهور ونهايتها تتوافق تقريباً مع نظام الأبراج الفلكيّة المشهور (المترجم). 


1 


النزعة الانسانيّة التاريخيّة 


ما لم يقنع العاللم أن تكون مقولاته (والتي ستتحدّد تبعاً لها نوعية 
الأسئلة التي سيطرحها ونوعية الإجابات التي يُمكن أن يصل إليها) مجرد 
شاع غاوضه للميول. الببائدة في عصرة» فإنّه لن يجد بُذَاْ من تسويغ اختياراته 
للوحدات التي تقوم عليها دراسته. أي تبرير وجهة نظره بكاملها اتيم 
لمثل هذا التبرير أن يتضمّن موقفا ييف حول دوره كعالم. أما إن كان ثمة 
إجماع واتفاق عام حول هذه المسائل المنهجية. وكان العالم متفقاً مع بقيّة 
العلماء كو لترديم فلا بأس بترك هذه الفشائل المنهجية على حالها. 
لشيية خطناة فَإِنْ في عالمنا اليوم عدداً مختلفاً من المنهجيات والآراء 
المتباينة التي تقود حقل الدراسات التاريخية نوفا : والدراسات الإسلامية 
على وجه الخصوص . 


تُوصف الدراسات التاريخيّة عادةً بأنّها إيديوجرافيّة (منطمهمومنة1). ذلك 
أنها تصف جزئيات متموضعة في أزمنة وأمكنة مخصوصة؛ كما هي الحال 
في العديد من الدراسات الجيولوجية ودراسات علم الفلك. وهو وصف يقع 
على الطرف النقيض من الدراسات النوموطيقية (عناعطامهمم) كالفيزياء 
والكيمياء» والتي يُفترض بها أن تضع قواعد صالحة لكل زمان ومكان”* . 
لهذا التمييز فائدته ما دام المرء يضع في حسبانه جملة من الاعتبارات» التي 
كيرا ما لسن أولأ سواء أكانف موضوعات أمبدلة الت متخصيوضة يمان 
معيّن أم لاء فإِنْ الأسئلة المطروحة (إذا كانت متلائمة مع التراكم الحاصل 
في حقل دراسة عام) يجب أن تكونء بدرجة أو بأخرى. ذات أهميّة عابرة 


(*) يعود هذا التمييز إلى الفيلسوف الكانطي الجديد فيلهلم فندلباند »)١115 - ١854(‏ الذي 
اعتبر بأنَ المقاربة النوموطيقيّة للعلوم تهدف إلى الوصول إلى استنتاجات عامّة يُمكن أن تنطبق على عدد 
لامحدود من الحالات؛ وهذه سمة العلوم الطبيعيّة في رأيه. فهي تصدر عن الملاحظة والتجربة 
المباشرة» ثم تخلص إلى مجموعة من القوانين العامة التي يُمكن تطبيقها على حالات أخرى غير الحالة 
الدراسية التي تم استخلااص هذه التعميمات منها؟ أما المقاربة الإيديوجرافية. فهي با ساس مقاربة 
وصفية واستنتاجاتها لا تعلق سوق بالحالة الخاضعة للدراسة» وقد اعتبر فندلباند أن العلوم الإنسانيّة 
إيديو جرافية بطبيعتها (المترجم). 


4/ 


لوه بالنسبة إلى البشر: قد يؤدي ذلك أحياناً إلى شيء من القدرة على 
التلااعب والتحكم. ولكئة واكم ما يؤدذي إل فهم أفضل للأشياء التي تهمّنا 
كبشر”*'“. علاوة على ذلك [أوء ثانيً]اء لا ينبغي» نظرياً» أن يتمّ تحديد أي 
حقل اختصاص معرفي بطريقة صارمة بناءً على طبيعة الموضوعات التى 
تدرسيناة .ولاايناة على المنهينتاث الع يتنعهاء افقلا عن أن ينه كنديد. 
بحسب النتائج التي يخلص إليها (على الرغم من أن هذه الأمور مؤشّرات 
مفيدة» على 0 التجريبي» في تفسير واقع الحقول البحثيّة الأكاديميّة 
المختلفة. والتي نت الا سافن نتيجة حوادث ومصادفات تاريخية). نظرياء 
يجب أن ينطلق أي حقل معرفة اختصاصي من مجموعة من الأسئلة 
المترابطة» التي يمكن نقاشها على نحو مستقل نسبيًا عن بقيّة الأسئلة» من 
وجهة نظر العالم على الأقل. وحين يستأنف اختصاص معرفي ماء فلا يمكن 
علنا أن يتم تخديق:. ا لأشكلة التي سوتيت أنلها أسناسثة للاتظلا فق أن 
المنهجيات التي سيثبت أنها ضروريّة للإجابة عن هذه الأسئلة على نحو 
ينيد ويناء على ولك اتن كان اقجه حجن علس للدرانتتا تلت يقن ( وشو 
ما أؤمن به) ولم يكن مجرّد خليط من حقول مختلفة» فإِنْ حدودٌ هذا الحقل 
لن تكون إلا جميع الأسئلة المتعلقة بتطوّر الثقافة الإنسانيّة وباستمراريتها عبر 
الزمن؛ وهنا لا يمكننا استبعاد الحاجة الكامنة لتقديم مجموعةٍ من التعميمات 
اللازمنيّة نسبيّاً وتطويرهاء كالبحث مثلاً في سؤال ما هو الممكن في التغيّر 
الثقافي:..ولن و هذه التعميمات قابلة للاستنباط من أي حقل 
اختصاص علمى آخرء ولكتّها ستكون ضروريّة لفهم ما هي الأمور المهمّة 
أهميّة دائمة لازمنية في دراسة حوادث الثقافة الإنسانية المؤرّخة في أزمنة 
وأمكنة مخصوصة. 


)١14(‏ إن القدرة المتزايدة على التنبؤء المتأتية من «دروس» التاريخ» وبالتالي القدرة المتزايدة 
على التلاعب والتحكّمء قد تطرأ أحياناً على الدراسات التاريخيّة؛ ولكنها بالتأكيد ليست هي الهدف 
الرئيس. من الناحية الأخرى. فإنْ التنبّؤء كاليّة للتحققء يؤدي دوراً مهمّا في البحث التاريخي. وهذا 
بالطبع ليس وسيلة للتنبّؤ بالمستقبل - فهذا ليس هدفاً مناسباً لأيّ حقل اختصاص علمي أو معرفي - 
وإنّما هو وسملة مهمّة للتنبّؤ بأدلة مستقبليّة ممكنة. وهو ما قد يحدث عن طريق التجارب المخبرية؛ أو 
الدراسات الميدانيّة المسحيّة» أو (في حالة الدراسات التاريخيّة) عن طريق الكشف عن وثائق 


جديدة . 


1 


إذا اتضحت هذه الاعتبارات» فيّمكننا حينها القول بأن الدراسات 
التاريخيّة للثقافة الإنسانيّة هي وواتفاة ابدووح 9 مع أن تعيا تيا 
حتّى الكبرى منها ‏ في الغالب تاريخيّة ومؤقّتة بزمان مخصوصء. على خلاف 
أنواع أخرى من الذراينات الطبيعية». وربما على خلاف بعض أنواع 
الدراسات الاجتماعيّة للثقافة الإنسانيّة» المصممة لتقديم تحليلات تنطبق على 
جميع المجتمعات في مختلف الأزمنة. إضافة إلى ذلك» فإن أسئلة 
المؤرّخين مرتبطة ويا دازف وأمكنة مخصوصة ؛ وحين يقوم المؤرخون 
بطرح أسئلة غير مؤظّرة بزمن معيّن داخل سياق تاريخي ما (ويجب أن يفعل 
المؤرّخون ذلك)» فإِنَ ذلك يكون بهدف توضيح الجزئيات المرتبطة بالأزمنة 
والأمكنة المخصوصة مهما كان نطاق الأسئلة واسعاً. ولا يُمكن أن يتم 
عكس المسألة [أي الانطلاق من نظريّة عامّة لتحديد وقائع جزئية 
فنخضوصة]4.ذلق أن الحؤادث الموظزة بزمان:ومكان تخصوصي: لبسة 
مجرّد أمثلة لحالات عامّة» وليست مجرّد مادّة خام لتأسيس نظريات 
وتعميمات لازمنية بناءً عليها . 


أجدني مهتمّاً هنا بإيضاح تمييز إضافي. فداخل الحقل الذي يتناول 
أسئلة الثقافة واستمراريّتها عبر الزمن» وحتى حين يكون التركيز منصبّاً على 
زمان ومكان مخصوصين.ء يمكن للمرء أن يُميّز وجهات النظر التاريخيّة 
المختلفة من جهة ما نوع الأسئلة التي تمنح الأولويّة وتكون إجاباتها هي 
هدف البحث التاريخي وغايته؟ وما نوع الأسئلة التي تُعتبر ثانويّة» وتكون 
نتائجها مهمّة من جهة رفدها للأسئلة الرئيسة؟ على أساس ذلكء. يُمكن أن 
دوه بين نوعين من المؤرخين: ل النمطيّ ا 0 امور 
الاستثنائيٌ 5 ... عماناء فإِن التمييز.نين التوعين كعاة ببؤّرة 
التركيز ودرجته: ف«مؤْرّخو الاستثناة قل تسوه بكل ها ينشغل به «مؤرّخو 
النمطيّ». وعليهم أن يفعلوا ذلك؛ وكثيراً ما يجد «مؤرخو النمطي» أنفسهم 
منخرطينء بالرغم من مبادئهم». في مسألة يشعرون بأنها يجب أن تهمّ 
امؤرّخي الاستثنائي» فقط. ومع ذلكء فإِنَ كلتا وجهتي النظر يُمكن أن تصدر 
عن استعمال وحدات ومقولات مختلفة لتحديد حقل الدراسة وموضوعها. 
إنني أعتقد بأنا إن أردنا تناول الأسئلة الإنسانيّة الأكثر أهميّة» فإننا لا يُمكن 


1 


استبعاد الوؤية الأكثن شرم ل أ التي تعنى بما هو استثنائيّ - في دراسات 
الحضارة ما قبل الحديثة. إن هذا أحد المبادئ والأسس التى بنيتٌ عليها 
هذا الكتاب . 


يعمد بعض «مؤرخي النمطي» لمن فهم الجزء الذي اختاروه من البيئة 
الثقافيّة الكلية وإيضاحه بحسب طريقة تأثيره ‏ عبر الأحداث المتفاعلة ‏ على 
الباحث المعاصر. وهم يميلون إلى إظهار تلك البيئة كما تشكّلت في مكانها 
وزمانها (طارحين أسئلة حول الكيفيّة التي آلت بها الأمور إلى وضعها في 
الحاضر)؛ وهو ما يشبه طريقة دراسة الفلكيين لجرم معيّن؛ فق زجانة.ومكان 
مخصوصين » من النظام الشمسي . قد يأمل بعضهم أن تساهم أعمالهم في 
نهاية المطاف في إيضاح الطبيعة اللازمنيّة للتغيّر الثقافي» دون التقيّد بأي 
زمان أو مكان مخصوصين (على الأقل داخل المدى الزمانى والمكانى الذي 
تتموضع فيه الثقافة الإنسانيّة بالعموم). وعلى هؤلاء المؤرّخين» إن أرادوا 
الاتساق مع منهجهم. أن يهتموا أوَلا بما هو نمطي. ثم بما هو استثنائي» 
فقط إن كان سيفيد في توضيح (أو تفسير) ما هو نمطي. فإذا قاموا بدراسة 
دولة ماء أو قصّة ماء أو طائفة دينيّة ماء فإنهم سيدرسونها بالأساس بوصفها 
تجسيداًء أو على الأقل بوصفها لأنماط سياسية أو جماليّة أو دينيّة أعمّ؛ 
أحياناً تكون هذه الأنماط متعلقة بزمان ماء وإن كانوا يفضّلون الوصول إلى 
أنماط عامّة عابرة لكل الأزمنة. 


على الجانب الآخرء نجد وجهة نظر يُمكن أن توصف بأنها أكثر 
إنسانويّة» وعندها أنْ الهدف من دراسة ما هو نمطى هو أن نتمكن من تقدير 
مااهى انتستاتة: وقيمة» الندرك يعنق أكبر نا الع يجعله انتشنانيا + إن :غلينا 
أن نعرف أغمال الفنانين أو أعمال رجال الحكمء التي تعتبر نمطيّة في فترة 
نااك انقط لتشم سن إذزاك هنا شو اقل وي 01 إننا ندرس الحاضرة 
الإسلامية ككل. كحدث تاريخي كبير ومعقّدء كما ندرس أعيدانا كثيرة أقل 


(15) لا يُمكن اختزال هذا الموقف إلى النقد الفئي الجماليّ بالطبع» فضلاً عن الحكم الأخلاقي 
المباشر. فالفارق بين المؤرّخ الفني والناقد الفتى ‏ وكذلك الأمر بين ما يُقابلهما في الحقول الأخرى 
غير الفن ‏ هؤ أن اهتمام المؤرّخ ينصبّ على الثقافة في حدّ ذاتها في أبعاد استمراريّتها داخل المزمن. 
ولكن هذا الاهتمام لا يُمكن أن يؤدّي إلى التخلّي عن الشعور بالعظمة؛ بل إلى وضعها داخل منظور 
المؤرخ. 


١٠١ 


امتداداً واتساعاً تُشْكّل هذا الكلّء ولكن. ليس بهدف جعل هذه الأحداث 
أمثلة على شيء أكثر عموميّة وإنْما بهنت أحدانا غير كرو كسيب 
انها تخذيدا "لهذا المسنيا ومد ثم تفكن لناان نهتم بم بالنتجاحات الكبرى 
والإخفاقات الكبرى على السواءء كما يمكننا في أن ونان نهتم بالنتائج 
العطاقينة الخنيق رما :ونا لمعافيه الك علؤقنة الكافنة فيه يفا : 


لا يعنى ذلك أنّ بحثاً كهذا سيكون بحثاً ترائياً أثريأء بل يبقى بحثاً 
ماوعا ا ذلك أن الأحداث الاستثنائية أحداث بارزة ومهمة في 
سباق النكترئة: تجمعاء»: ولا تحصرر: أهمنها “نين حدود أفراد معيّنين أ في 
حدود جماعة مخصوصة. يغدو ذلك وأقيهماً حين تغيّرٌ هذه الأحداث 
سياق الحياة الإنسانية في نيا :ذللكة .انه السين ثمّة منطقة جغرافيّة أو 
حقبة زمنيّة معزولة على المدى الزمني البعيدء بل لا بد أن تتصل تأثيراتها 
ببقيّة العالم. على هذا المستوى» يلتقي «الاستثنائي» ب«النمطي» ويصبحان 


وحدة واحدة. 


لا تقتصر الأهمية الاستثنائية على الأحداث التى غيّرت السياق الطبيعي 
أو السياق الاقتصادي ‏ الاجتماعي. فحالات التضامن الأخلاقي أو الروحي 
نين المشر» عيدا عن الصدراعات المادية :فى أ زمة من الآريةة» تجفل 
مصير كل إنسان مرتبطأ بالبشريّة جمعاء. وسواء أكان لهذه اللحظات نتائج 
برّانية مستمرّة أم لاء فإنها أيضا ‏ وربما أكثر من كل شيء آخر ‏ أحداث 
وأفعال غيّرت السياق الأخلاقي للحياة البشريّة؛ ومن ثم فإنها تحظى بأهميّة 
استثناثةء لأنها وضعت معايير وقواعد لا يمكن الرجوع عنهاء ولأنها شكلتث 
تحدياتٍ وأقرّت مطالب أخلاقيّة لا يُمكن للبشريّة اليوم أن تتجاهلها. لقد 
كتب هيرودوت تاريخه» كما يقول. للحفاظ على ذكرى ار العظيمة التي 
قام بها الإغريق والفرس: أعمال عظيمة منقطعة النظير»ء تستحق احترامنا 
دوما. لا يمكن تقليد هذه الأعمال» ولكن يمكن محاكاتها وربما التفوّق 
عليها وتجاوزها. ونحن لا نجرؤ حتى الآن على وصف رجل ما بالعظمة ما 
لم تكن أعماله موازية في عظمتها لتلك الأعمال. حين يعرف العالم هذه 
الأعمال والمآثرء فإنه لن يعود أبداً إلى حاله التي كان عليها قبل أن يعرفها: 
شعي ب ل 0 000 


١١ 


إدزاكا لما نحخق علتزموق ننه كشتر» .وستخبرنا عا هن الأقياء الف شعسة 
إعجابنا ودهشتنا ودموعنا . 


كنا تعد هنا 00 ذاك التوع. من العدات والايناك 0 نشكل 
ادف أو بدقة أكبن . 3 00 من 00 والنساء المتغدر 
أهمئة وقيمة مكافئة ولك أهميّتها ومغزاها يكمنات فى مستوى آخرء ويعنى 
بهما كُتَبَة السير الشخصيّة لا المؤرّخون. أما بالنسبة إلى المنظور الذي 
يُعنى بالاستثنائي» فإن المعايير المثاليّة للأشخاص وتوقّعاتهم هي ما يكتسي 
الأهمنة الكترى: ذلك انها أتفة يانها البواعث الرئيسة للإبداع عبر 
الفجوات المتاحة داخل الأنماط الروتينيّة المتكررة» حيث تنهض الظروف 
الاسعئتاتية وتصبح ولادة الأشماء الجديدة أمراً ورا : وبهذه الطريقة. 
يجد «مؤرّخ النمطي» نفسه مدفوعا نحو مسائل أكثر مُناسبة لبرنامج «مؤرّخ 
الاستثنائى) . 


من المؤكد أن على المؤرخ الاستثنائي» الجاد ‏ بغض النظر عن نموذج 
المؤرخين المٌصَاص أل يفهم كل ما يتناوله امؤرّخ النمطي» من مواضيع 
العلوم الاجتماعتة» ذلك أن الروع وَالمُثْل الجديدة لا تصعد إلى خشبة 
الجسم عر المُرَج الممكنة داخل شبكة المصالح الإنسانيّة (الماديّة 
والمُتخيّلة)» لأولتك الأقلّ اهتماماً بتلك المُثّل. . في النهاية» لا بدّ من ابجع 
جميع الأسئلة التاريخيّة المبدوءة ب«لماذا؟» (أخنانا تكون على شكل : «كيف 
أصبح هذا الشيء فاعلاً؟») إلى ظروف الطبيعة الإنسانيّة والبيئة الثقافيّة؛ وهي 
الظروف التي سيتحول التاريخ من دونها إلى دجموعة من الحوادث الفردية 
الاعتباطيّة والعرضية التي يلغي بعضها بعضا لا من أن تدعَم بعضها 
البعض على نحو متراكم وتوجّه التاريخ باتجاه واحد"'“. ومهما يكن 
الإنسان كائناً غير عقلانيّ, فإن لاعقلانيته عشوائيّة وغير مثمرة على المدى 


(13) لأجل ذلكء فإنَّ كلّ سؤال عن «لماذا [حصل] هذا؟» يفترض مسبقاً سؤالاً عن «لماذا لم 
[يحصل] ذلك أو ذاك؟). . فجميع الاحتمالات الممكنة التي لم تتحقّق تصبح جزءاً من بحثث المؤرّخ» 
بشكل صريح أو ضمني» مثلما هي الحال لدى جميع العلماء والباحثين. 


١5 


البعيد. أما حساباته العقلانيّة فهي ما يُمكن أن يُدعَم بشكل مستمرٌ عبر 
المجموعات الإنسانية ويمكن أن يُظهر اتجاها وروا ثابتاً ؛ حتى حين تكون 
حساباته مبنية على افتراضات يل" ويتبين من هنا أن مصالح الجماعة 
لها طريقتها فى تأكيد نفسها. ويبدو أن مصالح الجماعات قائمة في النهاية 
الثقافية. م هي الخناقات الأساسة لعدم الاستقرار الداخلي للتقاليد 
الثقافية فية على المدى الطويل» ذلك أنها هي نا وذفعها لآن :تعد أككر تمفصلا 
واجكافاة ومن ثم يتطلب منها أن تقوم بتعديلاات حديلة. 


ولكنْ دور مثل هذه الظروف البيئية هو فقط تعيين حدود الممكن. 
وداخل هذه الحدودء ثمة فرص متاحة للرؤى الإنسانيّة المختلفة. فحين 
فإنَ الرجال والنساء الذين يملكون الخيال هم من يستطيعون إيجاد بدائل 
أخرى جديدة. وعند هذه النقطة» يمكن للضبمائو المعية أن تؤدي دورها. 
وقد يثبت لاحقا نجاح البديل أو فشله في مواجهة التحدّي المطروح. ولكن. 
فى كلنا الحالتيق» فإن هذه الرؤئ الشخصبة هن الجدء الأكثر إنسنائية :فئن 


ومن ثمٌ» ينبغي أن يهتمٌ المؤرّخ الإنسانوي بأشكال الالتزام والولاء 
الكبرى التي حملها البشرء والتى عبّرت عن كافة أشكال المعايير والمثل؛ 
ويجب أن ينشغل ويهتمٌ بالتفاعلات والحوارات التي عبّرت بها هذه 
الالتزامات عن نفسها. ومن ثمء فبالنسبة إلى «مؤرّخ |الاستثنائي») الذي يمتلك 
هذه الأهداف, فإِنْ الحاضرة الإسلامية بوصفها مركباً أخلاقياً وإنسانياً معقّداً 
من التقاليد الفريدة والتي لا يمكن الرجوع عنهاء هي ما يشكل مادته التق 
0 عليها. وسواء أكانت الحاضرة الإسلامية قد «أفضت» إلى شيء 
ضح الحضور في العصر الحديث أم لاء فإِنْ ذلك أقل أهمية من القيمة 
0 لها وققها استجابة إنسانية حيوية ا مسعى نهنا ا لا يمكن 
الاستغناء عنه. وبصفتها هذهء فإن لها أن : تستثير احترامنا الإنسانيئ وتقديرناء 





)١0‏ فيما يتعلق بحريّة إرادة كل جيل وقدرته على الاختيار في مقابل «التقليد الأعمى» -انظر 
القسم المتعلق بالحتمية في التقاليد أدناه . 


١٠١7 


حتى لو :افترضقا أن الدور الذي أدته كان أقل من الدور الذي أدّته فعلاً فى 


مد الررايك الثقافيّة الإنسانية في الزمان والمكان وفي إنتاج العالم الذي 
: .5 0*ه 
تعرقة : 


(*) لعل مما يفيد القارئ في إيضاح ما يقصده هودجسون بالفارق بين «مؤرّخ النمطي» وامؤر< 
الاستثنائي» أن يُقارنَ ما سبق بما أورده المؤلّف في توطئة الكتاب الخامس من استطراد منهجيّ أنقل 
نقنة كالياً . يمكن ملاحظة ما يفترق به مؤرخ الاستثنائي عن النمطي من خلال اهتمام «مؤرخ الاستثنائي» 
بالنوع الثالث من الأفعال الفرديّة المبدعة. 1 

يقول هودجسون: «أريد أن أؤكّد من جديد على مبدأ إرشاديّ أتبناه في بحثي . إن استجابة 
الحساسيّة الفرديّة» من جهة ارتكازها على الضمير» هي واحدةٌ من الجذور الأساسيّة القصوى للتاريخ. 
حتى في ظل سيادة النزعة المحافظة . يُمكن لنا أن ثُميّز ثلاثة أنواع من الفعل الفردي . أؤلاء. ننه أفعال 
عارضة تاريخياً - أفعال تنبع من موهبة أو مصلحة أو نزوة شخصيّة - وهي أفعال تلغي .عضها البعض 
(فلو انتفع أحدهم من خلال قبوله رشوةٌ ماء فإنّ غيره قد ينتفع من الإبلاغ عنه» وقد ينتفع ثالث بتطهير 
جهاز موظفيه من الفساد) “أثانياء ثيه أففالاتراكمية تاريضبا »ذلك الها تستجيت لمصالح المجموعة 
الاقتصاديّة أو الذوقيّة أو حتّى الروحيّة» وهي أفعالٌ تعرّز بعضها البعض (وبالتالى» فى وضعيّة 
مكصوضة : قدديؤدع الععارض بن الاكزاعات الرسنية: والقدرات الإداريّة الفعليّة إلى أن تصبح 
الرشوة هي البديل الوحيد المتاح في ظل هذا المأزق. وحينها سيتواطاً الجميع على ذلك). ولكن. 
احيرا ثمّة أفعال يجب أن تُوصف بأنّها مبدعة تاريخيا : فعندما تكون الضغوط بين مسارين اثنين 
متساوية القوّة» يُمكن للخيال الفرديّ أن يتسلّل من بين الفُرّج والفجوات في شبكة مصالح المجموعات 
وأن يُقدّم بدائل بناءة جديدة» والتي من شأنها في النهاية أن تُغْيّر تركيبة مصالح المجموعة (وهكذا قد 
يجد المسؤول الإداريّ نفسه مرتبكا وحائراً» فيلجأ إلى المُساعِد المثاليّ ‏ النزيه إلى درجة أنّه لا يُمكن 
أن يغدو رئيساً ‏ فيقترح خياله طريقاً جديداً يُعيد تشكيل أسلوب العمل برمّته على نحو تختفي معه 
الحاجة إلى الرشاوى) . 

قد تكون للأفعال العارضة مفاعيل حاسمة على المدى القصيرء وكثيراً ما تملأ هذه الأفعال 
سجلات المؤرّخين» ولكن بالإمكان تجاهلها بالعموم على المدى التاريخي البعيد: فعاجلاً أو آجلاً 
سيجد هذا الفعل فعلاً آخر يدفعه بالاتجاه المقابل ويمحو أثره ويستعيد حالة التوازن. أما الأفعال 
التراكميّة (التي لا تلغي بعضها البعض) فلا بدّ من التعامل معها عبر تتبّع كل مجموعة من المصالح عودة 
إلى بيئتها ومحيطها (الذي يشمل نتائج بم الأحداث الاجتماعيّة السابقة وبنية التوققعات الحاليّة)؛ وعلينا أن 
ندرس مسرحيّة المصائح نزولا إلى آخر ملاحظة ساخخرة فيها. . أما ما أسميته بالأفعال المبدعة» والتي لا 
تنجم عما فرضته الأفعال الأخرى في شبكة المصالح القائمة» بل تقوم بفتح إمكانات جديدة يمكن 
للأشخاص الآخرين أن يستجيبوا لها على نحو إيجابيّ» فلا بد من إفرادها وتمييزها نظراً لأهميّتها 
المعنويّة والأخلاقية بعيدة المدى . ينهض هذا النوع من الأفعال على أساس شديد الفرديّة» ويُمكن 
وصفه بمعنى من المعاني بأنه حادثة أمءعل1ع22 . ١‏ 2 لهذ الأفجال أن لي حاجة ما على الأقل 
للمصالح الكامنة لمجموعة ماء وإلا فإنّها لن تُحدث أثرأ؛ غير أنّها لا تقع ضمن شبكة.المصالح 
القائمة : إِنها لا تعود إلى البيئة بحد ذاتهاء. بل إلى باعث ذاتيٌ ن متكامل في الفرد (إلى نوع من مبدأ النموّ 
المتأصّل). فد يصعب تعيين بعض هذه الأحداث على وجه الدقّة بل ويتردد بعض المؤرخين في 
أخذها على محمل الجدّية. فحتّى في دراسة حياة محمّدء لو أعطى المؤرّخ للفرص المفتوحة وللمبادرة 
المفاجئة حقّهاء فإنّه سيميل إلى اختزال النتيجة إلى شبكة المصالح التاريخية التراكمية» ولن يفسح - 


ل 


عن الالتزامات المسبقة للعلماء 

نظراً للدور المركزي الذي تؤديه الانتماءات والالتزامات الإنسانيّة في 
حقل الدراسات التاريخيّة» فإِنْ الالتزامات الشخصيّة للعلماء تؤدي في 
الدراسات التاريخيّة دوراً أكبر مقارنة بدورها في الحقول المعرفيّة الأخرى. 
وهو ما يبرز بجلاء كبير في حقل دراسات الإسلاميات . 

فعلى المستويات الأكثر جدّية من البحث التاريخي ‏ حين يصبح ارتباط 
الإنسان بالتقاليد الثقافيّة الكبرى» كارتباطه بالتقاليد الدينيّة أو الفنيّة أو 
القانونيّة أو تقاليد الحكم أو ارتباطه بالحضارة ككل» في صلب الموضوع ‏ 
فإنَ الحكم التاريخي لا يُمكن أن يكون معزولا عن الالتزامات المسبقة 
الكبرى لدى الباحث. قد لا يكون هذا أمراً مرغوبا فيه» ولكنّه ضروري: 
ذلك أن جوهر القضايا لا يظهر إلا بالانخراط الإنساني العميق فيها. 
فالبحوث التي يقوم بها المتخصصون. الذين يتعاملون على نحو أكاديمي 
بحت مع موضوعاتهم» تسعى فقط لتصويب بعض التفاصيل التي طرحها 
العلماء: الكبان الذية اتغرطوا إساا فى "القهنانا الكبرى وتاففنوها»: وقد 
تؤول تلك البحوث إلى توضيح بعض النقاط ولكثّها غالبا ما تنوه عن النقاط 
الجوهريّة. قد تقود الالتزامات المسبقة العلماء المندفعين ‏ وأحيانا تقود 
العلماء الأكثر حذراً أيضاً ‏ إلى إصدار أحكام منحازة ومحابية. تظهر 
الانحيازات على صورة الأسئلة التي يطرحها العالم والمقولات التي 
يستعملهاء مما يصعّب كثيراً تتبّع الانحيازات واكتشافهاء بسبب صعوبة أن 
نشك في كل المصطلحات المستعملة» والتى قد تبدو للوهلة الأولى 
معطلحات: بريكة وسيادية : :وعلى الرطع من مروزة جيالة أنفينا من 
الالتزامات المسبقة التي تنتج الانحيازء إلا أن ذلك لا يعني إمكانيّة التخلص 
من جميع الالتزامات والانحيازات المسبقة؛ والحل هو أن نتعلّم الاستفادة 
من الاهتمامات والاستبصارات التى تمنحنا إياها هذه الالتزامات 
والانحيازات» وأن نتجنب مزالقها في الآ 'ذائة. 


تحضر مثل هذه الالتزامات المسبقة لدى العلماء الجاذين بقدر تميزهم 


- المجال لظهور أثر الفعل الإبداعي الجديد (الله» ربما؟) الذي عَمِل من خلال ضمير محمد 


٠. 


وفرادتهم ؛ كلما كانت هذه الالتزامات أعمق» كانت قدرتها على التجذر في 
أحد التقاليد الثقافيّة الكبرى أعمق» وصولاً إلى الالتزام الكلّي. في الواقع. 
رس اليلد بيت ل ل ل ا اه 
دراسات الإسلاميّات» الذين قاموا بالجهد الأكبر لتحديد المشكلات وأطر 
العمل التي عمل داخلها بقيّة علماء الإسلاميّات. ويُمكنني أن أذكر خمسة 
أمثلة» ثلاثة منها قديمة واثنان جنردان الك كان لقان مسي اش 
الكان ا نكية :وال وكساة ة داتية د ونينا غجيفا العديه عو العلجاء: التريية 
المحدثين» كما كانت اليهودية يعددا جايسها للبعض الآخر. حديثاً: تزايد 
عدد العلماء الملتزمين تجاه أحد التقاليد الإسلاميّة ‏ الشريعة أو التصوف - 
وأسهموا بوضوح في هذا الحقل. ولا شك بِأنَ المزالق التي تتريّص بالعلماء 
الملتزمين بأحد هذه التقاليد واضحة وضوحاً كافياً في أعمالهم. على الأقل 
بالنسبة إلى أي عالِم يحمل التزاماً مخالفاً أو منافساً لالتزامهم. لا توجد 
ضمانة تجعل العالِم يُفكّر بشكل متوازن ونزيه» لا أن يكون مسلماً ولا أن 
يكون غير مسلم. إضافة إلى هذه التقاليد القديمة» فإِنْ ثمة اتجاهات حديثة 
تمثل حالة الالتزام المسبق الذي يقود إلى ذات النوع من المزالق التي قد 
يقود إليها الالتزام بالمسيحيّة أو بالإسلام» حيث نجد الماركسيّين من جهة 
ونجد المتمسكين بالنزعة الغربية فى - جهة أخرى. وأعني بأصحاب النزعة 
الغربية نم76 أولئك الذين سد الثقافة الغربية الحديثة ولآءهم 
الأكبرء بوصفها التجسيد الأعظم للمثل العليا من الحريّة والحقيقة. وهم 
غالباً ما يتبتّون» إلى درجة ماء الرؤية المسيحيّة عن الإسلام» بحكم أن 
التقليد المسيحي كان في مركز الثقافة الغربيّة الحديثة دومأء على الرغم من 
أنهم قد يرفضون الولاء للمسيحيّة على المستوى الشخصي . . لا يلتزم جميع 
المشتغلين بالإسلاميّات التزاماً واعياً بهذا النوع من الولاء الديني؛ ولكن. 
عند من لا يملكون مثل هذا الولاء»ء فإِنّ البديل ليس هو الاستقلال الكامل 
والموضوعيّة. نل غالبا ما يكون البديل هو الأفق الضيّق والوعي الضحل» 
مترافقاً مع تحوّل الالتزام تدريجياً . وعلى لجر عير و0 الى الترام حوفت 
متحرّب متعصّب . على أن هذا الموقف. ند فين يملكون التزاماً زاعياً: 
يبقى خاضعاً للمراجعة والمراقبة الفكريّة. 


بناء على ذلك» تطرح مشكلة .مدى مشروعية أن يموم العلماء بدراسة 


٠65 


الإسلام من داخل التزامهم باحك التقاليي القور ع بو تعديدا كنت مكق أن 
يدرس الإسلام من داخل الالتزام المسيحي ‏ وهي ليست مشكلة مهمّة فقط 
لعدد من العلماء الذين يميلون إلى دين مخصوص» بل هي مشكلة مركزية في 
العمل العلميى ككل : لقدأظهر جان جاك واردنبرغ (2601165ل-632ل 
12 )0 في كتابه «الإسلام في مرآة الغرب: كيف درس بعض 
المستشرقين الغربيين الإسلام وشكلوا صورة هذا الدين"» كنف كانت: أعتال 
علماء الإسلاميّات المؤسسين؛ إجناتس جولدتسيهره. كريستيان سنوك 
هرخرونيه» كارل عدريشن نيكن دانكن ماكدونالد. لويس ماسينيون مطبوعة 
ومتأثرة بعمق بالتزاماتهم المسبقة (على الرغم من أنه لا يستعمل مصطلح 
«النزعة الغربيّة)). يركز واردنبرغ على الولاء الثقافي لدى هؤلاء العلماء 
البارزين. لا يعنى ذلك القول باستحالة دراسة أحد التقاليد الدينيّة بنزاهة من 
قن المتمومين يكاين دينى ار كنينا' لقا عاد ككف العينا رةه نفإن يمان 
والاعتقاد مسألة شخصيّة وغالاً ذا كونهن الأسين على أصصاب الأدية 
المتقاربة أن يفهموا, بعضهم البعض عبر خطوط التقاليد الدينية والثقافية 
المفلية بالمقارئة مع قدرة أصحاب الأمزجة المتخالفة على فهم إيمان 
الآخرين» حتى لو كانوا من أتباع ذات الديانة وذات العقيدة”*". إننا بالدرجة 
الآولى شير وباللارحة العاقة عم إلى هذا التقليد: أو ذاك«وتشارك فيه 
وَلكَن اليئة الفقافتة للعلماء الست المؤثر الوشيديل إن الالزافاف العسسيقة 
الصريحة للعلماء هي ما يمثل بالأساس الدافع الرئيس للعلماء للإقبال على 
بحوثهم . وهي ما يحدد مقولاتهم التي يتبنونها في أتناء دراساتهم. وفقط عبر 
الفهم الواعي والمتفحخص لحدود هذه الالتزامات المسبقة» وفهم ما هو 
ممكن داخلها ونخارجهاء 00 نوكيا أن 0 نان شتفي 3 قصورنا البشري 


وربما ينطبق ذلك على التقاليد الع تم لها أنضا: 


حين نقارن بين الحاضرة الإسلامية والغرب”*"' (0684680) بالعموم» أو 


(#) فنجد مثلا بأن صاحب المنزع الروحي/ الصوفي أقدرٌ على فهم التجارب الصوفية في الأديان 
المختلفة. ا ا ال ل ا 


(عه) : بعيز الول بين الغرب الحديث (8658) والغرب (0600686) . راجع بخصوص ذلك قسم - 


١٠١ا/‎ 


بين المسيحيّة والإسلام بالخصوص. فإنَ هذا الوعي والإدراك يُصبح أمراً 
مركريا . لقد كان ثمة نزوع سائد». بين المسيحيين الذين أرادوا الاعتراف 
بشيء من الصلاحيّة الروحية للوإسلام» للنظر إلى الإسلام بوصفه نسخة ناقصة 
من الإيمان المسيحي: فكل الحقيقة الموجودة في الإسلام موجودة سلفاً في 
لمحت ,رلك المعريد : قلقت إن نا حر | ماد من ٠:‏ لك شرع افيد 
الأصلتة النن لم يلتقطها إذراك المسلميق: بالمقابل »كان المسلمرن تاريها 
ينظرون إلى المسيحيّة بوصفها نسخة ناقصة من الإسلام» أو نسخة جاحدة 
له. ولكن مثل هذه المقارنة» بصورتها السطحية هذه. غير صحيحة للأغراض 
القازيختة: .ولك ذلك ايكاذ يكون نتنوما للمسلمين والمستحبين الدية 
يمتلكون مثل هذه الرؤية. دعم يرن ين كنف مكل لحمل ذكي 
وحساس رسكم أن يفضل الإسلام على المسيحيّة. أو العكسء. بعد أن 
يتعرّف إلى دعوة كل منهما . 

يُمكن لهذه المقاربة أن تُقدّم نتائح ذات دلالات مهمّة بالطبع إذا ما قام 
بها شخص يمتلك الحساسيّة العالية. ولعل أكثر تأويلات الإسلام إثارة 
الإمتيام من دل شحصي مادزم #الصمحة عي قراءة. لويي شتوك :1 والتن 
تبرز في غير واحدة من دراساته. مثل «سلمان الفارسي والبواكير الروحية 
للإسلام الايراني» (1975)*'» ومقالاته المختلفة حول فكة اكات 
الكهف. لقد نظر ماسينيون إلى الإسلام بوصفه يجفا نا في المنفى. 
عدوا عن الحضور الإلهي؛ ولكن على المؤمنين في هذا المنفى أن 
يحملوا شهادتهم معهم. لقد طوّر جيوليو باسيتي ساني (نصهك-11غء825 متأنأه) 
في كتابه «محمد والقديس الرانسسسن' (الصادر عن : -226ء1 عل غ52212كتستمده0) 
9 ,011318 رعأاصتة5)ء جزءا من ره ماسينيون. في كتاب جميل نابع من 
اطلاع واسع وإن لم يكن أكاديميا: وهو كتاب مكل ماك مهمة في 
الهينو لوعبا الحتيكة». كما يمكن 0-0 على مقاربة للإسلام من منظور 
مسيحيّ ١‏ في مقاربةٍ أقل شعريّة ولكنها :: تتمتع بالحساسية المطلوبة» في كتاب 
إر يك بيثمان (922صتطاء8 1811) (جسر نحو عو الإسلام) (1950 ,.صصع1 ,عالتتطوة11). 


- استعمالات الألفاظ في دراسات تاريخ العالم من المقدمة (المترجم). 
69 وهي مترجمة ومضمنة ة في كتاب عبد الرحمن بدوي «شخصيات قلقة في السلام؛ 


٠١48 


وفي اعيال كيتيف كراج (ع0©13 طاعصمدءع1). ولكن» يبقى كا أن الأحكام 
النهائيّة التى تؤول إليها هذه المقاربات تظلّ محلّ شكٌ وريبة. فلا شك بأن 
البحث 1 لاستكشاف الأبعاد الكاملة لأحد التقاليد الدينيّة يحتاج من 
الباحث عمره كلّه» وليس سهلآاً أن نجد من الباحثين من استوفى بعمقٍ دراسة 
قلديق دشن ااثنيق مغ .. :إن كانت :هذاه الحقيقة تؤكن:بآن المفكرين لا يمكن 
أن يروا ذات الحقيقة التى يراها المدافعون عن دين معيّن من الملتزمين به. 
ذإنهاا وك أيقا أن المد فحن كن تثليه حيس هدو عبد عون سمي إن 
اعتقدوا بأنهم مؤمّلون للحكم على تقليد ديني منافس لهم. إن النظر إلى 
الإسلام بوصفه نسخة ناقصة من المسيحيّة» أو النظر إلى المسيحيّة بوصفها 
نسخة ناقصة من الإسلام» هو نظر مشوّهء ويجب أن نتعامل معه بكثير من 
الك نيما كانت صباغته: أنيقة: 


ولكنّ البدائل السهلة الأخرى. عند من يريدون منح بعض الاعتراف 
لحقيقة التقليد الدينى المنافس». هى أيضا بدائل غير مرضية لعقد المقارنة. 
فقد يلجا العالِم إلى البحث عن ضيغ توفيقية» كما لو أنَّ العناصر المتشابهة 
ظاهرياً بين التقليدين الدينيين تعني تطابقها؛ غير أن ذلك سيستلزم دحض 
أحد التقليدين الدينيين أو تكذيب كليهما؛ ولو كان ذلك من مدخل عدم 
الاعتراف بصدقيّة المطالبة الصميمة من كلا التقليدين الدينيين لأتباعهما 
بالالتزام التاريخي الحصري. فعلى سبيل المثال» يطالب كلا التقليدين 
الدينيين باتباع السلوك الأخلاقي» لا على أساس العادات الإنسانيّة 
الاعتباطيّةء وإنما على أساس الوحى الإلهى؛ وهذه الأوامر والمعايير 
الأخلاقيّة المتضمّنة في الوحي متشابهة بشكل كبير في كلا التقليدين الدينيين» 
في فساحتات:«واسعة على الآقل., على أن المسيحييق يروك بآن كو هذه 
الأوامن مبدة على الوحن :الالهى يجغل متها استجابة وغرقانا للفيخية الفاذنة 
الى يندت اتن سار يدر ب لم12 وت رابظة أخونة متوينة كايدة من قده 
المسيةة' أداعند الكسلحيق» نان كون هله الأوافى الأ خا فته ميد ا 
الوحي يعني أنها استجابة للتحدّي الأخلاقي الكلي الذي ظهر في الرسالة 
الإلهيّة الصريحة التي نزلت إلى المجتمع الإنساني الذي أعلن ولاءه 
وهذان المفهومان عن الوحي الإلهي ليسا متعارضين وحسبء. بل إن 
واحدٍ منهما ينكر الآخر ويستبعده على المستوى المفهومي. إِنْ محاو 


0 : 


4 


تجريد ذلك من المسيحية والإسلام من شأنه أن يجعل مُطالبة كل منهما 
بأخلاق مبنيّة على الوحي في مقابل العرف البشري أمراً لا معنى له. 

ولكي ب ام الو ود , التوفيق بين 
العمشترك الأمدر ييا 5 إلى حالة روحية غير محلدة المعالم: أو إل 
دعوة غامضة للخير المشترك بين البشر . عن أن ذلك يعني عملا أن التماس 
القيمة التي حملتها هذه اتفال الكبرق: لا يمكة أن يتجاور مسعوى 
المقولات المبتذلة العاجزة» إلا بأن يضفى عليه الباحث وجهة نظره 
الشخصية . 


لا بد من الاعتراف بأنْ التقليدّين الدينيّين غير متوافقّين في مطالبهماء 
على نحو أصيل. ويجب أن نحافظ على الشعور بهذا التوتر بينهما من دون 
أن نحاول تأويل أحدهما وفق معايير الآخر. ربما يمكننا تحقيق شيء من 
ذلك عبر المقارنة بين البنيتين». أق بالعف فى أئ عتاضير تكتنيي اهمة 
قصوى فى أحد التقاليد بينما تحوز أهميّة ثانويّة فى الثانى. وفى مثل هذا 
التفيوروة تمكو لون يعمل الندانا تناه اعد التقاليه». ولي لا يملك ١‏ 
يُشارك» محافظاً على نباهته وحساسيّته الإنسانيّة» بالبحث عن كل ما هو مهم 
للإنسان فى كلّ مسألة. على أن ذلك لن يغدو ممكنا إلا بقدر ما يُمكننا أن 
نقيّم العناصر داخل هذه التقاليد على نحو مستقل. ومن ثم فإن هذه المقاربة 
النموذجيّة أمرٌ لا يُمكن تحقيقه بالكامل» بل إِنْ أقصى ما يُمكننا إزاءها هو 
الاقتراب من مثالها. ومن ثمٌء فإِنْ من غير الممكن حتى لأفضل المقارنات 
أن نقدم اه موضوعية عدار كم نهائيّة وانعطلده على اخااي الديسة: 
غير ان من شناق هكذا مقاربة ان تساهم في فهم اسباب القَوّة لدى الإسلام 


9# 


- وأسباب الضعف - في ظروف تاريخية معينة 


(*) لقد طوّرتٌ هذه النقطة حول عدم إمكانية المقارنة غير الاختزالية بين التقاليد الدينية؛ على 

نحو أكثر تفصيلاء ٠»‏ في مقالتي «المقارنة , بين الإسلام والمسيحيّة كأطر للحياة الدينة» ؛ ولكنني في ذلك 
ا يكفي ما أرى أنه هو الأرضية المطلوبة للتفاهم المتبادل بين التقاليد الدينية: الثموّ 
داخل التوتّرء وعين الخوار المستهر. (لقد نُشرت هذه المقالة في 21086565 عام ٠197ء‏ ولكنها 
صدزت بصورة مشوّهة وناقصة لا تُمكثني من التوصية بقراءتها. . ثم أعادت لجنة جامعة شيكاغو - 


١٠ 


في تعيين الحضارات 

في دراسات الحضارة ‏ أي دراسة التراثات الثقافيّة الكبرى (بخاصة 
تلك التي تعود إلى العصور المدينيّة 01164 ما قبل الحديثة) ‏ فإن ما نطلق 
عليه «الحضارة» هو ما يُشْكّل الوحدة المرجعيّة الأساسيّة. على أن تعيين هذه 
الوحدات أم” لا تتكفل المعلومات التاريخيّة وحدها بتحديدهمء ذلك أن عملية 
تعيين «الحضارات» تخضع بدرجة ما إلى أهداف الباحث وأغراضه. 


فرك اإجعباع ا كعهر ها طلن عليه الشبعتة بات يمتلك درجة ما من 
الاكتفاء الثقافى الذاتى. على أننا فى الوقت نفسه لا نجد فى أيّ مجموعة 
- حتى أكبر المجموعات التى يسهل تعيينها ‏ اكتفاءً ثقافيّاً كاملاً. إن الأنماط 


من العلاقات المتبادلة مع الشعوب البعيدة. ولطالما كانت التجمّعات 
الاجتماعيّة متداخلة ومتشابكة على امتداد نصف الكرة الأرضيّة الشرقى» منذ 
لتق جعية شان عل الأسنة الاونواشة. [ذلاقيها وعرقين التسعيعات ولق 
لرصيدها من المفاهيم والمؤسسات والتقنيات الثقافيّة» فإِنَ العديد من خطوط 
التمييز والفصل بين المجتمعات المتحضرة ما قبل الحديثة ستبدو مقنعة 
ومعقولة» غير أن خطوط التمييز والفصل ستظل غير مقنعة وغير قاطعة بشكل 
نهائي في نصف الكرة الأرضية الشرقي. إِنْ الحبّة التى تقول بأنَ الأراضي 
الحيتدة بين لذ العال 5" إل إيرانه تشكل ف الأزمة الكلاسيكة القدن- 
غالما ثقافتا سوخدا» على اسان القققبات والميوارة الثقافية :العى: رشت 
فيهاء هي حجّجة وجيهة. ولكن ذات النوع من الحجج سيقودنا أيضاً إلى 
تصوّر وحدة «هندية - بحر أبيض متوسطية» أوسعء بل حتّى (بدرجة أقل) إلى 
تصوّر وحدة تمتدٌ على طول المنطقة «الأفرو ‏ أوراسية» المدينيّة. فى ضوء 
هذه الحيثيات» فإن أئ محاولة لتعيين «الحضارات»)» بدرجة أقل ةا 


- للدراسات الجنوب أسيويّة نشرها في العدد .٠١‏ وقد احتوت على نصٌّ أكمل وعلى مجموعة من 
التصويبات الجوهريّة في النصّ المطبوع) (المترجم). 
(*) الاسم الذي كان يُطلق على المنطقة التي سكنتها القبائتل الكلتيّة فى غرب أوروياء وهي تضم 
فرنسا باللأساس» ولوكسمبورغ وبلجيكا وأجزاء من شمال إيطاليا وما يقع على الضمّة الشرقيّة من نهر 
الراين من ألمانيا وهولندا (المترجم). 


واتساعاً. تقطل وجود قاعدة واضحة يتم على أساسها القول بأنَ جسما 
معي فين البشن يُمثل «خضارة مستفلة: ؛ منفصلة عن الأجسام الأخرى؛ على أن 
ما ا د الأحيان هو أن هذه التسمعات الاأعياعة قد غات 
كمعطيات 0 وتم م تحديدها وتعيينها على اين يعوزها الاتساق 
والترابط» ثم تمّت عمليّة تشخيص الحضارات وتحديد خصائصها من دون 
مراعاة للأسس التي قامت عليها هذه التجمعات. 


لازال عله" أن نطوّر : تعليلة افا للأشكال الثقافيّة لدراسة المجتمعات 
المدينيّة ما قبل الحديثة . لق وصل الأنثروبولوجيّون إلى قذر جيّد من التعقيد 
والإحكام في تناول المجتمعات غير المدينية وتمكن بعضهم من توسيع 
مناهجهم لتتناول المجتمعات المدينيّة أيضاً . وقد تعلّم علماء الاجتماع كيف 
يدرسون المجتمع التقني الحديث» أو مجتمعات العصر التقني بالعموم؛ في 
ضوء ذلك. ولكنٌ قلة منهمء بعد ماكس فيبر» قد تفحصت الفترات والمناطق 
الواقعة بينهما (أي منذ سومر إلى الثورة الفرنسيّة)» بطريقة منظمة ومنهجية. 
ويُمكن أن نعزوٌ ذلك جزثياً إلى غياب إطار مُقنع لتاريخ العالم» يزوّدنا بفهم 
أساسى للتناسب والتشابك فى هذا الميدان» وهذا الغياب قد أعاق ظهور 
الكواسانف الشافلة هيا: كارن أيّ شيء بأيّ شىء». ولكنّ المقارنات 
الجقى دلي وعورة وجاذ انك نقا دلة لمن نابوذ كد ميلة معفلاها التعضي: 
وهو ما لا يُمكن أن نصل إليه إلا عبر فهم جيّد للسياق الكلي. نتيجة لذلك» 
كثيراً ما يكون السؤال المطروح حول الحضارات ما قبل الحديثئة» بخاصّة 
حول الحضارة الإسلاماتية» مُضللاً وغير ذي صلة؛ وكثيراً ما تكون 
الإجابات الناتجة عنه مُجانبة للصواب أو مغلوطة السياق. 


يجدر بنا أن نلاحظ هنا بأن الافتقار إلى إطار مناسب لدراسة تاريخ 
ال ا لو ا ار 
عادةٌ #الدراسات الاستشراقيّة) يشكل الجزء الأكبر مما هو حري ع بنا أن ندعوه 
«دراسات الحضارة». والتي تشمل التراث الأوروبي إضافة إلى التراناة 
الأخرىء بما أن المنهجيّة نفسها تنطبق على جميع الحالات» وبما أن 
المشكلات التاريخيّة كلها مترابطة ومتداخلة. من السخافة بمكان أن ينخرط 
علماء لاا ا ا ا الصينيّة 


١1١ 


غالبا ما كان الفيلولوجيون هم من حذدوا مقولاتنا عن «الحضارات»: 
فالحضارة هي ما تحمله أدبيات لغة واحدة» أو مجموعة ثقافيَة وده متعددة 
اللغات . لقد ترسخ هذا المفهوم. وأصبح فرضيّة أساسيّة لدى كل من كارل 
بيكر (:86016 0811) وغوستاف غرونباوم ناوطع نا ههلا 396أكنا©) ويورع 
كرامر (12365265 30:8)» على سبيل المثال. في الحقيقة» فإن هذا المفهوم 
لعمن سيا ؛ ذلك أن تحديد الحضارات من ناحية التقاليد الكتابيّة (6,60))ه! 
1 )) أمر ينطوي على وجاهة. ولكنه لا يتوافق مع ما أقترحه هناء 
وَيقَطلب درجة من الصممّل والتنقيح. فهذه التصوّرات في صورتها الخام 
ستقودناء كما سنرى» إلى مقاربة يكون بمقتضاها كل ما انيه ال 3 
في ذلك الأعراف البدويّة الوثنيّة قبل الإسلام. جزءا هيدا وأصيلا من 
الحضارة التى عبرت عن نفسها لاحقاً بالعربية في الغالب؟؛ في حين ستكون 
المواد المكتوبة بالسريانية مغلا والتي كنوت ضمن التيار الرئيس للتطوّر 
الثقافي في ظل الحكام المسلمين الأوائل وأسشيت في بعض السمات 
المركزيّة فى الحياة الحضرية لهذه الحضارةء» ستكون هذه المواد دخيلة 
وأجنبيّة عن الحضارة» وسيُنظر إليها بوصفها «مؤثّرة» في الحضارة التي 
«استعارت» أفكارها فى اللحظة التى بدأ فيها ممثلو هذه الحضارة الا 
العرقة , :وبذلكة-ستكون7الصورة لوانت للتطوو النقاقى اقفن اعفاد خاملة . 
إِنْ تحديد توصو حقل الدراسة يكل ما تم توثيقه من الثقافة بالعربيّة» يمكن 
أن يكون لمرو ولكئه محدود فى صلاته وقاصرٌ عن التعبير عن السياق 
الفعلي. فإذا كنا نعدّ اللغة العربيّة» وليس الإسلامء هي نقطة انطلاقناء فإئّنا 
سنعتبر الإيرانيين دخلاء» وسننظر إلى المفاهيم البدويّة على أنها مفاهيم 
حافظت على وجودها واستمرّت.». في حين أن المفاهيم الإيرانية. التي 
حضرت في الثقافة المتأخرة» ستغدو «مؤثراً) كا دعا : ومن 9 م فإننا سنجد 
أنففينا أمام صفتين للثقافة العربية فى حقبة الخلافة العليا: 1١‏ الفجائية 
(5000622655) ب - الطابع الاشتقاقي. 2 النظر إليها بوصفها ثقافة «مستعيرة» 
اناس ف لخاد مسيم ار ع ل لبقت 
المطروحة باللغة العربيّة على أنَها «مستعارة» من بقايا المتحدّثين بالفارسيّة أو 
السريانيّة!؟ بناء على ذلك» يجب علينا احترام التحدّي الذي يطرحه أناس 
مثل [أرنولد] توينبي » والذي يعرّف الحضارات بناءً على معيار يقوم على 
التطوّر الثقافي الداخلي. إنني أعتقد بأنَ توينبي كان مخطتاً حين قسّم ما 


١ 11 


يطلق عليه الحضارة «الإسلاميّة» إلى ثلاث حضارات مختلفة. ولكنّ رؤيته 
هنا" إلى أن عليناه" إذا ما ارون التعامل :مهيا كتحفيارة بواحدة». أن تيتلك 
8 وجيهاً . 


لآ سكن اخبمياز فيزن كلع واخويقة على اناسه مير الحضارات 
وتعيينها؛ بل لا بدّ أن يكون المبرّر خاصًاً بكلّ حضارة على حدة. ذلك أنه 
لا يوجد معيارٌ أكثر إقناعاً من اللغة» لتحديد وتعيين تجمّع يستحقٌّ أن يُدرس 
على أنه ثقافة كبرى واسعة النطاق. فحتّى الثقافة المحليّة» على الأقل على 
مستوى الحياة المدينيّة والكتابيّة» لا يمكن أن تتحدّد ببساطة من خلال 
اوناك المكدنة لها أو العاتلات: والآسير المتغركة فيها + فلو أخيزنا مقطها 
عرضياًء فإِن الثقافة تظهر كنمط للعيش تتصوّره المجموعات العائليّة 
المتشاركة وتعترف به. وعبر الزمن» يمكن أن 2 الثقافة كمركب مستقل 
نسبياً من التقاليد المتراكمة والمتشابكة» تشا رلك ليها مسووع بف ويد 
بحايية ب إن بون التسدرمات ادناه نبا لشت ود رواحي 
التقاليد المختلفة. ولكن». حتى داخل الثقافة المحليّة الواحدة» فإِنْ بعض 
التقاليد - مثل مدرسة معيّنة في الرسم أو شكل مخصوص من العبّادة ‏ قد 
تنتهى وتحلّ محلها تقاليد جديدة. من غير الممكن إذاً د بأيّ معنى 
مطلقء» بين الصفات الأصليّة والحيويّة لثقافةٍ ما والصفات غير الأصليّة وغير 
القايلة للحاة»: كما لا يمكو 'العمييز بين: التقاليد الأضلية وغير :الأصلئة على 
أن الثقافة تتسم حتماً بدرجة من التكامليّة. إن المعاني المتضمّنة في أيّ صفة 
من الصفات» الموروثة أو الدخيلة» والنتائجح المترتبة عليهاء ين وها على 
تأنيوها في التفاعل الجاري» أي في الحوار أو الحوارات التي تلائمها (أو 
التي تشوّشها). إِنَّ المعنى النهائي والنتائج المترتّبة على أي تقليد مخصوص 
تعتمد بدورها على مدى تأثيره في الوضعية الثقافية ككل . وهذا التأثير سيغدو 
حابها كلها اقفويتا من البيماثت ا لأفتر نانا وتجدرا داخل الثقافة. عبر 
الوفت» فإِنْ ما يعيّن الثقافة ويحددها كوحدة متكاملة إلى محل :هنا هو كل ما 
يمد هذه ثقافة باستمراريتها . 


علق السسنتوع الأكثر وغنابة فيما تدعوه #حضارة»+ فإن الهوية الثقافيّة 
ستعدو أكثر إشكالية. كما أن ما يُمثل الاستمرارية سيبدو عصيا بدرجة د 
على الصياغة. يمكتننا بالطبع أن نصف الحالاات الأكثر واخدوضا بمصطلحات 


١15 


عامّة قد تحسم المسألة. فإذا كان لنا أن نطلق لقب «حضارة» على كل تجمّع 
واسع من الثقافات التي ا شتراكاً واعياً في حمل مجموعة من التقاليد 
المتراكمة والمتداخلة (غالياً على مستوى (الثقافة العليبالا: أى على مستوفق 
الأشكال الثقافية المشتركةه والشائعة على مستوى الحياة المدينية والكتابية/ 
العالمة)» فإِنْ التقاليد المشتركة ستكون على الأرجح متمركزة في بعض 
تجارب الثقافة العلياء التي تلتزم بها الثقافات بالعموم. وشبكوق: ذللكه ”فسا له 
وتعلنة بالقيم الأدبية والفلسمفية. وبالقيم السياسية والقانونية انف : التي 
0 يا 0 ا ينا لي 
رابو يي ع بود ارود طح ا يدي لوي 
العديد وضع قدماء الأتيكا'*' والبيزنطيين المسيحيين في نفس الحضارة» على 
لمكم من 3 تحدنان 0 ويقرآن هوميروس . إن ما 0 هنا ار 
اللغات). ل يه التقاليد 006 الكدرق 0 مشتركة. 
اه" هناك م درجة من الاستمراريّة في المؤسسات الاجماعية 


الأعكما د 0 0 هر الا 5 تحديد بدا عامل داخل منطقة 0 
ويمكن أن تكون الاختلافات بين منطقة وأخرى واضحة وقويّة بما يكفي 
لرسم خطوط حدودية واضحة وصريحة» بحيث تنزع هذه الخطوط إلى البقاء 
والاسفهرزار: وهكذاة فإننا تجدات نحاكة إذا: عزنا شويدة عر قبتي انطاعا 
بوجود حضارات محدّدة بوضوح تميّز نفسها في نصف الكرة الأرضيّة 
الخترق: 

ولكن هذا الوضوح الظاهري لا يجب أن خم المؤرخ بالتسليم بصحة 
فقولا قدا دوم ستكون ثمة حالات «مشتبهة» وأخرى «شادذَة)»؛ فهذا أمر 


طبيعي في كل التجمّعات الكبرى . سيكون من الصعب مثلاً وضع الجورجيين 
والأرمن ضمر: «حضارة») كبرى واحدة من دون أننضية ذلة 0 . وبكل 


(*) سكان المنطقة اليونانيّة التاريخيّة, الواقعة على شبه جزيرة تمتدٌ في بحر إيجة» وتضم أثينا 


١1١6 


5 لن يكون من الواضح سلف ما هي أنماط العيش التي سنجدها 

بين الشعوب التي تشكل ما 0 «الحضارة». إِنْ كل عتضارة حدد 
2 الاش اما عل لسن وقد يكون ثمّة أنواع مختلفة من 
الاستمراريّات المتداخلة ضمن نطاق واحد. فمثلاًء يُمكن النظر إلى الثقافة 
البيزنطيّة من زاوية نظر معيّنة على أنها استمرار للتقليد الهيليني القديم» أو 
يُمكن النظر إليها على أنها جزء من الحاضرة المسيحية ضمن فترةٍ زمنيةِ أقصر 
وامتدادٍ جغرافي أوسع؛ ففي كلتا. الحالتين ثمة نوع من الاستمراريّة الأصيلة 
والفاعلة على مستوى «الثقافة العليا» والتزاماتها. إذاّء فعبر الأزمنة المختلفة» 
يصبح الأمر مسألة اختيار أيّ من خيارات ترسيم الحدود وتعيينها هي 
الممكنة والمناسبة» بحسب نوع التقاليد الكتابيّة التي يريد الباحث تقصضّيها. 
وبالتالي» يجب أن يختلف التعامل العلمي مع (الحقيارة١‏ كينتب الأسسن 
التي يتم فرز الحضارات وفقها. 


حول الحتمية فى التقاليد 


بغضٌ النظر عن كيفيّة تعيين الحضارة» فإِنْ علينا أن نحذر من تحويل 
و الذهني إلى حقيقة واقعيّة مشخصة. كما لو أن للحضارة بخ]ة مكنا 
عن حملتها من البشر . تشكل التوفّعات الثقافيّة المتوارثة في كلّ زمان جزءاً 
من الحقائق الواقعية التي يجب على أعضاء أي مجتمع أن يتعاملوا معها. بل 
إن هذه التوقعات تضع حدوداً لما يستطيع أعضاء الحضارة» حتى أكثرهم 
تناه أن يروه في محيطهم. ولكنّ مفعولها لا يتأتّى إلا من خلال تفاعلها 
مع البيئة الفعليّة ومع المصالح المباشرة لكل المعنيين. إن جعي 
(:إ0ةهنصمعنء0) التقليد مقيّدة فى النهاية بالمطالب التي تَلْزْمُها داتكهتر ا و أن 
تكون على صلة بالظروف الراهنة . 
ذائماً ما يكون استدعاء الراهتيّة المستمرة أساسيا عند المقارنة العايرة 
بين الثقافات. على سبيل المثال» حين نحاول أن نفهم لماذا ظهر المجتمع 
0 فإِنّ العلماء يوججهون نظرهم إلى حالة الغرب في القرون 
بقة لهذا التحوّل. يمكن العيام ذلك باحدى ‏ لريفتون». : دراسة الظروف 
الخاصّة ة بالزمن الذي بدأ فيه التحوّل ودراسة الفرص التي انفتحت أمام 
الغرب آنيئذ؛ أو دراسة الاختلافات المتأصّلة بين ثقافة الغرب والثقافات 


١ >15 


الأخرى. في الحالة الأخيرة» فإِنْ الدراسة المقارنة بين الغرب في العصور 
الوسطى العليا من جهةء ومعاصريه [من الحضارات الأخرى] من جهةٍ أخرى 
تصبح فوالة ركس 


كانت هذه الطريقة الأخيرة تبدو في السابق هي الخيار الأسهل. فقد 
كان ثمة افتقار لإطار شامل للتاريخ العالمي ليكون أساساً لدراسة خصائص 
زف الفيحول تفبة» بوؤكاتة المج تمعاف الأخرق الكتيرق: تدون ككيا ناب 
معزولة مما يسمح بتقديم تعميمات كلية زائفة حول سماتها الثقافيّة» وهي 
سمات عادةً ما كانت توضع على الطرف المقابل من السمات الدقيقة 
والحاذقة التي يتصف بها الغرب». المدروس على نحو وثيق. إضافة إلى 
ذلك كفيرا ما يقع التحلظ بين دراسة اينات المتاضلة في الغرت» الث 
تمتلك صلة أكيدة بالسؤال المطروح» وبين السؤال حول لماذا استهل الغربٌ 
الحداثة. لا شك بأنْ الشكل الخاص الذي اتخذته التقنية الحديثة. كما 
وصلتنا اليوم» يدين بالكثير إلى السمات الخاصّة بالغرب الذي نشأت فيها 
هذه التقنية. ولكن. من دون بحوث وافية في التاريخ العالمي. فإن من 
الصعب أن نحدّد ما هو الجوهري وما هو العرضي في الحداثة التقنية؛ 
فالدراسات المختصّة بسمات الغرب الثقافية فى حذ ذاتها. والتى ضمنت 
درجة من النجاح في التعامل مع هيئة الحدائة كما ظهرت فعلاً» تُخطئ حين 
تفترض بأنها تستطيع التعامل مع سؤال أين ومتى ظهرت [هذه الحداثة 
التقنية]. بناء على ذلكء» كثيراً ما سقط العلماء» في تفسيرهم لمجيء 
الحداثة» في غواية استدعاء التأثير الحتمى لموقف تقليدي موفق - أو لتركيبة 
بن الحواقت نياة فى :الحريينا كج اعدف متكي هذا اقطان 
بالحديث عن «قبضة العقانين المميتة» لتفسير فشل المجتمعات الأخرى. 
كالمجتمع الإسلاماتي». لتتم بعدها مقارنة سلبيات هذه المجتمعات مع الغرب 
ما قبل الحديث. وهكذا يتم تجاهل الظروف التاريخيّة للزمن الممخصوص 
الذي انطلقت فيه الحداثة. 


إن جميع المحاولات التي رأيتها حبّى الآن لاستدعاء السمات الكامنة 
في الغرب ما قبل الحديث تفشل فى مواجهة التحليلات التاريخيّة الدقيقّة 
خاصّة عندما بدأت بعض المجتمعات الأخرى تَعْرّقف أيضاً بكونها جزءاً من 


الغرب. وهذا ينطبق أيضاً على عمل المعلّم الكبير» ماكس فيبر» الذي 


١١١/ 


حاول أن يُظهر بأن الغرب ورث تركيبة مخصوصة من العقلانيّة والنشاطية 
(مدوزنناءة) . فكما سنرى في أماكن متفرّقة من هذا الكتاس. فإن معظم هذه 
السمات» العقلانيّة أو النشاطية» والتي اعتبرّها فيبر سمات تُميّزْ الغرب» 
موجودةٌ وبقوّة في أماكن أخرى أيضاً؛ إضافة إلى ذلك» بقدر ما يُقال بأنَّ 
هذه السمات فريدة (وكل السمات الثقافيّة فريدة بدرجة أو بأخرى)., فإنها لا 
يمكن أن تووضت بأنينا «عقلانية» على نحو فريد وخاص كما يفعل [فيبر]. 

ينطبق هذا مثلا على القانون الغربي والاذعوت الغربي, إذ يخطئ فيبر فهم 
بعض أنواع الشكلانية ( مدت له سه ) فيعدها عقلانيّة 3 دون أن يعرف ببساطة 
إلى أي حد كان دافع البحث والتقضّي العقلي حاضراً بين المسلمين. ولكن. 
جين اد له أن هد اينات لمخدلفة. مسف امستشنائيّة على النحو الذي 
يتخيّله» فإنّه يستدعي التركيبة المخصوصة بين هذه السمات» ولكن ذلك يُفقد 

1-0 قوّتّها . 


كما مكنذا أن الاخظ باد عتيه وبلزيضه الى كذغيا إلى هارن 
القصوى بالدرجة الكافية. فهو يصوّر المواقف التي يعثر عليها كما لو أنها 
عقانن فاقينة وذاقيا لين تتاسهيا التلقائتة الرتة هلبياء ودلا عن الي" إليها 
كعمليّة/ صيرورة لا تحافظ على وجود ثابت لهاء بل تتجدد باستمرار. وبناء 
على ذلك» يُمكنه أن يتجاهل السؤال التاريخي التالي: ما الذي حافظ على 
وجود هذا الموقف بعد ظهوره؟ وبذلك» فإنه يفشل في رؤية النطاق الكامل 
لتفاعل الموقف مع الأشياء الأخرى. بما في ذلك تفاعله مع نتائجه 
الخاصة. 


إنَّ مسألة العلاقة بين الحداثة وثقافة الغرب ما قبل الحديث قضيّة مثيرة 
للاهتمام. ولكنها جزء من إشكالية أوسع. وهي : : ما هو الدور النسبي الذي 
تقوم به كل من الثقافة التقليدية ولعبة المصالح في التطوّر التاريخي؟ م 
يظهر لنا جليّاً بأنّ التغيّرات التاريخيّة بعيدة المدى لا يُمكن أن تفسّر 
بالمبادرات الفردية للعظماء» :ول بالاسيات الجغرافيّة أو العرقيّة المباشرة؛ 
وحين يظهر لنا بأنْ تفسيرها من خلال المستوى الأخلاقي للطبقات القائدة أو 
من خلال الممالم الاتتصادية المباشرة:يتطلت بدوزه ييا لفضيرا حول 
لماذا كان المستوى الأخلاقي و المصالح الاقتصاديّة بالشكل الثى . هي 
عليه» يلجأ البعض إلى تفسير ذلك بالسمات الثقافيّة الكامنة. يتم الافتراض 


١16 


أن هذه السمات الكامتة تمتلك تأثيرات كبرئ». لا يمكن رؤيتها فى :مسار 
المجتمع السكرة ولك تتاتجها تكتنت وتسذي أكثر :واكتز فى اثناء تطور 
وأكثرٌ ما يلتمس» من بين السمات الكامنة المختلفة التي يتم استدعاؤهاء هو 
الطرف المقابل من النزوع الغربي نحو العمّلئنة وإعادة الاستثمار. يتموضع 
فشل الصينيين في القيام بثورة صناعيّة إلى أن عائلاتهم الناجحة لم تكن 
تستمرٌ في الصناعة. بل كانت تتحوّل إلى مهن تحظى باحترام أكبر . (ولو 
فرضنا أن الصينيين كانوا هم من بادروا إلى التصنيع» لكان بالإمكان عزو 
ذلك أيضاً إلى نزوع عائلاتهم الثريّة للوصول إلى النبالة؛ ومن ثم بيع 
صناعاتهم لمن دماء جديدة مستعدة للابتكار). 


إن لأ أشكك هود هله الشيات. الكامنةة. .ولك الحينها وتحديدها 
أمرّ صعب. ويجب على كل محاولة لتقييم النتائج التاريخيّة لهذه السمات 
الكامنة أن تأخذ بعين الاعتبار البيئة المحيطة ووضعيّتها في كل زمن وفي 
كل جيل؛ أي أن تأخذ بعين الاعتبار جميع الظروف (بما في ذلك الموارد 
الجغرافيّة والاجتماعيّة والعلاقات المتبادلة مع المجموعات الأخرى) التي 
تحذة المن 'الأكثر الجاع من سن. سكحوعة كنيرة نو البمل المشكدة لما 
يُمكن تبنيه من أفعالٍ ومواقف. نظرياء على المرء أن يحدّد النقاط التى 
تضم عندها: الانمان الافتاقن :فى الأمزال: أ الواقت أن الجهوف الفكرية 
تحت ظروف معيّنة» ذا عوائد متناقصة. ويجب فى مثل هذا الحساب أن 
تناو الموارد الطبيعيّة والديموغرافيّة والبشرتة والتصنيعية» كما يجب أن 
يأخذ باعتباره البدائل التقنيّة والعلميّة المتوفرة» والمؤسسات الاجتماعيّة 
القائمة في كل جيل» بما في ذلك أنماط التوقعات». وما تعتمد عليه هذه 
التوقعات في كل زمن من الأزمنة (أي.ما هو الشىء الذّئ قد يحوّلها 
ويبدّلها في زمن معيّن). وهذه القائمة يجب أن شل النتائج المكرية عدن 
مواقف الأسلاف؛ ولكنّ هذه النتائج» في ظل المواقف التي تواجه كل 
جيل بعينه» لا تؤول بالضرورة إلى نفس النتيجة. فحتّى نتائج تقنيات التربية 
واسالبية التنشئة - وهي المساحة التي يبدو بأنْ الماضي غير الواعي حاضر 


١ >14 


فيها بِمَو موه - يُمكن أن تختلف اختلافا كيرا وين وضع تاريخيّة وأخرى . 


من الصعب تعريف مواقف مثل «الفردانيّة)» أو «إحساس الفرد بواجبه 
ومهنته المناسبة». أو «نفي العالم وإنكاره» بدقّة كافية لهذه الأغراض. من 
الأسهل أن نتتبّع الرموز والعلامات المخصوصة ة لهذه المواقف؛ وهي رموز 
الا ل اج د مود حير رب وباي 
الولايات المتحدة الأمريكة يآنتققلك: كل أسرة تووتة مدرلا محاطا بيحديقة 
وهو توقع كان في أصله ولا شك تحصيئاً لجوانب معيّنة من الاستقلال 
الفردي» ولكنّه يُمكن أيضاً أن يقودء في أنواع معيّنة من الضواحي «الخاضعة 
للتنظيم»» إلى تعزيز الانخراط والتمائل الاجتماعي. وبالمثل» فإِنّ حصريّة 
القران. برفضه الاعتماد على الشهادة الدينية لليهود والنصارى : يمكن أن 
تتنيكه (عبر فهذا اكتفاع'التمسين القراني بنفسه) إلى 0 خاص من النزعة 
الكونيّة والتسامح مع التقاليد المختلفة (وليس تقاليد أهل الكتاب فقط). 
الآمر الذي ظهر بوضوح لدى بعض الاتجاهات الصوفية 

بغضٌ النظر عن الحال فى المجتمعات غير الكتابيّة» توجد فى كل 
مجتمع معقّد المواقف الأكثر صلةً وراهنيّة» إمَا وسط كثرة من التقاليد العمليّة 
المختلفة» وإما فى التقليد الكتابى الذي يحظى بالمكانة العليا. ويمكن أن 
عدر على معطي الأنرسة بوجوائب التجربة المختلفة» التي نجدها في أحد 
التقاليد الكبرى» فى التقاليد الأخرى أيضا. بناءً على ذلكء» فإن التقليد 
لمكن أن تونق إل أن شن وااتقوينا : فمثلآء كان ثمة وقت ينظر فيه إلى أن 
المزاتف العائلتة :العستة مقع الصضيعين من التسول إلى الشريوعية 4 بولكننا 
اكتشفنا اليوم بأنْ تراث البيروقراطيّة الصيئيّة قد جعل الصينيين أكثر عرضة 
للتحوّل إلى الشيوعية . 

بناءً على ذلك»: ا ا ل يقوم 
كز جيه واجفيازاته الخاصة. وكل انحراف عن ذلك يجب أن ب* يشت وجاهته 
ويبرهن على نفسه. (يمكن القول بأن هذا تطبيق جزئي لعيذاً ران * | القائل 


(*) ليوبوله فون ا -1887)» مؤرّخ ألماني» وأحد مؤسسي المنهجية التاريخية 
المصادر المؤرشفة من تلك المرحلة. 0 ورسائل ومستندات حكومية وروايات شهود عِيان. 


١ 


بأن جميع الأحنال: : تقفا على مسافة أخلاقية متساوية من الله) . فالجيل 
0-0 مقيّداً د أسلافه» على 00 س0 أن عليه أن ل 3-3 


و فيه . 


إِنّ الفروق بين التقاليد الكبرى لا تكمن بالأساس في العناصر الحاضرة 
في التقاليدء وإنما في الوزن النسبي لكل عنصر من هذه العناصرء وفي البنية 
التي تتفاعل فيها هذه العناصر ضمن سياق كلي . فإذا بقيت هذه البنية ثابتة 
نما ازوف طبيحة العفتية ال كرون البق تاينة انا مظلفا )هقان ولاك موه 
إلى أن الظروف المواتية قد بقيت ثابتة نسبيّا. وإلى أن هذه البنية تعرّزت عبر 
ماسسة المواقفه الملاتمة لها يمك لغهلتة الماسسة أن: تكون عاسمة فى 
جعل الظروف المواتية رد الفعاليّة. فمثلاً» لم يحظ النزوع التجاري في 
التقاليد الثقافيّة الإيرانيّة ‏ الساميّة» والذي يظهر أثرّه واضحا فى تطوّر فكرة 
التريحية» بحرن كابلة :فى التدزكة إلا تحت كن الإندلام .. بلقد كان انتضنار 
الإسلام ممكناً بسبب تكيّفه مع هذا النزوع» ولكن انتصار الإسلام في 
المقابل قد مكنّ هذا النزوع من تحديد المسار اللاحق للتاريخ الإيراني - 
السامي. على الرغم من ذلكء» فإِنْ نتائج هذه العملية من المأسسة لا يُمكن 
ان“تسكقل بعر ليخن الشتروظ المواتية : على أن بإمكانها أن تتيح للنزوع 
الأقوى في الميدان أن يصبح هو الفاعل الأبرزى كما يشكتها أن تَقلل من 
الاضطرابات والتقلبات الناجمة عن التنوّع في الظروف الثانوية الأخرى. 
بحيث لا تؤدّي الانحرافات» المحليّة أو المؤقتة» عن المعيار العام إلى حالة 
من الاضطراب الثقافي الشامل. ولكنء إذا تغيّرت الظروف الأساسيّة لوقت 
طويل؛ فإنَ المواقف والمأسسة ستتغيّر بدورها لتتوافق وتتلاءم معها. 

إن عمليّة التغيّر مستمرّة على طول التاريخ» وجميعٌ التقاليد مفتوحةٌ وفي 
حالة حركة» وذلك عائد إلى الضرورة النابعة من حقيقة أن جميع التقاليد 
تعيش في حالة من عدم الاتزان الداخلي. فالعقول تتفخص باستمرار حواف 
- ثم إنه شرع مثل مؤلفنا - في نهاية حياته في كتابة تأريخ للعالم» توفي قبل أن يتمّه. ويبدو أن رانكه كان 


ذا منزع دينيّ في تشوّفه إلى اكتشاف البّة عمل «اليد الإلهية» في التاريخ من خلال أسبابه المادية 


١١ 


الإمكانات القائمة والإمكانات الجديدة. ولكن. حتى لو صرفنا النظر عن 
ذلك. فإننا بالدرجة الأولى بشر نسعى وراء مصالحنا الشخصيّة.» ونحن 
بالدرجة الثانية أعضاء في هذا التقليد أو ذاك. يجب أن يدعم أي تقليد 
باستمرار عبر الظروف الحاضرة لكي يستجيب للمصالح الراهنة» وإلا فإنه 
سيجفت ويضمر (أو سيتحوّل إلى شيء آخر مشابه). مهما كانت الوحدة 
الكامنة وراء الأنماط التي نستطيع استكشافهاء كأوّليّة اتجاهات معيّنة أو 
صلاحيّة معايير ما في التنظيم ‏ أي» آنا كان النمط المشترك الذي نجده في 
الثقافة - فإنّه قد يكون سائداً ومستمرّء ولكتّه بالأساس هشْنّ. فبمجرّد انفتاح 
إيكا ناك ايحاية تحدئدة: تعر وحدة الأنماط هذه للتفككك. وبقدر ما 
لصل إلى مط معيجا سن ومقنع. بقدر ما يجب أن نعتبره في الواقع زهرة 
حماسة ل جدرا ليا إنه لحن نينا ويا عبر ضرورة ثقافية؛ فعلى 
الرغم من أنْ نطاق الإمكانات قد يكون مُعطى سلفاً. إلا أن تحقّق شيءٍ منها 
لا يتم إلا عبر الجهد الإبداعي . 

لا بد هنا أن نسبجّل ملاحظة حول أحد أكثر الأشكال فظاظة ‏ على 
الرغم من كونه سائداً على نحو لافت ‏ من النزوع نحو تشييء التصوّرات 
الذهنيّة حول تقليد ثقافي معيّن (أو في هذه الحالة حول مجموعة كاملة من 
التقاليد الثقافيّة). إِنْ الانطباع القائل بأن «الشرق» كان حتى وقت قريب في 
امات :غميق معد الو ألفت سنة» لا يزال انطباعا شائعا بدرجة كبيرة. وقد 
نا هذا التصوّر (مثل تصوّر الشرق نفسه) عن التجاهل العميق لتاريخ 
العالم» ليس فقط بين الغربيين المحدثين» بل بين الآخرين أيضاء والذين 
بات افتخارهم الهاي بقِدم مؤسساتهم افتخاراً يُسلّم به الغربيون من دون 

يُمكننا أن نحدّد نوعين من العلماء الذين ساهموا في تعزيز هذا الانطباع 
الخاطئ: السياح والرحالة الغربيّون المُحدثون» الذين لعبت أمزجتهم 
وأهواؤهم دوراً كبيراً حتى في المجال العلمي. «والدين أخطروا في تضورهم 

عن الغرائبيات فاعتبروها غارقة في القدم. وتعاموا ذ ل ماق 
التغيّرات المؤسساتيّة الدقيقة. على أنْ انطباعاتهم الخاطئة قد أصبحت معتبرة 
وحاضرة بكثافة في الأطروحات الحلند ةنييع مهرلة أحيانا بن قاد 
علماء سلب التقدّم المذهل للغرب الحديث عقولهم» وباتوا مستعدين لشطب 


١7 


أي صلة أو شبه بينه وبين المجتمعات الأخرى. فعبر العودة لقراءة نشاط 
الماضي الغربيّ السريع» وعدم الوعي بالماضي النشيط المشابه في الأجزاء 
الأخرى من العالم. افترض العلماء الغربيّون بأن بطء وتيرة التطوّر التقني 
والفكري الذي رأوه في العالم في القرن التاسع حبر يدي عم وده تطوّر 
لي الإطلاق» وعزوا ذلك إلى اختلافٍ في العرق أو المكان ل من أن 
يعزى إلى اختلاف في العمر. 

ولكنّ علماء غربيين آخرين - مُمثلين على نحو جيّد في «دراسات 
المناطق» ‏ قد أكّدوا هذه الانطباعات الخاطئة عبر خطأ معاكس . فبينما 
اعترفواء بدرجة أو بأخرىء بإمكانية المقارنة بين الغرب ما قبل الحديث 
والمجتمعات غير الغربيّة من ناحية درجة النشاط والحركيّة الثقافيّة» فإنهم قد 
شملوا جميع المناطق ما قبل الحديثة في مصطلح «التقليدي»» وهو نزوع 
ا لل ا و ل ا ا د 
والسبات (باستثناء فترات معينة من الازدهار الذي لا خلاف عليه). ندل جر 
النظر إلى جميع الشعوب على أنّها مستيقظة أبداً . وكمانرارتاء 00 
الدرجة التى كانت الشعوب ما قبل التقنيّة وما قبل الكتابيّة مأسورة فيها 
ل«قبضة التقليد المميتة». عند المسلمين» كان لكلّ المؤسسات الكبرى فى كل 
عصر تبريرها وجدواها النابعان من وظيفتها في زمانها: فالقرارات الاجتماعيّة 
للمسلمين» حتى في ظل الروح المحافظة» لم تكن تستند إلى الماضي من 
دون تمييزء بل كانت تقوم على موافقة المصالح العمليّة الصلبة. وسواء كان 
«الشرق» أو ما قبل الحديث» هو ما تمّت إساءة تصوّره. فإِنْ فرضيّة وجود 
حالة من الثبات الذي لا يتغيّر تحجب السؤال المهم: كيف أثرت الوضعيّة 
المخصوصة التي وجدت فيها المجموعات المختلفة من البشر عشيّة التحوّل 
الطفري *' على مصيرهم في ظل تأثير هذا التحوّل؟ ثمّة إجابة جاهزة دوماً عن 
سؤال لماذا فشلت الجهود الإصلاحيّة فى كثير من الأحيان بالقول: كانت 
الأراضي «المقيّدة بالتقليد؛ تُحكم من قبل مجموعة من المحافظين. وهكذا 
يعفي البعض أنفسهم من مشقّة استكشاف المسائل العمليّة» ويعكف رجال 
الدولة على التحذير من الرجال «المقيّدين بالتقاليد» والذين كذا وكذا. 


#0 البحولد الطفري 17325121018108 : وهو مصطلح سيرد تفصيله في الكتاب السادس. وهو 
مكافئ تقريباً ل«الحداثة» أو «التحوّل التقني الصناعي» (المترجم). 


١ 71* 


باستثناء حالة اليابانيين» الدين تم منحهم صفة «١مُقَلَّدِين‏ جيدين) . 


حول تاربخ دراسات الاسلاميات 


لم يدرك العلماء إلا لوو فد تالور مينظوو العالم على تعيين حدود 
حقل دراسته» إلى أن وصل بءة بعضهم إلى قدرٍ كاف من الوعي بمنظوراتهم بما 
يجعلها خاضعة للسيطرة والرقاء : لاناء تحدّدت مفاهيم العلماء 0 
«(الإسلام» كحقل دراسة اعتباطاً عبر مجموعة من الظروف السياسية 
والحيثيات الخارجيّة الأخرى. ولا تزال لهذه المفاهيم نتائح وأبعاد مترتبة 
عليهنا حي الآن: إِنّ معظم مراحل التطوّر التارزيخي لدراسات 
الإسلاميّات”*'' الحديثة مُمثَّلة وحاضرة في الأعمال المرجعيّة التي على 
الباحث أن يعود إليها باستمرار في المكتبة. ولا تزال العديد من هذه 
المراجحل حاضرة في التراسات الى أنشزت فن شتصف الزن العشرية: 
ومن ثم فلا غنى» حتى للدارس غير الأكاديميّ للإسلاميّات» أن يكون على 
دراية تريح دراسات الإسلاميّات» إذ إن من كان ذلك أن بع له تقديراً 
وفهماً أفضل للصلة بين الدراسات العلميّة الفرديّة واهتماماته أيَاْ كانت» كما 
أن ذلك سيًّحصّنه من السقوط في الأخطاء المزمنة السائدة ‏ والتي يمكن 
تجاوزها مع ذلك في هذا الحقل . 


بسبب الظروف الثقافيّة للعصر التقني الحديثء» كان التعليم الغربي حتى 
وقت قريب هو القناة الرئيسة للدراسات ذات الطابع الحداثي في مجال 
الإسلاميّات. لقد دخل نظام التعليم الغربي إلى حقل الإسلاميّات بالأساس 
عبر ثلاثة طرق. الأوّلء عبر من درسوا الإمبراطوريّة العثمانيّة» والتى أدت 
دوراً رئيساً في أوروبا الحديثة. وقد دخلوا هذا الحقل غالبا من زاوية التاريخ 
الدبلوماسي الأوروبي. ويميل هؤلاء العلماء إلى النظر إلى الحاضرة 
الإسلامية بأسرها من خلال عدستهم السياسيّة المتركزة على إسطنبول» 
عاصمة العثمانيين. الثاني. غير أولقاق بن كانوا البويطا بق غالا ببالدوة 
دخلوا حقل الدراسات الإسلامية في الهند ولهزا الفارسية لخدمة أغراضهم 


)١1(‏ حول استعمال مصطلح «الإسلاميّات»» انظر القسم المخ”صص لاستعمالات الألفاظ في 
دراسات الإسلاميات أدناه 5 


١” 


العو أن اسكليانا من اهتماماتهم ومصالحهم الهنديّة. عند هؤلاء» فإِنَ 
التخويل الافبريالي الذلهى”*" تمثل تتورينها للتاريخ الإسلاماتي. الثالث؛ عبر 
غلفاء الساعتات» الين كان امتمامهم فى الخال مقصيا على الدزاسات 
العبرانية. والذين أغرتهم دراسة العربيّة. كانت القاهرة لهؤلاء هي مركز 
الاهتمام الأكبرء : فهى أكثر مدن المتحدثين بالعربيّة حيويّة في القرن التاسع 
عشرء» على لي تولك اهتمامه شطر سوريا والمغرب. وقد كان 
هؤلاء فى الغالب فيلولوجيين لا مؤرّخينء وقد مالوا إلى رؤية الثقافة 
الإجانب مين خلول ديات الكناس المسيريين و السوري االهفا جين 
الرائجة في القاهرة. توجد طرق أخرى - كاهتمام الإسبان وبعض الفرنسيين 
بالمسلمين في إسبانيا في العصور الوسطىء. واهتمام الروس بالمسلمين 
الشماليين ‏ ولكنها أقل أهميّة. لم تولٍ جميع هذه الاتجاهات والطرق سوى 
القليل من الاهتمام للمناطق الوسطى في الهلال الخصيب وإيران» بنزوعها 
الشيعه فى الغالب»؟ وهى مناطق كانة فن الغالين :تبعيدة غن الاختراق 
الكونى » :وبا قفتاء الدراسات العا ميلة ان روسياةرينا الادقرال الدواينات 
المععلقة بهذه الحتظفة الوسطن شوض تجاهل إلا فى الدراسات المتعلتة 
بالقروك السجبكرةة :وتادرا نا بنظو إلى الحاضرة الإبلاميةةفن حاذل:هذا 
المنظون. 


لوقت طويل» كان الجهد العلمي الغربي الحديث» في جميع المسارات 
الى ذكرتاغا» .مضنا بالآساس :على ترحمة خللاضات العلجاء الحسلمية ها 
قبل الحديثين» وتكييف هذه النتائج مع المقولات الغربيّة. أما التطوّر 
والتحسية الذئ:طرا علن: التاراهات 0 الحديثة فقد تمثل في 5 من 
هذه النصوص إلى النصوص الأقدم؛ أي إلى النصوص الأكثر أساسيّة؛ إذ 
أصيكف النسخ الجديدة للنصوص القديمة هي الأحداث العلميّة الأبرز. في 
الوقت نفسهء تغيّرت زاوية نظر الدراسات الغربيّة استجابة للتحوّل الذي طرأ 


(#) يشير المؤلف إلى ما شهدته دلهي في أعقاب عام 1801. عندما ثارت الهند على الحكم 
البريطاني؛ إذ احتلّ السيبوي (السباهي, أو الجنود الهنود) والثوار دلهي وتحصّنوا فيها ونادوا 
بالأمبراطور المغولي (الذي غدا حاكماً شكليّاً تحت إمرة البريطانيين). نجح البريطانيّون في حصار 
دلهي واقتحامها وقام الإنجليز بنفي الإمبراطور المغولي وقتل أبنائه» ونقلوا العاصمة إلى كلكتاء ثم بنوا 
دلهي الجديدة التي أصبحت عاصمة للهند البريطانيّة )١19111١(‏ (المترجم). 


١>" 6 


خلال القرن التاسع عشر بين المسلمين أنفسهم: التحوّل نحو التركيز على 
أهميّة الحقبة العربيّة المبكرة والشريعة المرتبطة بها (في مقابل النزوعات 
الا 02 والصوفيّة الأحدث, والتي باتت مرفوضة بوصفها علامةً على 
الانحطاط). وقد مالت تيارات التغيير هذه إلى التركيز على الفترات المبكّرة 
وعلى النصوص والوثائق العربيّة» بوصفها موضوعات العمل العلمي الأهمّ. 
وبوصفها بؤرة تركيز تأويلات العلماء المُحدثين. نتيجةً لذلك (وبخاصّة مع 
تقلّص أهميّة إسطنبول على المستوى الدولي بعد :)١1918‏ أصبح المسار 
القاهري [الذي تمثل القاهرة بؤرة اهتمامه وزاوية نظره] هو المسار الأبرز فى 
دراسات الإسلاميّات؛ بل بات هو المسار النموذجي». وبات 0 
المسارات الأخرى في دراسات الإسلاميّات على أنها أكثر محليّة: بحيث 
أصبح المناة الذي او على إسطنبول جزءاً من الدراسات «العثمانية» ويس 
دراسة للوسلاميات في حد ذاتها. 


أدَى كل ذلك إلى تعزيز التحيز الاستعرابي (عناوتطهجم) والفيلولوجي. 

5 أسهمت في ذلك أيضاً مجموعة من النزعات الأوروبيّة المعر 5 
الاهتمام ب«العرق» السامي (في مقابل «العرق» الهندو ‏ أورؤبي الذي 
-" الغرب الحديث). والذي كان من المأمول منه أن يضىء الخلفيّة 
الارية ‏ الكامنة وداء ١‏ الكتاب 0 ا 1 0 0 


عات الاتجاهات اي في القرن التاسع عشر هوس د ا 
الأصول هذه؛ ” - الاهتمام بالحاضرة الإسلامية في حوض البحر الأبيض 
المتوسّط (وبالتالي العرب)» بوصفها الأقرب إلى أوروبا والأكثر تأثيراً في 
تاريخها؛ 5 النزوع الفيلولوجي لتعلّم العربيّة بوصفها المصدر اللغوي 
الأساس. ثم الاكتفاء بها من دون الانتقال إلى غيرها من اللغات. لقد 


(*) على غرار إسلاماتي» يستعمل هودجسون لفظة فارساتي 51281 .» للإشارة إلى ما يتصل 
بالميختيع واللفانه الفارسية أو إلى ما هو ذو طابع فارسيّ» 0 له عما هو فارسيّ صميم لغة. 
وسيتضح بأنْ هودجسون يرى بأنْ الثقافة الفارساتية قد غلبت على الثقافة الإسلامية (أو الإسلاماتية) في 
المرحلة الوسيطة المتأخرة ومرحلة إمبراطوريات البارود التي تلتها. إذ كانت الفارسية هي اللغة الأولى 
للدبلوماسية والعلوم والآداب, وقد أثرت حتى في من لم يكتبوا بالفارسية (المترجم). 

(*#*) الترقيم هنا وفي , بعض المواضع الأخرى من عندي»؛ لتسهيل تتبع النقاط وضبط بداياتها 
ونهاياتها (المترجم). 


١>» 


تمظهر هذا التحيز الاستعرابي والفيلولوجي في العديد وز الي والمقالاات 
المتتالية؛ وليس آخرها دائرة المعارف الإسلاميّة» والتي تناقش في كثير من 
مداخلها الكلمات (بشكلها العربئّ عادةً» حتى لو كانت مُشتقة من الفارسية 
أصلاً) بدلاً من مناقشة فحواها وموضوعهاء وتُقدّم معلومات عن مصر 
وسوريا كما لو أنّها تمثّل الحاضرة الإسلامية كلها. (للبحث في إشكاليّة 
تجاوز هذا الوضعء انظر القسم التالي حول استعمال الألفاظ) . 


في الوقت نفسه. ساهمت تغيّرات أخرى في تعديل الدراسات التاريخيّة 
الحريتة الصديقة بالعهوم يننا في لك دراننات الابلاماك قفي الثيرن 
العشرين على وجه الخصوص. انطلق المشتغلون بالإسلاميّات إلى ما هو أبعد 
من خلاصات العلماء المسلمين» وبدؤوا بطرح أسئلتهم الخاصّة واستخلاص 
إجاباتها من الوثائق والنضصوض» التي بانث:مسرحاً مجرّأ لالتقاط الأدلة» بعد 
انتكانثت نفل كه رجعيات: تقطلق عرد الفسها . ببطءء بدأ العلماء بتعلّم تجاوز 
المقولاات المشتقّة من الغرب» وقد تم ذلك جزئياً عبر تعلّمهم كيفية استعمال 
المقولاات التي استعملها الكتّاب الإسلاماتيون على نحو أدق. ورت عبر 
تعلّمهم كيفيّة استعمال مقولات حياديّة نسبيًء تضبطها مجموعة واسعة من 
الدراسات في تاريخ العالم والمجتمع الإنساني والثقافة بالعموم . على أن هذه 
المهمّة لا تزال بعيدةة عن الكمال» حتى في أعمال أفضل العلماء. 

بغضٌ النظر عن ذلك» لا تزال دراسات الإسلاميات اليوم تُعاني من آثار 
النزعة الفيلولوجيّة في ماضيها. أما تحيّزها الاستعراب» الذي يتجاهل 
المناطق الإسلاماتية الأكثر مركزيّة فلا يزال موضع تجاذب. وإن بدأ 
تجاوره تدريجياً. (ولكن» ب البعلى من اللدرري على الدراتيات: النيانت 
العامة التي كان هؤلاء ا يدرسونهاء خسرت النزعة الفيلولوجية 
القديمة مزيتها الكبرى: : قدرتها على الدمج بين الدراسات العربيّة 5007 
الساميّة القديمة ‏ بخاصة العبريّة والآراميّة ‏ بل وأحياناً بينها وبين الدراسات 
الإيرانية القديمة). الأهمٌ من ذلك». هو أن دراسات الإسلاميّات كانت تنزع 
نحو التركيز على الثقافة العليا وتتجاهل ظروف الطبقات الدنيا والحيثيات 
الأكثر محليّة. وداخل الثقافة العلياء كان الاهتمام منصباً حصراً على 
الموضوعات الدينيّة والأدبية والسياسيّة» وهي الموضوعات الأكثر تواؤماً مع 
المقاربة الفيلولوجيّة. ولهذاء فإنَ من المهم أن تُشير هنا إلى مجلات مثل 


١ / 


«الدراسات المقارنة في المجتمع والتارد يخ) (بر«ماكذلط انه براءاءه50 جوز دءنويى 
116 47م001)) و وا «التار بيخ الاجتماعي و الاقتصادي للمشرق'١‏ (4جه اهذ»هى 
0111 116 زه «ز67اكةل] ع1ت«رمبرمء). اللتيين ركزتا على جوانب أخرى كان 
غوستاف غرونباوم قد اضطلع بدور رياديّ في التش يع عليها في دراسات 
الإسلاميات. كان كلود كاهن («عطهن 106ة01) هو الكاتب الغربىٌ ال كر 
نشاطاً في تناول المسائل الاجتماعيّة والاقتصاديّة» وذلك في الحديل من 
مقالاته المتفرقة. التي يمكن تتبّعها في الفمهرس الإسلامي (وناءع ج151 عرعلم1) . 


سأشرح هنا ما هي المشكللات التي تنبع من الاعتماد الزائد على النظرة 
الفيلولوجية عن طريق تقديم بعض الملاحظات والتنبيهات بخصوص أعمال 
بعض العلماء حول الفترة المباشرة السابقة واللاحقة لصعود الإسلام. والتي 
شجع غياب المعلومات المونّقة عنها على الاستعمال اللاتاريخي للمعلومات 
المتوفرة؛ 


لقد ألهم الدور المميّر للعائلات العربيّة القديمة (المترافق بالتأكيد مع 
مجموعة من الظروف الخارجية) دوعا لدى عدد كبير من العلماء لتفسير تطوّر 
الحضارة الإسلاماتية من وجهة نظر متمحورة حول العرب والجزيرة العربية. 
فبتعريف «الثقافة الإسلاميّة») على أنها «الثقافة التى ظهرت باللغة العربيّة»» بات 
العلماء يتعاملون مع جميع العناصر العربيّة السابقة للإسلام (أي العناصر التي 
كانت موجودة في الجزيرة العربيّة) على أنها عناصر محليّة أصيلة في الثقافة 
الإسلاميّة» بل وباتوا يعتقدون بأنّ الأعراف والتقاليد العربيّة البدويّة التي لم 
توجد بين المسلمين المتأخّرين في الهلال الخصيب هي في حُكم «المفقودة» 
أو «الضائعة»؛ في حين أنهم تعاملوا مع العناصر الثقافيّة السريانيّة والفارسيّة 
والاغريتة على أنها عاضر (احيت) وردث على حاة العزي المسلسسن بعلن 
الرغم من حقيقة أنْ هذه العناصر قد شكلت تقاليد أسلاف معظم السكان 
المسلمين» بل ومعظم الشرائح الثقافيّة والمتعلّمة ذات الامتيازات من السكان. 
فمصطلح ما قبل إسلامي") بالنسبة إلى هؤلاء العلماء بات يعني بصرامة 
«العربي ما قبل الإسلامي»» وليس ما قبل الإسلامي» في كل المنطقة الممتدة 
من نهر النيل إلى نهر جيحون”*"؛ حيث تأسّس الإسلام واستقرّت أركانه. 


(*) سيفضل المؤلف في قسم «استعمالات الألفاظ في دراسات الإسلاميات» في دواعي اختيار - 


١ 


جرع 31و المره إفساه على البيللاين الغرمةة رعزيد ا على اانا 
المبدعة المعنيّة بينهم (وهو ما يجب أن يفعله أحياناً)» فإِنَ وجهة النظر هذه 
تغدو ذات صلة بما نحن بصدده؛ ذلك أن كل ما هو غير عرب كان يبدو 
(أسبالامن وحية كر العرت: العاكفين» وعد اللالخلين السحدسين الى 
الإسلام منهم. إن ما يُمكن أن يدعوه المراقب الخارجي استيعاب العرب 
ودمجهم تدريجيّاً ضمن الأنماط الثقافيّة الراسخة التي عاشوا وسطهاء كان 
يبدو للعربي» بدلاً من ذلك» على أنه استيعاب ودمج تدريجيّ للعناصر 
الثقافيّة الخارجيّة ضمن المجتمع العربي الجاري. إنه لسؤال مشروع: كيف 
تمّ استيعاب العناصر غير العربيّة عند العائلات العربيّة. 


ولكنء إذا أراد المرء أن يفهم الصورة الكبرى ‏ حتى من الزاوية التي 
كان المعنيّون من العائلات العربيّة القديمة يفكرون من خلالها ‏ فإِن التمركز 
حول العرب أو وجهة النظر «الاستعرابيّة» يُمكن أن تكون مُضللة. مع 
الأسفه» فكثيرا ها التشرث هذه المقاربة الاستعرابئة على يد القيلولوصيية» 
الذين نظروا إلى لكة المسجموغة (فى هذه الهالة: ى. العريية) بورضفها الوسدة 
الرفية للدراسةالفارييقة با كملها » والننة مسمعوتعر نيا لت فى ابوك 
الممسطلحاف كدر هن النحفث قن اصيول الجوتتمانق القغاةة راو غلن لاقل 
هذا ما يُجيدونه). في الواقعء يُمكن القول بأنّ هذه المقاربة هي المقاربة 
السائدة والمتّبعة؛ فهي تفرض اصطلاحاتها حتى على أولئك الذين كان 
بإمكانهم العمل خارجها والتحرّر من سطوتها. وإذا لم تتم الموازنة بين 
وجهة النظر الاستعرابيّة وزوايا النظر الأخرى. فإِنْ ذلك قد يُؤدَي إلى قراءة 
قاصرة وخاطئة للتطوّرات» ويُمكن أن يؤدّي أيضاً إلى مجموعة خاطئة من 
التوقعات والأسئلة. إِنْ على القارئ فى هذا المجال أن يحذر من السقوط 
في فح هذه المقاربة؛ إِنّ تجاوز الانحياز الاستعرابي في الدراسات المتعلّقة 
ببداية الإسلام أمرٌ شديد الصعوبة حتى لدى أفضل العلماء والدارسين. 


على سبيل المثال. إذا عقدت المقارنة بين الظروف السابقة لمجىء 
الإسلام في الجزيرة العربية والظروف الللاحقة لمجيء الإسلام ا سوريا 


> تعبير'#من النيل إلى جيحون» لتعيين المنطقة المركزية من الحاضرة الإسلامية بدلاً من مصطلح مشوّه مثل 
«الشرق الأوسط» (المترجم) . 


ريل 


وإيران في الأزمنة الإسلاميّة» فإن المقارنة يمكن أن تكشف عمًا حصل مع 
العائلاات التي فلكلك العنصر العربي في المجتمعات الإسلامية ل 
ولكن. بما أنْ هذه العائللات ت لم تخضع فقط للإسلام» بل خضعت أيضا 
لحركات هجرة كبرى ولصعود كبير في المكانة الاجتماعيّة» فإنّ أي مقارنة لن 
تكون مفيدة في استنطاقٍ خلاصات حول الإسلام نفسه أو حول ثقافته» ما لم 
نتم موازنتها بمقارنات أخرى بين سوريا ما قبل الإسلام مثلاً وسوريا في ظل 
الإسلام؛ وبين الجزيرة العربيّة ما قبل الإسلام والجزيرة العربيّة في الأزمنة 
الإسلاميّة. من دون ذلك. فإن الفروقات علو كما لو آنها نتيجة للوسلام 
في حين أنّها نتيجة لمسائل سياسيّة وجغرافيّة . على أن مثل هذه المؤازنات 
نادراً ما تحضر في الأعمال المتشورة : 


يفاك إلى هذا الاتحباة الفبلولوجى أخانا :-الاذراقنات القديمة غير 
المتيحوضة ن الهوكة وروالتى اتقره علي كلوقه تعاور ائنة: :العرق التعده 
بالنسب من جهة الأبء واللغة» والتراث الثقافي. وهكذاء يُنظر إلى 
«العرب» في لغتهم و«المسلمين» في تراثهم. في المراحل التاريخيّة 
المتأخرة» على أنهم فئة واحدة» بحيث يتوهّم بأنْ «العرق» العربي -هو السائد 
والطبيعئيّ؛ على الرغم من الاعتراف بأنْ «الاستثناءات» أكثر عدداً من 
الحالات «الطبيعيّة». وسأشير إلى هذه الاستثناءات بشكل واضح ومفصّل في 
حينه. عند هذه النقطة» نكون قد خرجنا من دائرة البحث التاريخي الجاد 
ماما نترى عضي الكتاي» عن سيا الحفالة: خفاءلوة عن كيفت وخول 
العناصر الإغريقية (بما هي عناصر غير عربية) من «الخارج». لبمن ففطظ إل 
العائللات الع القليلة» بل إلى مجمل المجتمع المتحدث بالعربيّة من النيل 
إلى جيحونء والذي كانت هذه العناصر حاضرة عنده بوصفها إرثا متصلا لم 
ل ا ل ل ل ال ا 
العناصر لوقت طويل في تثقيف المسلمين من الطبقات العليا وتعلييهم. وهذا 
السؤال الأخير يقودنا بدوره إلى سؤال أوسع وأكثر جديّة (وهو سؤال لا يكاد 
الفيلولوجئ المحضّ أن يعرف كيفيّة طرحهء فضلاً عن مناقشته)» وهو: كيف 
أمكن للغة الغريتة والخلفية الممئة إلى التجزيرة العريية أن تظهر كإطان ثقاقى 
في مجتمع كان العرب فيه هم الأقلّ عدداً؟ وكيف باتت العناصر العربية 
الأجنبيّة - الغريبة في بعض الأحيان حتّى عن الإسلام كما تصوّره محمد 


رن 


تلقى مثل هذا القبول الواسع بين الشعوب السامية والإيرانية؟ 


يكمن الجواب جزئيّاً في صيرورة تطوّر هذه الشعوب نفسها. يُمكن 
النظر إلى الحضارة الإسلاماتية على أنها الطور الأخير في الثقافة الإيرانيّة 
- الساميّة» والتى تعودء فى الأراضى الممتدّة من النيل إلى جيحونء إلى 
الأزمئة السومريّة. لقد نبعت رؤية الإسلام من هذا التراث؛ بل إِنَّ فهم 
التجار البدوء الذي قاد إلى الفتوحات العربيّة» لم يكن فى لاخر ضيبا اعرد 
ذلك التزات:.. كان المسادم بوصفه ابا َريغ قادراً على الإزهان في تلك 
الأراضي الواسعة لأنه استجاب للظروف التي كانت حاسمة ومؤثرة هناك . 
لقد أظهرت التقاليد الثقافيّة الإيرانيّة ‏ الساميّة لوقت طويل نزوعا - وسط ما 
ظلّ فى المجمل سياقاً ثقافيًاً ذا أساس زراعى ‏ نحو التحوّل من ثقافة عليا 
تقوم على أساس زراعي إلى ثقافة عليا تقوم على أساس أكثر تجارية. إنَّ ما 
ميّر الحضارة الإسلاماتية يكمن بدرجة كبيرة فى الدور المميّز الذي أدّته فيها 
التقالية الخرفيطة والولقاكه المحازتة .اليد درجم هدم الحضارة 4 كان دوي 
في طور التطوّر. 


إن علاج الانحياز الاستعرابي يجب أن يتمٌ عبر حشد المعلومات عن 
بقية شرا > يت ا ل لك العربية القليلة. ولكن. ٠‏ مع الأسف.ء 
فإن ذلك لبن عملا هتنا أو سيلا :وقد طانم الميخاولأت القليلة الطيوسة: 
للقيام بذلك هي الأخرى من آثار المقاربات الفيلولوجيّة بصور مختلفة. 


لا بد من إعادة بناء التاريخ الديني والاجتماعي الساساني من الآثار 
الأركيولوجيّة ومن المصادر النصيّة غير المباشرة» نظراً لقلّة الشواهد المكتوبة 
التي وصلتنا كما هي من تلك المرحلة. فغالباً ما تعرض النصوص الآراميّة 
والإغريقية فالا وفة المسائل والشؤون الساسانيّة على نحو خارجيّ وهامشيّ. 
وكثيراً ما تحوم الشكوك حول تعرّض النصوص البهلويّة [الفارسية الوسطى] 
للتنقيح والتعديل. على الأقل في الأزمنة الإسلاميّة» فضلا عن تعرضها إلى 
عملية من التكييف وإعادة الصياغة مع الترجمات العربيّة والفارسيّة. وحتى 
حين نقع على نصوص بهلويّة موثوقة تعود إلى الأزمنة الساسانيّة» فإثنا نجد 
أن النصّ الأصلي شائك ومراوغء كما أن تقاليد الكتابة كانت معيبة وناقصة 
إلى درجة أن قراءة هذه النصوص يجب أن اك للمتخصصين فى 


١١ 


الفيلولوجيا. نتيجة لذلك. فإِنْ عدداً قليلاً من العلماء قد دخلوا إلى هذا 
الميدان. وقد اعتمد من غاصوا في هذا الميدان على نوع من التخمين 
الفيلولوجي ل بحيث كانوا يخلصون إلى الكثير من النتائجح من مجموعة 
متفرقة وفتشظية 55 البفاصيل اللفظية. منذ عمل 0 كريستنسن (15ا]1م 
هعومع]01215)» برز كاتبان مدر ان هما روبرت در (#عصطعة2 أرعطه ع1 ) 
(وبخاصّة عمله: زورفان» المعضلة الزرادشتية. الصادر عن أكسفورد 
.)١065‏ وفرائز ألتهايم (ستعطااى عسصوءط) . ال جمع فى كتابه «اليوتوبيا 
و الاقتصاد: تأمئلات تارد يخية) (عء1[نلءةزعومع 46 :17/115101 710لا ءأجره انا 
8 االصادر عن فرانكفور/ ماين» )١9017‏ النتائج الأكثر جدليّة من 
عمله المشترك مع روت شتيل (لطء58 طنس8)ء «دولة آسيويّة : الاقطاعية بين 
الساسانيين وجير انهم) (50507110671 0271 1171167 71115اكأ[هلاء؟1 51021 «عأءدةاواكه درا ) 
(«عطراعه! «ءجرة #جه) (الصادر عن فيزبادن «معلهط11655. .)١19605‏ وكلا 


الكاتبين يوضح مزالق الفيلولوجيا وقصورها حتى في مجالات تفوّقها . 


إن عمل شايع عمل ءءء بالمعلومات التفصيلية والتبصرات الثاقبة في 
العديك سق )ا لحينا ت[به..كلى اند ريحاجة إلى تعينق |القررو قانهد و الا نات ينيد 
الصياغات اللفظيّة ومعناها الوجودي والمَعِيْشُ في الحياة الواقعيّة» بين 
مذهب الدين ومزاج الشعر. ونتيجة لذلكء فإنْ وصفه لتطوّر الزورفانيّة: 
والتي كانت إحدى المدارس الفكريّة المزديّة”* المندثرة» لم يكن مقنعا في 
التفاصيل؛ ذلك أنْ بإمكان المرء أن يفكر في تفسيرات أكثر وجاهة وأقل 
كرانة مما رق الى بعفن السسناتلء. ولأ حل ولف فإنتى لآ ارق تغيله مقيها . 
تنطبق هذه الملاحظة بالمثل على عمله فى دراسنات الإسلاميّات» :حيث ياخذ 
مجموعة من المفاهيم التمثيلية ليبني دراسته لرموز الإيمان على مدى 
حضورها أو غيابها في صياغات ألفاظ هذا المفكر أو ذاك. 


(8#) أستعمل المزديّة ترجمة ل 81220638 و1413206150. وهي نشيبة إلى عَبّاد أهورا مزداء الإله 
الخالق في التراث الويراني» وهي عند المؤلف مرادفة للزرادشتيّة. وإن كان البعض يذهب إلى جعل 
المزديّة أعم وأقدم من الزرادشتيّة . ولم أقبل باستعمال مصطلح «المجوسية». لأنه مشتقٌ بالأساس من 
اسم طبقة الكهان الزرادشتيّة وليس عَلّماً على الديانة. وعلى الرحم مر سيو لمق المخمر يز إلا أن 
دلالتها في التراث ظلّت ملتبسة» فقد رفكت يتاذ النار آنا كانوا حتّى إِنْ اليعقوبي وابن عذارى 
المراكشي يصفان النورمانديين «الفايكنغ» الذين غزوا [اشبئلية بالفجوس لأنهم كانوا يشعلرق نيران 
عظيمة (المترجم). 


ضن 


بالمثل» فإن عمل ألتهايم عمل معلوماتي مهم. ويحوي في بعض 
الأحيان إضاءات جيّدة؛ ولكنه يُبالغ في الاعتماد على قراءة واحدة 
للنصوصء فتتبخُر بقية الاحتمالات الإنسانية الأخرى بين يديه. فنظام 
الضرائب الذي فرضه أنوشروان يقوم» في ظاهره كما يُشير ألتهايم على 
ضريبة تُستخرج من المال بدلاً من أنواع السلع [الضريبة العينيّة]» مما يشير 
إلى قوة الجوانب النقديّة والتجاريّة فى الاقتصاد. ولكنّ ألتهايم يجد مع 
ذلك غير سلئيلة ذكية من العلافاك والاقترانات الواهية ».ولاك تشير إلى 
النتيجة المعاكسة: فضرائب أنوشروان كانث تُقجم درجة من السيطرة 
والتحكّم في الاقتصاد بدلاً من تعزيز حريّة السوق التجاريّة؛ ومن ثم فإِنْ 
عدم اعتماده الكبير على طبقة نبلاء الأراضي التقليديّة كان يعني تحكما أكبر 
بالمجتمع وزيادة في مركزية الحكومة ‏ عبر خلق طبقة نبلاء دنيا جديدة - 
معتمدة اعتماداً أكثر مباشرةً على الأرض الزراعية. يحاحٌ ألتهايم (عبر إيراد 
أدلة ضعيفة عن بناء القلاع» وعبر قراءة سيّئة فيها الكثير من المفارقات 
التاريخيّة لعمل محمّد) بأنْ ذلك قد أدَى إلى تقوية الاقتصاد «الطبيعي» غير 
النقدي» وصولاً إلى العصور الوسطى (وعبر التفاعل مع البيزنطيين). في كل 
نقطة من النقاط التي يطرحهاء كان يُمكن لوعي أفضل وأوفى بالظروف 
الاجتفاعة على المسخوف: الزراعى للعصين المخورى أن ساعد فق نقاء 
تفسيرات أفضل . ْ 1 


إن النظامين اللذين يقدّمهما تساينر وألتهايم تمثلان نوما مشابها »غير 
استعمالهما مجموعة من المفاهيم المسبقة غير المفحوصة» حول تاريخ 
العالم» مما يتيح لهما تجاهل الاحتمالات الأخرى في قراءتهما الفيلولوجية. 
يتحدك تسايسر»: دون أئ توطية أو تبرير أو اغتذار+ عن اكتيشة4 زوااشتية: 
و«أرثوذكسيّة» و«طوائف 500». ويعتبر بأنْ الزورفانيّة إحدى هذه «الطوائف», 
على الرغم من أنه لا يُقدّم أساساً تبريرياً لوجود هذه الظاهرة بالمعنى الذي 
يفترضه لها في تلك الحقبة. بالمقابل» يُسلّم ألتهايم بالصور النمطيّة 
ل«الشرق» و«العصور الوسطى». والتي لن يكون لتصوّره معنّى دونها. 
و«الشرق» الذي يتحدث عنه يبدو كيان اعلا ممكد من الأزفكة القندحمدة 
وصولاً إلى الاتحاد السوفياتي في الحاضرهء وينظر إليه بوصفه رجعيًاً دوماً 
وغير عقلانيّ, ولكنه قادر على التعلّم من «الغرب» العقلاني والتقدمي أزلاً ؛ 


رين 


وبيحسب درجة تعلم الشرق من الغرب» فإنْه يتأرجح بم بين التنوّر والظلامية. 
ويسهل عندة أن يرى في مزدك ماركس القديم. م بالإسلام 
متلما كان ماركتن المسسر بالنظام السوفياتي . مرة أخرى. فإن هذه التشبيهات 
والمقارنات سهلة بحكم الصور النمطيّة الرائجة: : فقد بات من الدارج أن 
يوصف مزدك والمصلحون الآخرون بأنهم ااشيوعيون»)» يدافعون عن مشاعية 
الملكيّات والنساء. يتابع ألتهايم استعمال هذه المصطلحات على الرغم من 
أنه يوضح بما في الكفاية بأنَ المسألة لم تكن متعلّقة بمشاعيّة الملكيات 
والنساءء بل بإعادة توزيعها على الأفراد الآخرين فى حالاات مخصوصة. 
ويبدو أنه لم يفكر على الإطلاق في هذه الصور النمطيّة ولم يتأمّل ما تعنيه 
خفا :إن :هذا التشون والخلط في المقولاك: العاريكتة التاسيسة بمعابة تزباء 
مر ات مص اسن دراسات الإسلاميّات» ولكئه لا يظهر بوضوح كارثيّ 
كما يظهر في الأعمال التي تتناول الحقبة الساسانيّة. وهكذا لكام العام 
تفيننة جيرا على إغناذة رمباء:الأغينا ل اللتشيييةة عد حتى في الفترات 


الإسلامية. ل ! اننا يو جه ا | : 
حيو س صلب يو 1 


استعمالات الألفاظ : مراجعة المصطلحات العلميّة 


إن كان على الباحث أن يختار بوعى إحدى المقاربات حول الحضارة 
ويواجه :مضامينها وتبعاتهنا» فإنّ.علية أيضا أن يختار المصطلحات التي 
تاها يعدا نه ون براه لمعا من الى كت تي تعلق الممظ ايت هالت 
يستعملهاء وعليه أن يختار مصطلحات على صلة بالمسائل التي سيطرحها. 
باستعمالى كلمات مثل «معمورة عدءصناهء011» و«العصر المعورى بوث أدندم) 
لعن شه الإسلامية 1513:2002» و«إسلاماتى 151210216). فإننى أفضل أن 
أقدم وكسيا لات حديدة: أو أن الى عبد كاك نادرة يدل 2 استعمال 
المصطلحات السائدة. والحقيقة أنني كنتٌ تفوراً من ذلك» لأثني أعرف بأن 
المؤرّخ. مثل الفيلسوف» يجب أن يُحافظ على درجة من المفهوميّة أمام 
القارئ العادي والبسيط لأنه يتعامل مع مسائل على صلة مباشرة بالإنسان. 
ومع ذلك. فإِنْ اختيار بعض المصطلحات الخاصّة وبعض الاستعمالات 
المختلفة يفرض نفسه كأمر ضروري لا مفرٌ منه. فالعلماء في معظم الحقول 
العلميّة لا يستقون مصطلحاتهم من الشارع. وحتى لو لم يصل العلماء إلى 


ين 


اتفاق حول استعمال مجموعة محددة من المصطلحات» فإنهم يعترفون بأن 

من الضروري ال امد بدقة» وتجععون علن ان 
لاسي الكو اد تكون ذات نتائج كارئيّة. اع 5 ول 
المؤرخون (خاصة ة فى حقل الإسلاميات) أن يتتجنبو] الاعتراف بهذه 
الضرورة» ويقنع ير منهم باحتذاء «(الممارسة المشتركة والعامة» ال 
ويُلمحون في بعض الأحيان إلى أن النقاش حول المصطلحات يمكن أن 
يتحوّل إلى انشغال بالدقائق التافهة» ويقولون بأن طبيعة هذا الحقل تمنع 
المؤرخين من إقامة بناء اصطلاحي كامل يصلح لتناول جميع الحالات. 
ولأجل ذلك. فإنهم يأملون بأن تتكفل المصطلحات بنفسهاء ولكنها لا تفعل 
ثم تحديد فعا تنها يدق : 


إن المصطلحات هي اللبنات التي يقوم عليها تصوّر الباحث ورؤيته التي 
يُقدّمها. فالمصطلح الذي يستعمله المرء يُحدّد المقولات التي سيترتب الحقل 
العلمي بمقتضاها (أو على الأقل يحدّد المقولات التي لن تكون في بؤرة 
امعفاء البالخفاء :[ذ ,النقولاكت التق متعرضها لاسنو يلو يها تيده 
بالضرورة الأسفلة القن سيسالها (أق على .الآقل: تحدوة» كنا أسلفت: القوايت 
المُضمرة داخل الأيعلة: وننكى عضن مون التركوز عفاننا )ل بوتدورها» ان 
صيغة الأسئلة المطروحة ستحده نوع الإجاباث التي سيخلص إليها الباحث 
ورا الصطاف حن لحي حدر ركه وميا إِنَْ قصة الأخطاء العلميّة 
هي في الغالب قضّة الأسئلة الخاطئة التي وضعت على أمياض افتراضات 
خاطئة؛ فى المقابل» فإنْ قصة الإنجازات العلميّة تعود بالمجمل إلى الصقل 
العف لكي د 


ثمّة مقاربتان مطروحتان للتعامل مع المصطلحات التي يتم إساءة 
استعيالها غادة: المقاربة التنبيهيّة (ةنههانهه21). والمقاربة المراجعة 
(50نه2601515). فالمقاربة التنبيهيّة تعترف ين استعمال ينا الها روس 
اصطلاحيّة ما مضللةً» ولكتّها تُفضّل الحفاظ على الاستمراريّة فى التواصل» 
وهو .ها .رودق إلى .محصيول: اتفاقانت واتقا عياف ا ملنة ولكنها ‏ عات 
تحديرات» وتشيهاتبالقول يأن هذا الاسعنال: أو هذة التقولة يمت أل 


6 


2 اي الأكثر و أما رد 006 يُفضلون أن اتستيدلوا 


غالباً ما يميل أولئك الذين لا يملكون الوقت الكافي للتحقق من أنّ 
الخطأ السائد هو خطأ فعلا كما يزعم المراجعون. أو الدين يرون بأن 
البدائل المقترحة لا تخلو هي الأخرى من أخطاء غير متوقعة» يميلون إلى 
التلبّث والتنبيه على الخطأ. ولكن» قد يشعرء حيّى من يُسلّم بصحّة رأي 
المراجعين في مسألة من المسائتلء بأنْ الإيجابيات المترتّبة على هذا التغيير 
لا تعادل الضرر الناجم عن كسر الاستمراريّة في التواصل وقطعها. 


كما يتور و ل في و عن 0 اميا في 
هذا الكتات أنضمٌ إلىى صفٌ المراجعين: بإصرار ومن دون أ 06 وفي 
كل مناسبة تعرّضت لها وان وات لحار كر الح كان كلت القيام بها 
فإنني أرى تأن المقولاات والمصطلحات التي ظهرت نتيجة للانحياز 
الاستعرابي بحاجّة ماسّة إلى مراجعة جذريّة. ولكن ثمة حالات أخرى تساهم 
فيها إساءة الاستعمال الشائعة للألفاظ فى تأكيد التصوّرات المغلوطة. فعلى 
سبيل المثال» فإِن استعمال لفظة مثل «تخصيص الأراضي 518101 1320) 
(أو ١امنح‏ الأراضي ةمع 0هة1» ربما في بعض الحالات) بدلا من المصطلح 
المعتاد «إقطاعية »28 في النقاش الجاري حول ما يوصف خطأء. باعتراف 
الجميع. «الإقطاعيّة الإسلاميّة مونا02ن؟ عنسواة1»» سيؤذي إلى إحدى 
لتيجتين . فحين يكون النقاش تتضيظا ومندرلا” فإن هذا ار سابع النقاط 
التوضيحات الإضافيّة). ولكنه فى كثير من 0 يكشت عن :مد 
القصورء بل والسخافة» في النقاش السائد وافتراضاته الأولى. في هذه 
الحالة» فإِنٌ التهّب من تبعات الاستعمال الدقيق للألفاظ» على أساس 
التمسك بالسائد. لن يخدم الممارسة العلمية الجيدة. 

إن معظم الأخطاء السائدة والمنتشرة هي أخطاء نابعة من الانحيازات 
التي يتم دعمها باستمرار» ولعل هذا هو السبّب الذي يدفع أضحابها للتمشك 
بها. مع هذه النوعيّة من الأخطاءء لن تجدي التنبيهات والتحذيرات من 


١ 


الأقطاء انقها كتير تنظ لبها عرف كن طعتنا: الإتضناتة» إذ إن القارق 
سيحتاج إلى ما هو أكثر من تقسيم تركيزه وانتباهه ليبقى متذكّراً للتنبيه الذي 
يُعارض افتراضاته التى يُفضّلهاء خاصّة أن هذه الافتراضات تتعرّز باستمرار 
من خلال الس ظ ات التي يستعملها الكاتب. ومن ثم فإن المصطلحات 
والممارسات الجديدة هى وحدها القادرة على إحداث هذا الأثر؛ فحتى لو 
نَم تقويم المصطلحات والممارسات القديمة» فإنها ستظل عاجزة عن تجاوز 
نفسها. على أيّ حال» ففى دراسات الإسلاميّات وفي دراسات الحضارة 
بالعموم» فإِنّ عدم كقابة در اسانتا اك :إلى وريية أن معاولة مقاط على 
الاستمراريّة محاولةٌ محكوةٌ عليها بالفشل سلفاً: فنحن لا نزال في الغالب 
في مرحلة «ما قبل التاريخ» س0 الدزافة العلةةة.. إن العوالف يجتاوياننا 
القديمة الأولى لن يُقدّم لنا عملاً علميّاً ذا قيمة. 


في الواقع» فإنَ المؤرّخين قد تعلّموا بالفعل توخي الحذر في بعض 
الحالات الصارخة. ففي حقل الإسلاميات» تخلّص المتخصصون تماماً من 
استعمال كلمات مثل «الموريسكيين 34001:15» و«الطورانيين» و«الساراكينوس 
م52 )”*' ؛ لأن كل واحدٍ من هذه الاصطلاحات بات يحمل مضامين 
شديدة التشوّش تعوق إصلاح تصوّراتنا ومعالجتها. ولكن. لا يزال ثمة ركام 
كقير لا يدتقن :إزالقهع. فعلى سني المثاله فيما تعلخ ناسفناء المداطن 
والأمكنة» لا يُمكن للمؤرّخ الأوروبي أن يفكر بتحليل الظروف والأوضاع 
القديمة من خلال الكيانات السياسية وحدودها الحديثة.» بحيث يقولب 
الأمكنة القديمة ضمن الحدود التي تم التواضع عليها في منتصف القرن 
العنترين السوفرا والتيننا والماتنا وبلسيكا وفرنييا توغين ذللةبقون أن 


(*) السراسنة أو السراكينوس» وهي لفظة وردت لأوّل مرة في الأدب الإغريقي القديم لوصف 
قبيلة مخصوصة في سيناء» ثم درجت منذ الأزمنة الرومانيّة لوصف عرب الصحراء على الحدود 
الرومانيّة» ثم توسّعت دلالتها في العصور الوسطى لتشمل المسلمين» وغالباً ما كانت تُستعمل في سياق 
التحقير والازدراء. وقد استعملت بكثافة إبان الحملات الصليبيّة. وقد اختلف الموؤْرّخون 
والفيلولوجيّون أيما اختلاف في تحليل أصلها ؛ فمنهم من أعادهم إلى لفظة «الشرق»» ومنهم من 
أرجعها إلى قبائل السواركة التي كانت تستوطن شمال يثرب» ومنهم من ردّها إلى جبال السراة (وهو 
نسب بعيد)»؛ ومن المستشرقين الأوائل من ربطها بلفظة «سرق»» في حين ارتأى البعض نسبتها إلى 
«الصحراء». وقد اقترح ماكسيم رودنسون ردّها إلى «سكان اقيم »عبر ترضحة مقابلها اليوناني 
(المترجم) . 


١ 


العديد من المشتغلين بالإسلاميّات لا يزالون يحاولون مناقشة الحقب القديمة 
من خلال مصطلحات مثل افارس »» «أفغانستان». «اسوريا وفلسطين». ل 
وحتى «لبنان»؛ وهي جميعها 7 تشير إلى كيانات حديثة صلبة» على الأقل في 
الذلالا'ءت المنسوبة إليها اليوم. إن علينا أن نتقبّل حقيقة أَنْ مثل هذه 
المصطلحات لم تعد تجدي نفعاً. فهي لن تفيدنا في مناقشة الأحداث 
التاريخية المخصوصة. وإن أمكن فى بعض الأحيان» لحسن الحظء. الإشارة 
إلى دول مناطقية (5865 )0 , ثم انها سعدلا في وصف التطوّرات 
بعيدة المدى والاتجاهات التى ظهرت فى تلك المناطق؛ ذلك أنّ الحدود 
الحاليّة لم تكن تفصل هذه المناطق إلى وحدات مستقلّة تسمح لنا بالنقاش 
غلن أساسها ء علينا أن نتصالح مع استعمال أسماء الأمكنة ونعتاد عليهاء لا 
على أساس الوضع السياسي لأيّ حقبة تاريخيّة» بل على أساس معيار أكثر 
صلابة وأكثر ارتباطا بالنقاش الذي نخوضه. 


لكا خديننا ل ترقيط نك تفلك الأراضى الساعكة الس د 
ساحل البحر الأبيض المتوسّط إلى الصحراء السوريّة مجموعة كبيرة من 
المشتركات التي تجعل الإشارة إليها كجسم واحد أمراً ضروريّاً. إذا لم 
نستعمل مصطلح «سوريا» لوصف هذه المنطقة ‏ بما يشمل لبنان اليوم. 
وفلسطين القديمة» ويستبعد الأجزاء الشرقيّة مما أصبح اليوم (بمقتضى 
المرسوم الفرنسي) جوءانفين الجمفورثة الور ةعفان غتلهنا أذ انض 
متها ديد . يعترف معظم الكتاب بهذه الحقيقة» ولكنهم ‏ بقبولهم 
لاستعمال المصطلحات السياسيّة الحديثة بأثر رجعيّ ‏ يحاولون أن يعبّروا 
عن أنفسهم بواسطتها. بداية» لا يُمكن استعمال مصطلح (إسرائيل» بأيّ 
دلالة بحكم المضامين الحاليّة له. كما أن استعمال تعبير مسهب مثل «سوريا 
التي تشمل لبنان وفلسطين» يفتقرٌ إلى الدقّة» فضلاً عن افتقاده للأناقة؛ ذلك 
أنه تعبير لا يستثني ما يجب استثناؤه. أما تركيبة «سوريا وفلسطين»». والتي 


للا لسر الممطلم دودر قاب نطاق جغرافي مُحدّد نسبيًاًء تماوين كحادتيا ضمنه. أحياناً) 
يستعمل المصطلح (الدولة المناطقية) بالتبادل مع مصطلح (الدولة القوميّة 56816 23108) للتركيز على 
إحدى السمتين (نطاق السيادة المحدّد جغرانيًاً أو الولاء القومي) كأساين لهذا التحديد» إلا أن مصصح 
الدولة المناطقيّة يستعمل لوصف بعض الدول في العصور الوسطى التي تعاقبت فيها السلالات على 
حكم النطاق الجغرافي ذاته. دون أن يصمٌ استعمال مصطلح الدولة القوميّة لوصفها (المترجم). 


١6 


تشمل لبنان ضمناً (ذلك أنَّ خرائط ما بين الحربين كانت تضع سوريا ولبنان 
عاخن وععدة واحدة خاضعة للانتداب الفرنسي). فهي تركيبة غير مستلهمة 
تماماً من السياسة. إِنَّ هذه الصيغة تعكس جزئياً الشعورٌ الغربي تجاه المكانة 
الخاصّة بفلسطين» والتي يجب أن ثُميّر عن بقيّة سوريا؛ ولكنّها في المحصلة 
النيائتة اتعوة إلى التسويات: ال تككبين الحريق» والقى نضح مكانة 
جنوب سوريا في الشعور الإسلاماتي من دون أن ترضي من يعتمدون 
الخريطة السياسيّة الحاليّة. ومن ثمّ فقد ارتأى البعض استعمال المصطلح 
القديم (بلاد الشام 162324)» وتقليصه و علماً على هذه المنطقة الأصغر؛ 
ولككدا اعقدنة يحب أن تكدده اميا شير إتى الدلالة الواشعة العن كات 
تحملها لفظة «بلاد الشام»؛ كرون لين أن نجابه التحديد الفرنسي ل«بلاد 
الشام» بالدولتين اللتين كانتا تحت الانتداب الفرنسي. إن الخضوع للموضات 
السياسيّة والشعوريّة الحاليّة لا يُمكن أن يقودنا إلى أي مكان جديد. أحيانا 
لا بد من تحدي التعريفات السياسية ولغة الشارع لكي نستعمل المصطلحات 
التي تنطلق من الاحتياجات التاريخيّة الحمّة. في هذه الحالة» ما لم نتمكن 
من إيجاد مصطلح آخر لن يسرقه السياسيّون» فإِنْ من الأفضل فيما يبدو أن 
نستمر في استعمال مصطلح «سوريا» بالمعنى القديم الذي كان للكلمة قبل 
عام »١1414‏ وهو المعنى الذي نريده بالضبط. قد نتنازل ونستعمل مصطلح 
«سوريا الجغرافيّة» أو «الأراضى السوريّة» أو ما شابه ذلك للإشارة إلى 
الاسم لتجنب التعارض ؛ كسد يثة متتكون اذوه «السوري/ السورية 
ة. وعلى القارئ أن يهيئع نفسه لهذا الاستعمال. فى الحالاات 
الأخرئ.. لا 0 مصطلحات خاصّة. يفن الأعانه لجأت 
إلين امتعمال أداة التعريف. إذ تستعمل أداة التعريف في العربية على نحو 
مناسب عند الإشارة إلى المنطقة الجغرافيّة وليس إلى الدولة الحديثة؛ فمة 
«العراق 4 عط)» تشمل الجزء الواقع جنوبي الدولة العراقية اليوم . ولكننا في 
مثل هذه الحالة لا نستطيع اشتقاق صفة خاصّة بها" . 


3 


(*) يواظب المؤلّف على استعمال 1290 6©) لوصف منطقة العراق التاريخيّة على طول الكتاب» 
ولا يستعمل لفظة 1520 إلا في سياق الحديث عن دولة العراق الحديثة» ومن ثم م فإنني أستعمل «العراق» 
لوصف المنطقة التاريخية وأستعمل «العراق الحديث» لوصف الكيان القومي للدولة العراقيّة بحدودها 
المعلومة اليوم. تمييزاً لها عن الأولى (المترجم). 


م 


فى الحقل الوا بع ابيع العالم. تزداد خطورة المصطلحات الداريه 

المأخوذة من ارمع وتُصبح أكثر تضليلاً ؛ ذلك أنها دائماً ما تعكس واي 
باجركزة اننا جول 0 وتشوّه الواقع تشويهاً جذريا . ولعلّ أوضح 
الأمثلة على ذلك هي المصطلحات التي تتحدّدٌ الأمكنة والمراحل 0 
بمقتضاها. فقد انتقد عدد عائل من العلماء ييه الشاريج بناءً على على التقسيم 
إلى «قديم) واوسيط) و«حديث»)» بوصفه لديا غير وافي حين وله الأمر 
بالرؤى التاريحية طويلة الأمد. حتى في التاريخ الأوروبي نفسه. وحتى إن 
كان هذا التقسيم وافياً على نحو مُشُكل» بحيث ينطبق المصطلحان الأخيران 
[الوسيظ والحديدا. بدرجة ل على أيّةَ منطقة مع شيء من التعديل» فإِنَ 
النتيجة النهائيّة تظلّ تشويهاً للمشهد العالمي أكثر من رو ولعل الأسوأ 
من ذلك هو المصطلحات الجغرافيّة. ف «أوروبا» و«آسيا» و"إفريقيا» تشير 
على التتابع إلى الأراضي الداخليّة الشمالية والشرقية والجنوبية من البحر 
الأبيض المتوسّط. حين يتم إلحاق المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى 
سراحل المدر د اودر الأبيض المتوسّط» ويصبح كل ما هو واقع شرقا 
كالصين واليابان جزءاً من كيان واحد مع بلاد الشام. فإن التشكيلات الناتجة 
ستكون أشبه ما تكون بدعابة سيّئة» لا يمكن استعمالها في الحديث اليومي 
(حتى ولو كان ذلك لأغراض إحصائيّة) كما لو أنها : اسروك كابات حي 
لها خصائصها المميّزة. إنها في حقيقتها تشويه تاريخي مُشين. إذا أخذنا 
اأزوونا مودق العنتاضى» نإنها تيلو كان مور ودرجة ماوتعلى أن مهار 
تتبّع الحدود الشرقيّة لأوروبا عند بحر إيجة (كان طرفا بحر إيجة يحملان 
دوماً السمات الثقافيّة والتاريخيّة ذاتها) وعلى طول جبال الأورال (والتي لم 
تكن يوماً بمثابة حدٌ سياسي أو ثقافي) سيكون أمراً يسهل نقضه ورفضه لولا 
أنه بات يؤخذ بجديّة ويرسم على الخرائط الشعبية . 

إن السبب الكامن وراء استمرار هذه المصطلحات هو أنها مفيدة في 
الانتعمان على تسخر تودمة البستويات: ف عالة :ابروا وذ شين 1ه فإن 
الصعود المفبرك/ الزائف لشبه الجزيرة الأوروبيّة إلى مرتبة كونها قارَةٌ مستقلة. 
فقسا ود فئ قيمتها مع بقيّة المركب الأوراسي كمع قن شاعن على تقزيز 
المفهوم الطبيعي الذي حمله الأوروبيون وأحفادهم المتوزّعون عبر البحار. 


١ 


ألا وهو أنهم قد شغلوا على الأقل نصف المسرح الرئيس لتاريخ العالم 
(أوراسيا)؛ وبالطبع. الجزء الأكثر أهميّة منه. على أساس مثل هذه 
المقولالات» وعلى أساسها فقطء أصبح من الممكن للأوروبيين أن يحافظوا 
لوقت طويل على الوهم القائل بأنْ «التيار الرئيس» من تاريخ العالم قد جرى 
في أوروبا. (وما قبول هذه المصطلحات عند غير الغربيين إلا علامة على 
استمران تتعتتهم الثقافية للغرت الحديك)+ تمثل الائئة الرئيسة الأخرئ من 
مفاهيم تاريخ العالم» «الغرب الحديث 2786566 و«الشرق 28356 أو («المشرق 
1. متغيّر آخر لثناتيّة «أوروبا» و«اسيا»ء وتقوم بذات الوظيفة في تعزيز 
أوهام التمركز الإثني الأوروبي. 

تعزيدا عب هذه لوكي الجانلفتة القريةغيى الزافية على امور 
الحريص كر ما قبل الحداثة ألا يستعمل مفاهيم مثل «أآسيا» و١المشرق».‏ 
بل عليه أن ي: يشير إلى المنطقة التي يريدها بتحديد دِ أكبر (والمناطقٌ دائماً أكثر 
يدا هذا إذا لم يكن المؤرخ 22 وكسعساها لهذه التعميمات غير 
النقديّة). ولكن مع الأسف. فإنَ بعض المؤرّخين المنصفين قد يسقطون في فح 
التضليل الفجٌ ويُقدّمون أقوالاً وآراءَة خاطئة فقط نتيجة استعمالهم لهذه 
المقولات بجديّة. النقطة المهمّة هنا هي أن يقول المرء ما يعنيه بالضبط : 
اسامئ». «إسلاماتى»». «هندي»» «هندي وما يتصل به)» «الشرقئ الأقصى». 
أو ا اانا «الهندي والشرقت اللأقصى»؛ أو أيضاً #غريب»» (أجنبن عن 
الغرب غمعله06 عط م معتلها, غير غربيّ). أو ربما (الإسلامي والمسين إل 
يناطى الرياح الموسمية في أسيا 12 120150015) ٠‏ غير الغربيٌ المتحضرا؛ أو 
أيضاً «السكان الأصليون». «المحليون»؛ «من لم يدخلوا طور التقنية»» أو فقط 
«الآخر»! حتى في الحقبة الحديثة» عندما أصبح للأراضي المدينية غير الغربية 
اع مشترك مدل في كونها ليست «غربية حديثة»» بات لمصطلحي (المشرق» 
أو «الشرق) دلالاات مؤسفة من نواح متعددة تدفعنا للارتياب في المصطلحين» 
على أثني أجد مصطلح «الغرب الَحديث» مفيداً في الحقبة الحديثة لوصف 
جميع من يقفون على ذات الضفة التي يقف عليها الأوروبيُون من فجوة التطوّر. 

ستتضح مصطلحاتي التي أستعملها في حقل تاريخ العالم مع تقدّمي في 
الكتاب. وقد أوردت العديد من المصطلحات التي استعملتها بمعانٍ مخصوصة 
في ثبت المصطلحات. وسأوضح هنا بعض الاختيارات التي قمت بها . 


١:١ 


فالغرب (0680656) عندي هو ضير أفوقنا الغريية أو اللاتيتة 
ومستوطناتها عبر البحار. إذا ذكرثٌ «المنطقة الأوروبيّة». فإِنّ هذا التعبير 
يشمل كل المناطق الداخليّة التي تقع شمالي البحر الأبيض المتوسط». بما في 
ذلك شبه جزيرة الأناضول؛ وإذا 0 «أوروبا» باختصار في سياقٍ ما 
قبل حديث» خاصة في حالة الصيغ المركبة. فإنني أعني نفس المنطقة. في 
السياق التحديث فد استعفل هذا التعير للإاشازة إلى الخاضورة المسيحية 
الأوروبية. بالمثل» يبدو لي مصطلح «المنطقة الهنديّة» أكثر سلامة من 
استعمال «الهند» لوصف الأراضى الواقعة جنوب جبال بامير والهيمالايا؛ 
كنا أن التعيين يبقى أقلّ قذلكة من التعيير السباسق دي اللآثر الريجم ااشدية 
القارّة الهندية ‏ الباكستانيّة». أستعمل «الشرق الأقصى» (لأوراسيا) باللأساس 
لوصف المنطقة الواقعة تحت التأثير الثقافي الصيني» وهي تشمل فيتنام على 
سبيل المثال ولكنها لا تشمل كمبوديا. وقد اخترت مصطلح «المعمورة 
عمعصسداه01»» بمعنى مشابه للمعنى الذي استعمله ألفريد كروبر (41660 
لا بوصفه فقظ كلها على منطقة» بل بوصفه دالا على المر كت 
الزراعي التاريخي الأفرو ‏ أوراسي, الذي يحمل صيغة مميّزة عابرة. للمناطق 
ضمن مساحة لا تفتأ تتوسّع؛ ولا يبدو أن هناك مصطلحاً آخر يعبّر عن هذا 
المركب كله. (إن استعمال صيغة 0626:ناه 011 تتيح اشتقاق صفة منها بشكل 
أفضل من 80172686 » التي تصبح صفتها [ه0تمعصسدهء [والتي باتت شن انين 
الرؤية المسكونيّة الداعية إلى توحيد الكنائس المنتشرة في العالم وزيادة 
الصلات والتعاون بينها]). أما مصطلح المجتمع المديني (بواعنهه5 لعناك) (أي 
يحوي ا كتمييز له عن ١حضري‏ موطئن» والذي م إلى المدن نفسها) 
فله أفضلية على مصطلح ١متحضّر‏ 200111264 لأنه يتجنّب في سياقات معيّنة أي 
دلالات مغرضة حول درجة الصقل والتهذيب في السلوك والعادات؛ وهو 
مصطلح واف لمعظم الأغراض دون تعديل. كما أن لمصطلح «زراعاتي 
1816 (قارن ذلك بالهامش رقم 7 في الفصل الأول من الكتاب الأوّل) 
أفضليّة على تعبيرات وصيغ مثل «ما قبل حديث» أو «تقليدي» لأنه متمايز في 
آنٍ م عن المجتمع التقانوي (1516[وعنصطءء:) الحديث وعن المجتمع الزراعي 
(لإاعاءهة 1قتنانعتمعة) . أما إقامة التقابل في ثنائية «تقليدي د حدييك 0 فإنه 
ليس فقط سيط ناويا ميخاذ لها يقفا في مقابل «الحداثي ع0 بل 
هو فوق ذلك ينتقص من الطبيعة الديناميكيّة لما يُظنّ عادة بأنه تقليد 


١" 


(ده22018)» وهو بلا شك يتجاهل الدور النشط الذي لعبه «التقليد) في معظم 
المجتمعات الحديثة. إِنْ تقسيم «العصر الزراعي» ‏ الممتدٌ على مدى زمنيّ 
ارده عون إلى انر ارك رو ايا كل الح معدو" 
و«العصر المحوري»» وما بعد العصر المحوري»» يُناسب معظم الأغراض» 
الى يُستعمل لأجلها مصطلح «قروسطي»» وسيساعدنا هذا الاستعمال على 
ف جديق : جا ذا لالع دنا :لقي مو ار اندو لك اكور ارم 
داخلة تحت وصف «قروسطي» أم لذ :الك أنها عن وتحهة نظن .عالميّة كانك 
ولا شكٌ «زراعيّة في ما بعد العصر المحوري»» على الرغم من أنها كانت 
فاتحة الحداثة في الغربس. أما الفترات والحقب التاريخيّة الأقصر والمهمّة 

فى ما بعد العصر المحوري». مثل عصر سيطرة الأديان ايلاح فيمكة 

0 في محلها . 


الحديث 

ثمة الكثير من المصطلحات المستعملة للإشارة إلى المركب المميّز من 
السمات الثقافية التي أدت دقرا 52 في المجتمع البشري منذ ول عام 
8. وكثير من هذه المصطلحات مناسب في سياق أو في أ ل 
المجموعة الأولى من المصطلحات على جدّة هذه السمات وحداثة عهدها 
وعلى.تخقيقة أنها سحايت: لأ كبن ثاكة 4 بل بحب :دزما أن تعدو التواكن 
زمانها. تطلق على العصر الذي يعرف من خلال هذه السمات (هو والفترة 
التي أدّت إليه في الغرب) العصر «الحديث)»؛ أما مجموع هذه السمات 
فتسمّى «الحداثة «إإنم:ه2400»)» ويطلق على عمليّة تبنى هذه السمات «التحديث 
210 نطء 2100 . أما المجموعة الثانية من تحط ايف فتر ك3 على الدرجة 
العالية من استغلال الموارد الاقتصاديّة» وهى أيضاً إحدى الخصائص المميّدة 
تفلك المرعلةة أما"المجتمعات ال قر إلى تقده السيداك لترسقة انها 
«غير نامية 0690610560هن» أو بأنهنا ا ة النمو /اتخلفة 12062066106 ؟ أما 
عملية اكتساب هذه السمات فتعرف ب«التنمية غأهعصتمه4067»1»» والتى يجب أن 
تعني بدقّة التنمية والتطوّر التقنى الذي يُستعمل لاستغلال الموارد» وإن كانت 
دلالتها تُعمّم أحياناً على جميع السمات المرتبطة بذلك. أما المجموعة الثالثة 
من المصطلحات فلها تطبيق محذد ودقيق. إذ لما كانت إحدى السمات 
الرئيسة لهذه المرحلة هي العقلانيّة التقنيّة بمعنى إخضاع جميع الأفعال 


١ 


للحساب وفقا لغاياتها ونتائجها الموضوعيّة من ذود تدخل اعتباطي من أحد 
التقاليد.» فإن التحصّل على هذه السمات هو ما يُوصف ب «العقلنة/ الترشيد 
1110 على أن البعض يطلقون على عمليّة اكتساب هذه السمات 
0 «التغريب 128008ه,276566» لأنها سمات تطوّرت أوّل ما تطوّرت فى 
موقا الغربية. ولأن اكتساب هذه السمات سيجعل أي مجموعة تصبح شبيهة 
بالأوروبيين الغربيين. 


في هذه الدراسة» فإن استعمالات الألفاظ في هذا الصدد يجب أن 
تتمايّزء على نحو فعال وواضح عن العرف السائد. فاستعمال مصطلح 
«احديث») يفترض عا استعمهال مصطلح «تقليدي» بوصفه مقا ايها يشمل 
جميع الأشكال الاجتماعيّة التي لا تمتلك خصائص هذا السركب من 
السمات. وهذا الاستعمال يروج على نحو مؤسف جداً في التمييز أيضاً 
داخل الأشكال الاجتماعية «غير الحديثة» بين ما هو تقليدي وما هو غير 
ذلك. حتى وفق معنى المصطلح عدأي التمسّك بالأعراف والعادات القديمة ‏ 
الذي يقصده من يستعملونه. على سبيل المثال» كان ثمة تمييز ديناميكي بين 
الشريعة التي نشناها علماءً أهل الحديث النصوصيون. والني تناه وتواجه 
الطرائق والعادات الشعبيّة باستمرار» وبين الأعراف الأكثر «تقليدية»» والتي 
تميل إلى متابعة الأساليب والطرق الشعبيّة وعدم مخالفتها. ومثل هذا التمييز 
قد يكون ذا أهمية حاسمة فى السياق الحالى. مرة أخرى. فإن هذا 
الأمكجهان الرامن واتساقه لمك أن يؤدّي إلى وفك يعض نيان 
السياسيّة والاقتصاديّة بأنها «تقليديّة» لأنها لا تتصف بخصائص المجتمع 
«االحديث» وشكله بالمعنى الخاص للكلمة؛ على الرغم من أنْ هذه الأنماط 
قد تشكلت في القرن التاسع عشر استجابة للظروف «الحديثة» الحاضرة / 
الببعة الشخيطة. إن مغل هذا الاستعمال ززذى. إلى حالة من التشوسسن 
جانب أساسي من تاريخ عصرنا عبر الخلط بين الأفعال والوسائل 0 
ريا وبين السمات «التقليديّة» بمعنى أكثر أصليّة. وعلى الرغم من أن 
بصطاج «حديث» مفيد في العديد من السياقات التي يكون فيها مصطلحاً 
واضيها وغير غامض» إلا أله لمن رضنا أو مقنعاً كمصطلح تقني دقيق فيما 
يتعلّق بالسمات التي يتناولهاء ولو كان ذلك من باب أنّه كثيراً ما يكون 
ضرورياً للتمييز بين ما هو مواكب للعصر وما هو غير مواكب في كل نقطة 


١. 


داخل مسار عمليّة التغيّر الحديث. على الرغم من أنني في هذا العمل كثيراً 
م أستعمل مصطلح «حداثي مم6ل2340 (بالحرف الكزين) للأشازة هرا الن :ها 
أطلق عليه : «تقانوي» أو ١مُنْكّمي‏ إلى العصر التقني». إلا أن من الأفضل قدر 
الإمكان أن نحافظ على مصطلح «حديث 2»20068 للدلالة على ما هو مواكب 
العصر. وألا نستعمله بمعنى الدلالة على عصر مخصوص إلا حين يحوي في 
نعناة عنصن | أعرو :الفسيية تيل وى اللا لاك العغيار :امهيا زه أخريه أن 
يقتصر استعماله على الدلالة المتضمّنة عادةً في الكلمة). 


بالمثل» سيكون من الأفضل لو تم حصر دلالات «تنمية» و«عقلنة/ 
ترشيد) واتصنيع 51م (وهي كلها تستعمل بدلالالات فضفاضة 
للإشارة إلى نفس العمليّة) في معانيها الدقيقة؛ وهي على التوالي» التنمية 
والتطوّر التقنى بأيّ درجة من الدرجاتء والعقلانيّة التقنيّة» والتفوّق 
والرحفساة للصجاعة: القت اشر على تكناعانت الاققساد الأخرف كد 
حينها أن يصبح أوّل مصطلحين. «التنمية» التقنيّة بأيْ درجة من الدرجات» 
و«العقلنة/ الترشيد»» مفيدين ليس فقط فى الإشارة إلى الأطوار المختلفة داخل 
«النزعة التقانويّة «وناهعنممه»» بل أيضاً للإشارة إلى بعض الحالات المعزولة 
في تواريخ تعود إلى ما قبل الحداثة. والتي لا ترتبط عضيوياً بالآزمئة اللحدنة 
على الإطلاق. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مصطلح «التغريب». فالاستعمال 
العام لهذا المصطلح يضمر انحيازاً في المسألة ‏ التي نتركها مفتوحة وغير 
محسومة ‏ حول مدى إمكانيّة فصل أو تمييز هذا المركب من السمات عن بقيّة 
جوانب الثقافة الغربيّة» أو بالتحديد عن التراث الثقافى الغربى ما قبل 
الحديث. إنني أفضّل حصر استعمال هذا المصطلح على دلالة التبّي الصريح 
للسمات والقيم الغربية» بما هي غربيّة لا بما هي حديثة. 


أفضضل استعمال تنويعات خاصّة من الجذر «#تقنى [هءنصطءء)» حين أجد 
الحاجة ماسّة لتوخحي الدقة. فمصطلح «مُتَقُنن 4معذلهءنصامه» على شاكلة صيغة 
امصنع لم1 ولكنه ينطبق على التطوّر التقني, ليس فقط في مجال 
الصتاعة». بل نضا في الزراعة والإدارة والعلوم وما شابه ذلك ؟ ولا بعاني 
من نقص في الدلالة ولا من غموض إذا ما استعمل لوصف قطاعات 


١ 


أن العف كز المحفيع الذى: تنك .قن العف التحميا تا لاحزاءات 
التقنيّة المتخصّصة أنماطا حاكمة ومتبادلة الاعتماد فى النشاط الفكري 
والعملي؛ وتكون هي العناصر المهيمنة على مستوى التنة 
فالدنمارك» ا ل ا هي مجتمع متقنن 
بهذا المعنى. ذم إن با سي كلمة «تقانوي عنادنلةهءنهطءء:» للإشارة إلى 
شاط السك أن اه التلويه العملناض: المت أن المرفطلة وظه) نيا 











مثلما لا يصح أن نستعمل مصطلح «زراعوي ع150ه3873:13).) بسلامة 
وصوابيّة» لوصف جميع التطوّرات التي وسمت المجتمعات الزراعويّة» فإن 
مصطلحي «تقئنة ه#30نلهءنصطءء:» و«النزعة التقانوية ددونلهءنصطءة:» لن يستوعبا 
جميع السمات المرتبطة بالأزمنة الحديثة. إضافة إلى ذلك؛ فإنْ بعض القيم 
المعنويّة/ الأخلاقية ية التي كانت ضروريّة» ربماء لانطلاق عملية التقننة في 
النداية» أو للتثقيف الذي سهّل حضورها ونتائجهاء لا تندرج تحت النزعة 
التقانويّة. إنني أفضّل» بشيء من الحذرء أن أشير إلى هذه القيم بوصفها 
مرتبطة بعصر النزعة التقانويّة» والذي يوافق المرحلة التي باتت فيها الأنماط 
التقان نويّة مهيمنة على نحو حاسم في العالم بأسره. لسلوا البرحه 
بعك أن وصنلت التقدنة إلى أوج تأثيرهاء فى بعض الجوانب على الأقل. فى 
ماس 0 مع الشورتين الصناعية (1185) والفرندبّ 
(2)119 وهي المرحلة التي شهدت أنقا هذا 2 عييفة أووزنا على العالم. 
لأجل ذلكء فإنّني أطلق على العصر اللاحق (وصولاً إلى أيامنا هذه) «العصر 
التقني»؛ ذلك أنه هق لنا أن نسمي عصراً ما فعا للسمة المهيمنة والسائدة 
فيه ولا ا عبقننان اعدا سنس يان المصطلح بشكله المختصر مضلل.. . [إن 
مصطلح العصر التقني] بما هو مصطلح لوصف عصر ماء يشير إلى تحقيب 
تاريخي للعالم»ء +ع ف الظار جما إذا كانت يلك ماا ند لشفت للققة 1١3‏ 
كانت بلد غيرها تعاني من الأثار العكسية لعملية التقدئة (أو تمتحنت من 
الإفلات منها). بالمقابل» حين أستعمل مصطلح ما قبل تقني». فإنني عي 
بالعموم إلى الفترات الزمنية التي سبقت العصر التقني؛ وليس إلى البلدان 
الى ال ا إلى القطاعات أو البلدان المتخلفة تقنيّاً في العصر 
التقني . ؤهذا سيتيح لي (كما لن يفعل مصطلحا «العصر الحديث» و(ما قبل 
الحديث» بحكم عدم دقّتهما) أن أحافظ على تركيزي على الحالة التاريخية 


١5 


العامّة وعلى الحالة الداخليّة للتطوّر في أيّ مكان من الأمكنة. وسيكون من 
الواضح بأنْ مستهل العصر التقني كان في الوقت نفسه خاتمة العصر 


الغرب» الغرب الحديث. أوروبا 

إنني أستعمل مصطلح «الغرب الحديث 2786566 في سياق الحديث عن 
ظروف العصر التقني ؛ ولا أستعمل هذا المصطلح قبل هذا الو وعلئ . 
هنا تمييزه عن استعمالي لمصطلحى «أورويا» و«الغرب 0ن 


كثيراً ما يستعمل مصطلح 77/650» على نحو فضفاض وغير محذد وإن لم 
يكن مُضلَّلاً بقدر مصطلح «الشرق». فالمصطلح يُغْطَي على الأقل خمسة 
تجمّعات تاريخيّة مختلفة للأراضى والشعوب. وكثيراً ما يؤخذ بأحد الأحكام 
الحناسة توصك واخدين سنه امعتعاتم. 13 لطن دن دون يحضي فلن 
تجمّعات أخرى, وينجمٍ عن ذلك كثيرٌ من التشوّش والإرباك. (وكثيرا ما 

ينجم التشوّش عن طرق مغرضة وأساليب منحازة). يشير مصطلح 656 في 
00 إلى: ١‏ النصف الغربي المتحدّث باللاتينيّة من الإمبراطوريّة 
الرومانيّة؛ وهي الأراضي التي تقع في الجزء الغربي من حوض البحر 
الأبيفن المعوسط: ويمكن أن كير بصيورة موشعة الى 2 الاراضين 
الأورومة القرنة: با عيرم 4 اوبالادى إلى اللدات المسيدة اللانيقة لكر 
فى شمال البحر الأبيض المتوسّط (فى العصور الوسطى وما بعدها)» والتى 
بعر ائراتها إلى الاير طون «الروماتة: . .هذا ا لانحنان بطينة النحان معدي 
الأراضي الواقعة في غرب البحر الأبيض المتوسّط والتي تحوّلت ا 


(#) إن 00010621 هي المقابل لغ201160 فهى تعنى احيث تغرب الي مثلما تعني الثانية 
«المشرق6 أي ححيف شرق الشمس ولما اه «المغرب» محجوزةً عندنا لبلاد المغرب الكبير 
من شمال إفريقياء ثمّ "المغرب الحديث»» فلم يكن ثمّة بدّ من اختيار ترجمة غير شائعة تتوافق مع هذا 
التمييز. وقد ملت في البداية إلى الحفاظ على «الغرب» كمقابل ل78/656» على ما اعتاده القارئ العرب» 
وعلى أن أختار لفظةً ك«الأراضي الغربية» مقابلاً ل0ه200846 ولكنّ اشتقاق صفةٍ لما ينتمى إلى 
«الأراضي الغربيّة؟ عسير» وسيثقل النصّ إثقالاً كبيراً. ولأنّ المؤلف لا يستعمل لفظة «الغرب الحديث 
+65 إلا في سياق العصر التقنى الحديث». وهو ما يقتصر الكتاب السادس على تناوله» فقد ارتأيت أن 
أتصرّف بإلحاق لفظة «الحديث» ب«الغرب»» وهو تصرّف حميد لا يُخالف مقصد المؤلّف. بل يُعرّزه. 
وأرجو أنني وُفقثُ في الحفاظ على سلالة النصّ وأداء المعنى وإن خالف معهود القارئ (المترجم) . 


١ / 


الإسلام. ويشير على نحو أكثر توسّعاً إلى  ”‏ المستوطنات العابرة للبحار 
للشعوب الأوروبيّة الغربيّة في كل مكانء في الأمريكتين و«الأجزاء الواقعة 
على الجهة المقابلة من الكرة الأرضيّة 126 [وتشمل اسشير اليا 
ونيوزيلاندا وجزر المحيط الهادي]. وبالمعنيين الثاني والثالث يستعمل 
مصطلح «الغرب]0600606» فى هذا العمل: لتعيين شعوب العالم المسيحي 
الغربي (اللاتيني أصلاً)» بما في ذلك المستوطنات العابرة للبحار فى الأزمنة 
الحديثة. (قليلاً ما يستعمل مصطلح «الغرب 20001061 في الإتكدريةة ومن 
ثم فإنه يمتلك فرصة أكبر ليحافظ على دلالة دقيقة) . يستعمل مصطلح ((أوع/13) 
يقي للدلالة على ؟ - كل الحاضرة المسيحية (2هلم6]ؤنط©) الأوروبية» التى 
تشمل عادةً جميع الشعوب ذات الأصول الأوروبيّة .«اسواء في تسلف 
الأوروبيّة أو في المستوطنات الأوروبيّة الإضافيّة)؛ أي إِنه يشمل الأوروبيين 
الغربيين ليمي الشرقيين» الذين استحدث مصطلح 218/6500 بالأصل 
للتمايز عنهم. وَغن أسلونت غريب من توسيع استعمالات هذه اللفظة. تم 
ضمٌ أجزاء معيّنة من تاريخ الإغريق القدماء (بأثر رجعي) للتاريخ «الغربي 
الحديث»» فى حين أنها أليق بوصف «غربيّة 0001068181» بالمعنى الأضيق 
للكلمة (وهكذا يظهر العير و يون وليس البيزنطيون.» كالميعاوء/27 2 
ويصبحون هم ورثة بلاد الإغريق القديمة!). لتناول مثل هذه الأغراض» فإن 
مصطلحَي «الأوروبي» أو «المسيحي الأوروبي» سيكونان أكثر ملاءمة» على 
الأقل للحقبة السابقة على العصر التقني» حين كان المستوطنون الأوروبيون 
الإضافيّون [أي في مستعمرات ما وراء البحار] لا يزالون أوروبيين بوضوح. 
أما فيما يتعلّق بالحقبة الحديثة» فإنني أستعمل مصطلح «غربي حديث؛ لهذا 
الهدف»ء وأشمل به المستوطنين الأوروبيين الإضافيين. أخيراً أحياناً يتم 
إلحاق جميع المناطق المتحضرة في أفرو ‏ أوراسيا غرب نهر السند بلفظة 
23650 أي إِنَّها تشمل أوروبا والشرق الأوسط؛ وفي مثل هذه الحالة. 
0 استعمال مصطلحات مثل «غرب أوراسيا» أو «منطقة إيران - حوض 
البحر الأبيض المتوسّط). 


(*) الميروفنجيون» سلالة من الفرنجة حكمت بلاد الغال ما بين القرن الخامس والثامن الميلادي 


١ 


أصبح لمصطلح «أوروبا»)ء. على خلاف مصطلح «الغرب الحديث)»» دقة 
خادعة» حبك يشير :إلى شبة"الجزيرة الأكثر غربيّة من أوراسياء وما يرتبط 
بها اعتباطاً من البرّ الداخلي القارّيء والتي تُحدّ في الغالب بجبال الأورال. 
لم تكن هذه المنطقة المحددة تشكل في أي وقت من الأوقات كياناً ثقافيًا أو 
سانا واخدابأت ع من المعاتى لقن اعنيلة الومطاع الملتس 
«المنطقة الأوروبيّة» أو «الأراضي الأوروبيّة» لشم منطقة مشابهة لتلك». 
الوك على الأقل في الحقب ما قبل الحديثة» تجمّعاً تاريخياً حقيقياً 

بعض الشيء: الأراضي التي تقع على شمال البحر الأبيض المتوسّط (من 
الأناضول إلى إسبانيا) والأراضي الداخليّة المرتبطة بها في الشمال (بما في 
ذلك السهول الروسيّة)» ومن دون استبعاد الأراضي المرتبطة بها كالمغرب 
الكبير. بهذاء يصبح لمصطلح «أوروبا» معنى 5 واجتماعى أكثر دقة 
وإفادةً في الأزمنة الحديثة» إذ يدل على دول أوروبا الغربيّة والدول الشرقيّة 
التي تمّ ضمها معها؛ أي الدول المسيحيّة حتى وقت قريب. 

بناءً على ذلك». سأحافظ في الكتاب السادس على استعمال مصطلح 
«الغرب» للإشارة إلى المناطق الأوروبيّة (اللاتينية سابقا) ومستوطناتها العابرة 
للبحار» وسأستعمل مصطلح «أوروبي» بالمعنى العام للدلالة على الأراضي 
التي تقع شمال البحر الأبيض المتوسّط. ولكنني سأستعمل أيضا مصطلح 
«الغرب الحديث» للإشارة إلى كل أوروبا المسيحيّة وامتداداتها الغربيّة 
الإضافيّة» وسأستعمل «أوروبا» بالمعنى السياسي للكلمة» للإشارة إلى الدول 
الأوروبيّة المسيحيّة ومنظوماتها. 

على أن: حل الاسشتعمالات"المغدثة ل«العرت الحدية قن أرسعهة 
قسمة شرق غرب إلى الداخل الأوروبي» ولكنّها قسمة مختلفة عن القسمة 
القديمة: ف«الشرق» هو الكتلة الشيوعيّة.» و«الغرب 787656» هو الكتلة الغربيّة 
غير الشيوعيّة. وسيكون من الأفضل استعمال «الكتلة الغربيّة» للإشارة إلى 
هذه القوى في السياق التاريخي العام . 


«الأمبراطورية الرومانية الشرقيّة». «البيزنطى» 
بعد أن استقرّت الإمبراطوريّة الرومانيّة فى النهاية فى القسطنطينيّة (بعد 
مرحلة لم تكن روما فيها هي العاصمة الفعليّة على أيّ حال). أطلق العديد 


١ 48 


من الكتاب عليها لقب الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة أو البيزنطيّة. ٠‏ أصبح 
اصع «بيزنطي) مفيداً على الكل للعميية بين الطبقات الحاكمة؛ على الرغم 
أنه لم يضيح بتاسيا تقاما الأبيعد القتوجات الغريتة ين :اسنقت: [الطقات 
الحاكمة] اللاتينيّة عملياً . ولكنٌ مصطلح «الرومانيّة الشرقيّة» قد يكون مضللا 
من منظور تاريخي أكثر عموميّة. فلم يسبق قط أن أطلق اسم شبيه ب«هان 
الخترفية؟» على إثر تحول العاضعة من موقعها في الخرت إلى الشرق يل 
انها كانت كين إل التعيين المتكررء خلال أكثر من قرن وصولاً إلى عام 
» لإمبراطور مشارك مستقل في المقاطعات الغربية. إن هذا الاستعمال 
مغرضن لإساءة القهم إذا نهنا طن يانه تشتير' إلى: تشكل, إفببزاطور عون 
متعاصرتين» «الرومانيّة الشرقيّة» و«الرومانيّة الغربيّة»؛ ذلك أنه كان يُنظر إلى 
(الأنيا طورنة ‏ الووهاة الغربيّة» ضمناً على أنّها هي الإمبراطوريّة الرومانيّة 
بالمعنى الصحيح للكلمة (وذلك عائد جزئياً إلى أنّها كانت تضم الأراضي 
الرؤفاةة الأصيلئة :.ولكههديعوة ايها : وبدرحة أكبر» إلى أن المؤخين كانرا 
في الغالب أورو يه غربيين» فكان اهتمامهم متضنا نذا لاسن على 
المقاطعات الغربية). 


بثاة على للق يعدما ندا معظم المقاطعات الغربيّة خلال القرن 
الخامس بالخروج مؤقتاً من السيطرة الإمبراطوريّة» لم تعد أبداً لتتآلف معاً 
كمجموعة واحدة. اعتبر ذلك بمثابة «سقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة» (وعيّن 
تاريخ ذلك على وجه التحديد فى 21515 وهو تاريخ تم م اختياره على نحو 
سيئ على أَيَةَ حال). وبعد ذلك» لم تتم م إعادة السيطرة على بلاد العتال 
وبريطانياء اللتين يميل معظم المؤرخين الغربيين للتركيز عليهما؛ إذاً فقد 
انتهت السلطة الإمبراطوريّة محلياً هناك في القرن الخامس. بعد ذلك» بات 
المؤرّخون يطلقون على الجسم الرئيس المستمرٌ من الإمبراطوريّة الرومانية 
اسم «الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقيّة»» وكان ينظر إليها بوصفها متمايزة عن 
«الإمبراطوريّة الرومانيّة» بالمعنى الأصلي للكلمة. وهكذاء فلم ينظر إلى 


(*) يُشير المؤلّف إلى الحدث الفارق الذي ميّز بِينَ عهدي حكم سلالة هان للصينْ؛ فبعد أن 
حكمت سلالة هان الأولى من عاصمتها شانجان (7١7ق3.م-8م)»‏ غرقت البلاد في سلسلة من 
الصراعات الداخليّة وانقطع حكم سلالة هان» قبل أن تتمكن من استعادة الحكم على يد الإمبراطوري 
غوانغ ووء الذي نقل العاصمة شرقاً إلى لويانغ (المترجم). 


١6 


عملية إعادة تأسيس السلطة الإمبراطوريّة في المقاطعات العرية الأ كثر اهمية 

فى القرن السادس على أنّْها استعادة» بل على أنها حركة توسّع لإمبراطورية 
أرق (الإمبراطورية الرومانية الشرقية في أوج اتساعها). وإلى هذا تميل 
الأطالس 'التاريقةة فى :سييية خزائطها :. ولكق علا أن تتدكن اران بآن 
لك لذان بوبروطا نا" كاننا مهمشتين بالنسبة إلى الإمبراطوريّة» كما أن الجزء 
الغربي من الإمبراطوريّة كان دوماً أقل أهميّة» بطرق مختلفة» بالمقارنة مع 
النصف الشرقي. من وجهة نظر مجتمع الإمبراطوريّة وثقافتها ككل» لم تكن 
هناك «قسمة» مبدئيّة إلى شرق وغرب» وم تأتِ التحوّلات الكبرى في القرن 
الخامس» بل في القرنين الثالث والسابع”* . إن وصف الإمبراطوريّة الموحدة 
المتأخرة أنه «ووؤمانية شيرفية) يعني إاسقاطا ا يرجع استقلال الغرب 
إلى وقتٍ مبكّر جداًء ويحجب استمراريّة الإمبراطوريّة ككل. كما يمكن 
لذلك أن يشوّش فهمنا للتراث الروماني في حوض البحر الأبيض المتوسّط 
حيث تت المواجهة مع المسلمين الأوائل» كما أنه يشوّه فهمنا للعلاقات 
الميكؤة'بين الحافيرة الانتااية والغرت»: 


إسقاطات خرائط العالم الغربيّة وأطالسها 


كان تضوّر التسلمين. عن الخال فى العصضور: التى .سبقت: أكثن توازنا مما 
نجده لدى أقرانهم من الأوروبيين الغربيين. فالخرائط التي نجدها في كتب 
التاريخ الغربيّ الحديث تصف نفسها بأنها خرائط «العالم المعروف». ولا 
تَقدّم بالطبع المراكز العالميّة الأكثر تطوّراً وكوزموبوليتانيّة» بل تقّدم المراكز 
المعروفة للجمهور المتعلم في أوروبا الغربيّة. ونظرا للموقع الهامشي لشبه 


(8) يُشير المؤلّف على الأرجح إلى ما عُرف بأزمة القرن الثالث بعد اغتيال الإمبراطور سفروس 
على يد قواته» وما تلا ذلك من تلاحق الحكام العسكريين واستقلال بلاد الغال وإسبانيا ومملكة تدمر 
قبل أن يتمكن الإمبراطور أورليان من إعادة توحيد الإمبراطورية؛ وإلى ما شهده القرن السابع من 
حروب مطوّلة مع الساسانيين» والتي انتهت بانتصار هرقلء إلا أنها استنزفت موارد الإمبراطوريّة 
البيزنطيّة ؛ ثم ما تلاها من الفتوحات الإسلاميّة لسوريا ومصر. أما إشارته إلى القرن الخامس فهى إلى 
التاريخ المشهور 24775 والذي يُعتبر تاريخ سقرظ. امد اطورقة :روه نا( الع ةة) عون بغر ل القاقد 
العرماني أودواكر الإمبراطور رومولوس أوغستولوس عن عرشهء فلم يحكم بعده إمبراطورٌ رومانيّ. إلا 
أن صيرورة انهيار الإمبراطوريّة الرومانيّة قد بدأت منذ القرن الثالث بأزمات داخليّة ضاعمّت من آثارها 
موجات الأويئة وهجمات القبائل الجرمانيّة (المترجم). 


١6١ 


القارّة الأوروبيّة» فقد كان من المتوقع أن تكون رؤية الغربيين للعالم مختلفة 
وغريبة. فقسمتهم للعالم القديم لم تكن إلى سبعة أجزاء كما هي الحال عند 
العسلضوة ٠‏ بل إلى ثلاثةٍ فقطء يقع البحر الأبيض المتوسّط في مركزها 
(فالأراضي الشماليّة له هي أوروباء والجنوبية هي إفريقياء وإلى الشرق منه 
تمتذ آسيا). إلا أن هذا التوزيع بطبيعة الحال لم يكن مناسباً على الإطلاق 
لنصف الكرة الأرضىّ ككل . 


استهقمت هده الرؤيةة؛ وعلى نحو مثير للإعجاب» في تقديم شبه الجزيرة 
الأوروبيّة الصغيرة على أنها وحدة جغرافيّة تقف كندٌ ونظير في مقابل 
الأراضي الشاسعة الأخرى. وقد تم الحفاظ على هذا التصنيف «المتمركز 
إثنياً 001 م6 في العصور الوسطىء ٠‏ ثم تم رسم خرائط العالم في الغرب 
الحديث على هذا الأساسء, كما تمّ الاحتفاظ بالمفهوم المتمركز إثنيَاً 
ل«المشرق)». ٠‏ ثم تم تمويه هذه السخافة اللامعقولة وإخفاؤها مع الاتعشياز 
المتزايد لاستعمال خرائط 0 لمكتو هه نصيزا بشكل جذريء. مثل إسقاط 
مركاتور (صمناءعة زعم مم )0 ؛ والتى نجحت بتضخيمها للشمال نأن تظهر 
أوروبا المترابطة أكبر حجماً من كل «إفريقيا»» وقرّمت في المقابل من حجم 
تيه الجزهرة الأوواشكة الاأخرى: اليقد: ا الطريقة» أمكن ضمٌّ جميع 
اعدف الأووويتة المعروفة إلئ ل فيما تم حذف المدن الهنديّة غير 
المعروفة على نطاق وأسع. حر عا اشر دك مركاتور بسبب تشويهه 
لحجم غرينلاند ‏ كما لو أنْ غرينلاد مهمّة جداً! ‏ لجأ صناع الخرائط إلى 
تسوية لافتة: فقد حافظ الإسقاط الذي قدّمه فان دير جرينتن (:06 8ه7ا 
عامن) على التشوّه الأصلي المتمركز إثنياً» واستمرٌ في تضخيم أوروبا على 
حساب بقيّة المراكز الثقافيّة الرئيسة الأخرى. ولكن من دون تضخيم 
الأراضي المقفرة في الشمال الأقصى. وحتّى في الأطالس التاريخيّة» كانت 
معظم خرائط العالم خاضعة لهذا النوع من التحريف والتشويه» وجميعها في 


(*) في القرن السادس عشر وضع جيراردس مركاتور خريطة تقوم على إسقاط أسطواني للكرة 
الأرضيّة (تتماسّ الأسطوانة مع الكرة الأرضيّة عند خط الاستواء. ثم يتم وصل النقاط بشكل إسقاطي 
غلى :ا لاسطواثة وفردهاء 0 الكرة الأرضيّة مستطيلة)» وبهذا فإن الخرائط القائمةة على 
هذا النوع من الإسقاط تجعل خطوط الطول والعرض مستقيمة تتقاطع في زوايا قائمة» وهو ما يؤدَّي إلى 
تكبير حجم المناطق كلما ابتعدنا عن خط الاستؤاء شمالاً وتعدوا (المترجم). 


١6 


الغالب الأعم كانت تضع المحيط الأطلسي وأوروبا في المركز. في أيامنا 
هذه. يُمكن أن يُطلق على هذه الخرائط ‏ التي ترسم أراضي الإنسان الأبيض 
بحجم أكبر وفي موقع أكثر بروزاً ومركزيّة من أراضي الملوّنين - خرائط 
اع ا للعال #7 بو لكنّ الفكرة في أصلها أقدم بكثير من النزعة العنصريّة 
الحديثة. ال ل اي ا ا 
قبل الحديثة أن تستمرٌ وتحافظ على نفسها في الاستعمال العلمي الحديث . 


لقد تم الاعتراف بالتأثير الكارثي لهذه الخرائط المحرّفة والمشوّهة في 
التفكير العسكري الحديثء إذ أجبرت الحرب العالميّة الثانية الطيارين» على 
الأقل» على استعمال الخرائط «العالميّة» لكي يتمكنوا من تخيّل المواقع على 
نحو صحيح. مع الأسف». سمح العديد من المشتغلين بالإسلاميات» مثل 
العلماء الآخرين» لهذه الخرائط الشعبيّة أن تشوّه تصوراتهم الحيّة والمباشرة 
للحاضرة الإسلامية؛ وظلوا متأثرين بأساليب المركزيّة الأوروبيّة وطرائقها. 
على أن المشتغلين بالإسلاميات» على الأقلء قادرون على أخذ مصطلحاتهم 
الجغرافية «وصورتهم عن العالم».» بل وحتى خرائطهم عن العالم العديم مر 
الحاضرة الإسلامية ما قبل الحديثة. إن وجود أطلين موجه لوحمريها 0 


سيكون ذا قيمة كبيرة لتعوية التصوّرات الصحيحة التي قدمتها بعضص الكتبب 
الدقيقة والحذرة. 


استعمالات الألفاظ فى دراسات الاسلاميّات 


«الإأسلاميات». «علماء الاسلاميات» 


حين يكون موصو حل من الدراسات هو البشر الذين قاموا هم أنفسهم 
بإنجاز دراسات» فإِن هذه الحالة تمثل فرصة مفيدة للتمييز في المصطلحات بين 
الدراسات وموضوعها. وهو ما لا يمكن إنجازه عبر تعبيرات مثل «الدراسات 
الإسلاميّة 5عءنلنةة عنههاة1» أو «عالم إسلاميّ 7 ونمم1513»» أو «الدراسات 





(*) ظهرت في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر أغنية ساخرة من الأفارقة الأمريكيين : «اقفز 
يا جيم كرو)ء وفد انتشر استعمال المصطلح للتعبير عن الخطابات التحقيريّة ل«السود». ولاحقا أطلق 
على قوائ نين الفصل العنصري لقب «قوانين جيم كرو»» والمؤلّف يستعملها هنا للسخريّة من التمركز 
الإثني الأوروبي ونزعته العنصريّة والمتعالية تجاه غير البيض (المترجم) . 


١6 


الصينية 10165ة أءوعصنط©) أو ١عا‏ لم صينيّ 5080135 12656ط2»)0 ؟ سواء استعملت هذه 
التعبيرات للدراسات حول المسلمين أو الصينيين. ومن هنا جاء - 
مصطلحات أقل ادعاءً. مثل مثل «علم الصينيات 2581201089 , «عالم الصينيا 
أذأع2)»5120108» و «علم الإسلام ليا و«الإسلاميات ممنهةاة1» و 57 
الإسلاميات 56هنزمةا15». وعلى الرغم من 2 أستعمل مصطلح الإسلاميات»)» 
إلا أحى أشعر بأنه لا بهد بوضبوج كافي بين دراسات الإسلام في حد ذاته 
ودراسات الحاضرة الإسلامية. إِنْ قدرة اللغة الإنكليزيّة على استضافة «البدّل» 
والتعبيرات المركبة من البدل والمبدل منه يجب أن تتيح لها القدرة على بناء 

عباراة استط وأقل سا : «دراسات الصين 01:65ن50 همنط0». «علماء الصين 
5 20111133 » (دراسات الإسلام 65 2151312 ؛ (دراسات الحاضرة 
الإسلامية 560165 2ده2»1513:20» «علماء الحاضرة الإسلامية 5عؤامطءة مدملصدا1) 
(وهو شكل يُمكن تكييفه مع أيّ تصوّر مُراد لترسيم حدود هذه الحقول). 
ولكنني . على الرغم من الوضوح الذاتي لمثل هذه التعبيرات» قد تردّدت 0 
تقديمها (على الأقل قبل أن يستقرٌ مصطلح «الحاضرة الإسلامية»). 


«الحاضرة الاسلامية». « الإسلاماتي ( 


إن استعمال مصطلحات غير معتادة» مثل «الحاضرة الإسلامية 
ره 15130 ولإسلاماتى غأ2ء1صوةاة1) . يتطلب دفاعاً مفصّلا وتدرودنا وافيء 
أقدّم مرافعتي هنا بأنَّ من الشائع جدّاً والمعتاد» في العلوم الحديثة» استعمال 
مصطلح (إسلام» و«إسلامي» في التعامل مع ما نسميه الدّين ومع كل 
المجتمع والثقافة المرتبطتين بالدين على السواء. إنني ابي هنا بأنه. لبسن من 
الممكن» بل وربّما ليس من المطلوب أيضاًء أن نرسم خظّأ حاداً بينهما؛ 
ذلك أن فصل الدين (وليس الإسلام فقط) وعزله عن بقية جوانب الحياة هو 
أمرٌّ خاطئ ومُسْوّه جزئياً. ومع ذلكء فإِنْ المجتمع والثقافة الموصوفين 
بأنّهما «إسلاميّان» بالمعنى الثاني للكلمة» لا يعني بالضرورة أنّهما #إسلاميّان» 
بالمعنى الأوّل لها [أي بالمعنى الديني]. لا يقتصر الأمر على أن مجموعة 
الأشخاص المنضوين تحت كل مفهوم ليست متطابقة ومتساوية (فالثقافة لم 
تكن ببساطة ثقافة مسلمة أو ثقافة مسلمين)»؛ بل إِنْ كثيراً مما قام به 
المسلمون كجزء من الحضارة «الإسلاميّة» لا يُمكن أن يوصف إلا بأنّه «غير 
إسلامي». بالمعنى الديني للكلمة. يمكن للمرء أن يتحدّث عن «أدب 


١65 


إسلامى». و«فن إسلامى»)». و«فلسفة إسلامية»» بل وعن «استبداد إسلامي»؛ 
ولكفة قن أثقاء ذلك سععك انقسة وقد اعغد أكثر واكثر عن الحدية عن 


نثاءة على االلقةة تان مماة تنا عونا على عب اللريان هو السييد مين 
ال ل لي ل 1 9 
المرء مثلاً عن «القانون الإسلامي». فإنّه قد يقصد بذلك الشريعة؛ ولكن إذا 
كان المرء يُقارن بين القانون. كأحد أبعاد الحياة الثقافيّة» والفن أو الآدب 
«الإسلامي». فإِنَ عليه أن يضع الأنماط القانونية غير المنتمية إلى الشريعة 
على ذات المستوى مع الفن والأدب «غير الدينيين». ومن دون ذلك» فإن 
العف يض إلى متو رذاكة اعفد .ير لك :فى الو اي اناو ساون شال 
القانون الذي لا ينتمى إلى الشريعة إلى هذا المستوى. من دون هذا التمييز 
في المصطلحات. فإنّ مثل هذا الخلطء والذي قد يتولّد عن المصادفات 
ال المح ايا لعي المواد المتودرة بين يدي العالم» سيميل سيميل إلى الازدياد دون 
اثقباة: :وهكذاةء فإن هناك العديد مين الدراسات 0 «القانون الدولي 
الإسلامي». والتي (تأخذ الإسلامي» بالمعنى الضيق) تتناول مبادئ الشريعة 
عن العلاقة بين الخلافة ودول غير المسلمين. ولكن يبدو أن قل فقط قد 
درست «القانون الدولي الإسلامي» الآخرهء والذي لم يكن دينياً صويحا : بل 
كان جزءاً من خصائص الحضارة نفسهاء أي القانون الذي يحكم. فوق كل 
شىء» العلاقات بين الدول «الإسلاميّة». وهذا الأخيرء وليس قانون الشريعة 
الدولي. هو ما يماثل قافا جنا اذ «الفن الإسلامي» أو «الأدب الإسلامي» 
أو العم 5 وهو بالتأكيد ما يقابل «القانون الددلي 0 


إثبات أن عه امصام من معدي فنقطء قل ا في اخطاء 
فجةء إذ لم يحافظوا على تمييز واضح بين المعنيين الكامنين في مفردة 
الإسلام». فدراسة «الإسلام القروسطى» أو «الإسلام الحديث» قد تكون 
بالأساس دراسة لدين» أو قد تكون دراسة للثقافة ككلء والتي يأخذ الدين 
فيها مكانه وموقعه المناسيين؟ وقد تكون خليطأ تختلف مكوّناته وفقا 
لاختلاف مصادر المعلومات. لقد حصل على سبيل المثال أن دار نفس 
النقاش حول «الإسلام الوسيط) بالمعنى الثقافي العام للكلمة». ثم اتخذ 


١6 


النقاش حول «الإسلام الحديث» معئى دينيًا محل دا وقد مر النقاش من دون 
أن ينتبه المناقشون المختلفون. أو نفس المناقش في أوقات مختلفة. إلى أن 
النقاش يدور حول مسألتين مختلفتين في كل حالة. يمكن للنتائج م أن تكون 
أكثر تضليلا من ذلك . . يقترح برنارد لويس عي جه لبد ل 
الثاني, أئ للمعنى الثقافي للكلمة» وأن تستعمل صفة ا(مسلم ستاك ك/3») 
المع الازله أي الليعتى الدينن» بولقو مدن أن هذا اسان 
سيعكمر ويسود» :ولا كيك بان هناك بعض الفوائد في التمييز بين الإسلامي» 
كصفة لما يتصل بالإسلام بوصفه تقليداً تاريخياً أو مثالياً تراكم حول 
الإيمان» وبين «مسلم) كصفة للمسلمين أو لما تعلق بهمء ما داموا قد قبلوا 
بهذا الإيمان (وهذا تمييز ضعيف. ولكنه مفيد في كثير من الأحيان» ويمتاز 


الهو 


لقد وصلت إلى خلاصة تقول بأنّ المشكلة لا يُمكن أن تُحلّ إلا بإضافة 
مصطلحات جديدة. سيكون مصطلح «الحاضرة الإسلامية «دهلصةاة1» 2 
بسرعة بسبب شبهه بمفهوم «الحاضرة المسيحية «0ه00ه0506». ف «الحاضرة 
الإسلامية» إذاً هي المجتمع الذي يُعترف فيه للمسلمين ولدينهم بالسيادة 
وجعردحت لبي عي بمعنى أو بآخر (وهو مجتمع شكل فيه غير 
المسلمين عنصراً فكملذ دوم وإن كان كأيعاة مثلما كان عليه اليهود في 
العالم المسيحي). لا يُشير هذا المصطلح إلى منطقة بعينهاء وإِنّما يُشير إلى 
مركب العلاقات الاجتماعيّة. والذي لا يمكن تعريفه بشكل كامل على 
أساس المناطق المختلفة إذا توخينا الدقة. وبالتالي» لا يُعيد هذا المصطلح 
إنتاج المصطلح الفقهي القانوني والمناطقي «دار الإسلام»؛ ولكنه؛ على 
خلاف مصطلح «أراضي المسلمين»» جماعيّ بوضوح (وهذه نقطة كثيرا ما 
تكون مهمة). وكثيراً ما يستعمل تعبير «العالم الإسلامي 14 عنم ذأة1] عط 
بهذا المعنى. ولكنني أفضّل ألا أستعمله لثلاثة أسباب: أ) في الألفاظ 
المركبة» قد تكون «22-000داةذ؛ عنصراً مفيداً» أما المركّب المكوّن من ثلاث 
كلمات فقد يكون مزعجاً؛ ب) إِنْ هذا التعبير يستعمل مصطلح «إسلامي» 
بمعنيٍ شديد لاضع وبعيد عن الدقة؛ اج( لقد حان الوقت لإدراك أن هناك 
«عالماً واحداً» حتى في التاريخ . إذا كان من الممكن أن يكون ثمّة ثمّة «عالم 
إسلامي» فإن هذا لن يكون سوى في .المستقبل . 


كه ا 


من جهة أخرىء إذا أقمنا التشابه مع «الحاضرة المسيحية»» فإن 
«الحاضرة الإسلامية» لا تشير في حدٌ ذاتها إلى اتحظنا رات أو إلى ثقافة 
مخصوصة. انها إلين المجتمع الذي يحمل هذه الثقافة. لقد كان ثمة ثقافة 
تتمركز حول تقليد كتابي» ميزت اريف الحاضرة الإسلامية» أي المجتمع. 
والذي اشتر ك فيه بطبيعة الحال المسلمون وغير المسلمين الذين انخرطوا 
بفعالية في مجتمع 00 الإسلامية. ولأآداء هذا المعنى» استعملت صفة 
(لإسلاماتي 0* . ومن ثم م فإنني أقصر استعمال مصطلح الإسلام) 
علئ :ويف المعسلوك و3 أستعمل المصطلح للدلالة على الظاهرة الأكثر 
عمومية ؛ أي مجتمع الحاضرة الإسلامية وتقاليدها الثقافية الإسلاماتية. 





من المرجح له كيو مصطلح «الحاضرة الإسلامية 08ه1513820» الكثير من 
الاعتراضات» على الرغم من قل من يتبنونه. (إنني آمل» إذا ما تمّ استعمال 
هذا المصطلح». أن ستعمل لوضف ييكة العيسية ككل وليس فقط لوصف 
مجموع الع امعة »: الآمة): . في الحقيقة» فإِنْ هناك بالفعلٍ 00-6 بعدم 
الارتياح لدى المتحدّثين المدقّقين؛ من القول بأنّ حدثاً محليّاً ما قد جرى 
«في الإسلام). أو أن المسافر ذاهب (إلى الإسلام». كما لو أن الإسلام بلد 
من البلدان. في المقابل» ينبغي إذأ أن يقتصر استعمال صفة «إسلامي» على 
ما يتعلّق بالإسلام بالمعنى الديني للكلمة؛ وسيكون من الصعب إقناع البعض 
بهذه المسألة. حين أتحدّث عن «أدب إسلامى». فإننى أشير فقط إلى الآأدب 
«الديني» بدرجة أو بأخرىء. لا إلى الغناتيات البق الدنيويّة/ العلمانية. 
مثلما أن من يتحدّث عن الأدب المسيحي لا يشمل في حديثه كل الأدب 
الذي أنتج في الحاضرة المسيحية. حين الحاتك عن «الفن الإسلامي». فإنني 
قر نوها من التمييز بين عمارة المساجد من جهة والمنمئمات التوضيحية 
في الكتب الطبيّة من جهة أخرىء. على الرغم من اعترافي بأنّه لا وجود لحد 
صارم بينهما. مع الأسف. يبدو أنه لا توجد صفة مستعملة لهذا المعنى 
الخاص (المتعلق بمجتمع الحاضرة الإسلامية وثقافتها). في حالة الحاضرة 
المسيحية الغربية» لدينا صفة مناسبة» وهى «غربيّة 181ه00006» (أو (اغربية 
حديئة م,278»566). بيد أنْ هذا المصطلح الأخير كثيرا ما يساء استعماله بمعنى 


(*) لمبررات اعتماد صيغة إسلاماتي ترحية ل عنوءتصتداكة» راجع مقدذمة المترجم (المترجم). 


١ /اه‎ 


شديد الاتساع والغموض). فلفظة «الغرب» تغطي السمات الضروريّة التى 
تستبعدها صفة «المسيحية الغربيّة»). وهكذا وجدت نفسى مدفوعا لابتكار 
مصطلح «إسلاماتي». فهو مصطاح يتمبّع بنهاية وصفيّة مزدوجة [0- وهاه 

وكلتاهما زائدة تضاف إلى الصفات] على غرار (إيطالياتي 1 أي 
«بالأسلوب الإيطالي». والتي لا خيل إلى إيطاليا نفسها بشكل مباشرء ولا 
تستعمل كصفة لما هو إيطالي» وإنما لما هو مرتبط بالأسلوب الإيطالى 
والطريقة الإيطالئة فى عمل شي دما تمك للمزرم أن يتقث عن اسلو 
معماري «إيطالياتي» في إنجلترا أو أتوكيا . وبالمثل» فإنْ «إسلاماتي» (وإن 
كنت قد أرحت الحللاقة. قلبلة): لا تشير على نحو مباشر إلى الدين نفسه: 

الإسلام. اهنا إلى الشر كب الاجتماعي والثقافي المرتبط بالإسلام 
والمسلميق» ينواء أكان ذللقابين 'السلميق آم متخ غير المبدلمين» 


إن نمط الكلمات التي تحمل نهايتين وصفيتين متتابعتين» والتي تجعل 
الإحالة تتم على درجتين من المصدر الأصلي» غيرٌ شائعة بدرجة كبيرة» وقد 
يجعل ذلك المرء متردّداً في استعمالها. ولكن لا يبدو أن ثمة بديلاً آخر. فى 
ل د د تمكو اللميده أن يشير من دون أن يق 

في الغموض إلى تقليد «عربي - فارسي» للإشارة إلى يي الإسلامية 
ونقافعينا؟ ذلك أن جميع التقاليد الكتابيّة في الحاضرة الإسلامية تقوم على 
العربيّة أو الفارسيّة أو على كلتيهما. في حالات أخرى» سيحتاج المرء إلى 
استعمال تعبير مسهب يتضمن «التقاليد/ الثقافة/ المجتمع في الحاضرة 
الإسلامية»”*". لا يستطيع المرء» حتى لو تكلم بالعموم» أن يصف السويديّة 
بأنها «لغة مسيحيّة»؛ وإذا لم يصفها المرء بأنها لغة «غربيّة)» فإنه لا يستطيع 
أن يقول ببساطة إنها «لغة للحاضرة المسيحية»» لأن هذا التعبير» في بعض 
السياقات» يتضمّن فى ظاهره القول بأنهاء إلى درجة من الدرجات» كانت 
مستعملة عبر هذه الخاضدة المسيحية الممتدة؛ ولكنّ المرء يستطيع أن يقول 
بالطبع إِنْها «لغة لثقافة الحاضرة المسيحية». وكذلك الحال هناء لا يمكن 
القول إذا أردنا أن نكون دقيقين إن الأرديّة «لغة إسلاميّة» بالمعنى الدقيق 


(*) في هذا الموضع فقط» فإن الخطوط المائلة من وضع المؤلف نفسه» وليست من إدراج 
المترجم . لاستعمالات الخط المائل في هذه الترجمة» انظر مقدمة المترجم (المترجم). 


١6 


للكلمة» باستثناء بعض الدعاوى الباكستانيّة الغربيّة [باكستان اليوم] (إن إصرار 
قن السنين فلن التجافل هعها بهذه الظريقة» واتكتافيم العمل على 
مؤالفة الأرديّة مع قراءات القران» هو ما قاد الهندوس المحبّين للأرديّة إلى 
الابتعاد 0 وهو ما قد يعنى» في فى النهاية. تدمير الأرديّة في أرضها الأم). 

إذا لم ب كشن المرت إلى الاردية: على أ لغة (إشنلذمائية) فيمكنه أن يقول انها 
كانت لكة ل #ثقافة الحاض:ة الإساكية»:. لآ يمكن لاحك أن ضف موسى بن 
ميمون [الفيلسوف والطبيب والحاخام اليهودي الأندلسي] بأنه فيلسوف 
إسلاامي » ولكن يُمكن لنا القول من دون أن نقع في أي خلطء 4 يانه كان 
فيلموفا في التقليد الفارسي ‏ العربي» أو عانق رؤهدا أفضل . ؛ كان كاقياً في 
التقليد الفلسفي 05 الإسلامية. ولكن َناك ححدودا لمثل هذه التعبيرات 
المسهبة والمطوّلة. ففى النهاية. فإن هذه التعبيرات أقل رشاقة من أن 
نستعملها 5000 واضحة. إضافة إلى ذلك». قد يكون لمثل هذا 
لماج قواناد بود قوستل اميد مجشوره نلا زد الفعوول اللي عبد 
التعنبيراتك المسقة لذى: الكاتت© ولكن :لسن .بالضرؤرة لدى القارئ. 


قد يلاحظ هنا بأنْ بعض المسلمين المتأخرين من غير العرب» وليس 
العرب والمستعربون الغربيون فقط (لأسباب تاريخيّة نناقشها في غير هذا 
الموضع). قد يستعملون مصطلح ١اعربي‏ عز412)» على وجه السومن في 
وصف حالة مثل حالة موسى بن ميمون. ولكنّ هذا الخيار مستبعد ‏ إذا 
أخذنا حالة الفلسفة د لآن تعفن الممثليق المهشيخ لهذا التقليك قن كسوا 
بالفارسيّة. في مجالات أخرى سوى العلوم والفلسفة ‏ في السياسة مثلاً أو 
الفن - تصبح الفكرة غير مقنعة بدرجة أكبرء على الرغم من انحياز مجموعة 
من العلماء لها. لا بدّ أن نحافظ على مصطلح «عربي» للدلالة على ثقافة 
فرعية» ضمن المجتمع الكبير للحاضرة الإسلامية» الذي كانت العربيّة فيه 
هي اللغة المعتادة للكتابة؛ بل يجب في بعض الأحيان قصره على الدائرة 
الصغرى التي كانت تتحدّث باللهجات المشتقّة من العربيّة. إن الانحياز 
الغربي لصالح استعمال هذا ست 0 راسد تس عن جوادت 
ومصادفات تاريخية دفعته إلى المماهاة خطأ بين «العرب» و«المسلمين». إن 


استعمال مصطلح «عربي» إذاً لن يكون غير دقيق وحسبء. بل سيكون أحد 
الاستعمالات الخاطئة للألفاظ. التى تعرّز التصوّرات المسبقة الخاطئةء 


١64 


والتي تمثل النوع الأكثر إيذاءً من الخطأء كما أوضحت ذلك في الجزء 
المتعلى بالمتهيعنة التارييفتة عله 


«الشرق الأوسط». «النيل إلى جيحون» 


لا أستعمل بمطح «الشرق الأوسط» لوصف هذه المنطقة إلا في 
حالاات نادرة؛ بل امتعمل : تعبير «النيل إلى جيحون 0:5 0) 20116»؛ الذي 
يعني ضمناً «من النيل إلى 0 أو أستعمل ما بين النيل وجيحون» إذا 
كان المقصود هو بقعة معيّنة أو جزءاً من هله المتطية: وفي بعض الأحيان 
ايتنما: «في المنطقة الممتدّة بين النيل وجيحون». إِنّ مصطلح «الشرق 
الأوسط)ء. والذي يبدو أفضل التعبيرات الشائعة. يعاني من عدد من المشاكل 
والسلبيات؛ فهو أوّلاً غامض»ء إذ يُستعمل على نحو ضيّق للإشارة إلى 
المنطقة الشرقيّة (أو الشماليّة الشرقيّة) من الأراضي الخردة إضافة إلى إسرائيل 
(لعل وجود هذه الأخيرة هو السبب الذي 00 على استعمال مثل هذا 
القع الغامض لوصف هذه المنطقة)؛ كما أَنْ المصطلح اثانا] يستعمل 
أخيانا لوصف المنطقة الواسعة الممتذة من المغرب إلى باكستان» ويشمل 
أحباناً بعض الشعوب المسلمة في مناطق أبعد من ذلك. يمكن بالطبع إعادة 
تعريف المصطلح وتعيين حدوده؛ ولكنّ إيحاءاته وتداعياته ستبقى حاضرة. 
بخاصّة التداعيات المتعلقة بالحدود السياسية لإيران اليوم. 


تنبع السلبيّة الرئيسة لهذا المصطلح من استعماله العسكريّ الدقيق نسبياً؛ 
فقد ولد المصطلح أصلاً في المجال العسكري. فهو يقسم المرتفعات 
الإيرانيّة إلى قسمين: يخضع القسم الغربي (فارس) للنفوذ البحر أبيض 
المتوسّطي» ويخضع القسم الشرقي (أفغانستان) للنفوذ الهنديّ. ولمّا كانت 
المرتفعات الإيرانيّة شديدة الأهميّة في المنطقة التي تمثل الأساس للتاريخ 
الإيراني ‏ السامي والتاريخ الإسلاماتي, فإنّ هذا الاستعمال مرفوض تماماً. 
مع الأسف. فإن الاستعمال العسكري للمصطلح. فيما يخصّ حدوده 
الشرقيّة» قد أصبح سائداً ومعياريّاً في العديد من الأعمال الكبرى التي 
تستعمل مصطلح «الشرق الأوسط»؛ بل إنه بات يشمل عند العديد من القرّاء 
مناطق أكثر غربيّة مما يتطلبه التاريخ الذي نحن بصدده. فثمة رغبة دائمة عند 
الغربيين للنظر إلى كلّ شيء انطلاقاً من سواحل البحر الأبيض المتوسّطء 


ا 


اماك ا ا من كانه أن 500 لمثل هله 6 


يحوز تعبير «النيل إلى جيحون» مزيّة الصلابة المحددة بوضوح: فإذا كان 
المرء يقصد «مصر) مثلاً أو «مصر وسوريا»» أو منطقة أخرى محذدة (كما 
يفعل الكثيرون في الواقع حتى حين يعتقدون بأنهم يستعملون مصطلح «الشرق 
الأوسط» بمعنى نى شامل)» فإنْه قد يتردّد في فرض تعميم فضفاض وواسع إذا ما 
اجن علق [ستاده ,ضرا حة إلى الأر الم 'المدكدةتين الول وخر 


ثم إِنْ أحد العيوب الأخرى في مصطلح «الشرق الأوسط» هو أنه 
يتضمّن القول باشرق» ما؛ بحيث تُشكّل جميع الأراضي المتحضرة:» فيما 
سوى الغرب» ما يشبه حضارة أو منطقة تُعزى إليها جملة من التمييزات التي 
تُحدّدها ككيان واحد منفصل فى مقابل «الغرب الحديث» كآخر. لقد ناقشتٌ 
هذ[ النوم من التمركن: الآنتن الحرنى الحلايية فنا سنن نتن اقيم ابيا لاك 
الألفاظ في دراسات تاريخ العالم. ينطبق الاعتراض ذاته على مصطلح 
«الشرق الأدنى»» والذي تزداد مساوئه بسبب توجيهه التركيرٌ إلى منطقة غربيّة 
أكثر مما يحدث مع «الشرق الأوسط». أما التعبير اللامعقول والسخيف 
«شرق أدنى وأوسط»ء. والذي يستعمل بمرونة عالية» فإنه يجمع مساوئ 
المصطلحين ولا يمتاز بأيّ مزيّة من مزاياهما. 


لو نظرنا إلى المعمورة ككلء فإِنْ عبارة «الغرب الأوسط» قد تكون 
مفيدة» ولكنها لن تكون سهلة الفهم ومباشرة مثل «النيل إلى جيحون». أما 

لعي ار امم (الذي يستبعد مصر من دون مبرر عن المنطقة التي تنتمي 
إليها نازتا .هذا اذ كانت تفن إلى مسطقة ووى لشسما) زر يل كور 
في تثبيت مفهوم «أسيا» وإدامته كقارّة» وهو مفهوم لا يُمثْل سوى تنويعة على 
التمركز الإثني الأوروبي الذي يُضمره مصطلح «الشرق». يستعمل الألمان 
عادة مصطلح «المشرق 20,686 كاسم للمنطقة الممتدّة من النيل إلى جيحون. 
كان تمكن: لهذا الاستعمال: أن يكون شاهلا ومفاسيا لزلا أن الكلية كعك 
دلالات مختلفة عند القراء المتحدّثين بالإنكليزيّة (وأيضاً بين الألمان» فقد 
بات الكتّاب الألمان يستعملونها في نفس النقاش بمعانٍ دقيقة ومحددة تارةً 
وبمعانٍ موسّعة وفضفاضة تارة أخرى). 


١7١ 


را ا ىلكس من كلك على السرال ا الشماية للبحر 
القديمة: والتي رعت مدينة دلفي . 0 إلى زمن أتاتورك . 


وجيحون؛ أستعمل : عبتن سين ارا 5 سامي ا 251 الدذى ‏ يشير إلى 


يما 


خا ا ا لم يكن هذان المصطلحان متساويي. 


فى امتدادهما الجغرافى إلا لوقت قصير؛ ذلك أن المنطقة التى سادت فيها 
الثقافة الإيرانيّة - الساميّة في فتراتها المختلفة مستمرّة التوسّه*', 


«العرب» 


كان مصطلح «العرب 8:86) و«عربي 244:80 كاسم وصفة يُستعمل على 
الأقل على خمسة "فستويات: ١١‏ د فهو بشجر ب اويهنا في دلالته الأصليّة - 
صراحة إلى البدو الرحل» وبوجه خاص إلى البدو المترحلين على الإبل في 
الجزيرة العربيّة (ولكنّ الاستعمال الحذر للأالفاظ يدفعنا نحو تفضيل استعمال 
مصطلح خاص لهذا الغرض» وهو الأعراب). وقد كان هذا الاستعمال فى 
وقت من الأوقات هو الأكثر شوغ في العربية لهذا المصطلح. ولكنْ 4 
لفظة «الأعراب») العربية فى بعض الأحيان بلفظة «عرب»» كما يفعل بعض 
الكتّاب حين يترجمون» يوقعنا في حالة من التشوّشء ولا بد من تجتّب 
ذلك وعلى القارىة ايكون واعيا .بهذا الاستعمال في الترجمات القديمة؛ 
فحين يقول كاتب عربي ما قبل حديث» مثل ابن خلدون» كلاماً فيه انتقاص 
اللعرب»» فإنه في الغالب كان يتحدّث عن البدو «الأعراب».  ”‏ ثم أصبح 
المضطلم يُشير إلى كل من يدعون نسباً يربظهم بالتقليد الثقافي القديم 
المتماهي مع البدو في لغتهمء بما في ذلك بالطبع (للبدو المستقرون»). ضمن 
هذا الاستعمالء. كان المصطلح يشمل تاريخياً في بعض الأحيان 


(*) لتفسير دواعي استعمالي لهذا التعبير [إيراني ‏ سامي]» انظر الهامش الرقم 4 في الفصل 
الأوّل من الكتاب الأوّل (المترجم). 


١7 


«المسلمين»؛ ذلك أن المسلمين الأوائل كانوا عرباً بهذا المعنى؛ ولكنٌ 
القاضي المبكر أبا يوسف [تلميذ أبي حنيفة وقاضي قضاة هارون الرشيد]ء 
الذي كان يستعمل المصطلح بهذا المعنى» كان يشمل فيه بعض المسيحيين 
واليهود. ” - أما التوسّع التالي للمصطلح فقد جعله يشمل كل المتحدثين 
بإحدى اللهجات المشتقّة من العربيّة» بغضٌ النظر عن علاقتهم بالتقاليد 
البدويّة أو بالإسلام. بهذا المعنى» يمكن وصف جميع السكان المزارعين 
بأنهم عرب. (ولكن تمء فى بعض الأحيان وليس دائماء استبعاد بعض 
المجموعات التي كانت تستعمل بعض الأبجديات غير العربيّة في كتابتها 
مثل المالطيين وبعض المجموعات الأخرى من غير المسلمين» وخاصّة 
اليهود ‏ منه). وهذا المعنى هو معنّى حديث بامتياز. وباستعمال هذا المعنى 
في هذا العمل» فإنني أستعمله بأثر رجعي لوصف مجموعات ربما لم تكن 
تعرف بأنها تندرج جميعها في فئة واحدة؛ وهذا يُشبه استعمال المصطلح 
الشائع «لاتينيين»» لوصف جميع الشعوب المتحدثة بالرومانيّة. وبالتالي» 
يجب ألا يتم إضفاء أي مسحة «قوميّة؛ على هذا المصطلح: فبهذا المعنى, 
لم يبدأ العرب بتشكيل أمّتهم إلا منذ عهدٍ قريب. على أيّة حال» فإِنَ هذا 
هر الانتعمال الحديف: الأكر شيوعاء .ولايد مو الننكتر يرآن العرونب» جهذا 
المعنى» ليسوا بدواً ولا قبائل في الغالب؛ بل إن معظمهم مزارعون يعيشون 
في القرى قريباً من الأرض . 5 تم استعمال المصطلح بمعئى إضافئ آخر 
عندما باتت اللغة المعتادة فى الكتابة هى العربيّة الكلاسيكيّة. أو العربيّة 
المضريّة (سواء أكانت: اللهجة العاميّة مشتقة من العريية آم لا غلاقة لها بها). 
غالباً: ظل هذا المعنى مقصورا على المستوى الفردي. فالأشخاص الذين 
يكتبون بالعربيّة» في حين أن لغتهم الأمّ فارسيّة أو إسبانيّة أو تركيّة أو 
كرديّة» كانوا يدرجون ضمن ما يُطلق عليه بالمجموع «العرب». أما الشعوب 
التي لم تكن تتلقّى تعليماً على القراءة والكتابة إلا بالعربيّة - مثل الصومال - 
فقلّما يُطبّق عليها هذا الاستعمال. ولكن. حتى فى أفضل الأحوالء فإنَّ هذا 
الاستعمال محل شك؛ ومن الأليق أن نقول ١كاتبون‏ بالعربية» فى هذا 
الصدد. 0 أخيراًء ثمّة كتّاب يستعملون هذا المصطلح للدلالة على جميع 
الشعوب التي تستعمل العربيّة» على الأقل في الشعائر. لم يسبق أن استقرٌ 
هذا الاستعمال على نحو مظرد؛ ولكنه فيما يبدو هو التعريف الضمنى حين 


ذل 


نجد كتاباً عن العرب المحدثين مغلا ونجده يورد في سياف دكن ماثر العرب 
ضُوراً لتاج محل في الهند أو شروحات للشعر الفارسي . وهذا الاستغعمال 
مرتبك ومشوّش ومرفوض تماما . 


( اننه») 


إنناء وعلى نحو صحيح. نستعمل نفس الكلمة الإنكليزيّة للدلالة على 
الموضوع المستحقٌ للعبادة عند جميع الموحٌدين (الأنواع المختلفة من 
المسيحيين واليهود. والعديد من الأشخاص الآخرين في الأديان الأخرى). 
عادةً ما نترك اسم العَلَّم دون ترجمة» مثل «زيوس» أو (أودين؟» حين نعتقد 
بأن الإله المذكور يتمايز ويختلف عن إله الموحّدين الؤاحد أو ينقص عنه. 
بالتالي. فإن استعمال كلمة (الله طهالا4» بالإنكليزيّة قد يعني متا تن 
المفهوم الذي يبجّله المسلمون هو شيء مختلف عمًّا يبجّله المسيحيون 
واليهود (والرواقيّون والأفلاطونيُون ومن شاكلهم)» وبأنه على الأرجح شيء 
متخيّل ومختلق: كما لو أنهم يؤمكون يأن غناك إلها: أشطوويا يسِمّى «الله) 
بدلا من الإله (600) الخالق. وهذا في جوهره موقف دوغمائي» ولا يمكن 
أن تعمل إلا من قبل من يسلمببهذة المضافين اللاهوتية: فى بعض 
الأحيان» يستعمل بعض المسلمين الذين يكتبون بالإنكليزيّة لفظة «الله؛ بدلا 
من «الإله»ء» محتفظين بتمييز مشابه 4 في أذهانهم . ولكن بمضامين ومفاعيل 
0 أي إن تسرزهعم يتضمن يتضمن القول بأن الآلة الذي يعبده اليهود 
والمسيحيّون ليس حقيقياً بالمعنى الكامل للكلمة» ومن ثم فإنَ المسلمين 
يجب أن يتمايزوا باعتبارهم يعبدون «الله4. في بعض الأحيان» يكون هذا 
الاستعمال مجرّد انعكاس لحماسة دينيّة مفهومة وحميّة مقدّرة للنصٌ العربي 
للقران. 
على الجانب الآخرء في السياقات الفيلولوجيّة والتاريخيّة» قد 
يكون من المفيد أحياناً تمييز شخصيّة معيّنة بملامح خاضة تتصوّرها 
مجموعات مخصوصة في أشكال معيّنة. في هذه الحالة» ومثلما هو:مناسب 
فيعض الاحبان أن شير إلى ابهودا فى حرفن منائكة المنهرم 
العبراني القديم للإله» فقد يكون من المناسب الإشارة إلى «الله» في 


١55 


م 5 
«مرويات الأحاديث». «التقليد» 


غالياً ما كان مصطلح «الحديث» 30105)» يتر جم إلى «التقليد ه2010». 
بالمعنى الذي تحوزه الكلمة اللاتينيّة منانفهء)» أي مجموعة التعاليم والقوانين 
غير المكتوبة التى تنتقل من شخص إلى آخرء في اللاهوت اليهودي 
المقبول والمناسب أن تَؤْوَّل الثقافات الغريبة بمصطلحات الذات ومفاهيمهاء 
كان أداء هذا المعنى بلفظة «تقليد» أمرا مناسبا بلا شك. أما الآنء» فقد بتنا 
نشعر بأهميّة فهم الثقافات الأجنبيّة بمصطلحاتها الخاصّة. في الإنكليزيّة» فإن 
كلمة «تقليد») تتضمن دلالة القارمي مع 2 شيء مكتوب» وتتضمن ا 
معنى مجهولية القائل وعدم 1 القول. وَلْحَنْ مرويات الحديث لونية عرفا 
افيا ٠»‏ بل هي عبارات ونصوص صريحة. تم تدوينها يكرا وكانت 
تعارض الأعراف السائدة فى كثير من الأحيان» ودائما ما كانت تذكر الرواة 
والنقلة بأسمائهم» كما كانت تسمّي المصدر الأصلي للنصٌ. وبما أن هناك 
«تقليداً» بالطبع ب ين البسصين. بالمعنى الإنكليزي للكلمة ‏ وبما أن هذا 
التقليد قل يكون عاقيا مع الحديث اانا فإن بععددر «الأخبار 
255 وا«(المرويات 260015» يبدوان أكثر اد في أداء «الحديث» 
وترجمته؛ هذا إن كان لا بد من ترجمته أصلا”*'. وهكذا فإنني في هذا 
الكتاب أشير إلدن الأحاديث وإلى رواة الأحاديث (أو نقلتها). ند من 
الإشارة إلى «التقاليد») و«حملة التقليد/ التقليديين 1565ه2)220160» كما يفعل 
الكتّاب عادة؛ وأستعمل لفظة «مجموع الأحاديف) يدلا مما يستعكلة الكثات 
حين يُشيرون إلى «التقليد الإسلامي». 


كما أنْ استعمال مصطلح مثل «مرويات» أكثر دقّة على المستوى 
الفيلولوجي؛ ذلك أنْ كلمة «حديث» تعني «جديد «56»» ومن ثم فإِنّها تروي 


«الأخبار 2425685 والحكايات (بل والمحادثات والحوارات أيضاً). علاوة 


:(#) على طول الكتاب» يورد الحؤلفن دائماً اللفظتين متجاورتين 7600165 130105 على أننى 
سأكتفي باستعمال الألفاظ العربيّة المستقرة في دلالاتها: «حديث»., «أحاديث». «رواة الأحاديث». 
وهكذا ؛ فالعودة إلى الأصل أدقٌ وأوفى للدلالة من الترجمة عن الترجمة (المترجم). 


١6 


في الاستعمال الدقيق للفظء. فإِن مصطلح «مرويات الحديث» مُختلف عن 
السنة أو السئن. التي تعني «الأعراف». كما أنه يختلف عن «الإجماع»؛ 
فهي [أي الأحاديث] مرويات عن الس ولعل عمسم «السئة» هو الأليق 
بأن يكون مقابلا لمفهوم «التقليد» المسيحي؛ على الأقل حين تكون السنة 


مدعومة بالإجماع. سواء أكانت مدعومة بالأحاديث أم لا. 


ولكنّ ما يهمّني ليس الدقة الفيلولوجيّة لأداء اللفظة بالإنكليزيّة بقدر ما 
تهمّني النتائج العلميّة المترتبة على ذلك. فباستعمال لفظة «المرويات»» أكون 
قد تركت لفظة «تقليد» و«تقليدي» متاحة لاستعمالات أكثر ملائمة ومناسبة. 
والتي قد تقابل في بعض الأحيان مصطلح «السنّة» بالمعنى الأكثر عمومة 
للكلمة (التقليد الحيّ والمّعيش» كما يرد في أعمال جوزيف شاخت). 
ولكنّها في الغالب ستّشير إلى حالات أخرى من الظواهر الثقافيّة الأساسيّة 
التي وصفتها في التوطئة. ومن ثمٌ فإنني سأتمكن من تجتب التشوّش الشا 
فى العديد من الأدبيات العلميّة حول هذه المسألة. يفترض العديد من 
الكتّاب بأنّ التعاليم التقليديّة للمسلمين وتعاليم الأحاديث وقانون الشريعة 
والقانون التقليدي للمسلمين كلّها مصطلحات مترادفة» أو أنّْها ستكون كذلك 
لو أن المسلمين كانوا مسلمين «حقيقيين». وبدرجة ثانية» يفترض العديد من 
الكتّاب بأنْ تعاليم الحديث والقانون المبني عليها «تقليديّانَ» بالمعنى الشائع 
للكلمة الإنكليزيّة» حتّى لو لم يشكلا «التقليد؛ بأكمله. كما أنّ الكثير من 
الكتاب يستعملون لفظتي «تقليد» و«تقليدي» بمعناهما الشائع بحرية في نفس 
النقاش الذي يستعملون فيه الكلمة للدلالة على «مرويات الأحاديث»» من 
دون أن يُشِيروا إلى التعارض بين هذين الاستعمالين. ولكنّ هذه الطرق في 
التفكير والكتابة ستبدو غير معقولة على الإطلاق بالنسبة إلى جميع المصلحين 
في الشريعة» من الشافعي إلى [محمد بن] عبد الوهاب. ذلك أن جميع 
هؤلاء الرجال كانوا يهاجمون أعراف المسلمين الفعليّة و«تقاليدهم)» باسم 
النصوص (صراحةً أو مواربة)» والتي كانت [أي التقاليد والأعراف] في 
الغالب أموراً مبتكرة/ مبتدعة. فليس بالإمكان القول بأن هؤلاء كانوا يمثلون 
التقليد إلا بمعنى ضعيف جداًء هذا إذا سلّم لهم العرف كل افتراضاتهم 
المسيقة: فوفق هذا الاستعمال فإِن أولئك القَلة الذين تمسكوا بأثر واحد 
عظيم [أي بآية أو حديث]ء في معارضة لكل الأعراف» كانوا وحدهم من 


١7 


حافظوا على التقليد الوحيد المعكي: في الواقع. فإن رواة الأحاديث لم 
يكونوا في حدّ ذاتهم» تقليديين» بل نصوصيين (أو ربّما كانوا إحيائيين 
()112115اع2) عن قصدء بالمعنى الدقيق للكلمة). وكانوا في الغالب في 
معارضة أهل التقليد الفعليين والعقلانيين كافة. 


لقد انتبه العديد من العلماء إلى التسشوّؤش الناجم عن استعمال مصطلح 
«التقليد» لأداء معنى «مرويات الحديث». وقد حاول هؤلاء العلماء تجنب 
هذا التشوّش والارتباك عبر تكبير الحرف الأول فى الكلمة عقم2#ناة1م2ه عند 
استعمال الكلمة بالمعنى «التقنى» لها. وقد كانهنا الكبان كه لول أن 
التفوض سيق عن الداتيه. إن هذا الايكعيال ذو آثاز فتاكة يطليفة عرد 
التذوعات" الخاطنة الموجودة سلفا لدى العلماء» والتي لا يُمكن مواجهتها 
بمجرّد التنبيه إلى دلالات المصطلح في الهامش. مع الأسف. فإِنْ أهل 
الحديث من المسلمين أنفسهم قد أكدوا على أن مرويات الحديث وحدها 
هي ما يُمثّل التقليد الذي يجب أن يكون صالحاً للمسلمين» وأنّها وحدها ما 
يمثل التقليد المستمرٌ منذ زمن النبى محمد. قبل عمل إجناتس جولدتسيهر 
(:6010216 32مع1)» كان علماء الإسلاميات يميلون إلى الموافقة على ذلك 
فون امتناء؟.وحتى يعن ذلك ظلوا يجيلون» مغل الفبلولوجبينة إلى النظر 
إلى أهل الحديث النصوصيين ‏ وهم الفرقة الأسهل تتبّعاً بالمناهج 
الفيلولوجيّة - على أنهم. في كل الحالات وفي جميع الفترات» يُمثّلون تقليد 
المسلفين :«الحى»» بالمعت المعكاد للكلمةة فى لى اغعوفزا بان خفن 
«التقاليد» في حقيقة الأمر قد ظهرت متأخَرة عن الوقت الذي تزعمه. وقد 
قادهم ذلك إلى تجاهل وظيفة الحديث المعادية للتقليد في تشكيل القانون في 
مرحلة مبكرة» كما قادهم ذلك إلى النظر إلى الحنابلة والظاهريّة. الأكثر 
تفذكا بحوويات» ا لأحاديف» والتي عن خطأ ب«التقاليد»» على أنهم الأكثر 
«تقليدية» - وليس على أنهم الأكثر نصوصية ‏ من بين هذه المدارس». وهذا 
خلط مفهومي شنيع . . كما قادهم ذلك إلى اللجوء إلى استطرادات ثقيلة لا 
داعي لهاء فى معرض الحديث عن الحركات الحداثيّة المسلمة. ٠‏ لشرح 
وننسين آن هرويات الحديث (التقليد) لا تشكل سوع جره من العقليد 
الإسلامي الفعلى؛ وأن التركيز على هذه المرويات قد يشير وقد لا يشير إلى 
ما يطلق عليه عادة «النزعة التقليدية دنل2 ه2010 عندهم ؛ وأن العقليّة 


١ 61/ 


الحديثيّة الصارمة» الآن ودوماء قد تتضمّن توجّهاً معادياً للتقليد من جوانب 
متعددة . 


عمليًاً فإن أ مناقشة حول دور مرويات الحديث ستوضح التشوّش 
الكامن. بل والحاصل» والذي ينجم عن استعمال مصطلح «التقليد» لأداء 
هذا المعنى. في كثير من الأحيان» يكون العلماء أنفسهم, قبل القرّاء. هم 
فحيّة هذا المكتؤكن» بوسدق أن علهاء الإسلانتات» مغل يق ا 
ينزعون نحو نزعتهم التقليديّة الخاصّة (بالمعنى الشائع للكلمة)؛ ولكنّ العلماء 
يعر فون أن من الأفضل التخلّى عن استعمال كلمةٍ ماء إذا كان استعمالها غير 
موفق» بل ومضلّلاً. مهما كان ذلك يؤلماء ومهما كانت الهالة التي نمت 
10 المصطلح مع الزمن كيرة: 

ولعل أحد الأمثلة المفيدة في تحديد مناط الإشكال بدقة هو التالي : 

يخارك جرم عرسي - في مقالةٍ أستشهد بها في الفصل الثالث من الكتاب 
القالكنع أن تظين أن التصدون السافد عن الأشعر 1ه يومكنيها تبدوليك لد 
(أرثوذكسيّة» في بدايات الحقبة الوسيطة. تصوّرٌ خاطئع. ولكنه مع ذلك لا 
يستطيع الإفلات من قبضة هذا التصوّر السائد؛ ذلك أنه يُماهي بين النزعة 
التقليديّة عند المسلمين في القرون المبكرة واتّباع مرويات الحديث؛ ومن ثم 
ذاه سن تلسية بمعتارا ناه لقنا : ئج التي توصّل إليها نتيجة ذلك. لقد 
ترسخت صورة التاريخ 0 بفعل استعماله لمصطلح «التقليدا 
كبقابل الجروناك الحديكة ول تسعنه نات لاورس لله :إلى هذا 
الخلط. 


فهو يبدأ بالقول بأنّ من الطبيعي ‏ على أساس التاريخ العام للأديان - 
أن نتوقّع (كما في التصوّر النظري المعتاد عن التطوّر الإسلامي» المعتمد 
على مقولاات المتكلمين من الأشاعرة) وجود انقسام مبكر بين «التقليديين» 
و«العقلانيين»» وهو الانقسام الذي سيتم تجسيره لاحقا عبر «أرثوذكسيّة) 
وسيطة (وهي علم الكلام الأشعري). بقوله ذلك. يماهي مقدسسهي بين 
«التقليديين 1801028115]5» بالمعنى العام للكلمة ة» ورواة الأحاديث «التقليديين 
8111515 وبخاصة أهل الحديث؛ ويماهي بالطبع بين «العقلانيين» 


والمعتزلة (كخصوم للأشاعرة) . 


١7" 


ولكن» في الحقيقة» بما أن كلا من «رجال الكلام» و«رجال الحديث» 
كانوا في البداية معارضين ونا وبطرق مختلفة» للتقليد المعيش في 
الأزمنة المروانيّة. فإن اوفنف:رجال الحديية بأنهم «تقليديون)» دا معنى 
عام للكلمة سيكون بمثابة إساءة تمثيل لهم (على الرغم من أنْهم كانوا 
مصدر إساءة تمثيل أنفسهم) . ثمّة وجاهة معقولة في وصف المعتزلة بأنهم 
اتقليذيون؟ ؛ ذلك أن نزوعهم العقلاني (في الدفاع عن التقاليد الأقدم) لم 
يكن فعاذا للتقليد بقدر ما كانت 0 أهل الحديث معادية له (ولاخنا 
«النزوع العقلاني» للأشاعرة أيضا)» :ويقدر ما تتكن أهل. العديةة من كس 
دعم شعبيَ واسع. فإنْ صراعهم اللاحق مع المتكلمين (من المعتزلة أو 
الأشاغرة) كان تطورا كانونا لا يمكن أن يكون استجابة لأي دونه كله 
بدائيّة في التقاليد الدينية . 


بالطبع» يخلص مقدسي إلى ملاحظة أن النمط الذي رع أن يراه في 
وملام لم وو اه شكال ماي ولكنّ هذه الملاحظة تفقد معناها حين 
سجر المرء فين الأطان:الدى ماعن نين مرونات الأحاديفة والقايد 
الإنتلامن:. نمن :دوت هذه الجماهاة»: كان تمكن له أن بيرق بأن هاا يتعامل مع 
كان ثلاثة أنماط كليّة من الظواهر في التاريخ الديني وليس نمطين» وهذه 
الأنماط الثلاثة هي: النزعة التقليديّة» والنزعة العقلانيّة» والنزعة النصوصيّة 
(وكان يقبل لبرهة قصيرة من الزمن فقط بمشروعية وصف النظرة الحجاجية 
لرجال الكلام ب«العقلانيّة»). كان بإمكانه حينها أن يرى الطيف الواسع 
للنصوصيّة الإسلاميّة في ضوء جديدء والذي ربما لن يغيّر من خلاصاته 
المتائيزة ولكنة كان سبهيها جعت مشكلفا ‏ وأكير خصوية فى التهاية » إن 
تجنّب استعمال مصطلح «تقليد» لوصف مرويات الأحاديث ومصطلح 
اتقليديين» لوصف رواتها لن يؤدّي في حد ذاته إلى رؤى جديدة» ولكنه قد 
ساعد في تجتك: التسليي الزائد بالتصورات الخاملة القدسمة: 


«الطائفة) , «الفرقة» 


0-0 لفظة ات 0 ان السام السحسر افي اللغات 0 5 
تُرجم ذلك إلى «طائفة 29601 . عن أن معنى اللفظة اصن لا ار مع 


١4 


المفهوم الإنكليزي الحديث لكلمة «طائفة». غالباً يجب أن تُؤدََّى اللفظة 
بمعئى لا يزيد على دلالة «مدرسة فكريّة». فكثيراً ما نُستعمل للإشارة إلى 
أستاذ معين وأتباعه. 0 إشارة إل إحدى مقولاات المذهب. . في هذه 
الحالة. فإن المعنى لا تعلق بمجموعة من الأشخاص يحملون ولاعً دينيًا 

تعركاء بحيث يشمل حياتهم الدينيّة بأكملها ويميّزهم عن الآخرين» كما هو 
المعنى المتضمن فى كلمة «طائفة»). 


حاول المؤرّخون المسلمون للمذاهب وفنا أن يظهروا بن جميع 
مدارس الفكر خاطئة وضالة سوى مدرستهم » بل وآن أضعطانها أقل من أن 
يكونوا مسلمين حقا . وأعمالهم تحوي ثبت لعددٍ هائل من «الفرق»ء على نحو 
ضلل العلماء الحديثين ودفعهم للافتراض بأنهم يتحدّثون عن الراك 
مهرطقة». ولذلك فقد وصفت تواريخ المذاهب هذه. بشكل غير منصف. 
بأنها شكل من «مقولات المهرطقين :عنطم2:هو5:0ه6:وط)» فى حين أنها فى 
الواقع تذهب إلى ما هو أبعد من وصف ميولهم وأغراضهم سمت إلى 
عرض محتوى آرائهم المذهبيّة. إِنْ استعمال لفظة «طائفة» في الموضع الذي 
يستعمل فيه الكتّابٌ المسلمون لفظة «فرقة» من شأنه أن ينتج إساءة فهم 
وتصوّر. فالمرء يُمكن أن يتبئى وجهة نظر مخصوصة حول «الإمامة؛. 
وأخرى حول مسائل الميتافيزيقيا أو علم الكلام» وأخرى في الفقه؛ فيمكن 
أن يكون المرء من أهل السئة والجماعة ويكون معتزليًا وحنفيًا في ان معا. 
لقدَ اختان بعضن المبتدتين - وليت ذلك اقتضر .على المبتدثين فقط .في أنه 
يكن اد حي المدريل الس وهم معروفون بأنهم من اسح الى 
فنرويية المعم ل5: الفى. بمترضنق أنها «طائفة» منافسة. في مثل هذه الحالة 
اللارقةه مكو التخاعى. نن هذا شين نهر لة دولك عون عدرل هن 
الآراء المجهولة فى بعض المسائل إلى «طوائف» مكتملة النموٌ قد ملا تاريخ 
المسلمين بالأشباح الغريبة» في ثوراتهم وفصائلهم المدنيّة» كما ملأ تاريخ 
مذاهبهم الاعتقادثة0* , 


(*) لاخظ أن التمييز المعتاد بين الإسلام «الأرثوذكسي» و«الطوائف» تمييرٌ مشكوك به في أفضل 
الأحوال. فيما علق باستعمالي اسطايكات اسني) و«أهل الجماعة», انظر النقاش حول ذلك في 
الفصل الأوّل من الكتاب الثاني (المترجم) . 


حاشية عن الترجمة 

يجب أن نحكم على الترجمة بناءً على الهدف الذي يضعه مترجمها. 
من الممكن التمييز بين ثلاثة أنواع معتادة من الترجمة: الترجمة الإبداعية 
(إعادة خلق النصّ)» والترجمة التفسيريّة» والترجمة الدراسيّة الدقيقة. في 
المراجع البيبلوغرافيّة» حدّدت ما هي الترجمة المتبّعة للنصوص حين وجدت 
ضرورة لذلك. 


قد يكون هدف المترجم هو إعادة إنتاج العمل بأدائه في لغة أذية ثانية 
ليقترب مفعوله من مفعول النصّ الأصلي. أحياناً يكون التأثير قريباً للغاية من 
تأثير الأصل» وأحياناً يكون مماثلاً له. يُمكن للمترجم حينها أن يستلهم 
الأصل ويجاريه من دون أن يكون مقيّدا بالخصائص التي تكتسب دلالاتها 
داخل الوضعيّة الأصليّة. فترجمة الشعر مثلاً يجب أن تكون شعريّة. مع 
النثر» ستكون الترجمة أقرب إلى إعادة صياغة النصّ» مع إضافة جرعة من 
«التحديث عليه) لتصبح قراءته ميسورة للقارئ الحديث. نظويا يت أن 
وذ هذه العرسجة عن قن اتشخصى غلك عن فنا ناذا كان الحراة. و 
حداف تاثير العناة الأضداى :ذاه افمن المشكن أن :تكون الترجمة (التى. تعيد 
إنتاج النصّ إبداعيّاً) مفيدة» حتى للعلماء» في استحضار النكهة الخاصّة 
العصيّة على النوال للعمل ككل. ولكنّ مثل هذه الترجمة ستكون انطباعيّة 
بالضرورة بمعنيين | ثنين ؛ ؛ فهي تقدّم انطباعاً مدو لجمهور جديدء وهي لا 
تؤذي إلا عدداً كحدودا من الفوارق الدقيقة التي يحويها النص الأصلي. 
والتي يأمل المترجم بأن يجد القارئٌ صلة ما له معها وفيها. في جميع 
الأحوال» فإن الترجمة (التي تعيد إنتاج النصّ إبداعيّاً) لا يُمكن أن تحل 
محل الأصل في الأغراض العلميّة. 

قد يكون هدف المترجم هو شرح العمل وتفسيره» مستفيداً من فرصة 
أداء العمل بلغة أخرى للقيام بمهمّة التعليق على النصّ الأصلي . إن مثل هذه 
الترجمة التفسيريّة» إذا ما أنجزت بحذرء ستبقى قريبة من النصٌّ الأصلي. 
ولكنها ستغيّر بالضرورة من جوّه ومناخه العام؛ ذلك أن الكلمات في اللغة 
الثانية تنطوي على مفاهيم مختلفة عمًا تنطوي عليه الكلمات في اللغة 
الأولى» كما أنْ النصّ المُترجَمّ نفسه. بغضٌ النظر عن كميّة التعليقات 
المرافقة له» يميل إلى الهيمنة على فهم القارئ. فمعظم الترجمات «الجدية» 


١ 


الحاليّة لأعمال كتّاب الأدب الرفيع +515]أ165-16اءط (الشعر والنثر الأدبي) تقّع 
فيما يبدو في الترجمة التفسيريّة» مع شيء من الترجمة الإبداعيّة. وهكذاء 
فإن الترجمة التفسيريّة لا يمكن أن تحل محل الأصلء على الرغم من أنها 
قد تكون مفيدة للغاية للعالم. 

أخيراً» قد يكون هدف المترجم هو إعادة إنتاج المعلومات التي يحملها 
العمل الأصليء» لكي يتمكن القرّاء الذين لا يستطيعون القراءة باللغة الأصليّة 
من دراستها. تحاول مثل هذه الترنجمة أن تُقدّم تواصلاً مكافئاً للنصٌ الأصلي 
يُتيح لكل القراء أن يفسّروه بأنفسهم. لأغراض الدراسة العلميّة» يجب أن 
تكون الترجمة دقيقة إلى أقصى حدّ. ا ل 
مشروعة منذ وقت طويل» إذ لا يتمع إلا عدد قليل من العلماء بالقدرة على 
امتلاك ناصية عدد من اللغات التى كتبت بها ل المهمة. إن الترجمات 
اندرا الافيفة ودابيية عفر به كوت ريدي الكفننوض :المت ب 
والأطروحات العلميّة.» والفلسفات التقنيّة» والسجلات التاريخيّة. والمقاللات 
العلميّة الثانويّة» على الرغم من أن لهذا النوع من الترجمة أهميّته في العديد 
من أنواع النصوص والأعمال الأخرى. مع الإبداع بالطبع» وبالفهم: والتملك 
التام للأنماط النحويّة والعبارات الاصطلاحيّة والاختيارات الشخصيّة للكاتب 
الأصلىء. يُمكن أن نصل إلى ترجمة دقيقة وأنيقة» كتلك التي نراها في 
قراهات اانا ماه حال بيد سافلتون حب 


حين يتعلّق الأمر بغرض علميء فإِنْ الترجمة الإبداعيّة لن تكون مفيدة. 
على الجانب الآخرء مان صبيع لجس ء أن يقرّوا باعتمادهم على 
الترجمات. في المقام الأول» لا يُمكن لأي عالم أن يتملك ناصية جميع 
اللغات التي يهمّه القراءة بها مهما كان متخصصاً في حقله. ولكن الأهم من 
ذلك». أنه لا يُمكن لشخص واحد أن يستوعب كافة مضامين عمل ما 
جاقة إن كان عفاد تاسيسا تمك أن يكوك مهما لقارفق اخ 00 
يجد المترجم مكافتاً لكل تعبير خاصٌ يرد في الأصل» مهما بدا حننوا نذا 
بالنسبة إليه» ويجب أن يترك الغموض والالتباس كما هو قدر الإسكان. 
تتطلّب مثل هذه الترجمة بالضرورة عدداً من المصطلحات التقنيّة والهوامش 
أو استعمال الأقواس المعقوفة لتعيين المضامين العصيّة على الترجمة. (غني 

عن القول إِنَّ الترجمة الدقيقة بهذا المعنى لا يُمكن أن تكون حرفيّة على نحو 


١/1 


مفرط. أحياناً يكون أدقٌّ أداء لكلمة ما أو لعبارة فارسيّة في الإنكليزيّة هي 
فاصلة أو فاصلة منقوطة). إِنْ الاختبار الحاسم لمدى نجاح الترجمة الدراسيّة 
الدقيقة هو أنه على الرغم من تحرّر الترجمة من تركيب العبارات 
المخصوص الذي كان عليه النصّ في لغته الأصليّة - لو تمّت عمليّة إعادة 
ترجمة للنصٌ المترجم إلى لغته الأصليّة فإنّه سيُعطينا صورته الأصلية من 
دون نقص وإن لم تكن دقيقة كل الدقة. 

مع الأسفء فإن ما ينتج من الترجمات الإبداعيّة والتفسيريّة يفوق ما 
ينتَح من الترجمات الدقيقة الجيّدة للدراسة. إن هذا نابع جزئيا من ميل بعض 
الأشخاص إلى التقليل من أهميّة الترجمة» وجزئيًا من الرغبة الطبيعيّة لدى 
المترجمين في أن يكونوا مبدعين فيما يقومون به. ولكن» حتّى من وجهة 
نظر العالم» ناهيك عن القارئ العاديً» فإِنْ نقص الترجمات التي يُمكن 
الاستفادة منها يُمثل عقبة رئيسة في وجه العمل الجديّ والفهم السليم. 


١1/7 


توطئة عامّة 
الرؤية الإسلاميّة في الدين وفي الحضارة 


«كْتُمٌ حر أُمَةِ أْجَتَ رئاس تَأْمرُونَ هِالْمَعرُوفٍ وَتَنْهَو عن الْسبكّرٍ 
وَتَؤصسونٌ سه [آل عمران: 1 أعل المسلمون المخلضون هذه السوءة 
القرآنيّة بجديّة دفعتهم لمحاولة تشكيل تاريخ العالم بأسره بما يتوافق معها. 
فما إن استقرّت قواعد الإيمان حتى انطلق المسلمون في بناء شكل جديد من 
المجتمع. حمل معه مؤسساته المتمايزة. وفنونه وآدابه» وعلومه ومعارفه. 
وأشكاله الاحتماعة والسياسسة: ع إلى جنب مع عباداته ادا وصبغها 
كلّها بصبغة إسلاميّة لا تُخطئها العين. مع مرور القرونء انتشر هذا المجتمع 
في أجواء وبيئات مختلفة عبر معظم أنحاء العالم القديم» وأصبح أقرب ما 
يكون من توحيد جميع البشر تحت قيمه ومُثله . 


على أنْ «حضارة امه بالصورة التي ظهرت عليها في التاريخ. 
لم تكن ليما ضافيا عن الديانة والإيمان لاملا د ية: فقد اختلفف 
المسلمون الأتقياء منذ البداية فى تحديد الشكل الذي ينبغى أن يكون عليه 
«المجتمع الأفضل». وحظيت الوق الإسلامية حول 0 أن يكون 
عليه البشر برؤى وتفسيرات مختلفة» ولم يَسَدَ بين المسلمين نموذح واحد 
سيادةً نهائية وشاملة. بل إِنْ جهود المسلمين لبناء المجتمع الجيّد قد 
أفرزت في بعض الأحيان نتائجٌ تتصادم وتخالف تماماً أي تصوّر كان 
كو فحولة:. فقد نظر العديد من المسلمين الأتقياء إلى كثير من الانتصارات 
الكبرى التي تحقّقت للثقافة فى كنف الإسلام بشيء من الاستنكار. 
وصحيحٌ أن الإسلام شهد بعض حالات النجاح البارزء التي هتف لها 
الجميع وأشادوا بهاء إلا أنه شهد أيضاً بعض حالات الفشل التي لا تقل 


>72 


بروزاً. لقد جازف المسلمونء الذين تعهّدوا بالقيام بمهمّة إعادة بناء 
الحياة على اسان الإبسادمء بالدخول في مغامرة/ مسعى تعدهم بجوائز 
018 100 
في المقابل على مخاطر كبرى تتمثل في احتمالية الوقوع في الخطأ 
والفشل . 


لم يطبّق المسلمون جد مضامين النبوءة القرانيّة تطبيقاً كاملاً بعد؛ 
ولكنهم و ما كانوا يجددؤن آمالهم وجهودهم للعيشن في حياة 
يرضاها الله» لا على مستوى الأفراد فقط بل على مستوى المجتمع أيضاً. 
كان المسلمون الأتقياء» في كلّ عصر من العصورء يؤكّدون إيمانهم تأكيداً 
ددا : في ظل الظروف والمعطيات المستجدة التي تظهر نتيجة نجاحات 
الماضي وإخفاقاته. لم تغب هذه الرؤية اذا ولم يتم م التخلي عن هذا 
المسعى» ولا تزال هذه الآمال والجهود حيّة بقوّة في العالم الحديث. إن 
تاريخ الإسلام بوصفه ديناً. وتاريخ الثقافة التي شكّل الإسلام 0 
وجوهرهاء يستمدّان وحدتهما وأهميّتهما الفريدة من هذه الرؤية ومن هذا 


المسعى . 


إن وثاقة الصلة بين هذه القيم والمثل من جهة والواقع التاريخي من 
العالمي على أساس الولاء لرؤية مخصوصة حول الإله أم إِنْ على 
المجتمع أن يتطوّر وينمو بغعض النظر عن قيم الأفراد واهتماماتهم. لا بل 
أن يبني هذه القيم ويهدمها وفقا للعبة المصالح الطارئة والظرفيّة؟ كما 
سنرى لاحقاًء لم يؤدٌ التخطيط الواعي لأصحاب التطلّع المثاليّ دورا 
كبيراً في التطوّر الاجتماعي للشعوب المسلمة. على أنْ وجود القيم 
الاشلامتة زايا كان باعثها) هو ما صنع الفارق الحاسم بين وجود مجتمع 
مكحن ان سحو الإسلامياً) من جاتنا وبين: ما يمكن. أن نتوقغة ونتثت 
من وجوده بسهولة من استمرار التقاليد القديمة في أشكال جديدة» والتي 
ظلّت بلا شك فاعلة عبر كثير من الأمور التي عبّرت عن نفسها تحت 
شعار الإسلام ومرت من خلال ولح من دون أن تمتلك العبقرية 
الفريدة التي استهلت رحلة «حضارة الإسلام) وبعثتها كموضوع لاهتمامنا 
والاحترامنا' ولخفنا: 


١ك‎ 


آثار فعل الأسلام [ التسليم] 


كفنت الزكناخن تسوه 1ل أل جرلا لعي لي عركنين انون ألما 
الحياة وتجسّدت فيه»ء أي في ثقافة كاملة. يُشير مصطلح (إسلام»)» بمعنى 
أوليّ» إلى موق روحيّ داخليٌ للفرد الخيّر. فكلمة إسلام في العربية تعني 
فعل الخضوع والتسليم لله (وكلمة المسلم. هي اسم فاعل من نفس 
المصدر)؛ أي إنها تعني القبول بالمسؤوليّة الفرديّة لمعايير الفعل والسلوك 
التى فرضتها السلطة المرجعية المتعالية. بهذا المعنى» فإن العديد من 
الأخاض: النين الق ركو لهم قوز فى المعييع الكاريض الممفة ةيدل 
جميع أنبياء التوراة وعيسى وحوارييه - داخلون في وصف المسلمين لأنهم 
قبلوا بهذا التسليم. في أي تقليد ديني» فإِنْ الموقف الجوّاني للأفراد (الذي 
يختلف من فرد إلى آخر بالضرورة) هو ما يشكل القلب الذي يضم الدم 

فى الطقوس والأساطير. وهذا التسليم الأساسيّ وهذا القبول الشخصي 
بلقتي الإلهيّة هو ما يمثل قلب الدين الإسلامي» ومنه اكتسب الإسلام 


ولكنّ مصطاح «الإسلام» (بالحرف الكبير)”* قد بات يُشير على نحو 
أكثر عموميّة إلى كامل النمط الاجتماعي للعبادة والعقيدة» والذي ينبع. 
على الأقل عند الأتقياء» من التسليم الشخصي عند المخلصين من الإفراد؛ 
أي إنه يشير إلى الدين بالمعنى التاريخي للكلمة. يُمكن النظر إلى العناصر 
المختلفة في الدين التاريخي على أنها معتمدة اعتماداً مباشراء» بدرجة أو 
باخرى. على التسليم (فعل الإسلام) لدى المؤمنين الافراد. اتبع بعض 
الأفراد هذه التسلسل المنطقيّ [من التسليم إلى الإسلام]. في حين أن 
آخرين كُثراً قد ارتبطوا بالإسلام ارتباطاً غير مباشرء أو قل ارتباطاً 
تصادفيا؛ ولكنّ هؤلاء أيضا كانوا سيشعرون بانعدام المعنى بعيداً عنه. بدءا 
فين أل اشكانل الاقران "الذي الاسامن» وزموورا نه لأقه العادة الموكد: 

(*) يُميّز المؤلّف هنا , بين الإسلام (ويكتبه بالحرف الكبير : 1513:0) بما هو مجموعة من العقائد 
والعنادات والأنظمة الاجتماعية البرانية/ الخارجية. والإسلام (ويكتبه بالحرف الصغير : 151352) بما هو 


فعل داخلي/ جوّاني يقوم على التسليم لله. ولما كانت الترجمة الأدق للدلالة الثانية هي «التسليم» فقد 
انتفت الحاجة إلى التمييزء فنستعمل «الإسلام» للمعنى الأوّل و«التسليم» للمعنى الثاني (المترجم) . 


١و‎ 


والقاتون» ووصولة إلى الأعراف: الأععر نحلكة وع فيكةه إن كانه هن 
التمظهرات مقتبسة ومستمدّة من هذا المنظور من التسليم» ويُمكن شملها 
م ضمن الاعتقادات والطرائق الإسلامية. إذاء فعلى وجه الخصوص. 
يُمكن النظر إلى المعتقدات الإسلاميّة التاريخيّة حول موقع الإنسان في 
الكون وما يجب عليه فعله فيه بوصفها مستمدةٌ منطقيّاً من فعل الإسلام 
(التسليم)؛ ثم يتفرّع كل شيء منها 


من المشهور بأنْ الاعتقاداث الإسلاميّة ميّة بسيطة الفهم. وصحيح أنها 
تكشف تحت الدراسة المتأنيّة عن حصّتها من التعقيد أيضاًء إلا أنَّ عناصرها 
الأساسيّة سهلة الإبانة. فالقضية الجوهرية في الإسلام هي التسليم بسيادة إله 
واحد أحدء هو إله إبراهيم وموسى وعيسىء واسمه العربي «الله"'2. ولجعل 
هذه السادذة أمرا :ذا مع »+ يحب أن يكون الإبنان محددا وموخها .قال هو 
خالق العالم والبشر الذين يسكنونه؛ وسيأتي يوم يُنهي الله فيه هذا العالى 
ويبعث كل من عاش من الرجال والنساء إلى يوم الحساب». فيُعاقب في 
الجحيم ويجازي بالجنان كل إنسان بحسب طاعته لأوامر الله فى حياته. 
ولإعطاء سيادة الله محتوى لا كان لا بذ من تحديد الدين بدقة أكيو 
أرسل الله الرسل والأنبياء» مثل موسى وعيسىء لدعوة البشر إلى طاعته» بما 
يشمله ذلك من عبادته وحده ومعاملة البشر فيما بينهم بالعدل. وآخر هؤلاء 
الأنبياء والرسل وأعظمهمء والذي تَحَبَ رسالتّه رسالة من سبقه من الأنبياء. 
هو محمّد العربيت”*" (ت57م)» والذي يجب على كل رجل وامرأة أن يتّبع 
رسالته ويحتذي سلوكه. أفرادا وجماعات. 


ولمّا كان النشاط الإنساني الأخلاقي الأهم هو في الغالب نشاط 


50 0605 عادة ما تترجم لفظة «اللّه» إلى «الإله 004»» مثلما هي الحال» مثلاء في ترجمة‎ )١( 
الإغريقية إلى «الإله» حين تأتي في سياق مناسب . إن لفظة «اللّه» هي المكافئ العربي لومعط مط‎ 
بل إلى المسيحيين العرب أيضاًء تماماً كما تقابلها لفظة‎ ٠ الإغريقيّة؛ ليس فقط بالنسبة إلى المسلمين»‎ 
«الإله الخالق 604)». إِنْ استعمال لفظة «الله 5هاا1ة» بالإنكليزيّة للإشارة إلى موضوع العيادة لدى‎ 
المسلمين (وليس للعرب المسيحيين) يعني القول بأنَ المسلمين والمسيحيين واليهود لا يشتركون في‎ 
التوجه إلى مؤضوع العبادة ذاته وهو موقف يصعب تبنيه بسهولة . انظر الملاحظات حول لفظة «الله» في‎ 
قسم استعمالات الألفاظ في التاريخ الإسلامي في المقدذمة.‎ 

(*) ما ذُكر محمّد إلا والصلاة عليه في قلوب المؤمنين مُوصِلة» والسلامٌ إليه مُسلِم (المترجم) . 


ل 


المجموعة. إن على المسلمين أن يعملوا ع . ولتحقيق ذلك» يجب على 
المؤمنين معرفة بعضهم بعضاً وتمييز يز أنفسهم. ولا يمكن تصور التسليم 
الجوّاني 1 ذلك. لهذه الأسباب ا سات أن 
اليم : فك من يشهد أله لا إله إل الله ون محمداً رسول الله يعتبر مسلا 
عادة 0 عضواً في الأمّة الإسلامية. ائ في حدم المؤمين ء ونصبح له 
ذات ا ا 0 د 0 في 0 إذاّء 0 هذا 
وتظهر معه 0 0د الف تحدد اللي 0 
١ 1 4‏ 

كان لا بذ من إرساء ذلك عبر صياغة منظومة هائلة من التفاصيل 
الكثيرة» إذا كان للبشر أن ينتقلوا من النموذج والمثال العام إلى مضامينه 
الفعليّة وسط التعقيدات الكثيرة التي تعجّ الحياة البشريّة. وفي سياق ذلك. 
انتقل المسلمون - اكت من الجوهر لل ا الكشكضبى إلى 
لطر ربماء كنوع من الولاء الموروث أكثر منه كنوع من التزوع المثاليٌ 
الشخصيّ المتجدد. 1 


قبل كل شيء» يجب أن تعرف أوامر الله بالتفصيل. ورسالة محمّد محفوظة 
ل عكرت لاخر تي ارس ل ل يم ده 1 


و- 


ع عند 2ن لير دلت أما الأحاديث» فهي الأخبار التي تنقل ما قاله النيي أو 
فعله (بالأساس)» كما رواها صحابته (أو ممتّلوه)؛ وإذا كان الحديث صحيحاً 
فإنه يمتلك تقريباً ذات الحجيّة التي للقرآن. لقد شكل القرآن وبعض مجموعات 
الحديث النصوص المقدّسة للمسلمين؛ وعلى أساسهماء حدّد العلماء الدينيُون 
المسلمون» العلماء, ما تعنيه طاعة الله في الحياة اليوميّة للمؤمن . (إِنَ «العلماء» 

ليسواء بالمعنى الصحيح للكلمة» كهنة» إنما هم معلمون؛ ذلك أنَّ كلّ مسلم 
قادر. على أداء جميع جميع الطقوس والشعائر وممارستهاء وليس العلماء فقط). وقد 





(0) للمزيد حول طريقة نطق المصطلحات والأسماء غير المألوفة» انظر المقدّمة. 


١/4 


شكلت القواعد التي وضعوها حول الممارسات والأفعال الصحيحة ما بات 
يُعرف ب«الشريعة»؛ والتي تُخظي نظرياً جميع الحالات الإنسانيّة والاجتماعيّة 
والفردية» من الولادة إلى الموت 


إن أكثر هذه الأوامر الإلهيّة مركزيّة هى الأوامر المتعلّقة بالعبادة (التعبير 
البزاتي يأ فعا .ومرية عن [خلاض.الفرة).. إن الأيمان المؤسين العياءتا ل 
ينبع ببساطة من الإخلاص والتعظيم الفردي الشخصيء بل يعمل على تكريس 
الالتزامات الاجتماعيّة المفروضة بالعموم. وبناءً على ذلك. فإِنَّ الإخلاص» 
إذا لم يكن موجّهاً نحو القيم المثاليّة. أو على الأقل نحو نتائجها العمليّة 
يعبر عن نفسه بالدرجة الأكبر في نشاط الجماعة: بخاصّة فى العبادة وإقامة 
الشعائر في البناء التعبّتدي المركزي». المسجد. على أن معظم أشكال التعبّدى 
حتى في تعبيراتها الجماعية» يُمكن أن تثُقام خارج المسجد. فالكثير منهاء 
حتى تلك التي يُصادق عليها المجتمع ويؤيدهاء متروكة لعائلات الأفراد. 
مقا الكنان بعلن سيل المقال:. على هذا المستوف رظهر التعد» على تبجو 
غير واع ولا مُدركء عبر الآداب الشخصيّةء في كاقّة أنواع الأعراف 
العائليّة» من مسائل الزينة الشخصيّة ووصفات الطبخ إلى الخرافات الشعبيّة . 
في الغالب الأعمء فإِنَ أي عُرف يُقرّ به المسلم العامّي ويراه عُرفاً صالحا 
هو مرتبط» ولو على نحو غامض» بإيمانه (وهو ما ينطبق على بقيّة الأديان 
أيضاً). وهكذا فإِنُ العسله الهندي الحديث قد يغيّر ملابسه الأوروبيّة العئ 
يرتديها في الشارع ليلبس 0 أقدم قبل أن يذهب إلى المسجد» فهو يشعر 
بأنْ الزيّ الأقدم أكثر «إسلاميّة»؛ على الرغم من أنْ القانون الإسلامي لا 
ينصّ على مثل هذا الفعل» وعلى الرغم من أن زيّه الأقدم يُمثّل ببساطة جزءاً 

من الهند التي عاش فيهاء ولا وجد فى بقية بلاد المسلمين : 


حكن أن ع اللية : بمعناه الأضيق بالعبادة وبالاعتقادات المطلوبة 
لإعطاء العبادات معناها؛ ذلك أنه على هذا المستوى فقطء. يعكس الدين 
بوصفه مؤسسة اجتماعيّة الاهتمامً بباعثه المركزي نحو الخضوع لله. من دون 
أن يغاط الوه الأخرى من الاهتمامات والمصالح الاجتماعيّة. غلى أن 
الدين» بمعنى بمعنى أوسع وأكمل. ٠‏ يتجاوز في معناه العبادة ويمتد إلى كافَة 
الجوانب» ويشمل الحياة الأخلاقيّة بأكملها. بحسب الدرجة التي يأخذ بها 
الفرد بووزاعفة الا ول حول قا 


ليل 


بناءة على ذلك» فإنّ متطلّبات العبادة هي الجزء الأوضح من نطاق 
أوسع من الممارسات الاجتماعيّة المرتبطة بالدينة الإسلامي بدرجات 
متفاوتة. والتي تم م تنظيمها وتوحيدها اانا عبر قانون الشريعة. روكت 2 
أحيانٍ أخرى لتتفاوت وتختلف من مكان إلى آخر. يُمثل نظام الأخلاق 
أحد: أكق الأموو ازتباطا :بالقران 0 وهو يشمل تحكة نطينا :بون فعا 
من قوانين الأحوال الشخصيّة» والعقوبات» والتجارة (وهو نظامٌ - وإن لم 
يُطبّق بشكل حصري أو كامل ‏ ظلّ حاضراً دوماً لدى أصحاب الضمائر 
الحانية والعطوف). لقد كان الشعور بالعضوية في مجتمع عالميى ذي مهمة 
تأريفة شعوراً قوياً جداًء كما كان واجب المسلم بمساعدة أخيه المسلم 
جزءاً اشنا من الإيمان» بخاصة 5 حالة الحهاد. الحرب ضد غير 
المسلمين. 1 يؤيدها الدين فى ظروفي معينة. على ذات الدرجة من 
الارتباط نالدو» كأتل متسوعة 9 الأعراف الاجتماعيّة» مثل ممارسة 
التصىالاجتماعن الضاة 'للساء عن الربعال اروهده معارسات لمكن 
معقية على تجو اننال أبذاء :ريسا تكون ‏ الآن قر لون الاأتتفاء الى بوعل 
فريحة أنز وا موعت الارقاظ ,لديو را اسقعمان الكفانة ريه بيت 
العاز هه اللحة المعاةة الى مععنايا السلموة (رهى نشاوسة كاك قات 
ومنتشرة فى الأزمنة ما ل التحنيكة نويا عمف فى انلوق مجموعة من 
اللقات النتاقنة ا الاتساكيةة7 114 مور أصوليا غير الابناايةة )د بوطلى: مسادة 
أبعد من الارتباط بالأوامر الدينيّة» جاء تطوّر أنماط الزخرفة «الإسلاميّة) 
بأساليب خطيّة معقّدة,» بخاصّة فنّ «الأرابيسك»» الذي يتضمّن أحياناً 
استخداما زخرفيّاً للخظ العربي» سواء في المساجد أو في الأبنية التي لا 
ترتبط بالعبادة. ٠‏ بتتبع هذه السمات». نجد أننا قد غادرنا يا نطاق ما 
يشير بوضوح إلى الدين الإسلامي» وولجنا إلى العالم الواسع للثقافة 
بالعموم . 


في هذا النطاق الواسع الممتدٌ عن الإسلام» تأت جميع أشيكال:«فنون 





#0 ا ا ا لي تنصيص ٠»‏ 0 يؤهب القارئ لاستعمال 
والاجتماعية المرتطة بالدين الإسلامي الغ غير مباشر نري 


م8١‎ 


الزخرفة والتزيين» ليس الأرابيسك فقطء بل كل الأساليب التصويريّة المرتبطة 
به؛ وتأتي مجموعة من التوقعات المتعارف عليها حول الأشكال والمعايير 
الاسعناعةة والمعاضة وفوف ذلك تتده العناذة الكلأسيكة للأزسات 
المكتوبة التي تتراوح» بتدرّج طفيفء. من الأعمال التي تفصّل مسائل العبادة 
والقانون» إلى الأعمال التي تتناول الخلافات اللاهوتية» إلى الأعمال التى 
تدور حول الميتافيزيقيا والعلوم الطبيعيّة؛ ومن تاريخ النبيّ والمجتمع الأول 
إلى الأغمال: التثقيقيّة الأخلاقيّة وكتب: المغارف العامّة» وصيولاً إلى أشكال 
الأدب الرفيع كافة من نثر وشعر. لقد كتب ذلك كله تحت شعار الإسلام. 
وبرّرت كل هذه الأشكال نفسها بطريقة تجعلها مُساهِمةً في الحياة الإسلاميّة 
الحمّةء وانتقلت مع المسلمين إلى كل مكانٍ علو ته وقافلتها الأحيال 
تباعاء فشكّلت ما يُشبه الأرضيّة المشتركة للثقافة الأدبيّة التى يتشارك بها 
جميع العسددين الذي قلقو خط عن العودينه واللسته: وا دين عا فقلر] 
بدورهم على معايير المجتمع الإسلامي. يمكن النظرء ليس فقط إلى الدين 

بمعناه الأخصٌّء بل إلى كل المركب الاجتماعي والثقافي المرتبط به 
ترسخ أكيوة إلى كر أنماط الحياة المقيولة 'لدئ: المسدلمية في كل مكان - 
على أنه هو الإسلام . وعلى أنه كل مكتفي بنفسه» وعلى أله البياق الكلي 
الذي تدور في فلكه جميع تفاصيل الحياة اليوميّة وتشعّباتها. فكل ذلك» 
بمعنى من المعاني» يُمكن أن يُستنبط كنتائجٌ من. الوضعيّة الأوّلية لفعل 
الإسلام. بما هو تسليم شخصي للّه . 


كما يُظهر الجدول التوضيحي المرفق حول توزيع المسلمين في القرن 
العشرين» فعلى الرغم من أن الإسلام اليوم يمثل نحو سُبْع عدد سكان 
العالم *', إلا أنه يمتاز من بين التقاليد الدينيّة بتنوّع كبيرٍ على مستوى 
الشعوب التي اعتنقته. فقد بدأ الإسلام بين العرب في بيئة حارّة وجافة. 
ولكنه أصبح عالميّاً في وقت مبككر جدّاً. ومنذ ذلك الوقت مد جذوره إلى 
الشمال البارد وإلى المناطق الاستوائيّة الرطبة. ولكن» في كل مكان وصل 
إليه الإسلام كان ثمة ضغط متواصل لإقناع جميع المسلمين بتبني نفس 


١‏ "/ (المترجم). 


18 


المعايير» ونفس طرائق العيش » التي تقوم على القيم الإسلامية السائدة في 
ذلك الزمن. لم يكن هناك» بعد 0 الأولى من المسلمين» تنظيمٌ عالمي 

بجي ال العالمي [الهأ مة]؟ وهم يتحركون 0 
00 العالمي بين المسلمين» ويحافظونء حبّى في أكثر المناطق 
الجغرافيّة اختلافا على الشعائر الإسلاميّة التي تميّزهم ‏ بما في ذلك الححٌ 
إلى مكّةء حيث تلتقيى جميع شعوب السسلفين.. وايفاء بدرجة ماء على 


تراث ثقافى شرك 


التوزيع العالمي للمسلمين في القرن العشرين 


الخصبة4 ناذرا :ما'نكون 
بعيدكل عن البحر؛ من 


أقدم أراضي الحضارة 
السامية 


الغالب الأعم مسلمون|الفارسية» البشتوية» أمرتفعات قاحلة؛ مناخ 
بالوراثة؛ بعض الأقليات |البلوشية؛ الكردية: أقارّي 
أفغانستان» طاجكستان المسيحية واليهودية|التركية 





639 رحل هودجسون عن عالمنا في عام مكل وعدر لكات في غام :/1 ١‏ ومن ثم فإن 
الأرقام الواردة في الجدول بحاجة إلى تحديث كبيرء خاصّة أنه يعتمد في كثير من الأرقام التي أوردها 
على ما أورده ماسينيون في عام ١١5‏ (المترجم). 

(©) إِنْ الأرقام الواردة لأغلب المناطق غير دقيقة إلى حدٌّ كبير. انظر : 

11 © 350141 ,11151071011 ,علا ةاك 31411 :71271 7الادل هاا 107:06[ نك :47171121 ,0 2ع 712551 15نا0 نآ 
.(1955 ,5لام20عآ أوعصرظ :واعوط) 

تم إعداد هذه الأرقام» في أغلب الأجزاءء بالاعتماد على البيانات المدرجة في ذلك المجلد. 
مع بعض التعديلات الواضحة . 

(4) نضع خطأ تحت اللغات الأدبيّة الرئيسة في العالم الإسلامي قبل القرن العشرين . 

(*»*#) تتكرر علامة الاستفهام في هذا الجدول وفي غيره» ولعلّها تأتي للتشكيك في دقّة الرقم 
(المترجم). 


انالا 


اللغات الرئيسة التي 

يتحدث بها المسلمون 
الأغلبية من المسلمين في |التركية (الغربية). |نسبياً مناطق مرويّة جيّداً. 
بعض الأجزاء؛ في أجزاء السلافية؛ الألبانية؛ أمناخ معتدل؛ على الطرق 
البحرية للحضارة الهيلينية 


: ل ا 09( 


الأراضي الهندية: وادي ١1١,٠٠١,٠٠0‏ ) لل أغلبية؛ ” اريك البنجابية؛ 


التعذاد 57 ا 
[للمسلمين]) 


3 حارة» وغالياً مروية مائياً 


الكبرى : الساحل الشرقي؛ 
غربي ووسط بلاد السودان» 
وأجزاء متفرّقة أخرى 





1/0: 


في كل زمن من الأزمنة. كان الإسلام يبدو في عقول الأتقياء كلا مثالا 
لازمنياً متكاملاً . لا يُمكن للإسلام في حدّ ذاته أن يتغيّر على الرغم من أن 
ممارساته قد تختلف أو تنحرف في مكان دون آخر. إِنْ هذه الرؤية ليست 
مجرد وهم ذاتي. فبقدر ما يُمكن أن يصاغ الإسلام. بما هو تعاليم دينية» على 
نحو مشروع» على أنّه مذهب كلي متكامل يقوم على مجموعة من الاعتقادات 
الأساسيّة حول طبيعة الوجود (وتجديدا: على الإيمان بالخالق» المتضمن في 
فعل الإسلام الأساسي [التسليم]). بقدر ما يفرض بذلك حدوده الخاصّة على 
مستقبله. فعلى الرغم من أن مذهباً واعتقاداً كهذا يُمكن أن يخضع لبعض 
التطويرات» أو لبعض الانحرافات والفساد.ء إلا أنه لا يمكن أن يتحوّل أو 
يتبدّل جذرياً فى جوهره أو في روحه من دون تجاهل تعاليمه الأصليّة 
وإكارهاك بزرحينها سكود من اللدزة ضيه الجاد ارف :اسوينة لاجيمان» 


يمكن الحفاظ على هذه الرؤية المتكاملة ضمن سياق اجتماعى معيّن 
نشانون الشركة مكلك تكله لذن اتعدمة سيا هو محبوظة تافل من 
القواعد المُنظّمة للحياة» يبدو اليوم مرتبطاً بمسلّمات اجتماعيّة عفا عليها 
الزمن» ويرغب كثير من المسلمين في «تحديثه». ولكن. لم يتضح حتى الآن 
إلى أي مدى يُمكن تعديل الشريعة من قِبَّل المسلمين الحديثين في مسلّماتها 
الأكثر أساسيّة من دون أن ينتج عن ذلك التخلى عن الأحاديث التقليديّة التي 
يقوم عليها قانون الشريعة. فقد كان الحديث يعمل على تفسير القرآن منذ 
توقف نزوله مع وفاة محمّدء ليُصبح هو المفسّر المستمرٌ منذ محمّد؛ يُمكننا 
إذاً أن نتساءل عن مدى إمكانيّة فصل الأحاديث بوصفها مرتبطة بتاريخ معيّن - 
عن القرآن» واعتبارها أمرأ يُمكن الاستغناء عنه» من دون التخلّى عن الأمل 
بتأسيس الحياة على أساس القرآن وعلى التسليم الداخلي الذي يدعو إليه. 


بعبارة أقل دقة» يمكن القول بأن ذلك صحيح في الثقافة بالعموم» في 
المركب الكلّي لأنماط الحياة المرتبطة بالدين. ففي أيّ ثقافة من 6 
يمكن أن ترق طرائق وأشاليب فتمايزة :وخاصة لتأليف مكونات التحياة فعا 
وهو ما يُعطيها شكلها ونبرتها الخاصّة. يُمكن دوماً استيعاب الأساليب 
الجديدة التي تولد داخل الثقافة» أو التي ترد من الخارجء وتأليفها وتوفيقها 
بيسر مع الأسلوب الثقافي الموجود. وقد يظهر بأنَ هذه الأساليب الجديدة 
غير قابلة للتوفيق مع الأسلوب الموجودء فتولّد نتيجة ذلك كميّة لانهائيّة من 


1/6 


الصعوبات» وقد تتسبب في جملة من التعديلات في كل مناحي الثقافة.» أو قد 
تتسبب في تعطيلها وتشويشها تفانا (كما حصل مع الشعوب غير الكتابيّة التي 
تفككت وتفسحت نين .والجه أفرادها أنماط -- الحديث الل لم يستطيهوا 
0 معها). إن التصوّر المتكامل عن الإسلام. كثقافة شاملة. يؤشر إلى 
تمن أسلوية: ويسلط الضوء على تكامليّته الثقافيّة وكليته المتماسكة التي لا 
فكاك منهاء عررمخ بجني مستا و رجايي إلى مما يبدو أنها أسسّه الضرورية 
التي لا غنى عنها. يجب أن يكون المرء منتبهاً إلى نقاط التنافر والتوتّر في 
داخل النسيج الثقافي. . إن بعض ما يعيشه الأفراد بوصفه الإسلامَ يُخْل في 
بعض الحالات بتكامليّة الحياة الإسلاميّة. أي إنه يثبت عدم اتساقه مع 
المسيلفات الثقافيّة الأكثر أساسية للوسلامء بالشكل الذي تطوّر عليه الإسلام ؛ 
ومن ثم فإنّه سيقترن بإنتاج النزاع والصراع الذي سيتطلب نوعاً من الحلّ أو 
القرار السيكولوجي والتاريخي . خلاصة هذا القول: كان لحياة المسلمين 
طابع إسلامي متكامل لا يُمكن انتهاكه والإخلال به هكذا من دون عواقب. 


ديالكتيك التقليد الثقانى 


لا شك بأنَ الإسلام (أو ما شعر الناس تاريخياً بأنّه هو الإسلام) بكل 
تككناتة وول لات المر كر ظاهرة معتدغة تنوّعا 'هائلاً . فالطبيعة الشمولة 
لرؤية الإسلام كما تمظهرت: كفيلة يالا يكون الإسلام منتشابهاً في كل مكان 
لماك عفان » مستجد أ ضياغة معئنة لما ينبخي اعتباره التتائج. الأساتة 


على أيّ محاولة وي و ا 


١ه(‏ لاحظ وليام كانتويل سميث في كتابه معنى الدين وغايته أن مفهوم «الدين ددنهناء» - بوصفه 
نظاماً من الاعتقادات والممارسات» ينظر إليه البشر بوصفه إما صحيحاً أو زائفاً - مفهوم حديث نسب 
بالمقارنة مع مفهوم «الدين» بما هو جانب من حياة كل إنسان» يصعب الحكم عليه بالصحّة أو الزيف 
والبطلان إلا من جهة إخلاص المرء ء له ونجاحه فيه . حتى في الفضاء الإيراني ‏ الساميء الذي ظهر فيه 
الدين مبكّراً وميّز نفسه عبر مجتمعات كلية مكتفية بنفسها » فإنَ مفهوم الدين كنظام لم يسد ولم ينتشر إلا 
ببطعء ولم يُهيمن إلا في الأزمنة الحديثة . يرى [سميث] بأن ما نتعامل معه عادة هو مجموعة من التقاليد 
المتراكمة التي عبر فيها الإيمان الديني عن نفسه. إنني مدين للغاية لسميث لتنبيهاته وشحذه وعيي تجاه 
هذه المسألة. انظر: 


و/15131آ اذتاعم1آ 71 تطملدم.رآ) عله بلعم ,امأجذاء 1 كه 2:14 2:4 ع7:11هء14 11:6 ,طختصدك اأءع سهدت .871 
.(1966 


| 


ا الوم تاريخياً. 00 2 ”م العيش تقليداً 
00 توسع نطاقه. 


يُمكن للتقليد أن يكف عن كونه تقليداً معيشاً فينحلٌ بذلك إلى مجرّد 
أقوال مُتناقّلة. فقد تكون وصفة إعداد فطائر الأعياد مثلاً «تقليديّة» بمعنى أنها 
تنقل بحذافيرها من دون تغيير من الأمّ إلى ابنتها إلى الأجيال التالية. إذا كان 
التقليد محض انتقال بين الأجيال؛ أي إذا كان محض عادة» فإن التغيّر في 
الظروف المحيطة قد يؤدّي إلى نبذه والتخلي عنهء على الأقل عند وفاة 
الأم. ولكن إذا كان التقليد حيويّاً» يُلبّي احتياجاً حقيقيّاًء فإنّه سيُعدّل نفسه 
أو ينمو بحسب ما تتطلبه الظروف. إِنْ التقليد الثقافي الحىّ في حقيقة الأمر 
ذاكما فى :لوو فق التطور و الفمو وى" إذ1 كال قن تمل فى لاط لل 
ش22 
جديدة» وقد يعاد بناء تصوّراته بطريقة تدريجيّة وبطيئة وغير ملحوظة. 
فالفطيرة التي كانت تُعدٌ وتخبز حين كانت جميع الأطعمة تصنع بالبيت باتت 
تعني شيئا مختلفا حتما حين أصبحت هي وحدها ما يُخبز في البيت» على 
الرغم.فن أن :ؤسفة إغذادها فى انفسها لم اتعقترء .وهكذاء فإن العمنتك 
بالوصفة نفسها سيحتاج إلى وجهة نظر جديدة حول الفطيرة» أو ربّما 
سيّنتجها. ولكن». حتى لو لم تتغيّر الظروف على هذا النحو الجذريء فإن 
المؤكد بأن الوصفة وطريقة استعمالها سيصبح لهما تاريخ. حتى لو طبقنا 
الأمر على حياة بدائيّة ماء فإن نوع الوقود ومصادر الماء وجودة الأواني 
ستتغيّر مع مرور آلاف السنين أو مئاتها. في النهاية» إذا كان التقليد حيًا 
بحقٌ. فإن بعض الطهاة سيرون إمكانية تحسين الوصفة فى الظروف الجديدة. 
وحين يفعلون ذلك. فإنّهم لن يكونوا قد تخلّوا عن التقليد» بل سيكونون قد 
حافظوا على حيويته عبر تركهم إياه ينمو ويتطوّر. 

لم تكن المجتمعات الحيّة يوماً مجتمعات ساكنة وجامدة. ومع قدوم 
الحياة المدينيّة والكتابيّة» تعاظم هذا الجانب الديناميكي من التقليد الثقافي ؛ 
أو بالأحرى. تسارعت وتيرة عمليات التقليد الحيّ وأصبحت أكثر مرئيّة؛ 
وهكذا بات كل جيل يشهد ظهور مبادرات ثقافيّة فرديّة واعية استجابة 
للاحتياجات الجديدة أو الفرص المتاحة في هذا الزمن. لقد أظهرت التقاليد 


1١ /ام/‎ 


الاجتماعية صيروراتها المتغيّرة» أوضص ما يكون. في ما ندعوه «الثقافة العليا 
تنالتك طوتط) ؟ أي 2 الأشكال الثقافيّة المشتركة على المستوى الكتابي/ 
العالم والمديني. ولكن» حتى في «الثقافة الشعييّة عتدغانه علاه؛»ك. أي في ثقافة 
المزارعين والعوام غير المتعلمين: ٠‏ تحمل التقاليد الثقافيّة ذات القَوّة 
الديناميكيّة الأصليّة. التي تزداد وضوحاً فى الثقافة العليا' . 


الثقافة العليا في المجتمعات السلة ة في الأزمنة ما قبل ١‏ الحديثة - والتي 
من ثلاث لحظات: )١‏ الفعل الخلّاق. 5) التزام المجموعة به. ”) التفاعل 
التراكمي معه داخل المجموعة. بداية» يتأسس التقليد فى لحظة الفعل 
الخلاق» وهي لحظة مواجهة إبداعيّة أو ابتكاريّة أو وحيانيّة [قائمة على 
الوحى] أو حتّى كاريزماتيّة : مثل اكتشاف قيمة جماليّة جديدة» أو الشروع 
بتقنية جديدة في مجال حِرَفيَ معيّن» أو رفع مستوى التوقّعات الاجتماعيّة إلى 
مستوى جديد.». أو لاسسدن سلالة حكم جديدة أو اتباع نمط جديد فى 
الحكم؛ أوء. في حالة الدين. لحظة الوعي الناصعة بالمطلق في علاقتنا 
بالكون (أي لحظة الإلهام الروحي التي تقدّم رؤية جديدة). بقبولهم للقرآن 
والتحدّي الذي يحملهء فتح محمّد وأصحابه أنفسهم على اعتبارات وأنظار 
جديدة شاسعة حول ما يمكن أن تعنيه الحياة» وهو ما جعل اهتماماتهم 
السابقة تبدو تافهة وغير ذات قيمة لهم؛ ولأجل ذلك. كان هذا الفعل من 
القبول فعلاً خلاقاً بالمعنى الكثيف للكلمة. 


إن الطابع الكلذق لمث هذه المعاسباك والاختناث يعره ريا إلى 
الطبيعة الموضوعية للحدث نفسه. نمحية: إن | منه لا بدّ أن يكون 
استجابة أصيلة للامكانات الإنسانيّة الكلية الكامنة. لا يمكن بحالٍ إنكار 
التأثير البشري للقرآن» بما هو نصّ مكتوب. في الوقت نفسه. فإن الطابع 
الخلاق للحدث يرجع أيضاً إلى تقبّل الجمهور الخاصٌ لهء الذين وافقوا 
ار لم كو الس ل و 0 1 


الثقافة الشعييّة: فقد كان لزاماً عل أن أطوّر الإطار النظريّ الذي بأعو ل ظلة شن 


14 


على هذا الحدث الخلاق وتبنّوا نتائكجه ومنحوه قيمته»ء ووجدوا فيه ما 
يستجيب لاحتياجاتهم الشخصيّة ومصالحهمء الؤادتة أو السفيلة :إلى أن 
أصبح مرجعاً معياريّاً بينهم. لا يتحدّث القرآن بلغة هذه المجموعة من عرب 
الجزيرة العربيّة وحسبء بل يستجيب لاحتياجاتهم الفردية والاجتماعية؛ مع 
غنا بقه و موغة ميد الت الاجتماعيّة والأخلاقيّة. باستجابتهم للقرآن. 
نوااغ: أكاقث: إيجابنة أم سلبيّةء ة» أقام الم فقون مغ نلا لها كان ليكون» 
لولا ذلك.». اماوحناكت والمواعظ على المستوى اللغوي 
المحض. من دون هزه الاستجابة :و الى أضييخت: مفترضة شلفا في الأجزاء 
الأخيرة من القرآن نفسهء كان القرآن ليُصبح مقطوعة أدبيّة مدهشة. ولكن من 
دون نتائج عمليّة . تزداد أهمية هذا الجانب المزدوج للفعل الخلاق في الحياة 
الدينيّة» ذلك أنْ العديد من الحالات» ذات الإمكانات الا قد مرّت 
من دون أن تحظى بانتباه أو ملاحظة؛ ولكنّ تجربة الوحي لا تقف على 
قدميها إلا عندما يكون هناك عدد كاف من الأشخاص المستعدين لاستقبال 
هذا التأثير لحدث معيّن» وحين يسمحون له بأن يفتح أعينهم . 


أما اللحظة الثانية من التقليد الثقافي فهي التزام المجموعة الناشئ عن 
الفعل الخلاق: إذ تتم مأسسة الجمهور المباشر للحدث وإدامته بطريقة ما؛ 
أي إِنْ الفعل الخلاق يُصبح نقطة انطلاق لجسم متصل من البشر الذين 
بمصيلوة ‏ إذراها مشتركاً بأهميّته ويأخذونه بعين الاعتبار في كل خطورة تالية» 
سواء أكانت تنفيذ مضامينه أم التمرّد عليها. يُمكن النظر إلى حالة تلمّي 
الفنانين الغربيين لرسومات عصر النهضة الإيطالي كمثال على ذلك. في تقليد 
التعليم الليبرالي الذي نشأ حول مجموعة مركزيّة متفق عليها من 
الكلاسيكيات» أصبح الالتزام أكثر تقييداً وإلزاماًء ولعلٌ الصورة الأكثر 
تشدّداً من ذلك هي ما نجده في التقليد القانوني”*". عندما يصل الالتزام إلى 
أعلى درجات الفعاليّة» فإنه يتحوّل إلى ولاء. ومن ثمٌ» يُمكن تعريف 
الإسلام على أنه التزام بالمغامرة التي قادتها رؤية محمّد؛ والتي تعني». على 
الحستوفئ 0 الولاءَة لمحمد وكتابه الود ال 
المتصلء أو على الأقل (لاحقاً) لبقية المؤمنين في هذا المجتمع. أ 


(*) حيث يُصبح للسوابق القانونيّة قيمة وازنة لا يسهل على القاضي أو المشرّع تجاهلها 


لحيل 


لهذه الولاء لاعفا علاماته الرمرية التي 0 كإعلان الشهادة. صيغة 
الاعتقاد لدى المسلمين» أو تأدية الصلوات باتجاه القبلة. أي باتجاه مكة؛ 
وهي أفعال كانت كافية لإنشاء الفرد الملتزم بالنتائج الاجتماعيّة والقانونية 
المترتبة على كونه تسلماء بغض النظر عن مدى تسليمه الداخلي. 


يحتفظ التزام المجموعة بحيويّته من خلال التفاعل التراكمى بين الأفراد 
الذين يحملون هذا الالتزام المشترك؛ وفوق ذلك كلّه» عبر الحوار والنقاش, 
الذي يحدث حينما يبدأ البشر بالعمل على المضامين والإمكانات الكامنة فى 
الحدث الخلاق الذي ازتبطوا به في الفنون» إذا ظهرت مشكلة ما من داخل 
التقليد الفئّي» فإِنَّ حلها يُصبح حلا مشهوداً بين الفنانين الآخرين» وقد يتبنونه 
بدورهم اف يي ن له يلو لديل ؛ 1 م تفتح هذه الحلول بدورها إمكانات 
جديدة» كما تطرح مشكلات فنيّة جديدة أيضاً . . في الفلسفة والعلوم. فإِن نقل 
ما تم م إنجازه. بخاصّة في حالة الرواد الأوائل مثل أفلاطون وبطليموس. 
ايه ضرورية للحوار والنقاش التراكمي المستمرء للاستجابة والاستجابة 
المضادة. وفيدا ما يُشكل هدف هذا النقل؛ ومن دون ذلك» فإن عمليّة 
التناقل شعو فقن ويم . يصخ هذا أيفيا فيما ات 
والتفصيلي للنظام الاقتصادي؛ وفوق ذلك كله للحياة السياسيّة» والتي تقو 
على تضارب المصالح المتعارضة وصراعهاء إذ يحاول كل طرف أن 5 
التراث المتراكم في دولة كبرى لمصلحته الخاصّة» وبهذا يحصل انزياح 
مستمرٌ لنمط التراث» بحيث تعمل شبكة المصالح التالية على أساسه. 


قد تكون كاين الحدث الامتيلالي/ الابتداني محددة وذات طبيعة 
وظيفيّة نسبياً (قد تُحيل إلى تطوّر الظروف التاريخيّة التي واجهها المجتمع). 
فما أن قام المسلمون الأوائل بالسيطرة على المنطقة الممتدّة من حوض 
البحر الأبيض المتوسط, إلى إيران حتى بات ثمة حاجة لإيجاد منظومة من 
القرانين بالا عرا قي إذا ريد لهذا المجتمع أن يتماسك ويحافظ على موقعه: 
وهكذا ظهرت الحاجة لقاتون الشريعة. وإذا ما كان لذلك أن يتم بالتناغم مع 
التجربة الأولى التي وححدت المسلمين ورسّخت مُثْلهم العلياء 4:فإن بناء 
الشريعة بدوره يتطلب اميتكننان الاخاديف» الهرويات التق كلت عن 
المسلمين الأوائل» والتى قد تربط بين التحدّي القرآني والاحتياجات العمليّة 
للانيراطوركة اللاعقةاد تدوضعتا ::وعير القروةة وسنت الملمون الألقياة 


احلا 


الذين تراكمت أعمالهم واعتمدت على بعضها البعض. هذه الأحاديث» 
واخخرر هذه 00-0 وفد سعتت 1-7 إلى الوصول إل ف من التفاهم 


وقد تكون نتائج الحدث الخلاق ا ا 
من طبيعة الحدث نفسهء من قدرته الكامنة على توسيع أدوات ووسائل البشر 
الباحثين عن الحقيقة في حيواتهم). إذاء فأيّا كان الدافع الذي يقود الإنسان 
إلى الالتزام الأوّلي بمجتمع محمّد (وغالباً ما يكون ذلك شيئاً أقلّ من الفهم 
الكامل لرؤية محمّد نفسها). فإِنْ هذا الالتزام العمومي سيقوده بالضرورة إلى 
التقدّم نحو التسليم» بما هو مسألة شخصيّة في الروح؛ وسيقوده إلى البحث 
عن مفهوم تفصيلي للنبوّة وللإله» ليوضح ويمّفهم هذا التسليم الذي يجد نفسه 
سائراً نحوه. إِنْ هذا الحوارء وهذا التبادل في الرؤى وتجاذب الآراء مع 
الاخرين» هو ما يقود الإنسان إلى إدراك ما هو المعنى النافع لوجوده ووجود 
الكون وما هو المعنى غير النافع. في مثل هذا السعي» قد يجد الإنسان في 
الإسلام» وربما في الظرف الروحي الإنساني» ما يتصل بظروف حياته. 


سواء أكانت مضامين الالتزام الابتدائي وآثاره ظرفيّة ووظيفية دا أم 
كاتف فتظ ف ة :مها صّدلة اتسنا فإنها ستعمل في جميع هذه الحالات بشكلها 
الكامل. عندما تواجه الرؤية الخلاقة منظورات جديدة في سياق من التفاعل 


التراكمي والحوار بين أولئك الذين تعني لهم الأحداث الابتدائية المؤسسة 
شيعا ذا قيمة. 


ولكنّ الأمر لا يقتصر على تطوّر التفاعلات النابعة من نقطة إبداعيّة أولى؛ 
فهذه التفاعلات» وهذا الحوار» يُشكل بدوره سلسلة من الأفعال الخلاقة ومن 
الالتزامات النابعة عنها (أفعال ثانويّة» التزامات ثانويّة» إلى حد نصح 

جميع المواجهات والاستكشافات. باستثناء الأفعال الأصلبّة: على سر 
0 إذأء فعوضاً عن أن يكون التراث الثقافي نسقاً نظريًاً ثابتاً يُستخرج 
ويُستنبط دوماً من الحدث الخلاق الابتدائي: لترؤة حسها تحزدا هن الأفكارد 
والممارسات.». فإنه يُشكل» بدرجة ماء ولحو لقانت تاي المولي ٠‏ في 
هذه الوضعية. فإ كل مرحلة قد تُحدث انعطافة جديدة : فى التوجّه؛ أو على 
الأقل» لن تكون نتائجها متوقّعة تماماء ذلك أنَّ الوضعيّة نفسها تسمح بظهور 


١84١ 


أنواع مختلفة من الأفعال وفقاً لتنوّع الظروف والأمزجة والمشكلات. 


إذاّء ففي هذا الحوار الذي انطلق مع مجيء الإسلام» ومنذ البداية 
توما أصبح هناك مجموعات متعارضة من الافتراضات حول ما يجب أن 
يتضمّنه الإسلام ويعنيه» وقدّمت كل مجموعة التزاماتها الخاصّة وحواراتها 
الخاصّة. فحول الشخصيّة الكاريزماتيّة لعلي [بن أبي طالب]» الصحابي 
والبطل المغوارء تبلور شعور الجنديّ بعدالة الإسلام» حتى في الجيل 
الأؤل» في مواجهة ما كان يُنظر إليه على أنه تراجع وانحراف من قبل العصبة 
الثريّة التي تحكمت وسيطرت على فتوحات المسلمين ووجهتها لما فيه منفعتها 
الخاصّة. لقد أشعل هذا الشعور. والذي تضمخ بدماء الثوارء ولاءً عمليا 
لعليّ. ولاعنا لعائلته [آل الت أظلق على هذه الكرحة اسم اكد ). 
وبات ينظر بنظر إلى الجسم الغالب الأعم من المسلمين على أنهم ضَلال لرفضهم 
قيادة علي». في حين أن قلّة باقية هي من تمسّكت بالرؤية الأصليّة. عغياذ “بعد 
جيل , نضجت أوسع المضامين المستنبطة من هذا الولاء في القلّة الباقية من 
القيفة السدلمين وعن :نشافية: تطالبيه بالف اله لاقيف ةالص ل تدصر 
على اقفنة قد ريل تعفد إلى كر ليها لانف الأسريء عملت مضانيني 
ها أن الهاة كر( ند البضاء التكدية الخصية ايها بر المعاقتريقاء 
وجميع نطاق الاهتمامات الإسلاميّة. في الوقت نفسهء فإنْ التجربة المحفزة 
والملحّة لصياغة نوع من الوحدة بين المجتمع المسلم؛ على الرغم من 
الضغوطات الحزبيّة للشيعة» قد أنتجت ولاءً من نوع آخرء وهو الولاء 
الجن وهو ولاء لمجتمع المسلمين كما تشكل تاريخياً؛ بغضٌ النظر عن كل 
أخطائه. وقد كان لهذا الولاء قا مضامينه السائدة وآثاره الواسعة» والتي 
لوقيف هال 'إذد جوائزائك مولز ليق السيلمية اليه : 

وهكذا ميراي الرصيحة عاد به تقليدان فرعيان اثنان» ووضعيتان 
رماس السرار” سوحن كن منييا طباعة مشابين متم الإسادم 
الأصلىّ بطرائق مختلفة ومتعارضة. وقد بدأ كل حوار ثانوي منهماء مثلما 
حصل مع الإسلام نفسه. من نقطة خلاقة: فداخل كل تقليدٍ منهما واكم النظر 
إما إلى موقف علي البطل [عند الشيعة] أو إلى موقف الأآمة والمجتمع الأعم 
[عند السئّة]ء على أنه موقف يحظى بتوجيه إلهيّ أو وحياني (وإن لم يكن على 
نفس مستوى القرآن بالطبع). وكما نرى في خريطة توزيع الشيعة» فإِنَ هذين 


دحل 


التقليدين المتعارضين قد استمرًا إلى وقتنا الحاضر. (في أيامنا هذهء فإن أكثر 
من ربع» وربما ثلث» المسلمين في الأراضي المركزيّة من «الإسلام القديم' 
من النيل إلى جيحول» هم من الشيعة. أما البقية في الاراضي العركر د 
إضافة إلى معظم المسلمين في الأراضي البعيدة عن المركز ‏ فهم من السنة 
بالأساس» والذين يُشْكُلون تسعة أعشار المسلمين في العالم بالعموم). 


تنوع الإسلام فى شبكة التاريخ العام 
ضح أن التقليد املاس قد برو وفْق نري ' الذاتيّة لا 0 كان 


بين الشعوب الثي دخلت في الإسلام. لا يُمكن لأيّ تقليد أن ينعزل تماماً 
عن التقاليد الأخرى الحاضرة فى السياق الاجتماعى ذاته. (يمكن تعريف 
القافة على انها مرت ره النقالنة المهد الوا لمسديدة على عفدا 
البعض). ومن المرجّح دوماً أن يكون للحدث الخلاق في أي مجال من 
مجالات الحياة نتائج وتأثيرات تُلقي بظلالها على العديد من المجالات 
الأخرى. في الواقع. فإِنْ التفاعل والحوار في الوضعيّة الدينيّة أو الفنيّة أو 
السياسيّة أو العلميّة متداخل ومتشابكء إذ إِنْ المشكلات المهمّة التي تُطرح 
في المجتمع ليست في الغالب مشكلات تقنية تقنيّة يمكن لنوع واحد من التقاليد 
أن يتناولها ويتعامل معها. إن انقسام الإسلام إلى مجموعة من التقاليد 
الثانويّة/ الفرعيّة ‏ حتى حين يضمر هذا الانقسام حالة من العداء المتبادل. 
كتلك القائمة بين السئة والشيعة ‏ لا يعنى أنْ هذه التقاليد الفرعيّة حصريّة 
الطابع ؛ كدير ا ا داك الم هين :دك ليا لاون :ناوسنل رع ا 
بأخرى» في كلا التقليدين الفرعيين في آنِ معاً. كما أن الناس لم يتوقّفواء 
حتى مع دخولهم إلى الإسلام» عن المشاركة والانخراط في التقاليد 
الحاضرة الأخرى التي تصوغ حياتهم» باستثناء الحالات القليلة التي يكون 
فيها الالتزام بهذه التقاليد وتنا وكا كماما وغير قابل للتوفيق مع التزامهم 
كمسلمين» كما هي الحال في بعض جوانب التقاليد الدينيّة الأخرى. 00 
كلّها. أما فيما عدا ذلك. فقد وجد الإسلام نفسه في بيئة ثقافيّة حيويّة 
ومتعددة. وفقط عبر دخول الإسلام في هذه الحوارات الأخرى. أمكن له أن 
يصبح ذا أهميّة كبرى للحياة الثقافيّة بالعموم. 


١1 


لحلا 


١ بلدان‎ 


زكتلة 


الأفرو 





أوراسية, ل 


إن التقاليد الفنيّة» التي رعاها المسلمون في البداية» ثم شاركوا فيهاء 
هى تقاليد انطلقت فى الأزمنة ما قبل الإسلاميّة. وبقدر ما وصل المسلمون 
(تدرسا) الى رقيات نظو ووو خاضة تتجا» عضن الساضر فى هذه القاليد 
- وهي رؤى ناشئة عن وضعيتهم الاجتماعية الخاصة ة أكثر مما هي ناشئة عن 
التأثير المباشر للإسلام ‏ بقدر ما أصبحت التطورات المستمرّة لتلك التقاليد 
تقدّم سمات وخصائص يُمكن أن توصف بأنها إسلاميّة. والآمر نفسه صحيح 
فيما يتعلق بالتقاليد العلميّة والفلسفيّة» وتقاليد التجارة والحرف والإدارة 
العافةورنا ,وحن فين كملق بهياة التقرق: وها رساف الزكاد» .ذاتها هاا كان 
حضور الإسلام يُستشعر تدريجيّاً من خلال استكشاف المسلمين لمسائل ذات 
صلة بهم ضمن الوضعيّة التي تقدّمها التقاليد الأخرى المختلفة. 


إِنَّ مثل هذا الفرق والاختلاف, الذي كثيراً ما تلاحظه بين الإسلام في 
البيئات ذات الغالبيّة المسلمة (كالحال في الجلون: لحري والإسلام في 
البيئات التي يكون فيها المسلمون أقليّة (كالحال في الهند)» ليس إذاً مسألة 
كعلق يملق كون السسلمن ستلميع انفلا :ولا تمك عفرا هذا لأغطلةك 
إلى اختلاف بين الأعراف القديمة والوعي المفروض من الخارج» كما يحلو 
لأحد المسلمين الهنود أن يصوّر الأمر؛ أو إلى الفرق بين سيادة الذات 
الطبيعيّة ومواكبة العصرء كما يرى بعض العرب المسلمين؛ بل هو أيضاً 
اختلافٌ بين استجابتين متساويتين في أصالتهما للتحدّي الروحي الكلي الذي 
خمله العوان الآنبلاض ونيظ بيقن التاتفيع دلقي بالسامون اليثره 
على سبيل المثال» سيقرؤون بعض كتب المسلمين الهنود الآخرين» والتى 
جلك تن لبود كلاك'البيت نه الكشاضنة القن خا عورا معينا وجا تهنا 
وسيستجيبون» بشكل إيجابي أو سلبي» للتجارب الإبداعية التي قدمها هؤلاء 
الكتّاب». وبالمئل» كان للعرب المسلمين حواراتهم ونقاشاتهم الفرعيّة مع 
المشكلات العربيّة والاستجابات المَقدُمة لها. 


حين ننظر إلى الإسلام تاريخيّاًء فإنّ الوحدة المتكاملة للحياة التى تبدو 
لنا » للوهلة الأولى. كأنها تعبير ونتيجة عن فعل الإسلام [التسليم]ء تختمي من 
أمام أعيننا . ففي مثل هذه الحوارات المتجدّدة أبداًء والتي دارت في وضعيات 


ا ل كر 1 ألا ار انكر لي امم الحدوت 


١66 


دوم يقول الشيء الفلانيّ» أو بأن فكرة ة ما هي تشويه أو تحريف للإسلام . قد 

يشعر المؤمن بأنه تاذ على طلا تيال بدو ا حكامة ولكنٌّ للك 0 بيصت لي 

حقٌ المؤرخ. فصحيحٌ أن الإسلام يُمكن أن يُشكل. ؛ ضمن فترة زمنيّة محذدة» 
وفي بيئة محدودة» نمطا محدّداً وثابتا نسيياً لا يُمكن انتهاكه ؛ ولكن. ف لاود 
المُدد الزمنيّة» ومع الامتداد العالميّ الشاسعء يُمكننا أن ننظر إلى أي صيغة 
مخصوصة من الأفكار والممارسات على أنّها نتيجة تشهد على كيف يُمكن 
ارمح اا ار و امير سم ا رديت أن تنعكس في الظروف 


مسارم إ لكل ار ل .د س(/7) 


بل لا يمكن عزو الضغوط المستمرة ‏ التي دفعت نحو نوع من الوحدة 
بين المسلمين في كل مكان ‏ إلى الإسلام في حدّ ذاته على نحو حتمئّ؛ فقد 
نبعت هذه لتر ا التي تامتاني 0 مختلفة. ابين التقليد 


العربيّة الأولى: كان التتعوويان الرؤية القرآنيّة تتطلب نوع من الوحدة بين 
الفِرَق الحربيّة للمؤمنين يعبّر عن نفسه في الحاجة إلى وجود سلطة علا واحدة 
بينهم . الخليفة الذي يقود صَلاتَهم ومعاركهم. لم يتم التخلي أبداً عن مفهوم 
اللخليقة#:.ولكنه لاحقا - حين بات معظم المسلمين تجاراً أو حرفيين أو 
مزارعين - أصبح مندمجاً في المفهوم القديم عن المُحكّم الملكي النزيه/ غير 
المنتفع بين الطبقات المختلفة في المجتمع المستقر. في نهاية المطاف» أمكن 
للمسلمين أن يغترفوا بأكثر من خليفة في الوقت نفسه. ففي ذلك الوقت. بات 
المسلمون يمتّلون عدداً كبيراً من التقاليد الثقافية المختلفة. بناءً على ذلك» فقد 
وجد أولئك الذين يُركزون على تحقيق الرؤية القرانيّة بأنْ من الضروريٌ 


(0) لا شك بأنّ عدداً معتبراً من العلماء» والمسلمين أيضاًء لن يكونوا سعداء بالتقييدات التي 
أحيطت بها فكرة وجود أي إسلام أزلي حقّ. فمن الشائع عند العلماء التمييز بين صيغ «حقّة) أو 
يطاس اناده م بين الاشكال المكيلفه الي الدج الوعن الإسادمي؟ وقد يستعملون صيغة 
الأرئوذكسى» أو غيرها من المقولات التى تستبطن»؛ صراحة أو ضمناًء هذا التمييز. لا شك بأنَ ثمّة 
درجة من الصلاحيّة لهذه الاستعمالات» ولكنّ ذلك يجب أن يتم بحذر شديد. فالمسالة تدرحة قيرة 
مسألة تعريفات. لقد استعملت لفظة «الإسلام» بطريقة تبدو لي أكثر أصالة في استجابتها للاستعمال 
ل ا وفي هذا الصددء يُمكن أن يكون هناك اتفاق عملي على مستوى النظريّة 
العالميّة. ربما يجب أن يفهم استعمالي على أنه استعمال «تاريخي»»؛ في مقابل الاستعمالات «المثالية» 
و«الميتا فيزيقيّة» . 


١05 


المطالبة بنوع جديد من الوحدة: وحدة في الأعراف التي تحكم العلاقات 
الاجتماعيّة» والتي يُمكن أن يتأسّس المجتمع العادلمناة عليها لأحقاء 
وتحت التأثير المدمّر للأزمنة الحديثة» ظهر نوع ثالث من الدعوة للوحدة. فقد 
عبّرت التطلّعات نحو «الوحدة الإسلاميّة؛ عن أمل الشعوب المسلمة المختلفة 
والتي وجدت نفسها في حالة خضوع للغرب الحديثء في التعاون السياسي 
فى مصالحها المشتركة» بغضّ النظر عن الاختلافات الثقافيّة فيما بينها . 


ما هو الإسلام إذا؟ هل يُمكننا أن ندرسه ككل ذي معنى؟ ل 
أكثر من اسم لنوع من الأمل ولبعض الرموز المشتركة؟ من الواضح أن 
الجواب هو: نعم؛ ولكن فقط بالمعنى الذي يجعل أيّ تقليد ثقافي؛ على 
الرغم من التناقضات التي يحملها داخله؛ كلا واحداً. فمهما تنوّع التقليد في 
تطوّره» ومهما كان تطوّره متسا فكسارعا ومضطراء فإن التقليد لا يفكن أن :سلك 
جميع المسالك أو ينتهج جميع الآراء والممارسات من دون تمييز. . إنه يفرض 
حدوده لماكل عا بجر سيت على الرح م الوتجاة مبباغنها مسقا ٠‏ إن 
النقاش داخل المجموعة». بل وأيّ قافن ل لمكن أن يحصل إذا وضع كل 
شيء قيد المساءلة دفعة واحدة. فالرؤى والتبصّرات الجديدة لا تأتي وتتضح 
إلا في ضوء الرؤى والأفكار السابقة» التي ل بمثابة 
0 الماك بهاء أو تكونء فى أقصى الأحوال» غرضة لانزياح طفيف 
5 فى المنظور. وهذا صحيح في أي عن ف أفراء التفاعل: فالابتكار لا ا 
انام افتراض ثبات بعض النقاط السابقة. في جميع الأزمنة» يمكن 
ضمان وجود حدٌ أدنى من التكامليّة والوحدة الثقافية من خلال سمات 
الوضعية الثقافيّة» التي يُسلّم بها جميع الناس» بمن فيهم الرجال”*' الذ 


(*) يدرج المؤلف على استعمال لفظة «الرجال» في سياقات يصح استعمال لفظة «البشر» فيها 
وقد يكون هذا مدعاة لنقد نسويّ مشروع.ء إلا أن علينا التحلي بشيء ع التجرو قن [ميذا ريمعلا 
حكمء لعدّة أسباب؛ أوّلهاء أنْ هودجسون يستعمل اللفظة في سياق الفعل الاجتماعي» بينما يعمد إلى 
استعمال ألفاظ محايدة جندريًاً في السياقات الأكثر فرديّة» وهذا قد يصمّ على مستوى الوصف 
التاريخي لما حدث. إذ إِنْ الرجال كانوا في الغالب هم الجنس الفاعل في تشكيل المجتمع في مجالاته 
العموميّة. والوصفٌ لا يقتضي التبرير والموافقة. ثانيهاء أنْ التطهير (والبسترة) للغة ومكافحة الذكوريّة 
في النصوص ليست هي مناط الموقف من المرأة (إن كان للمؤرّخ أن يتخذ موقفاً بهذه العموميّة) ؛ 
فعندما أنهى هودجسون عمله وحياته في ١974‏ وهي سنة حاسمة في هذا السباق + كان الوعن 
بانحيازات اللغة الجندريّة لا يزال قاصراً. وقد حافظتٌ على استعمالاته كما هي ولم أتصرّف حبَّى في - 


١ 1/ 


يسعون لتغيير كلّ شيء. مع مرور الأجيال؛ يُمكن أن تظهر الابتكارات في 
أيّ نقطة. ولكنء. طالما أن هنالك نوعاً من الالتزام المشترك بنقطة الانطلاق 
أوّلية يعترف بها و 05 هناك التزاماً تجاه الجسم الاجتماعي الذي 
يضم الأشخاص الذين مع المرء في هذا الاعتراف» فإِن الحوار 
سيحافظ على سمات وديا وراب اوس يا 1 
في وقتٍ من الأوقات. فبقدر كون الحوار مسألة تراكميّة (إذ إنّ على من 
يأتون متأخّرين أن يأخذوا بالاعتبار كُلَاً من نقطة الانطلاق ونقطة الحوار 
الآخيرة) فإن ثمة حاجة لوجوة امجموعة من المفردات المشتركة التي يتم 
كاك الأنكان هن عبلالها (آى الا شكال الفحتة أو السيادي الموسييسية او 
غيرها). والتي ستشمل وتعم جميع الأجيال المعنية. إن هذه التكامليّة في 
الحوار هي ما يمكن أن يقدّم إطاراً مفهوما وولعيها للدراسة التاريحية . 


وحدة الإسلام كتقليد دينى وحدودها 


يحكذا أن سريية مستويين» في كل منهما كان ثمّة استمراريّة فاعلة في 
الحوار بين المسلمين على مر القرون: مستوى الدين. ومستوى الحضارة. 
على طول هذا العمل» سنتعامل مع التقليد الديني ومع الحضارة أيضاء 
وعلينا هنا أن نوضّح باختصار ما نعنيه بالدين وبالحضارة» وأن نوضح نوع 
العلاقات القائمة بينهما . تظهر الاستمراريّة الثقافيّة بين المسلمين» أجلى ما 
تكون فى محر ا ا «الدين». فقد حافظ التقليد الديني الإسلامي» مع 
كل تنوّعاته وتشعباته» على درجة من الوحدة والتكاملية. بوضوح أكبر هما 
نواه كلا :قفن المتسحتة والوذتة. .ولكتنا سكيفت بان هذه الوخرة «الديدة بن 
السملفي: الصف لا تعبيراً عن حالة أوسع من الوحدة الثقافيّة. وهذه الوحدة 
الثقافيّة الأوسع تاريخيًا هى الأكثر أساسيّة ولا شك. 


لا بدّ أن نتعرّف أوَلاً على الوحدة الدينيّة؛ وسنجد أنّها عند المسلمين قد 
لتُعتبر فى بعض السياقات الأخرى غيرَ ذات صلة بالدين على الإطلاق'. فعلى 


- المواضع التى كانت دلالة «الرجل» فيها تعني الشخص (من دون أي تبعات جندريّة) أو كانت دلالة 
«الرجال» فيها تعني «الناس» بعامة (المترجم). 


١16 


أقل تقديرء يجب على جميع المسلمين أن يبقوا على صلةوٍ وتفاهم ما 
القرآن؛ وفي سبيل القيام بذلك فإن عليهمء إضافة إلى المشاركة في ل 
المشتركة [العربيّة هنا]» أن يشتركوا في مواجهة مجموعة من التحديات» ولو 
على نحو جزئي. . ومن ثمّء فإِنْ الطيف الواسع الذي يندرج تحت صفة 
(إسلامي» متصلّ برؤية جميع المضامين» الإيجابية والسلبية. للالتزام الشخصي 
بالأحداث المؤسّسّة والتحديات الت متلتها . ولما كان الح اين 

حتّى أكثرهم اختلافاً فيما بينهم» شيء مشترك يقرؤونه (ليس فقط القرآن» بل 
الأعمال اللاحقة لبعضهم البعض)» فقد حافظ التقليد في الواقع على وحدةٍ 
وتكامل يتجاوزان الحدّ الأدنى. نتيجة لذلك. فإِنْ جميع الأسئلة الجديّة حول 
هذا الالعراء وخر معاي بل وحول تطوره التاريخيّ. ستكون مترابطة 
ومتداخلة ؛ ولانيت إذا ف وراسة القلة غلين اكز والحدء 


كما رأينا سابقاً. فإِنْ هذا الالتزام الديني وهذا الحوار قد تغلغلا بعيداً ؛ 
فلم يقتصر حضورهما على زاوية ضيّقة من حياة الناس. منحصرة في لحظات 
خاصّة من الشعور بالتسامي أو باليأس؛ بل انتشر ١‏ وتخلعاة في الفاضيل اليحاء 
اليوميّة. وعلينا أن نراقب المدى الذي امتدًا إليه. إننا لا نستطيع اعتباطاً أن 
نفصل مجال «الدين» بالعموم ونمايزه مسبقاً. حتى لو منحناه نطاق تأثير 
وصلاحية واسعين؛ ومن ثم فلا يُمكننا أن نفترض بِأن هذا النوع أو ذاك من 
الأنشطة هو «ديني», وأنْ بقيّة الأنشطة الثقافيّة ليست كذلك . بالطبع. ٠‏ فإِنَ 39 
مجال «الدين» واختلافه فى الثقافات المختلفة يجعل استعمال مصطلح مشتر 
ندعوه «الديني» مُبرّراً فقط عبر استدعاء سلسلة من المعاني الواسعة المنبثقة عنه . 


في حياة الفردء يُمكننا أن نستعمل لفظة «دينى» بالمعنى الأكثر تحديداً 
(أي بمعنى «الروحاني»). لوصف توجّجهه الكوني النهائي. ولوصف الالتزامات 
والطرائق التي يوليها المرء انتباهه» على المستوى الشخصي أو في علاقته 
بالآخرين . ويمكننا أن نستعمل مصطلح «ديني» على نحو صحيح. للحديف 
أيضاً عن التوجه الأقتصى (وليس التوجه الفلسفي أو الأيديولوجي). بالقدر 
الذي يكون الالتزام الشخصي لهذا التوجّه والمعنى المترنّب عليه قائماً من جهة 
علاقته بنظا م الكونء من دون أي تدقيق وإحكام إضافي لما يُمكن أن تؤول إليه 
ذلك. في السياق الإسلاميء, فإنَ ذلك يعني اكور بالمُفارق والمُتعالي 
الكوني . ويمكننا أن نستعمل الكلمة [أي الديني]ء شعت أكثر صلابة» لوصف 


ل 


المساعي» العمليّة أو الرمزيّة. للتعالي على حدود النظام الطبيعي للحياة 
المرتية؛ أي إنها عبن تقوم على الأمل بنوع جديد من العالم «الفائق 
للطبيعة'؛ أو على الكفاح من أجل الوصول إلى ذلك” . ومن ثمء فإنَّ 
بإمكاننا أن نستعمل مصطلح «ديني» (إذا ما وسعنا دلالته بعض الشي 56 
لوصف التقاليد الثقافيّة التي تركز على مثل هذه الالتزامات الكونيّة : التقاليد 
المتراكمة للاستجابات الشخصيّة للامكانات المفترضة لتجاوز النظام الطبيعي 
والتعالي عليه. تنطلق هذه التقاليد من الأحداث التي يجدها الناس كاشفة 
وموحية بهذه الإمكانات. ولكن الاستعمال العام للمصطلح كثيراً ما يكون أكثر 
اتساعاً من ذلك أيضاً . فالحياة «الدينية» الفعلية للفرد لا تقوم بالضرورة على 
الالتزام الكوني الخلاق» بل تقوم على مشاركته في التقليد الديني كما وجد 
ا ذلك بحسب ما إذا كان الفرد مهتماً بالفعل بالدافع الروحي الأوّليء أو 
كان مرتبطأاً فقط بتلك الجوانب الثانويّة أو المساندة للالتزا م الروحي الأساسي 
للتقليد). من غير المجدي ولا المطلوب». للأغراض ا أن نديد أو 
نفصل بين هذه الاستعمالاات المختلفة. 


بناء على ذلك» فعلى الرغم من أن ما ندعوه التقاليد «الدينيّة» يدور 
ويتمركز حول هذه الالتزامات القصوى. إلا أنه من غير الممكن اختزالها ‏ بما 
هي تقاليد تاريخية فعلية ‏ إلى ذلك. فأيَا يكن الهم المشترك الذي يدور حوله 
الإسلام» فإنّه قد بات يتضمّن الكثير من الأمور إضافة إلى ذلك» وليس 
بالضرورة أن تكون هذه الأمور مستنبطة ومشتقّة من الاهتمام بالمتعالي 


(8) يُمكن المرءء لبعض الأغراضء أن يطبّق مصطلح «ديني» على كل تجربة خشوعيّة (ذات 
خشوع) (5نا0ظتسصتتاج) وعلى كل مفهوم للمفارق والمتعالي (153250620624) (المرتبط بها)» يتحول إلى 
توجه للحياة. ولكن. في التقاليد المختلفة الموجهة للحياة» بل وفي التقليد الواحد منهاء فإن التجربة 
الخشوعية (ذات الخشوع) تجاه المفارق يُمكن أن تؤدي أدواراً مختلفة» وقد تكون في بعض الأحيان 
غائبة عن اللحظات الأساسيّة. ولذلك. ولغرض تصنيف التقاليد (إن كان ذلك ضرورياً) فإنْ وضع 
تعريف |5ظ.عسومتة سبكون كفيذا عننا : يمكن للمرء ء أن يستعمل مصطلح «الديني» لوصف أي تجربة 
توجيهيّة للحياة ولوصف أي سلوك يركّزء بدرجة أو بأخرىء على دور المرء في البيئة التي يستشعرها 
بوصفها نظاماً كونياً (509:وم») . إن أي نظرة متطوّرة توجيهيّة للحياة» مهما كانت متوججهة نحو.الثقافة أو 
التاريخ أو مهما كانت تستبعد الاهتمام بالكون الطبيعي» تتعاملٌ مع حياة الفرد ولها تأويلٌ ما للكل 
الكوني. ولحنٌ مصطلح «ديني» لا يُمكن أن يُستعمل لوصف التجارب المركزيّة والسلوكات المرتبطة 
بالماركسيّة مثلا على خلاف البوذيّة «الإلحاديّة» مثلاً - حيث تؤدي العلاقة بين الفرد والنظام الكوني 
دوراً ضعيفا نسبياً . 


المفارق. وبوصفه تقليداً تاريخياء يجب أن يُنظر إلى الإسلام على نحو 
متكامل وفقاً لشروطه الخاصّة» بوصفه مكوّناً من كل هذه الأشياء المختلفة. 
إن ما يجعلنا نطلق على التقليد الإسلامي صفة ا(ديني؟» 2 وعلى المشاركة فيه 
وصفت «سلوك ديني». لا يرجع إلى أن الإسلام يعتنق مجالاً ثقافيًا 0000 
بل يرجع إلى أنه في المجاات التى يعتندها رح كر ادي كاه 
ا المتعالي . اوباتجاء لو الكوني. ارا مرك . وحتى حين نتصوّره 
بالضرورة في السعي نحو المفارق : أي في فعل الإسلام [التسليم] الشخصي 
مثلاً. فقد يكون تعظيم المرء لتراثه الديني فعلاً دينيّاً مثلآً ‏ الإسلام في هذا 
السياق ‏ وكذلك الحط من التراثات الأخرى؛ ولكنّ ذلك لا يشير بالضرورة 
قد يكون الإسلام قد تطوّر ونما أبلغ نمو لأسباب اجتماعية وفكريةء على يد 
أولئك الذين لم يحظوا إلا بالقليل من مثل هذه التجارب الدينيّة . (علينا أيضا 
أن نكون مستعدين للاعتراف بقيمة المعايير التي تنتمي إلى جميع التقاليد 
الفرعيّة التي طوّرت الإسلام بأشكال مختلفة: أي بجميع المواقف المتعارضة 
التي كانت تمثل «الإسلام» بالنسبة إلى إحدى مجموعات المسلمين) . 


سيجد القارئ بأن الإسلام. أكثر من المسيحيّة. يدعو إلى إقامة نمط 
اجتماعي شامل باسم الدين نفسه. 0 ال 
الكبرى من هذا النوع قانعاً ومكتفياً بأفعال العبادة التي ثُقام في مناسبات 
معيّنة في الأبنية المكرّسة [للعبادة]؛ بل كانت جميعها تأملٍ في تشكيل 
مواقف الحياة اليوميّة للرجال والنساء وصياغة تصرفاتهم. ا فإنْ جميع 
الولاءات الدينيّة كانت مُطالبَةٌ بالنفاذ إلى جميع جوانب الحياة» إلى الحدّ 
الذي يمكن معه معه للجسم الديني أن يشكل مجتمعاً كاملاًء وأن يشكل طريقة 
عيشه وثقافته المكتفية بنفسها . ولكنْ الإسلام على وجه الخصوص كان أكدر 
نزوعاً لتقديم مثل هذه المطالبة الشاملة في الحياة. فقد نجح المسلمون في 
وقت مبكرء في العديد من المجالاات - وليس فقط العبادات العموميّة.» بل 
مجالات مثل القانون المدني. والتعليم التاريخي أو الآداب الاجتماعية - في 
إقامة أنماط متميّزة قابلة لأن يتمّ تعريفها بالتماهي مع الإسلام كدين. 


١١ 


ولكن. ؛ حتى الإسلام لا يُمكن أن يكون شاملا بالكلية. . فحتى في هذه 
المجالات المفضلة» نادراً ما استأثرت الأنماط الإسلاميّة الخاصّة بالانتشار 
وحدها على نحو حصري؛ وفي العديد من المجالات الأخرى. مثل التجارة 
والشعر. ٠‏ كان على الدين المُحكم أن يقنع بوضع مجموعة من الحدود التي 
على التجار والشعراء ألا يتجاوزوها. وإلاء فإِنّ هذه الجوانب من الثقافة 
كانت لتنموء باستقلال تام عن أيّ ولاء دينيّ. . إذا فقد كان يتم الحفاظ على 
ما هو الدين. وما هو الإسلام نا 0 هامر ا وص بوعي. بأشكال 
متنوّعة» عن الثقافة الكلية للمجتمع المسلم. . وحتى في حياة أكثر الريفال 
تقوى» كان هناك العديد من الأمور التي لا نستطيع أن نصفها بأنها دينية. 


إن للحياة الثقافيّة الأوسع للمسلمين» حضارتهم» تكاملها التاريخي 
الخاصء والذي يتجاوز كونه مجرد امتدادٍ للوحدة الدينيّة المخصوصة 
للمسلمين. بالطبع؛ ٠‏ فإِنْ هذا المرككب الثقافي الأوسم يشمل الحياة الدينيّة 
إنما بوصفها أحد وجوهه. وإن كان هذا الوجة مركزياً ؛ ذلك أنه قد تشكلت 
حول التقليد الديني الإسلامي الفعلي؛ تاز يام ثقافة شايل: ١[‏ تسم هما 
هو «ديني»» حتى وإن كانت سل بالمجال الواسع الذي يطالب به الإسلام 
بما هو دين. ٠‏ لم يواجه المسلمون فقط 0 القراني وما يستتبعه. بل 
واجهوا أيضاً سلسلة من الأحداث التاريخيّة والمشكلات التي تشمل كل 
مجالات الحياة. في الأزمنة الإسلاميّة» كانت الفنون والعلوم عند المسلمين 
الترك والفرس على سبيل المثال» أو بين المسلمين في مصر والهند. متداخلة 
ومتبادلة الاعتماد على نحو لاقت وعلاوة على ذلك. كانت العلوم والفنون 
الحاضرة بينهم متمايزة بوضوح عن نظيراتها الموجودة خارج أراضي 
المسلمين ونطاقهاء حتّى عندما كانت تتحدّى القناعات الدينيّة للمسلمين 
الأكثر تقوى. إضافة إلى ذلكء بما أن التقاليد الثقافيّة» التي تشكل مُجتمعة 
الحضارةً المرتبطة بالمسلمين» لم تكن تعتمدء بشكل مباشر إلا قليلآء على 
التقليد الإسلامي في حدٌّ ذاته» فإنها لم تكن بأيّ معنى مقصورة على 
المسلمين؛ إذ يجب 0 بدور العديد من غير المسلمين - المسحيون 
واليهود والهندوس وغيرهم - لا بوصفهم قد عاشوا اجتماعيا ضمن مجال 
الثقافة الإسلاميّة وحسبء. بل بوصفهم مشاركين مكمّلين ومساهمين فيها. 
وبوصفهم منخرطين انخراطاً فاعلاً في العديد من حواراتها الثقافيّة. في 


حي 


الوقت نفسهء فإنَّ بعض المجموعات المسلمة المتحمّسة لدينها (في الصين 
على يبيل المغال) له جائر ثقافتاً إلا تائراً محدوداً بهذا المركب الثقافى:.. إن 
تلاق الحضارة التاريحية إذا لس مايرا عن الديق كمجال: نشاط وحسيب: 
بل إنه غير متساوٍ معه في الامتداد الزماني والمكاني» ولا في الشعوب 
الداخلة فيه. إذاّء لدينا هنا في المرتبة الكائية مستورى كد ممولية وعمومية 
يُمكن من خلاله للتقاليد الثقافيّة لمسلمين أن تشكّل كلاً مترابطاً يصلح كمادّة 


للدراسة فى حد ذاته. 

لآ شتديان هد المستوى الأوسع من التكامليّة قد تأثر تانر مين 
بالمستوي 00 خاصة 5 1 لا لآنه 0 له باه دتسيين 
الحضارة. بخاصّة في فداك الثقافة العلياء 0 هي ما يمنح للحضارة 
تعرينهابالفكى اقول للكلمة. 


الحضارة كتعبير عن المثل/ القيم التكوينيّة 

فى هذا العمل. بو عسل عن الأعمال الفنية الكبرى» وعن سياسات 
الماك لا كالسا كم جوضن العيقورا كه الادوكة دن لتقيو فاك املح اكد مها 
سنتحدّث عن الحياة اليوميّة في المزرعة أو المطبخ . ومن ثمٌ فإننا سنشمل في 
نطاق حديثنا تلك الشعوب»ء التي ساهم , بعض أفرادها من ذوي الامتيازات في 
تلك الأعمال الكبرى والكشوفات». على الرغم من مدى الاختلااف الشاسع 
بين هذه الشعوب فى إطارات عملها أو فى طرائق تدبيرها المنزلى. قد يبدو 
في ذلك نو من التمضيل بوالاتحياق .لعا يعضف بالحظمة.والفخامة».:ولكني 
أعتقد بأن ذلك استجابة مشروعة للحاجة الإنسانيّة لفهم أنفسنا. على أيّة 

حال علينا أن نكون واضحين بشأن ما نفعله وبشأن النتائج المترتّبة عليه . 
لا شك بأن الثقافة الواسعة المرتبطة بالإسلام لم تكن متجانسة» بل 
عامرة بالاختلافات مثل غيرها من الثقافات» وذلك بحكم أنها مجموع لعدد 
من الثقافات». أو على الأقل مجموع لبعض جوانبها. إن الشعوب المعنيّة, 
التي عاشت ازدهارها منذ زمن محمد في القرن ده إلى اليوم. تمتد على 
طول نصف الكرة الأرضيّة الشرقىّ؛ ومن ثم فإنها متنوّعة في لغتهاء وفي 
مناخهاء وفي وضعها التاريخيء وفي أنماطها الثقافيّة القوميّة. إن هذا 


ريل 


الشر كيت الثقافي هو ما ستيه (اللحفار 1 وهي تجمع واسع وكام نه] من 
الثقافات المتداخلة. ولكنّ هذه الثقافات على اختلافها تشترك في تقاليد 
متراكمة على صورة ثقافة عليا في المستوى الحضري والكتابي/ العالم؛ ؛ وهي 
ثقافة علينا أن نتعامل معهاء ٠»‏ مثلما هي الحال في ثقافات أوروبا والهند 
التاريخيّة» ككل ثقافي واحد. لقد تنوّعت هذه المجموعات من الشعوب 
بشكل هائل. ولكنها في الوقت نفسه كانت تشترك في حمل تجارب ثقافيّة 
وتاريخيّة تتمايز عن نظيراتها لدى الشعوب البعيدة تمايزاً حاسماً. وهي في 
ذلك لا تختلف عن اشتراك الشعوب الهنديّة المختلفة في الاعتزاز بالتقاليد 
الستسكريتية + :واغتواز الاورويين التقليد الأخريقي . اللامني في حقل 
00 الأثود - أودا حن ما تل المسيتم وجد لم 0 


كنّهاء ولكنها بالعموم | كانت تهيمرن على الثقافات الأكثر محلة. " 


هناك العديد من الطرق للتجمّع في «حضارات»» والتي ىف الواقع 
سلسلة لانهائيّة ومتداخلة من الحيوات الثقافيّة المحليّة. إِنْ علينا معرفة 
مبررات الاختيار الذي نقوم به. أحياناً قد يقوم المرء بتركيبات بديلة بما 
يتلاءم مع المسائل التي تعنيه. وهكذا يمكن النظر إلى الحضارة التي وخدت 
الأراضي الممتدّة من النيل إلى جيحون في الحقبة الإسلاميّة لبعض 
الأغراضء لا على أنها جسم ثقافي مستقل» بل على أنها الطور الأخير في 
الابعدرارتة الطويلة الأمة للحفارة الأيرانثةاح الشافئة الممتدة مدل زمن 
السومريين القدامى. ومن ثم يُمكن كذلك اعتبار التقاليد الثقافيّة المرتبطة 
بالإسلام في الهند جزءاً من حضارة هنديّة مستمرّة هي الأخرى» وهو جزءٌ 
يزيدها تعقيداً ويربطها بمنطقة ما بين النيل وجيحون ولكنها تبقى محدودة 
بإقليمها. يظهر ذلك بوضوح كافي على مستوى الحياة اليوميّة. ولكن» حتى 
على مستوى الثقافة العلياء كان الإيمان الإسلامي جزءاً من تقليد أطول؛ إذ 
إننى أرى على وجه الخصوص بأنْ الأحداث الخلاقة التي أسّست الإسلام 
هي نفسها جزء من التقليد التوحيدي الجاري والمستمر. وقد أخذت مكانها 
فى الوضعية التي تشكلت عبر الحوار الذي دار على إثر المضامين والنتائج 
التي قدمتها الكشوفات النبوية العيرات القديمة؛ وقد شككلت [أي الأحداث 
الخلاقة التي أسست الإسلام] استجابة للتحديات التي تمظهرت تاريخياً في 


>» 


الحوار عند هذه المرحلة التي انطلق منها محمّد. استمرّت ذات الالتزامات 
التوحيديّة الأساسيّة داخل الحوار الإسلامي» على الرغم من أن نوع ع الولاء 
الذي قدّمته كان جديداً. والأمر صحيحٌ أيضاً فيما يتعلق بالعديد من وجوه 
الثقافة العليا وجوانبها الأخرى. على الرغم من استعمالها للغات جديدة. 


إذكان اموه يع دك واع أو لاواع» بالتطوّر الاجتماعي - 
الاقتصادي المؤسساتي» نخافّة النطزر المتعلق بالوهدات: الاجتماعية الأكثر 
محليّة» فإِنْ مثل هذه التجمّعات المناطقيّة ستقدم له النطاق الأكثر وضوحاً 
عق للدراسة (فالتجمع على أساس المنطقة ام في حدٌ ذاته» عدداً 
من البدائل: على سبيل المثال» ل من التمييز بين أوروبا من جهة و«الشرق 
الأوسط» (من النيل إلى جيحون) من حم ارافان الهو قحف 3 
بخاصّة في بعض المراحل؛ منطقة حوض البحر الأبيض المتوسّط عن 
النتطفة الينيى كزه حول اليضينة الأبرالقة), أماة إذا كان المرء مهعم 2 
بالالتزامات الواعية للبشر وبأفعالهم العموميّة في ضوء هذه الالتزامات» كما 
يفعل المؤرّخ التقليدي, فإنَ التجمّع على أساس تقاليد الثقافة العليا سيكون 
أكثر صلة باهتمامه من التجمّع على أساس المناطق الاجتماعيّة - الاقتصادية. 

خين اتكديف عن التحضاراث العحظينة» فإننا تعن قبل قر شى د ترانا 
العسانا 22 فقلريرة بوعى وب الذويحة الكانية قلا م تعن موه اليب 
الشعبيّة أو المعطيات السوسيولوجيّة الخام). في دراسة أي ثقافة» فإن 
للجوانب الفكريّة والاقتصاديّة والفنيّة والاجتماعيّة والسياسيّة أدوارها بالطبع؛ 
ولا بد من أخذ كل من طبقات الحكمء والفلاحين» وفناني المدينة وحرفييها. 
ومجموعات المتسوّلينء بالاعتبار فى أثناء تفسير الحضارة. ولكن اهتمامنا 
الأوّلء ونحن ننكبٌ على دراسة حضارة معيّنة» ينصبٌ على جوانب الثقافة 
الأكثر تمييزاً لها؛ أي تلك الجوانب التي كانت أكثر أهميّة إنسانياً ضمن تنويعة 
(«هننهفءة) المجال المكاني والزماني لهاء والتي تميّزها وتجعلها مختلفة عن 
الأشكال الأخرى من الثقافة. خلال معظم فترات التاريخ» كان ذلك يعني 
الحياة الفنيّة والفلسفيّة والعلميّة» والمؤسسات الدينيّة والسياسيّة» وبالعموم كل 
الأتفطة الأكتر تفي **" .لدي السكان الأكز نيديا وقفقينا ‏ :وصادة ها تمكينا 


(*) يستعمل هودجسون لفظة اتخيلي © في مواضع كثيرة من الكتاب كمقابل لمادي» - 


"6 


تمييز الحضارات الكبرى عن بعضها البعض من ناحية هذه الجوانب من 
الثقافة. وعلى المدى البعيدء فإن هذه الجوانب يُمكن أن تكون حاسمة 
التأثيرء حتى بالنسبة إن العسين العاديين الذون ناذرا ها مكووون واعين لها. 

إن لهذه الحقيقة صلة خاصّة في حالة المسلمين. فقد كان الإسلام في كل 
مكان وصل إليه يدخل ضمن المركبات الثقافيّة المحليّة التي تحملها 
المجموعات الإثنية المحلية. ؛ كتقليد واحد من بين مركب من التقاليد المتداخلة 
وعد موي بلحو سي وانوي 


0-8 


ادر يه الحم ا اطع عن اندها و المستوى. فهذه الثقافة الأوسع 
كانت تمرٌ بالأساس عبر «الثقافة العليا» وليس عبر الثقاقة الشهيبةة اق عبر 
المستوى الحضري العالم. وبشكل أكثر تحديداً على مستوى الدوائر المثقّفة 
المنتفعة من عوائد الأراضي» والمشاركة في المؤسسات واسعة النطاق التى 
تمرض النظام الاجتماعي على مستوى أوسع من مستوى وحدة العائلة 
والقرية"'. إِنّ هذه الثقافة ‏ التي تتضمّن بالطبع عناصرها الدينيّة. هي ما 
سندرسه في هذا العمل . بهذا المعنى ستعرّف الحضارة على أنها استمرار 
للتقاليد الكتابيّة/ العالمة: أي للأدب ممدهوءه)نل'*' بأوسع المعاني المتضمّنة في 


- ومن ثم فإنَ الأنشطة التخيّليّة هي الأنشطة الأكثر رمزيّة ومعنويّة. والتئ تشمل أشكال الثقافة العليا من 
المنون والابتكارات العلمية والفلسفية. وهي كلها لآ تنتمي إلى مقتضيات المصالح المعيشية والمادية 
المباشرة (المترجم). 


() .20 ,30 .701 ,اءةطء12 أهءةع 5010/0 انمء 477161 * “,5131115 220 ,01061 ,202د قطن" ' ,وأتطذ 210جل1آ 
.199-03 .مم ,(1965 21م 4) 2 


يشير إدوارد شيلز في مقالته إلى الكيفية التي تعتمد بها الثقافة العليا (التي تمثل عنده «نظام القيمة 
المركزية») على الكاريزما المنسوبة إليهاء لأنها تمثّل نظاماً اجتماعيًاً شاملا يُنظرٌ إليه بوصفه عادلاً . 

(*) إن دلالات (56ناهمء]11) متشعبة وغير متكافئة مع دلالات الألفاظ العربيّة التي يمكن ترجمتها 
إليهاء ذلك أن الأصول التي تفرّعت عنها معاني اللفظتين في العربيّة والإنكليزية/ اللاتينية مختلفة . فهي 
في اشتقاقها اللاتيني الأصلي 1 7 تشير إلى كل ما هو مكتوب. ومن ثم م فإنها في بعض صيغها 
الصرفية الحديثة 09ه5عاذا تعني معرفة القراءة والكتابة» ولكنّ معرفة الكتابة مقترنة بالضرورة بدرجة من 
الثقافة والتعلّمء ومنها تُستعمل صفة 116536 لوصف الإنسان المتعلّم الذي له حظ من الثقافة» ولذلك 
أترجم (60:ه]؟1) أحياناً بتركيب مزدوج «كتابي/ عالم» للدلالة على هذا المركب. وقد تطوّرت دلالة 
الأدب 1636 في الإنكليزية. مع انتشارٍ الكتابة» للدلالة على رع حاذق ورفيع من الكتابة. أ 
الكتابة التي تحمل قيمة «أدبيّة» فنيًّا أو فكرياء ومنها يأتي استعمال تعبير مثل «الأدبيات العلميّة» وما 
شاكل ذلك. بل إِنْ دلالة الأدب 1)68:6! قد باتت تشمل أنواعاً غير كتابية من الأدب» مثل الأدب - 


اليل 


حقلناء د الحضارة المرتبطة مامد ل 0 
فقط ‏ أي مثلاً عبر ثقافة «الشرق الأوسط». إذا قبلنا بالمصطلح بوجه من 
اجو وا نما عي لخظوظ تظوو تقا ليد الثقاقة: العليا» اندها قفاوا :د لف5777 


الشفوي . أما لفظة «الأدب» العربيّة فدلالتها الأصليّة ترتبط بمعنى التهذيب ودماثة الخلق ولين الجانب 


(في الشعر الجاهلي : الآدب هو الداعي إل الطعام. ولا يزال هذا المعنى في لفظة «مأدية»). والأديب 
هو السموح. حسن العشرة)» ثم تمتذ إلى دلالة التعليم كما في قول النبيّ «أدّبني ربي فأحسن تأديبي) 
لما قيل له: «يارسول الله نحن بنو أب واحد»ء نراك تكلم وفوذ العرب»يما لا نفهم أكثره» ؛ فاقترن إذاً 

معنى التعليم بالتهذيب في هذه اللفظة . في العصر الأموي. بات الأدباء طبقة اجتماعية من «مؤذبي) 
أبناء الخلفاء والسادة. فصار الأدب يشمل جملةٌ من العلوم (المتمايزة عن علوم الشريعة) التي تستلزمها 
0 البلاط انذاك : : طرائق العرب وأشعارهم وأخبار الملوك وأساليب الحكم. إضافة إلى مجموعة 

من الحكم سارك الك مدل يعدن السبديك (ومنه كتاب ابن المقفع «الأدب الكبير والأدب 
0 ولم تستقل تستقل دلالة «الأدب» بما هو جنس رفيعٌ من من الكلام (شعرا ونثرا) إلا في العصر العباسي 
(ومنه قول المتنبي الشهيةة أن الذي نظر الأعمى إلن أدبي) . وبهذه الدلالة تنتظم موضوعات كتاب 
المُبرّد «الكامل في اللغة والأدب"» . على أن استقلال دلالة الأدب بهذا المعنى لم يقطع وشائجها مع 
دلالة التهذيب والتأديب» ولذلك شواهدٌ يقصر المقام عنها . وقد رأيتٌ لما تفرّعت التصريفات و 
من لفظة الأدب 1611 في الكنات أن أوضح للقارئ رحلة هذه اللفظة . وسيناقش المؤلت شيئاً من 
ذلك في مواضع متفرّقة من الكتاب الثاني . 

حول تطوّر لفظة الأدب في العربية» انظر: شوقي ضيف. تاريخ الأدب العربي: العصر الجاهلي. 
ط 14 (القاهرة: دار المعارف» [د. ت.])» ص7 ٠١‏ (المترجم) . 

)٠١ 20‏ لقد تمّت مناقشة الأسئلة المتصلة بسؤال : ما هي الحضارة التي نربطها بالمسلمين؟ وما هو 
موقعها من تارب يخ العالم؟ من عدّة وجهات نظر؛ ولكن ارا واكم لوو مار ارين العانم لقال 
أو من خلال مقولات مرنة على نحو كافيٍ. من بين أفضل المناقشات» ثمّة ” ئة أععال تمذمعا ليله 
واحدة. إذ بيشت كارل بيكر في كتابه الدراسات الاسلامية: حول صيرورة العالم الإسلامي وجوهره من 
بين علة أمور. بأن المسيحية ما قبل الحديثة والمجتمعات الح عا ا ا 
ثقافية مشتركة. انظر : 
!) 801.1 ,انعأ4لااىدجيهان1 :لاء!17 تعدأءكتنجبداكة «عل برعد !17 منج ومو ه17 جرم[ ,جععاع86 اعتعصاء1] ارو 

1216111287 كنال“ ,1 51و ,(1924 ,جعنزء14 0ن ع1اعن0© 


وقد تم تطوير هذه الفكرة باتجاه جديد على يد غوستاف فون غرينباوم في كتابه إسلام العصور 
الوسطى حيث يركز على التشابه في نظرتهما للعالم. انظر : 
-له لا هآآ[ ,مع معتطنت)) :بمناع1ارء1 0 أه نايت انآ نرمنا 3 4 :151471 7142016721 , مستسططع ص د وم .8 تهون 6 
[1953 24] .(1946 ,دوعوط مع معنط© )0 'زانورءي 
وقد استعرض يورغ كرايمر مؤخراً في كتابه مشكلة تاريخ الثقافة الإسلاميّة ية [ترجم إلى العربية] 
مجموعة من الأسئلة الكاشفة» في محاولة للموازنة بين الطابع «الهيليني» » للثقافة والعناصر الأخرى . ٠‏ مع 
الأسفية فإنه مثل معظم العلماءء لا يزال يصر على افتراض مجموعة من المقاهيم الواهية حول 
اامشرق» متخيّل» وهوما يقود معظم حججه إلى مزالق مُضلَلة؛ بل إنه فشل في الانتباه إلى أن 
المعلومات والأرقام التي أوردها لدعم حجته حول الطابع «المشرقي" للثقافة الإسلاماتية : تشيرء على - 


لا 


يمُكن أن يكون لمثل هذا التعريف لحقل اشتغالنا آثارٌ دقيقة؛ فهو 
على سبيل المثال. يجعلنا ننظر إلى الدين نظرة خاصّة. فقد أدّى الدين دور 
أساسيًا ومحوريّاً في التطوّرات التاريحية التي صبغت الحضارة كما عرّفناها؛ 
ولكن ذلكه لو .يكن بالضرورة سبي موه الغادات"الشعيّة وعطالتها » وإنن 
بسبب موقعه في ضمائر الأقليّة المعنيّة. ذلك أن مُثل الأقليّة وقيمها يُمكن أن 
تكون ذات أهميّة فائقة على مستوى الثقافة العليا. 


إن أي حضارة» بما هي مركّب قابل للتحديد من التقاليد الثقافيّة المختلفة, 
قد تكوّنت عبر جملةٍ من معايير التقييم الثقافي» ومن التوقعات الأساسيّة, ومن 
المعايير التي يتم منح الشرعيّة على أساسها في الثقافة العلياء ٠‏ ينتقل كل ذلك 

جزئياً عبر التقاليد الكتابيّة/ العامة مباشرةً» ولكنّه ينتقل جرئياً أيضاً عبر التقاليد 
الأخرىء» مثل التقاليد الاجتماعيّة والفنيّة» المرتبطة بالتقاليد الكتابيّة. إِنَّ معايير 
منح الشرعيّة عميقةٌ الأثر» و مدي وس يد ا 
الاعتماد عليها لمنح الحضارة تكاملها الثقافي وأسلوبها المميّز الذي تتبعه. إن 
ما يميّز إحدى الحضاراتء» بالمعنى الذي نستعمله. اع ال ا 
ليس إذاً رصيدها الأساسي من الأفكار والممارسات الثقافيّة ‏ والذي يُمكن 
افع رئه بسنهولة ين الكتغوت لاخر بدوا ها متلها مها كرس رمتل هذا 
التراث الثقافي قد انتقل» ليس عبر الطبقات العليا المتعلّمة فقط. وإِنّما أيضاًء 
بدرجة أقل» عبر قطاعات واسعة استوعبت شيئاً من تطلعاتها [أي تطلّعات 
الطبقات العليا المتعلّمة]» وهي قطاعات تتسع وصولاً إلى الفلاحين البسطاء . 
ولكن» ضمن هذا اسمن لمر ارام فإنّ ثمّة دوراً خاصاً منوطأ 
بتتجموغة أصنف * أولئك الأشخاص الذين أخذوا القيم الأكثر تمفصلا وإخكافا 
والأبعد مدى وتأثيراً من التراث» واضطلعوا بحملها كمسؤوليّة شخصيّة تقع على 
عاتقهمء والتزموا بتحقيق هذه المُثل بأنفسهم. إن هذه الأقليّة المعنيّة» التي 
كانت المُثل الثقافيّة والروحيّة تمثل بالنسبة إليها قوّة دافعة» ليست في الغالب من 


- العكس مما يذهب إليه» إلى الطابع الواحد غير القابل للا نقسام للمركت التاريخي الآفرو أوراسى 
ككل > والذى يشمل الغوي أيضا +.انظر: 


1/128 سيان نامع قتأطذ 1 ) عاءنطءدعع لاا الضا انعداءك تاماك «ع0 عاطمءط 245 ,؟عطدعة كا ع :ةل 
.(1959 ,010041 


للمزيد من التطويرات التي قدّمثّها من أفكاري لتعريف الحضارة» انظر القسم المتعلّق بالمنهجيّة 
التاريخيّة في المقدمة» بخاصّة الفصل الفرعي جول الحضارات . 


54 


الرجالٍ ذوي النفوذ والسلطة» بل هي في الغالب من أصحاب المبادرات 
الثقافيّة» الذين يبرزون عند كل مفترق طريق وعند كل منعطف تواجهه الحضارة 
(أي أولئك الذين أوضحوا طبيعة الخيارات الثقافيّة الجديدة التي يجب اتخاذها 
والشروع فيها. ضمن الإطار القائم). 

في الأزمنة ما قبل الحديثة على الأقل» كانت بؤرة التركيز الأكثر أهميّة 
للمثل الثقافيّة تقع غالباً ضمن مجال الدين. ففي الدين» كانت آثار الأحداث 
الخلاقة والوحيانيّة تبرز بجلاء على سطح الحوار المستمرٌ الذي يشتغل على 
مضامينها ؛ إذاّء فقد كان الدين قادراً على مدّ هذا الحوار باستمراريّة غير عاديّة . 
علاوة على ذلكء فإِنْ نطاق الاستجابة والمواجهة الصادر عن الدين» وبدرجة 
أكبر مما يحدث في المجالات السياسيّة والجماليّة» كان ينزع إلى تغطية 
مجالات الحياة كافة. فالبواعث الجماليّة الجديدة قد تؤثر في العلم بدرجة من 
الدرجات» وقد يكون لها تداعيات اقتصاديّة مع تغيّر الموضات. أما الدوافع 
السياسيّة الجديدة فقد تصل إلى مدى أبعد» وقد تفضى إلى سلسلة من القرارات 
الاقتصاديّة» وإلى تغيّر في المُثل الجماليّة؛ بل ويُمكن أن تؤثّر أحياناً على إيقاع 
الحياة الخاصّة المأخوذة بمفاخر الولاء [السياسي] الجديد. أما الشعور الحيّ 
والطافح بالتأثر من كيان ذي حضور كوني يُنظر إليه على أنّه يتجاوز النظام 
الطبيعي» فإنه شعورٌ لا يحضر بقوّة إلا وسط أقليّة معنيّة. ولكن» إن أخذت هذه 
الأفته الشهر ‏ بجدية»«فإنه يمكن أنممين ويودر على كر تفاضيل: النطاء 
الطبيعي للشؤون الإنسانيّة : يمكن أن يُعيد توجيه شعور الناس الجماليّ» ويغيّر 
قيمهم ومعايبرهم السياسيّة» بل ويغيّر حياتهم الأخلاقيّة بأكملي ا لامها 
كل ما يبدو ذا أهميّة في حياة الناس . 00 الديني بطبيعته ته ينزع إلى أن 
يكون شاملا أكثر من أي شيء آخر. وقد أثبتت ف الوقية الدضلتة كونها حا بسي 
تانيز فى البسائل الأكثر أعمنة ال التاريخي» ربما على نحو 
أخص لدى المسلمين. علاوة على ذلك» فقد أثبتت هذه الرؤية أنْها 2-006 
كاد تاك المي لكر مخصار كاري جاعا روير. 

كان الدين بالطبع :مسألة مركرية أيظا عفد المسيحييق والبوذيين :ولك 
مثلاً قد أثْر في ثقافة الغرب المسيحيّ على نحو معزول عن تأثيره في ثقافة 
بلاد الحبشة المسيحيّة.» بحيث إننا لا نستطيع الحديث عن حضارة واحدة 
مرتبطة بالمسيحيّة. وبالمثل» لا توجد حضارة واحدة مرتبطة بالبوذيّة. ولكن 
- على الرغم من أنْ حجم الأراضي التي يغطيها الإسلام أكبر ‏ من شاركوا 


4 


وانخرطوا في تقليد الديانة الإسلاميّة» على الرغم من أنهم طوّروا ثقافة 
خاصضّة بهم في كلّ مكانء لم يفقدوا الصلة بين بعضهم البعض: وكانت 
حواراتهم الثقافيّة متناغمة دوماً. إِنَّ روابط الإيمان الإسلامي» بخاصّة المُثل 
المفارقة الحاضرة بقوّة والمتضمّنة في جذور معنى التسليم» بتأكيدها المستمرٌ 
على ضرورة تحويل الحياة بأكملها وتوجيهها إلى ما يُرضي الله» كانت مسألة 
مركرزية التأثير في بعض الجوانب المهمة من الثقافة العليا عند جميع شعوب 
المسلمين قينا وهذا ما يدفعنا يه جميع هذه الشعوب عبر المناطق 
المختلفة ضمن مجموعة واحدةء بمعزلٍ أعكنانا عن أل جوانب الثقافة العليا 
الأخرى بعين الاعتبار. لقد وفْر الإسلام البواعث الخلاقة التي تغلغلت في 
كامل الجسد الثقافى». حتى فى الجوانب الأقل دينيّة منه. فحؤل التقليد 
الانناكض المرفرى بالدرينة الاسام الفا امعد ون و الملهون تتحموعة امد 
التقاليد الاجتماعيّة والأدبيّة ونقلوها؛ وصحيحٌ أنّ هذه التقاليد قد انتقلت عبر 
العديد من اللغات المختلفة» إلا أنها كانت بالمجمل تتطلع إلى ذات 
الكلاسيكيات العظيمة» لا الدينية فقط.ء بل والعلمانيّة/ الدنيويّة» وبالأخصّ 
إلى المعايير والقيم التي تعبر عنهاء والتي تنطبق على جميع جوانب الحياة. 
وهكذا ساعد الإسلام على ربط الشعوب». التي كانت من دونه لتكون لعو 
متباغدة متتاتية: أو العى 'كاقت لتفقد الصئلات:فيما بينها لؤ أنيا”ندات 
فتكا زانة: .وا ا نظلك هده الفقا ليك (الديكةا وقيرها )على البشمر ا نك ساسيدة 
الأثرء عبر التنوّع الهائل في الأشكال (كما يُظهر الرسم الذي يقدم نظرة عامّة 
للتاريخ). إذاًء فمن المهم عند دراسة هذه الشعوب أن ندرسها كجسم 
واحدء. بالأساس على مستوى الثقافة العليا» فالحضارة تستمدٌ تعريفها من 
التقاليد الكتابيّة التي احتلّ الإسلام فيها موقعاً مركزي"''. 

في دراسة تاريخ المسلمي: ٠»‏ من الواضح أننا بحاجة إلى التمييز بين 
المصطلحات المتعلقة بدراسة التقليد الديني من جهة والمصطلحات المتعلقة 


بالحضارة والأكثر شمولية من جهه أخرئ:. مع الأسف» فإننا لم نكن نمتلك 


)1١(‏ سيجد الدارس بأنْ اختلافات مفاهيم العلماء حول ما هو الشيء ء الذى يدرسونه:تترك أثرا 
عميقاً في تحديد ما هي الأعمال التي ينبغي على كل مهتم بمتابعة أي اتجاه في حقل الإسلاميّات أن 
كراهاء عت لو كان احتحاقة عابرا وغرهيا . في الفقرات المخصّصة لتاريخ دراسات الإسلاميات في 
المقدّقة؛ كثة خظاطة فختضرة حول التوشهات الأساشية والانضازات الأكثر شيوعا والتى :يجب على 
القارئ أن يتعلّم الحذر منهاء ٠»‏ بل والتشكك فيها .. 


51 


مثل هذا التمييز في السابق؛ فكثيراً ما كان مصطلحا «إسلام» و«إسلامي» 
يُستعملان لهذين المعنيين من دون تمييز. ولكنّ هذين المصطلحين مناسبان 
تماماً لوصف الظواهر المنتمية إلى حيّز الدين فقط دون غيرها. إن تحدثنا في 
هذا العمل عن فن (إسلامي» أو أدب «(إسلامي»» فإنما نقصد بذلك الإشارة 
إلى الفن الدينى أو الأدب الدينى داخل تقاليد الدين الإسلامي» بنفس 
المعنى الذي نقصده حين نتحدّث عن أدب أو فن «مسيحي». إننا بحاجة إلى 
مصطلح آخر حَين يتعلق الأمر بالحديث عن التقاليد الثقافية للحضارة 
بالعموم» أي حين لا تحيل» تحر م إلى الذينء ‏ يمك وضصف 
الشعوب المختلفة التي ساد بينها الإسلام والتي تشترك في حمل تقاليد ثقافيّة 
مرتبطة به بأنها تمثل «الحاضرة الإسلامية 2002 ةاوة»» بوصفها رابطة 
اجتماعيّة متشابكة وواسعة. ومن ثمٌ» يُمكن أن نطلق على الحضارة المميّرة 
للحاضرة الإسلامية صفة الإسلاماتي عن 151 ) . 


يُمكن أن تثُمنح الحضارة اسمأ آخر غير مشتقٌ من الإسلام. . في 
الحقيقة. ففى بعض السياقات توصف هذه الحضارة» على نحو ملائم 
ومناسب» بأنها «#فارسية ‏ عربية»» نسبة إلى اللغتين الرئيستين اللتين حملتا 
تراثها. ولكن» نتيجة الدور البارز الذي قام به الإسلام والمسلمون في هذه 
الحضارة» بات يُطلق عليها بالعموم الحضارة «الاساو ييا سيكون من 
المناسب لو حافظنا على هذا الاستعمال هناء بعد أن حبكت إليه النهاية 
المزدوجة «اتية 10816-» لتجنب أي التنامن أو غموض ممكن. . فى بعض 
الحاللات. يكون التمبيز عمو مهم » ويكون الاختيار بين الإسلامي» 
واإسلاماتي») مبالة تعلق يتا كين مغ فته أو التوكيز.علية. .ولك فئن 
حالاات أخرى. يكون من الضروري التمييز بين تلك التقاليد 0 
الرسلام [التسليم] ومضامينه الروحية. وتلك التقاليد المرتبطة بالإسلام 
ارتباطا غير اشر وإن كانت تشكل جزءاً مر احضاو الكلية التي كان 
المسلمون قادتها. تمتاز صيغة صيغة «إسلاماتي» بكونها رك نفسها بنفسها: فإذا 
ظهرت في سياق يقابل 5 وبين صيغة (إسلامي». فإنْها ستكون واضحة 
بذاتها ذ في أنها ل اتشتين إل نفس معنى اإسلامي». وإنْما بكونها تتعلق بما هو 
إسلامي تعلّقاً غير مباشر. وهذا يا هو الأثر الحو 


(0) لتفسير وتوضيح أوسع حول دواعي اختياري لمصطلحات «الحاضرة الإسلامية» 
ولإسلاماتي»؛ راجع قسم استعمالات الألفاظ فى دراسات الإسلاميّات فى المقدّمة. 


51١ 


نظرة عامّة على تاريخ الحاضرة الاسلامية 


أواخر عهد الإمبراطوربة | دخول الإسلام إلى المجتمع الإيراني السام ونشأة نظام اجتماعي جديد . في إيران 
الساسانية: ومراحل أ والهلال الخصيب وشبه الجزيرة العربية؛ كانت الظروف مهيأة للنظام الجديد. في البداية 
الخلافة المبكرة؛ نحو تزعزع النظام السياسي الساساني القديم؛ ؛ لكن الحدث المركزي في هذه المرحلة هو بعثة 
(186)-59471 محمد وصعود أتباعه إلى السلطة في ما , بين النيل وجيحون. وفي مناطق أبعد من ذلك . 
حقبة الخلافة العلياء لمر الأولى من الحضارة الإسلاماتية بالمعنى 0 الحضارة الكل سيكية 
نحو 597 1446 2 الخلافة المروانيّة والخلافة العباسية الأو شكل المجتمع الإسلامي 
حينها دولة شاسعة واحدة» هي دولة الخلافة» بلغة واحدة مهيمنة؛ هيمنةً متزايدة, 
في حقول العلوم والثقافة. اوهي اللغة العربية. اتخذ الدين الإسلامي في ذلك الوقت 
صيغته التقليدية. وعمل كل من المسلمين والمسيحيين واليهود والمزديين» دا إلى 
جنب» على استصلاح التقاليد الكتابية من عدذة خلفيات 0 ما قبل إسلامية» ثم 
نسجها في وب ابتكاري عالي الازدهار. 
المرحلة الإسلامية | تأ يس حضارة عالمية؛ امتدت إلى ما وراء المناطق الإيرانية ‏ السامية. اعتمد التوسع العظيم 
الوسيطة المبكرة: للمجتمع الإسلاماتي على لامركزية السلطة والثقافة» في العديد من قصور الحكام؛ وباللغتين 
نحو 9480 ١١54‏ الرئيستين : الفارسية والعربية . وتم الحفاظ على الوحدة من خلال المؤسسات الاجتماعية القائمة 
بنفسهاء والتى ساهمت في نماء الخلافة؛ وشجعت الثقافة العليا على مزيد من الرفيّ ومن خلال 
توليفات التقاليد الكتابية التي تطوّرت في حقبة الخلافة العليا. 
المرحلة الاسلامية | عصر النفوذ المغوا : الأزمة والانبعاث فى المؤسسات والتراث الإسلاماتى. 
الوسيطة المتأخرة» الرغم من غزو الأراضي الإسلاماتية المركزيّة وتدميرها من قبل الحركة الوثنية 
نحو ١6١7 ١١68‏ الشرسة. إلا أن الأعراف الإسلامية قد فرضت نفسهاء امد ستمر التوسع في نصف 
الكرة الأرضية. ونشأت عن التحدي المغولي تقاليد سياسية جديدة» وظهرت آفاق 
جديدة في الثقافة العليا في المناطق المركزية. شكلت ثقافة تاريافتة”* تمد من 
البلقان إلى البنغال» ويمتدٌ تأثيرها إلى ما هو أبعد من ذلك . 
حقبة إمبراطوريات | تطور الثقافة الفارساتيّة في ظل الإمبراطوريات الإقليميّة الكبرى. تطوّر الزخم السياسي 
البارود, نحو ١60‏ | والثقافي للعصر المغولي في الإمبراطوريات الإقليمية ذات الثقافات الإقليميّة نسبياء 
1 بخاصة في ثلاث منها: واحدة أوروبية بالأساس [العثمانية]» وواحدة متمركزة فى 
الأراضي الإسلامية القديمة [الصفويّة]ء وأخيرة هندية [التيمورية المغوليّة]. وقد ملت 
هذه المرحلة أوج القوة ة العالمية المادية للإسلام. وبدأ الازدهار والإبداع الفكري 
والجمالي بالتلاشىء حتى قبل أن يدخل الغرب الحديث طور التحوّل الكبير. 
العصر التقني حصار التراث الإسلامي في العالم التقني الحديث . فبَحْتَ تأثير النظام العالمي الجديد 
الحديث», نحو ١789‏ الذي يقوده الغرب الحديث» تللاشت الظروف التاريخية العالمية للحضارة الإسلامية. 
الحاضر وبدلاً من استمرار المجتمع الشامل» بتنا أمام تراث تتشارك فيه العديد من الشعوب ضمن 
نظام اجتماعي واسع يُشكل المسلمون فيه أقليّة ُعاني من جملة من المساوئ التي تست 
بها ذات الأحداث التي خلقت النظام الجديد وجلبت الازدهار إلى الغرب الحديث . 

















(#) فارساتى (ع25122216ء2) )؛ أي ذات طابع فارسي», عل بالثقافة والمجتمع الفارسي» على غرار 


51١ 


الحضارة الاسلاماتية كتراث إنسا 1 

لا شلكٌ بأنّ للثقافة الإسلاماتيّة الماضيّة تأثيراً مهمّاً في الظروف الحاليّة 
للبشر؛ فهي ما تزال المؤثّر الأكبر بطبيعة الحال في الشعوب المسلمة 
المنتشرة في |أصقاع العالم اليوم؛ إضافة الو ذلك :فإن لها انرا جالغة 4 سواع 
أكانت حسنة أم سك 6 في العديد من المناطق الواسعة في الهند وأوووناةء 
التي حكمها المسلمون في السابق. لقد بقيت هذه الحضارة خلاقة وفاعلة 
وفق شروطها الخاصّة» وصولاً إلى اللحظة التي وضع فيها الغرب الحديث 
بعد تحوّله الكبير جميع التراث ما قبل الحديث محل المساءلة. كان 
المسلمون ومجتمعهم إلى ذلك الوقت. يمارسون ورا را في تاريخ 
العالم ككلء إنتعانا وسانا. إذاّء ففي كل مكان من العالم القديم ‏ وفي 
ثقافات العالم الحديث المستمدة منه ‏ حتى في المناطق التي لم ينتشر فيها 
الإسلام» فإِنْ هناك. على الأقل» بعض العناصر في الثقافة المحليّة التي 
يمكن تتبّعها إلى مصادرها الإسلاماتية. وعبر تأثيراتها التي تغلغلت في 
الغرب في العصور الوسطى» بخاصّة في مجالات العلوم والمهارات التقنية 
كان للثقافة الإسلاماتية القديمة حصّة كبيرة في التحؤّلاات الثقافية بعيدة الآثرء 
التي قدمها الغرب الحديث إلى عالمنا المعااصر 


إضافة إلى أهميّة تأثيرات الحضارة الإسلاماتيّة في مسار التاريخ» فإِنَ 
لها أهميّة أخرى تتمثل في كونها نموذجاً يوضح لنا مسار تطوّر الحضارة في 
حل ذاتها. فحين نتتبع تقاليد هذه الحضارة في أشكالها المتعددة ومتحالات 
شاطها الكثثرةه سند الرميق الى لا يمكتنا قله أن تقول يآن كنةحضارة 
إسلاماتيّة على الإطلاق» فإِنْنا نجد أمامنا حالة إرشادية مهمّة لحضارة كبرى 
وهي تنمو وتتطوّرء كظاهرة تاريخيّة. إننا نرى فيها ما يوضح الأنماط 
التاريخيّة المختلفة من التوحّد والتفكك والنضارة والنضج والانحلال 
والانبعاث. علاوة على ذلكء فإِنْ جذور الحضارة الإسلاماتيّة هى فى 
المجمل ذاتُ جذورٍ حضارة الغرب: التقليد التجاري الحضري في الهلال 
الخصيب القديمء التق الديني العبراني» والثقافة العلميّة ا 
الأغريتية القديطة. إذا::فبالسية إلى الكربين التحدقن زرك فق يتعركون 
البو ازلاد جزئيا في تراث الغرب». فإِنْ الحضارة الإسلاماتيّة تمثّل 
الحضارة الأخت, المشابهة والمختلفة في آنِ معاً؛ ويُمكن أن يُسهم التعرّفُ 


"117 


عليها في إلقاء ضوء خاصضء عبر المقارنة والممائلة والمقابلة. على حضارة 
الغرب على وجه الخصوص. بل وعلى طبيعة الحضارة في حد ذاتها. 


إِنْ المقارنات بين الثقافة الإسلاماتية وثقافة الغرب مقارنات جديرة 
بالاهتمام ولا مفرٌ منها. ولكن, لا بدّ أن نتذكّر تنبيهاً مهمّاً دوماً؛ من غير 
المشروع أن نعقد المقارنة بين أنماط ثقافيّة ومؤسسات إسلاماتية ما قبل 
حديثة وبين نظيراتها في الغرب الحديثء أو أن نتعامل مع هذه المقارنات 
على أنها بالأساس مقارنات بين شغوب مختلفة. فهذه المقارنات في الغالب 
مقارنات بين عصور مختلفة. في القرون الأخيرة» طرأت تغيّرات هائلة فى 
الغرب؛ وهي تغيّرات أفرزت نتائج معاكسة ومفاعيل مضادّة بشكل فوري 
تقريباًء وهو أمرٌ لا نزال نشهد مثيلاً له في كثير من الأماكن» في البلدان 
المسلمة وغيرها من البلدان غير الغربيّة. حين نريد أن نعقد مقارنات جادة 
بين الشعوب المسلمة والغرب الحديث,. فإنْ علينا أن نضع هذه الحقيقة في 
اعتبارنا. يمكن أن نقارن بين الطرائق والأساليب الإسلاماتيّة والطرائق ما 
قبل الحديثة في الغرب؛ ويمكن المقارنة بين تلك الجوانب من المجتمع في 
الحاضرة الإسلامية» التي تأثّرت إيجاباً بالتغيّرات الحديثة إلى حدٌ ماء وبين 
العرب اديت بولكن: من غير المشروع أن نعتبر بأنْ بعض السمات 
والخصائص - مثل احترام الوقت في العملء أو التوقعات الاجتماعيّة 
الديمقراطيّة» أو غيرها من الخصائص التي يكثر الاستشهاد بها - هي سمات 
«غربيّة»» على خلاف السمات «الإسلامية»؛ إذ إن هذه السمات كانت فى 
اقاليه الاعى قات فى الغري ما قبن البخديت» جلما "كانت خائينة طن 
الحاضرة الإسلامية ما قبل الحديثة» وربما نرى في المستقبل هذه السمات 
وقد باتت لصيقة بالشعوب المسلمة مثلما نراها في الغرب اليوم. 


والكوين د وبكية تقر سباق أكقى ميقا تإذ علاتدج النعاقير ات 
التاريخيّة بعيدة المدى للحضارة الإسلاماتيّة» وقيمتها كمثال كاشف عن طبيعة 
الحضارة بالعموم» لا ترتقيان إلى درجة أهميّة المعجزة الكامنة فيما قامت 
هذه الحضارة ببنائه» أو فيما تجرّأت على محاولة بنائه. إن هدفنا الرئيس 
يجب أن يكون فهمَ الإنجازات الإنسانيّة للحضارة وفقاً لشروطها هي. إن 
هذا الهدف هو ما يُحدّد حقل دراستناء وعلى أساسه يتحدّد مكان كل شيء 
وموضعه. إن موقع الحضارة في تسلسل أحداث التاريخ العالمي» وفائدتها 





51 


كمثال لما يُمكن للثقافة أن تكونه»ء تظهر على نحو طبيعي وضروري كلما 

خاولنا أن نفهم ما هو الشيء المميز في المساعي الانسانيّة التي ارتبطت فيا 
حضوو الززية الإندلامتة: بدرامعنا للعضارة الإستلؤفانتة»«سكون مهتمين 
بالمجتمع والثقافة بوصفهما السياق الذي عمل اه داخلهء بخاصّة الأفراد 
المسلمين؛ وبوصفهما التحفةً التي تعرض» بطرائق مختلفة» النتائج المقصودة 
وَغين المقضودة لأغمالهيو وروي 7 . 


إِنّ التراث الإسلاماتي غنىّ غنى مذهلاء حاتي هدك باللحياة 
الشخصية للإنسان الحديث. ففئنونه البصرية» على سبيل المثال» 5 تضم أعظم 
ما نعرفه من أولويّة عناصر التصميم البصري المحضة على جميع الاعتبارات 
الأخرى. كما أن آدابه» المتغايرة في أنواعها المتمايزة» لا شبيه لها من 
بين عدّة أمور أخرى ‏ في براعتها الهائلة في التعامل مع العوالم الباطنية 
كأحد أبعاد التجربة الإنسانيّة. كما أن أفكاره الفلسفيّة والعلميّة والدينيّة لا 
تشكّل مساهمةً مستمرّةً الأثر فى المعارف اللاحقة وحسبء بل إنّها كذلك 
كقير ا ماعنا تحذرا سكم | نى الحلايط من المساك ا ين نر تشتقيات 
الحضارة بأكملها فإننا سنحوز على معرفة أساسيّة بالخلفيّة العامة» تساعدنا 
على تقدير آثار الثقافة الإسلاماتية وتثمينهاء وهو ما يمكن له أن يُغنى فهمنا 
لحياتفا النوم أيضا » :فهده الآثان لأ لمكن أن نكون حئة ينا بعتا إل إذا 
فهمناها في إطار سياقها الكامل» وموضعناها في سياق المؤسسات الثقافيّة 
المتطوّر ة التي شكلتهاء وأدركنا طبيعة الآمال والمخاوف التي جسدتها هذه 
الآثار: أعمال العمارة والرسمء والأعمال الأدبيّة الكبرى» والأنظمة 
الفلسفيّة» والتعبيرات المختلفة عن الرؤى الدينيّة؛ وفوق ذلك كله 
المؤسسات الدينيّة والاجتماعيّة الحيّة بين ملايين البشر. ربما يكون النوع 
الأخير هو الأكثر أهميّة من بين جميع آثار الحضارة الإسلاماتية» وإن كان 
ذلك فقط لأنْ المجتمع الإسلاماتي يُمثّل جزئيّاً إحدى أكثر المحاولات 
شموليّة وكلية في التاريخ لبناء مجتمع إنساني عالمي من الصفر على أساس 
مثالٍ ونموذج مدروس . 


() لعرض أوفى لوجهة النظر التاريخيّة التي استعملتها في هذا العمل» انظر القسم المتعلق 
بالمنهجيّة التاريخيّة في المقدّمة» بخاصّة في القسم الفرعي المتعلّق بالنزعة الإنسانيّة التاريخيّة . 


>١6 


ولكن» بقدر أهميّة تراث الحاضرة الإسلامية لنا باعتبار ما قدّمه لنا من 
موارد أسهمت فى مغامراتنا ومشاريعنا الثقافيّة الحاليّة» فإِنْ المغامرة الإنسانيّة 
العظيمة التي كانها الإسلام تبدو أكثر أهميّة للإنسان الحديث بما هي مشروع 
مغامر: وهذا ما كانت عليه بالفعل. إذا كان للعصر التقنى الحديث أن يبقى 
إنسانيًاً» فليس له أن يتجاهل الأمانة التى استودعنا إياها أسلاقنا. لا يُمكن 
اق كون ناضيف معز يال نيك نهنا من بات «النضول النشعى كما ديفت 
بمستويات المعادن على سطح القمر مثلاً. إِنَّ الثقافة الإسلاماتية مهمّة 
للغاية» لأنها تمثّل أعلى التطلّعات الخلاقة وتعرض إنجازات ملايين البشر. 
أيآ كناء فإِنَ آمال البشر الآخرين وانتصاراتهم وإخفاقاتهم يجب أن تكون 
محل اهتمامنا؛ فهي. في الاقتصاد المعنوي للبشرية» آماننا وإخفاقاتنا نحن 
أبضا وار اكه والتكنا زكة :فيا عات لنا أن تحرك أنقينا ‏ تشكل انفضا 
ولاعق قيمكا لبدو الى تخره :وماذ[ كنا تسن البشين 


(لثتاب (لقَ0ا 


تعلعل الاسلام : 
أصول نظام اجتماعي جديد 


«أجاب إشعياء: لم أرَ الله. ولم أسمعه في هذا الإدراك العضوي 
المتناهي؛ ولكنّ حواسّي قد اكتشفت اللامتناهي في كل شيء. 
وعتنها صحف :مفكتها ومنا كن أن .ععوت الفخني السناحظل الصسادق 
هو صوت اللّهء لم أبالٍ بالعواقبء بل كتبت» 


وليام بليك 


١ 
العالم قبل الإسلام‎ 


إنّ الحضارة الإسلاماتية فريدة بين مثيلاتها من الحضارات الكبرى في 
زمانهاء من جهة فشلها في الحفاظ على التقاليد الكتابية القديمة في المنطقة . 
ففي الأماكن الأخرى: ظلّت الأعمال العظيمة التق أتجزت في الألفيّة الأولى 
قبل الميلاد تشكّل نقطة البداية للحياة الفكريّة. فقد ظلت الأعمال 
الكلاسيكيّة الإغريقيّة واللاتينيّة (بل والعبرانيّة القديمة) مقروءة في أوروبا 
وصولاً إلى الحقبة الحديثئة» كما ظلّت نظيراتها المكتوبة بالسنسكريتيّة 
والبراكريت مقروءة لدى معلمي الهندء وبقيت الأعمال الصينيّة مقروءة في 
الشرق الأقصى. أما فى الحاضرة الإسلامية» فقد حصل العكس من ذلك» 
نضاذل القروة الأولى مو هيا الأيلام ف بالعدويم امفهد م العرييةء 
ولاحقاً الفارسيّة» بدلا من الآداب الإيرانية والساميّة فى الحقب السابقة. 
وباستثناء مجموعات صغيرة حملت هذه اللغات معها معها إلى قبورهاء لم تستمرٌ 
إلا القليل من هذه اللغات في الوجود. حتى فى الترجمات. ولكنْ بعض 
عناصر التقاليد الكتابيّة السابقة تمكنت على نحو غير مباشر من الحضور بقرة 
في التقاليد الجديدة. على أن الأعمال الفذوية العظيمة كانت بالمجمل غير 
فنعروفة للق المستتمي. ل يلعي" الأصاتة ول ترجياتها : وبلا مو للق 
قام المسلمون بتطوير نموذجهم الكلاسيكي من جديد. على المستوى 
احيالكابي 0 الذي محر فيه و 0 كان قدوم 
لعشا رات العظيمة التي 0 00 الانقطاع هو ما 0 على ولادة 
انطباع واسع لدى المراقبين الذين ينتمون إلى حضارات تمتلك تراثا صريحاً 


"14 


قديما بشَِيبَةٍ هذه الحضارة وحداثة عهدهاء أو ربّما عدم نضجها”'2. لاحقاً. 
تم تكريس هذا الانقطاع مع الحضارات القديمة» عندما أصبحت الحضارة 
الإسلاماتية - وهو أمر فريد أيضاً في زمانها ‏ منتشرةً على امتداد نصف الكرة 
الأرضيّة» بحيث لم تعد مرتبطة حصراً بمنطقة واحدة» بل أصبحت مهيمنة 
حتى على الأراضي المركزيّة للتقاليد الإغريقيّة والسنسكريتيّة القديمة. 


على أن المجتمع الإسلاماتي لم يكن فقط الوارث المباشر للمجتمعات 
القديمة في المناطق الممتدة من النيل إلى جيحونء» بل كان إلى درجة كبيرة 
مُتابعاً إيجابياً لها أيضاً. كانت الحضارة الإسلاماتية ‏ بجغرافيّتها المديدة 
قر ايها البشرية والمادية الوفيرة - هي الوارئة الأخيرة للتقاليد الحضارية 
للبا ليق 6 'والمصدرمية : والعبرانيين» والفرس القدامى» وللحضارات القديمة 
التي جاورتهم؛ بعبارة أخرى. كانت الحضارة الإسلاماتية وارئة التقاليد التي 

تم التعبير عنها باللغات الساميّة والإيرانيّة» التي تطورّرت خلال القرون السابقة 

لات وهي التقاليد التي كانت بدورها قد انبنت على تراثات أقدم. فعلى 
مستوى الحياة اليوميّة» لم تكن الحياة ولا الفكر في القرون الأولئ للإسلام 
مختلفين اختلافاً كبيراً عما كانا عليه في القرون الأخيرة السابقة للإسلام؛ إذ 
لا يُمكن فهُمُ كثير من التفاصيل في الثقافة التي تشكلت خلال الحقبة 
الإسلاميّة ‏ المواضيع الفنيّة» العادات الاجتماعيّة» وجود أقليّات دينيّة 
كالمسيحيين - إلا من ناحية اتصالها بالثقافات السابقة التي أنتجت هذه 
الظواهر. وبالمثل» ورث المسلمون بدرجة كبيرة مشاكل أسلافهم في المنطقة 
وفرصهم وإغراءاتهم. بل إن تلك الجوانب التي تبدو جديدة على نحو 
مدهش في الحضارة ‏ على سبيل المثال» دين المسلمين نفسه ‏ قد تشكلت 
فى سياق التقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة السابقة لها. فقد كانت الأهداف التي 
حوبهان: السلمين لمعن النواء: ولمعا بير لت يتفي ملتيع الالتراءة بها ؛ 
أموراً حاضرةً بأشكال أوّلية في وقت سابق لذلك بكثير. 


)١(‏ لمزيد من النقاش حول هذه النقطة وحول حيثيات أخرى مرتبطة بها بخاصّة فين الأدبيات 
العلميّة الغربيّة الحديثة ‏ والتي ساهمت في بلورة التصوّر القائل بخلوٌ الحضارة الإسلاماتية وقحطهاء 
عند من لا ينتمون إليهاء انظر: 
م2 ,(1964 معغ)م1/انا) 2 .مط ,701.3 بكارمعذاء1 [ه بر«ماسلط **رع19228 320 تهذاذ1"' رصمدعل110 .5 .0 القطدمةلة 

220-0. 


رض 


ومن ثم فإن كقن أ .هن انما زاك لمن للترمى :قينا + اقبي التشيرانت 
الضمنية في كتاباتهم وفنونهم. أو في المشكلات العويصة التي قامت 
مؤسساتهم ليا استمر ارده لأنماط الحياة التي تشكلتك قبل الإسلام في 
تلك المنطقة؛ ومن ثمّء فإِنَ علينا أن نتذكّر القوى الدافعة التي كانت حاضرة 
في الحياة السابقة للوسلام لكي تشمكة من تذوق هذه الإنجازات» وتقييم 
درجة فرادتها. إن الذي تغير بعد مجيء الإسلام كان بالدرجة الأولى هو 
الوزن النسبي للعناصر المختلفة في الثقافة» وطبيعة التوازنات فيما بينها. 
وفي أناء عملثة إرساء الثوازة العجديد» ألعت ثبتت الدوافع والبواعث التي شكلت 
الثقافة الإسلاماتية أنها شاملة على نحو استثنائي: وأنها مكتفة ذائيا : 


ولكنّ هذه الدوافع والبواعث تعود هي الأخرى إلى أزمنة ما قبل 
الإسلام. فمع إعلان سدم في الجزيرة العربيّة» وما تلا ذلك من فتوح 
المسلمية 6::طيت ثقافة قرعة ديد مزيجٌ جديدٌ من التقاليد الثقافية. 
داخل المجتمعات الإيرانيّة ‏ الساميّة. على أنْ تلك الثقافة الفرعيّة الأولى لم 
تكن هي الحضارة الإسلاماتية» على الرغم من أنْ تراثها هو ما شكل لاحقا 
لامر العامة في تعريف تلك اا وكذلك الأمر فيما يتعلق 2 
التقاليد الاجتماعيّة ‏ التوقعات الأساسيّة» المعرفة» بل والمسائل الذوقيّة ‏ 
كانيع مساهمة الأخريق ا لمكميرة: الى التراثات المختلفة بالمجمل مساهمة 1 
محورية ومركزية في تشكيل الحضارة من مساهمة المجتمع المسلم الناشئ . 
إذا + عرقت «الخضازة الفعلثة: يعفن:الوقتحض اكتمل ينبانها وحن فلما 
تعلق بالمساهية الاشلائة فينها * ققد استعرق الأمر وفنا معرا قبل أن 
تتمكن التقاليد الإسلاميّة المتطوّرة من التغلغل» بدرجة كافية» فى الجوانب 
المشعلفة هن الهناة الثقافة العليا الموعودة» سن ادك لف الا در : 
صورتها الإسلاماتية. على أنْ معظم ما أصبح جزءاً من الحضارة الإسلاماتية 
كان قد ظهرٌ نتيجة للتفاعلات مع التطوّرات الجديدة المستقلّة داخل التقاليد 
القديمة» أكثر مما ظهر نتيجة التفاعل مع التقاليد الإسلاميّة نفسها. وبعض 
تلك التطوّرات كانت قد نشأت قبل الإسلام بوقت طويل. 


وبناء على ذلك» علينا أن نتفخص ونتعرّف على الفترة ذات الملامح 
الثقافيّة غير المحددة» حينما كانت الحضارة الإسلاماتية لا تزال فى طور 
الجنين» وحينما كانت تقاليدها المُميّزة تؤخذ من أماكن مختلفة وتُجمع 


5١ 


أجزاؤها معاً. لقد بدأت تلك الفترة قبل وقت طويل (وانتهت بعد مدّة لا 
عون بها) من الحدث الفارق ‏ حياة محمد الذي مثّل بداية الثقافة الفرعيّة 
الجدئدة , :وهنا ستها سنحاول أن نتتبّع» في المرحلة ما قبل الإسلاميّة» التطوّرات 
التق فجت تدويسا فن الطريق نحو الكفافة الإسلاماتية. وسوف نبدأ 
بتفخص بعض السمات الاجتماعيّة التي استمرّت لوقت طويل قبل أن تختفي 
الآن أو تكادء والتي يجبء مع ذلك. ألا تغيب عن بال كل دارس 
للحضارة الإسلاماتية . 


ثقافة المجتمع ذي الأساس الزراعى 

إننا نمتلك تصوّراً ما عن المجتمع والثقافة في الأراضي المتحضّرة قبل 
العصر التقني الحديث؛ وهو تصوّر مستقى» ولو على نحو غامضء من كارل 
ماركس وماكس فيبر وأساتذتهما . ولكي نتمكن من تحديد ما هو المميّز في 


التطوّر الإسلاماتي على نحو فاعلء فإنَّ علي أن أشرح بعض النقاط حول 
المنية الاجتماعية ما فبل الحديثة والتي كانت عامل عا نما في هذا التطوّر 


كما رف في هذا الكتاب؛ ومن ثم مم سأقوم بتعريفات اصطلاحية حول ظروف 
تلك المرحلة» وآمل أن يُضيء ذلك في ذهن القارئ فهماً جيّداً عن طبيعة 
التعقيد الذي يكتنف الظاهرة؛ وهي تعريفات لن تتوافق تايا مع تعريفات 
ماركس وفيبر. 


عندما بدأ البشر ببناء المدن» ثم بتأسيس سلطة حكوميّة حضريّة تشر 

على القرى المجاورةء كانوا بذلك يطرحون المعضلة القائمة بين ا 
الاجتماعيّة والعدالة الاجتماعيّة بصورة جديدة. ففى أحواض أنهار الفرات 
ودجلة والنيل وكارون [في إيران]ء وفي العديد من الأراضي المجاورة» كان 
سكان المدنء» الأثرياء منهم على وجه الخصوصء يتنعُمون بحصّة كبيرة مما 
تنتجه الأرياف» تاركين للفلاحين حصّة زهيدة تكفي بالكاد لاستمرار حياتهم 
وقيام أودهم. وقد كانت هذه الحصص هي إيرادات الأراضيء. وكان 
التض فت نهنا حمًا لضاعضه السلطة المتخلية.. كاتك'الإبراذات تسحخدم لذ 

١ 1‏ :. 0 وير م 
القحطء والحفاظ على النظام الداخلي» وحماية الأراضي من الغزاة 
الخارجيين» كما كانت تُستخدم» على نحو مباشر وغير مباشر. لاسترضاء 


شف 


الجميع إليها . 


.ه.ا أله انا مع 


يعلو مستواها على مستوى الكفاف الذي يعيشه الفلاحون ف في القرى. وكات 
مستوى الثقافة وجودتها يعتمدان مباشرةً على درجة الازدهار المادّي وثراء 
هؤلاء الرعاة”*©. ومن ثم فقد كان الأثرياء هم من يرعون الحرّف الدقيقة. 
والتي كانت تنتج الأشياء الجميلة في المدن من المصنوعات الجلديّة 
والشكييةة والا قيش إضافة إلى صناعات البرونز والذهب والفضة.ء التي 
معفم للزخرفة ولكافة أغراض الحياة ا” وكان كل ما يقع تحت أعين 
الأثرياء وبين أيديهم تضقنا لكون عيناة قا أما الحرفون كاتا يررون 
أبناءهم طرائق الصنعة وأساليبهاء من المعايير الجماليّة» والأشكال الجماليّة 
المخصوصة. إضافةً إلى التقنيات الماديّة للحرفة. وكانت جودة المنتج 
النهائى تعتمد بالدرجة الأولى على جودة المواد المستعملة» وعلى الوقت 
الذي يبذله الحرفي في كلّ قطعة» ومدى التزام الحرفيّ بأعراف الحرفيين 
وتقاليد الصنعة؛ وكلّ هذه الأمور تعتمد بدورها على سخاء الرعاة. فحين 
تكون الإيرادات القادمة من الأراضى كبيرةً؛ وحين يكون الأغنياء» الذين 
تحضلوا على هذه الإيراقاتء قادزين على استعمالها يأمان لإرضاء أذواقهي 
وحين تتطوّر هذه الأذواق جيلا بعد جيل بناءً على معايير جماليّة عالية. 
حينها يصبح الحرفيّون قادرين على تطوير مهاراتهم وبذل أقصى جهودهم. 
أما إذا كان الوقت سيّئاء ولم يتمككن الأغنياء من تحصيل إيرادات كبيرة من 
الفلاحين» لسبب أو لآخرء أو لم يستطيعوا استعمالها بحريّة لإرضاء 
أذواقهم الخاصّةء فإِنَ جودة الأعمال الحرفيّة كانت تتراجع”'' . 


(*) تعني لفظة الرعاة (92025م) هنا رعاة الحياة الثقافية والفنية والحرفية» أئ الطبقات الثرية في 
البلاط الحاكم والأرستقراطيين. الذين كانوا يمتلكون فائضاً من المال والوقت للاهتمام بالفنون 
والعلوم وغيرها . ولا تعني اللفظة في هذا السياق». وفي غيره» رعاة الماشية. في بعض المواضع من 
هذا الكتاب قد يلتبس السياق. خاصّة إن أصبح رعاة الماشية حكّاماً وباتوا رعاة للفنون» وحينها 
ل الى (( . وفيما سوى ذلك». فالسياق كفيلٌ 

(5) لقد بدا لي أن من الضروري أن أحاول هنا وفي الفصول التالية تعيين عدد من السمات العائة 
للحياة ما قبل الحديثة؛ ذلك أن المواقف والتصوّرات المسبقة عن العصور السابقة باتت تبدو لناء - 


يفف 


فى العون: أيضام ©" تشييك الأعما له لنت" الشحمة من للضي الية 
والتماثيل وغيرها من أعمال النحت والرسومات المرافقة لها. وغالباً ما 
كانت الجهود الكبيرة تنصبٌ في المعابد التي كانت تعبّر عن احترام 
الجحع للآلهة. التي تجلب الجر والمنفعة للجميع . أو لسكان المدن إن 
شئنا الدقة. كانت المعابد عادةً تُمثّل أفضل ما يُمكن للبشر إنجازه وتحقيقه . 

فى الوقت نفسهء كانت قاعات بلاط الحكام والأفرادٍ المقتدرين ومنازلُهم 
ُبنى على نحو فاخر ومترب بحسب قدرة الفرد. وأخيرأء تمكن بعض سكان 
المدنه الدون تخرروا بفضل الثروة أو المناصب من الكدح اليوميّ الذي 
يعيشه الفلاحون. من إنتاج الأدب الرفيع من الطقوس والأساطير والحكايات 
الخرافيّة. وقد أدّى هذا الأدب في النهاية إلى تبلور شعور الإنسان بضميره 
الشخصي فى وجه القوى الكونيّة. كان هذا الأدب العظيم». مثل الأعمال 
المعماريّة الضخمة» مكرّساً لتمجيد الحكام» الذين كانواء بالنسبة إلى البشرء 
كائنات يصعب تمييزها عن القوى الطبيعية. 


إذاّء فقد كانت جميع هذه الفنون الحضاريّة معتمدة على الرعاية وعلى 
تقدير عددٍ محدود من البشر ذوي الامتيازات في الجدن : ,وكين أوضحنا في 
حالة الحرفيين» فحين كان الأغنياء يفشلون فى التركيز على هذه الأعمال» 
كانت معايير الجودة تنخفض. أما الثروة؛ فقد كانت معتمدة على إخضاع 
الغالب الأعمّ من السكان؛ وبالأخص الفلاحين. 


إن معظم الأشخاص الذين قارنوا بين حالة العظمة القائمة في المدينة 


- تدريجياً أكثر غرابة؛ بل إن الظروف التي عاشها البشر قبل خمسين سنة» والتي لا تحتاج إلى البرهنة 
عليهاء باتت غير واضحة لدى الطلاب الصغار لما لم يتم تذكيرهم بها وربطها بمناسباتها وظروفها. 
على أن جميع الأحكام التاريخيّة تتم عبر المقارنة, سواء الصريحة أو المضمرة منها . ولكن إن تم 
استعمال عناصر غير مُقارنة كأساس لهكذا نوع من المقاربات. فإنَّ النتيجة ستكون خاطئة حتما. . في 
حقل دراسات الإسلاميات» تزايدت الافتراضات الخاطئة حول السياسة» والدين» والأدب»ء والتقدذّم؛ 
والانحلال» وغير ذلك؛ لأنها مشتقّة من حالات مختلفة عاشها الغرب الحديث؛ ومن ثم فإن 
استعمالها للمقارنة سيكون خاطئاً . فحين تُطرح الأسئلة» على أساس افتراض المقارنة مع ححالة الغرب 
الحديث, التي لا صلة لها بالسياق الإسلاماتي ما قبل الحديث؛» والعكس كذلكء. تضيع الأسئلة المهمّة 
المتصلة بالموضوع ويتمٌ تجاهلها. فلكي نتمكن من تحديد ما هو مميّز في المجتمع الإسلاماتي» علينا 
أن نعرف ما هو المعتاد بالنسبة إلى المجتمعات ما قبل الحديثة عموماً . وقد تاه الكثير من العلماء عن 
مثل هذه المسألة. ولا شك بأنْ العديد من القراء بحاجة إلى تذكيرهم بالسياق العام . 


ء525>”3 


والحالة الصعبة التي يعيشها الفلاحون والبشر ذوو الرتب الدنياء» قد وجدوا 
أنفسهم فين نان هذا عو 7 الماؤسيم الالجاةف الدين لو يتلفرا اي 
تثقيف في طفولتهم؛ هذا إن تمكنوا من الاستمرار في الحياة. ولكن» ومنذ 
وقح محر قاقت الأضواك تقعالى بالرفقى والتشكف "كان اعد تون 
الحضارة يتمثّل في الأعمال التي تصوّر شرائع العدالة المنصوص عليها؛ فقد 
كان الحاكم يُمجّد نفسهء لا من خلال قصره العظيم.ء أو من خلال 
السجلات التي تؤرّخ مآثره المروّعة وحسبء وإنما من خلال سمعته كواهب 
للقوانين العادلة أيضا”**". ومع بروز الضمير الشخصي عبر الفنون 
الحضاريّة؛ أصبح من المتوقع أن تحظى العدالة بحضور أكبر . 


فى البداية كانت المعابد هى بؤرة تركيز الثقافة العليا. ففى المعابد 
السومر ته القدينة» حبك بدات الحياة الحعيركة كن ١‏ لألفتة الرائئمة قبل 
الميلاد» بدأت أعمال التحكم بالفيضانات المحليّة رودي المياه على السهل 
الرسوبي ما بين النهرين ذي التربة الطينيّة» على يد الكهنة المتعلمين» الذين 
كانوا بدورهم يتصرّفون في فائض الإنتاج. كان الكهنة هم من أرسلوا التجار 
لجلب البضائع الغريبة الضروريّة لتطوير قدرتهم على استغلال السهول» التي 
تتمبّع بالخصوبة ولكنها تفتقر إلى المعادن والصخور. وحين ديّت الخلافات 
والصراعات بين المدن المتنافسة» ربما بهدف السيطرة على التجارة. كان 
الكهنة هم من نظموا الرجال المقاتلين. ولكن حين أصبحت المعارك عِلما 
معكذا ملينا بالتقافييل يعد أن اصتكعة 5 نديتة ققحا ل هريية المدن 
الآأخزق:< انتقلت الشؤون الحريتة» إضافة إل السلظة على الهدينة...مه يد 
الكهنة إلى يد متخصصين من غيرهم: الملوك وأتباعهم. وأصبح البلااط 
الملكي هو بؤرة التركيز الثانية للثقافة العليا بجانب المعابد. واعتمد البلاط 
أيضاً على الإنتاج الزراعي. غالباً ما كان يُطلق على الإيرادات» أيَّاً كان 
مصدرهاء الضراتبٌ» ولكنها في الغالب كانت تأتي من الأراضي الزراعيّة . 


لقع انظر مغلا شكوى شعب أوروك من بطش جلجامش في واحدة من أقدم الملاحم التي 
وصلتنا : «لا يترك جلحافتن اينا لأبيه/ ماض في مظالمه ليلاً ونهاراً/ هو الراعي لأوروك المنيعة/ هو 
راعينا وهو ظالمنا/ يوقظ رعيّته على صوت الطبل/ وبأس سلاحه بلا شبيه/ لا 0 
لأمها/ ولا ابنة ا ل امرك 


خضي 


ري أصبح التجار : تجارا كيار سكتلية» ؛ يقومون مسريو 
الخاصصة ويجنون ربحا كافياً: لتوزيعه ومشاركته.ء وإن كان ذلك بطريقة 
فباشرة وأكقر ضيه وتسناطة بالمفارية مع ها يجنيه المعبد أو البلاط الملكي 
من إيرادات الأراضي. عندما حصل ذلك» أصبح التجار الأثرياء أيضاً رغاةً 
للفنون. وأ صبح السوق هو بؤرة التركيز الثالثة للثقافة العليا. 


كانت بؤر التركيز الثلاث للثقافة العليا معتمدة على ظروف الزراعة؛ فقد 
كانت الزراعة هي أساس ثروة البلاط والمعبد وسلطتهماء ومن ثم فققّد كان 
لزاماً عليهما وضع ترتيبات للونتاج الزراعي . أما السوق فقد كان يعتمد على 
الزراعة على نحو أقل مباشرة من البلاط أو المعبدء ذلك أنْ التجار الذين 
كانوا يجلبون بضائعهم من مناطق بعيدة كانوا عغرضة لأخطار أخرى سوى 
تقلب الطقس» وكانوا يبيعون بضائعهم في السنوات السمان والعجاف على 
الليدواء 4 :ها كانوا يخودون كييات كافية نيا" هيا لأحناء بو لك نعلي 
المدى البعيدء كان التجار أيضاً يعتمدون على حالة الزراعة وكان نجاحهم 
الاقتصادي مرتبطأً بوجود فائتض من الإنتاج الزراعي الذي يُنتجه الفلاحون. 
وحتى عندما ظهرت المدن ‏ الدول الزراعيّة» كما في سورياء والتي كانت 
تعتمد بالأساس على التجارة البعيدة عبر البرٌ والبحرء فإن تجارتها كانت 
تعتمد بدرجة كبيرة على المجتمعات الزراعيّة حولهاء ومن ثمٌ فإنها كانت في 
النهاية معتمدة مادياً ومعتوياً على الفلاحين: بل إن برعاة الماشيةء بمن فيهم 
من بدو الصحراءء كانوا يعتمدون أيضاً على الأراضي الزراعيّة لتوفير الكثير 
من احتياجاتهم من الغذاء والبضائع. ومن ثم فإنّهم كانوا جزءاً من هذا 
النسيج الاجتماعي المعمّد. بناءً على ذلك». يمكن وصف النظام الاجتماعي 
الذي ظهر في المناطق الزراعيّة (والمناطق التي تعتمد عليها). مع صعود 
المدن. بالنظام ذي الاساين الزراعي (60وةط-هموتضويعة). أو (لنكون أكثر 
مول المجتمع الزراعاتي المديني (قلت «المديني 4ناك» وليس «الحضري 
موطءئناء لأن المجتمع كان يشمل الفلاحين» الذين لم يكونوا حضريين على 
الرغم من أن حياتهم متأثرة بحضور المدن). 


الا وت ل أو ثقافة عا لا للدلالة على 
للدلالة على كامل ا الثقافي الذي كانت العلاقات ره أمرا اميه 


خض 


وأساسيّاً فيه» والذي ساد في مجتمعات المدينة منذ أوّل ظهور لحياة المدينة 
وصولاً إلى التحوّل التقني في القرنين السابع عشر والثامن عشر. إن مصطلح 
اازراعاتي»» بخلاف مصطلح «زراعيّ». لا يشير فقط إلى المجتمع الزراعي 
نفسه» وإنما كذلك إلى جميع أشكال المجتمعات المعتمدة عليه ولو على نحو 
غير مباشر؛ بما في ذلك المدن التجاريّة أو القبائل التي تعتمد على الرعي . 
فالنقطة الحاسمة هنا هي أنّ المجتمع كان قد وصل إلى درجة من التعقيد 
المرتبط بالهيمنة الحضريّة ‏ أي إنه قد تمٌّ تمدينه وتحضيره ‏ ولكنّ الهيمنة 
الحضريّة كانت هي نفسها قائمة بالدرجة الأساس. على نحو مباشر وغير 
مباشرء على الموارد الزراعيّة» التى تطوّرت على مستوى العمل اليدوي 
ولكن قامها على الموارد الرراعة هنا اصفية لا نمع أن السييم بيعب أن 
يأكلواء وإنْما بمعنى أن موارد الطبقات المهمّة كانت تأتي من خلال صلتهم 
بالأراضي الزراعيّة (نظراً إلى أن معظم الإنتاج كان زراعياً). 


يمكن تحديد 0 من الخصائص التي تُميّز الثقافة في المجتمع 
المديني الزراعاتي عن كل من الثقافة ما قبل الكتابية السابقة لها والثقافة 
اللشكة: اللاعقة لها تسخااف السكيعاك ما م المتسةى :دل رو المسهعاة 
الزراعية قبل ظهور المدن ‏ عرفت هذه المجتمعات درجة عالية من التعقيد 
الاجتماعي والثقافي. وهو تعقيد لم يعبر عنه ظهورٌ المدن وحسب (أو 
أنخاناء بعض الأشكال التنظيميّة المكافئة لها)» وإنّما عبرت عنه الكتابة أيهنا 
(أو غيرها من أدوات التدوين والتوثيق). وهنا لفك لك كله من إمكانيات 
لزيادة درجة التخصصية وزيادة رقعة الاختلاط بين 0 المختلفة. 
وتطوّر التقاليد الثقافيّة المتراكمة. ولكنّ دورة الفصول المحكومة من قبل 
الظروف الطبيعيّة فرضت جدود وقيودا .على المؤازة: المتاحة: .وبالتالى على 
حركة تطوّر الثقافة. علاوة على ذلك» فقد كان أيّ تغيّر اقتصادي أو ثقافي 
جديد. يتجاوز مستوى التكافل الأساسي بين المدن والأراضي الزراعية. 
را غير ,سكف إوقاناة للعودة عنه؛ وذلك على خلاف ظروف المجتمع 
الحديث في العصر التقني. إذ أصبحت الزراعة إحدى «الصناعات» من بين 
صناعات خرف تع أن كانت هي المورد الرئيس للثروة (على الأقل على 
المسترق الكلى للاقتصاد العالمي). 


علينا أن تدرك مدى التنوّع الهائل داخل ما تطلق عليه المجتمع 


يغصي 


الزراعاتي» على مستوى درجة التعقيد الذي بلغه وعلى مستوى أشكال 
التفصيل المُحكمة التي وُجدت في مناطق مختلفة. فقد حصلت التغيّرات 
الكبرى في كل مكانء خصوصاً خلال ما يُطلق عليه العصر المحورية* 
(ععهة لمنجة) ٠٠١ _ 86٠١(‏ ق.م). في ذلك الوقفت» كفت الكتابة ها 
حكر ا على طقة الكينة واصعت مسديرة بين شريسةتوانيعة من الرجوازدنة 
ومن ثم فقد تسارعت وتيرة التطوّر في التقاليد الكتابيّة وتغيّر طابعه؛ وفى 
الوقت نفسهء تغّر الإطار الجغرافي للفعل التاريخي» وأصبح ممتداً على 
مناطق ثقافيّة واسعة تمتدٌ على نصف الكرة الأرضية. 


ولكن؛ لأن المجتمعات ما قبل وما بعد العصر المحوري كانت تقوم 
على الأسس الزراعيّة ذاتها في كل مكان. فإنّها كانت تشترك في الفرص 
المتاحة للفعل التاريخي كما كانت ت تشترك في مواجهة ذات القيود والحدود 
المفروضة عليها. فقد أمكن مضاعفة الإنتاج عبر زيادة التخصصيّة في الحرف 
وفي أنواع المحاصيلء ولكنّ فائض الإنتاج كان يتركز في المدن وليس 
خارجها؛ حيث يكمن مجال عمل القوى الطبيعيّة والحيوانات المفترسة. 
وبات التنظيم الاجتماعي يسمح بقدر أعلى من التنوّع في أدوار الأفراد على 
نحو لم يكن متاحاً في المجتمعات ما قبل الكتابيّة؛ ولكنه لم يسمح لهم 
بالإفللات من النظام الطبقي القاسي للمجتمع. حيث يتم استبعاد الغالبية 
العظمى من البشر من المشاركة في الحياة السياسيّة والثقافيّة العليا. عملياً 
تضمنت حياة اليه كاوها في وتيرة التغير التاريخي في الأحداث 
والأفعال. التي 5+ تغبر افتراضات البشر المسيقة عن حياتهم اليومية. إلى 0 
بالك الساقير سعد يدر كود قلت تعر اين فى ححا نيتم وبر كان بين 20 1ل 


(:*) قدّم الفيلسوف وعالم النفس الألماني كارل ياسبرز في كتابه أصل التاريخ وغايته مفهوم 
العصر المحوري» مستنداً إلى ما لاحظه بعض المفكرين الفرنسيين منذ القرن الثامن عشرء من أن هذه 
الفترة قد أظهرت ولادة مجموعة من العبقريات الدينية والفلسفيّة في مناطق مختلفة وفي وقتٍ متزامن» 
من دون أن يظهر وجود تأثير مباشر من أحدها في الآخر. فقد ظهر كونفوشيوس ولاو تسي في الصين» 
وظهر بوذا والجاينية والأوبانشياد في الهندء كما ظهر زرادشت في إيران» وأشعياء وأرمياء في بني 
إسرائيل» وأنجبت بلاد الإغريق رجالات الشعر والفلسفة من هوميروس إلى أرسطو. ويرى ياسبرز بأن 
العصر المحوري قد شهد انتقال الوعي الإنساني من الاهتمام بالمشاغل اليومية إلى التفكير بما هو 
«مفارق 21582506206866 . تتركّز الكثير من هذه الشخصياتء» كما يالاحظ توينبي» في ١1‏ ييه تمتك ينزه 
عامي (700 - 48٠‏ ق.م) (المترجم). 


اض 


أفعالهم الشخصيّة يُمكن أن تسهم في تغيير ظروف الحياة للأجيال القادمة. 
ويهذا » ولاسباقي متضافرة أخرى. أصبح هناك إمكانية لنشوء الوعي 
الاجتماعي . لحرا المجينات الزراعاتية» بقيت التغيّرات الكبرى جالة 
انفدات رطرلك: الا مكاراك: أمر ا قادو الحدوت لمجم + بخالات العضير 
الحديث» حرم اد الابتكار كجزء من العمليّة الصناعية. لقد تمكن 
الوعي التاريخي والأخلاقي من الخروج من حالة المجهولية والعفلة 
(/إاتستزإدمصة) التي عاشها في الآأزمنة القديمة القايرق وأصبح قادراً على 
تصوّر فعله على امتدادٍ جغرافيٌ واسع. ولكنه َم يكن قادراً على الإفلاات من 
النظر إلى القافى عا حال د ١‏ , مضِبدر للشوعة ) ولم يكن قادراً على 


بناء تصوّرات عالمية عابرة تكفا قات 77 


جيعد الكوزموبوليتانية والتجاريّة في المجتمعات الزراعاتيّة ع 


وه له نام 


ل سيد اليا الزراعاتثة بها. ومكل :وقنك ميكرع كان هله لطر انت 
مترابطة عبر مناطق واسعة من البر الأفرو ‏ أوراسى. لقد كانت المجتمعات 
المحليّة أقل استقلاليّة فى تطوّرها الثقافى. 


2 يمكن أن يستعمل مصطلح «زراعي 21 للإشارة إلى نظام زراعي يتم فيه استبعاد 
علددات الولح العيتات بو من لعي والثراتي الطفي المردط يحصو الملا توصعها مراكز سياسية 
واقتصادية رئيسة وبوصفها بؤر تركيز المبادرات التاريخية قبع نوو نولل أصبحت الزراعة ‏ 
وأشكال التجارة والصناعة البدائيّة ‏ في محيطها خاضعةٌ لتأثير المدن؛ ولكن على أساس الزراعة دوماً . 
ومن ثم فيبدو أن مصطلح «زراعاتي» أكثر شموليّة حين يُفهم على أنه يشمل كلا من الحياة الحضرية 
من هذا النوع. والتي تقوم على الموارد او لتصنافية الصر در من الحيازات الزراعية (إن نظر المرء إلى 
الحياة المدنية في وضعها الاقتصادي الكلي). ويشمل الأشكال الاقتصاديّة الهامشيّة غير المعتمدة على 
الرعاية» والتي تستلزم أيضاً مجتمعاً زراعياً أو على الأقل تتطلب عملياً شكلاً من المجتمع المدينيّ 
ذي الأساس الزراعيّ. وتبدو بقيّة الاختيارات المصطلحيّة غير مرضية للتعبير عن هذا المعنى . فالحياة 
«الحضاريّة ما قبل الحديثة» أو الحياة «المدينيّة ما قبل الحديثة»؛ مصطلحات تفشل فى الدلالة على 
الطابع المديني ‏ الزراعي للنظام الاجتماعي نفسه . 

إن الاتجاه السائد في الدراسات الحديثة للمناطق» الذي ينحو إلى وضع جميع المجتمعات ما 
قبل الحديئة تحت خانة «المجتمعات التقليديّة»» أمرٌ يستدعي الكثير من الاعتراضات» التي ستظهر على 
حر حرا باو هد الكتاب. وليس آخر هذه الاعتراضات أن هذا المسطلح يمصل في إطهار 
التباين التاريخى بلحي بين اللطروق تبن تطور الجياة المديد والكتابة وييدء : كما أنه يفترفن تعويفا 
ل«التقليد» يختزله إلى نمط من العادات القديمة. ومن ثم فاه يسيء تصوير طبيعة الثقافة في الحياة 


الزراعية بشكل كبير . 


574 


لقد حدَّدَ المجتمع المديني ذو الأساس الزراعي السمات الكبرى للتطوّر 
التاريخي في أجزاء واسعة ومترايدة من الصف الكرة الارضنة الشرقي : أي 
في تلك المناطق التي بتكل مها ما أطلق عليه الإغريق ال«المعمورة 
011 «الربع المأهول» من العالم. لقد نظر الإغريق إلى المعمورة 
على أنها رقعة جغرافيّة محددة تمتدّ بين المحيطين الأطلسي والهادي وبين 
خظ الاستواء والشمال البارد الذي لا يقطنه أحد. ولكنء إن أردنا تحديدٌ 
المعمورة من ناحية الشعوب التي أراد الإغريق ضمّها صراحة أو ضمناء فإِنَ 
علينا أن نعتبرها مزيجاً تاريخياً متطوّراً ومعقداً. فحين انتشرت الزراعة» مع 
ما رافقها من تدجين الحيوانات» في الأراضي الأفرو ‏ أوراسيّة أصبح 
جميع البشر الموجودين في تلك المناطق مترابطين على, المستوى التاريخي 
بدرجة أو بأخرى» وأصبحوا مرتبطين بشبكة تجاريّة» كما أصبحوا خاضعين 
للتأثيرات المتبادلة للتطوّرات التاريخيّة التي ظهرت في المناطق المدينيّة من 
الأراضي الزراعيّة القديمة» على نحو غير مباشر على الأقل. تمك اعقيار. 
جميع هؤلاء البشرء حتى في جنوب خط الاستواء. جزءاً من المعمورة 
الأفرو ‏ أوراسية التاريخية. بقيت هذه المعمورة هي الإطار الجامع لمعظم 
العفياة الدازيقية قفن تضنفته. الكزة: الا رضيثة بزعيورل؟ إلى الارمنة العديدةه ين 
لم تعد الزراعة ف الشكل المُحدّد للمجتمع في معظم العالم» إذ حل 
المجتمع التقني الحديث محلها في نهاية القرن الثامن عشر. 0 
على الفترة التي كان المجتمع الزراعاتي فيها مهيمناء داخل حدود المعمورة» 
«العصر الزراعي» (الذي استمر منذ أيام سومر وضوال" إلى الفرنين السايخ 
عشر والثامن عشر)» وأن نضعه في مقابل «العصر التقني» الحديث الذي بدأ 
في القرن الثامن عشر. 


لقد تأثّر تاريخ جميع هؤلاء البشر في تلك المناطق الواسعة» على نحو 
متزايد» بالعلاقات المتبادلة والمترابطة عبر المعمورة. فعلى مدار القرون» 
كان حجم الأراضي التي يتم تنظيمها تحت الحكم الحضري يتزايد باستمرار 
داخل المعمورة. تزايدت الابتكارات في مجال وسائل الترف وتعاظم: الإقبال 
عليهاء وسعى التجار إلى مناطق أبعد لجلب الواردات» وتبعتهم الجيوش 
لتفرض سلطتها على المناطق الجديدة. تطوّرت تقنيات الإنتاج وتقنيات 
التنظيم أيضاً. وكان هذا أوضح ما يكون بالنسبة إلى البشر في منطقة الهلال 


٠ 


الخصيب وما جاورها من أراض» الذين كانت منطقتهم تقع في قلب 
المعمورة ومركزها. 


كان هؤلاء البشرء الذين تطوّر الإسلام بينهم لاحقاًء مرتبطين ببعضهم 
على نحو متزايد. وعلى نحو مستقل أحياناً عن الشعوب الأبعد في المعمورة. 
وفي البداية: كانوا هم المثال الأوّل والرئيس لتطوّر الثقافة الكوزموبوليتانية 
الاقليسيّة العنا فى المطقة. وهكذا بدات العديد من الشعوب باستعمال اللفغة 
العفهارنة القن اككرها الترسرير 0 .وكان للتقالية الكعا ذه الففوم الع 
طؤوها الكينة )فيو على التائيع صلى كلك التتعرت» إلى ندركة انها كلت 
حضارة متعددة الشعوب. يُمكن وصفها بأنها حضارة «مسماريّة». في أثناء 
ذلك اضبفتك الوضدات السياستة أكبر. فضي يلاه السومرنية وال كاوتية 
والحوريين والأورارتويّين والحثيين'* وغيرهمء ظهرت الممالك الإقليمية التي 
تعلمت كيف تحكم العديد من المدن من عاصمة مركزيّة؛ ثمّ ظهرت 
الإمبراطوريات العظمى» التي 0 العديد من الأممء وتفر قت شعوابها 
داخلها إلى شد الذويان أحيانا . قفي : ظل الحكم الصارم نسبياً للحثيين؛ ثم مع 
انتشار الإمبراطوريّة الآشورية»؛ كان يتم أحيانا نقل سكان من ياكدلها 55 
أرض إلى أخرى لأسباب ترتئيها الدولة. بدأ البشر يمتلكون منظورات مختلفة 
واسعة حول قضايا كانت في حكم المُسلّمٍ به في المجتمعات المحليّة. لد 
أصبحوا قادرين على رؤية مدى محدوديّة الافتراضات المحليّة حول الأساليب 
الحرفيّة والأنماط السياسيّة» بل وحول مسائل الضمير أيضاً. لقد بدأت فى 
تلك الفترة إرهاصات النزعة الكوزموبوليتانيّة التي ستعبّرٌ عنها التقاليد الثقافيّة 
الإيرانيّة ‏ الساميّة في المستقبل . 


(*) السومريون هم أقدم الشعوب التي سكنت بلاد ما بين النهرين منذ الألفيّة السابعة قبل 
الميلاد. وصلت إلينا آثارهم منذ منتصف القرن الرابع» عندما أسَسوا مجموعة من المدن ‏ الدول 
المسوّرة في جنوب بلاد ما بين النهرين . تمككن الأكاديون» بقيادة سرجون (777”5 -5114 ق.م) من 
توحيد هذه المدن في إمبراطوريّة موحّدة وتوسيعها شمالاً - أما الحوريُون فقد استوطنوا المناطق 
المحيطة ببحيرة وان جنوبيّ تركيا وتوسّعوا جنوبا إلى منطقة الجزيرة في النصف الثاني من الألفيّة الثالثة 
قبل الميلاد . . والأورارتويون من سلالتهم. وقد أسّسوا مملكتهم في الهضبة الأرمنيّة ما بين القرنين 
التاسع والسابع قبل الميلاد. أما الحثيون فهم شعوب أناضوليّة قديمة تمككنت من تأسيس إمبراطوريّة 
شمال وسط الأناضول في منتصف الألفيّة الثانية قبل الميلادء ضمت في أوج اتساعها شمال بلاد الشام 
ومنطقة الجزيرة الفراتية (المترجم). 


غرض 


ظهرت نتائجح هذه التطوّرات في التحوّل الذي طرأ على التحالفات 
الاجتماعيّة. ففي القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد» استكمل الآشوريّون 
قوتهم الإمبراطورية بمزيج من سلاح الفرسان. ذوي القوّة الباطشة» والفعالية 
الإداريّة العالية. ولقد كانت هذه الفعاليّة الإداريّة هي العنصر الحاسم الأثر» 
ذلك أنها المت حر يو لماي الاك علي كل مكان. 
فتم إرساء التقاليد المحليّة وتعميمها (ولاسيّما عبادة الآلهة). * لم إنها تقهمرت 
بعد ذلك حين عبرت التقاليد المشتركة عن نفسها باللغة الحكمية والإدارية 
الجديدة: الاآراميّة. فعلى خلاف اللغات السابقة» لم تشترك الآراميّة في 
التقاليد الكهنوتيّة المسماريّة» التي بدأت في ذلك الوقت بالتراجع بعد أن 
فقدت قوّتها. وقد كانت الأراميّة لغة ساميّة ككل اللغات المسماريّة المهمّة. 
أضتبحتة الآراسية (فئ :متطقة الهلال الخضيي تحديدا) لغة العجان واللقة 
الستعكدية فى حياة المدئة بالعفوم 232 اضحعت الله الميشكدة حن نبل 
كتبة البلاط (إن لم يكن في المعابد أيضا)؛ ولاحقأ شاعت بين الفلاحين 
أنفيا . اكتف اللغات الأخرى لشبعة ترون كليكات ميف (وكلقات 
وسيطة للدين والعلوم لدى الرجال المتعلّمين)؛ ولكنّ العناصر السكانية 
المهيمنة فى الهلال الخصيب والمرتفعات المحيطة بها أصبحت بوجود لغة 
اليو واسرة لكين الجا ديري تهنا لقها برزاعند ا بوعدوعا .دو همال "ارك ين 
التوقغنات: المشتركة: 


لم يظهر تأثير القوّة المتنامية للتجار في ميدان اللغة وبين الكتبة فحسب» 
بل ظهر قبل ذلك في الكتابات المسماريّة التي عكست تزايد الشعور 3 
الشخصية والسعي نحو تلبية أذواق الأسواق أكثر هخ . المعابد أو البلاط. 
يُمكن إدراك تحوّل مزاج الكثير من البشر في ذلك الوقت من خلال ار 
التطوّر المفاجئ في علم الفلك في تلك الفترة؛ فقد ظلّت حركة النجوم درس 
لوقت طويل في بابل» لاعتقادهم أنْ حركتها تحمل إشارات على العديد من 
الأمورء من بينها مصير الملوك. بدأ تطوّر هذا العلم في اللغة المسمارية 
البابليّة على يد الكهنة (الذين كانوا يحتكرون مثل هذه المسائل)» ثم أصبح 
العلم منظماً بشكل كبير» ومتطوّراً على المستوى العلمي والرياضي. ولكن. 
مع نهاية العصر المحوريء لم يعد علم الفلك مقتصراً على معرفة مصائر 
الملوك وأحوال الممالك» بل أصبح- موجّها نحو معرفة مصائر البشر العاديين 


غرف 


(الأثرياء فيما يُفترض)» بما هم أفراد» بمعزل عن المصير العام للشعوب . 


ازدهار العصر المحوري وتمفصل المناطق الثقافية 

لم تكن الأراضي الويف قة :ا لمستها ركه انيما ...تلنكها الارامة الهديدة: 

هي الوحيدة التي تمتلك هذا النوع من النزوعات. تيع الصخارة» انكشيرت 
المناطق المدينيّة في أنحاء المعمورة على نحو مطردء و صبح السوق هو بؤرة 
التركيز الأساسيّة للثقافة الغليا'فى العلذيد من المتاطق؛ . وفي لطر الا 
بدأ العلماء بالا معماءبالمصين العتخضى» ولأسات مجهولة تخزتيا + تطؤرت 
المناطق المدينية ا 0 متوازية» حتى بين المناطق 
التي لا تمتلك صلات تجارية مباشرة فيما بينها (كالصين والبلاد الهندية ‏ 
ل ل ا ا ا هو معلومء فوصولاً إلى 
منتصف الألفيّة الأولى قبل الميلاة» كانت الزراعة م:ذهرة: .وكانت الأساليت 
الاجتماعيّة والاقتصادية الجديدة تتكاثرء بخاصة في مجال التجارة؛ فعلى 
سبيل المثال» تَطوَّرَ سك العملة. ٠‏ كوسيلة للتبادل المالي السهل في ظل 
الظروف المعقّدة» وَضولا إلى القرن السابع قبل الميلاد. عون 1 موده سيا 
في الأناضول وفي شمال الهند وفي الصين. وفي نفس المناطق المتباعدة من 
المعمورة ظهرت الكثير من الأعمال الإبداعيّة الفكريّة التي أثبتت أهميّتها لكل 
جوانب الحياة الثقافيّة العليا وتطوّراتها. ومع تراكم هذه الأعمال تحوّلت إلى 
حالة من انفجار الوبداع والابتكارات الثقافية فى جوانب متعددة. وانطلقت 
بذلك العديد من التقاليد الثقافيّة العلياء التى تمثل أشكالا غير مسبوقة من 
الازدهار الثقافي . يمكننا اعتماد مصطلح الفدلموك كارل ياسبرز «العصر 
المحوري» لوصف هذه الفترة الواقعة ما بين ٠٠١ 8٠١‏ قبل الميلادء نظراً 
لأهفكها الفاريشة وتاثيرها فيماقلذق*. لمكن وصقف هذا العضيون يناده 
«محوري' لا لأنه ‏ كما يوضّح الرسم الذي يُظهر موقع الإسلام في التسلسل 


(:) لقد وجدتٌ الحاجة ملحّة لاستعمال عدد من المصطلحات الجديدة فى هذا الكتاب؛ وعرّفت 
بعض المصطلحات بطريقة قد تبدو غريبة عن الكتابة الصحفيّة (مثلاً» «سوريا» كمصطلح جغرافي» تعني 
حر لطي الراقتااما ين نيه اجريرة مسبناء وصو إلى كنيه عويزة ا لأناضيول ا للجوية حول 
استعمالاتي للمصطلحات ودفاعي عنهاء انظر الجزء المخصص لمراجعة المصطلحات العلميّة في 
المقدّمة. 


يفف 


التاريخي للعالم - أتى في منتصف العصر الزراعي المديني. بل لأنه أنتج 
تمفصلاً وتمايزاً جغرافيًاً وثقافياً مستمراً , بين المناطق المدينية في المعمورة. 


في الحقيقة . فإنْ إحدى أهمٌ النتائج المترتّبة على حالات الازدهار تلك 
هي تاسيس مركبات شاملة وجديدة للتقاليد الثقافيّة العلياء ٠‏ كتلك التي شكلتها 
المسمارئة سانا د ولكة :هذه التقالين الجديدة كانت تنتشر بلغة البشر العاديين 
والبسطاء: ولعل الآراميّة كانت أولى هذه اللغات وإن كانت أقلّها حظاً من 
التطوّر. بدأت المناطق التي ظهرت فيها التقاليد الكتابيّة الجديدة بتشكيل 
مناطق مركزيّة : مناطق يدور داخلها الجزءٌ الأكبر من جميع التطوّرات الثقافيّة 
العليا؛: او على الأقل مخاطق تبكر متها العقافة الغليا:. واصسيعدع هذ 
المناطق المركزيّة هي الموجّه للحياة الثقافيّة العليا في جميع أنحاء المعمورة 
خلال بقيّة العصر الزراعي. 


على خلاف العديد من الترسيمات التاريخية» يمكن أن يقدّم التاريخ 
المديني الأفرو ‏ أوراسي بوصفه تطوّراً مترابطاً ومتوازياً نسبياً لأربعة مركبات من 
القالبد العقدارنة الكبرى 1 المركب الأوروبي» بمنطقته المركزية الممتدّة من 
الأناضول إلى إيطاليا على امتداد البحر الأبيض المتوسّط. بلغاته الكلاسيكيّة 
الإغريقية (واللاتينية)؛ والمركب الممتد فى المنطقة الواقعة بين النيل وجيحون. 
التي يقع مركزها في الهلال الخصيب والمرتفعات الإيرانيّة» والذي تناقلته 
مجموعة من اللغات الساميّة والإيرانيّة؛ والمركب الهندي فى المناطق الهنديّة 
والأراضي التعتوكة الحرافةة ا معها» اعانه الستسكريفة بزوالالية )و افر كي 
الأخير في أقصى الشرق. في الصين والأراضي المجاورة لها"”*. وكان لهذه 
المناطق تأثيرٌ ساد سني ١‏ نيا كا كير نئل رمت ل لحميفا اننا وكا نتيا 
أحياناً تراثٌ مشترك» في التجارة والفنون والدين والعلم. 


(*) يعود هذا التقسيم بصورته الأولى إلى رائد مدرسة التاريخ العالمي الشامل في جامعة 
شيكاغو. وليام ماكنيل») في كتابه صعود الغرب. الذي عاب عليه هودجسون ركونه إلى شيء من النزعة 
الغربية في قراءة التاريخ العالمي» على لوخم بن عاض يكن خوط الانصات. بين الحضاراءت وتأثيراتها 
المتبادلة فيما بينها على أن هودجسون يختار مصطلحات أخرى لوصف المناطق المركزية الأريع 
وتقاليدها الكبرى (المترجم) . 
ظ 0( لتسويغ استعمالي مصطلحات عامّة مثل «أوروبي' و«هندي»., انظر القسم المخصص 
لاستعمال المصطلحات في الدراسات التاريخيّة في المقدّمة. 


“؟>ظ2 


لخط ال١م:‏ لتارب- العالم 
موقع الإسلام في الخط الزمني لتاريخ 


.ه١٠١‏ (ق.م) 


ق.م (؟) المجتمعات الزراعية القروية المبكرة 


العصر الزراعي 
قال المعوودة 


ع ع (#ا) 
الآفرو ‏ أوروبية) 


0 ق.م (؟) المدن 
ما قبل العصر المحوري 
٠م‏ .م 
م 
5 (م) ما بعد العصر المحوري الإسلام 
© © مم 


العصر التقني (م) 


الحاضر 


نارف 


لعل ما هو أهمٌ من الاستعارة المتبادلة بين هذه المناطق» هو أن هذه 
المناطق قد وجدت في سياق تاريخي مشترك. فثقافة كل منطقة من هذه 
المناطق كانت توسّع هيمنتها على نحو مستمرٌ خارج حدود مراكزها 
الأصليّة؛ ومن ثمٌّ فقد وسّعت هذه الثقافات على نحو مشترك سنا عنيهنا 
التجارية وتاريخها الحضاري في جميع الاتجاهات عبر الاف السنوات. 
وقد تشاركت جميعها في شبكة جغرافية متعاظمة من التبادل التجاري 
والثقافي والتقني من جميع الأنواع. يتضح اشتراك لسن التاريخي لهذه 
المناطق بين الفينة والأخرى عبر الأحداث المهمّة التي أثرت على جميع 
هذه المناطق. وقد كان صعود قوّة المسلمين أحد هذه الأحداث. 
بالمحصلةء كانت المعمورة الأفرو ‏ أوراسية هي المسرح الذي دارت فوقه 
كل أحداث التاريخ الحضاري» بما في ذلك الحضارة الإسلاماتية» وقد قام 
هذا المسرح بالدرجة الأساس على العلاقات المتبادلة والمتعارضة بين 
المركبات الثقافيّة 'للمتاطق: الكرئ:. ول شك يأن أكثر المناطق: غرضة لآثان 
تلك العلاقات المتبادلة كانت المنطقة المركزية ذات التراث المسماري. 


تمايزت هذه الثقافات في مناطقها في العصر المحوري عبر صعود تقليد 
كتابى خاص وتطوّره في كلّ منطقة من هذه المناطق. فالتقاليد الكتابيّة 
المرتبطة بكونفوشيوس ولاوتسه وأتباعهما هي ما عرّف وميّز الثقافة الصينيّة ‏ 
اليابانيّة في الشرق الأقصى (من أوراسيا). ومن طاليس في الأناضولء مروراً 
بفيناغورس في إيطالياء وصولاً إلى سقراط وأفلاطون ومن معهمء نبع التراث 
الككلةسكن للمتطقة: الأوووبة شرقا:وغربا.. ومتد.وقت :فيكر» كان.سكان 
المناطق النائية في ليديا [إقليم يقع غرب الأناضول] ومناطق حضارة 
الإتروسكان [فى غرب إيطاليا]» يدورون في فلك التقاليد التي أنتجتها اللغة 
التجاريّة الرئيسة على السواحل الإغريقيّة. في المنطقة الهنديّة» كان لعصر 
الأوبانيشاد وبوذا والمهافيرا [مؤسس الجاينيّة] أهميّة حاسمة مماثلة. 

على أن المنطقة الثقافيّة المسماريّة» الواقعة في قلب المعمورة» قد 
مئّلت استثناءً من ذلك؛ فعلى الرغم من أنها تمتلك أقدم التقاليد الثقافيّة 
العلياء وعلى الرغم من أنها أوّل من طوّر طرائق جديدة في الجياة 
الحضاريّة» فإِنُْها حتى ذلك الوقت» لم تطوّر هويّتها وأسلوبها الخاص على 
نحو كامل؛ بل كانت موضوعاً للتأثيزات المختلفة من جميع الجوانب. داخل 


ضف 


تلك المنطقة» استمرّت الآراميّة في حمل التقاليد الكتابيّة» إضافة إلى اللغات 
المستهارية الاخرئ التي ترسشخت خلال العصر المحوري. لم تطوّر الآراميّة 
تقاليد عليا داخل مجالها الثقافي من خلال أغمال كبرق بالارامة.: إذاّء 
يمكن تعريف المنطقة التي ظهرت فيها الثقافة الإسلاماتية والستلبي ١‏ ىق 
بوصفها مجموعة الأراضي المتبقية التي لم تتجذر فيها التقاليد الإغريقية 
والتشكركة: والنى تم خاره حدود المنطقتين الأوروبيّة والهنديّة. إذ إِنَّ 
هاتين الثقافتين هما أولى الثقافات التي اكتملت ملامحها'"''. إذاًّء ففي هذه 
المنطقة» فى العصر المحوري. والتي تمتد من جبال هندكوش [سلسلة جبال 
يذ قن انداتيهانا كباله عرميديا عفان ] إلى الس الأبعى المتويي كد 
تجظ النقا قاف الستسكرينظة والإاغرية ةا سر عمو تعدرة رعاس. الظهر 
الخريطة المرسومة للعالم ما قبل الإسلام الممتدٌ من الهند إلى البحر الأبيض 
المتوسّط الموقع المركزي لهذه المنطقة). ولكنء» هنا أيضاء توجد منطقة 
مركزيّة ومركب مركزي من التقاليد التي يمكن تعريفها بالإيجاب؛ على أساس 
الإبداعات التي حصلت في المنطقة في العصر المحوري؛ على الرغم من أن 
كثيراً منها لم تكن بالضرورة بالآراميّة . 


كما حصل في المتاطق الأخرىئ: كان 'ثمة ا بالفرد بما هو فرد. 
أي ذا لاسعفان ل سني عن الجماعة الغ يشكل جنوءا منهاء. وهو الاهتمام 
الذي تزايد حضوره عبر ممارسات الأنبياء العظام الذين ظهروا في العصر 
المحوري؛ كزرادشت في إيران وأنبياء العهد القديم لدى العبرانيين. لقد 
تحدّث الأنبياء إلى البشر باسم إله فائق وفريدء لا يُمكن اختزاله إلى أي 
صورة مرئيّة أو عقليّة» ولكنه يُمثْل البعد الأخلاقي في الكون؛ وطالبوا البشر 
بالولاء غير المشروط لهذه الرؤية المتعالية. لقد وعظ زرادشت وأتباعه الناسَ 
أن هنالك واجباً يقع على عاتق ق كل شخص بأن يكون له دور ة في الصراع 
الكوني بين الخير والشرّء وبين العدالة والظلم» وبين النور والظلام؛ وهي 
المعركة التي لا بد أن تنتهي بانتصار النور والحقيقة. على المستوى 





(7) لم يتمكن كارل ياسبرز. الذي اقتبستٌ منه مصطلح «العصر المحوري», من إدراك استقلالية 
هذه المنطقة الممتذة من النيل إلى نهر جيحون ؛ وبالطبع فقد كانت هذه المنطقة أقرب إلى المنطقة 
الأوروبيّة منها إلى الهنديّة . انظر: 


.(1968 رذوع؟21 1017151137 ع1[ولا :60131 مقا 1130 بلا[ 1) بردم اك ةط [ه |00 4214 ااعة 07 176 ,و1ع م185 أروح1 


خرف 


الشخصي» يتجسّد واجب الأفراد في نقاء حياتهم وطهارتها؛ أما على 
المستوى الاجتماعي, فإِنَه يتجسّد في الحفاظ على التوازن العادل بين 
الطبقات في المجتمع الزراعي. أما أنبياء العبرانيين» في فلسطين ثم فى 
بابل» فقّد طلبوا من الرجال والنساء أن يحبوا الإله الخالق ال رن 
جميع الأمم. والذي يُطالب أتباعه الدذوة الصاو بمعايير صارمة وغير 
اعتيادية في مقابل وعده إياهم بالرحمة وتحقق مرادهم في النهاية» حين 
يكونون مستعدين لعبادته بنقاء أخلاقي كامل. لقد أوجد هؤلاء 2 
تقاليد كتابيّة قويّة في اللغات الإيرانيّة القديمة'" والعبرانيّة (ثمّ في 
الآأراميّة). تعبر عن رؤاهم وأفكارهم وتطووهاة ولكن. ٠‏ في ذلك الوقت. 
اع هده التقاليد من التسيّد سياسيّا. ولم تجد قبولا فكرياً عامّاًء وقد 
أصبحت ينها التوات الأكثر قداسة - بعد أن تطوّرت بطرائق مختلفة 
شكل كير - لعددٍ كبير ومتزايد من البشر في الهلال الخصيب والمرتفعات 
الإيرانية. وفى النهاية. ات هذه التقاليد محل التقاليد المسماريّة ومحل 
جميع الثقالك الميعلة: 


وفقاً لما سبق» فقد شهد العصر المحوريّ» على نحو غير مباشرء ولادة 
تقاليد كا في المنطقة الرابعة» التي بات يطلق عليها «الشرق الأوسط». 
لمكتلنا أن عق هله المنطقة» بحسب أغراضنا البحشية» بأنها الأراضي 


)00 57 2 
الواقعة بين حوض النيل الأدنى وحوض نهر جيحون”. أما المنطقة المركزيّة 
لها فهى مقتصرة على الهلال الخصيب والمرتفعات الإيرانية. حيث درجت 


(0) ليس لدينا أي دليل موثوق عن وجود نصوص زرادشتيّة مكتوبة قبل عصر الإمبراطوريّة البارئية 
[التي امتدّت في شمال شرق إيران من ١59‏ ق.م إلى 777 م]ء وربما تكون المؤلفات الزرادشتيّة قد 
انتقلت بالمشافهة. على أن الكتابة كانت معروفة في شرق إيران منذ حكم الأخمينيين [بدأ حكمهم 014 
ق.م] . ويبدو أنَ التقليد قد نما (محافظاً على نفسه بعيداً عن اللغة) بطريقة أفضل مما لو كان مكتوباً . 
ليس واضبحا ما هو الدور الذي فم به كاه مكل وسكا 592857 الذي يُذكر بشكل بارز بوصفه ناصر 
الحقيقة). وهل كان ناقلاً أم كان مُقدّماً مستقلاً للتحدّي الأخلاقي؟ ولكو اام حرس من لاد 
بن زرادشت كان هو وحده الشخصيّة النبويّة. 

(6) لا أفضّل استعمال مصطلح «الشرق الأوسط» لوصف هذه المنطقة. لأن هذا المصطلح 
مضلل على أكثر من مستوى». وأفضّل استعمال عبارة : «الأراضي الممتدّة من النيل إلق جيحون)ء أو 
«منطقة النيل إلى جيحون» . لقد شرحت استعمالاتي للمصطلحات في الجزء ء الممخصص لاستعمالاات 
الألفاظ في دراسات الإسلاميّات في المقدمة. 


5 


ل 


خرف 


0 


1 


هه د 
و اه 2 5 
ل 0 
2 0 





ف... انمض 7 1 ديد 


6 


عه 


اللغات المسماريّة واللغة الآراميّة: منذ العصر المحوري وصولاً إلى الأزمنة 
الإسلاميّة» كانت الكتب التي تكتب في تلك المنطقة تُنقل إلى ما وراءهاء 
وكانت المزسسات: الت .تدكا فيه لجاكن رقن انا تلق لاخر تادر نا 
كان يحدث العكس . قدّمت التقاليد الكتابيّة الإيرانيّة والعبرانيّة التحفيرٌ الأكبر 
للخيال» وساهمت بالتالي في ظهور التقاليد الأخرى المرتبطة بها كالمسيحيّة 
والماتوية؛..فى العضر المجورئ» كان هتالك:دوما تاثير من انحن التقاليد أ 
من آخرء إلى درجةٍ تجعلنا قادرين على إطلاق اسم مشترك على المجموعة. 

لقد كانت لغة هذه التقاليد في الغالب من اللغات الساميّة والإيرانيّة» ومن ثمّ 
فإِن بإمكاننا وصف ثقافة تلك المنطقة مع بعض التعميم بأنّها ثقافة «إيرانيّة ‏ 

ا 


الضمير الفردي والمجتمع الحديد 

في جميع المناطق الأربع» تشارك المفكرون المبدعون في مجموعة من 
التوجهات» ربما نتيجة تجاربهم المتشابهة خلال حقبة جع التجاري وما 
صاحب ذلك من اختلاط البشر (على الأقل من البحر الأبيض المتوسّط إلى 
الود ): غاليا ما كانت الوضعيّة الثقافيّة التي عاشوا وتحدّئوا ضمنها وضعيّة 
ترتكز على السوق أكثر من المعبد. خاطب جميعهم الضمير الفردي» الآخذ 
بالصعود انذاك. وأقاموا مناشداتهم ومطالبهم على أساس المسؤوليّة الفرديّة 
والعقلانيّة. أما فيما عدا ذلك. فإِنْ الأشكال التي طرحوا بها مشكلاتهم. 
وبالتالي الإجابات التي وصلوا إليهاء كانت مختلفة على نحو جذري في 


)09( أفضّل استعمال مصطلح «إيراني ‏ سامي» لوصف هذا المير كبن الثقافي بدلاً من «الشرق 
أوسطي' أ و «المشرقي 205162481 الشائعين» على الرغم من أن الأخيرة في 0 الألماني 5 تشير 
أنه إلى المناطق الواقعة بين النيل وجيحون». ولكنْ مصطلح (إيراني ‏ سامي» يبة يبقى أكثر صلاحيّة ودقة 
لوصف ثقافة المنطقة حين فقدت التقاليد الأخرى استقلالها وهيمنت الثقافة «الإيرانيّة الساميّة» على 
ثقافة المنطقة بأكملها . 

ولكنني لا أتعامل مع مصطلح «إيراني - سامي» على أنه ذو دلالة عرقية أو ذو دلالة على رابطة 
دم. الست مهفن فنا بمعرفة إن كان ذلك ممكنا أصلاً الأصول البعيدة للعناصر الثقافيّة الإيرانيّة 
والسامية والهيلينية المختلفة. فأنا أركز هنا على كيف تطوّر ذلك إلى مركب مترابط من التقاليد 
المتراكمة. ولتّحقيق هذا الهدف» فإِنْ الشعوب الإيرانيّة والساميّة تشكّل وحدة ثقافيّة واحدة نسبهأ في 
مقابل الشعوب المتحدثة باللاتينيّة والإغريقية . فالعناصر الهيلينيّة في الغنوصيّة مثلا لا تهمّني هنا بقدرٍ ما 
يهمْني تطوّرها - بأيّ لغة كانت داخل السياق الكلي للتقاليد الإيرانيّة السامية . 


32 


معظم افتراضاتها الكبرى» على الرغم من وجود بعض التداخلات بينها 
بطبيعة الحال. فقد ركّز المفكّرون الهنود أكثر من أيّ شيء على استكشاف 
إمكانات النفس. وقدموا طرائق شاملة وبارعة لفهم العمليات اللاواعية 
داخلها والتحكّم بها؛ بل إِنْهم رأوا أحياناً إمكانيّة تجاوز الظلم والسمو عليه 
(كما في نصوص الجيتا) عبر تفكيك المصطلحات التي تطرح بها الأسئلة من 
أساسها .. أمنا المفكوون العلنتون 6 فقل.سعوا بالاساس لاكتشاف الطبيعة 
الخارجيّة؛ فحتى بعد تأكيد سقراط وأفلاطون على الطبيعة الأخلاقيّة للفرد. 
ظلّت نقطة الانطلاق الأساسيّة للأبنية الفلسفية هي نظام الطبيعة بأكمله؛ 
فالعدالة (بحسب نصٌّ الجمهوريّة) يجب أن توجد في التناغم الكونيى.» حيث 
تؤدي الأنواع المختلفة من البشر أدواراً مختلفة. أما الأنبياء الإيرانيّون ‏ 
الساميّون فلم يُحللوا الطبيعة الداخليّة للنفس ولا العالم الخارجي. ولعل 
تحليلهم كان متعلقاً بالتاريخ نفسه؛ فقد طوّر الكتّاب العبرانيُون على وجه 
الخصوص وعياً عظيماً بالتقدّم الأخلاقي في التاريخ (لا ب «التقدّم» بحدّ ذاته 
بالطبع). فقد استدعى هؤلاء الأنبياء الضميرٌ الفردي ليواجه النظام الأخلاقي 
الكوني» الذي يعبّر عن نفسه في الحالات الاستثنائتيّة الممكنة في التاريخ 
الاجتماعي؛ فالصراع من أجل العدالة كان مسألة مندرجة ضمن الفعل 
التاريخيى. ولذلك فقد كانت العدالة والمساواة بين الأشخاص هى القيمة 
العليا في الحياة الحضاريّة عند أتباعهم المخلصين. حتى لو اقتضى ذلك أن 
تكون غلى حضينانيا الفنون والمتدراته اللحضارية الفنية: 


نقد أنمزت القطووات الحاضلة فى العضر المحورى أشكالا وننن 
بعاعكة جديدة (وققرهذا ذلك | دما ذا مج الم ,وحور ذه روإك: كاذف هد 
المنطقة أقل المناطق في درجة اكتمال هذه التطوّرات). لقد انهارت 
الإمبراطوريّة العسكريّة الآشوريّة بعد تنامي سخط كثير مخ الشعوات وكراهيتهم 
لها نتيجة أفعالها الوحشية. ولكن» بعد ذلك بفترة» فى القرن السادس قبل 
العااق كاتى الحديد من الاراضى نادريق الدل :يدون قد أ مدت تمت 
حكم الإمبراطوريّة الأخمينيّة الفارسيّة التي تمكنت من توحيد الشعوب في 
المناطق الممتدّة من بحر إيجه إلى نهر السند في ظلّ حالة من السلام 
المتبادل. وفي ظل هذا الحكم. تحصّل التجار الآراميّون على حريّة تجاريّة 
مطلقة» وأصبحت الآراميّة هي اللسان الحكومي والإداري الرئيس» حتى فى 


"١ 


أنحاء إيران. أما الفرس فقد حرصوا على ألا يمارسوا انتهاكات عنيفة 
للتقاليد المحليّة القديمة كما فعل الآشوريّون؛ وربما لم يعودوا بحاجة إلى 
ذلك أصلاًء ذللكه أن :لكين :قل تعلهوا فى )ذلك لوقيف كينا عن كيمنة العتش. 
في مجتمع عالمى. وهكذاء فقد حافظوا على المؤسسات التي تطوّرت ضمن 
تلك التقاليد في كل مكان ما دام ذلك ممكناً من دون فرض مبادئ اجتماعيّة 
كبرى جديدة» ولكنهم نادوا بأن يكون الواجب الأوّل هو الحفاظ على 
الحقيقة والعدالة» وهو واجب مفروض على من يحوزون امتياز الحكم. وقد 
تمّ فرض هذا المثال الأعلى حتى على الأعمال الفنيّة الكبرى» التي كانت 
تصوّر الملك في بلاطه كسيّد للشعوب. على خلاف الأعمال التي تصوّر 
القادة الآشوريين وهم يدمُرون أعداءهم . وفي ظل حكمهم. 4 تمكقت العدرك 

من الشعوب. كاليهود. من استرداد أوطانهم. وكغلموا كلت ييولروة ويبجلون 
العلك العظيم يوضةةه”عنايق العتلام والاردهان هيد أن فو ضكر حاون 
التدخّل في هذه الأراضىي””"'" . 


في جميع المناطق الكبرى» كما في منطقة ما ب بين النيل وجيحون. كان 
ثمة نزوع لدى السلطة السياسية لتوسيع 0 الجغرافيّة بموافقة ودعم مدن 
الشعوب المختلفة. التي وجدت مصالح م مشتركة في مثل هذا النوع من اليم 
الذي تقدّمه الإمبراطوريّات» إذ أصبحت علاقاتها المتبادلة والمتداخلة أكثر 


تعد : كانت الإمبراطوريّات تتأسس عادةً في كل المنطقة المركزيّة على 
الأقل في جميع المناطق الأربع» وكانت تحمل معها إضافة إلى السيطرة 
العسكريّة حالة من الوحدة الثقافيّة والاجتماعيّة. لقد أصبح نموٌ 


(؛؟٠)‏ لمزيد من الاطلاع على الحياة الثقافية بين النيل وجيحون؛ ثمة كتابان مناسبان لهذا 
الغرض» انظر : 
324 ,(1968 ,.0اآ سمعظ أدعصعظ :هه00هممط) أكمط جمء77 زا دز 101لهع !1ن 0 :11 اه 176 ,11مألصهة 2 تتمعل] 
حتطن) 01 لا1511ع 0107لا هآآ ,مع دعتطن)) انما[ اناعاء :41م زه 1116( 4 أمنتاءء!]1::1 1116 ,[.[ أع| 1011 ل[امدء 1 مع 1[ 
.(1946 رووعء]ظ 0280© 
والكتاب الذي شارك فيه هنري فراتكفوت وآخرون» ير بغلاف ورقي (670201م32م) بعنوان : 
.(1964 ,80015 موءتاء2 :000 ]) ا11(ع4711 0 ©1117( هر أملتاءء|[17:1 1/1 :نرر/إمهدم]ةباط ء 8/0 
قد يكون هذا الكتاب كديها بعض الشيء» ولكنه لا يزال ذا قيمة مهمّة في عرض المذة الطويلة. 
ويمكن الاطلاع على ملخص ممتاز لمعارفنا الحالية في المشلد الأوّل من الكتاب المدعوم من 
الب نكوي انط أرقا : 
رهعوع2 ل1آ :عازه لا" بجع11) 11ت 1م ماءدعء12 عت اتءعقء 5 2214 أ جنااين) زه مذلا أهه! 0 4 17:4 :ه74 زه زه كى 11 
.(1963 


الامبراطوريّات ممكناً بسبب التطوّرات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الجديدة التي 
حصلت في جميع هذه المناطق خلال العصر المحوري. وقد كانت هذه 
الأمبزاطور انث عحرمضة على تأسيسن نننيها» عدن الأمكاة ».على افناسى 
عناصر التفكير الفلسفى فى مناطقها. فقد ا الإمبراطورية الماورية في 
تنما المتد ا انكر البو 3 اها إميرا ور شيو هان فى لصتي نقد قات 
على نظريّات معادية للنزعة التقليدية. ثم و اععيندت لاحقاًٌ على المعايير 
الكونفوشيّة على نحو متزايد؛ أما الإمبراطوريّة الرومانية في حوض البحر 
الاحفن المتوقطة نم نامك فاكونها ,ساس على الا فكان الرزوا قنة يطول 
الطبيغة الاتساية» وأقاميت نظامها الاجتماعي بالمجمل على المُثل التي 
أرستها حياة المدن الهيلينيّة في أزمنة الفكر الكلاسيكي . 


ولكنّ تطوّر التقاليد المناطقيّة ما بين النيل وجيحون كان ضعيفاً وظل 
تعناتى .فقن المقاغعفات القن تمت عن سنقوط الأميراطورنة الاحميية 
الفازسية : فيعك أن غرا الأسكتدر هذه المناطق» لم يُقَدّم بطبيعة الحال ثقافة 
آراميّة أو نبويّة» وإنما قدّم ثقافة هيلينيّة؛ أي ثقافة الحضارة المتمركزة في 
الأراضى الساخلئة تهال الكر الآبيضن المتوشط: كان التحان والمركرقة 
البا تون قد أدوا دوراً كر ايد وإن كان اويا داخل الإمبراطورية 
الأحهيت:. ولكن. في القرون التالية لحكم الإسكندرء احتلّ حملة الثقافة 
الأغريقتة موقفا مويما شيا فى اغزاء واسعة من قللك السخطفة : فمي المنطقة 
الفركرية للتقالبك: الإيزائثة + السامتة» فى الهلال الخصسه :والمر تفعات 
الأبراتةرإيافة إلى مسصدراء كانت المنون الأعونة اه بسنا ليده زع تفاعيها 
الهيلينيّة» مزدهرة جنباً إلى جنب مع المدن التي استمرّت في تقاليدها 
الآراميّة» وأنماط حياتها المسماريّة أحيانا. ولكن. فى العديد من المناطق» 
كافك العناضير بي ْ 


0 00 ده بعد موت الإسكندر. كانت ا 
هيلينيّة صريحة» واعتمدت على المدن التي تشكّلت أوّل ما تشكلت. 
كمستعمرات إغريقيّة» والتي توزّعت في كل مكان بين النيل وجيحون. 
وصحيح أن الإمبراطورية البارئيّة. التي حَلّفتها في ا الأكبر من الأراضي 
كانت إيرانيّة اللسانء إلا أنها كانت (على الأقل في بدايتها) مدافعاً 507 


رخف 


عن الققافة المليكاى :ققد سحظايت: | لثقافة الو اركة ميقع | المعفققة لمعن 
بالعناصر المحلية باحترام شبه حصري في المدن الكوزموبوليتانيّة الكبرى . 
00 بدأت التقاليد المسمارية» (والهيروغليفيّة) تضمحل. لستاي 
الوعريفة وليس الأراميّة: بوصفها الشكل الذي يحمل الأدبيات الأكثر ثقا 
وتهذيياً . ولأجل ذلك؛ يُطلق على القرون الأربعة أو الخمسة التالية يت 
الإسكندرء في المنطقة الممتدة كتر نا إلى هو صيجون وقرنا إلى حرطن ابعر 
الأبيض المتوسط. اسم العصر «الهيليني». 

لا يزال الجدل قائماً حول آثار هذه الهيمنة للثقافة الهيلينيّة على الثقافة 
الإيرانيّة - الساميّة والمصريّة. ولكنّ هناك أمراً واحداً مؤكّداًء وهو أن جميع 
التقاليد المتعلّقة بالعلوم الطبيعيّة» ومركزيّة علوم الرياضيات والملكء التي 
ظهرت منذ وقت مبكرافي بابل القديمة» وتطوّرت أيشاً أثناء حكه 
الملوقييق 4 بالمسهار:ة البايلية والإغريقية + قد أضبحة تدزيجا مزتبطة على 
نحو راسخ» بالجانب الهيليني من ثقافة المنطقة؛ ومن ثمّ فإِنّ ثراء العلوم 
الطبيعيّة لاحقاً قد اعتمد على هذه العناصر الهيلينية. وقد كان لهذه الوضعمة 


«» هم جو 


اناد ميمة اهنا على الجانب الفكري للحضارة الإسلاماتية. 

على كلّ حالء بقيت المنطقة من النيل إلى جيحون متمايزة ثقافيًاً عن 
المنطقة الأوروبيّة» حيث أصبحت الثقافة الهيلينيّة ‏ بالإغريقيّة أو باللاتينيّة 
وحتى بعد دخول المسيحية - هي الأساس الذي قامت عليه جميع تقاليد 
الثقافة العليا. كانت الأراضي بم بين النيل وجيحون متنوّعة تنوّعا كبيراً» ولا 
يُمكن للمرء القول ما إذا كانت رن تأثرت حياة المدن فيها بالثقافة 
اببس على قدو كيين ) أن سوفن در حدون لقيف كاف ارالك لقان 
السنسكريتيّة قويّة) تعكسان حال المناطق الواقعة بينهما أم لا. ولكنّ تلك 
المناطق كانت دوما في حالة ترابط وتبادل مستمرٌ؛ إلى درجة خضوعها في 
الغالب لمصير مشترك. وأنا أعتقد بأنْ ذلك قد نتج جزئياً على الأقل بسبب 
الدور الذي أدته الطبقات التجارية في حياة تللقةا ل 


)١1١(‏ سيظهر لكم بأنني أفترض ضمناً مفهوماً عن الحضارة يتقارب مع مفهوم [جوردون] تشايلد 
وتلميذه تيرنر» ويبتعد أكثر عن تصوّرات شبينغلر وتوينبي. فأنا لا أرى عنصر «نمط العيش والحياة» 
ضرورياً في تشكيل الحضارة. وقد كنت أعتزم مناقشة ظهور التكامل الثقافي في المنطقة بين الساميين 
والإيرانيين من دون الاكتراث فيما إذا كان ذلك يشكل «حضارة جديدة» أم لا : إذ يكفي أن نحللها - 


522 


موقع منطقة النيل إل جيحون في المعمورة 

رأينا سابقاً كيف أنّ إثبات وجود هويّة لمنطقة ما بين النيل وجيحون أمر 
وقد ظلّ الأمر كذلك إلى الأزمنة الإسلاميّة (إلا أن التقاليد الإيرانيّة - السامية 
ا 0 مغمورة هَ بتقاليد انيد 0 
لهذه المنطقة أن تمتلك 0 شاد عن اخاعة إلى هذه ا ولكننا 
ربما يكون بإمكاننا التكهّن ببعض الأسباب الكامنة وراء ذلك. 


لا شك بأنَ نمط الثقافة العليا المميّز في المنطقة الممتدّة من النيل إلى 
جيحون قد تعزز بفضل سمتين جغرافيّتين للمنطقة: موقعها التجاري المركزي 
في المعمورة. وجفافها النسبيّ . ل العوامل بالضرورة هي الفاعل في 
ولادة هذه الأنماط المميّزة؛ فلا شكٌ بأن التقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة النبويّة قد 
لدت على الأرجح في مجموعة قليلة من المراكز التي أمكن للقادة المبدعين 
فيها أن يستحدثوا مجموعة من المعايير الفكريّة والاجتماعيّة القويّة» التي 
تمكنت من كسب موافقة الناس وتأييدهم وتقليدهم. قد يكون من الممكن مثلا 
أن تكون التقاليد الفريدة والمبدعة للعبرانيين ين قد ظهرت نتيجة لظواهر نادرة في 
تاريخ المعمورة: نجاح متتالٍ لثورات المزارعين (كتلك التي استهلت تاريخ 
الشعوب الدرزيّة أو السويسريّة). في هذه الحالة» فإِنْ الميثاق/ العهد سيكون 


- كمركّب من التقاليد الثقافيّة في طور جديد. على الرغم من ذلك» فإنني أشعر بأنْ جميع الأدوات 

التحليليّة التي قذمها توينبي على وجه الخصوص. لها صلاحيّتها داخل نظامه : فالأقليّة المبدعة يُمكنهاء 
إذا وجدت في ظروف مواتية» أن تطوّر أنماطاً ثقافيّة تنتشر على حساب الأنماط العليا المنافسة لها؛ 
ويمكنها حينها أن تستدعي ردود فعل من الكراهيّة والعداء من قبل الشعوب التي تلقّت هذه الأنماط . 
وعلى وجه الخصوص. فإنني أرى أن هناك درجة كافية من التكامل في ثقافة هذه المنطقة للتعامل 
بجديّة مع الظاهرة التي أشار إليها كل من شبينغلر وتوينبي اعتماداً على المؤرّخين الذي أقاموا 
التعارض والمقابلة بين الروح «الإغريقية» و«السامية» - بوصفها غير طبيعية في هذه المنطقة : الانتصار 
الظاهر للروح الإغريقية على البحياة الثقافية للسكان الأصليين في المنطقة» التي أعادت تأكيد نفسها 
لاحقاً (مع الإسلام بأوضح صورة). ولكنني لا أعتقد بأنْ مثل هذه الظاهرة يُمكن أن تختزل إلى 
مجموعة من القواعد العامة التي تغطي هذه الحالات على هذا المستوى . ببساطة» لا يمكن للمرء 
بالتأكيد أن يُشير إلى كيانات روحية كامنة» سواء أكانت تقوم على الثقافة أم العرق . فلا بد للمرء أن 
يبحث عما جعل منطقة ما قابلةً للأنماط الأجنبيّة عنها؛ وعمًا منحها اهتماما مستمرًاً بالأنماط البديلة 
عن تلك السائدة؛ وعن الظروف الإيجابيّة التي سمحت في النهاية لهذه الأنماط البديلة بالظهور. 


51 


بمثابة الاتفاق الذي اتحد المزارعون بموجبه ضدّ هيمنة المدينة» وستكون 
الحملات العسكريّة لوجع ين نود بمثابة المساعدة التي جاء بها هؤلاء 
المزارعون الذين نجحوا فى الشرق إلى المزارعين في غرب نهر الأردن (وربما 
يكون ذلك قد حصلء» ٠‏ كما في حالة الدروزء تحت قيادة إيديولوجيّة من 
مصر)”'''. وفي مثل هذه الأحداث الثوريّة» يُمكن أن يظهر الإله لا باعتباره 
إلها أخلاقيّاً فقطء بل إلهاً تاريخيّاً (وهي السمة المميّزة الخاصة لإله 
العبرانيين). ويمكن لتأثيرات مثل هذا المفهوم عن الإله. حتى في الظروف 
الحضريّة» أن تتكشّف في الحوار داخل التقليد (كما أوضحت ذلك في 
التوطئة). ثم يُمكن لهذه الأفكارء بعد أن يتم تأسيسهاء أن تحظى بالتأييد 
والموافقة خارج حدود المجتمع ا 0 ولكوة ان كان يده 
التقاليد العبرانيّة» فإِنْ الرؤى الجديدة لا يُمكن أن تهيمن فى وضعية عامّة إلا 
إذ كا تع هد ا لصفن مدل برقن ةروق على سجمنات ا لراقق لاخر 
في حالة التقاليد النبويّة» يُمكن لنا أن نخمّن بأن هذه الوضعيّة قد وجدت بين 
طبقة التجار الإيرانيين والساميين على نحو أكثر انتظاماً منها بين الفلاحين 
وملاك الأراضي؛ ثم اكتسبت قوّتها من بيئة المنطقة . 


لقد تأسست التقاليد المدينيّة في المنطقة أوَّلاً على الزراعة في السهل 
الرسوبيٌ الغنىٌ في منطقة ما عق التهزير الذي يحتاج الع فدر عالٍ من 
بدرجة أقل على مصر (التي لا تحتاج الزراعة فيها إلى الدرجة ذاتها من 
الإدارة). ال ات ل ا در وقوّتها 21 ارك 
550 الاسكتمار أكثر تحقيدا و اخكاماً 5506 ار وذلك عاك 

جزئياً إلى الموارد التي وفرتها القوى الإمبراطورية المركرية . كانت الزراعة 
هي المصدر الرئيس للإيرادات في المناطق الأخرى أيضاً. . ومع استفادة 
البلاط الحاكم منهاء ظهرت طبقة كبيرة من ملّاك الأراضيء الذين قدموا 


(؟1١)‏ أمء 81 6 *رعصتاوع221 01 أوعناوم00) بلعرطء11 عط1"' ,القطمعلمء84 .8 عع1مء0 
66-7 .مم ,(1962 00 3 25 .1701 ا 


الل امح ع و من الل ل ادر الى 


حدس 


للبلاط الحاكم القرّةَ العسكريّة التي يحتاجها من الرجال؛ إذ كان مُلَاك 
الأراضي هم عماد فرق الخيالة والفرسان (وأحياناً كان يتبعهم الفلاحون من 
أراضيهم كجنود في فرق المشاة). ولكن. باستثناء حالة استغلال السهل 
الرسوبي». كان كمه دوق متو قر سينا + كلوقت كر على أيّ زيادة 
محتملة للموارد الزراعية التي يعتمد عليها مُلَاك الأراضي . 


تشكل المنطقة الممتدّة من النيل إلى جيحون الجزء المركزيّ من المنطقة 
القاحلة (26ه2 4210) العظيمة التي تمتد على طول البرّ الأفرو ‏ أوراسي 0 
الصحراء الكبرى إلى صحراء غوبي [الواقعة في الجزء الشرقي من وسط 
آسيا]. ثمّة أجزاء واسعة من هذه المنطقة» كما توضّح خريطة الظروف 
الطبيعيّة من النيل إلى جيحون, تتكوّن من صحارى قاحلة؛ أراض رمليّة مع 
بعض الأحجار أو المساحات الملحيّة» حيث لا تستطيع سوى القليل من 
النباتات العيش» وحيث لا يُمكن للبشر والحيوانات الاستمرار في الحياة 
بيسر. وثمّة عدد قليل من المناطق المتفرّقة» كالمناطق الساحليّة جنوب بحر 
قزوين» الى لتحم كد وكير من الأمطارء وتمتلوع بالغابات يا وحيث 
جعاضطاي مر ني على سرع الزراعة . على أن معظم أجزاء المنطقة 

نة إمّا من الصحارى أو من مناطق جاقة نسبيّاً حيث يصبح الماء هو 
العامل الفارق الأهمٌ في دعم التحياة؟ كلها اتذافك اشام تت العاتانع؟ 
وكلما نمت النباتات تكاثرت الحياة الحيوانية والإنسانية . 


ثمّة ثلاثة أنواع من التضاريس في المنطقة القاحلة: أُوَّلأء المناطق التي 
تحظى بأمطار متفرّقة كافية لإنتاج كميات معقولة من النباتات للرعي». ولكنها لا 
تصلح للزراعة المستقرّة؛ ثانياء المناطق التي تحظى بنسبة من المطر كافية لضمان 
جاح زراغه البعطا صضيال؟ ولكنها تبقى دوماً مهددة بغياب الأمطار في بعض 
المواتم ؟ اناج المناطق العى قو رفنها الماء سق مصعدر اجر سوق الأمظار 
المرسطةة كوجود طبقات جيولوجيّة يمكنها أن تحبس مياه المطر في خزانات 
جودنة ضكمة تمكو اسنكراك المزاذيتها الابعنا عير حت لأباوالرى العتفول: 
والنوعٌ الأخير من هذه التضاريس هو ما يُطلق عليه الواحات» وقد تكون بعض 
الواجات كبيرةً وتضمّ داخلها عددا من القرى وأحياناً مدينة أو اثنتين. ينتج الآثر 
نفسه حين تكون المياه متوفرة عبر الأنهار التي تغذيها الأمطار البعيدة: وبهذا 
المعنى» يُمكن اعتبار حوض النيل الأدنى بأكمله واحة كبيرةً واحدة. 


"27 


"1 


: و : 8 


كوي 9 


هد د 


ةسون 


القرنين السابع والثامن 





جين لقان ذلك بالمناطق التي تحظى بكمية وفيرة من الأمطار ‏ التي 
تشمل الجزء الأكبر من المناطق المركزيّة الثلاث للثقافة العليا في المعمورة ‏ 
فسنجد أن الجفاف والقحل يُقللان من الموارد والتضامن لدى من يعتمدون 
في ثروتهم على الأرض. فضمن الأراضي الصالحة للزراعة» كان المحصول 
غير مضمون في المناطق المعتمدة على المطر؛ أما الأراضي التي تعتمد على 
الريّء فإنها تحتاج إلى صيانة واستثمار دائمين» وهي متوزرّعة ومتناثرة في 
الغالب» وتشكل نسبة ضئيلة من المجموع الكلي للأراضي. وهكذاء كانت 
تمتدّ حول هذه الأراضي الزراعيّة المستقرّة ووسطها تضاريس لا تصلح إلا 
لرعي قطعان الماشية؛ وَأخيانا تكون هذه التضاريس ممتذة على الال لا 
اد الماشية معه الاستقرار في قرية يتخذونها وطن ويكون عليهم 
بالتالي أن ينتقلوا باستمرار مع عائلاتهم. معو وير كل ام من الوجود 
الاجتماعي والثقافي» بطريقة تشبه البدو بدرجة من الدرجات. كان رعاة 
الماشية يحصلون على إيراد قليل» اك يحصلون إلا على ما يكفيهم 
للعستن: ولكنهم في بعض الأحيان كانو]. يمتلون"مضيدرا للملطة ا لاتجتما عي 
التي قد تنافس سلطة الطبقات العليا الزراعيّة. (بالطبع. "كان هناك شكال 
ودرجات مختلفة من الحياة البدوية كما كانت هناك شكال تجمع بين الزراعة 
ورعي الماشية). على أنْ الحياة الإنسانية» في أي منطقة كبرق كانة تر كز 
في مناطق بعينهاء ولا تتوزع على الأراضي بالتساوي» ومن ثم فقد كان 
يجب ويا استغلال كل مساحة الأراضي لدعم السكان: لأجل دللكع:. كانت 
التجماعات الزواعتة ميقن غالا مشاعده غره بخضها العضن».وكان الأدرياء 
الذين تعتمد ثروتهم على الزراعة فلائل ومعدودين في كل منطقة . 


بخلاف الحدود والقيود المفروضة على التوسّع في الزراعة» يبدو أنه لم 
لكو تمه فيود كلى إمكانات التوسع في التجارة. ربما يعود ذلك كرتا إلى 
أن هذه المنطقة كانت هي نقطة الأصل الجر كيه الزراعي الدواعم 
المعمورة» ولكنّ السبب الأهم هو أن توزيع البحار والجبال في أفرو ‏ 
أوراسيا قد جعل من منطقة الهلال الخصيب وما حولها من الأراضي نقطةً 
اتصال للرحلات التجاريّة الطويلة أكثر من أي منطقة أخرى . فمن ميناء (مثل 
البصرة) على رأس الخليج العربي مثلاًء كانت العلاقات التجاريّة ممكنة, 
سواءٌ بطريق مباشر أو عبر المراكز التجاريّة المجاورة (في البحر الأبيض 


لخي 


المتوسّط أو في إيران). مع بقيّة المناطق الكبرى في المعمورة؛ وهو أمر لا 

يتحقق لأي ميناء آخر في أي من المناطق الأخرى. كما توضّح خريطة طرق 
الحا في المنطقة القاحلة من أفرو ‏ أوراسيا . لم يمتلك التجار مثل هذه 
الفرصة في أي مكان آخر ليمتلكوا مثل هذا التطلّع الكوزموبوليتانيّ. 
وليحصلوا على ثروة جيّدة من خلال دورهم كوسيط تجاري بغض النظر عن 
مدى ازدهار حالة منطقتهم. خلال ألف سنةء ومع توسّع المعمورة الأفرو ‏ 
أقراسيةه وتوسع التجارة في المناطنى المديدة : اأصيعت الرحلات التجارية 
الطويلة عبر نصف الكرة الأرضيّة هيا وأكثر توم : وإضنافة إلى 
التراكم المكة: في التحسينات التقنية في منطقة الحضارات القديمة» بدأت 
تظويراكت يعضن: الموارة القاضة فق المناطق الجديدة تضاف إلبها + كالتؤايل 
الاعتين الأركسن المالرفة وى مانن اصميعت لاهنا مراك تار نمكي 
ذاقها يعي ان حادت سحناتك فى الطرق التحارنة. كدريهيا » | عيضف 
الرجلات القجارية الطويلة أكينه وأصبحت تتمتع مع مرور القرون بأهميّة 
كبرى في اقتصاديات المناطق المختلفة؛ ومن ثم فقد أصبحت الفرص 
المتاحة للتجارء خصوصاً في المناطق التي تقع على الطرق التتجاريّة بين 
النيل وجيحون. أكبر أنضاء 


ولكنّ الاقتصاد الأساسى لمنطقة ما بين النيل وجيحون ظلّ اقتصاداً قائما 
على الزراعة» وبقي الجزء الأكبر من ثروة المجتمع بيد مُلاك الأراضي لا 
التجار. ولكن» مع الاهتمام الأقل نسبياً بالثروة الزراعيّة» والاهتمام الأكبر 
فسا الشرفن التحازة؟ أصبح من الممكن أن يكون التجارء في عدد من 
البلدان (سواء شاركوا بأنفسهم في الرحلات التجاريّة الطويلة أو لا)» قادرين 
على الحصول على الجزء الأكبر من الثروة المدنيّة بدرجة أكبر من أقرانهم 
التجار في معظم المناطق الزراعيّة الأخرى. كان التجار على الأرجح 7 
اعتماداً اقتصاديّاً في مناطقهم على الطبقات العليا من مُلَاك الأراضي. وعلى 
نحو متزايد. تعاظمت فرص الثقافة العليا المتمركزة حول السوق في أن تصبح 
أكثر استقلالاً وأكثر تأثيراً في المجتمع ككل . مع مرور القرون. ولكنّ الشكل 
الذي اتخذه ةلكا شر ابا لماو مع تأثير التجارة في المناطق الأخرى) كان 
نشكوها بدوره بتأثير المجيء المبكّر للزراعة والتحضير لمعن دفي 
المنطقة (وانفتاحها على العمليات. العسكريّة الواسعة وعلى مشاريع تأسيس 


لحك 


الإمبراطوريات). فقد رسّخت التقاليد الإمبراطوريّة الطويلة الحالة 
الكوزموبوليتانيّة» ولكنّها حاربت أي إمكانية لتجسّدها في أيّ شكل من أشكال 
الخصوصية «نوتعةانهء5:1م المدنية. وقد تعاظم هذا النزوع خلال الحقبة 
الإسلامية (وسندرس ذلك بالتفصيل في الكتاي: التاللت): 


لا شك بأنّ الإمكانات التجاريّة في إحدى مراحل تطوّر المعمورة قد 
ساهمت فى جعل الثقافة الإغريقيّة تحظى بمثل هذا الحضور في المنطقة. 
ولا شاك بأنّ الفظروف الخاصّة ‏ التي ظهرت في ظل هذه الكوزموبوليتانيّة 
الى تطوّرت بيق. النيل ونعيحون حافك ا لعهت: نكال مشكلنة سه الحناة 
التجارية هناك مع تطوّر المعمورة وتزايد دور هذه المنطقة. على حال» 
في مجال الدين على الأقل: كانت الطبقات التجاريّة قادرة على ضبط إيقا قاع 
الحياة الدينيّة لجميع البشر. فمن النيل إلى جيحونء» اتخذت الحياة الدينية 
منعطفاً خاصاً بعد العضر المحوريء» كما يُوضّح ذلك الشكل التوضيحي 
لصعود الدين الملى . 


الولاءات الدينيّة الملية 


نتيجة للسلام النسبي الذي ضمنته إمبراطوريات العصر المحوري 
العظمى» وبدرجة أقلٌ نتيجةً لنموّ الأفكار الكبرى وللتخمّر الاجتماعي في 
ذلك العصرء بدأت سلسلة من الحركات التي سك عنيا مصقها اديانا 
تاريخية كبرى؛ أي اترصييا أدياناً «كلية/ عالميّة 176151ن» أو «ملّة 


نا فبدءاً من النخبة الفكريّة» بدأ الشعور بتحدذي الضمير 


(*) غالبا ما يتم م التمييز بين الأديان التقليدية والأديان الملية علن أساس أن الأديان التقليديّة 
كانت جماعيّة بالدرجة الأولى». ولم تكن تمتلك أنظمة اعتقاديّة واضحة المعالم» بل كانت مريجاً من 
الأنشطة الجماعيّة والأساطير الواهبة للمعنى. ومن ثم فإنَ فكرة الانتقال من دينٍ إلى آخر لم تكن واردة 
أصلاً قبل ظهور الأديان الملية. ؛ لأنَ الانتماء إلى الدين لم يكن منفصلاً بأيّ معنى عن الانتماء إلن 
المجتمع» وفي هذا السياق لم يكن للضمير الفردي دور كبير في اختيار الإيمان والإقرار (ووعكهم») 
بصلاحية دين معيّن. أما الأديان الجلية فقد :شهدت صعود دور الإيمان الفردي» وتمركز الدين حول 
جملة من الاعتقادات» وتبلور أجسام دينيّة ترى صلاحيّة أنظمتها الدينية وبطالان سواها؛ ومن ثم فإنها 
باتتت أكثو تحصيرية .وضشتكشتت 'ثنايا هذا التمييز عند هودجسون في الصفحات التالية . 

تحوز مفردة (0021655108) على دلا لات مركبة ؛ فهى أوَلاً تعنى الاعتراف والإقرار (بما فى ذلك 
الاعتراف بالخطايا في التقليد المسيحي)» وتعني عقيدة لطائفة معيّنة» من ناحية أن العقيدة تتكرّن من - 


56١ 


الفردي يعم وينتشر في حياة المدينة» ثم بدأء ولو على نحو سطحي. 
بالانتشار بين جموع الريفيين. في بعض الأحيان. أصبحت أفكار 
التخصيات العظيمة»“مثل .بوذا واكتعياء»: أفكارا مقبولة» :موضفها اتتعانا 
مدعا لتقاليد جديدة وبوصفها مصدراً للإلهام جف عن هنين عير 
التعلمين م غالبا جا كافة العتميات الهز د والقيادية العديدة عدخ 
لكا لمسن تقا لع مسعدلة فنا .وني كلها الجالعين» كانف هدم كار 
والتبصرات 0 في نسيجح النظام. ويعبّر عنها بوساطة أساطير وعبادات 
حصرية للجماعة. وتدعم بالتبطيم الشعبي وبالعقوبات. وكانت العبادات 
القديمة تُدرج ضمن الجديدة أو يتم م استبدالها. 


فى الفرون: الاولى ميق العضر المسبيكي»: جداث التقالين الديسةة: 
الكحدمة كنامتين فى المقاطق المديف تن المتعمورة الا وو أوراسنة. 
ومكلاف حمي التتاليد الذي السابقة» لم تكن هد التقالية الت 
القبيلة أو المدينة» بل تخاطب الأفراد أنفسهم. لقد توجّجهت هذه التقاليد 
الدينية إلى الأتباع الأفراد. وطالبتهم بالإقرار بنظام (0 )2 مكتف 
بنفسهء من الاعتقادات الكوزمولوجيّة والأخلاقيّة (وأحياناً طالبتهم 
بالالتزام والإخلاص للمجتمع المكوّن من المؤمنين). كانت العقائد» التي 
تتجسد في الكتب المقدسة» تدعي لنفسها درجة من الصلاحية الكلية لجميع 
النشىوءة وتعدهم بتقديم حلول شاملة لمشكلات البشر في الحياة» وفي 
العالم الثاوي وراء.الموت. أما فيما سوى هذا الإطار العام فقد كانت 
الولكايخ: الريةة الميخدلدة تقايق: نيما ينها تباننا 'كنيرا:. بولغل أيرز اقكال 
هذا التباين» هو ذاك التباين بين التقاليد الدينيّة التي نشأت في منطقة النيل 
إلى مميحون برتقالندهنا النبوية» .وبين النقاليك الدينته الى :ظهرت: فى شمالن 
الهند. والتي تختلف عنها بكل الوجوه الممكنة. وقد حازت هاتان 


- جملة من الاعتقادات التى يجب على الفرد الإقرار بها (وأبرز مثالٍ على ذلك 208)ذنوناة مأؤوعلمه) 
الى عرضيت مبادئ الإصلاح اللوثري وجملة اعتقاداته في عام 1910)؛ ثم باتت تعني الطائفة نفسها 
بما على باج ددني تأسّس على هذه الاعتقادات» ومؤخراً باتت هذه الدلالة هي الأكثر حورا . وقد 
آثرتٌ ترجمة ة (قهمنعناء: لههمزووعهمه) ب«الأديان الملية» اكجلة لفظ راسخ في التراث للتعبير عن 
الولاءات الديْنيّة الحصريّة المختلفة (كما في استعمال تعبير «الملل والنحل» لدى الشهرستانئ وابن 
حزم)» أو في وصف القرآن لديانة اليهود والنصارى بالملّة عق تَيمَ لم4 [البقرة : .]٠٠١‏ وأتمتى أن 
أكون قد وفقت في هذا الاختيار (المترجم). 


حي 


المنطقتان على معظم الأتباع الدينيين في المغندورة: بولكن: الآذيان :فى كلنا 
المنطقتين» على ما بينها من فروقات كبرى. كانت تؤدي الدور الاجتماعي 


ذاته. 


بحلول القرن الرابع والخامس بعد الميلاد» كانت هذه الولاءات الدينيّة 
قد انتشرت؛ وتمكّنت الولاءات الدينيّة القويّة في العديد من المناطق. من 
تحنيال نفسها فى السلطة السياسيّة بدرجات مثفاوتة . فقد تمكن الشكل 
الرسمي من المسيحيّة من الوصول إلى مرتبة الحصريّة في الإمبراطوريّة 
الرومانية. واتتكيف الو نه الررا ونه شتيّة من الوصول إلى مرتبة مشابهة في 
الإمبراطوريّة الساسانيّة (الفارسيّة)» على الرغم من أنها اضطرّت للتسامح مع 
بعض الولاءات الدينيّة القويّة المنافسة. أما الفيشنويّة [عبادة الإله فيشنو] 
والشيفانية [عبادة الإله شيفا] (اللتان تشكلان معا الهندوسية الحديثة) فقد 
تنافستا للحصول على التفضيل الملكي في الأراضي الهنديّة والجزر الجنوبية 
الشرقية . وتنافست البوذيّة مع الطاويّة الجديدة (المتأثّرة بالبوذيّة» على السلطة 

في الصين. بل وتمكنت بعض الولاءات الدينيّة» بعددٍ قليل من الأتباع» من 
الهيمنة على البلاط الملكي (كما حصل مع الجاينيّة)؛ وأحياناً. من 0 
فى ممالك بأسرهاء كما فى حالة اليهوديّة الربانيّة [الحاخاميّة أو التلمودية] 
والغنائؤثة: بولعن أضول هده الأخيرة تفينتاافى انضاح السراع العام لددك 
العصر. فقد ظهرت المانويّة في القرن الثالث في العراق» ليس لمواجهة 
الوثنيين (أتباع الأنواع القديمة من الدين). وإنما لاستعادة الحقيقة النقية التي 
تم م إفسادها وتحريفها في الأجسام الدينية ايده الرائجة بين الناس . . في كل 
مكان ثقرييا) وإلى جوار الأجسام الدينيّة المهيمنة» كانت هناك مجموعات 
أقلويّة (ذات أقلية) مستعذة لتحذي الجماعة المؤسّسة والراسخة إن 55 

لها الفرصة. كانت اشيكال البوذية والمسيحية منتشرة على نطاق واسع . 
ومعأء. حققت هذه الولاءات الدينيّة» التى كانت مختلفة فى مقارباتها على 
نحو كيو كي انا دةةامنس 6 لفك قامك هده الى اأذاك اليف بار لقا 
الأمتلاة على أن عون 1" لعناذافه النلنة نوا لسوتت الففيينة .رامد لقم با 
شعائزها الجديدة. لأهداف عموميّة. وقد جعلت هذه الولاءات الدينيّة 
الجديدة البشرّء في معظم المناطق المدينيّة في المعمورة» يعترفون على الأقل 
بأحد التقاليد الموجّهة للحياة ذات الادّعاء الكلى». بوصفه صاحب السلطة 


"17 


المطلقة على حياتهم. في الأجزاء الغربيّة من تلك المنطقة. أصبح البشر لا 
تودون أن ترعى الدولة أحد هذه الولاءات الدينية وحسب بل أن تفرضه 
غلن النامى. أيضا : 


تنحدر الأديان الإيرانيّة ‏ السامية التى سادت في الجزء الغربى من 
المسمورة ين عاناكين اميق ؟. او لأهيا» لمكن أنا طن عليه اللمستيعات 
الدينيّة «الإبراهيميّة'» التي تمثلها اليهوديّة والمسيحيّة بأشكالهما المختلفة. 
والتي تعود إلى تقاليد الأنبياء العبرانيين؛ 0 ترى في فعل الإيمان عند 
إبراهيم النقطة المؤسسة لها والأصل» وتنظر إليه بوصفه النموذج الكلاسيكي 
الذي تختلوت: أما عدل المعتيفاة ذانث الولاء الدينيى المجوسىي ‏ المزدي. 
فقد كانت المزدية الزرادشتية هى التقليد الدينى الأبرن وكان أتباعها يعبدون 
الإله:الخالق الخير أهووا مدردا»:وكان زرادقت هر جهن الأعيل 0091 
ازدهرت التقاليد الإبراهيميّة فى منطقة الهلال الخصيب معبّرةً عن نفسها 
باللكاك المامة» تن نين | ادشركك: انهاه نتروا در داف التمد دك فى 
المرتفعات الإيرانيّة باللغات الإيرانيّة (راجع خريطة اللغات والأديان) . ولكن 
على الرغم من أصولهما المنفصلة في العصر المحوريء بدأ هذان التقليدان 
النبويّان منذ ذلك الوقت بالاندماج» ومع حلول أزمنة ما بعد العصر 
المحوري؛. كان من الصعب نزع آثار التقليدين عن بعضهما البعض. فقد أثر 
اللقليدان ثفن ممفيها الشقن ع وتقارنا أخيانا إلى .دوحة أن تغفى المجيوعات 
كانت ع على التصنيف ضمن إحدى لكين دون الأخرى. ثمّة معيار 
آخر قد يكون أكثر أهميّة للتمييز بين الآديان الملية الإيرانيّة - الساميّة وهو 
معيارٌ يتوافق جزئياً مع التمييز بين التقاليد الإبراهيميّة والمزديّة: ألا وهو 
درجة الشعبوية. 


)١7(‏ قد يكون من المناسب أن نشير إلى هذه العائلة من التقاليد على أنّها «إيرانيّة»» ولكنّ مثل 
هذا المصطلح يحمل مضامين ع وي ا و ا ا 0 
الأخرى كالإسلام ليس لها علاقة أو انتماء ما ب «إيران») وهذا ليس دقيقا. فالإشارة إلى الانتماءات 
المجوسية المزديّة تُغطي جميع التقاليد ذات الصلة هنا . لقد أصبح شائعاً أن شير الو عن يسسقوان 
أنفسهم «عبّاد مزدا 2203325808» ب«المزديين» (للاختصار) بدلاً من وصفهم ب«الزرامكونة: وبناء على 
ذلك» فقد احتفظتٌ بمصطلح «الزرادشتيين» للإشارة إلى الجوانب الأكثر اتصالاً وتماهياً مع زرادشت 
في ذلك التقليد. 


"6 


تطوّر الدين الملّي في المنطقة الايرانية ‏ البحر أبيض - متوسّطية 


نحو0_"600١مه‏ 
قم 


4 71 ق.م 


ق .م 
4 ق.م 


.3014 قى .م 








(نحو 56٠‏ ق.م إلى 577م) 


العصر المحوري والقرون التالية له 
ا ا ة في أفرو عم ظهرت ل 
الإمبراطوريات 0 ذات الثقافة الموخدة والتي قامت بنشر . الأديان المآ (التي 
تتوقع اتباع الأفراد لها على أمباين النصوص المقدّسة). 
ظهر زرادشت وأرمياء وغيرهم في إيران وسوريا كشخصيات نبوية بارزة طالبت 
بموقتف أخلاقي من الكون والتاريخ. في حين ظهر طاليس وفيثاغورس وآخرون. في 
الأناضول الإغريقيّة وإيطالياء كفلاسفة رواداً يسعول وراء البحث العقلي في الطبيعة 
الإنسانية ونظام الكون. كان كل من ٠‏ الأنبياء والفالاسفة بمثابة قاذ ومصلحين 
للعبادات الطبيعيّة القائمة . 
فرضت الإمبراطوريّة الأخمينية الفارسية سيادة موحدة اتسبمت بالتسامح والازدهار في 
آنِ فعا تمتذ من بحر إيجة إلى نهر السند؛ واخترقت التقاليذ الزرادشتيّة طبقة الكهنة 
المجوس. 
اليهودي بوصفه ف نانم عل اليلد المزمطية بالكتاب المقدّس. 
مات سقراط شهيداً للفلسفة في أثيناء وأصبح رمرٌ المثاليّة الإنسانيّة الإغريقيّة عند 
العديد من المذارس الفلسفية. 
دكن الإسكندر من بسط الهبدنة الإغريقية على ارافي ابر ناور الج 
الهيلينية . 
سيطر الرومان» المحبون للثقافة الإغريقية (عنصء11ءعطافطم)» على البحر الأبيض 
المتوسط. وترسخت الثقافة الهيلينيّة في المدن في عهدهم؛ في حين سيطر 
الم الود لا ترط أرضاء الى الع عات لالز لوصا نزول ا ير 
ا 
ظهر المجتمع المسيحي في سورياء على أساس تحويل العبادة اليهوديّة للإله إلى 
عبادة عالمية للبشر جميعا. 


مجح صمو ووه وود جوج معو عوج سوه صصص سه لسص ح دحمو حم مووي لوهم سس ا نبلم م 


من الامبراطورية الساسانيّة إلى وفاة محمد 

تمكن ممئّلو الأديان المليّة» من المحيط إلى المحيط» من الوصول إلى السلطة 

الاجتماعية والسياسيّة. وتنافسوا فيما بينهم على الموقع الاحتكارى والحصرى 

7 ٍِ ِ 
ينهم . 





">06 


7 14م 
"اام 


م 


ف 5 كم 
714 اام 
606 - ادم 
مم 

/ 63 8م 


١”ة ‏ دم 


66١ نحو‎ 


ادك ا 


"7571 بدأ 


حلت الإومبراطورية الساسانية محل الإمبراطورية البارثية في إيران وسهول ما بين 
وفاة ماني» مؤسس الإيمان المانوي بالعالم الآخرهء وصديق الإمبراطور 
الساسانى . 

بعد مجموعة من الأزمات (71 -518) التي تسببت بخسارة المدن الرومانيّة لقوّتها 
في البحر الأبيض المتوسّط. تمّت إعادة تنظيم الإمبراطوريّة الرومانيّة بيروقراطيًا 
بعاصمتها الجديدة على سواحل تراقيا (القسطنطينيّة منذ عام 770)؛ تم اضطهاد 
المسيحية بوصفها معادية. للمجتمع وبوصمها تشجع تفلا منافسا من العبادة للعبادات 
الرومانية. 

في أكذاء حكم بهرام الثاني, أصبح للزرادشتية المزدية دور تنظيمى رسمى فى 
الإمبراطورية الساسانيّة» وسمح لها باضطهاد المخالفين لها والمنشقَّين عنها . 

في عهد قسطنطين الأول حظيت المسيحية بموقع ونع قفن الإمبراطوريّة الرومانية. 
واصبحت مدعومة رسميا وقانونيا. 

في عهد قباد» تمَرّقت الزرادشتيّة والأرستقراطيّة الساسانيّة إثر محاولات المزدكيين 
احتلت الحبشة المسيحيّة اليمن بالتحالف مع الرومان؛ منهية بذلك المملكة اليهوديّة 
(التي اضطهدت المسيحيين) . 1 

في عهد حكم جستنيان» وصلت القوّة والثقافة الرومانيّة إلى أوجهما مع إغلاق آخر 
المدارس الوثنيّة (019)» وتم فرض الأرثوذكسيّة المسيحيّة. 

في عهد أنوشروان» وصلت القوّة والثقافة الساسانيّة إلى أوجهما مع انتصار العرش 
في صراعه مع النبلاء؛؟ وتم القضاء على البدع والهرطقات المخالفة للأرثوذكسيّة 
الزرادشتية . 

الانهيار الأخير لسدّ مأرب في اليمن» الذي مثّْل رمزيّاً انهيار المجتمع الزراعي 
في جنوب الجزيرة العربيّة وهيمنة الأنماط البدويّة الوثنيّة على شبه الجزيرة 
الغرية: 

آخر الحروب الكبرى بين الرومان والإمبراطوريّة الساسانيّة» إذ تم استنزاف قوّات 
كلا الطرفين بشكل كبيرء ثم تمت استعادة الحالة السياسية المعتادة. وتمت إعادة 
الصليب الحقيقى إلى القدس (129) كعلامة على انتصار المسيحية على الإمبراطورية 
الزرادشية ؛ وعلى اليهود والهراطقة. 

محمد العربيّ. من مكّةء أُسّس مجتمع ديني منظم في المدينة» وتمكن من 
توسيعه في معظم أجزاء الجزيرة العربيّة» وزحف بجيوشه إلى بعض مناطق 
النفوذ الرومانيّ والساساني؛ بل وتمكن من سلب نفوذهما في بعض المناطق 
المخلة: 


كه" 


دور الشعبويّة في التوحيد الإيراني - السامي 

تختلف التقاليد الدينيّة فيما بينها من جهة تركيزها على ما يُمكن أن 
ندعوه «الشعبوية 2:ؤذاناممم» : أي الاهتمام بالاحتياجات المعنوية والأخلاقيّة 
للبشر البسطاءء ومراعاة قدرات العوام وإمكاناتهمء في مقابل الاهتمام 
بالطبقات ذات الامتيازات العليا؛ أو على الأقل الاهتمام بما يعتقد 
المتخصصون الدينيّون بأنه أمر مناسب لعامّة الناس. يُمكن القول إِنْ جميع 
التقاليد الدينيّة الملّية شعبويّة» بمعنى أنْها تميل إلى صياغة مذاهبها ومعاييرها 
الأخلاقيّة بصيغ مفهومة وواضحة للشخص البسيط. ولكن» عند بعض 
المجتمعات الدينيّة الإيرانيّة ‏ الساميّة» تم التأكيد على القيم الشعبويّة إلى 
درجة إدانة كلّ أشكال القيم الأخرى. وفي رأييء, فإِنْ هذا التأكيد قد ظهر 
جزئيا نتيجة للشعور بالاستقامة الذي ساد بين طبقات التجار حين ميزوا 
أنفسهم عن الطبقات الأكثر أرستقراطيّة من عائلات ملاكي الأراضي. فقد 
شعر التجارء المشغولون بمشاغلهم اليوميّة التي لا تنتهي» بأنهم من عامّة 
الشعب إذا ما قارنوا أنفسهم برجال البلاط والأرستقراطيين أصحاب 
الأراضي الذين يملكون الثروة ووقت افوا ليضبطوا إيقاع الحياة الثقافية. 
التي تتطلع بقيّة بقية الطبقات إليها. ومن ثم فإن التأكيد على مكانتهم كان يعني 
بالضرورة رفض الثقافة الأرستقراطية التي تغريهم أو تسخر منهم. 

لا يعني هذا أن الطبقات التجارئة يجب: أن تكون أو أنها كانت :دوعا 
شعبويّة في توجّهاتها؛ ولكنه يعني أن الشعبويّة كانت علانية على لكو خاصن 
للتجارء حين لا يكونون جزءاً من الطبقة العلياء روصن كول شنا فيه 
الاستقلال الذاتي ليُشْكّلوا معاييرهم الخاصّة. إِنَّ نوعيّة الأشخاص الذين 
يمكن لخيالهم أن يستجيب للاحتياجات المعنويّة والأخلاقيّة لعامّة الناس 
أكثرٌ حضوراً بين التجارء الذين ترتبط مصالحهم بالاستجابة لتطلّعات 
الآخرين واحتياجاتهم. في سياق الجدل والحوار الذي شكل تلك التقاليد. 
لم تكن تفسيرات التجار جذابة على المستوى المجرد وحسب. بل كانت 
مرتبطة بالمصالح الماديّة التي , يشترك فيها الجميع أيضاً ؛ ومن ثم فبيتها قل 
تجتذب كل رؤية أخلاقية آذاناً مصغية بحسب مزاج الأفراد. فإن هذه الرؤية 
كانت قادرة على جذب انتباه الجميع. وأصبحت هي المهيمنة على أفق 
التوقعات التي تطوّرت ضمن هذا التقليد. 


/اه " 


"4 


٠ 
ري‎ 


رجوعدر 


7 
4 


ب 
هه 
2و 


ىاد اد 


لعو 


ال جمد 


خم 
يده 


0 م أ 
يننا 0-0 


عاد حار رود 


حارم 


مجر 


001112 


الأراضي من 


5 0 
0 
مثطاسجونهة 
م ' 
اسل عق طش درو مامه 
2 
7 


جار 





النيل إلى جيحون قبل صعود الاسلام 


كانت الشعبويّة أقوى ما تكون في التقاليد التي سادت أراضي الهلال 
الخصيب الساميّ: حيث كانت طرق التجارة البعيدة تتقاطع بشكل كثيف في 
المنطقة» مقارنة بالمرتفعات الإيرانيّة؛ مما يعني فيما يُفترض أن درجة 
الاستقلال النسبى للأسواق كانت أكبر. إذأًء فقد كانت الشعبويّة قويّة في 
التقاليد الإبراهيميّة التى حملتها اللغات الساميّة» كما يُوضّح ذلك الرسم 


التوضيحي المخصص للتوجهات الثقافية والدينية. ولكن الشعبوية يمكن 
طبعاً أن تظهر في تقاليد دينيّة أخرى سوى عائلة الأديان الإبراهيميّة 
والمزدية. 


يُمكن تلخيص تطلّعات التقاليد الإبراهيميّة والمزديّة بأنها سعىٌ نحو 
تحمفة ل ا ال ا المجتمع . فقد شدد جميع الأنبياء على 
الفعل العادل بوصفه أعلى أشكال النشاط الدينى. وعلى خلاف التقاليد ذات 
الأصول الهنديّة خصوصاً. التي انشغلت بوعي الأفراد لذواتهم. فإنّ التقاليد 
الإيرانيّة - الساميّة (شعبويّة كانت أم لا) كانت تركّز اهتمامها على العدالة بين 
الحساب»» حيث سيحاسب كل فرد بحسب عملههء فإمًا أن يَجازى بدخول 
الجئّة أو يُعاقب بدخول النار خالداً فيها. مرّة أخرىء. بخلاف التقاليد الهنديّة 
التي تقول بتوازن الصواب والخطأ عبر سلسلة لانهائية من تناسخ الأرواح. 
فإن التقاليد الإيرانيّة الساميّة ترى بأن لكل فرد حياةً واحدة فقطء فرصة 
واحدة للاختيار الأخلاقي المسؤول. له يمكن الرجوع إليها مرة اراي ومن 
ثم فإن اختيارات الإنسان الآأخلاقيّة ستحدد مصيره الآبدئ من دون إمكانية 


استئناف الحكم أو الطعن فيه. 


على المستوى الاجتماعي»: كانت هذه النظرة ممصمّمة للقيام بدور تقييميٌ 
إيجا بي كاي فكما هو مشاهّد على مستوى الحياة الفرديّة للأشخاص» من 
أن وقوع أي حدث هو أمرٌ لا يمكن الرجوع عنهء بل نه اد كل التاريخ 
المستقبلي بطريقة أو بأخرى. فكذلك الحال على مستوى حياة المجتمعات. 
لا يمكن أن تكون المسألة عبارة عن عددٍ لانهائي من الدوائر التي ينحصر 
الآلهة والبشر فيها. فحركة العالم» والتاريخ على وجه الخصوص» محكومة 
بالغاية التي حددها إله واحد قدير وفائق. وهو يعبر عن نفسه في إرادة وحكم 
محددين» يقفان خلف الانتظام والتكرار الذي يَسِمُ الطبيعة. إذاّء فمسار 


584 


55٠ 


اللغة والمنطقة : 


التقليد الديني : 


قوة الطبقة الاجتماعية : 


النزوعات الدينيّة والثقافيّة : 


التوججهات الثقافية والدينيّة بين النيل وجيحون 


الساميّة» في الهلال الخصيب»ء التي كانت 
موطن 

التقاليد الأ اهنئئة: (النيود»: المسيسون: 
المسلمونء إلخ). وغالباً ما تمّ تعريف 
هذه التقاليد على يد 

الطبقات التجاريّة» التي كانت أقل 
خضوعا للمصالح الزراعية» والتي كانت 
متجانسة (وإن لم تكن محصورة) مع 


الشعبويّة» الأخلاقيّة» ومجتمع المساواة 


الإيرانية. فئن المرتفعات الإيرانية. الجن 
كانت موطن 

الْتَقاليِد المزدانية (و/ أو المجوسية). 
الزرادشتيّة» إلخ. وغالباً ما تمّ تعريف هذه 
التقاليد على يد 

الطبقات الزراعيّة من أصحاب الأراضى 
الذين تفوّقوا على الطبقات التجاريّة. وقد 
كانوا متجانسين (وإن لم يكن على نحو 
الذوق الأرستقراطي والمجتمع الطبقي 
الهرمي 


الأحداث ليس مسألة مصير محايد أو قدر لاشخصيى, وإِنما هو تمظهرات 
لحكمه [أى الإله] وإرادته: فهو بطل المسرحيّة الكونيّة» التي تمتلك بداية 
وقوانة وال ستنتصر القضيّة العادلة في خاتمتها. في التقاليد المزدية» كان 
الإله مُقيّداً مؤقّتاً بالخالق المُعادي له» مُوجد الشرور؛ أما في التقاليد 
الإبراهيميّة. فقد حل الشيطان 000 وهو عدوٌ أقل قوّة. ار هذه 
الشخصيات لا تشارك الإله فى مكانته الكونيّة المطلقة» ولا تستحق بي حال 
من الأعوال أن حعة: ولاجل الك لمكن ومن قال العقافه يانها 
«توحيديّة»)» من جهة أنْها تدعو إلى عبادة شخصيَّةِ واحدة مهيمنة. أما كافة 
أشكال العبادات الثانويّة التي يُمكن التسامح معهاء كالعبادات الموجهة 
للملائكة أو للقديسين» فهي عبادات خاضعة (نظريًا) للمعبود الرئيس. 


إن التأكيد على أولويّة الكون الأخلاقي على الكون الطبيعي يستدعي 
ثلاثة أمور: حياة واحدة يحمل الإنسان مسؤوليّتها؛ وإله متعالٍ واحد؛ 
ومجتمع صالح واحد. مع الانتصار النهائي للعدالة» سينتصر المؤمنون الذين 
ربطوا أنفسهم نيذه القضنة أبضا شكذا تحولنا كان يدق ءا مك كرات 
قَبَليّ محدود الأفق من تراث أزمنة ما قبل العصر المحوري» على يد التقاليد 
التوحيديّة» إلى تأكيد على المسؤوليّة الاجتماعيّة» وبالتالي التاريخيّة. كان 
غلى النهوة آنتحملوا الشتهادة: من بين كل الشعوب. على سيادة الرت 
وعظمته. أماا قو يقنقه: وده ستعولا مو دون أن عمسن هذه الشهادة 
المشتركة. فإنه لن يحرّم وحسب من التوجيه الأخلاقي الذي يمكن للمجتمع 
أن يزوّده به» بل سيكون كذلك قد نقض عهده مع الله. كان على أتباع أهورا 
مزدا أن يساعدوه في تخليص العالم من الشرور؛ وفين ثم افإن. كل منن 
يتقاعس عن حمل هذه المهمّة يعد خائنا. لقد تم استبدال عبادات الآلهة 
القديمة للطبيعة» واستبعادها أحياناًء لتحلّ محلّها العبادات الجديدة للآلهة 
الأخلاقيّة والتاريخيّة. تم التعبير عن هذه الفروق من خلال نزوع العبادات 
الجديدة إلى استعمال رموز أقلّ محسوسيّة ووضوحاً للإشارة إلى المتعالي 
النفارق كالناية يدل من الصور التجسيديّة التي تعبّر عن آلهة العالم المرئي؛ 
ذلك أن الرمز ز الحقيقيّ المعبر عن الحضور الإلهيّ كان هر السسيمع نفسه. 
إذا كان التوحيد هو عبادة إِلَهِ واحدء فإِن التوحيد لم يصبح فاعلا في التاريخ 
إلا عندما شكل العْبَّادُ شعباً واحداً . 


55١ 


ولكنّ هذه الخطاطة العامة للتوحيد قابلة لأن تفسَّر بمزاج شعبوي أو 
أقل شعبوية. فيمكن لفكرة العدالة مغلا امقر بالعاف مع البطام 
الاجتماعي الأرستقراطي. ففي التقاليد الدينيّة المزدية الرسميّة فى 
الإمبراطوريّة الساسانيّة» كانت الزراعة هي أنبل المهن الدنيوية؛ ولكنّ طبقة 
مُلَاك الأراضيء الممُعتمدين ماليّاً عليهاء كانوا هم من يُشْكّلون الطبقة 
الاجتماعية العلياء بوصدهم المدافعين العسكويين عنها. كان الفلاحون. 
انا + يحظون باحترام أكبر مما يحظى به الحرفيّون أو التجار؛ ولكن» لم 
ا متوقعا 3 الم أن يكونوا نبلاء أو أن يفهموا خفايا الدين» فهذه 
اللتبائل كات حكرا على طبدة الكيقة الأ رسهراطبيق الذين يرتون 
مناصبهم. في المسرح الكوني» كان الدور الأكبر منوطأً بالكهنة» وبطبقة 
ملاك الأراضي الذين يُمثّلون القوّة العسكريّة 
لا شك بأن ماكس فيبر كان محقًا 5 الربط بين التجار والأديان التي 
تؤكد على المطالب الأخلاقيّة للإله أكثر من تركيزها على دور الإله في 
الحفاظ .علق :قوزة القواتع الزواعي” 9 متطالية الآنبياة النان بالعذل فى 
المعاملة - وهو مطلبٌ ربما قد نشأ في الأصل بإلهام زراعي - يُمكن أن تُمْسَّر 
تفسيرا أففنل .من جية التجارة والعفودة وليش:مة شك .فى أن أرشباطها 
الوق أواتق مسق ارتسا طها بعيادة1 لآلية ليع :الى د قير اغنماة مر + 
الأرضن.واستهراز:دووة.القصول' الطبيعية: لقذ كاثت اليمات التواحيدية 
للفقالين اليدرد نه ممددة وها بالحناومات والتسويا كف على اليسعونانك 
الاجتماعيّة العليا: فدين الدولة الساسانيّة لم يكن نقياً أبداً. فلما تمّ تشكيله 
عبر العناصر التجارية الشعبوية» ظهرت الخصائص المميزة للترسيمة العامة 


ا ضاى الول جو لطع ارب المستطلطا تيه للجلا بها كين لديز إلا أنها تُقدّم إشارات 
للإمكانات الأخرى التي يجب التنبه إليهاء. بدلا من تقديم جوع كن القراعه الكلية الى بيتك نا 
يُمكن وما لا يُمكن أن يحدث. وعلى الرغم من أنْ بعض نقاشاته قد لا تكون تاريخيّة. إلا أنها تُقدّم 
نقطة بداية مهمة ة لأيّ حار لتحليل العلاقات المتبادلة بين مختلف الظواهر الاجتماعية في أي حالة 
معيّنة. ومن المؤسف أن فيبر لم يكتب كثيرا عن الإسلام. انظر ماذته «علم اجتماع الدين» في كتابه 
الاقتصاد والمجتمع [تُرجم إلى العربية]: 

(1921-1922 ,كطهطط! تصعع صتطنا 1 ) ازهطءدااءدء 0 0لا الره[ءى1 17/1 :2ذ *”رعاع25-501010مهع ناع 1 '' ,رعطء 171 1/122 

التي تُرجمت إلى الإنكليزيّة بعنوان: 


(1965 رووع؟2 لإأأوقء كنهلآ 0:10:10 :هه00دم.آ) «مزوذاءغ1 زه برعه5010/0 1176 


1 


للأديان الملّية الإيرانيّة - الساميّة كأوضح ما تكونء» في مواجهة الوضع 
السابق للثقافة ذات الأسامن الزراعي . وبحكم نموّه اذاحل الحياة الحضرية. 
كان تركيز الدين التوحيدي على الإله الأخلاقي 0 على التعامل الأخلاقي 

بين الأفراد. في تعارض كامل مع طقوس الاستعطاف» السحرية ياه 
التي جانكلات. انها غات الا ليه اللي 


فى اليهوديّة والتقاليد المتصلة بها التي كان التجار يتمتعون فيها بموقع 
أفضل - من موقعهم في التقاليد 3-7 كاتف فسالة التعدالة الاجكماعة» 
يج لذلكه تمتلك: مضامين وتآثيرات: أكثر 'تحدياً للنظاء .القائع + فقن كانتت 
تنزع قبل كلّ شيء إلى تقديم شكل من العدالة المساواتية» عدالة السوق. 
حيث يتساوى الجميع أمام القانون. في الواقع» فإنَ المساواة الملحوظة. 
نظراً لأشكال التفاوت واللامساواة الآولية في الطبيعة الإنسانية» كانت تميل 
إلى إنتاج نوعها الخاص من التفاوت الاجتماعي. لم تكن المطالبة بدرجة 
جذرية من العدالة المساواتية والمساواة الفعالة بين الطبقات الاجتماعية طلا 
يلح عليه التجار دوماًء ذلك أنّهم قد وجدوا أنفسهم في النهاية يشكلون هم 
أيضاً طبقة ذات امتيازات. ولكن» على الرغم من ذلكء فإِنَ العديد من 
التقاليد الإبراهيمية (ومثلها بعض التقاليد الديية: من خلفيات مختلفة في 
أماكن أخرى من المعمورة) قد عبّرت عن حس أوّلي بالكرامة المتساوية 
والحقوق المطلقة للطبقات الدنيا في المجتمع. عبر القرون» كانت التقاليد 
الدينية. داخل جميع الآديان الإبراهيميّة الساميّةء 0 المرة تلو المرة 6 
معذلة جديدة تشترك جميعها في التأكيد على العدالة المساواتية وعلى بعض 
المضامين العملية المستقاة منها. ولكن. ٠‏ مع مأسسة الأديان» أصبح القادة 
الدينيون بالمجمل يجدون طرائق لتبرير القبول بالنظام الاجتماعي القائم؛ مع 
تعديلات ثانويّة في أفضل الأحوال. وباتوا يوفرون طرائق للتخفيف من أي 
شعور بالذنب نتيجة الامتيازات غير المبررة والثروات المتراكمة» عبر الدعوة 
إلى أفعال الإحسان والصدقة وأعمال الخير؛ فى حين» أصبحت مسألة غياب 
العدالة الاجياعة سال نانونة وغايرةو بو انا تمّت إزالتها من النظام كلياً . 


المزاج الشعبوي 
عبرت روح الشوق الشعبويّة عن نفسها في تطوير النزوع النبوي 


خض 


الأخلاقيَ إلى أن أصبح نظاماً أخلاقيًاً شاملاً للأفراد: التأكيد على قيم 
العدالة والمساواة بين الأشخاصء ولو كان ذلك على حساب جميع 1 
القيم الأخرى. بما فيها تلك القيم ذات الطابع التخييلي والابتكاري» التي 
كان الأشخاص والطبقات ذات الامتيازات يحرصون على دعمها. يجب على 
الفرد العاديّ أن يكون نزيهاً. واجبّه هو القيام بالأفعال المفيدة بدلاً من 
الانشغال بالسفاسف؛ أي أن ينشغل بما يصلح حاله ويساعد الآخرين على 
الغيام بمهامهم في الحياة اليوميّة بدلا من الانشغال بالترف والزخارف التي 
كثيراً ما تعظل الحياة. لا شكٌ في أن الأرستقراطيّين كانوا يملكون الترف 
الكافي لدعم الابتكارات والمغامرات والأمور الذوقية العالية» ولتقدير وتثمين 
الإنجازات الاستثنائيّة في الأنشطة التي تتطلب مهارات ومواهب خاصّة. كان 
من المناسب للأرستقراطيين أن يطمحوا إلى التميّز الشخصي في أنفسهم وإلى 
تكمين ذلك الدئ الاخرين 6 بمن في ذلك المتعلمون من الكهنة. وكذلك 
كانت الحال لدى التجار؛ فهم أيضاً لم يكونوا فلاحين بسطاء أو سدّجاً 
وكانوا يملكون ثقافتهم العليا الخاصّة بهم. ولكنّهم لم يكونوا يتطلّعون إلى 
التميز الشخصي. الذي يترافق عادة مع موقع اجتماعي ذي امتيازات عالية» 
كما لم يكونوا يمتلكون الترف الكافي للرعاية السخيّة للفنون. ومن ثمّ. فإن 
ثقافتهم كانت تعبّر عن نفسها من خلال السعي نحو تحقيق الكمال في 
الواجبات المشتركة والعامّة. 


إذاّء كانت الثقافة العليا للسوق تركّز على الفضائل الأكثر اعتدالاً: لا 
على الشجاعة الشخصيّة أو الحذاقة السياسيّة أو البراعة الفنيّة» وإثما على 
«الفضائل البرجوازية». كالتوفير والا قتصاد والرصانة. وقبل ذلك كل احترام 
القانون والنظام . كانت الأمور التي ت: تتطلب مواهب خاصة وتكاليف بادذخة - 
علوم الخيمياء والتنجيم». وفلون التَفيت والمنحوتات العملاقة. والرسم. 
والمفاخرة بكميات الذهب والحرير دأنويا يتعذر تحقيقها عند الكر العاديين 
معززاً بنوع من الرفض الروحاني للكثير من هذه الأمور المرتبطة بالهة 
الطبيعة القديمة. بالعموم. ترافقت هذه النظرة مع رفض المراسم الجمالية 
الكبرى لصالح التشجيع على النزعة الأخلاقيّة» وهو ما نجده في التلمود 
مثلاً. فى الغالبء كان المزاج الشعبوي يُشْبَع على فضائل الزهد, 


5235 


ويُطالب بعدم الإسراف والترف فيما يزيد على حاجة الإنسان المقتصد. 


مع تركيز المزاج الشعبويّ للأخلاق التوحيديّة على أخلاق المساواة. 
في موقف لا يقبل المساومة في مواجهة العبادات الطبيعيّة» باتت المسرحية 
الكوية الفوحية عطتد قن التاردت الإنساني المباشرء أي في تحمّل كل فرد 
مسؤوليّته الخاصّة. وكان الشعور بالمسرحية الكونية يتعاظم كلما ابتعد عن 
أي شكل من التشابه مع التعاقب الدرامي للمواسم والفصولء وبالتالي عن 
النظام الطبيعي الذي كان يدعمه الأرستقراطيّون من ملَاك الأراضي. وقد 
باتت المصطلحات المستعملة لتفسير ذلك كله مصطلحات تدور حول الإرادة 
والفعلء والعقود والالتزام بها. من هذا المنظورء فإِنْ ما هو مهمٌ في 
المسرح التاريخيّ هو أفعال الجسم الديني ومصيره بحدٌّ ذاته» بوصفه جماعة 
من الأفراد المسؤولين. تتشكّل هذه الجماعة الدينيّة من الأفراد العاديين» 
ويجب أن تُقاد ‏ إن أمكن ‏ من قبلهم. لا بد أيضاً أن تكون الجماعة 
مساواتيّة؛ أي أن يكون الأتباع متساوين في موقعهم ومكانتهم داخل 
الجماعة. عند اليهود. كان الكهنورت محل شك.» فمهما كانت درجة تقوى 
الى الام رعاو ٠‏ فإِنْ القائد يجب أن يكون من العامّة. يتطلب 
التاريخ مشاركة البشر جميعاً. أخيراً» يُمكن للمزاج الشعبوي أن يرفع درجة 
0 بالمجتمع الديني الواحد. كان الأرستقراطيّ يرى منزلته في موقعه 
في النظام الطبيعي للمجتمع» حيث لا توجد قيمة للأشخاص العاديين. 
ولكن؛ في مجتمع الإيمان» لم تكن منزلة الأرستقراطي مسألة مهمّة؛ ففي 
هذا المجتمع. يحظى الإنسان العاديّ بذات القيمة التي يحظى بها البشر 
الآخرون جميعاً. وبما أن الجماعة الدينيّة كجسم واحد قد أخذت على 
عاتقها حمل المسؤوليّة التاريخيّة الكبرى» فإِنْ جميع البشر كأفراد كانوا 
مدعنوين لدعمها: لا يمكن للفرد أن يقوم بأ شيء جدير وذي قيمة 

خارجها ٠‏ لم يكن هذا الجسم فريداً وواحد نوعه وحسبء» بل كان أيضا 
شمولياً في مطالبه؛ فعلى المستوى النظري. يجب على كل فرد أن يعيش 
عاته الروحة كلها ضمن معايير الجماعة. ومع المزاج الشعبوي. أصبحت 
المطالبة الحصريّة للجسم الديني هي الأخرى شاملة وكونيّة وغير قابلة 
للهسا ومة: لقد أصبح هناك إيمان صحيح واحدء. وكل ما سواه باطل . 


لم يكن هذا النزوع نحو تصنليف الشيكان العاديين وتنقسيمهم بين 


5706 


الأجسام الدينية الماثة قوي الحضوز مثلما كانت عليه الحال في :ما بين النيل 
وجيحون. حيث كان على الفرد أن ينتمي حصراً وعلى نحو قاطع إلى أحد 
هذه الأجسام دون الأخرى. بل إن التقاليد التوحيديّة» ذات النزعة الأكثر 
أرستقراطيّة» قد سقطت هي الأخرى في هذه النزعة (ربما بحكم تفاعلها مع 
التقاليد اللأخرى)» وإن كان ذلك بدرجة أقل صرامة مما نجده لدى التقاليد 
الأكثر شعبوية . ففي الشرق الأقصى مشلا لم يكن المتخصصون الدينيّون» 
حتى في عرّ قوتهم» قادرين على إقناع الجميع بإعلان ولائهم لأحد الأنظمة 
الدينيّة فقط دون الأخريات. فبينما كان الأشخاص الأكثر تقوى وصلاحاً 
مقتنعين عادةً بأنْ الحقيقة تكمن كاملة» أو على الأقل في أقرب أشكالها إلى 
الكمال» في أحد التقاليد الدينيّة حصراًء فإِنَ العديد من السكان العاديين 
كانوا يميلون إلى احترام ممثّلي التقاليد الشعبويّة على نحو متساو. في 
المنطقة الأوروبيّة» من المرجّح بأنّ أولى التقاليد الدينيّة التي قدّمت أنماطا 
دينيّة جديدة كانت في الغالب متسامحة مع الأتباع المتعددين ؛ فالمرء يكون 
ركفانا كلك ثم اه لأسن الأنظمة العناذية الحديدة كالما وحتى عندما 
كان أحد التقاليد الدينيّة ‏ من الأصول الساميّة إن توحمينا الدقة ‏ يحظى 
بمكانة حصريّة ورسميّة» فإنّه كان يصبح جزءاً لا يتجرّأ من الثقافة العامّة, 
بحيث إن كون المرء رومانيّاً وكونه مسيحيّاً تابعاً للكنيسة الرسميّة أمران 
متكافئان ومتساويان تقريباً. أما في منطقة النيل إلى جيحون,ء فإِنَّ صعود 
الولاءات الملّية الدينيّة كان يعني تنظيم السكان جميعاً في مجموعات من 
الأجسام الدينية المتنافسة والحصرية؛ أي تقسيمهم إلى يجديعات على 
أساس ديني لا على أساس مناطقي. لم يكن من الممكن التفكير اجتماعياً 
يألا يكوف الم منتمياً إلى أحد هذه المجتمعات» كما كان من غير الممكن 
التفكير بأن ينتمي المرء إلى أكثر من مجتمع في آنِ معا. 


لااتبكن إجنار جميع البضر على الانظيعاء إلى الممفات :ذا 
المعايير المعترف بها. ففي هذه البيئة الزاخرة بالتقاليد التوحيدية النبوية. 
ظهرت حركات مختلفة» بتأثير من الفكر الهيليني» وبالأخص بتأثير من 3 
افاذطون مجن الحكنة الفلسنتةع وق أطلق على اكتر هده التقاليك تهاير ا يرز 
بين هذه الحركات اسم «الغنوصيّة»» لأنها سعت إلى تحرير الروح من ظلمة 
الجميد التادىعووهمه غير المعرقة: التوضية الكلية التن تضيء الحقيقة: 


لض 


افترض الغنوصيّون ومن شابههم بأنّ الكون بتفاصيله وبكليته ليس مجرّد خلق 
اعتباطى من الإله لأهداف يتعذر إدراكها؛ بل إن الكون ذو مغزى ومعنى 
للإنسان؛ على أنّ المعنى لا يكمن في البُنى والهياكل الظاهريّة للأشياء ولا 
في تعاقفب الأحداث» وإنها في الحقيقة الكامنة وراء ذلك» حيث إن الأشياءً 
وتعاقبٌ الأحداث تكون مجرّدٌ آثار ورموز دالّة عليها. لإدراك المعنى الخفيّ 
للكوث .وقهجة» عاذت الدغوة الخثة للبشر» إذ إن فهنم الحقيقة الكونية يتظلب 
صيرورةً من تطهير الروح الفرديّة وتنويرهاء التي هي في حد ذاتها جزء من 
صيرورة الكون نحو التنوّره حيث يتحرّك الكون بأسره إلى وضعيّة أكثر 
حقيقيّة» وحيث ستظهر معاني الكون المخفيّة بجلاء. وبناء على ذلك» فإِن 
لاروك العالى النكا رحن ميم نف دللقه التقاليك. الديحجة العى 2 تبوتها على 
مستوى شعبي واسعء ليست بتلك الأهميّة من جهة هدايتها للروح الفردية 
الباحثة عن الحقيقة الباطنيّة الكامنة وراء الكون. فما يهمٌء بالنسبة إلى 
الغنوصيّة. هو التنوّر الفردي؛ وهو ما لا يتحقق عبر الولاء لمجتمع ديني. 
وإنما عبر التتلمذ على يد حكيم تحقق بالتنوّر إثر تتلمذه على يد حكيم 
شارف برمكةا تجدد سليئلة الفليدة وضيولا إلى التخصن, الى تلن الوح 
لاسي رقم اا عات يم ١‏ سيك هده الحركاك شري ديات 
دينيّة صغيرة أو طوائف سريّة خاصّة بها. 


كانت الحركات الغنوصيّة وما شابهها حاضرة على نحو أكثر وضوحا 
(بين قطاعات السكان الباحثين [عن الحقيقة؟]) في منطقة النيل إلى جيحون. 
وفى مصرء وفي الأراضي السامية» وريما في إيران؛ ولكنٌ معظم كتاباتها 
كانت بالإغريقية» وقد كانت الحركة رائجة فى بلاد الإغريق والأراضى 
الأوووية اللانتة شكلس عدم القالك الديقة الفخيرنة فى القوولة الأول 
التالية للعصر المحوري» وكانت معظم الطوائف الغنوصيّة مرتبطة بأحد 
التقالية. الديننة الشفية الكترق+ ولاشيما العنيحة:. ولكن اشهر الحركات 
المنتمية إلى هذه العائلة (وإن لم تكن غنوصية بالمعنى الدقيق للكلمة). التي 
شكّلت مجتمعاً مستقلاً بالكامل» كانت المانويّة» التي ستنتحدّث عنها بشكل 
أوفى. لاحقاً . لقد اشتركت جميع هذه الحركات في مجموعة من السماتة» 
على الرغم بن الكو ناته وجوعاتها .وخر هامح بوجوه خصائمي مسر 
تربطها ع تحت وصف الغنوصية (على الرغم من أن بعض الحركات». ع 


مخض 


حرا ري ين 0 المنظور بالغنوصيّة» تحمل في جوانب أخرى عناصر 

مشتركة من مجموعة أخرى من التقاليد الدينيّة نيّة أكثر مما تحمل من العناصر 
الغنوصيّة). أو ربما يجب علينا أن نقول بأنَ النزوعات الغنوصيّة 
والمصطلحات المرتبطة بها كانت شائعة» إذ يمكن تتبّع آثارها في معظم 
الحركات الدينيّة في ذلك الوقت في الأراضي الإيرانيّة - الساميّة. 


حافظت المنطقة الواقعة بين النيل وجيحون من خلال هذه المجتمعات 
الدينيّة - سواء تلك التي تؤمن بالمعرفة الباطنيّة أو الخارجيّة المصدر ‏ على 
موقعها كواحدة من المناطق الأربع المركزيّة للثقافة العليا بعد العصر 
المحوري. عندما اصطبغت التقاليد الإيرانية والساميّة بالتقاليد الهيلينيّة» لم 
تحظ سوى بالقليل من الدعم من الإدارات الحكوميّة أو من الاستمراريّة 
التجارية. لم يتمٌ التعبير عن استقلاليّة توججّهات الثقافة العليا بالدرجة الأولى 
غبر لغة كالأاسيكتة شع ك3 وإنما غير المجعيعات الدئئة المخدلنة ينا 
اتسمت به من شمولية في مطالبتها بالولاء الحصري للمجتمع الديني. في 
النهاية» عملت جميع المجتمعات الدينيّة الكبرى على تطوير لغاتها الكتابيّة 
المحليّة» التي غالباً ما كانت أحد أشكال الآراميّة أو الإيرانيّة. في جميع 
هذه اللغات» تطوّرت التقاليد التي تعود إلى أنبياء يه المحوري على نحو 
ميعقن م تدرط اوباخوق: غادة بها كان بيده الاستفاظ عضن كدابيات 
أولئك الأنبياء» مترجمة على الأقل؛ وأحياناً كان يتمٌ إعادة كتابة التقليد 
بشكل جديد تمامأ. بقيت الإغريقيّة هي أكثر اللغات المشتركة للثقافة العليا 
شيوعاً في معظم أجزاء المنطقة بين النيل وجيحونء ولكنها ‏ خارج المدن 
الهيلينية الصريحة» ولدى بعض العناصر في الطبقات العليا (في المقاطعات 
الرومانيّة» - كانت محصورة في الدوائر المهتمّة بالفلسفة والعلوم؛ بل إِنْ هذه 
المواضيع أيضاً قد بدأت تتطوّر باللغات الآراميّة والإيرانيّة» التي تتحدّث بها 
المجتمعات الدينية المختلفة . 


لامب اطوريّات -- 


استقلالها الثقافي عن 00 الثقافي الهيليني 0 ناقصاً ف أفضل 
الأحوال» مع ظهور الإمبراطورية النارثية الأشكانية في إيراكت والعراق» التي 


557 


حَلّفت الحكم السلوقي الهيليني في جميع المناطق باستثناء المناطق التي 
سيطر عليها الرومان (في سوريا). ولكن» مع حلول القرن الثالث الميلادي؛ 
ومع تزايد هيمنة الأديان العلةه تحوّلت كل من الإمبراطورية البارئية 
والرؤعالتة ولا مل التعبير الأكثر اكتمالاً للتقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة (وإن 
لم يكن هذا التحوّل تعبيراً كاملاً بالضرورة عن الشكل الأكثر شعبويّة لهذه 
التقاليد) . 


فى حوض البحر الأبيض المتوسط. حل محل الإمبراطورية الرومانية 
القديمة» بعد فترة من الفوضىء. نموذج حكم يقوم على نوع أقوى من 
المبعازاة ين تسرف الن الأنيين المتوظ حييا :دكاتم حك 
العاصمة إلى القسطنطينيّة. الأقرب إلى مركز الحياة الاقتصاديّة والثقافية 
الهيلينيّة القديمة مما كانت عليه روما. وفي ذلك الوقت» تبنت الإمبراطورية 
الرومانية الجديدة ديناً لا 100 ألاوهو المسبحية :وفك ظلّت 
الإمبراطوريّة الرومانيّة على هذه الحال إلى وقت مجيء الإسلام. 


كانت الإغريقيّة هي اللغة الثقافيّة الرئيسة للإمبراطوريّة» على الرغم من 
أنَ اللاتينيّة السائدة في المقاطعات الغربيّة قد بقيت حاضرة على طول 
الإمبراطوريّة لفترة طويلة كلغة للقانون ولبعض المجالات الأخرى. في كل 
من المقاطعات الإغريقيّة واللاتينيّة للإمبراطوريّة (بما في ذلك أجزاء واسعة 
من سوريا ومصر)ء كان يُنظر إلى الأعمال الكلاسيكيّة بوصفها أعمال 
المعلمين الإغريق حصراًء من هوميروس إلى أرسطو. وعلى الرغم من أن 
الأباطرة كانوا هم السادة المطلقين» فقد استمرٌ التعامل مع المثل السياسيّة 
والاجتماعيّة على أنّها متصلة ومستقاة من مُثْل الحريّة والفضيلة المدنيّة للدولة 
- المدينة (115هم) الإغريقية القديمة. ٠‏ مع بداية القرن الرابع. كانت 
الإمبراطورية كل فيضت بس وسفيا . “وجح أن الغعهد الجديد: قذ: كيت 
بالإغريقية» إلا أن جذور المسيحية كانت ممتذة في تربة الهلال الخصيب 
الساميّة (لاحقاًء وعلى نحو تدريجي فقطء تمكنت الأجسام المسيحيّة في 
سوريا ومصر من تشكيل نفسها على نحو متمايز عن الكنيسة الرسميّة: التي 
تسود في معظم الأجزاء الهيلينيّة واللاتينيّة). لقد تنافست روح المسيحيّة - 
ومؤسسة الكنيسة الضخمة - بقوّة مع التقليد الإغريقيّ الكلاسيكيّ على كسب 
ولاء الطبقات الحاكمة. وهكذاء فإِنٌ انتصار المسيحيّة كان إعلاناً عن بداية 


"4 


عصر جديد. فقد اصطبغت الفنون والفلسفات الهيلينية. ٠‏ بل والعلوم 
والقانون» بالتأثير المسيحي في المقاطعات الرومانية. وفي المقاطعات 


الشرقية أشنا . وقل واجهت الإمبراطورية الرومانية المسلمين وهي على هذه 
الحال. 


مع حلول زمن محمدء كانت السمة البارزة للإمبراطوريّة الرومانيّة هي 
دعمها للكنيسة المسيحيّة على نطاق جغرافيٌ واسع. وإن كان هذا الدعم يتم 
أحياناً بطريقة غير مرضية للمزاج الشعبي في سوريا ومصر (وبين بعض 
العناصر في المغرب افيا ):: ع حلول زمن محمدء كانت الإمبراطورية 
الرومانية قد خسرت عدداً كبيراً من المقاطعات في الغرب» ولم تعد تحتفظ 
تحت نفوذها سوى بجنوب إسبانياء والمغرب (شمال إقريقيا)» وأجزاء من 
إيطاليا (بما في ذلك روما)» ودالماسيا [على الساحل الشرقي من البحر 
الأدرياتيكي. » تقع معظمها اليوم في كرواتيا الحديثة]» وبعض الجزر مثل 
سردينيا وصقلية؛ ولكنها كانت لا تزال مسيطرة على البحار. وفي الشرق 
كانت الإمبراطورية الرومانيّة تسيطر على شبه جزيرة البلقان وشبه جزيرة 
الأناضول» وعلى سوريا ومصر”''. 

أثناء القرن الثالث». الذي شهد إعادة تشكيل الإمبراطوريّة الرومانيّة في 
أزاضي عرض البدر: انيع المتوسلى بحلك: السلزلة وير 2 العتكر اهل 
ارين الساسانيين محل السلالة البارئيّة في العراق وإيران"'''. وكما سيصبح 


(16) من المهم الانتباه إلى أن الإمبراطوريّة الرومانيّة التي واجهها المسلمون لم تكن 
«الإمبراطورية الرومانية الشرقية». وإِنّما كانت استمراراً لكل الإمبراطوريّة الرومانية الموحدة في البحر 
الأبيض المتوسّطء وإن كانت في مرحلة ضعفها (قارن ذلك بالجزء المتعلّق باستعمالات الألفاظ في 
دراسات تاريخ العالم في المقدّمة). 

(13) أحياناً يُشار إلى الطبقة الحاكمة الساسانيّة ب«الفرس»» ويُستعمل هذا الوصف لوصف 
الإمبراطورية نه نفسهاء وذلك لأن أصول هذه السلالة تعود إلى منطقة فارس» فى جنوب شرق إيران» 
التي أطلق عليها الإغريق (61815م). وقد كانت هذه المنطقة أيضاً مهد سلالة الأخمينيين. وكانت اللغة 
الرسميّة لها هي اللغة الفارسيّة الوسطىء التي تُسمّى أحياناً خطأ باللغة البهلويّة. إن استعمال مصطلح 
«فارسي» للإشارة إلى صلةٍ ما بفارس [المنطقة]ء فى اى عضوم التصود هو استعمال على صلة 
بطريقة استعمال المصطلح بالعموم في هذا العمل» وإن كان متمايزاً بعض الشيء عنه: فنحن نستعمل 
«فارسى» لوصف اللغة الفارسيّة الجديدة» ويستعمل السكان هذا المصطلح بالعموم لوصفها ؛ حتى لو 
لم تكن تحت حكم سلالة تنحدر من منطقة فارس. يجب أن يُستعمل المصطلح ببعض الحذرء 
فالاستعمالان لا يتعارضان: الأوّل ينطبق عنلى الأزمنة ما قبل الإسلامية» والثاني يصلح للأزمنة - 


"2 


واضحاً من الرسم التوضيحي لأصول الثقافة الإسلاماتية» فإِنْ الإمبراطوريّة 
الساسانيّة كانت هى المنافس الأكبر للإمبراطوريّة الرومانيّة المتأخرة في 
الشرق» وكانت هي السلف الأهمّ لدولة الخلافة. كانت عاصمة الساسانيين 
هي يسود [المدائن]» التي تقع على ضفة نهر دجلة» بالقرب من الموقع 
الذي سيبنى المسلمون فيه مدينة بغداد. عبتن 1 :كيلا مق مديئة باد 
القديمة. لقد نظر النبلاء الساسانيون إلى الإبراطووتة الاتحمينية الفاوسية 
القديمة على أنها النموذج الذي عليهم الاقتداء به. لم تكن الأراضي التابعة 
للساسانيين كبيرةة بذات القدر الذي كانت عليه أيام الأخمينيين» بخاصة في 
الغرب؛ إذ لم يتمكن الساسانيّون من ضمٌ سوريا ومصرء فضلا عن التمدد 
في أوروبا كما فعل الأخمينيّون. فقد استمّرت سوريا ومصر ‏ على الرغم من 
الالختجاحات. المستمزة - بجزءا فحكمة الاميراظورةة الزوماتة: ولاحقا كينا 
من قبل الإمبراطوريّات الكبرى التى تحمل التقاليد الهيلينيّة المعذلة 
بالسيحة .. عل الرغم من ذلكء كان الجزء الأكبر من الهلال الخصيب في 
يد الساسانيين إضافة إلى معظم المرتفعات الإيرانيّة؛ أي غالبيّة المراكز 
الثقافيّة الإيرانيّة ‏ الساميّة. في بعض الأوقات» امتدّت سلطة الساسانيين إلى 
ما هو أبعد من الحبال الشمالبة والشرفية» واهثدت: علئ نطول سراحل 
الجزيرة العربيّة» وفي لحظة من اللحظات» بلغت سوريا ومصر وجزءاً من 
الأناضول. 


كانت هناك لغتان رئيستان للثقافة العليا في النطاق الساسانيّ» واحدة 
تنتمي إلى عائلة اللغات الإيرانيّة» وواحدة إلى عائلة اللغات الساميّة؛ وهي 
الحالة التي كانت قائمة في العا حكم الإمبراطوريّة الأخمينيّة. وفي أثخاء 
حكم الإسلام. من بين الألسنة الإيرانيّة» كانت البهلوية (البارسيك». إن 
توححينا الدقّة) ‏ التي كانت دارجة في المرتفعات» بخاصّة فى منطقة فارس 
ف التسيوب الغر شن اللنه الرسية للالاظ بولالكين اعردب .فق :قنك 
ترجمة الكتابات الهنديّة إلى البهلويّة بطريقةٍ حافظت على المشاعر الكامنة 7 
تلكا لأساسى .رسن بين الالسنه الشافة»: كاقت النتريانثة (الشرقتة)1- 


- الإسلامية . وحين يتم استعمال المصطلح من دون مراعاة» فقد ينتج عن ذلك بعض التشوّش واللبس . 
(قارن ذلك بالهامش رقم ” في الفصل المخصّص للصفويين» الكتاب الخامسء الفصل الأوّل). 


"1/١ 


يفف 


جذور الثقافة الاسلاميّة في سياقها العالمي (775م - 6١/ام)‏ 


أوروبا الغربيّة 


4 اعترفه المسيحيّون اللاتينيّون بسيادة أسقف 


روما (البابا) عليهم . 


: وفاة أوغسطينوس» اللاهوتيّ اللاتيني الأبرز. 


5 : حكم الفرانك [الفرنجة] من سلالة الميروفنجيين 
بلاد الغال (محل آخر الحكام الرومان). 


تحوّل كلوفيس الأوّل (حاكم بلاد الغال) إلى 


المسيحية الرومانية. 

0/1-4: خسرت الإمبراطوريّة الرومانيّة جزءا 
كبيراً من الأراضي الداخليّة لإيطاليا (للمرة الثانية 
والأخيرة) أمام البرابرة اللومبارديين. 

-504: أصبح غريغوري العظيم بابا روما وحاكمها 
(نحت ظل الحكم الإمبراطوري من القسطنطينية) . 
:/4١-41‏ استعاد شارل مارتل القوّة لإمبراطوريّة 
الفرنجة وهزم العرب في شمال بلاد الغال. 


من النيل إلى جيحون 


قيام الإمبراطوريّة الساسانيّة في إيران والعراق ‏ 


على أساس حكم أكثر مركزيّة من حكم الإمبراطوريّة 
البارئية السابقة . 

0 إعادة تنظيم الإمبراطوريّة الرومانيّة في حوض 
البحر الأبيض المتوسّط على أساس حكم أكثر 
مركزيّة» بعد فترة من الاضطرابات والفوضى 
العسكرية. 

448-06: عهد حكم قباد؛ الراعي الساساني 
لمزدك. المصلح المعادي للأرستقراطيين. 

:8175-٠‏ الحروب بين الإمبراطوريّة الرومانيّة بقيادة 
جستنيان» والإمبراطورية الساسانيّة بقيادة كسرى أنوشروان. 
118-8: حكم كسرى الثاني (برويز)؛ الحاكم 
الساساني الذي تمكن من ضمٌّ مصر وسوريا 
والأناضول من الروماة :113+ -177)؛ ثم خسرهم. 
فتدكيين : حكم محمد في المدينة» وتأسين سيس دولة 
المسلمين في الجزيرة العربية. . 

5 : وفاة عمر بن الخطاب. الذي أدار معظم 
فتوحات المسلمين الهامة» من مصر إلى غرب إيران. 
:١‏ وفاة على بن أبى طالب؛ تمرّق الدولة العربيّة؛ 
وإعادة توحيدها على يد معاوية بن أبي سفيان. 


7 : أعاد عبد الملك بن مروان تأسيس الدولة . 


العربيّة؛ بعد تجدد الاضطرابات (من عام ١18)؛‏ على 
أساس القوّة السورية. 

06 وفاة الوليد بن عبد الملك. الذي تمكن العرب 
في ظل حكمه من احتلال إسبانيا وبلاد السند. 


الهند 


:"١‏ قيام سلالة جوبتاء راعية الازدهار الثقافي في 
شمال الهند. 


147-5: حكم هارشا لآخر الإمبراطوريّات 
الهنديّة الكبرى في شمالي الهند. 


الصين 


نهاية عهد سلالة هان الحاكمة؛ التي أرست 


تقاليدالدولة الصعة الموعدة: 


074-5: حكم سلالة واي الشماليّة. ورعاية 
الترك للبوذيّة في شمال الصين. 


4 إعادة توحيد الإمبراطوريّة الصينيّة تحت حكم 
سلالة سوي. 


5114 : مواصلة سلالة تانغ لنهوض الصين وصعودها 
سانا وتحاريا: 


أشكال الآراميّة ‏ التى استعملها المسيحيّون النساطرة في العراق» هي 
الحامل الرئيس للتقاليد الهيلينيّة» باستقلالٍ عن الإغريقيّة نفسها؛ فقد تمّت 
ترجمة ال من الأعمال» بخاصّة في العلوم الطبيعيّة» من الإغريقية إلى 
السريانية ؛ وتُرجم بعضها إلى البهلويّة. (كانت الكنيسة النسطورية. 258 
الكنيسة الرومانيّة الخلقيدونيّة الرسميّة [نسبة إلى مجمع خلقيدونية ١50م]ء؛‏ 
تحظى بالتفضيل من قبل الإمبراطوريّة الساسانيّة» وبين رعاياها المسيحيين» 
بوصفها خصماً طبيعيّاً للإمبراطوريّة الرومانيّة). 


ولكن (بخلاف الحال في الإمبراطوريّة الأخمينيّة السابقة» وبخلاف 
أوضع بع الحالة الإببلؤي: اللاضقة) كانت هاتان اللعتان الريعان تلان 
تقليدين ثقافيين مختلفين بدرجة كبيرة. إضافة إلى ذلك» كان هناك عدد من 
اللغات الكتابيّة الأخرى المستعملة فى المنطقة» على أساس المجتمعات 
الفينثة أحيانا ٠‏ بوطلى أساس التقالين المخلتة ايان احرى» كنا هي التحان 
في حوض نهري سيحون وجيحون في الشمال الشرقي تلن سبيل المثال. 
على وجه الخصوصء. كانت هناك أشكال أخرى من الارامية» يستعملها 
اليهود وبعض المسيحيين» بمن فيهم أولئك القاطنون على الأطراف الحدوديّة 
للإمبراطوريّة الرومانيّة» الذين لم ينشقّوا بعد عن الكنيسة الرسميّة 
للإمبراطوريّة. (كانت الكنيسة المنشقة في مصر تستعمل اللسان الشطل 
العبحلي . كانت العراق الساسانية هي مركز الحياة اللقودية عبر المتمورة + 
فهناك تم جمع التلمود (بأحد أشكال اللغة الآراميّة). لقد شكل اليهود جزءاً 
كيرا 0 المدن والأرياف في العراق. 


ل البلاط الساساني كان ينظر إلى الإمبراطوريّة الأخمينيّة 

بقة لهء على أنها النموذج الذي يتطلع إليه» إلا أن الإمبراطوريّة الجديدة 

كانت أكثر من مجرّد استعادةٍ للإمبراطوريّة القديمة» وذلك لأآن الإمبراطوريّة 
القديمة لم تكن بطبيعة الحال تجسيداً لكل الأشكال الثقافيّة التي نتجت لاحقاً 
و ا 0 ونضجها في العصر المحوري. تداخلت العديد من التقاليد 
فى التصوّرات الساسانية عن الثقافة والمجع الحيد» لين التقاليك:الاخوين: 
نقظء انما تقاليد يمكن :: تتبّع بعضها عودة إلى التقاليد البابليّة القديمة. فالحلم 
الساساني بمملكة عالميّة مطلقة - تستطيع بقوّتها النزيهة إحباط جميع 
الطموحات الدنياء وأن تفرض العدل والسلام بين السكان البسطاء - يعود في 


يفف 


جذوره إلى التجربة الأخمينيّة. ا ل م د 
للسيادة المطلقة المتسامحة للأخمينيين؛ فهذا النموذج قد ورث الكثير من 
المبادرات الاقتصاديّة الكبيرة للممالك الهيلينيّة (أسهم اسم الإسكندر الأكبر 
بحصة كبيرة في المخيال الإيراني» كما فعل في المخيال الروماني). وربما 
يعكس اهتمام الساسانيين بالسلطة المركزيّة نوعاً من عدم الرضا عن ضعف 
السلطة المركزية تحت حكم البارثيين. لقد كان الحكم المطلق للساسانيين 
نظاماً سياسيّاً منتمياً إلى مرحلة ما بعد العصر المحوريء ومتمايزاً عما قبله: 
ومتوافقاً (في أسّسِه) مع الأنظمة الإمبراطوريّة في ذلك الزمن . فوق ذلك كله 
كان هذا النظام مدعوماً بالولاء الديني الملي الرسمي» الذي صُمّمّ خصيصا 
لفرض الوحدة الثقافيّة في الإمبراطوريّة؛ على الأقل بين الطبقات الحاكمة"" , 


في الوقت الذي توطدت فيه المسيحيّة في الإمبراطوريّة الرومانية كدين 
رسمي» كانت المزدئة تاخز 07 انها في النطاق الساسانيّ» من قبل 
الحكام الأوائل لهذه السلالة. في هذا التقليد الديني» كان الرجال يبجلون 
زرادشت بوصفه النبيَّ الأعلى» وربما تكون مقطوعاته الشعريّة التي جمعت 
فى التكاتاسن لاكاهان) واحدة عن اكش التضبوضن إنداعا رتدننا فى :ذلك 
التقليد. وكان أهورا مزدا هو المعبود بوصفه إله النور والحقيقة في صراع 
الخلق ضد الظلمة والباطل . في الوقت نفسه» ولي فيل تقديم لمط ذرني 
شامل» انبنى التقليد على نصوص وتعاليم أخرى أيضاً؛ فقد تمحور التقليد 
حول التعاليم والطقوس التي تديرها طبقة الكهنة المتوارثة» المعروفة 
بالمجوس. حراس المعابد التي لا تنطفئ فيها النار المقدسة كعلامة على نور 


(107) إن معرفتنا بالإمبراطوريّة الساسانيّة ‏ وبالهلال الخصيب عموماً وإيران عبر آلاف السنوات قبل 
الإسلام ‏ فقيرة جد بالمقارنة مع أيّ حقبة تاريخيّة كتابيّة أخرى. حول التقاليد الدينيّة المزديّة» انظر: 
1"5322! ع0 100176151621565 وعؤووع21 :83215) 0211271 271 +1 '[ 06 :1112107 ها رصتصدطع|[أنات)-عمدعطءنانآ 5عناوع2ل 

1962(. 


خاصّة النقاش البيليوغرافي ف في الفصل المعنون ب«دراسات التاريخ» . للاطلاع على موجز حول 
الإمبراطورية الساسانية» انظر كتاب : 
.(1944 ,لعقدوسعطصد1] تممزظ :عد ع هطدعمه0 .له 226 ركعءةاتددكهك كء| كلا0ى انه رط بلاعكهعأفغطت) عناطاتم 
وعلى الرغم من أنْ الكتاب يخلو من التبضّرات الملهمة» إلا أنه لا غنى عنه. لتعليقاتٍ وإضاءات 
حول كيفيّة الاستفادة من أعمال زاينر وألتهايم ‏ وهما اثنان من أبرع العلماء في التعامل مع هذه الحقبة» 
على الرغم من أن أعمالهما له بد أن تخضع لتحذيرات كثيرة -انظر الجزء ء المتعلق بتاريخ دراسات 
الإسلاميات في القسم المخصّص للمنهجية التاريخية في المقدمة. 


8 


أهورا مزداء» وحيث توجد [أي فى المعابد] تعبيرات ملائكية مختلفة عن 
الحقيقة الإلهيّة» «الفكر الخيّر) د الأرواح الحارسة» التي يتم استحضارها 
وتكدمج التكريم لها على المستوى الرسمي. كان على المجوس أن 
يتسامحوا بدرجة ما مع مجموعة الآلهة القديمة. أما في حياة الأشخاص 
الأكثر تقوى وصلاحاًء فقد كان يتمٌ التعبير عن الإيمان في شكله الأوضح 
من خلال الاهتمام الشامل والدقيق بالطهارة؛ الطهارة الجسديّة لأداء 
الطقوس. وطهارة العقل الصادق والممتلئ بالحقيقة. 


كما لاحظناء كانت المزديّة فى صيغتها الرسمية ذات توجه زراعىي» 
وكا نمراعها العام أرستتراظا .. فالعدالة تحجن فى المجنيع اللي يشكل 
جيّد على أساس الطبقات الهرميّة المتراتبة» بحيث تحصل كل طبقة على 
مكانتها وعلى مكافأتها. هكذاء كان الفلاحون يتشرّفون بأداء المهمّة الأكثر 
أساسيّة في إنتاج الاحتياجات الأساسيّة؛ زراعة الأراضي المقدّسة لجلب 
الغذاء إلى الحياة. ولكنء كان من العدل أن يتم تحصيل ما ينتجونه» مما 
يزيد عن حاجتهم للاستمرار في الحياة ونام أودهم. من قبل مُلّاك 
الأراضي» ومسؤولي الحكوفة»..والكينة الميكوس أيضا. كانف اقنادات: هذه 
الطبقات رو فزن خلال الوظيفة التي يؤذونها للمحافظة على النظام» وحمايته 
من المعتدين الخارجيين» وبوصمهم وسطاء بين البشر والآلهة:: أما تقية 
الطبقات ذات الامتيازات» فيبدو أنها كانت تحظى بمكانة أدنى في النظام 
الرسمي؛ كانت وظيفة التجار والحرفيّين هي تلبية رغبات الحكام والكهنة من 
الرفاهيات والكماليّات وأمور الترف. نظرياً. لم تكن فنون الحضارة الترفية 
محل تقدير (فيما عدا الفنون التي ينتجها الكهنة أو عمّال الحكومة» والتى 
كان سر نه تورصنيا اما كر رارع )نك ركان ساو عاد له 
يعتبرون أقرب ما يكون إلى الطفيليّات. أما على المستوى العمليء فلما 
كانت الامتيازات مضمونة للبعضء فإنْ أولئك الذين يبتكرون وسائل الرفاه 
والترف لتلك الطبقات ذات الامتيازات» كانوا يحصلونء بطريقة غير 
مباشرة» على بعض الامتيازات وبعض التبريرات لذلك . 


الشعبويّة في الامبراطوريّة الساسانيّة 
لم تكن الإمبراطورية البارئيّة تُحكم سيطرتها على الحكومات الإقليميّة 


ث,>52 


والمدن شبه المستقلة بشكل قويّ. ومن ثم فقد فشلت السلالة الحاكمة 
المركزيّة مراراً في منع نشوب الحروب بين هذه الحكومات والمدن. ربما 
كانت الثروة حينها أقل تمركزاً منها في فترات أخرىء فنحن لا نملك سوى 
القليل من الأدلّة والشواهد على وجود أعمال ثقافية ضخمة في تلك الفترة. 
ولكن. يبدو أن هذه المترة ة كانت تتسم بنشاط وحيوية كبيرين على المستوى 
الاقتصادي والفئّي والأدبي على السواء. ويُمكن القول بأنّ البذور قد بُذرت 
في تلك المرحلة بانتظار أن تُثمر.تحت حكم الساسانيين. 


في ظل حكم الساسانيين» تمّ الحفاظ على السلام في الإمبراطوريّة 
لمعظم الوقت. وكانت الأعمال الإنشائيّة والصروح المنحوتة الضخمة. 
المشغولة بحرفيّة وجمالٍ عاليين معبّرةً عن حال الإمبراطوريّة» وشاهدةً على 
تمركز كبير في الثروة؛ أي إِنْ تلك الفترة قد شهدت ازدهاراً كبيراً ب بين الطبقات 
ذات الامتيازات (وهو أمر قد يرتبط» وقد لا يرتبط» ل 
شهد الاقتصاد نموًاً مضاعفاً. فمن جانب» تعاظمت الاستثمارات الزراعيّة 
ووصلت إلى أوجها في السهل الرسوبي لمنطقة ما ون الحرين ب مخ رسع 
مشاريع الري وتزايد أعداد السكان. ومن جانب ا اه التجارية 
وقويت الصناعات؛ فمثلاً كان يتمّ استيراد الحرير من الصين ثم يتم شغله 
داخل الإمبراطورية. تزايدت أهميّة المدن وثروتها: ا ا 
الساسانيين بوصفهم مؤسسي المدن وحٌُماة التجارة”*'' . 


مثّل النموّ التجاري جزئياً استجابةً لتسارع وتيرة التجارة عبر المعمورة 
الأفرو نه | قدلا ا ةر لم نذا التجازة الساشرة: غدر الجر -والير من الضبية 
والمنطقة الهندية ‏ البحر أبيض - متوسّطية إلا مع نهاية العصر ار 
ولكنّها سرعان ما أصبحت مهمّة على المستوى التجاري والمالى. كما 
شودت الخطوط التجارةة فى البجار'الحتويية ايعان المعيط البقدى بوخترقة) 
توسّعاً مشابهاً. وهو ما حصل أيضاً في شمال البحر الأبيض المتوسّط في 
أوروباء وفي الجنوب عبر الصحراء الكبرى. لم يكن دور شعوب ما بين 


* حول ازدهار الإمبراطورية الساسانية في إيران والعراق» انظر‎ )١( 
1 “*ر115اأناء لدع ف 146505013101392 اأمعاع صف 11 11اد _ 51" ,03225ث .14 أمءعط10 لصة معوامء13 ل10علرمط‎ 
.مم ,(1958) 128 .701 رءع301672‎ 1251-1-8. 


غ6 


النيل وجيحون مقتصرأ على مجرّد الاستفادة من موقعها في قلب الطرق 
التجاريّة وتقاطعاتهاء بل ساهمت أيضاً في تطوير مجالات تجاريّة جديدة. 
وفي ذلك الوقت». تم الاستغناء ء عن الإغريقية التي كانت اللغة الجارة 
الأولى في نهاية العصر المحوري في أجزاء واسعة» واستخدِمتُ بعض 
العناصر اللغويّة من منطقة الهلال الخصيب بدلاً منها. فعلى طول الخطوط 
التجاريّة فى أوراسيا الوسطىء كانت الثقافات والأديان الإيرانيّة والساميّة هي 
و ا والهنديّة . وخلال تلك المدّة» على 
طول السواحل الغربية للهند. والجنوبية الغربية ند أصبحت أعداد 
السكان المسيحيّين واليهود ‏ الذين استقروا في المنطقة أو الذين تحوّلوا من 
منطقة الخليج الفارسي - أعداداً معتبرة. في المناطق الغربيّة من حوض البحر 
الأبيض المتوسّط والمناطق الداخلية المحاذية لهاء أصبحت العناصر نفسها 
د (السؤرية8:والبهودية داتاقلة للثقافة التتجارية» إلى درحة أن البهودية أثبتت 
أنها تمتلك جاذبيّة كبيرة لتستقطب إليها مؤمنين جدداً.ء حتى تحت الحكم 
المسيحي. لقد كانت منطقتنا هذه تتحوّل إلى المركز التجاري للمعمورة. 


يجب ألا يُفاجئنا إذاً أنْ تجد الإمبراطوريّات ذات الأساس الزراعي في 
منطقة اليالؤل الحصبيب هانق زه التتصوص وننتنيا فى مواحية الجر كات 
التتغبرة رعلى]لأكل الطكة المحارتة اسان الدى عدوت عه بيها دن خلال 
المجتمعات المليّة. فوسط هذا الازدهار كله. اضيع الصراع انفيص نذا رس 
للحياة الاجتماعيّة . لم تكن جميع المجموعات الدينيّة المنشمّة ذات طبيعة تخريبية 
أو هدّامة؛ فمن بين الطوائف الغنوصيّة الكثيرة التي ظهرت في السياقين اليهودي 
والمسيحي بخاصّة» كان بعضها يمتلك مزاجأاً شعبويّاً نسبيّاً. ومن ثم فإنْها قد 
عبّرت عن نوع من الاحتجاج الاجتماعي الواضح.ء إلا أنها لم تكن حركات تمرّد 
وثورة. يمكن قول الشيء نفسه عن المجموعات البوذيّة الموجودة في معظم أجزاء 
الإمبراطورية وفى حوض نهري سيحون وجيحون (فى الحقيقة» فإن البوذيّة» 
طريتتها الخاضة+ كاتف شعيونة يداف القدر الذى اتسمكرن المغاليد ا لفل .فى 
وفك د عن عدر الامبرطورةة السساس ها ول االجائر تون عمل تولييه اتوي 
وحيوي لجميع نصوص الوحي السابقة في نظام ذي طابع غنوصيّ» وحاولوا نشر 
كتابهم المقدس في كل مكان يصل إليه التجار الإيرانيّون والساميّون . فى ذلك 
الوقت» كان المانويّون وبعض ممثلي الحركات الأخرى أيضاً» يأملون بأن يحظوا 


يغف 


بدعم المَلَكيّة الساسانيّة لديانتهم. ولكن, بعد الاعتراف بالمزديّة رسميّاًء تمّ 
سح ساس ير ال ا ال 'وفي بعض 
تبحاة الطبقات الزراعيّة العليا التي 52-5 القرّات المسلّحة التى 0-6 من 
المشاة والفرسان. ومن ثم فقد أصبح من الواضح بأنه لا يُمكن إحداث تحوّل 
في المؤسسة الدينية - والسياسية ‏ إلا بالإطاحة بقوّة المزديّين. 


نوكه الأدلة على أنه كال البة:عدوتمية الجر كانت التى زاوجت بين 
الابتكارات الدينيّة والاحتجاج الاجتماعي ضدّ الطبقات ذات الامتيازات. وقد 
كانت إحدى أنجح هذه الحركات وأكثرها فاعلية هي حركة مزدك: القائد الذي 
تمكن من كسب تأييد الملك لفرض برنامج للعدالة الشعبيّة شبه المساواتيّة ضدّ 
ماك الأراضي ذوي الامتيازات. على الرغم من البنية البيروقراطيّة والمركزيّة 
نسبيا للدولة الساسانكة + تؤارتكه عائلات الله التديمة درخة عالية من 
الاستقلال منذ أيام البارثيين؛ وكانت هذه العائلات تتحكم بالملوك الضعفاء. 
وار را أن يستمروا في الصراع معها لضمان قدرتهم على 
فرض سياساتهم المركزية في فى لكر لو بن لون الخامس». اقتنع الملك 
قباد.» لوهلة. بمحاولة تقويض نفوذ النبلاء المتزايد عبر دعم حركة مزدك لتدمير 
الأشكال الكبرى من الامتيازات الاجتماعيّة أو تعطيلها باسم الأخويّة الروحية 
0 ا ري ا وعك 0 ونخسروا الكتبر من 


في سنواته الأخيرة» نبذ قباد هذه الروك وقام خليفته كسرى أنوشروان 
باتخاذ رد فعل عنيف تجاه المزدكية. قتل مزدك والعديد من أتباعه. وتمت 
استعادة المزديّة الرسميّة. واستعاد النبلاء امتيازاتهم التي خسروها . ولكنهم لم 
يستعيدوا بالطبع موقعهم السابق تماماً . ققد ضعفت قؤة الثبلاء وتضاءلت 
قدرتهم على تجاهل السسلطة المر كني ونا على القن تفصناق أت انوشووات 
كان أفوى ملوك السلالة الساسائثة» فاستخل هذه الفرصة لإعادة تنظيم 
الإمبراطوزيّة بالكامل» وفرض الضرائب على أسس أكثر تجاريّة؛ وعلى.وجه 
الخصوص.» قام بزيادة استثمارات الدولة في مشاريع الري الزراعية في 
العراق. ويبدو أن هذه الاستثمارات قد وصلت في عهده إلى ذروتها القصوى . 


52/1 


مع هذا الدعم المالي. أصبح أنوشروان في موقع كزغالة لبقا تيس 

مركزي قوي» مدعوم بالضرائب» بدلاً من الأموال التي يدفعها النبلاء. على 
الرغم من أننا 5 الكثير عن حكمه. إلا أن أحد مضصادر التتجتند لذلك 
الجيش كان قبائلَ الرعاة العرب» الذين كانوا مستقلّين بالطبع عن الطبقات 
العليا الزراعيّة» والذين كانوا معتادين على القتال» وكان بإمكانهم الوصول إلى 
الغراق سهولة: كان المجتمع العربي الرعوي مشتتاً ومجرّأ على نحو عميق 
ومن ثم فقد بدا بأنَ الاعتماد على الجنود العرب (وإِنَ كانوا منظمين قَبَّليَا) لا 
يحمل في طيّاته مخاطر سياسيّة بالمقارنة مع المخاطر التي تمثلها الطبقات 
الزراعيّة العليا ادا لمر قار 001 الا لير اا رار كان العرب 
قد تدخلوا في إرثه واختيار خليفته) . هكذاء ذ فمن المرجّح بأن عمال البللاط 
والجيش والبيروقراطيّة المدنيّة» قد تمكنواء بمعاونة بعض العناصر التجاريّة 
الغنيّة في المدن» بن الخضول على استعادليي من تيا + الطبقات الزراعيّة من 
ملاكي الأراضي؛ بل وربما تمكنوا من التفوّق عليهم. ومن ثمّء فقد كان يتمّ 
تن اتوشرران توضقه اللا النموة حى : للسالالة | لحمو حتت ويواميه البقال 
الأعى للعذالة الماك ,رق و لد سويد فى زمانةة وهر او تكد المسلموة 
تذكرم تدوعت الاتجاهات تجو المركرتة والعتديق» القى مترت أرمنة 
الساسانيين عمًا سبقها إلى ذروتها في ظلّ حكمه. 


مثّل عهد أنوشروان أيضاً أوج الثقافة الأدبيّة الساسانيّة. لقد توازى 
التاريخ العظيم لأساطير الأجداد والأعمال الملكيّة مع عظمة الأعمال الفنيّة 
البصرية:.إضافة إلى ذلك يبدو أن أديه البلذط “قد طون ذوحة غالية عن 
الفضول وسعة الاطلاع. وكانت الثقافة الهيلينيّة تحظى بالاحترام» بخاصّة في 
مدرسة جنديسابور للطب والفلسفة في خوزستان (في الجزء الجنوبي الشرقي 
من :سوا مين الصرون )اوفك الحفد ريك المودروينة عضن تالويش الدغريق إلبها 
بعد أن أغلق جستنيان مدارس أثينا ا 0 
المدرسة اهتماماً حتى من قبل بعض كهنة المزديّة: الذين طوّروا أنظمة لاهو 
معتمدين على مصطلحاتها ا ا مصادر التحفيز الفكري في ذلك 0 
كان اناهن مال الهند. ففى القرون الأولى من عصرنا [أي القرون الأولى 
بعك العياذة ]ل كان كمه تعفاد واسع للتجارة والأفكار الهنديّة» بذات القدر 
الذي انتشرت فيه الأفكار الهيلينيّة في القرون الأخيرة من عصر ما قبل 


خف 


الميلاد. لانت بي لتاقن لضان فقد وصلت الحركة التي حملت 
البوذية. على أيدي المسودة النشطين. لون عموم سكان شرق إيران ووسط 
أوراسيا قبل انتشارها في شرق أوراسيا. (أما معرفة ما إذا كان التطوير الهندي 
المبككر لطرق الرهبنة قد ساهم في انتشار العديد من أشكال الرهبنة. حتى في 
ومن البحر الأبيض المتوسشط خلال تلك القرون» فه وأمرٌ غير واضح 
ناما لح بك الماسامين ' بخاص صَه خلال القرن الأخير من حكمهم. 
أصبحت الأفكار الهندية في العلوم والفنون شائعة. ففي ذلك الوقت» أنجز 
الهنود تطويرات وتحسينات مهمة في الرياضيات» تفوق الأعدى البابلية 
والإغر بقنة ال ا ب ل 
الثقافة الهندية في دوائر اده إلى درجة ترجمة الآداب الهندية البسيطة 


فى القرون الأولى من الألفيّة الميلاديّة الأولى» كانت جميع الأراضي 
اللحضنار:ة غرب الوقن قن ضعت ثقانا للإمبراطوريتين الرومانية والساسانية. 
هذا إذا لم تحكم مباشرةً من قِبَلِهما . بالعموم. كانت المنطقة النشطة التابعة 
للإمبراطوريّة الساسانيّة أصغر بقليل من نظيرتها الرومانيّة» ولكنّ 
الإمبراطوريتين كانتا متكافئتين في المواجهة. معان الرخم من الوشاكل 
الداخليّة مع المجتمعات المنشقّة في كلتا الإمبراطوريّتين» إِلَا أنهما قد 
حافظتا على هياكل قرّة متنافسة مذهلة» تدّعي كل منهما (نظريًاً) لنفسها 
وميه عالمية. تنازعت الإمبراطوريتان» على نحو متكرر. على طول 
95-6 الممعذة فى الراك الأعلى» ولع يولي احمكيافيها إلا ليلذ 
للمنافسين والخصوم الأخرين؛ في حالة الرومان للشعوب الجرمانية والسلافية 
في أوروبا الداخلية؛ وفي حالة الفرس الساسانيين للدول التركية في وسط 
آسيا. في أثناء حياة محمّدء خاضت الإمبراطوريّتان أكثر حروبهما تدميراً 
على طول قرون القتال بينهما. ومع وفاة محمدء. كانت كلتا الإمبراطوريتين 
قد وصلت إلى حالة من الإنهاك المالي والسياسي"!''. 


() لفل أنقذني غوستاف فون غرونباوم من بعض الأخطاء التي كان يُمكن أن أقع فيها ببعهولة 
فى هذا الحقل التاريخي الواسع (ولكن لا يُمكن لومه على الأخطاء التي قد أكون قد سقطتٌ فيها 
بتخيزاتي» هنا أو في أيّ موضع آخر) . 


5 


تحدى محمد 


ماهم 55" 


كا تخ تطتطقة نا مره التاوسوحون قله القع فين إلى ععمالة فتن العق رات 
الفارقة في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين» حتى لو لم يظهر الإسلام على 
مسرح الأحداث. فربما كانت الإمبراطوريّة الساسانيّة» تحت حكم سلالة 
جديدة» ستنجح في انتزاع سوريا ومصر (والمغرب على الأرجح) من يد 
الإمبراطوريّة الرومانيّة؛ وربّما كانت لتطوّرء باللغتين السريانية (الارامية) 
والبهلويّة (الإيرانيّة)» ثقافة لا تختلف كثيراً عن الثقافة التي تطوّرت بين 
عنامي باللهقية العركة والقا سدع بكانع دده النفانة لتسدير أيضنا على 
امتداد نصف الكرة الأرضيّة المأهول؛ خاصّة أنْ بعض العناصر من التقاليد 
الإيرانيّة والساميّة كانت بالفعل قد انتقلت إلى أوروبا والهند. ولكن. سيظل 
من الصعب علينا تخيل إمكانية قيام الحضارة السريانية ‏ البهلوية الجديدة 
بتطوير مثل هذا التجانس والحيويّة التوسّعيّة التي تمظهرت في ظل الإسلام . 
ربما كانت القبائل العربيّة» في تلك الحالة [أي لو لم يظهر الإسلام]» لتساهم 
في تاسيب دلا لة جدوة تكلفه الساما فين بولك كلف القانن كانت 
قوعي بوكلوامه شويع » .وستطءثقافات .سكان المخطقة الأكير اسعقر انا 
(بحسب التشابهات والتماثلاات التي يجب أن نفترضها)ء. وكان العرب حينها 
سيّنسون شِعْرّهم البدويّ المميّز - والمحدود أيضاً - مع مرور الزمن وسيتعلمون 
الحديث ناإهدى اللفات الآرامئة»وركنا كانوا سيعددتن شكلا أو اخر مز 
أشكال المسيحيّة الموجودة في المنطقة. ولكنّ مُكوّناً واحداً هو ما أحدث 
الفرق الحاسم» وسمح لحضارة جديدة فعلاً أن تقوم على أساس توحيد جموع 


54١ 


سكان المنطقة في مجتمع ديني واحدء ألا وهو ظهور الإسلام . 

ربما يكون العنصر الأهمٌ في الخلفيّة التاريخيّة للحضارة الإسلاماتية هو 
تطوّر الدين الإسلامي نفسه وتطوّر المجتمع الذي حمله. لقد كان ذلك كله نتيجة 
لعمل مجموعة من الرجال المميزينء أوّلهم هو محمّد نفسه . لقد بدأ هذا 
المجتمع بالتشكل داخل البيئة العربيّة ثمّ أ صبح» بعد سلسلة الفتوحات المفاجئة 
هو المجتمع الحاكم المتورع عبر الأراضي ذات اللغات الآراميّة والإيرانية» بل 
وانتشر إلى ما هو أبعد من ذلك. داخل هذا المجتمع» كانت هناك العديد من 
الخلافات حول طابع هذا المجتمع» كما كانت هناك صراعات متعددة بين الفرق 
المتنازعة. لم يكن من الممكن التنبّؤ بأيَ وسيلة من الوسائل البشريّة بدين 
| لماه ومجتمعهم اللذين ظهرا نتيجة هذه الصراعات؛ إلا أن هذا التاريخ يُثير 
فينا الإعجاب بالعقول القويّة والأرواح المخلصة التي قامت بتشكيله”" . 


الثقافة ذات الأساس البدوىٌ فى زمن محمد 


كانت الكتلة السكانية الكبيرة من بدو الجزيرة العربيّة تعيش على تخوم 
الإمبراطوريّتين الساسانيّة والرومانيّة وبينهماء وكانت أهميّتها تتزايد على 
مستوى الحرب والتجارة. لم يكن هؤلاء البدو متموضعين في حدود الجزيرة 
الع هاه . فمنطقة بدو الجزيرة العربيّة كانت هي المنطقة التي تأسست 
وسادات:فبها غاذات وأعزاف“ البدو الرقل على الإبل : وتحديداً فى الناطن 
الفجاقة والعرة و لسن كانه هذه المغطقة عبان عن سهوب ادل 
تتخللها مساحات شاسعة من الحجارة والرمال» وتزورها الأمطار الموسميّة في 
الشتاء والربيع» فتكتسي الأرض بغطاء نباتئ مؤقّت لا يلبث أن يزول. في تلك 


0010( لقد شرفني وليام مكنيل» في كتابه صعود الغرب. بالإشارة إلى عملي هذا (في صيغته الأوّلية 
والناقصة) بوصفه مصدراً فيا لتفكيره حول الإسلام وحول الحضارة الإسلاماتية. انظر: 
.(1963 رؤ5وعء21 16280) 01 15117ع الم لآ :آ1 ,معمدعتط)) ادء 17 11 زه 1156 ,اائءل2ء54 .11 سدنال/171 


وقد غمرني هذا الإطراء؛ إذ إنني أعدّ كتاب مكنيل مهمّاً جدّاً من ناحية أنّه أوَل عمل أصيل في 
التاريخ العالمي (أَوَّل عمل يستعرض تاريخ الشعوب المدينيّة بوصفه جزءاً من كل تاريخي واحدء مع 
تركيز أساسي على العلاقات البينيّة والداخلية بين تلك المجتمعات» ومن دون أن يقتصر اهتمامه على 
مجتمع دون آخر) . مع الأسف. فقد وجدتٌ نفسي أختلف مع ماكنيل (في غير هذه النقطة الأساسيّة) في 
النظريّة الأساسيّة وفي تأويل مجموعة من الحضارات وتفسيرها؛ وتحديداً في تفسيره للإسلام 
والحاضرة الإسلامية. ومعظم هذه الاختلافات سواء حول تاريخ العالم بالعموم أو حول الإسلام - 
ستظهر جليّة في مباحث هذا الكتاب. 


حص 


السهرب كانت الواحات تتناثر كالنقاط المتفرّقة في المناطق التي تسمح فيها 
مشكيلات الأرض للعلة بان يكوة قربي من السطلخ يكمقات كني ار 
المزروعات في تلك المساحات المعزولة داخل الصحراء. مع هذه النباتات 
الموسميّة» ومع الينابيع والآبار التي يمكن حفرها في المناطق البعيدة عن 
الواحات» ومع الحفاظ على نمط حياة متنقّل باستمرار» أمكن لهؤلاء الرعاة 
الحفاظ على حيواناتهم. وأمكنهم أن يُضيفوا إلى غذائهم من الألبان واللحوم 
في المواسم (أو مما يصطادونه) بعضٌ الحبوب والتمور التي توفرها الزراعة في 
الواحات. أما المزارعون» فعلى الرغم من أنهم محاصرون بالصحراءء فقد 
كان بإمكانهم أن يحصلوا على الحيوانات التي يحتاجونها من الرعاة» كما كان 
بإمكانهم أن يحصلوا من خلالهم على المنتجات التي يحتاجونها من المناطق 
البعيدة. كانت الجمال المستأنسة ضروريّة لهذا النمط من الحياة» فالجمل هو 
الحيوان الوحيد القادر على توفير الأساس لنجاح الحياة الرعويّة على هذا 
المستوى الواسع في تلك الصحارى. 

لدو أن عملتة اسداس [تتسية ] 'الحسال قداننت فى :وفت مبكر 
عدا ب عدي الواقه ده طن الا حتفي الالفقة العالية فيل العيلدة. 
فبعد تجارب طويلة لترويض الجمال وتدريبها على النقل» أمكن لمجموعات 
من الرعاة التي تعتمد على الجمال أكثر من اعتمادها على الأغنام الانتقالٌ 
والعودتك فى المغاطى القاحلة هيدا غة مباطق الاسعقرزار فى البلدل 
الخصيب» 557 على الأرجح مجموعات من الجا وعين النسن ارو 
في الواحات. وعلى الأرجحء بدأت حياة الرعي المستقلة بعد الزراعة بوقت 
قصير (أي الحياة التي تعتمد على الرعي» والتي لا يكون الرعاة فيها أعضاء 
في مجتمع قريةٍ ما يرعون مواشيهاء بل يُشكلون وحدات اجتماعيّة خاصّة بهم 
مستقلة عق أئ قريةايعيدها ).:.:ولكة حياة البدق الرخل فى عمق الضحجواء 
كانت هياة عطلب قرع غالب وين المنشفية كنا كانت لطاب كنات 
ومهارات خاصّة. يُمكننا أن نحدد بداية حياة البدو الرخل مع بداية الألفيّة 
الميلاديّة الأولى؛ ففي ذلك الوقتء. كانت التقاليد قد تأسستء على الأقل 
في الهوامش المحيطة بالجزيرة العربيّة في سوريا واليمن» وبدأت آثارها 
بالظهور والتكشّف بسرعة منذ ذلك الحين”"' . 


() إنني مدين لمحاضرات هاملتون جب لأنها لفتت انتباهي إلى أهميّة التسلسل الزمنى - 


ذف 


حملت حياة الترحال البدوية مع تطوّرها إمكانات جديدة لقوّة اجتماعيّة 
كبرى. فقد مكنت الإبل الرعاةً من الانتقال بسهولة أكبر بالمقارنة مع بقيّة 
الحيوانات» إذ يستطيع الجمل تحمّل البقاء لفترات طويلة من دون غذاء أو 
ماءء ومن ثم فإنه قَادرٌ على الشف لمسافات أطول بين مواضع الماء . صحيحٌ 
أن العمان الوعتفي يشلك القوة ذاتها :وتاك سيرعة أكير (ومن ثم فإن من 
تمكتوا من اترويضى الجر الوحشيّة قد تمكنوا من التحرّك بحريّة ف وعلى 
نطاق أبعدء من المعتمدين على الإبل)»: إلا أنْ الجمل يتمبّع بميزات 
إضافية. فهو قادر على حمل أحمال كبيرة» وهو لا يضاهى في ذلك إلا من 
قبل الفيل» كما أن النوق تدر كميّة وافرة من اللبن. وبفضل هذه الميزات» 
لم يكن الجمل يلبّىي احتياجات مالكه وحسب,. بل كان يقدّم له قيمة اقتصاديّة 
فى السوق أيضاً. وبهذه المميّزات الاقتصاديّة» يُمكن القول بأنّ الإبل كانت 
أندن على وعم ,عياة# الماع الفكائكة الكفقة بالمقارنة مم الجمر 
الوحشيّة؛ وإن كان كلاهما يوفر القدر ذاته من الاستقلال عن السيطرة 
الزراعية مكن ذلك البدوّ من أن يحظوا بسيطرة قويّة» ليس على الواحات في 
الضكر حيبي بل ايها ف المناطن المتاعمة التسواضر الصنه 4 وأناح 
لهم إضافة إلى التجارة (الأساسيّة لاقتصادهم)»؛ أن يحظوا بظروف أفضل 
لفرض الضرائب والأتاوات. أما إن كانت هناك حكومات قويّة [في المناطق 
الحضريّة المتاخمة] بما يمنع البدو من فرض الأتاوات» فإِن البدوء بحكم 
طبيعة سخيادهم وقدرتهم على العنف وكثرة اعدادهم ؛ كانوا اد كارا 
ليكونوا جنوداً لهذه الحكومات؛ وهو ما يُمكن أن يُمهّد لهم طريقاً بديلاً 
للوصول إلى السلطة الاجتماعية . 


طوّر البدو بالضرورة طريقتهم الخاصّة من التنظيم الاجتماعي. وهو 
بيع متكيف مع حياة الرعي بالأساس» ويمكن الحفاظ عليه» بدرجة أو 
بأخرى. في الظروف المختلفة أيضاً. في الحقيقة» أصبحت الأجزاء الغربيّة 
من الجزيرة العربيّة» التي لم تكن في السابق أكثر من مجرّد امتداد للحياة 
الحتفيرتة: المستقزة في سوريا واليمن» والتي كانت تُحكم من قبل: ملوك. 


- (كرونولوجيا) لحياة الرعاة البدوء إضافةً إلى مجموعة من النقاط الأخرى التي أفادتني في هذا الجزء 
من العمل. على أن هذا التسلسل الزمني لا يزال غير مؤكد تماما. 


ظ2 


5 في باكر ل رم 0 الا البدوية؛ بل بات تياد 
(بدو مستقبون» فكانوا يحتفظون اعمال ويتصورود أنفسهم رَعاة 
بالأساس . 


كانت الحياة والثقافة العربيّة ذات الأساس البدوي مختلفة عن نظيرتها 
في المناطق الأكثر زراعيّة على مستوى افتراضاتها سلما نيا الاساضة عن 
الفعل التاريخي ٍ إن وجود لوت دي 0 0 رضن يبلن الجر 
90 التاريخيّة الكليّة التي تفرضها حقيقة أنْ الجزء اود يي 
زراعئة اك تقوم الشروة يا 5 وقفت الفراغ اللازم في نهاية المطاف . 
ولكنء داخحل هذه الحدودء. قذمت الثقافة ذات الاسام البدوي وها 
مختلفاً ؛ افد كا دعصم ارا يعيشون على مستوى اقتصادي متقارب؛ 
مع المجتمعات الزراعية. فإن التفاوت العلبقي وتمركز الثروة كانا ضعيفين - 
لم يكن من الممكن استغلال الرعاة ب: بنفس الطريقة التى يتم بها استغلال 
الفلاحين ‏ وهكذاء كان ذللة يق أيضا فقراً فى العديد من جوانب الثقافة 
العلباالعالمة وال المجمعات البدوية: 


كا هذه المساواة النسبيّة بين البدو مدعومة بالتنظيم القَبَلىَ كما طوّره 
الرعاة المستقلون؛ أي التضامن الاجتماعي والاقتصادي المتوارث بين 
المجموعات الصغيرة والكبيرة من العائلات» التى تحمل مسؤوليّة مشتركة 
فيجنا متديا في ا حوا ل اترضيا عبر حدقي يولنو .ركو بعلا التطبامن فاتما خلى 
التقارب الجغرافي أو على أساس العلاقات الوظيفيّة للأفراد. بهذه الطريقة» 
كانت العائلات مرتبطة بمجموعات أكبر لأهداف اقتصاديّة عامّة» وبدورها 
كانق المسيوعات الكيرض ترتظ يسفمو عارك أكير اهداق علي عالقةة 
السياسيّة. كانت كل مجموعة» في هذه المستويات» تحتفظ بدرجة عالية من 
الاستقلال» على الرغم من ميلها إلى الانضمام إلى مجموعات أكبر في 


2/1 


أوقات معينة (نطلق على المجموعات الكبرئ َ والأقل تراظا والأكثر 
هشاشة ‏ اسم «القبائل 8665:»» وعلى المجموعات الأصغر غالباً لقب 
«العشائر 55 .©. كانت هذه المجموعات على كه المستويات تعر 
نفسها بالانتماء. سواء أكان يا 0 متخبّلا الو أصل واحد. على 0 
من أن هذه القبائل كانت ألغنانا تضم مجموعات جديدة إليها . ومن ثم م فإن 
الفرد الذي يمتلك روابط قراية عشائريّة قويّة. لم تكن تعوزه الحماية أو 
المكانة التسيامة 


على أن كون هؤلاء الرعاة بدواً رحَلاً لم يكن يعني بالطبع أنّهم كانوا 
يتجوّلون كما يشاؤون بحسب ما ثمليه عليه أهواؤهم؛ فقد كانت كل مجموعة 

من المجموعات الكبرى - التي نطلق عليها عادةً القبائل» أو الأجزاء الأصغر 
منها - تمتلك مجموعة من أراضي الرعي المعترف بها للقبيلة؛ وحتى داخل 
هذه الأراضي. كانت التحركات كبيرة العدد تتم عبر مجموعات مسلحة. 
على أن بدو الجزيرة العربية كانوا أقل ارقناطا بالمراعى وبمسارات الرحلاات 
النوس ةن اندو تق الأفاكن الأحرفي فتمحاقظ مدق الجريرة عا دري 
00 المجموعات الصغيرة» بل والأفراد» في التنقّل غير المتوقّع وغير 
المحدة لقا وهو ما منح الأساليب الاجتماعيّة للحياة البدويّة إيقاعها 
الخاص . كانت كل قبيلة» بل كل عشيرة أو مجموعة من العائلاات» ذات 
سيادة خاصّة؛ يرأسّها زعيم» يُختار بحسب أصول عائلته وبحسب درجة 
0 وكانت كل مجموعة تدافع عن مناطق مراعيهاء كما كانت 

تحاول أن تحظى بمواقع أفضل على حساب المجموعات والقبائل الأخرى . 
وكان على القبائل 0 أن تتخذ قرارات تتطلب مشاركة جميع أفرادهاء 
وهي قرارات كانت تعني في أحيانٍ كثيرة موت جميع رجال المجموعة 
البالغين أو حياتهم . 

كانت هذه المجتمعات ترفض كل أشكال السلطة السياسيّة» ومن ثم فقد 
كانت تعتمد على براعة الأفراد وشجاعتهم ومكانتهم الاجتماعيّة» وعلى ولاء 
الدم والنسب. إضافة إلى دور اليم ل لات المعارك. كانت تقع على 
عاتقه مسنؤوليّة فض النزاعات» مانا كان 9 مهمة حماية الرموز 
المقدسة للمجموعة وصونها؛ وفى بعض الأحيان كان يتم م تبادل هذه الأدوار 
مع آخرين. ولكنء» لم يكن الزعيم يمتلك السلطة لفرض منصبه على جميع 


]م 


العائلات؛ فكان لكل رجل في نهاية المطاف حريّة الانفصال عن المجموعة 
مع من يعولهم. رفظلل عبات نظام اقضائي عام كان تصيفة ١:‏ عاو بانتا .بن 
المجموعات يتم من خلال مبدأ الثأر للدم: فأيَ إصابة يُلحقها شخص من 
خارج المجموعة بأيّ فرد من أفراد المجموعة كانت تعتبر جريمة بحقّ جميع 
أفراد مجموعة المُعتّدى عليه من قبل جميع أفراد مجموعة المعتدي. كان 
شرف المجموعة المتضرر يتطلب منها أن تثأر بالمثل من المجموعة الأخرى 
- وفق مبدأ العين بالعين والنفس بالنفس (على الرغم من أن تبادل البضائع 
بينهم كان مقبولاً أحياناً) ‏ وأحياناً بما هو أكثر من المثل» إذا أحسّت 
المجموعة النتضررة بأتها أعلى'قدرا مخ المجموغة الأخرى. :ولكن» إن 
اعتبرت المجموعة الأخرى بأنْ الثأر الانتقامي للمجموعة الأخرى كان 
مفرطاً + قَإنَ شرفها المتضرر سيتطلت متها أن تثار هرّة أخرزى؛ إلئ. أن تتوقف 
ذاقرة الكان.والفقية يطررقة ”0 


من وقت لآخرهء كانت بعض التجمّعات الكبيرة من القبائل» بخاصّة 
حين تكون مرتبطة بِقَوّة مستقرة. تكرّن شكلاً من القيادة المشتركة. بزعيم 
يرأسهاء وغالباً ما يعتمد جزئياً على الإيرادات الحضريّة» متخذاً دوراً شبيها 
بدور الملك. ولكنّ هذا المُلْك كان قائماً أيضاً على التصوّرات القَبليّة.. على 
خلاف الزعامة القبليّة» يُمكن للملك أن يُصدر قرارات يُنفُذْها عاملوهء من 
دون كثير اكتراث بشعور الجماعة وموقفها من هذه القرارات. ولكنّ سلطة 
الملك كانت بالأساس قائمة على ارتباطه بنسب قبيلته» وهو أمر لا يُمكنه 
الاستهانة به بأ حال. ومن ثم فإنَ قوّة هذه الممالك كانت هشّة في أفضل 
الأحوال. 


كان يدو الإبل هم نخبة الأجزاء القاحلة من الجزيرة العربيّة» وكانوا 


(") يعرض الفصلان الأوّل والثاني من كتاب وليام رويرتسون سميث الزواج والقرابة في جزيرة 
العرب طبيعة القبائل العربية وسلاسل أنسابها . انظر : 

رقق١آ‏ /[75511ققانا عع 4ذ2521) :2008م[) ماطمع4 براممط از عوماءعها! همه ونأكاشك بطاتددد و«ممعامج . بجا 

1885(. 

كما تمت دراسة حياة البدو المعاصرين من جهة إمكاناتهم السياسية - في الأزمنة المختلفة - في 

كتاب رويرت مونتان حضارة الصحراء : :قاعة©) اأعدقك انك «مامعتلاء© هما ,عمع هاده4١‏ أرعطهج1 

.(1947 ,عاأعطاعد1] 


ينض 


يمتلكون أحياناً» إضافةً إلى الإبل والخيل التي يرعونها ويعتنون بهاء 
ويستعملونها لشن الغارات. أما الغنم والمعز فقد كانت ممتلكات أكثر 
كوا قي : وأكثر فائدة على المستوى الاقتصادي. ولكنّ مكانة القبيلة كانت 

ترتبط بدرجة استقلالية حياتها المعيشيّة عن مثل هذه الحيوانات الصغيرة؛ إذ 
إن على رعاة الأغنام أن يبقوا قريبين من المناطق الزراعيّة» ومن ثم فإنهم 
سيكونون تحت رحمة القباتل الأكثر قدرة على الحركة والانتقال. ولهذا فقد 
كان ينظر إلى رعاة الإبل - دون غيرهمء والذين كانوا أكثر قدرة على الحركة 
وأوسع حيلة من المزارعين في الواحات أو من بقيّة الرعاة ‏ على أنّهم ذوو 
مكانة أعلى : من بقية المجموعات في المنطقة. وحتى حين لا تكون 
المجموعات المستقرّة منحدرة من البدو فعلاً» الذين يستولون على الواحات 
بالقوة: الامة” فإنّهم كانوا ينظرون إلى تقالية لبدو على أنها الطريقة المفلق 
والأليق بالشرف. وأنّها الطريقة التي يجب اتباعها . 


أطلق بدو الإبل على أنفسهم اسم «العرب». ويبدو أن أوّل ظهور 
للمصطلح كان مرتبطاً برعاة الإبل في حدّ ذاتهم. ولكن» وربما لاعتبارات 
تتعلق بمكانة البدو الرخل» لم تعد لفظة «العرب» تقتصر على البدو 
الأقحاح» وإِنْما باتت تشمل البدو المستقرّين الذين ‏ وإن كانوا يحتفظون 
ان ديعا شرن ابش على تمر الندل مجترب الزاجاة ارين رانف 
تشمل البدو الذين انخرطوا في التجارة. هكذاء. أصبح معظم سكان شبه 
الجزيرة العربيّة يوصفون بأنهم عرب». وأصبحت لغتهم (وهي لجل من 
الساميّة المختلفة بعض الشىء عن أراميّة الهلال الخصيب) تدعى 
ب«العربية». (بعد ذلك». افيس لفظة العرب 00 في العربية بمعانٍ 
مختلفة» وبدلالات واسعة أحياناً. هنا في الكتاب» سنستعمل لفظة «العرب 
طمدعة؟ للإشارة إلى كل من يتحدثون بلسان مشتقٌ من عربيّة الجزيرة العربية 
(بوصفها لغتهم الأم). وسنستعمل «العربيّة 06ه,ة» للإشارة إلى اللغة 
العربية» و«الجزيرة العربيّة ههاطوءة» للإشارة إلى شبه الجزيرة العربية» وليس 
إلى العرب بالعموم)””'. 

(:) لتمزيد حول الاستعمالاات المختلفة للفظة «العرب» من قبل العلماء والباحثين ‏ وهو أمر 
أساسي لقراءة الأعمال العلميّة الأخرى ‏ انظر القسم المخصص لاستعمالات الألفاظ في دراسات 


الإسلاميّات في المقدمة. 


564 


كانت الحياة الاقتصاديّة للقبائل البدويّة ‏ سواء أكانت رعويّة أم زراعيّة 
(حين يستقرّون في الواحات) ‏ حياة تعتمد على نظام موسع من التجارة 
والغزو. نواد" كاقف مسدوهاف الرها تاتقي دوما على المسمر عانق الررافة 
للحصول على المواد الغدانتة"الاساسئة وعلن الأدوات» بخاصّة الحبوب 
واللمون الكل عداني امن الملبي والإبل. فيما عدا ذلك» جلبت التجارة 
البعيدة بعض أدوات الرفاه والترف كالنبيذ والقيان من الإماء. وهي موز 
كانت القبائل كلها تسعى للحصول عليها . هكذا أصبح البدو منخرطين في 
التجارة بين أراضي حوض البحر الأبيض المتوسّط والبحار الجنوبيّة. كانت 
طرق التجارة القَبَلِيّةَ معتمدة على الإبل للنقل» يرافقها التجار. في حين كانت 
القبائل الأخرى تتشارك في الغنائم التي تجنيها عبر غزو القبائل الأكثر ثراءً 
وحظّاً. أما الحواضر المتباعدة» التي تشكّلت على نقط تقاطع الطرق 
التجارتة 6 فقد شكلت بورة تركيد لطفويحات القبانا ؛ فقد كانت هذه 
الحواضر تتمبّع بالنفوذ بناءٌَ على ثروتها ومكانتهاء ولكنها لم تكن بالضرورة 
تعبّر عن نفسها من خلال السيطرة السياسية 


العرب في السياسات الدوليّة 

كان العرب فخورين باستقلاليّتهم. متباهين بمجد أنسابهم القبليّة. 
ولكن» ما إن تطوّر المجتمع البدويٌ» حتى أصبح مشتبكاً ا فلعا نا 
واقتصادياً بالإمبراطوريّات العظيمة حوله» التي كان يعتمد عليها على نحو 
أساسي في التجارة وفي الغزو. وكما تُظهر خريطة شبه الجزيرة العربيّة» فإن 
بدو الجزيرة كانوا متموضعين بين ثلاث مناطق زراعية كبرى: العراق». 
وسورياء واليمن. (أما عُمان» الخصبة نه فقد كانت منقطعة عن الجسم 
الرئيس للعرب عبر صحراء الربع الخالي» مطلَةَ فقط على الصحارى الإيرانيّة 
الجنوبيّة» ولذا فإنها لا تدخل في الاعتبار هنا). تشكل سوريا والعراق الجزء 
الأكبر من الهلال الخصيبء الموطن القديم للتقاليد الثقافيّة الساميّة؛ أما 
اليمن فقد كانت» منذ نحو عام ٠٠٠١‏ ق.مء موقعاً لعدد من الممالك 
الزراعيّة.ذات اللغات الشامية (فى خنوت الحرزيرة الغربيّة)+ وكاتت ثقافتها 
مقمرئلة مقافت لهال التقصييتن. وان اكانكا مهما :11 عنها ...ف كته الما لاق 
اليمنيّة ذكريات عن العظمة تعترّ بها القباتل المرتبطة باليمن أكثر مما تركته 
الممالك السامية في الهلال الخصيب). نجحت اليمن جزئياً في الزراعة 


520 


(التي بدأت تتدهور لاعن )ة وفي التجارة» التى أخذت تزداد أهميّة مع مرور 
السنوات». بين البحار الجنوبية والسها ل مثل الهلال الخصيب» كانت اليمن 
مسيحيّة ويهوديّة في ديانتهاء ولكنّها حافظت على تراث وثني أكثر مما حصل 
في الهلال الخصيب . 


و ل نمال وا 
ماه . 
2 


5001 
00000 


لاعن 
لو 


1112 1111[ 


"001 


.4 
2431 رح 4ه 


8 





البلدات والقبائل في شبه الجزيرة العربية في زمن محمد 


"9 


تشترك هذه المناطق الثلاث في كونها مناطق داخليّة تطل عليها قوى 
سياسيّة من المرتفعات المحيطة بهاء والتى حاولت» في القرن السادس» أن 
تسيطر عليها. فخلف العراق» تقع المرتفعات الإيرانيّة» أرض الإمبراطوريّة 
السساساتةة. :وبالتودا + كاقت ل محكومة لأمد طويل من قبل 
الإمبراطوريات المتمركزة في مرتفعات الأناضول (وبشيء من التعميم» من 
قبل أشباه الجزر المتحدّثة باليونانيّة في شمال المتوسط). أما بالنسبة إلى 
اليمن» فقد كانت مرتفعات الحبشة أقل أهمية في هذا الصدد. في الحقيقة. 
فإن الثقافة المنية اليتسة منيتقة يالا نان فخ النمة 2 إلا انها صبوانت 
جذور الاستقلال عنها وطوّرت لغتها الخاصّة» كما أوجدت كنيستها 
المسيحيّة. ولكنّ المملكة الحبشيّة ‏ غالباً بالتحالف مع الإمبراطوريّة 
الرومانيّة - قد طوّرت مطامح سياسيّة وتجاريّة وصلت إلى أوجها مع احتلال 
القوة السحياية اللجمر »اذ عدكميف البعر مشكان مسح إلى أن لمكن 
الساسانيون من الإطاحة بحكمها في نهاية القرن. 


في تلك الفترة» بات البدو يقومون بأكبر أدوارهم في حياة المناطق 
الثلاث المحيطة بهم» وبالتالي في حياة الإمبراطوريّات التي تسيطر على تلك 
المتاطق. كان الجزء الأكمر من الم "فى القرن الساسن» شحدة العريية : 
ا ا رو ااي 0 
كمرك كان هناك أيضاً عدد كبير من المتحدّثين بالعربيّة في سورياء كما أنَ 
متحدثي العربيّة قد أدوا دوراً كبيراً ذ فى العراق أيضاً . يعود ذلك. بدرجة ماء 
إلى نزوع طبيعي لدى السكان البعيدين عن المدن لملء النقص المتكرر في عدد 
السكان الأكثر استقراراًء وبدرجة أقل إلى آفات الحياة الزراعيّة. كما أن ذلك 
يعود أيا إلى المبادرة النشطة للعرب البدو في أدوارهم كتجار وجنود. كانت 
طرق التجارة بين الشمال والجنوب على طول الساحل الغربي للجزيرة العربيّة 
طرقاً قديمة ومعروفة: وفي القرون المتأخحرة لم يعد اليمنيّون أو متحدّثو 
الآراميّة من سوريا يتحكمون بهذه الطرق. بل أصبح البدو هم المسيطرين 
عليها. كما أن طرق التجارة الجديدة عبر الجزيرة العربيّة في المناطق الوسطى 
والتخوم الشماليّة ‏ التي تلتفت حول نقاط الجمارك التقليديّة وتتحاشى قراصنة 
الأنهار ربما - كانت أيضاً في يد العرب. وقد كان لهذه الطرق أهميّة كافية 
أدّت إلى دخول العرب في اتفاقيات مع الرومان والساسانيين. عندما كان 


54١ 


محمد في سن الصباء كانت معظم طرق التجارة بين المحيط الهندي وحوض 

البحر الأبيض المتوسّط تمرٌ عبر الطرق البريّة في الجزيرة العربيّة. ريما حصل 

ذلك نتيجة سلسلة الحروب الطويلة , بين الإمبراطوريّتين الساسانيّة والرومانية. 

الأمر الذي شبّع التجار المحايدين على تجتّب الجبهات المضطربة؛ وقد 

أصبح ذلك ممكناً مع تطوّر تقنيات النقل عبر الإبل» التي بدأت تحلّ محل 

الغرنات التي تجرّها الحمير والثيران لمسافات طويلة. هكذاء أصبح العرب 
تجاراً وحلفاء في صراعات القوى. الكبرى . 


كانت لدى جميع هذه المناطق الثلاث مطامح سياسيّة في المركب 
العربي البدوي . ا نهاية القرن الخامس» كانت المملكة البمنية تدعم 
تجمّعاً قبائلياً كبيراً في وسط الجزيرة العربيّة تحت حكم قبيلة كندة؛ ومن 
المفترض بأنها كانت تتصرّف بناء على مصالح اليمن التجاريّة» وربّما 
السياسية.» لخلق توازن مع القوّتين الرومانية والساسانيّة. ولكن مملكة اليمن 
قد سقطت بعد ذلك على يد الأحباش» وسقطت معها على الفور قوّة مملكة 
كندة. وفوراً بدأت الإمبراطوريّتان الرومانيّة والساسانيّة بدعم ممالكها العربيّة 
البدوية. فعلى الحدود الجنوبية من سورياء منح الرومان حظوة كبيرة 
للغساسنة. لحمايتهم من غارات القبائل الأخرى. وللاستفادة منهم كفوة 
عربيّة مسلحة في صراعهم مع الساسانيين؛ فالمناطق الجنوبيّة للهلال 
الخصيبء. كالمناطق الجبليّة الشماليّة» يُمكن أن توفر قيمة تنافسيّة إضافيّة في 
ذلك الصراع. أما الساسانيون فقد مؤّلوا ودعموا ملوك اللخميين [المناذرة] 
في الحيرة بالقرب من الفرات عند نهاية الطريق التجارية العربية إلى العراق؛ 
ف تعسط :هنم القافل قيقد إلى الصنعوت والن القبجال الخرس دركانت 
تمتلك مكانة وهيبةً كبيرتين حتى في وسط الجزيرة العربيّة. كانت مملكة 
اللخميين [المتاذرة] هى المملكة البدويّة الأقوى والأكثر دواما» حتى بعد 
عام 707 عندما استولى الساسانيّون على الحيرة ومواردها العسكريّة. ولكن. 
عن بعيدا غن.هله انالك كان الغري يخدفون عتجان» على الأفل افن 
الجيوش الرومانيّة . يبدو أن قوّات المناذرة كانت تحظى بموقع وقوّة يَؤمّلانها 
للمشاركة في حسم الخلاف حول خلافة عرش الساسانيين. لقد وصل تطوّر 
البدو الرخل إلى نقطةٍ بدأ معها بالتأثير بشكل كبير في المناطق المحيطة 
بالجزيرة العربية . 


504 


كان العرب بللا شك على صلة ببعضهم البعض على امتداد الجزيرة 
العربيّة منذ أن تطوّرت الحياة البدويّة إلى اكتمالها. ولكن» في القرنين 
الخامس والسادس» ومع الحوافز التي ولّدتها المنافسة الدوليّة التي ضحت 
الأموال في الممالك العربيّة» ومع ازدهار طرق التجارة البدويّة» بدات أسس 
الثقافة العليا العربيّة بالنموّ. كان أوّل الملوك ‏ التجار العرب يستعملون 
الآراميّة كلسانٍ رسمي *. أها"الكماتيعة والتاذرة قم كاتا حورن 
باستعمالهم العربية. وه كان هناك شكل من الشعر القبلي. ولكنٌ الشعر في 
تلك القرون قد بلغ ذروته في درجة الاختصاص . 

كان التعبير الثقافى الأعلى للحياة القبليّة - سواء بين القبائل البدويّة 
المترحّلة أو المستقرّة في البلدات ‏ شكلاً متطوّراً من الشعر»ء وفق لغة عربيّة 
معياريّة» تعمٌّ الجزيرة العربيّة» يُطلق عليها أحياناً العربيّة المُضريّة أو العربيّة 
«الكلاسيكيّة»). في وقت مبكر»ء كان الشعر مرتبطأ بمملكة كندة التي زالت 
سرود ااا كن بلاظ المتاذزة أهمّ هراكز الشعر» حيت كان شعراء 
المديح يكافؤون بسخاء . كانت معايير الوزن والمعاني في تلك القصائد 
منظمة على نحو دقيق» وكان الشعراء بمثابة متحدثين باسم قبائلهم. وبصرف 
النظر عن الرعاية الملكية للشعراء الآأنين من عند فإن زعماء المناذرة كانوا 
يحملون المزاج القبلي ذاته أيضاً. كانت القصائد الجديدة تُتناقل عبر الجزيرة 
العربيّة من قبل رواة محترفين» خاصة إذا ما حملت القصيدة صلة ما 
بالحزازات بين القبائل؛ وكثيراً ما كانت القصائد تحمل ذلك. ففي ذلك 
الوقك» كان هناك شكةهن الضيؤافاك الشتاستة والحوازاف د زويف كان 
ذلك نرتيطا «التحارة أيضاى الى .حغلف الجزيزة الغريئة كلها وها هر مركت 
سياسي واحد وإذاله يكو هرنيا نيعاي 8" ,. لفن كان للعرب ملاحمهم 


(*) لعل الإشارة هنا إلى ملوك الممالك العربيّة الشماليّة (النبط والحضر وتدمر)» حيث كان ثمّة 
شكل من ازدواجيّة اللغة العربية د الاراسة : فكانوا على الراجح يتحدثون بالعربيّة ويكتبون بالاوامة: 
وقد ظل العرب يطلقون على الشعوب المتحدّثة بالآراميّة وفروعها اسم النبط.ء ولعل ذلك عائد إلى أن 
وَل صلاتهم مع الآراميّة كانت عن طريق مملكة الأنباط (المترجم). رٍ 

(6) حول ظروف الجزيرة العربية في مرحلة ما قبل الإسلام ومنطقة الحجاز خاصة. انظر: 
-1آن) عل ,1 .801 رعءتوفط'! عل علأأء« ها 4 ء1ه1دء0نعع0 وتطو م4 '[ :ت«رهان1 ع0 ننوء 96 716 :1317116115 تور 11[ 
عالاء؟ 12 3 عناوءء84 هآ“ أء ,”86000155 و5عآ"' ,111 أقدم .ووه ,(1914 :عدره1 كستنه860 وعآ- هم 
,2011011 1116م ص1 1أ010؟لا8) 9 .801 ,[مءدهل-.31 6اأورء دنا '! ع دععاجداة74 :قصهل *”رععتوغط "1 

.97-449 .مم ,(1924 - 


1 


وأبطالهم المتردوة كما كانت لديهم معاييرهم المشتركة حول السلوك 


النظام المكي 

أوتحدت قزيلة قريكن: الغزيئة لها موقعا مرا في المجتمع العربي. فقد 
كانت مكّة في الحجاز أهمّ مركزٍ تجاري في غرب الجزيرة العربيّة ووسطها. 
كانت مكّة تقع على تقاطع طريقين تجاريين رئيسين: الأوّل هو الطريق الممتدّ 
من الشمال إلى الجنوب». عبر جبال الحجازء من اليمن والأراضي الواقعة 
على المحيط الهندي إلى سوريا وأراضي حوض البحر الأبيض المتوسّط؛ أما 
الطريق الآخرء وهو أقل أهميّة. فقد كان يمتدّ من الشوق إلى الغرب». من 
العراق وإيران وأراضي وسط أوراسيا إلى الحبشة وشرق إفريقيا. حين نقارن 
مكة بالطائف. وهي لي فإنْ مكّة ستبدو غير مؤمّلة لهذا 
الموقع المركزي؛ فبخلاف الطائف التي تمتلك واحات عظيمة» لم تكن المياه 
الجوفيّة في مكة تكفي لتشكيل منطقة زراعيّة مرويّة وإن كانت تكفي لسقي 
الإبل. على أن مكّة كانت محصّنة بالجبال من قراصنة البحر الأحمر؛ كما أنَّها 
كانت تمتلك معبداً مُبِجَلاً مُخصصاً لحجّ العرب إليه. 


قبل عدّة أجيال من ولادة محمّدء وتحت قيادة قصيّ [بن كلاب]ء 


- ويتبغي على القارئ أن يبقى حذراً عند قراءة كتنب لامنسء من نزعته الشكيّة العالية؛ إذ إِنَّ 
شكوكية لامنس تُبقي الأدلة معلّقة في الهواء أحيانا وتضحّمها أحياناً أخرى (على سبيل المثال في 
تقديمه لمصطلحات التجارة الحديثة). إن العمل التاريخي الأساسي اليوم هو عمل جواد العلي تاريخ 
العرب قبل الاسلام؛ الصادر في بغداد في ستة مجلّدات [حتى /ا960١2».‏ على نلك لسري من زر" 
واكتمل ذ في العربية بعنوان «المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام في أحد عشر مجلدا]. كما أن عمل 
فرانتس بوهل حياة محمد (1.آ 47:::645ه//:34) والذي ترجم أنضنا بعنوان ك5ه1/]14/10771:12 1(ء ع1 1225 
يحوي فصلا واقييعا وخضينا في وصف تلك الظروف «العلاقات في الجزيرة العربيّة في أثناء حركة 
محمذدا. ٠‏ أما كتاب سيدني سميث» حوادث الجزيرة العربية في القرن السادس فهو مفيد في تحديد 
التواريخ بدقة. انظر: 
.425-468 .مم ,(1954) 16 .701 ,85045 **,ئا1 10م طاأءااك عطا م1 وأطوعى دا وأمع باط '' لالد 0 
انظر أيضاً : 
-ع22126) 11006 424 176 .لع ركعةط .ث طتطد]8 نما **روأطهعة عتصد51]-عر2'' ,17102 12اءنآ الاعآ ماع ه01 
.(1944 رووععط 1021976135117 0 :لل ,8ه 
وهو مختصر مفيد حول ما نعرفه وما و تعرفه تين ناريح المدريوه العرح قبل الإسادم ككل لاحظ 
كيف أنْ المترجم قد أساء تأدية بعض الكلمات إلى درجة يُمكن أن تُضلّل القارئ غير الحذر . 


53 


وبمساعدة بعض القبائل على طول الطريق المؤدّي إلى سورياء اجتمعت هذه 
الفسلة مع : وسّميِّت قريش» وسيطرت على ينابيع مكّة ومعبدها من 
مجموعات الخريق تفن الندوق» كانت فريك منطمة خلى أسناشن المبادئ القبلية 
ذاتها؛ من دون ملك ومن دون أيّ مؤسسات بلديّة سوى المجالس القبليّة؛ 
وهي عاد مجالس تجمع رؤوس العشائر لإجراء مشاورات غير ملزمة. كان 
السلام سائداً خوفاً من خطر الثأر المتبادل. ولكن». حتى في أيام قصي. 
حافظت قريش على حالة من التضامن (بالطبع كانت بعض العشائر تحظى 
بموقع أو نفوذ أكبر من غيرها) واستفادت من مواردها بشكل فعّال؛ فقد 
تمكنت من التحكم بطريق التجارة من الجنوب إلى الشمال» وأصبح أهل 
قريش أغنياء لذلك. وفي سبيل المحافظة على ذلك» كان عليهم أن ا 
على موقع دبلوماسي (وحربي) أمن به بين قبائل الحجاز. وهو ما تم تعزيزه 
لاحفا بموقع مالي لقريش؛ حين حر اسع اليا افر وي 
روا اطي مجاه" العيد تن هرت لوريرة العررده - إضافة إلى التجارة 
اليلد نهم رعوا الحح (والأسواق المصاحبة له)» والذي كان يقام في 
موسم معين في مكة وفى بقعة محايدة» قريبة منهاء (عرفات). إضافة إلى 
بعض الأسواق الأخرف المقامة في المنطقة. أصبح المكيون هم الشركاء 
المهيمنون في تحال مع قبيلة ثقيف من الطائف القريبة» التي كان سادة مكة 
يمتلكون فيها منازل يقضون فيها الصيف. في سياق ذلك كلّهء اكتسب 
القرشيّون مكانة بين القبائل بوصفهم أصحاب شرف موثوق ومستقل”"'. 


الحجّ. ولحماية حركة المرور فى تلك الأوقات» فرض المكيّون أربعة أشهر 


(5) 0مد ععالانم0 ع1 :استاءعه) .له 2954 كل 1 24705151261 126516 ,21511 ط[اء11 15 انال 
.(1597 /10 001 
وأيضاً يناقش في كتابه أسباب أهميّة مكة. انظر: 
1ع بقعلكاء81 '' صهناءهة؟5 3 أأعط ,(1889 ,تعمطاع1 .0 نستاوعظ) انعط مم0[ 0ل 5/22 ,تاعكناهط[لاء/1١‏ 5نانانال 
”7165562 016 11210 ,8قع1138] 
وحول موقع قريش التجاري وعلاقاتها السياسيّة» انظر: 
2111-2677 220 1-111 .مرقطه *”رعتتوغط'! عل علاء؟ 12 ه عناوءهء71 هآ ,كمع تق ] 
5 احترس من المبالغات). ٠‏ وفي دراسة عرفان قعوار توجد بعض الإضاءات حول السياق 
التجاري العربى لنشاط مكة. انظر : 
181-33 5 ر(1956) 701.3 بهعنطه:4 ”,561 مله ؟ه (20ء:1 ععوءط فط 320 وطوعة عط 1" ,5ه 35ع1 نذ1ء1 


6ً_ظ52 


خرم في السنةء حيث حافظ المكيون على تقويم زمنيّ خاص بهم. وكان 

يستعمل من قبل الآخرين على نطاق واسع و الما حافظ المكيون على 

تضامنهم من خلال العبادة ل البناء المستطيل الذي يشكل 

00 ويم ويبدو أن هذه العبادة قد جسّدت تطوّراً غير عاديّ 
الم 


لكات عجان معبودات حاف لقال ينها ا ا 
بمعبد في إحدى المناطق. شجرة ة أو مجموعة من الأشجار أو صخرة مميزة 
الشكل (أو أحيانا بحجر مقدس أو بشيء يماثله تبجله القبيلة في عبادتها وتحمله 
وكاث الشو يتضرغون لهذه الآلينة أو يستعطفوتها تطقومن مفتة تست 
مخاوفهم الدنيويّة وأمالهم. وراء هذه المعبودات والآلهة النشيطة» كان هناك 
شخصيّة مبهمة. «الله). «الإله بامتيازاء الذي يعتبر الإله الخالق» والضامن 
للحقوق والاتفاقات التي تتجاوز حدود القبيلة . ولكن. وكما هي الحال مع 
العديد من «الآلهة العليا»» فإنّهِ لم يكن مخصوصاً بعبادة خاصّة له”" . 

في | لكعبة. تم جمع كافة الرموز المقدسة للعشائر ١‏ لمكية ؟ ومن ثم فقدل 
اندمجت هذه العبادات المختلفة فى عبادة واحدة. 5 لنا شهادة القران 
بأن الله كان هو من 0 الكعبة» وربما كان ذلك ددا ع دوره كضامن 
للمعاهدات بين القبائل» ومن ثم كضامن للحج وللاتفاقيات بين العشائر 
المكية. وإذا لم تكن هناك عبادة خاصّة ل «الله) في مكةء فإنْ ذلك يعني بأنه 
كان يحظى بمكانة خاصة. (يبدو أن المسيحيين العرب كانوا يحجون الكعبة 
أيضاً. ويبجَلون الله باعتباره الإله الخالق). لم يقتصر دور الكعبة كمعبد وثني 
على المكيين؛ فإضافة إلى الرموز المقدّسة لعشائر مكّة» كانت القبائل 
الأخرى. المتحالفة ع فريش 2ح تجلب رموزها وأصنامها ال الكعبة. لتشبا رك 
في هذا المكان المقدس المشترك. يبدو أن ثمة عدداً من الآلهة, الأكثر 


0370( 0 العبادات الوثنية لدى العرب انظر: 


دوناءة5 221 ,.وةء ,كالااء4اء7ط1 تءتأءكتطه 0 12516 ,دعد نه طااء ةا 


ولكن لاحظ بأن مفهوم الإله الخالق الأعلى لا ينبغي أن يُفْسَر لغوياً؛ وذلك لأنْ مثل هذه 
الشخصية كانت منتشرة على نطاق واسع . 


١ 


نشاطاًء كانت تحظى باحترام خاص في مكّة: بخاصة (اللات والعرّى 
ومناة»)» التى كانت تعبد بين العرب» وكان لها معابد في المناطق المجاورة 
التى تمتلك علاقات وثيقة بالمكيين. كان المتعبّدون يبجَلون الكعبة بالطواف 
عر جاالعيدا سعدا من الور نعي ورتين الجا يها المقدسة الى انيت يها : 
بخاصّة الحجر الأسود في أحد أركانها. بالقرب من الكعبة» ظهرت بثر 
مقدّسة تُدعى زمزم» وكانت تقع في مركز المنطقة المقدّسة [الحَرّم]ء التي 
تمتدّ حول مكّةء والتى يحرم القتال فيهاء حتى في غير الأشهر الحَُرم. 

كانت مككة تقع على مسافة متساوية من مناطق النفوذ الثلاث المحيطة 
بالجزيرة العربية؛ فهي تقع في منتصف الطريق بين سوريا واليمن» كما أنها 
كانت تقع على المسافة ذاتها تقويباً هخ الأمبر اطررة الساسانية في الشمال 
الخورنن» وربما لم يكن من الممكن لنظام بدويّ مستقل تماماً أن طهر إلا 
على هذه المسافة من الأراضي الزراعيّة. كانت إحدى المهام التي تقع على 
عاتق قريش - نيابة عنها وعن القبائل المتحالفة معها - هي الحفاظ على 
استقلاليّة هذه المنطقة. أرسل كل من الرومان والأحباش بعثات إلى هذه 
المنطقة (في حين لم يرسل الساسانيّون أيّةَ بعثة» ومن الواضح بأن 2 
كانت تفضّل الساسانيين على الرومان والأحباش لهذا 0 فمدها وضدال 
اليهود إلى سدة الحكم في اليمن تدخّلت الحبشة في اليمن بوصفها حليفة 
مسيحية للرومان» ا ل ا ل المسيحيين » 
ولكنّ هذا التدخّل كان نابعاً أيضاً من تعاطف المجموعات اليهوديّة 
الساسانيين» والنزعة الكارهة للرومان بينهم» وقد كان هذا هو الحال أيضا 
بين المجموعات اليهوديّة حتى في سوريا. وفيما يبدوء فإِنْ الأحباش قد 
أرسلوا بعثات ضدّ مناطق استقرار اليهود على طول طريق التجارة» ووصلت 
بعثاتهم إلى المدينة [المنوّرة]. تمكّنت القوّة الساسانيّة لاحقأ من طرد 
الأحباش» واستقبل الساسانيون بحفاوة في اليمن. وفى أثناء حياة محمّد. 

حاول أحد سادة قريش أن يُّقيم علاقات مع بيزنطة (وهو ما كان يُمكن أن 
يعني صعوده إن هرم السلطة في مكة). ولحن هذه المحاولة قد أجهضت 
نتبجة اإضران المكبيق علق التحفاط غانى الضاء* . 


(*) الإشارة على الأرجح إلى قصّة عثمان بن الحويرث ‏ وكان أحد الأحناف ‏ مع ملك الغساسنة 
وقيصر وترد القصّة في «المنمّق في أخبار قريش» لمؤلّفه أبي جعفر البغدادي. وأوردٌ شاهدها : «كان من - 


"1 


تجلّت النتيجة المباشرة للحفاظ على هذا الحياد السياسي في الحفاظ 
على حيادٍ وسط التحالفات الديئيّة التي تتنازع الأراضى تين الل وححيعون» 
وأراضي الهلال الخصيب خاصّة. وهو أن لم نيكن سهلا بالضرورة. كانت 
الجزيرة العربيّة منطقة أساسيّة توفْر الفرص للتجار وللرهبان المنعزلين. كان 
العرب على وعي كبير بهذه الثقافات العليا العظيمة» التي لم يكن البدو 
يحملون منها إلا القليل» كما كانوا واعين على وجه الخصوص بالمجتمعات 
الملية الدينيّة التي قامت بدور أساسيّ في الحضارات المتمدّنة. بل إِنَّ بعض 
القبائل العربية قد اعتنقت يغفا من هذه الولاءات الدينية. ندرية أو ناخو 
بدلا من الوثنيّة التي حملها أسلافهم. ربما يُمكننا أن نخمّن بأن بقيّة العرب 
لم يكونوا ليصمدوا طويلاً قبل أن يتحوّلوا إلى أحد الولاءات الدينيّة. ولعلٌ 
ما منعهم وأخَرهم عن ذلك هو الطبيعة الحصريّة للولاء الديني. والذي 
سيفرض أوامره على أتباعه على نحو فوري. 

فى المتطقة المحيطة بالحزيرة الغريية. كانت التقالية الديية الملةة 
يها من نوع التقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة التوحيديّة» متكائرة ومتنوّعة كما 
هي الحال في كل مكان في المنطقة ب بين النيل وجيحون. كانت المسيحيّة 
في الأكثز العشارا »وقد العدرت :في منطقة اا مين الكووو نأ تلكا ل مخفا 
تتبادل العداء (المسيحية النسطوريّة» والمسيحيّة اليعقوبيّة)» وفى سوريا 
المعقويتةغ رول رمكة ه. والسييسةة الكلتيووجة + الا عير اميد 
الرسيدةة لالكندراطورةة اوها لنقد. رقن فسعت اعنا إلى الكائر نيك 


- شأن عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى أنه انطلق حتى قدم على ابن جفنة ملك الشام 

[الغساسنة] فقال له: هل لك أن تدين لك قريش قال: نعمء قال: فاكتب لي» ملكني عليهم» قال: 
على أن تدين لك. . . فكتب له وملكه وجعل له خرجاً على كل قبيلة» فأقبل بكتاب ابن جفنة حنى قدم 
مكة» فلما قدم على قريش أنكرت ذلك فركب منهم رجال إلى ابن جفنة» فلما قدموا عليه كلموه 
وقالوا: إن عثمان امرؤ سفيه وليس مثلك يصنع بنا مثل هذا الذي صنعت ونحن عارفون بحقك ونحن 
أهل حق وأهل البَنِيّة [من أسماء مكة]؛ فعمد ابن جفنة فأخرج عثمان وطرده» فانطلق عثمان حتى قدم 
على قيصر فأراد كلامه؛ فبلغ ذلك ابن جفنة فبعث الى البواب والترجمان أن لا يدخلاه ولا يخبرا قيصر 
أمرهء وأمرهما أن يخالفا بكلامه حتى لا يرفع به رأسا. فخرج قيصر ذات يوم راكبا فاعترض له عثمان 
نضاح إلية وضترخ وكلمه. فقال قيصر: ما يقول؟ قال الترجمان: هذا إنسان مجنون يقول: إن في 
أرضي مالاً على رأس جبل وإن أعطيتني مالا ضربت ذلك الجبل لك حتى يخرج المال منه؛ وكذب 
الترجمان عليه لكتاب ابن جفنة. فانطلق قيصر وتركه يتلدد [أي يتلفت حائراً لا يدري أين يمضي] 
بأرض الروم» (المترجم). 


يكن 


الرومانية والارتودكسة اليونانية). وفي مصر (القبطية والخلقيدونية). وفي 
الحبشة (القبطيّة). كانت اليهودية والمسيحية قويتين أَيْقَياً في اليمن في 
العتوي: البعيد». وغلى طول السو انكل التترفقة التحزيرة ارجا كانيك 
الزرادشتيّة ذات حضور ملموس. أما في معظم أجزاء الجزيرة العربية. 
وتحديداً فى الحجازء المناطق الجبليّة الغربيّة التي تقع فيها مكة والمدينة. 
لم تكن اع «من التجالفات الديئتة الملته سافدة. .بحت ذللف الوقت» الم 
يتَحذٌ بدو الجزيرة العربيّة أو يندمجوا مع الإمبراطوريّات الزراعيّة الكبيرة 
التي ظهرت وسقطت مراراً في شمال الجزيرة» وحافظوا على أنفسهم 
كجيوب وثنيّة فى المنطقة.» حيث كان الشكل السائد من الدين هو العبادات 
القديعة [الأرواح: القجلتة.والآلهة الحسلته, .ولكق الولاءانه الديعتة كانت 
حاضرة في المنطقة. وحتى في الحجازء. كان هناك عدد كبير من 
المسيحئين والبهود. عندما بدأ محمد بالدعوة إلى ديق يعبد الإله الواحد» 
وتحدّث عن الأنبياء والجئّة والنار» كانت هذه المصطلحات مفهومة لدى 
الكثيرين من العرب. حتى بين الوثنيين. 

على أن محمداً ربما كان في المكان الوحيد الذي كانت الوثنيّة فيه لا 
تزال هي الأكير ميو انعتنها يدأ بدو الإبل في أداء دور في اراس 
الزراعية وفي السياسات الدوليّة» كانت قريش تؤدي ورا 00 بين قبائتل 
العرت على «مكوى: الود السياشى والديتى» نيفلاك النظام لومم 
المضطرب للتجمّعات القبليّة» التي يرأسها زعيم يقوم بدور يشبه دور الملك؛ 
فإنَّ قريشأ قد تمكنت من إقامة نظام سياسي فعّال بدرجة معقولة. قوم علي 
تضامن القبيلة الواحدة. وعلىٍ مكانتها بين القباتل. وقد كان ذلك مدعوما 
ومعززاً بنظام ديني مستقل أيضاء يقوم ان الشبمين قبلية كذلك. ويقف على 
مسافة واحدة من الولاءات الدينية اليد المشغلفة ...ويدف أن المكيين قد 
لمككوا من إيجاد البديل البدوي الفعال الوحيد عن الذوبان والاندماج في 
الثقافات المستق”:”" . 





(0) يوسف شلحت» «مدخل إلى علم اجتماع الإسلام» [وهو مترجم إلى العربيّة]: طمءوه1 


-865502 :وأعروط) 1 4 71كةالايه'| عل :تتداكة "| 46 ءتوماماءهد ها ة :م 1اعنوم جد ,لمطاعطء 


(1958 رعاقعصسع ا صقط 0 
وهو كتاب لا يتناول سوسيولوجيا الإسلام كتقليد ديني» وإنما يتناول تطوّر الوعي الديني لدى - 


"1 


كان أبو القاسم: محمّد بن عبد النه250, تاعرا “واتبيييا ومحترماً في مكة. 
نشأ يتيماً تحت رعاية عمّه في ظروف قاسية؛ ولكنه كان ينتمي إلى عائلة 
وجيهة ذات مكانة (بني هاشم). تنتمى إلى قريش. القبيلة الحاكمة في فك 
وقد أثبت محمد كفاءته كتاجر في خدمة الأرفلة الفنة خديجة» التي تكبره 


بعذة سئنوات» والتي اج منها لف وقد أنجب منها أربع بنات (لآاحقا 


الخ منها أبتاء اودر في طفولتهم). واللواتي تمكن من تزويجهن من 
عائلاات 00 . كان محمّد معروفاً في مكة بلقب «الأمين». 


في الثلاثينيات من عمره. إن لم يكن قبل ذلك» أصبح محمّد مشغولاً 
بسؤال كيف يمكن أن نعيش حياة جادّة مبنيّة على الحقيقة والطهارة/ النقاء. 
ومن الواضح بأنّه استمع لكل من يُمكنه أن يقول شيئاً عن معنى الحياة 
الإنسانيّة في ذلك العالم» ثم تأمّل طويلاً في أثناء فترات عزلته في كهف (في 
جيل خراء) + نخارج مكة: لم يقصل محكة نفس عن شتعائر قرش وعاداتهاء 
الى يتحت عدي عليه بالتاكتد» بولكه زاى قتعا ينفو لبت العرت ودركن. 


في هذا العمل سنتحدّث طويلاً عن الدين» بحكم تغلغله في مفاصل 
الثقافة الإسلاماتية وجوانبها كافة. ومن ثمٌ فإنني أرى لزاما عليّ إيضاح 
وجهة نظري حول الدين"'''. قد يُقال بأنْ 4١‏ بالمئة من الدافع الديني قائم 


- محمّد ومعاصريه في سياقهم الاجتماعي. يعتمد شلحت على أعمال لامنس بشكل كبيرء ويركز على 
تطوّر مكّة في الحجاز. مع الأسف فإِنْ عنصريّته تقوده إلى إساءة فهم سياق ظهور الإسلام؟ وحتى في 
موضوع كتابه» فإن حججه. بالمجمل» ضعيفة. انظر الدراسة الممتازة التي قام بها غوستاف فون 
غرونبا وم : 701.10 ,465164 ”,1513120 1ع لإأنم نآ طوعه 01 2611[ ع1" ' ,ناض ط311126) 705 0310516216 
.5-3 .مم ,(1963) 
عا رظنن را ري سرت الى الاح لك اوري اوري | سق العرتس: 
(9) الاختصار «بن 245 يعني «ابن»؟؛ لمزيد من التفسيرء انظر القسم المخصص للأسماء الشخصية 
و المقدمة. 
7 )عوك موللا بحن وعللاقاتة ومكانة العاتلفت قن مك + انل 
.32011 1.2 .مقطء ,(1953 رووع؟:ظ 2ه200ع013) :0:1010) 21/06 1 1/0770 ,177 لوم تمع 1102 1 
)1١(‏ على المستوى الشخصي فأنا مسيحيّ أنتمي إلى طائفة الكويكرزء ولكنّ صياغاتي 
وآرائي العامة حول طبيعة الدين» هنا وفيما سبق من الأعمالء لا تمثّل المسيحيّة بحدّ ذاتها بل 
تمثل قوط من المنظورات التي تطوّرت في حقل الدراسات الدينية الحديثئة كما في أعمال 
زوتذولفية أوتو ومرسيا إلياد على وجه الخصوض؛ مع مجموعة من التأثيرات المستقاة من التقليد - 


اين 


على التفكير الرغبويّ. ولا شكٌ بأنَ التفكير الرغبويّ قائم في أعماقنا. 
فبخلاف بقيّة الحيوانات» فإِنّ البشر يعيشون حياتهم من خلال أوهامهم: 
فكلماتناء كما يُقال» تشير إلى ما هو في الحقيقة غير موجود. إن ابش هي 
وحدهم الفنانون من بين الحيوانات. فنحن نتجاوز الدوافع بامماات 
اللحظية. ونريد أن تكون لكل لحظة من حياتنا معنى ينتمي إلى كل أكبر 
يكل حيواتنا الفرديّة : فالبشر لا يستطيعون مزاولة حياتهم على أساس عبثيٌ 
كناما . فإن رفضنا أن نختار على نحو واع ما هو المعنى الذي تقوم عليه 
حياتناء فإننا عملي ستقوم بتبني أحد أنماط المعنى على نحرٍ غير واعٍ وغير 
مفكر اقياة وهكذاء فإننا تخد نان الأشخاص المفكرين أفغيا قد يقنعون 
أنفسهم بالإيمان بأيّ شيء يُمكن أن يمنح لحياتهم معنى من الأآمل. لما 
كاقت الحناة بالمصمزه نسيصا د النوتى: :تإنناا جد اتسنا مزدفوعيق جر 
البحث عن معنى يمنح لهذا البؤس قيمة إيجابيّة. . ومن ثم فلا يُمكن 
الاستخفاف بمنطق التفكير الرغبوي أو ازدراؤه: فإذا كان شيءٌ ما ممكناً (من 
دون أن نتمكن من اثنانه أوانفية)ك وإذا كان هذا الكو فوعوبا فيذه تشمكتننا 
أن نفترض بأنه حقيقيَ حتى يثبت العكس . ش 


ل 0 نفعله بأوهامنا؛ 
بخيالاتنا الحرّة. فالفنانون يتعاملون مع الأوهام بمعنى من المعاني؛ ولكنّهم 
بشيء من من التهذيب والدوة يستطيعون استدعاء الحقيقة عبر الوهم. في الدين 
أنقنا ه فإن الانتجاية المضيوطة المكدلة تمكى أن تلمن الحقيقة الواقعة: 
ثمّة جزء كبير من التفكير الرغبويّ في الدين» ولكنّه ليس كل الدين. إِنَ ما 
هو مثير بشأن الدين ليس هو التفكير الرغبوي في حدّ ذاته» وإنما الرؤى 
الابداعتة الى ناض حم والسن اننع إمكاناف حديدة لعن السياة الأنيا : 
وللتعبير عنها. لتحديد وتعريف تعبيرات الدين على وجه الخصوصء» على 
المراقب احجان أن يغورص في الدوافع العميقة والدلالاات. التي لا تظهر 
أحبانا بسهولة على السطح الخارجي للعبارات التي يستعملها الخطاب 
الديني . وهذا لا يعني بالضرورة نوعاً من التشويه. فقد يتضح بأن ما اعتبره 


الأكروبولوسى (ررو يلاف مالينوفسكي وبول رادين على سبيل المثال). ومن تقاليد علم الاجتماع 
(كما لدى إميل دوركهايم). ومن بعض علماء النفس (مثل كارل يونغ)) والفلاسفة (مثل إرنست 
كاسيرر» ووليام جيمس» وألبير كامو) . 


0 ل 000 على مر الأجيال بها وفضلوه 0 على 


بخلاف المعايير التي أرادها قصىّ بن كلابء. ظل الجوّ الديني السائد 
في مكة قريباً من الوئنية البدويّة؛ فقد ظلت العلاقة مع الأصنام أو الآلهة 
قائمة على المقايضة: في مقابل ما أقذمه لك سيدي أريدك أن تمنحني هذا 
المعروف أو ذاك. يمكن القول بأنَ ذلك لم يكن بعيداً كثيراً عن السحر؛ فقد 
كان الكقيروون يا دون إلى الكعبة ليطلبوا الثروات والأعطيات من الآلهة. 
ويقدموا الأضاحي والعهود لضمان نجاحهم في مرادهم. لآ شك أن الشعور 
كالو لاء كان مويهوردا انها ؟ ولكن ميخ الواضح بأن التحدذي المعنوي 
والأخلاقي كان ضعنا في هذا النوع من العبادة؛ بل إن الحضور الخاصٌ 
للإله الخالق : ادلي كن يحدل تنه يعن من ذلك فلم يكن ثمَة معنى أو 
هدف يقدّمه الدين لحياة الإنسان». يتجاوز ما يعر اانا لكونه رجلا من 
القبيلة الفلا نية 


ولكن» كان ثمة نوع آخر من المواقف الروحيّة في مكّة» موقف يرتبط 
بالدين التوحيدي. فالأجانب الذي استقروا فى مككة» أو الذين كانوا يمرّون 
غتزها 0 :كا روا ود احتكو ا بمسيوع نون المعييات الصسحةة والتفود ‏ أرضاء 
وبمجموعة أخرى من المجتمعات التوحيديّة ذات الطابع الغنوصي». كتلك 
الحاضرة في سوريا. كان المكيّون يُدركون بأن مثل هذا الدين مدعوم من 
قبل الإمبراطوريّات الكبيرة» كما كانوا يعرفون بأن بعض القبائل العربيّة 
المهمّة تتبع بعض هذه الأديان بأكملها. ومن الواضح بن مُمثلي التوحيد 
الذين عرفهم محمد في مككة لم يكونوا متضلعين بعقيدتهم؛ إذ إن 
المصطلحات التي يستعملها القرآن» والتفاصيل الأخرى» تعكس تقاليدٌ تنتمي 
إلى مجموعة مختلفة من المجتمعات الدينية. وكاو ابن عن بحرن معحنه 
بأي منها على وجه السو 0 ولكن». كان بإمكان حتى الأتباع البسطاء 


)١١(‏ أيَاً كان ما يعتقده المرء بشأن مصدر القرآن» فإِنْ لغته مُصمّمة بوضوح لتخاطب العرب؛ 
ومن ثمء فإِنَ بإمكاننا من خلاله أن نعرف ما هو نوع المفاهيم التي كانت مفهومة بالنسبة إلى محمد 
ومعاصريه؛ أي., بإمكاننا أن نعرف من خلال القرآن على وجه اليقين ما هي الأفكار المتداولة في مكة 
في ذلك الوقت؛ فهذه الأفكار حصراً هي التي استعملها القرآن. 


حكن 


د مجموعة توحيدية ممن لم يتلقوا لزيا اف كايا ويا ال يقدموا فكرة 
أتعياة الأسان فكب ان قاض وأن يُحكم عليها من خلال معايير تتجاوز 
المعايير القلية وان أقعال: الاسبان قي بما هي أفعال للإانسان بصفته البشرية 
الفردية لا بصفته فرداً في قبيلة ؛ أن الإنسان كي يكون فالها لك ان شقق 
ووضاع مع طبيعة الجادم والكون ككل» وليس فقط مع مصالحه الشخصية 1 
ما ل لو ا ل الصحيح إلا من جهة 
كونها صورة مصعْرة ة تُلخُص تاريخ العالم ككل 


كان ثمّة عدد قليل من الأشخاص» سوى محمدء ممن كانوا مهتمين 
ومنجذبين إلى فكرة التوحيد؛ ويبدو أنهم قد وصلواء كل على جدة. إلى نوع 

من الإيمان الشخصور ليا أطلق عليهم لقب الأحناف. ومفردها حنيف . 
الي 0 امتاز محمد بحادثة مهمة؛ فعندما شارف على الأربعين» 
وحين كان معتزلاً في حراءء سمع صوتاً وواض رؤيا تدعوه لتقديم العبادة إلى 
الإله الذي خلق العالم. إله الموخدين, «الله» الذي بجله العرب ولكنهم لم 
يعبدوه. وبتشجيع من زوجته خديجة. قبل محمّد هذه الدعوة بوصفها آتية 
من الله نفسه. بعد ذلك. تتالت الرسائل التي اعتبرها محمّد وحيا إلهياً. 
واصيحف تاكرة هله الرسائل برها أمناسا فى الديف والعادة التجديدة ‏ أطان 
على هذه الرسائل مجتمعة اسم القرآن» الذي يعني فعل إعادة القراءة مرّة تلو 
مرّة. في البداية» لم يعتنق» مع محمدء الدينَّ الجديد سوى مجموعة من 
أصدقاته المقربين وأهله. ولكن» بعد عدّة سنوات» طلبت منه رسائل الوحى 
أن تشعو رين إلى عبادة الله» وأن يحذرهم من الكوارث ا ب ع د 
رفضوا هذه الدعوة. فتحوّل محمد من فرد موحد إلى نبي لقومه. 

فى الحقيقة» فإِنَ ما نعرفه عن محمّد أقلّ بكثير مما يُعتقد. ظاهرياً. فإنَّ 
الوقائق: التي تدا قلها عقون خعول. عنياته :دو غابة ,ايع .بالنقا ميل :بو لكين 
تعلكا ايان غليدا: أ ناتس 5. هن اكنواله معظتمنيا ف اتقو أ قاو العاتماء الممتلمون 
الثقات» في المراحل المبكرة» إلى عدم موثوقيّة كثير من هذه الوثائق 
والنصوص . ولكننا في الحقيقة نعرف عن محمّد أكثر مما نعرف عن عيسى 
مثلا. . فالأدلة التي تتناول حياة عيسى محصورة ريا بالأناجيل الأربعة وفي 
5220500 وكلّما محصنا وحللنا هذه الأناجيل؛ ٠‏ ظهر لنا بأنّها نصوص لا 
يمكن الاعتماد عليها. بل إن الأقوال المتسوية إلى عيسى هي أقوال منقّحة 


#١ 


ومحررة بدرجة كبيرة» في بعض الأناجيل على الأقل. كما أننا لا نمتلك 
سوى أدلة واهية وضعيفة عن الحياة الروحانيّة الشخصيّة لعيسى. . قد نستطيع 
القول بأنه كان اها أو :ضبادقا : ولكننا سنبقى في مجال التخمين والحدس 
حين نريد أن نقول ما هو الشيء الذي كان صادقاً أو مسله] اث “ل 
فإننا نميل إلى اختيار الحوادث الأكثر تأثيراً أو الأكثر تميّراًء أو الأقل تشابها 

مع المخزون المشترك من الحوادث, لنعتبرها خصائص شخصيّته. قد يبدو 
هذا طبيعياً. ولكنه خطر من وجهة نظر علميّة؛ فعلى الأقل لا بدّ من التحقق 
من هذه الحوادث بالمقارنة مع النصوص الأخرى المتاحة الواردة من الحقبة 
ذاتها. في حالة محمّدء على الرغم من أنْ علينا استعمال درجة عالية من 
التخمين والحدسء فإننا لا نزال قادرين على بناء هذه التخمينات على مبادئ 
علميّة موضوعيّة معقولة. فنحن نستطيع الاعتماد على القرآن نفسه بوصفه 
دليلاً مباشراً؛ على الرغم من أن القرآن في العادة نصّ غامض فيما يتعلّق بما 
يُحيل إليه وما يشير له. ولكي نفسّر القرآن» فإننا مجبرون على اللجوء إلى 
المرويات التي تم جمعها بعد علة أجيال من القرآن. ولكن» حتى وسط هذه 
المرويات المتأخّرة» فإننا لن نكون في حيرة تامّة: فنحن نستطيع. الاعتماد 
على المرويات التي لا تنحاز إلى أي فرقة متأخّرة» إذ ستقدّم لنا مجموعة 
المرويات هذه صورةً متسقة بدرجة معقولة. والأهمٌ من ذلكء أننا كثيراً ما 
نستطيع الاعتماد على التفاصيل المذكورة عَرَضأ في خلفيّة هذه الهرويات: 
التي تأخذها بوصفها أمراً مُسلْما به عند الجميع. إذأء على على الرغم من أن 
ءا كبيراً مما سأكو له حول محمّد داخل في حيّز الظنّ» إلا أنه لا يزال 
يمتلك درجة معقولة من المصدافية. 


يُمككْننا أن تقول التالى حول دعوة محمّد: أولأ قبل محمد الدعوة إلى 
الدين الجديدء أي إنه آمن به هو نفسه. وقد كان هذا في حدّ ذاته هو الفعل 
الأساسي للإيمان. ولاحقاً قام بما هو أكثر من ذلك: فقد قبل باللاضطلاع 
بدور النبن لدعوة قومه. يتطلب هذا الفعل ما هو أكثر من الإيمان الذي لا 
يهترّ بصلاحية دعوته وصوابية قضيته. إذ يتطلب درجة عالية من الشجاعة؛ 
فهذا الدور قد جرٌ عليه ازدراء قومه وسخريتهم» بل وأفقده ثقة معظم قومه 
به. بالنسية إلى قومه. كانت هذه الدعوة غير معقولة وسخيفة في أفضل 
الأحوال؛ وفي أسوأ الأحوال كانوا. ينظرون إليها على أنها مطيّة لتحقيق 


26 


مآرب شخصيّة من قبل محمد»ء وربما تكون مرتبطة بمخطط روماني ما 
للتحكم كيهازة الها غير مجتوعة من الفاعلين المحليين :»وهو الآمن الذي 
قاومته قريش غير مرّة فى السابق. أما استجابة محمد الإيجابيّة لما واجهه 
نتيجة دعوته» فقد كانت أعظم أعماله الإبداعيّة. فقبل أن يبدأ محمّد بدعوة 
الآخرين» قبل هو نفسه بنتائجح هذه الدعوة وهذا الدين» وكرّس حياته لها. 


إن النبى هو الشخص الذي يتكلم نيابة عن الإله؛ أي الشخص الذي 
يبل الرسائل التي ترده من الإله كما هي (ليس من الضروريّ أن تكون لهذه 
الرسائل علاقة بالنبوءات المستقبليّة). تختلف أنواع الشعور التي تدفع المرء 
للحديث كنب ؟ فهي تتراوح بين الشعائر الممأسسة. والتي تقوم على حاللات 
نفسيّة فوق طبيعيّة تحث الكلمات المظلمة على الظهورء إلى التعبير الواعي 

عن الرؤى الشخصيّة للشعراء «المُلهّمينَ». على أنْ تجربة محمّد في النبوّة 
هي .2 بتالأسافن» تفن نوي و اعماك اتبياء العهد القديم اه بني 
إسرائيل]. ولكنّ محمداً لم يكن يعرف شيئاً عنهم بشكل مباشر. ومن المؤكّد 
بِأَنْ تجربته كانت شخصيّة بدرجة كبيرة. 

كان محمّد يجد نفسه غارقاً في حالة بدنيّة خاصّة وفيها كان يصبح واعياً 
وملاركا لأفكارٍ لم يكن يعرفها قبل ذلك . اانا كان الإجهاد البدنيّ عنيفاً إلى 
درة اتدل مههدا محناها إلى ان عدر يها يتتظيك عرقة يهرازةه واحبانا ما 
تكون الحالة أقلّ حدّة. (بناء على بعض الجوانب التى تصفها الروايات 
الإسلاميّة على نحو مفصّلء كثيراً ما شُبّهت لحظات الوحي بنوبات الصرع). 
في تلك اللحظات كان محمّد يبدو غير واع بما حوله» أو على الأقل كان يبدو 
شارد الذهن وذاهلاً. على أن الأفكار التي كانت ترد لمحمّد كانت تختلف 
وتتنوّع بدرجةٍ أكبر من تنوّع حالته البدنيّة واختلافها . ففي حالات معيّنة» 
بخاصّة في بداية البعثة. لدينا دليل من القرآن يُشير إلى أنْ الرؤيا لم تكن سماعيّة 
وحسبء بل كانت بصريّة أيضاً؛ فوفقاً للروايات؛ رأى محمّد في صحوه كائناً 
عملاقاً يملا الأفق - في كل مكان في السماءء وامتشااولى سصرك. احجان 
بالكلمات التق علية أن يقولهاء :ولك :الروع غالبا ما كانت ستفاعتة: كان 
محمّد يسمع الكلمات منطوقة أو في الحالات المتوسّطة ‏ يسمع صوتاً يُشبه 
صلصلة الجرس» وحين يصحو من حالته» كان يجد الكلمات حاضرة في ذهنه. 


كانت الكلمات [الآيات] التي يلفظها محمّد تُدوّن بعناية ‏ استعمل عدداً 


.م 


من الكتبة - كما كانت تُحفظ من قبل عدد من أتباعه الأتقياء» ثمّ يحتفظ بها 
القرّاءء أتباعه المختصّون. بإعادة تلاوة هذه الكلمات وتخليم الآخرين 
القرآن. الذي كان لا يزال ينمو ويكبر”'''. كا نت الآيات المتفرّقة من الوحي 
تُجمع في السور. التي تمثّل أجبانا حزمة 0 من الوحي [أي تنزل عليه 
كافِلة ]؟؛ على أن معظم السوق كانتت قايلة لآن نضنافن عليها من وقت إلى 
آخر؛ أحياناً كانت الآيات الجديدة توضع وسط الآيات القديمة. 


نُظهر مجموعة من الحوادث بأنّ نزول الوحي ومضمونه لم يكونا تحت 
سيطرة واعية من محمّد. فبعد النزول الأوّل للوحيء مرّ محمّد بفترة طويلة 
من انقطاع الوحي. ووصل إلى درجة عالية من الكابة» وبدأ يشكٌ بحقيقة 
دعوته؛ وقد دعمته خديجة أكثر من الجميع. ا مم 6 
محمّد أقدر على توقع لحظات نزول الوحي . وبالتالي. لحك لح 0 

من الحرجء فى حادثة واحدة على الأقل. حين انتظر لأيام طويلة قراراً إلهنا 
بشأن إحدى القضايا من دون أن ينزل الوحي؛ وهي تجربة اعتبرها محمّد 


تدريباً له على التواضء”* . 


بالنسبة إلى العرب» كانت تجربة الاستحواذ على المرء من قبل 
كائن خارجيٌ - إضافة إلى العثد المعؤوسق الطافح بالوجد الذي اتخذته 
النصوض الأولئ للوحي د أشكاة يبدو أقرب ما يكون إلى فورات العرافين. 
كان ينظر إلى هؤلاء الرجال أنهم ممسوسون بالجنّ» الذين يستحوذون 
عليهم وينطقون من خلال أفواههم. على مستوى أعلى» كان يُنظر إلى 
الفعراء: المومو فين قلي الرغم من أنهم لا يُعانون من مثل هذه الحالة من 
الاستحواذ.ء وعلى الرغم 5 أن الذي ينطقون به ليس سوى شكل ادي 
متطوّرء فإنّهم مُلهمون من الجنّ أيضاً. ومن ثم فقد كان كلام الشعراء 


)١(‏ بالإنكليزيّة تستعمل عبارة «قرّاء القرآن 2620655 011538©» لوصف القرّاءء ولكنّ هذا غير 
دقيق. فقد كان القرّاء أمّيين أحياناً. ولم يكونوا قارئين بالمعنى الحديث؛ أي بمعنى قراءة نص 
مكتوب . (مع الأسف. لا يزال بعض المسلمين يستعملون لفظة «قراءة» القرآن - أو أي نص آخر ‏ حين 
يقصدون تلاوة كلام ما أو لفظه ونطقه بالصوت الملائم» سواء أكان ذلك بوجود نصّ مكتوب أم من 
دونه» دون أنا يكون هناك لفظ مشفوع يُميّز معنى القراءة بوصفها نطقاً للأصوات بشكل فردي. ٠‏ بهذا 
المعنى» ؛ يقول البعض بأنهم «يقرؤون» العربيّة. من دون أن يعرفوا الكلمات المكتوبة بهذه اللغة). 

() الإشارة هنا إلى حادثة الإفك» وسيأتي المؤلف على ذكرها صراحة لاحقاً (المترجم). 


آم 


والكهنة يُعتبر كلاماً خارقاً للطبيعة وشكلاً من الاستحواذ من قبل قوى 
عنلة كان مسد كان الأنا فاسية لعفيو تقنينه هه الكيتة والعرانين 
والشعراء؛ عبر الإصرار على أن ما يستحوذ عليه ليس جنا عابرا وغير 
تسؤول: :وإتما هو تبعل كوى ثلالة: الخالق تفده الملاة: لاحم عرف 
محنن هل الماذاك على اله حيزي ابدريقة ذلك لوقه كان المطلدرن 
ينفون عن القرآن صفة الشعر بالمعنى الاصطلاحي للكلمة» وبالمعنى الذي 
كان يمارسه شعراء العرب القدامى. 


التوحيد والمسؤوليّة الأخلاقيّة الفرديّة 

في البداية لم يكن واضحاً بأنْ العبادة الجديدة لا تتوافق مع العبادات 
القائمة التي كشناوك فيها فريش . في العبادة الجديدة. كانت أجزاء من القران 
0 ىت صخر ل لامر افد 
المسلمون الأوائل» بممارساتهم الخاصّة» بحاجة إلى القيام بقطيعة كاملة مع 
عادات قريش. ولكن.ء منذ البداية» تعهّد الدين الجديد أن يُقدّم لأتباعه 
المخلصين رؤية جديدة للحياة. كانت الأجزاء الأولى من القرآن تحتوي على 
عدد كببو من العظات الأخلاقية التي تيكت على الطهارة والعفة والكرم. 
كانت هذه المثل الأخلاقيّة على صلة بالمعايير الأخلاقيّة القائمة» ولم تكن 
منفصلة عن معايير المجتمع البدويّ السابق. (لم يسعَ القرآن لإقامة نظام 
أخلاقى شامل؛ فالكلمة المركزيّة فى السلوك الأخلاقى» «المعروف»» تعنى 
أن هذا السلوك معروف لدى الجميع ومتعارف عليه). أما الجزء الجديد فقد 
كان موقع هذه القيم في حياة الإنسان. 

في القرآن» تبرز درجة جسامة الوضع الإنسانيّ وهوله من خلال وصف 
يوم القيامة. كما 2 سورة التكوير ١[‏ 1 

«إذًا التمس كورت +2 وَإذًا التجوم أتكدرت +4 وَإِدَا أَجْبَالُ سَيرتَ #46 وَإِذَا الْعِسَارٌ 


- ماكو رو 


ا 0 306 5-7 -- 
عَُطْلتٌ 0 وإذا الوكوش 0 0 وإذا لحار سحرت 3 وإذا النقوس رَفِحَتٌ 
)١14(‏ حشرت وتحرّكت من الخوفء. كما يُشِير ريتشارد بيل حرفيّاً باستعمال «انساقت سويّة ‏ 


ا 


وَِدَا المو,دة سيت 24 بِأيَ دن قيلت © وَإدَا ألمت مرت + وَإَا لئاه 
غ1 وَإِذا الحم سَعرتَ 6 يوا لنّدُ ليت + عست تنس م1 أَحَسَرَت» . 

في هذه الآيات ثمة إدانة أخلاقيّة لوأد البنات» ولكن هذه الإدانة لا تتم 
عبر تقديم قاعدة أو وصيّة أخلاقيّة جديدة» ولا عبر التأكيد على وصيّة 
أخلاقية سابقة.. بدلا من ذلك» يشار هنا إلى وأد البنات» الذي هو نتيجة 
طبيعيّة للتأكيد القَبَل على أفضليّة الذكور وتجاهل الفرد بما هو فردء بوصفه 
مغالاً لما يمكن أن تقوم به النفوس غير المؤمنة؛ أي مثالا عن نوعية الحياة 
التي تغيب عنها عبادة الله . 


يوضح القرآن منذ بواكيره بأنّ الإنسان يواجه اختباراً واختياراً أخلاقيا ؛ 
ولا يُمكنه أن يقف في منتصف الطريق بين الخيارين. على الجانب الأوّل» 
يمكن للشو إن يختاروا خشية خالقهم وأن يقبلوا أوامره الأخلاقيّة؛ في هذه 
الحالة» فإِنْ الله برحمته سيهديهم ويجعلهم طاهرين مستقيمين. أو يُمكن 
لليشو في المقابل أن يبتعدوا عن خالقهم. وأن يُطاردوا أمانيهم الخاصة 
واللحظيّة العابرة» وأن يُصلُوا للآلهة والأصنام المتعددة بحثاً عن النجاح ؛ 
في هذه الحالة» سيبتعد الله عنهم وينساهم. وسيصبيحون فوا را ا 
ونساء» ضعفاء وواهنين. ولمًا كان الإنسان عاجزاً عن أن يكون طاهراً ونقيًاً 
بمجرّد إرادته ذلك (وهذه حقيقة مؤسفة تثبتها التجارب»» فإنّه لا يتحكم 
باختياراته تماماء ولا يُمكنه أن يصل إلى النقاء الأخلاقى إلا بعون الله 
ركان نذا يون هذا الأهفيا و نالا خذقي الأسناس :فى القر ان :موصقة ذا 
الجوة الو اننا أن مكفان انان له ويعيدة؛ أو أن سكم عله يتلاك 
سبيل الشهوات. وكلّ حياة الإنسان الأخلاقيّة تعتمد على هذا الاختيار. 


- توعطاععه1 م2217 . أما لفظة «الصحف» فهي لكي بالطبع إلى السجلاات التي تحفظ أعمال الإنسان في 
حياته . لقد اعتمدت في ترجمتي لهذه الآيات على ترجمة آرثر أربيري» ولكنني تصرّفت في الترجمة 
بحريّة لأجعلها أكثر اقتراباً من البساطة المباشرة للنصٌ الأصلي . (للمزيد حول ترجمات بيل وآربيري: 

وغيرها من ترجمات القرآن» انظر القسم المُخصّص لترجمات القرآن في قسم المراجع المختارة . 
)1١6(‏ يبدو أن حديث القران عن القضاء والقدر يتوافق مع هذا المعنى. في كتاب : 80310106 
.7 . ,(1957 واعطعنةة متطاى :215ة2) 61 65 10150-12612011 03 
ثمّة إشارة إلى أنّ القرآن (فى سورة الليل» الآيات © - )١17‏ قد عبّر عن هذه الفكرة باقتضاب . إلا 

أنّ التأويل المعتاد لها يجعلها ضئيلة الأثر في المحتوى الأخلاقي. 


4 


كان وه نقنها بان هذا الكوا نس :زا "عدت تنية عكياة الآناة. ول 
ننه الع دوو كان كمه نوتا: أن عله الحفيفة ‏ سكحان + تقول / مف 
منهء يوم القيامة» الكارثة الكونيّة النهائيّة» حين سيّدمّر العالم وسيحاسب 
جميع البشر عياناً من قبل الله نفسهء وسيّبعث الموتى من جديد ليُحاسبوا. 
حينهاء سيجازى المخلصون لله بكل الأشياء الحسنة التي يتمناها قلب 
الإنسان» أما من ولوا وجوههم عن الله فسيّحاسبون بكل الخترور التي تخافها 
قلوبهم. يُصوّر القرآن مشاهد النعيم والعذاب تصويرا حيّاء حيث سيعيش 
الضالكون فى خدائق. .جويلة :ملفة بالفاكهة اللذيذة:والساء الحسيتاوات» 
وسيحترق الملعونون فزعين في النار» يبتلعون قيأهم. يُصاحب الحديث عن 
الكاركة التيائثة وضت لكوازث: أصعر حلت بالأنزاذ الذي رقضوا وغرة 
الأنبياء المرسلين إليهم». كقوم نوح على سبيل المثال. يُذكّر القرآن 
المتشككين بِأنْ القيامة وبعث الموتى للحساب كلها أمور تقع ضمنّ قدرة الله 
الذي خلق العالم والذي شكل كل ذكر وأنثى في أرحام أمهاتهم منذ البداية. 
ولكنّ مجيء يوم القيامة قد تأكّد أخيراً لمحمّد من خلال ما أعلنته الرسائل 
التي أتته وأتت لجميع الأنبياء الموحدين من قبله. فذات الوحي الذي أكّد 
على الاختيار بر بن أوامن الشالق وشهوات المرء قد حذر من يوم الحساب 
الذي ستوزن فيه هذه الاختيارات ويدافع كل إنسان فيه عن خياره. ولم يكن 
محمّد يشك في أي جزء من أجزاء هذه الرسالة العامة . 


بناء على ذلك.» كان محمد يؤكد على المسؤولية الأخلاقيّة شه الليتيو: 
فالححماة ليست عنما ولهواء بل هي دعوة لليقظة والانتباه؛ فعلى الإنسان أن 


)١7(‏ في كثير من الأحيانء كان العلماء المُحدئون الذين يُفْسَرون القرآن يركّزون على مصادر 
الأفكار المختلفة التي تظهر فيه. فيما يتعلّق بأهدافنا هنا في الكتاب» فإنَّ ما سيكون مفيداً أكثر هو 
البحث عن معانيها داخل القرآن. فالقرآن لا يتحدّث إلا من خلال اللغة والمفاهيم التي كان محمّد 
وأتباعه يحوزونها لكي يتلقوا الرسالة. . وقد كانت هذه اللغة والمفاهيم مقتصرة بالمجمل على ما هو 
مواكوة بي العالين التوعيد , لفهم أي دلالة يتحدّث عنها القرآن» على المرء أن يلاحظ السياق 
المفترض أولا فمثلاء ؛ لنفهم دلالة يوم القيامة» علينا أن نُدرك مفهوم القيامة كحدث في الزمان» كما 
يُقدَمه التقليد التوحيدي ؛ ثم على المرء أن يرى ما الذي يفعله القرآن بهذا المفهوم (في أي اتجاه يدفع 
المفهوم). وهذا وحده ما يُمكن أن يُوصلنا إلى معناه أخلاقيّاً وإنسانيًاً. والأمر كذلك ينطبق على 
القصص القرانيّة: 0 . فانحراف القصّة عن شكلها الكتابي [أي شكلها الوارد في 
الكتاب المقدّس] هو ما يُشير إلى الاتجاه الذي تنحو إليه هذه الرسالة . 


م 


يحذر من التكاسل والاسترخاءء والركون إلى ثروته وعائلته وكثرة أبنائه ؛ 
فكل هذه الأشياء لن تنفعه شيئاً يوم الحساب. حيث ستوزن قيمة المرء 
الحقيقية ؛ ؛ ومن ثم فإن على البشر أن يعيشوا في خشية وخوف من الله. قبل 
أن يُحاسبوا على كل أعمالهم. على أن الله رحيم: فإذا كان المرء “متها 
إليه فعلاً» قإنه سوسا فتعه.غلى :زلانة عليه تشعف البش؟ ولكنه لن يسامح 
من ينسون الله لأجل تحقيق متع زائلة وعابرة. 


يُقدّم القرآن الوضع الإنساني في صور قويّة» مُستقاة من التعاليم التوراتيّة 
والتلموديّة» بعد أن يُعيد صياغتها بما يعبّر عن رؤية الإسلام. عرض الله أمانة 
حمل الإيمان على السموات» ولكئها رفضت حملها ؟؛ وعرضها على الجبال» 
ولكنّها قالت بأنها أضعف من ذلك؛ ولكنْ الإنسان تعهّد بحملها. ٠‏ وحين سمع 
ا و ا ل لي ا 
و لي و مر اواو رسيا 
العقلي)» ثم تحدّى الله الملائكة أن يخبروه بأسماء الأشياء؛ وحين أدركوا بأن 
عليهم أن يتعلموا هذه الأسماء من آدم» اعترفوا بأنْ الله كان يفعل شيئأ يفوق 
قدرتهم على الفهم. ثم أمر الله جميع الملائكة أن يسجدوا لآدم احتراماً. 
ففعلوا ذلك جميعاً إلا إبليس (الشيطان)» الذي تكبر عن ذلك . ثم سمح لإبليس 
أن يحاول إغواء البشر لفعل الشرور»ء وكل من اانه إلى الله :ناحلا من سيعلق 
في حبال وساوسه. ثم إن الله توججه بالخطاب إلى الأجيال القادمة الكامنة في 
ضلدت آدم وأشهدهم دالسيز ال «البت بربكم؟). فاعترفوا له بذلك واجدا 
واتقدا ا ل 
الاختبار ليُعلم ما إذا كانوا قادرين على الحفاظ على إيمانهم أو لا 
ومطبوعة داخل نفوسهم, ولكنّ تجاهل البشر لهذه الحقيقة جعلهم ينسونها؛ 
ولذلك فإنّ الله يُرسل الأنبياء مُنذرين ليحملوا إلى البشر رسالة الله كما فعل 
محمّدء ليُذكروا البشر بواجبهم دا هالله. كان الأتباء غبارة عق اشيخاضن 


)١1/(‏ القرآن الكريم : «سورة الأحزابء»» الآية 1 «سورة البقرة»» الآيات 7١‏ 75؛ «سورة 
ص» ») الآيات 1/١‏ 86؛ «سورة الإسراءء» الآيات »560-0١‏ و«سورةالأعراف»ء» الآية 7/ا١.‏ 


5٠ 


يدعون إلى التوحيد ويذكرون أقوامهم المختلفين بواجبهم تجاه الله . وقد جرت 
المعجزات على يد العديد من الأنبياء» مما يفوق قدرة البشر الطبيعيين» 
لأقوامهم كي يصدّقوا رسالاتهم» بأن يُظهروا لهم أنهم مؤيّدون من قبل ذات 
الكائن الذي قام بمعجزة الخلق, والذي لا يستطيع سواه أن يقوم بالمعجزات 
العظيمة. هكذاء كان عيسىء بإِذنٍ من الله» قادراً على بعث الحياة (في الطيور 
الطينيّة» كما تقول الأناجيل المنحولة [الأسفار التي لم يتم اعتمادها في 
0 الكنسية]). وهي معجزة مخصوصة تميز الإله الخالق» ومن ثم فإنها 

نبت بما لا يدع مجالاً للشكٌ أنه [أي الله] حاضرٌ مع هذا النبيّ. ولكة مهدا 
لم يدع معجزة لنفسه سوى القرآن؛ معتبراً بأنْ القرآن معجزة لا يُمكن تكذيبها . 
فقد تحدّى أيّ شخص أن يأتي بمثله. وقد نبت بأن القرآن (مثل الاععمال 
الإبداعيّة العظيمة) لا يمكن مضاهاته. يوضح القران أن على الشر أ ندند هنا 
بهذه الرسالة الإلهيّة من دون الحاجة إلى معجزات خارقة. فأولئك البشر الذين 
أعمتهم شهواتهم وخضعوا لما يُمليه عليهم إبليس (الذي يوسوس إغواءاته في 
قلب الإنسان» على الرغم من أنه لا يمتلك سلطة أو قدرة فعليّة على توجيهه) 
سيرفضون الإيمان بأيّ نبي مهما جاء بالبراهين. أما أولئك الذين حموا 
أنفسهم من السقوط في العمىء» فإنْهم سيعرفون الحقيقة فور رؤيتهاء 
وسيتذكرونها حين يسمعون كلمات النبيّ المنذر. إِنْ مهمّة النبيَ في المقام 
الأول هي إبلاغ البشر بتحذيرات الله التى أرسلها معه. 

فنك النذابة» كانكه فكرة أن اهن الوكفيد المفحة للحافةه: بوأننيقنة 
الآلهة ليست فقط آلهة ثانويّة وإنما باطلة» وأنْ عبادتها خاطئة» كانت فكرةً 
كامنة في رسالة محمّد. لبعض الوقت ربماء كان محمّد يدعو إلى الدين 
الجديد من دون أن يصرٌ على ضرورة التخلي عن العبادات القديمة؛ بل يبدو 
أنه حاول إفساح مكان لعبادة الله» باعتبار أن آلهة مكّة كانوا وسطاء 
تابعين لله؛ ولكن. بعد وقت قصيرهء أصبح الإصرار على مبدأ العبادة 
الحصريّة لله هو المقولة العقديّة المركزيّة في الإسلاه"© . 


عندما بدأ محمّد بمواجهة خصومه وأتباعه برسالته الجديدة» وعندما 


(14) حول «الآيات الشيطانيّة» والتطوّر المبكّر لمهمّة محمّدء انظر: 


1 .جفطك روععء11 21 4/077177100 4 ,ا 


"1١١ 


بدأت آثار هذه الرسالة تتضح على مستوى حياتهم» أصبح من الواضح بأن 
التنازل أو المساومة ليست فكرة ممكنة. فإذا كان الحساب [في يوم القيامة] 
نانفا ومطلقا ٠؛‏ فلا بد أن يكون القاضي [الله] م ماوق وفعفاليا 000 
يكون له مكافئ أو نظير بين من سيخضعون للحساب. لا يُمكن إذاً أن يكون 
هناك آلهة وسيطة. أو أنصاف آلهة. وإذا قام الإنسان بالاختيار الأخلاقي 
الأساسيٌ بالتوجه إلى الله بصدق طلياً لهدايته» فإن عليه ألا يعود إلى العبادات 
التافهة التي وُجدت لتحقق شهوات البشر ورغباتهم. وقد اتفق الموخدون على 
هذا الحظري. الحظر الدي أصبح هو الاختبار الأساسي للمرء فيما إذا كان قد 
أصبح مسلماً حقّاء وفيما إذا كان قد اضطلع بالفعل بواجبات الإيمان. ومن 
ثم فقد أصبحت الخطوة الرئعة بلاتصهام إلى الممجمع العملم قتي رفن 


الشرك (إشراك أى شيء آخر مع الله) ؟ ا رفض عبادة أي كائن آخر سوى الله . 


يبدو أن المجتمعات التوحيديّة: التي نظر مُحمّد إلى ممثليها على أنهم 
يعبدون الإله الخالق» قد طوّرت نظرياتٍ معقّدة حول العالم الإلهىّ. ويبدو أن 
العناصر التفصيليّة عن العالم الفائق للطبيعة قد أدت دوراً مهمأ في تفكير محمّد 
أيقاء على الأقل في المراحل الأولى من دعوته. يفترض القرانفيينا عدرفا 
القارئ بمجموعة من المعاني والشخصيات والموضوعات الكونية؛ فهو يذكرء 
على سبيل المثال» الملائكة» والروح» والكلمة (القول). والأمرء والسماوات 
المتعددة» والعرش الإلهي» وكتب السماء [اللوح المحفوظ] (والتي تسبل 
مصائر البشرء كما تسججل أفعال الرجال والنساء في العالم» وتحوي أيضاً على 
الرسائل الإلهيّة» التى يؤلّف القرآن أجزاء ومقتطفات منها فقط)"''2. على 
الحانن لاخر يدق بان تنسقدا كان معرق: المذاعب العقدية المركرية فى 
العيد الحديدة أن منسي لخب الإلهنة».ونقاناةالسينيه رالبعت النادي» 
أو الخلاص؛ كما أنه لم يكن على دراية ببعض أنبياء العهد الفديمء كأشفاء 
وأرمياء. على إن سعدا فيما يبدو. قد أصبح أقل اهتماما مع الوفت 
بالظواهر الفائقة للطبيعة. وأصبح يدور حول رؤية أكثر تناغماً مع أنبياء التوراة 
الكبارء وبعيدة عن الطبيعة الطائفيّة» ذات الطابع الغنوصي أحياناء التي كان 


)١9(‏ حول رؤية القرآن للكونء انظر: 


.]1 292 .7 ,1 744/1012 ,ق2ئ[ 012 72ء12-نإ0210106170 


حلص 


يعرف عوط اهايا وقضيصها المتدسة: يدو الآمر كما لو أنه عاد من الصوره 
الشعبيّة ‏ الواضحة عنده من لقاءاته مع ممثلي التوحيد الذين صادفهم - إلى 
المواضيع الكبرى للأنبياء القدامى الدين لم تمتكرد شخصيّاتهم على الخيال 
0 ولكن أفكارهم الأساسيّة بقيت هي الأرضية الاسناسية التي نمت 
فوقها بقية التفاصيل . 


مثّل محمّد والقرآن تحدياً قويّا لكل المكيين: تحدي السموّ إلى مستوى 
النقاء الأخلاقي الفردي الذي لا يحلم به إلا القليلون . لقد مثل محمّد ذلك 
بوصفه كا اها للبشرء بل وبوصفمه ا لهم إذا ما أرادوا ألا 
يُخالفوا البنية الأساسيّة للكون الذي وجدوا أنفسهم فيه. وقد مثل محمد ذلك 
بصورة ملموسة وصلبة يُمكن للبشر أن يتبثوها من خلال فعل الإرادة, 
ليتحققوا بالمثال الجديد عملياً . 


فننها نذا "موحد بالذهوة الجيرثة إلى : الذين الحديد» و تصزيرا عندما بيدا 
بمعارضة العبادات القديمة. سخر منه معظم رجال فريشس وعارضوه بطبيعة 
الحال؛ ولكنَّ محمداً كسب العديد من الأتباع الذين تحوّلوا إلى الدين 
ينتمون إلى أيّ قبيلة» ولكنّ الكثير منهم كانوا من العشائر القرشيّة الأقل 
شأناء وبعضهم كانوا من الرجال ذوي الأعمار الصغيرة ب من العائلاات 
والبيوت المرموقة في مكة. مع تحوّل مكة إلى مركز تجاري ومالي» فقدت 
المعايبر الأخلاقيّة للمجتمع البدوي فاعليتها . وعلى الرغم من أن قريها قل 
تمكنت من ضبط العداوات وأعراف الثأر في حدها الأدنى في ك0 فقدل 
ظهر نمط من التفاوت الاقتصادي بين الرجال» وهو ما كان يهدد التضامن 
القبلي ويقوّض المثال البدويّ للمروءة والكرم» الذي يرخب بالثراء بوصفه 
حالة امتياز مؤقتة. باتت المعايير القبليّة أقل ملاءمة هي الأخرى في مكة. 
عندما غدا أهلها أكث راحرية في التصرف بما يوافق مصالحهم الخاصة. وبين 
أولئك الأقل حظأ في النظام الجديد» كا ئحة ترحيت واحتفاء يم 
الأخلاقيّة قيّةَ الأكثر فردية. التى لمكن أن تيتععول سيق من الأمان الأخلاقى 
القديم في صورة مُلائمة للحياة التجاريّة الفردانيّة. وقد كان الإسلام ملائماً 


ينض 


لهذه الغاية. هكذا فقد تلاقى الفعل الإبداعيّ المتمثّل بقبول محمّد لدوره 
كنبيٌ مع استعداد عام للاستجابة لتلك الدعوة. 


لق تكو ءومنالة ستو بن القطة وحرعان نهد كانت وتم فيد 
نفسها دعامة رئيسة لهذة:الرسالة: استطاع محمّد كسب ولاء عدد من الرجال 
القادرين والمميّزين» والحفاظ على ولائهم. وكما يُظهر الرسم التوضيحي 
لصلات القرابة لمحمّد. ٠‏ فإِن محمداً قد كسب احترامهم بتأثيره على المستوى 
الشخصي القريب. فقد أصبح اثنان من الشبان الذين ينتمون إلى عائلته 
وبيته» والذين دخلوا في الإسلام تأثير من الخ تنه :قطعا + قادة أقوياء 
لاحقاً . فقد عهد إليه عمّه أبو طالب برعاية ابنه علىّ وتربيته. كان على أوّل 
دك وقد ااعوة الوك 17ل متهن نسن انيح 4" وقل أنبست قدرثه 
كمتجارت» وكسب ولاء العديد من الأشخاص لنفسه. وفي ذلك الوقت 
المدكر أنهي دخل امد ب جارنة فى ساد وهو مولى محمدء الذي تبناه 
لفترة من الزمن» والذي أصبح لاحقاً قائداً موثوقاً به في الإسلام. 


كان أبو بكر ابن أبي قحافة أحد أوائل المؤمنين من العشائر الأخرى في 
قريش ١»‏ وهو تاجر مقتدر (على أنه لم يكن من أغنى حجان مكة) ب وقد تصرّف 
أبو بكر بوصفه ملازماً لمحمّد ونائبه, وكرسن ثروته من دون تردد للقضية. 
وقد أظهر دوماً قدرته على الحكم الهادئ والمنصف. وجل لانن جعي 
كا باحترام كبيرٍ بين المسلمين. كان عثمان بن مظعون أيضا من أوائل من 
دخلوا في الإسلام» وكان - بخلاف أبي بكر - قد أصبح موحّداً زاهداً على 
نحو مستقل قبل دعوة محمد ويبدو أنه استمرٌ على ذلك حتى مع ولائه 
ال فبقي بطريقة ما قائداً لنفسه. كان عثمان زعيم المسلمين الذي 
هاجروا إلى الحبشة اللهرب من الاضطهاد. وقد كان عثمان بن عفان (الذي 
سيصبح خليفة لاعفا )التحها درل وَتقا ينتمي إلى إحدى أبرز العائللات 
المكية. أمَا عبد الرحمن بن عوف فقد كان تاجراً ذكيًاً ؛ وتقا ل نانة لاحقاء 
عندما وضل :ملسا إلى المدينة المنوّرة» رفض عوقيا عر ديق [وهو 
مدان الريع الذي آاخى النبيَ بينه وبين عبد الرحمن] في المدينة بأن 
يمنحه بعض أملاكه [نصف ماله وإحدى زوجتيه]. وأخذ معه غرضاً بيطأ 
إلى السوق» وسرعان ما تمكن من تحقيق ربح سريع. لاحقاً أصبح 
عبد الرحمن بن عوف من أثرى أثرياء المديئة. 


51 


516 


أقارب محمد 


قصي (مؤسس قوة قريش) 


عبد مناف 
المطا عيد شمس (عشيرة) نوفل 





- عائشة بنت أبي بكر ابن أبي قحافة من قبيلة تيم 
- حفصة بنت عمر بن الخطاب من قبيلة عدي : | 





جعفر الطيار على فاطمة زينب أم كلثوم رفية عثمان مروان معاوية 
الحسن الحسين 

الأسماء ال قأمت بدور مهم في حياة محمد أو بعده كُتبت بالخط الكبير العريض . 

- لدى معظم الرجال المشار إليهم أولاد أكثر مما ذكر. 


أما عمر بن الخطاب فقد كان شخصيّة مندفعة وملتهبة» وكان ملتزماً 
بشدّة بما يؤمن به. يُقال بأنّه كان يتحدّث عن نيّته قتل محمّد غضباً للآلهة 
المكنة حين علو لاؤلمزة بأن أععة قد أسلمتك > فدهب إلبها اضيا 
ووجدها تقرأ أجزاءً من القرآن. وحين سمع القرآن تأثر وأسلم. وقد أجبر 

عمر القرشيين بعد ذلك على القبول بأن يُصلّي علنا عند الكعبة؛ وهو أمر لم 
يكن وارداً قبل ذلك» وأصبح جميع المسلمين بعد ذلك يفعلون مثله. لم 
يكن من الممكن التشكيك باستقامة عمرء بل إِنّه في أحد المواقف عاتب 
كيدا نفس ويرك بأل كان يدا عدا الى درجة أن اللهو والطيش»ء 
الذي كان محمد يتساهل معه. كاك يو قف فدلا حضوو عه بع وقاة مجن 
[وخليفته أبي بكر]. أصبح عمر خليفة للمسلمين وقادهم بعبقريّته لتحقيق 
العديد من الفتوحات العظيمة. 


سرعان ما تجاوز الإسلام كونه عبادة خاصّة وشخصيّة». وأصبح القضيّة 
التي تنقسم مكّة حولها . فقد طلب محمّد من جميع أهل مكّة التخلي عن 
جميع ما يعبدون والالتحاق بالدين الجديدء وإلا فإن الله سيعا قبهم , خحلقت 
هذه المطالة نوفا من العفيلة . على الرغم من أن محمداً لم يكن نظريا 
سوى أحد المؤمنين» لا يمتاز عنهم إلا بتلقيه الوحي وبأنه مأمورٌ بإبلاغ 
الآخرين وإنذارهمء إلا أنه عمليّاً كان يؤدي دوراً أكبر من ذلك. فقد كانت 
روابط الالتزام التي ربطت المؤمنين بمحمد في المجموعة الجديدة تتسم بقوّة 
شعوريّة وأخلاقيّة عالية تتفوّق على روابط التضامن القبلي الهشة في مكة. 
كان مسته يرفيف تسا عو المزدل والعفكر التبرعة للعهاليم الأ علافة 
التي تتضمّنها الرسائل التي تلقّاهاء ومن ثم فقد كانت له سلطة على 
المؤمنين. كان محمّد وأتباعه يُميّزون دوماً بين الوحي الإلهيّ والقرارات التي 
يتخذها هو بنفسه. لسنوات عديدة. كان لبعض أتباعه الأقرب والأقوى 
آراؤهم الخاصّة حول ما يستوجبه الدين الجديد في حالات معيّنة. على أن 
نخدا قل أنيت ,أله يجتلة شتخصتة حكيعمة قادرة غلن اتخاذ قزارات ضائة: 
وعندما بدأت مطالب الإيمان والديانة تتعارض مع المعايير المقبولة في مكة. 
أصبح محمّد بشكل طبيعيَ في موقع القائد للمؤمنين. 

بعد عدّة سنوات من الدعوة في مككة» بدأ الوحي القرآني يسرد تجارب 
الأنبياء السابقين (بخاصّة أنبياء الكتاب المقدّس) مع أقوامهم الذين أرسلوا 


حض 


. وكما هي الحال في الدعوات التوحيدية السابقة.» كان التحذي الولهي 
ا يان الكون الذي يصوّره القرآن هو بالدرجة الكبرى كون 
إنسانى واجتماعئ؛ فمع أن القرآن لا يقدَم تفيوزا عن صيرورة واحدة 
تتكشّف مع مسار التاريخ» كما يفعل العهد العبراني القديم. وعلى الرغم من 
توضيح القرآن في بداية السورة الثانية [البقرة] (حيث يرفض 00 
0 إلا اننا تلمون التغورا و توجوة امصير إلسادي 

اانا في هذه القصص التاريخية. كاذ ]لتو ودين كتف تراس كما 

من المؤمنين». الذين يواجهون خصومهم. وقد كانت قصّة موسى أبررّ هذه 
0 حضورا: ‏ ا ل 0 
ك قبول قريش 58 الجديدة لله يعني ا إضافة إلى القبول بالأوامر 
الأخلاقيّة المفروضة من الله القبولَ بالقيادة السياسية لمحمد عليهم؛ إذ إن 
طبيعة النبوّة» النداء الكونيئّ المفارق المتوجّه لضمير الأفراد» كانت مرتبطة 
على نحو لا يمكن الفكاك منه بعلاقة صلبة مع جماعة مخصوصة من البشر 
لها قائد. 


لم يسمح الطابع القبلي للحياة في مكّة بنشوء مؤسسات بلديّة فضلاً عن 
مؤسسات حكم ملكئ؛ ولذلكء. فعندما كان محمّد يدعو إلى التوبة وإلى 
عبادة إله الإمبراطوريّات العظيمة حول العرب. لم تكن هناك حكومة مركزية 
لتقضي بسجنه أو بمحاكمته كخائن أو محرّضء» أو لتقوم بسجن أتباعه 
وإصلاحهم. بدلاً من ذلك» أخذ العا نين المصلحين وخصومهم شكل 
العداوات والمناورات الشخصيّة. أي عداوة العائلة أو العشيرة ليم ذفن مثل 
هذا الصراع» كان المسلمون, المتوزّعون كأقليّات بين عدد كبير من 

العشائرء في موقف ضعف. وكان هناك قدر ما من الاضطهاد الشخصى. أما 
أتباع محمّد الأضعف. العبيد على وجه الخصوص. الذين لم تكن لهم 
عضييرة تثآر لهم ضدّ من يؤذونهم. فقد تعرّضوا للأذى على يد أعداء السادم 
الاك نحم 1 تقصياء وفي بعض الآحيان تعرّضوا للتعذيب المبرح؛ تعرّض 
محمّد نفسه لألوان من الإهانة التي يصعب على العربيّ قبولها . كان أحد 
0 محمدء افق لعن رن ا مرز المتشددين في محاربة هذه الحركة 
شئة. على أن بني هاشم ككل الذين كان يرأسهم عم محمّد. ابو 


1/ 


طالب» وقموا موالين جيم محمد» على الرغم من أن معظمهم لم يقبلوا 
الا وتوعدو بالقاق من أي شخص يؤذي را الود جا يجيد 
الذين يحظون بمكانة قبليّة ماء اي ان عانواء بطرائق مختلفة 
من خسارة مكلفة بسبب الضغوط الاقتصاديّة» التى لا يمكن الثأر لها بحسب 
قانون الشرف البدويّ. 

عله سكين :من إغلان الذعرةة نذأت مجدوعة كن رحو فا نين سانيا 
بالهجرة إلى الحبشة المسيحيّة عبر البحر الأحمرء حيث كانوا يأملون بأن 
يجدوا (وقد وجدوا بالفعل) ملجأ بين الموحدين. تحوّل البعض منهم إلى 
المسيحيّة وظلوا هناك”*'» ولكنّ معظمهم عادوا إلى مكّة» أو (لاحقاً) إلى 
المدينة» حين استقرٌ محمّد في تلك الواحة. كانت دوافعهم جزئيّاً هي 
الفرار من الاضطهاد. ولكنهم كانوا بتو فون افيا أن شدكلوا قاعدة من 
نوع ماء لخطّة أوسع في عقل محمّد وبي “5ك كان فين الممكن لمدا. هذا 
المشروع ا يكون وك إجراءات محمد السياسية فى محاولة للبحث عن 
حل للمعضلة التي نجمت عن كونه نبيًا. على أي حال» أظهرت هذه 
المغامرة مدى السرعة التي تحوّل بها أصحابه إلى مجموعة مستقلّة تمتلك 
مصيرها الخاص . 

بعل نحو ثلاث سنوات من إعلان الدعوة. وبعدما قثت عشائر فقريش 
الحا ا رص عا احا سب رسيي شت كيك العمشاتر 
فى مقاطعة ١‏ بنيى هاشمء ورفضوا إقامة أي عللاقات تجارية معهم. تحمل بنو 
هاشم هذه الحالة. لسينتي أو ثلاث الو أن يذأت الانقسامات بالظهور داخحل 
فريش »2 فتم التخلي عن هذه المقاطعة. ولك بعد ذلك بقليل, نحو عام 
توقيا طقبط :ا تماد للمساءلة والتشكيلة: وفى الوقت نفسه خسر محمد 

(:) منهم عبيد الله بن جحش» وكان زوج أمّ حبيبة بنت أبي سفيان» التي تزوّجها النبيَ لاحقاًء 
وكان قد هاجر معها إلى الحبشة ثم تنصّر ومات (المترجم). 


: حول المضامين المحتملة للهجرة :إلى البخينية” انظر‎ )3١( 
ا .طق بوءء»ء1! 1ه 7104نترنه انالا ,ااه للا‎ 2 


518 


نذأ محمد باتخاد مجموعة من الخطوات بحثا عن مكان يصلح كقاعدة 

أثبتت زيارة محمّد إلى الطائف فشلها؛ فقد تعرّض هناك إلى الإهانة 
والطرد. وحين عاد إلى مكّة. استطاع بصعوبة أن يؤمّن الحماية لنفسه من 
عائلة لا دنتمي إلى بني هاشم * (التي أضتحت فنما يبدو تحت قيادة أب 
لهب)ء ومن ثم فإن بقاءه في مكّة قد أصبح بحكم المؤقت. وان أن 
ميكهذا فى تلك الفكرة قد عاش فى حالة من الإحباط؛ ومن ثم فقد كان 
مو رس سيم اام اميه ار رار لاد 
50 ل ااه مدينة الأنبياء. ا 55 
هذه الرؤياء المعراج. وجعلوا لها مواقا 6 في اسطورة محمد). ويبدو 
أن إصرار محمّد على مثل هذه الأمور قد تسبب في صدام مع بعض 
أضععا نه وساهم في ارتداد بعضهم عن الإسلام خلال تلك الس 7 
حتى ذلك الوقت» كان محمد يرى بان مهمته موجهة بالاساس الو قومه: 
قريش» كما كانت حال الأنبياء الذين أرسلوا إلى أقوامهم (على الرغم من 
أن جميع البشر كانوا مشمولين بالدعوة» في جميع الأوقات؛ بحكم طبيعتها 
د في حاجة إلى الرسالة: ومن ل ققك رذ محقلا ف دعوةا كر مره 
يستمع إليه في المعارض الكيدفئ حول :مكة: في عام 1 بك د قرا 
من وفاة خديجة. قابل (فى العقبة» » في الحج) مجموعة اسدلميكة فقن يقرت 
(التي ستسمّى بالمدينة المنؤّرة لاحقا)» وهى واحة زراعيّة تبعد نحو مئتى ميل 
شمال مكة. في السنة التالية عادوا بعدد أكبرء ولم يكتفوا بإعلان إسلامهم. 
بل تعهّدوا بطاعة محمّد في كل الأمور النافعة التي يأمر بها. وفي عام 
؟157» جاء ستة أقيفات عددهم للتأكيد على تعهدهم. وبايعوا محمد 
وأصحابه على الحماية إذا جاؤوا إلى المدينة. في السنة نفسهاء. بدأ محمّد 
بإرسال معظم أصحابه. أكون شعي كحضا واحدا تلو الآخرء إل 


() حيث دخل مكة في جوار المطعم بن عدي وهو من بني عبد مناف؛ أبي هاشم (المترجم) . 
(*#*) روى الحاكم في المستدرك عن عائشة وهنا : : الما أسْرِي بِالئِّيْ لي إِلَى المسجد الأقصى 
أصبّح يَتَحَدَّثُ النّاسُ بِذَلِكَ قَارْدَ نَاسٌ مِمّنْ كَانَ آمَنُوا به وَصَدَفُوهُ. :' »٠‏ (المترجم). 


احلضل 


واي ذهب بنفسه إلى هناك (يطلق على هذه الرحلة بالعربية اسم 


ازدادت الضغوط على المسلمين في السنة الأخيرة» وكان ثمّة جهود 
لمنع محمّد من المغادرة عندما أدركت قريش عزمه على الهجرة؛ وهو ما 
يفسّره المسلمون بأنه خظة كانت تهدف إلى قتل محمّد. تمكن محمّد 
ومرافقه أبو بكرء من الهرب ليلاً واختبآ في كهف إلى أن قراخ العف 
عنهما (كانا انئذ يخوضان مغامرة مجهولة العواقب» بعيداً عمن يحميهم في 
مكة؛ وقبل وصولهم إلى المدينة). ثم أكملا رحلتهما الطويلة سرّاء إلى أن 
وضلا إلى 'فشازقة السدينة» يك وجذا الموسين المحليين بانتظارهم. 
فاستقبلوا ةا زعيماً لهم . 


الم تحقق الاستقلال 

بالنسبة إلى سكان المدينة» كانت هذه الخطوة حلاً لمواجهة المشاكل 
الضاغطة على حياتهم. فقد تطوّرت المدينة كواحة زراعيّة (تزرع فيها التمور 
على وجه الخصوص) على يد القبائل اليهوديّة العربيّة. وفيما عدا الجزء 
المتعلّق بالدين» كانت هذه القبائل تحمل الثقافة ذاتها التى يحملها بقيّة 
العرب» على الرغم من أنَّ أوائل المهاجرين من هذه القبائل قد قدموا من 
الشمال» وكانوا في الأصل من سكان سوريا المتحدّثين بالآراميّة. ٠‏ مع تبني 
اليهودية تم إرساء نظام جيد ومستقر من خلال القانون اليهودي . في الأجيال 
الللاحقة. 0 بعض القبائل الأخرف في هذه الواحة» وحافظت على 
وثنيتها ولم : تعتنق اليهودية. على أن نظام الشرف البدويّ قد جر هذه القبائل 
المستقرة إلى حالة من الصراع المحتدم؛ في زمن محمّدء اصطفت هذه 
القبائل في معسكرين متنازعين» الأوس والخزرج» ووصلت النزاعات بينهما 
إلى طريق مسدود إلى درجة أن المرء لم يكن يأمن على نفسه خارج حدود 
قبيلته. وبحكم عيشهم وسط القبائل اليهوديّة» أدرك وثنيُو المدينة طبيعة الدين 
التوحيديّ واحترموه بلا شك. وهكذا رأى الكثيرون في رسالة محمّد فرصة 
لاعتناق دين توحيديّ خاص بهمء سيّقدّم لهم نوعاً من التأييد الأخلاقي. 
وسيّقدّم لهم أيضاً قائداً منصفاً يمثّل هذا النظام ويطبّقه» ويكون بمثابة 
المحكم في هذه الصراعات المسدودة الأفق. وهكذا أصبح أهل المدينة 


0 


جزءاً من الجمهور المستعنل لتقبل الوحي الجديد. فحتى أولفك الوثنيون» عير 
المهتمين بالدين الجديد» كانوا سير حبون بوجود محكم نزيه ومحايد لاستعادة 
السنلاه 1 


بالنسبة إلى محمدء لم يكن الانتقال إلى المدينة مجرد عر من حالة 
الاستضعاف التي يعيشها هو وأصحابه في مكة؛ بل كانك اظيا فرصة لبناء 
0 حياة اجتماعية جديد» وهو الأمر الذي بات الدين الجديد خطلية كتقو 
وأكثر. فعبادة الله الخالق تتطلب في المقام الأوّل الإخلاص الشخصي للنقاء 
الأخلاقي؛ ولكنّ النقاء الشخصي يتضمّن السلوك الاجتماعيّ العادل: 
الإحسان إلى الضعفاء وكبح بطش الأقوياء. إضافة إلى ذلك» فإنه من المؤكٌد 
بأن السياة الأضنةف: للجد ل كداق بالدعة الكوى دونه على قاد 
قرارات جيّدة» بقدر ما تتعلّق بمستوى التوقّعات الفعليّة حوله. ومن ثمّء فإِن 
المطلوب هو إصلاح المجتمع ككل وليس إصلاح مجموعة من الأفراد. فقد 
أوضح القرآن بأنْ هذه الطرائق الجديدة لا تختصٌ بمجموعة من الأبطال 
الأخلاقيين» وإِنما هي طرائق صالحة لجميع البشرء وذلك عبر تأكيده على 
الشاكة عن بحرن 1ل حر هري لطبل مشا زه عع من ا رونا القفيل 
لأنفسهم . إذاً لا بن أن تعا شن الحياة الجديدة على مستوى المجتمع ككل 


كان ذلك يتطلب ما هو أكثر من الوعظ بالحسنى؛ فقد بات من الواضح 
نآن التسلهين لا يمك أن يقشعو بآنايكونوا فجده مجموعة مه الأفراد 
المتشمية عن مجتمع يقوم على مبادئ معاكسة ومناقضة لمبادئهم. فعاجلاً أو 
آجلاء كان تحدّي القرآن مقترناً بضرورة إقامة كيان سياسي عادل» بوصفه 
الامتداد والسياق الطبيعي الذي يتطلبه النقاء الأخلاقي الشخصي. من 
الواضح بناء على ذلك بِأنْ الوثنيين لا يُمكن أن يبقوا على الحياد في وجه 
متطلبات هذا التحدذي على المدى البعرك.. فانا كانت الظروف الشخصية» لم 


: حول ظروف المدينة والعلاقات بين اليهود والوثنيين» انظر‎ )١١( 

01.4 ,10702611671 11714 35/122671 ,رقا32115 لاع الآ نز ** ه151 معلل 701 2سصنلء11'' ,لمعمنتج طلاء17آ دنانانال 

ولكنّ تأكيده على أن معظم اليهود قد جاؤوا من فلسطين يبدو لي رأياً قائماً على افتراضات 
عنصرية ؛ فصحيحٌ أنَ التحوّل إلى اليهوديّة كان يعني قطيعة حادّة مع التقليد البدوي أكثر من التحوّل إلى 
المسيحية. ولكنّ أحفاد هؤلاء المتحؤلين كانوا قادرين على التمسّك بعادات الحضر المستقرين 
وبالتعاليم التلمودية فعا 


لض 


تكن فريش الوئنية لتقبل أو كماع بم حركة تهاجم مبادئ نظامها الاجتماعي 
و شكل بديلا من القانون الأخلاقي للسلوك وللسلطة الاجتماعية انها 
ومن ثم م فإن بقاء المسلمين كأقليّة في مكّة كان دان مسدود الأفق في أفضل 
الأحوال. 


مع الوقت». أصبح محمد وأصحابه في مكة بمثابة تشكيل قبلي جديد 
0 هذا المستوى. هناك العديد من التماثلات والتشابهات مع ما حدث 
عندما جمع قصيّ بن كلاب قريشاً في المرّة ة الأولى). احتفظ كل رجل بولائه 
الموروث لعشيرته؛ ولكن (وهنا الاختلاف عن تجربة قصيّ بن كلاب) أصبح 
للمؤمنين ولاءٌ أعلى للمجموعة الجديدة» وهو ولاء لا يقوم على الروابط 
العائلية والقبلية+وإنما على. قيولالأفراة: بالإيمان الذى يلاعو إليهفيحمد. 
اتكديل بحكد 12ل تله دوسق هن" متصموفة اللعقيدة: وف كله 
كانت تستعمل بالأساس لوصف الجماعة البشريّة التي يرسل إليها النبىّ 
(كالمكيين)» ولكنها باتت تستعمل الآن لوصف الأفراد الذين استجابوا للنبيّ 
وشكلرا محكيعا ديد معه. في أثناء نقاشه مع المسلمين القادمين من 
المدينة» طالب محمّد بسلطة صريحة على المجتمع الديني» وهو ما كان قد 
طالب بعد بمثل هذه السلطة على غير المسلمين» إلا أنْ الاستقلال السياسيٌ 
للعساموة أتاح لهم أن يُقيموا درجة من التوقّعات الاجتماعيّة بينهم. وبحكم 
دوره ك حاكم (مُحكم وقاضي) بين أهل المدينة» حتى من غير المسلمين» 
فقد كان محمّد قادراً على نشر الروح الجديدة خارج الأمّة بالمعنى الدقيق» 
حتى قبل أن ينصهر جميع سكان المدينة في الجماعة الإسلامية. 
امتازت حياة الأمّة الجديدة بانتشار الروح الأخلاقيّة الجديدة» القائمة 
على العلاقة الفرديّة بالله» التي يتم الحفاظ عليها (كما ينبغي في جميع 
المعايير الأخلاقيّة» ربما باستثناء حالة «الأخلاق الرياضية») عبر وجود 
توقّعات مشتركة سائدة بين المجموعة ككل» ووجود شكل لحياة المجموعة 
المشتركة. كانت هذه الروح الأخلاقيّة متعارضة مع التوجّه الأخلاقي للحياة 
البدويّة الرعويّة ومتعارضة أيضاً مع الحياة الأخلاقيّة للبدو الوثنبيين 
المستف و فتلك الأنماط الأخلاقيّة كانت نكيكة وتؤككد.ء فوق كل شيء» 
على الفخر والشرف الفردي والجماعي؛ الفخر بالنسبء والفخر بالثراء 


فض 


والقوّةء الفخر الذي يُمكن أن يقود إلى دائرة لا تنتهي من الانتقام والثأر 
الوحشىي» وإلى السعي المحموم والمتهوّر والمتمركز حول الذات نحو 
الغايات الخافية:.وصص الاتتخاس الذين نينا لفشلوة نوغ اخ ند 
الاستجابة للحياة» كانوا ينجرون إلى هذا النمط بحكم سيادته في الوا 
العام» الذي يرى في الثأر الوسيلة العمليّة الأنجع لتحقيق العدالة» والذي 
يمجّد المتع الفانية من شرب الخمور وممارسة الجنس لنسيان تفاهة 
ولاجدوى الحياة التي سيذروها الوقت ويمحو معالمها التراب. 


صوّر الإسلام هذه التفاهة الهوجاء للرجال على أنها نوع من الجحود 
الجاد لتنفيذ أوامر الله بالحياة الطاهرة والنقيّة. وفي مقابل مبدأ الانتقام 
المحموم. دعا الإسلام إلى ضبط النفس والهدوء والرحمة. لا شك بأن 
الحكماء من البدو قل دعوا إلى بعض هذه الفضائل ومدحوهاء. على الرغم 
من أنهم لم يتناولوا في حديثهم ضبط الشهوات الجسديّة والاعتدال فيها؛ إلا 
أن النبرة كانت مختلفة على اية حال. عرر الإسلام في حيأة المجتمع 
الفضائتل الإلهيّة» وقدّم بدائل أكثر عدالة من الانتقام والثأر المستمرّء ومحا 
كل القناعات التى كانت تدعم ما بات يُعتبر رذيلة في المجتمع الجديد. 

تم تلخيص هذه العباينات والاختللافات في مجموعة من الكلمات 
المفتاحيّة. فالغفلة عن الله وصفت ب«الكفر): الجحود والإنكار. وحل 
القديمة تحت شعار «الجاهلية». لتحل محلها الثقة والإخلاص لله: الايمان. 
يتوافق مع الإسلام» وأصبحت الجاهليّة مصطلحا تاريخيًا يدل على الفترة 
السابقة لظهور الإسلام”"'"'. وكما كان النظام الأخلاقي القديم. فإنَ النظام 
الجديد لم يكن مجرّد مثال أخلاقئ أعلىء. وإنما كان معياراً فعّالاً للبيئة 

() حول العلاقة بين الروح الأخلاقيّة للعرب الوثنيين والإسلام» انظر: 
211 1]) :ا 1ل لاا 16[ 0047::15 77716 لا ,معطاج 010 2 :112 ”,1012 2110 1/1121015/12'' ,تعط ج0010 ج2همع1آ 


46 ,لا1211]5 معلتطنطده1 320 ,4 ,3 ,111 .مقطء 20 41 11/10477171:064 1/4 ,أنه11 :1 .701 ,(1889 ,ععتزع ص نار 
.( 1959 ,لاكتواء كلولا مأعكا :0لإمعله'1) جمدم 116 ازا كسصع 1 امعتطاط “زه ءلتاء 511 


يفف 


بعد أن تمٌّ فك ارتباط أمّة المسلمين عن العشائر والقبائل المكيّة 

كاف الامة وعفلة شيا سه خاصّة بها؛ وفي البداية اتخذت أُمَةَ المسلمين 
ايها فلا . في المدينة. تم م الاعتراف منحيين قاكذا للمسلمين» سواء 
المي القادمين سِ مكة (المهاجرون) أو لمسلمي المدينة (الأنصار). كما 
أنْ محمداً كان يا : بين المجموعات الاجتماعيّة المختلفة في المدينة. ٠‏ تم 
تأسيس هذا الدور من خلال و ثيقة (يطلق عليها اانا اسم «دستور المدينة» 
تفخيما لها).» وقد نصّت الوثيقة ثبقة على الواجبات المتبادلة بين العشائر المقيمة 
ضّ المدينة» وقد شملت الوثيقة كل سكان المدينة من خلال ولاءاتهم 
النباتاتر بولكق دووقا الأساسسق افى البدارة كان بين (المسامين ).ونا لا حصن بين 
المكيين. كان المهاجرون يفتقرون إلى الموارد عندما قدموا إلى المدينة ؛ 
ومن ثم فقد كانوا ضيوفاً عند الأنصار الذين قام محمّد بالمؤاخاة بينهم وبين 
المهاجرين على شكل أزواجء اثنين اثنين. وعلى الفور تقريباًء بدأ محمّد 
إرسال المفاخرين. فى لات المهاجفة القوائل التخاري» المكية. 


كان الغزو عمليّة معتادة ومعترفاً بها بوصفها وسيلة للقبائل العربيّة الفقيرة 
للتعويض عن حرمانها من ثروات القبائل الأكثر ثراءً. وبمغادرة المهاجرين 
من مكةء. كانوا قد تخلوا عن روابط الحماية التي تربطهم بقبيلتهم ؛ ومن ثمء. 
فإنهم بهذا المعنى قد شكلوا قبيلتهم الخاصّة؛ وبالتالي فإن عليهم أن يغزوا 
(إن استطاعوا) أولئك الذين لم تعد تربطهم بهم أيّة معاهدات موثو قة :- .غلئن 
أن معدا كان شعن على الرغم من ذلك» بن هذه الخطوة بحاجة إلى 
تبرير من ناحية التوجّجه الأخلاقي الجديد؛ ومن ثم فإنّه قد أكد بأن قريشاً لم 
تكتفي برفض الدخول في الإسلام وحسب؛ بل قامت كا بمعارضة النظام 
الإلهيّ وباضطهاد المسلمين والتدخل لمنع الممارسة العلنية للشعائر 
الإسلامية. إذا لم يكن الأمر مجرد مظلمة شخصية للمهاجرين» بل كاد قضيه 
عامّة تتعلّق بمصير الآخرين؛ من الصواب أن يقاتلوا قريشا إلى أن تتوقف 
عن منع المستضعفين من الدخول في الإسلام. 

عملبّاً. كان هناك دافعان أساسيان لشنّ هذه الحمللات العسكرية؛ وهما 
دافعان يميّذان هذه الحملات عن حملات الغزو العربي التقليديّة : أوّلآَء كإنت 
هذه الحملات وسيلة مهمّة إن لم تكن ضرورية» ليتمكن أصحاب محمّد من 
تحقيق استقلالهم الاأقتصادي في المدينة؛ الذي ستبقى الحياة والنظام 


عض 


الاجتماعي للمجتمء الحديل: ذونة عشتان وآيلتان إلى الإنهيار. (ربما أيضا 
كان لهذه الحمللات» حين تصبح فعّالة» أن 5 عن مشاعر أهل المدينة. 
الذين ممنعوا منذ ذلك الوقت من النزاعات القديمة بينهم؛ وإن كان من 
المشكوك به بالطبع أن يكون هذا العامل دافعاً مستقلاً في فكر محمّد). 
ثانياء كان لهذه الغارات هدف تحطيم كبرياء فريشن» ربما تارقم بالعقاب 
الإلهي. أو كجزء من هذا العقاب. كما ظهر جلي من خلال أوامر القران 
نفسه بالقتال. يوا ادي :معان عدف عن تكروب ليان :لون 
وإجبارهم على الاعتراف بأن الإسلام سالة أكثن :هنما يعتقدون» وأن عليهم 
أن يصلوا إلى تفاهم معه إذا أرادوا البقاء في الحاضر. 

لع :تكن أولى الحملات العسكريّة ناجحة. وتحقق أوّل نجاح عسكري 
مع سريّة صغيرة هاجمت قافلة خلال الأشهر الحُرم» في منطقة نخلة قرب 
مكةء فقتلت رجلاً وسلبت غنائم القافلة. ليس من الواضح ما إذا كان محمّد 
مسؤولاً مباشراً عن انتهاك الأشهر الحُرم» ولكن من المحتمل أن يكون قد 
توقّع ذلك”*". تحوّلت الحادثة إلى فضيحة في المدينة» ولم تستقرٌ الأمور إلا 
عن نروك الوحي القرآني الذي أكد على خطأ انتهاك الأشهر الحرم» ولكنه 
اه عن أن اظيا المعلقين تخطلق كر تيرق هنا الالعياك البق 
/١١؟].‏ حينها سمح محمد بتوزيع الغنائم. عمقت هذه الحادثة الفجوة بين 
المسلمين وقريش» وبين المسلمين ومجمل الثقافة العربيّة الوثنيّة» وبالأاخص 
مع النظام المكيّ» الذي تعد الأشهر الحرم أحد رموزه الأساسيّة. بهذه 
الحادثة» تم التأكيد أيضاً على سيادة الإسلام فوق جميع الأعراف والعادات 
القديمة؛ وهو ما كان يعني أنه لا يجب الحفاظ على أيّة رابطة أو صلة 
بالمجتمع الوثنيّ؛ في المجتمع الإسلامي» ما لم يؤكّد الإسلام عليها 
ويعترف بها صراحة. في السنوات التالية» تم تطبيق هذا المبدأ باستمرار. 
فمهما كانت الجرائم التي ارتكبها المرء» حتى لو كانت ضدّ الإسلام» فإنّها 
سمحى كلها في اللحظة التي يعتتق فيها الإسلام: وب اد اللي ١‏ لحن 
أن يُعاقَبِ على ما صدر منه في السابق» فإنه كذلك ١‏ لن يعود قادراً على 


(*) قال ابن إسحاق : فلما قدموا على رسول الله قال: «ما أمرتكم بقتالٍ في الشهر الحرام 6 
فوقف العير والأسيرين» وأ بى أن يأخذ من ذلك شيئاً . فلما قال ذلك رسول الله علب - أسقط في أيدي 
الوم وظنوا أنهم قد هلكواء وعتفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا (المترجم) . 


حيرض 


هاده من أي متعلقات أو ا وا ا فقد كان يحتفظ 


فإنَ أَمةَ الإسلاء كانت قل علقت استقلالها 0 


ربما نُظر إلى قبول محمّد للنجاح العسكري في سريّة نخلة» على الرغم 
رد رنود أتباعه في ذلك. على انه علامة على شجاعته واتساقه. من دون 
ترددء مع مضامين رسالته ومهمّته في كل الحوادث والحالاات. فلو ساوم 
محمد في هذا الموقف. أربما كلا في قللك فرع من المت بن ويم الات 
الناشئة إلى اتج عبد رودو ديا لاسر القبائل الأخرى في إطار 
أخلاقي وثني مشتر مكترك.. .لقن أظهر محمد .هذا الوضوح وهذه العقليّة المتفرّدة 
الكقير وق العتقرئة ...وفي الوقع بيه بوضدت المعضلة اذاه جين 
محمّد في هذه الحادثة تعبيراً صلباً عن نفسها. فمن خلال شخص النبي» 
كنض الحقيقة البمعا وف تا إلى ضيبا لجال والتساء عير تتستدها نن 
أعمال وعد م إنساني متجسد. والذي كان محزودا بظروف ا 
ومن ثمّ فقد أصبح لها آثار ونتائج عمليّة. ولكنّ سريّة نخلة لم تكن ببساطة 
قطيعةٌ مع أحد الأعراف الخرافيّة به التي يقدّسها الوثنيّون من دون أن تكون 
متسقة مع الحقيقة الكبرى الجديدة [التي جاء بها الإسلام]. ولما لم تكن ثمة 
إشارة سابقة أو إعلان يُشير إلى أن المسلمين لن يحترموا الأشهر الحرم» فإنَ 
هذه الحادثة كانت فعلا صريحا من الغدر الذي تقبله محمد. وريما كان 
جيرا عن تقتله نوصيفة: متاهيرة للتاكية علن الانغتلال الأخلدفن 
للإسلاء””" . ١‏ 


حت توسيى كان بناتيا جديدا 
بعد نجاح سريّة نخلة» تشجع عدد أكبر للمشاركة فى الحملة التالية» 
وشارك فيها أيضاً عدد كبير من الأنصار. تمكنت القافلة التى توجّه المسلمون 
لغنمها من النجاة. ولكنْ المقاتلين» الذين يبلغ عددهم نحو إلا مقاتلاً: 
(7) حول المضامين الأخلاقيّة لسريّة نخلة» انظر: 


,1.3 .صقطء ,(1956 رؤوعء؟ 102117615117 4 :071010) مانو 1/1 21 7141/107:1:104 ,71/21 معمرمعناه 87/110 
2 220 


ولكنّ حرمة الأشهر الحرم لم تكن بالطبع مجرّد مسألة تتعلّق بخوف خرافي من العقاب. 


غضض 


وجدوا أنفسهم عند بئر بدر في مواجهة قوّة خفيفة من مكة تبلغ ضعف 
عددهم على الأقل. تمكن المسلمون بفضل قيادة محمّد الجيّدة» وانضباط 
المقاتلين» إضافةً إلى الروح الحماسيّة العالية بينهم؛ من تحقيق انتصار 
ساحق. تم م قتل عدد من قادة قريش.» خصوم الإسلام». إضافة إلى :فقتل وأسر 
عدد كبير من المكيين. اعتبر محمّد بأن انتصار هذه الفئة الصغيرة على هذا 
العدد الكبير المجهّز هو نتيجة لتدخل إلهي . وقد كان ذلك بمثابة تأكيد على 
استقلاليّة المجتمع المسلم وقدرته على البقاء» كما كان أيضاً نوعاً من تحقيق 
الإنذار بالعذاب الذي توعد ل به. في السنوات التالية» أصبح الأشخاص 
الذين حضروا غزوة بدرء - الانتصار الأوّل للإسلام كجسم منظم ‏ بمثابة 
طبقة النبلاء ذوي الشرف بين المسلمين. فربما تأثر من دخلوا في الإسلام 
بعد بدر بنجاح الإسلام. ولكنّ المسلمين الذي قاتلوا يوم بدر كانوا قد 
دخلوا في الإسلام في وقت ضعفهء وعاشوا في ظلّه في أيام الشدّة. 

نل ذلك الوقثأة.بات: على العرب» بنغخاضة البدؤ»: أن يتعاملوا مغ 
المسلمين بوصفهم تحذّياً جدّياً وبوصفهم الورثة المحتملين لمكانة 2 
وذووها المساسة: و وا بار ا ار يا مان 
القبائل البدوية التي أثبتت ت عدائيتها تجاه المسلمين؛ وبذلك فقد كسب المزيد 

من الغنائم وبات أكثر حرية في مواجهة فريش. وخلال السنة التالية تمكن 
من الاستيلاء على قافلة كاملة من قوافل قريش . منذ ذلك الوقت فصاعداً. 
كان النشاط الرئيس للمجتمع هو الغزو والقتال» وتوسّع بذلك نفوذ المجتمع 
(ولاحقاً تزايد عدد الداخلين في الإسلام). احرف سلسلة المعارك في النهاية 
وإن لم تنته باستسلام مكة نفسها . 


بعد بدر مباشرةء نفى محمد بني قينقاع من المدينة. كا عدا عرفا 
اعكرافا نا للحي وادوها من الا عوادات: لاخعرا ر نه المفا فيه كنب د 
العديد من الأتباع بين القبائل الوثنيّة؛ وأقام سلطته الأولى في مناطقهم في 
المدينة. ولكنٌ معحيدَ] كان يتوقع دما بن الموحدين. المسيحيّين واليهود. 
يحب انارو حيو ووب اله وان يدعجوه ارا الله تين الو لين دو ل1 4 مقلننا 
ميرفض السك الجاد ادكره التوعية الا ران مع رد هن نمدا الكحيدة فان 
البفوة أيضا لا حكن الوا بالتوحيد الكونيّ الذي لا مجال فيه لتاريخهم 
كجماعة مختارة من البشر. إضافة إلى ذلك» فإِنْ روايات محمّد لم تكن 


يغض 


متسقة مع القصص التوراتيّة والتلموديّة والمسيحيّة» وأحياناً كانت مختلفة 
الملامح عما تورده الكتب المقدّسة, الأمر الذي صَعَّبَ على حَمّلة هذه 
الكتب احترام رسالة محمّد. لم يكن هناك ما يشبّعهم على تأييد محمّد 
كنبيَ» حتى في مواجهة جيرانهم الوثنيين. 


حين وجد محمّد بأن يهود المدينة ينكرون نبوّته ويزدرون رواياته 
للقصص التوراتيّة» بات محبطاً للغاية. وفوق ذلكء بات مُهدداً. فبوصفهم 
مفسّرين للتوحيد»ء كان اليهود يمتلكون أقدميّة لا شك فيها على المسلمين». 
كما أنهم كانوا محل احترام داخل المدينة. وبات من شأن أيّ خطأ قد يقع 
فيه محمّد أن يجعله في موقف يصعب الدفاع عنه. ما دام اليهود يتحدّون 
سلطته. من بين مجموعات اليهود الصغيرة الكثيرة» كان ثمّة أربع عشائر 
مهمة 0 أو جميعهم من اليهود؛ اثنتان منها كانتا تمتلكان 
أفضل بساتين التمور في الواحة» في حين كانت الثالثة» بنو قينقاع» تضم 
مجموعة من الحرفيين والتجار في السوق الذي بع وسط المدينة . ل هذه 
العشائر الثلاث يدا كَمتلك يوقي قويًاً يؤهلها أن تبقى بمعزل عن ترتيبات 
محمد الجديدة. استغل محمّد وقوع مشاجرة بين بعض المسلمين وأفراد من 
بني قينقاع (وقد صادف بأنْ المسلم كان هو البادئ بالعنف)». فقام 
بمحاصرتهم فى حصونهم إلى أن وافقوا على مغادرة المدينة مع أملاكهم 
على أن يتخلّوا عن أسلحتهم. (كان نفي العشائر:أو هجرتهاء سواء إلى 
مناطق قريبة داخل الواحة أو إلى مناطق بعيدة عنهاء أمرأ شائعا في الجزيرة 
العربيّة وفي المدينة على وجه الخصوص. نتيجة للتوترات بين الجيران). 
هكذا تحرّك بنو قينقاع» بنحو مئتي رجل بالغ إلى المستوطنات اليهودية في 
الشمال. 


عزز نفي بني قينقاع من هيبة محمد داخل المدينة» تلك الهيبة التي 
تحصّلها عقب انتصاره في بدر في مواجهة قريشء» والعرب بالعموم. ولكنّه 
لم يتوقف عند هذا الحدّ. فمنذ تلك اللحظة فصاعداًء لع يقد لخم رز بسن 
قبيلة جديدة وحسب» وإنّما كياناً سياسياً (نادم) أكثر تطوّراء يندزج فيه 
المسلمون وغير المسلمين على الاين حياتهم الاجتماعيّة المشتركة. وبينما 
كان اتباع قيادة محمّد أمرا لا يزال طوعبًا واختيارياء إذا ما استثنينا 
المهاجرين على الأقل» على الرغم من أنْ بعض المسلمين» من وقت لآخر. 


لضن 


كانوا يرفضون اتباع أوامره. فإن موقعه كمحكم عام قل تعزز وترصسخ بدرجة 
كبيرة. فقد أصبح محمّد هو المتحدّث باسم المدينة دون منازع. كان منافسه 
الوكين بين أهل المدينة هو عبد الله بن أبيَ [ابن سلول]» الذي حاول أن 
يتوسّط لبني قينقاع» محم جما ردكا للغاية. شكل الإسلام منذ ذلك الوقت» 
بقيادة محمّد»ء المجتمعَ الحاكم في المدينة» ووجد المعارضون أنفسهم في 
موقع من يُتسامح معهم في أفضل الأحوال. لا نعلم في أي وقت تمّت 
إضافة أي بنود جديدة إلى «دستور المدينة»» ولكن من المتوقع بحكم طبيعة 
تللق الدهعهلة يا نامف تيو مها تنددا فين أذ تساعة المسلحون: انا هه 
الكمار في مواجهة المسلمين الآخرين. 

لم يكن كل من أعلنَ دخوله في الإسلام مخلصاً في إسلامه؛ فقد أصبح 
عبد الله بن أبيَّ زعيماً لمجموعة أطلقٌّ عليها محمّد لقب «المنافقين"» وقد 
تسبيك هذه المججوغة بالكتير من المتاعب لبعنة؛ ولكنه لم يعط لهذه 
المجموعة الفرصة للانقلاب عليه والتحوّل ضدّه علناً. فقد أصبح من المتوقّع 
0 ذلك الوقك يان تحول كل مد كانوا تيسن الى الإسلامء كما بات 
متوقعا من اليهود أن يعترفوا بسيادة المسلمين. في تلك الأثناء. كان موقع 
السوق قد أصبح شاغراً ومُهيّأْ ليشغله المسلمون المكيّون» الذين اكتسبوا 
بذلك موقعاً اقتصاديًاً أفضل . 

ظهر الموقف الجديد بجلاء ء في ميدان العبادة. ففي أثناء النزاع مع 
اليهودء بات واضحاً بأنْ الإسلام ليس متمايزاً عن الوثنيّة وحسبء 0 : 
يشكل أنشا داخل التقاليد التوحيدية. نظام دينياً مستقلا : يتشابه فى بعضص 
النواحي مع اليهودية والمسيحيّة» ولكنّه يتمايز ويختلف عنهما. فحتى ذلك 
الوقت» كان محمّد يتوقع بأن يلقى الدين موافقةً وإقبالآً من اليهود (على 
سبيل المثال» من خلال الصلاة نحو بيت المقدس ومراعاة شعيرة الصوم). 
ولكنّ العبادات الإسلاميّة بدأت تأخذ شكلها الواضح. فبحكم معرفته بأن 
إنزاغيم هو الأت«المتفرك للاسراقلبيق والاسهاعليين العرية» اكد معيد 
أن إبراهيم كان مخلصاً ومؤمناً بالله» على الرغم من أنه لم يكن يهودياً ولا 
فبميك + إد إنه عاش فقيل موس عست . ومن ثم فقد اعتبر محمّد بأن 
عبادته مشابهة لعبادة إبراهيم . 


نبع هذا القرار من مبدأين اثنين واضحين في القرآن. الأوّل هو مبدأ 


هف 


عبادة الله وحده. فالدين الخالص يجب ألا يقيّد بأيّة قيود جماعيّة ضيّقة؛ 
تماماً مثلما لم يكن إبراهيم مرتبطاً ؛ بشيء. أعلن محمّد عن نفسه كنب أمْي. 
أن انه شين ابمن امس لويم كان مقا ابن لا يمون إلى مد 
المجتمعات الدينيّة المكرّسة) [وهذا المبدأ الثاني]. كان ذلك يعني أوَّلاً كونه 
عربيا ممكن : أنه عربيّ ولكنّه يحمل مجموعة أخرى من المضامين والمعانى 
أ ل ل لت 0 . المجتمعات الك 
الذي كان وفيا هاما لشخص مفكر بدأ مهمّته 5 بدو الجزيرة العربية. 
هو إيجاد مجتمع يرفض حصرية المعقعات القديمة ويعود إلى الينبوع الأوّل 
للتقاليد التوحيديّة. نظرياً: فإِنّ العبادات/ الديانات كلّها متساوية» فحيثما 
يولي الإنسان وجهه فثمٌ وجه الله. كما يُشير القرآن. فالدين والعبادة قد 
تأسّسا للاستجابة لاحتياجات الإنسان؛ والمهمّء كما يؤكد القرآن مراراًء هو 
قبول المرء لله» وعدم خضوعه لأيّ كائن دونه (كما يظهر في سورة الأنعام, 
آية ١١‏ وما بعدها). يتوضح هذا الموقف تجاه أيّ تشكيلة معيّنة من 
العبادات أو القوانين من خلال تأكيد القرآن على أنْ الأديان السابقة كانت 
متكيفة مع احتياجات أقوامهاء وفوق ذلك بأن الله حتى في هذا الوحي 
الجديد» يمكن أن ينسخ آية من القرآن ويبطل الأوامر المتضمّنة فيها أيضاًء 
ثم يضع آية أخرى أنسب منها محلها. 


ولكن» ما إن يستقرٌ الأمر القرآني» حتى يُصبْح أمراً مُلزماً لا يُمكن 
لأتباع المجتمع الجديد تجاهله. وعلى المرء ء أن يكون في مجتمع مهتدٍ لكي 
يعبد الله بطريقة وححة: أنيك استقلال النظام الديني المكي» والمركم 
المركزي فيه للوله الخالق» اللهء بأنه نقطة الانطلاق التي بدأ منها التأويل 
الجديد للتوحيدء الذي يُمكن له أن يتجاوز الانقسامات الجماعيّة للتقاليد 
التوحيديّة القديمة بطريقة عمليّة وملموسة. دائماً ما كان يُفترض بأنَ إبراهيم 
وإسماعيل هما من بنيا معبد الإسماعيليين العرب» الكعبة في مكة» التي 
كالقاقالن مكرّسة لعبادة الإله الحقّ؛ ومن ثم فإِنْ أصنام القبائل كانت 
تدنيساً لحرمة هذا المكان. وقد كان أحد الأحجار المقدّسة بالقرب من 
الكعبة ‏ فى ذلك الوقت أو لاحقاً - مخصصاً لإبراهيم 3 إبراهيم). كانت 
حركات الركوع والسجود في العبادة الرسميّة (الصلاة) تَؤْدّى ثلاث مراك في 
اليوم على الأقل بانتظام. في موقع الصلاة (المسجد)ء. عند بيت النبيّ. أما 


رفن 


الآنء فقد ظلب من المسلمين أن يؤدّوا هذه العبادة وهم متجهون إلى الكعبة 
له إل نفيك المعدمو» كا عدكو | ستطلعورن أيفيا لممارسة الحجّ في المناطق 
المكية» بوصفه عير تعود إلى إبراهيم . كما نذأت غناضر العنادة + نشكق: "شخ 
تجربة المجتمع الجديد نفسه. هكذا أصبح شهر رمضان - الذي يقال بأن 
القرآن قد نزل أوّل ما نزل فيهء والذي شهد انتصار المسلمين في غزوة بدر - 
شهراً للصيام بدلاً من وقت صيام اليهود. كان الإسلام قد بدأ يكتسب 
استقلاليته الشعائريّة والطقوسيّة عن التقاليد التوحيدية السابقة 


كافك امسن المجتمع الجديد هي العلاقات الجديدة بين البشر والله 
وبين البشر والبشر. ولكنّ تماسك المجتمع كان يعتمد على موقع النبيَ 
المركزيّ؛ كان موقعه أساسيّا وفريداً ولا يُمكن الاستغناء عنه. كان زعيم 
القبيلة عند العرب». بحكم سلطته كقائد في الحربس». وبحكم كونه أيضا 
مسؤولاً عن مجموعة من الالتزامات التي تحافظ على موقع قبيلته وشرفهاء 
يتلقّى ربع الغنائم التي تنالها القبيلة في الغارات. وبحكم كونه في موقع 
مشابه» كان محمّد يتلقّى خمس الغنائم» وكان يستعملها لتلبية احتياجات 
المجتمع الجديدء كمساعدة الفقراء وتأليف قلوب المتحوّلين الجدد إلى 
الإسلام» إضافة إلى إنفاذ القانون الذي كان صاحب سلطة مطلقة فيه. ومثل 
زعماء القبائل الكبيزة:الأخرى» الذيق كاترا يمعلكون غندذا كبيرا سن 
الزوجات» كان مسموحاً لمحمّد أن يتزوّج عدداً كبيراً من النساء في الوقت 
نفسهء علداً أكثر من أربع» وهو العدد الذي لا يجوز لأتباعه أن يتجاوزوه. 
يبدو أن محمداً قد استعمل الزواج كأداة لتقوية علاقاته السياسيّة» ومن ثم 
فإن هذا الامتيازء مثل امتياز حصوله على حُمس الغنائم» كان امتيازاً سياسياً 
بالأساس (كانت واحدة من زوجاته فقط عذراء حين تزوّجهاء وهي عائشة. 
ولا توجد أي حالة من حالات زواجه لا يُمكننا أن نتتبّع الأسباب السياسيّة 
والاجتماعية الكامنة وراءها). 


انسجاماً مع أهميّتهن ٠»‏ كانت زوجات محمّد يحظين باحترام خاصّ من 
قبل المسلمين. فقد كن يعشْنَ في مكانٍ خاصء يستقبلنَ زوارهن (الكثيرين» 
نظراً لتأثيرهنّ المعترضن غان :تحكد) موتورات ححاتي: زرلا من مقابلتهم 
وجهاً لوجه. بعد موت محمّدء كان عليهنّ ألا يتزوّجن مرّة أخرىء ولكتّهنّ 
سيحظين باحترام كبير بوصفهنٌ «أمّهات المؤمنين». بعيداً عن أهميتهنّ 


فيض 


السياسية والحجاب الاجتماعي الذي كان عليهنَ أن يحطن أنفسهنّ به. كان 
لزوجات محمّد مكانة كبيرة عنده على المستوى الشخصي. فبسبب بعض 
الخلافات بينهنَّ» عاش محمّد إحدى أقسى الأزمات العاطفيّة الشخصيّة؛ 
يحتوي القراآن على آثار بعض التعقيدات الزوجيّة التي عاشها محمّد. ولكنّ 
يا منهنَ لم تحط بالمكانة التي حظيت بها خديجة. خاول محمد أن يعامل 
زوجاته بالسويّة من دون محاباة أو تفضيل. ولكنّ زوجته المحبوبة كانت ابنة 
أبي بكر عانق » التي تزوّجها وهي بنت تسع سنين» والتي كانت دوماً أكثر 
توحاتة سفيوتة وتقاطا . فقد كان محمّد يسترخي ويهدأ عندها. وبغض النظر 
عن موقعه المميّرء يبدو أن محمداً قد عاش حياة بسيطة ومتواضعة من دون 
كثير ترف» يسهل الوصول إليه من أدنى القوم» محبّا للمرح والأطفال. 


كان الهجوم على محمّد بمثابة الهجوم على الإسلام الذي يُمثْله؛ فقد 
استاء محمّد بشدّة من بعض الأفراد الذين أساؤوا إليه فى العلن» بخاصّة فى 
الشعن (كاة العسر مكانة كتير نذا عدا الحرب »وله يكن نقط الوصيا: 
الاساسة لبناء سمعة المرء أو تدمير سمعة خصومه.ء وإنما كان يعتقد بأنه 
يحمل قوٌة سحرية أيضاً) . وبحكم التقاليد العربية السائدة. لم يكن محمد 
لوه بأ شيء تجاه من لا تجمع بينه وبينهم معاهدة. وهكذاء فبعد فترة 
قصيرة من الانتصار في بدر. شبّع محمّد بعض أتباعه على اغتيال عددٍ ممن 
ذمّوا محمّداًء ومن بينهم رجل وامرأة تربطهم علاقة قزابة بمنذ الاغتيال (كي 
لا يكون بالتالي عرضة للثأر والانتقام)”* . 


بداية المجتمع والثقافة الجديدين 

مع سيادة الإسلام في أراضيه واكتمال استقلاله الروحيّ» أصبح بإمكان 
الإسلام أن يشرع بتطوير نظامه الاجتماعيّ على نحو أكثر جذية. لم يكوّن 
الإسلام ثقافة مستقلة بالمعنى الكامل للكلمة؛ ولكنّ العديد من جوانب 
الثقافة بين المسلمين بدأت تختلف وتتمايز في السياق الاجتماعي الجديد. 
كان هذا في بعض الأحيان مسألة متعلقة بالتفاصيل. فقد حُرّم على المشلمين 


(*) وهي عصماء بنت مروان من بني أميّة وزوجها يزيد بن زيد. وقتلها عمير بن عدي من بني 


فض 


أكل لحم الخنزير (وهنا تقارّب الشعور اليهودي والبدوي)» كما حرم عليهم 
تب القماق بوشورفة المستكا عن أن على الأقل القية السو ركان نهدا 
جزئيّاً معياراً للانضباط الاجتماعت*''. من المهم الإشارة إلى النظام 
الجديد الذي يضمن أمن الضعيف في مقابل القويَ؛ فقد حُرّمٌ الثأر بين قبائل 
المسلمين وعشائرهم. وتم إقرار نظام من العقوبات التي سام طبيعة 
الاعتداء.وحجنة» .والق كانت. تنفذ تحت مراقية :محمد يوضفه ممثلا عن الله: 
في الوقت لوي ات فساعلة الضعفاء اقتصادياً من خلال جمع «الزكاة», 
وهى ضريبة مفروضة على الممتلكات والثروة. تطوّرت هذه الضريبة من 
الصدقات التي يدفعها المرء لتزكية نفسه وتطهيرها؛ وقد تم تنظيمها في 
المدينة لتكون الأساس الاقتصادي لحياة الجماعة (بجانب الخمس الذي كان 
يناله محمّد من الغنائم)» وأيضاً لدعم العدالة الفرديّة: كانت أموال الزكاة 
تُستعمل غالباً بحسب ما يرتئيه محمّدء مثل حُمس الغنائم» سواء لأجل دعم 
بعض القضايا العامّة أو لدعم احتياجات الفقراء وعابري السبيل ومن 
شاكلهما. ساعد إقامة نظام قضائي جنائي محدد العقوبات وتوزيع الصدقات 
والزكاة بشكل مركزي في منح الفرد حالة من الاستقلال» وساهم ذلك في 
فك ارتباطه بالقبيلة أو العشيرة» ومن ثمٌ فإن ذلك قد عزز سمات الثقافة 
الفردية. 

يقع قانون الأسرة في قلب أي بنية اجتماعيّة. وقد شهد هذا المجال 
تهدندا أكثر الابتكارات صراحة ووضوحا؛ فمعظم التشريعات الواردة في 
القران تختصٌ بالعلاقات داخل العائلة. تطوّرت هذه التشريعات على امتداد 
حياة محمّدء ولكنّها كانت دوماً تستبطن نزوعاً ثابتاً نحو التأكيد على الحقوق 
الفرديّة على أساس مساواة البشر أمام الله. لا نمتلك معلومات وافية عن 


(*) لعله يستند إلى رأي الكوفيين بأن الخمر المذكور في القرآن هو نبيذ (من عصير) العنب» ولم 
يكن مما يصنعه العرب» فقد كانت أشربتهم من التمر والبسر والبرٌ والشعير والزبيب والعسل. وفي هذا 
قول ابن عمر: «لقد خرّمت الخمر وما بالمدينة منها شيء» (المترجم) . 

(4؟) ربما لم يكن لدى البدو اعتراض على أكل لحم الخنزير البرّي» ولكنّ الخنازير المدجّنة لم 
تكن أبدأ مناسبة للرعي» وكانت دوما مرتبطة بالمزارعين. لا يمكن توضيح هذا التاريخ من التحامل 
على حيوانات مثل الخنزير والكلب إلا عبر ملاحظة الدوافع المختلفة» وكيف تحوّلت وتدعَمت عبر 
ظروف مختلفة متصلة؛ وهي ظروف قد ترتبط بالفخر الإثني أحياناًء ولكنّها لا يُمكن أن تكون تعبيراً عن 
مشاعر عنصريّة» كتلك التي يتحدث عنها بعض العلماء في وقتنا الراهن. 


نضض 


أشكال الزواج عند العرب الوثنيين قبل الإسلام» ولكن من الواضح 

كانت مختلفة ومتنوّعة بشكل كبير ؛ ففي بعض الحالات». ان الرجل محصل 

على امرأته لتكون مُلكه الخاصٌ وكان يجلبها لتعيش مع قبيلته؛ في بعض 

الحالاات.». يبدو أن الرجل كان يحافظ على علاقة عارضة وعابرة بامرأته. فى 
حن الماكنتى مععمدة كلا مان عتيرة انورياا رولك التعن دالا 

لمكانة الرجل أو المرأة في العلاقات العائليّة كان معتمداً على نسب الشخص 

وظروف عائلته وثروته . 


في قلب ترتيبات العائلة الجديدة التي سنها محمّدء جاءت التشريعات 
القرآنيّة للزواج» التي عممت نمطا معيّناً من أنماط إلزواج العربي» مع 
إدخال بعض التعديللات عليه. م م التأ كيد على الأسرة النووية ١‏ 
والزوجة والأولاد - بوصفها وحدة قائمة بذاتهاء ليكون لكل زواج القيمة 
القانونية ذاتها. تم تحقيق ذلك بالدرجة الكبرى عبر تعزيز موقع الذكر 
انال القوده. افالرجل مقط مسلط واسعة .على روطتب وهر سالط 
تستبعد سلطة عائلته أو عائتلتها. أما الأولاد فكانوا ينتسبون إلى الزوج. 
المسؤول عن المحافظة على زوجته 0 . يتم توزيع الميراث داخل 
العائتلة المباشرة» من دون أن يتوزع على بقية العشيرة. تم التشديد على 

منع الزواج ضمن درجات معينة من علاقات القرابة. بل وتم توسيع 
حدود هذا ا عما كان سائداً؛ مما يعنى صعوبة استيعاب الزوجين 
داخل أسرة أو عائلة أكبر؛ وبالتالي فقد تمّت مساواة علاقات النسب 
م بعلاقات الرضاعة (كان لدى العديد من القرشيين مرضعات يربّين 
أولادهم). فى الوقت نفسهء تممّت حماية وحدة الأسرة ابم 
العلاقات المعفيلةة التي قل ل تكون. 'مرتقبطة: يتشوع الأولاد:. معأ : فلم يعد 


)١5(‏ لدى [مونتغمري] وات أطروحة لافتة» وإن لم تكن مثبتة قطعيّاًء عن دلائل وآثار عن انتقال 
الرجل للحياة مع عائلة زوجته في المدينة [المنورة]ء» محمد في المدينة. الفصل 28 القسم ؟. لمزيد من 
النقاش خول تشريجات العائلة: انظ 
ع4 الإهتاء دااءدء 0 تنع نع :اع أتننعا «ء0 7011 نز 1[ء 770/171 *'رمععطوعهى دع ل زاعط عطظ عز»رل“ بع قن ه 17/1 105ل 

. 431-81 .جم ,(1893) 11 .20 ,ااعع001111 اع ا م 
أما التصحيحات التي أوردتها جيرترود ستيرن في كتابها فهي ليست موثوقة ا 0 لا تنبت 

يقيناً غياب تعدّد الزوجات» خاصّة أنّ التعدّد كان نادراً في كلّ مكان» ومتابجا للأثرياء فقط. انظر: 
.(1939 بلإأعل50 علخوزوك 1ه/ا110 عط1' :«200مآ) (جرهاى] برأممظ :نز عوهخ :144 سمععاذ .8 علبصمارعن 


0 


لعلاقات التبئي» التي كانت سائدة بين العرب» مشروعية قانونية . إذا أراد 
الرجل إقامة كر من شراكةه جنسية - وهو ما كان شائعاً بين أغنياء 
العرب» كما فى المتاطىق الاخرى فإِنْ عليه أن يعطي شريكاته مكانة 
متساوية. وألا يزيد عددهنٌ على أربع ؛ ويجب أ يحظى كل زواج 
بالدرجة ذاتها من التماسك. إضافة إلى ذلك» تم تحريم العلاقات العابرة 


فى الوقت نفسهء مُنحت الزوجات والبنات موقعاً أقوى من الموقع 
الذي كنّ يحظين به في تلك الزيجات العربيّة التي أعاد الإسلام تشكيلها . في 
المجتمع البدوي. كان الرجل يُعطي أسرة الزوجة غالباً مبلغا فون الحال ققايل 
الزواج (المهر) حين يأخذ عروسه. في مكةء كان المهر يدفع إلى الزوجة 
غالباً» وهو ما أقرّه التشريع الإسلامي. كان غلاء المهور وسيلة لتأكيد موقع 
المرأة. في ظل الإسلام» كان الرجل يمتلك حقٌّ الطلاق» بحكم أنه المعيل 
لأسرته (على الرغم من أن المرأة تستطيع ‏ لاحقاً على الأقل ‏ أن ا د 
الطلاق بنفسها)؛ ولكنء إن طلّق الرجل زوجتهء فإنّه لا يستعيد المهر الذي 
دفعه. كما لا يحقّ للرجل أن يستفيد من مال زوجته أو أملاكها خلال 
الزواج» وعليه أن يُنفق عليها من موارده الخاصّة. أصبحت النساء والبنات 
يرثن من الوجل»؛ » على الرغم من أن الأبناء. الذين يتوجب عليهم الإنفاق 
على عائلاتهم أيضا ؛ كانوا يحصلون على ضعف ما تحصل عليه البنت. وقد 
تأكّد هذا التركيز على الكرامة الشخصيّة للإنسان الفردء سواء أكان ذكراً أم 
أنثى» من خلال تحريم قتل الأطفال» الأمر كان يتمظهر بوضوح من خلال 
وأد البنات. 
في حالة واحدة» سمح محمّد والقرآن باستمرار حالة من عدم المساواة 
داخل الأسرة وإن سعيا لتخفيفها. فكما كانت عليه الحال فى كلّ مكان حتّى 
وفك قريب كان الرحال والساء سشغدهون العبين كتلكنة ديخصتة ورن كان 
لهؤلاء العبيد حقوق معيّنة. لم يكن يجوز للمسلم أن يستعبد مسلماً آخرء 
ولكن كان يسمح باستعباد من لا ينتمون إلى المجتمع نفسه. وكان يجوز 
للرجل بخاصّة أن يستمتع بالإماء ويتخذهنّ سراري (565غأطنههه0)» على 
الرغم من عدم موافقة محمّد بالإجمال على أشكال الارتباط الأخرى سوى 
الزواج الصارم. كان العبيد في المجمل من أسرى الحربء» وكانوا غالباً من 


يفن 


الأطفال الذين تمّ بيعهم لقبائل أخرى. ومن ثم فلم تكن لهم أيّة عائلات 
ترعرهم بوي العائله الت ملكي . وبما أن أحداً لا يستطيع أن يعيش في 
الجزيرة الغردة من :دون عائلة اف عتتيرة»؟ فَإِن العبيد لم يكونوا يتوفعون أن 
ينفصلوا تماماً عن مالكيهم؛ وكان طمو حت الممحراهر سين وصدهم 
داخل الأسرة التي تملكهم. وهذا ما شبجع عليه الإسلام؛ فقد أصبح إعتاق 
العنيد كفارة ل 0 ومن ثم فقد كان العبيد 
المحررون يرتبطون. بصمتهم بصفتهم أحراراً. بمالكيهم السابقين [أي كموالي]. 
ولكنّ محمداً لم يساوم على مبدأ الأسرة النوويّة الصلبة» فلم يُشْجَع على 
إدخال العبيد فيها وحصولهم على حقوق كاملة مثل الأبناء. 

حظيت الآداب الشخصيّة أيضاً باهتمام خاصٌ في القرآن» فقد أوصى 
باحترام خصوصية/ حرمة البيوت». وبمراعاة الذوق العام والتواضع من قبل 
الرجال والنساء ء خارج بيوتهم. وعلى الرغم من أن القواعد المذكورة في 
القرآن ليست محددة على نحو صارم. فإنها قد عززت من احترام الأفراد في 
النطاق الخاص لحيواتهم المستقلة. بعد زمن محمد أصبحت هذه القواعد 
هي نقطة الانطلاق لنظام سلوكي اجتماعىّ ذي مشارب عذلة. 


القرآن وتجربة المجتمع 

كان طابع الآيات القرانيّة يتغيّر مع تطوّر المجتمع المسلم. فالأجزاء 
الأولى من القرآن كانت تتسم بالمجمل بدرجة عالية من الجماليّة الوجديّة: 
لتضفى شعوراً بالجمال الأخحاذ للعظمة الإلهيّة وك عرست رضي 
مه لاعن حلكى فيدر فده الآرات الغنائيّة آيات تتسم بدرجة أعلى من 
المواعظ النثرية والشروح التفصيلية. فقد كان القرآن يقوم بدور مزدوج يتمثل 
في إلهام حياة المسلمين ثم التعليق على ما يحدث في الحياة التي ألهمها؛ 
فعلى الرغم من أنْ رسالته تتجاوز أي ظروف مخصوصة. إلا أنه كان يعمل 
على توجيه تجربة المجتمع باستمرار؛ بل إِنّْهِ أحياناً كان يتحدّث عما يبدو أنه 
تفاصيل صغيرة. فهو ممتلئ بالتوجيهات المتكررة لدعم جهود المجتمع. 
بخاصّة فى الحملات العسكريّة» وفي القواعد التي تنظم سير إجراءات 
المجتمع: بخاصّة في قضايا الزواج؛ بل إن كن الارفات كاقع جر عند 
قرار قرآني يحسم الخلاف أو يبرر نبعض الأفعال والإجراءات. فذات مرّةء 


طرفل 


انّهمت زوجة محيّد المحبوبة عائشة بالخيانة الزوجيّة من قبل مجموعة معادية 
لهاء في ظروف لم يكن من الممكن إثبات صدقها أو كذبها إلا اعتماداً على 
التقدير الشخصي لشخصيّتها. بعد فترة من الشك المؤلم. أعلن القرآن 
براءتها . ولكنه في الوقت نفسهء قدم قاغنذة عديذة تعطابي:«كتيادة أريعة 
أشخاص لإثبات هذا النوع من الاتهامات؛ ووبّخ أولئك الذين ساهموا في 
نشر هذا الاتهام القاسي من دون دليل. أورد القرآن هذه الحادثة وقدم معها 
مجموعة من الأوامر والملاحظات الأخلاقيّة التي تتجاوز حدود الحادثة. 


نادراً ما كان القرآن يشرّع للسياسات الاجتماعيّة المخصوصة., بل كان 
الأمر متروكاً في الغالب لقرارات محمّد. ف«دستور المدينة» مثلاء الذي حدد 
موقع العناصر المختلفة في المدينة عندما أسس محمّد وجوده فيهاء كان هن 
عمل محمّد وليس من عمل القرآن. رارزا وتكراراًء كانت القرارات المصيريّة 
نكرل الست مسد حتى فى أزمة الحديبية» كما سنرى لأعنا معدن 
اعترضت قريش طريق بعثة الحج إلى مكة. وحين شكك أقرب أصحاب 
محمّد في حكمة قراره» لم يتدخل القرآن لإملاء خظة عمل مفصّلة. فقد كان 
اهتمام القرآن منصبّاً على الأفراد وعلى ضمائرهم. فعلى سبيل المثال» لم 
يأمر القرآن بشن غزوة مؤتة”*' الصعبة (باتجاه سوريا)» التي لم يرغب معظم 
المسلمين في خوضها . ولكنّ القرآن تعامل على نحو خاص مع حالة الثلاثة 
الدوة تخلّفوا عن الالتحاق بجيش محمّدء على الرغم من أنهم بمو 
مخلصون. على أنْ القرآن كان دائماً ما يدعم سياسات محمّدء ويّقدّم حلولاً 
للمشاكل التي تعترضها - كتوزيع الغنائم على سبيل المثال - وإضافة إلى 
ذلقيورا كان بحة بون كن هن الأفمقة الفافقة للولاء تاشفق الفافة ها 
يحدّدها محمّد. 


العقول» كما حافظ على نبرة من العظمة التي تتخلل آياته. في جميع التقاليد 


التوحيدية» في خاتبها الأكتر شعبونة: كان نمه نزوع نحو التفكير في 
الأخلاق بذهنية السوق (فحماية الأيتام مغلا هي ء في المقام الأوّل» حماية 


لممتلكاتهم)؛ وهنا يستعمل القرآن مصطلحات السوق بشكل صريح ء سيان 


(*) الصواب أنها غزوة تبوك (المترجم). 


فض 


عبر إقامة مماثللات وتشابهات (أن المؤمنين عقدوا صفقة جيّدة مع الله) 
وأحياناً عبر : تقديم المتعالي والمفارق بطريقة لا يمكن أن تنفصل عن الحياة 
اليوميّة. ولكنّ طريقة القرآن في الحديث عن المسائل الدنيويّة من شأنها أن 
ترفع من قدر هذه المسائل لا أن تحط من قدره. فحتى عندما دار النقاش 
حول مسألة زنى عائشة» مثلاء فإِنّ صياغة الكلمات - ترتيبهاء وتوزيع 
التشدذيدات الصضوتة».وكذتيا كاتع تالف بطريقة تجعل النقاش يتم على 
مستوى يهيمن فيه الاحتشام على البذاءة؛ وهذا أسلوب تصعب جد إن 
الحيوية الشاملة في القرآن قد منحته درجة من الاكتفاء الذاتي والقيام بنفسه 
فبوصفه تجسيداً للإسلام المستقل. لانسرا يجان إن مسال بين 
الكتب 'الهقدسة السايقة: فقد أصبح مرأة حيوية ومتعددة الوجوه لتظطلعات 
المؤمنين الروحيّة واحتياجاتهم» وفوق ذلك كان يقدّم منظورات جديدة تركّز 
على مصيرهم المشترك كما يظهر ويتكشف في حركة المجتمع . 


لا يمكن أن يقرأ القرآن» بحكم تشابكه الوثيق مع مصائر المجتمع في 
الحياة اليوميّة» كنصٌ منطقي بغية الحصول على المعلومات منه» أو حتّى 
للحصول على الإلهام. فكثيراً ما يفتقر القرآن في تتابع أجزائه وآياته إلى 
التماسك المنطقي والتسلسل؛ بل إِنْ القصص التي يتناولها القرآن لا تُطرح 
فى سرد متعاقب للأحداث» انها تطرح بطريقة ة تذكر القارئ بمقاطع من 
القضَّةء بطريقة تفترض أن القارئ يعرف القصّة عتهذا التدكير نيت تتاول 
المضامين المتعلقة بالإيمان من القصّة»ء من دون كثير اهتمام بالتسلسل 
السردي ‏ كما لو أن على من لا يعرف القصّة أن يسأل من يعرفها ليقصّها 
عليه قبل قراءة تعليقات القرآن عليها. ولأجل ذلكء. فإِن العديد من غير 
المسلمين يجدون بأن قصص القرآن غير متماسكة ومختلطة» ومليئة بالتكرارء 
ويجدون صعوبة في فهم اعتبار المسلمين لهذه القصص غاية في الجمال؛ 
ذلك أن هذه القصص ليست مخصطصة للقراءة وإنما للمشاركة فيها: فهي 
يجب أن تتلى»ء كفعل من أفعال الإخلاص الذاتي والعبادة. فالقران يُقَدْم 
طوال الوقت تحدياً عظيماً: أن يقبل المرء بحمل تبعات الإيمان: وتلاوة 
الع للقرآن بصدق هي نوع من القبول والتأكيد على حمله لتبعات الإيمان. 
وعندها سيتبدذى له جماله سطراً فسطراً وسيستمتع القارئ بتجاور عباراته. 5 
كان الموضوع المباشر للآيات» وسيستمتع بكل الثيمات الرئيسة الحاضرة في 


0١ 


أيّةَ فقرة. فالعبارات المتكررة تذكّر القارئ بالسياق الكلّي الذي يجب أن 
تُفهم فيه الرسالة: ومن ثم فإِنَ العبادة [الصلاة] يُمكن أن تكتمل بتلاوة أي 
جرزء ء صغير من القرآان. 


بالمجملء لم يُركز القرآن إلا في مراحله الأولى على الأمور الروحية 
الغامضة والاستثنائيّة. على أنه لم يفقد الشعور بالعظمة أبدا. تكشف أية 
الثوو فق سورزة الغور: المقا خرة تسا والقى :نولت فى المدينةو:. عن الا نت 
الكثيف من التجرية الفح تيكمد فهى تشنّه الله بالنور السماوي الأثيريٌ في 
ضور ل حكن له ان ييز الى تجربة روحيّة غامة .على ان لقي الماع 
للشعور يد دوماً مشتبكة بالحياة اليومية» مع شعور قوي 
بالأوامر الإلهيّة المتجاوزة والمتعالية. ففى نفس السورة ‏ سورة النور - 
بجانب أحد أبلغ الأوصافء وأعلاها جياك : للإشراق الإلهيَ وحالة اليأس 
التي يعيشها من خسر الهداية الإلهيّة تأتيٍ 0 من التوجيهات المباشرة 
والبسيطة. «اقش لصَلَوة وائوأ ] ل طِيعُوأ الرَسُولٌ لملَكم يمون جد لا 
2 من لين كفروأ مكجزت فى الدفة ضِ ومأوينهم 3 237 لْمَصِيرٌ * [النور: 03 - 
1]. ثم تأتي على الفور بعد ذلك مجموعة من الأوامر التفصيليّة التي تحت 
0 على التأدّب في البيوت». وهي أوامر 3 00 الرصير 
الت ا 1 « يتأنُها أت ءأمنوأ أ معدم 
لِنَ ملكت أبَنكة : ادن ل يلعا الحم معز كلت من 2 من اقل صَلؤة لجر وين 
صَعُونَ ابم من طهر ومِنْ بحَدِ صَلَة الِْسَلهِ كلَتُ عورت لم لببى عبد وآ 
لبهم جنا ا 0 210 دك بعك لعو اروء طّ بحن كَدَكَ 3 2 6 الك 
يز [النور: 08]. 


في السورة التي يُفتتح القرآن بهاء سورة الفاتحة. تجن تعبيزاً 25076 
دقيقاً ور عن الا والخوف النابعين من تبجيل المجتمع لله : 
«إيتمم أن لمن ن لصم #* الحمد ينه رت العتلويت #* اليَمَنِ 


2 ص ملك دوم 2 3-3 إِيَاكَ 42 وإِيّاك مورك 3 أهدنا 0 
لمعم * صرْط الدِيت نكت عق حر التفثرب عن إلا لجان 
[الفاتحة: ١‏ -ل7ا]. 


يوصف محمّد بأنه «النب المسلّح». ولكنّ هذا يكاد يُميّرَه عن مجموعة 


كرس 


أخرى من الأنبياء أوَلهم موسى . . ولعل من الأفضل أن نقول بأنه نبي الأمَة 
المجتمع الديني المِلَي. فقد أصبح المجتمع الديني» على نحو متزايدء هو 
إطار جميع أشكال الثقافة العليا فيما بين النيل وجيحون. على الرغم من 
رفض محمد لهيمنة قانون أي جماعة ب ا (أو ربما 
بسبب الحريّة المبدعة التي أتاحتها هذه الرؤية له في بناء شكل جديد وأكثر 
نقاء للمجتمع)؛ كان إنجاز محمّد الكبير هو تحقيق هذا النزوع الجماعي في 
حالة واحدة على الأقل؛ فقد شككلت جماعته في المدينة الإطار الكلي تقريباً 
للثقافة والمجتمع هناك. ولكن. أمكن للنزوع المناطقي المخريام 0 
مجتمع محمّد لم يكن مصمماً لتخليص المصطفين من العالم؛ ثم ترك من 
يرفضون رؤية الإسلام نهباً للشرور. لقد كان ذلك المجتمع مصمماً لتحويل 
العالم نفسه من خلال الفعل في العالم. 


ولكنّ مثل هذه الرؤية كانت تقود بالضرورة إلى السيف؛ فالأشخاص 
الذين ستتضرر مصالحهم من مثل هذا الإصلاح يلوق الهو ايض 
ويحافظون على درجة كافية من القوّة لإخماد أي اعتراضات تواجههم. ومن 
ثمّ فإِنَ الإصلاح سيتطلب تغييراً في قاعدة السلطة نفسها . في القرن 
العشرين» قدم غاندي تمزنها ادها من الممارسة اللاعنفية لإنتاج تغيير 
أساسى فى السلطة الاجتماعيّة. ولكن» بعيدا عن هذه الطريقة» فإن السعى 
الجادٌ لإحداث إصلاح اجتماعي يتضمّن عادة اسعداداً من قبل المصلحين 
لاستعمال الإكراه البدني لمواجهة؛, والتغلب علىء الإكراه الذي يمارسه 
الأمخاض الذيى فى السلظة: وهنا يعنى مما الاسعداد لمن الحررت» 
ولارتكاب العنف والخداع اللذين تستلزمهما الحروب بالضرورة. 


لا أعتقد بأنْ النظر إلى المعايير العسكريّة لمحمّد بوصفها مشكلة رئيسة 
ع ل 0 ذلك أنْ جميع القيم 
تحمل معها عيوبها الخاصّة ٠‏ كما أن كل منظور للحقيقة يترافق مع إغراءاته 
ىح و الخيى الخخطا” في كل التقاليد قاس العظمة من خلال النجاح في 
تجاوز الأخطاء الخاصّة» التي تصاحب بالضرورة الميّزات التي يأتي بها هذا 
الققلية او ذاكى: فالسييسةة تعن امحموقة هن العوالق انعا ولك 
الاختبار الخاص بالإسلام هو كيف يُمكن للمسلمين أن يواجهوا سؤال 
الحرب. ففي خضمٌ مخاطر المعركة وولاء المقاتلين المحتدم» فإن الفضيلة 


>36 


العظمى تتمثل في الإخلاص للهدف الذي يكمن وراء الإنسان ذاته» وصولا 
الظلم الفرديّة التي تتضمّنها بالضرورة (حيث يتم التعامل مع الأفراد بوصفهم 
أجزاءً من كل واحد) ‏ هي في الوقت نفسه التعبير الأقصى عن الادّعاء 
بالصلاحية الحصرية للموقف الذي كنا المرى. وهو أمر قاتل وفتاك فيما 
يتعلّق بالبحث المفتوح والدائم عن الحقيقة. لقد كان هذا الادّعاء بالصلاحيّة 
الحصريّة إغراءً دائماً في جميع المجتمعات التوحيديّة. فنبوّة محمّدء في 
سعيها نحو تحقيق النزوع التوحيدي للوصول إلى مجتمع ديني شامل» تركت 
مجتمعها يواجه ذلك الإغراء الذي تمثله روح الصلاحيّة الحصريّة» التي 


"١ 


؟ 


الدولة الإسلاميّة المبكرة 
97-6" [نحو"_"لاه] 


أسس محمد كياناً سياسيًاً محليّاً جديداء يقوم على رؤيته النبويّة. 
ولكن» سرعان ما اتخذ هذا الكيان السياسى أبعاداً دوليّة. فقد أصبحت هذه 
الكويلة نر مدافية فى الحريية العريلة» الآالفروقن وحعست؟ دل 
ولاؤافين اعون شيج الود نه والماساننة أيقا بقع هده لمكا فاتك الخرسة 
تمكن هذا الكيان من جعل نفسه دولة للعرب عامّة. ففى الجيلين التاليين» 
تمد قضاء هله 'الدولة إلى الأراضى المجاوزة عين ستليلة 'من الصراعات 
الكبرى بين العرب المسلمين وبين القوّتين الإمبراطوريّتين. حل العرب محل 
هاتين القوّتين» وأسسوا إمبراطوريّة راسخة نظمت حياة المنطقة الواقعة بين 
النيل وجيحون؛ على أساس عربي وإسلاميّ» إضافة إلى جزء كبير من 
المطقة القررة مق وكين السدر الأيض الفو نط لقن كاذف هده الحيلوات 
العسكريّة التي أسّست إمبراطوريّة العرب إنجازاً أسطوريًاً وملحمياً . 


ولكنّ ذلك كان لا بد أن يتضمّن صراعات حاسمة بين العرب أنفسهم 
في كل خطوة من خطوات تأسيس الإمبراطوريّة. وبهذا أمكن للكيان الهش 
في الحجازء الذي تأسس حول فرد ذي شخصيّة كاريزماتيّة» أن يتحول إلى 
دولة عظمى تدير حضارة زراعاتيّة معمّدة. عند كل مفترق طريقء» كانت 
القرارات المصيريّة تحدد الطابع الذي سيتخذه الكيان السياسي الإسلاميّ في 
المستقبل. في النهاية» فإن هذا الطابع بدوره هو ما حدد شكل تأثير الإسلام 
في المجتمعات التي سيطر عليها. فالتطوّرات الداخليّة هي ما ضمن أن تكون 
لهذه الفتوحات أهميّة دائمة ومستمرٌة. 


يدض 


محمّد يؤسس دولة مستقلة بين الامبراطوريّتين البيزنطيّة والساسانيّة 

بينما كان محمّد يُقيم نظاما الحتوناعا جديداً في المدينة. كان أيضا 
ارح ار حا ول ار اوها ال دلي ندا ريما بكرا لك ولا شك بأن 
الطابع الحربيَ هو ما جعل ذلك ممكناً. ٠‏ كما أنه في بعض الجوانب على 
الأقلء ٠‏ شكل طبيعة المجتمع في المدينة. وكما يمكن للقارئ أن يرى من 
خلال الرسم التوضيحي للمسار التاريخي لحياة محمّدء فإنَ الأحداث 
الكبرق قد تثالتك بسرعة كبيرة يمجرّد انتقاله إلى المدينة : ويبدو أن سنوات 
التحضير البطيء في مكّة قد آتت ثمارها بسرعة كبيرة» أوّلاً في المدينة: 
ولاحقاً في مكّة وفي الجزيرة العربية البدوية ككل . 

كانك فريس خائية من الموقع الذي اطفر به محمد في العدية يعد اتصبارة 
في بدر. . فقد بات واضحاً بأنَ محمّداً بات قادراً على تدمير تجارتهم مع سوريا 
(وبالتالي مع اليمن أيضاً)؛ مما يعني إضعاف هيبتهم بين البدوء الذين يعتمد 
الو الى ادي ومجا يعدن انا 00 
تسددو ضهينا, للشابة, قام المكيّون بجمع كل ما يستطيعونه من الرجال 
والسلاح لشن هجوم عسكري على المدينة. وعندما وصلوا إلى واحة المدينة» 
تدوهرا تكريت حاضيا الخبوت الجديدة,وستكروا خا رجا جروا سمكان 
المدينة على ترك حصونهم التي كانوا يُفُضّلون البقاء فيهاء والخروجٌ إلى 
المعركة المفتوحة الضارية. اتخذ محمّد موقعاً عسكريا قويّاً قرب جبل أحد. 
في الجانب الشمالي من المدينة . (اختار بعض المنافقين القعود والتخلف عن 
القتال). بحسب التراث الإسلامئ فإنّ المعركة التى كانت موعودة بالنصر 
تحوّلت إلى هزيمة بعد أن ترك بعض أصحاب محمّدء الذين وُضعوا لحراسة 
خاصرة الجيش» مواقعّهم في مخالفةٍ صريحة لأوامر محمّدء للمشاركة في 
مم العداتم . رأى قائد سلاح الفرسان المكيين» خالد [بن الوليد] هذه الثغرة 
وتمككن من قلب الموازين. اموس لي ولكنه تمكن من 
الحفاظ على موقعه وأصبح مركزاً لتجمّع المقاتلين فوق الجبل. 

اغتبطت قريش بانتصارها. وكانت نساء قريش قد خرجن مع الجيش 
لتشجيعه كما هو شائع في المعارك الكبرى». واحتفلنَ بالانتصار. وفي لحظة 
انغماس. مفرطة وغير عاديّة» قامت هند [بنت عتبة]» زوجة القائد أبن 
سفيان» بتمزيق كبد حمزة. عم محمّد وأحد أوائل من أسلمواء ولاكته في 
فمها؛ لأن حمزة» أحد أبطال بدرء كان قد قتل أباها. 


>36 


يظ2> 


التسلسل الزمني لحياة محمد 


أحداث في حياة محمد 


؟ .لام ولادة محمد 


؟ 08 عقد حلف الفضول في مكة لتأسيس ثقل يُوازن ويقابل العشائر الأكثر قوة. 
؟ 6مه  04١0‏ حرب الفجار. إذ انتهكت قريش الأشهر الحرم» في قتالها مع البدو. 


؟ 04٠‏ محاولة عثمان بن حويرث (عبثاً) قيادة مكة تحت الرعاية البيزنطية. 
؟ 06 زواج محمد من خديجة؛ وإنجاب أربع إناث من هذا الزواج. 


51 (أو قبل ذلك) تلقي محمد الوحي للمرة الأولى. 
51 (أو قبل ذلك) بداية الدعوة الجهرية. 


8 (أو سابقا) هجرة بعض المسلمين إلى الحبشة. 
5 514 (أو سابقاً) مقاطعة بني هاشم [في الشِعب]. 


أحداث ذات صلة 


65 الساسانيون يحتلون اليمن ويطردون الأحباش 

4 وفاة كسرى أنوشروان» أعظم ملوك الساسانيين؛ تاركاً إمبراطوريته في حرب مع 
الرومان. 

إحراق الغساسنة؛ العرب الموالون للبيزنطيين» الحيرة» عاصمة المناذرة» العرب 
الموالين للساسانيين في صحراء العراق . 

1١7 - 5‏ عهد موريكيوسء, الإمبراطور الروماني» الذي قوّى الإمبراطورية المتدهورة؛ 
ووضع الغساسنة في الصحراء السورية تحت سيطرته المباشرة بدرجة أكبر. 

1١8- 4‏ عهد كسرى برويزه الملك الساساني. 

١‏ بعد حدوث ثورة؛ استعاد كسرى برويز الحكم من خلال الرومان» وعقد معهم سلاماً. 
7 مملعة المناذرة توضع تحت سيطرة الساسانيين؟ وبعد فترة وجيزة تتفكك . 

13١ ١ 5‏ أطاح فوكاس؛ وهو رجل غير مؤهل من العامة؛ بموريكيوس» وتمت مهاجمته 
من قبل كسرى برويز. 

-141 عهد هرقل» الذي أعاد تنظيم الإمبراطورية الرومانية. 

؟ 5١١‏ يوم ذي قار: وفيه هزمت مجموعة من القبائل العربية قوة ساسانية قرب الحيرة. 
714-57 الساسانيون يحتلون جميع سوريا بمساعدة المحتجين من اليهود» وينقلون 
«الصليب الحقيقي» من القدس إلى العاصمة الساسانية. 

0 يحتل الساسانيون الأناضول وصولاً إلى خلقيدونية المواجهة للقسطنطينية. 


اين 


أحداث فى حياة محمد أحداث ذات صلة 


؟ "١17‏ يوم بُعاث في يثرب (المدينة)؛ وهو معركة وقعت بين الأوس والخزرج. 


؟ 14" موت خديجة وأبي طالب» ومحمد يسعى للحصول على الدعم من الطائف. 4 يحتل الساسانيون مصر. 
١‏ أول اتفاق في بيعة العقبة الصغرى مع المسلمين الجدد من المدينة. 
7 بيعة العقبة الكبرى» والهجرة إلى المدينة. 5 - 5710 هرقل يغزو المملكة الساسانية عبر المرتفعات الأرمينية. 


14 سرية نخلة» أول إراقة للدماء؛ معركة بدر» انتصار المسلمين غير المتوقع؛ طرد يهود 


9 معركة أحدء فشل قريش في إنهاء قرّة المدينة على الرغم من انتصارها؛ طرد يهود بني النضير. 


1 الحملة العسكريّة الأولى إلى دومة الجندل؛» بين سوريا والعراق. 5 يحاصر الآفار ‏ من جميع أنحاء نهر الدانوب بالتعاون مع الساسانيين ‏ القسطنطينية لكن 
من دون جدوى. 

1 أهل مكة يحاصرون المديئة (غزوة الخندق)؟ ومذبحة بني قريظة. 1 حملات هرقل في بلاد الرافدين. 

4 صلح الحديبية» هدنة مع قريش؟؛ وإخضاع يهود خيبر. هرقل ينتصر بالقرب من طيسفون [المدائن]؛ العاصمة الساسانية؛ واغتيال كسرى برويز؛ 


تحقق السلام (عودة إلى الوضع السابق). 
54 الحج بشكل سلمي إلى مكة المكرمة؛ أول حملة عسكرية إل مؤتة باتجأه أراضي 514 الساسانيون يخلون المقاطعات الرومانية السابقة؟ يرفض الرومان تجديدل الدعم للغساسنة 
المطالبين بعرش الإمبراطورية الساسانية» من بينهم امرأتان. 
عر المسلمون يفتحون مكة ويهزمون البدو فى غزوة حنين ؟ إيقاف حصار الطائف مؤقتاً ؛ عر هرقل يعيد «الصليب الحقيقي» إلى القدس. 
ف توافد الوفود من مختلف المناطق العربية لإعلان إسلا مهم وفيهم وفود الطائف واليمن 
الدرفظة بالساساكن. 
ف حجة الوداع لمحمد؛ ظهور مسيلمة كنبي في اليمامة في وسط الجزيرة العربية؛ وفأة محمد. ضفن يزدجرد الثالث يعتلي العرش الساساني . 


ولآن عفان عه كان الآ يال ليها +المحمنل > ولآن عضن القرى, في 
المدينة لم تكن قد شاركت في المعركة بعد فإنَ قريشاً لم تشعر بأنّها تمتلك 
القَوّة الكافية لمهاجمة حصون المذنة4 :نا تسحيت: بعد أن اتعاوت قينا من 
متها .ولكن من 'ذون أن يونين إخضاع ل استغل محمد 
السحات تكن فى كات الفطاتر ‏ البهود ##ينى النضيين»"الذين كان ةا 
يشكَ في أنّهِم يُعدّون مخططاً ضدّه؛ وعندما رفضوا الخروج بنفس الشروط 
التي خرج بها بنو قينقاع» وأصرّوا على ملكيّتهم لبساتين النخيل؛ حاصرهم 
يجاني بادخيير وأجبرهم على المغادرة رضاح سايم أيضنا 0 
الملانة: أثنف محيد استعداذة للتعاون» أن للحياة علئ الأقلء مع 
متجفوعة فبلبة تسعى لبناء علاقة ودية مع المدينة. ا 


ال 


مع د وحين أصبح واضحاً بأن هكد بكداف نوه هذل فين أن 
يضعف,. قامت قريش بمحاولة أكبر؛ فقد استدعت كل من بقى من حلفائها 
البدوء» وأضافت بذلك قوّة كبيرة إلى قوّتها المكيّة. كانت قريش بذلك تعترف 
بأنْ قوّة مكة وحدها لا تكفي للقضاء على محمّد. كان يجب أن تكون هذه 
المعركة حاسمة» وإلا فسيثبت بأنْ أقصى قوّة لقريش غيرٌ كافية لدحر محمّدء 
وهو ما سيكون ثلمة لا نُسدّ وخرقاً لا يُرقع في هيبة قريش. وصل تحالف 
جيوش قريش» بطيء الحركة» متأخّراً هذه المرّة عن موسم الحصادء ولم 
يعد من الممكن إخراج أهل المدينة من الجزء الأكثر تحصناً من الواحة. 
وبهدف تحييد سلاح الفرسان البدويّ (ذلك أن مزارعي المدينة لم يكونوا 
يمتلكون سوى عددٍ قليل من الخيول)» قام محمّد بحفر خندق في المناطق 
التي يمكن للجيش أن يدخل منها. ولمدّة شهر كامل» نجح الخندق في 
الدفاع عن المدينة» من خلال سلسلة من المناوشات» وانحصرت أدوات 


)١(‏ يرى فرانتس بوهل في كتابه حياة محمّد بأنّ فشل قريش في متابعة انتصارهم في أَحُد مردٌه إلى 
افتقار هم إلى رؤية رجال الدولة ومؤهلاتهم. فاكتفوا بأن حمّقوا تأرهم مما حصل في بدر . . وصحيح أن 
القضيّة هنا محل تخمين»؛ إلا أن تحليل مونتغمري وات يبدو أكثر إقناعاً في ضوء حقيقة أنَّ رجالات 
فريش نفسهم قد تميزوا بقيادتهم في الفتوحات الإسلاميّة الكبرى اللاحقة. تظهر المعضلة ذاتها في 
تأويل العديد من الحوادث في حياة محمّد. انظر: 

-52125] 036112312 عط 01 256 .م) 251 .م ,(1903 ,ل2لسع10/ا0) :صعع 2 طمدعم20) +1[ 5ل477171:6 :لل رلطنا8ظ كاصمع] 


131602(. 


5 / 


القتال فيما يستطيع المقاتلون المشاة أن يقوموا به. بعد ذلك» اقتنعم بعض 
البدو بالتخلي عن قريش وانسحبواء. ومن ثم فقد تفكك: الجمع وتبدد شمله. 
هكذاء 6 ال لمك مك المكية قد تأكّدء وباتت فريش في موقع 


بقيت بنو قريظة ‏ العشيرة اليهوديّة الوحيدة التي ظلّت تقاوم الإسلام 
وتقاوم قيادة محمّد ‏ محايدةً في أثناء الدفاع عن الخندق» ولكنّها تفاورضت 
مع قريش. عملت العشائر اليهوديّة الأخرىء التي تمّ نفيها سابقاًء بنشاط في 
دعم تحالف قريش. وهكذاء عندما رحلت قريش» هاجم محمّد بني قريظة؛ 
ورفضن ان سمح لهم بالعيار الثفي كما تعصل مع ديدي التضيرء وأصرّ على 
ان ستعلموا الام غير مخروط: . في عَرْف العرب (كما لدى العديد من 
الشعوب القديمة). عندما يتم اسن العدرة فعادة ما يتم مم استرقاق الأطفال 
والنساء ويُقتل الرجال أو يتم فداؤهم؛ فلا يمكن الاعتماد على الرجال 
كعبيد. ولكنّ محمّداً لم يسمح بالفداء وأصرٌ على أن يُقتل جميع الرجال. 
نحو ٠٠١‏ رجل. 


بات محمّد قادراً على إرساء نظام أخلاقي جديد في المديئة» كما بات 
قادراً على الدفاع عنها ضدّ هجمات قريش. ولكنْ ذلك كله لم.يكن كافياً: 
ففي مجتمع يضع فيه البدو المعاييرٌ الأخلاقيّة للجميع» ميدن مكل لوانده 
المدينة أن تصمد طويلاً وهي ترفع معاييرٌ وقيماً متعارضة مع الجميع . . صحيح 
أن مكة ناتك محتدة"الان: ولكنّ أي نظام آخر في المنطقة سيبقى نظاماً غير 
مستقرٌ ما دام النظام المكئ لا يزال يقوم على الأسس الوثنيّة. إذا أراد محمّد 
إيجاد بيئة متكاملة تحمل المسؤوليّة الأخلاقيّة للمسلمين» فإِنَ عليه أسلمة 
النظام المكيّ نفسه. بوعي أو من دون وعيء فإِنْ الخطوة التي أقدم عليها 
كانت لها هذه النتيجة» وربما أكثر. 


عندما أعلن محمّد دعوته» كانت تدوز علي هاما حرب دائرة بين 
الأضاطوزتقين البناشانته واليونظنة ».وى الخرت الت التيك! الذاك باحتلال 
الساساسية لسوريا. كان سقوط سوريا نمثابة كارثة للبيزنطيين: ليس فقط 
بسبب الخراب الذي لحق بالمنطقة نتيجة الجيوش التي احتلّتهاء بل أيضا 
لأنّ عدداً من المسؤولين البارزين قد تمّ نقلهم إلى الأراضي الساسانية؛ كما 


ان 


حصل مع عددٍ من سكان القدس. . حتى خارج سورياء كانت القسطنطينية 
0 خا ضدزة.: بالتسمة إلى “قريش:»: كان ذلك يطرح سؤالاً ا بقعلة 

بتجارتهاء ٠‏ كما يطرح سؤالاً يتعلّق بموقفها الحيادي . فما كان إمبراطوريّة قويّة 
بيعل أضبع ابره أكثر قا الى كر من البون :وسور . لا يُمكئنا أن نعرف 
بماذا كان يُفكّر محمّدء ولكنه كان يعرف بأنه لو لاقى ذات النجاح الذي 
لاقاه في حملاته العسكريّة ضد قريش». فإنّهِ لن يكون قادراً فقط على ضمّ 
لسار التي شك النظام المكي إلى نظامه.» بل سيكون قادراً نشي على 

ضمٌ العرب في الأطراف الشماليّة والجنوبيّة لطرق التجارة المكيّة؛ وسيكون 
لا اي يناميا مون وحم اي 2 
للمدن التجاريّة في الحجاز. إن نجح هذا التحالف» فإنه سيخلق قوّة تمتد 
من سوريا إلى اليمن» ستكون قادرة على تحذّي البيزنطيين والساسانيين» 
ختى "لو كا 3 الما بتانتون لأ يزالون تشكدون ب بالدرة الأكو من سوا : 


من قاعدته فى المدينة» وربما اعتماداً على علاقات التحالف التى كانت 
قافقة: أضلذ نين عدف فرق قينا 'الطدكة برهن الشناكن. الندوتة العبها رركي كان 
محمد يبني روابط وصلات مع البدو بانتظام لمواجهة تحالفات قريش. وحتى 
لو لم تقبل القبائل بتحالف كامل مع الإسلام» فإنها كانت تقبل أحيانا 
بتحالف مع المسلمين» وكان بعضها يعترف بقيادة محمّد. وقد تم ذلك جزثيا 
عبر الدخول في الإسلامء وجزئيّاً عندما كانت بعض التصرّفات المعادية 
للإسلام تيح الفرصة [للمسلمين] لشنّ هجمات عقابيّة (في حملات تتراوح 
أعدادها بين العشرات والمئات). ولكنّ ذلك كان يتمٌ غالبا عبر الأدوات 
الدبلوماسيّة؛ فقد لعب محمّد على أوتار الخلافات بين العشائر والقبائتل» 
عبر إغرائهم بالفوائد التي سيجنيها المتحالفون معه. وأحاناً عبر دور المدينة 
كمحكم حيادي» وَلاعحقا عبر الحصص التى سيجنيها المتحالفون معه من 
الغنائم التي يحصل عليها المسلمون من المعارك. هكذا فَإنّ نظام الأمان بين 
قبائل المدينة قد توسّع وتمدّد في أراض واسعة خارجها. 

لم يؤثر الإخفاق في غزوة أحد على الدولة الناشئة لوقت طويل. فقد 
باك «واضيا تدريه ا أن معدا يريت محري كز مق يمكنه تحويلهم من 


العرب للدخول في الإسلام. ولسين أولئعك المرت تبطبب: بقريش فقط. أو على 
الأقلء بات واضحا بأنه يريد ربطهم بمجتمعه بروابط تضمن السلام والأمن 


اك 


بين جميع العرب» وهو ما يعني تجانسهم مع القيم الإسلاميّة الجديدة؛ 
بخاصّة عرب الشمال القريبين من سوريا. بعد سنة من غزوة أحدء أرسل 
محمّد حملة كر نحو الصحراء السوريّة تأكيداً على اهتمامه بالعرب 
الستوريية + فكسبتب فكسْبٌ ولائهم كان يعني في المقام الأول قطع الطريق التجاري 
المكيّ نحو سوريا. ولكنة: كان يعنى ماهو أكثر من« ذللك ايها : فد 
اعتادت القبائل الشماليّة» بدرجات مختلفة» على التأثير السياسي البيزنطي» 
و صبح الكثيرون منهم مسيحيين» تلاوحة أو بأخخرق ...ونه أن سنوريا قد 
اد تحت الأداوة الساساتة.فقد كان نبدو نان الصراع الساساني 
البيزنطي قد انتهى لصالح الساسانيين. إلا أن محمّداً لم يكن مقتنعاً بأن 
انتصار الساسانيين انتصارٌ نهائئ. تنبّأ القرآن مبكراء في لحظة انتصار 
الصبا مسا تمن :6 بهزيمتهم [الروم: 1١‏ -1]. (في عام 155.» غزا هرقل 
الإمبراطوريّة الساسانيّة عبر المرتفعات الأرمينيّة» وفي عام 570». بعد عام 
من غزوة أحدء كان مستعدّاً لشنّ هجوم كبير على الإمبراطوريّة» وفي عام 
نجح هرقل في ذلك وأجبر الساسانيين على العودة إلى مواقعهم 
القديمة). ولكن. في أثناء ذلك» كانت جهود محمّد المنظمة باتجاه سوريا 

شير إلى أن راغيقه النهاية لأ.اثة تقتصر على أن يحل محل قريش في الحجاز 
فقط. بل أن ينافس الساسانيين في الحلول محل البيزنطيين ومحل حلفائهم 
من عرب الشمال. 


في المدينة» بعد فشل المكيين أمام الخندق» أصبح محمّد رئيس 
لمجتمع المسلمين من دون معارضة علنيّة لسلطته. وقد بقي عدد قليل من 
اليهود في حالة من الاستقلال معتمدين على علاقاتهم بالعشائر المسلمة 
المختلفة. أما القبائل خارج المدينة» فقد كان أعضاؤها في الغالب من 
الوثنيين» وكان عليهم. على نحو متزايد. أن يدخلوا فى الأسادم ل 
للدخول في التحالف مع محمّدء ولشماق أن يكونوا هزعا هن نظام الأمن 
الذي يفرضه محمد. ولكنْ عدداً من القبائل» بخاصّة في الطريق إلى سورياء 
كانت قبائل مسيحيّة» بدرجة أو بأخرى. أما الواحات الشماليّة فكانت بيد 
اليهود. ؤمن بين هذه التحالفات لم يكن هناك سوى عدد قليل ممن دجل في 
الإسلام. أجبر سكان الواحات» الذين أثبتوا عدائيّتهم الشرسة» على القبول 
بالاعتماد على المدينة وعلى متح جزء من محاصيلهم لهاء من خلال 


0 


اجات العسكريّة التي ا ا التالية : لغزوة الخندق. في المقابل. 
محمد كحلفاء ادا ره على أن الا عع انك سحي د ننا عنا ره قائداً لهذا 
التحالف المت كه كان ارا بديهيّاً في هذه الحالة. 


بناءً على ذلك؛ صار مجتمع محمّد يضم المسلمين وغير المسلمين على 
درجات متفاوتة من العضوية. يعد عدا لخي مجر ييل د عن 
المؤمنين» أو حتّى رابطة طوعيّة لمجموعة محلية ؛ فقدانات مجتمعا علدا 
وكتاملا يتفي عداضين غير متيخانسة + منظمة بطريقة اكد إحكاما عنما كانك عليه 
الحال في النظام المكي (على المستوى الديني والسياسي). لقد بات واضحا 
بأن البة السياشكة الت يؤسعيها محتد سه 'ذولة اسل :دول الشعويي غنول 
الجزيرة العربيّة» بحكومة مركزيّة تمتلك سلطة فاعلة» لا يُمكن تجاهلها 
والإفلات من عقابها. كان محمّد يرسل المبعوثين لتعليم القرآن ومبادئ 
الإسلام. وجمع الزكاة. وربما للتحكيم في النزاعات للحفاظ على السلام ومنع 
الغا المتباذل»: تقد أصتشحت مهلمة مسلمى المدينة هن ملب تنظ مرخ العندن 
العادك بو الإليك إلى سناطق التححاد. .ترفك اععينيو| بالأمبانى :إن توييها الدنة 
على إرادة الغالبيّة القبول بالنظام الجديد للحصول على المكاسب الفوريّة 
وعلى السلام بينهم واكتساب القوّة في مواجهة الأعداء الخارجيين. ولكنّ 
النموذج كان يتأسّس» سواء بالتعاون النشيط للقبائل المختلفة أو من دونه. 


لم يكن لمثل هذا النظام أن يكتمل» أو حتى أن يستمرٌ فى الوجود. من 
دون بخ امكة واستفلال الطرق التجارية بين البمن :وسوريا + أى مز.دون أن 
يحل محل النظام المكيّ فعلياً. في عام 514» ومع اقتراب انقضاء ستّ 
سنوات في المدينة» تحرك محمّد مع ما يقرب من ألف رجل إلى مكة بهدفٍ 
معلن» وهو المنارةة في البجج السنوئيّ. بعد مفاوضات متوثرة في الحديبية. 
خارج مكةء وقع محمّد معاهدة مع قريش تقضي بأن ينسحب المسلمون هذا 
العام (احتاج الأمر إلى كل ما يملكه محمّد من سلطة كاريزماتيّة لإقناع 
أصحابه بالتخلي عن الحجٌّ هذا العام). على أن تخلي قريش مدينتها في 
العام التالي لتسمح للمسلمين بالحجٌ من دون تدخل عدائيئ. مؤقتاً على 


"ه١‎ 


الأفلية كان العمليون سحعشكمول بالمعاند المكتة» بولك المعاهدة كانك 
تميل فيما يبدو لصالح قريش: فقد أعطاهم محمّد هدنة تمتدٌ إلى عشر سنين. 
لن تتعرّض خلالها تجارثهم لأيَ اعتداء. على أنْ المعاهدة كانت تتضمّن 
سماح قريش لحلفائها البدو بتركها والالتحاق بمجمّد؛ وبالفعل التحقت 
بعض القبائل فوراً بمحمّد. نظراً للمكانة الكبيرة ة التي بات محمد يحظى بها 
افع فإن الببفاهيدذة كانت تعن فومنا كلاد القبلى في الحجازء. وتسمح 
للنظام المكيّ القديم بالزوال. ومع ذلكء» فقد أظهر محمّد في المفاوضات 
درجة عالية من الودّء بل والكرم تجاه مكة. ومن ثم فقد كانت قريش متأكدة 
بأنها ستحظى بموقع جيد في نظام محمّد إن دخلت فيه. 


في العام التالي لصلح الحديبيّة» أكمل محمّد إخضاع عدد من الواحات 
في الحجاز. تمّ الحجّ في العام التالي كما كان مخططأا له. ومع استعادة 
البيزنطيين لسوريا في 579». أرسل محمّد حملة عسكريّة كبيرة 7٠٠١(‏ رجل) 
إلى مؤتة في الطرف الجنوبيّ من سورياء كنوع من استعراض القَوّة. 


في عام 2772١‏ في السنة الثامنة لمحمّد في المدينة» اعتبر محمّد بأن 
المناوشات التن وقعت بين حلفاء قريش من البدو وحلفاء المسلمين هى 
انتهاك للمعاهدة من طرف قريش ؛ فقام بجمع حلفائه من البدو. وزحف إلى 
مكة بعددٍ يفوق أعداد جيش مكة بكثير؛ نحو ٠١‏ آلاف مقاتل. بعد مقتل 
العديد من قادة فريش في بدرء أصبح أنق سفياك (من بني أميّة) القائد الأبرز 
فى قريش؛ وقد حاول مراراء منذ انتهاك الهدنة» أن يصل إلى تسوية مع 
إسلامه على مضضء وعاد إلى مكة ليُعلن بأن محمّداً سيمنح المكيين عفوا 
عامًاً إن: هوا له بناخول مكة كسيد متتضرء :وافقف قريكى على ذلك لم 
يواجه جيش محمد سوى مقاومة بسيطة. قبل محمد استسلام معظم أعدائه 
القدامى ؛ باستثناء مجموعة صعيرة ممن ذموه علنا في أشعارهم . 

ورث المسلمون الآن موقع قريش بين العرب. وعلى الفور شا 
قريش قي حملة محمّد ضدّ القبائل البدويّة التي ظلّت تقاوم سلطته وقد تمت 
مكافأة قادة قريش بسخاء من الغنائم. إلى درجة جعلت أصحاب محمد 
المقرّبين يشتكون. أجبر معظم البدو على الاستسلام» وكان الاستسلام يعني 


0 


الآن القبول الكامل بالإسلام. تم تحطيم الأصنام» والأحجار المقدسة. 
ومعابد الآلهة الوثنيّة في مكة وفي المناطق المحيطة بها. في السابق» تمكنت 
الطائف» منافيةٌ مكّة وشريكتها كمدينة تجاريّة» من مقاومة الحصارء ولكنها 
الآن وجدت نفسها معزولة ومجيبرة على الاستسلام أيضاً . 


أظل ةتفك العام التالي لفتح مكةء م الوفود؛ إذ إن وفوداً من ممثلن 
القبائل في الحجاز ونجد قد بدأت تصل بحثاً عن تفاهماتٍ مع القرّة ة الجديدة 
لمحمّد. في بعض الحالات. كانت قبائل بكاملها مستعذة للدخول في 
الإسلام. وأعيانا كانت تأتي فصائل في القبائل كا عن الدعم فى مواجهة 
عصوبهاء. كاك الوقوع تان يدن كل إمناطق الجويرة العري» سس مهن 
المناطق البعيدة عن الحجاز كالبحرين [منطقة الساحل الشرقي للجزيرة 
العربية] وعمان. وم ع الي ع اد سي 
ل 0 الحرس ‏ خضوعه لمحمد. بخاصة المدينة المسيحية 
نجران. وقد س سمح لأهل نجران بأن يعترفوا بالسلطة السياسية لمحمد من 


دون أن 0 عن ولائهم الدينيٌ لنبيهم عيسى »© وذلك لأنهم موحدون. 


كانت القبائل الشماليّة» فى الطريق نحو سورياء لا تزال غير مستعذة 
للخضوع لمحمد؛ فبعد ري الساسانيين» جددت هذه القبائل صلاتها 
بالبيزنطيين. ويبدو أنْ اهتمام محمّد بهذه القبائل كان يفوق كل اهتماماته 
الأخرى» فوجّه كل جهوده العسكريّة باتجاههم. منذ انسحاب الساسانيين من 
سورياء كان محمّد يُقدّم شروطا جيّدة لكل من يخضع طواعية له» في حين 
كان يفرض جزية باهظة على من يرفض ذلك بعد هزيمتهم. بعد سنة من فتحه 
لمكة» قاد محمّد بعثته الحربيّة الكبرى» نحو "١‏ ألف مقاتل. ضدّ بنى غسان 
[التبياسنة ]ه الحناة ال سين لتعدوه التريظة على اليه سي 1 رن و 
أن تكون لهذه الحملة نتائجح حاسمة. 


في موسم الحجٌ التالي لمكة» لم يعد يُسمح للعرب الوئنيين بالمشاركة 
في الحج.. وفي 0 شن 0 بنفسة». مرسيا 0 
5 كان للحجٌ مكانة ا 55 أسلمة الع 5-0 العبادة 
عقر تركيزا . لم يعد الحح وها تشارك فيه القبائل وتتداخحل أن أصنامها 


1 _ 


المختلفة موجودة حول الكعبة. ٠‏ بل لآنه عبادة تتجاوز أي قبيلة ؟؛ بما في ذلك 
رن وعلى الرغم من أن الإسلام قد حافظ على مراعاة بعض الأماكن 
الثانويّة واحترامهاء فإنه فد جعل الحجح نهدا على زيارة الكعبة والطواف 
حولهاء بيت الله الذي أقامه إبراهيم وإسماعيل. يقبّل المسلمون الحجر 
الأسود في ركن الكعبةء ٠‏ كفعل رمزي للتأكيد على الولاء لله. الذي أرسل 
كلا من إبراهيم ومحمد لهداية البشريّة» وليس بوصفه سيدا ونا 


بعل علة أشهر. وفي أثناء الاستعداد لإرسال حملة عسكرية أخرى نحو 
سورياء مرص محمد وتوفي بين ذراعي عائشة . ودفن في موضع وفاته. 


نشأة ثقافة جديدة للمنطقة 


لأاشك :بن الفعرة العالية كات ذات أهمتة فائقة فيما يتعلن يتكون 
الحضارة الإسلاماتية. ولكنّ اهتمامنا هنا سينصبٌ على العناصر التي ستكوّن 
الحضارة» والتي لم تُوجد إلا لاحقاًء بدلا من التركيز على الحياة الثقافيّة 
العامّة لذلك الوقت. طوال مرحلة النشأة» قبل وفاة محمد وبعدهاء استمرٌ 
التيار العام للحياة الدينيّة والفنيّة والفكريّة التجاريّة» في منطقة النيل إلى 
جيحون» في كونه العكاي] للولاءات الثقافية العهيمنة السابقة. فالتطوّر الثقافي 
الإسلاماتي لم يكن يشكّل إلا نطاقاً محدوداً وسط ما كان يحدث في تلك 
الفترة. التى تمثّل فترة واعدة وخصبة وولادة لما بعدها. داخل هذا النطاق» 
نهتمٌ أحياناً ببعض الأحداث التي تمتلك أهميّة في وضعيّتها الثقافية وتمتلك 
ذات الأهميّة فيما يتعلق بالتطوّر الإسلاماتي: ومن ثم فإِنْ بعض التطوّرات في 
الإمبراطوريّات الرومانيّة والساسانيّة ما قبل الإسلاميّة» في المناطق التي 
تطوّرت فيها الحضارة الإسلاماتية» هي تطوّرات مهمّة في سياق الإسلام أيضا . 
ولكننا في بعض الأحيان» وعلى الرغم من أننا نستبعد بعض النواحي ذات 
التأثير الكبير في ذلك الوقتء نهتمٌ ببعض النواحي الأخرى التي تبدو ذات 
أهميّة ثانويّة في الحياة الثقافيّة السائدة في ذلك الوقت. فمثلاء تحوز ثقاقة 
الجزيرة العربيّة في مرحلة ما قبل الإسلام على أهميّة كبيرة في ظل الإسلام» 
ولكنّها كانت هامشيّة في زمانها؛ فلم يكن لدى الإغريق ولا الآراميين ولا 
الفرس سبب كافي يدفعهم في ذلك الوقت للاهتمام بصعود التقليد الشعري 
البدوي (الفنّي الماهرء وإن لم يكن تقليداً عالي الغنى والتنوّع) . 


6 


بل إن ظهور الدين الإسلامي وتوسّع سلطة العرب ونفوذهم أيضاًء 
والذي شكّل في الفيانة ‏ تقليدا بحديذا :مهينا على كل الحالة الثقافيّة» لم 
يك له امل تائيس كنيو .وكان يبدو على الأرجح هرا مؤقتاً ومتضطيها : . فمن 
زاوية نظر الحضارات القديمة» لم يكن المجتمع الأقلوي للمسلمين - على 
الرغم من قوّته وسلطته ‏ يعبّر عن أعلى مستويات الثقافة أهميّة؛ ولم 
يكن ليصبح محطّ اهتمامنا وبؤرة تركيزنا إلا بأثر رجعي [أي نتيجة لتأثيره 
الللاحق]. 


تُمثّل هذه الجماعة الأقلويّة نقطة اهتمام رئيسة؛ فقد مثّلت بوعي وقصد 
كقليكاً جديداً يتم تأسيسه في مقابل التقاليد العظيمة للحضارات القديمة. 
فتدريجياً . كان :بعضهم يتخيلون بأنهم مايوه بحب المحتينات السابقة 
مجتمعاً جديداً يقوم على قيمهم الجديدة. على المدى البعيد» فإننا أمام شيء 
يقترب من كونه تجربة اجتماعبّة كاملة؛ وربما يكون أحد أهمٌ التجارب 
الكبرى في التاريخ. ولكنّ هذه التجربة لم تبدأ بالنضج إلا مع نهاية هذه 
الفترة؛ ومع اكتمال نضجهاء نكون قد دخلنا عالم الحضارة الإسلاماتيّة 
بالمعنى الحقيقى للكلمة. ولكنّ البذور كانت حاضرة عند المجموعة الصغيرة 
من المسلمين الأوائل. 

في تلك المرحلة من تشكل الحضارة» كان للمجموعة الصغيرة من 
العائلات العردنة المعتةء يعافانيا العرينة فى التتكين ظانا > الت ده 
على أن تاقفن المقاليه: لإزو اناك التبناطتة. قن الأراظي الفيطة 43 ادقع سكين 
على :تعديل كر فعا نهنم وتغيير أتعاط جائهم ذاك القلة:ة الخربية نا ندل 
الإسلامية» كان ذا آثار مستمرّة بين المسلمين عموما. في الوقت نفسهء علينا 
ألا نتناسى ‏ كما هي الحال في كثير من الأحيان - أنْ العرب. من وجهة 
نظر تاريخيّة عامة» كانوا أجانب بالأساس» وتمّ استيعابهم في الأنماط 
الثقافية الجارية. التي ساهموا هم في تعديلها وتغييرهاء كي عبر بعض 
الأجزاء السيستلة من تراثهم القديم. ولكن بالدرجة الاسام عبر عاملين 
جديدين متساويين في الجدّة: [العامل الأوّل هو] حضورهم المحفز بوصفهم 
الطبقة الحاكمة الجديدة؛ والعامل الثاني هو الإسلام الذي كانوا هم حَملته . 
إن ما نتعامل معه هنا هو تاريخ كل المركّب التاريخي الإيراني ي - السامي 
وتحوّلاته؛ ومن ثم فإن تعاملنا مع التاريخ الداخلي الطفة الناكمة الحدير: 


هوه 


يتعلق بصلتها بهذا المركب”". 


تأسيس دولة الخلافة 

في سياق سعيه لتأسيس نظام أخلاقي شامل وجديد. أعاد محمّد تشكيل 
معظم عناصر النظام المكيّ في نظام أوسع. حافظ على الاستقلال المحايد 
لقو بل ووسعه على المستويين السياسي والديني. كان هذا العمل 
الاجتماعي عملا لص ]| اليك ٠‏ دعم القرآن هذا الجانب من العمل. 


ولح تركيزه كان ينصب على المستوى الأكثر فرديّة. . ومن ثم فإنه لم يقدّم 
خطوطأ سياسية واضحة لمرحلة ما بعل وفأة النبيّ . 


كانت أوكن الأمكلة المطروحة بعد وفاة محمّد هي ما إذا كان يجب 
الإبقاء على الدولة أم 0 فالإسلام أقنايا علاقة شخصية بين البشر ‏ رجالاً 
ونساءً - وبين الله. ولمًا كان النبئ هو حامل الدعوة» فقد كان متوقّعاً منه أن 
يقدّم الإرشاد والجواب عما يُريده الله ما دام حي . أما مع وفاته» فقد بات 
متوقعا من كل مجموعة قبلت الإسلام أن تجد طريقها الخاص لطاعة الله ؛ 
إلا في حال أرسل الله نبيّاً آخر لاتّباعه كما كان يتوقّع البعض. لقد أشار 
القران إلى وجود عدف كبن من الأنبياءة ولم يشر بصراحة إلى أن محمد هو 
آخرهه”*'. وهكذاء فقد ظهر أكثر من نبي توحيديّ في السنوات التالية» في 
قبائل بعيدة عن سلطة محمد المباشرة» وقد كانوا على الأرجح 0000 
مثال محمد. كان أبرزهم هو مسلمة (الذي سمي تحقيرا ب«(مسيلمة»).» من 


)١(‏ إن الفشل في إدراك دور الأقليّة: الممثلة بمجموعة من العائلات العربية» فى التطوّر 
الاجتماعي في ذلك الوقت». قد أنتج واحدة من أكثر النزوعات كوه في كل دراسات الإسلاميّات» 
وهو ما يُمكن أن نطلق عليه الانحياز الاستعرابي» وهو انحياز ساهم كثيراً في تشويه التحليلات» لا 
للفترة المبكرة وحسبء. بل للتاريخ الإسلاماتي ككل . ومن بين النتائج الناجمة عن ذلك. الفكرة 
المتكررة القائلة بأنَ الحضارة الإسلاماتيّة كانت «مفاجأة» في ظهورها وازدهارها؛ كما لو أنها منقطعة 
عن بقية ترائها في صحراء الجزيرة العربية. وكما لو أن كل شيء اقتبسته هذه الحضارة كان بمثابة 
استعارة» تم دمجها واستيعابها عرفا من قبل البدو. قارن ذلك بالتحليل المتعلق بالانحيازات» ال 
نهاية جزء 3 دراسات الإسلاميات في المقدذمة تحت عنوان «المنهجيّة التاريخيّة». انظر أنقيا : 

5 .701 ,نز718)07ط 1/014[ زه ااال **ئا15)01لط عنتصنداذآ غ26[ 01 لزأتدنا عط1"* رسمد5عل110 .5 .0 اأقطد:312 
.880-02 .مم ,(1960) 
(*) لا أعرف كيف فات المؤلف الإشارة الصريحة إلى ذلك في سورة الأحزاب» الآية »:٠‏ هما 

كن محمد أبآ أَحَرِ من مالك لك سول هوام ليحن » [الأحرّاب: 5 (المترجم). 


6 


بنى حنيفة في وسط الجزيرة العربية؛ وحين استنكر محمد زعم مسيلمة 
النبّة» اعتبر أتباع مسيلمة ذلك نوعاً من الغيرة من قبل محمّد لأنَ الوحي قد 
نزل على غيره؛ وبعد وفاة محمّدء لم يعد لديهم شك بواجب اتباعه من قبل 
المؤمنين ؛ بل :3 يعضن. الغررت نتن غير .يت .مختيفة قف افكروا فى اتباعة أيضا . 


شعريت العديد مين القباتل م الى عقية اهتدع زانها نانف في جل 

من الالتزامات المفروضة عليهاء في ظل غياب أي نبيّ لتتبعه» ورفضت 
بالتالي أن تدفع الزكاة للمدينة؛ في حين اختارت العديد من القبائل الأخرى 
أن تنتظر ما سيفعله المسلمون في مكة والمدينة؛ ذلك أن قريشاء حتى في 
ظل غياب محمّدء كانت لا تزال قوّة لا يستهان بها . في المدينة»؛ عمت 
حالة من القلق والتردد؛ فقد اقترح الأتضاز يان عكاتوا أميراً منهم على أهل 
العدوةع وآن تختاو فريكن أفيرا متها على .مكة: 


وبدا بأنْ هذا هو الحل الواضح للأزمة القائمة. ولكنّ بعض الرجال 
كان لديهم مفهومٌ طَمّوح عن الإسلام وعن الأمّة الذي أنشأها محمّد. 
0 مسألة طاعة شخصيّة بين الأفراد وبين الله؟ بل هو ميثاق 
يربط جميع المسلمين ببعضهم البعض. وهذا الميثاق لا ينتهي بوفاة محمّد؛ 
تمل لبح للق أسسة«محكد رمك أن سعمر تحف توحية اضححابة الذي 
كانوا على مقربة منه» المسلمين الأوائل. ومن ثمّ» فإن من ينفصل عن مركز 
المسلمين في المدينة يكون قد تخلّى عن الإسلام نفسه» وهو بالتالي خائن 
للقضيّة الإلهيّة التي قاتل محمّد وأصحابه في سبيلها زمناً طويلاً . كان ينبغي 
استمرار القتال لأجل هذه القضيّة» وهذا يتطلب أميراً واحداً يُبايعُه الجميع . 


نجح أبو بكر وعمر في إقناع المسلمين بوجهة النظر الجريئة هذه؛ فقد 
اقتحما اجتماع قادة الأنصار ودعيا إلى الوحدة: بايع عمر أبا بكرء وتبعه 
الأتضياو» وكذلك فغلف قريةن...وغكدنا اتخةتة المديئة ومكة قرارهيها 
بالحفاظ على دولة محمّدء بات مطلوباً من البدو تقديم البيعة. توجّهت 
طاقات المسلمين لإخضاعهم فيما بات يعرف باسم «حروب الردّة»» على 
أساس أن رفض الولاء والتمرّد يساوي الردّة. وجد المسلمون ممن دخلوا 
كا حرأ في الإسلام قائداً عبقرياً. وهو خالد بن الوليدء والذي كان عدوا 
للمسلمين في غزوة أحد. تتكبههاعدا التبانن العيردة عبر ملس ةيه 


/اه " 


الحمالات العسكرية السريعة. وتم م إجبارهم على الطاعة . كان نظام محمد قد 
وصل إلى قبائل وفصائل بعيدة جدّاً. ولم يعد من الممكن أن تبقى هذه 
الفصائل على حالهاء فعليها أن تعلن إما ولاءها أو خيانتها . . فى غمرة موجة 
الحماسة. اعترفت العديد من القبائل الصغيرة بمحمد ‏ وبعضها لم تكن قد 
فحلت ذلك ميقا وبولكنيا باتت مجبرة الآن على الاعتراف السام ودفع 
الجزية لجامعي الزكاة من المدينة. تم م الإعلان بأن جميع مدعي النبوّة 
كاذبون؛ وعلى أساس ذلك تم إرساء مذهب أنه لا نبئَ بعد محمّد. وهو 
مذهب بات مكافتاً للتأكيد على وحدة المسلمين. وقد أصبح السجتيع المنظم 
في المدينة هو صاحب السلطة الشرعية في الإسلام. وباتت قرارات أصحاب 
محمّد هي المقبولة في جميع المسائل المتعلّقة بالصالح العام. في الوقت 
نفسهء. أصبح - جميع العرب. مه حيث إنهم مسلمون» سواسية أمام هذه 
القيادة. خلال 0 من ممتتين و اناك زه المحصيم الإساذسى :يعد إغادة 
تشكيله» أكبر وأوسع انتشاراً مما كانت عليه في زمن محمّد. 


هكذاء تم استبعاد خيارين ممكنينة كانا يُمكن أن ينجما عن التحدّي 
المحمّدي. إذ يُمكن لنا أن نتخيّل استمرار موجة القادة النبويّين» رجالٍ من 
قبائل مختلفة يستلهمون التقليد المحمّدي في الجزيرة العربيّة. صحيح أن 
ذلك كان سيؤدي إلى تجزئة وتشظية كبيرتين» إلا أنه كان سيحمل تأكيداً على 
الاستقلال الثقافي. أو يمكن للمرء أن يتخيّل صيرورة يتم عبرها هضم 
الحيحه المحمّديّة واستيعابها كجزء من الكتاب المقدّس العبراني» مما يعني 

في النهاية ذوبانها في التقليد اليهودي الأوسع. ولكنْ تأكيد محمّد على البناء 
سات كان يسن بدلا مع ذلك أن العرب سيكونون متحدين ولي 
ولكنّ هذه الوحدة لا يُمكن أن تحافظ على نفسها إلا من خلال الفتوحات 
التوسعية ين الأراضى المجاورة. وهو ما يتطلب وجود قيادة مركرية. 

ل ال 000 00 م نذأ , بعض العرب 
ب ا وهو ما تم إنجازه بعد وفاته. 
وعلى الرغم من أن هذه الحملة قد انسحبت بعد أن استعرضت قوّتها في 
المنطقة. فقد تلتها مجموعة من الحملاات العسكرية الصغيرة في سنة 1١7‏ 


ادق 


مدعومة من قبل البيزنطيين» المنهكين اقتصادياً؛ ومن ثم فإنهم لم يفيعوا 
سوى حامية عسكريّة صغيرة. بخلاف حالة البيزنطيين» فإن الازدهار 
البيروقراطي المفرط لدى الساسانيين قد أغراهم بالتخلي عن دعم اللخميين 
[المناذرة] على جبهتهم الجنوبيّة» وإضعاف روابطهم بالعرب» وتوليهم هم 
[أي الساسانيين] مهمّة التحكّم بالعرب التابعين لهم على نحو مباشر. كان 

بعض العرب المستقلين في الشمال الشرقي من الجزيرة قد نجحوا بالفعل 
(في عام ٠٠١‏ تحديداً) في تحقيق بعض الانتصارات على الساسانيين؛ ومن 
ثم فإن احتماليّة شنهم هجماتٍ على جبهة العراق بات مرجّحا. ومع زيادة 
حجم العمليات» باتوا أحرص على التعاون وقبلوا بقيادة المسلمين في 
الحجاز. وتحت القيادة الجريئة والبعيدة النظر لخالد بن الوليد. أثبتت هذه 
الهجمات ضد الإمبراطوريّات المنهكة نجاخهاء وجلبت كميّة كبيرة من 
الغنائم. فقد تم احتلال الحيرة» العاصمة السابقة للخميين. اشتركت 
مجموعات قبليّة مختلفة في هذا العمل. كانت قيادة المسلمين في المدينة 
بمثابة المُحكم العام» الذي جعل من هذا التعاون الضروريّ والواسع النطاق 
000 وقد قبل العرب المشاركون في المعارك بذلك وأطلقوا على أنفسهم 
لقت المسلكين» زمغ 'تطوّن الغارات والحملاك على العتاطق الشمالية: 
انتفت مشكلة القبائل العربيّة الوثنيّة الرافضة للاعتراف بالإسلام. 


في السنوات التالية» بات لدى قيادة المدينة هدفان رئيسان: الأوّل هو 
نشر الإسلام بشكل أكثر جديّة بين القبائل» وتنظيم الحملات العسكريّة 
الإمبراطوريّات كتعبير عن قوّة المسلمين. ولأجل تحقيق الهدف الأوّل» تمّ 
إرسال قرّاء القرآن. كما كانت عليه الحال في زمن محمّدء لتعليم العرب 
مبادئ الدين الإسلامي . لم يكن متوقعاً أن يتم م تحويل القبائل المسيحيّة إلى 
الإسلام». ولكنّ هذا التعليم كان ملتحماً بالهدف الثاني: تنظيم العرب 
وقيادتهم في الحملات العسكريّة. أصبحت مبادئ التضامن الأخلاقي 
والمالي المتضمنة في القرآن هي الأساس للتوسع العسكري. لتحقيق الهدف 
الثاني» اتخذ مسلمو المدينة قراراً مهمّأ في عام 6 فبدلاً من أن تهدف 
الغارات إلى جلب الغنائم» أو فرض سيادة المسلمين على الفلاحين في 
العناملق المجاو : أصبح هدف الحملات هو السيطرة الكاملة على المدنء 
واستبدال حكومات من المسلمين بحكوماتها. 


م 


التسلسل الزمني من أبي بكر حتى عبد الملك بن مروان 57 1917 


"1" _ 5ه 
1" 


"545 "6": 


51 5م" 


151١-5 


١كك‏ "ىج" 
اك ب 


المح شرل 


"5917 687 


الاحتلال العسكري للإمبراطوريات» الذي تمت قيادته من المدينة المنورة. 

خلافة أبي بكر : هزيمة القبائل العربية في حروب الردة» واستقرار القيادة في المدينة 
المنورة في مجتمع مسلم واحدء الذي تم فيه توحيد مجميع الجزيرة العربية. 

خلافة عمر: نتح امعطم الهاال الخصييع؛ ومصرء والكثير من أجزاء إيران» وإنشاء 
نمط المستوطنات العسكرية [الأمصار] والنظام المالي للحكم الإسلامي. 

خلافة عثمان: الفخوصات تتشم :نمالا : وشترقاً في إيران. وَعريا في مصرهء مع 
تحقّق ثراء هائل للعائلات ذات الامتيازات في المدينة المنورة ومكة. فرَّقَتُ الغيرة 
والاستياء نين المسلمين 4 ثم :ضنط النص القرانى وجمعه :فى سيل تحقيق الوبحدة: 
الفتنة الأولى: مقتل عثمان» في الحروب الأهلية. بدأ علي بخسارة ولاء المسلمين 
بعد أن حظي في البداية باعتراف واسع النطاق بصفته الخليفة في الكوفة؛ التخلي عن 
المدينة المنورة كعاصمة. وتشكل الفرق» بخاصة الخوارج الأشدٌ عناداً في نزعتهم 
الطهورية (/50). 

الأمويون السفيانيون: 

الأموي معاوية خليفة على دمشق»؛ معتمداً على القوة العربية السورية وعلى رغبة 
المسلمين في الوحدة؛ استؤنفت الفتوحات» خاصة في حوض اليحر الأبيض 
المتوسطظ (باسظول بحري قوي)؛ وتم كبح الاستياء الداخلي من خلال التهديد 
بالقوة ؛ زياد بن أبيه يحكم المناطق الساسانية اا : 

تولي يزيد بن معاوية الخلافة (بما يتضمّنه ذلك من فكرة ة الحكم الورائي)؛ الحسين بن 
علي. حفيد محمد» يقتل في كربلاء؛ في محاولة للتمرد في الكوفة في العراق 
(أصبح موته رمزأ لمشايعي الحكم العلوي). 

الفتنة الثانية: مع وفاة يزيدء يُعلن ابن الزبير المدينةَ المنورة عاصمة لخلافته؛ ولكن 
في معركة مرج راهط (184) يستعيد الأمويون سوريا تحت حكم مروان» ويحاول 
المختار الثقفي في الكوفة (546 -/541) إرساء حكم العلويين؛ يستعيذ الأمويون 


السيطرة ة على جميع الولايات الإسلامية تحت حكم عبد الملك بن مروان  546(‏ 
65؛ فى الحروب الأهلية. 


لم تكن هناك محاولات لتحويل سكان الأراضي الإمبراطوريّة إلى 
الإسلام» والذين كان حعسينا كمون الن أحد الأديان الملية. فقد كان يُنظر 
إلى الإسلام على أنه بالأساس» وإن لم يكن بشكل حصريء متعلّقٌ بالعرب. 
ولم تكن فكرة ة وجوب دخول الناس في الإسلام قائمة إلا في حدود:الجزيرة 
العربية. ومع ذلك فقد كان مسموحاً للقبائل المسيحيّة أن تشارك بفعاليّة في 
الفتوحات. أما في الأراضي الزراعيّة غير العربيّة» فلم يكن الهدف هو تحويل 
الناس إلى الإسلام» وإنّما كان الهدف هو الحكم. فقد تم تعميم المثال 


0 


المحدودء الذي قام فيه محمد بإخضاع اليهود والمسيحيّين المستقرين في غرب 
الجزيرة العربيّة» على المناطق التي يصلها المسلمون خارج الجزيرة. وهكذا 
فقد كان تفوّق الإسلام كدينء. وتقديمه لنظام اجتماعيّء مبرراً لحكم 
المسلمين: ومبرراً للصفقة العادلة التي يقوم المسلمون بمقتضاها بالحلول محل 
الممتّلين السابقين» المستبدّين والمحتكرين للامتيازات» من أتباع الولاءات 
الدينيّة الفاسدة السابقة. لم تعد دولة الخلافة مجرّد دولة عربية مستقلة» بل 
أصبحت عجلةً تُسيّر الفتوحات خارج حدود الجزيرة البدويّة» وباتت تعتمد 


فتح الإمبراطوريّة الساسانيّة 


في عام 4*» وبعد سنتين من وفاة محمّدء توفي أبو بكرء ملازم 
البو وولّي عمر الخلافة. وهنا تكوة صيو هو المسؤول عن ران اتعدلال 
المقاطعات الزراعيّة. وأيّا يكن صاحب القرار» فإِنْ عمر هو من انتهج هذه 
السياسة بشكل منظم. يُمكن أن تُعزى النجاحات العسكريّة الأولى في عام 
5 بخاصّة في سوريا ‏ والتي تم على إثرها احتلال دمشق لبعض الوقت - 
إلى عامل المفاجأة. في عام 2575 تم تدمير الجيش الروماني في سوريا - 
لسن السك الرثتق الامتراطوزتة طبع ب يف اختار المسلمون مر نع وها را 
على نهر اليرموك؛ وفي تلك اللحظة الحاسمة» انتقلت القوّات العربيّة الرديفة 
التي كانت تدعم الرومان وتشكّل جزءاً كبيراً من الجيش الروماني» إلى 
صفوف المسلمين. بعد ذلك». سقطت معظم مدن سوريا من دون كثير 
مقاومة. شبّع ذلك المسلمين على توحيد جهودهم وتركيزها في العراق. في 
عام 277317 تم تدمير الجيش الرئيس للإمبراطوريّة الساسانيّة في القادسيّة على 
ضفة الفراث». وقل اتتقلة"القؤات: العربية الموالية اللساساتيى تخد المتخركة 
إلى صفوف المسلمين. بحي بي ايده العراق. ومن بين المدن التي 
امتبلفة في العراق قاضمة الامبرامورة طيسفون ا من دون كثير 
مقاومة. وبحلول عام .15١‏ عندما توفي الإمبراطور الروماني هرقل» تم 
احتلال جميع الأراضي المنخفضة التي يسكنها المتحدّئون بالآراميّة» بما 7 
الك الجرير: ازمتطقة 'ماءبيق التودرين ) "قن الشمال» إفناقة إلى مقطقة نير 
كارون [نهر الدجيل] في خوزستان. ْ 


55١ 


يبدو أن القوّة الإقليميّة الرومانيّة في سوريا والقوّة المركزيّة للساسانيين 

في العراق قد فقدتا كل معنويّاتهما وتهاوتا بسرعة من دون أيّ محاولات 
جدية لإعادة لجف قوّاتهما أو إيجاد شكل من التعاون الداخحلي. . فى سوريا 
على الأقل» يبدو أن ذلك قد تمّ نتيجة لعدم اكتراث إلسكانء لا المزارعين 
فقطء بل سكان المدن ا الذين كانوا فى العادة» فى العصر الزراعى. 
يُشاركون في بعض امتيازات الطبقة 0000 كان قالغال 
يقاومون احتلال مجموعة غريبة.لمدنهم. عان غالبيّة اليهود السوريين من 
الاضطهاد من قبل الإمبراطوريّة المسيحيّة. ومن ثم فإِنّهم قد دعموا سابقاً 
الاحتلال الساساني لسوريا؛ ولكتّهم لم يكونوا يمتلكون سببأ وجيهاً لتفضيل 
العسلمين غان الببزتطييق: كما أنغالية السيحين المنوويية فنا غانوا عرد 
الاضطهاد أيضاً؛ ذلك أنّهم رفضوا القبول بقيادة الكنيسة الإغريقيّة التي 
تمسك بزمام السلطة في القسطنطينية. » كما رفضوا الحرل بعل مط 
خلقيدونية» التي كانت تلك القيادة الكنسيّة تسعى لفرضها. كان السوريّون في 
الغالبى يفضلون دعم مجتمع ديني خاص بهمء. يخضع لقيادة آرافة انسي 
مذهب «الطبيعة الواحدة للمسيح»"*'؛ ويبدو أنّهم قد دعموا الساسانيين 
أيضاً. وعلى الرغم من محاولات هرقل تحييد العقيدة عندما أعاد فرض 
حطره عن حرا زر كمه ل للق مرق القريه من لويس ياد نن 
الوقت نفسهء كانت الكنيسة الإمبراطوريّة (الإغريقيّة) ‏ التي سمحت 
باستعمال جزء من ثرواتها وكنوزها خلال الحرب العا د إلى 
إصلاح نفسهاء ومن ثم فقد فرضت نسباً مرتفعة من الضرائب. عندما انهزم 
الجيش الإمبراطوري» قبل سكان المدن بمعاهدات فرديّة مع المسلمين (تنصٌ 
على فرض مستويات منخفضة من الضرائب) واستقبلوا المسلمين بودّ. أما 
ماك الأراضى من المتحدّثين بالإغريقيّة فقد انسحبوا إلى مرتفعات الأناضول 
وم يعودوا' يعد :ذلك 


)#ه) المرتوفية (1:6وتنؤطمه0ه3260) أو «الطبيعة الواحدة» هو مذهب يقرر وجود حقيقة واحدة إلهية 
للمسيح امتزجت بها طبيعته البشريّة على خلاف ما قرّره مجمع خلقدونيّة من وجود طبيعتين إلهية وبشرية 
للمسيح (المترجم). 


نض 


السهل الرسوبي لما بين النهرين قد أصبحت بمثابة مزرعة للدولة» فلم تكن 
عوائد الأراضي ف السواتا [المنطقة الجنوبيّة الخصبة من منطقة ما بين 
النهرين وما 00 توزّع على مالكي الأراضي . كان الحفاظ على الزراعة 
يتم من خلال نظام ري هائل. والح المي جار على در مسال اليل 
قطعة من الأراضي كما كانت عليه الحال في السابق» حتى في الفترات 
الآولى .من حكم الساتعا نبج [أي إنه ناك يدان فركة يأ ]. وتدشكل ذلك 
الأساس المادّي للجيش المركزي» كما شكل الأساس لقيام إمبراطورية 
بيروقراطيّة مركزيّة. ومن ثم فقد أصبح الحفاظ على هذا النظام مرهوناً بإدارة 
مركزيّة مغلقة. وبالتالي» فإِنْ انهيار المركز كان يعني امتداد الخراب في 
الأراضي الزراعيّة الواسعة؛ وهي كارثة ستنعكس بوضوح على الخزينة 
المركزية. ولكن بعد هزيمة الساسانيين ف فى الحرب الأخيرة مع الرومان. 
مرك ستو انك" فزن الفوضئ السياسنة وتكاثرت المطالب 0 بالأحقيّة 
بالعرش». وتنازعت فصائل الجيش على الظفر بجائزة السلطة. كانت 
المقاطعات الساسانيّة المختلفة تسيّر على نحو مستقل من قبل القادة 
العسكريين. تسبَّبَ انحرافٌ حدث في مجرى نهر دجلة في تكوّن مستنقعات 
دائمة في العراق الأدنى وخراب العديد من الأراضي الزراعيّة حتى قبل نهاية 
556 من المحتمل أن التغيّرات في تشكيلات الأرض كانك فد بدات 
بالفعل» وهي ما تسبب لاحقأ في جعل عمليّة ريّ السهل الرسوبي أكثر 
متعونة د..ولكن الاغنطراب السباسن وده تان كافيا لتزليف /الطرك» الكنارية 

غير المسبوقة في العراق. د الكارثة بدورها في زيادة صعوبة مهمة 
الفاتز فى الحروب الأهليّة (يزدجرد الثالث في عام )1١5‏ في فرض سلطته . 
50 ساسا الوشزوان إلى هالةامة الانهيان» تعض الوقت على 
الأقل”"'. 


(7') واتواط ملمنرقط عطا جره لننعتجرء[ةاء5 زه 1715107 4 :024زع80 0تنناء8 014ه1 ركصتحلخة .11 أرعطه] 
.(1965 ,25655 16380ن) 01 1217615117 :102002 :11 ,مع دعتط©) 


. وهي دراسة عن الريّ الزراعي في سهول ديالى (شرق بغداد) منذ الأزمنة السومريّة إلى وقتنا 
الحاضر. وتقدّم دلائل أركيولوجيّة مهمّة لهذا الانهيار. ثمة صعوبة كبيرة في إثبات وفت حدوث ذلك». 
ومن ثم فإِنَ بناءنا للاحدات سييقن تحميينا بدرجة ما. ولهذه الفواسة أنقا أهمية اساسية فيها تعلق 
بالتاريخ الاقتصادي خلال الفترة الإسلاميّة . 


ينض 


ار الى 





فتح الالال الخصيب والأراضي المجاورة إلى سنة 565 


بغضٌ النظر عن حالة الاضطراب» لم يكن لدى سكان سهول ما بين 
النهرين مصلحةٌ في الحفاظ على أراضي الدولة لصالح حكومة بدلاً من 
حكومة. كان معظم هؤلاء السكان من المسيحيين واليهود. أو من 
المانويين»* وقد عانوا من الضعف والعجز في ظل حكم الإدارة الهرميّة 
التي يتولاها المزديّّون. لم تكن للطبقات الزراعيّة الساسانيّة العليا مصالح 
شخصيّة فى سهول ما بين النهرين؛ فقد كانت هذه الطبقات متمركزة 


م 


بالآأساس .فى المرتفعات: الايرائية:. كان الجرع الأهع .من الجحود 
الساسانيين - أصحاب المصالح المحليّة في العراق» هم العرب ‏ وقد تم 
تجريد بعضهم من استقلالهم موؤخراً. عندما قامت القوات الساسانية 
بانسحاب استراتيجي الي المرتفعات». غادر النبلاء الساسانيون معهم؟ 
وانتقل الساسانيون العرب إلى صف الدولة العربية الجديدة المستقلة: ولم 
يكن لدى المزارعين أو سكان المناطق الحضريّة مصلحة في مقاومة السادة 
العسكريين الجدد. 


غندما تأكدت سيطرة العرب: على أراضى الهلال: الخضيب»: بيدأت هنجرة 
القباتئل بالجملة من كل أجزاء الجزيرة العربيّة إلى العراق. كان الرجال 
يصطحبون عائلاتهم معهم للالتحاق بالجيوش المنتصرة. وقد شكل هذا 
مره 113 :ميكرنه تعائلة سكنت العانالات فى قواعة فسكرنة انيف عل 
عجل على أطراف الصحراءء فيما كانت الجيوش تذهب إلى الأراضي 
المجاورة. بدأت أولى الحملات العسكريّة إلى المناطق الأبعد من الأراضي 
الارامية المنخفضة في عام 23 إن مصر » الْعون كانت معروفة لدف المكيين 
بثرائها. في مصرء كان السكان الأقباط أيضاً يُقاومون الكنيسة الإغريقيّة 
الإمبراطوريّة باسم مذهب الحقيقة الواحدة للمسيح. وقد عانوا كثيراً من 
الاضطهاد بعد انسحاب الساسانيين. خلال عام »551١‏ تم احتلال معظم 
البلد. وتم احتلال الإسكندريّة أيضاً في عام 517» العاصمة المحليّة 
مثلما كانت تزود البيزنطيين من قبل . 


في عام 2.15١‏ يدأ التقدم ة فى المرتفعات الساسانية والرومانيّة. وعلى 
الرغم من بعض التراجعات. إلا أن معاوية ,١(‏ 2 سفيان» القائد السابق 
ا 
هجمات على قيليقية (جنوب شرق جبال طوروس في الأناضول])» ثم تقدّم 
في ميجير الاناضول» ووصل إلى عمورية في عام 555؛ ولكنه لم 
سكن من لامكل ء على الأراضي الواقعة خلف ملطية على نحو دائم. وفي 
عام 741. كان عليه تدمير الحصون في الأراضي الرومانيّة» التي توقع بأنّه 
لن يستطيع الحفاظ عليها لوقت طويل. 


م 


ولكنّ التقدّم الأكثر أهميّة كان في الأراضي الساسانيّة من جهة البصرة 
والكوفة تحديداً. فقد هاجر غالبيّة العرب إلى هاتين المدينتين» وتفوّق 
عددهم على العناصر السابقة» المعتادة على حياة المدينة» والتى عرفت 
الحكم الساساني والخدمة الساسانيّة منذ وقت حكم اللخميين للحيرة. على 
أن العناصر المُقابلة للعرب قد استمرّت في كونها هي العناصر السائدة 
والغالبة في سوريا. أرسل الجيش إلى عراق العجم» الهضبة الممتدّة في 
غرب إيران» وتمكن من الانتصار على الجيش الرئيس للساسانيين في 
معركة تهناونك اف عام 11 ومجلول غاء 115117 كانت المدة الرتسة 
للمقاطعة قد استسلمت تباعاً. أصبح الساسانيّون» بعد أن سقطت عاصمتهم 
وقطعت عنهم الإيرادات التي كانت تصلهم من سهول ما بين النهرين. 
عاجزين عن تجميع قوّاتهم. وعلى خلاف البيزنطيين» الذين كانت قوّاتهم 
الاحتياطيّة ومراكز قيادتهم الرئيسة لا تزال سليمة في القسطنطينية البعيدة» 
تاذ" لساما بيو بعت نهنع الي اتوي قد زرلرا. .إن عبرت طقاويقة كرد عه بلي 
المقاطعات بشكل مستقل. فى النهاية» سقطت الإمبراطوريّة الساسانيّة 
ووريف لحرت نر ارده" الرقيي ٠‏ وإمكانانها الشاسة» يتياه الطريقة» دان 
نجاح العرب في العراق قد مكنهم من تشكيل إمبراطوريّة جديدة قادرة على 
الاستمرار» على الرغم من فشلهم النهائي في م الإمبراطورية البيزنطية 
في موطنها الرئيس . 


تمكن العرب البدو من السيطرة على البلدان الثلاثة المجاورة لهم 
بسهولة كبيرة؟؛ لح مي اي يي ملعي يتياه د ا 
سيطرة الساسانيين أو الأحباش» كما أنهنا علد تضف. غريية أصلاً ؛ أما 
سوريا فقد كانت تخوض نزاعات مع حكامها البيزنطيين» واستيقظت فيها 
الروح الساميّة التوحيدية الجماعية في مواجهة الطبقات الهيلينية الحاكمة. 
التي فقدت مئلْ أمد بعيد الروح الابتكارية للدولة المدينة اليونانيّة؟ أما في 
العراق» حيث يكل العرب عنصراً عو أعاناء كما في سبوريام فلم يعد 
كيه عقابق ويم فسعفلة: خاصة: سقطت مصر بسهولة أيضاء فهيء 
كالعراق» لم تكن تمتلك قوّة فوة مسكرية خاصّة بهاء وكانت 2 خاضعة 

لجارتها الأقوى . يمكن القول أيفا من دون أن يعني يعنى ذلك أن الأمر كان 
بساك له ملفا من أن العديد من العناصر في سورياء وربما في اليمن». قد 


ااا 


تعاونوا مع المكيين المسلمين» الذين كانت تربطهم بهم علاقات تجارية 
قديمة؛ ويبدو الأمر كما لو أنه كان ثمة محور يمني - مكي - سوري» وأنه 
كان 'قويًا بيهنا “فته الكفاية لتمكن .هن السيطرة ة على كل من مصر والعراق 
بقوّته العسكرية والتجاريّة. يبدو أن السوريين كانوا مستعدين بما فيه الكفاية 
ا مع حكامهم المكيين على الفور: وإذا كان انشقاق العناصر 
العسكريّة من بين المؤمنين بالطبيعة الواحدة للمسيح - الفرق العربيّة الرديفة 
هو ما 00 سقوط سوريا بيد العرب. فإن التعاون السريع من قبل 
الأسطول البحري للسوريين غير العرب هو ما أتاح للعرب أن يصعدوا كقوّة 
بحريّة منذ البداية» فتمكّنوا من هزيمة القوّات البحريّة البيزنطيّة الهزيلة. لم 
يحتج تجار مكّة الكبار سوى إلى القليل من الوقت لاختراق التنافس على 
الامتيازات» في العراق على وجه الخصوص . ولكن؛ من غير الواضح ما 
إذا كان نجاحهم في ذلك قد تم بدعم ومساعدة من السوريين أم + :ولكن 
السيطرة على الأراضي المركزيّة في هذه البلدان الثلاثة المجاورة كانت 
مسألة أخرى؛ ففي تلك العمليّة» كانت هناك ظروف خاصّة أتاحت للعرب 
أن ينجحوا فى مسعاهم. 


أرسل العرب في وقت مبكر حملة عسكريّة بحريّة ضدٌ الحبشة» ولكنها 
فشلت. وقد كان من مقتضى الحكمة 0 إرسالهم حملة أخرى؛ فقد كانت 
الحبشة تمثّل قوّة عسكريّة قويّة» لم تتأثّر بخسارتها في اليمن؛ ولم يكن هناك 
أي مبرر لتوقع أن يتنازل الأحباش عن أراضيهم أو أن يسمحوا للعرب 
بموطئ قدم فيها. كما أن منطقة نيل السودان» التي لم تكن قد اندمجت في 
الإمبراطوريّة الرومانيّة» كانت قد حافظت على نظامها الاجتماعي الخاصّ 
سليماً»ء ومن ثمٌ فإنَ العرب لم يكونوا يمتلكون أفضليّة تؤمّلهم للسيطرة 
عليها؛ وهكذا فقد نجحت هي الأخرى في صدّ هجوم المسلمين. وكذلك 
كانت الحال مع البيزنطيين» الذين تتمركز قوّتهم في أشباه الجزر شماليٌ 
البحر الأبيض المتوسّط» المواجهة للبحر»ء والتي تشكل وحدة قادرة على 
الحياة بذاتها من دون مصر أو سوريا. ومن ثمّ فإِنْ السيطرة على مرتفعات 
الأناضول كان يتطلّب قوّ ة كاسحة مستعذة للسيطرة ة على كل مدينة» من دون 
أن يكون لدى الطبقات المحليّة ذات الامتيازات أي سبب يدفعها لتفضيل 
الحكم الأجنبي. وقد كان من المشكوك به ما إذا كان الاستيلاء على 


ينض 


القسطنطينيّة نفسها سيّؤدّي إلى نتائج قادرة على الاستمرار طويلاً. كما 
حصل مع الحملات الصليبيّة في .١1٠١5‏ بخلاف ذلكء كانت المرتفعات 
الإيرانيّة مرتبطة بشكل وثيق بالعراق. فبحكم كونها جزءاً من المنطقة 
القاحلة» فإِنْ تلك المرتفعات الداخليّة كانت مرتبطة بالأنهار المجاورة التى 
بدك عليه الريا: يخاضنة تمر تيون في لخبيال والتيل والقرا عد قي 
الغرب (أما نهر السند فقد كان منفصلاً بمجموعة من الحواجز عن الأجزاء 
الرئيسة من هذه المرتفعات). كانت عاصمة الإمبراطوريّة الإيرانيّة منجذبة 
باستمرار نحو الأراضي المنخفضة فيما بين النهرين» منذ شوشان [العاصمة 
القديمة للفرس في عهد الإمبراطوريّة البارثيّة» وتقع في خوزستان] إلى 
طيسفون [المدائن].. كان التداخل المعادل. بين التقاليد الايراتيّة والسامية أمراً 
وآسخا نظرا لظروف: الج والحفافت"المشتركة. .وكتدرء هد هنذا الميظط 
الثابت والشامل» كانت الدولة الإيرانيّة معتمدة في أساسها الاقتصادي على 
سواد العراق. 


إذأء فمن بين الإمبراطوريّات الثلاث التي كان المكيّون وخلفاؤهم 
يحافظون على الحياد وسطهاء كانت الإمبراطورية الساسانية هي الوحيدة 
القايلة للسشوط على بي العر يصوي مضت قو الوجي الثر ان بسع 
قدرات البدو القتاليّة التوسّعيّة. ومع استيلائهم على هذه الإمبراطوريّة» أصبح 
المسلمون قادرين أيضاً على الاستيلاء على الأراضي المجاورة التي لم تكن 
خاضعة للإمبراطوريّة» أو تلك التى كانت خاضعة لها قبل وقت طويل. لقد 
قاقم عناك محمورغة من الأعناتب النجانة الى اناخت لين الاتعيلاء عن 
الإمبراطوريّة الساسانيّة: وتحديداً الأزمة التي عصفت بالساسانيين» وما 
لحقها من انهيار القوّة الساسانيّة عندما حرمت من عاصمتها. ولكنْ هذه 
الأسبات السياسيّة كانت تعبيرا عن أسبات ثقافية أكدن دنمومة» ألا وه 
الرضدة الذانمة وو أزافين ا لنقاقة" ا لأتزانسنى العامة مين الليل «رسيهون: 
والتمايز عن الأراضي الاغريقة: المّحَة فى شبه جزيرة الأناضول. كانت 
المغرب وإسبانيا هي المناطق البعيدة التي تمكن العرب من السيطرة عليْها من 
دون أن تكون ذات صلة بالقوّة الساسانيّة؛ ولكتّهم هناك تمكنوا من تحفيز 
مجموعة مستقلة وقيادتهاء وهي البربر» التي كانت تمتلك زخمها وإيقاعها 
الخاص . 


لض 


التسلسل الزمنى للفتوحات العربية :573 188 


يلمكريرل وفاة محمّد وما تلا ذلك من حروب الردّة؛ أبو بكر يتمكن من ترسيخ ولاء المسلمين 
بين القبائل العربيّة» التي كان ولاؤها الأساسي تابعا لقيادة محمّد السياسيّة؛ دارت 
العديد من المعارك في أجزاء متفرّقة من الجزيرة العربيّة؛ تم دفع المجموعات 
المحاربة خارج الجزيرة العربيّة إلى الشمال الشرقي والشمال الغربي . 


ينول فتح الحيرة» معقل الساسانيين بالقرب من نهر الفرات . 

نايك هزيمة القوّة البيزنطيّة في سوريا. 

يأرل فتح دمشق؛ تبعه فتح مجموعة أخرى من المدن السورية. 

1 معركة البرجوك,«بالقرنة من نهر :الأردنة«وسخق الجيكن البيزنطي :التوئ بقيادةاعفيق 
الإمبراطور. ومقتله؛؟ وبذلك باتت سوريا مكشوفة؛ استعادة دمشق . 

نل معركة القادسيّة» بالقرب من الحيرة» وتدمير الجيش الساساني القوي بقيادة القائد 


الرئيس رستمء ومقتل رستم؛ فتح الأجزاء الغربيّة من نهر دجلة في العراق؛ فتح 
العاصمة الساسانية طيسفون [المدائن]. 


4 فتح بيت المقدس؛ تأسيس البصرة والكوفة كمدن للحاميات العسكريّة [أمصار]. 

514 فتح قيساريّة (الميناء الفلسطيني) بعد جهد؛ لم تعد ثمة قوّة بيزنطية في سوريا؛ غزو 
مصر (في نهاية 774)؟ فتح خوزستان. 

54١‏ فتح الموصل؛ لم تبق ثمَةَ قوّة ساسانية غرب جبال زاغروس؛ معركة نهاوند في قلب 


منطقة زاغورس» وفتح تلك المنطقة عبر تدمير بقايا الجيش الساساني؛ فتح حصن 
بابيلون (الموقع الذي تم تأسيس الفسطاط فيه). 

14 فتح الإسكندرية؛ الهجوم على برقة (طرابلس)  157(‏ 147)؛ الهجوم على سواحل 
مكران.» جنوب شرق إيران (5147) 

110 البيزنطيّون يستعيدون الإسكندريّة» والمسلمون يستردونها من جديد. 

نحو 140 المسلمون يُنظمون الأساطيل من مصر وسوريا؛ بداية القوّة البحريّة للمسلمين. 

نحو 141" فتح طرابلس . 


51 فتح قبرص: أولى العمليات البحريّة المهمّة للمسلمين. 

604 فتح برسبوليس [تخت جمشيد]» المدينة الرئيسة في فارس والمركز الديني للزرادشتية . 

161 اغتيال يزدجردء آخر الحكام الساسانيين في خراسان. 

100 خضوع معظم أرمينيا؛ صدّ الأسطول البيزنطي عن الإسكندريّة؛ نهب صقلية؛ عقد 
معاهدة مع النوبة جنوب مصر. 

564 نهب رودس . 

1 أساطيل المسلمين المشتركة تحظّم الأسطول البيزنطي الرئيس جنوب غرب سواحل 


الأناضول؛ وهرب قائل الأسطول بصعوية. 


4 


بخلااف حالة المسيحيين أو المرديينة» لم يكن الفصل الصريح بين 
الدين والدولة يمك + بين المسلمين . كج ل و لجال الى وو لي 
كان رئيس 0 الكبرى للمسلمين هو ذاته ل 0 
ل اد مجتمع العرب المسلمين: . فمي وقت محمد في الحجازء 
اخخين المستين 0 بوصفهم في موقع الرعية التابعة التي يتم التسامح 
معها؟ وقل كو لمطييوا حياتهم المسعفاة نحت جما المجتمع الإسلامي 
وتحت إدارته الشاملة. كانت المفاهيم والمثل الحاكمة للمجتمع العربي 
المهيمن ممُحددة من خلال الإسلام. وهكذاء فإِنْ المؤشسات الإسلاميّة قد 
صممت في البداية كتعبيرات عملية عن الجوانب المختلفة لحياة المسلمين 
العرب. وكانت العادات والأعراف العربيّة الممرضية مقبولة» والأمر ذاته 
ينطبق على أنماط العلاقات بين الحكام والمحكومين في الأراضي الزراعيّة. 
أما الأعراف والعادات التي تتعارض مع الدين الجديد فقد تم استبدالها . 

لدج ا لحر اك ام وخا في كر رباع لظام فوم علق 
الحياة المشتركة الخاضعة لمحكّم واحد بدلا من نظام القبائل المتناحرة 
داخل المجتمع . فى عهد عمرء تجددت هذه المشكلة فى ظروف جديدة» 
وتمثلت في ضرورة فرضص درجة من الانضباط العام بين الفاتحين في 
الأراضي الجديدة» الذين سيصبحون من دونها بلا قانون. ومن ثمٌ فقد تم 

تبنّى الحل الذي قدمه محمد.» والذي يتمثل بالتوزيع المركزي للخروة عدي 
المحتاجين. 0 ماعرمة 0 أخلاقية 0 لحل الخللافات ركه 
تحديد طبيعة السلطة فى هذا المركز. 

كان انق يك عونا بأنه ممثّل ونائبٌ عن محمّد؛ خليفته. وقد كان 
ذلك بالضوورة تخيرا خن نحالة طارئة . امتمر استعمال: لقني الخليفة لوصفت 
«عمراء ولكنّه فضّل استعمال لقب «أمير المؤمنين» في الاستغمالات 
الرسميّة. ٠‏ فالسلطة الوحيدة التى يعترف بها العرب هي سلطة القائد/ الأمير 
العسكري في الحملات على المراعي الجديدة أو في الحروب. ومع أن 
القرآن يركز على فكرة المجتمع» الذي تكتمل أفعال الأفراد الأتقياء بالعمل 


خحمضن 


المشترك فيه في سبيل الله» .إلا أنْ ذلك لم يتحقق سوى لحكومة النبيّ نفسه. 
ومن ثمٌ فإِنْ المنصب الوحيدء الذى تمكو اذ مع الشرع ةا هو صب 
القائد العسكري بسلطة أضيق نطاقاً :.وقك.رأئ: هر أن هذا هو منتصته: 
ولكنّ الحرب قد باتت هي العمل الرئيس للمجتمع في الحاضرء ومن ثم فإن 
مثل هذا المنصب قد فتح نطاقاً واسعاً من المسؤوليات. 


قبل المسلمون بعمر قائداً للمجتمع في أيّ مسألة لا يستطيع فيها الأفراد 
أن يتصرّفوا فيها من تلقاء أنفسهم. كان منصب الأمير يعتمد على المكانة 
اللتخضةة ,وق هذه الخالة غلن الشكانة القيئئة الهى ويهنا أن سلوك أي 
ميجنوطة كارب إطان مسنالحها القياتة كان لخر فيالة وينة» كنا القرل 
أن عمر كان خليفة للنبيّ في المسائل الدينية تسلا وكان تراوفام 
بالاتساق مع ما أعرب عنه محمّد من الإرادة الإلهية. وبما أن لم بعلن ويا 
خاضًا مخ الله فإنه لم يكن يمتلك سلطة دينيّة مستقلة؛ وكانت قراراته 
مخصوصة بالمسائل السياسيّة الراهنة التي يتخذ فيها قراره على أساس دينيّ . 
على اع سال كاد سلطعة تعكبين على الزمه ا مين من داوف معد 
ولمودحة: برعل الاعدراف به داغل المديدةب ب وبالقالن اعترا نه ادر 
المسلمين به عامّة ‏ بوصفه يمثّل فعلاً طريقة محمّد ومنهجه. 


إذأء كان منصب عمر الديني والعسكري يعتمد على العلاقات الشخصيّة 
العاسر مثلما كان منصب محمد. ولكن. ع تزايد أعداد أفراد المجتمع 
رابها هائلاً: 2 بصن ده ا 0 (عدا ' عن الشعوب التابعة). 
في الواقع وجود مؤسسة قادرة على العمل من دون تدخحل 0 
شخص. كانت 0 التمحور ود افواد اده 0 00 
وكانت ا بزي تورّع كسعانات فرذت لالرسان اضيا 0 
المسجَلين في الديوان وفقا لمراتبهم. كان بعض المسلمين البارزين يتلقّون 
إيرادات من داكن مخصوصة. ولكنْ معظمهم كانوا يلتقون حصصهم من 


أقرّ هذا النظام بأنْ الفتوحات كانت هي حجر الأساس لدولة 


ا" 


المسلمين» بل وساعد هذا النظام في الحفاظ على هذه الحالة. لمّا أصبحت 
الغنائم هي المورد المادي الأكثر جاذبيّة للدولة» كان من الواضح أن هناك 
رغبة باستمرار الفتوحات. وعلى الرغم من أن للك لم يكن. ربماء هو نية 
عمرهء إلا أن الفتوحات قد استمرّتء. ولا شك بأنها ساعدت بنتائجها 
المثمرة السريعة في تفعيل ترتيبات عمر الجديدة. ولكنّ عمر عمل أيضاً على 
استمرار وضع الأراضي المفتوحة كمُّمتلكات. كانت الغنائم ل ادم 
تتررع بين الجيشن في لبحظة الفتخ؛ مع الاحتفاظ بحصّة النبي ف فى الحممن 
تحت تصرّف الخليفة ليورّعها على المحتاجين وعلى مصالح الدولة: أها 
الغنائم التي لا يُمكن نقلها ‏ إيرادات الأراضي أو الضرائب - فلم تكن تُقِسَمِ 
في الغالب. وكان يتم التعامل معها على أنّها (فيء)1 أي بوصفها مصدراً 
للدخل يتم إنفاقه على العرب الفاتحين وأبنائهم (نظرياً) من قبل المركزء 
الذي كان يُرسل إليه الخمس. كان كل عربي قادراً على الحصول على 
مستحقاته كما يُحددها المقرٌ الرئيسَ من خلال ديوان الجندء ولكنّ استلام 
المستحقّات كان يتم في الولايات المختلفة. 


لم يكن للعرب ‏ حتى لو أرادوا ‏ أن يستقّروا في المدن القديمة كسادة 
جدد (فقد تمت تجربة وضع حامية عسكرية في طيسفون [المدائن]» عاصمة 
الساسانيين» وأدّى ذلك إلى نتائج أخلاقيّة سلبيّة). كان على العرب 
وأطفالهم أن يبقوا في مدن مخصصة للحاميات (مصرء وجمعها أمصار) 
كطبقة فاتحة منفصلة» تعيش على المعاشات التى ترذها من الجزية. كانت 
الأمصار تقام لوفو له إلى تفن تورات التعالتة العقر تقى وقالا ينا كانت 
تُقام بالقرب من الصحراءء التي يُمكن أن تكون طريقاً مفتوحاً لأي 
انسحاب. كانت الكوفة» فى منطقة طيسفون (ليس بعيداً عن عاصمة مملكة 
المي المربعة لكين اا عر الواقعة بين الصحراء وموانئ الخليج 
العربى». هما أكبر مدن الحاميات في 0 ومتهها كانت الخجئللات 
العسكريّة تنطلق تنطلق إلى المناطق الأبعد في الشرق. أما الفسطاط (التي ستصبح 
لايق القاهرة القديمة) فقد أقبمت على رأكن دلثا النيل» 4 كا طبعنة 0 
وكمقر لانطلاق البعثات العسكريّة إلى الغرب. في سوريا فقطء حيث كان 
الفاتحون العرب يمتلكون صلات وثيقة مع السكان السكلبين فل الح 


بقيت دمشى » المدينة القديمة. هي المركز الرئيسن)» بدلا من تأي مصر 


ف 


جديد. ومن دمشقء» كانت الحملات العسكريّة تنطلق نحو الشمال الغربي 
فد اله الكين الوسيقة يندت 


بوصفهم مسلمينء لم يكن العرب مجرد جيوش محتلة؛ فقد كانوا 
يمتلون أيضاً النظام الإلهيّ الخيّر بين البشرء الذي يقوم على اتباع الوحي 
ا دلهيث اف كلّ مصر من الأمصارء وفي كل مدينة استقرّت بها حاميات 
المسلمين» بنيت المساجد. التي كانت في ذلك الوقت عبارة عن مكان 
مسيّج بسيطء يعلوه سقف. ويصلح لاجتماع الناس؛ وفيها كان المؤمنون 
يجتمعون لأداء الصلاة جماعة» بخاصّة يوم الجمعة. يبدو أنْ نمط صلاة 
الجمعة يُرددٌ صدى الصلوات اليهوديّة والمسيحيّة (وقد اعتمدت الثانية على 
الأولى بطبيعة الحال) في النظام العام للعبادة؛ فعلى سبيل المتال كانت 
الخطبة تُقسّم إلى قسمين» وهو ما يُشْبه الطقوس الأقدم. إذ يُقرأ النصّ 
المقدّس في البداية ثم تتلوه قراءة أقل قداسة أو نوع من الموعظة؛ كما أن 
الخطبة تسبق الصلاة» كما يسبق قراءة الكتاب المقدس طقس تناول القربان 
المقدّسء الأفخارستيا. (على مستوى التفاصيل». كان الخطيب يحمل عصا 
بيده حين يتحدّث,». وهو ما يعكس عادة عربيّة وثنيّة قديمة). ولكن» من 
ناحية التأثير النهائي» فإِنَ صلاة الجمعة كانت تُعبّر عن رؤية جديدة 
للمسلمين: فالخطبة لم تكن تركّز على النصٌ المقدّسء. وإنما على حياة 
المجتمع المسلم على نحو متساوٍ في الخطبتين. كان القرآن يُستعمل بشكل 
كنيز فن. الخطتية» ولكنه كان تلن مين قبل كل الأفوادة وأحانا يمحس 
اياوعم للقياك» قارة بين لول العناداك الاسلاظة موي ةو البيككاا 
التوكييك الفيلةة "يكنا أن المعد كان سععمل كان اند 
السوفة يفا 


(:) للاطلاع على وصفي بالإنكليزيّة للعبادة الإسلاميّة الأساسيّة» انظر: 
-ع56 ,(1958 ر55ع1/ كاكظ 121ء1آ :011 لا بتاع11) «رمنعناع!1 كنظ 0714 77177164ه نا[ هلك[ .له ,لإطع ع1 طتتطامم 
.151310 01 0111165[ ع1“ ,17 102 
وفيه شرح تفصيليَ مستقى من مؤلفي المسلمين المعتبرين. وقد ترجم لفظة «الصلاة» إلى 
(جع:ز63م 1[دع نع 11011) [أي الصلاة الطقوسية]. 
وللمزيد من التفاصيل ٠»‏ انظر: 
ولإع1د296) .8 مالظ نإ صخا أقصهء1' امتاوصظ ,«بماى1 دز منطكمه/11 ,نلهجة ©-1ء لعستسقمطن14 نصح[ طم 
.(1957 ,ع23نانآ :1.02002) .0 220 


(وهو بالمجمل ترجمة لرسالة لأحد العلماء المسلمين الكبارء الغزالي). 


يفف 


العبادات العامة كما ظهرت في الزمن المروانى 


* الصلاة (خمس مرات في اليوم: الفجرء الظهر العصرء المغرب» العشاء): 
ينم الدعوة إليها من خلال: 
الأذان - دعوة إلى العبادة 
يجهر به صوت: 
المؤذن - الصادح بالأذان» 
والمتمركز في : 
المئذنة (المنارة) - برج في أعلى المسجد؛ 
ويمكن تأديتها. مع كل ذلك؛ في أي مكان. وفقط بعد 
الوضوء - الاتسال الطقوسي (غسل الوجه والذراعين والقدمين [ومسح الرأس]) 
وبينما يتم استقبال اتجاه 
القبلة - اتجاه الكعبة» المكان المقدس فى مكة 
(بالنسبة إلى معظم المسلمين في القرن العشرين» فهي تقريباً باتجاه الغرب؛ لا الشرق) 
وتلاوة عبارات عربية) خاصة العبارات المقتبسة من القرآن» بما في ذلك : 
الشهادة - الإقرار بالعقيدة الإسلامية وأنفاً 
التكبير - «الله أكبر؛؛ 
وتتكون من اثنتين أو أكثر من 
الركعة - سلسلة من الركوع والسجود؛ 
وقد تؤدى الصلاة فى 
المسجد - مكان حُصّصٌ للصلاة» 
في مجموعة من الصفوف يصطف فيها المصلون ويقودهم 
الإمام , الذي ينتظم المصلون خلفه مع أدائه للصلاة» 
باتجاه 
المحراب - ركن فى الجدار باتجاه القبلة. 































صلاة منتصف النهار (الظهر) التي يؤديها جميع الذكور البالغين في 
الجامع - مسجد خاص كبير لجميع المجتمع المحلي؛ 
ومع الصلاة يتم أداء 
الخطبة - موعظة (باللغة العربية» ولاحقا في نماذج محددة) - تنضمن ذكر أ سم الحاكم المسلم المعترف به - يُلقيها الخليفة أ 
واليه (الذي حل الخطيبٌ محله لاحقا) 
من على 
المنبر - مجموعة من الدرجات التي يقف عليها الخطيب. 












رمضان - الشهر القمري التاسعء وشهر الصيام في النهار, 
وفي نهايته يحتفل ب: 
العيد الصغير (عيد الفطر). بصلاة صباحية جماعية خاصة. 
يليه في الشهر الثاني عشر 
الحج - السفر والحج إلى مكة بصورة كاملة) مع أداء شعائر خاصة في مكة وجوارهاء 
وفي نهايته يكون: 
١‏ العيد الكبير (عيد الأضحى)؛ 













يحتفل به فى مكة وكل مكان؛ وأداء صلاة صباحية جماعية خاصّة؛ وشعيرة الأضاحي 


7/1 


هكذا كان كل مصر من الأمصارء بتمركزه حول المسجد وبقائده الذي 
من الأراضي التي تقع تحت سلطته العسكريّة ويعيش منها. في هذه العمليّة. 
تمّت قولبة الشعوب داخل الأنماط الإسلاميّة. في كل مصرء كان يتم تعيين 
قائد [والي] يُمثل الخليفة» يكلف بإمامة الصلاة وبقيادة البعثات العسكريّة 
التي تنطلق من مصرهء كما كان مكلفا بإدارة الجزية التي يجمعها. كان 
مطلوباً من القائد أن يحافظ على النظام داخل مصرهء وأن يحل النزاعات 
بين المؤمنين بروح العدل وبما ينسجم مع أوامر القرآن. كان عمر بحاجة إلى 
رجال يمتلكون القدرة الإداريّة اللازمة للتعامل مع البدوء الذين كانوا 
(بخاصّة من ليسوا من سوريا أو من حرّان) غير معتادين على الانقياد لسلطة 
خارجيّة؛ وأن يكون هؤلاء الرجال قادرين فى الوقت نفسه على رؤية 
الفقنا كا البعبدة الآمد:فيما تعلق تاذارة الأراضي الزواعة وعراجها . كان 
من الممكن إيجاد مثل هؤلاء الرجال من قريش - ومن حلفائهم من قبيلة 
ثقيف في الطائف - ولكنّ ذلك كان أحياناً على حساب كمال أخلاقيّاتهم 
الإسلامية في حياتهم الشخصية. 


على الرغم من ضعف بعض ولاة عمرء إلا أنه كان دائم التأكيد على 

أن الإسلام هو أساس حياة العرب. كان محمّد قد ترك العديد من الأسئلة 
الجعلقة في الحياة المتطوّرة في المدينة. ومع حياة المسلمين في الأمصارء 
ار بالداخلين الجدد في الإسلام» والتي بدأت تحظى بثروة لم يكن 
يتخيلها العرب». كان على عمر أن يضع معايير صارمة وواضحة لمنع 
الانحلال الأخلاقي السريع. فقد أرسل القرّاء إلى الأمصارء ولكنّه لم يترك 
الأقو رهما لذلاك وعيسن: فقد قرر عمر فيما يبدو ما هو الحدٌ الأدنى 
الأساسي من الشعائر العمومية التي يجب على الجميع مراعاتهاء وهو أمر لم 
يجد محمد الوقت الكافي لعمله. » على الرغم من اهتمامه بتحديد هكذا 
وصفة : : على سبيل المثال» عبر فرض الح كفريضة إلزاميّة على المسلمين. 
واف للتقاليد الإسلامية المتأخرة على الأقل. فقد شدّد عمر على قانون 
الأسرة» وأكّد العقوبات المغلّظة على الزنى؛ ؛ ومنع العادة العربيّة القديمة من 
الزواج المؤقت [زواج المتعة] (وهو ليس دا عن الدعارة). وهو زواج 
كان محمّد قد تساهل معه؛ ومنح الأمّة المملوكة موقعاً أكثر أماناً في حال 


ميض 


ألحت من سيدها. بالعموم». أكّد عمر على الانضباط الصارم (وكان قاسياً 
مع شاربي الخمر). وعبر كونه تمتوذ ينا مخضا أرك وربما عبر بعض 
المراسيم؛ شبّع على الزهد والتخلّى عن الترف» الذي يمثّل نتيجة طبيعيّة 
للثروة التي تراكمت مع الفتوحات. وبمساعدة بعض أصحاب النبيّ ذوي 
العقول الحكيمة» تمكن عمر من جعل الإسلام معياراً طهوريّاً للمجتمع 
ا 


كان عمر يضع الطابع الديني للمجتمع العربي نصب عينيه في تأسيس 
ديوان الجندء إضافة إلى الطابع العسكري المتعلّق بالفتوحات. فقد أعطى 
الديوان مكانة اجتماعيّة واضحة لجميع المسلمين العرب. حتى لأولئك 
الذين انهزموا في حروب الردّة» جنباً إلى جنب مع المجتمع الأصلي في 
المدينة ومكة. لم تكن المكانة الاجتماعيّة بدورها تعتمد على النسب وإِنّما 
على الإيمان. كان رجال القبائل» بالعموم. يصنفون بحسب قبائلهم. ذلك 
أن القبائل قد دخلت في الإسلام - جملة؛ ولكنّ كلّ عربي كان يحظى 
بمكانته بوصفه فرداً . كان المعيار الرئيس هو أسبقيّة المرء في الدخول في 
الإسلام. عملا فإنْ ذلك قد منح أفضليّة لمسلمي المُدينة؛: نخاضة: أن 
أقد قدميتهم كانت متحققة في مجالات شتى. ون كراي وكل سدم 
مبكراً من أي قبيلة أخرى كان يحظى بالاعتراف ذاته. منحت زوجات 
موعكن ‏ وفائلةه مكانة خاصة بحكم قربهم منه. إذاٌ فقد كان المجتمع 
العربئ بأكمله مصئفا بحسب معايير إسلاميّة صارمة. فقد كان مركز الدولة 
هو الملة التى تأسست على المكانة الدينيّة لمحمّد؛ ولكتها [أي الدولة] 
تضمٌ؛ كجزء : يتجرّأ منهاء أعضاء جميع الطبقات الحاكمة من العرب 
المتوزّعين في الأراضي المفتوحة. 

تمثلت روح النظام الجديد في نظام التأريخ الذي تبثاه عمر: إذ بدأ 
التأريخ من هجرة محمّدء التي مثّلت قطيعة مع الماضي القبلئ وبداية تأسيس 
النظام الجديد في المدينة. كما أنْ مصطلح الهجرة كان ينطبق أيضا على 
هجرة الأفراد أو القبائل إلى المدن العسكريّة الجديدة: في المشاركة في 
المجتمع المسلم الفاعل» ٠‏ يكرر كل فرد المخعر الاشاسضة يّة التي اببطلق 
المجتمع المسلم ككل منها. إضافة إلى التأريخ بدءأ من الهجرة» كرّس عمر 
التقويم القمري» الذي كان نمثل قطيعة عن البيئة المحيطة؛ ذلك أنه (بوعي 


لضن 


أو من دون وعى) كان يتجاهل السنة الموسميّة» ويؤوّل آية قرانيّة غامضة 
نزلت في السنوات الأخيرة من حياة محمّد على أنّها رفضٌ لأيّ توفيت بين 
الدورة القمريّة والفصول الموسميّة. هكذاء أصبحت السنة الإسلاميّة» التي 
تتكوّن من ؟١‏ شهراً قمرياًء أقصر من السنة الموسميّة ب١١‏ يوماء ولم يعد 
هناك أيّ تزامن بين السنة القمريّة واحتفالاتها من جهة وضرورات الحياة 
الرعويّة أو الزراعيّة من جهة أخرى؛ فضلاً عن أن تتزامن مع التقويمات 
الأخرى. 


أولى حروب الفتنة 


توفْى عمر في عام 515» وكان عمره نحو 07 سنة» وعيّن مجموعة 
من قادة المدينة لاختيار خليفته. وبحكم غيرتهم المجاولت اختاروا 
أضعفهمء عثمان بن عفان, الرجل التقي الذي دخل مبكرا في الإسلام. 
والذي تزوج ابنتي النبي . استمرت الفتوحات والغارات في عهد عثمان في 
اتجاهات عديدة» ولكن مع تناقص واضح في حجم الغنائم» على الرغم 
من زيادة أعداد رجال القبائل المهاجرين. كانت أبرز الفتوحات هي 
الفتوحات في مرتفعات الهضبة الإيرانيّة. فبعد انقطاع قصيرء تم احتلال 
المقاطعة الأمّ للساسانيين» فارس» عام .10١٠‏ ثم تحرّكت الجيوش نحو 
المقاطعة الكبيرة فى الشهال: الشواقى + خخر اسان العن قيلت تروط 
المسامين ومعلر ل دعام 01617 بعلن لجيه القري ةو يعدم جنات زافيها بأن 
البيزنطيين لن ينسحبوا من الأناضول بفعل الغارات البريّة وحدهاء انطلق 
العرب إلى البحر بقيادة معاوية. وقد شجعهم النجاح الذي لاقوه في 
هجومهم على قبرص في عام 154 على القيام بالمزيد من الجهود. 
بالمهارات البحريّة التي يتمتّع بها السوريّون والمصريّون» تم احتلال قبرص 
وتم تحطيم الأسطول البيزنطي ‏ المجرّد من جزته السوريّ ‏ في عام 508. 
ولكنّ هذه العمليات لم تعد تجلب من الغنائم نفس المقدار الذي كانت 
تجلبه قبل عقد من الزمن. وقد توقّفت هذه العمليات على إثر حركة العرب 
المستائين الذين ثاروا على الخليفة. 


تابع عثمان نهج عمر وسياساته. ولكن بمهارة أقل. ففي عهد عثمان» 
ظهرت مبادئ ما يمكن أن يطلق عليه الخلافة «الأمويّة) (لأن جميع العمتليق 


يءض 


الفاعلين للخلافة» وأوّلهم عثمانء, كانوا من بني أميّة). كان على رجال 
القبائل المحاربين (المقاتلة) في الأمصارء الذين سكنوا هناك بأمر من عمر 
للاستعداد للحربء افنييتوا هناك بشكل دائم على الرغم من أن المعارك 
أصححة أدرا عازف : وأن يعيشوا كعرب في منأى عن السكان غير العرب؛ 
وقد كانوا محكومين من قبل عائلات تجاريّة من قريش ومن حليفتها ثقيف 
(من الطائف). ومعظمهم كن ابدى آمنّة الذين كانوا يمسكون بزمام السلطة 
المركزيّة في وجه النزعات القبليّة والمحليّة. وهو وضع كان يبدو مؤقّتاً في 
عهد عمرء ولكنّه تحوّل الآن إلى سياسة مطردة وثابتة. وكان على كل من 
المقاتلة وولاتهم أن يبقوا منضبطين بالحميّة نحو الإسلام المشترك» الذي 
يجعل المرء عربيًاً بحقٌّ. 


لم يتمكن عثمان» على عكس عمره من تجتّب السماح للعائلات 
التجاريّة الغنيّة في مكة بالذهاب إلى الولايات» بخاصّة في العراق» للقيام 
برحلات ومشاريع تجاريّة هناك» إلى درجة أت إلى انزعاج العرب المحليين 
الأقل حظّأ. ولكنّه تمككن من عكس النزوع (الميول) نحو السماح بتكوين 
ممتلكات خاصّة وعزبات في السواد. أرض العراق المرويّة بوفرة. فقد أجبر 
عثمان أولئك الذين بدؤوا بتشكيل هكذا ممتلكات على نقل استثماراتهم إلى 
الحجاز؛ ليتمٌ العمل على تنظيم موارد الري من الواحات المختلفة لتصبح 
متوفرة طوال العام. وقد قلل ذلك من خطر ذوبان الثقافة العربيّة في ثقافة 
الهلال الخصيب, وقوّى في الوقت نفسه مركرّ الخلافة ماديًا. ولكنّ هذه 
الإصلاحات لم تجعل عثمان فيو : بين المكيين . 


بعد عدَّة سنوات». بدأت الاحتجاجات والشكاوى بالتزايد. وكان لا 
بدّ من معاقبة هذا الشغب بسفك الدماء العربيّة في الكوفة. بعد انتهاء 
الحملات العسكريّة في إيران على وجه الخصوصء تزايدت حالة الاستياء 
فى الأمصار. بعد فترة من الوقتء. كان معظم البصريين راضين عن والي 
اي الوالي الجيّد الذي تمكن من تحقيق بعض 
الثراء في أوقات السلام» ولكنّه شججع الأخرين علق" قعل الأضر تفبية» كان 
السوريون واصين بحكم فعا ؤانة امأ في الفسطاط والكوفة. فيبدو أن .عثمان 
لم يكن قادراً على إرضاء العرب مهما فعل. كان شرب الوالي للخمر 
جريمة واضحة» ولكنّه لم يكن أسوأ من الجرائم التي اضطرٌ عمر للتسامح 


0 


معها مانا وقد احتجح البعض على تنظيماته الثانوية لشؤون العبادات» 
التي أصبحت الآن تتخذ أشكالا محددة الأوقات. واكتينافاً مع دور الإسلام 
كرابطة توحّد العرب» أصرّ عثمان على توزيع نسخة واحدة جمعها من 
الوحي القرآنى على الأمصارء. وأن يُقتصر على استعمالها هي فقط. وطالب 
ات 000 النسخ المحرّفة. وقد تم قبول ذلك في معظم الأمكنة (نسخة 
عثمان هى النسخة الحاليّة من القران)» ولكنْ ذلك قد تسبب بتنامي 
الاستياء بين طبقة القرّاء (بخاصة عبد الله بن مسعود في الكوفة)» الذين 
كان كثيرٌ منهم يمتلكون نسخهم الخاصّة من القرآن». التي تختلف اختلافاً 
طفيفاً في بعض التفاصيل. وهكذا فقد رفض أهل الكوفة الانصياع لأمر 
عثمان لفترة طويلة. 


بدأ العديد يشتكون من ميل عثمان لمحاباة أقربائه» واعتبروا بأنهم هم 
السبب في جميع المظالم. وعلى الرغم من أنْ عثمان من أوائل من دخلوا 
فى السام لكنه كان ينتمي إلى بني أميّةء الذين عارض معظمهم. مع 
قائدهم 5 سيان محددا إلى آخر لحظة. كان عمر قد استفاد.» على نحو 
واسع: من خبرات بعض الأمويين ومهاراتهم» ولكنّ عثمان أعطاهم وطن 
أقرباءهم ما يُشبه احتكاراً للهتناصسةة الرسهية: بل وتركهم متشكهون :نه 
أحياناً. وهذا ما جعل عثمان غير محبوب في أوساط عائلات الأنصار في 
المدينة. 


أخيرا اشتكى بعض كاك الاميضار من النظام المالي نفسه (الذي 
كان عمر قد وضعه عانقا ولكنّْ عيوبه ندأات تظهر في تنا حكم عثمان) ؛ 
فقد كرهوا أن يتم التعامل مع خراج الأراضي التي تقع تحت سيطرتهم على 
أنه فيء. ملك للدولة. يدار من قبل المدينة (مع وجود آثار للمحاباة مرة 
أخرى) بدلاً مرة أن يحتفظوا هم يهذه الإيرادات. ويبدو أن البعض قد 
اقترحوا بأن يتم توزيع الأراضي المفتوحة. مثل غنائم المعارك.» بشكل 
ار على الجنود. على أي حال» ٠‏ فإنهم رأوا بأن هذه الإيرادات لا يجب 
أن دول الى الاي وهناك بعض الموّثٌ تخرابة على أن على .يزه 
طالب»؛ ابن عم النبيّ (وزوج ابنته)» الذي تربّى معه في منزله. قد 7 
سياسات عمر وعارض عثمان بشكل أكبر. كان على معروفاً بكونه محارباً 
علا وكان تنظ إليه على أنه«المتحدبه الرسمقى باس المعا رضيين لمان . 


0 


وقد أضبح الآن .هرا لحرت المغارف.. 0 


وهام 1» وصل هذا الاستياء إلى ذروته. وقد شجع . أهل 
المدينة أهل الأمصار على احتجاجهم. خاصّة في الكوفة. حيث تم رفض 
والي عثمان فووا جه ١‏ عادت مجموعة من الجنود ار 1ن 
المدينة] للمطالبة بما يرون أنه حقٌ لهمء بعدما شعروا بأنهم قد خدعوا من 
قبل مساعدي عثمان. إذ عادوا إلى بيوتهم مع وعود كاذبة ؛ بالإصلاح 
والااستجابة لمطالبهم؛ وعكدها اكعسموا بان القوان كاك قن لخد دام 
فادتهم عوضنا عن ذلك. عادوا غاضبين إلى المدينة. بعد ملة من 
المفاوضات العامة والمكائد. التي وقفت فيها عائلات المدينة غير الأمويّة 
على الحياد. اقتحم المتمرّدون منزل عثمان وقتلوه. (كانت سلطته. مثل 
أبي بكر وعمرء تعتمد على مكانته الدينيّة فقط؛ ولم يكن لديه حرس 
خاص) . 


هكد إذاء عه أريعة وصتدرون هاما على اوقاة فيسكته يداك عرس 
«الفتنة» التي استمرّت لخمس سنوات. والفتنة تعنى حرفيّاً «الإغواء» 
و«الامتحان»» وهي فترة من الحرب الأهليّة للسيطرة على المجتمع المسلم 
وعلى الأراضي الواسعة التي تقع ضمن نطاق سيطرته. كان لعثمان العديد 

من المعارضين بين أصحاب محمّد في المدينة» الذين لم يقوموا بشيء 
لردع المتمرّدين المسلّحين. وقد انقسموا الآن حول الغنائم الم يد 
نادى المتمرّدونء ومعظم أهل المدينة» بعلي بن أبي طالب خليفة 


(5) يمكن الاطلاع على دعوى تؤكّد دور علي النشيط في الاحتجاج في دراسة لورا فيشيا فاغليري : 

© 0 17 51121خ1أه 071:1 اناك  ,‏ 11 ناك 22210116 لمطع0 12أع0 عطاعءه 112ناك'' رمعااع ةا -جاععع/ا 21113آ 

.4473-5 .مم ,(1956) 2 .120 ,(0123ظ]1 رعاطع1:011 اعم مالتأنا5) هك الآ ملاعل :داعا ماع +010 1ل 

وهي مادّة مرتبطة أيضاً بالأزمنة المروانيّة. إن جميع كتابات لورا فيشيا فاغليري حول هذه 
المرحلة مهمة وتستحق القراءة. 

(1) يُمثل صحابة محمّد»ء أي المسلمون الذين التقوا بالنبيَ شخصيا حيها عددزا من الرجال 
والنساء. بخاصّة في نظر المسلمين المتأخرين؛ والعديدٌ من أسمائهم معروفة. . أستعمل لفظة 
(3550618165) كمقابل للفظة «الصحابة». في حين يستعمل العديد من الكتاب لفظة (1085ههممرمه) . 
وأعتقد بأن لفظة 3521005م10ه» تتضمن معنى القربة والألفة بدرجة عالية» مما يستبعد صحابة محمّد 
الذين التقوه بشكل عابر أو لفترة مؤقّتة. ولكن لا ضير من استعمال اللفظة» إذا تمت الإشارة إلى ذلك». 
وإن كنت أرى لفظة 385061846 أليق وأبعد عن التضليل» وأقل شخصية. 


كن 


للمسلمين» وقبل بذلك بعد تلكو بسيط. على أنْ زوجة محمّد المحبوبة 
غائكشةغ واثنيخ من أبرز الضتحاية :مق المهاجرين, المكية: طالنوا عند ذلك 
بالثأر لعثمان» وهاجموا عليّاً لأنه لم يقم بمعاقبة المتمرّدين بوصفهم قتلةء 
والذيق أصصوا الآن كف رفو تتية جكونافنة ء رد اليعمودون أن قتل عشمان 
كان عملاً عادلاً ومبرراً لأنّه غدر بهم ولأنّه لم يحكم بما يُوافق القرآن؛ 
ومن الع افليس ثنة نا يسعدعى الثان: وقد كان على على أن يقبل بهذه 
الحيّمة. انسحب على إلى الكوفة» التي كانت تضمٌ مؤيّديه» في حين كان 
معظم معارضيه في البصرة. وقد كانت كل القوّة العسكريّة موزّعة في 
الولايات. ولمّا كان عليّ المنتصرّ في الصراع الجاري». فقد جعل من 
الكوفة عاصمة له. وقد أصبح قادراً على تعيين الولاة من مؤيّديه في معظم 
المقاطعات؛ ولكن قود كه العامة كانت في العراق. كانت الكوفة هي 
المركة الأساس 0 في السوادء ذلك الجزء من سهول الهلال 
الخصيب الذي وصل فيه الاستثمار في الريّ الزراعي إلى ذروته» والذي 
كانت الدولة الساسانيّة في السابق تستأثر بإيراداته. كان السواد يمثل 
المصدر الأكثر إدراراً للربح من الفيء. قام عليّ بتوزيع أموال الخزينة على 
الجنود. ولكنه لم ينجح في توزيع السواد. هذا على افتراض أنه كان ينوي 
القيام بذلك . 


الوالق هناكه: بالمطالبة بالناق لأبق. عمة عكمان. :د حقه عل دناتها و وري 
ولكنّ المناوشات والمفاوضات في صِمَينء في أعلى الفرات» في عام 
/1. لم تكن حاسمة إلى أن قام رجال معاوية (الذين كانوا على وشك 
الهزيمة وفقاً لرواية العراقيين) برفع المصاحف على رؤوس الرماح ودعوا 
للتحكيم وفقاً لكلمة الله. قبل العديد من أتباع على بهذه الطريقة لإنهاء 
الافتتال ,بين المسلممن وأجبروه على قبولها. وقف العديد من قادة الصحابة 
على الحياد؛ ورفضوا أن ينضمٌّوا إلى أحد المعسكرين في النزاع الذائن يز 
لعي أجبر علي على اختيار ون د 0 له فاختار 
احتمان : وال نع كن مدنا ار 


8 


أحداث الفتنة الأولى 65" 551 


675 مقتل الخليفة عثمان في المدينة المنورة (حصار بيت عثمان) 
على يد المتمردين من مصر مقابل المدافعين عن بني أمية 


حزب علي (ابن عم محمد وصهره) معارضة من قبل الحزب الذي يطالب 





















بدعم من المتمردين» وانضنان المشيتة. على رأسهم عائشة (زوجة محمد المفضلة) 
والزبير وطلحة (المقربان من محمد) 
انتصار علي في موقعة الجمل (جمل عائشة) قرب البصرة 
حزب عليء, الخليقة على الكوفة» يحظى | حزب معاوية (الحاكم الأموي على 
لعثمان. 
017" نهاية مسدودة لمعركة صفين على نهر الفرات 
(القائد العسكري لعلى : مالك الأشتر) أدت إلى : 
تحكيم عديم الفائدة (رفضه كلّ من علي ومعاوية) في أذرح في البادية التورية. 


(وسيط علي : أبو موسى الأشعريء, والي | (وسيط معاوية: عمرو بن العاصء» والي 
فة). مصر) 


انقسام أنصار علي : جماعة الخوارج فى غضود ذلك». شو متعاوية بمصر. 
ا امد اشوا مي وأصبح عمرو بن العاص واليأ عليها . 
(الشيعة). 0 م الخوارج في النهروان في 
العراق. 



















مقتل علي على يد [عبد الرحمن] بن 
الحسن بن علي يتنازل عن حقّه بالخلافة لمعاوية 


في أثناء ذلك» قبن بعص جنوه علن بالندم على توليك التسكيم من 
قبل محايدين في مسألة - معصية عثمان - يرون أنها مُقرّرة وأكيدة وفق 
المعايير القرانيّة أصلاً . وعندما رفض على الانضمام إليهم وفى على يانه 
بقبول التحكيم» انفصلوا عنه وكونوا معسكرهم الخاص»ء بداية عند حروراء» 
بالقرب من الكوفة. وك نقيت هنو الومتوعة عضا من أتقى أتباعه. ومن 


نس 


ضمنهم العديد من القرّاء؛ وقد اتهموا عليّاً بالمساومة مع أعوان الظلمة 
وبخيانة الأمانةع التي تتمثل في 0 الأخطاء التي ارتكبها عثمان. 7 
هؤلاء المتطرفون «الشّراة أو كما اشتهر اسمهم (على الرغم من أنه أفل 
دقّة) «بالخوارج» ‏ باختيار قائدٍ منهم» استقلالاً عن بقيّة المسلمين. وقد تم 
القضاء على معظم المجموعة الأولى منهم على يد قوات عليّء 5 
حركتهم انتشرتء وورثت المطالب المتصلبة بالعدالة المساواتيّة التي برزت 
عند خصوم عثمان. 


عندما وقع التحكيم في عام 2508 تمّت إدانة المتمرّدين» وإدانة عليّ 
أيضاً ضمناً . رفض علي هذا القرار (ولكن من دون ندم على انتظاره» وبالتالي 
من دون مصالحة مع الخوارجء الذين باتوا ينظرون إليه الآن على أنه يتصرّف 
لصالح سلطته الشخصيّة) وحاول أن يتحرّك عقيو قنه تعدا تجو سيوونا 
ولكن» يبدو أن شدّته على الخوارج قد أضعفت شعبيّته حتى في الكوفة. إذ لم 
يستطع أن يجمع جيشاً للقتال. بعد ذلك» وفى ل لد 
المتقطع . ؛ تمككن معاوية من إحراز تقدم ثابت» وَل بدأ ذلك بضمّه لمصر. بقى 
العديد من العرب محايدين» وخسر علي العديد من أتباعه. حاول لقي 
الثاني» الذي شارك فيه معظم قادة المسلمين» من دون حضور علىّء الوصول 
إلى توافق حول مرشح آخر لمنصب الخلافة؛ إذ إن أتباع معاوية باتوا الآن 
يصرّون على أن معاوية ينبغي أن يكون هو الخليفة» وكان معظم الآخرين غير 
مستعدين للقبول بهذا الخيار. لم ينجح هذا التحكيم سوى في إضعاف مطالب 
علي بالخلافة. ولكنّ جيوش معاوية أثبتت قدرتها على هزيمة المقاومين لها 
في الجزيرة العربيّة. وفي عام »17١‏ قتل عليّ على يد أحد الخوارج» فتوصّل 
ابنه الحسن (الذي كان أتباعه الأوفياء فى الكوفة لا يزالون يحمسّونه) إلى 
تسوية مع معاوية تنازل بموجبها عن مطالبته بالسلطة وعاد إلى المدينة. . ومن ثم 
فقد تم القبول يمعاويةء الذي كان تسيياً للنبي [فهو أخو أمّ حبيبة» زوجة 
النبَ]» كخليفة للمسلمين في جميع المقاطعات. 

خلال فترة الاحتراب الأهلي» تم إخراج العرب من مقاطعة خراسان 
على يد بقايا القوّة الساسانيّة» ولكنّها لم تتمكن من إحراز أي تقدّم آخرء 
وسرعان ما تم تدارك هذا التراجع. ولكنّ الصراع بين الفرق قد تصاعد. فقد 
انسل الخوارج نملا قابلا للتكرار: : في الكوفة والبصرةء اللين أضبهينا تحت 


نيان 


سلطة خلافة معاوية. شكلوا مجموعات من الرجال المتعصّبين» الذين شنَّوا 
حرب عصابات ضد مجموع العرب. ودعوا المسلمين إلى الالتزام بمعايير 
أعلى وأكثر مثاليّة» وعاشوا على الغنائم والنهب. وقد رأى الخوارج أنفسَهِم 
على أنّْهم هم المجتمع الإسلامي الوحيدء وأنّهم وحدهم المناصرون للعدالة 
الإلهيّة. م 0 طريق الإسلام الح يتضمّن إعلان الحرب 
على كل مدعي الإسلام الذين لم يقبلوا معايير الخوارج الصارمة. وبعيداً عن 
الأمصارء فإِنْ المجموعات الأكثر نشاطأً من الخوارج كانت تقوم بذللفه أيكما 
أمكنها ذلك . ثمّة نقطة على ذات الدرجة من الأهمية» وهي أنْ عرب العراق 
ورت سواويا قفن أضيحوا متشاحنين وساخطين على بعضهم البعض . هدأ 
يحطي العراكين بعد بحص الوقكه ولكن في الكوفة. ظل عليّ وعائلته 
تعتيوون رفوزا للمذلطة المحلة هبد السورزيين: :والحقيقة أن علا ينه حي 
المبدأ كان أكثر من مجرّد رمز. لقد كفت على عن الوقوف لأجل المبدأ 
المجرّد كما فعل في البداية؛ وهذا ما جعله الخوارج أمراً مستحيلاً. ولكنّ 
مصيره قد اتخذ معاني عميقة على المستوى الرمزي؛ فقد كان ينظر إلى عليّ 
بوصفه رجلاً عظيماً (وقد كان بالتأكيد محبوباً جدّاً من قبل أتباعه الذين ظلوا 
معه على الرغم من التكلفة الباهظة لذلك)» سقط على يد منطق الأحداث 
الخسيس» وبوصفه رجلا مستقيما تخلى عنه الناس وتم جره إلى الهزيمة التي 
لا يُمكن أن تحتمل نظرا لمكانته الشخصيّة وإن كانت هزيمته مستحَقّة على 
المستترى العيق الساناتة موقد اصع غلك هو الكخصية المتاسية الت 
يُمكن حشد كل المحتبجّين ضدّ منطق الأحداث» وكل المحتبجّين على ظلم 
السلطة المركزيّة حولها. وفي وقت مبكرء تمّت كتابة تاريخ علي بوصفه 
الشخص النبيل الذي هلك نتيجةً لتقلب أصحابه وخبث أعدائه في مواجهة 
القوّة الباطشة» التي يجب علينا دوماً أن نواجهها من دون مبرر أو تعليل! 


على الجانب الآخرء كان هناك عدد كبير من المسلمين الذين اعتبروا 
بأنّ حروب الفتنة هى درس فى أهميّة وحدة المسلمين. بالنسبة إليهم اتخذت 
الجماعة» مجموع المجتمع الإسلامي ككلء قيمةٌ روحيّة بالغة الأهميّة 
و ا بالرعاية الإلهيّة. ولكنّ مفهوم الجماعة كان ذا 
هميّة أساسيّة على نحو خاص لأولئك المحايدين» الذين بايعوا معاوية على 
مضض » ولم يندمجوا مع أنصارة: السوريين. . فقد اعتبروا بأنْ السلطة السوريّة 


ين 


بديلٌ مؤقّت. وإذا كانوا في السابق غير مقتنعين تماما بعلي» فإنهم لا يزالون 
مستعدّين لإدانة معاوية إذا فشل في تحقيق توقعاتهم العالية. كان بإمكان 
فعاؤية: أن يستغيد "سياسنات» عثمان ولكنه: لوريكن: فادرا بالطبع .على استعادة 
مكانة عثمان وهيبته. وحتن أولئك الذين رفضوا الأشكال الأولى من التشب 
في ذلك الوقت لصالح الولاء للمجتمع ككل في مصيره التاريخيّ الفعليَّ». قد 
أصبحوا معارضين في أعماقهم. فمع مقتل عثمان» تم سحب السلطة» بشكل 
لا رجعة فيه» من المدينة المنوّرة» المحايدة والمثالية» والتي تحتفظ بظلال 
المكانة المحمّدية» إلى الأمصار التي تقوم على القوّة العسكريّة. وهكذاء 
منذ تلك اللحظة فصاعداً» لن يجتمع المسلمون معاً من دون أن تحضر القوّة 
العسكريّة لهذا الفصيل أو ذاك. 


في مستهل مغامرة الإسلام» فإِنَ الأحداث التي دارت في الجيل الأوّل 
بعد محمّد كانت على ذات القدر من الأهميّة فى تشكيل ما يليهاء من 
الأحدات الى رك نر يوسي ناتس رايس ال قبن لعفت كف | 
دف" المزلعوة"اللاتعتون التكهم ون اول مصطلخ اكيت الأعدات وان 
ينسبوا أنفسهم إلى الفرق التي نشأت في تلك المرحلة. فقد أوّلوا التاريخ كله 
من خلال الرمزيات المشتقّة من تلك المرحلة» وقد جعلوا من هذه التأويلاات 
ومن الشخصيات الأساسيّة في تلك المرحلة الاختبارٌ الأساس للولاء الديني . 
وقد أدَى ذلك بالطبع إلى تشويش الصورة التاريخيّة الفعليّة؛ ولكنّه في الوقت 
نفسه أضاء مجموعة من النقاط التي يجب أن ننظر إلى أحداث ذلك الوقت 
من خلالها لنفهم تطوّر الوعي والإدراك الديني لدى المسلمين. 


عهد معاوية والفتنة الثانية 


استعاد معاوية وحدة المجتمع العربي الحاكم. على مستوى الأسس» 
استعاد معاوية النظام الذي ابتكره عمر ». والذي تحوّل ف عهد عثمان إلى 
تقليد سياسي مطّرد. على أن معاوية (الأموي) لم يعتمد كثيراً على العائلة 
الأمويّة كداعم رئيس لسياساته. غير أن استعادة معاوية للوحدة لم تقم على 
انين مكانة مدينة محمّد أو على أساس إجماع أصحاب محمّد فيهاء وإِنّما 
قامت على الإدراك العام للمصالح المشتركة» إضافة إلى القوّة العسكريّة 
لقوات معاوية السوريّة. وهكذا فإِنَ العربء الذين كانوا مُدركين لخطورة 


ظظظ2 


موقعهم في الولايات التي فتحوهاء والذين كانوا قلقين من توسّع الانقسامات 
داخل الإسلام» كانوا سعيدين بالمجمل للقبول بالترتيبات الجديدة التي أنهت 
الخلافات المتبادلة على سام توافقات عقلانية كريمة» على الرغم من أن 
أحد الأطراف. وهم السوريون بطبيعة الحال» كانوا قد حصلوا على الحصة 
الأكبر من الامتيازات. لم يعتمد معاوية» كما فعل عمر وعثمان» على 
المكانة الدينية النابعة من صحبته لمحمّد. ؛ على الرغم من حقيقة أنه كان 
يمتلك مثل هذه الصلة (وإن كان ذلك في اللحظات الأخيرة فقط)؛ ولكنّ 
قوّاته السورية العربية كانت تحترم شخصه. وكانت مستعدّة لاستعمال القوّة 
ضدٌ المسلمين الآخرين. وقد كانت هذه القوّة هي ما ساهم في اقتناع معظم 
المسلمين بالنظر إليه على أنه الرجل الأقدر على استعادة الوحدة بين 
المسلمين؛ وبالتالي» فقد بايعوه قائداً للمسلمين. 


باتت دولة الخلافة تقف الآن كقرّة إمبراطوريّة دنيويّة ولم تعد تعتمد 
على دادم اعتماداً باكترا ل من ذلك. باتت الدولة مدعومة. تجلا 
وخارجيّاء من قوى مادية عسكرية؛ مدعومة بدورها بالدين الإسلامى 
كسكرياء كان معاوية قادراً على الاعتماد. في أوقات الأزمات» على الع ب 
السوريين - الذين يشملون المسيحيّين والمسلمين - الذين سمح لهم انضباطهم 
العالي بالتفوّق (إن لم يكن بالهيمنة) على جميع العرب. أما بقيّة القرّات 
العربية.» فقد كانت لا كران تكن الجزء الأكبر من قرّات الدولة» وكانت 
بحو تمر ايعاو هادان ابيص على سورب . وماليُّ. كان معاوية قادراً في 
أوقاتك الأزمات غتتى الاععماد على سوزيا وخدها ةين أن عغائدات 
المقاطنات الأخرى مجتمعة كانث أكين: اتخل معاورة مجموعة هذ المعايير 
لجعل السيطرة المركزيّة على العوائد أكثر فعاليّة مما كانت عليه في عهد 
عجر فقن أذ العد | الغدرني الوبافين: الفتوووق لق جو اؤدالر افك لذ 
بدأ منذ عهد عمرء إلى فرض أنماط ضريبيَّة مشابهة في سوريا وفي أماكن 
أخجرئ : وقد” تم تعديل المعاهدات الأصليّة على مستوى معياري موخد؛ 
وأصبحت 0 المفروضة على الأفراد متدرّجة بدلا من أن تكون مبلغا 
مقطوعاً عن كلّ فرد. هكذا أصبحت الدولة أكثر مركزيّة . 


خلال حروب الفتنة» حافظ العديد من المسلمين على حمّهم برفض 
البيعة لأيّ من المطالبين بالخلافة» مُصرّين على أنهم لا يُمكن أن يُحكمواء 


لمكن 


بوصفهم عرباً ومسلمين» من قبل شخص لا يرضون به. أما الآن» فعندما 
قام حجر بن عدي في الكوفة» وهو مشايع متحمس لعليّء برفض بيعة 
معاوية» وأساء إلى والى معاوية مهددا بإشعال ثورة» قام معاوية بإلقاء القبض 
عليه.» وجلبه إلى تدورياة وبعد استمراره بالرفض قتله. رأى الكوفيّون في 
هذا الفعل انتهاكاً للكرامة الحرّة لرجال القبائل؛ بل ورأوا فيه ما يرقى لأن 
يكون انتياكا لهذا العسؤولتة الفردتة المناشرة بين المسلمين :والته.. .وقد كانوا 
محقّين في ذلك. في حين رأى معاوية» محمّاً بدرجة ما أيضاًء بأنَ هذا 
الفعل خظرة قبرورلة للتحفاظ علق منلامة ا لبمظمم الاسلافن. 

على أن معاوية قد احترم حريّة المسلمين وكرامتهم ما داموا يعترفون 
بحكمه. وقد كان الإسلام هو حجر الأساس لسياساته. لقد كان على معاوية 
أن يلجم أولئك المتسبّبين باضطراب المجتمع» من خلال فرض السلطة 
محليّاًء وأن يُلجم أيضاً أولئك الذين يدعون إلى السلطة المركزيّة من دون أن 
يضعوا الهدف الديني الذي قامت هذه السلطة على أساسه نصب أعينهم. لقد 
كان معاوية يُمثل في الحقيقة المجتمع الإسلامي بكليّته» الجماعة. فكما 
كانت الحال في زمن محمّدء فإِنْ سياسة المجتمع المسلم قد تشكلت على 
يد الحاكم» وإن لم تكن سياساته نابعة من القرآن مباشرة» وكانت بحاجة 
ذوفا إلى دعم فعال من قبل الحاكم. لم يكن معاوية تدا ».ولكه كان 
أقرب إلى الزعيم العربيّ» الذي يحظى بمكانة أعلى من أتباعه المتساوين 
فيما بينهم. وعلى الرغم من أنه من بني أميّة» مثل عثمانء إلا أنه لم يمنح 
الأمويين أسبقيّة وأفضليّة خاصّة. وعلى الرغم من اعتماده على السوريين» 
إلا أنهم لم ينالوا سوى مقدار ضئيل من الامتيازات. وقد كانت مطالبته 
الأولى - والتي منحته النصر في الفتنة ‏ هي الوحدة في الإسلام. 


شهد عهد معاوية إعادة السيطرة على معظم أراضي خراسان. كما شهد 
تحقيق تسوية نهائيّة مع الأمصار؛ تمٌ إخضاع المزيد من المناطق في 
المرتفعات الإيرانيّة شرقاً. بما في ذلك أجزاء من وادي جيحون الأوسط . 
| قبييت حاميات للمسلمين لبعض الوقت في معظم أجزاء الأناضول» وتم 
الحفاظ على السيادة البحريّة في شرقيّ البحر الأبيض المتوسّطء كما تم 
حصار القسطنطينيّة؛ على أن التقدّم في الأراضي البيزنطيّة كان ضعيفاً: 
باستثناء إخضاع المرتفعات الأرمنيّة. أما في غرب مصرء فقد تقدّمت 


ونين 


الفتوحات لأوّْل مرّة في أراضي البربر في المغرب. وصولاً إلى أراضي 
الجزائر الحديثة. وكما يليق بمن استعاد الخلافة» أعاد معاوية تجديد 0 
الإسلاميّة الفاتحة. ولكنّ القرّة التوسّعيّة لم تعد منذ ذلك الحين قرّة 

فقد كان التوازن ام الجديد بحاجة إلى ؛ بعض الوقت 5-6 
الأراضي التي لم يتم إخضاعها وعريمها فر نمة نهائية منذ البداية» ومن 3 
فَإِن التقدذم في الفتوحات كان عائداً ‏ إضافة إلى موارد الإمبراطوريّة الكبيرة» 
التي لا تزال تحتفظ بقوّتها الحيويّة ‏ إلى ضغط الحماسة الجماهيريّة التي 
ظلّت تتعاظم منذ عهد عمر وعثمان. 


في أثناء حياته؛ أصرّ معاوية على أن يعترف المسلمون بابنه يزيد على 
أله :الحليفة الثالى» «(تمكن القول.بأن يريذا كان السيلم الوسيق الذي ميقي 
به السوريّون؛ فأيّ رجل من عائلة أخرى كان سيجلب معه روابطه العائليّة 
والعشائريّة إلى الحكم. وهو ما من شأنه أن يُخل بتوازن القوى الدقيق الذي 
أرساه معاوية). استمرٌ يزيد على نهج معاوية وحافظ على سياساته طوال أربع 
سنوات مضطربة (54850 -"2)587 ولكنّه كان أقلّ حظّأ 2008 
فقد استمرّت قواته بالتقدّم في الشمال الشرقي من إيران» ولكنّه اضطرٌ 
للتحوّل إلى الوضع الدفاعي في مواجهة البيزنطيين. فقبل وفاة معاوية» انتهى 
حصار القسطنطينيّة الذي استمرٌ لأربع سنوات بخسارة كبيرة. وحتى داخل 
سورياء كان بعض المتمرّدين المسيحيّين يشنون غاراتٍ بدعم من البيزنطيين. 
وكان على يزيد أن يبدأ حكمه بتحصين الجبهة البيزنطيّة. كما أن ولاته على 
المغرب قد تسببوا بنشوب ثورة ناجحة للبربر. 


بعد ذلك» أصبح يزيد مشغولاً ببداية الجولة الثانية من حروب الفتنة. 
فقد رفضت عائلات المسلمين القديمة في المدينة بيعته وشجعت على 
مقاومته. تمت دعوة الحسينء, الابن الثاني لعلىّ وحفيد محمّد (من جهة أمّه 
فاطمة)»؛ إلى الكوفة للبدء بتمرّدٍ من هناك؛ ولكنّ الحكومة السوريّة تمكنت 
من إرهاب الكوفيين وتخويفهم قبل وصوله. رفض الحسين والقوّة الضئيلة 
التي معه الاستسلامء فتمٌ عزلهم في الصحراء بالقرب من كربلاءء وتم قتل 
الحسين (580). بعد ذلك نشبت ثورة في الحجاز نفسه؛ وأبرز شخضيبّات 
تلك الحركة هو عبد الله بن الزبيرء ابن أحد كبار صحابة محمّدء الذي [أي 
الزوير] كان ننابقا 'قد تعاض غلا بعد.وفاة عتمان» 


264 


4 


أحداث الفتنة الثانية 54٠‏ 5947 


موري 


يزيد الأول يخلف معاوية 


١‏ ابن الزبير يشعل ثورة في مكة والمدينة. 

187 وفاة يزيد» تاركاً ابنه الصغير (معاوية الثانى)» الذي | 187 القوات المروانية تستولي على المدينة (نحت قيادة 

نأك هدوقت فضي ١‏ مسلم بن عقبة» في معركة الحرّة)؛ وتحاصر مكة. رفع 
الحصار عن مكة؛ والاعتراف بابن الزبير على أنه الخليفة في 
العموم . 

14 في معركة مرج راهط؛ انتصرت قبائل كلب والأمويون | 184 تمرد الخوارج في نجدء بقيادة نجدة بن عامر. 

على أتباع قيس وابن الزبير. حكم مروان معظم سورياء 

وانطلق منها للاستيلاء على مصر. 

0 عبد الملك يخلف أباه مروان في سوريا. 


1 - 141 سيادة الخوارج في معظم الجزيرة العربية. 


5 هزيمة ابن الزبير ومقتله على يد السوريين (بقبادة 
الحججاج) في مكة. 





العراق 


الحسين بن على يحاول التمرد في الكوفة» ويقتل في 
كربلاء. 


4 صعود الأزارقة الخوارج» أغلبهم من البصرة» في 
العراق وإيران؛ وتمت مواجهتهم من قبل المهلب بن أبي 
صفرة (الذي هزمهم أخيرا في 194). 

4 التوابون الشيعة في الكوفة يهاجمون السوريين انتقاما 
0 المختار ينادي بحكم محمّد بن علي بن الحنفية في 
الكوفة . 

1 مصعب بن الزبير (شقيق الخليفة)» واليأ على البصرة» 
يخمد ثورة المختار. 

1 هزيمة مصعب على يد السوريين. 


انتهى هذا التمرّد تقريباً مع وفاة يزيد من دون أن يترك خليفة مناسباً من 
عائلته. وبوفاته» انتقل دعم معظم المسلمين إلى المرشّح الأبرز للخلافة: 
0 الزبيرء الذي وذ الآن في 7 تعيين الولاة في المقاطعات من عاصمته في 

مكة. ولكنّ التنافس القن :فى :يض الولايات والتحرّبات الدينيّة في ولايات 
أخرئ قل أذت إلى تقويض سلطته . افقد استمرت القوى المحليّة التي بايعت 
انرق ارصن بالعمل بشكل ذاتيّ» كل واحدةٍ بحسب مصالحها . في سورياء 
انقسمت القبائل العربيّة إلى القيسيين» المهاجرين الجدد عموماًء والكلبيين. 
الذين استقرّوا في المنطقة منذ وقت أطول. والذين كان معاوية قد طوّر معهم 
علاقات وثيقة. وقف الكلبيّون ضدّ ابن الزبير لصالح ابن عم معاوية» مروان 
(الذي كان المستشار الرئيس لعثمان)» وبهزيمة القيسيين تمكنوا من تصوير 
حكم ابن الزبير على أنّه خروجٌ على الخليفة" . 

في أماكن أخرى» أصبح فريق المعارضين المرتبطين بعلي نشيطاًء ولكنّه 
انقسم أيضاً إلى مجموعة من الفرق والأحزاب. على الرغم من أنْ بعض 
الخوارج كانوا مستعدّين لدعم ابن الزبير» إلا أن فرق الخوارج قد أسست. 


(0) فى هذه الحالة» وفى حالات أخرى مشابهة, فإِنْ المقولات التاريخيّة المستعملة فى هذا 
الكتاب تختلف عن السائد. فعادة ما يُعتبر مروان هو الخليفة الشرعي» في حين يُصوّر ابن الزبير على 
أنه خارج على الخليفة؛ ولكنّ هذا التصوّر قائمٌ فقط لأنّ المروانيين قد انتصروا. في ذلك الوقت» لم 
يكن ثمّة سؤال عن الشرعيّة. وقد كان ابن الزبير فى الحقيقة هو الأقرب لأن يكون خليفة يزيد على 
السلطة» أو على المكانة على الأقل. وقد أدّى تجاهل هذه الحقيقة من قبل بعض المؤْلّفين إلى إساءة 
تقييم معنى انتصار عبد الملك». الذي يُمكن أن يُصوّر على أنه مجرّد قمع للتمرّد. ينشأ الغلط عن النظر 
الارتجاعي من دون الانتباه إلى أنْ مفهوم شرعيّة السلالة كان مفهوماً غريباً في ذلك الوقت. 

لم يحدث هذا الغلط في حالة مروان فقطء. وإنْما في الفترة الأولى المبكرة أيضاً: فقد حدّد 
الكتّاب مراحل الخلافة بناءً على معايير غير جوهريّة . فالكبّاب السنّة المتأتحرون اعتبروا بأنّ عهد على 
(وعهد الحسن) يمثّل الخلافة الرابعة (الراشدة) في المديئة» وأنها بالتالي منفصلة عن عهد معاوية» 
الذي يُصنّف (هو وابنه) ‏ بحكم كونهما أمويّين ‏ مع مرحلة المروانيين» في حين لا يُصئف عثمان معهم 
(على الرغم من محاباته للأمويّين). بالنسبة إلى المؤرّخين المسلمين القدامى؛ فإن هذا التمييز بين 
الخلافة الراشدة والأمويّة له دلالاته الرمزيّة. فحين تمّ تصنيف علي مع الخلفاء الثلاثة الأوائل في 
المدينة (وهو ما حصل في وقت متأخّر)» تمّ تصنيف معاوية بالتالي على أنه من المروانيين. وقد أتاح 
هذا البيليين بسي عنله جاء الخاوقة إلى ميعن الجزء «الجيّد» لس ل كو 0 
مقبول من عمل الخلفاء ء اللاحقين). والذي يعزى إلى عمر؛ والجزء «السيّئ» (الذي يشمل كثيراً من 
الأفعال التي قام بها عمر أيضاً). والذي يتمثّل في عمليّة إرساء «المَلكيّقق لي إلى ماود وإ 
الأمويين. لهذا السببء يتمٌ اعتبار عثمان خليفة راشدياً وليس خليفة أمو . ولكنّ مثل هذه الاعتبارات 
لا يجب أن تُقيّد المؤرّخ الحديث. فهذا التصنيف ينتمي إلى ذات النزوع نحو اعتبار أي شكل من 
الإسلام لم تقبل به الأغلبيّة (أو بعض الكتّاب المسلمين المُعتبرين) هرطقةً ومروقاً . 


الكل 


في إيران وفي الجزيرة العربية نظامي حكم منفصلين؛ وقد تمكنوا من السيطرة 
على معظم أجزاء الجزيرة العربيّة لبعض ألوقت . , كانت النعبا زائئة والطهرانة 
حاضرة بينهم بقوّة إلى درجة أن الحاكم كان يُمكن أن يُخلع في أي وقت إذا 
ما ارتكب خطأ أخلاقياً ثدينه الجماعة. مبدئيّاًء لم يُميّز الخوارج بين العرب 
وغير العرب: فالمهم هو أن يكون المرء +اقيدننا ١‏ ولك الجر رج فلن انان 
(الذين يُدعون بالأزارقة) قد اعتبروا بأنْ جميع المسلمين الذين لم يقبلوا 
بكيانهم مرتدذون؛ ومن ثم فإِنّهم قد حكموا عليهم بالموت حرقيا . 


من وجهة نظر السكان غير المسلمين بالعموم» كان شكل إسلام الخوارج 
هو الشكل المثاليّ للحكم: فقد بقي الخوارج منفصلين عن الذميين» 
وبحفاظهم على نقاء الحياة الإسلامية وطهرانيتها. ضمنوا سيطرة واضحة على 
المسلمين في تلك الأراضي» والذين لم يعودوا منافسين لهم [أي لغير 
المسلمين] على المؤسسات المحليّة. وحين اصطف الخوارج ضدّ الأمصارء 
في العقد التاليى على الأقل» تلقّوا درجة من الدعم (على الأقل في الجزيرة) 
من قبل سكان الأرياف. وقد كانوا قادرين على الحفاظ على حالة من حرب 
العصابات في الجزيرة وإيران. خلال الفتنة الثانية» كان الخوارج هم من 
نجحوا فى السيطرة م ا ا 
لم كر من السيطرة على أي من الأمصار المهمّة. على أن دعم المزارعين 
المعليين لم كن ل آله عرو ردن لاني لدعم من قال اللمسلمين للدي 
(فيما عدا الدعم الذي يأتي من القبائل العربيّة» التي لم تنزلق إلى درجة 
السماح للخوارج بالوصول إلى سلطة متفوّقة» وذلك لتجتب دعم الخوارج ضدّ 
مسلمي المدن الأخرى). وقد حافظت قوى البصرة. القن تعلق دعها دن 
أماكن أخرى. على تقدم ثابت في مواجهة الخوارج. 


في الكوفة» ساد فريق آخر من المعارضين: وهو الفريق الموالي لعليّ. 
وقد أثبت هذا الفريق أنه أقل جذريّةَ في مبادئه من الخوارج وأكثر تسامحاً. 
فبعد ندمهم على فشلهم في دعم الحسين في كربلاء» الذي كان موته فاجعةً 
بحكم قرابته من النبيّ» تحرّك العديد من الكوفيين للتكفير عن خطئهم. وقد 
بات: يطلق على الموالين لقضيّة عائلة علىّ: شيعة عليّ. وقد بدأ بعضهم 
بالتحرّك للانتقام لمقتل الحسين على يد السوريين من دون أن تثمر هذه 
المحاولات نتائج إيجابيّة. تحوّل هذا الشعور إلى محاولة جديدة لتنصيب ابن 


اوم 


آخر من أبناء عليّ» كر ا يجيد ]ابن الح علينة علي السامين. وقد قاد 
هذه الثورة الشيعيّة المختار بن أبي عبيد [الثقفي]» والذي حاول أن يُرسي نوعاً 
بن العداياة الأكثر اعتدالاً من نظيرتها لدى الخوارج كك فقد منح المسلمين 
الجدد من غير العرب» الموالن .تعبا ماديا ين لشاف . ولكنّ ذلك أغضب 
العائلات الكوفيّة القديمة التي انقلبت عليه. وهكذاء فقد أطيح بثورة المختار 
(0) مع بعض الصعوبات على يد والي ابن الزبير على البصرة» الذي وجّه 
طاقات البصرة لبعض الوقت بعيداً عن الحملات ضدّ الخوارج. 


كان جميع المطالبين بالخلافة يأملون بالسيطرة ة على جميع أراضي 
المسلمين» ولم يكن أحدٌّ منهم مقتنعاً بن ولايةٌ من الولايات يُمكن أن تكون 
قادرةً على الصمود د وحدها بمعزل عن بقيّة الأراضي. “من بين جميع القوى 
المتنازعة» أثبت البيت الأمويّ في سوريا أنه الأقوى. فكما رأيناء قبل 
العراقيّون» الذين حيّدوا حركة الخوارج» بقيادة ابن الزبير» وتمكنوا في ظلها 
من هزيمة الشيعة في العراق. ولكنْ ابن الزبير نفسه. قاتد المعسكرء كان لا 
يزال معزولاً في الحجازء جزئيّاً بسبب سيطرة ة الخوارج على معظم أجزاء 
الجزيرة العربيّة. في أثناء ذلك» أثبت السوريّون بأنهم الأقدر على الحفاظ على 
الوحدة من العراقيين. سرعان ما سقطت مصر في يد مروان وابنه [عبد الملك]ء 
الذي خلف أباه في وراثة الخلافة في المقاطعة الأمّ للسوريين. في الخلاف 
اللاحق بين سوريا والعراق» انتصرت سوريا. وقد استمرّت قوّات الأمصار في 
صراعها ضدّ الخوارج تحت القيادة المروانيّة القويّة» مثلما كانت عليه في ظل 
القيادة المفككة والفضفاضة لابن الزبير. (أستعمل المصطلح العام «المرواني» 
لوصف الرجال المرتبطين بمروان وأبنائه؛ «بنو مروان» أو «المروانيون»). 
وهكذاء ففي النهاية» تمكّنت القوات المروانيّة من التخلّص من جميع 
تنا فسيهاة شط وو ااغالى بل قال 313190 ووضيهر ا اقارة لكناة اين الزيي نفس 
(وفي أثناء هذه العمليّة» تدمّرت الكعبة» وكان لا بد من إعادة بنائها). 


(6) إِنّ اشتقاق صيغة 5534 من 561688 يبدو غريباً على أسلوب النطق الإنكليزي؛ فحتّى أولئك 
المعتادون على استعمال 3- كخاتمة» بدلاً من الاستعمال القديم ل6]ف-» يقولون غالبا 581:16. في الهند 
تستعمل شيعي 5811 خطأ اضف الخيده تنم طمعتطكى. ولكنّ الصحيح هو أن «الشيعة/ التشبّع طوختط5)» 
حزب ولا تستعمل للفرد؛ إذا قال أحدٌ بأنّ ال شيعة [فرق الشيعة] 5طه565 قد قاموا بكذا وكذاء فإن 
ذلك يجب أن يعني بأن عدّة فرق من فرق الشيعة قد قامت بكذا وكذا أي مثلاء الشيعة الإثني عشريّة» 


والشيعة الزيدية» إلخ - وليس الشيعة [الشيعيّين] 5115 بما هم أفراد. 


0 


الدولة المروانية 

كان ابن مروان» عبد الملك »)7١5  597(‏ هو من أصبح الخليفة 
العظيم الثالث في الإسلام. بعد عمر ومعاوية. لم تنته أحداث الفتنة هذه المرة 
بالتسوية والمصالحة؛ بل استمرٌ القتال إلى النهاية. وبناءًَ على ذلك» كان على 
عبد الملك أن يُؤسس دولته على أساس القوّة الصريحة في المقام الأوّل» 
بحيث يأخذ الولاء الديني دور بعد أن تحسم القوّة سؤال من هو السيّد. 
أصبح منصب السلطة المطلقة منصباً ورائيّاً ينتقل بين أبناء عائلة مروان (أي إن 
الخليفة كان يعيّن الخليفة اللاحق له). وهو ما يُمكن رؤيته بوضوح في مخطط 
شجرة العائلة الأمويّة. تم تعيين الحجاج بن يوسف (رمت4١72)»‏ الذي أجبر مكة 
على الطاعة (كان هو من قصف الكعبة [بالمنجنيق]). والياً على النصف 
التدرقن مدن الانئزاطورتة؛ أ الأراضى القن كات :فى السنادق قمعت يد 
التاسانييق: كذ فعد التعلم السابق من :قله :نقيان "لكي تقطن الطائفت) 
سلم السلطة» بفضل كفاءته القاسية والصارمة. أضاف الحجاج بفضل إدارته 
الحازمة الكثير إلى موارد الدولة عبر زيادة الاستثمار في الزراعة في سواد 
العراق وتنظيمه» وتمكن من السيطرة على مسلمي العراق عبر الإرهاب 
الفريع العوجة قد جميع الستاخطين» بعد ثورة حديندة فى العراق» قام 
الحجاج ببناء مدينة جديدة كعاصمة للولاية. وهي مدينة واسطء ما بين الكوفة 
والبصرة» التي يمكن من خلالها الوصول بسهولة إلى مركز المعارضة في أي 
من المدينتين ؛ ووّضّع المسلمين السوريين المخلصين له كحامية عسكريّة فيها ؛ 
وقد تم إبقاء هؤلاء الجنود بمعزلٍ عن الاختلاط بمسلمي العراق. أمَا في 
المقاطعات الغربيّة (الرومانيّة سابقاً) فقد حكم عبد الملك (وأخوه عبد العزيز 
في مصر) هذه الأراضي بسياسات لا تقل حزماًء على الرغم من أنّهما لم 
يحتاجا إلى الإرهاب المباشر. (فى هذه الترتيبات المناطقيّة» يُمكننا أن نشاهد 
ليهات الأغيرة السام المكمء. بالمكن الذق اعاد سك كله علي 
أساسه. كانت الأراضي الممتدّة من سوريا إلى اليمن لا تزال هى قلب 
الإمبراطوريّة» على الرغم من أَنّها باتت محكومة من جانب واحد من سوريا؛ 
في حين باتت الأراضي الساسانيّة السابقة تحكم بوصفها منطقة ضخمة تابعة 
للمركز). رح ارا د طك السلي رو ا دود لور مين لي 
عام ٠١6‏ وتبعه بعد ذلك أعضاء آخرون في عائلته (المروانيون). واستمر 
ذلك لما يقرب من نصف قرن. 


ينض 


انا 


الخلفاء الأمويون 

















أمية 
خرت أبو العاص 
أبو سفيان (تقريباً 507-6؛ سيد مكة) عاق الح> 
يزيد "' - معاوية الأول (خلافته 574 5737) اسه ات 
(الوالى على سورياء 579) (الوالي على سوريا » 579 )15١-‏ توفى 17+ 
1 | ِ 
*'- يزيد الأول (خلافته 2-54٠9‏ 547) | 
١ ١ ![‏ 
5 - معاوية الثانى (خلافته *540) رقية و أم كلثوم 1 اين 9 ه ‏ مروان الأول 
(رئيس شكلي) ةا (خلافته 587 - 546) 


(المساعد الرئيس لعثمان» 1415 -101! 
لم يعترف به كخليفة في العموم مطلقا) 


كنا 


؟بسسححج سسب للح ل 


١6‏ مروان الثانى 
(خلافته 1/55 )76١‏ 
































5 عبد الملك (خلافته 2-546 )17٠6‏ عبد العزيز 
(اعترف به في العموم منذ 591) (الوالي على مصر) 
٠‏ - الوليد الأول م د سليمات ٠‏ -يزيد الثانى ١‏ -هشام 
(خلافته 1/٠١6‏ هالا) (خلافته 6١لا‏ -/17١ا/ا)‏ (خلافته 17٠١‏ 775) (خلافته 1/75 0/87ا) 
ظ 4 عمر الثانى 
خلافته /ا١/ا_‏ ١٠لا‏ 
٠٠‏ يزيد الثالث 5 - إبراهيم 7 - الوليد الثانى | عد ا 
(خلافته 755) (خلافته 7/55) (خلافته 17/57 - 7515) معاوية 


عبد الرحمن الأول 
(أمير على قرطبة؛ سلف خلفاء إسبانيا 


ملاحظة: وضع خط تحت أسماء الخلفاء أو المطالبين بالخلافة» وتم ترقيمهم بشكل متسلسل 
(لاحظ أن معظم المؤرخين يرفضون اعتبار عثمان ضمن الخلافة الأموية» لأسباب دينية) 
تم وضع تاريخ الخلافة من سنة المطالبة بها لا من سنة السلطة الفعليّة). 


كاتف الذولة المروا نه إسلؤية ماف بحسب ما كان الإسلام يُفهم 
حينها. في الأجيال الأولىء كان الدين الإسلامي لا يزال بدائيا في وعي 
المؤمنين (بحسب المعايير اللاحقة): فقد كان فوق كل شىء علمة وشعارا 
على العروبة الموحدة كما كان عبارة عن نظام النخبة الفاتحة وطريقتهم. 
على هذا الأساس. أيّد عبد الملك وعائلته مبدأ الجماعة» أي التضامن بين 
المجتمع الإسلامي في مواجهة حزبية القبائل العربيّة وفصائليّتها وفي مواجهة 
التجمّعات المناطقيّة. كان عبد الملك وواليه الحجاج يفكران في الحفاظ 
على سيادة الإسلام وهيمنته عندما قاما باستبدال عملة الإمبراطوريّات 
الكافرة القديمة وسكٌ عملات جديدة بنقوش إسلاميّة» وعندما تدخحلا 
لضمان إخلاص قرَاء القرآن عبر التشجيع على اتباع طرائق أكثر دقّة في 
كتابة القرآن» عوضاً عن الطرائق الأقلّ دقّة التي كانت مُتّبعة. وإضافةً إلى 
الولاة» قاما بتعيين ممحكمين متخصصين في المدن» يُسمّون ب«القضاةا», 
كانت م هي كموي الدراقاك عبرم المسلفي: «علن: اسمن إعدلامة: 
لم يشبجع عبد الملك والحجاج دخول السكان التابعين إلى الإسلام؛ بل 
ثبطا ذلك؛ ولكنّ ذلك كان يتوافق مع الرؤية الأكثر برعا ادام 

بين المسلمين. فالإسلام. من بين بقيّة الولاءات الدينية» هو ما يجب أن 
يتّبعه ولاة الأمرء وهؤلاء يجب أن يكونوا عرباء فهم الذين جاء الإسلام 


إليهم . 


حقق العالم العربي آخر تقدّماته الكبرى تحت حكم عبد الملك وابنه 
الوليد .)9١90  7١5(‏ كانت الخسائر الناجمة عن أحداث الفتنة الثانية 
خسائر لا يُمكن تعويضها أو استعادتهاء بخاصّة في وادي نهر جيحون وبين 
البربر الشرقيين ‏ كان دا 00 البر 6 المغربٍ (شمال 
المدييّة: على -- من أن 2 د الجبليّة كانت أكثر استقراراً من 
حيأة العرب؟؛ ولم يكن لديهم دين مِلَي قوي» ومن ثم م فإنهم قل دخلوا 
بالجملة في الإسلام. وحين بات عليهم أن يعترفوا بالسيادة والسلطة 
للعرب.». اشتركوا معهم في المتوحات التالية. وهكذاء فقد كان اندماج 
البربر الغربيين في هذه الحركة أكثر سهولة. ومن ثمّء فقد تشكّل مرك 
انوي للمتوحات الإسلامية في الغرب» وكان بدرجة أو بأخرى مستقلا عن 


كنا 


المركز الرئيس. وبحلول عام ١١الاء‏ بدأت الغارات على شبه الجزيرة 
الإسبانتة : بمساغدة من قوات البزين: المتحولين حديئاً إلى الإسلام» وقد 
سقطت هذه المملكة (التى كانت تُعاني من اضطهاد عنيف من الكنيسة. 
كعال الكثير من الأراقني الصبيعة) بمرعة يوتف السلا ة ضليها بالعوارد 
المغربيّة المحليّة» وبقليل من المساعدة من شرقيّ البحر الأبيض المتوسّط . 


أدذت البعثات الحربيّة المتكررة من سوريا إلى قلب الإمبراطورية 
البيزنطيّة إلى حصار جديد وكبير للقسطنطينيّة. ولكن عندما فشل الحصارء 
لم يعد بالإمكان الحفاظ على أي من الأراضي الواقعة خلف جبال 
طوروس في الأناضول. (تمٌ احتلال المدن البيزنطيّة في المغرب عندما 
تحوّل البربر في أراضيهم الداخليّة إلى الإسلام). أما في الشرق. فقد تم 
احتلال وادي السند الأدنى عبر هجمات بريّة وبحريّة. ويبدو أن البوذيّين 
المحليّين» الذين كانوا تجاريي التوجّهء قد فضّلوا المسلمين على الطبقات 
الهندوسيّة الحاكمة. 


أما الأهمّ من ذلك فقد كان فتح حوض نهري جيحون وزرافشان [نهر 
الصغد] في الشمال الشرقي من خراسان تحت قيادة القائد قتيبة بن مسلم 
[الباهلى]. وقد حاولت تلك المدن التجاريّة أن تستعين بالصينيين لمواجهة 
النفوذ الإسلامي. ولكنها في النياية | حيرت على القبول بالسيطرة 
الاشلامئة . وهكذا اصعة الحبهة بيد الميولتية والضشين متتورضة قوق 
الجبال» في منتصف الطريق بين عاصمتي القوّتين ابروا و كان 
للفتوحات الإسلاميّة» ككل الفتوحات. فصولها المظلمة؛ إذ تقول إحدى 
القصص بأنَ جيش قتيبة حين استولى على بيكند (بالقرب من بخارى)» قام 
أحد الضبّاط بأخذ ابنتين جميلتين لأحد المواطنين» وتجاهل شكوى الرجل 


(9) إن أفضل مدخل لفهم طبيعة فتوحات المسلمين بعد الموجات الأولى هو عمل هاملتون 
جب. انظر: 

.(1923 ملإأعاء50 علأواكث 2[1نا150 عط1' :هه20مآ) مأكل أه ناسعن انآ ئادء007:1) طه«4, 77:6 رطط01 .2 .ى .1][ 

فهو يتناول التعقيدات التي طرأت بسبب الوضعيّة المحليّة والاتصالات بعيدة المدى» كما يتناول 

الدور الذي قام به الإسلام بما هودين. كما أنه يُظهر لنا كيف يُمكن استعمال الأدلّة للخروج من 

الروايات المؤسطرة إلى الوقائع . . وصحيح أنه يتحدّث عن منطقة بعينهاء إلا أن خلاصاته وأفكاره قابلة 


للتعميم بدرجة ما. 


61/ 


بِأنْ عليه أن ينتقي إحداهماء فقام الرجل بطعن الضابط”*©. وبما أن بقيّة 
المنطقة لم تفتح» فعندما انسحب الجزء الأكبر من القرّات العربيّة إلى 
الجنوب» انتفضت المدينة على الحامية العربيّة وطردتهاء وربّما كانت 
المدينة تعتقد أن الهتحجمات العربيّة فيما وراء حدود الأراضي الساسانيّة 
القديمة مجرّد حدث عابر ومؤقت. ولكن.» سرعان ما تمت إعادة فتح 
المدينة وجعلها مقا وعبرة؛ فقد تم م قتل الرجال الأسرىء» وسبي النساء 
والأطفال» وتمٌ تدمير المدينة عن بكرة أبيها. (على أن تلك القسوة كانت 
مخففة» ولا شك بأنْ لهذا التخفيف دلالة كما للقسوة دلالة؛ ذلك أنّ جزءاً 
كبجرا من تججار المدينة ‏ الجزء الأساسي من السكان ‏ كانوا خارج 
المدينة فى قافلة تجارية متجهة إلى الشرق. وحين محادوا إلئ المدينة. 


سمح لهم بافتداء (7225010 0)) زوجاتهم وأطفالهم. وسمح لهم في النهاية 
بإعادة بناء مدينتهم) . 


في أثناء حكم المروانيين المتأخخرين» تم ترسيخ سيطرة المسلمين على 
هذه المناطق (خاصّة عندما تمٌّ سحق تمرد وادي زرافشان [الصغد]- القريب 
من رافد نهر جيحون في الشمال ‏ الذي كان يهدّد سيطرة المسلمين على 
المنطقة بأكملها في عام /ا/09). تمّ تحقيق تقدّم ضعيف في بعض النقاط. 
كما فى جنوب بلاد الغال. ولكن» بالمجملء فقد توقفت الفتوحات. كانت 
جد رضي الإمبراطورية الساسانية ونصف أراضي الإمبراطورية الرومانية 
قد فتحتء إضافةً إلى مجموعة أخرى من الأراضي التي تقع في المدار 
الثقافي لإحدى الإمبراطوريّتين من دون أن تكون خاضعة للحكم المباشر لأي 
منهما . 


رسّخ رجال القبائل العربيّة سلطتهم في الأراضي المفتوحة بوصفهم 
حكامها وبوصفهم المسؤولين النهائيين عن توزيع مواردها (وبحسب بعض 


(*) ورد الخبر في تاريخ بخارى للنرشخي» ومفاده أن قتيبة قد آمن أهل بيكند وأمّر عليهم 
الورقاء بن نصر الباهلي . وكان غالب أهل بيكند خارجها في تجارة» فسبيت النساء وعاد الرجال لفداء 
نسائهم. «وكان في بيكند رجل له بنتان جميلتان؛ أخرجهنّ ورقاء بن نصرء فقال الرجل : بيكند مدينة 
كبيرة [أي تستطيع أن تأخذ غيرهما] . فلم يجبه ورقاءء فوثب الرجل وطعن ورقاء بسكين في سرد 
ولكنّها لم تكن قاضية ولم يُقتل. . فلما بلغ قتيبة الخبرء عاد وقتل من كان في بيكند من أهل الحر 
جميعاً واسترقٌ من بقي منهم» بحيث لم يبقّ أحد في بيكند» وخربت. . 2.١‏ (المترجم). 


0 


المضاون الى تعود إلى وقت تأسيس المدنء كان للحكام أن ياغدوا ما 
يشاؤونه من منتجات». من المنتجين المباشرين لها.ء من دون أن تسيو 
بإنهاكهم أو إضعافهم). وقد ترك العرب الحياة الداخليّة للمسيحيّين واليهود 
والمزديين والبوذيين» من المجتمعات في الأراضي المفتوحة» تتحرّك من 
دون تدخحلء وحافظوا على السيادة العليا للعرب. في ذلك الوقت. استمرت 
الثقافة السائدة فى كونها ثقافة هيلينيّة» ساسانيّة» مستمذة من المكوّنات 
المحليّة» في حين حمل العرب معهم كل ما يمكن أن ينتقل ويعيش من 
الثقافة العربيّة القديمة فى البيئة الجديدة. 


في الحقيقة» فإِنَ الثقافة العربيّة كانت تمتلك قوّة وحيويّة معتبرتين. وقد 
شت الثقافة العربيّة وتعرّزت عبر النظام القبلي» الذي تمّت إعادة تشكيله 
على أسناس: المنذن را لأمضان: (من دوف أن تكن ذلك هؤترا على سين استمر وا 
في حياة البداوة في الجزيرة العربيّة). على المستوى الإمبراطوري» خسرت 
المجموغات القبلتة الصخترة أهمتتها »«وياتف: المجموعات القبلية مثالة إلى 
التكبّل في تحالفات أكبر. في كل مصر من الأمصارء وفي كل بلد مفتوح. 
تشكل جسمان أو ثلاثة أجسام قبليّة» والتي كانت تعترف بالحلفاء من 
الأجسام القبليّة المكافئة لها. وبالعموم» عرّفت هذه الأجسام نفسها (منذ 
أيام الصراع بين قيس وكلب في سوريا) من خلال التمييز بين العرب 
الشماليين (النزاريين)» الذي يمثلهم القيسيّون» والعرب الجنوبيين (اليمانيين 
أو القحطانيين)»: الذين يُمثّلهم الكلبيّون. (كان ذلك تقسيماً قديماًء كت منذ 
مدّة طويلة عن أن يكون له أيّ أهميّة جغرافيّة فعليّة» ولكنّه مُنح شكلاً 
مصطنعاً مرتبطا بالأنساب). كان ثمّة تقسيم آخرء أقل أهميّة» بين «العرب 
الشماليين»» وهو التمييز بين قبائل مضر وقبائل ربيعة. كانت القبائل التى 
تست إلى :زبيعة بوقخطان هين القيائل, التى الت لوقت أطول:بالسكان 
المستقرّين في سوريا والعراق؛ وكان كثيرٌ منهم مسيحيين: وهكذا فقد 
تحالفت قبائل قحطان وربيعة مراراًء أكثر مما تحالفت قبائل ربيعة ومضر. 
وعلى الرغم من أن بعض المجموعات غير العربيّة المهمّة قد تحالفت مع 
قبائل مضرء بالأخص قبيلة تميم» ففي النهاية» فإِنْ معظم المسلمين غير 
العرب قد أصبحوا جزءاً من حركات مرتبطة» على نحو أو آخرء بقبائل 
قحطان وربيعة. 


كن 


5 


الكتل القبلية في الأمصار بحسب سلاسل النسب المزعومة 


«الشمالية» 
عدنان 
معد 
نزار 
ربيعة مضر 
وائل كنانة 9 0 في ثقيف في تميم 


<2 0 


عنزة في العراق عبد القيس في تغلب في 
شمال شرق << الجزيرة 00 اه 
الجزيرة العربية 


في 
الطائف العراق 


«الجنوبية» أو ١اليمنية»‏ 
قحطان 
-حمير 
الأزد من كندة 7 طيئ في قضاعة في 
البصرة سوريا سوريا 


ظ 


كلب في 
سوريا 


على أساس هذه القبليّة الجديدة» دارت صراعات السلطة بين جماعة 
المسلمين: فقد كان النزاع بين الفرقاء يدور بين الأجسام القبلبّة 0 
ولكنّ عناصر الثقافة العربيّة القديمة قد انتقلت إلى الأراضي المفتوحة أنقا 
على أساس هذه النزعة القبليّة الجديدة. فمن دون هذه الأنماط العربيّة 
القحة» ذات الأساس البدويّ المشترك. لم تكن قوّة الإسلام لتصمد في وجه 
الثقافة الاراميّة والهيلينية المتجددة» التي امتصّت واستوعبت الفاتحين العرب 
القدامى للهلال الخصيب . 


نسبيّاً. لم تكن للتقاليد العربيّة صلةٌ متأصّلة بالإسلام. يمتلك الإسلام 
بلا شك قوّة ديناميكيّة هائلة بما هو تقليد ثقافي؛ ولكنه لم يكن قادرأ على 
تقديم الكثير فيما يتعلّق بالأسئلة الاجتماعيّة اليوميّة للحياة المستقرّة. وهناء 
كان دور الأنماط الثقافيّة العربيّة المشتركة بم نيق الغوكه كبرا.“ف الامصار 
نكف الحامات معيو وداكرة الترس هر كانه ساق دن اذا موقل كرد 
مسلماً. فقد كانت القبائل العربيّة المسيحيّة» التي ا كف ني الفتوحات» 
تُعتبر عربيّة قبل كل شيء» ولم تكن مصنفة مع المسيحيين الذميين في 
راض لتر ولم يكن من المستغرب أن يكون أحد أبرز شعراء 
البلااط فى دمشق مشق هو الأخطل >5٠ ٠(‏ -١٠م7).‏ المسيحيّ العربي. المادح 
للوليد بن عبد الملك. لقد استمر المروانيون بعد معاوية في النظر إلى قوّتهم 
على أنها قائمة على أساس الاتفاق بين القبائل العربيّة وليس بين الأفراد. 
وهكذاء على المرء الداخل إلى الإسلام» لكي يكون مسلماً بالمعنى السياسي 
للكلمة. أن يرتبط كمولى (وجمعها «موالي»). بإحدى القبائل العربية 
المسلمة؟ وبهذاء فإنه.سيكون وذريته في منزلة أدنى من الأعضاء الأصليين 
في القبيلة ولكنه سيحمل معهم الولاء ذاته. ومن ثم فإِنْ الداخلين الجدد 
في الإسلام بها لقع را عر مساتسهو بن ع الصراع بين الفرقاء 
العرب. وبهذه الطريقة. ظلّت هناك قاعدة تعبّر عن المثل البدوية القديمة» 
وانتقلت أيضاً إلى الداخلين الجدد في الإسلام. 


عندما استقّر شكل المجتمع في الأمصارء تمّت تبيئة الشعر العربي 
الكلاسيكي» القويّ في زمن محمّد,ء فى الظروف والوضعيّة الجديدة؛ فقد 
كان الشعرء كما كان في المجتمع البدوي؛ يخدم أغراض الفخر والطلموح 
القبلي. (بقي الشعر البدوي يُؤلْف داخل الوضعية البدويّة نفسهاء ولكنه لم 


5٠١ 


يعد يعتمد مالياً على الإمبراطوريّات المتنافسة القديمة» ومنذ ذلك الوقت 
باتت أهميّته الثقافيّة أقل ديناميكيّة). كُتبت الكثير من الأشعار للتعبير عن 
الولاءات القبليّة الكبيرة الجديدة في الأمصار ومدن الحاميات. كما تكيّف 
الشغز أيضا مع نمط جديد من الولاء. وهو الولاء الديني؛ فقد كان العديد 
من الشعراء الكبار من الخوارج أو الشيعة المتحمّسين. فيما عدا الأخطل. 
كان أعظم شاعرين في ذلك الوقت هما الفرزدق (ت2)778 وهو شيعي 
وجرير (ت7278)؛ وقد كان يتم الاحتفاء بتنافسهما في الحاضرة الإسلامية 
وكان يشترك في ذلك العرب على نحو عابر للقبائل المختلفة (إذ إن الشاعرين 
كاذ يتقينانة :إلى :قبيلة والحنة)ء بوكما: كاب الحال قل سين كان الشد 
يكتب وفق اللسان البدويّ المعياري (الذي نزل القرآن مقارباً له). وقد أصبح 
هذا اللسان هو اللغة السائدة التي يكتب بها المسلمون التقارير والقرارات 
القانونيّة» وبهذا فقد تم استبعاد اللهجات القبليّة المخصوصة (بما في ذلك 
لهجة قريش)» كما تمّ أيضا استبعاد اللهجة غير المصرّفة السائدة بين العرب 
المستقرّين» التي أصبحت أكثر انتشاراً في الأمصار”''2. وهكذا فقد تمّ 
الاحتفاظ بالجزء الأفضل من التقاليد العربيّة الوثنيّة بلغتهاء وتكيّفت مع 
الظروف الإسلامية والحضريّة الجديدة؛ جع ل 


الجديدة النى كانت على وشك الشكا.. 


تحت حكم المروانيين» تحوّلت مجموعة الأراضي المفتوحة تدريجيا 


(٠)لقد‏ أفناد كتاب: عط :10 5اع101316 عتطوعةق 1110016 01 ع01:1220م 122 غط1"' ,تتحاظ متتطؤمل 
[) 1+111241101ل) :07 «(115107ظآ 15107711 1371 دع 41لا ,.له ,1190 امنا نمز **رعتطدعه 4ه 9م115[ 
.206-28 .مم ,(1961 ,119و1ع/الدنا برععطء1]1 
إلى أنْ العربيّة المستقرّة الحكره كانت لني بع نه 301010111 : وقد تكهّن بأنه حتّى قريش ما قبل 
الإسلام كانت تستعمل لغة غير مصرفة» كما هي الحال مع ب بعض العرب السوريين» ولكنّ ذلك يبدو 
غير معقول. فالفجوة النفسية بين اللغات المصرفة وغير المصرفة تبدو أكبر مما يفترضه بعض الباحثين 
في هذه المسألة. الذين يحلو لهم أن يعموا عن الحقائق باستعمال لفظة [لهجة] «عامية» في السياق 
الذي يجب أن يستعملوا فيه لفظة [لهجة] «مناطقية». والعمل الفارق في هذه الدراسات هو عمل يوهان 
فوك والذي يجمع العديد من المعلومات عن مصير العربية الكلاسيكية منذ زمن الفتوحات إلى زمن 
السلاجقة. انظر: 
-06دطلطل تستارعظ) عانأءارطءدعع |3511 1لا -تأعه 7مك 2ع [عكةط072 «لاج 1(عع71لا1أعلاى 1071167 توتنراطه 4 ,رعاء11"آ مم15 
.(1950 ,رعواعء/١-ه1١‏ 

لمزيد من النقاش حول اللهجاتء. انظر أنقا + 

.(1951 رؤوع؟2 معاعدهن"*1 12(/1015' :02001م.آ) بمتطه عل اأدء/17 47101211 رمتطهآ سنهه. 


6٠" 


إلى إمبراطوريّة موحّدة نسبياًء وقد أخذ العرب جهاز الحكم كلّه وأداروه 
بالعربيّة. في الوقت نفسه. ازداد عدد الداخلين في الإسلام من الاراميين 
والفرس. على الرغم من أن عدداً كيرا ع العامين الإداريين كانوا لا 
يزالون غير مسلمين. على الجانب الآخرء تعلّم العرب بدرجة ما كيف 
يعيشون كسكان شرق حوض البحر الأبيض المتوسّط أو كملاك الأراضي 
الإيرانيين. وبدأت التمييزات المتأصّلة في الظروف السياسيّة الأقدم. كمبداً 
استقلال المناطق الساسانيّة سابقًا اكجسم مستقل بالاختفاء؛ فقد كان الولاة 
يُعيّنون في جميع الولايات مباشرةً من العاصمة. لم يعد العرب مجرّد قرّة 
فاتحةء بل ام الطبقة الحاكمة بين السكان» الذين بدؤوا كدويها 
باستيعابهم» كما بدؤوا هم تدريجيّاً بالتكيّف بحسب التوقّعات الجديدة. 
هكذا بدأت الحضارة الجديدة» المشتركة في جميع المنطقة» باتخاذ شكلها 
الجديد. 


ال 


(لثتاب الثانى 


الحضارة الكلاسيكية للخلافة العليا 


بعد ذلك مشى [الحطاب القصديري!* باحتراس شديدء وعيناه 
مثبتتان على الطريقء وعندما رأى نملة صغيرة كادحة. عبر من 
فوقها كي لا يُؤذيها... «أيها البشر ذوو القلوب» هكذا قال. «لديكم 
ما يدلُكم ويرشدكم., وبإمكانكم ألا ترتكبوا أي خطأء». أما أناء فلا 
قلب ليء ولذا فإِنٌ علي أن أبقى محترسا وحذرا. 


ليمان فرانك باوم 


(*) ما بين القوسين المعقوفين هنا يعود إلى المؤلف. والحطاب القصديري هو أحد شخصيات 
رواية «ساحر أوز» الشهيرة (المترجم) . 


توطئة الكتاب الثاني 


مع استقرار دولة الخلافة كبنية سياسيّة متينة» تتحرّك داخل إطارها 
الحياةٌ الثقافيّة العليا للمنطقة.» نكون قد وصلنا إلى الوقت الذي نرى فيه 
الدافع الإسلامي وهو يتكيت ناخد حدوده من جهةء أو إلى الوقت الذي 
ا فيه ورا تكوينا إيجابياً في جوانب الحياة الثقافية الإيرانية ‏ السامية 
كافة من جهة أخرى. ونكون الآن قد دخلنا في زمن الحضارة الإسلاماتية. 


إعادة صياغة التقاليد 


م 15 [”"لاه] : ريما باتت دولة الخلافة إمبراطورية مستقرة 
تقوم على أساس زراعيء واستمرّت على هذه الحال إلى نحو عام 455 
[4لاه]ء عندما أصيعت حكومة الخلافة خاضفة لقوى أخرى:. يمكتنا أن 
نصف هذه المرحلة بالخلافة العليا لتمييزها عن دولة الخلافة الأوّلية» التى 
امتدّت من عهد أبي بكر إلى معاوية» حين كان طابع الدولة وقدرتها على 
الصمود لا يزالان محل شكٌ؛ ولتمييزها أيضا عن دولة الخلافة العباسيّة 
المتأخرة: بعل 50غ. التي كانت في بعض الأحيان مجرد كيان شكلئ يقف 
على رأسه 0 صوري» حين أصبحت الخلافة في أفضل الأحوال سلفلة 
محلية تتمتع بمكانة معنوية خاصّة؛ وأيضا لتمييزها عن الحكومات الأخرى 
التي اعت الخلافة من دون أن تنال اعترافاً واضها: (وهذا يتطلب عملية 
تحقيب تاريخيّ مختلفة عن عمليّة التحقيب السائدة. وسيُظهر الرسم المتعلق 
بالتحقيب المقارن كيف يتقاطع النظامان ويتعالقان). 


تمتّعت هذه المرحلة بدرجة عالية من الازدهار. ولا يُمكن أن نجزم ما 
إذا كانت هذه الحالة من الازدهار قد عمّت الجزء الأفرو ‏ أوراسي مر 


و5 


المعمورة» ولكنّ الصين بالتأكيد قد شهدت في هذه الفترة ما يُمكن أن نُسمّيه 
«ثورة تجاريّة». ففي ظل الحكم القويّ لسلالة تانغ» التي أعادت توحيد 
جميع الأراضي الزراعيّة الصينيّة وتمكتّت من الحفاظ على السلام الداخلي 
وعلى قوّة الدولة الخارجيّة إلى نيا هدم الفعرة تفري + توشمعف التجار: 
توسّعاً كبيراً وباتت أكثر تنظيماً . فقد تجاوز الزخم التجاري في الصين» وفي 
المناطق الحضرية المجاورة لهاء # كز السعويات السابقة. التي وصلت إلى 
ذروتها في القرون التالية للعصر المحوري. فقد وصلت في ذلك الوقت إلى 
زاك مسترى الغو التجارض لجوضن اليضر لايق المعوقط ايسايس 
العكين النشاط التجارق الصيني على نحو مباشر على التجارة في البحار 
الجنوبيّة (المحيط الهندي والبحار الواقعة شرقه)» حيث أصبحت الموانئ 
الصينية محطات رئيسة مهمة لسفن المسلمين. بالمجملء» في تلك الفترة 
كذات مرنهلة طريلة :من المبعرة: اللقافى الصود فى المععورة :الهو : 
وصحيحٌ أنّه كان صعوداً محدوداً. إلا أنه كان ثابتا ومظرداً. جاء هذا 
الصعود ليحلّ محل الصعود الهندي السابق ومحل الهيمنة الهيلينيّة الأسبق. 
ففي مجال الفنون والتقنيات» ظهرت الأفكار الجديدة تباعاً من الصين» أكثر 
مما ظهرت من أيّ مكان آخرء وانتشرت صورة الإمبراطوريّة الصينيّة ذات 
الحكم الرشيد انتشاراً واسعاء على الأقل في أدبيات المسلمين. 


يُمكن القول بأنْ النشاط الكبير للصين قد أعطى دفعة إيجابيّة قويّة للحياة 
التجاريّة في الأراضي الخاضعة لحكم المسلمين» خاصّة إذا ما أخذنا بعين 
الاعتبار الصلات المهمّة مع الصين» شبواء:عير البعمان الجتويية اوعس 
أراضي وسط أوراسيا 00 حال» استفادت التجارة قير تن فال 
السلام التي تمكنت الخلافة من فرضها داخل أراضيها . فعلى خلاف 
الحروب الكارئيّة بين البيزنطيين والساسانيين» التي تسببت بتدمير المدن 
وتخريب الزراعة» مرّة تلو أخرى». في عذة مناطق من الهلال الخصيب» لم 
تتعرض المنطقة المركزيّة للخراب إلا في وقت قريب من نهاية هذه الحقبة. 
وحتى عندما استقلت أراضي الحاضرة الإسلامية فى غرب حوضص ) البحر 
الأبيض المتوسّط» وهو ما حصل في وقت مبكرء فإِنَ القتال بينهم [أي بير 
مسلمي غرب المتوسط] وبين غيرهم من المسلمين كان قليلاً ونادر 
وقد هيمنت القرّات البحريّة الإسلاميّة على البحر الأبيض المتوسّط. 


100 


604 


التحقيب المقارن للخلافة حتى عام ١75/‏ [6051"ه] 








التحقيب فى هذا ا الى اث 
2 نظا اسل 0 الأعدات والنواريخ التحقيب السائد 
0 ؟7>١)‏ الهجرة 5 0 
مرحلة نشأة الحضارة ا )١١1١(‏ وفاة ) 1 المرحلة المدنية لمحمد 
الحادواي اعد 0(315*”) وفاة عثمان ا 
0000 3 الخلافة الارثوذكسية 
الخلافة الآاولية )15>١‏ عهد معاوية 
(2)07 وفاة ابن الزبير 
الخلافة المروانية 
)0 وفاة مروان الثاني الحلانة الوأمريه 
مرحلة الخلافة العليا 
(77) وفاة المتوكل 
الخلافة العباسية العليا 
6 (7*15) احتلال بغداد الخلافة العباسية 
المرحلة الوسيطة المبكرة الخلافة العباسية المتأخرة 


(101) سقوط بغداد على يد المغول 


قلصت الخلافة مساعيها العسكريّة إلى حملات سنويّة ضد الإمبراطوريّة 
البيزنطيّة» وإلى مجموعة من العمليات الثانويّة على طول الجبهة الشماليّة 
في المناطق التي تتركز فيها قوّاتهاء وذلك بهدف إرهاب أي تهديد محتمل 
نع ليا .واخلناء كاقت الأضبفار اناف تادرة الحدوف» بورعال] ما كانت 
محدودة بمناطق صغيرة. وهكذا فقد ظلّت الحرب مقصورة على بعض 
المناطق في معظم الوقت طوال مرحلة الخلافة العليا. 


تحت حكم الخلفاء المروانيين» وعلى ا ا يه 
العباسيين الذيق تلوهم. ذابت الحواجز التي كانت تعوق تطوّر الحياة الثقافية 
تتريها لد مسجمرغة عن الطعوب» التن كالت مقضيرلة يعن بعضه اللعفن: 
ومعزولة عن التطوّر الداخلي لطبقة الحكم المسلمة. هكذاء أصبحت 
الشرائح الاجتماعيّة القائذة للامبراطوريّة» أيّاْ كانثك خلفيّتها بل وحتى 
0١‏ ليد د الو يا وقد شكلت 


استمرّت هذه الأنماط الثقافيّة فى التعبير عن نفسها إلى نهاية تلك 
المرضلة هن يه ابن نا نيالك الدرنة و العو نل بحانظت. اللعانت الات 
والبهلويّة على دورها كنواقل للثقافة العلياء جنباً إلى جنب مع العربيّة 
الجديدة. كان إنعاش التراث الفكري الهيليني أحد أهمٌّ سمات تلك الحقبة» 
وقد ظهر ذلك من خلال ترجمة النصوص الإغريقية إلى السريانية والعربية؛ 
وهكذا اشترك المسلمون مع المسيحيين والمزديين واليهودء» بل وبعض 
المجموعات الهيلينية 0 (في حران في الجزيرة)ء في بعض اهتمامات 
عصرهمء سواء داخل تقاليدهم الدينية أو في مسائل تة تقع على خطوط التماس 

بين الأديان» وكثيراً ما كانوا يتعاونون معاً. 


غير أنْ ازدهار المجتمع وتفتّح الحضارة قد تمّ في ظل الحكومة 
المشتركة وتحت حماية الخلافة. وقد كان حضور الإسلام هو ما جمع هذه 
التقاليد المتنوّعة معاء على نحو متزايد. فقد كانت جدالات المزديين» 
والتسسات الكنسية التابعة للمععفيوفات المسيحيّة المختلفة. والنشاط 
التجاري لليهود. كلها تعكس تأثير سلطة الخلافة» بل وكانت تعكس أحياناً 
التحذي الذي فرضه الشعور الإسلامي بالإلهيّ. لم تتعلم هذه المجتمعات 


هلك 


١‏ لمختلفة احترام الحكومة المشتركة فقطء بل تعلّمت أيضاً احترام اللغة 
العربيّة المضريّة. التي كان يستعملها مجتمع المسلمين في ذلك الوقت 
المبكّرء والتى كانت هى اللغة الوحيدة المعترف بها؛ وسرعان ما أصبحت 
عى 7اللقة المشتركة لؤذاره الدولة» وأضيعيت له العمارة البعدة (مع تت ون 
التأئّر باللهجات المحليّة)؛ وهكذا فقد كان على جميع الرجال الطموحين أن 
يتعلّموها. فقد كان الأفراد الذين يتعلمون الحديث بالعرييّة» خاصّة إن دخلوا 
في الإسلام. يجدون أنفسهم في موقع افكها 6ل على الحستوق السياسي 
والاجتماعي رحبب ل على الميدرى النكرى انها , 

وقد ازداد هذا الموقع الفكري أهميّة مع ترجمة النصوص من التقاليد 
الثقافيّة المختلفة إلى العربيّة (وهي في بعض الحالات تقاليد دينيّة» وفي بعضها 
الآخر نصوصٌ مرتبطة على نحو غير مباشر بالدين). كما تمٌّ نقل المهارات 
وانيعا رفم لكلف إلى العريية قا . وهكذاء بات المرء الملمٌ بالعربيّة قادراً 
على الوصول إلى تراث المنطقة بأكمله والاطلاع عليه. وما إن تم نقل هذه 
التقاليد إلى العربيّة» وتحوّل حملة هذه التقاليد إلى الإسلام؛ حتى بدأ الدافع 
الإسلامي في اختراق هذه التقاليد وبدأ يصبغها هي وحملتّها بروحه. 

مع نهاية هذه المرحلة؛» أفسحت المجتمعات الإيرانيّة والساميّة القديمة 
الطريقٌ لمجتمع شامل واحد للمسلمين. فقد أصبح ممثلو الثقافة المسيحيّة 
السريانيّة وممثّلو ثقافة المزديّة قلةَ» ولم يعودوا منتجين ثقافيّاً. هكذا تجمّعت 
التقاليد الحيّة معأ وتحوّلت في كنف الإسلام. أما المساحات الناقصة في 
هذه العمليّة - بخاصّة على مستوى المذهب الدينى». والأشكال والمثل الأدبيّة 
انقةانة .ملؤهامن الترات العربي القديع يشكله الذي استدر قوم المستمع 
الإسلامي المبكرء وعلى نحو أخصٌ من المعايير والتوقعات التي طوّرها 
6 نفسهء 00 ليرت ا أو: في القرون التالية له بوصفها 


تتدقق داخل إطار اللخة العربية والعقيدة الإسلامية. 5 المسلمين و وبين أتباع 


عن الاستمرارية والازدهار الثقافى 
تجاوزت عمليّة أسلمة التقاليد عمليّة دمجها وإصلاحها. وقد أطلقت 


51١١ 


هذه العمليّة طاقات إبداعيّة هائلة. ولا شك فى أن مرحلة الخلافة العليا 
كانت حقية تتمتع بازدهار وتفتح ثقافيين كبيرين . 


قبل الأزمئة الحديئة» كان ثمة شعور قوي. في المجتمعات المتحصرة؟ 
بالاستمراريّة والتكرار لأنماط مستقرّة تمثّل ما يُشبه القنوات التي تتدقق عبرها 
الحياة التاريحية. وكان النقاش داخل هذه التقاليد يتحرّك بحذر» من دون أن 
يقدم على تغبيرات جذرية. . ومن ثم فإن ظهور تقليد جديدء جدة تامّةء» كان 
أمرأ تادر الجعدوشا: .وله كان" البشر رو جهوت نوما ظرونا بكديةة ويبتكرون 
طرائق جديدة للتعامل معهاء فقد كانت قيم المبادرة والأصالة قيما مُعتبرة» 
إذا ما كانت على مستوى عالٍ وذات ذوق جيّد. ولكنء غالباً ما كان هذا 
«الذوق الجيد) يستبعد الابتكارات الجذرية. 


بن اله تتسير الامكبرارتة ققد كان ناك تفن :اللتصنيقة مسدوة ب 
مجن 'الظروت الوواعنة "قبع ود نقاد] و اللاشكار الدق تمك اسفيهايفة كاذ 
هناك» على سبيل المثال» حدٌ لقيمة رأس المال المتاحة للاستثمار؛ فهذه 
القيمة مرتبطة بالنهاية بفائض الانتاج الزراعي. ومن ثمّء كان يتم استبعاد أي 
اتفكان قطني يلها ايكيا من ران الفال» نوك كان لهذ الميحدودية اثار 
كنيوة على المدى العين:: لا يستطيع البشر تحمّل تكلفة التخلي عن كل شيء 
مضى وإعادة تدريب الكوادر الاجتماعية لبناء شىء جديد تماما. ولكن. 
مينر نك لتقل تعن هلف | عع والقع كان قن نا ذا صن د الاشكارات 
الجذريّة. فمع تطوّر أشكال معيّنة من التعبيرات الثقافيّة» كان البشر يرون 
بأنهم قادرون على الوصول إلى يستدويابق: أعلى من الدقة والبراعة إذا ما 
عملوا على استغلال الإمكانات القضوك: لاحن التقاليد الموسهودة سايق يدلا 
من شطب التقاليد السابقة وإرساء أخرى جديدة محلها. وبالتالي» كان من 
النادر أن يتمٌ الاستغناء عن أنماط الوعي والإدراك الموجودة بالفعل. 
لحساب تجربة فردية ما. 

إذاّء فقد كانت حالات الازدهار الثقافي العظمى نادرة. أي تلك 
الحالات: التى تنطلق فيها الإبداعات والابتكارات الثقافيّة وتنبعث منها 
التقاليد الأ .و الكتتدو لتجتماضنة والدوةتعف عدي العكم على العداد 
الثقافة. كما أن الفترات التي كانت تسيطر فيها أحد الابتكارات الكبرى على 


د 


بعض جوانب الثقافة كانت أيضاً قليلة الحدوث والشيوع (حتى في المناطق 
المركزيّة)» بالمقارنة مع الفترات التي تشهد ابتكارات وإبداعات ثانوية ضمن 
التقاليد الراسخة 6 ولذلك» فحين يحدث الازدهار الشامل» فإنه 
كان يطبع مسار التاريخ م البشري ككل. لقد شهد «العصر المحوري» مثل هذا 
النوع 5 0 الكترق في لت المتاطق المركزية الكبرى:. وقد 
شهدت الهند مثل هذه الفترة المزدهرة فى القرون الأولى من الألفيّة الأولى؛ 
ووصولاً إلى وقت مجيء الإسلام» كانت نتائج تلك الإبداعات الهنديّة شائعة 
ومنتشرة» على امتداد نصف الكرة الأرضيّة المعمورء في مجالات الفنون 
والعلوم والدين؛ إضافةً إلى مجالات أخرى ثانويّة. وفي أثناء الأزمنة 
الأسلاهتة». قنهدث! الضيةء :تحت حكم سلالتي تانغ (514 -407) وسونغ 
.)١١724-940(‏ مثل هذا الازذهان أبغنا : أما أوروبا الغربيّة» فقد عاشت 
هذه الأوقات من الازدهار لاحقاً؛ وهو الازدهار الذي قاد فى النهاية إلى 
التحوّلات الثقافية الحدائية العالمية. لقد أدَى نضح ثقافة الخلافة العليا إلى 
مثل هذا الازدهار»ء وقد هيمنت نتائجه على تاريخ العالم طوال القرون 
التالية. ومن المؤكّد بأن هذه الفترات المميّزة من الإبداع قد قامت على 
عناصر من المعارف والتوقّعات التي تمّ استقبالهاء وإن كان ذلك قد تم 
بطريقة ثوريّة. ولكن» حتى أكثر الابتكارات راديكاليّة كانت تفترض أوَلية 
الاستمرارية وسيادتها. 


كثيراً ما تؤدّي الخلافات والتعارضات داخل تقليد معيّن ضمن مجموعة 
اجتماعيّة واحدة إلى تعزيز احتماليّة ظهور مشاريع إبداعيّة في أشكال جديدة 
لا تقوم بشكل كامل على أي من التقاليد الموجودة سابقاً؛ ولا شك في أن 
وجود مثل هذه التعارضات كان أحد الظروف التي جعلت الازدهار في 
الأزمتة الآبدلامية المكرة عمكاء ولكتا لا تمكو أن نع ذلك تتسيرا كان 
لهذا الازدهار؛ إذ إن الابتكارات الثقافيّة قد تظهر فى ثقافات تعيش فى الحد 
الأدنى من الخلافات والتعارضات» ويُمكن أن نيدت نتبحة حالة العرقة 
بذلا فين أن :تكونتاجمة عن .مآزق»واعلى تولد.عن انهيار الطراتق: والأساليت 
القلديمة كما فن تعن عن كل من الانفتاح الا جين اما ره 
والحدود القديمة عن به ذات معنى؛ كما أن الخلافات داخل التقاليد في 
كتين من الأحيان لم تنح أيه نتائج إبداعية على الإطلاق. على ان القنافة 


51 7* 


الخلافة الغليا قذ أخذت أشكالاً إبداعيّة عبر 'صيرورة من الخلافات 
والتكيّفات المتبادلة بين عناصر ثقافيّة تنتمي إلى أصول ومشارب مختلفة. 
وهنا يكمن العديد من الفرص الإبداعيّة والابتكاريّة التى يتأنّى للبشر لاحقاً 
إدراكها وتحقيقها . ١‏ 

قبل الإسلام» كان لكل نوع من التقاليد نطاقه الخاص الذي د 
فيه ؛؟ | ليس فقط في حالة ثقافيّة معيّنة أو في طرائق الحكم أو ما شابه وإنْما 
أيضا كان نطاقه يتحدّد داخل حدود مجتمع ديني معين في الغالب. مع مجيء 
الإسلام» اضطربت التوازنات القديمة بين أنواع التقاليد المختلفة وتداخلت 
العناصر الجديدة معها. لقّد أزنى الإسلام نفسة: تقليدا ديدا »كته ا 
عن أي تراث سابقء» وكان على البشر أن يصلوا إلى تفاهم ما معه. ومع 
ضم أراض جديدة إلى الإمبراطورية. أراض لم تكن تقع أصلا تحت حكم 
الساسانيين» دخلت التقاليد المحليّة لتلك الأراضي في هذا المعترك. والأهمّ 
من ذلك هو أنه كان على جميع التقاليد أن تُعيد النظر في ذاتها وتُعيد صياغة 
نفسها داخل الولاءات والرموز التي استقرّت في المجتمع الواحد: وهو ما 
يُعدّ تغيّراً كبيراً في حياة المنطقة. وبقدر ما يبدو أن كلّ تقليد كبير من 
الأفكار والتومّعات يستطيع» من ناحية الإمكان» أن يكون صالحاً للحياة 
كلّهاء فإِنَّ التقاليد المختلفة قد دخلت في حالة من النزاع عندما انهارت 
التسويات القديمة التي كانت تضع الحدود لنطاقات أفعال كل واحدة من هذه 
التقاليد. وهنا تكمن ضرورة الابتكارات التأسيسيّة وفرصتها. في أزمنة 
الخلافة العلياء تمّ إرساء توازن جديدء بحيث نشهد تحوّلاً في التوججّهات 
المختلفة» لترسم لنفسها من جديد نطاقاتها التي تمارس فيها سيادتها . 
التوججهات الثقافيّة المتنافسة في ظل الخلافة العليا 

أصبحت هناك مجموعة من مجالات الفكر والعمل الخاضعة لأهل 
ا نم نزاعام الذين كمتلون التطلع الإسلامي للوصول إلى حياة 


() مُشير تركيبة (060هنم-لإفءام) إلى شكل من المنزع أو الميل نحو التقوىء أو الذهنيّة التي تضع 
التقوى في محور اهتمامها . وهي في صيغتها الصرفيّة صفة» إلا أنَّ هودجسون غالباً ما يستعملها عَلَّما 
على المجموعة التي تتمثل هذا الميل» إما بأن يشفعها بألفاظ تدل على ذلك (مجموعات؛ ممثلين؛ 
عناصر)ء أو بإضمار هذه الألفاظ وإبقاء السياق واضحاً في الإشارة إلى التجسيد الجماعي لهذا - 


الك 


شخصيّة واجتماعية إلهية (وهو تطلّع ظل متوارثا من القساوسة والرهبان 
والرئيين المسيحيّين واليهود وأتباعهم). لقد تعلّم المسلمون من هؤلاء. 
ولكتهم أثبتوا استقلاليّتهم من خلال تقديم شكل إسلامي متكامل لهذا 
التطلع . يجب أن تكون حياة كل فرد خاضعة مباشرة لآوامر الله وتشريعاته ؛ 
وكل أمرٍ في المجتمع لا يصب في خدمة الله وعبادته» هو أمر مرفوض يجب 
التخلى عنه. وهكذاء ظهرت مجموعة من الرجال والنساء الأتقياء الذين بات 
لطلق علرهب لقب «العلماء؟. في المجتمعات السنيّة والشيعية. والذين صاغوا 
برنامج «أهل الشريعة» لكي تقوم الحياة الخاصّة والعامّة على قانون الشريعة. 
وكما يُمكن للقارئ أن يتوقع. فقد سيطر هؤلاء العلماء على مجال العبادات 
الإسلاميّة العامّة» ومارسوا نوعا من السلطة الواسعة» وإن لم تكن سلطة 
حصريةء على الفكر الإسلامي في المسائل اللاهونية والفكرية. وقد مارس 
هؤلاء العلماء ضغطاً مؤثراً - وإن لم يكن حاسماً - في مجال الحكم والنظام 
العام وتحكموا بالتطوّر النظري لقانون المسلمين. وقد كانت مجالاات 
النحو العربي» وبعض أشكال الكتابة التاريخيّة» إضافة إلى النقد الأدبى 
للنصوص العربية. كلّها مجالاات خاضعة لعأ برهي على أن العديد من 
جوانب الثقافة قد أفلتت من رقابتهم الدينيّة» بما في ذلك العديد من أشكال 
التديّن والتقوى في ذلك الوقت. ولعل مُثْلهِمٍ لم تقترب من التحقق بشكلها 
الكامل إلا بين طبقة التجار. غير أنَّ عملهم قد مَنَحَ مكانة رفيعة لكل البناء 
الاجتماعي؛ فقد كان هذا البناء» بالمجمل» يعكس طموح العلماء 
وتطلّعاتهم. كما يعكس الأنماط الفكريّة والاجتماعيّة التي انبثئقت عنهم» أكثر 
مما كان يعكس أيّ مجموعة أخرى من المثل . 


- المنزعء وهذا شائعٌ بالإنكليزيّة. وهو يكرّر هذه التركيبة في 064هنه-558885. وتدرَج هاتان 
التركيبتان» وغيرهماء وتتكرّران على طول الكتاب. ولو ترجمتهما بصيغة تحافظ على بنائهما الصرفي 
(صفة): كأن أستعمل: الميل/ المنزع التقوي. لكان علي أن أضيف ألفاظاً من عندي في المواضع التي 
يضمر فيها المؤئف موصوقهما ويشيرٌ بهما إلى مجموعة اجتماعيّة تتمثل هذا الميل» ورا ثقيلاً 
متكلفا . حين يستعمل المؤلّف هذه التراكيب للإشارة إلى مجموعة تجسّد هذا النزوعء فإنني أترجمها 
ب«أهل التقوى» أو «أهل الشريعة»» وهي ألفاظ مريحة في دلالتها الترائيّة ودقيقة في الإشارة إلى 
مجموعة غير محدّدة الملامح تتبتى نزوعاً غير منظم تماماً نحو إيلاء التقوى أو الشريعة مكانة علياء وهو 
مُراد المؤلف في هذه السياقات. أما حين يستعملهما للدلالة على النزوع نفسه ‏ وهذا قليل في الكتاب - 
فإنني استعمل المنزع التقوي والمنزع الشريعي (لتبرير دواعي استعمال ااشريعي» في هذا السياقء انظر 
هامش المترجم الرقم (؟) في الفصل الثالث من هذا الكتاب «رؤية الشريعة الإسلامية») (المترجم). 


لحف 


ثمّة توججهان دينيّان آخران عبّرا عن نفسيهما بدرجة أقلّ انتشاراً فى 
الإسلام. للد رجه تخريك انرس والنيك الى المسيحة (ورهنا في البودية) 
نظيره 7 0 الذين جيه ا والدين 2 من 0 


الجوات التأمليّة من ا أما الحركة الثائئة ه فهى الحركة الباطنيّة التي 
كانت أوضح في مضامينها السيا يه الى متك ينل افك الباطني. 
الذي قد تكون له هو الآخر جذور ما قبل إسلاميّة. وقد أثبتت ت هذه الحركة 


قوّتها في لحظات الاحتجاج الاجتماعي . 


في مقابل هذه المُثْلء وبالأخص مُثْل أهل الشريعة» ظهر ما يُمكن أن 
نضعه تحت عنوان «الأدس”**. وهو الثقافة الدنيويّة للطبقات المهذّبة. فبينما 
كان يتوجب على رجال الحاشية» والإداريّين» ومللاك الأراضي المثقفين من 
المسلمين؛ أن يستجيبوا لتطلّعات المسلمينء فإِنّهم كانوا يبذلون الكثير من 
الجهد لعيش نمط حياة مختلف عما يوافق عليه المسلمون؛ فقد كانت آداب 
سلوكهم اع ونقاشاتهمء وفنونهم الدقيقة. وآدابهم عتنطومعائل 
وطرائقهم في استعمال الشعر والموسيقى والدين أيضاًء وأنماطهم ومناصبهم 
وامتيازاتهم الاجتماعية كلها. إضافة إلى مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية. 
كانت كلها تشكل مجموعة متمايزة من المغايير العلياء المقترنة بحياة الوجهاء 
والساذة. وقد انتشرت هذه المعايير ب بين الأآثرياء وذوي المكانة من المسلمين 
وفقاغين المسافية. المتدرت هذه المعايير» هذا الأدب. من طرف الحاضرة 
الإسلامية إلى طرفها الآخر. كانت الأزياء تُصمّم في الغالب في بغداد. 
المركز الأهم للحكومة., ثم يتم م تقليدها واحتذاؤها في كل مكان آخر. في 
ثقافة الأدب تلك. كان للميل الوثنية العربية مِكان ماء كما كان الإلهام 
بالشعر هو أعظم الهبات التي يُمكن أن ينالها المرء» وكانت اللغة العربيّة هي 
اللغة السائدة والمتفوقة. غير أن كمه مكايا أكبو بالعموم. حتى في الآداب» 


(*#) فصّلتٌ في هامش سابق (هامش المترجم السابع في التوطئة) في دلالات لمظتي «أدب» 
العربيّة و«ممنانهمه)ن!» الإنكليزيّة/ اللاتينية وجذورهما. يستعمل المؤلّف هنا الأدب 025 لوصف الثقافة 
«الدنيويّة» الموازية لثقافة أهل الشريعة» والتي ارتبطت بآداب البلاط ونمط حياة الطبقات العليا فيه . 
وللحفاظ على التماية:واضحا فإنني سأكتب أدب بالخطا الأسود خقما أوزذها المؤلفك بصوتها العربي 
افق سكن متسر على :هذه الدلألة وما بزقاط بها (المترحي): 


ْ5ة. 


كان .محجورا للتقاليك الابراطورئة الإيزانية الى «تعوه إلى الارمتة الساستانية» 
فل تم تكييف هذه العناصر بوعى مع الإسلام. 


باستقلالٍ عن كل من التقليد النبويّ التوحيدي والتقليد الإمبراطوري» ظهر 
تقليد الفلسفة طكدئلوع0 2 : الذي امتاز بدرجة عالية من الوعي بالذات. وقد 
كانت الفلسفة مصطلحاً شاملاً يدلٌ على التعاليم الفلسفيّة والطبيعيّة للمعلمين 
الإغريق. كان لبعض العناصر الأخرى المستمذدة من التقاليد الإغريقيّة مكانها 
أيضاً في تطوّر الثقافة الإسلاماتية» ولكنّ التقليد الإغريقي لم يكن مهيمنا إلا 
في هذا المجال الفكري. قبل الأزمنة الإسلاميّة» كان العلم الطبيعي هو 
المعقل الحصين للهيلينيين في الهلال الخصيب وإيران. فقد انتقلت جملة من 
العلوم» التي تعتمد حصراً على العقل الطبيعي في تطوّرهاء بما في ذلك 
الفلسفة النظرية. من التقاليد السريانية الإغريقية. وقفات اغراف ايع نال 
أفلاطون وأرسطو وجالينوس بوصفهم معلمين. عندما تمّت ترجمة الأعمال 
الكلاسيكيّة الرئيسة إلى العربيّة» أصبحت هذه الأعمال جزءاً أساسيًاً من 
الأدوات الفكريّة لطبقة التلاميذ (المسلمين» والمسيحيين, والوثنيين 
الحرّانيين)» الذين كانوا يلقون احتراماً من المجتمع بالعموم. على الرغم من 
أنهم لم يُقبلوا بشكل كامل من قبل المسلمين المتمسّكين بالشريعة. وقد تألقوا 
بدورقم كجمارسين اللطيه وعم الفلك. وهما من أشهر العلوم في ذلك 
الوقق. يتاه كان لدى هؤلاء أيفنا تصوّرات شاملة عن الحياةء وهي 
عراس ب وو ل لبر الجا رو لمتحي ادر ياي ااا بقار يه 
ثقافة الأدب المتثيرة لدئ المجتمع المرفه والعفدت: 


تنبيه حول استعمالاتنا في التحقيب التاريخي 
حين ندرس حضارة بأكملهاء ؛ لا يمكننا أن نتتبّع سلسلة من الأحداث». 


(*) يورد القولافت لفظة «الفلسفة» بصوتها العربيّ ط1215315. لا بلفظها الإنكليزي نإطمهوهانطم» 
للإشارة إلى التقليد الفلسفي في الحضارة الإسلاماتيّة» كما يستعمل لفظة 12طم1050نطام للإشارة إلى 
التقليد بصورته الإغريقيّة والهيلينية؛ إذ إن الفلسفة طهئهواةة هنا ليست مجرّد حقل فكري اختصاصي 

يتناول مسائل الميتافيزيقا والمنطق ويضع أسس العلوم وغير ذلك من مباحث الفلسفة» ٠‏ بل هي أيضاً عَلَم 
على طريقة فلسفيّة في العيش» ا متسل ” فى الفصل السادس من هذا الكتاب تحت عنوان «الفلاسفة 
والمجتمع». . ومن ثم فإنني (سأسَوٌهُ) لفظة الفلسفة والفيلسوف متى ما أوردهما بصوتهما العربي 
(المترجم). 


:7/ 


تبدأ عند نقطة وتنتهي عند أخرى» كما نفعل عادة حين نتتبّع أصول مركب ما 
من مركبات الثقافة؛ إذ إن علينا أن نرى كيف تطوّر المجتمع على نحو 
متزامن. في مجموعة من المجالاات المتوازية والمتقاطعة. وهكذاء. فإن علينا 
أن ناخ اللنة محجة من الزمرء ليق لا ازا برها ميا من النشاط. ثم 
نوعاً آخرء وهكذاء في نفس الفترة التاريخيّة المُعطاة. ولكنء بما أن الثقافة 
دائمة التغيّره من جهة علاقة الفنون أو الفكر الدينى مثلاً بالأحداث الأخرى 
في أي فترة من الفترات» فإِنَ ذلك يعني أن علينا أن ننظر إلى تلك الفنون أو 
إلى ذلك الفكر بطريقة خاصّة؛ إن علينا أن نركّز على الأمر الذي نراه أكثر 
تميرا في الفكرة التاريكئة القن تدوسهاء فمدلاً . خين اتكون الوحدة ارم 
المناسبة لمقارنة الجوانب المختلفة من الثقافة وحدةً تمتدّ إلى قرنين ونصف 

من الزمن. “٠٠١‏ إلى » فإِنْ الحركة المستمرّة للتحدّبات الإسلاميّة الدينيّة 

فى العقود الأولى تساعدنا أكثر في الفهم مما لو ركّزنا على النزاعات القبليّة 
العريية العادرة ف الفغوة ذاتهناء ٠‏ على الرغم من أنْ هذه الأخيرة تملا تولك 
السجلات التازيختة .. نناة علن ذلك فإن اختياراتنا في التحقيب التاريخي 
ستساعدنا فى إعطاء درجة معيّنة من الأهميّة لمجموعة من الأحداث. 
وبالتالى للصورة الكلية التى سنرسمها لهذه الحضارة ككل . 


بالضووزة»:فإن اخقيار الفشراتكت:والمسزاهل: التارتحئة سبيقن أخرا 
اعتباطيّاً؛ بل وسيكون أكثر اعتباطيّة من عمليّة تعيين الخطوط الحدوديّة التي 
تفصل منطقة جغرافيّة عن أخرى. فمن ناحية» كلما قصّرنا الفترات التاريخيّة 
التي ندرسهاء أمكننا الحصول على درجة أعلى من الدقة في فهم التطوّرات 
في تلك الفترة . ولكنّ الدراسة التفصيليّة لفترات زمنيّة قصيرة تمتد إلى عقود 
أو إلى أجيال. ستجعلنا نركّز على الأشجار من دون أن نرى الغابة بأكملها . 
ولكنّ التطوّر الداخلي الذاتي والمستقل لمجموعة من التقاليد التي جعلت 
الثقافة تؤول إلى صورتها الواضحة سيغدو أوضح إذا ما استعملنا تعدا تمتذ 
فتراته إلى قرن أو اثنين أو ثلاثة. في الكتاب الثاني» سنركّز على الضغوط 
الاجتماعيّة» وعلى تيّارات الفكرء وعلى خطوط التقاليد. التي كانت ذات 
أهميّة مسنتمرّة نسبيّاً على طول مرحلة الخلافة العليا . سنتعامل مع بعضى هذه 
التطوّرات» العلوم الطبيعيّة على سبيل المثال» بوصفها تفل نِظورا ددا في 
تلك المرحلة. ولكنّ ذلك لا يعني أن حركة العلوم الطبيعيّة كانت مستقلة 


10 


تمامأء فقد كانت بالطبع معتمدة على مجموعة أخرى من الحركات التي 
أثرت وتأثرت بها. داخل هذه المرحلة الطويلة» سنحاول ما أمكن أن نفصّل 
ونقظع بين الحركات المختلفة ‏ وليس الحركات السياسيّة فقط ‏ لكي نتمكن 
من تتبّع التقاطعات التي حدثت بينها في الفترات التاريخيّة الأقصرء التي 
نشأت الظروف الثقافيّة العامّة وتطوّرت فيها. خلال هذه الفترة» كانت 
التطوّرات الفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية مترابطة في فترات تاريخية 
تضيرة بصورة كبيرة 1 نكاد نوها اقفن أ مرعيلة تازيحتة قبل الأزمدة 
الحديثة . 


16 


١ 


المعارضة الإسلامية 
١عه/ا‏ 7 ””"اه] 


منذ زمن حروب الردّة على الأقل» اضطلع المجتمع المسلم أو قادته 
بمسؤوليات سياسيّة كبيرة» بوصفها لوازم أساسيّة لإيمانهم. وفي ظل الحكم 
المرواني وما صاحبه من ظروفء كان أولئك الذين أخذوا الإسلام بجديّة هم 
أنفسهم الأكثر جديّة بشأن المسؤوليات السياسيّة المترتّبة على القبول بالإسلام . 
الطبيعيّ» بحكم المسؤوليات السياسيّة التي يدعو إليها الإسلام» أن يلقى التقليد 
الديني تطوّراً أكبر وأكثر نشاطاً في البيئة السياسيّة المعارضة لأشكال الحكم . 

على أنْ الحكام المسلمين لم يكونوا يحكمون جماعة المسلمين فقط ‏ 
سواء أكانوا من ذوي الضمائر التقيّة أم لا - وإنما كانوا يحكمون يفنا 
شعوب المناطق المفتوحة. وقد كان لهؤلاء أيضاً مثلهم العليا؛ ولعل أبرز 
هذه المُثئل كان توقهم إلى سلطة مركزيّة قويّة يُمكنها أن تُنهي الحروب وتدافع 
عن حقوقف الضعفاء. وقل وحد الخلفاء هذه المطالب أكثر هنول وملاءمة 
لهم فسعوا نحو تحقيقها. وتدريجيّاًء ساد مبدأ السلطة المطلقة الخيّرة في 
بلاط الخلفاء. ليقف فى مقابل مبدأً المساواة الإسلام الذي تبئته 
المعارضة. وقد ظهر هذا التعارض جلبَاً منذ الأزمنة المروانيّة. 


ابي 4 
دولة الخلافة تقارب الحكم الملكي المطلق 
من وجهة نظر الطبقات القائدة لشعوب الأراضى المفتوحة الخاضعة 
للمسلمين؛ كان حكم العرب مقبولا ما دام أنه يقترب» وبدرجة أكبر من الدول 


"١ 


السابقة» من مبادئ العدالة التي تمثلت في التقليد الإمبراطوري الإيرانى ‏ السامى 
العظيم . في ذلك التقليدء كان يُتوقّع بأن يكون للحكم المَلكىَّ المطلق سلطة 
أعلى من نفوذ جميع المجموعات ذات المصالح» ومن الطبقات ذات 
ا ا اي ل 
يتأتى للقوي أن يسلب حقٌّ الضعيف . منذ البداية. حظي العرب بدعم شعوب 
الأراضي الرومانيّة. وربما حظوا أيضاً بدعم شعوب العراق وبعض أجزاء إيران؛ 
وذلك لأنهم أنهوا الحكم الذي مارس الاضطهاد الكنسي عليهم. ولأنهم فرضوا 
درجة من المساواة بين الطوائف. كان تنظيم الإمبراطوريّة الذي أرساه عمر 
مُصمّما للحفاظ على وحدة العرب المسلمين ونقائهم» ولكنّه في الوقت نفسه 
كان تنظيما ملائما لآمال الشعوب الخاضعة بدرجة معقولة. وهو أمرٌ يتضح أكثر 
ما يتضّح في مسألة حساسة» وهي مسألة الضرائب"''. فقد كان تنظيم الضرائب 
يختلف من منطقة إلى أخرى» بناء على وضع المنطقة وعلى تقاليدها المحليّة . 
فقد سمح لبعض المناطق بأن تتولى بنفسها تحصيل الضرائب» وأن تُقدّم مبلغاأً 
مقطوعاً ثابتا للعرب. على أن العرب». في معظم المناطق الغنيّة» قد حافظوا على 
رقابة وإشراف دقيقين على الضرائب. لقد كان هذا أمراً ضروريّاً في البداية في 
سواد العراق» الذي يعتمد بدرجةٍ كبير على الإدارة المركزيّة» ثم تم تعميم هذه 
التجربة في مناطق أخرى . وقد أثبت هذا النظام فعاليّته (على يد دهاة قريش). 
من خلال سعيه إلى تجاوز الوسطاء غير الضروريّين» .وقد كان النظام يتغذى على 
السعي للوصول إلى العدالة المساوتيّة التي اعتبرها عمر أمرأ لا ينفصل عن 
الإسلام» والتي كان الرعايا الضعفاء يعتبرونها نعمة جديرة بالثناء . 


في الامبراطوريّات القديمة» أو على الأقل فى الإمبراطوريّة الرومانية. 
حظيت العائلات.والمؤسسات ذات:الامتيازات» مع الوقت» بالمزيد والمريد 
من التفضيلات والإعفاءات فى مسألة الضرائب» تاركة العبء الأكبر ملقَى 
على كاهل الطبقات الأفقرهء التي لا تكسب سوى القليل. كانت العائلاات 


)١(‏ ثمة الكثير من التوضيحات حول نظام الضرائب المبكّر لدى المسلمين وبالأخصٌ ضريبة 

الرأس في كتات ذانيال سي . ديشت :- انظر : 
-نه تآ 212297210 :]لز ,عع 710طط0نهت) 1 س1 ترأجمظ نز »ده 1 أأوط ء[ا 2:14 1011ى0011) ,.1ل ,اأعصمع»ا .) اعتصددا 
.(1950 رووعع '[1511ء/ا 


[الذي تُرجم إلى العربيّة بعنوان «الاسلام والجزية»]. وهو دراسة دقيقة تتقاطع وتتعارض مع عمل 
فلهاوزن في خلاصاته العامّة . 


ةد 


الكبرى هي من يمسك بزمام السلطة إن توخينا الدقة» وكانت الحكومة 
المركزية إلى حد قير ملعومة دايا تجاههم. المج درجة أنْ جهودها لمعالجة 
اختلال التوازن لم تعل مجدية. في الإمبراطورية الرومانية» كان من الواضح 
بأن الوصول إلى النقطة الحرجة بات وكا (النقطة التي لا عودة عنها 7 
دولة في العصر الزراعي). عندما تصبح موارد الإمبراطورية خاضعة للمساومة 
من قبل هذه الالتزامات الداخليّة. إلى درجة لا يعود مكنا معها لحاكم 
مُصلح أن يتجاوز رعاياه من ذوي الامعازات:وأن يفرض سلطته عليهم في 
حالة النزاع أو الخلاف. في هذه الحالة» لم يعد من الممكن معالجة هذه 
الحالة من عدم التوازن إلا بالإطاحة بالطبقة ذات الامتيازات جملةً» من 
الداخل أو من الخارج؛ وهذا ما قام به العرب. فقد أمكنهم ممارسة سلطتهم 
المركر :ا" ببعركله رانم لم يكونوا مرقظن يان من الحداصن المحلتة ار 
مدينين لها. ولما لم تكن بُنية الضرائب المفروضة عادلة» فقد أصرّوا على 
استعادة التوازن إليها؛ إذ إن توازن الضرائب (وهنا تتوافق المصلحة مع 
العدالة) يُؤدَي إلى حصول السلطات المركزيّة على حصّة أكبر من الإيرادات. 

تمثل ذلك في إعادة فرض ضريبة الرأس» وهي الضريبة التي تدفع عن 
كل فرد بوصفه فرداً لا بوصفه فنالكا للأرض. فين كل من الإمبراطورية 
الرومانية والساسانية كان يتم جمع ضريبة الرأس ؛ وفي كلتا الحالتين» كان 
الأفراد من الطبقات ذات الامتيازات يُعفون منها. (في الإمبراطوريّة 
الرومانيّة» يبدو أن الإعفاء قد امتدّ إلى عامّة سكان المدنء. الذين كان لهم 
فيما يبدو نفوذ سياسي أكبر من أقرانهم في الدولة الساسانيّة الأكثر توجّها 

نحو الزراعة؛ ومن ثم فإن هذه الضريبة كانت واضحة الات علي الفلاحين). 
استمرٌ العرب الآن في العمل بهذا النظامء إِلَا أن الطبقة ذات الامتيازات» 
والمعفاة من ضريبة الرأس» أصبحت هي العرب وحدهم. ومن ثم فقد 
أصبح أصحاب الامتيازات في الإمبراطوريّات القديمة يدفعون هذه الضريبة» 
إلا إذا دخلوا في الإسلام وأصبحوا جزءاً من المجتمع العربي (وهو ما فعله 
بعضهم للحفاظ على مكانتهم وامتيازاتهم). كان جميع السكان غير العرب 
وغير المسلمين مصنفين تحت بند واحدء. وهو «الذميّون [أهل الذمّة]». الذين 
يتلقون حماية المسلمين شريطة أن يخضعوا لحكمهم؛ على ا العكار 
الذميين كانوا مختلفين اقلا في درجات امتيازاتهم الاجتماعية 


رف 


لم تكن الطبقة الجديدة ذات الامتيازات خاضعة للخليفة بالطريقة 
الاعتباطية التي يتوهمها الكثير من العقول حين تنظر إلى المثال والنموذج 
الملكيّ. ففي البداية» قدّمت هذه الحالة ضمانات وتأمينات متكافئة. فقد تم 
ل ا من العرب] عن مجموع السكان»؛ ووضعت في 
حالة خاصّة من الضبط. وهكذاء فقد ظل وزن هذه الطبقة بين مجموع 
السكان» في فضايا الحياة اليومية. خِنِنا في البداية . 00 الطبقات 
القديمة في حياتها العاديّة». إلا أن الطبقة العلياء التي كانت على راس الهرم. 
انتهت في العديد من المناطق؛ ولكن» على المستوى الرمزي على الأقل 
(وعلى المستوى الواقعى بوتيرة متزايدة)» انهارت أيضا بقيّة الطبقات ذات 
الأابنا ناف على هد الفاتحين ليخ طهر عليه هيدا العدالة الحيامة:. لا 
شك في أن الكثيرين لم يكونوا راضين عن ذلك. بحلول زمن «عبد الملك». 
تسببت زيادة الرقابة على الضرائب. بهدف زيادة الإيرادات» في حالةٍ من 
السخط بين الفلاحين في بعض المناطق» وروت العو راك الأزلية بيد 
المنتجين والمُستغلين. ولكنء» في الأجزاء الوسطى من الإمبراطوريّة ‏ التي كان 
النظام الجديد يحكمها على نحو مباشرء ولمَا كان النظام الجديد يكتسب فوته 
الرئيسة من التحككم في المزيد من الأراضي البعيدة ‏ كانت الطبقات الحضريّة 
الكبرى في مجتمعات المحكومين سعيدة بمساعدة الحكومة ودعمها فيما يبدو. 


ولكن» مع الانهيار التدريجي لمبدأ انعزال العرب الحاكمين عن عامّة 
السكان. انتهت هذه الحالة الخاصّة. وبرزت على إثر ذلك ضغوط جديدة 
على الحكومة للتحكم بالطبقة الجديدة ذات الامتيازات بدرجةٍ أكبر. وعندما 
اكتسبت العلاقة بين الطبقة ذات الامتيازات والمحكومين ذات السمات 
المعتادة ذ في المجتمع الزراعي» تصاعد الشعور بالحاجة إلى الجكم الملكيّ 
الحطلق تسعة لذلك: واصيضة الشلؤفة المرواتتة درت اكت فاكتر من 
نموذج الحكم الملكي المطلق. 

بحلول زمن «عبد الملك». كان الاختلاط الاجتماعي قد قطع شوطأ 
ا فمن جانبء كان العديد من العرب الفاتحين قد اشتروا أراضي (أو 
مُنحوا الأراضي التي كانت ملكا سابقا للتاج من قبل الخليفة). وأصيحوا 
بالتالي مُلاك أراض . لم تعد مسألة توزيع الموارد مسألة يُنظمها ديوان الجند 
حصرا ؛ فدات لدف العديد من الغرب الآن صلات خاصّة وشخصية بمصادر 


ع 


الموارد الماليّة. على الجانب الآخرء بدأ غير العرب بالاستقرار في الأمصار 
التي اننيعا عر لتكون محل إقامة الحاميات العسكرة وهكذا فقد أصبحت 
هذه الأمصارء الكوفة والبصرة في العراق كا 4 مد عاد ةو ليا كانت م 
دومًء وأصحبت مرتبطة بالأرياف المحيطة بها. ودخل النبلاء والمسؤولون 
السابقون في الإسلام للحفاظ على مكانتهم. وجد التجار أسواقاً لهم؛ وعمل 
الفلاحون الذين لا يملكون أراضيَ خاصّة بهم في مدن المسلمين» وتعلموا 
العربيّة» وأصبح بعضهم مسلمين» واستقرّوا بجوار أبناء الفاتحين . 


والنتيجة هي أن إدارة الأراضي المفتوحة لم تعد منفصلة أبدأ عن حكومة 
الطبقة العربيّة الحاكمة. وهكذاء لم يعد من الممكن التعامل مع العرب 
بوصفهم القوّة العسكريّة الفاتحة» ثم التعامل مع السكان المحكومين في 
الأراضي المفتوحة بطريقة أخرى؛ كما لم يعد من الممكن تشكيل إدارة تطبّق 
مبادئ خاصّة فى الأراضى المفتوحة من دون أن تكون لهذه الإدارة علاقة 
بإدارة العرب أيضاً . فإما أن يُستوعب العرب تدريجيّاً في محيط السكان وتُسيّر 
شؤونهم وفقا للغات الأراضي المفتوحة ومبادئهاء أو أن تصبح إدارة الأراضي 
المفتوخة جزءا من الحكومة الذاخلة للطيقة العرييّة التحاكمة: 


مع الموارد الاجتماعيّة التي تدعم عبد الملك في الأمصارء تمكن هو 
وواليه في الشرق؛ الحجاج بن يوسف. من تفادي الخيار الأوّل. فبعد الخيار 
العسكري الذي حافظ على الجماعة. المجتمع الموحدء. تم إرساء سياسة 
ص » كان هدفها هو الحفاظ على السلطة المركزيّة في منزلة أعلى 

تتفوّق على كل النزوعات القَبَّليّةَ للاستقلال. 0 
الحسجاح” فقد بدأ الحجاج حكمه للعراق (195) بممارسة درجة مفرطة من 
العنف. بهدف تأكيك سيطرة عبد الملك على الأمضار؟ بعد ذلك كانت مهمته 
الأولى هي سحق تمرّد الخوارج في العراق وإيران؛ وهو الأمر الذي تمكن من 
ا ا ا ل و وت قد منح بعض الرضا 
للسكان الذميّين غير المسلمين» بخاصّة الفلاحين» لأن هذا الحكم فيما يبدو 
قد استعاد السياسات الإسلامية النقية التي أرساها عمر والتي تقوم على عدم 
التداخّل والاختلاط مع سكان الأراضي المفتوحة. ولكن على المدى البعيد. 
لم يكن هذا الحكم مرضياً بالقدر ذاته الذي توفره الملكيّة المطلقة. وهكذا فقد 
رحب سكان المدن غير المسلمة فيما يبدو بحكم عبد الملك. 


حرة 


التسلسل الزمني للأمويين المروانيين 597" 


744-45 الأمويون المروانيون: استمر توسّع الإمبراطورية إلى نحو عام 4٠‏ ولم يضطرب 
السادم الداخلي إلا من ثورات الخوارج (التي توسعت بازدياد) ومن المخاوف التي 
أثارها الشيعة (أنصار علي) في بعض الأحيان؛ تم توحيق الإدارة وتنظيمها وظهرت 
«معارضة أهل التقوى" للحكم الأموي, عبر جملةٍ من الآراء والمواقف التي 
تمركزت في المدينة المنورة؛ وتزايد ميلها نحو دعم مطالب العلويين في الكوفة؛ 
أرق الأخدات التفصيليّة هي : 

7١٠6‏ عبد الملك» الخليفة المسلم به؛ يعرّب الإدارة (197» سك العملة بالعربية)؛ 
الحجاج بن يوسف الثقفي في واسط (545 - »)72١5‏ واليهِ فى أراضي الإمبراطورية 
الساسانية السابقة» يقمع الحركات العربية المعارضة بقسوة» ويشجع تطوير 
الاقتصاد. 5 

هاما الخليفة الوليد الأول ابن عبد الملك يفتح إسبانيا والسندء والفتح الأول لبلاد ما 
وراء النهر (122507:31213]) . ثم يخلفه سليمان -17١5(‏ 1117). الذي فشل في فتح 
القسطنطينية (711)» والذي أتاح الفرصة للعرب «الجنوبيين"» (كلب وحلفائها) 
الانتصارٌ على العرب «الشماليين» (قيس وحلفائهاء بمن فيهم رجال الحجاج)؛ مما 
أجَج العداوة بين الجنود العرب. 

اما 7١‏ الخليفة عمر الثاني ابن عبد العزيز» الذي تمكن بتقواه» المتوافقة مع نموذج التقوى 
الجديد في المدينة المنورة» من استمالة حتى الشيعة والخوارج؛ شجع على قبول 
الداخلين الجده في الإسلام في الطيفه الحاكمة. وسعى لحل 'إسلامي» لمشكلة 
الضرائب على أراضي «(المسلمين الجدد". خلفه يزيد الثاني» 1٠١‏ 755,. 

1 71 هشامء آخر خليفة أموي سوري عظيم» ينظم الحكم على أساس الكفاءة؛ وفي 
عهده. تم إخضاع بلاد ما وراء النهر؛ ولكن خطر الشيعة الهائجين في العراق». 
والخوارج في كل مكانء قد تعاظم. (زيد [بن علي بن الحسين]؛ العلوي» يثور في 
الكوفة عام 01757. يخلفه الوليد الثاني» 7 144. يوحنا الدمشقي (توفي حوالى 
2 لاهوتي يوناني مسيحي كبير» اتصل بالبلاط الأموي. 

افك الفتنة الثالثة» الحروب الأهلية: يقود مروان الثاني قوة أموية منشقة تهزم السلطة 
الأموية 00 8 ثلاث 'حركات تمرد ممثلة بمجموعات من «معارضة أهل 
التقوى»» إلى أ ن أطاح به تمرد رابع. وهو ثورة العباسيين» الذين أعادوا توحيد 
الإمبراطورية. 


للمقارنة مع أوروبا الشرقية : 
-21741 أليو الإيساوري يعيد تنظيم الإمبراطورية البيزنطية لمقاومة العرب. 
للمقارنة مع أوروبا الغربية : 


7/41١ 11‏ شارل مارتل يعيد القوة لمملكة الفرنجة ويهزم القوة العربية في شمال الغال [في 
معركة بلاط الشهداء]. 


؟3ظ 


للم 5 لال دفع طغيان الحجاج الجيش العراقي - بقيادة زعيم 

ينتمى إلى قحطان من الكوفة» وهو [عبد الرحمن] بن الأشعث ‏ إلى إشعال 
ا شتركت فيه الكوفة والبصرة ا . وعندما تمككن الحجاج من إخضاع 
هذا التمرّد» بنى واسط كعاصمة جديلة. بحامية عسكريّة من السوريين. 
0 منذ ذلك الوقت» لم يعد العراقيّون في الكوفة والبصرة محل 
ثقة» لا كمواطنين ولا كجنود في البعثات العسكريّة إلى الثغور والجبهات. 
900 مك عام أن طبقة العرب الحاكمين لم تعد هي طبقة 
الحكم في حذ ذاتهاء وأنهنا أمسسية عدوا من عامة السكان؛ وهو ما 
حصل» وإن بدرجة أقل حذةء في العديد من المقاطهات الأخرف» حي 
أصبح الفارق بين العرب وغير العرب فارقاً في الامتيازات الاجتماعية لا 
فارقاً في الوظيفة السياسيّة . أما فيما يتعلّق بمركزيّة العرب» فقد تم الحفاظ 
عليها بشكل جديد. 


منذ ذلك الوقت؛ كرّس الحجاج نفسهء. حتى وفاته في عام 5١الاء‏ 
لاستعادة أعمال الريّ في سهول ما بين النهرين لصالح خزينة الدولة [بيت 
مال المسلمين]ء وهو الأمر الذي كان ملائما للدور الجديد للعرب. على 
الرغم من أنْ أعمال الريّ المُكلفة في المناطق النائية في سوريا (التي رعتها 
الإمبراطوريّة الرومانيّة» باهتمامها بالمناطق المقدسة المسيحيّة وبالمنتجات 
السوريّة التى تصل إلى المرتفعات الباردة فى الأناضول) قد استمررت تحت 
00 إلا أن جهودهم قن ليت بالأساس على أعمال الريّ في 
سواد العراق وفي الجزيرة (كانت هذه المنطقة قد تعرّضت للإهمال فيما 
يبدو.» عندما تحوّلت إلى جبهة مواجهة بين الإمبراطوريتين الرومانية 
والساسانيّة). كانت أعمال الريّ في سهول ما بين النهرين تدرٌ نتائج 
استثماريّة أكبر من نظيرتها في سوريا. وهكذاء فقد كان دور العراق السياسي 
يتقلص. ودوره الاقتصادي يتعاظم . تمكتنا القول أن عبد الملك قد استعاد 
محور الحجاز ‏ سوريا الذي اعتمد عليه معاوية» وهو المحور الذي كان 
نتيجة واضحة لجهد محمّد في إعادة تشكيل وتوسيع النظام التجاري المكي 
في الحجاز. إلا أنْ المناطق الساسانيّة سابقاً قد أصبحت منذ ذلك الوقت 
أكثر أهميّة؛ وتزايد معها الأساس الزراعي للإمبراطورية» كما تزايدت معها 
الضغوط على الإمبراطوريّة لتندمج على نحو أكبر في التقاليد الإمبراطوريّة 


7 / 


الإيرانية ‏ السامية: وهي النزعة التي تم تحقيقها بعد جيلين من الزمن» والتى 
ذا التعبير هلها في التقال العاضنمة إلى البقاطق: المحاووة العاضيمة النباينا: 
القذوية1 . | 

على أساس سياسة عبد الملك في مركزية السلطة» بات بإمكان السلطة 
المركزيّة أن تُؤسس بيروقراطيّتها المباشرة. وسرعان ما قُرضت اللغة العربيّة 
كلغة للإدارة» لتحل محل الإغريقيّة والبهلويّة. وهكذا فقد تمّ سك العملة 
وتدوين سجلات الضرائب بالعربيّة. وكان على الطبقات الرسميّة» فى 
المستويات العليا على الأقل أن تتعلّم العربيّة؛ ذلك أنّ الترقيات كانت تعتمد 
على مهارة الرجل في الأساليب العربيّة. وقد ضمن ذلك سيادة الكوادر 
المتحدّثة بالعربيّة في الحياة المدنيّة وفي الحياة العسكريّة أيضاً. ولكنّ هذه 
السيادة كانت تتضمن في الوقت نفسه دمجح عمليتي الإدارة العامة وحكم 
الطبقات العربيّة في عمليّة واحدة؛ وقد كانت هذه العمليّة تُدار عبر التقاليد 
الإداريّة المحليّة لسكان الأراضي المفتوحة» لا عبر التقاليد العربيّة . 


على الرغم من أنّه لم يكن مَلِكا مطلقاًء إلا أنْ عبد الملك قد ذهب 
بعيداً في تأسيس سلطة غير مقيّدة لإدارته على المجتمع العربي» في سياق 
سعيه للسلطة وتأكيده عليها. وقد تلاءمت هذه السياسة». التى صاغتها 
الضرورات السياسيّة» بشكل تام مع التوقعات التي اها كان المقاطق 
المفتوحة للحكم الملكيّ المطلق. من جهة علاقته بالعرب» وقف عبد الملك 
مع مبدأ الجماعة» الوحدة السياسيّة والأخلاقيّة لجميع العرب تحت كنف 
الإسلام؛ وهي وحدة يجب حمايتها وفرضها بالقوة العسكريّة إن لزم الأمر. 
ولكنّ مبدأ الوحدة قد عمل أيضا كقاعدة لجعل الإدارة الماليّة والزراعيّة لكل 
الإمبراطوريّة إدارة موحّدة؛ وهو مسعى ساهم بدوره في نمو دور الخليفة 
بوصفه رأس البيروقراطيّة المركزيّة التي كانت تزداد رسوخاء والتي يتمّ من 
خلالها تنظيم جميع المصالح وإدارتها وحكمهاء بما في ذلك مصالح 
الف اع 





(1) لقد التقط أوليغ غرابار أهميّة هذه التحوّلات الاقتصاديّة وأدرك مدى الارتباط والتداخل بين 
جميع مجالاات التاريخ مثل الفنون والاقتصاد. انظر على سبيل المئال: 
.67-88 .مم ,(1964) 701.18 ,ورعممط ,عه 0 1017710711 8227 320 أعث عتلطة 15 '' ,01331 م0168 


0010 


اتخذت حالة الإسلام وحكومة المسلمين الجديدة شكلها الرمزي من 
خلال الفنون البصريّة. ولا شك في أن العملة العربيّة الجديدة كانت لفتة 
موحية فيد البيزتطبير:: اللوة كانت دنانيرهم الذهبية ل المعيار النقدي 
السائد فى سوريا والحجاز. وقد كان في هذه الحركة تأكيدٌ على أن حكم 
العبدايين بان :وميعت مانا ديقو البطو فق أفراك الجر ة الى كانااعلن 
حاكم سوريا أن يقدّمها [للبيزنطيين] بشكل مؤقت خلال حروب الفتنة - 
وتأكيدٌ أيضاً على أنْ هذا الحكم قادر على أداء جميع الوظائف التي كانت 
. تؤديها الحكزمات: الاسبراطورتة: السابقة كانك الرهوز المنقوية علئ العملة 

تشين إلى قوّة المسلمين. وقد تمت تجربة وضع صورة وجه الخليفة. وهي 
إشارة إلى درجة عالية من الإطلاقية في الحكم. لح ير ار 

لها. ولكنّ الرموز التي نجحت كانت هي الأكثر تجريدأء والتي تشير إلى 
الإسلام اقرف ققد كاليث بعض العملات تحمل صورة المحراب, دلالة 
على العبادة المشتركة للمسلمين» وصورة حربة النبيَ. ولكن في النهاية 
(وغالبا كان ذلك استجابة لاستبدال البيزنطيين صورة المببيج بصورة 
الإمبراطور). : تم استعمال كلمة الله نفسها؛ في عبارات قرانيّة تبشّر بقدرة الله 
وفوة المي" 


كان استفها ل الكعابةكصورة وحينة فك ١‏ العملاف. الشدرة اشكاوا 
عجرنام رانك ننه السك رساي رسع بو للك رعو مد لور كود ةمه 
الثقة في السلطة الجديدة؛ وإضافة إلى ذلك» كان هذا العمل ضربة عبقريّة 
فيما يتعلق بالأيقنة [صناعة الأيقونة]» وذلك عبر الاستفادة من الخطوط 
الواضحة القويّة للخط الكوفي المريّع لإنتاج تصميم يمتاز بدرجة عالية من 
التجريد وبدرجة عالية من الرمزيّة المباشرة أيضاً. في مناطق أخرىء تمّ 
استعراض رمزيات إسلامية على نحو ممائثل: ففي قبّة الصخرة ‏ التي تم 
بناؤها في القدس للتأكيد على أن الإسلام استمرار للتقليد النبويّ ما قبل 


(*) تُصوّر إحدى عملات عبد الملك الأولى صورته حاملاً سيفه تُحيطه نقوشنٌ تحمل ألفاظ 
الشهادتين وعبارات مثل : «لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين». تم التخلي عن التصوير في العملة 
بحلول عام 4لاه/ نحو /591 م2 فقد عثر على إحدى العمللات وقد نقشت عليها آية الإخلاص في 
الوسط. تُحيطها عبارة «محمد رسول الله أرسله بالهدى والدين الحقّ ليُظهره على الدين كلّه ولو كره 
المشركون' (المترجم). 


4 


المسيحيّ ‏ تمّ استعمال الرموز الدالة على القوّة كالتيجان والأبنية المقدّسة 
2 . على نفس الخط الذي يميل إلى الابتعاد عن الأيقونات» والذي كان 
وناكدا :صة النيره وبين المسيحيين المعارضين لبيزنطة» والذي تبئاه بعض 
المسلمين» عر المت ان اي العامة. (وقد أصبح هذا 
النزوع مهمّاً في الفنون الإسلاماتيّة بالعموم)”” . 

بعد ما قام به عبد الملك» وبعد ثلاثة عشر عاماًء ترك سلطته الراسخة 
في عام ١5‏ لابنه الوليد الأوّل. مع حكم الوليدء تمّ قبول مبدأ وراثة 
الخلافة لأوّْل مرّة من دون شكوك أو معارضة؛ أو بدقّة أكبر» تم قبول مبدأ 

ل ب د العاتلة» من دون أن يكون لوجهاء العرب 
[أهل الحل والعقد] دور إلا الدور الرسميّ الشكلي؛ إذ ل ما قام به 
عبد الملك كان يعني أن السلطة ستذهب لأبنائه اللاحقين بعد ذلك. تحت 
حكم الوليدء تمّت آخر الفتوحات في المناطق النائية» في إسبانيا وفي 
السند. حكم الوليد من دون معارضة لمدّة عشر سنوات أخرى» وقد حكم 
بكفاءة واستمرٌ في سياسات أبيه إلى عام 5١/اء‏ وعندها ترك السلطة مرّة 
أخرى من دون معارضة لأخيه سليمان. ومع اعتياد العرب على هكذا سلطة, 
كانت اين الخلافة تتشكّل وفقاً لصورة المُلْك المطلق». الذي تحافظ عليه 

١ 6407 00 


الاستياء من المروانيين» ومعارضة أهل التقوى لهم 
تمكّن عبد الملك من كسب تأييد مُعتبر في المدينة - ربما أكثر حتّى من 
معاوية - على الرغم من ضعف شعبية حكمه في العراق. منذ زمن عثمان». 


(9) إضافة إلى عمل أوليغ غرابار الذي شرت إليه في الهامش السابق» انظر أيضاً دراسته : 
,(1959) 3 .701 بكأأواده 0 ك4 "رصع ادئتمع1 صذ عاء10 عط [ه عددهطآ 22232120تنا عط1"' رعوطدء0 وعء01 
33-62 .طم 


يسار ا انزع ارهاب الأيقونة 0618طم0ه0ء1»: الذي يُمكن أن نلحظه من الآن» والذي 
0( 0 0000 ع5 0 [712لا0ل ."416 **رعأطدعم 10 مهزوعء2 جره 1 ' 5-06 11 
. 3225-6 20ة 175-224 .مم ,(1939) 56 


وهي دراسة قيّمة حول الإدارة في الأزمنة الإسلاميّة المبكرة» وتعتيد رضوزة كنيرة على أدنيات 
ال ار (على أن الجزء ء الأخير من الورقة» حول مصطلح «وزير'ء قد نسخته العديد من 


نشأ جيل جديد في المدينة» وبات رجاله يرون أنفسهم ونه تقالكك مدي 
محمّدء والأوصياء الحامين لمُثل الإسلام» بعد أن انتهى دورهم كحماة 
لسلطته. أولى عبد الملك اهتماماً خاصضّاً بالأسئلة الدينيّة التي كانت تهمّهم 
وتشغلهم. وأظهر درجة عالية من الاحترام لأراتهيع: وإذا كان عبد الملك قد 
استمرٌ في السير وفق ميراث محمّد في الجانب السياسي؛ على الأخص في 
إصراره على يردا النماغة «ووغخنة المسلسية فإنه كان قادراً 28 على 
الزعم أن القرآن» كها بتدمه اقل المتحدنيق ات فى مدينته لآم ما 
يزال يؤدي ذات الدور الداعم لسياساته» الذي أداه منذ زمن محمّد. ولكنّ 
جانب السياسة من جهة وجانب القيم والمُثل من جهة أخرى أصبحا في أثناء 
حكم المروانيين» وعلى نحو تدريجيّ» جانبين تمثلهما مجموعتان. مشتلنتان؛ 
بل ووجد هذان الجانبان نفسيهما غالبا في حالة من التعارض والخلااف 
الصريح أو الضمني . فقد ساهمت الحروب الأهليّة في تقويض التوازن الذي 
أرساه محمّد. ولا شك في أن فشل محاولة مسلمي الحجاز استعادة القيادة 
تحت راية عبد الله بن الزبير» إضافة إلى قمع الشيعة والخوارج» كانت قضايا 
لا تزال تختلج تحت السطح. 

عددها ,بدا الحيل الحكدية .لفن “فى المدينة فقطدى بالحث افن نا 
يُمكن أن يعنيه الإسلام لهم» على العضوف الشخصيء بعد أن ا 
انتصاره السياسي» كان تفكيرهم مصبوغاً ومتأثراً بتجربة الحروب الأهليّة. 
لم يكن مفهوم الجماعة كافياً ليكون هو المثال والنموذج الإسلامي 
العامل) ص الرضم. من القيرل العام لهدا اهيدا انيما حملن بالصار 
الخليفة. بدأ الكثيرون يشعرون (كما شعر الخوارج في السابق» وكما أكدوا 
بطريقتهم الخاصّة) بأن القرآن يجب أن يقوم بدور كر فعالية في حياة 
المجتمع . وهكذاء فقد بدأت مجموعات من الأشخاض الذين كانوا على 
صلة بالفرق المهزومة [الخوارج والشيعة وأتباع اف الزبير وغيرهم]ء لا في 
العراق فقطء. بل وفي البحجاظ انقاء مكلو حيييا شبه سياسيّ وشبه 
ثقافيٌ تعارقا لنزعات الحكم واتجاهاته بين العرب. من وجهة نظرهم». 
فإِن المجتمع الذي منح ولاءه للوسلام قد بات الآن ممقةه بالعموم 
بالاستمتاع بثمرات الفتوحات» يقوده مجموعة من الرجال الذين وصلوا إلى 
السلطة عن طريق القوّة والتحالفات القبلية. ومن هذا المنطلق. كان من 


١ 


الطبيعي أن تنتشر بين هذه المجموعات مخ الأشخاطن + الذي يحملون 
اهعنانا خناظ] بالمثل الإسلاميّة. 0 نظر معارضة بدرجة أو بأخرى. 
وبهذه الروح» بدأت هذه المجموعات تطويرٌ مفهوم أكثر كلّية وعمقا 
للإسلام. لقد تصوّر هؤلاء الرجال مجتمعاً يجب أن يجسّد العدالة على 
الأرضء» وأن يقوده أتقى المسلمين. 

وقد وضعوا نصب أعينهم مجموعة من الأمثلة والنماذج للرجال الذين 
ضحوا بحياتهم بناءً على موقفهم الإيماني القويّء والذين ذكّروا جميع 
المسلمين بما يعنيه التحدّي القرآني لهم كبشر. منذ الجيل الأوّل. كان ثمّة 
أفراد من المسلمين» مثل أبي ذر (ت2597» تمسّكوا بالتقوى على نحو جدّي 
بما يكفي ليقوموا بتوبيخ الخلفاء الأوائل حين يميلون إلى الاهتمام الزائد 
بالشؤون الدنيويّة. ولكنّ مثل هذه الشخصيات اليوم قد باتت أشبه بمجموعة 
من الحالمين غريبي الأطوار. 

كان مثال المسلم النموذجي في الأزمنة المروانيّة هو الحسن البصري 
(مت7758). الواعظ المشهور (الذي كان قاضياً) في البصيرة: نكأ في الحاينة: 
ابن لرجل حرء في دائرة قريبة من عائلة محمد. وقد تأمّل في روح القران 
طويلاًء يمره دح فى سارك "المعو والح ). وفي خطبه المؤثرة في 
البصرة. وقد اكتسب البصري احترام جميع الآطراف» بمن في ذلك الوالي 
الحجاج ومبغضوه. قبل الحسن البصري بحكم المروانيين» ولكنّه كان 
ينتقدهم حين يقومون بما يعتقد خطأة. حراناء عد املك بمعاقة رجل في 
سوريا [لعلّه معبد الجهني] لأنّه طرح نقاشأ دينياً يحمل مضامين تا تنتقد حكم 
المروانيين» ولآنه تحدث في موقف لاهوتيٌ يخالف رأية: انثيه غبد الملك 
إل أن الحسن البصري كان يدرس الموقف ذاته (وهو القول بأن عدل الله 
يقتضي بالضرورة حريّة إرادة الإنسان في اختيار ما لعل يوا أن كما 
طن هنين البتلاك 'توضيها تن !لسن ومن المؤكّد بأنه كان يتوقع من 
الحسن البصري أن يتملّص بطريقة حصيفة؛ إلا أن الحسن البصريء» الذي 
شغر بآ عليه أن تيؤكد على حريّة الإنسآن في الفعل وبالنالي مسنووت 
الأخلاقتة> قن رذ على عيك املك مدر وشاوحا موقفة بصيزاحة**" 4 نوترك 


(*) ورد فى الأخبار أن عبد الملك قد أرسْل إلى الحسن البصري قائلا : «فقد بلغ أمير المؤمنين - 


ضة 


عبد الملك من دون المع ا 
ساهم المتأثرون بنموذج الحسن البصري وتعاليمه ‏ حتى لو لم يكونوا 
من المعارضين المباشرين للحكم المرواني - في تشجيع ظهور حالة معارضة 

عامّة للحكومة. وسرعان ما طوّرت هذه المجموعات نقذ غانا للخلفاء 

المروانيين وشاساتيم؛ وللحياة العربية التي يمثلونها . :ون سياق هذه 
الثقاكتات» يدا الدين الإسلامي نفسه. بوصفه حافنا اد من الثقافة 
الإنسانيّة يأخذ شكله. ولكنّ هذه المجموعات من الآأتقياء الحالمين كانت 

غير ذات قيمة سياسيّة ما دامت معزولة. 


ولكنّ هؤّلاء الرجال قد وجدوا حلفاء لهم من بين أشخاص آخرين أقل 
تديّناً في ميولهم. كان العرب المسلمون العاديّون يدعمون الحكام المروانيين 
في سوريا بوصفهم قادة دينيِينَء نظراً لأنهم يُحافظون على الوحدة المعنويّة 
والأخلاقيّة للمجتمع العربي من خلال الإسلام». أي وحدة الطبقة الحاكمة 
التى كان عليها أن تحافظ على موقعها فى الأراضى المفتوحة للسكان غير 
العرهف بتكن كان هفاك العديد نحن المشترعات: الت تلك عبرا ضات 
جوهريّة على سياسات النظام المرواني» على الرمم موه الموقف 
الأخلاقيّ والمعنوي القوي؛ ذلك أن هذا النظام كان يقوم على قوّة المقاتلين 
السوريين العرب» ومن ثم فإنه كان يُحابي السوريين على حساب بقيّة العرب 
في العراق» والأهم من ذلك. على حساب العائلات الغنيّة القديمة التي 
كانت مرتبطة بمحمّد والتي تتمركز في المدينة. لم يكن لهؤلاء أن ينسوا 
الشدّة والقسوة الدمويّة التي وجّجهها الحبجّاج ضد كبرياء العائلات الكبرى 
واستقلالها. وهكذا فقد كانت هناك حالة أضعف من التفضيل السياسى 
للحكم المرواني عند العرب الذين كانوا يأملون بأن يحظوا بنفوذ سياسي ين 


- عنكٌ قولٌ في وصف القدرء لم يبلغه مثله عن أحدٍ ممن مضى . : . . وقد كان أمير المؤمنين يعلم منك 
صلاح الحال وفضلاً في دينك. ودراية في الفقه وخرضا عليه ثم أنكر أمير المؤمنين هذا القول من 
قولك...» . وقد رد الحسن برسالة حشد فيها من الآيات القرآنيّة ما يُدلْل على موقفه. وجاء من قوله 
فيها “دا غلم با أمير المؤمنين أنَّ الله لم يجعل الأمور حتماً على العباد» ولكن قال: إن فعلتم كذا 
فعلت بكم كذاء نهنا يجازيهم بالأعلام» (المترجم). 
(5) حول الحسن البصريء من الجدير بالاهتمام المقارنة بين الدراسات المنشورة فى مجلّة 
الإسلام :.(1-66 .هم ,[1924] 14 .01؟) جع260طء5 .21 250 (1-853 .مم ,[1933] 21 .01 مم8 .11 نوم 1 :106 


زر 


ويتطلعون إلى تغيّر مركز السلطة وانتقاله إلى إحدى المناطق القريبة منهم. 
كتفضيل وجود حاكم من عائلات المدينة القديمة التي يُمكن أن تعتمد على 
دعم الحجاز والعراق. وقد تعاظم هذا الاستياء واكتمل بعد زمن الوليد. 
عتدها يدا المروانيّون أنفسهم بالانحياز إلى أحد.الأطراف في النزاعات 
القبَلِيّة بين العرب. 


على المدى البعيدء كان ثمّة عنصر أكثر أهميّة من العرب المستائين من 
الحكم المرواني» وهو ما تمثل في ظهور طبقة جديدة من الرجالء أنتجها 
مجتمع الأمصارء ولكنّ مصالحها كانت متعارضة مع هذا المجتمع. فقد كان 
هناك عدد كبير من غير العرب الذين والوا العرب وانخرطوا في حياة المراكز 
العربية المسلمة؛ ومن ثم فقد أصبحوا بمثابة «تابعين» ينتمون إلى القبائل 
العربية (أطلق عليهم «الموالي» أي «المعتقون» أو «التابعون»), وقد عاجوا 
اللحديلف: ب العورة» عل ادق نق الكثير منهم الإسلام بوصفه شرطاً ضرورياً للتماهي 
الكامل فخ المحيع لمرو روات ا على ل تيو و 1ل بولام د الم يم 
التعامل معهم أو مع أبنائهم كشركاء كاملي الشراكة في الامتيازات التي 
يحظى بها العرب. بالطبع» ٠‏ لم يكن من الممكن أن يتم التعامل معهم هكذا 
نن دون أن ايتشيت: ذلك بانهياز النظام الاجتماعي الذي تشكل في هذه المدن 
والأمصارء والذي يفترض مسبقا وجود نخبة صغيرة مرتبطة مع ابمتجحموكة زه 
التقاليد والتجارب. على أن الموالي المسلمين لم يكونوا مرتاحين في هذا 
الوضع بالطبعء وكان لديهم ما يدفعهم للأمل بظهور حكومة ومجتمع يقومان 
بتوزيع الامتيازات على أساس القبول بالإسلام؛ لا على أساس النسب 
العربي. وهكذاء فإنْ مجموعات كبيرة من المسلمين» العرب وغير العرب 
على السواءء كانوا يأملون ببعض التغيير» وربما لو ظهر الضعف في حكم 
المروانيين لكانوا مستعدين لمشروع الثورة؛؟ وكانوا يعتقدون بامتتهير از أن أي 
درل الى النقاء المقبول سيكون في صالحهم. 

0 مركن فيك ار نين عانسي المرو انين ” 


558 وحدة الجماعة. وهنا كان ثمّة ميل ب بق العامة سمو تعرز أن يقوم 


أهل الخو 0 وأن ا أيضاً 0 


نغرة 


جميع الاهتمامات والمصالح الأخرى. بحضورٍ كبير بين العرب والموالي 
المسلمين الساخطين» بل وحتّى بين العرب السوريين أنفسهم. ع توفر 
وقت الفراغ لهمء بعد انتهاء أيام الفتوحات الأولى» للتفكير بشكل أكبر فيما 
يحب أن يعنيه «الإسلام)؛ أدركوا بأنّه [أي الإسلام] يجب أن يكون أمرا 
يتجاوز مجرد كونه شهازا وعلامة انتساب لطبقة الحكم. وقد ساعدت مظالم 
أتباعهم في إنارة فهمهم لما هو المطلوب. ولكنّ وجهة النظر هذه قادتهم 
لاستكشاف العيوب الأخلاقيّة في نظام الحكم القائم؛ وبذلك فقد أصبحوا 
بمثابة ايا جد لكل العداصر المعارضة لنظام الحكم. وقد كانت النتيجة 
النهائية هي أن هذه العناصر قد اجتمعت في نزوع إسلامي كل ل من أن 
اك نتشتّت في سلسلة من التمرّدات المحليّة التي يُمكن أن تتسبّب بانهيار 
المجتمعات» وربّما بضياع الإسلام كله. ولكنهم لم يكونوا ليمتلكوا هذا 
التأثير الكبير لو لم تكن هناك دوافع أخرى للمعارضة لتحرّك أعدادا كبيرة من 
البشر. 


أعني بعناصر «أهل التقوى» نفييللها غانا يشمل جميع المجموعات 
التي عارضت الحكم المرواني» أو على الأقل التي كانت نقديّة تجاه حياة 
المسلمين الراهنة» ما دام أنْ هذه المعارضة كانت تعبّر عن نفسها في موقف 
ديني مثالي. وهنا أتحدّث بالأساس عن المتخصّصين الدينيّين» الذين باتوا 
يُعرفون لاحقاً بلقب العلماء؛ ذلك أنَّ العناصر الاجتماعيّة التى نتصوّرها على 
انها #أهل التقوق» لي تعماية إلى ,علماء ينه وشيعة :ذوق أنباع من القرق 
الممتذة بين السكان ذوي الانتماء الطائفي والفِرّقي» إلا على نحو تدريجي . 


ا لجال من امن ا ا م مامد 


عا رفيو عقف 1 الإسلام علامة انتماء 00 كما أنهم 
كانوا قانعين بترك المسيحيّين واليهود في سلام في حالتهم من الخضوع 
والتبعيّة. ولكن. وعلى الأقل داخل طبقة المسلمين» كانوا يريدون أن يكون 
الإسلام أكثر من مجرّد علامة انتماء وانتساب» كما كانت عليه الحال أحياناً 
في الأرمنة المروانيّة؛ وكانوا يريدون له أن يكون أقرب إلى حالة من الامتثال 
الجماعي العمومي لمجموعة من المعايير» بالحد الأدنى فى :مسائل الإيمان 
الأسافية: وفي الشعائر المعيارية. وفي الأضيلؤفانفة العاسيسية: . ومن دون أن 


ه22 


يصوغوا ذلك صياغة مجرّدة» كانوا يتوقّعون من الإسلام أن يحمل معه قانوّه 
وتعاليمه وادابه ومبادئه للحياة الخاصّة وللنظام لع 25 أن يكون نظاما 
مكنا بسي من دون أ مرجعية خارجية (على المستوى النظري) من 
المناهج والاسالتت ما قبل الإسلامية. في ذلك. الوقت» لم يقوموا بأيّة 
مطالب راديكاليّة في أيّ جانب من حياة المسلمين: فقد كانت ا 
محدودة وقابلة للتعيين» ولكنّ الاتجاه العام لأفكارهم كان يُشِير إلى أن 
المجتمع الجديد يجب أن يكون متحرّراً من فساد القديم. 

كان لهذه النظرة جذور تاريخيّة عميقة تتجاوز لعبة المصالح التي تلت 
الحروب الأهليّة. فأصول الإسلام منحت أهل التقوى نقطة تفوّق بحكم 
ارتباط قيمهم بمصالح المتضرّرين الساخطين. كان التقليد الإسلامي في زمن 
محمّد قد طوّر بالفعل مجموعة من المضامين السياسيّة, وقد تم التأكيد على 
هذه الالتزامات في حروب الردة . إذاّء فقد كان التقليد الإسلامي يحمل منذ 
ذلك الوقت التزاماً وتضوزا بالمسؤولية تجاه المساواة الاجتماعية. . في 
الأزمنة المروانيّة» كان من السهل توجيه هذا الالتزام على أساس الإسلام 
نفسه ضدّ السلطة المروانيّة» وتأويل هذا الالتزام لتبرير معارضة السلطة 
المروانيّة السوريّة. وكان بإمكان المعنيين أن يعتمدوا على القوات غير 
السوريّة من العرب وأن يذكّروهم بالزمن الإسلامي السابق للمروانيين» الذي 
يُفترض بأنّه كان أكثر شرعيّة وعدالة. في البداية» كانت هذه الذكرى تحيل 
بالعموم إلى المجتمع المسلم الأوّل الممتدٌ من زمن محمّد إلى عمر على 
وجه الخصوص؛ لعن .هد الزمن جد سنال واصع عن الموجدمع النن: 
وتفاصيله لم تكن فك انسية من ذاكرة المسلمية: وم وتتعديداً ين 
الشيعة» أصبحت الفترة المثاليّة مقتصرة على زمن محمد نفسه. إضافة إلى 
عهد علن. فى كلتا الحالتين» كان بإمكان المعنيين أن يحشدوا القوى 
اماس من العداضر المطارفنة تسم انه هذه الذ كر 


بالعموم» لم يكن المروانيُون أقل تقوى من معظم أتباع أهل التقوى 
المعارضين لهم؛ ولكنّ سلطتهم كانت تقوم على مبدأ القوّة وعْلى وحدة 
المجتمع العربي الحاكم بالعموم وعلى الموقع الخاص للعرب السوريين؛ 
نح بخرواافي جرع يؤمّلهم لاعتناق برنامج أقلوي غير قابل للتنفيذ. وكان 
عليهم بالضرورة أن يستعملوا الأجهزة الإداريّة» والنظام الاقتصادي. 


فق 


والمعايير القانونيّة» والفنون» والتراث العالم للشعوب التي وجدوا أنفسهم 
وسطها. كانت قصورهم مزيّنة بالأساليب الهيلينيّة المعتادة» وكانت الراك 
التي يفرضونها هي بالأساس ذات الضرائب التي فرضتها الحكومات السابقة 
لهم؛ وإذا كانت سحاد يم مبعك مقع فل كفت بالعرتة زلا مع :الا غريفة 
أو البهلويّة» فإنها كانت على الرغم من ذلك تتبع الطرائق الإغريقية 
والبهلويّة. ما الذي كان بإمكانهم فعله إضافة إلى ذلك؟ لم يكن لديهم حتى 
نمط عربي وثني لفعل هذه الأشياء فضلاً عن أن يكون لديهم نمط إسلامي 
نقي . . وعلى الرغم من ذلك» فبسيب (ابتكاراتهم؟, غير الإسلامية. تم وسمهم 
بالفسق وانعدام التقوى من قبل معارضيهم» بل واليها انا بخيانة الإسلام 
نمة؟ +وهكذا فقدكبات لذاها آن شكم” .فيكة العم على اسعتطاق المضامين 
الاجتماعيّة للإسلام بعيداً عنهم . 


برنامج أهل التقوى 

تتلخّص المقترحات التي تقدّم بها أهل التقوى. استجابة للاستياء القائم 

من الوضع الاجتماعي والتاريخي» في ضرورة نهوض حكم يتبع القرآن والسنة 
(العرّف). ولكن ما الذي يعنيه ذلك عملياً؟ كان القرآن واضحاً بما فيه 
الكفاية. ولكنه لم يقدّم إجابات بخصوص الحالات اليومية. ومن ثم فإن 
المعضلة الرئيسة كانت تكمن في تعريف السنة» التي تعني في دلالتها اللغوية 
النماوسة لمعيل واا» :إن ها كاذ مج اعتراش. توقينه تخالنا للدةه قر 
الخروج المتعسّف عما يأمله المسلمون العرب أو يتوقّعونه. فقد نظر إلى 
الإهانة التي لحقت بالعائلات العربيّة ذات الامتيازات» والقيود التي فُرضت 
عليهم والتي ارتبطت بتطوّر الحكم الملكي المركزي» على أنها أمرْ مستحدث. 
أي بدعة؛ ومن ثم فقد كان يتمٌ استدعاء ما يبدو أنه الفترة الأكثر حريّة/ ليبراليّة 
للحكام الأوائل تحديداً خلفاء المدينة وزمن محمّد نفسه - بوصفهم نماذج 
وأمثئلة عما يُمكن أن يتفق عليه الجميع: أي كسنّة (كان العرب قبل الإسلام 
يستعملون هذه الكلمة لوضنت: السلوك المقيول والمعارفك عله ), .فى الوق 
تقمهه الم يكن تنظن إلى الندعة + الاتكان المسيسكر» موهتقها اله يعبلقة 
بالحكّام حصراً؛ فسلطتهم وتعسّفهم كانا جزئيّاً نتيجةً للانحلال الأخلاقي 
وعادات الترف التي سادت بين المسلمين أنفسهم؛ بهذه المصطلحات كان 
الأخلاقيّون ينظرون إلى اختلاط طبقة الحكم العربيّة بالحياة الاجتماعيّة 


ئيئضة 


وس له نام 


الضة 00 معايير اللخلافة الأولى: ٠‏ للحكاء وللمسلمين بالعموم. 
و(أو بين العديد من الشيعة) استعادة زمن محمّد وحده؛ فكل ما لا ينتمي إلى 
تلك الأزمنة هو بدعة يجب التخلّص منها في حياة المسلمين. 

كان هذا البرنامج (إذا أمكن وصف مطلب شديد العموميّة كهذا 
بالبرنامج) يستند إلى افتراض أن على المسلمين كطبقة أن تحافظ على طابع 
خاص ومتميّزء وأن تبقى منفصلة عن شعوب الأراضي المفتوحة» وعن 
جميع طرقهم المختلفة قدر الإمكان. إذا اعتنق شخصٌ من شعوب الأراضي 
المفتوحة الإسلام ‏ وهو أمر يُتاح له بصفته الآدميّة ‏ فإِنَ عليه أن يتمثّل هذا 
الطابع المسلم ويتبثناه. ولكنّ الطابع المميّر للمسلمين'لا يُمكن أن يكون هو 
عروبتهم. لقد كانوا يشعرون بالفعل بأنهم عرب» وكل تمييز بين عرب أفضل 
وعرب أسوأ كان تمييزا يُعبّر عنه من خلال الخلافات القبليّة الانقساميّة. ومن 
ثم فإنَ الطابع المميّر للمسلمين لا بدّ أن يكون هو الإسلام نفسه. ولا بدّ أن 
تكون السئة الصحيحة هي السنّة الإسلاميّة لا السنة العربيّة. ومن ثم فإن ما 
يُتطلع إليه في أزمنة الخلافة الأولى هو تمثيلهاء لا للمعايير والقيم العربيّة. 
وإنّما للمعايبر والقيم الإسلاميّة . 

كان هذا يعني تحؤّلاً كبيراً في موقع الإسلام في المجتمع العربي في 
الأراضي المفتوحة؛ دلا من أن كون محتمعا مد الغرك الذين تصادف أن 
اتحدوا تحت راية اراد م كان تحت أن يعحزله الامو الى له 
المسلمين الذين تصادف أنهم عدار اللسان العربيّ ويحترمون أجزاء من 
التراث العربي. وكان هذا يعني في النهاية أن الإسلام ليس مرادفاً 
للإسماعيليّة [أي الانتماء إلى انماع ]: على 'غزان الترذاف بين البهؤة وبنى 
إسرائيل [أي الانتماء إلى يعقوب]. حيث يمكن للمتحؤولين [إلى اليهوديّة] أن 
يصبحوا جزءاً من المجتمع فقط بحكم كونهم منحدرين بالأساس من سلالة 
إبراهيم . بدو لامكا الواضحة للاحتفاء بمكانة العرب بوصدهم 
ذريّة إسماعيل» ومن ثمٌ إنتاج مجتمع مترايظ على أسناض ا لدي ير "ان 
شموليّة الرؤية الإسلاميّة هي التي سادت» مقترنة بشعورها بمهمتها السياسية. 
في صياغة المثاليّة الإسلاميّة في اتجاه أكثر كونيّة وعالمية. 

لم يكن ذلك يعني دوماً تحوّلاً جذرياً؛ فقد بات الكثير مما هو عربيّ 


برف 


مقدّساً بوصفه إسلاميّاً أيضاً. وذلك عبر القبول به في الأزمنة الإسلاميّة 
الأولى. في بعض المسائل» كان ثمة نوع من التقارب: على سبيل المثال» تم 
تقويض حرمة مسٌ رجال القبائل العرب» بعد إخضاعهم لنظام العقوبات 
الإسلاميّة؛ ولكنّ مكانتهم قد تعرّزت من طريق آخر عبر حقيقة أن لكل مسلم 
كرامته كفردء والتي لا يحقّ لأيّ مسلم أن يسلبه إياها: ومن ثم فإن المسلمين 
كانوا بمثابة أفراد في قبيلة واحدة. على أن أهل التقوى قد مالوا إلى دعم 
المطالب القبليّة: بأنْ كل مسلم حرّ يجب أن يحظى بالحريّة الشخصيّة والكرامة 
المتوقعة من رجل القبيلة العربي (التي تستلزم ألا يطيع المرءٌ رجلا آخر من دون 
قبول وموافقة). بالاتساق مع هذا الموقف ضد الدولتي (المعادي للدولة)» كان 
ثمة حالة عامّة من الارتياب والقلق من الأشكال المعقّدة من الترف الحضري 
والتفاوت الاجتماعي. فالعرب القدماء» البعيدون عن مراكز الثروة» لم يكن 
لهم سوى القليل من الدراية بالفنون البصرية على سبيل المثال. لقد كان 
الرجال» مثل عمر» يستمتعون بالموضوعات الفنية التي جلبتها لهم الفتوحات؛ 
ولكنّ بعض أهل التقوى الآن أثاروا الحساسيّة الدينيّة ونفروا الناس من هكذا 
أمون: بوويها كان ذلك شيحة خالة الآزثتات "فى الترف» الحاضرة أضلا فى 
التوحيد الشعبوي» فكان أن شبّهوا استعما ل الجتهر تأت الكمية وال كتناء 
المكعدة نالا رتاه ومن ثم فقد رفضوها بوصفها بدعا . 


كانت النتيجة الأهمّ المترتبة على هذا الموقف الجديدء, الذي بات أكثر 
وضوحاً مع الوقتء هو أن جميع المسلمين الأحرار يجب أن يُعاملوا على 
أساس متساو. لا يعني ذلك أن العاتلات الكبرى في المدينة» التى تنحدر من 
نسل صحابة محمّد المقرّبين» لا يجب أن تحظى بأولويّة اجتماعيّة ما؛ وإِنّما 
كان ذلك بعتي بالأساس أن جميع التسلمين الأحران سواسية قينا يتعلق 
بالسياسات العامة وهنا توافقت النتائج المنطقيّة لرؤية أهل التقوى مع 
المطالت الست الرائجة بين معظم المستائين من الحكم المرواني» وهي 
أنه لا وجود لتمييز اعتباطي : في الرتبة أو في الطبقة داخل طبقة المسلمين؛ فلا 
ونج التمييز على أساس الولاءانته القيلية (وَهو الف الناى قاذ إلى الدراغابت 
القبليّة الفتاكة)» ولا على أساس كتل القوى العسكريّة» كتلك الكتلة العسكريّة 
السوريّة التي تعتمد عليها القوّة المروانيّة. . كانت المطالب تنادي بأنْ جميع 
العرب المسلمين» ٠‏ من أيّ كتلة كانواء يب أن يتشاركوا بالتساوي في ثمرات 


ا 


الفتوحات (ما داموا قد شاركوا فيها)؛ أي في الغنائم والمعاشات التي تُصرف 
من إيرادات الأراضي المفتوحة. كما لا يجب أن يتمٌ التمييز ضدّ من دخلوا 
في الإسلام من سكان الأراضي المفتوحة (أضاف البعض): فهم وأبناؤهم 
يجب أن يحملوا ذات الحقوق والواجبات والحريّات التي يحملها أولئك 
المتعدووة هن انيل العاكلاق الماك :ركان عدا المطلي لاحن رمه طلس 
عنما ستبقه: ولكته احتاج إلى وقت أطول ليحظى بموافقة فقة معظم العرب». وكوف 
ما كانت موافقتهم مشفوعة يبعض التحفظات. وقد وجدت مجموعة من 
الامتيازات الثانويّة للعرب طريقها لتصبح جزءاً من قانون الشريعة). كانت هذه 
المطالب الشعبيّة» بجوانبها المتعدّدة» تضرب أسس الحكم المرواني» بل 
وتؤثر في متطلبات إدارة الحياة اليومية. ولكن» بقدر ما كانت هذه المطالب 
كرو ومضرّة لأسس الإمبراطوريّة ومبادئهاء بقدر ما تلاءمت مع تطلّعات 
المعارضة. وكان اونا علاوة على ذلك.» ضمان تجانسن: أ شالس حياة 
المسلمين» وهو ما كان أهل التقوى يتطلّعون إليه في مطالبهم. عملياًء لم يكن 
من الممكن استيعاب المتحوّلين الجدد إلى الإسلام من دون ذلك . 

ولكنء لم يكن لأهل التقوى أن يستريحوا مقتنعين بمجموعة من 
المبادئ العامّة. لقد كانت توقعات أهل التقوى تنادي بالوصول إلى تسويات 
وإلى صيغ تفصيليّة فيما يتعلّق بالأساليب والطرائق ق التي يجب أن ترتبط 
بالإسلام. وعلى الرغم من أنّ النطاق الكامل لهذه المهمّة لم يكن واضحا 
منذ البداية» إلا أنها قد انطلقت في الأزمنة المروانيّة. وقد كانت حاصل 
عمل أنواع مختلفة من الاختصاصيين؛ مفكّري المجتمع المسلم الأوّل. كان 
أول التقاليد الاختصاصيّة هو تقليد القراء الذي يعود إلى زمن النبيَ؟ وقد برز 
هؤلاء في أثناء الخلافات المبكرة ة بين المسلمين. الآن» بدأ القرّاء بتطوير 
حقل اختصاص فكريّ أكثر تعقيدأء فقد ظهرت مجموعة من المدارس» التي 
تمتلك كل واحدة منها قراءتها الخاصة ة التي تختلف اختلافاً طفيفاً عن 
غيرها. وفي النهاية» حوّل هؤلاء ترتيل القرآن إلى نوع من الفنون الجميلة. 
ومن الواضح بأن تحليل النحو العربيٌ قد بدأ في العراق» متصلا بقراء 
القرآن». لضمان الإعراب الصحيح للقرآن. 


ريما كان جمع تعاليم الأنبياء» وبالذات تعاليم ميحميك 55 حدثا 
أقل مركزية من عم القرآن نفسة ) ولكنه كان على المدَئ البعيد أكثر اهارا 


55 


بالمضامين والأثار الثقافية المختلفة. كان الناس يخ يتشاركون في رواية 
الحكايات والقصص حول ما قاله محمد أو فعله. وكانت هذه الروايات 
تسمّى ب«الحديث»؛. وسرعان ما تزايد عدد الأحاديث في التداول العام: 
الأحاديث حول ما قاله أو فعله محمّد وصحابته» والمرتبطة بصياغة الحياة 
التقيّة"2. كان بعض أصحاب النبئّ معروفين منذ ذلك الوقت بأنهم مُحدّئون 
يروود ما فعله محمّد؛ وكانوا بيذلك يجدون جمهورا من الأتقياء أو 
الوطنيين» أو حتى الفضوليين. خلال الأجيال التالية» بات رواة الأحاديث 
يشتركون مع قراء القرآن في موقعهم كسلطة مرجعيّة في القضايا الدينية . 


من بين هؤلاء الأشخاصء ظهر من يقوم بتنظيم هذه الأخبار 
والأحاديث فى سرديات ومرويات ذات نطاق شامل. نسبت هذه المدرسة 
نفسها إلى عبد الله بن عباس ابن عم محمّدء الى جحاول أن به وحانم ات 
نزول كل ما يُمكنه من آيات القرآن» ثم أن يفسّر بالعموم ما تعنيه هذه 
الآيات. في حين قام آخرون بجمع القصص والأخبار عن غزوات محمّد 
والأحداث الأخرى في حياته. 1 وهو من موالي 
المدينة (ت07717» كتاباً يجمع حياة النبي التفصيليّة (السيرة)» وقد ضمّنَ في 
كتابه هذا تاريخ التوحيد في الجزيرة العربية وفي قريش قبل زمن محمدء. كما 
ضمّنه أخباراً تفصيليّة عن مسلمي زمانه. كان تبجيل الأنصار وتعظيمهم أحد 
الثيمات والمواضيع البارزة في تاريخ ابن اسحاق» في مقابل أولعك المكيين 
الذين ظلّوا معادين للنبئن حتى اللحظة الأخيرة. كان ذلك يعني (على الرغم 
من المبدأ القائل بأن وخر للضم يجب ما قبله) أن أهل المدينة» أبناء 
الأنصار وأحفادهم. لهم أحقيّة يّة أكبر في قيادة المسلمين من أحقية المروانيين 
الأمويّين» الذين عارض أسلافهم محمّداً في مكّة وحاربوه. (كان ابن 
إسحاق يفضّل العلويين ويأمل بوصولهم إلى السلطة). كان ابن إسحاق جزءاً 


)١(‏ لقد شاعت ترجمة لفظة «الأحاديث» بلفظة «التقليد 2115201]10 وربما يكون ذلك أحد أوضح 
أشكال إساءة الترجمة على الإطلاق . ففي كثير من السياقات». وبعضها أساسي ومركزي» يكون معنى 
الحنيف متاقضا ثماماً لما تعنيه لفظة «التقليد» الإنكليزيّة . فالأحاديث موثقة ومنسوبة إلى أشخاص» 
وليست أقوالاً مجهولة القائل ؛ كما أنها روايات صريحة ومكتوبة» ولم تكن شفويّة أو متقادمة أو غير 
دقيقة النقل ؛ وفي كثير من الأحيان كانت تعارض العرف السائد . راجع النقاش الذي طرحته في قسم 
استعمالات الألفاظ في دراسات الإسلاميّات في المقدّمة. 


١ 


من فاتحة مدرسة للتاريخ الإسلامي لم تقصر نفسها على أحداث حياة النبيَّ. 
بل السدنت اكخمل رمن لي 5 لات 0 
وهكذاء حافظ لاسو علي لرع دن الزي التاريخيّة» ٠‏ مصبوعة درو 
المعارضة للسلالة الحاكمة باسم الإسلام. 


ولكن من كانوا أكثر ارتباطاً على نحو مباشر بالأغراض الاجتماعيّة, 
من المتخصصين في قراءة القرآن والمحدّثين» هم أولئك الرجال الذي 
تخصّصوا في محاولة تحديد ما الذي تعنيه الطريقة الإسلاميّة في عمل أي 
شيءء بعبارات قانونيّة دقيقة. ففي البصرة» والكوفة» والمدينة» ودمشق. 
أخذوا مجموعة من الممارسات التي تحصل في محاأكم المسلمين كنقطة 
انطلاق وعملوا على إعادة صقلها وتشذيبها. فقد كانت محاكم المسلمين» 
والمخصّضة بالأساس لتشوية النزاعات نين الجتود الفاتحية» لا 'تزال غير 
متطوّرة» وكانت تفتقر إلى وجود جسم مستقرٌ وراسخ من الأساليب القانونيّة: 
كما أنها كانت محصورة بالحالات التي تستطيع التعامل معها؛ ومن ثم فقد 
ع لهؤلاء فرصة ممتازة لتطوير أفكار جديدة. 


أطلق على هذه المحاولة لتحديد الإجابات المناسبة عن أسئلة الممارسة 
القانونيّة (أو الشخصيّة)» اسم الفقه؛ أي «الفهم». بالطبعء كانت الآيات 
القرآنيّة تَطبّق إن كانت واضحة [قطعيّة الدلالة]» ولكن بالعموم كان على 
رجال الفقه أن يعتمدوا على أسس أقل قطعيّة؛ فأحيانا كانوا يلتمسون الشعور 
العام بالمها واه أ جا لمملحة الا حعيا ف تيو اكانا كانوا؟ سحتدون: الى ععوادرف 
سابقة مشابهة حصلت في المكان نفسه؛ أي إلى القرارات التي اتخذها 
المسلمون الأوائل المشهود لهم في المراكز العض نه ذاتها ه اتذوييها : أصبح 

من المعتاد تتبع الأعراف المحليّة (السئة) بولا إلى أصحاب النبيّ الذين 
6 في المنطقة» ومن ثم استقاء الأحكام من مصادر الإسلام. أحيانا 
كاتشدوواناك المتعد ايد عن النبيّ نفسه أو عن صحابته. بمن في ذلك 
الخلفاء الأوائكل ‏ ذات فائدة كبيرة فيما يتعلّق بالأسئلة القانونيّة؛ وفن ثم فقد 
استفاد رجال الفقه من الأحاديث المشتهرة من هذا النوع. كان بعض رجال 
الفقه القانوني قضاةًء وبقى بعضهم الآخر خبراء في قطاع خاص.» مثل أبي 
حنيفة (5949 -9/57). التاجر المقتدر من موالي الكوفة (كان خده أن 


حك 


اسوئ الحرت الايرانين ان اعفن وأصبح تاعر ا )د مارن أن ديقة |التعليم . 
0 لعقلية العادودة 0 لأسلافه 000 أن 00 00 لت 
العراق مثالا يحتذيه العقل القانوني المسلم لوقت طويل. 

تيكف نغالادت البحث والتحقيق هذه» بخاصّة عمليّة جمع القران 
والحديث» «العلم»؛ أي معرفة ما هو صحيح. كان جمع هذا العلم وتفصيله 
وثقلة بهو النقاط الأساشى"لأهل التقوى: فى الارمنة السباسية»». تطورت 
خطوط البحث هذه إلى ثقافة فكريّة محكمة بين علماء الشريعة. ولكن» على 
الرغم من أن العديد من أهل التقوى كانوا مقتنعين وراضين بالعمل الخاص 
0 0 ديم 0 فإن العلم 0 94 يكن كافيا بنفسه؟؛ 
000 وقل د لذنك 5-9 سياسة. ل 0 رغبة رو و أو 
عدم قدرتهم على تولي القيادة بهذا الشأن» تزايد الشعور بالسخط من 
حكمهم. في ظل وجود طبقة عسكريّة حاكمة. واس بدي د دل 
شيء إصلاحاً مون : وكانت الْقَوّة ة هي الْقَوّة العسكرية. ومن ثم فقد كان 
ثمة افتراض دائم أن التغيير الحقيقىٌ لن يتأتى إلا عبر استبدالٍ مسلّح للقيادة 
العليا. لم يكن ثمّة مؤسسات أو كيانات مستقلة لإصلاحها بعيدا عن سلطة 
الدولة نمسها ؟ وكان عدم الخضوع على هذا المستوى يعنى الثورة. 


كان العديدون متفقين على ذلك . ولكنٌ الثورة كانلك عطلي مرنها ما 
محل المروانيين؛ وكان يجب أن يكون هذا المرشّح مُعبّراً مناسباً عن نموذج 
التقوى الإسلاميّة. وعند هذه النقطة كان أهل التقوى يختلفون فيما بينهم . 


إشكالية السلطة: العلم والامامة 

في هذا السياق» استمرّت الخلافات بين أهل التقوى حول نوع السلطة 
التي يجب أن تتبوّأ الموقع الذي كان لمحمّد وخلفائه المباشرين. كانت 
الحاجة إلى يد بالقيادة العملية المجدعء 


وعلى الترجة ذانها من لأف م كان ئمة حاجة لى شخص موقل لبح 
الخللافات حول العلم. حين تختلف الأحاديث أو تتعارض مثلا . كان 


527 


للسلطة المروانيّة. القاتمة على مبدأ الجماعة., قوّاتها السوريّة الخاضعة 
لآمرها؛ إذاً ما هو نوع السلطة التي ستكون قادرة على استبدالها بقوة تقوم . 
كما اتفق المعارضون الأكثر حدة وعسكريّة. على «القران والسنة»؟ 


في أثناء حياة محمّدء كان القائد الموثوق. الذي بات يُطلق عليه لاحقاً 
لقب الامام. والذي يعني القائد (ذلك أن أوّل واجباته كانت إمامة المسلمين فى 
الصلاة)» هو محمد نفسه من دون مساءلة أو تشكيك . عند وفاته» انتقلت هذه 
السلطة بالعموم إلى أصحابه الأقرب إليهء الذين يعرفون طرائقه وأساليبه أفضل 
معرفة (ومن ثم فإنهم يعرفون ما هو مراد الله). وقد قبل المجتمع بجدارتهم 
وأهليتهم على أساس المعرفة الشخصيّة بأحوالهم. أراد أهل التقوى إماماً من 
هذا النوع: بحسب شروطهم» إن ذلك يعني أن الحاكم يجب أن يُشهد له 
بالتقوى وبمعرفة إرادة الله لكي يستحقّ أن يكون إماماً للمجتمع ؛ أماافيها تعلق 
بتحديد من تنطبق عليه هذه الشروط والمعايير عمليًاً فقد كانوا مختلفين. 


ربما يكون الخوارج هم أوّْل فرقة طرحت هذه المسألة في أصولها منذ 
أزمنة المروانيين. . فقد انشقّوا عن حزب على عندما بدا لهم بأنّه مستعدٌ لمساومة 
معاوية» واستمرّوا في مقاتلة كلّ الحكومات الإسلاميّة التي ظهرت على مدار 
الأخبال النالية ريا . كان الحلّ الذي يطرحه الخوارج حلا متطرّفاً: على كل 
مؤمن أن يختار من هو الأكثر تقوى» أو على الأقل من هو القائد الذي يتحلى 
بقدر كافي من التقوى؛ ثم م أن يلتحق بالآخرين للحيو لترارت بج 00 
الرجل؛ وعليه أن ينفصل عمن يدّعون الإسلام ممن يقبلون إمامة رجل غير 
جدير بالإمامة. فالرجل الذي تُظهر معاصيه وخطاياه ضعف حقيقةٍ إسلامه ليس 
جديراً بحكم المسلمين؛ وكل من يقبل بحكمه فهو خائنٌ للمثال والنموذج 
الإسلاميّ»؛ ومن ثم فإِنّه ليس مسلماً حقا. نتيجة لذلك» زعم الخوارج ‏ أو 
الأكثر تطرّفاً م: منهم ‏ بأنّ فرقهم الحربيّة النقيّة وحدها هي من تتبع الإسلام 
الحقٌ. انك مينزوعاك ادر لمعيف سير ومكاايا ينا ل لكا 
لتُعيد إنتاج حالة التجانس والإخلاص التي تمئّلت في المديئة بشكل أكثر تكثيفا 
وتضخيماً. كان الحكم عندهم يعتمد مباشرةً على قبول المؤمنين لتقوى القائد 
ومعرفته: وكان من الممكن عزل القائد لأدنى معصية يرتكبها. ولمًّا كان معظم 
السكان ‏ بحكم كونهم ذميين غير مسلمين أصلاً ‏ واقفين على الحيادء فقد 
تعامل الخوارج معهم بالحسنى» ولم يهاجموا سوى منافسيهم من المسلمين . 


1. 


هك 


حركات الخوارج”* (الشّراة) الرئيسة خلال الفتنة الثالثة 


الخوارج الأوائل (المُحكمة أو الحرورية) يتمرّدون على على وعلى معاوية؛ من الكوفة؛ خاصة من البصرة 
لا ضرورة للتمرد 2 الإصرار على التمرد العلني 
الاباضية ْ٠‏ الصفريّة الشيبانيون ِْ النجدات .٠‏ الأزارقة 


(تنسيت إلى :ابن ن إياض [التميمي]» اولمع ا عدة ا | أتباع نجدة ة بن عامر في الما بذلك نسبة إلى نافع بن 
نجمه سنة581) ؛ ظلت الحركة ساكنة إلى أن , 'مجموعاتمنهافي و اد ؛| شبه الجزيرة العربية خلال | الأزرق» قائد ومنظر متطرف)؛ 
تمردت صراحة في الفتنة الثالئة تحت لواء المغرب. بواكير سنوات ثورة ة عظيمة في العراق والجزيرة , الفتنة الثانية. الأكثر تطرفاً , بين الخوارج؛ 
عبد الله بن يحيى [الكندي] وطالب الحق”**)؛ | 414٠‏ لاحقاً (حوالى | خلال الفتنة الثالثة بقيادة أخذوا بالاسجعر افر (قتل 








تمركزوا في نزوى في عمان؛ تبعتهم جماعات | كا إلنى | الضحاك بخ فسن: ٠ش‏ الجميع.ء ٠‏ بمن في ذلك 
في معظم الولايات» بخاصة في المغرب حيث | | القينرزوان فين فيل ٠ش‏ المسلمون شكلياً)؛ ثاروا في 
كانوا أكثر المجموعات رسوخاً ؛ أخذوا بالتقية ' 0 .٠‏ العراق وإيران خلال الفتنة 
(إخناء وجهة النظر أو الا [ ظ [ 00 اخريو في الناية على يد 


و لظ بكرن مف اق للشراة ل ل م 

(*#*) الصواب أنهما شخصٌ واحدء فعبد الله بن يحيى الكندي هو الملقّب بطالب الحقّء ٠‏ ولم نجد على ذلك خلافا ٠‏ ولعل الإضافة قد لحقت بالنصّ عَرّضاً أو 
سهواً (المترجم). 

(:6*) ما بين المعقوفتين هنا للمؤلف (المترجم) . 


لذ سيكت في أن الحل الذي قدمه الخواريج كان حل يتسم بالاتساق. إلا 
أن القسم الأكبر من المعارضة الممثلة بأهل التقوى كما رأيناء لم تكن قادراً 
على تحمّل كلفة التخلى عن الجزء ء الأكبر من المجتمع المرواني» ومن ثم 
فإنه قد رأى الحل في مسارات أخرى. على رعو مر ساح اسع عرزل 
الخوازج عن اللحمم الرئيس لالعسلمية :فى النهاية ‏ إلا أن العديك :فتن 
المتعاطفين مع فرق الخوارج الحربيّة قد استمرّوا لبعض الوقت في الإقامة في 
أماكن مثل البصرة» وتعليم مذاهب الخوارج على أسس مُعدّلة. لقد شارك 
هؤلاء على نحو فعّال في تطوّر تفكير أهل التقوى كجماعة. 

في البداية» كانت العائللات القديمة في المدينة تمتلك حلها الخاص. 
الذي يتمثّل بأن تدعم شخصاً من العائلات القريبة من محمّد للإمامة على 
امنان اعتراف أهل المدينة به. وطالبوا بقيّة المسلمين بتجديد ولائهم 
للمجتمع الام في المدينة عبر دعم المرشح الذي تختاره المدينة. ولكن» بعد 
فشل محاولة ابن الزبير في إقامة الخلافة في الحجاز بعد وفاة معاوية» فقدت 
هذه المقاربة الأرضيّة التي يُمكن أن تقوم عليها . ربما كان الكثيرؤن يفضلون 
عائلة عمر بن الخطابء». الذي كان ابنه [عبد الله] يحظى بسمعة واسعة فى 
الجديكة يكم فى مسائن احاتم 8 إذ كان الكفيروق من أغال لحتو تيون 
علمهم إليه. وهكذاء فقد مال هؤلاء إلى القبول بالمروانيين تحت شعار 
وحدة الجماعة؛ وكانت تعاليمهم الدينيّة مقبولة في سوريا. وكان هناك أيضا 
من يتطلع لإصلاح نظام الحكم المرواني» وقد وجد هؤلاء في الخليفة عمر 
الثاني (1١/ا  )7٠١‏ [عمر بن عبد العزيز] النموذج المناسب للجلوس على 
العرش. على أنْ بعض عائلات المدينة القديمة قد بدأت تميل إلى دعم أحد 
فروع الحركة الشيعيّة» التي أصبحت بأشكالها المختلفة هي الحركة الأبرز 
بين معارضة أهل التقوى 


كان حزب علىء الذي كان نواة الحركة الشيعيّة» مجرّد مجموعة صغيرة 
متمركزة ذ في الكوفة في أيّام معاوية. وقد تمسكت هذه المجموعة بترشيح 
على وعائلته للقيادة: حتّى بعد أن توحّد معظم المسلمين خلف معاوية بوصفه 
و امياد رحد السادين وترم سرعان ما أصبحت عائلة عليّ بالنسبة 
إلى الكوفيين مُمثْلةَ للزمن الذي كانت فيه الكوفة على وشك أن تكون عاصمة 
للساقير ة: الاسللاي: مثلم أضيحت غائلة غيل :العزير :بن مرو انا تححاكم مصير 


5 


فى عهد عبد الملك - مُمثّلة لاستقلال المصريين؛ وقد تطلّع المصريّون لاحقا 
إلى قيادتها. ولكنّ الكوفة والبصرة كانتا أهمٌ المراكز السياسيّة والاقتصادية 
والفكريّة» لا فى العراق وحسبء بل في كل الجزء الشرقي» الساسانيّ 
عابنا بن الاق اطور ةوق :3 فإن قشكههما لمكن اناتصدو إلى هد 
لجميع المسلمين في شرق سوريا. . (في الواقع» كانت هذه المنطقة بؤرة 
جذب لأئ إمبراطورية اعت الا وبقدر ما دافع علي عن حقوق 
«الجند» وعن العدالة ضدٌ السلطات المركزية. كان ولاء الكوفيين لبيته قابلا 
لأن يأخذ تأويلاً أوسع يعمّق مطالبهم في الكوفة نفسها على نحو يتجاوز زأئ 
شعار سياسي مجرّد؛ وبالمثل» كان التعاطف الطبيعي مع قضيتهم يتعرز 
باعتبارات أخلاقيّة أكثر عموميّة. 


نفك أن كاتو ا سحاد مسعموفة فقيرة 4 نذا الشيغة يحظوق ياغعة كبيرةه 
لا في مدن مثل قُم وحسب - وهي إحدى مدن الحاميات العربيّة (الأمصار) 
في غرب المرتفعات الإيرانيّة في عراق العجم [مَصَّرت في عهد الحجاج] ‏ 
وإِنّما أيضاً في أمكنة لم تكن تعتمد عادة على قيادة الكوفيين. نمت هذه 
الفرقة عبر التحرّب والتعضّب الذي أظهره محبّو عليّ ومشايعوه» وعبر 
الاستفادة من المصادفة التاريخيّة المتمئّلة بأنّ عليّاً لم يكن فقط عضواً في 
عائلة محمّد من بني هاشمء وإِنّما كان الخط الرئيس لنسلهء هو خط النسل 
الوحيد المنحدر من محمد» عبر ابنته فاطمة. (كان النسب عبر الإناث ثانويا 
عند العرب» ولكنّه كان نسباً مُعترفاً به). على أيّة حال. في العقود الأخيرة 
من حكم المروانيين» أصبح المرشحون العلويّون مقبولين لدى الكثيرين» 
حتى في المدينة» التي كانت قد رفضتهم بقوّة في أثناء الفتنة الثانية”* . 

كان هناك العديد من العلويين والمرشحين المرتبطين بهم» وكانت 
الحلول التي قدّموها لحل مشكلة السلطة والوصول إلى مجتمع إلهيّ حلولاً 
مختلفة. كان التشيع يعني في ذلك الوقت مناصرة ل جم (أو 


(*) ذلك أن أوْل ما فعله يزيد بعد خلافته هو أن أرسل» بوصيّة من أبيه معاوية ومشورة من 
مروان بن الحكم.ء إلى والي المدينة» الوليد من عتبة» ليضمن له بيعة ابن الزبير والحسين بن عليّ» 
فدعاهما من ليلته» فقالا (والخبر عند الذهبي) : نصبح وننظر فيما يعمل الناس : وها وكرها و شير 

تعفن الروايات إلى شي من التلاسن والمشاذة ينهم . كما أن بيعة ابن عمر قد أضعفت موقف 
اين ؛ فخرج إلى مكة ومنها إلى العراق (المترجم). 


/ا 55 


العر نهم الالنطلظة هر خط النسب المرتبطة بهم)؛ ومن ثم فإنَ التشيع لم 
يكن يتضمّن في حدّ ذاته مذهبا ديناً معيّنا . أحياناً لم تكن مطالب الشيعة 
تعدو أن تكون 00 على اعتقاد أهل المدينة القديم ين اختيار القائد من 
أحد أعضاء عاتلات المدينة المرتبطة بمحمّد. بموافقة الجيل الحالى فى 
المدينة ورضاهء سيضمن الحفاظ على السلوك المحمّدي واستعادة نقاء 
المدينة الأوّل. كانت هذه هي المقاربة العاديّة بين بعض أهل المدينة الذين 
فضلوا بالعموم علم ابن عباس (ابن عم النبي) على علم ابن عمرء والذين 
كاتوا بامنونة ظهور تر شح علوي .جين لو كان زنك على جصات يدا 
الجماعة الذى يرففة المروانيوة:: 


مرشح معترف به من المدينة أم لا. في تلك الدائرة الأوسع من أتباع 
الغلويينة: كانت ثمة توقعات:وامال أكبر يكثير حمق الآمال السيطة لأهل 
المدينة؛ فقد كان هناك توقع بأنه قد تمّ الاحتفاظ بالعلم والمعرفة بنهج 
محمد. وبالتالى بإرادة اللهء» بطريقة أكمل». ومن دون تدخللات مشوّهة» فى 
أسرة علىّ» مو عراسي ررعا حك اكات الانمن 1 
حال». كان الافتراض د بأد العلم النقيَّ لدى امه يعطيهم حم أكبر 
يؤيّدها الله للبت في مسائل الخلاف في العلم. ومن ثم فيمكن للمسلمين 
أن يأملوا بحقبة من العدل التي تقوم على العلم الإسلاميَّ الحقّ إن وصل 
العلويّون إلى السلطة. 

مع هذا التأكيد والتشديد على معرفة النبيّ كأساس للحياة الإسلاميّة 
الحقّة» باتت العلاقة بين علي ومتخمك أ كدر أهميّة؛ وقد بدأت هذه العلاقة 
تكتسب هالة دينيّة» لأنها تأنّت من خلال الروابط العائليّة. بات يطلق على 
العلويين ‏ بخاصة المنحدرين من نسل فاطمة ‏ لقب «آل البيت») (وهو 
مصطلح قَبَلى قديم يُشير إلى العائلة التي يتم اختيار الزعماء منهاء الذين 
غالياً ما يكونون الأوصياء على الآثار المقدّسة للقبيلة)؛ فقد تمٌّ تحديد عائلة 
ا دايا اله كاسن الجتنارقه عليه با لدي 


4 


محمّد جميعهيء » وليس الطالبيين فقط؛ أبناء على وإخوته» وإنما يشمل 
العباسيين انضنا: نسل العباس» الذي لم يدخل في الإسلام الأانعة ونت 
طويل من الهجرة. كانت جميع هذه الخطوط العائليّة مستفيدة من «الولاء 
العلوي» (وهو مصطلح أستعمله لوصف الولاء لعائلة علي خاصة» ولجميع 
المواقف المرتبطة بهذا الولاء عامة). 


مع العقود الأخيرة لحكم المروانيين» طوّر الشيعة شكلاً راديكاليًاً من 
مفهوم الولاء العلوي: فقد فككر بعضهم بأنْ جميع العلوم الأساسيّة. بل 
عرس امو ا ا الك 0ت ٠‏ لا بد أن تبقى 
في أحد فروع العلويين فقط. وفي هذه الفروع. ليد أن يكون هناك 2 
علوي واحد هو الحاكم الشرعيّ. الإعام؛ الذي اكه سيلقية ضر ابه 
(بالنصن) . إذّء فقد كان هناك دوماً إمام حى 4" توا كان في تلك اللحظة 
يحكم فعليّاً أم كان يحاول الوصول إلى الحكم. وعلى كل مسلم أن يجدّ 
هذا الإمام وأن يلتزم بتعاليمه. يُمكن للمؤمن التقيّ إذاً أن يتحمّل ظلم 
حكم الخلفاء المروانيين في هذا الوقت. بشرط أن يهتدي في حياته 
الخاصّة بعلم الإمام الحقّء الموجود هنا والآن. سمح مثل هذا التصوّر 
عن الإمامة بنشأة جسم انشقاقي متصل من الأشخاص المرتبطين بخظ 
الأئمّة» بغضٌ النظر عن مصير أيّ حركة سياسيّة على وجه التعيين. كما | 
قد شبّجع على التطوّر المنظم للأجسام من دون أن تتنافس على جذب 
اهتمام جميع المسلمين بالعموم. وهنا نكون أمام جذور التشيّع الطائفي. 


الذي 0 لاحنا أهميّة كبرى. 


بحلول منتصف القرن الثامن. كان هناك خطان مختلفان للائمّة الذين 
تعترف بهم المجموعات المختلفة من الشيعة» يصل كل واحد منهما نَسَبه 
دون انقطاع إلى على (يظهر الرسم التوضيحي لمرشحي الشيعة الأوائل 
كيف أصبح هذا النوع من الإمامة أكثر أهميّة مع الوقت. كان أحد هذين 
الخطين ممثّلاً بجعفر الصادق (ت7/560). الحفيد الأكين للحديية فر علي ؛ 
وقد أصبحت إمامته الأساسَ لمعظم الشيعة اللاحقين. كان والدٌ جعفر 
الصادق» محمّد الباقر (توفي نحو عام /الا/) قد حظي بالفعل ببعض الأتباع 
الذين اعتبروه العام الشرعيّ الوحيد في زمانه. واعتبروا بأنه قد عَيّن نضا ؛ 
وقد كان ةا . 


4 


5-7 


عبد الله 


المرشحون من الشيعة الأوائل 


الرسول محمد (توفي سنة 577) 





ٌ 
فاطمة - على (توفي سنة 111) 
الحسن (توقي تقريباً سنة الحسين (توفي سنة 58٠‏ 
4 ؛ اعتزل سنة )551١‏ 0 في كربلاء) 
2 علي زين العابدين 
الحسن 
اه محمد الباقر”*) زيد (ثار في 
(تقريباً سنة /1/81) الكوفةء )75٠‏ 


محمد النفس الزكية 


(قادوا ثورة سنة 17/57) 


04 


جعفر الصادق”*' (توفى 

سنة 1/10؟ الإمام الرئيس 

لدى الشيعة الاثنى عشرية 
والإسماعيلية) 





عبد الله 
فك ”7 الحنفية جعفر الطيار ظ 
8 علي 














محمد (توفي تقريبا سنة د 
إمام المختارء 1406 
/181 ؛ يعتقد البعض 
بعودته على أنه المهدي) 
٠‏ معاوية "© (توفى سنة 57 17) 
حال ساك 
أو م 
(توفي تقريبا سنة 
أرضن لميحفد عبد الله إبراهيم أبو العباس أبو جعفر 
بن علي بالنص) (إمام ثورة 2-148 (-الإمام ‏ قتل السفاح المتضور 
0ع على يد مروان (ازدهر سنة (حكم سنة 765 ه/ا/ا) 
الثانى؛ 749) اميك نيفق 


كا جعفر قير إهاها بالفعل؛ ولكنّه كان يدرّس الحديث والفقه على 
الأرجح؛ بدن لتنا ع مين الشيعة فقطء وإِنّْما لآخرين أصبحوا بارزين لأنحقا 
كمراجع اسياس ة لدف الينة: نويل كان هناك عدد كبير من المفكرين 
اللاهوتيين» الأكثر نشاطاً في ذلك الوقت. الذين ارتبطوا به وبابنه» الإمام 
موسى الكاظم . أما شرعية الخط العلوي الثاني» التي تنتسب إلى [محمد] بن 
الحنفية ابن عليّ]ء فييدو أن ثلاثة رجال على الأقل قد اذعوهاء اثنان منهم 
قادوا ثورات في زمن سقوط الموواتمه امور 7 


مهّدت هذه النزاعات حول طبيعة الإمامة بين الخوارج والشيعة والفرق 
الأخرى الطريقٌ لأسئلة أخرى جديدة في مجال العلم» أو شحذتها على 
الأقل. فلما كانت معرفة من هو أمير المؤمنين الذي يجب اختياره معرفة 
تتعلّق بالعلم. ٠‏ فإنها مرهونة بمعرفة من يُمكنه أن يُمثل الإسلام. وبمن الذي 
يحوز العلم. بالطبع» لم يكن الأمر يقتصر على الحاكم. ٠‏ بل كان متعلقا 
بجميع بجميع المسلمين. » فأهمٌ شيء هو أن يعرف المسلم ماذا يعني أن يكون 
مسلماً حمّاًء مخلصاً ومنقاداً للأوامر الإلهيّة. كان ذلك يعني التفكر في طبيعة 
الروح» وطبيعة الإيمان» بل وطبيعة العلم. كانت هذه الأفكار محفوظة في 
الأحاديث التي تناقلها رجال أقنعوا أنفسهم بأن هذا الحديث أو ذاك هو 
ؤفك التق أو :موقك:محاعة؛ خزتيا» أخذ ذلك شكل الحجة المستملة. 
كا كاد نرى في الرسم المتعلق بمجموعات أهل التقوى في الأزمنة 
المروانيّة» فقد كان أهل التقوى منقسمين في الغالب في المدن الكبرى إلى 
أكثر من مدرسة فكريّة» وهي مدارس كانت تصئّف وتنقسم أحياناً على أسس 
سياسيّة (أحياناً كانت تعكس جزئيًاً بعض التحرّبات القبليّة) . 


(0) للمزيد من التحليل لتطوّر الأبعاد الدينيية والطائفية في التشيّع المبكرء انظر دراستى يي * ( كيف 
أصبح الشيعة الأوائل طائفةً؟» التي تناقش أيضاً أفكار المفكّرين النظريين الأوائل» الغلاة. تتبّع هذه 
المقالة صعود حظوظ الشيعة الأوائل» نخاضة خط الأمامة المتحدر من جعفر.. ولكتها ل كتاول :نما 
فيه الكفاية كيف أصبح للشيعة هذه الأهميّة. لا بد من أن نتذكر هنا بأن التأريخ خم المبكرء ٠‏ في هذه 
المقالة» لبعض الأفكار يستند إلى أدلة واهية أكثر مما يعتمد على أرضيّة يقينيّة. فأنا أَظنّ بأن تأطير 
مفاهيم.الغلاة الذي بدأ مع جعفر كان بالأساس استجابة للتفاعل المعادي للتشيع في ظل حكم 
71 |1 [0 /011714ك *2513127اأع56 عتروعع8 ولط تزأمدظ عط 1010 1101'' رمموع 1100 .0.5 اأقط11315 

1-13 .مم ,(1955) 701.75 , بزاءزء50 أماددء 0 


ه١‎ 


مجموعات أهل التقوى في الأزمنة المروانية 


الشيعة: يتطلعون إلى العلويين والبيوت المرتبطة بالإمام (ويرفضون عثمان): 5 
المعتدلون: (وهم لا يعترفون بالإمامة من خلال التعيين بالنص) غالباً ما ركزوا على جمع أخبار الحديث (لاحقاً تم ضمّ 
بعضهم من قبل أهل الحديث). 
الراديكاليون: (اعترفوا بخظ من خطوط الأئمة الذين تم تعيبنهم من خلال النص ‏ ورفضوا الخلفاء في المدينة بوصفهم غير 
شرعبين) - من بين هؤلاء ظهرت تصورات الغلاة عن الروح والوحي والإمامة؛ تربطهم صِلاتٌ بالموالي. 
المرجئة: كانوا على استعداد لقبول المروانيين كأئمة» مع الاحتفاظ بحن نقدهم؛ من بين هؤلاء ظهرت المدرسة الرئيسة ل الفقه 
الكوفي (أبو حنيفة؛ وغيره)؟ تطلْعوا في أحيانٍ كثيرة إلى تفسير ابن عباس للقرآن. 
الخوارج (الاباضية): تبقّى عدد قليل منهم في الكوفة. 


العثمانية: رفضوا علياً لصالح عثمان؛ لكنهم كانوا مستعدّين للقبول بالمروانيين من أجل مصلحة الجماعة فقط. تتداخل هذه 

الجماعة مع مدرسة الحسن البصريء الذي قبل بالمروانيين لكنه أكد على وجوب نقدهم ومعارضتهم عندما يخطئون؛ والذي درس 

مذهب العدالة الإلهية؛ وحرية الإنسان في فعل الصواب, وأنْ العصاة المفرطين [مرتكبى الكبائر] يفتقرون إلى الإيمان الحقّ. 

المعتزلة : رفضوا الحكم على الخلاف بين على وعثمان؛ اعتزلوا مدرسة الحسن البصري؛ أكثوا على وحدائيّة الله ورفض 

التجسيم؛ انتشرت وجهات نظرهم على نطاق واسع في الخلافة خلال نهاية الأزمنة المروانية؛ لهم فقههم الخاصٌ. 

الخوارج: رفضوا كلا من على وعثمان وتطلعوا إلى الإمام الصالح الذي تختاره البقية الصالحة من المسلميّن: يعتقدون بأن 

مرتكب الكبيرة لا يفتقر إلى الإيمان وحسبء بل هو كافر شرعا؛ انتشرت عقائدهم على نطاق واسع من قبل عصاباتهم وفرقهم. 

لكنْ الأقل نشاطأً (الإباضية) تمركزوا في البصرة. 
المدينة المنورة (تتبعها مكة) 

مدرسة ابن عمر: قبلوا بالمروانيين لمصلحة الجماعة؛ لكن على نحو نقدي؛ غالبا ما ركزوا على جمع أخبار الحديث؛ وأكدوا 

على جبرية الأفعال الإنسانية؛ برزت لديهم إرهاصات فقه خاص بهم. ٍ 

مدرسة ابن عباس: مالوا إلى تفضيل العلوبين على المروانيين (كانوا مستقلين فقهياً عن الشيعة المعتدلين في الكوفة)؟ اشتغلوا 

بتفسير القرآن (برزوا بقوّة في مكة). 


العدلية أو القدرية: قبلوا بالمروانيين مع انتقادهم إياهم ؛ درّسوا مذهب العدالة الإلهية وحرية الإنسان في فعل الصواب؟ بع 
بعضهم الحسن البصري؟ ظهروا وسط قبائل كلب خاصة». حول دمشق. 
أهل الجماعة: قبلوا بالمروانيين من دون انتقادء وكانوا قريبين من مدرسة ابن عمر في المدينة؛ ولديهم فقههم الخاصٌ. 


































أهل الجماعة: كما في سوريا . 
الشيعة: كما فى الكوفة. 

الجهمية: شديدو النقد للمروانيين؟ درّسوا جبرية الأفعال الإنسانية» ورفضوا التجسيم؛ ربما كانوا على صلة بالمرجئة» الذين 
تربطهم في خراسان صلاتٌ بالموالي. 






1:5 


وطوّرت كلّ واحدة منها تعاليمَ دينيّةَ متمايزة؛ غير أن أيّا من هذه 
العداري امد ل قح بعر جام وإن كان عدد منها قد حظي ببعض 
0 
الأتباع في فى المراكز المجاورة للمدينة التي نشأت فيها المدرسة 0 


ربما نتيجة للنقاشات مع المسيحيين»؛ عتما يذه للخل قاوس النراغاتك 
حول تحديد من هو المسلم الجيد. ظهر عدد ممن بدؤوا يبحثون في الصعوبة 
المنطقيّة في تأكيد قدرة الله المطلقة ومسؤوليّة الإنسان عن أفعاله في آنٍ معا. 
ا ل يد التالي: إذا كان الله قادراً على فعل كل ما 

#الكنك ]ذا تعد البشن القرزات أو العقاب عن أفعال يستطيع الله أن 
عو 0 أو بصياغةٍ أدقٌ : إذا كان الله فعلا اولان 
الوحيد كما يقول القرآن» فإنّه لا يجب أن يكون فقط أقوى من كل شيء آخرء 
بل يجب أن يكون المسؤول الوحيد عن كل ما يحدث؛ ولكن إذا كان الله قادرا 
يا المع الراو كان ف يحب تنكو مرولا انقيا تعن انعا الحضره 
لالبو جره من خلق الله وبالتالي فإنّه وحده من يستطيع فرض هذه الأعمال» 
وليس للفاعلين البشر أي قدرة على التحكم في أعمالهم ومصائرهم. ويبدو أن 
الآيات القرآنيّة التي تتحدّث عن كيف يُضل الله من ينسونه تقوم على مثل هذا 
التصوّر*'. وصل بعض المسلمين» بخاصّة في المدينة» إلى خلاصة بأن 
الإرادة الإنسانية جدالببيت سو وه وفي مقابل ذلك» حلل آخرون معنى 
«القدر» وحاولوا إظهار أن الله لا يحتاج بالضرورة إلى تقدير جميع الأفعال 


(4) اع عناوتغممطكط ل عمتدعطئآ :حلتةط) 0[12 0 ع0 1110م هل أء :نع أكهط ياء ]ةل[ عل ,أغقااعط وم ارتهط 0 
.(1953 بأضع 002 

يدم شارل بيلا كميّة وافرة من المعلومات حول التيارات الدينيّة في البصرة في الأزمنة المبكرة. 
مع الأسفء فإن بيلا يُصيبنا بخيبة أمل بسبب مفاهيمه عن الدين» بخاصّة في افتراضه وجود علاقات 
بسيطة بين المذهب والأخلاق» وفي نظره بأثر رجعي إلى مفاهيم مثل «السنّة» فى المرحلة المبكرة. 

(9) على الرغم من أن عزو النقاشات بين مواقف المسلمين المكفة: (بما في ذلك القول 
بالجبر وحتمية القدر) إلى أقوال يوحنا الدمشقي في الأزمنة المروانيّة لا يعدو أن يكون تلبقا . انظر 
دراسة أرماند أبل [حول عدم أصالة نسبة الفقرة ٠١١‏ من كتاب «الهرطقة المئة» إلى يوحنا الدمشقي]. 
انظر: 
-كط 414لاى *,116 12211156211 502 :102123250626 مع[ ع0 116265165 وه 1716[ بال 01) عام قط0 عط“ راعطةى .م 

ٌ .5-2 .مم ,(1963) 19 .701 ,رمع تترره] 
ولكن» لما كانت هذه القضايا محل نقاش بين المسيحيين» ولمَا كان المسلمون والمسيحيون 
جادثون ويحاجون بعضهم البعضء فإِنْ من الممكن والمر + جح أن تكون مثل هذه الحجج قد شكلت 
محمّزاً لاهوتياً ؛ ولكنها تظلّ بالتأكيد إشكالات يُمكن أن تظهر بشكل مستقل" : 


ون 


الإنسانية؛ أطلق على هؤلاء الرجال من قبل خصومهم لقب «القدرية» (وكان 
أشهر أصحاب هذا الموقف هو الحسن البصريء. الذي عارضء. كما رأيناء 
التأويل الحتمي/ الجبري للقرآن الذي شاع في المدينة)”! 6 

شكل القدريّة ما يُشبه فرقة دينيّة إصلاحيّة بين التجمّعات القبليّة الكلبيّة 
في سوريا على الأخصٌء التي كانت قد أصبحت أكثر بُعداً عن المروانيين 
فيما يتعلق بالحالة الاختبارية 886ه 656: المتمثلة بحروب الفتنة» التى سكديف 
داكما لق الخوارس والشيعة ثغالة تموذجية ومورجدة فخ نجية أنها شكلت 
وصاغت موقف كل فرقة من فينيا له الإقافة؛. انك القدرية معاوية فيد عليّ. 
وبالتالي مبدأ الجماعة؛ إلا أنهم احتفظوا بحقّ انتقاد الحكا م المروانيين على 
غنات الاععنام الديتى المتتزر. 

في نقاشات أخرى ذات صلة دارت بين الخوارج على وجه الخصوص»ء 
ناقش الرجال معاني الاستسلام لله؛ وبالتالي معاني المصطلحات القرانيّة 
المؤازية؛ «المسلم» و«الإسلام», و«المؤمن» و«الإيمان»: وقد أصرٌ الخوارج 
(مقتنعين ببطلان شرعية حكم المسلم الفاسق) على أن الوسلام والإيمان 
يستلزمان سلوكاً أخلاقيًاً ينبع عنهماء يُمكن ملاحظته أي سلوكاً يُمكن للبشر 
أن يحكهرا من خرلاله على الجاكم أو يسكور امامو تاتروا عه 
الخوارج ولكتهم أرادوا أن يُتيحوا للمسلمين» ٠‏ بمن فيهم الحكام. مزيّة 
الاحتراس والتحرّز في الحكم عليهم؛ فقد أصرًوا على أن المهم والمعتبر هو 
الضمير الداخليّ». الذي لا يمكن أن يحكم عليه أحد إلا الله؛ وقد أطلق 
عليهم المُرجئة. كان أشهرهم هو أبو حنيفة» الفقيه الكوفي6"''“. أما فيما 


)١١(‏ ده عولأخدء1 5: 31-8252 112532 :متندأذ1 :821217 صا لإعه1أمعط1 لدعاتآه80'" ,ممفسصدعط0 صدنانل 
1138-2 ,(1935) 55 .1701 ,نزاءةع 50 أهاددء1 0 انمع 471671 1/11 [0 /017716ل ”,02021 


قد يُظهر ذلك بِأنَ أوّل من ت تبنّى القول بالقدر كانوا رجالاً في السلطة ليُبرَروا خطاياهم بأنها مقدّرة 
عليهم ؛ وهذا غير مرجح . 

)١١(‏ يمكن تتبّع تطوّر التفكير الخارجي وتأويلاته وبقيّة نزوعاته في دراسة مونتغومري وات. 
انظر: 
.مم ,(1961) 701.36 ,71هلى1 «26 ”,2200 01237120] عط ص خطعنتمط 1 غ1 ا لافطا" ا 0136 1/1018 ١‏ 
215-31 


وبشكل أكثر إيجازا في الفصل الثاني والرابع من عمله: انظر: 
,7655 '[(9761511لهل] طععناطستلظ نطوعناطستل8) 170/0 4 نزأمهكه211 عنصصة !15 ,أغهة الا لعسرمع ه510 .ا 
.(1962 2 


6» 


يتعلق بحروب الفتنة» فقد علّقوا حكمهم على كل و خا وإمعاويةه ورقصيوا 
أن يدينوا أي منهما. بناء على ذلك» لا يمكن إدانة الإمامة المروانية انضاء 
وإن كان لا بد من مساءلة الحكام عن بعض التضزفات: والأعفال:. شكل 
المرجئة فرقة ذات ميل إصلاحيئ» خاصة في الكوفة (والبصرة)» ولكنّ اسم 
المرضنة قد ناك توضنا تطلق على كلمن تناف الأمووين تانب الحفاظ على 
وحدة جماعة المسلمين. 


ولكنّ النظريات ذاف النائي. الأكبر قاءه غلى يذ الشيفة الاكدر 
راذيكاب» وتطرّفاً 0 يقواودٍ بالعامةه 0 0 هي 0 د 
عليهم . أطلق: عل مما 0 0 55 هذه النظريات من قبل 
الشبعة” المعا خوين ونال رجعئ لقب الغلاة» في وفت بات فيه العديد من 
يواققت هسولف نوها سن السالقة السائعة ينا بات عنس الوزية الشيفةة 
الصحيحة. حاول هؤلاء المنظرون الغلاة أن يَطوّروا ويفعّلوا المضامين 
الدينيّة للوضع التاريخي الذي تمثلت فيه العدالة والحقيقة في أقليّة مهزومة. 
الشيعة» والتي هيمنت عليها أغلبيّة متكبّرة باسم الإسلام نفسه. 


استحوذ مفهوم الإمام» بما يمتلكه من علم إلهيّ خاصٌ وِيِقَدَرِه المتمثل 
يجلب عدالة الإسلام للمستضعفين». على مخيلة الكثيرين» بخاصّة من 
الشعلضق الموالن + بالتعة إلى الشيعة الأكتز تطزفاء لو :رفصي الآمر على 


- وهو كتاب مختصر يتعامل بالأساس مع الفترة 5 المبكرة. ويتناول بشكل أكثر تفصيلاً تلك النقاط 

التي يعرفها بشكل شخصي . أما كتاب وليام طومسونء م طبيعة الفرق الاسلاميّة المبكرة ة فإنه يُعالج 

العلاقة بين الخوارج والمرجئة. انظر: 

-50 طمع105 220 0112561 رآ [آ53120116 :12 *رقاع56 2012ه1]51 لإأموظ 01 جعاع 2 قط عغط1"' بلمتتطتعط 1 1خ 1/111 
.89-6 .مم ,(1948 ,[.0م .ه] تأذعم802) 1[ أكدح ,عدما ما أهة مك4[ 0014216 ععه رج[ ,.كل» ,الاع 110 
في مواضع متعدّدة» طوّر [مونتغمري] وات أطروحة غير مقنعة تقول بإمكانيّة تتبّع تطوّر الحركة 

الشيعية بالعودة إلى القبائل العربيّة «الجنوبيّة»). التي تعود بدورها إلى الممالك اليمنية. والتي كانت 

ترغب في وجود حاكم ذي كاريزما؛ في حين مثل الخوارج القبائل العربية «الشمالية» التي كانت تطمح 
إن مستتمع دي خضي كبامة . ولكن في الحقيقة» ثبت بأن الشخصيّة الكاريزماتيّة الفرديّة أكثر محورية 

في التفكير الخارجي منها في التفكير الشيعي . ففيدق أن راسمل لس من المنا ميم الخاطئة 
ول الدور الثقافي للنسب والسلالة (كما تقبل حقيقة هذه الأنساب) . (حول المرجئة اهيا » قارن ذلك 

بمقالتي حول الغسانية في الطبعة الثانية من دائرة المعارف الإسلاميّة) . 


6ه6: 


بكر وعمره. اللذين كان يجب أن يُسلّما السلطة لعليّ. أصبح على وأسرته. 
من ناحية أخرى. أبطالاً خارقين ؛ كما بات يتوقع من العديد منهم أن يقوموا 
بدور العبسح المحلمن (بداية من [محمّد] ابن الحنفية إل آخرين اعتقدت 
هذه الفرقة أ :تللق أنهم لم يموتواء وَإلْمَاأ غادروا بانتظار لحظة عودتهم. 
حيث سيهزمون كل من يواجههم و«يملؤون الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً»). 
ا 1 0 استعمله المختار 06 ابن 0 
عفد أخنانا مسح أخروقة ل ب الرماء الذن سمكواهن 
المهدي. كان الكتيرون يرود يأن الإمام الحاضر يمتلك صلة خاصة بالله ؛ 
5 ا د إلهّا ورم اوسا وي د 
الأقل اللا ين ات ا ة التي تمّت محاربتها فى حروب 
0 ع لبد ان نتعشت وأعيد بعثها بدرجة من الدرجات ؛ إذ لا يمكن ضمان 
ذلك» أصبحت هذه التصوّرات هى نقطة البداية لنظريات أخرى حول مكانة 
الإمامء ومكانة أقليّة المؤمنين أيضاً. في زمن المختار في الكوفة» في أثناء 
المفتنة الثانية. كان الملاذ هو القول بوجود دوع حاص من النبوءة والعلم 
بالغيب. لاحقاً. مع تطوّر الآراءء شدّد عدد من المعلّمين على قدرة الروح 
العادية» إن نم اسطارم اع » على الاتصال على 0 
6 الت بده ا أقلة وقعا وتصبح قضية العدالة أكثر ذوافاة كما 
يصبح النجاح الفائق للطبيعة فى | لتقل أكثر. إمكانية): 


في مثل هذه التصوّرات» أصبح دور الشريعة» الأخذة فى التطوّر آنذاك. 
والتي يؤكد عليها معظم أهل التقوى. أقل أهميّة بالنسبة إلى بعض العطرية 
الغلاة (وليس كلهم بالطبع) . فالمهم هو الإخلااص للقضيّة ولممثلها : الإمام ؛ 
أما الانشغال بالتفاصيل القانونيّة/ الفقهية فهو 0 للوقت والجهد في ظل 
حالة الظلم الفاحش. رأى البعض بأنّ العبارات الواضحة في القرآن» أيَا 
كان موضوعها الخارجيّء لها معان رمزيّة ذات مغزى روحيء, بل وربما 


1 


تحوي إشارات خفيّة إلى قضيّة العلويين نفسها: فوراء «الظاهرا' من الوحىيء 
الذي تعرفه الغالبيّة السطحيّة وتتلقى معانيه بحرفيّة» يكمن «الباطن». الذي 
تعمى عنه بصائر الأغلبية. والذي لا يُمكن أن يعلمه إلا المخلصون للأئمة. 
هكذاء مع نموّ بذور تأويلات الشريعة في الإسلام. كانت بذور التأويلاات 
الباطنية للإسلام تدمو أيضاً. وقل أثمرت في النهاية د التصوّف . 
وإذا كان الكثير من الفقهاء والمقربين متهم قله صا وا أفكارهم على افنابين 
تغالنك المسسمعاك الفيثة الينايقة كينا راينا منايقا :-.فإن متظطرع الدلذة قد 
أدخلوا الكثير من المفاهيم القديمة» خاصّة لدى المجموعات المهرطقة 
الو 

حامت العديد من الشكوك حول المفكرين الأوائل الأكثر جرأة بين 
المسلمين 6 واتهم بعضهم بإضعاف وحدة المسلمين وجلب البدع . وكان 
الأمر يتجاوز ذلك حين يكون لدى هؤلاء المفكرين دور فعّال بين أهل 
التقوى في صياغة المبادئ التي تقوم عليها معارضة سلالة الحكم المروانية. 
تمّ إعدام عدد من هؤلاء على أساس موقفهم القدري (الذي بقي الطابع 
الغالب للمعارضة في سوريا). في حين أعدم اخرودن لحماستهم المدمرة 
ودفاعهم عن مبادئ الغلاة بخصوص المزرتكفية: الشيعة ب ( كان لسر 
ومعتدلي الشيعة مواقف معارضة أيضاء ولكنهم لم يكونوا مصدر قلق وخوف 
للسلالة الحاكمة. بالمقارنة مع نظرائهم في العراق). لاحقاً - بعد الثورات 
التي أطاحت بالمروانيين» وفي المرحلة التالية من التفاعلات ما بعد 
العوراك بكانع هده البوواققيية أن علي الأفل ٠:‏ لأبيداء الى لقنت مان 
هللا لوتقم ان قدت كتير رمن :وصوهاء لقن اعغيرك | لقدرقة وز لمر قد 
والغلاة على السواء ‏ إضافة إلى بعض مدارس الفكر الأخرى في ذلك 
الوقت» والتي ذكرتها في الرسم التوضيحي ‏ مدارس مهرطقة وضالةء 
(وتدريجياً تم فك ارتباط الشخصيات الأكثر توقيراً مثل الحسن البصري وأبى 
حنيفة عن هذه المدارس). غير أنْ تفكير هذه العذا رين قن فك لق 
الانطلاق للتفكير الإسلامي منذ ذلك الوقت فصاعداً”""'' . 


200 راجع مقالتي عن الغلاة في الطبعة الثانية من دائرة المعارف الاسلاميّة زه :هداعس ) 
(771ه[كل التي تقدّم أنقا يا للادلة التي يقدمها بعض مؤرخي المسلمين (وليس كلهم) للعقائد. 
(19) إنني مدين في هذا النقاش حول المدارس الفكريّة المبكرة لولفرد مادلنج. الذي أضاف ُ 


/اهع 


سلالة الحكم المروانيّة تفقد تفويضها 


كان معاوية لا يزال قادراً على تمثيل وحدة الإسلام بالنسبة إلى معظم 
المسلمين؛ على الرغم من تنامي حالة الكراهيّة له. جظي عبد الملك بقبول 
شخصيّ في المدينة» ولكنه واجه هو والوليد كراهية وعدائية متزايدتين من 
قبل أهل التقوى في الحجاز. فقد بذل خالد القسري. والي الوليد على 
مكةء الكثير من الجهد لتكريم المدينة المقدّسة والحفاظ على وزنها وثقلها 
الديني. على الرغم من أن شيوع أجواء الغناء والرقص» التي ظهرت مع 
عودة الثروات من الفتوحات». قد جعلت من مكّة مركزاً معروفا 0 
وقصائد الحبّ. أصرٌ القسريّ مثلاً على ضرورة فصل الرجال عن النساء فى 
الطواف حول الكعبة» ' لمنع اللقاءات غير المحتشمة. ولكنّه عندما أقام قناة 
لجر المياه العذبة البعيدة من خارج مكّة» استجابةً لطلب الوليد» جعل أهل 
ا و افقد كانت لبئر زمزم المالحة قليلا 
- والتى كانت أهمٌّ آبار مكة وكانت جزءاً من الحح -#مكانة مقدسة لدذىق 
السلمين (كها كانت غله الخال لدى الوتتبين)» وكانت شير ع أعفال 
إبراهيم» كما أنها البئر التي استعملها محمّد؛ و لك لل اموي د 
هذا بمثابة منافسة ومزاحمة لمكانة زمزم؛ ومن ثم فإِنَ ذلك يثبت مدى فسق 
هذه السلالة الحاكمة. 


أما خليفة الوليد» سليمان أخوهء فقد كان مُحتقراً أكثر من قبل الأتقياء ؛ 
وكان ممشهورا باتوماكه بالملذات: (كما أنه كان مسي للقسوة» فعلق سبل 
المثال: يزو بانة كان يستمتع بمشاهدة الأسرى وهم يُقظعون بالسيوف 


فوا إلى ما أورده في نقاشه في كتابه الامام القاسم بن إبراهيم ومذهب الزيدية (ولكنه ليس مسؤولاً 
بالطبع عن تأويلاتي وتفسيراتي) . انظر: 
عاد ,رع 1ك 1ه 2 «عك جع ]| ن تمع طلته| ) 416 71لا :1572/1177 1571 351771 61-0 177:27 1267 ,20ع17/111 ,عم دداءع13120 
.(1965 ,؟عال020) ع :متاعع8) 1 زدخصع 02 معطء15122215 065 5ن 1[ن ا 20نا عأخطء1طعوء0) ناج 
وهذا الكتاب غنيّ ومقنع ويُقدّم أفكاراً تتجاوز حدود عنوانه. للمزيد حول أهل الجماعة والمرجئة 
والقدريّة والجهميّة» انظر ملاحقّه المميّزة» التي لا غنى عنها لفهم الفرق الإسلاميّة الأولى ٠‏ لقد تم 
تحليل المرجئة بشكل واف وواضح؛ ولكن. يبدو أن الافتراض بأن كل مشارك في الثوراتث كان 
بالضرورة معارفيا لمبادتهمء وهو الافتراض الذي يعتمده مادلنج. افتراض ميكانيكيّ بعض الشيء . 
كما أن مماهاته بين أهل الحديث في الأزمنة العباسيّة» من الرشيد فصاعداً. ونين أهل السنة والجماعة 
المؤيّدين للأمويّين» تتسم بدرجة مفرطة من التبسيط . 


لدف 


المثلومة. وقد بدأ هذا الذوق بالظهور على نحو متكرر عند الحكام 
الوراثيين). وهناك ما هو أسوأ من هذا الذوق» وهو أن سليمان قد سمح 
للروح الحزبيّة أن تقرّض موقعه كممثل لوحدة العرب؛ ففي الخلاف 
والاحتراب الكبير بين الكتل القبليّة» سمح سليمان لواليه في العراق 
وخراسان بمحاباة القبائل القحطانيّة» واتخاذ إجراءات قاسية تجاه عائلة 
الحججاج» الذين ينتمون إلى قيس . منذ ذلك الوقت» في المقاطعات الشرقيّة, 
وجد الحكام أنفسهم منجرّين على نحو لا يمكن مقاومته للاعتماد على أحد 
الأجسام القبليّة لدعمهم خلال مدّة حكمهم؛ وبالتالي كان عليهم أن يلاقوا 
معارضة الأجسام القبلية الأخرى. على الرغم من ذلك. في عام 15١ا2‏ بات 
العرب قادرين على إجبار الإمارات الإيرانيّة في طبرستان ‏ الأراضي الممطرة 
في الطرف الجنوبيّ من بحر قزوين ‏ على الخضوع والاستسلام . 

ولكنّ الحروب مع بيزنطة وصلت إلى أزمة في عهد سليمان. فبقدر 
نجاح حروب العرب تحت حكم عبد الملك والوليد في إسبانيا (بل ل 
الغال إلى حد معيّن)» وفي السند. وفي حوض نهري سيحون وجيحون. فإن 
العدو الأكثر أهميّة كان دوماً هو الإمبراطوريّة البيزنطيّة» التي كانت أرضها 
المركزيّة قريبة من مرتفعات الأناضول. لم تكن ثمّة هجمات جديدة على 
الحبشة» البعيدة نسبيّاً والفقيرة والعصيّة على الفتح؛ ولكنّ فتح القسطنطينيّة 
ظا هادفا اساسا المسلمية 4 فاللميط ةتعلى الامير اطووة انبا سات دون 
بسط هيمنتهم على أجزاء كبيرة من الإمبراطوريّة الرومانيّة كان يعني أنهم قد 
حققوا نصف انتصار فقط. وهكذاء فما إن وجد عبد الملك نفسه متحررًاً من 
الأعداء في الداخل حتى قام بخرق الهدنة التي عقدها هو بنفسه مع 
البيزنطيين» وقام بهزيمتهم هزيمة نكراء (2»)15947 وشنّ هجمات دوريّة كل سنة 
في الأناضول. وقد استمرٌ العرب بشِنّ هذه الهجمات إلى عام 7١1‏ (تحت 
حكم سليمان)» وباتوا مستعدّين من جديد لحصار القسطنطينيّة. اشترك 
الجيش السوري مع عدد كبير من القوّات المجهّزة في هذا الحصار؛ ولكنه 
فشل» وتسبّب ذلك بإيهان القوّة المروانيّة وإضعافها لبعض الوقت. وقد 
كانت هذه آخر محاولات فتح القسطنطينيّة على يد دولة الخلافة 9" . 


)2 "رعأقططاله) 202(820لآ عط 02062 ك5مه0و1اع5 عمتاسمددز8-طوعم" ,ططز .2 .إلى 12[ 
219-33 .مم ,(1958) 12 .20 ,ورعممط عع[ه 0 «رماءهوطدرا( - 


اف 


اوس فإنه ظلّ مخلصاً في تقواه؛ فد كان 
يحترم أحد الوعاظ المقيمين في دمشق من أهل التقوى [رجاء بن حيوة]. 
وقد أقنعه في مرضه الأخير بأن يغيّر خليفته الذي قرره عبد الملك. بعد 
ثلاث سنوات من الحكمء ترك الخلافة لابن عمّه المستقيم التقىّء عمر بن 
ا .)7326١--0(‏ كان عمر الثاني (كما كان يُطلق عليه) على صلة 
ثيقة بمجموعات أهل التقوى في المدينة» وحاول أن يحمل روح سياساتهم 
معه . ه. كان عمر قادراً على كسب ذعم جميع العناصر التي تتتمي إلى الحزب 
الناشئع لأهل التقوى. بما في ذلك دعم الخوارج والشيعة؛ في الوقت نفسه. 
حافظ على احترام عائلته. المروانيين وعائلة معاوية؛ وهكذا فقد بات يُنظر 

ليه كنموذج يحتذى من قبل من - خلفه من الحكام. فقد أتاح حكمه القصير 
عا يدي أب وبري ععير اسار اوساو 
الممارسة العملية. 


حاول عمر أن يتّبع نموذج عمر بن الخطاب من دون أن يكون ذلك 
اتبناعا أعمى (إذ إل فهر بن العزيز قد عكس وعارض في بعض الأحيان 
بعض السباينات التي اتخذها عمر الخطاب نفسه» بوصمقها سياسات غير 


عا 0 قفي ل ا ا عمر 3 عائلات العدنة القذيمة مكانة 


القانونية تجاه بعض الممتلكات والعقارات التي تمت مصادرتها إبان تدعيم 


)| وقد يد طبعها ضمن : ,8205]01) 2701 |15 زه 1224110:1]«ان) 1/16 0:1 31144165 ,[.1 أع] 0156 .2 .له .1] 

.(1962 رووء:2 جرمعوع8 :ذلا 

ويُشير جب إلى أنه منذ هذه الهزيمة تم توجيه سياسة دولة الخلافة اقتصادياً وإدارياً - في 

اتجاهات تجعل تجعل دولتهم خليفة للدولة الساسانيّة, بدلاً من البيزنطيّة ؛ أو بصياغتي » باتجاه درجة أكبر 

من المركزيّة الزراعيّة الداخليّة بدلاً من التوسّع في السياسة الخارجيّة في حوض البحر الأبيض 
المتوسط . 

(0) منح المؤرخون المسلمون عمر بن عبد العزيز ز مكانة رفيعة ة بالمجمل» وقد كان.الكثير من 
المؤرّخين الغربيين المحدثين». لبعض الوقت» فونه تق مغفلا ؛ ثم تمّ جمع أدلة كافية على فطنته 
العملية في الفصل الذي خصّصه يوليوس فلهاوزن لعمر الثاني في : #كنطهجه ك2 ,هعون هطااء/لا عد انال 

(1902 ,تعطاع] .0 تسمتارع8) جلا اناعد 7:4لا 1إعأء غ1 

لتأكيد أحدث على جمع عمر الثاني بين التقوى والحسٌ الجيّد انظر دراسة جب : 

.1-6 .هم ,(1955) 2 .701 ,4768124 **,11 :قطنا كه اأمتععوعظ لوعواط لخ '' ,رطان .1 .ى .1] 


45٠ 


قد أمر به لتعزيز الوحدة» ولكنوءنات ا لأن :ذا أثر عكسي . كما آنةزد 
المظالم لكلّ من يستطيع إثبات انتقاص حقّه عن التسويات الأصليّة التي تمت 

مع الفتوح . ألغى عمر الجزية المفروضة على أطفال البربر؛ وخفف الجزية 
عن بعض مجموعات المسيحيّين؛ وأعفى أراضي الكنيسة في مصر من بعض 
الضرائتب؛ كما خمّف من بعض الضرائب غير القانونيّة في إيران؛ بل وأعاد 
بعض الأموال الزائدة التى كان الجباة قد جمعوها بالفعل. وقد اجتهد في 
إتجاد ولا تاعليو اليحكموا تمن دون قبيورة ا ووتحشية» واعتارقم من الرافدين 
في جمع الثروات. 

ربما تكون أهمٌّ واسسم ‏ لض 8 التعامل الهادئ مع 
جميع المقاطعات على السواء. عملياًء أزال من العراق كل أشكال الهيمنة 
عور يه" لقو بن رو روما لمحي ا كن من القوات السوريّة من هناك؛ كما 
سمح لبعض المقاطعات البعيدة بإدارة إيراداتها على نحو أكثر محليّة. 
تقليص الميزانيّة المركزيّة (على الرغم من أن أععال"الد والعولاناف كد 
امتدّت إلى جميع المقاطعات» ولم تنحصر في سوريا كما كانت عليه الحال 
لدى المروانيين قبله)» وذلك جزئيًا عبر إيقاف الحروب الجهادية» التي كانت 

قد تحوّلت إلى ما ات مب مز دوق العانه دانقا ارق ]إرساء مسابجة 
مسالمة على طول الجبهة البيزنطية بحصافة). كما تم اعتقال مؤججح 
الخلافات القبليّة في زمن سليمان”* . 


ربما كان أصدق اهتمامات عمر الثاني هو تشجيع العوامٌ على الدخول 
في الإسلام. ففي ظلَ حكم عمر [بن الخطاب]ء كان ثمّة رغبة واضحة بأن 
يصبح جميع العرب مسلمين؛ وتم استيعاب مجموعات الرعاة الأخرى» ولا 
سيما البربر» من قبل العرب وإشراكهم في الفتوحات. ولكن قليلاً ما شجَجع 
المسلمون الذميين (الرعايا غير العرب وغير المسلمين)» أو أجبروهم. على 
الدخول في الإسلام. بخاصّة فى حالة الأفراد أو العائللات الذين كان من 
المهم أن يرتبطوا بقضيّة العرب. أما الآنء فقد أصبح التحوّل إلى الإسلام 


(*) لعلّه يقصد يزيد , بق الفهلب ين أبي صفرة» وكان عبد الملك قد ولَّى أباه (المهلب) على 
خراسان بعد أن انتقل إلى صفوفه من صفوف ابن الزبير» وخلفه يزيد في حكم خراسان حتى عُزل عنها 
بإشارةٍ من الحجاج». ثم تولى العراق في عهد سليمان. وكان من قادة اليمانيّة في العراق. وبعد وفاة 
عمر». هرب من سجنه وأنشب ثورةً في البصرة 5 انتهت بمقتله (المترجم) . 


55١ 


سياسة حكومية تمتد إلى. غير الغرت جميعا .. فقد كان من المطلوت بآن 
يختار زعماء كل قرية من قرى مصر من المسلمين. وعلى الرغم من أن 
العدالة كانت تُطبّق بحذافيرها على المسيحيين؛ » ضمن الشروط والأعراف 
التي وضعها الفاتحون العرب». فقد دذفع المسيحيون كي يشعروا أنهم أقل 
شأناً وك عردو موقعهم. . ومن المرججح بأن بعض القوانين #المذلة الى 
فرضت لعا في بعص الأحيان» على أغنياء أهل الذمّة (واختلقت نسبتها 
إلى عمر الأوّل) قد فرضت من قبل عمر الثاني : ألا يركب المسيحيون 
واليهود الخيول مثلاً وإِنّما البغال» وأن يُجبر الذميون على ارتداء علامات 
نهة تميز دينهم وأن يغايروا أزياءهم عن المسلمين. لقد صوّر عمر الثاني في 
لكر كا مسي على :]اي مهد. وعلى الرغم من أنّه انتقص من مبدأ 
الجهاد من أجل الغنيمة» فإِنّه كان متحمّساً لإقناع الأمراء فيما وراء الثغور 
بالدخول في الإسلام». أحياناً عبر إغرائهم بالفوائد التي سيجنونها من ذلك . 
ولما كان الذميونء. في كثير من 0 هم من يقدّرون قيمة الضرائب» 
ولأن ولاةَ مثل الحجَاج 1 غير مستعدين للاعتراف بالداخلين الجدد في 
الإسلام» بخاصّة من الطبقات الدنيا (الذين كان يريد لهم أن يبقوا عمّالاً في 
الأراضي لتعزيز الزراعة»» فإنَّ العديد من الذميين من الطبقات العليا قد ظلوا 
أحراراً ومعفيين من ضريبة الرأس» في حين استمرٌ العديد من المسلمين 
الضعفاء فى دفعها. أصرّ عمر الثاني على أن يدفع - جميع الذميين هذه 


ييا 


الضريبة» وألا يدفعها مسلم (وقد اصطلمٌ لها مصطلح 06 في النهاية). 


كانت شكوى الداخلين الجدد في الإسلام وذريتهم» المسلمين الموالي». 
هي أنه على الرغم من أنْ بعضهم قد شارك في جيوش المسلمين» وساعد 
في الفتوحات» فإنهم لم يُشملوا في ديوان الجند لكي يحصلوا على حصّة من 
الإيرادات. في أثناء الفتنة الثانية في الكوفة» تمككن المختار الشيعيّ من ضمٌ 
الموالي إليه بوعده إياهم ضمهم إلى ديوان الجند. وهو ما أغضب الكوفيين 
العرب. لم يشمل عمر الثاني ذريّة الموالي الكوفيين» ولكن أتاح للموالي 
الذين شاركوا بتحرعيم في القال أن يحصلوا على حصّة (محدودة) من 
الغنائم من الفتوحات المتأخّرة» كفتح خراسان على سبيل المثال. 


أما فيما يتعلّق بسياسته الضريبيّة للأراضيء فإِنْ اهتمام عمر الثاني 


: 57 


ذي امتيازات خاصّة داخل طبقة المسلمين الحاكمة. كان ملاك الأراضي من 
العرب المسلمين» داخل الجزيرة العربيّة» يدفعون ضريبة عن الأرض تقدّر 
بعشر الإنتاج (هذا إضافة إلى الزكاة التي يدفعها المسلمون عن الممتلكات 
الأخرى غير الأراضي). ولكنّ معظم ضرائب الأراضي كانت تأتي من 
الأراضي المفتوحة» التي كانت اد بالعادة ما يزيد على العشر. كانت 
الضريبة على هذه الأراضي : تسمى «الخراج 32 وهي مختلفة عن العشرء 

وكانت تذهب بالأصل إلى المسلمين الذين فتحوا هذه الأراضي وإلى 
أحفادهم. وفقا لترتيبات:ذيوان الجندك... ومين ثم فمن الطبيعي أن يكون 
الشعون بأن الذميين غير المسلمين هم من يجب أن يدفعوا الخراج؛ وأن 
يكون المسلمؤن:: الذين يشكلوق الجند الذين تعتمد عليهم دولة الخلافة» في 

الطرف المستقبل. ولحن مع الوقت». ازداد عدد المسلمين الذين ا 
أراضيّ يفرض عليها الخراج ‏ كما ازداد عدد الذميين من دافعي الخراج». 

الذين دخلوا في الإسلام ‏ ومن ثم فإِن آثار ذلك على الضرائب قد اختلف 
من مكان لآخر ومن مناسبة لأخرى. كان الحجاج صارماً ومتشدّداً في 
الدفاع عن موارد الدولة عبر الإصرار على أنْ جميع الأراضي التي كانت 
أراضي خراج يجب أن تدفع الخراج أيّا كان مالكها؛ فبخلاف ذلكء. فإِنَ 
العوائد والإيرادات التي تعود على المسلمين وتقسم فيما ينه استقل لصالح 
المسلمين الذين تملكوا ما كان سابقاً أراضي الخراج وصار عليهم أن يدفعوا 
العشر عنها فقط . 


استاء المسلمون ذوو الامتيازات من سياسة الحججاج. وهو ما زاد من 
سوء سمعته في المدينة [المنورة]. غير أنْ عمر الثاني كان يُدرك أن المشكلة 
واقعية بالفعل؛ ومن ثم فقد رفض سياسة الحجاج بوضع المسلمين والذميّين 
على السوية ذاتهاء ولكنّه في الوقت نفسه لم يكن مستعدّاً لترك أغنياء 
المويلية يحتكرون ثمرات الفتوحات؛ ومن ثم فقد سمح للأراضي التي 
أصبحت للمسلمين أن تستمرٌ بدفع العشر فقط. ولكن.ء وانطلاقاً من مبدأ 
عمر الأوّل القائل بأنْ المسلمين 0 يجب أن يتلقّوا الويرادات كمبلغ 
ممصو لا أن يقسّموا الأراضي بينهم» اشتقٌّ قاعدة جديدة تقول بأنْ المسلمين 
من الآن فصاعداً (بعد العام ٠٠١‏ للهجرة) يجب أن ”م 
الخراج. أما بالنسبة إلى الداخلين الجدد في الإسلام» فمن الواضح 


وك 


عليهم. ٠»‏ في الحالاات المشابهة. أن يتخلوا عن أراضي الخراج التي يملكونها 
بتكل ححصي اااي الو اا ا 
الإسلام فى ذلك الرقك من اذكه 0 وإثما كانوا ممن انتقلوا إلى 
مدن المسلمين الجديدة للإقامة. بناء على ذلك» فإن هذا المعيار كان تكييفا 
واقعيًا وعادلا في زمن عمر الثاني لمفهوم عمر الأوّل عن أن المسلمين 
العرب يجب أن يُشكلوا مجتمعا منفصلا ذا امتيازات» وأن يستفيدوا من 
الضرائب التي يدفعها الذميون في الأرياف كمجموع. أما الآنء ومع 
الاعتراف المفتوح بغير العربء فإنَ التركيز أصبح أكثر ؤضوحاً على الولاء 
الإسلامي بحد ذاته. 


مع النجاح في القضاء على الحروب (إذ لم يعد ثمّة ثورات ولا 
غارات على الثغور والجبهات)» كانت خزينة عمر الثاني ناجحة تحت 
المطالب الكبيرة التي وضعها لها بمعايير كريمة. ولكن؛ بعد أقل من أربع 
سنوات» وفي عمر التاسعة والثلاثين» توفي عمر. ويبدو أن بعض معاييره 
قد بقيت قائمة» ولكن من دون أن يتمّ تعزيزها وتدعيمها. عادت السلطة 
إلى يد أخى سليمانء يزيد الثانى  /٠١(‏ 7275)» المفتون بالنساء والغناء. 
وسرعا تاها 2 السعقالة يكورة فى البضرة»- الى الم تتفم فقظ: بانيم العدالة 
الاسئلافتة: .انما كاقض معائرة :بدزجة كبيرة نقلق الفنظروو الأاتقياء (الذين 
يُسمّون بالمرجئة) من أن تتم إعاقتها في مساراتها التنفيذيّة. (أصروا على 
عدم الاعتداء على إخوتهم 10 نقاش قبل كل شيء). ولكنّ 
الثورة كانت بالأساس حركة مؤلفة من القبائل القحطانيّة» وعلى إثر هزيمتها 
أصبح نظام الحكم متحرّباً يُحابي القبائل القيسيّة في جميع المقاطعات 
الشرقيّة. 

تحت حكم هشام (5 77 - ”7/57). المتدين والورع. والذي استعاد دفة 
الحكم بحزم. لم تشهد العلاقة بين النيلالة التحاكمة رمق رفيها الحتتلقية 
تتحينا أن إاصلاخا . . في أثناء ذلك» كانت تطوّرات المجتمع ذي الأسناس 
الزواعن»: القى تتطلّب حكماً مركزياً قويّاء لا تزال ثنتج ذات النوع من 
الحكم الملكيّ الذي يرفضه أهل التمقوى . فحتى في عهد عمر الثاني. بميله 


. 65 


نحو المساواة بين العرب والمسلمين الموالي على أساس قاعدة الإسلام 
المشترك» كان ثمّة مساهمة في دمج العرب الحاكمين في حياة المنطقة» على 
الرغم من أن بعض أهداف عمر كانت مُغايرة لذلك. وبحلول عهد هشام. 
وعبر عمّاله بالدرجة الأولى» صار ثمّة كمٌّ مدهش من التنظيم البيروقراطي 
الذي يُديره المسلمون والذي يقوم على إدارة مركزيّة في عاصمة الخليفة. 
كان هشام محاطاً بمجموعة من المسؤولين الكبار الذين يتوسّطون بينه وبين 
العامّة من المسلمين وغيرهم. وهكذاء فإِنْ الخلفاء العباسيين الأوائل» سادة 
الحكم المطلق» كانوا يرون فيه نموذجاً إداريًاً يُحتذى . 


ظهرت نزعة الحكم المطلق فى عهد هشام بوضوح في مؤسسة 
(المصادرة): التى كانت فاعلة منذ أيام عبد الملك» ولكثها أصبحت أكثر 
يورا وأكثر أساسيّة فى عهد هشام. فقد كان كثيرٌ من الولاة ورؤساء 
الدواوين الماليّة يسقطون ضحيّة للإغراء المتمثّل بزيادة ثرائهم الشخصي على 
حساب الخزينة. وبات من المعتاد بأن ينهم المسؤول. الذي تصيح محل 
استياء الخليفة. ويُقبض عليه فوراً؛ عع مع اححرن عدي لتحديد 
المبلغ الذي يفترض نانف دلي اموه ساو ذلك المبلغ . 
0 م ال سواء 0 ا المختلسة 
فيها هذه الأموال أو التجار الذين استودعوهم 0 وذلك لتحصيل 
الغرامات عبر مصادرة هذه الأموال. لا شك فى أن هذا الانحلال والفساد 
الشخصي للمسلمين في المراتب العليا كان روفي فس اد معاوية؛ فهو أمر 
لا يتسق مع المعايير الإسلاميّة التي يتمسّك بها المعارضون من أهل التقوى. 
بل ولا يتوافق مع قيم رجال القباتل الأحرار. ولكنء بالنسبة إلى الأشخاص 
الذين لا يريدون أن تفرض أيّة قيود على السلطة الملكيّة فإنّهم قد اعتبروا 
أن مثل هذا الخطر هو ضبط صحّي للمنتفعين في المجتمع . 

لم يغيّر هشام مبادئ عمر الثاني الماليّة بحدّ ذاتها. ولكنء» فى أثناء 
عمليّة الإدارة والتعزيز المالي» أثبت هشام بأنه جشع وبخيل. وقد تسبّبت 


صرامته المالية في شوب عدد كبير من الثورات». التي اتخذت في بعص 
المناطق (بخاصة يبن اليويد) صورة ثورات الخوارج . 


26 


تفاقمت نتائج نزعة الحكم المطلق بحكم تمركز الإمبراطوريّة في 
سوريا : فإن لم يتم التحكم بالمحافظات بطريقة مدروسة على غرار طريقة 
عمر الثاني» فإن الأمر يُمكن أن يتحوّل بسهولة إلى شكل من هيمنة مقاطعة 
واحدة على بقيّة المقاطعات. وفي زمن هشام» كانت الحاميات العسكريّة 
السورية مشر قن كل كان شهد العراق ظهور عدد من فرق الخوارج 
الذين احتججوا على الانحلال الديني العام» ولكنّ الأمر كان أشدّ خطورة مع 
الثورات الشيعيّة في الكوفة. أصبح خالد القسري. والي مكة الذي لم يكن 
قادراً على إرضاء المتعصّبين. اليا على العراق» وواجه مخططات فعالة 
معارضة للسوريين» تقوم على الأفكار الجديدة ذ إِي الخدم والإمامة. في عام 
لالالاء اعتقل اثنين من قادة هذا التوجّهء مع مجموعة من أتباعهم. وأحرقهم 
بالنار”*". ولكنّه لم يكن قادراً على الوصول إلى أكثر التنظيمات الشيعيّة 
خطورة» التي كانت ترى الإمامة في نسل ابن الحنفيّة» وقد كان هؤلاء 
يعترفون بقيادة البيت العباسي منذ زمن هشام. لم تكن هذه الحركات الشيعيّة 
المنظمة مهيمنة بعدء ولكن يبدو أنْها كانت قادرة على امتصاص قرّة 
الحركات الشيعيّة الأكثر اعتدالاًء بخاصّة حركة زيد بن علىّ» زعيم إحدى 
العائلاات العلوية في المدينة. ام 22 ام زيد بقيادة الكوفة إلى تمرّد 
غير مجدٍء. وقد لقى هذا التمرد ذعما :وانعفا أرضنا: 


المساؤمة الشاضية 


59 د ونا اللضية م وإهماله. والأسدأ و 00 أنْه كان 0-00 
يزيد الثاني إلى القيسيين ومعاديا لقبائل كلب؛ وقد أدّى ذلك إلى تمردهم 


(*) لعله يُشير إلى المغيرة بن سعيد وأصحابه؛ فقد روى الذهبي في سير أعلام النبلاء أن خالداً 
القسري «أتى بالمغيرة بن سعيد وأصحابه وكان يريهم أنه يحبي الموتى» فقتل خالد واحداً منهم ثم قال 
للمغيرة أحيهء فقال: والله ما أحيي الموتى» قال: لتحيينه أو لأضربن عنقك. ثم أمر بطنَ من قصب 
فأضرموه. وقال: اعتنقه» فأبى» فعدا رجل من أتباعه فاعتنقه . قال أبو بكر فرأيت التار تأكله وهو يشير 
بالسبابة. فقال خالد: هذا والله أحق بالرئاسة منك. ثم قتله وقتل أصحابه» . وكان المغيرة مُغالِياً في 
آرائه الشيعيّة» وإليه انتسبت فرقة المُغيريّة من الشيعة» وروي عنه ادعاء النبوّة والعمل بالسحر 
(المترجم). 


5ط 


عليه في سوريا نفسها. وهكذا فقد قتل الوليد الثاني» وحل محله مروانيٌ 
آخر (يزيد الثالث) بدعم من قبائل كلب وبعض الرجال من أهل التقوى. 
ولكنّ الموت المبكّر للخليفة الإصلاحي كان سريعاً. أما أخوه الذي حل 
محله فقد كان أكثر عجزاً. 


في تلك الأتناءة قام القائد المرواني لأحد را العائلة» مروان بن 
محمّد  /44(‏ ٠١6لا‏ الذي لَقّبِ بعروان: الثاني اتحتراما التلقه وان اده 
الحكم]). بالعمل على الثأر للوليد الثاني باسم الحمية لقيس؟ إذ إن قواته 
العسكريّة كانت تقوم بالأساس على الولاءات القبليّة القيسيّة في مناطق الثغور 
والجبهات الشماليّة. وقد كان مروان هذا أهمٌ القادة العسكريين في الحروب 
مع بيزنطة. وبالتالي فقد كان أقوى الزعماء العسكريين. ولكنه هنا وقف في 
صنت فصيل قبلي بدلاً من أن يقف من أجل وحدة المسلمين. كان المجال 
ولشريها لأيّ حركة تستطيع المبادرة» خاصّة إذا تماهت الحركة مع النزعة 
المعادية للقيسيين. تمكنت حركتان من الخوارج كي الجر يرة 
العربيّة وأخرى في حوض ما بين النهرين الشمالي (وهي حركات تماهت مع 
قبائل ربيعة أكثر من أي وقت مضى) -.من اكتسات عدد كير من المناصرين» 
وبدا لبعض الوقت بأنْ كلا من الحركتين توشك على الانتصار. أثبت مروان 
قدرته على التفوّق العسكري؛ فقد عمل جاهداً على تطوير التنظيم العسكري 
العربي في الحروب على الثغورء وركّز رجاله في وحدات عسكريّة صلبة. 
وفكد| "تمدق بغر اله العد يمن قتعم احر القر :ين بالعرو نيدن ودعي 
(وتمكن في النهاية من سحق القوّة السوريّة بأكملها)؛ ثم تحوّل إلى الحركات 
الثوريّة المنافسة له وتمككن من هزيمتها واحدةً تلو اللأخرى 

إضافة إلى محاولتي الخوارج اللتين فشلتاء كان ثمة محاولة شيعيّة 
أخرى. كان إمامها هو عبد الله بن معاوية» الذي ينحدر من نسل أبي طالب» 
والد علىّ ومن ثم فإنه ينتمن يي إلى بني هاشم (قال البعض بأنه كان ينوي أن 
يُسلّم الحكم للعلويين حين ينتصر). وقد جعل من الكوفة مركز ثورته وتمكّن 
من كسب دعم القبائل القحطانيّة. عندما اشتدّ الضغط عليه» لجأ إلى 
المرتفعات الإيرانيّة ليتحصّن من الهزيمة» واكتسب دعم ممثلي معظم عناصر 
المعارضة من أهل التقوى. ولكنّ قوات مروان المدرّبة من القيسيين قد أثبتت 
فوّتها أمام مجموعات الساخطين المشتتة . 


اكع 


فى أثناء ذلك اتطلفث ثورة شيعيّة ثانية :عقن القورة الأولن (وايضًا 
بدعم من القبائل القحطانيّة). ربما يكون ابن معاوية قد التمس فى مسعاه هذا 
موافقة ومباركة أبي هاشمء القائد التالي لأنصار ابن على» ابن الحنفيّة. 
ولكن فق أن انا هاشم كان قد ورّث سلطتهء ومعها الدعم المنظمء لعائلة 
أخرى من بني هاشمء وهم العباسيّون» نسل ابن عم النبي» عبد الله بن 
عباس. على أيّة حال» كان العباسيّون يحملون بروباجندا فعّالة فى مواجهة 
العرو انين على أسانيى: ريدن ١‏ 


كانت الغيرة والحساسيّة بين الكتل القبليّة أقوى ما تكون فى خراسان. 
الأراضي المرتفعة في الشمال الشرقيّ من الصحارى الؤسطى تن إنزان: وفي 
تلك المنطقة» كانت الكتلة القحطانيّة مستاءة وساخطة بشكل كبير. شكل 
الموالي عنصراً فاعلاً ومهمّا بين المسلمين في تلك المقاطعة البعيدة على 
التكورة :وكانرا بعسمدونالمودم 13 الأسيا رات لنظام الحكم :جروا 
المركزي الذي ظل يحاول تأليف العرب ومحاباتهم على الرغم. من قوانين 
المساواة التي أرساها عمر بن عبد العزيز. بدأت الثورة المحليّة باسم القرآن 
والسنّة في عام 4ا/ا. ولم تُخمد إلا في 57" (كان من قادتها الجهم بن 
صفوان» أحد مفكري أهل التقوى). وبالكاد تمككن الوالى المرواني» نصر بن 
سيّارء من الحفاظ على النظام. وفي تلك البيئة المهيّأة. ظهر هنا نوو أبن 
هاشم تحت التوجه «العباسي». وتاقوا سرًا بقنفيكة آل" النيت:.- يقال ينان 
زعيمهم. خداش. كان قد خطب في الناس بمجموعة من أفكار الغلاة 
المتطرفة» ومن ثم فقد نفاه الا 1 وتم إعدامه في 1". ولكن 
البروباجندا قد استمرّت إلى أن ارك أحد العبيد المحررين للإمام العباسي 
إبراهيم» أبو مسلم [الخراساني]» في سنة 215405 لإشعال الثورة بين 
ميخمو عاب اليننا 1 


كن أبو مسلم فيما يبدو على الثأر لمقتل أفراد بيت محمّد (الهاشميين) 
ال الأموي. نداءا من مقتل الحسين في كربلاء 0 إلى ما 


(11) أستعمل لفظ «5:4ة466» للحديث عن بني العباسء أبناء العباس» عم محمّد؛ أما مصطلح 
«وة 466 نأستعمله لوصف العباسيين» أي:أتباع السلالة الحاكمة وطرائقهم. وقد قمت بتمييز ممائل 
فى السلالات اللاحقة أيضا . 


58 


حصل موخّراً لثورة زيد وأبنائه؛ الذين تمّت مطاردتهم إلى خراسان وقتلهم . 
(غير أن أبا مسلم نفسه كان مسؤولاً كما يُقال عن موت [عبد الله] بن معاوية 
وفرويعة ععدها 53 الها كيستون: الوا تيون إلى خر اساة )1 قانضه الراعات 
السود التى رفعها ‏ كتلك التي رفعها المتمردون والثوار من قبله - تحمل 
ذلآلة أختروةة ومووينو أنيا: كافك رمق إلى الهداة والحرة قاد فين نا نواد 
وعلى نحو غير مباشر على كل الظلم الذي لحق بالعرب القدامى أو بالموالي 
- على يد الفصائل العربيّة الحاكمة الممثّلة في بني أميّة. وبحلول عام 47/اء 
كان أبو مسلم مستعدًاً للخروج من دور المحرّض السري إلى ميادين القتال 
والمغارك: :وكا فى مسعاء هذا يحكه الانضان والمؤتدين لآل اليتق 
بالععوم :بتو دو أن لبتي أن مركم سين للحوقة :وح ما بدا با مره 
ليتضّح بناءً على الانتصارات. اكتشف مروان الثاني الصلة بين الإمام إبراهيم 
العباسي والثورة» ومن ثم فقد نحّاه عن الطريق. وقد أضافه أبو مسلم إلى 
قائمة الشهداء الهاشميين. ومع هزيمة الحركات المعارضة الأخرى 
للمروانيين» كانت حركة أبي مسلم في عام 544 هي الحركة المعارضة 
الوحيدة الباقية في الساحة» واجتذبت بالتالي دعماً واسعاً. 


لم تكن الخبرة العسكريّة والقيادة الجيّدة لمروان كافية لمواجهة أبي 
مسلم الخراساني؛ فقد أثبت أبو مسلم أنه رجل دولة موهوت, قادرٌ على 
تحريك القوات العسكريّة بكفاءة. على كلّ حال» كان مروان الثاني منشغلاً 
في قمع حركات التمرّد الأخرى إلى درجة لم تمكنه من التعامل مع هذا 
الخطر البعيد» على الوك كن مباشدات ولاته الكثيرة ة له بضرورة الإسراع. 
وحين جاء الوقت الذي اعفاد كي رام هذا التمرد كل اهتمامه. 
كانت الحركة قد أضصبحت ساحقة لا .7 تبقي أحداً في طريقها ولا تذر. وهكذا 
فقد تحرك اوسن عر لبر رن وام سن وعلى ضفة 
الفرات» واجه جيشاً مروانيا كبيرا وخرمفة:. وفي ذلك الوقك» :وصل وال 
ابن هسله :إلى اختبار مرشح للخلافة» وهو أخو إلراهيم: اق العياسن 
(الملقّب بالسفاح). من قلب الأراضي الشيعية في الكوفة. في فى النهاية» وصل 
بنو هاشمء عائلة محمّدء إلى الحكم في 59. تمّت هزيمة كل قوات مروان 
بالمرب من دجلة (٠١٠76)؛‏ ولم يعد قادراً على جمع قوات جديدة من 
السوريين» الذين تحظمت قوّتهم. وفي النهاية» حوصر مروان في مصر وقتل 


8ه 


هناك... وهكذا بعد أن امتدّت سيطرتها إلى مصرء بدأت: الحركة العباسة 
بإنهاء سلسلة الثورات التي أشعلها السوريّون""' . 


كانت جميع الحركات - باستثناء حركة مروان الثاني - مصبوغة بمطالب 
أهل التقوى المتطلعة إلى نظام اجتماعي إسلامي ار استقامة. وقد كانت 
حركة العباسيين متناغمة مع توقّعات الشيعة. كان يفترض بأن سلطة إمامهم 
مستمدّة من ارتباطه بعلي بالوصيّة وارتباطه بآل البيت بطبيعة الحال (لأنّ سلفه 
عبد الله بن عباس كان ابن عمٌ النبيَ؛ مثلما كان علىَ)؛ وكان يُقال بأنّه كان 
يعدبا بالعلم الذي لديه بالعديد من أحداث زمن الثورات وتفاصيله. ولكن. 
عندما استولى العباسيّون على السلطة». أداروا ظهورهم لداعميهم الشيعة في 
الغالب الأعم. ولم يقوموا سوى بالقليل من دورهم كأئمّة ممنحوا العلم . كما 
أنهم لم يقوموا بجهد حقيقيَ للحكم وفقاً للمواقف الديئيّة المثاليّة التي و3 
الرجال الأتقياء في المعارضة. بدلاً من ذلك. أقاموا سلطتهم على قرّة 
أنصارهم الخراسانيين؟؛ وفوق ذلك على قدرتهم على إرساء السلام ل 
بعد هذه الثورات المضطربة» وعلى أساس القبول العملي للمطائب العمليّة 
الأساسيّة للعناصر الإثنيّة الرئيسة بين معارضي المروانيين. وقد أظهروا من 
البداية بأنّ حكمهم لن يكون تجسيداً لقيم المسؤوليّة الفرديّة المتساوية» وإنّما 
سيكون حكماً مضرجاً بالدماء المسفوكة؛ فقد كان أول أعمالهم هو ذبح كل 
امكي فين الأمويين» أكباثشنَ فداء. ولم يكن هؤلاء هم من عانوا فقط. 
فبغضٌ النظر عما كان حكمهم قادراً على تقديمه. فإنّه لم يكن متسامحاً مع 

عا رمت على االر لاوا 


انتزع العباسيّون السلطة من العرب السوريّين وورّعوها؛ فعلى الرغم من 
أنهم كانوا يفضلون الخراسانيين» إلا أنهم جعلوا عاصمتهم ف فى العراق (وينوا 
مدينة بغداد لهذا الغرض)» وأوضحوا للجميع بأنهم لن يمارسوا أي نوع من 
التمييز ضدّ أيّ منطقة» ربما باستثناء سوريا. في الوقت نفسه. لم يقم 
العباسيّون بأيّ تمييز فعّال بين العائلات العربيّة القديمة والمسلمين الجدد. 


2٠‏ لعل دراسة كلود كاهن هي أكثر الدراسات تحرّزاً ودقّة فيما يخصٌ قضيّة بني.العباس 

وقيادتهم للحركة الشيعية. انظر: 
.م ,(1963) 230 .701 ,115107101/6/ مس2 **,*”ع0زققطط0“ 1م267 12 كناة عن عل كأصله'' رمعطهت) 012006 
.295-38 


لاع 


الموالى» الذين جاؤوا من الشعوب المفتوحة (والذين بات الكثيرون منهم من 
دون انتماءات تربطهم بأيّ من القبائل العربيّة). وبهذاء فقد تمكنوا من 
إوضاء عضن المطالب: الملخة لدفئ النهناوضنة: على مسترق: اكثر متاليةء كان 
العباسيّون مقتنعين بمنح مجموعات أهل التقوى اعترافاً قانونيّاً بالبرنامج 
القانوني الذي كانوا يعملون عليه» وكانوا مستعدين لتكريم ممثلي رواة 
الحديث وإيلاء الاهتمام لممثلي العلوم الإسلاميّة. وفي هذه المسألة كانوا 
مختلفين عن الخلفاء المروانيين» كهشامء الذي كان محتقرا بين ممثلي 
الأتقياء في المدينة. على أنْ العباسيين كانوا مستعدّين فعلاً لمنح مكانة 
حصريّة ورسميّة لممثلي أهل التقوى المعارضين في السابق؛ فقد حاولوا أن 
يعيّنوا الرجال الذين يعترف بهم الأتقياء كممثّلين للأفكار الجديدة حول السئة 
كقضاةء وقد كان بعض هؤلاء (وليس كلّهم) مستعدّين للقبول بهذه 
التعيينات. وعلى كل حالء» كانت محاكم القضاة مرتبطة بفقه أهل التقوى 

بهذه الطرائق المختلفة» انهارت المجموعات التاريخيّة القديمة التي طوّرتها 
معارضة أهل التقوى؛ فقد اختفى الذعم الذي كانت مجموعات أهل التقوى 
تناله من المظالم الإثنية وتقر ف شجلها +وفكذاء لم يعد مُتوقعاً من معارضة 
أهل التقوئ: القديمة أن تكون قادرة على ها مديدة مطالبها على نا من الشعور 
العام للمسلمين. 


كان المعارضون من الشيعة ومن أهل التقوى بالمجمل محبطين . وقد 
شعروا بهذا الإحباط وتنؤوا ينتاكجه :ميد أن تخلصى الخاستون بسرغة من قادة 
داعميهم الشيعة. وألجموا كل مقاومة مباشرة لسياساتهم. كان رأس مجموعة 
الشيعة في العراق (أبو سلمة [الخلال]) يأمل بالتأكيد. بعد انتصار الجيوش 
العباسيّة» باختيار أحد زعماء العلويّين خليفةً؛ وقد قَبلَ زعامة العباسيين على 
مضض » وفقط عندما ثبت بأنه لا يوجد علوي جاهز وكفؤ لتولي المهمّة. 
ولي_مفاجتا بأن الأرضنة كانت ميكأة اتعكر عليه فقتولاً .. أا امرك ]لاك 
إثارة للاضطراب فهو موت أبي مسلم نفسه. لم يكن أبو مسلم على وفاق مع 
[أبي جعفر] المنصورء. الذي 00 مباشرة بعد الانتصار 
النهاتي؛ فقد أعلن أبو مسلم عن عدم : ثقته بالخليفة الجديد» ولكنه سقط في 

فخ الوعود بالمصالحة مع الخليفة» لام وحدديين #ووصوده الويخلصين ليدم 
قتله؛ وهكذا اضطر جنوده وسط الصدمة للقبول بالأمر الواقع 


/عء 


حاول الموالون للعلويين منذ استقرار الحكومة أن يجمعوا أنفسهم للقيام 
بجهد جديد. . ومن ثم فقد أشعل اك انول الم شحية العلويين «محمد النفس 
الزكية» ثورةً في الحجازء وادّعى بأنه «المهدي» ‏ وهو لقب يتضمّن مهمّة 
دينيّة» وكان المختار قد استعمله لمرشحه ابن الحنفيّة - ويبدو أنه كان يحظى 
بتعاطف مجموعات أهل التقوى في كل مكانء. ما عدا الخرارج والمرق 
الشيعية المؤيدة للعباسيين؛ فقد ثارت حتى البصرة وأطلقت تووبينا بالدم . 
ولكنْ هذه الثورة فى الحجاز كانت ثورة تقويّة» فقد حاولت أن تحتذى 
اناي نيدت هيد القائل. العريةة حراس دراه العاسيية ايناتن 
وأساليبهم. وهكذا فقد مُنيت بفشل ذريع . 


بناء على ذلك» كان أمام مجموعات أهل التقوى خياران اثنان: الاستمرار 
بمعارضتهم العلنيّة على أساس تاريخي جديد؛ أو القبول بالتسوية التي طرحها 
العياه رن يوفيفها نعلت حر تد رديه + اندض لغ لكا هوي "لاس 4 بوت | 
الآرذية السيوة التى كانت ترمرء مثل الأعلام السودء للسلالة الحاكمة. نتيجة 
لذلك» تعلق أهل التقوى بمبدأ الجماعة» واعترفوا بصوابيّة تجربة المجتمع 
العامة وصلاحيّتها مهما كانت درجة النقص التي يُمكن أن تعتريها. كان هؤلاء 
الرجالء. الذين أكدوا على عدم الإفظ عن عاب المجيع المت يرون 
أنفسهم لفترة طويلة باعتبارهم أتباعَا ومناصرين لالجماعة. أي للمجتمع بوصفه 
حسذا واحداً. ولكن حتى ذلك الوقت» كانت فصائل أهل التقوى محليّة نسبياء 
ركاذا كيردي أو رفصو الجلالة المساكية وتخارن! تدرجة اكبيرة. لم يكن ثمّة 
انفصال كلّي في المجتمع . اكتسب البيت العباسي مكانه وموقعه بين معظم ورئة 
مجموعات أهل التقوى في كلّ مكان» باعتبار أن خلفاءه هم وحدهم الحكام 
الشرعيون مهما كانت أخطاؤهم؛ بينما وجد أولئك الذين لم يقبلوا بالتسوية 
والتفاهم مع العباسيين أنفسَهم في موقع الأقلية . وهكذا أصبح ولاء المسلمين 
محل استقطاب عبر الإمبراطوريّة» إيجابا أو سلباً . 


لاحقا: تم تعيين طرفي الانفصال ووسمهم بالقسمة التقليديّة «سنى 
واشيعي». تبنى كل طرف من الطرفين موقفاً تاريخيّاً لتبرير 0 
اللعاقين. زفضي ا شيف المرجعيّة الدينيّة لخصومهمء بمن فيهم صحابة 
محمد الذين لم يعترفوا بحقٌ على في الخلافة (وهو موقف لا يزال الشيعة 
المتطرّفون متمسّكين به). في المقابل» أصبح من السمات الملازمة 


ا 


تمييز » على الرغم من النزاعات التي حصلت بينهم . 


إن «سبّى» هو اختصار ل«أهل السئّة والجماعة». في البداية» 
نتن فرق واد من الفرق: القن تعدبا العتاسيين# بهذا الاسم وهو الفريق 
الذي كان يُؤكَد على الاستمراريّة مع الماضي المرواني (ولم يكونوا محبّين 
للعباسيين في ا وجمع هذا الفريق 0 هذا الموقف اعقنات ناما 
عهارفنات السئة كما تمّ التعبير عنها في الأحاديث النبوية. ولكن» لما بات 
هذا الفريق في 0 هو العمد لموقف الجماعة» فإن المصطلح لم يعد 
يُشير بالضرورة إلى جميع تعاليم هذا الفريق» وإنما فقط إلى القبول بمبدأ 
الجماعة في مقابل «الشيعة» و«أصحاب الولاء العلوي». 


إنْنا بحاجة إلى مصطلح لوصف أولئك الذين عارضوا مواقف الشيعة 
(والخوارج) لصالح مبدأ استمراريّة الجماعة؛ ولكن مصطلح «سني» ليس 
مناسباً لذلك. ففي أفضل الحالات» فإِنَ «سئي» مُثير للاضطراب 
والتشوّش» لأنه منذ البداية كان يُستعمل بطرائق مختلفة من قبل أولئك الذين 
يريدون استعماله على نحو حصري لوصف نسختهم الخاصّة من 
الأرثوذكسيّة. استعمله البعض لوصف المخلصين لاستعمال الأحاديث 
(السئة). من دون أن يعملوا الآراء الفكرية (الكلام)؛ واستعمل لاعفا بين 
من يقبلون بالاراء الكلامية» لوصف المدرسة الأشعريّة والماتريدية فى مقابل 
المكرلة إبوا تعنم أنقيا فق قبزا. تابرض الشويية الكميدن من لمكي 
بالشريعة والمتصوفين العرفانيين؟؛ واستعمل الصر جراي ل راو 
200 الإنكليزية. (وثمة مشكلة خاصّة في ليه اسني) وهي أن 
الإنسان العادي يخطيع غالياً مع الأسف بالافتراض بأنالشيعة) ٠‏ لأنهم يقفون 
فى مقاب السة »لا يلون يميد الخديت: والستة) :. ولعل المصطلح الأكثر 
دفة لاستعماله هنا هو «الجماعيّ 33 2*1 [أهل الجماعة]ء. لأن القضيّة 
والخلاف هنا هو القبول بوحدة الجماعة التاريخية. في حين أن جميع الفرق 
تقبل «بالسئة العمليّة بظرائق متشابهة: 


م 5-5 هذه اللفظة غاريية ومستهجنة» آثرت استعمال «أهل الجماعة» فيك ينا وآثرت 
استعمال «أهل السنة والجماعة"» بدلا من جماعي ‏ سني (المترجم). 


رف 


354 


أحداث الفتنة الثالثة» 55/ا - 


ا 0 الالال ممما ااا 199699 ليمي تا 


لس حش ا ل | الس سس ل ايا فإ سس س2 _ لالس اشام 


وية 
بخوا في كوف فخ ترا فل عر 


4 حلت يزيد الثالث أخوه إبراهيم . 
0 السوريون يتمرّدون على المروانيين. 


لحو 0145 الخرارع الإباضية يترود 5 قمع التمرد السوري. 41 فع الخوار الاي ر في الجرة. [ 


في عمان بقيادة طالب الحى. 
ويزحفون غرباً وشمالاً . 


8 الخوارج الإباضية يستولون على | 44/ مقتل إبراهيم: الإمام العباسي؛ على | 
المدينة؛ ويهزمون على يد المروانبين. | يد مروان الثاني . [ 
السوار الصدرنة والإخاصسية يفثل تزوان في حم نوات جليلة» 
بهُزمون مؤفتاً في المغرب؛ لكنّ | ويُقتل في مصر. ْ٠‏ 
الإباضيين يجددون الثورة في عمان. 


اصصصصيصييتتتتيتتتتتتتبيصصتصتتتب : : :ااا اااا ج7111 كم 


خراسان (وحوض نهر جيحون) 


م ب و 1ك 


00 (وغربي __ 


ا 5-0 


40" الخوارج الشيبانيون» بقيادة | -555 عن المرسقة 
الضحاك؛ ا تكرداهرة أخرى» 
أجزاء كبيرة من الجزيرة. 


الك العا 
5 قمع الحارث بن سريج من قبل 
الوالي نصر بن سيار. 


5 الخوارج الشيبانيون يُهزمون في | 741 أبو مسلم يُعلن الثورة؛ (8/140) 
العراق. ويستولي على مرو. 

41 هزيمة عبد الله بن معاوية على يد 8 مقتل عبد الله بن معاوية على يد أبي 
. المروانبين في غرب إيران. مسلم . 

14 تحتل القوات العباسية الكوفة فى 

معركة الزاب الصغير؛ تولى السفاح 

الخلافة؛ إعدام أبي سلمة قائد الشيعة في 

| الكوفة. 


[ 65ل معركة الزاب الكبرى: القوات 781-76١‏ يثور الشيعة في بخارى ويتم 
| العباسية تهزم مروان الثاني . قمعهم من قبل العباسيين. 


غير أن «سني» قد أصبح راسخاً في الدلالة على القبول 
بالجماعة» بين المسلمين وغير المسلمين» إلى درجة أنه لم يعد من الممكن 
استبداله الآن. في هذا العمل» لن أستعمل المصطلح بالطرائق المختلفة. 
وانها سبامتحئلة بأسط تعانه الممكدة» أى كمقائل الشيعة» .وللتاكيك على 
هذا الاستعمال6 ساستعمن المصطلح المركب «سني ‏ جماعي') [أهل السئة 
والجماعة] (على الرغم من أثني لست سعيدا به)» إلا حين يكون السياق 
عبد تهاما عر إنارة ان تشريكن: أو اضط رانب للق القار 7 


بهذا المعنى» لم يَتَبَنَّ جميع علماء أهل السنّة والجماعة مذهباً مشتركاً؛ 
فقد اختلفوا حتى في درجة الاحترام التي تعاملوا بها مع الحكم العباسي؛ 
ولكنهم اتفقوا بدرجة كافية تحت القيادة العباسيّة على قبول التسوية المؤقتة. 
وإلى اليوم» لا تزال الغالبيّة العظمى من المسلمين تقبل بموقف أهل السئة 
والجماعة.. أما المناصرون للعلوييق الذيخ رفضوا أن يصبحوا شيعة بالمعنى 
العلائفى الحديث للكلمة :فقن توزعوا تدريجتا على مستموعة قن الطواكفت 
والقوق الجتعاراضة»: التى انقي امم دين زهتنا الحافين تفع تذللك» :قبل الحديد 
من الأشخاص الموالين للعلويين بموقف أهل الجماعة). أما فرق الخوارج - 
التي تميل إلى الانقسام والتشظي إلى فرق أصغر تتبادل العداء ‏ فقد استمرّت 
في المعارضة بالطبع» ولكنها أصبحت أقل فعاليّة مع تحوّل معظم السكان 
ل 


(0) يمكننا أن نلخص ثلاث طرائق يستعمل بها مصطلح «سني»؛ وهي على النحو التالى : 
الإشارة إلى الجماعة في مقابل الشيعة؛ الإشارة إلى أهل الحديث في مقابل المتكلّمين (بمن فيهم 
المعتزلة والأشاعرة)؛ الإشارة إلى أهل الشريعة في مقابل أهل التصوّف . ومن ثم فإنْ المصطلح قد امتدّ 
ليشمل أصحاب الولاء العلوي وأهل الكلام والتصوّف ممن يقبلون بالمواقف الرئيسة لخصومهم 
المعثبرين. حين يتخلى المرء عن الصور النمطيّة القديمة التي تجسّدها هذه الاستعمالات» فإِن 
المصطلح لن يعدو كونه تشويشا لهذه المسائل . 

() لقد تفضل عليّ كل من ليونارد بيندر وإل. كارل براون بمساعدتي في توضيح المسوّدات 
الأولية لهذة الفضول:. ْ 


0/6 


ب 
ازدهار الحكم المطلق 


دو/ ر 1#م8["١-_مىةذاه]‏ 


من وجهة نظر أهل التقوى» كان نظام الحكم العباسي لمنزه فين فصل 
الأحوال» تسوية تضعهم على نصف الطريق نحو مُثْلهِم التقويّة للمجتمع 
السيلة؛ غير أن بعض جوانب الحكم العباسي» بخاصّة اعتباطيّته وتعسَّفيّته 
كانت تمثل فساداً حادًاً وأعضانا تمثل انتهاكاً فجَا عونا للنظام الاجتماعي 
الإسلامي الصحيح. استمرٌ العلماء من أهل التقوى في تطوير برنامج الثقافة 
الإسلاميّة على شكل قانون الشريعة ومذاهب أهل الشريعة التي تعود في 
أصولها إلى محمّد وإلى التقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة التوحيديّة بالعموم» وقد 
كان برنامج الثقافة الإسلاميّة هذا يُتيح للخليفة العباسي دوراً ثانويّاً في أفضل 
ارقي نس و قار ري لال لوا رد ع 
السكان العاديين» المسلمين وغير المسلمين, فإِنْ النظام العباسي كان يُمثل 
اقتراباً معقولاً من النموذج الاجتماعي المثالي. أما مجموعة القيم والمعايير 
الأخرى البديلة التي تطوّرت في دوائر البلاط فإنها تعود هي الأخرى إلى 
المجتمع الإسلامي المبكرء كما تطوّر في ظلّ الخلفاء الفاتحين» وفي الوقت 
فيه إلى العقا لين الثقافنة الأوزاننةتع السافتة »كيدا ضرة تفاليس: الاميراطورنة 
الساسانيّة. ومثلما طوّر العلماء نمطاً ثقافياً شاملاً» فكذلك طوّر المجتمع 
المحيط بلاط الخلافة نمطا ثقافيًاً قافا وفي هذا النمط. لم يكن للثقافة 
شئة لأهل التقوى إلا أهميّة هامشيّة فى أفضل الأحوال. كان هذا النمط 
وعحوام النحط المرفيظ بالشريعة د رسف إلا أكدر كما كان كسب : 
فقد كان قائماً بالدرجة الكبرى على التقاليد الزراعيّة» كتلك التى بقيت حيّة 


/الاع 


فكك الارهةة الساسانيّة بين طبقة السادة والنبلاء من ملاك الأراضي 5 
المرتفعات الإيرانسة. بما ف ذلك خراسان. 


الحكم المطلق لدولة الخلافة 

بالنظر إليه من هذا التقليدء كان الخليفة شخصيّة عظيمة» فهو وارث 
الملوك العظام للإمبراطورية الإيرانيّة» التي بنيت بغداد بالقرب منها. وكان 

ينبغي أن يحظى بهالة دينيّة خاصّة» غريبة عن روح الشريعة كما يتصوّرها أهل 
ارق وقريبة من تصوّرات الساسانيين القدامى. «عندما نم التعادل مير 
الخليفة بوصفه «ظل الله على الأرض» - وهو ما كان فعلا - لم يكن للعلماء 
إلا أن يصابوا بصدمة كبيرة . كان الملك ا ل د يوت 
الأرستقراطي المنظم إلهيّا بحسب تقاليد المزديين» ومن ثم فإِنه كان أداة 
خاصّة لتحقيق الإرادة الإلهيّة؟ وكان بالتالي مر قيطا على نحو خاص بالعظمة 
الإلهيّة المقدسةء التي تُحيطه بهالة غامضة مضة تمثل سلطان الله وقدرته المطلقة. 
لا شك بأن شريعة الإسلامء بتأكيدها على تساوي جميع البشو أمام الله» لا 
تستطيع القبول بمثل هذا التصوّر. على الرغم من أن دوائر البلاط كانت تريد 
أن تعزو مثل هذا الموقع للخليفة» إلا أنها حافظت على لغة بعيدة عن عزو 
أي من صفات الألوهيّة الحقة للخليفة. 

في أيامنا هذه» ويعد أن أصبحنا نرى بأن الديمقراطية التمثيلية هي 


المبدأ الوحيد المناسب للحكم الوطني» أصبح من السهل إساءة فهم المثال 
والنموذج الملكي. ومن السهل جِدَاً أن نتحدّث بازدراء عن «الاستبداد 
الشرقي». وأن ندهش أخيانا حين نرى بعض أحكم الرجال» في الحاضرتين 
الإبداامة والسيضيةء وف صمي العضون وبرلا إلى 'القروق الأخيرة 
ينظرون إلى الملكيّات على أنّها الشكل الأمثل للحكم بلا منازع . 


فى الحقيقة. ؛ قبل استقرار طروف العصر التقني الحديث. كانت 
الملكيات القوية هي الشكل الأكثر إقناعاً من بين أشكال الحكم التي تتجاوز 
النستورئ المحلي في أيّ مجتمع زراعي. . في الدول الصغيرة جداً ‏ التي 
تقتصر على مدينة واحدة وما يحيط بها من نواح» والغى يفكقن أن يلتقي 
معظم البشر فيها وجهاً لوجه في. العديد من أجزآء العالم» ؛ كان ثمة أشكال 
مختلفة صالحة من الحكم المحلي/ البلديّاتي : حكم رجل واحد أو لجنة أو 


7 


حكم مجلس أوليغارشي أو شعبي. ولكوو حم كيين الدرلة ححا أكر 
من ذلك» وباستثناء الحالات القليلة التي يمكن فيها استمرار شكل من 
الاتحاد الحرّ بين البلديّات المحلّية» كان يبدو بأنْ الحكم الملكيّ هو الخيار 
المناسب الوحيد لتفادي حكم الأو تتتارشية" المسلخة الجشعة: “وكا فقن 
أصبحت الملكيّة في كل مكان هي المثال الأعلى للحكم؛ ولذلك؛ فحتى 
عندما كانت السلطة الملكية المركزية : تشيعقه إلى معد تحيد «قنه فين أذاء 
وظائفهاء فإن الأوليغارشية التي لور الحكم لتحقيق مصالحها الضيقة كانت 
تبقي على أشكال الملكيّة وتحافظ عليها كنوع من الديكور الضروري”"' . 


إيقوم مبدأ الملكيّة على منح شخص واحد في المجتمع سلطة فائقة؛ 
مُنرّهةَ عن المصالح. ؛ لا يُمكن تحدّيها؛ أي جعله يحظى بامتيازات عالية إلى 
درجة لا تجعل أحداً يفكر في منافسته؛ ومن ثم فإِنْ مصالح الملك لن تعود 
موجّهة ضدٌّ الأفراد الآخرين» فَإِنَهنا ستصبح مصالحه هي مصالح المجتمع 
ككلء. الذي سيكون في ازدهاره العام نفع عائد على الملك. مهما كان 
مصير الأفراد بأعيانهم. ولا بدّ أن تكون سلطته مطلقة ليصبح الغني والميسور 


)١(‏ إِنَ المحاولة الحديثة الأبرز لإحياء مفهوم «الاستبداد الشرقي» هي عمل كارل ويتفوجل» وهو 
عمل ذكي ولامع ناقد للسوفياتية. ولكر الطاك التمتطيطى القد لرلتعي يواه حر ميد ايج 
المؤسسات السياسية في المنطقة القاحلة (أو في أي مكان آخر). انظر : 

:“01 ,ضع ة1] بجع 1!) «ءضروط [1014 0 نكا ©2117 2ع007712) 4 :122520115771 /ه071211 راعع 171/1110 .ىذ 1رد 6[ 
7 ورؤوع21 10/217151 216ل 
فدراسة روبرت آدمز التي سبقت الإشارة إليها أطراف بغداد: تاريخ الاستيطان في سهول ديالى 
تظهر كم كان الحكم القائم على تنظيم المياه من خلال أعمال الري (الذي يتطلب بالضرورة إدارة 
بيروقراطية كبيرة) 5500-5 ماما نادراً روتكد ةا ٠‏ فمي قلب المنطقة القاحلة. كانت هذه الأنماط 
شديدة الفعالية» وبالأخصٌ تحت حكم أنوشروان والملوك اللاحقين له. انظر: 
1280 )) كوانتهاظآ ملهبر21 >2[ :01 5111772111 /0 «15107لظ 4 :024:/ع82 :8/11 107:0 ,5د حلش .151 أزعط10] 
.(1965 رؤ5وء21 80 2عقطن) 01 0117135117 لآ :102002 :11 
بل إن ويتفوجل يلاحظ يأنه حتّى لو كان هناك إمكانية لتمييز شيء اسمه «الاستبداد الشرقي». فإننا 
سنجده في أمكنة أخرى سوى المشرق: التقليدئ أيضاء كما أننا حجن اله انين عيها بالضرورة على 
جميع الأراضي الشرقيّة؛ أي إنه يرى بأن النقاش هنا لا يدور حول سمة ثقافيّة أو قطاع مخصوص في 
العالم. وإنْما حول ظاهرة يُمكن أن تظهر في أي مكان إذا وجدت الظروف المناسبة لذلك. ولكنٌ 
التفخص الدقيق سيكشف لنا نقطة إضافية . فالقيير بين الحم المطلق في أوروبا الغربية والحكم 
المطلق في الأجزاء الأخرى من العالم قد يكون ذا أهميّة أدبيّة ما؛ ولكئّنا لن نجد فروقاً كبيرة ة في 
الدرجة» من ناحية الوظيقة السياسية. بين الحكم المطلق في الصين مثلاً ونظيره في أي مكان آخر. إن 
تقسيم نزعات الحكم الإطلافي إلى نوعين» الاستبداد الشرقي في مقابل الملكية الغربيّة (على الأقل في 
الأزمنة ما قبل الحديثة) ليس سوى ثنائيّة خاطئة . 


2/4 


على ذات السويّة مع الفقير عنده. ويجب أن يكون قادراً على تسوية 
الخلافات الخطرة» من دون أن يكون هناك راد لحكمه؛ كما يجب ألا يكون 
هناك سبب يمنعه عن الاستماع لشكاوى الفقراء وممثليهم . كان الصينيون 
والعرب». والهنود والغربيّون» يُحبّون أن يسمعوا في ضوت الطبل أو الجرس 
خارج قصر الملك القديم صوتّ عدالة الملك التي تأتي مسرعة. ولكنّ 
الحقيقة كانت أقل رومانسيّة من ذلك بالطبع. وإن لم تكن بعيدة كل البعد 
عنها . فالملك كان بمثابة المُحكم النهائي ن فقط؛ ولكنّ البلاط الملكيّ سيكون 
أككن فعالة كلما تركت الأتشطة الإداريّة في أيدي مرؤوسيه المواشرينء 
الذين يعتمدون عليه في سلطتهم. كانت البيروقراطيّة تكمّل الملك. نظريً 
يمكن النظر إلى هذه القوّة بأنها الضامن الأعلى للمساواةٌ والعدالة بين الرعايا 
العاديين؛ وأنها المصدر الوحيد لضبط التوازن في مواجهة النزوعات الطبيعيّة 
نحو التمايز والتفاوت في المجتمع . 


قبل الأزمنة الساسانية بكثير» ومنذ زمن سلالة الأخمينيين وحكم 
دارسؤفن وخشا يارش [احشويزدن ]::طورت الشعوىف الآبرانتة والستاف: 
تقاليدهما في الحكم الملكيّ المطلق» الذي أصبح الدعامة الرئيسة للنظام 
الاجتماعي في الإمبراطوريّة الساسانية. حافظ المجتمع: الساساني على نفسه 
لما يزيد على أربعة قرون في حالة من الازدهار النسبي ومن الكرامة الإنسانيّة 
تحت حكم سلالة واحدة من الملوك. وهكذا فإنَ من يعترّون بالنموذج 
الملكيّ ظلوا ينظرون إلى ذلك المجتمع كتجسيد للنظام الاجتماعي 
وللاستقرار. 11 وللعدالة للأفراد. وقد أخذت مبادئ هذا النظام كوسليات 
انك أزلآ عت أن'تكون املك عالتة؟ نح علن الأفن أن تضم 
جميع الأراضي المتحضرة ة في الجزء الخاص بها من العالم» الذي يُمكن أن 
عشكل قاقر مكافسة) ذلك أنه من دون هذه الكلية والعالميّة لا يمكن 
للسلام أن يحفظ بين المدن والشعوب المككلنة: ثانياء يجب أن يكون 
الملك مصوناً ومُحصّناً من الانتقاد والإساءة (تجريم إهانة الذات الملكيّة 
ىز 1656-0 ) , وأن يكون ريا بقوانين . أسلافهء. لا براي أيّ فرد أو 
نجدرغة عزن اناعوي ‏ أخير .عب أن يكون العلك:مبحاطا فريق كد قدهة 
الأرستقراطيين - الذين يرأسون البيروقراطيّة ‏ والذين (على الرغم من أنهم 
أيضاً خاضعون لإرادة سيّدهم الاعتباطيّة) يحظون بموقع رفيع في المجتمع 


رك 


بالعموم يهلم ليكونوا قادرين على الحكم بروح النبالة السايدة مما د كان 
يُنظر إلى أنوشروان بوصفه الملك الساساني االمردجي» الذي كان يجسّد في 
شخصه العدالة والإحسان للضعفاء؛ فهذا ما يميّز المكانة الرفيعة والعالية 
للملك:. كما أن أتوشروان كان دوه بأحكم الوزواءه- الراسن الأرستقراطي 
للبيروقراطيّة» بزرجمهرء الذي أصبح نموذج الحكمة الذي يقتدي به الوزراء 

ولكنء. إن كان لا بد من الحفاظ على هذه المكانة الملكيّة للشخص. 
وعلى مكانة رجالهِ وعمّالهء. فلا بذ من تعزيز ذلك عبر نمط من السلوك الذي 
يجعل الملك متمايزاً عن رعاياه ويفصل بينهم بهوّة نفسيّة واسعة» تعافا: كما 
ينفصل البلاط الملكيّ عن الحياة اليوميّة للرعايا العاديين. فالجميع يعرفون 
أن الجلك تمدن إلا ا مثلهمء وأنه بقامةٍ من ستّة أقدام من اللحم. 
وبعواطف مثل عواطف أيّ شخص آخرء لذ حكن ا كوت مسو أو ذا 
كرو كي انا و كذاللك شال نا لعية إلى غيكا لد ويا قيب له اللقن كان 
الملك الساساني محجوباً عن أن يأتي إليه من يشاء من الناس». ومّحاطاً بأبّهة 
المُلك دوماً. والآنء تم عمل الشيء نفسه مع الخليفة» الذي تحوّل من 
مجرّد قائد بسيط لمجموعة من المؤمنين المتساوين معه إلى شخصية مبجلة» 
تسكن في عالم من الترف والرفاهيّة المذهلين» تحيط به مجموعة كبيرة من 
اداب سلوك غغ)ءدون)ء حياة البلاط بتفاصيلها الدقيقة» وباتت كلمة الخليفة 
الآن مُطاعةً مثل القانون الإلهن. هكذا فقد صُمّمت آداب السلوك فى بلاط 
حداء نان اشير عا شر لقي دياب ىب وكا لديا 
الاحبا حك سنا وس ْ 


لم يكن الحديث مع الخليفة العباسي أمراً متيسّراً إلا لعلية القوم» وكان 
الوصول إلى الخليفة يتطلّب المرور عبر سلسلة من المسؤولين وفقاً لمجموعة 
من الطقوس الرسميّة» التي تتضمّن تقبيل الأرض أمام الخليفة. وقد كانت 
أعراف الخضوع الصريح أمام الخليفة أمراً مثيرأ 0 «العلماء» والصالحين 
وما : فهذا الشكل المشابه للعبادة ليس مستحمقًا إلا لله. ولمًّا كان الخليفة 
رجلا كالرجالء فلا بدّ أن يكون التعامل معه وفقّ نّ الطريقة البسيطة التي تنص 
عليها الشريعة في التعامل مع أيّ شخص آخر. فكما كانت الأحاديث تؤكّد, 
فإنْ النبيَّ نفسه كان 0 الأساسء فكيف بالخليفة؟ 


خ١‎ 


الجيراة كعلامة على قوّة الخليفة وقدرته. كان يقفف بجانبه دوم 
الشياقةة امعد لقتل أرفع الشخصيات بمجرد إشارة من الخليفة. من 
وجهة نظر الشريعة» بتأكيدها على الكرامة الفرديّة وعلى حرمة النفس إلا من 
خلال محاكمة نزيهة تحتكم لقوانين الله» فإِنَ الإعدامات الفوريّة التي كان 
يقوم بها الخليفة كانت من كبائر الأعمال الشنيعة. أما من وجهة نظر 
مناصري الحكم المطلق للملك» فقد كان ذلك وسيلة ضروريّة لحلّ عقدة 
غوردياس”* الخاصّة بأصحاب الامتيازات. فمثل عمليّة «المصادرة» (تغريم 
المسؤولي: المقاليق وتعذيبهم لإجبارهم على الدفع). فإن إساءة استعمال 
الخليفة حقّه في الإعدامات المباشرة كان مخصوصاً فقط بمن يرتادون البلاط 
بإرادتهم» الذين استمتعوا بالرفاهية التي يوفرهاء والذين كان عليهم في 
الوقت نفسه أن يحتملوا بحام ولك كانت العقوبة النهائية فى هذه 
الإعدامات تُقدّم بوصفها ضمانة للسلام بين بقيّة السكان. 


لا شك بأنَ هذا المزاج لم يكن متوافقاً مع القيم الشخصيّة لرجال 
القبائل العرب الأحرارء كما أنّه لم يكن متوافقاً مع آمال أهل التقوى. 
ساهمت التمظهرات المبكرة لهذا المزاج في إضعاف دعم الطبقات العليا من 
العرب للسلالة المروانيّة» حتّى في ظل كراهية المسلمين الجدد وأبنائهم 
للسلالة بسبب عروبيّتها. ولكن» حتى في أثناء الفتنة الثالثة» أحكم مروان 
الثاني» في الأجزاء التي يتحكم فيها من الإمبراطوريّة» التنظيم البيروقراطي 
وحكم الخليفة المطلق. عندما انتصرت الدعوة العياسية» كانت الطبقات 
العربيّة العليا قد أصبحت ضعيفة بالفعل. وعلى الرغم من قيم الأتقياء» كان 
الطريق مفتوحاً لإعادة تأسيس الدولة بشكل صريح على أسس القيم المدنيّة 
الإطلاقيّة طويلة الأمدء السائدة فى المنطقة. هكذاء أكمل العباسيّون الأوائل 
العمل الذى نذأف عية الدلك وهقام: في زمن المنصورء كان كل المجتمع 
يعرف حاكمه المباشر؛ شكلت العائلاات العربية عنصراً من عناصر الطبقة 


(*) عقدة غوردياس أسطورة يونانيّة قديمة تحكي عن فلاح بسيط أصبح ملكا لفريجيا ينبوءة عراقة 
تلميسوس (عاصمة فريجيا)» وقد قدّم إلى زيوس عربته قرباناً بعد أن قام بشدّ عقدتها لتغدوٌ بلا أطراف . 
وقد بقيت هذه العقدة في أحد قصور فريجيا إلى أن قطعها الإسكندر بسيفه فتحقّقت في حقه نبوءة 
العرافة بن من يحل هذه العقدة سيفتح آسيا .. والاستعارة تعني في هذا السياق العقدة أو المعضلة التي 
لا سبيل إلى حلّها إلا بطريقة جريئة وحاسمة (المترجم). 


بذك 


الطبقات ذات الامتيازات ومن كل كو ار 


دعائم سلطة المنصور 

كان أوّل الخلفاء العباسيين» [أبو العباس] السفاح ‏ الذي صادف أن 
يكون على رأس العائلة العباسية عندما استولت الحركة العباسيّة على السلطة 
فى ٠5لا‏ هو من أرسى النمط العباسى فيما يتعلق بالقتل من دون تمييز 
لأعفباء العائلة الأموثة الذين وفك وده إليهم» بل إنه نكل بهم غدراء 
وبوحشيّة فائفة كما تقول الروايات. حتى إنه طالب بالتمثيل بجثثهم. من بين 
القصص التي تروى عنه أنه م أظهر تراجعه عن هذا البحث الدمويّ عن 
أنتاء الافويية ودعا كل فذق تبون منهم إلى مأدبة» كعلامة على على الصلح 
والمسامحة» وعندما جلسوا إلى المائدة.» خرّت رؤوسهم. وفردت سجادة 
فوق أجساد الموتى والمحتضرين» : ثم استمرت المأدبة في الغرفة نفسها على 
وقع تأوّهاتهم. قد تبدو القصّة مرعبة ة إلى درجة التشكيك في صدقهاء ولكنها 
توضّح كيف كان الناس ينظرون إلى السلالة العباسيّة . 

كان الأمويّون السوريّون» حتى نهاية عهدهم. حريصين على صلاتهم 
الشخصيّة والقبليّة بالعائلات العربيّة الكبيرة الأخرى؛ كان ثمة ثارات 
وحالات من القتل والإعدام بالطبع» كما حصل مع المتمرّد الكوفىٌ حجر 
يستخفت بدمه. أما السفاح» فعلى العكس من ذلك, كان يسبح في عنفه. لم 
تكن قوّته تعتمد على الجنود السوريين أو العراقيين في الأمصارء بعواطفهم 
القبليّة وقيمهم عن الكرامة الشخصيّة» وإنما على المزيج الخراساني من 
السادة العرب والفرس وقوّاتهم من الفلاحين, الذين كانوا فيما يفترض 
يريدون منه أن يقوم بدور الحاكم المطلق» كما كانت عليه الحال في أزمنة 
الملوك الإيرانيين القدامى. ولا شك بأنْ استعماله المفرط للقرّة كان إعلاناً 
لا يُمكن إساءة فهمه بأنْ عهده سيستجيب لهذه المطالب. 


' توفي السفاح (01) بعد سنوات قليلة من اعتلائه العرش. وخلفه 
أخوه المنصور (:6/ - هث/ا/ا) على رئكاسة العائلة العباسية» وبالتالى على 
الخلافة. تابع المنصور ترسيخ البنية الإمبراطوريّة المطلقة لحكم العباسيين. 


اذك 


موا عن 0 27007 الشيعية» ان ىن تسن 
بالتالي في موقع من الاستقلال الي 2 والبعد 0 0 قيمها. 
«العلماء» على ايان د بين المعارضة اليائشة أو 0 إلى تسوية ا 
فإنه كان في الوقت نفسه يؤكّد على حريّة الحكم الملكيّ من أيّةَ قيود أو 
حدود تفرضها أيه جماعة ثانوية؛ أئ من أي قطاع من العناصر العليا ذات 
الامتيازات من السكان. 


على الرغم من ذلكء». لم يكن المنصور قادراً على استعادة السلطة 
المطلقة بالشكل الذي كانت عليه لدى الساسانيين. فالإداريّ الموهوب». 
ابن المقفع (وقد كان تحوّل إلى الإسلام من المزدية). قم لمفتصور 
قونا يها يمكن من خلاله استعادة درجة أكبر من الحكم المطلق ذى 
الأشامن الزراعي . حثه ا المقمفع على تكملة الأساس 0 
الدافر اتلس من خلال سجيع اللقات الزرماتوعفيه مانا عر 
مصالحة العائلاات التي كانت لا تزال متوجهة نحو النظام المرواني وقيمه» 
وعبر ربط المتخصّصين الدينيين بالدولة ‏ وبالتالي أن يصبح العلماء من 
أهل التقوى جزءاً من نظام رسميّ مشابه لنظام 'الكهنة المزديين القدامى. 
م تتويج هذه البنية الكهنوتيّة بالتأكيد على السلطة النهائية للخليفة في 
اقل لقف بولك عقا هذا العسار كا ةجهب التطبيق سيت طرزف 
انتصار العباسيين : اعتمادهم على كراهية الخراسانيين للسوريين» وخيانتهم 
للقضيّة العلويّة» الرائجة بين معظم مجموعات أهل التقوى. ولكنّ هذه 
الظروف قد تأنّت بدورها بتأثير من تحيزات القبائل الكرده وعاتير من 
استقلالية العلماء. لقد كان التطلّع إلى العلويين نابعاً من كونهم ال 
للكرامة الفرديّة وخصوماً للسلطة المركزيّة» ولذا فحتّى لو تقلّد علوي زمام 
السلطة. ا ل وك ا ترصو الى السحم لطر 
المستمر. والفعّال. كان لقوّة تحيّزات العرب والنزعة الفردية التقوية دور مهم 
تقومان به» وهو دور :مؤذاه فى النهاية إضعاف التضامن بين الطبقات 
الزراعية. فض النهاية أعدم ف المقفع بعد شكوك حول هرطقته. ولكنْ 
المنصور فعل كل ما بوسعه. 


1 


الخلفاء العاسيون الأوائل 
العباس بن "عبد 
المطلب”. عم النبي 







محمد 
(توفي 7 /1) 

إبراهيم أبو العباس أبو جعفر 

(الإمام) السفاح المنصور 
(توفي 17/19) (١ه/ا-‏ 017/04 (164- ه/ا/ا) 

محمد 
المهدي 

هالا خم7) 

1 مدي الس ييه 
هاروت محمد 
الرشيد اهادي 

(كم»- 9١م 840١‏ 5ه 
أو حاف عبد الله محمد 
المعتصم المأمون الأمين 
4147-4170 7م للم) (9٠م-18م)‏ 
الخلفاء العباسيون 
اللاحقون 


كان المنصور مهتمّاً بالسيطرة على إمبراطوريّته الجديدة من خلال 
بيروقراطيّة قادرة على مراقبة جميع الولايات في نفس الوقت» وقد وجد بغيته 
في كاتب (سكرتير) موهوب وعديم الضمير» لينظم له الهيكل الماليّ. كان 
عمله خنطا بدرجة جعلة هن منصية: أمرا ل غتى عنه... وشكذا ققد قطوّر 
هذا المنصب إلى أن وصل فى النهاية إلى منصب «الوزير». (كان المنصور 
مشقيرا بأتابدة الشؤون المال عن كدب:ة وكثيراً ما كان يدم بالبخل» ولكن 
حين حانت وفاته كانت الخزيئنة ممتلئة). كما أنه كان حريصا على بناء شبكة 
من الجواسيس لإحباط أيّ مؤامرة مستقبليّة كتلك التى أوصلته وعائلته إلى 
السلطةة وايفا: اامتكهان :هذى المكللرياك وا لامعنادة مياق قن المسوو لين 
المختلفين في الأجهزة المختلفة . 


كانت جميع هذه الأجهزة الحكوميّة تعتمد ماليّاً على الموارد المحسوبة 
بدقةء بخاصّة الزراعة. ومثلما كانت عليه الحال مع المروانيين» أدّت الموارد 


1/6 


الزراعيّة في الهلال الخصيب دوراً رئيساً وإن لم يكن بذات النسبة من الموارد 
الكليّة. في أثناء الحكم المسيحي [الروماني] تم تطوير الأراضي الداخليّة في 
العدن السوزتةه رقن المدراد الحات الميعد شرق :نهر الخاصى وتهنو :| لا ردن 
كل تحير جرع رمن بخطوط الجا واوا لحن ) شرق ابر الأبيقن 
المتوسّظ؛ وقد تمٌّ الحفاظ على نموّ هذه المناطق تحت حكم المروانيين» 
أحياناً بطريقة مباشرة عبر حيازة السلالة الحاكمة للأراضي. تحت حكم 
المروانيين أيضاًء تم تطوير منطقة الجزيرة بشكل أكبرء وهي منطقة لم تكن 
مستثمرة بحكم وقوعها بالقرب من الجبهات القتاليّة؛ وكذلك تم تطوير سواد 
العراق» الذي كان في السابق أساس قوّة أنوشروان؛ فبعد مدّة من إهماله من 
قبل خلفاء المدينة» حيث بقيت العديد من قنوات الريّ مهملة بعد تعظلها في 
اللدوات الأخيرنه دن حك العابا نين تدع العرواقوة يجيوده كلك 
الجهود التي بذلها الحجاج ‏ من استعادة السواد والوصول به إلى أقصى طاقاته 
الإنتاجيّة. ولكنّ السواد» تحت حكم العباسيين» بات يقوم بذات الدور 
المركرفئ الذى كام وات هد الساسانيين في تمويل الدولة. أمنا الأراضي 
الداخليّة في سوريا ذات كُلّف الريّ الباهظة (والتي كان إنتاجها يتضاءل» في 
حيق أامنا علق سعدوذة كالعوورة كانت ترقل اجا وراها أكبر) فقد:: 06 
عنها مع انهيار البيت الأموي. ولكنّ السواد لم يعد يستعمل كقاعدة سيا نه 

بنفس الحصرية والتركيز اللذين كان عليهما ذ فى زمن أنوشروان؛ إذ يبدو بأن 
نب الباشرة بالصية إن الشكورة كالف اقل ءرد اويا لتر جع لي الرائع مداد.+ 
بعد وصول العباسيين إلى السلطة» مع تزايد أعداد الأفراد الذين يتحاصصون 
الإيرادات ويقتطعون منها. (ولكنّ هذا النقص في استغلال الدولة المكثف 
ربما يعود إلى أنها حافظت ‏ على الرغم من الموارد الأخرى في الجزيرة ‏ 
على استغلالٍ اقتصادي يقترب من أعلى المستويات الساسانيّة» ولمدّة أطول: 
إلى منتصف القرن التاسع» حين بدأت استثمارات السواد بالانخفاض بشكل 
ا 


(') انظر: 


20 ,0312225 م 


وحول الأرياف السوريّة» انظر عمل جان سوفاجيه: 
.(1929 رعناوتامطاقء عتعسصم م1 تطادامكلزءع8) مءا لم 'ك ء1آذ١‏ ها عل امم 1112617116 رأع8 531012 1630 - 


كلمع 


فى الوقت نفسهء كان للتجارةء بل وللإنتاج الحرفيّ» دور مؤثر في 
اقتصاد الدولة. فالتجار يدفعون الزكاة (مرّة واحدة في السئة) على بضائعهم 
حين مفلونيا ”عبر انقاظ تعن النولة» وعلى السنعؤئ 'ذانه من الاهمية” 
فإنهم أيضاً يُحافظون على شبكة من قنوات المستهلكين والتسهيلات 
الاتتمانيّة والماليّة» التي تسهّل على الإمبراطوريّة التحكم بالضرائب الماليّة 
باتساع يمتدّ من المغرب واليمن إلى حوض نهر جيحون. ويبدو أن 
اعتبارات سهولة حركة التجارة» إضافة إلى السابقة الإمبراطوريّة 
[للساسانيين]» قد حدذدت اوم الجديد للعاصمة التي 0 المنصور فى 
بنائهاء بغداد» في موقع أمن بعيذاً عن شيعة الكوفة وقونياً ا 0 
القديمة للساسانيين طيسفون. 


نلق المسلمون :مدنا قبل عدا فقد تخولت الأمضان الى بيناها العرت 
200 ذانة ارات 0 دن كبر كا عد عون دار على أساس 
خطة مخجلفة ا و فقط ل أساس المدينة اسرد التى بناها 


فغام:[الرضافة البمورنة] ال ركه موقم يخداة كما فى بعالة البضرة 
والكوفة) منانعيا للصحراء. لتكون سهلة الوصول كرا عملي على 


ثمة نزوع غير سار نحو عقد مقارنات عالميّة بين الظروف الاقتصاديّة في ظل حكم الرومان 
والعرب اعتماداً على مجموعة متفرّقة ومشتّتة من المعلومات. بداية» من الخراب النسبي في بداية 
القرن التاسع عشرء في الأراضي العربيّة التي حكمها الأتراك» الذي يُظهرء فيما يُفترضء النتائج 
الكارثية للإسلام. اعتاد الملاحظون الغربيّون المحدثون القول بأنه في الحقبة القديمة (وهي مذّة تمتدٌ 
لآلاف السنوات من دون أن يقوموا بأيّ تمييز داخلها) كانت هذه المناطق الصحراويّة مزدهرة بشكل 
كبير»ء وهو ما يؤكّده خراب قنوات الماء والمدن لاحقاً. فى هذا السياق» يظهر السؤال العلمى 
التالي: متى بالضبط بدأ حضور المسلمين بالتسبّب بهذا الخرات المشترضي؟ رزنه وضلا الآ تلن 
اكتشاف كبير حين ظهر بأنْ حالة الأرض التي فحصت. على الأقل في سورياء ليست هي حالتها بعد 
الفتوحات العربيّة فوراً . ولكننا لا نزال بحاجة إلى دراسات تفصيليّة وافية لأزمنة وأمكنة محدّدة. 
وحين تصبح هذه الدراسات بين أيديناء سيصبح من الأسهل أن نتذكّر بأنَ خراب منطقة ما لا يُشير 

إلى انحدار شامل بالضرورة في كل المنطقة الممتدة بين النيل وجيحون؛ الاح لا 
والتاريخية العامة وحسب» بل وسترييق الناحة الاتصادة لضا فقد يكون تراجع الاستثمار 
في منطقة ما مساويا لزيادة الاستثمار في منطقة أخرى. إن التراجع الاقتصادي الذي لا يمكن 
إنكارهء والذي عانت منه المنطقة ككل في مرحلة ما بين القرنين الثامن والثامن عشرهء لا بدّ أن 
يدرس بتقنيّات أدق . 


/ام/ء 


الوبل ؛ وإئما يك مكل سيره على د لبي زفي مولع تن العتيارة 
بعناية ليكون مركزاً اقتصادياً لكل سكان المنطقة؛ فقد تم اختيارها لإدارة 
الزراعة وتنظيمها في السواد. ولتكون أنقيا ملتقى طرق تجارة الجملة 
وتجارة المواد الكماليّة؛ سواء طرق التجارة عبر المياه - على طول نهري 
دجلة والفرات من الخليج العربي وشرق البحر الأبيض المتوسّط - أو طرق 
التجارة البريّة من الجبال الإيرانيّة. إضافة إلى ذلكء» لم ثُبنَ بغداد كتجمّع 
لأجسام مستقلّة من القبائل العربيّة المختلفة» بل كان قصر الخليفة الهائل 
هو بؤرة تركيزها. 

نت «المدينة المدوّرة» هى هم أجزائهاء وممي المجمّع الإداري 
الذي كان الخليفة يعيش فيه وحوله أعضاء العائلة العباسيّة وعمّال 
البلاط والحاشية» في أبنية كبيرة تحوي أعداداً كبيرة من أتباعهم. في 
الأطراف والضواحيء تظهر الأسواق ومساكن بقيّة السكان. تم اختيار هذا 
الموقع بعناية» فعلى الرغم من أنْ الخلفاء اللاحقين حاولوا الهرب من 
الضغط السكاني في بغداد (كما حصل مع المنصور الذي نأى عن الكوفة), 
إلا أنها بقيت مركزاً ثقافيّاً واقتصاديّاً منقطع النظير طوال مرحلة الخلافة 
العليا. 


تبنّى أوّل الخلفاء العباسيين لقباً ذا نبرة قياماتيّة» السفاح» الذي يتضمّن 
في آنِ معاً دلالة النبالة ودلالة القسوة والبطش الدمويّ في إنفاذ الانتقام 
الإلهى. وكذلك كان «المنصور» لقبأء يتضمّن معنى أنْ الخليفة مخصوص 
لتضير الله 

كان الخلفاء الأحونون: حتى نهاية عهدهمء يعرفون بأسمائهم 
المجرّدة؛ ولكنّ المنصور جعل من الألقاب عُرفاً وتقليداً مستمرًأ في نسله 
عبر منح ابنه» الذي عينه اونا له لقباً كهذا اندها 4 لقن | سنا «المهدي). 
وهو اللقب الذي كان الشيعة يطلقونه على من ره إلى مجيئه الاستعادة 
العدالة الإسلاميّة. بهذه الطريقة» ريما كان ا أن ابنة سعوضن 
عن الطرق الدموية التي أقام عليها والده سلطته. ولك الاسم كان نالطبع 
إعلاناً بأنّ الحكم العباسي المطلق هو النتيجة النهائيّة لآمال أهل التقوى 
وخططهم . 


// 


ازدهار الخلافة العليا /١ 1/6٠9‏ 





٠هل/ا‏ _ ولالا خلافة أخوي الإمام إبراهيم . السفاح والمنصور 


جيل الفتنة الثالثة 
ا وهلا ابن المقفع يدشّن الأدب النثري» بع تزجنات ين الهارية. 
56// وفاة جعفر الصادق» إمام الشيعة الذين أخذوا بالمسلك الفاطمي لاحدا انقسام الشيعة من 
تاريخ وفاته . 
ا ؤقاة ان إشهاق: كات سيرة مخمل: 
لاك07 أبو حنيفة ) الإمام الكبير لمدرسة الفقه العرافية يرفض فض العمل [قاضياً] تحث إمرة العباسيين. 
8 وفاة الخليل [الفراهيدي]؛ أول من نظم علوم النحو والعروض والمعجم. 


414-65 إسبانيا تستقل تحت حكم أمراء السلالة الأموية  419(‏ ١١٠؟‏ أطلقوا على أنفسهم لقب 
الخلفاء)؛ أدى التنافس بين مختلف القبائل العربية والمسلمين المحليين الجدد إلى استمرار 


الفوضى هناك . 
“ا تأسيس بغداد» التى أصبحت العاصمة التجارية والثقافية لبلاد المسلمين قاطبة. 
هلالا _ 786 خلافة المهدي؛ دروكا نشوء علافة بين الدولة العباسية وعلماء السنة (وتأييد نموذج التقوى 


الخاصٌ بهم) من الآن فصاعداً؛ إما أن فق المعارضة السابقة من أهل التقوى مع العباسبين؛ 
بوصفهم أهل السئّة والجماعة» وإما أن تلجأ (أقليّة) في النهاية إلى الطوائف الشيعية 
المعارضة؛ اضطهاد المانويين» بخاضة مع تأثيرهم على رجال البلاط . 

الجيل الأوّل من بني العباس 
مالك بن أنس» إمام الفقه في الحجاز. 









1 وفاة سيبويه. المؤلف البصري المُنظم لعلم النحو العربي. 

4 وفاة أبي يوسف, تلميذ أبي حنيفة وخليفته في الفقه. جنباً إلى جنب مع محمد الشيباني (ت 800). 
ثم وفاة رابعة العدوية» من البصرة؛ الأمّة المُحوّرة» عُرفت بوجدها فى الحب الإلهى. 
04م 


خلافة هارون الرشيد؛ وصلت تقاليد البلاط الساساني إلى ذروتها تحت حكم وزرائه البرامكة 

(سقوط البرامكة؛ الفضل وجعفر) *8). 
جيل الرشيد 

وفاة معروف الكرخي الذي جلب التصوّف إلى بغداد. 






)0 وفاة أبي نواس» المتهتك» وممثّل الشعر العربي الجديد المغاير لشعر ما قبل الإسلام وللشعر 
المرواني. 

ااا ١1م‏ الشافعي؛ في بغداد ومصرء يعزز المرجعيّة القانونيّة لمحمد [من خلال إعطاء الحديث رتبة تأسيسيّة]» 
ويؤسس مدرسته الخاضة في الفقه؛ التي تختلف عن نظيراتها في العراق والحجاز وسوريا. 

يفن وفاة الواقدي» المؤرّخ الفذ المبكرء الذي كان مصدر إلهام كبير للمؤرخ الطبري. 

نحو 14م وفاة أبي العتاهية: شاعر الزهد الفلسفي. 

214 "ام 


عند وفاة الرشيد. نتتميك الإمبراطورية تين ولنية؛ حربت أهلية ؛ ثم إعادة توحيد الإمبراطورية 
بالْقَوّة عندما كلت المأمون. بمساعدة القوات الخراسانية» على الأمين في بغداد. 


1) 


الاغراء المانوي 


سلّم المنصور إمبراطوريّته لابنه المهدي (15/ _ 7/80) وهي في حالة 
من السلام والخصوع. وقد كان فشل المنصور الوحيد هو السيطرة على 
إسبانياء التي تمكن أحد الأمويّين الفارّين من إقامة إمارة مستقلة مؤقّتة 
ع ل و ل لت ل ا ل له 
البربر اهنا لم يق المتهدى بمحاولات كبيرة لاتتعادة المقناطعات 
البعيدة؛ وتابع بالأساس سياسة والده وإن لم يكن على الدرجة ذاتها من 
البخل . 


عرّز عهده شيئاً من التقارب على مستوى القول والفعل بين البلاط 
الحاكم ومجموعات أهل التقوى المحبطة. وإن كان ذلك قد تم بطريقة 
تتعارض تماما مع طريقة عمر الثاني [عمر بن عبد العزيز]. كانت إعلانات 
المروانيين وبياناتهم . الذين يبرَّرون حكمهم باسم وحدة المسلمين» تتشرب 
شعوراً إيجابيّا بالثقة في المصائر السياسيّة الفاعلة للإسلام كما كان قائماً؛ 
وقد أظهر عمر الثاني ذات النوع من الثقة في عمله . غير أن الروايات الواردة 
حول المهدي تعكس فيما يبدو موقفاً أقل تفاؤلاً من قبل علماء «أهل السنة 
والجماعة»)» حتى أكثر من موقفهم ين النتضون 4 ذلك أنهم باتوا يعتقدون أن 
أيام الخلفاء الأوائل كانت أياماً من نوع خاصٌء» ولا أمل للحاضر في أن 
يكون لها ندّاً. ولم يحاول المهدي أن يخمّف من جرعة الحكم المطلق 
المتنامية» التي كانت تبدو أمرأ لا مفرٌ منه. 


على أنْ تقوى المهدي قد تجاوزت حدود الكلمات. وكانت هذه 
التقوى تعبّر عن نفسها في روح جماعيّة صارمة». تمجد الادعاءات الحصرية 
للمجتمع الحقٌّ بالحقيقة. لم يفشل المهدي في إرسال الحملات والغارات 
على الثغور البيزنطية (إنما من دون أن يحقق نتائج كبيرة)؟ ولكنه شنّ حملة 
داخلية قوية من الاضطهاد الديني على المانويين؛ فقد كان هؤلاء 306 
فى الحقيقة بديلاً جذاباً عن الروح الجماعيّة للمسلمين وعن نوع التقوى الذي 


ع 


يمثله «العلماء» 


فرقة ذات طابع غنوصي ظهرت في القرن الثالث من حكم الساسانيين 


3 


الأوائل) الحماية التي تمنح للولاءات الدينيّة المنظمة؛ فقد تمّ اضطهادهم 
بقسوة أثناء حكم الإمبراطوريّتين الرومانيّة والساسانيّة» على يد الحكام 
المسيحيين والمزديين على السواء»ء في كل مكان وصلوا إليه. وقد تبنى 
علماء المسلمين ذات الموقف الرافض لهم منذ أن أصبحوا واعين 
بوجودهم؛ فقد رفضوا الاعتراف بأنَ ماني» المؤسّس الذي عاش بعد 

المسيح بقرنين» هو أحد الأنبياء؟ وبالتالي فليس ثمّة تسامح مع أتباعه. كما 
هي الحال مع أتباع موسى وعيسى» ابل وززرامقيع أنضا . على الرغم من 
ذلك» استطاعت المانوية لبعض الوقت جذب الملوك في أوفواسنا الوستط.. 
للتحوّل إليهاء ثم إِنَّ قوّتها قد تهاوت أمام العداوة التي اتفق عليها حكام 
العالم 57 0 إنْها مثال فريد لأحد «أديان العالم» الكبرى الذي لم عر 


آثارا حيّة وراءه. 


لم تكن المانويّة دين الشعبء ولم تكن مركوزة في قلوب الفلاحين 
نقدمثلت :نمطا خاضاً .من الشعور الدينى الذي يُخاطب: الياحكين الما 
بما في ذلك العديد من ذوي م الفكري (وقد كان القديس أوغسطين 
أحدهم). ف في القرن القامة: نذا :بان هذا النوع من الشعور الديني قد بدأ 
بخاط عدا ا من المسلمين ويؤثر فيهم بقوّة. لم يكن التقليد الذي 
تحمله المانويّة محصوراً في جماعة ضيّقة مُغلقة على نفسها كما كانت الحال 
في تقاليد غير المسلمين. وإنما كان تقليداً قام بدور را 
الأحداث؛ إذ يبدو أنه اكتسيئ عدداً من الأتباع الشتريين في البلاطء كب 
الأشخاص العند تميق نا لاسنامن : كان الخطر الذي يُمثله ذلك كيرا د حد 
أن اللاهوت المبكر للمسلمين قد تطوّرء جزئيّاً بهدف مواجهة المانويّة 
00 

ترى المانويّة أن الكون منقسمٌ إلى الروح والمادّة. فالروح حرّة خلاقة 
مبدعة جميلة وحقيقيّة» وهي خيّرة بالعموم؛ أما المادّة فإنها باردة مدمّرة 
شريرة» أي إنها بالعموم نقيض الروح. والروح الإنسانيّة أسيرة في الجسد 
العادي: المتلل رولا تمحقها. إن اتهرت إلى نوي الزويس الخاتينك لا در فض 
الجسد المادي». وربط نفسها بقوى الروح الإيجابية التي تخترق حياة 
الإنسان. . وأهم طرائق تحقيق ذلك هو الزهد الصارم؛ فإذا لم ية يتمكن المرء 

من التحمقّق بالزهد بنفسه. فله على الأقل أن يربط نفسه بالزاهدين.» إذ 2 


4١ 


ل ا ل 1 كان المانويون يعتقدون بأنْ عدداً منهم 
حققوا الهدف الروحيّ من إنكار الذات. وكان هوا ميل احتراء البقية 


وخدمتهم. في حين كان الأفراد العاديّون يحاولون أن يحافظوا على درجة 
بسيطة من ضبط الجسد. 


هزر هذا التوجّه لدى أتباعه لوغا من اللطف واللين والاجراناني 
آنٍ فعا ؛ فقد كان المانويون بعرويية بأنهم يرفضون قتل أي شيء» حتّى 
الحيوانات» وبانيس مسعيداوة :دوي لأمال الشير. غخلن الجانت: الا 
كانوا ينظرون إلى بقيّة بقيّة البشريّة على أنها سادرة في غيهاء ٠»‏ ضائعة في ظلمات 
الجهل . على أن بحثهم عن النقاء الأخلاقي لم ينحو باتجاه رفض أشكال 
الثقافة التخيليّة كافة» كما تفعل النزعات الطهوريّة عادة. كان عندهم نظامهم 
الشامل لجميع العلوم الطبيعيّة» والذي كانوا يفتخرون به؛ فقد احترم» حتى 
أعداؤهم. مدرستهم العظيمة في الرسم. ولكنّ قاعدة إيمانهم كانت تقوم 
على مزاج زهدي متعالٍ؛ فقد رفضوا عالم الوجود المادي الذي يحبه جموع 
البشر (ومن بينهم الأرستقراطيون)» لصالح محبّة الحقيقة التي لا يُمكن أن 
تلمسها إلا النخبة النقيّة (نخبة الروح بالطبع» إذ لا معنى لكل التقسيمات 
الدنيويّة الأخرى). 


لبعض الوقتء. كان من الواضح بأن:العديد من الأشخاص 
الميسووية» ذو الميول الفكرية: قد وجلاو في المانويّة خياراً يستعيد 
التوازن في مواجهة الحياة المنعمة التي انبئقت ت عن البلاط» وتسربت في 
حيأة الأدباء . فقد كان الإيمان المانوي يبدو أكثر جدية من قيم البلااط 
المعتادة؛ كما يبدو 3 كان يذهب إلى ما هو أعمق مما طْوّره العلماء من 
للمانوية. رارقا بآن اقرف 000 مكانة اجتماعية قادر على الانضماء 
إلى النخبة. في جعلها مغرية بحكم طابع حقيقتها الباطنيّة التي لا يُمكن أن 
ينالها المبتدئون. كان الميل إلى تفضيل الانفصال عن الشؤون الدنيوية 
مُوجّهاً ولا شكٌ إلى رجال البلاط الذين جرّبوا العالم إلى درجة السأم منه. 
ولكنْ مخاطبتها للمسلمين من ذوي الثقافة الرفيعة قد جر عليها 'كراهية 
العلماء؟؛ فبرفضهم منح المانويين نمس حالة أهل الذمة اسوة ببقية 


فك 


وبين الإبآؤة والتناءم “وقد كان العلماء أكسن منخطا على من يمكن وصفهم 
ف«المانويية المسلمية)» الذين أعليوا إسلامهم ولكنهم لا يزالون يتبنون 
الرؤية المانويّة للعالم. لقد أظهر المهدي دعمه للطهورية الإسلامية بطريقة 
عمليّة على حساب هذه الفرقة عبر قتل كلّ رجال الحاشية الذين لم يحرّروا 
أنفسهم من هذه اللوثة. 

في القرن التاسع أو العاشرء فقدت المانويّة أرضيّتها فى الحاضرة 
الإسلامية وفى كلّ مكان آخر. وأصبحت الكلمة العربيّة المرادفة لهاء 
الوتدقة» كلمة تسعييل لوصف كل أككال البدع الاججاعتة المكروعة» 
وأصبح وصف ازنديق» يُطلق على كل من يُعتقد بأنه يُخفي وراء إسلامه 
ايمانا ماطنا :و ثريا 575 الاستعمال الأصلي لهذه المفردات . 


مع نهاية حكم المهديء بدا أن «العلماء» قد قبلوا بالتسوية العباسيّة. 
واكتسب الحكم الملكيّ المطلق بذلك الحدّ الأدنى الذي يحتاجه من الدعم 
الديني المؤسساتي؛ بل يبدو بأن أشدّ مناصري الخوارج والشيعة قد باتوا 
مستعدّين على الأقل للاعتراف بالانتصار الواقعي للنظام العباسي. في الجزء 
الأخير من عهد المهدي. أراد المصريّون أن يستقلوا تحت حكم أحد أحفاد 
عبد العزيز [بن مروان» وهو دحية بن مصعب|.ء. الوالي الأموي الذي 
حافظت أسرته على مكانة رفيعة في مصر؛ ولكنّ النواة الصلبة من مناصريه 
قترفانك إلى مدهي الفرارس» وععدها فك توبعية :فى "القيول؟ الكا مل 
بمذهبهمء انهارت هذه الحركة”". عندما اقتربت وفاة المهدي. أشعل 
العلويون ثورة في الحجازء وتم سحقها بسهولة. 


فرة يقدّم أنو: عم محمد الكندي مت. ,)95١‏ الذي أرّخ لهذه الحركة في كتابه أمراء مصر حينا 
دقيقاً للمعلومات بخاصة على ساس محلي (في هذه الحالة. القاهرة) - التي تشكل تاشن جميمع 
معرفتنا بالتاريخ الإسلاماتي. انظر : 
:61061 ط) 311651) 082 التلط] لإ 0ع01ء ,«ي1-141ه * 177706 ,1201ح21-1 الاكنالا ططخ 14113221120 21ن2تانآ' ناطاخ 
.124-10 .مم ,(1912 ,اانه 
بطبيعة الحال» فإِنَ الكندي لم يكن متحرّراً من بعض الأساطير هنا وهناك. وهو يفشل في النظر 
إلى القضايا الأوسع التي تُنيرها التفاصيل التي يذكرها لناء ولكنّ مثابرته الدقيقة في إيراد جميع الأسماء 
وأبرز الحاللات والصفات تبدو موضوعية بدرجة معقولة ونتيح [للباحث] التوسّع في العلاقات والتحقّق 
منها من خلال مصادر المعلومات الأخرى. ولكنّ عمله لم يكن سهل القراءة لنا لولا التحرير الحديث 
والشاق الذي قام به حيست . 


57 


هارون الرشيد: الخليفة والبلاط رعاةً للثقافة 


بعد حكم قصير للخليفة الهادي. أخي هارون الرشيد وابن المهدي. 
ولي هارون الرشيد (85/ا  )86١09‏ الخلافة وهي في. أوج فخامتها وأتّهتها. 
فقد عمّت إمبراطوريّة الخلافة حالة من السلام النسبي والازدهار لأجيال 
معدودة. ولم يكن لحركات التمرّد القليلة» أو للحروب الخارجيّة. إلا تأثير 
محلّى محدود. كثيرا ها تسنتتحضر :هارون الرشيد فن .حكانات: الف ليلة ولبلة 
بشيء من الحنين بوضفه نموذجاً مثالياً للملك العظيم» إذ يُجَسّد عهده حال 
مجتمع بغداد وهو في أعلى ذراه. 


تحت رعاية الخليفة» كانت شؤون الحكم مُفوّضة بالغالب للإداريين. 
الوزير بوصفه رئيسا ماليا ورئيسا للحكومة. يليه مساعدوه الذين يكَولون 
الدواوين المختلفة. لم يكن مُتوقّعاً من الخليفة أن يضطلع بدور شخصيّ 
بالضرورة فى متابعة مسائل الحكمء فتقد كان بمثابة مجلس الاستغئناف والبتّ 
النهائي في القضايا ذات الخلاف. بطبيعة الحال» كان للخليفة النشيط» أو 
الكسول فى لحظات نشاط مزاجه» أن يتخذ القرارات بنفسه: ولكنّ المعتاد 
هو أن تُترك مسائل السياسة العامّة للوزير. عندما تم تطوير هذا النظام بشكل 
كامل. بات الخليفة قادراً على تغيير اتجاه السياسات بطريقة غير مباشرة عبر 
تغيير الوزير. وقد كان الرشيد يميل إلى التدخّل في المسائل التي تحظى عنده 
باهتمام شخصي أو له فيها مصلحة خاصّة» كمسائل الصدقات وأعمال الخير 
واه 


على الرغم مما سبقء كان يُؤمل من الخليفة أن يُؤدَي اثنتين من 
الالتزامات الشعائريّة ذات القيمة العالية. فعلى الخليفة أن يؤمٌ صلاة 
الجمعة فى العاصمةء على الأقل في المناسبات الخاصّة. وبهذاء. فإن 
التخلفاء كان قطن فون علن: انمع رورئة لمعحقك .وكاتوا فنا حميلوا على عياءة 
يزعم بأنّ النبن قد ارتداها في عدّة مناسبات» إضافة إلى مجموعة أخرى 

من المقتنيات الخاصّة لمحمّدء التي كانوا يتزيّنون بها في الوقت المناسب. 
0 الرشيد» ومعظم من تلاهء عصارد ترك إمامة الصلاة لمندوب عنهم ء 
ويصلّونَ مع المصلين في جزء مُخصّص ومحميّ من المسجدء وهو 
اي وكان على الخليفة أيفيا أن يقود الجيوش في الحملات 


لك 


الجهاديّة الكبرى في الأراضي البيزنطيّة» على الرغم من أنْ الخليفة كان 
يترك القرارات العسكريّة الفعليّة لقادته. (كان الرشيد يفضل التنويع بين 
قيادة قافلة إلى الححّ في مكة في سنة» والخروج إلى الجهاد في السنة 
التالية». لم يكن المسلمون قد نسوا أن الخليفة هو أمير المؤمنين 
بالأساس؛ ومن ثم فإنّهء وإن كان له أن يُفوّض إدارة الأموال والإشراف 
المباشر على إقامة العدالة لممثليه» لا بد أن يقوم بواجبات المسلمين 
العامة.» الصلاة يناع والحرب ضد الطاغية (وهو اللقب الذي كان يطلق 
على الإمبراطور البيزنطي). 


عرّز هذا التصوّر عن دور الخليفة من المفهوم الشائع أساساً عن الحكم 
في الأزمنة الزراعاتيّة. فكون الحاكم في مرتبة تفوق جميع القادة في 
الحربء كان استجابة في نهاية الأزمنة المروانيّة للنزعة الفرديّة بين رجال 
القبائل العرب» الغيارى على حريّتهم. وقد تمّ التعامل ضمناً مع عموم 
السكان فى منطقة النيل إلى جيحون على أساس مبدأ حريّة التصرّف 
الاعدما عن بن :دون #دخري الحضن انون الرشيد الذي أخدمواسباك اليك 
على محمل الجدّ ‏ هذه الواجبات تحت ثلاثة أمور: الحفاظ على العدل فى 
المحاكم» والحفاظ على أمن الطرقات في المدن وخارجهاء وحماية الثغور. 
وبالتالي» فإن الحكومة ليست معنيّة بالتنظيم الاجتماعي الإيجابي» أي بخلق 
ظروف حياة أفضل (ثركت هذه المهمّة لتقاليد العائلة ولجهود العلماء» وفقاً 
لمايرتؤونه)؛ فمهمّة الحاكم هي ضمان الأمن: الأمن ضدّ الغشّ 
والاحتيال» وضل قوّة قوّة الأفراد الآخرين» وضد المجموعات الغريبة من 
الخارج . 


فإذا تمّ استعمال الموارد المركزيّة لحفر الآبار أو لبناء المدن» فإِنّ ذلك 
من باب التفضّل وهو خيرٌ شخصي يبذله الخليفة أو الوزير. وصحيح أن 
أعمال الخير واجبة عليهم.ء إلا أن مناط وجوبها عليهم هو كونهم رجالاً 
أغنياء لا كونهم مسؤولين في الدولة. يسع التراث العربي والإسلامي البشرّ 
على نصوّر الحكم المطلق بأكثر ا فردانيّة: إذ يُقلّل من دور المساعي 
والجهود المشتركة إلى الحد الأدنى» ويزيد من دور الأفراد (بخاصّة الأفراد 
ذوي الامتيازات). 


ه15 


كك 


المسلمين في عهد هارون الرشيد, 


ك5 - .م 


لوالونام! أمولمهمهل0: عوقول 


١‏ #قططام 00لا الي 


0 


ملع يجمه 2 ١‏ 





ل لامي 
ع 96 





ار دور الخليفة: الساسن اواو كان مكدووا + إلا أنه كان سيد 
لمقاء الأول 9 0 المرئهة اليم توزع لثروات والأعطيات فيها . 
(ت. نحو م ا أشهر ا عصرهء من ثروة البلاط» واشتهرت 
حياتهما بشرب النبيذ والابتهاج بالغناء. كان يُمكن للقصيدة البارعة أن 
كيت صاحبها صرة من الذهب» أو حصانا من إسطبل الخليفة. أو جارية 
من القيان المغنيات» أو جميع ذلك. وفي كل مناسبة للفرح في البلاطء 
كانت الأعطيات توزّع على السكانء الأغنياء والفقراء» على شكل نقود تلقى 
في الطرقات» أو طعام يُقدم لكل من يحضره.ء أو على شكل أردية من 
الحرير الفاخر أو القماش المطرّز لبعض رجال الحاشية. أما الطريقة الأقل 
مشهديّة والأكثر أهميّة في مكافأة الموهوبين أو التعبير عن الرضاء فهي منح 
الشخص إيراد قرية ما مدى الحياة». أو منحه أراضيّ جيّدة من ممتلكات 
الدولة. 


إضافة إلى الشعر والغناء» كانت حياة البلاط عامرةً بالعلوم الرفيعة» بل 
وبتمظهرات التقوى أيضاً. فالثقافة الأدبيّة العالمة تتمئّل فى الكسائى (ت 
)عن ,سيل لاله الذق كان احدا أرق حوس اامانه :ركان قن لوقت 
نفسه مؤدباً للأمراء. رفض بعض العلماء البارزين الاقتراب من بلاط 
الخليفة؛ ولكنّ الرشيد ‏ بين نوبات شربه للنبيذ - كان يصغي باهتمام لشرح 
العنياء الفسبائل الفقفي. :ف 21" لعدمة بعر لكف بو لمتكا انه حول كيني ان 
أبو يوسف. قاضي القضاةء وأبرز فقهاء العراق بعد أبي حنيفة» يحل الألغاز 
القانونيّة للخليفة بطريقة لا تنتهك حرفيّة قوانين الشريعة [الحيل الفقهية]. 
ومهما كانت درجة صححة ذلكء فإن الرشيد وبلاطه كانوا يدق هيوان لها 
سلطة علماء الشريعة الأتقياء؛ ويفضلون أولئعك المتخصّصين فى الحديث». 
بخاصّة علماء الحجاز منهم. وقد تسامح الرشيد مع روحهم الاستقلاليّة 
ضمن حدود اللباقة العامة. 


(*) لعلّه أراد تعيين وفاته في »8١‏ فهذا أقرب إلى الصواب . والتدقيق متعذدّر. وقد وضع 
المؤلف تاريخ وفاته في جدول «ازهار الخلافة العليا» ب7١8‏ مع علامة استفهام للتشكيك (المترجم). 


اع 


ركرك معت الننقات الكبري فى .عشيرةالرقيك» الماسية بالعمرم 
وفي عائلته الخاصّة بشكل خاصن؛ فقد أصبحت زوجة الرشيد» زبيدة» مشهورةً 
بأعمال الخيرء بخاصّة أمرها حفر عدد كبير من الآبار على طول طريق الحجٌ 
من العراق إلى المدينة ليستفيد منها الحجاج. وقد كانت العديد من العائلات 
الاخوى القرية ميخ الوشية مخ وكريينة: كها أزمبلالة الوزراءة لاسر 
الفارسية من البرامكة.» كانت تغدق الأموال في الخارج من العطايا التي يعطيها 
إياها الخليفة. وقد كان هؤلاء جميعاً هم الممؤّلين الأساسيّين لفتاني بغداد 
وشعرائها وعلمائها وفلاسفتهاء بل ولمحتاليها والعديد من الرجال في شتى 
أنحاء الإمبراطوريّة ؛ دعام سور أن يُبهج شخصاً من علية القوم سيحظى 
بالثروة (هذا إذا كان له أن يتجئب السخط المفاجئ ع والإغدامات». كتلك التي 
حلّت بأسرة البرامكة» التي كانت محظيّة يوماً من الأيام) . 


كان البرامكة في السابق رهباناً بوذيين من مدينة بلخ (بالقرب من نهر 
جيحون) قبل أن تسلمواء في أثناء عهد السفاح والمنصور. سبع خالد 
البرمكي أرفع الكتّاب» وبات ل يروك به لدى الخليفة. عين المهدئ 
ابن خالد. 0 ليكون ل 7 شؤون ن الرشيد؛ الذي كان فى ذلك 
0 الواقعة غرب الفرات]. نشأ الرشيد وهو على صداقة وثيقة بابن 
الرشيد في ساعات فراغه وراحته؛ في حين عيّن أخاه الفضل بن يحيى مُديراً 
لشؤّونه معظم سنوات حكمه. في عام *686 تعاظمت غيرة الرشيد من 
السلطة الكبيرة التى حازها البرامكة» الذين كثر طالبو رضاهم وأعطياتهم 
وزادوا على طالبي الخليفة. وهكذا في ليلة من الليالي» ومن دون سابق 
إنذار» قطع رأس جعفر (تمٌّ تعليق الرأس في العلن في اليوم التالي» كما هو 
معتادء لإثبات موته لمناصريه» ليدركوا استحالة مساعدته في أي انقلاب). 
تمّ سجن الفضل وأبيهء وماتا بعد وقت قصير. 

كانت ع ل ونه كانت شاي 
على عيش حياأة مريحة 5 قل كانت نيسابور» على 
سبيل المثال» عاصمة خراسان (أسّسها الساسانيون» وإن كانت موجودة قبل 


له 


ذلك بالطبع) مشهورة بثرائها وبيئتها الصحيّة؛ فقد كانت تسقى بالجداول 
القادمة من التلال في الشمال في الشتاء» وكانت مشهورة بحدائقها وبساتينها 
التي تحمل كلّ أنواع الفاكهة. كان لأهل نيسابور اهتمام خاصٌ بطرائق زراعة 
أشجار الفاكهة وتنميتها. في المنطقة القاحلة» تمّ تطوير طرائق استعمال 
المياه؛ فقد تمّ شىّ قنوات لجر المياه» أحياناً عبر الصخورء لتحمل المياه 
من الجبال إلى الهضبة والصحراء. كانت هذه الوسائل تستعمل في نيسابور. 
لا فقط من أجل ريّ الحدائق والحقولء بل أيضاً لتزويد المديئة بالمياه: فقد 
كان لدى جميع بيوت الموسرين (ليس لسيّد البيت وحده. بل لجميع من 
يعولهم) مصدرٌ للمياه تحت الأرض وخزان يحفظ الماء لمواسم الجفاف. 
كانت المياه تنفذ من الأسفل لتسقي الحقول. وكان المسافرون يذهلون 
لمرأى الجامع العظيم (وأشهر الجوامع سمعةء هو الجامع الذي بناه 
الصفاريون بعد عهد الرشيد) الذي كان يسرٌ أعين الأغنياء والفقراء؛ كما كان 
يشدّهم تنوّع المعروضات في السوق وفي المصانع والورش . 


لم تكن المدن متشابهة؛ فعلى عكس صحية نيسابورء نسمع عن قذارة 
مدينة «كهنه غرغانج» في خوارزم» على دلتا نهر جيحون (في مقابل هضبة 
خراسان): كان المسافرون يشتكون من أنْ الأوساخ والنفايات تملا 
الشوارع» على الرغم من ثراء المدينة» حتى إن المسجد (الذي يبقى عادة 
نظيفاً وتُخلع الأحذية على بابه قبل الدخول) كان متسخاً بأقدام من يدخلونه 
من دون أن يكونوا قد ارتدوا أحذية في الخارج. ربما لم تكن كهنه غرغانج 
قذرة هكذا دوماء ولكنّها لم تكن تملك نظام تصريف كالذي تملكه نيسابور. 
عموماء ففي كل بيت غنيّ كانت تتوفر وسائل الراحة: السجاجيد والوسائد 
للجلوس عليهاء ومساند الكتب الأنيقة» والمقاعد الواطئة المريحةء 
والأحواض في الأفنية» وأحياناً تتوسطها نوافير الماء الصغيرة» وتلحق بها 
مواقد للتدفئة في الشتاء ولتبخير المياه للتبريد في الصيف. ربما كان من 
الأسهل الحصول على هذه الرفاهية» كجلب الثلج في الصيف في بغداد 
بالمقارنة مع بقيّة المدن في الأقاليم. ولكنّ الطبقات ذات الامتيازات في 
الإمبراطورية كانت تعيش حياة مريحة ومسرورة؛ وإن كانت بطبيعة الحال 
عُرضَة لتقلبات: الطقس: والأمراض والاضظرابات القليلة » قائّهت نسساً كاد 
متحررة من خطر الحرب . 


5ك 


الرسائل والتعليم 

ا ا عو ل العا وقد كانت هذه 
رسائل عونة : متك أن أصبحت إدارة الدولة ته تتم بالعريية» وأعبيد بناء تقاليدَ 
البيروقراطيّة بمصطلحات هذه اللغة. 2 القن العرين الرسين اولى 
انبعاثاته مع ترجمة مجموعة من الأعمال البهلويّة إلى اللغة العربيّة المضريّة 
الوقيقة. لاعفا ): تحت صباعة عقن الأسسكال مقا سير الضالخين: : 
اعتماداً على التقاليد السريانيّة أيضاً). من بين ما تُرجم عن البهلويّة برزت 
مجموعة من القصص (كليلة ودمنة.ء وهي حكايات تدور حول اثنين من بنات 
أوى: اللذين يقومان مقام المستشارزية + للعلك الاسد)ة وهي مأخوذة فى 
الأعول عو السسد كرو (وتفال بانيا رفست فى خينه ال ران كان 
المترجم هو ابن المقفعء الإداريّ الذي كان مزديّاً في السابق» والذي حت 
المنصور على تنظيم الحكم المطلق و[خكامة:. كآن:هذا الشر راتفا ممقعاء 
ومثقّفا . وقد بقى هذا الشكل من النثر لبعض الوقت هو المعيار السائد بين 
طبقة الكتاب وحاشية البلاط والبيروقراطين الداعمين للحكم المطلق. فقد 
ابتهجت هذه الطبقات بهذا الأدب الحكيم والمفيد» واستفادت منه في إذكاء 
محادثاتها وصقلهاء وفى مراسلاتها الرسميّة. وهكذا فإِنْ الأدب. بمعنى 
التققينه الميدت ليله« الطنقةه اق نهد الطرنق للبراعة االفظتة و لماع 
و بالتالي للآأدب عمطومء ]1 . 


أما أهمية الشعر فكانت فى مستوى أهمية النثر عند الأدباء والكتّاب 
غموما . بولك الشعر بطبيععةغير اقادل: للعرضيةة “قن هذا الخال على 
الرغم من أن تقاليد الثقافة الإدارية الخناسائة:ويها تكون قل:اشبيت للمكانة 
الأفنة الشعيه إلا أن مادّة الشعر قد استُّلهمت من التقاليد العربيّة القديمة 
فقطء التى كانت طبقة الكتاب ملتزمة تجاهها مات عفنا انف + كادف 3 
خائعة إلى ايتفى التكية الترعية الدفة د تشيواء اكد ل كان 
عليه في الأزمنة لتر يا ويل ااي أم شكله بعد إحيائه في مدن 
الأمصار في الأزمنة المروانية فإنْ التقليد كان عونا بعض الشيءء لبسو 
للتراث العائلي لمعظم المسلمين في الأزمنة العباسية وحسب» بل إنْه كان 
غريباً أيضاً عن اللغة اليوميّة» التي» وإن كانت عربيّة» فإنها كانت عربيّة 
«مستقرّة»» تعرّضت لضروب من التآكل والتعرية عن العربيّة المضريّة المُعرَبة 


في البادية. والأهم بو :ذلك هو أن اققلين: الجر العرى كان غريا أيقها 
بالنسبة إلى الأنماط الحضريّة التي يعيشها موظفو الجهاز البيروقراطي» وغريبة 
أيضاً لعناصر السكان الأخرى التي اتجهت الآن إلى الاهتمام بتلك الأنماط . 
إذاّء فبين علماء الأدب (كالكسائي) ظهرت مدرسة من جامعي الشعر القديم 
ومحرّريه» وكرّس علماؤها كل معارفهم لدقائق اللغة وجماليّات الشعر. 
وبينما نجد الموهوبين في الشعر عادةً متمرّدين على الحدود التي يضعها 
مفسرو التقليد وشرّاحه»ء فإنهم قد أخذوا الإيقاع العربيّ وصوره وروحه 
الصريحة المباشرة التي يقدّمها التراث وحوّلوا ذلك كله إلى شكل ومزاج أكثر 
مناسبةٌ لمجتمع رجال البلاط والكتبة والتجار. كانت هذه العمليّة قد بدأت 
منذ زمن المروانيين» ولكنّها وصلت إلى نضجها واكتمالها الآن. 


كان أبن انوابي من التهدرة (وأعئلة قارسة ان ننه كا فق المسترق 
الشخصوةه ونه كاسن اشعانه ادق والسييي كان انتدويي انلق دن 
الكوفة» 0 أيضاً تأنه :(كما كان معتاداً عند من يريدون :ذواسة اللغة) ا 
بعض الوقت في الصحراء مع البدو. مجّد أبو نواس الفجور وردّد أصداء 
نماذج عربيّة قديمة» كالمقدمة الغزليّة التي كانت القصيدة البدويّة الرسميّة 
تفتتح بها. ولكنّه رفض النزعة البطوليّة والتفخيميّة التي كانت مرتبطة بالقصيدة 
لصالح ميل أكبر نحو الحميميّة والمتعة والصراحة. خصّص أبو نواس العديد 
مي قصبائدة الأيرؤقيكتة لعقق التلمان» وتذلك أرشى :مرانجا وعادة :ظليت 
سائدة في بعض الدوائر الإسلاماتيّة» حتى لو لم يكن لدى الشاعر أيّة ميول 
مكلية على المستوى الشخصي . أما أبو العتاهية» فصحيح أنه من أصل 
عربيّ» إلا أنه ذهب بعيدا في تحويل التقليد الشعري: فبزهده وميوله الفكرية 
- وإن كان قد بقي مسلماً مخلصاً لهواه الشيعي ‏ كرّس قصائدة لنوع من 
الكآبة الفلسفيّة التي ظهر بأنها أكثر رواجاً في الأسواق منها في بلاط 
الخلافةة وقدستلت ناته سهما تقفس فن الكفاب المشيوروة أمات التقورض 
الوقورة. 

مع تطوّر الأدب» بدأ التأمّل والتفكير في محرّكات هذا الأدب. كان 
الإنجاز الأكبر في ذلك الوقت هو تقعيد اللغة العربيّة المُضريّة (التى أصبحت 
هن اللتبولدج المعيارق اللتجلين' المجرى' لفك اللقات البنامنة ).و ندت ود هذا 
التحليل منذ الأزمنة المروانيّة. بعد تجربة جيلين» قدّم سيبويه» من البصرة 


هم١‎ 


(ت 401/7 تقليدا 'نتخويًا أكثر افا للاششغيا لات الفعليّة للقة مقاونة بالتقليد 
الذي قذمه النحويون الكوفيّون» فقدّم كان ضارا في النحو (بات يطلق عليه 
لاع «الكتاب»)؛ إلا أنه بطبيعة الحال ترك العديد من المسائل الثانوية 
معلقة لتعمل عليها الأجيال التالية. كانت المهمّة هي تصنيف الطرائق التي 
سكن أن مجعم بها أجزاء اللغة» ونظام الكلماتء وأنواع الأسماء 
والأفعال» إلخ؛ من دون أن تتسبّب بالتشوّش عبر الصدام مع استعمالات 
لمر لم يكن ذلك يصوّر من خلال طريقة وظيفية فقط. إذ كان النحويّون 
يرون بأنْ دورهم هو تحديد مجموعة كاملة من التمييزات الطبيعيّة , بن انوا 
الكلمات وأنماط الجمل» ومن ثم فإِنْ ما يقومون به 500 تم 
استعمال كل نوع من أنواع الكلام لدى العرب المعتبرين في زمن محمّد من 
خلال البحث في الشعر القديم» واستعمالات الألفاظ عند من تبقى من 
البدوء وفي القرآن والحديث. ولكنّ اللغة المّعيشة في أيّ جيل من الأجيال 
تقدّم عادةً استعمالات متسقة فيما بينها. على أيّ حال. فإِنّ النتيجة كانت 
تأسيسٌ معايير يُمكنها أن تحافظ على المعاني الأصليّة بصورة مفهومة» بغضٌ 
النظر عمًا يُمكن أن يلحق بالاصطلاحات من تخصيصاتء وبغضٌ النظر عن 
مدى تعقيد الجمل اللاحق (بل بغضٌ النظر عن مدى أجنبيّة من يضطلع 
بمهمّة تأليف هذه القواعدء بحكم الولادة» عن العربيّة القديمة). لم تحظ 
لغة إسلاماتيّة مثل العربيّة بهذه الدرجة من التفخص والضبط الدقيق. 


تحت حكم المنصورء أصبح بلاط الخليفة راعياً لما هو أكثر من 
الآداب العربيّة الرفيعة وعلوم الشريعة» فبات يرعى مختلف أنواع التعليم. 
فعلى خلاف الكوفة والبصرة» اللتين بقيتا لوقت طويل مراكز مهمة لعلوم 
الشريف واللغة العرة الح بغداد ا ليس لهذه اماه فقطء بل 
والرناقينات والفلك : يجا فى البناية عن السولىة والسي انيه و لاحقاً 

من السنسكريتية والوغريقية. وبينما كان معظم دارسي علوم الشريعة واللغة 
العربيّة أشخاصاً ولدوا مسلمين أو تحوّلوا إلى الإسلام» فإنَ معظم من تابعوا 
دراسة العلوم الطبيعية كانوا من أهل الذمّة المنتمين إلى الولاءات الدينية 
1 على أنهم كتبوا وي باللغة 00 وإد 0 أعمال 0 


"6ه 


المُثل الثقافيّة للكتاب» وإِنّما لأنْ لهذه الأعمال استعمالات شخصية وعملية 
أو لأنها ت: تشبع فضول أصحاب الللقط قله نانف النقيق المافوت» اعتماها 
خض )ا م بل وبالتقليد الفلسفي الهيليني؛ فقد كانت المساعدات 
وأشكال التشجيع التي يقدّمها حافزاً كبيراً لتطوّر حركة الترجمة من الإغريقيّة 
والسريانيّة إلى العربيّة» ليتمٌ نقل الكتب الكلاسيكيّة في الطب والفلك 
والرياضيات والفلسفة الطبيعيّة بالعموم. أقام المأمون (في )87١‏ مكتبة بحثية 
رائعة» بيت الحكمة. وقد عمل المأمون على ما هو أكثر من ذلك» إذ سعى 
لطلب المخطوطات الموجودة فى القسطنطينيّة» حيث كان التقليد الإغريقي 
لريعة التخال يمحن بالحتاة . ,ول تطورتت توعيّةة الترسعينات عفن زمن المامون 
تطوّراً كبيراً . 


ولكنّ المراكز الأهمّ التي كان الطلبة قادرين فيها على جمع هذه 
العلوم, كانت المدن القديمة داخل الإمبراطوريّة. ففي إحدى أعظم مدارس 
الطبّ التي تأسّست في الأزمنة الساسانيّة» جنديسابور في محافظة خوزستان. 
انطلق التقليد الطبي الإسلاماتي وحظي بزخم كبير. وقد استجلب المنصور 
إن مخداد متها طينا سطور] بارزأء [جورجس] ؛ بختيشوع » الذي أققنا لاه 
فز الأطباء:فى الخاضمة يغزاد'**- كما أن مدينة حزان فى الجؤيرة»: قد 
ضعت الفا ةذ أهمٌّ المراكز؛ فقد تفوّقت على ادر بل وعلى 
أنطاكية» كمركز نشيط في التعليم. في حرّان» لم تكن المسيحيّة ذات تأثير 
نافذء وكانت العبادات الوثنيّة القديمة لا تزال قائمة. فى الآزمنة الإسلاميّة: 
أطلق الحرّانيّون على أنفسهم لقب الصابئة» وهو مصطلح برد فى القتران 
للإشارة إلى مجموعة موحدة غامضة يمكن التسامح معهاء وهكذا فقد 
أمكنهم أن يمرّوا ويسلموا بوصفهم أصحاب ديانة نبويّة مشروعة؛ فالدين 
الأفلاطوني الجديد (أو الفيثاغوري الجديد) في طبقاتهم العالمة كان يبرّر 
ذلك بالطبع. على نحو متزايد» بات الصابئة والمسيحيّون والمزديّون يعلّمون 
الطلبة المسلمين باستعمال اللغة العربيّة. ومع رعاية المأمون» أصبحت بغداد 


(*) ظلت أسرة بختيشوع. التي يعني اسمها بني عبد المسيح. أسرةً طبيّة لامعة تعمل في رعاية 
الخلفاء ء العباسيين وتطبّبهم إلى عهد الموفق (ت. لم اام واستمرت شهرتهم بعد ذلكء. إذ 
ألّف أبو سعيد عبيد الله بن بختيشوع (ت 0 ٠‏ كتباً مشتهرة في الطب والفلسفة. للمزيد. انظر : عيون 
الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة (المترجم). 


“.هم 


بسرعة أحد أهمٌّ مراكز العلوم والفلسفة في الإمبراطوريّة» مثلما كانت مركراً 
للآداب العربية وعلوم الشريعة الإسلاميّة. 


الحرب على لوقه الرسيد 

كانت الثروة والسلطة؛» ما بين شرقىّ المغرب وحوض نهري سيحون 
وجيحون» متمركزة على نحو غير مسبوق في مجموعة العائلات التي تعيش 
في قلب الدولة العباسيّة في بغداد. التي أجمع علماء الشريعة ورجال القبائل 
العرب وملاك الأراضي الفرس والتجار الكوزموبوليتانيون» والفلاحون (على 
نحو أكثر سلبيّة) في كل الأراضيء» على اعتبارها رمزاً للوحدة الإسلاميّة 
وللنظام المدني والعدالة القويّة. وقد أسهم قبول المسلمين المثاليين 
وخضوعهم والرضا النسبي من قبل أصحاب التوقّعات السياسيّة للتقليد 
الإيراني ‏ السامي في منح العباسيين قوّة صلبة. وهكذا فإنَ المراكز السابقة 
في العراق» الكوفة والبصرة». حيث كان النحو والفقه يتطوّران» بدأت تخسر 
أبناءها وتلامذتها لصالح العاصمة الجذابة» حيث كانت جميع وجهات النظر 
تمتزج وتشتبك . 

قام الرشيد نفسه بخطوة أظهرت لاحقاً كم كانت سلطة دولة الخلافة 
غير مؤكّدة بالمقارنة مثلاً مع السلطة الساسانيّة في السابق. فقد أصدر الرشيد 
مرسوماً (كان يُفترض أن توافق عليه جميع الشخصيات البارزة بين المسلمين) 
يقضي بأن تورّع إدارة الإمبراطوريّة بعد وفاته: فيتولى الأمين إدارة الهلال 
الخصيب والمقاطعات الغربية (ويحظى بمكانة الخليفة)» في حين تذهب 
كراسات بوانيقا داف الشرفة إلى ابص الأعي» الكامونا» يي كام 
واستقلال تام (ويكون له الحقّ في الخلافة بعد أخيه). إلا أنه كان على 
المأمون أن يُطيع الأمين في المسائل الحاسمة والكبرى. علق الرشيد هذا 
المرسوم في الكعبة» ليُضفي عليه سلطة مقدسة. لم يكن هناك أيّ عنصر 
اجتماعي في الدولة يملك القوّة الكافية لرفض هذا التمزيق للبنية السياسية 
للدولة سمي 1 قحم 

انعكست الحقيقة الاجتماعيّة على الوضع القانوني. لم يكن هناك اعدة 
نظريّة لأيّ احتجاج من قبل علماء أهل السئّة والجماعة بعد قبولهم بالخلافة 
العباسيّة. فبعد قبولهم بحكم هذه السلالة في سبيل الحفاظ على وحدة 


38 


المسلمين على أمل الوصول إلى معيار أكثر مبدئيّة» قبلوا على مضض 
بالحكم السلالي الذي كان سائداً منذ المروانيين» إذ يُعيّن الخليفة السابق 
الخليفة اللاحق» ويبايعه أهل الحل والعقد في المدن الرئيسة. ولكن 
العلماء» الذين رفضوا الاعتراف بالدولة المطلقة» والذين ظَلّوا يصرّون على 
التعامل مع الواجبات العموميّة بوصفها مسؤوليات فرديّة أمام الله. فسّروا 
نظام ا والقع ل اانه نوع من الجوائق والشهورةة: لحان جز من 
مؤسسات الدولة القائمة بذاتها إذا فتهبين الخليفة كن أنتفهن تروط 
يختارها الخليفة» يبايع عليها ويُقسم عليها المُعيّنون وأهل الحل والعقد من 
المسلمين + :وهكذا فإن الهدا الفترعى: الفقهخ الذى يتطق غلى .مسألة بيعة 
الخليفة تجو الوفاء والعقرق: .ولكرو. إذا تم يكن لدى الماك تاعندة لمكن 
الاحتجاج والمعارضة بناء عليهاء فكذلك هي الحال لدى الكتبة» بحكم 
ارتباط مصالحهم بالملكيّة ارتباطاً مباشراً. ولملء هذا الفراغ في قانون 
الشريعة» لم يكن هناك نظام قانوني ملكي أو سلالي معترف به» ليُحدّد طبيعة 
هذا المنصب [الخلافة] في حد ذاته. لتجاوز مثل هذه الشروط: فلا حكم 
الابن الأكبر مثلاً أو أيّ تعريف لحقوق مُحدّد لطبيعة منصب الخليفة» كان 
يمتلك قيمة أُوَليَّة على ضمائر الرجال تتيح لهم أن يصفوا مرسوم الرشيد بأنْه 
غير قانوني أو أنه بعيد عن مبادئ الشريعة. 


في السئوات التالية لوفاة الرشيد »8٠9(‏ وفى سياق الحملات العسكرية 
ضدّ الخوارج في خراسان) كانت الإمبراطوريّة مقسّمة في الواقع. لم يدم 
هذا الانقسام» فقد اندلعت عقب ذلك حرب أهليّة. استمرّت الحرب لأكثر 
من سنتين »)81١5-41١١(‏ واشتركت فيها عدة أطراف» جميعها ضدٌ 
جميعها. إلا أن القتال هنا قد دار في أجواء مختلفة تماماً عن حروب الفتنة 
الثانية والثالثة» حين كان ثمّة تصوّرات مختلفة ومتنافسة» كل منها يُخاطب 
جميع المسلمين ويتوجّه إليهم» وكل منها يُقدّم مرشّحه للخلافة؛ أما الآنء 
فقد كان الصراع الرئيس بين ابني الرشيد»ء اللذين رغب كل واحد منهما (أو 
رغب مستشاروهم) في أن حورته السيادة على مكميع الزمبراطورة: واعتقد 
بأنَ ذلك ممكن؛ على الرغم من أن الواقعة الحاشيرة كانبي التساؤل عما إذا 
كان الآمين قافرا على اتتضنة المانون: الذي يفترض أن يخلفه في حال موته 
لصالح تولية ابنه. كان الاختيار متعلّقاً بالشخصيّة: فالأمين (المُفضَّل بحكم 


6٠6 


نسبه إلى أمّه زبيدة» زوجة الرشيد) كان مشتهراً بفسقه وتهتّكه. ومن ثم فإِن 
وزراءه كانوا أقدر على التلاعب به. في حين أن المأمون (ابن إحدى 
الجواري الفارسيّات» التي لم تعش لتحظى بالنفوذ الذي تحظى به الجواري 
الأمّهات عادة) كان أكثر ذكاءً وثقافة واستقلاليّة. على كلّ حالء فإِنَّ عدم 
كفاءة الأمين وانتصارات قادة المأمون قد جعلت الأخير يكسب ولاء بعض 
أمراء الأمين» الذين كان يفترض بهم أن يبقوا في صفه. لكنّ بغداد صمدت 
ضدَ حصار القائد العسكري للمأمون. طاهر [بن الحسين] لأكثر من سنةء 
على الرغم من الحرائق والمجاعة ونقص الدعم من المقاطعات الأخرى. 
كان الأمين يحظى بدعم العائلات الكبرى وبدعم سكان العاصمةء الذين 
كاثواخاتفيقن قطعا من الميول الخراسانيّة للمأمون؛ ذلك أن المأمون أبقى 
مقر قيادته في مرو في خراسان وكان قادته من الفرس (كالطاهر) وكذلك كان 
وزراؤه. كان الرشيد في السابق قد فضّل مدينة الرقّة على نهر الفرات». 
لتكون مقرّه ومركز عملياته بدلاً من بغداد» ومن المحتمل بأنّ البغداديين 
كانوا قلقين على مكانة مدينتهمء التي أغدق عليها الأمين .من موارد 
الإمبراطوريّة بسخاء. غير أنه في هذا الصراعء لم يبد بأنَ ثمّة مبدأ إسلاميًا 
على المحكٌ. 


حتى خارج بغداد» كانت الصراعات المصاحبة لصراع الأمين والمأمون 
في الغالب صراعات محليّة النطاق. خلال عهد الرشيد. تمكن أحد 
المتمرّدين العلويين من إعلان حكمه لبعض الوقت في الجبال الواقعة جنوب 
بحر قزوين باسم القضيّة الشيعيّة» وقاد الخوارج هبّة كبيرة في الجزيرة”*'. 
وتم قمعها وإخمادها؛ وعاد الخوارج للنشاط في خراسان خلال الحروب 
على الخلافة. بعد انتصار المأمون بقليل» قام شيعة العراق بمحاولة كبيرة 
للوصول إلى السلطة”**". ولكن خلال حروب الخلافة نفسهاء لم يؤد لا 


رقالكل الأراى عي اررة باحك الاب يحيى بن عبد الله الحسنيّ» وكان قد نجا من يوم ١فخ»‏ 
قرب مككة عندما هزمت جيوش المهدي ثورة الحسين بن علي «العابد»؛ نم مع إليه النائين في الديلمه 
فأغراه الرشيد بالأمان وكتب له بذلك» ثم إنه سجنه في سرداب حتّى مات فيه سنة أماثورة 
الخوارج على الرشيد فقد قادها الوليد بن طريف الشيباني» وقد جال في الجزيرة وشمالها في أذربيجان 
وأرمينيا حتّى أرسل إليه الرشيد يزيد بن مزيد الشيباني في جيش تمكن من هزيمته وقتله (المترجم). 

(**) «إذ انتهز العلويّون الفوضى الشاملة بعد مقتل الأمين فقاموا بثورات واسعة المدى في 
العراق والحجاز واليمن» وأخطرها ثورة أبي السرايا (السري بن منصور الشيباني) ومعه ابن طباطبا - 


5 :.ه 


الشيعة ولا الخوارج دوراً تنما . في سورياء خاولت: دمسنق أن تستعيد 
الخلافة» ولكنّ الاقتتال بين الكتل القبليّة الكلبية والقيسية أضاع 0 
مرشحهم. . فى مصرء الدعداة فصائل المعارضة المحليّة ضعف الحكومة 
المركزيّة لتحاول كل واحدة منها التحكمٍ بالفصائل الاحودى» ولكن اللبيادة 
النظريّة للخلفاء العباسيين ظلَّت مسألة متفقاً عليقا: 


فى النهاية. عندما ذمّرت بغداد» تم الاعتراك:غرة شر 6 واحد 
في جميع أنحاء إمبراطوريّة المنصور والرشيد. كان على الها مون أن يواجه 
العديد من التمردات» ولكنه كان السيّد من دون منازع لمعظم أجزاء 
الإمبراطوريّة ولمعظم الوقت. وفي عهده امتدّ الازدهار الرائع للحكم الملكيّ 
الحطم لوقت طويل. واعتلن امنا بترن هذا الازدهار. بدأت اه إسلاماتيّة 
جديدة بالتشكل . 


التوسع الاقتصادي وشعبنة الإسلام 
0 000 دين 000 6 موجة من يت 0 التي 


فمع تزايد النشاط ا 1 طول ونا التجارة الإقليميّة 52 نصف 


الكرة الأرضيّة تزايد النزوع نحو التحضر والتمدين في المتلقة: العيدةة من 
النيل إلى جيحون. وأصبحت بغداد ‏ المركز التجاري الكبير حتى بعد أن 
فرّ منها الخلفاء ‏ أكبرٌ حجما مما كانت عليه سلوقية وطيسفون» نظيرتاها 
الهيلينيّة والساسانيّة في السابق. ساهم هذا التوسّع الاقتصادي الحضري 
بقدر ما كان نتيجة لنشاط اقتصادي على امتداد نصف الكرة الأرضيّة» فى 
جعل قو :دولةا الختلاقة: تمكنة؛: ولكته: قطعاً سنارع. رفحل «ترطة الأطلا فيّة :فى 
الحكم . 


كنا حدف غادة: فإن التوسّع الاقتصادي يُحافظ على زخمه بنفسه. فقل 


2 1 واستطاع العلويّون مؤقتاً أن يحتلوا البصرة وواسط والحجاز واليمن في 

٠ه‏ 0 مباشر أو غير مباشر بثورة أبي السرايا»؛ وعلى اراد ايع 
عبد العزيز زالدورئ: العمصر العباسي الأزل: ط" (بيروت 557 ,)١61/‏ 2 تلاها 
(المترجم). 


م٠ا/‎ 


سمح الازدهار الحضري السريع للعديد من الثروات أن تتكوّن» وشبع على 
الحراك الاجتماعي فيما , بين النيل وجيحول. تحت ظل السلا م الراسخ في 
الإمبراطوريةء. ازدهمرت العض : الحرة ة وتوسعت الأسواق» وظهرت 
الإمكانات لبروز ابتكارات جديدة. هكذا وجد التجارء الذين يشترون 
بالرخيص ويبيعون بالغالي» بأن من المفيد لهم أن يحملوا البضائع الغريبة 
لمسافات طويلة مع احتماليّة ضعيفة أن يتعرّضوا للاعتراض» مستفيدين من 
زيادة أسعار السلع عما تكون عليه في الأزمنة المضطربة سياسياً؛ وبالتالي 
فإن وسائل الترف والرفاهيّة كانت موجودة في العديد من الأماكن بوفرة 
هائلة. وليس في بغداد فقط. وقد حفزت هذه التجارة الإنتاجح المحلي . .امع 
تراكم هذه الثروات» ذهب جزء منها على الأقل لتشجيع المزيد من الأنشطة 
الاقتصاديّة. ولتزويد بيوت التجار البعيدة باحتياجاتهاء نشأت أشكال من 
العمل المصرفيء التي تطوّرت بوضوحء كما يحصل كثيراً في الأزمنة 
الزراعيّة» إلى حدّ جعلها أكثر من مجرّد أعمال صرافة. فقد أصبح 
المصرفيّون يقبلون بأن يسحب التجار ودائعهم من مناطق بعيدة عن المناطق 
التى أودعوها فيها. استفادت الحكومة بطبيعة الحال من هؤلاء المصرفيين 
في تسريه كانه بجي الكرائيه وني كلنات بترو ترائة أسري. فكما 
دود جره شكة شارك . وال سح عاد فمن دول الاعتماد على 
البيروقراطيّة» لن تكون الشبكة التجاريّة قادرة على العمل على هذا النطاق 
الواسع 


على الرغم من أن بعض الأموال كانت تصرف على الأرض» المصدر 
الأبرز للدخل في العصر الزراعي» فإِنْ الأموال المخصّصة للاستثمار كانت 
في الغالب توضع في التجارة. كانت تجارة البضائع الكماليّة وسلع الترف 
ونقلها مُربحةً بشكل مذهل» ول كال :دبك بدرجة أقل اطراداً من نقل السلع 
البومتة الميقة كاتجويع آلا ماءتكرة الترفات التجاري نزنةه, وركن ينك 
الفترة كانت فترة ابتكارات وتنوّع غير عادي. فقد كانت معظم أشكال الحياة 
التجاريّة تقوم على مبدأ الشراكة» وكانت شروط الشراكة تتنوّع» كما يتنوّع 
عدد الشركاء المشاركين في نشاط تجاري معين. وكثيراً ما كان المسلمون 

يشاركون غير المسلمين؛ نشي أ تعدو علاتها ' فمثلاء في الشراكة بين 


بم4مه6 


المسلم واليهودي» يُمكن لليهوديّ أن يستريح يوم السبت وأن يستريح المسلم 
يوم الجمعة. 

لنافية::وسيلة للغواضل عن الأطراف المتباعدة» وهو ما تتطلبه التجارة 
البعيدة ‏ قد يكون لتاجر مستقرٌ في كجرات في الهند مصالح تجارية في 
إسبانيا أو قد يخّط لمشروع تجاريّ في حوض نهر جيحون أو نهر الفولغا - 
كانت هناك خدمات بريدية معتادة. م 0 007 
الطرق البريّة والبحرية المهمّة. وغالباً ما كانت هذه الطريقة بطيئة» ولكن 
يبدو أن البعض كان يستعمل خدمات مميّزة؛ مثل خدمات «البريدا الرسمس 
الذي تستعمله الحكومة المركزيّة والذي يستطيع سُعَائه همان الوستائل 
وإيصالها بسرعة عبر تبديل خيولهم في محظّات جاهزة في الطريق”*“. وقد 
كان التجار يُسافرون مع بضائعهم في السفن وال كه عادة أفراد. 
سواء أكانت هذه السفن للبحر أم للنهر ‏ أم عبر القوافل البريّة الخاصّة التي 
تعتمد على الجمال . 


كانت التجارة هى. شكل المخبار الشائع ؛ ولكنّ بعض الأموال كانت 
تير فى الضناعات. اليدؤئة :فك انتشرتعدة صناعات في المنطقة الواقعة 


تحت حكم الخلافة العليا: صناعة الورق» التي أخذت مة, الضين .عبر 
حوض نهر جيحون.» ولت محل عمليّة صناعة ورق البردي كماذة للكتابة 


(؟) انظر: 


[2ننزء 071 تنهء 471671 1/776 /[0 /2 اول ,* 15121222 14017751 ما عع ع5 11211 2010125121 186 '' ,0301112 .0آ .5 
1185-3 .مم ,(1964 عمنال-الءمذة) 2 .20 ,84 .701 ,نراء5001, 
الذي يتحدّث عن خدمات توصيل الرسائل إلى القاهرة. 8و كلمة «البريد» العرَبيّة «تخدمة الرستل 
الرسم 3 أها بالنسبة إلى «خدمة البريد 5619710 224505691 ال : » فد كان هناك 
شخصي 
مجموعه ة مصطلحات مختلفة (مثل : بع . مع الأسفء فإِن هناك جا كمه ة تسببت بإسالة الكثير من 
الحبر بلا فاتدة. كانت الكلمة الفرنسية «11165م»» مقابلاً هناسنا روعا لكلمة بريد في بعض معانيها . 
ولكن؛ , بما أن كلمة 00111162 0 أن تعني الرسو” لوبتي 5 تعني الجدنات البريدية ٠ ٠‏ فقد حم 
كبير إلى درجة 0 تبريرها : امهنال 517 هقان لامع رنام»ه») استعمالٌ متكوان 95 20 مع 
الأسفء فإِنْ العلماء المبكرين كتبوا كما لو أنهم جا ماودو 200167 الفرنسيّة وليس مع «البريد) 
العربيّة» فأساؤوا ترجمتها؛ إذ أصبحت كلمة الريك د حرم 0 «خدمة البريد 56107106 212205181 وبين 
الكلمتين اختلافات كثيرة؛ ولهذا يجب تنبيه القرّاء إلى أن «البريد» العربية لاا تعني «الخدمة البريدية» كما 
نفهمها. وقد دخل هذا الخلط الفرنسي في اللغة العربيّة الحديثة. فأصييفت كلمة «البريد) تعني في 
الاستعمال الحديث «خدمة البريد» . 


عليها. وأتى استعمال القطن من الهند. كانت مصانع السكر والورق توظف 
أعداداً كبيرة من العمالء. وكذلك كانت مشاريع الحكومة. كالورش 
المخصّصة لعمل الأثواب التشريفية التي يوزّعها الخليفة. كان طموح 
الحرفيين هو العمل كسادة مستقلين في تجارة ما ينتجون» وتعيين عامل أو 
اثنين كمساعدين؛ أو العمل مع سيّدء إن لم يكن في مقدورهم افتتاح محل 
خاصٌ بهم. وجد التجار والحرفيون طرائق للتعاون فيما بينهم لحماية 
مصالحهم المشتركة من المنافسة الخارجيّة. أمّا بين الذميين» فكان ذلك يتم 

عبر التنظيم المجتمعي للمجموعة الذميّة المحلية نفسها. ولكنء على الأقل 
في بعض الأمكنة - مثل القاهرة - كان الأفراد يميلون في الغالب للعمل 
بأنفسهم ؛ فعلى سبيل المثال». علا لمان التجار المشتركين في مجال 
د لمر بار محري وتخصصه لي الي الميويم غير 
أن بعض الأفراد يأخذون مساحات لعرض سلعهم في أماكن أخرى؛ وعلى 
الرغم من أن المشتغلين في تجارة معيّنة يُشار إليهم غالباً بشكل جمعي. إلا 
أن الأفراد بإمكانهم أن يبدووا اتجارة لم تكن عائلاتهم قد عملت فيها. لقد 
حكم مبدأ التعاقد الحو يخا لا تاها من حياة المدينة» مما سمح بدرجة 


عالية من السيولة 814159 التي يحتاجها هذا النوع من التوسّع الاقتصادي”” . 
في هذا الازدهار الحتزايد وما صاحبه مم*ء ن حراك اجتماعيّ. أدَى 


الإسلام ومؤسسات المسلمين دوراً مفتاحاً مهمّاً. فإلى درجة من الدرجات» 
كان لطبيعة الانضباط الذي تفرضه الملكيّة والامتداد الواسع لدولة الخلافة 


(5) إن مقالات البروفيسور جويتين حول المخطوطات التي غثر عليها في جنيزة القاهرة في كتابه 
دراسات في التاريخ الإسلامي ومؤسساته قد ألقت ضوءا قينا على ظروف التجارة» بخاصة بين 
الأقليّات في القاهرة. كما أن عمله يشمل فهرسة جيدة للتجارة الإسلاماتية بالعموم. انظر: 

.(1966 ,ااعظ8 .ل .8 طعل1عآ) 1125161110125 220 1150139 نظ 151 12 51015 ,201612 .10 .5 

لا يُمكننا أن نكون متأكدين من وجود حريّة تجارة فى المدن الصغرى مكافئة لتلك الموجودة فى 

الجدن الكرى: ولكن من الواضح أنه حتّى هناك لم يكن ثمّة بُنى نقابيّة مُحكمة وصلبة يُمكن أن تثبط من 
المبادرات. للمزيد حول المدن السورية في المرحلة المملوكيّة المتأخرة. انظر: 

12019761511 11210310 نذالا ,عع 10تطصهن)) دعع4, 141041 «1ه2ط ©1[) 1١‏ 11125ن) 771 أكلتقا ,ذال 1اصهآ م13 113 

.(1967 رووعع]2 


[الجنيزة كلمة عبريّة وتعنى ني الغرف أو المدافن التي كانت توضع فيها الأوراق والوثائق التي تحمل 
اسم الله والتي لا يجوز إبادتها أو تركها بحسب الشريعة اليهودية. وقد تم اكتشاف جنيزة القاهرة في 
نهايات القرن التاسع عشرء وحوت نحو ٠١١‏ ألف وثيقة يعود بعضها إلى القرن الحادي عشر 
(المترجم)]. 


لهم 


- تحت حكم الخلفاء الأقوياء على الأقل - تأثير مهم في ضمان المناخ 
الهادئ والمشجع على التجارة. . فمع النظام يأتي الأزدفان إلى درجة ماء 
كان الازدهار هو ما جعل حكم الخلفاء الأقوياء ممكنا. ولكن. عندما 
تنهضن الملكية: خإنها كنذا بامعلاك تأثير ممتتفقل . عملياء كان اللقوة التوسعية 
للملكيّة تأثيرٌ مباشرٌ على تخمّر الثقافة العليا ونضجها. حتى بعد تدمير الحكم 
الملكى للخلافة» تفتّحت الأسئلة الجديدة وأينعت ثمار التقاليد الجديدة في 
حوار ثقافيَ قويّ ومستمر. 

كان البلاط هو النقطة المحورية 6هنهم 0081 للازدهار في ذلك الوقت. 
وقد انتشر نموذج البلاط وتأثيره عبر أنحاء الإمبراطوريّة بسبب جاذبيّة الثروة 
والعتى». آنا كانت الجوازد"ء القن قاتن عن الشير اتنب الى نهدل هن 
الولايات إلى بغداد» فإِنْ هناك رن د من إعادة التوزيع نكا اير قنوات 
حياة الترف وما فيها من موضات وصرعات؛ فضمن هذا الميدان». يتوافد 
الشبّان الأكثر طموحاً وبراعة من كلّ مكان. ومن العاصمة, يتم إعادة تدوير 
العالد الوا لز ا لآ عن طريق الولاة وحدهمء. بل عبر التجار 
وملاك الأراضي الذين يُمنحون من أعطيات الخليفة» وعبر جميع من أتيحت 
لهم فرصة تذوق روعة بغداد. يتم إرساء الموضة في البلاط وبين حاشيته. 
ثم تنتقل إلى الحياة الاجتماعيّة» ومنها تستحكم في الذوق الفئْي والأدبي 
الذي ينتشر بدوره إلى جميع مراكز الولايات؛ ففي ذلك الوقت كان البلاط 

بوتقة انصهار لجميع التقاليد الثقافيّة التي تواجه بعضها البعض. 


إنْ إحدى السمات المهمّة للثقافة المشتركة الجديدة التى تشكلّت» وهى 
سمة ساعدت بدورها في جعل هذه الثقافة أمراً ممكن الحدوث. هي الدرجة 
العالية من الحراك الاجتماعيّ لاأنائ206 506121 : ليس فقط الحراك الاجتماعيّ 
في الحياة الاقتصاديّة الضروري للعوع الاقتصادي. بل ايا الدع 
الثقافي على وجه خاص.ء الذي يتمثل في قدرة كل رجل ذي روح مميّزة أو 
ذي موهبة على صعود درجات البيلم الاجتماعي من دون أن يعتمت على 
امتيازات عائلته أو روابطه الجماعيّة. وفي قدرته على التحرّك في دوائر 
تتشكل من مجتمعات أخرىء بغض النظر عن الروابط المحليّة التي جاء 
منها. . لقد كان المسلمون واعين بالحيويّة التي يُمكن أن يجلبها معه «الرجل 
الجديد». فنحن نقرأ مثلاً عن مناظرة دارت بين اثنين من العلماء» أحدهما 


ه١‎ 


قادم من الكوفة وقد ازدرى الآخر لأنه جاء من مدينة صغيرة مغمورة 
الذكر؛ فأجابه الآخر: إنك أهنت مدينتك في حين اخ أعليتٌ دكن مدينتي 
ومجدها. إن تسم المرء ء الشريف يجب أن يبدأ به لا أن ينتهي إليه. وهكذا 
فتمقد كان رجال الفنون والآداب في حركة ذاكماء وقلّما كانوا يستقرون في 
المدن التي ولدوا فيهاء وكانوا دوا قادرين على تدوين أخبار أسفارهم 
للعديد من المدن البعيدة. 


شرعان نا اسك بلاط الخليفة بزمام القيادة في تشجيع الحراك 
الاجتماعيّ. كان رجال البلاط متمسّكين ببعض العناصر المتوارثة فى 
موصيو الى كانه عسات ميك فى أزمنة الا سانييو بواعانا كتيوا جر 
الآعن كما لنى .أنه أسابن: للآدي»: التهدويا:والسقيف» اسفمة النتلاه مين مزلذ لك 
الأرض في التطلّع إلى النسب النبيل - بخاصّة نسب الأبطال الملكيين فى 
الأزمنة اواك القديمة ‏ بوصفه معيارا للمكانة الاجتماعية. عا ا حدفاة 
القبائل العربيّة القديمة فقد ظلّوا يتفاخرون بنقاء أنسابهم؛ بخاصّة العلويّين 
والعباسيّين أنفسهم. (كان هناك مكتب حكومي خاص لتقييد الأجيال الجديدة 
من هذه العائلات» لكي يتم ضمان أصالة النسبء, ولتنظيم الأملاك المهمّة 
والامتيازات التي تعود إلى هاتين العائلتين). ولكنّ مثل هذه النزوعات 
الأرستقراطيّة كانت 2 وضع ضعيف . فسابقاً في زمن أنوشروان» خسر 
النبلاء الساسانيّون بعضاً من قوّتهم. وقد ساهم أهل التقوى من المسلمين 
بالفعل في تضاؤل الفخر لدى أبناء القبائل العربيّة بأسلافهم الوثنيين» ولدى 
أبناء طبقة النبلاء الكمار سابقا. لقد كان برنامج العباسيين قائما بالدرجة 
الكبرق غلى بدا 'المساؤاة تين المسلميق» بعيدا نحى عن أنواع المساواة 
الأخرى بين رعايا الملك المطلق. في بغداد. تحت حكم العباسيين 
المطلق. كان الرجل صاحب الموهبة قادراً على تحصيل الثروة أو الوصول 
إلى أعلى المناصب من دون أن يكون ثمّة دور لمسقط رأسه؛ فما كان يهم 
في البلاط هو أدبه الشخصئّ: تهذيبه وملكته الأدبيّة الفنية. 

ولك طبور :لبط الاقلهي ليقع ل | لتعديد اللعفافة الم يكن انر هن 
الدور السياسى والاقتصادي لبلاط المسلمين فقط؛ فقد عبّرت ضغوط 
اجتماعيّة أخرى. حفّزها التوسّع الاقتصادي» عن نفسها بشكل مباشر من 
خلال الدين الإسلامي. وقد بدّل انتشارها العلاقات الاجتماعيّة القائمة في 


؟أه 


العديد من تقاليد الثقافة العليا عما كانت عليه في الأزمنة المروانيّة. فالآن» 
لم نع السسلحون لون مجرد طبقة حكم صغيرة» وإنّما أصبحوا جزءآ 
لاا قف الشيكان بالعموم. وفى بعض الأمكنة كانوا هم الأغلبيّة. 
وبالتالي» لم تعد هناك تلك الكثرة من المجتمعات الدينيّة المفصولة عن 
بعضها بحدود جغرافيّة أو لغويّة. أو بانتسابها إلى تقاليد مكتوبة؛ وهي حالة 
لط حى ‏ المرديون المرتبطوة بيسن ربراني إثني صلب تجاوزها. لقد 
بات المجتمع الآن صورة مناسبة ناكو سان عقن العدديك يفن و قعا نك التقليد 
الإيراني - السامي. ولكنه يجمع في الوقت نفسه بين جاذبية محايدة ‏ غير 
فرقطة بان هق | لمصمرعاف 200 اروراعنة الكبرى في المنطفة هرون ملظ 
سياسية توحد جميع أراضي التراث الويراني والسامي في امتداد جغرافي لم 
يصل إليه الساسانيّون أبداً. فحتّى الأفراد الذين لم يقبلوا بدين المجتمع 
الجديد» كائن فى الكالب يستعملوة لخلا :ولك المجدمع فال تجيزقعه 
المتفوّق على الجميع بسبب الأعداد الكبيرة التي دخلت في تقليده الديني . 


مدل زتن عبر الغاتن + تخ التتجيم وسعيا علن الدغول: فى الإسثلام. 
تحف حكم عقاء» على سبيل :المدالق8 تطيى فادى غير العاني انن 
خراسان وفي حوض نهر جيحونء مما شبّع أفواجاً كثيرة على الدخول في 
الإسلام» وهو ما قوّض مكانة الحكام المحليين من السلالات القديمة 
شاعو فى ضيلئة التخكر السعاشى الفى ناد فى التهاية "إلى العصار 
العباسيين . .٠‏ مع مجيء الحكم العباسي؛ أصبح الدخول في الإسلام أمراً 
شبائعا . بعك غدة أخيال)مندف أن غالبية سكان المدن والعديد من الفلاحين 
في الأجزاء الكبرى من الإمبراطورية كانت قد دخلت في الإسلام. 

أن يكون المرء مسلماً يعني أن يحظى بمكانة عظيمة» وهو أمر وجده 
التجار مفيداً وإيجابيّاً ولا شكٌ؛ إذ يبدو بأنّ بعض أشكال التجارة قد 
أصبحت بالمجمل في يد المسلمين» في حين بقيت أشكال أخرى من 
التجارة بيد اليهود أو المسيحيين. فوق ذلك كلهء فإنٌ هجرات سكان 
الأرياف إلى المدن الآخذة في النموّ (التي يتم بوساطتها التعويض عن 
نقص أعداد سكان المدن) كانت تتصاحب أحياناً مع التحوّل إلى التقليد 
الديني المهيمن في المدن؛ فالفلاحونء» الذين كان علبهم أن يتغلهوا 0 
حضرية جديدة للحياة» كان عليهم أيضاً أن فعلهوا" الأباط النية 


اه 


أصبحت أعداد المسلمين كبيرة؛ أصبح المسجد هو المكان الأكثر حيويّة, 
والأكثر كوزموبوليتانية ا وأصبح مزاكر جميع الأنشطة. وفي المساجد. 
كان «القُصّاص) يروون عجائب أخبار الأنبياء وقصص التوراة والتلمود بعد 
وضعها ضمن إطار إسلامي. وهكذا فقد ظهر شكل متكامل من الإسلام 
الشعبي» بتاريخه وأخلاقيّاته» وعلوم آخرته» معتمداً على أكثر المفاهيم 
اللافتة والمثيرة للدهشة في التقاليد الدينيّة السابقة. عندما أصبح معظم 
سكان المدن من المسلمين؛ أدّت صلاتهم الكثيرة بسكان القرى المستقلين 
إلى دفع هؤلاء السكان تدريجيّاً إلى اعتناق الإسلام أيضاً . 


تحت حكم العباسيين» لم يعد على المسلمين الجدد أن يُعرّفوا أنفسهم 
بالانتماء إلى أي قبيلة عربيّة» إذ إِنْ هذه القبائل نفسها كانت قد خسرت 
امتيازاتها تدريجيًاً. لم يعد الإسلام شارة وعلامة انتساب لطبقة حكم 
محدودة» وإنما كتلة اجتماعيّة كوزموبوليتانيّة ذات توجّه حضري؛ فقد أصبح 
رمزاً على الحراك الاجتماعى الكثيف الجديد. بالطبع» ٠‏ لم تكن آثار هذا 
الحراك الاجتماعيٌ ظاهرة في الإسلام وبين المسلمين فقط. فمع زيادة 
التحضرء تزايد الحراك الاجتماعيٌ 2 . وقد تحوّل العديد من اليهود. 
الذين كانوا مزارعين فى العراق إلى التجارة» وأصبحوا تجاراً كباراً. ولكنّ 
الظاهرة كانت أوضح بين المسلمين» الذين انتقلوا إلى مهن أكثر إفادة» أو 
الذين تحرّكوا من منطقة إلى أخرى . 


تقو ى أهل الذمة 

مع دخول السكان الأكثر نشاطاً ‏ الحضريّين وذوي التوججّه الحضري - 
في الإسلام: حصل تحوّل في الدور الاجتماعي والثقافي للتقاليد القديمة؛ 
فقد أصبح أتباعها أقليّات تتوزع في الإمبراطوريّة ككل» وإن كان من 
الممكن أن بشكلوا أغلبيّة في أمكنة معيّنة. غير أن شعائر هذه الأقليّات 
وأنماطها الفولكلورية قد أسهمت لوقت طويل بدورٍ حاضر في حياة 
المجتمع ككل» والذي لم بك بالعمزوز ورا مدعا ولكنه: حاف على 
درجة من الاستمرارية مع الغوراتت ومع الماضي على ويجورى "ألماط 
الحياة اليوميّة والموسميةء» وهو أمر كان المسلمون بتوجههم الحضري 
مفتقرين إليه . 


6.15 


في زمن الفتوحات العربيّة» حظيت المجموعات الدينية المختلفة (التي 
ستشكّل لاحقأ مجتمعات أهل الذمّة المحميين) بالمساواة فيما بينها في 
المكانة» كما حظيت بالحماية ضدّ تدخّل بعضها في شؤون بعضها الآخر؛ 
تعلن ميل الوثال:: قوق المتلفون على شاط الميشرين.والداعاة من 
أفضل مما كانوا عليه تحت الحكم البيزنطي؛ فالانفتاح السياسي» إضافة 
إل الاقتصادي. متم لهم بزيادة نشاطهم التجاري. كما أن موفع 
الي 000 المستساي, نسبياء قل ال و ني بابل 
الإسلام. استفادت الكيانات المسيحيّة المؤمنة بالطبيعة الواحدة للمسيح في 
مصر وسوريا وأرمينيا مباشرة وبشكل كبير من انسحاب الإغريق ذوي 
الامتيازات. وبعيداً عن التأييد العام للتقوى كما ثفهم في التقليد 
الإبراهيمي» يبدو أن المسلمين قد فضّلوا وجهة نظر المؤمنين بالطبيعة 
الواحدة للمسيح في قضايا بعينهاء أبرزها الرفض الدارج بينهم للتماثيل 
كراهيتهم للكنائس الثريّة التي تستطيع أكثر من غيرها توفير ذلك. في 
الأزمنة المروانيّة» بدأ المسلمون بالانصراف عن الفنون التجسيديّة فى أي 


ولكن» في الأزمنة العباسيّة» كانت المجتمعات الذميّة قد بدأت تُعزل - 
كمجتمعات وكتقاليد روحيّة ‏ عن الحياة الروحيّة للأغلبيّة» على الأقل على 
مشكوق: الثقافة الغلباع تفقل :بيدأت هذه المجصمعات تعزف كمتموعات إنقة 
فرديّة. حين نتحدّث عن المجموعات الإثنيّة» فإنّنا لا نعنى المجموعات 
القوميّة بالطبع» وإنما نعني أي مجموفات تملك القماة ثقاننا :فرعا ولد 
فيه البشترة كما ' تعن آيضا المجموعات الصترى الأكثر ترابطاً والتي تمتلك 
لغة أو لهجة خاصّة بها وتمتلك شعوراً مشتركاً بالولاء بينها في مواجهة 
الغرباء» على الرغم من إمكانيّة ألا تعيش المجموعة في منطقة متجانسة 
واخدةء لالجا كانت المستعيعات الديدة ناا نين القدن بوصسعون نثالة 
لفعريةن نفسها من خلال المجموعات الإثنيّة» ولكنّ هذا التعريف أصبح 
الآن قو صرامة . فكل مجموعة إثنية لم 7 تعتنق الإسلام معدت تَعرّف من 


هلاه 


خلال انتمائها الديني الخاص»ء د مما تعرف من خلال لغتها. ومن ثم 
فإِن الأرمن» على الرغم من أنهم يمتلكون لغة خاصّة. كانوا يعرّفون من 
خلال كنيستهم التي بقيت مستقلة؛ » ليس فقط في المرتفعات الأرمينيّة» حيث 
تشيوة الأرمن. قاتها نضا فى سوريا ومصر (على الرغم من التشابهات 
الكبيرة بين لااهوت الأرمن ولاهوت القائلين بالطبيعة الواحدة للمسيح). أو 

في العراق وإيران. فالأرمني الذي يتحدّث العربيّة يبقى أرمنيّاً ما دام أنه 
يدهي إلى الكنيسة؛ أما الأرمنيٌ الذي يهجر الكنيسة (غالياً ليعتلئق الإسلام) 
فإنه سرعان ما يجد نفسه عضوا في مجتمع مختلف تماماً. (داحل 
الابلاءه نظت يعض الخطرط الأننة على تيهنا على أبتاين اللفة أو 
اللهجة» أو على أساس الوظيفة الاقتصاديّة أو الانتماء إلى منطقة ماء وفي 
النهابة' ظهرت: خطرط جديدة». شرسطة غانيا بالطوائف الإسلاميّة الجديدة؛ 
بر أن مثل هذه المجموعات الإثنية ثنية لم تكن معرفة بالصرامة ذاتها التي 
لع فبواعها المجموعات الذمية). 

حافظت أشكال التقوى والتديّن لدى الأجسام الدينيّة الذميّة على طابعها 
المميز بطبيعة الحال؛ فالمسيحيون كانوا يتطلعون إلى المخلص الذي عانى 
في حبّه للبشر وانتصر على الموت؛ أما اليهود فإنهم حافظوا على العهد/ 
الميقاق التقدس»: بوظلوا بعظلعوك” إلى اخطفاء الله الفينائك لغيه الهومة 
وتطهيره للعالم ؛أما المزديّون فظلُوا يتحرّقون لخدمة انتصار النور والحقيقة في 
العالم الذي تشتدٌ فيه الظلمة. كان مثل هذا التطوّر المستمرٌ في أشكال 
الشعور الديني لدى المجموعات المختلفة مقتصراً على الحياة الداخليّة لكل 
مجموعة ؛ إذ يبدو أن تأثيو ذلك على علاقة المجموعات المختلفة ببعضها 
البتعض أو بالإسلام كان :فعيفا : 


في المقابل» كان لتطوّر أشكال التقوى في الإسلام تأثير ملحوظ على 
بعض الأجسام الذميّة؛ فهناك بعض الأدلة على أن قادة المزديين» في القرن 
الثامن والتاسع. قد أعادوا صياغة بعض التعبيرات في تقاليدهم. استجابة 
لتأثير المسلمين. على أيّة حال» فإن البلاط المزدي للساسانيين» الذي كان 
يُفسح المجال لعبادة آلهة صغرى بجانب إله الخير أهورا مزداء قد أختفى 
فيما يبدو. فقد رأى الكهنة الآن بأنْ أهورا مزدا يجب أن يكون مركز كل 
تبجيل وإخلاصء» ومن ثم فإنه بات المقابل المكافئ ل«الله» عند المسلمين. 


5ه 


وقد دعموا هذه المقارية باللم عم العاف ينا اللاهوتية. بل وربما بإعادة 
تا تأويل بعض النصوص المقدسة: أي تكن إعادة الصياغة التي عل 62 فيبدو 
أن ذلك لم يوقف تراجع أعداد المزديين أمام المسلمين. 


ساهمت التقاليد الدينيّة السابقة في عمليّة تشكل الروحانيّة داخل الإسلام 
عبر صلات الأفراد ببعضهم واتصال القرى ار ومن كير ضثلات 
المجتمعات [الدينيّة] بأكملها. ولكن؛. خلال حقبة الخلافة العلياء كانت هذه 
المساشية اقترودة ١‏ لأهيةة. القل الاخط] سنا بق كيف انرفيهنا. عدن بالقانون 
والأخلاق والأعراف والتعاليم الشعبية» وهي أموزن : تهم الجميع. اعتمد كل 

من العلماء والقصّاص في المساجد على الخلفيّة الذميّة لاستلهام روحها 
ل أحياناً؛ وقد حصل المثل في مجموعة من الحالات الخاصّة 
الأخرى: في تقنيات الزهد في الحياة الصوفيّة» التي لم تكن تهمّ سوى قلَةء 
وفي ابتكار العبادات المحليّة وإدامتها. في الحقيقة» فما دام أنْ أهل الذمّة 
كانوا كثيري العددء فإنهم كانوا لا يزالون الأوصياء على الطقوس المعترف 
نهنا فق الح العشوفي: وعلن التفا ليه القسة البومة الس تريط الاشبيانة .نما 
لحيطة هن نضيول: النمدة بورتقدا ريني لاضن المددا لب وقد معدك للك سكل 
أكثر .سهولة لان التقويم الإسلاميّ القمري ‏ الذي صمّمه الجنود والتجار 
المسافرون ‏ يتجاهل الفعبيو ل الشجيتة بر تاف التاق نان الافياة اديت 
لهذا التقويم لا تتطابق مع الفصول الطبيعيّة إلا مرّة واحدة كل ثلاثة وثلاثين 
عاماًء وقد كانت جميع الأعياد المرتبطة بالطبيعة لا تزال قائمة على تقاويم 
غير إسلاميّة» ومرتبطة بالضرورة بالعبادات والديانات الأقدم. لقد نظرت هذه 
لاريم الطقوسية إلى 0 بوصفه 5318 على نحو جذري». منفصلاً عن 
أئّ طابع محلي ومنفصلا ا عن دورة الفصول؛ 1-7 فقد بقيت دورة 
الطبيعة متروكة للتقاليد الأقدم. 


كان هناك عدد كبير جِدَاً من غير المسلمين حتّى فى المدن» ولكنٌ الفقل 
الأكير العين المذانمين كان وعيط التلاجين» :يبا هذا الغيائز لخر : 
(والبربرية). فإن غالبية سكان الرياة و كفا قرا في البداده كدي و1 تيم 
لتقاليدهم القديمة؛ وقد كان سكان الريف بالطبع أكقر هددا هن سكان 
المدن. من بين المجتمعات الكبرى المحميّة من قبل المسلمين - المسيحيّين 
واليهود والمزديّين ‏ فإن المسيحيين والمزديين قد خسروا بسرعة موقعهم في 


/ااه 


صدارة المجتمع بعد أن أصبح ملاك الأراضي والتجار جزءاً من المجتمع 
الحاكم. وقد أصبح هذان التقليدان على وجه الخصوص نموذجيين للجماهير 
اليجعةة ‏ المتخلتة: ببشاضة لدف الفلاحين (وليسن حصراً) ؛ العلدين "الوتماتا 
إلا في حالات الثورات الشعبيّة . 


من وجهة نظر المسلمين على الأقل» فإِن انول سمات تقواهم لاع أهل 
الذمّة] كانت تأكيدهم الفلاحي على الأضرحة المقدّسة وعلى الأيام الموسمية 
المقدّسة والأعياد. في سوريا ومصرء كان جميع السكانء؛ المسلمون 
والمسيحيّون على حدٌ سواءء يحتفلون بعودة الربيع مع عيد الفصح. وفيه كان 
المسيحيون يسيرون في مواكبهم فيما ينظر إليهم المسلمون. بالطريقة نفسهاء 
كانس عضر أعياة القتسعة تترافق مع أطوار معيّنة من السنة الزراعيّة. عند 
المزارات والأضرحة المكرّسة للقديسين المسيحيين» كان الفلاحون يعبّرون 
عن آمالهم ومخاوفهم بطرائق لا تختلف كثيراً عما يحدث في المزارات 
الوقة المسيية» العن كان المزارعون فى الأحيال العتايقة برتادونها :فين 
النيا 6 وتدت العدية موه المذاراك: مل .بر اعيانا الأعياة الوسيةة: 
مكاناً لها في الإسلام. خلال الوقت الذي ظل فيه الفلاحون مسيحيين» كان 
على المسلمين أن يقنعوا أنفسهم بالمشاركة غير المباشرة في أشكال التديّن 
القديم للفلاحين» بما يتضمنه ذلك من خوارق من جهة» ومن دراما كبرى 
ر تقوم على تبدل السنوات وتعاقبها من جهة ثانية. 

في النجد الإيراني» تمّ الحفاظ على الأعياد الموسميّة الإيرانيّة القديمة» 
التي يقدّسها المزديّون. وقد كانت هذه الأعياد تُنظم بناء على التقويم 


الشمسي 00 وعلىٍ 0 0 أن هذه الأعياد عر الكثير من 


الحاضرة الاسلامية غرب المتوسّط 


في الأزمنة العباسيّة العلياء كانت الأراضي البعيدة عن مركز الخلافة 
تطرّر نمطا ثقافيّاً متمايزاً (يمتدّ أحياناً إلى العلاقات المحليّة بين المسلمين 
والذميين). وقد كان هذا ييا على نحو آكد في أكبر المناطق البعيدة: 
أراضي المسلمين في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط . 


6ه 


لم تخضع معظم ولايات المسلمين غرب المتوسّط للحكم العباسي على 
الإطلاق. فهناكء قام السكان البربر ‏ الذين تحوّلوا إلى الإسلام كقبائل 
بالجملة وتم استيعابهم ضمن إطار قانوني مع العرب منذ البداية ‏ بالدور 
الذي قام به العرب في أماكن أخرى من الحاضرة الإسلامية؛ ولكن مع 
تسليم القيادة للثقافة العربيّة. فبلاد المغرب. الواقعة كجزيرة بين البحر 
الأمقي المعر شط والضهكراءالقبرس» كانس تمدن البو ا عه الجر 
العربيّة للعرب» التي كانت تقع على مساحة متقاربة (وإن كانت أقل وفرة 
بالمياه). ولكنٌ الرعي. عند البربر القاطنين في الجبال.» كان أكثر ارشاطا 
بالزراعة. وقد أدى الرومان دوراً أكسر في المدن الواقعة على الساحل 
الشمالى من الدور الذي أداه الساسانيّون فى شرق الجزيرة العربيّة وجنوبها. 
على ١د‏ بده العدن د الأقل وعرها السحيت دزات الدمي اطورة 
الرومانيّة - لم تكن تمتلك قوّة تُمكنها من السيطرة على المناطق النائية» التي 
تحوّلت بالمجمل إلى مناطق للفلاحين» باستثناء المناطق المحاذية للمدن. لم 
يكن ثمّة شبكة من مدن الأسواق الثانويّة فى المغرب لتشكل قاعدة للسيطرة 
الوراعةة المديفتة الوانيعة, وال المغرية مدن أن الإنناام فك أي 
بالمجمل مسألة شعار تتحدّد وتنتظم أسفله العلاقات مع الغرباء. وهكذا فقد 
عبر البربر البحر إلى إسبانيا بنفس الروح التي انطلق بها العرب إلى الهلال 
الخصيب . 


كان البربر الذين وصلوا إلى إسبانيا يمثّلون طبقة حكم جامحة جنباً إلى 
جنب مع الأعداد المحدودة من العائلات العربيّة. وقد تمّت المحافظة على 
خلافاتهم القبليّة في حدّها الأدنى تحت سيطرة ولاة الخليفة. عندما انهارت 
الخلافة السوريّة» تمككن شابٌ أمويّ «عبد الرحمن [الداخل]» من الفرار من 
حملات القتل التي لحقت بأبناء عمومته» وتمكن بعد مغامرات عديدة من 
الوصول إلى إسبانياء حيث تمكن من إقناع المجموعات المختلفة من 
المسلمين الحاكمين بالقبول به كمحكم تيت لقنت #الأمير 4 بزل" من الوالي 
الذي أرسيلة العباسيون حديثو النعمة. تسكن هو 'وخلفاؤه من الحفاظ على 
سيادة متزعزعة طوال قرن ونصف. تدعمهم أحيانا ككل جديدة من العائلاات 
العربية من سورياء التي ميّزت نفسها عن البربر وعن العرب القدامى الذين 
وصلوا عبر الفتوحات القديمة التي وصلت المغرب مروراً بمصر. (في القرن 


4ه 


العاشر. قام أحد أحفاد عبد الرحمن بتحويل الإمارة الأمويّة إلى حكم 
مطلق.» كخلافة مصممة على غرار الخلافة العباسية). 


كان سكان إسبانيا اللاتينيون» البعيدون عن المراكز الرئيسة للحضارة» 
محكومين قبل الفتح من قبل أرستقراطيّة جرمانيّة معزولة» ومن قبل هرميّة 
كنسيّة صارمة» وقد اجتمعتا على قمع أيّ حراك فكري أو مدني. وهكذا فإنَ 
معظم المدن كانت مستعدّة للخضوع للحكام الجدد.ء الأكثر ليبراليّة» الذين 
سمحوا لليهود المضطهدين اليائسين بنيل حريّتهم وتركوا السكان المسيحيين 
يديرون مؤسساتهم الرومانيّة المحليّة. ولكن, لا العرب ولا البربر كانوا 
قادرين على تقديم مبادقئ سياسيّة وثقافئة مسنتقزة ..وهكذاء. فإن مكانة 
المسلمين والازدهار الجددذي كانا يعتمدان على العلاقة مع التوسّع الاقتصادي 
فى الشرق؛ فمن ذلك النطاق العباسى» كانت الأنماط والموضات الثقافيّة 
تق فى إسبانيا : / 


ولكنّ هذه الموضات الثقافيّة كانت أكثر جاذبيّة مما كات الإسبان 
95 معتادين عليهء إلى درجة أن جميع السكان قد تلقّفوها بسرعة. 
وهكذاء كانت العناصر القياديّة المسيحيّة فى المناطق التى يحكمها المسلمون 
أميل إلى حمل الثقافة الإسلاماتية وتعلّم العكة أكثر من اللاتينيّة . ولكنهم لم 
يخسروا وعيهم بانتمائهم إلى الحاضرة المسيحية. واستمرت كنيستهم في 
ارتباطها بروما. 


بينما كانت المساحة التى يحكمها المسلمون في أثناء سيطرة الخلفاء 
تتوسّع ببطء» بدأت المنطقة الخاضعة للإمارة [الأمويّة]» التي أصبحت تحت 
سيطرة المسلمين بعد الموجة الأولى من الفتوحات» والتي شملت معظم 
إتناننا والحده الأكتر هن سنوت بلاة الغال؛::يدات بالتاكن. نقد تيكنت 
سلالة الفرانك/ الفرنجة فى شمال بلاد الغال» بخاصّة في ظل حكم 
شار لكاناع بسن :وو لجسامين فى بزاؤاذ ا كال والاتميال بالعيوت العقيلةة 
للإسبان القوط في المناطق الجبليّة الشمالية من شبه الجزيرة»؛ وهي منطقة 
تشبه فى وضعها الأراضي الجنوبيّة من بحر قزوين التي كانت الخلافة'وقتئٍ 
فك جذات نميا تمكو هؤلاء التسهيون :كحك حك ملو كععناء اتن 
عدّة دول صغيرة من التقدّم على حساب المسلمينء الذين كانت مراكزهم 


6” 


الرئيسة في الجنوب هي الأكثر خصوبة والأعمر بالسكان. وسرعان ما 
أضبيحخت: إسيانا مقشمة بين الخنوك المردهر الخاضع لحكم المسلمين (الذي 
تقع قرطبة وحوض نهر الوادي الكبير في مركزه)» والمتصل مع مسلمي شرق 
المتوسّطء وبين المنطقة الأصغر التي تحكمها الممالك المسيحيّة في 
الشمال. نين هاتين المتطتتينة» كانت عتيوشى المسلمية تتحخرك إلن الشتمال 
من سرقسطة في الشمال الشرقي» ومن طليطلة في الوسطء. ومن ماردة في 
الغرب» التي كانت عادة تحت سيطرة المسلمين (وإن كانت سيطرتهم عليها 
غير تطيهو الاذونا) ::ولكنها كانت وقطية علن أسنافى الحرية وقد كافية 


الحرت شأناً معتاداً بين دولة المسلمين ودول المسيحيين. 


في بلاد المغرب نفسهاء لم يحظ البربر سوى بعدد قليل من الهجرات 
العربيّة لتوفر له قيادة بديلة عن التجمّعات القبليّة المهيمنة. ولكنّ الإسلام 
لم يكن بعد قد أوجد قاعدة جديدة بدلا من التكوينات القبليّة القائمة. 
وسرعان ما اختفت بقيّة الولاءات الدينيّة» باستثناء اليهوديّة (أو تم تجاوز 
الممارسات المرتبطة بها وإجبارها على الخضوع للحياة الدينيّة». في أقصى 
غرب بلاد المغرب الكبير (المغرب الحديث)» وصل لاجئ آخر هربا من 
العباسيين» إدريس بن عبد الله» وهو علوي شارك في هبّة الشيعة في 5// 
في مكة بعد مقتل المهدي [موقعة الفخ]» وتمكن من إقناع بعض القبائل 
بالقبول بقيادته بوصفه من نسل محمّد. وقد عاش بما يكفي ليُقيم ضريحاً. 
تحوّل لاحقاً إلى مزار لكل المنطقة (مولاي إدريس). ولكن ابنه» إدريس 
الثاني, سين سلالة حاكمة» حافظت ‏ من مراكزها الحضريّة ‏ وفى 
مجموعة من الفروع المعانتيةي .على الولا» الها :فى (التسناحات القتاقض: 
على طول حقبة الخلافة العليا. أوجد إدريس الثاني (في 8608) مدينة فاس 
الداخليّة (أو أغاة إيجادها): التى أصبحت مركزاً للتجارة الدوليّة وللثقافة. 
والأهمّ من جميع الأقوار المتابتةة: فإن..وتعورة الأداوسة كان نقظة 
الانطلاق للعمل التبشيري [الدعوي] الموسّع بين السكان» بخاصضّة من قِبَل 
الجهاخرين العلوبين وذريّتهم. الذين كان بإمكانهم الاعتماد على احترام 
رجال القبائل بناء على نسبهم. وهكذاء تعلّم البربر أن يُعرّفوا أنفسهم من 
خلال تقاليد اتية من العالم الأوسع 

في المناطق الشرقيّة والوسطى من المغرب». حيث ينحسر امتداد 


"هه 


الأراضي الخصبة في الأراضي الداخليّة البعيدة عن البحرء كانت الضغوط 
على سلطة الخلافة وعلى العرب المستوطنين أكبرء وقّبل البربر منذ أيام 
هشام بقيادة المنظرين الخوارج. الذين جاء بعضهم من العراق والجزيرة 
العربيّة. كان الوالي العباسي قادراً على الحكم من:القيروان» ليُسيطر على 
الجزء الشرقي من المغرب .)76١(‏ ولكنّ القيادة الخارجيّة الإباضيّة» تحت 
حكم عبد الرحمن بن رستم وقيادته تمكنت بحلول عام 8/ا/ا من إقامة دولة 
في وسط المغرب (الجزائر اليوم) عاصمتها تهرت (تيارت حالياً). ازدهرت 
هذه المدينة تحت حكم سلسلة من الآئمّة الذين خلفوا ابن رستم وإن لم 
يكونوا من نسله بالضرورة. وقد كان هؤلاء الحكام يحملون مسؤوليّة تجاه 
المسلمين الذين اعترفوا بقيادتهم وحكمهم. ومن ثم فإِنَ هذه الدولة كانت 
مُرخبة بالمسلمين اللاجئين» من الخوارج وغير الخوارج؛ الهاربين من 
الأمكنة الأخرى» بخاصّة من الحكم العباسي. وقد أثبتت الدولة ازدهارهاء 
إذ استفاد تجارها من التجارة عبر الصحراءء التى تزايدت معذلاتها كما 
تزايدت في حوض البحر الأبيض المتوسط . ١‏ 


في الجزء الشرقي من المغرب (الذي يقابل اليوم تونس وإقليم 
طرابلس). لم تكن ثمّة حاجة للدفع نحو انفتاح المنطقة للتواصل مع التيارات 
الأوسع؛ فمنذ زمن قرطاجة كانت هذه المنطقة مركزاً تجاريًاً. وفيهاء كان 
الولاة العباسيّون أنفسهم هم من استقلواء من أبناء إبراهيم بن الأغلب». 
الوالي العباسي الذي أرسله الرشيد لقمع الخوارج هناك (عام .)8٠١‏ وقد 

ببح ايه لهذه الولابية أن ل شؤونها فعيداً عن البيروقراطية المركزية 
0 أن تُرسل مبلغاً مقطوعاً من إيراداتها إلى الخليفة. بسبب الازدهار 
التجاري المتزايد» هيمنت سفن المسلمين على البحر ومنحتهم الأفضليّة» 
وأصبحت توقّعات العرب والبربر من الأراضي الجديدة هي السلب 
والإخضاع. وهو ما قاد الأغالبة في القرن التاسع لاحتلال صقلية وأجزاء 
أخرى من جنوب إيطاليا من يد البيزنطيين؟ وقد بقيت صقلية في يد المسلمين 
لقرنين من الزمن . 

على الرغم من العلاقات الوثيقة بين شرق المغرب والمشرق» خافظت 
المناطق المرتبطة بالبربر» في المغرب وإسبانياء على صلة وثيقة فيما بينها . 
وفي النهاية» طوّرت هذه المشاطة تبظا "كهركا ميق الحناة الإسلاماتية. 


6 


وعندما بلور علماء الشريعة آراءهم في مدارس فقهيّة متنافسة» كان المغرب 
سافنا يمكلا ن اللمناطق الرفينة التى "قيلت بالسدهت المالكي» ني القت 
الذي قبلت فيه معظم أرجاء الحاضرة الإسلامية بالمذهبين الحنفي والشافعي ؛ 
بل إِنّها طوّرت أيضاً شكلاً خاصّاً من الأبجديّة العربيّة» يختلف قليلاً عن 
الشكل المُتَبَع في الأمكنة الأخرى. وهكذا فإِنْ السلالات الحاكمة التي نمت 


و 


بقوّة فى غرب المتوسّط كانت في الغالب تعمهدة غتير تلك المنطقة بأكملياء 
حاملة معها أنماطها وموضاتها في الف والتعلت 3 


(7) في بعض الأحيان, يقوم الكتّاب المهتمّون فقط بالتاريخ الأوروبي بالتمييز بين بلدان غرب 
المتوسط ويصفونها ت#الإسلام الغربي»؛ وبين الإسلام في بلدان شرق المتوسط وما تلاه: والدي 
يضعونه كله تحت خانة «الإسلام الشرقي» . في سياق التاريخ الأوروبي» فإنْ التمييز , بين الغرب اللاتيني 
- الجرماني وبين الشرق الإغريقي السلافي تمييزٌ ينبع من رؤية ذات معنى . ولكنّ تطبيقه على التاريخ 
الإسلاماتي» لوصف كل ما يقع شرق تونس على أنه اشرقي» هو محض سخافة . فحتّى مكة تقع غرب 
مركز الحاضرة الإسلامية . يُمكن لهذا التمييز أن يدعم نفسه بصورة مشبوهة من خلال حقيقة أن العرب 
الحديثين يُمكن أن يُقسَّموا بهذه الطريقة إلى مشارقة ومغاربة. ولكن في سياق التاريخ الإسلامي ككل» 
فإنْ مثل هذا التقسيم لا يُمكن أن يودي إلا إلى نتائج مشوّشة . 

صحيحٌ أن الثقافة الإسلاماتيّة في إسبانيا والمغرب لها تاريخها الخاص والمتمايز عن نظيرتها في 
الأراضي المركزيّة , بين النيل وجيحون. وهذا يسوّغ استعمال بعض التمييزات الاصطلاحيّة: ولكنّ ذلك 
تبرق إلا إن كان الشخص يكتب بشكل حصري من وجهة نظر مغربية ‏ جمعٌ بقيّة الحاضرة الإسلامية 
في مقولة تكميليّة هي «الشرقي»؛ فالأراضي التي تقع في شمال المنطقة المركزية وفي جنوبها وفي 
شرقها لها هي الأخرى تقاليدها المميّزة. يُمكن للمرء ‏ ببعض المخاطرة ‏ أن يُميّرَه فقطء بين الحاضرة 
الإسلامية في أقصى الغرب والحاضرة الإسلامية في المركز. ولكن صياغة ذلك في رؤية ثنويّة تجعل 
كل ما سوى غرب المتوسّط جزءا من «إسلام شرقي» هو ما يُعرّز وهم المركزية الأوروبيّة الذي ينظر إلى 
الحاضرة الإسلامية في إسبانيا وصقلية والمغرب على أنها تُمثّل شيئاً مثل نصف هذا الكيان الكلّى. وقد 
ساعد هذا التصوّر في تشويه تاريخ العلوم والفلسفة الإسلاميّة؛ على سبيل المثال عبر تزييف مفهوم أن 
هذه العلوم والفلسفات قد تحرّكت من الشرق إلى الغرب» م انتهت مع نهاية الإسلام في إسبانيا؛ وهو 
مفهوم ناشئ عن عادة هؤلاء الكتّاب في إيلاء أهميّة كبرى للأفكار الإسلاماتيّة فقط إذا ما تُرجمت إلى 
اللغات الغربية» وهي العمليّة التي اضطلعت فيها إسبانيا وصقلية بدور بارز. وهناك مثال أقل أهميّة : 
ففي إحدى مواد دائرة المعارف الإسلامية حول الجيوش.» تم تخصيص جزء رئيس منها للإشارة إلى 
المناطق المركزيّة (التي توصف بأنها مناطق «شرقيّة مسلمة»))» وتلاحظ ا ل 
«الغربيّة المسلمة' (إسبانيا والمغرب»» ولكن من دون إشارة إلى الشمال أو الجنوب» حيث لم تكن 
الظروف تقل تنوّعاً؛ كما لم يكن هناك ذكر للمناطق الشرقيّة فعلاً إذاء فهناك قسم طويل مخصصّص 
ل«الغرب». ولكن لا شيء عن الشرق او الكتمال أو"الحتوت: . وهذه واحدة من حالات عديدة يتم 
التعامل فيها مع التاريخ الإسلامي من خلال تصوّرات أوروبية محضة (أي كمعامل تابع - إن لم يكن 
وظيفة تابعة ‏ لتاريخ الغرب). بالعموم» فإن مقولات «الشرق والغرب» مثل «المشرق» أو «آسيا» هي 
متولات ذا صلة قارب الأوروري لاطا ويجب تجتبها في السياقات والمجالات الأخرى. 


رفد 


:ع6 


| دم م 8 قر 


21 


المسلمين 


2 


القرنان التاسع والعاشر 


دلزةء لوبحرهملا جمدمه٠-ه.‏ 
ولزوع لبط ماوق مس 


نم ممنام م حس سسب | 





بدائل للخلافة 

في الجزء الرئيس في الحاضرة الإسلامية» بقيت معظم الأراضي مرتبطة 
لوقت طويل بدولة الخلافة. ولكن حتى في تلك الأجزاء» كان ثمّة حركات 
تسعى للاستغناء عن الحكم المركزي الإطلاقي؛ ولكن ما لقي النجاح منها ‏ 
في الأجزاء البعيدة عن الهلال الخصيب وإيران ‏ نجح على نطاق محلي فقط . 


في بدايات الحكم العباسي» مثلما هي الحال في أثناء حكم جميع 
الأنظية الزراقتةة كان تن ثورات تنيضى جين الفكة بوالاخعرق مه لاسي 
الذين يرفضون تقديم المواد الخامٌ كلها للمدن. كانت إمكانيّة اندلاع هذه 
الثورات بمثابة وضع حدٌّ لما يُمكن لطبقات المدينة أن تأمل بأخذه من 
الفلاحين . ولكنّ هذه الثورات لم تكن تؤدي دوراً كبيراً فى حياة عصرها. 
أحياناً. وبالمثل» قادت الصراعات الفصائليّة ‏ مثلاء الصراع في سوريا بين 
العرب القيسيين والقحطانيين ‏ إلى مقاومة محليّة للسلطة المركزيّة. من وقت 
لآخرء كانت فرق الخوارج تسبّب الاضطرابات» وكان العلويّون اليائسون 
يناشدون الشيعة لإعلان ولائهم ضد السلالة الحاكمة التي تخون القيم المثالية 
الإسلاميّة. في النهاية» تمكن الشيعة والخوارج من بناء كيانات مستمرّة في 
عدَّة أجزاء من الجزيرة العربيّة والمغرب. ولكن أيّا من هذه الصراعات لم 
يمثّل خطراً حقيقيّاً على الحكم المطلق داخل المنطقة الممتدّة من النيل إلى 
جيحون قبل نهاية القرن التاسع . 

أما أخطر حركات التمرّد فقد كانت سلسلة الجهود التي قام بها 
الإيرانيّون» المزديّون صراحة أو المتأسلمون بدرجة أو بأخرى» لزعزعة 
سجطنة الغرن معلا عضالف أولى :هذه العوزدانت فى مزق المسووة ود 
أنها قد أرست نمطا اتبعه عدد من الحركات الأقل بناطا: عبر تحديد هدفها 
بالانتقام لأبي مسلم [الخراساني] ‏ القائد الرئيس للثورة العباسيّة في 
خراسان ‏ جاعلين منه بعد وفاته المدافع عن التقاليد الإيرانية في وجه النزعة 
العروبيّة. لبعض الوقت. سقطت معظم أجزاء خراسان بيد «المقتّع»» المرتبط 
بأبي مسلمء وانتهى كلّ ذلك في عام ."8٠‏ ويبدو أن بعض هذه الحركات قد 
ونين .عضن العتاضر الشبعية السهدو* وبعق أشكال اطائفية دن 


و5 


#0 في السياق الإسلامي. أترجم صذنلةنتصمء 11نم ومدتائطه بالمهدويّة أو النزعة المهدويّة؛ ‏ 


هه 


الوذ 


تم القضاء على آخر الإمارات المستقلة في الأراضي الواقعة جنوب بحر 
قزوين تحت حكم العباسيين؛ ولكنّ العديد من هذه الإمارات بقيت تمارس 
سلطتها المتوارثة تحت سيطرة المسلمين. في هذه الأراضىي» حافظت التقاليد 
الساسانيّة على حيويّتها شكل كير كاقت اخ التعر كاتف الاين 2 ا هوا 

تقريباً هي حركة بابك [الخرمي]ء الذي تمكن من تحقيق الاستقلال في 
أذ وسجان مكل ختهن: الماموان» ,وسدو أن نآنكا قدجووتك أولتك الذين نادوا 
بدعوة أبي مسلمء. وأقام حركته على تعاليم دينئية خاصّة» ريما ذات طابع 
مهدوي. مع مجموعة من العناصر المزديّة والإسلاميّة الشيعيّة. ولكتّه اكتسب 
الدعم من بعض أفراد طبقة ملاك الأراضي. وقد كان له حلفاء في الولايات 
الواقعة جنوب بحر قزوين؛ وحظي ببعض الدعم من بيزنطة» التي كانت 


تعامل دولته كمَوّة 11 وابحرك وو لعقدين (/83:1) . وقد ظلّت هناك 
مجموعات صعيرة في الأرنافه الإيرانية تَتبِع الأفال المهدوية لبابك طوال 
قرونٍ تلت موته. 1 


في الجزيرة العربية كما في المغرب البعيد» تمّ تجنب الحكم المطلق 
للخلافة اا في حين ساعد الازدهار في الحفاظ على درجة من الرقي في 
الظروف الاجتماعية. ولكن أي استقلال هناك كان يتحمّق ذ فى أطر محدودة 
وضيقة. . وفي نزوى في عمان» في نهاية القرن الثامن» كن الخوارج 
الإباضية (المعتدلون) من تحقيق الاستقلال والمحافظة على روابطهم مع 
تورف [عافيعة ور بوسواية المغرب]. واحتاج الشيعة ا 
(المعتدلون) إلى نهاية القرن التاسع ليتمكنوا من إقامة دولتهم في صعدة في 
اليه ؛ وفي الوقت نفسه ظهرت دولة صغيرة لين ل الجا الواقعة 


- فالكلمتان تعنيان حرفيًاً «ألفيّة» أو «النزعة الألفيّة». وهما تعبران عن الاعتقاد المسيحي بأن المسيح 
سيأتي في آخر الزمان ويملأ الأرض عدلاً ويحكمّها بملكه لمدّة ألف سنة. وخر تعستا ضروانني 
العديد من الثقافات» على أنها في السياق الإسلامي ارتبطت بالمهدي». وإلية : لك ومنه يجب أن 
تستمد اسمها (المترجم). 

(0) انظر: 


دع[ :منعموط) عرزجغ7]'] عل ماعن زى ©1712 ين عم ©1127 باه كانءأائه نا عتلاعاعناء< 77167115 طلنه1/1 165 ,تطع 5201 .11 .0 
.(1938 رؤعصعءع15400 وعووع21 


وفيه يُّقدّم رؤية فيها بعض الاختلال؛ ولكنّها تمل تلخيصاً مفيداً جد لهذه الحركات. 


رحن 


جنوب بحر قزوين» ولكنّها كانت دولة عابرة. مثل الأراضي في المغرب». 
في الطريق إلى السودان وغرب أوروباء فإِنْ الأراضي الأكثر خصوبة في 
الجزيرة الغريئة فد ازدهرت»بالأساس يسبب الطزق التجارية التي تصل 
أراضي الخلافة بالسواحل المفضية إلى البحار الجنوبية. 

بحلول زمن ابن الرشيدء المأمونء. في بداية القرن التاسع. دخلت 
معظم الأجزاء النشيطة من السكان في دولة الخلافة في الإسلام» وأكد 
الخليفة على الحكم الملكيّ المطلق كاستجابة لتوقعات جماهير شعبه. لم 
يُثبت أيّ بديل نجاعته فى أيّ من المناطق الرئيسة لسلطة الخلافة» الأراضى 
العاربية: المدة بس اند الى حستكون. «المقان رابو باك لقانة هده المطة: 
تتناقل بالعربيّة» وقد دارت جميع النقاشات الكبرى في الثقافة العليا في 
القرون التالية بالأشكال العربيّة الجديدة: تقاليد البلاطء التى تتمركز حول 
الأدب وول التعاليب :الهولكئةة. وننا لبك الشريعة وعتتماء أهل التقرق دن 
البرجوازيين. داخل التقليد الإسلامى». تطوّرت الأشكال الأكثر نشاطا 
للاهتمام الديني والتقوى الشخصيّة. فالمصالح الاجتماعيّة والخلافات بين 
فرق أهل التقوى كانت تسغر عن مساحة واسعة من النشاط الدينى للاستجابة 
للطيف الواسع من السكان الذين أصبحوا الآن مسلمين. ١‏ 


10 »هه 


؟ 


رؤية الشريعة الإسلامية 
(نحو ٠هل/ا_-ه97[1)95١-799"14ه]‏ 


عد انقطيار"الساسيية ».نانك الفية الآاولي لأهل النقوى وعد أن حت 
آمالهم السياسيّة - هي إحكام قانون الشريعة الديني» الذي يجب قبوله بوصفه مُلزما 
لجميع المسلمين. كان العديد من العلماء ء قضاةً في ظل حكم العباسيين؛ مكل أن 
يوسف . غير أنْ معظم المنظرين لم يكونوا من القضا غاليا «ولكنهم فى اننا 
اشتغالاتهم الفقهية. كانوا يستحضرون المشاكل العمليّة للحكم في أذهانهم. وإذا 
كانت أفكارهم قد انطلقت من حيثيات الوضعيّة التي ألفوها في أزمنة 
العروادوير الماسين فإن هؤلاء العلماء لم يشيحوا بأنظارهم عن الجماهيرء 
تلاميذهم وأتباعهم . في الوقت نفسه». كان الباعث الشعوري المحفز لهم يتمثل 
بالسعي نحو موافقة : شؤون الحياة للأوامر الإلهيّة الواردة في القرآن والحديث. 


التطلّعات الاسلامية: الروحانية والعالميّة والشعبويّة 

في جميع تقاليد الأديان الملية» كان ثمة نزوع يتطلّع لإصلاح كافة الأنماط 
الاجتماعية لتتلاءم مع المطالب التي حددها الدين» من دون خلطها وتعكيرها 
بالقيم العلمانية/ الدنيويّة السابقة. في الصين» كمثال متطرف». فشلت جميع 
التطلعات التي تطوّرت في التقاليد الملّية الصريحة فشلاً تماماً؛ فالانتتصارات 
المتقظعة للمتديّنين البوذيين أو الطاويين على الفلسفة الكونفوشيّة» فى القرون 
الحارقة بياشرة قد لم نعم الح الك ردول اتن ابمحاذة مقنها االحهسسمة 
ف المعياء الاجتماعية للصين (وإن كان ذلك قد تم بعد أن اكتسبت الكونفوشية 
توججهاً كونيّاً مصطبغاً بالتطلّعات الدينيّة المليّة». في أوروباء على العكس من 


049 


ذلك» نجحت المسيحيّة في الإطاحة بالقوّة الاجتماعيّة للفلاسفة الأفلاطونيين 
والرواقيين» غير أن هذا الانتصار لم يكتمل ولم يتخلّص من التحديات التي 
واجهته إلا في القرن السادس. أي قبل زمن محمّد بقليل. 

ولكن. حتّى في أوروباء كان الانتصار المسيحي محدوداً. 
ف[الإمبراطور] جستنيان الذي أغلق أكاديمية أفلاطون في أثينا هو نفسه من 
أرسى أعظم المدوّنات القانونية الرومانيّة*'. وقد كرّس ذلكء في أوروبا 
المسيحيّة كلهاء الفكرٌ القانوني لرجال القانون الوثنيين الكبار من العصور 
الإغريقية الرومانيّة القديمة في صيغته الأصلية البعيدة عن الروح المسيحية . 
3 الرغم من إغلاق الأكاديميّة» ظلّت أعمال أفلاطون. وجني الأعمال 
الملحميّة والتاريخيّة والمسرحيّة الإغريقيّة (أو الرومانيّة) الوثنيّة تُعْذي التعليم 
العالي للإغريق وللأوروبيين المسيحيين بالعموم . فالقائد الأعلى للدولة بقي 
هو الإمبراطور الروماني القديم نفسه». حتّى لو تحوّل إلى الدين الجديد. 

في الأراضي الساسانيّة» بخلاف ذلكء» أرسى الأساقفة المسيحيّون 
مدونات/ أنظمة 65 قانونية خاصة لشعوبهمء. مندونات تمك وصفها 
بالمسيحيّة. ولكن حتّى هناكء فإِنْ ما فعلته موعظة الجبل» بمعاييرها العالية 
والمتحدّية» هو إنزال رتبة جميع بدائل القانون اليهودي, الأقل إرهاقاً وصعوبة 
من أوامر الموعظة» إلى كونها مواضعات مؤقّتة. حتى بين النيل وجيحون. مثّل 
الرهبان الضمير الحىّ للحاضرة المسيحية» محتجين على نمط الحياة المماثل 
للمجتمعات شبه الوثنيّة؛ على الرغم من أنهم ربما قد قبلوا بظروف حياة 
المسيحيين بالعموم» إلا أنهم كانوا يأملون بأن يبنوا لأنفسهم مؤسسات دينيّة 
جديدة تماما. في المجتمعات الرهبانية» كانت قوانين الحياة اليومية» والنظام 
الاجتماعي» بل وقوانين العمل (إذا أخذنا الطريقة البندكتية على سبيل المثال). 
تنو كانيا ف خلنيك لقا ديد لقد كان الهدف الصريح لهذه المجتمعات 
المصغّْرة هو العيش في حياة إلهيّة. ولكنها شكلت مجتمعات أقليّة منفصلة 
ومعتمدة على المجتمع الواسعء البعيد عن الله. وهكذا فإنَ الروح المسيحيّة لم 

(*) مدونة القانون المدني (01511115) 5نال ونام001)» والمشتهرة باسم «قانون جستنيان» . وقد ظلّت 
هي الأساس القانوني لمختلف المدوّنات القانونيّة الأوروبيّة لوقت طويل. وهي كما يُعّب المؤلف. 


وإن كانت تنصّ على أن المسيحيّة شريعة ة للدولة» تجعل الإمبراطور واهبٌ القوانين وتستمدٌ أصولها 
وأحكامها ومفاهيمها بالمجمل من التقاليد القانونيّة الرومانية الوئنيّة القديمة (المترجم). 


عم 


تكن تُفضّل أو تريد بناء المجتمع كله على غرار نموذج مجتمع الرهبان. 

أما عند اليهود والمزديين» ف واوا مس صريحة لقاسيصس فود 
0 للحياة 0 00 0 وينم تك 0 الحياة 1 
ا الدينيّة الشاملة» سواء في الزواج أو أثناء العمل العاديّ في الحياة 
اليوميّة. وقد اتضح بأنَ موقف أهل التقوى من المسلمين من مطالب الدين» 
حين اكتملت ملامحه» يتشابه مع المواقف اليهودية والفرقيه أكثن ها يثانة 
ل لجو و ا وو ب 


مفاهيم الطهارة والقجابة ل التراتبية الالماض: المقدسة التي يحتفظ 
فيها كهنة أهورا مزدا بالموقع البارز والمكانة العالية. كان دور الملك. 
بركة أهورا مزداء هو المحافظة على النظام الاجتماعي المرتب إلهيّاء على 
أساس أرستقراطيّة مُختارة من شعوب الإمبراطوريّة. ومن ثم فقد كانت 
الإفبراطورية السناسالية تمك محاولة جادة لتنظيم المجشمع على مقاين الرؤية 
الدينيّة. وقد رفضت الأنماط البوذيّة والمسيحيّة التى تقصر هذه المطالب 
الاي الكاررة عل محمتانقه الرقان: ْ 

أما اليهوديّة الربّيّة [يهوديّة الحاخامات]» بوصفها انعكاساً للكتابات 
التلموديّة في العراق وفلسطين» فقد ابتكرت لشعبها المختار نظاماً عامًاً 
للحياة الشخصيّة والاجتماعيّة على أساس الشريعة الدينية الصريحة» رافضة 
هي الأخرى خيار الرهبنة. ولكنّها بخلاف المزديّة» لم تعد تمتلك أي 
كهنوت حقيقي فاعل بعد سقوط القدسء غير أنها كانت تمتلك فى أماكن 
توادها على طيقة مق الرجال المتعامير:؟ الربتون [الساغامات]. كان 
الربيون يفسّرون القانون» ولكنهم فيما عدا ذلك لم يكونوا يختلفون عن 
اليهود الآخرين من جهة العلاقة مع الربٌ. بهذه الروح نفسهاء كان ينبغي 
ألا تكون هناك طبقة أرستقراطيّة؛ فكلّ اليهود بالأساس متساوون. 

عند بعثة محمّدء كانت اليهوديّة في غاية الأهميّة على مستوى عدد 
أتباعها بين النيل وجيحون». بخاصّة في مدن العراق» التي استقرٌ فيها زعماء 
اليهود وقادتهم المعترّف بهم. من الواضح بأنْ نسبة كبيرة من السكان الذين 
قبلوا الإسلام في قرونه الأولى كانت من اليهودء الذين سيطرت تقاليدهم 


ه١‎ 


القصصيّة. التي تُدعى ب الاسرائيليّات. على الأساطير الشعبيّة في الإسلام 
المبكر. وسيظهر بأنَّ جزءاً لا بأس به من الروح التي شكّلت توقّعات 
المسلمين عما يجب أن يكون عليه الدين قد استّلهمت من المثال اليهودي . 
فالحوادث السياسيّة. منذ زمن حروب الردّة مروراً بصعود معارضة أهل 
التقوى للحكم المرواني» قد أدّت إلى ترسيخ الموقع المركزي للمسلمين 
ذوي يا خاصّة أولئك الذين نظروا إلى الإسلام بوصفه 
مسؤوليّة سياسيّة لا تقتصر على الحكام أو على الأجسام الرسميّة المنظمة. 
بل تتورّع بالتساوي على المسلمين. صون اهل القوى لا نهم في ظل 
البدكم العباسي. حقٌ النقض (الفيتو) على ما يُعذٌ مشروعاً أو غير مشروعٍ 
إسلامياً . وقد تم تأكيد هذا الموقع الاستراتيجي في القرون التالية» مع تحوّل 
معظم السكان إلى الإسلام» من خلال ذاه الطرروق بوالعو ات القاعة 
أصلاً في تطوّر الروح الشعبويّة في التوحيد الإيراني - السامي: الروح التي 
كانت تعبّر عن نفسها أكمل تعبير» حتّى تلك اللحظة» في اليهودية. 


تقل البهنوةبوالمددية+ أصيع أولعك المسلونة المتعترف 

كمرجعيّات موثوقة» يأخذون طموحَ الدين لتشكيل جميع جوانب الحياة 
البوميّة على مقاشية يمتتهى الجدية.. وقذ رفضت معظم أشكال التقوى تق 
المسلمين حياة الرهبنة بوصفها انسحابا من الالتزامات الاجتماعيّة المفروضة 
على الإنسان من قبل الدين نفسه. وبين بعض شرائح أهل التقوى على وجه 
خاص.ء كان لا بد من اتباع النموذج ل ل وة الحياة 
العااتة“فن-المستاتن الضغيرة والكبيرة على السواء» :بدءا مق تنظيت الأسنان 
ووضولا إلى"تقترير ممسائل. الست والجحياةاء كانت الشريعة الاسبلامية» أو 
القانون المقدّس. ذات نطاق شامل مثل القانون اليهوديء» الهالاخاه. في 
الواقع. فان: اليا سادق التي اعتنقها المسلمون في نهاية المطاف». فى عدد 
كبير من تفاصيلهاء كانت مشابهة لتلك التي أقرّها الربيّون. إضافة إلى ذلك. 
فإِنَ نموذج المسلمين وقيمهمء مثل اليهودء لم يكن يسمح بتشكل طبقة 
أرستقراطيّة كتلك القائمة بين المزديين. فجميع المسلمين سواسية. ( 


ولك المسلمين (بعد استقرار مُث أهل التقوى)ء وبخلاف اليهود. لم 
يعتبروا مجتمعهم مجتمعاً فريدأ أ أو مختاراً من بين المجتمعات الأخرى التي 
انصرفت عنها الهداية الإلهية؛ فالمجتمع الإسلامي فزق تقيية جد 


غرد 


المجتمعات التي حظيت بالهداية الإلهيّة مثل اليهود والمسيحيين؛ إذ إن 
جميعّهم (في الأصل) مُباركون على نحو متساو. حتى الآن» اتخذ الإسلام 
جه الشكل الذى كانت الأجسام موود لي تفترضه ينا في 
ظل الإمبراطوريّات الملتةة كيان اجتماعي عضوي مستقل ذو قوانين سباوية 
على أعضائه. والفارق بين الإسلام وبقيّة المجتمعات هو أن الإسلام كان 
أوّل من تمكن من حكم بقيّة هذه المجتمعات واستبدالها ونسخها. فالإسلام 
هو من أتى بالحقيقة وبالهداية الإلهيّة غير المحرّفة لجميع البشر»ء ليؤسّس 
مجتمعاً عالميّاً يكون فيه الوحي هو المعيار الذي يحكم حياة الأمم في 
تفاصيلها كافة. إذاًء لا يكتفى الإسلام بتوجيه وإرشاد مجتمع مستقل محصور 
مثل اليهودء بل يريد أن يُوجّه السياسات العمليّة للعالم الكوزموبوليتاني. 
هكذاء فقد تشكل الإسلام متوافقاً مع التوقّعات الى كربيتها العقاليد 
الدينيّة التوحيديّة الكبرى» بخاصّة كما فُهمت هذه التقاليد في الهلال 
الخصيب وإيران. وقد اختار الإسلام الموقف الاجتماعي لليهوديّة والمزديّة 
على وجه الخصوصء. في صورة النزعة المساواتية الحاضرة في اليهودية. 
ولكنه قدم مفهومه الخاص عن «العالميّة»» وهو ما جعله يمتلك مقاربة 
راويكالتة ععديدة تماما. إنذا نضتت أكقر هذه الطموحاته مركرية كما 
تجسّدت في المعايير الصلبة في حياة حقبة الخلافة العلياء تحت عنوان 
«الذهنية الدويوة ا إد 2 هذا الذهنية كانت حاضرة 
في تفسير قانون الشريعة وتطوّره» وفي الإصرار على الموقع المركزي لها في 
النقا قا التي عبّرت فيها هذه الطموحات عن نفسها بالشكل الأكثر فعاليّة"'' . 


صورة الشريعة عن المدينة [ المنورة] الأولى 
بداية بأبى حنيفة (ت 717) في الكوفة» ومالك ١ت‏ 740) في المدينة» 


(*#) منعاً للالتباس» أستعمل في هذا المصطلح صيغة اشريعي» كصفة للشريعة وما ينتسب إليهاء 
بدلاً من اشرعي» . . وقد سبق ابن حزم إلى استعمال هذه الصيغة في «التقريب لحدّ المنطق» “وقد امتعيليا 
في مواضع أخرى نادرة» إذا ما كان السياق يسمح بالخلط بين دلالة «شرعي» بما هي صفة للشريعة 
وبينها ' تصفة للشرعية بمعناها العام (التي 5 قد تكون شرعية سياسية أو اجتماعية أو دينية) (المترجم). 
() للمزيد حول المشكلات الأساسيّة لدور الإيمان الإسلامى فى الحياة التاريخية للشعوب 
الصلمة» اكد : 00 
.(1960 ,[نلو موعع 1 320 01608 :002هم.آ) نراء501 زه 1711711071 1/16 02:4 771ه|15 ,17/26 ماع طروع 110 . 171 


فد 


الور طوّرا نقداً لقانون المسلمين بشكله الذي ساد عليه في عهد المروانيين؛ 
وير ل إلى الشافعي (ت )85١‏ ومن تابعه. الذين امسو نظرية ار يه 
تقوم على أساس هذا النقة؛ فإن النمة العملن لفائون الكتروفة كان معمذا : 
ولكنّ انتشار هذه النموّ وتخلغله كان نزوعاً عاماً مستمرًاً» تعاظمت تجليّاته مع 
تطوّر الشريعة. على الرغم من أنْ لكل خطوة عمليّة في تطوّر الشريعة أسبابها 
ومتظقها» إلا أن الخيارات الممكنة كانت كثيرة حدما . :ولكن علة سنادة 
الخيارات الكبرى التي سادت تكمنٌ في أنْها خيارات مكنت المسلمين من 
الاقتراب من تحقيق القيم الشاملة التي آمن بها أهل الشريعة. لم يُقدّم هؤلاء 
هذه القيم بالطريقة المجردة التي يطلبها المؤرّخون. الدين يعسو هدو العم 
ويُقارنونها مع القيم المقابلة لها في الحقب التاريخيّة الأخرى. إِنَّ علينا أن 
نوضّح ونحدد بمصطلحاتنا الحديثة» وفي ضوء العصور التي سبقت» ما هي 
الأمور التي كان يُسلّم بها هؤلاء المسلمون الأوائل» وما هي الأمور التي 
كانوا يتصّرفون بناء عليها من دون أن يضطروا لتبريرها. ولنا أن نأمل في 
الوصول إلى صياغة» لم يكونوا ليرفضوها أو ينكروها لو فهموها ولو أنهم لم 
يقوموا بصياغتها. فما إن ندرك ما هى مجموعة النزوعات والاتجاهات التى 
شاركت في تشكيل الشريعة في حقبة الخلافة العلياء حي يفبيع زإنكا نا أن 
ندرس بوضوح أكبر العمليّةَ التفصيليّة التي تحقّقت من خلالها . 


إنّ إحدى الأفكار المركزيّة فى التحدّي القرآني والرئيسة للإيمان 
الإسلاميء والتي تُميّز الإسلام بدرجة أو بأخرى عن معظم التقاليد الدينيّة 
الأخرى» هي التركيز على المسؤوليّة الإنسانيّة المباشرة والشاملة أمام الله. لقد 
أخذ أهل الشريعة النزوعات الشعبويّة والأخلاقيّة التي كانت مهمّة بالفعل بين 
أسلافهم. ودفعوها للإفصاح عن أقصى مضامينها. بالنسبة إليهم» كان ذلك 
يعني أوَّلاً بأنَ كل إنسان» ومن دون استثناءات» مُطالب بشخصه بإطاعة 
أوامر الله : وليس بين الإنسان وبين الله وسيطء. وليس ثمة مسؤولية تة تقع على 
الجباعة من دود الفرد. وليس ثمة مناص من المواحية رمع اده 
الإلهية؛ إضافة إلى ذلك» فإن الإنسان ليس مطالباً بطاعة أحدٍ سوى الله ؛ 1 
شيء لا يتوافق مع أوامر الله هو أمر تافه ولا معنى له إن لم يكن أسو أمن 
ل لقد كانت د 0 أوعلى الاقل هكذا رآها 


عرد 


فقهاء سوريا 


أعلام الفقه 


فقهاء المدينة المنورة 


فقهاء العراق 


متأثرون بالممارسات الحكومية يدّعون امتلاكهم ذاكرة أقرب يستخدمون القياس. لكنّهم 


السورية والأموية. 


الأوزاعي (توفي. 1/1/5) 


لسنة النبي» وأقل تلوثاً بالبدع . 


مالك بن أنس 1١0(‏ 179464) 
«المذهب المالكى» 


الشيبانى (ت. )86٠١6‏ 


الشافعى (ت. )86٠١‏ 

«المذهب الشافعى» عناية 
شديدة بالتحقق من الأحاديث» 
خاصّة فى السنة النبويّة؛ 


ابن حطنتبل (ت. 86668) 
«المذهب الحنبلى» التركيز 
على اسشقداء الأحاديك 
المختارة بعناية؛ تفضيل 
استخدام الحديث الضعيف 
على القياس القوي . 


أيضاً يفضلون مراعاة الإنصاف 
[الاستحسان]؛ متأثرون 
بالممارسات الحكومية العراقية 
والعباسية . 

أبو حنيفة (ت. /7/51) 


«المذهب الحنفى» 


أبو يوسف (ت. 748) 


داود بن خلف [الظاهرى] 

(ت. 887) «المذهب الظاهري» 
التركيز على القرآن والحديث 
النبوي والتقيّد الحرفي بهما. 


بالتالي» لم يكن من الممكن أن تنشأ كنيسة تورّع بركة الله ونعمته على 
البشرء ولا طبقة من القساوسة الذين يتوسّطون بأفعالهم الطقوسيّة بين 


ومم 


مجموعة المؤمنين وبين الله. تم التعبير عن ذلك رمزياً في العبادة العموميّة 
[صلاة الجماعة]» حيث يؤدّي القائدء الامام (الذي يمكن أن يكون أيّ واحد 
من المؤمنين) الأفعال ذاتها التي يقوم بها جميع المصليّنء الذين يُتابعون 
جميع الحركات الحي يدوم بها رمام ومع رفض فكرة العروبة كأساس 
للإسلام» لم يعد هناك إمكانيّة أصلا لوجود جماعة مختارة. وإذا كان 
المسلمون قد ميّزوا أنفسهم عن الآخرين, فإنْ ذلك التمييز قائم على 
اختيارهم طاعة الله» وهو واجب يقع على عاتق الجميع أيضاً. 

ولكن» بقدر ما كان على الإسلام أن يحكم شؤون الحياة الاجتماعيّة 
ككل» فإِنْ نتائج هذه المواقف كانت تتجاوز مسألة كيفية تنظيم العبادة. 
فقانون الشريعة لا يُمكن أن يعترف بأيّ بنية اجتماعيّة هرميّة» إذ إِنْ المسلمين 
يجب أن يكونوا على قدم المساواة أمام الله» فالتمايز الوحيد المشروع بين 
البشر هو درجة تقواهم. كما لم يكن للشريعة أن تعترف بالتمييز على أساس 
الولايات والأقاليم.» كما نفعل نحن المحدّئثون على أساس الوطنيّات 
والقوميات». حين نحدّد حقوق الفرد وواجباته على أساس الحدود السياسيّة : 
فواجبات الفرد وحقوقه هي تلك التي أقرّها الله فقطء وهيٍ واه سنا روئة 

على الجميع. في الواقع. لم يكن للشريعة أن : لعكرقه أ هنا بالدولة. أ 
بتنظيم مسؤولٍ من حيث هو تنظيم عن رعاية الصالح العام ؛ إذ إن المصالح 
العامة هى إِمَا مسائل تتعلق بإنفاذ إرادة الله» وإما مسائل عبثية غير مشروعة. 
اذا كانت السييالة مسافة متحفيق, إزانة اده قا نيا بالشتوورة ثلقاة على عاق 
جميع الأفراد» على المستوى النظري على الأقل. لا يُمكن إذأ أن يكون 
هناك «كيانات ذات مسؤوليّة محدودة» يتهرّب الفرد من خلالها من واجبه. 
باختصارء لا يُمكن لأيّ رجلء أو لأي مؤسّسة, أو لأيّ بنية بشريّة من أي 
نوع أن تحمل عن الفرد المسلم مسؤوليّته المباشرة والشاملة أمام الله. 

ومع ذلك. لا يُمكن للإسلام أن يكون مجتمعاً من النسّاك خلواً من 
المؤسسات المشتركة: إذ إِنْ جزءاً من أوامر الله كانت تؤكد على أن يعيش 
الأفراد في مجتمع » وأن يعبدوا الله مجتمعين» وأن يتزوّجوا وينجبوا أطقالك 
ويجب عليهم أن يسعوا لنشر العدالة في أنحاء الأرض وبين البشر جميعاً . 
فجوهر العرام الإنسان تجاه الله هو أن يكون ممثله/ نائبه [خليفته] على 
الأرض» وأن يضع كل شيء في موضعه القويم. إن أحد الواجبات الرئيسة 


5م 


المنوطة بكل مسلم. وهو ما : تم الاعتراف به منذ زمن معارضة أهل التقوى. 
هو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»؛ الذي لا يقتصر معناه على وعظ 
المؤمنين بفعل الصواب» بل كفل ذلالتة إلى المستؤولية الكلية عن النظام 
العام الخيّر/ الصالح. لا يُمكن لقانون الشريعة أن يتجاهل الواجبات 
الاجتماعيّة» حتى وإن رفض منح المشروعيّة لأيّ مؤسسة رسميّة لتنظيمها . 
لا بد إذأ من وجود نمطٍ ماء ا ل ا ا 
مجتمعهم.ء والعالم كلّهء وفقاً للمعايير الإلهيّة» من دون التخلّي عن 

مسؤولياتهم الفردية. وهذا النمط الذي تم إيجاده كان مبتكراً ونارعا ا 


وجد ورثة المعارضين من أهل التقوى الوا عن :دك فى المجدمم 
الذي أشية ديد في المدينة. التي أبقاها صحابته المقربون من بعده غا م1 
لهم. ولكنّ المسألة» منذ الأزمنة المروانيّة» لم تعد مسألة تقديم معيار 
سياسي» مع بعض الأنماط الاجتماعيّة التكميليّة. بدلا من ذلك» أصبح 
النمط الاجتماعى هو الأساسئ» وباتت المضامين السياسيّة مسائل ثانويّة 
مشتقّة منه. لقد أصبح رفض البدعة جزءاً مستقرًاً داخل نظام القانون. 

بطبيعة الحال» فقد تأسس هذا النموذج بشكله الأنقى على يد فقهاء 
المدينة. في البداية اعتبر فقهاء كل ولايةٍ من الولايات بأنْ تقاليدهم المحليّة 
هي الإسلام الأصلي. فالأوزاعي (ت. 071754 أكبر فقهاء سورياء اعتبر بأن 
التقليد الأصليّ لم يتغيّر حتّى عام 215 أي عند بداية الفتنة الثالثة» ومن ثم 
فإنْه قد قام بحسم بعض المسائل بناءً على الممارسات المروانيّة. ولا شك 
بأن الفقهاء المعارضين لم يكونوا ليتساهلوا مع رأي كهذا. على أن فقهاء 
الكوفة» أتباع أبي حنيفة ومدرسته. استمرّوا في النظر إلى الممارسة الكوفيّة 
بوصفها المعبرة عن 0 الأصلي . أما فقهاء المدينة.ء الذين كان أميزهم . 
أو على الأقل أوسعهم اتير ا مالك , و الس (رت. 7/46). فقد أصرّوا على 
أن تقاليدهم 0 هي التي أدامت الإسلام الأصاث وحافظت عيهء وقذموا 
في هيدا الصرده مهرما سجديذا واضنها افد الوضوح. استند مالك إلى 
افتراض صريح مفاده أن الطرائق ق التي تعارف عليها الأتقياء الكبار من 
الأنصار في مدينة محمّد هي الطرائق الصحيحة التي لم تفسدها لامبالاة من 
أسلهوا متأخراً من الأموييئن ولا الأعراف القبليّة فى مدن ال 
[الأمصار]؛ إذاً فأعراف المدينة لا تعود إلى زمن المسلمين الأوائل فقطء بل 


مه 


إلى محمد نفسه. الف فتالك كتاباً اند نا المقواعد., وهو 
الموطأ. بهدف الحفاظ على تعاليم المدينة القديمة» وقد أصبح هذا الكتاب 

هو الوثيقة الاساسة لمدورية كاملة في الفقه. كان نطاق فعاليّتها يمتد إلى 
إسبانيا حتى في أثناء حياة مالك . 


وفكذا فقك. ظهرت صضنوزة مالية ما العدينة لتحقيق :هذا الغرفن:2 ققد 
أُوّل منظرو الشريعة هذا المجتمع ناته المواقف الدينية. التي أعطيتها 
للتوّ صيغة حديثة ومبسّطة (وريما مفرطة في التبسيط). وبهذا التأويل. بات 
مجتمع المدينة مفيداً لهذه النظرية بوصفه قدوة نموذجيّة. في المدينة [المنوّرة] 
الأوّلى/ النقية م2 لم يكن هناك كنيسة وكهنوتء» ؤزآلا دولة وقانون. أي 
معنى عادي لهذه الكلمات؛ بل كان هناك محمّد. الذي تعبر أفغاله عملياً عن 
أوامن 1ن إذ إن محتدا + قيها ايتترظي» له تمن قن إطلؤقا إلا بما ينسجم مع 
هله الأوامي جنا فلن :ذلك فإن اونما قدي الكدة الأولن للمطرية 
المتأخرين هو أساسنٌ جديد للقانون. لم يكن هذا الأساس يقوم على تشريع 
يقرّه مجلس مكوّن من مجموعة من البشرء ولا على استنباط الأحكام من 
مشفوعة هه المياةة الشرية» انما كان قائماً على اسان المراقبة د 
لسلوك شخص بعينه» باعتبار أن سلوكه يُوافق أوامر الله دوماً. بالنسبة إلى 
مالكء فإِنْ ما يهم هو السلوك النموذجيء الذي اعترف به أهل المدينة. 
لاحقاً بات من الممكن أن تُصبح بعض الأفعال والسلوكات معياريّة» حتى لو 
كانت نادرة أو غائبة عن سلوك المجتمع تماماً”*'. يُمكن لهذه الأفعال أن 
تكون أفعال محمّد أو أفعال غيره إذا أقرّها ولم يعترض عليها؛ فالمسألة 
المهمّة هنا ليست صاحب الفعل» وإِنّما الفعل الذي حظي بالموافقة”'' . 


(*) وذلك بعد أن مُنح الحديث مكانة تشريعيّة مستقلّة» تدريجيّا منذ الشافعي» وأصبحت السنة 
تُعرّف من خلالهء بعد أن كانت ملتبسة بمبدأ الإجماع العملي . فعند مالك كان مفهوم السنة العملية 
المتمّل بعمل أهل المدينة أقوى من خبر الواحد (الحديث أو السنّة القوليّة)» فهو يروي بطريق السلسلة 
الذهبيّة عن يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله يْهِ قال «المتبايعان كل واحد 
منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار' :-ويغلق فالك بالقول؛ «وليس لهذا عندنا حد 
معروف ولا'أمر معمول به فيه». لتوسّع أكبرء انظر: وائل حلاق» نشأة الفقه الاسلامي وتطوّرهء ترجمة 
رياض الميلادي (بيروت: المدار الإسلامي. 23007» الفصل الخامس: «السلطة النبويّة وتعديل نمط 
التعليل الفقهي» (المترجم). 

- كثيراً ما يميل الكتّاب الحدائيّون إلى افتراض أن النموذج الغربي القائم هو النموذج الطبيعي»‎ )١( 


ه١‎ 


أما ثاني ما قدّمه نموذج المدينة: فهو أساس التنظيم داخل المجتمع. 
أي توزيع المهام . ففي الواجبات التي لا يستطيع الجميع أل لأسب على 
الجميع أن يقوموا بها. كان محمد يعين أفراداً يكونون هم المسؤولين عن 
أداء المهمّة؛ وإذا قاموا بهاء فإنها تسقط عن الآخرين. بناءة على ذلك» قسم 
المنظرون الواجبات الشرعيّة إلى فرض عينء وهو ما يقع وجوبه على الجم. 
سواء أقام الآخرون بهذا الواجب أم لم يقتوموا هه منقل. آأذاء الصتلاة أو 
الالتزام بالعقود؛ وفرض كفاية» وهو ما يقع وجوبه بالأصل على المجتمع 
ككلّء ومن ثم فإِنْ وجوبه يسقط عن الآخرين لو قام به شخص واحد بطريقة 
وافية. إذاء إن قام البعض بمهمّة رعاية المسجد أو مراقبة صحّة الأوزان 
المستعملة في السوق. فإِنْ الآخرين يُعفون بذلك من هذه المسؤوليّة؛ ولكنهم 
يُعفون منها مؤقّتاًء وفقط إن كان من قام بالمهمّة قد قام بها بشكل كامل. 
ولا يحقّ للرجل المسؤول عن أداء الواجب أن يتركه لمساعديه أو مرؤوسيه. 
إذ إن الواجب لا يتعلّق بمهمّته كموظف أو صاحب منصبء. وإنما هو 
مسؤوليّة شخصيّة بالأساس. تروي إحدى القصص بأن عمرء الخليفة» قد 
أوصل بنفسه الطعام إلى أرملة محتاجة تجاهلها مساعدوه؛ ذلك أنه لم يكن 
يستطيع أن يتيقّن بأنْ مسؤوليّته. التي سيواجه بها الله يوم القيامة» قد أدّيت 
حقّ الأداء عبر موظفى الدولة. على أساس هذا المبدأ. ليس ثمّة حاجة إلى 
دستور أو إلى قانون عدورض مات ةر د ات فما يُمكن وصفه بأنه 
واخزره ععوين هو أمر 1 من التعامل معه قانونيّاً على الأساس ذاته الذي 
تروعاية الراعي التشصى أن اللخاضن» 


- ومن ثمٌ فإنهم يعزون انحرافات المسلمين عنه إلى كونها أموراً طارئة بحكم حياة محمّد وظروف حياة 

العرب في ذلك الوقت . ويبدو أنَ النقاشات الحاليّة تشجع على مثل هذا التحليل. بالطبع لم يقم 
الإسلام بتوحيد «الكنيسة والدولة» على الإطلاق (كما يقال أخيانا)؛ بل إنه لم يملك نوها مؤسسة 
كالكنيسة» ولم يبتكر أو يتبنَّ مثل هذا التمييز (على الرغم من أنه تبنّى تمييزات أخرى لم تقم في 
الغرب). ولكن هذه النشأة المختلفة كانت تمتلك هى الأخرى شروطها التاريخيّة الخاصّة بها : فبينما 
كان شكل الإسلام في المدينة يعكس الظروف المحليّة هناك» حيث لم تكن هناك لا دولة ولا كنيسة» 
فإنْ المرء ء لا يُمكن أن يقول بأن المسلمين لاحقاً قد فشلوا في منح المشروعيّة للدولة (أو للكنيسة) لأن 
محمّداً قد عاش في مكّة والمدينة . فالشريعة هي الأخرى لم تكن قائمة في المدينة. وإنما يجب أن 
نرجع الأمر إلى أن تجربة محمّد قد جعلت الإسلام قادراً على حمل النزوعات الجماعيّة الإيرانيّة - 
السامية. التي أخذت إيجابيات نموذج المدينة. لتعزيز نموذج صالح لاعتبارات أكثر عمومية . 


29 


أها الفيدا الثالث فإنه تشكل الأشامن للعلاقة بين مجتمع المؤمنين وغير 
المؤمنين؛ فمهمة هذا المجتمع هي إيصال رسالة الله 0 5 ومن ثم م فإن 
حكم مجتمع المسلمين يجب أن يمتدٌ ليشمل جميع الكفار أيضاً. فكما كانت 
الحال في المدينة» فإن من حقّ الكفار (إذا كانوا من أتباع إحدى الديانات 
السماويّة المحرّفة» كاليهوديّة والمسيحيّة) أن يستمرّوا في انتمائهم الدينيّ. 
كذميين» «رعايا ميحسين 1 ما دامت عبادتهم لا تنتهك الإيمان الحفري 
وتوحيد الله جهاراً. وما داموا خاضعين لسيادة المسلمين في القضايا العامة 
إذاّء كان يتوقع فقط ممن أعلنوا تحمّلهم لمسؤوليّات الإسلام أن 28 
بالطريقة الإسلاميّة» وهم وحدهم من يحقٌ لهم أن يحملوا مسؤوليّة المجتمع 
ككل . 


آثار نموذج المدينة في أزمنة الخلافة العليا 


نهم جميع المجتمعات الدينيّة بأنها مارست نوعاً من الفصل بين 
المبادئ الصريحة التي تعلنها وتاريخها الفعلى. وهكذاء فإِنَ المتن الرئيس 
للقانون الروماني المتأخّرء الذي لم يُقدّم أي ادعاءات دينيّة» قد قدّم نفسه 
بوصفه امتداداً لقانون الشعوب (2تناتاصعع كناز) ؟ 5 الممارسة المشتركة بين 
شعوب حوض البحر الأبيض المتوسطء» كما تمّ تأويلها في ضوء مبادئ 
الفلسفة الرواقيّة. وفي الحقيقة. ال ل الاي ا ا 
ولكن هذه الصراحة والوضوح سرعان ما يختفيان مع دخول الدين. فنجد 
أنفسنا فى مواجهة أشكال من الدوغماء المقولات التي يغدو إنكارها أمرا 
لاأخلاقيّاً؛ وعندها يتمّ صياغة الشروح والتفسيرات» التي قد تكون عقلانيّة 
بما فيه الكفاية في ذاتها. فى حب اتحائط خلى ارا لدو عا سايم ار 
منقوصة. وهكذا نجد في حالة الطقوس الرومانية» التي كانت 0 إلى نوما 
[بومبيلوس”*'. بأنَ الرومان لم يعودوا يجرؤون على تفسير أهميّة هذه 
الطقوس على نحو عقلانيَ من ناحية التضامن الاجتماعي ودوز» فئ مسريحة 


() ثاني ملوك روماء وإليه تنسب مجموعة من المؤسسات والطقوس الاجتماعيّة التأسيسمية» فهو 
من بنى معبد يانوس» إله البوابات الروماني» وهو من أدخل عبادة ترمينوس. إله الحدود. واله تسيب 
جملة من الطقوس المدنيّة» مثل طقس اقتتال القائدين نيابةَ عن جيشيهماء وغير ذلك من الشعائر 
العمومية (المترجم). 


65٠ 


البُعد الأخلاقى والمقدّس؛ وبات عليهم أن يُفسّروها بأنها الحكمة المتوارثة 
من أسلاف نوما (التى تصل إلى نفس الخلاصة بطريقة ملتوية) . 


حافظت مذاهب الشريعة للنظام الاحتماعق فى موز النهائية على هذا 
الانفصال ولم تنحرف عنه» وربما كان ذلك عائداً جزئيًاً إلى ما تتسم به 
مجموعة المعتقدات الدوغمائيّة القليلة المتضمُنة فيها من عقلانية ظاهرة 
ووضوح. . إن عليناء للحظة» أن نتعمّق فيما وراء الطريقة التي شكل بها 
المسلمون الأوائل مُثْلّهمء ٠‏ لكي لمك بأدواتنا ومناهجنا الخاصّة من تحليل 
كيف تمّ تطبيق مثال المدينة على مجتمع الخلافة العليا. فهذا المجتمع كان 
يختلف بصورة كبيرة عن مجتمع المدينة الأولى. لو بدأنا من عهد 
المروانيين» فإننا سنجد بأنْ المسلمين كانوا أقليّة حاكمة لإمبراطورية غنية 
وواسعة. ولم يعودوا تجمّعاً ريفيّاً صغيراً متماسكاً. بعد ذلك» تحوّل معظم 
سكان الإمبراطوريّة إلى الإسلام. كيف يُمكن إذاً أن يُطبّق النمط الاجتماعي 
القديم على الوضعيّة الجديدة؟ دعونا نستعرض من هذا المنظور ما كان 
يحدث في بداية الأزمنة المروانيّة بين أهل التقوى 

اي ا ا ا هي سمات سلّمت بها جميع 
النادى: التشريغية التي تعود إلى المدينة. فأولا وقبل كل شيء» كان مجتمع 
المدينة مدل التوجه المثالي : فهدف محمد الأساسي هو بناء حياة إلهية» وقد 
استجاب المجتمع لهند اليدن كانناء كان هذا المجتمع يمثل الروابط 
الشخصيّة داخل المجموعة (كل شخص يعرف الآخرين جميعا . ولما كانوا 
يعاملون بعضهم بوصفهم عباداً مسؤؤلية أمام الله فإنهم لم يتصرفوا في 
المسائل المتعلّقة بالوظيفة الرسميّة مع الآخرين بصورة لاشخصيّة). ثالثاً 
كان مجتمع المدينة يُمثل حالة من التجانس الثقافي داخل المجموعة؛ وهذا 
التجانس - القائم على الأعراف العربيّة المشتركة بعد أن تمٌّ تعديلها على 
أساس ولاء المجموعة لمحمّد ‏ هو ما جعل السمتين السابقتين ممكنتين : 
فوريّة التوجّه المثالي» ومباشريّة العلاقات الشخصيّة بين المؤمنين. تكمن 
المشكلة إذا في كيفيّة إعادة إنتاج مجتمع الخلافة» المتوزّع على آلاف 
الأميال» على أشا نين التجانس الثقافي, الشخصي»ء مثاليٌ التوججه. الذي كان 
سائدا فى المدينة الآولق: كانت هذه الأسكلة تفرضن تنبينها كأبغلة فلك 
مثلها في ذلك مثل مسألة السلطة»ء التي كانت فرق أهل التقوى مختلفة 


ه١‎ 


حولها. حين نأخذ في ضوء ذلك الحلولَّ المختلفة المقدَّمة لهذه الأسئلة. 
سنجد بأن كل حل يمتلك أرضيّة معقولة» بغضٌ النظر عن غرابة المصطلحات 


كان على الإسلام أن يُثبت أنه قادر على صياغة أسس المجتمع كلها. 
وفي سبي وللكء د من الصرور سيت أن 0 في 00 المدينة 
حيثيات ل 207 ثم اه 0 أن يكاف: العناصر المقابلة 
له في مجتمع المدينة الأولى. لكي تتم إعادة إنتاج المجتمع الإسلامي على 
| ساس 


لقد كان هذا التجانس الثقافي هو المطلب المنشود عند الحديث عن 
الحاجة إلى السنة بوصفها معيار الحياة الإسلاميّة. ففي إمبراطوريّة 
التسلميو كاذاريعة التعير عن فجانس اللندينة الأ رلى عن كاذل فنا ضير 
مستمرّة فى الحياة الفعليّة. وقد استفاد أهل التقوى من هذه العناصر لاسترداد 
المثال النموذجي. بالعموم» فإِنّ التقاليد المشتركة لطبقة الحكم العربية هي 
ما يعبّر عن التجانس الثقافى للمدينة» وهى التقاليد التى حافظت على سئن 
الرمه القديية الممازسات المتعا رق جديا . يعد تعد رلينا قفا مغانت 
مجك إن ها كان مشتركأ بينهم هو الأساليب القديمة» السابقة للوسلام 
بالتأكيد؛ أما ما أخذوه من حياة الولايات المفتوحة فإنه لم نكن 0000 إلا 
بقدر ا ا انا المروانية. بالاعتراف بأهميّة هذا 
الفجاتس لدى الغرت المسلمين: أشسن أهل التترى مبذا اتناع التقاليد(أو لا 
اتباع التقاليد المحلية)» التي تبلورت في النهاية من خلال مبداً الأجماع. 
الى ئضي راج امود اناق عله امن اول لمجو 1 » هو أمر يقرّه الله. 
على هذا الأساس» تم فرض ختان (الذكور والإناث) مثلاآًء على الرغم من 
أن هذا الحكم لا يمتلك سنداً شرعيّا يوق كو قاد عريية» ولم يستطع 
الفقهاء الأكثر حذراً أن يعتبروه ملوها افا . إن حظر البدع وتحريمها وجه 
اخر للتا كيد غعلن الإجماع؛ فهق نا لاسامن نزوع نحو الحفاظ على هذا 
التجانس. وقد كان هذا الحظر يستهدف جميع أشتكال الاتحزافاكةهء صواء 
أكانت لاأخلاقيّة بطبيعتها أم لم. تكن على الرغم من أن الفقهاء فى بعض 
الأحيان كانوا يتراجعون [عن التبديع] في حقّ الابتكارات التي تثبت فائدتها . 


:هه 


على نحو أكثر تعييناً» كان بإمكان الفقهاء أن يعتمدوا على المعرفة 
المتوارئة عن المديئة الأولى» التي تنقل صورتها كما كانت بالفعل. فعلى 
الرغم من أن المثال المباشر لم يعد موجوداًء إلا أنْ من الممكن إيجاد 
طرائق لإعادة تصويره وعرضه للمجتمع رامع وقد كان ذلك هو هدف 
الإمام مالك عندما شرع بتدوين ممارسات أهل المدينة وأعمالهم في الأزمنة 
المروانية» كما كانت معروفة لدى سكان المدينة الأكثر علماً والاكرساء 
ولكنّ الآخرين لم يكونوا مقتنعين بإمكانيّة الاعتماد على المدينة في ذلك 
الزمن المتأخّر لتمنحنهم المعيار المطلوب. فبعيداً عن اعتزاز أهل المدينة 
بأنفسهم. كانت الممارسات الأخرى في كل مراكز المسلمين تعود هي 
الأخرى إلى المسلمين الأوائل بالقدر ذاته من الوضوح أيضا. وقد بدأت 
مجموعات الأحاديث التي رواها الصحابة عن النبيّ تحلّ محل التجربة 
المباشر للمدينة الأولى؛ فقد نقلت الأحاديث آلاف التفاصيل عن حياة 
المدينة ومحمّدء وتناقلها الرجال والنساء المؤتمنون بحكم اهتمامهم الصادق 
كسمن فاضي لك المدراء . 


كان لهذه الطريقة قيمة إضافية (على الرغم من أنها لا كر عادةً). 
وهى أن هذه الاح ديق قن اورت بالحكمة الجماعيّة لجيلين أو ثلاثة 
اال سن السسلمين ادنر ها مشر كاراب سد ة على علو عير لور 
المسلمين"'" .وقد كانت هده السجربة الواسعة تعر قن اتقتسها” مع خلال عضن 
الانزياحات في الأحاديث أو من خلال اختراع بعضها. في كلتا الحالتين. 
فإن مجموعات الحديث في صيغها الكلاسيكيّة لا بد أن تنسب أوَلاً إلنن 
الأزمقة المروانية ثم إلى زمن محمد. على الرغم من ذلك» تمت المحافظة 
على وحدة روحيّة واحدة من خلال التركيز على إظهار أن اهتمام المحدّث 
المركزي هو حياة النبيَ ومُثل مجتمع محمّد (أي ما دام المُحدّث سليم 
العقيدة وما دام الحديث منسجماً مع القرآن). ولعلّ الانتحال لم يكن مضرًاً 





(©) للمزيد حول الآلية التي تحوّلت بها الممارسات القانونيّة للمروانيين إلى جزء من الشريعة 
المثالية؛ انظر: 
35 []151 8177 لآ 01010 :جاه 0طمرآ) عع تع نامك لال 71+ 0 0711715 176 وأطءعقطء5 طمعو0[ 
ل .مقط ,111 1ئهم .حرو ,(1950 
وإن كنت أعتقد بأنه قد منح الشافعي مكانة مبالغاً فيها . 


1ه 


ما دام يراعي الروح العامة؛ بل إِنْه أحيانا” يمَوّي التجانس في النقاط التي 
كانت ستبقى محل شك لولا هذه الأحاديث 0 ابالطم: لم يحترع 
الفقهاء أحاديث ؛ ولكنهم كانوا يستفيدون من الأحاديث المتوفرة) . 


أصبح العلم المتحسك في الحديث هو الشكل الأعلى من المعرفة عند 
أهل التقوى ؛ بل أصبح هو المعرفة المشروعة الوحيدة؛ ومن ثم فإِنْ على 
كل مسلم أن يتعلّم منه قدر استطاعته. ل ال ل 
هذه الأمور كما كانت في المدينة اننا علي انها معارف مشتركة وعامة؛ 
فلم يعد يكفي أن يسأل المرء جاراً د يثق به عن مسألة معيّنة إن احتاج؛ فهذا 
الشكل من العلاقات الشخصيّة التي كانت حاضرة فئ حياة انمدينة سابقا 
بات مفقوداً. ولكن؛ كما هي الحال في مسألة التجانس الثقافي» ظلّ 
الاقتراب من ظروف هذه العلاقات الشخصيّة المتبادلة 0 في 
الأزمنة المروانيّة» لم يعد جميع المسلمين يعرفون بعضهم البعض بشكل 
مباشر وشخصي بطبيعة 86 3-6 الفسلديق البارريقة 0 ف الئاسة: 
أو في الشعرء أو في أي مجال آخر)» في كلّ مجتمع من المجثمعات التي 
01 طبقة من المسلمين» كانوا معروفين كشخصيات بارزة» وكانوا 
بقية المسلمين في المناطق الأخرى. ولأجل ذلكء كان لا يزال من 
الممكن للمسلمين بالعموة أن يكون لهم رأي بخصوص مدى تقوى وموثوقية 
الأفراد الفاعلين كرواة للحديث أو كممثلين للعلم بالعموم. وعبر السفر من 
مركز إلى مركزء كان يُمكن لطلبة العلم الشبّان أن يستقوا العلم من عدد كبير 
من علماء عصرهم. وقد بات هذا النوع من السفر شائعاً في الأزمنة 
العباسيّة. ومن ثم يُمكن النظر إلى طلب العلم من قبل الشبان الأتقياء على 
أنه أساس العلاقة الشخصيّة بين الأجيال السابقة واللاحقة في المجتمع 
ككلء من دون أن تكون العمليّة قائمة على نوع من المأسسة أو التجريد 
النظري . 1 





00( بحصوطن صعود الأحاديث» قارن ذلك بما ورد عند إجناتس جولدتسيهر: 111111 

.2 .701 ,(1890 -1889 ,وعلزإع مع 111 :116ة11) .7015 2 ,امع وباك عع ئأ :ره 2 :1//107:12 4[ 

وقد عرّز جوزيف شاخت من دقّة فهمنا لوضعيّة الأحاديث القانونيّة/ الفقهية» ٠‏ بخاصّة في أصول 

الفقه المحمدي. المشار إليه أعلاه. وبخاصّة في القسم الثاني » «نموّ التقاليد القانونية/ الفقهية». وعلى 
الرغم من الدراسات المتتالية حول هذا الموضوع. إلا أن رؤية جولدتسيهر لا تزال راهنة وسارية. 


هه 


إذاّء 2 الأويةة الفرواتيةة قلقت محفيفات الأمضبان» :نتزوعها 
العروبيٌ» السياق الفعال الذي تطوّرت فيه مبادئ النزعة الإسلاموية. التي 
عملت على إصلاحها حها [أي إصلاح النزعة العروبية لصالح مبدأ التساوي بين 
المسلمين جميعاً]. وقد أمكن الحفاظ على العلاقات المتبادلة الشخصية. 
كتلك التي عرفها مجتمع المدينةة :داتخل:ؤوائر الآنقياء المهنهية على الآفل» 
عبر السفر بين مراكز المسلمين» وتم تدعيم التضامن في المجتمع عبر بناء 
نظام من القواعد القانونية الإسلامية التفصيلية. لقد احتاج التجانس الثقافي» 
في سبيل جعل هذه التفاصيل فاعلة الأثرء إلى السعي الحثيث نحو تطوير 
ممارسة معياريّة مُقدّسة» السئة. وإلى معارضة البدع. الابتكارات. وكذا هي 
الحال بالنسبة إلى التوججه المثالي لمجتمع المدينة» الذي ات لقويمة جما ةد 
ولو كان ذلك على أساس أقلوي ‏ من قبل أهل التقوى أنفسهم» وتم تعزيزه 

عبر القرآن. بهذه الطريقة. أصبح نموذج المدينة راهنا بالنفية إلين المجتمع 
الإبلافي المتاخر. 


في ظلّ الظروف العباسيّة» حين أصبح عدد المسلمين بالملايين» وكان 
لا بنّ من تحويل هذه الاهتمامات والمبادئ إلى نظام تقني معمّد؛ لم يعد 
صحيحاً بأنَ كلّ شخصٌ مسلم مهم معروفٌ لكل المعنيين» كما لم يعد من 
الممكن الحفاظ على التجانس الثقافى على أساس التقاليد العائليّة العربيّة. 
بذالوعلى اذلل كان لا بن من ماسسه النظام الذي تشكلت ملامحه الأولى 
في زمن المروانيين بطريقة تحافظ قدر الإمكان على الفضيلة الأصليّة الكامنة 
قيهن قينا امتدل: بالعلافات: الشتخصئة (وجها لرحه) الى كانت قائمة فى 
المدينة علاقات قائمة على السمعة العامّة داخل طبقة الحكم» تمّت إعادة 
تشكي_ هده العللاقات خصن علاقاك لاشخصية "تسيا نين زملةء محدصين فن 
المتجال:ذاثة.. لقد أصبح المتخصضون الأتقياء. طبقة متمايزة بحت ذاتهاء 
كعلماء؛ ولم تعد المبادئ التي كانوا في السنايق يعتبرونها عامة ومشتركة في 
المجتمع المسلم تنطبق أحياناً إلا على هذه الطبقة الدينيّة وحدها. علاوة 
على ذلك؛» لم تعد تطبيقات [هذه المبادئ] تعتمد على مواقف غير رسميّة 
وإِنْما باتت خاضعة لمجموعة منظمة من القواعد الصارمة. وكان لا بدّ من 
أن تحل الأحاديث الواردة عن حال المسلمين الأوّائل في المدينة محل 
العرف» الإجماع المحلي في الأمصار؛ وهي أخاويف كانت اول 


هه 


كنصوص » وقليلاً ما كانت تتعارض بوضوح مع التقاليد المحليّة. (في 
الحقيقة» فإن هله الأحاديت كانت تعصين بالطبع الأمور الجوهرية في تقاليد 
الأمصار العربيّة». ولكن جميع هذه التحوّلات كانت كامنة في الظروف الأقل 
رسميّة للأزمنة المروانيّة. لقد حافظ هذا التكييف عنتلى استمراريّة وثيقة مع 
طرائق مجموعات أهل التقوى السابقة: إذ إنهم هم من قاموا بالقفزة 
الأساسية بجعل الإسلام. بدلا من العروبة. مانا للمجتمع . 


الشافعي ونظريّة الشريعة: الأحاديث النبويّة 

عمل علماء الشيعة وعلماء أهل السنّة والجماعة على صياغة أنظمة 
لقوانين الشريعة استجابة للاحتياجات المتجددة. هناء سنصف بشىء من 
الاختهياد صورة الشريعة كنا لكك ضايهنا غلم ة اله لخدت سعط فد 
الشيعة» على الأقل. ذ فى النظرية التي يستعملونها (إذ يمنح الشيعة للأحاديث 
ةليع الأنة المكانة ذاتها التي يمنحها أهل السنّة لأحاديث النبيّ» 
ويرفض الشيعة الأحاديث التي نقلها من يعتقدون بأنهم خانوا الإسلام). غير 
أن صورة الشريعة لدى الشيعة لا تختلف كثيراً في خلاصاتها النهائيّة, 
باستثناء بعض النقاط المتعلقة بنمط التقوى الشيعيّة. فقد وصلت جميع 
الأنظمة. بحكم تعاملها مع نفس الأسئلة» إلى إجابات متقاربة أو متطابقة. 
حظي النظام [الفقهي] الشيعيّ بنوع من الضبط المنهجيٌ بعدما قام الشافعي 
بضبط الأنظمة السئية» وربما تكون مبادئ النظام الشيعي» كنظيرتها السنيّة. 
قد وُضعت استجابة لأطروحة الشافعي. لقد كانت أنظمة أهل السنة 
والجماعة هي صاحبة التأثير الفعلي في الغالب الأعمٌ. بقدر ما كانت 
الشتريعة وقتها نجدكك فى جميع المعارساك المدنية: 


في البداية» تم تعريف الحديث بأنه أيّ رواية ترد عن ممارسات 
المسلمين الأوائل (السنة). تقوم مرجعية الأحاديث على القول بموثوقية 
[غدالة] السعلمين الأوائل الباززين جميعا ‏ يكوق الحديث موثوقا عدن اتصالة 
بسلسلة من الرواة الثقات» الاسناد. السلسلة التي تؤكّد الصلة بمحمّد في 
حال كانت موثوقيّة الرواة فوق الشكوك (الذين قد يكونون وقد لا يكونؤن من 
صحابة النبئ المباشرين). في زمن المهدي (لالا ‏ 7286) والرشيد (860/ - 
)2 أصبح من المقبول أكثر وأكثر أن تكون للأحاديث المنسوبة إلى 


كه 


تكحةك الف (أسيفة غلن الأخاديت المنسوبة الوح صحابته أو للخلفاء الأوائل؛ 
نزي باتت هذه الأحاديث أنقيا سني ال ميف 3 (وهكذاء فقد تم 
القبول بالموقف المبكّر للشيعة والقائل بأنْ قرارات الخلفاء الأواة “لنسية 
ملزمة للمسلمين). 


كان الفقيه محمّد بن إدريس الشافعي رت )85١‏ هو من قام بالخطوات 
الحاسمة في هذا الصدد. ولد الشافعي في سوريا فين غاكلة عا في :نكا 
فقيراً يتيماً في مكّة. ثم ت: نتلمذ وهو شاب صغير على يد الفقيه مالك في 
المدينة. . وفي أثناء عمله كمسؤول في اليمن [حيث و تعران ]ا شارك في 

رة للشيعة المعتدلين وتم م أسره من قبل الخليفة الرشيد؛ فقنه ذلك عدا 
لي بغداد. ثمّ بات من الواضح له بأنْ تأسيس مذهبه ونشر 
أفكَاره الخاصّة في مصر آمنٌ له» فاستمرٌ في التعليم فيها حتى نهاية حياته . 

استفاد الشافعى من نمرّ الأحاديث المنسوبة إلى محمّد وتزايد أعدادهاء 
فقام بالتخلّي تماماً عن الاعتماد على التقاليد المحليّة لأيّ مركز من مراكز 
المسلمين» بما في ذلك المدينة» لصالح الاعتماد على أحاديث النبيَ. كان 
ذلك يعني أخذ نموذج المدينة إلى نهايته المنطقية. وفي الوافيكا فده الاخرير 
الفكر الفقهيى من حدود التقاليد وقيودهاء وإفساح المحال تماها للمثل النن 
طوّرها أهل التقوى» الذين تكاثرت أحاديث النبىّ في دوائرهم. ولكن» على 
الرغم من المخاطر التي تحفت هذا الموقف المنطقي, فإِنْ التفكير الفقهي 
الصلب للشافعي قد دعمه ومتّنه. وعبر عبر الحجج الفقهيّة التفصيليّة» نرى بأن 
الشافعي قد صقل تفكير أبي حنيفة الفقهى الرائد. فى الوقت نفسه. حاول 
الشافعي أن يُؤسْس ينية فقهيّة قائمة بنفسهاء تشتقٌ جميع التفاصيل الفقهيّة من 
المبادئ الإسلاميّة المُتَفْقَ عليها؛ وقد نجح الشافعي في مسعاه (نظراً لأن 
افتراضاته» بخاصّة افتراضاته حول صلاحيّة هذه الأحاديث» قد أصبحت 


استعرض الشافعي في مقدمة كتابة: الرتيين 6 الآمّء البايت: اعباط ا 
كلها من القرآن (أيّ من المواجهة الإلهيّة البشريّة المباشرة التي بخصلات 
0 وتامين عليها المججيع المسلم). وقد كانت هذه مهمّة غير مضمونة 
النتائجح كما شترئ 4 فالقران: فى سطحه الظاهرء لا يصلح 2 أن ايكون 


/اّه 


فا انوبا ناذا كان للقرآن أن يضع قواعد معيّنة. فإنّه يضعها مرتبيطة 
بحوادث في مسيرة المجتمع الأخذ بالتطوّرء وكثيراً ما يُخْمُْف في آية تالية ما 
غلّظه في آيةٍ أولى. ولكنٌ الشافعي بعد أن بدأ بالقرآن» أظهر عبر نظر دقيق 
في لغة القرآن البامتحضار حصي تامع التفسيرن المختلفة) أن القرآن يستلزم 
بالضرورة دوراً ركاذ لمسين لا بوصفه ناقلاً للقران وحسب» بل بوصفه 
فوا له يقبا ؛ 


بذلك» أصبح لمحمّد وعمله: سئته» قيمة لاهوتيّة أكثر تحديداً وتوجيها 
مما كان لها في السابق: فقد أصبحت وظيفة محمّد ومكانته التشريعيّة أكثر من 
مجرد كونه ناقل الوحيّ والقائد الأوّل لمجتمع الأمّة؛ أصبح حا المثال 
المُؤْيّد إلهياء وأصبح لعمله قيمة مرتبطة بالوحي: إذ لا يُمكن تفسير أوامر 
القرآان بصورة مشروعة إلا من خلال كلماته وأفعاله الشخصية. في حين» لم 
تعد لأعمال أصحابهء حتى أقربهم إليه» إلا قيمة ثانويّة في حال غياب الدليل 
الصريح حول ما سيفعله محمّد في هكذا حالة. ولكنّ سنة محمّدء بدورهاء لم 
تعد تُعرّف بوصفها تقليدأء يتّبعه الأفراد بطريقة عمياء من دون إمكانيّة فحصه؛ 
وإِنّما أصبحت السئّة هي نصوص الأحاديثء التي يُمكن للأفراد أن يتعلّموها 
كما يتعلّمون القرآن» والتي يُمكن للمرء (إن كان مؤهّلاً) أن يُقيّمها [أي يُقَيّم 
درجة صحّتها]. وقد كان من الصعب على أهل التقوى أن يقاوموا إغراء هذه 
الفكرة» فإذا كان من الممكن بناء الشريعة على هذه المبادئ» فإِن هذه الطريقة 
ستكون نموذجيّة ولا بدّ من السعي لأجلها بكل الطرائق الممكنة 


كان المذهب الذي تبثاه الشافعي هو الشكل الأكثر صرامة من جهة منح 
الأولوثة للتعدية السؤئ: أى: إن الأحادينف الواردة عن النين لا تحطى 
بالأولوية وحسب. بل إنها هى المعتمدة وحدها. إضافة إلى ذلكء» فلا يجب 
نوك لاض لقوق (اتعرييف: أئرا ينا تشيهرا+ أوانسنة الأحاديك إلى 
محمّد من دون دليل؛ فلا بد من أن يكون لكل حديث إسنادء أي سلسلة 
متصلة من الرواة» تصل بين المتحدّث ومحمّد نفسه من دون انقطاع. كان 
الشافعي يأمل بأنّ مثل هذا الاختبار من شأنه أن يُزيل البدع التي حصلت بعد 
فساد مجتمع الحقكة الازلب اذ إن معناوسة :رسة) النبيّ» في حال كانت 
صحيحة وموثوقة») يجب أن تكون نظويا درا غير مُساءل. ولكنٌ النتائج . 
على المستوى العملىٌ. كانت أكثر مراوغة من ذلك. 


4ه 


نادراً ما كان الإسناد ‏ الذي لم يكن يحظى سوى بالقليل من العناية في 
بداية رواية الحديث - يردٌ الحديث صراحة إلى محمد. حتى لو كان الحديث 
يدور حول شخصه. في أفضل الأحوال. كان يُذكر أحد أصحابه. وحين 
بات السند المتصل إلى محمّد أمراً مطلوباً» تمّت أحياناً إضافة الأسانيد إلى 
الأحاديث الموجودة (سواء أكان الحديث صراحةً حول محمّدء أم كان فقط 
يدم زأيانات: يفترظن بأنه.يعوه إلئ محمّد) . وربماء كان أكثر الرواة صدقا 
يحللون احتمالات كل حالة ويقدّمون سندا كاملا لأيّ رواية أو حديث على 
أساس المصدر الذي يعرفونه وعلى أساس المصادر التي استقى منها 
أساتذتهم. على الجانب الآخرء كان بعض الأتقياء لا يتردّدون في اختراع 
الأسانيد إن لزم الأمر - وبعض رواة الأحاديث أيضا ‏ في القضايا والحالاات 
الجيدة؛ فقد كانوا يفترضون (صراحة) أن كل أمرٍ صائب وذي قيمة في 
ل ا ل بأمر من محمّدء بوصفه رسول العناية الإلهية. 
سوا أكان يداك من كيه هن القون إليه أم لاء وبغضٌ النظر عما إذا كان 
هذا الكلام قد .جر على لسباتة أو لا .. (هناك أحاديث تشفينة الى ادك أنه 
قد أقرٌّ هذا الأمر أو أكْد عليه وحسب!). بناء على ذلك» توفرت مادّة كبيرة 
من الأحاديث الموصولة بأسانيدها إلى محمّد. 


ولكنّ هذه المادّة الكبيرة من الأحاديث لم تكن مجرّد تجميع لروايات 
مختلقة من أشخاص مختلفين. ففى الأجيال التالية للشافعى» تمّت معالجة 
هذا النقطة التي كان يُمكن لها أذ نشول نظامه بأكمله: امول بالا حا دوك 
المخترزعة حعدينا كان ا من خلال «نقد السند». فعبر تحليل سلسلة 
السندء كان العلماء قادرين على اختيار مجموعة من الأحاديث بخصائص 
تتناسب مع احتياجاتهم. في كل من موضوع الحديث [المتن] وانتقاء سلسلة 
الرواة التي نقلت الحديثء. كان هناك حرص على إظهار مواقف وأحوال 
الشخص الذي روى الحديث وأدخله في حيّز التداول. كان الرواة الموثوقون 
معروفين» وكان يمكن إقصاء الرواة المعروفين إذا كانوا منتسبين إلى مذاهب 
فاسلة. 


في تلك المرحلة. كان نقد السئد يعني اختيار الأحاديث التي تداولها 


الأشخاص الذين يحترمول المرجعيات داتها التي يحترمها الناقد إناقد 
الحديث]ء والذين يظهرون احترامهم هلا عبر استعمال هذه المرجعيّات ف 


4ه 


الإسناد نفسه. لم يكن ذلك بهدف الدقة التاريخيّة» أي معرفة ما قاله محمّد 
فعلاً ؛ فانفنا كان ذلك وال انين بهدف الوصول إلى تجانس ووحدة دينية 
فعّالة. كانت هذه العمليّة غير يقينيّة بدرجة ما. أما الأمر الموثوق والذى 
يُمكن الاعتماد عليه فهو أن هذه العمليّة في المستقبل ستجعل تمييرٌ 
الأحاديث و ا قبل المجتمع في الوقت الذي تمت فيه 
فبناغة متعايين تونق الأشاقيك» آمرا مر المتهولة يمكان: وهو نا حدرة تفريا 
في زمن الشافعي. ولكن., ولتحرّي الدقة» فحتّى بعد ذلك بقيت هناك إمكانيّة 
ولو ضئيلة لانتحال الأحاديث واختراعها؛ إذ لم تستطع عمليّة نقد صححّة 
الأحاديث على أساس الإسناد تجاورٌ الصعوبات الكامنة فى هذه الطريقة 
قافا :ولك ياه سطويقة سان ساضادت فى منياة ماده متفة فين ارا 
والسحاومات النعترف: امن 1 جعلواب افن السنة و الحياهة رالسكاتا 
عليها. إضافة إلى ذلك. وبأثر الروح الفرديّة لأهل التقوى. فإِنْ هذا 
الاعتراف والقبول قد حصل من دون اللجوء إلى سلطة هرميّة أو إلى هيئات 
مؤسّسة أو إلى أي أداة بشريّة تتوسّط بين الناقد الإنساني الفرد وضميره. 


نظام الشافعي في أصول الفقه 


كان على نظام الشافعي أن يفسح بعض المجال للأعراف التقليديّة» بل 
وللرأي الفردي للفقهاء. ولكنّ نطاق هذه الأمور كان ضيّقأً ومحدّداً بشكل 
صارم. وكان لا بد من استنباطها من القرآن. مع تنامي الأحاديث بأسانيدها 
الموصولة بالنبي كتعبير عن رؤية المجتمع - أو بالأحرى» رؤية أولئك الذي 
باتوا يُمثّلونَ القرآن وسنّة محمّد ‏ أصبح من الممكن لحظتها تقليص عنصر 
الاعتباطيّة الذي بقي في بعض الأحكام الفقهية. 


كان يُطلق على هذا العنصر: الرأي؛ الذي يعني الحكم الشخصي. ولم 
يكن من الممكن تجتبه بالكلية من التفسير النظريّ لدواعي اختيار موقف 
فقهي معيّن؛ ؛ فحتّى مع كثرة الأحاديث؛ لم يكن من الممكن تغطية جميع 
الحالات الممكنة. ولكنّ اعتماد القانون على آراء كلّ فقيه واختياراته كان 
أعر ا قير مفيول بالطبع . اقترحت العديد من المبادئ للحد من اعتباطية القول 
بالرائ: شكّك البعض بإمكانيّة الاعتماد على الأحاديث وفضلوا الاعتماد 
على العقل في المسائل التي لا تكون نصوص الأحاديث فيها قطعية؛ أملين 


و9 66 


أن يقودهم العقل الصحيح إلى نتائج كلية تُمكُنهم من تجئب الاعتباطية . لذن 
حين رأى البنعض بن الأحكام الفقهيّة يجب أن كور ا م 0 
الإنصاف أو مع المصالح الناقةن. أن أو لفلف الكافيون المخلدييك 6 ففك نزاو 
بَأن أفضل طريقة لإخضاع أحكام الأفراد للحديث في الأمور الس تحدة ة هي 
عمل مماثلة للحكم على حكم سابق موجود في القرآن أو الحديث. . يطلق 
على عمليّة عقد الممائلة والمقارنة اسم «القياس»2 وقد تبناها الشافعي 
بومن ها وس ماضن ري :1 يكيان الحنوك 0 لها ترقع العال: 
أحاديث الآحاد. 

ل يي ا يُصبح عُرفْ مركز منطقةٍ ما 
أمراً معنتر فا ابد كو حي مشروعة عندما د حدق إجهاعا سن الرحال الوازنين 
المُعتبرين. أسهم الإجماع بدورٍ أساسيّ في التفكير الفقهي لأهل التقوى؛ 
تإعنا ف :إلى حون بجانعه دانع طبيدة عدا قله عيا ةا ء فإنْه كان يمثل» انا كثر 
الصور متانة. المثال/ النموذج المطلوب للتجانس الثقافي. والذي كه 
ا إداعه متحي كرد فيد كر إجنات مو عا عكر أمام الله في كل 

٠‏ غير أن الشافعي الآن قد أصرٌ على أن الإجماع الوحيد المعترف به 
ومن أَمَةَ محمّد: ولأجل ذلك» فإن إجماعا واسها كهذا لا بد أن يعود 
الاي له وقد برّر الشافعى ذلك على 

اي اح سيا عي مد عام و ا و 
ضلالة. ذا “هنا عل عليه لدم لايد أن يكون حمقا؛ فإذا كان الحديث 
ادي ننه إلى روي انو 0 الب دن بع لاد 101 فإن اتفاق 
المسلمين على مسألة ما هو شهادة على أتها هى سِنّة محَمد:. (كان هذا هو 
الذليل البفاح الأكفر يقيية الإعناذةايقاء السته)ة «بالأنياينء :قن مجفمع 
المسلمين بهذا المعنى هو جميع المؤمنينء؛ أو الوازنون منهم؛ ولكنّ 
الإجماع في النهاية أصبح يعني» ولأسباب تقنيّة» إجماع العلماء في فتاويهم. 
أي في القرارات الفقهيّة التي يتخذونها بشأن قضيّة معيّنة. فإذا أجمع العلماء 
المعتبرون على موقف فقهي معيّن, فإن هذا الموقف يُصبح مُلزما للبقيّة. 

كان منهج الشافعيّ واقعيّاً بدرجةٍ كبيرة» ولم يترك أي مجال تقريباً 
للآأهواء الشخصيّة؛ فقد أسّس منهجه على الوقائع الصلبة: ورود كلمات 
معيّنة من قبل أشخاص معيّنين تحت ظروف معيّنة؛ ومعنى هذه الوقائع يجب 


هه 


أن يعتمذ على. المعتى الدقيق لهذه الكلمات بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص فى 
تلك الظروف . (لقد لاحظ الشافعي بالمناسبة أهميّة المعرفة المتبخحرة بالفروق 
الدقيقة في قواعد العربية المضريّة في زمن محمّد). . ومن ثم فإِنْه قد اعترف 
بالطبيعة التاريخية للوحي الذي بدأ به الإسلام؛ ولكن ذلك لم يكن يعني إلا 
بصورة غير واعية» ربما استمرار الطبيعة التاريخيّة لتلقّي الوحي في المجتمع 
الملتزم بأوامر الوحي . 


كان هذا المعهيج فالا علق التق الفقهن القانوتن:: فقي رقضى لط 
الأسلاف والأعراف» فتح الشافعي المجال للأتقياء لبناء القانون/ الفقه 
نخست 0 ولحت ع م عيب أعاد اد إلى القانون درجة م التحديد 
ذللقع كلف اعون الشافعي إلى استبعاد الأحكام الاعتباطية : الرأي. التي در 
حكم القاضي قائماً على شعوره الشخصي بالعدالة: فحكم القاقبى بحي أن 
يستنلد إلى العمل التي قبل بها أهل التقوى ؛ ويجب أن تسةنك هذه الاحستن 
بدورها إلى معايير لغويّة ومنطقيّة صارمة. 


أقام الشافعي الأساس للقانون الذي يجب أن يقوم على مجموعة من 
القيم وأيضاً (وهو الأهمّ في أي نظام قانوني) على درجة من الوحدة والقابليّة 
للتنبّؤ. ولكنّ الشافعي قام بذلك على حساب أشياء أخرى؛ فالفقهاء 
السابقون» بنظامهم الأضعف, كانوا أقدر على اتخاذ مواقف واقعيّة عمليّة. 
وهو ما أصبح بعد الشافعي بمثابة تحايل على المثال والنموذج القويم. 
والأهمٌ من ذلك هو أن نظام الشافعي كآن بالضرورة» وإن لم يكن ذلك 
مقصوداً قائما على مخيال الأتقياء وافتراضاتهم. 


لقد كان الشافعي مقتنعاً بأنّهِ يُؤْسّس منهجه على شخص محمّد في 
المدينة. في الحقيقة. منذ أن قبل الشافعي أنْ مادّة الخليك تمن مجندك 
فإنه كان يُقيم بنيانه على شخصيّة محمّد كما تم بناؤها وتصوّرها في دوائر 
أهل التقوى؛ وبالتالي كما تم بناؤها في المجتمع الملتزم برؤية محمّد. من 
الواضح بأنَّ بعض جامعي الأحاديث المتأخّرين كانوا واعين بأنْ الشخصيّة 
هي ما يهمّ؛ فالشخصيّة هي تضخيمٌ مشروع وضروريّ للشخص. وقد تم 
تضمين ذلك في أحد الأحاديث التي تبرّر القبول بالروايات التاريخية 








"وه 


البعكر ليها كالحديف: محفل نتسكدا رقو يانهفيهنا تفلت بالسكم :على 
فيكة الأحافيفة النتسوبة العف فإن عق المسامين أن يقير "اي مجلايية 
يتوافق مع القرآن”*: أيّ يتوافق مع أثمن ما قدّمه محمّد (على الأقل كما 
فهمه أهل التقوى). كان ذلك يعني إعادة السلطة المرجعية إلى تلك الشريحة 
من الأمّة ا الشافعي على رأيها السديد. من وجهة نظر المؤرّخين» 
اسا ءة تمثيل للوحي على الإطلاق. ولكوهده الحماءة افد قدى للعقان الأتر 


تثقيفا إن أدركها عمليّة تزوير وتتخريف: مباشر.. أما بالنسبة إلى الشافعي (الذي 
يُمكن أن يكون ماركا لما يفعله من دون أن كدري وجهات النظر التاريخية 
الحديثة)» فلو أدرك أو اعترف 27110 اخكانا لاحقة إلى محمد نفسه. 
فإن ذلك كان ليكون بمثابة إيطال وإلغاء للنظام بأكيلة: 


كان الشافعي فقيهاً عظيماً» وإضافة إلى ذلك» فقد تمّ قبول آرائه على 
نطاق واسع. وهكذاء فسرعان ما تمّت تلبيه مطالبه بخصوص الحديث. ومع 
هذه المطالب» أصبح هناك تركيز كبير على نقد الأسانيد. أي نقد جميع 
الرواة الذين نقلوا الأحاديث. كان الجميع يعرفون بأنْ العديد من الأحاديث 
المنسوبة إلى النبّ مكذوبة ومختلقة. ا أصبح العديد من الرواة غير 
معروفين ؛ وبهذا فقد أصبحت طرائق تصنيف الأحاديث السابقة غير كافية. 
راردح ند دير بق التتسا سن ريه كارن الحو انمد ديه 
الأحاديث المتداولة. كان النقّاد يتتبعون كل الأخبار المتعلقة بالرواة 
ويرفضون الرواة المشكوك في نزاهتهم أو ذاكرتهم أو حكمهم.ء أو المشكوك 
في مذهبهم. إذا كان جميع الرواة في سلسلة السند مقبولين» فهذا يعني أن 
الحديث يعود فعلا إلى قائله وأنّه لم يُختلّق من قبل كاذب أو يختلط في ذهن 
مخرّف أو ناس . 

نتج عن ذلك في النهاية كميّة كبيرة من الأدبيات المتخصّصة التي تتعامل 
مع أشخاص رواة الحديث ومع المعايير المطلوبة للحكم عليهم وعلى 


ف 


() لعلّه يقصد ما أشار إليه الشافعي إلى ما رواه خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر عن 
رسول الله عدي - أنه دعا اليهود فسألهم فحدَّئوه حتى كَذْبُوا على عيسى. فصعد المنبر وخطب وقال: 
(إن الحديث سيفشو عني» وما أتاكم يخالف القرآن فليس مني» . قال البيهقي. ٠‏ الحديث منقطع 
(المترجم). 


مهم 


الأحاديث التي يروونها. وبهذاء حل محل المعرفة الشخصيّة المباشرة التي 
كانت قائمة في المدينة الأولى أدبياتٌ عالمة تدرس الحديث وتحذل أحوال 
رواته. . لم يعد تقييم أهليّة/ عدالة الرجال وصدقهم أمراً ماهوا بإجماع 
جيرانهم . أو بسمعتهم في محيطهم الاجتماعي القريب كما كانت عليه الحال 
في الأزمنة المروانية. و ا و وك 
تقنية تظل الحدن متنا منها دراسة متخصّصة. لها قواعدها الخاصّة» وهي علم 
الرجال. وأصبح علم الرجال يُستعمل لتصنيف رواه الأحاديث وللحكم على 
من يصمٌ أن يندرج حكمهم ورأيهم في توليد الإجماع وإرسائه . 


امتمرهه اغذاف | لأجاددت في التمو والتزايك.وكايت الأحادية الحديد: 
يا أخيانا في القانون 2 د“ولكن المسلمية الأتقاء تعلنوا (نتيجة 
لذلك) كيفيّة التمييز بين الأحاديث الأولى» المقبولة [الصحيحة]؛ والأحاديث 
المتأخّرة التى يُمكن أن تكون مفيدة ولكنّ صحتها ليست مؤكّدة. فى النهاية. 
3 القير ليمت مجموعات أمابكة للخلايت بين آهل السلة والجوانة: 
وأصبحت هذه الكتت: الستة يمثانة الكتنه المعتمدة 1وهندهمهم!* (على الرغم 
من أنْ بعض المواقف الفقهيّة كانت لا تزال تقوم على أحاديث لم ترد في 
أيّ من هذه المجموعات). غير أنْ مجموعتين من هذه المجموعات. 
صحيحا البخاري ومسلم. قد أصبحتا محل تبجيل؛ لأنْ الأحاديث الواردة 
فيهما قد خضعت لغربلة وتمحيص دقيقين؛ فى حين أوودت المجموعات 
الأربع الأخرى أحاديث «ضعيفة» تُفيد الظنَّء لتوسيع القاعدة التي ستعتمد 
عليها الأحكام الفقهيّة. (أما الشيعة فكانت لهم مجموعاتهم الخاصّة). 


لم تكن مجموعات الأحاديث مجرّد مصدر للقانون والأحكام الفقهية ؛ 
فقد كان لها طابعها المستقل حتى فيما يتعلّق بالمذاهب والعقائد. ايان كان 
يتم محاصرة أحاديث الأحاد غير الملائمة واستبعادها عبر تفسيرها بطرائق 
مختلفة (إذ إِنْ بعض روايات العلويين عن عليّ كانت روايات لا يُمكن لأهل 
السئّة والجماعة أن ينفوهاء ومن ثمٌ فإنهم كانوا يفسّرونها بطريقة تفرغها من 


(:*) يقوم مفهوم 220807 على تمييز مسيحي بين النصوص الدينيّة المعتمدة. أىْ التي اعتبرتها 
.الكنيسة صحيحة وموثوقة» والنصوص المحرّفة أو المنحولة أو المشكوك بصحّتها (08م230061(1. وقد 
اتسع نطاق استعمال المفهوم للدلالة على النصوص المعتمدة في أيّ تراث كان (المترجم) . 


26» 


ونب تنهال احنانا كان مجموع الأخاديت تخالت: اليو تقته النهاتى الذى 
اتخذته قوانين الشريعة. لقن أمسميف فَادّة الأخادية الغزيرة بمثابة خرّان 
احتياط لآراء الأتقياء» يمكن استعمالها أخنانا في تأييد مواقف مخالفة لأهل 
ارو 


الفقه القانونى 


بعد زمن الشافعي». حاول بعض الفقهاء المخلصين للحديث ‏ الذين 
يمتلون شكلاً من التقوى المتجانسة مع هذا الخطّ من التفكير ‏ أن يدفعوا 
بنظام الشافعي إلى مستوى جديد. فمع تنامي الأحاديث وكثرتهاء أصبحوا 
مقتنعين بإمكانيّة الاعتماد المباشر على الحديث» الذي تم قبوله على اسس 
مختلفة. بل إن ؛ بعض المتطرّفين غير النقديين منهم قد رفضوا القياس 4 
الحديث فقط. وشكّك البعض في الإجماع ‏ ربما لأنه قائمٌ على التقليد بدلا 
من اعتماده على النصّ الصريح - ولم يقبلوا بحجّية الإجماع إلا في الجيل 
الأوّل لصحابة محمّدء مما ورد في نصوص الأحاديث . 


ولكن» بالعموم. أصبح نظام الشافعي هو المعيار السائد. وأصبح العلم 
المنظم بالقانون والأخلاق والعبادات: الفقه» هو الأداة التي يتم من خخلاالها 
تحديد قوانين الشريعة بالتفصيل. يتعامل الفقه اوري الور 
المتعلّقة بالضمير الفردي» لا في مجال الطقوس فقطء. وإِنْما أيضا في مجال 
البمادالات بين الأأقر اف ان عددر المعاتاااتك بوذا لايك العد لديو الأ مله 
للنقاقن+ كالسوال حعول نما إذا كان على المبنلم أن يفول الحقيقة الضريحة 
وا أو لا (اتهم أخلاقيّو المسيحيّة المسلمين بأنهم يُجيزون الكذب في 
بعض الحالات؛ ولكنّ المسلمين فى الحقيقة كانوا يتحدثون عن الحالاات 
التي تتغاضى عنها كل المجتمعات» بل والتي يكون الكذب فيها مطلوباً 


(5) حتى لو أخذنا مجموعات الأحاديث بمعزل ع الاستعمال القانوني للأحاديث فيهاء فإننا 0 
يُمكن أن نعتبرها «#تقليداً) (إلا من جهة أنها تشكل تقليداً ثقافيًاً مستقلا بنفسه» بعدما كم تاسيشييا 1د لفك 
أظهر. زوين عراتشفك إلى أئ مدى يُمكن أن تختلف المواقف المتضمّنة فى مجموعات الحديث عن 
المواقف المأخوذ بها بها؛ انظر: ١‏ 

-15/47:11 314414 ,)22162 221151112232 0011 ع1 5115 5010108101165 005106131025" ,ع لطن 5 تنار8 ارعطهص] 
61-3 .صم ,(1955) 701.3 ,هه 


66 


أخناناء وكانوا يسعون لوضع ضوابط وقيود عليها: بخاصّة تلك الحالات 
المسلنة الكررتم أ بالمجاملات الاجتماعيّة الضروريّة» حيث يُمكن للمر 

أن يراوغ ويتحايل في استعمال العبارات من دون أن يُمارس كذباً وغضًا 
فباشرا). ولكق :فى نمثل هذه النساتل الأكثر. حمييلة وشيخضية» انادرا ها كان 
القياس ستتعهل: إضافة إلى :ذلك كانت عض المضاون الأخرى للحكم 
الأخلاقي (المطلوبة على نحو أكبز في بعض الحالات) تتدخل لتوجيه 
الجلترمين اجتماعنا أو المسدر رين فلسفياً أو حتّى الأتقياء. ومن ثم فإنَّ الجزء 
الأكبر من جهود الفقهاء قد انصبّت على مسائل الطقوس أو المعاملات. 
الأقلّ صلةً بالعلاقات الشخصية والحميمية د اام وهو ما يمكن وصفه 
ب«الفقه القانونى» . 


كان الفقه يقوم على أربعة «جذور/ أصول» (أصول الفقه): القرآنء. 
والحديث: والحم 0 والقياس ؛ ؛) وهي أصول كان يفترضن بانينا اشتافلة: 
ذكرت جميع هذه الأصول منذ الأزمنة المروانية. ولكنها لم تدمج جميعها 
في نظام واحد وشامل. وحتّى أولئك الذين عارضوا هذا النظام [نظام أصول 
الفقه] قبلوا بشروطه ومصطلحاته في الحوار والحجاج. دافع الحنفية الأوائل 
عن استعمال الرأي؛ الحكم الشخصي» بوصفه نذا تكملا للتفضيل 
والترجيح» وبوصفه مبدأ مشابهاً للمبادئ التكميليّة التي أدخلها الشافعي أيضا 
لتوجيه القياس''. 


يُقَدّم القرآن والسئة العديد من الحالات القانونيّة والقواعد المفصّلة» إلا 
أنه بتطبيعة اليحال لأ تشكن نظاما قانويا كاملا .. إلهها “مضاذن الفقه» ولكن 
الفقه يجب أن يعمل على هذه المصادر من خلال نظام تفصيلي للقواعد 


(5) لاحقاً أوّل أهل السئّة والجماعة العلاقة بين المذاهب الأربعة التي قبلوها بمثل هذه الطريقة 
ليجعلوا وجودها مفهوماً ومستمدًاً بصورة متصلة من سلطة محمّدء على الرغم من الخلافات فيما بينها . 
فقد قدّموا هذه المذاهب بوصفها عملاً لمؤسّس واحد ‏ تم إنجازه دفعة واحدة ‏ استناداً إلى مواقف 
صاحب المذهب من مصادر الشريعة؛ وصوّروا المذاهب على أنها مذاهب تتسامح فيما بينهاء وتعتبر 
أتباع المذاهب الأخرى مسلمين أيضاً وإن كانوا مخطئين. وقد تبنى بعض الكتّاب المحدثين مثل هذه 
الرؤية» على الرغم من أنها بالتأكيد رؤية تنطوي على مفارقة تاريخية . على سبيل المثال» لم يكن لدى 
الفقهاء الأوائل حاجة للتأكيد على الرأي بوصفه أحد أصول الفقه. إلا بمعنى عام في مواجهة المتطرفين 
من أهل الحديث. ففي الحقيقة» فإِنّ جميع مدارس الفقه» وليس الأحناف فقط (كما باتوا يتهمون 
لاحقاً من أهل الحديث)» كانت تستعمل الرأي» الذي يُكافئ في معناه الفقه. 


5ه 


لسسكوننن لوصول :إلى التروقة قط واو لانو أى إلى انقتاع فاتوتى ” 
ل وقبل كل شيء» يجب تحديد مدى ملاءمة أو إمكانيّة تطبيق أي قاعدة 
و أي سابقة فقهيّة؛ فمثلآ» كانت بعض الأوامر التي جاءت في زمن محمّد 
مؤقتة» جرى تعديلها ونسخها بأوامر وأحكام أكثر دواماً. مكل ل انر 
المسلمين في الصلاة إلى بيت المقدس بالتوجّه نحو الكعبة في مكة. لا بذ 
إذا مكدو الأمكا لمن تغرف مكاسياك ترون يعفي الأراف: الف ات ومعرد 
تسلسل أحداث حياة محمّد التي وردت فيها أحاديث معيّنة لمعرفة ما هي 
الاجكام التي قم هيا روما عي تلك التي" تم إقرارها . كما يجب معرفة ما 
هى الواجبات الواردة في الأحاةيت ا بمحمد فقط (كإعلان رسالة 
الى الإلهيّ الجديد) وما هي الواجبات اقلق بحادثة مخصوصة 
(كالأحكام التي نزلت بخصوص بعض المسلمين الذين اتهموا عائشة بالخيانة 
الزوجيّة)» وتحديد ما هي الواجبات العامّة التي تلزم كل مسلم. والتمييرٌ 
الأهمٌ , بين الأنواع المختلفة في الأحكام الفقهيّة هو التمييز بين مراتب الوزن 
القانوني ودرجاته لكل أمرِ وحكم؛ إذ يجب معرفة 1511 5ق يدا له اننا 
واجبة أو مستحبّة فقط؛ وفي حال كانت واجبة» هل يجب فرضها عبر نظام 
عقوبات في المحاكم أم يجب تركها للثواب والعقاب الأخرويٌ؛ وأيضا 
(لتكتمل الصورة) يجب معرفة ما إذا كان فعل معيّن خاضعاً لقاعدة وأمر 
معيّن» أو أنه داخل في دائرة المباح ومتروك للاختيار الشخصي”” . 


ا 
[ 


(0) سيظهر بوضوح أنه لا يوجد ترجمة مناسبة لكلمة شريعة بالإنكليزيّة ؛ فكلمة القانون 208! لا 
تُشير إلا إلى جانب واحد من جوانب الشريعة» إذا وضع الم ء قانون موسى نصب عينيه . إضافة إلى 
ذلك فإنَ جزءأ كبيراً من قانون المسلمين الفعلي لم يكن داخلاً في الشريعة» بل كان في بعض الأحيان 

تعارقا معهاء ولكنّه كان مُطبّقاً في المحاكم . أما لفظة «القانون المقدس 2530560137 فلا تكاد توسع 
مدهوم القانوةة إلا إذا أحلنا إلى قانون موسى باستمرار لتوجيه دلالة اللفظة» ولكتها مفيدة فقط في 
تذكير القارئ بأن الشريعة لم تكن هي القانون الأوحد. أما لفظة «القانون المعتمد 139 203202 فهي 
تحمل بعض الدلالات المكافئة. ولكنها ذات دلالات وارتباطات كنسيّة يصعب عزلها عن سياقها. 
ولعل كلمة «نظام أخلاقي/ مدوّنة قانونيّة 20006 تعبّر عن نطاق الشريعة ومجالهاء ولكنّ الشريعة لم تكن 
منسقة على شكل قواعد ونظام بالمعنى الصارم . 

(8) لقد أشار فريدريك بلتراير إلى أن عمليّة جمع الحديث عند البخاري» بخلاف مجموعة 
مالك» كانت تسمح بالتمييز الصريح في كل فعل تورده بين ن الفعل ذي المفاعيل القانونيّة الواضحة» 
والأفعال ذات الأحكام المُلغاة والباطلة: وقد كان هذا التمييز أساسيّاً وضرورياً في الممارسة القانونيّة 
في المحاكمء. وإن لم يكن هذا العميور نيديا سيد كال الجلماء لا يزالون يركزون» في المقام الأوّلء 
على الحالات المتعلقة بالضمير الفردي . انظر «التوطئة» في عمله : 


/ذهعه 


ولكنّ الأمر الذي لا يقل أهميّة كان مجموعة الاعتبارات التي لا تكاد 

نشون: ليها االنصوص المقدّسة. فمهما كانت القواعد القانونيّة كاملة. فإنّها لا 
ري إلا بوجود جرع ير ارات القانونية؛ ما هو 
البيع؟ ما هي الهديّة؟ ما هي الملكيّة؟ بدرجة من الدزجات» يُمكن أن توجد 
بعض الإجابات عن هذه الأسئلة في الأحاديث؛ ولكن هذه التعريفات تعتمد 
في الغالب على التفكير والمنطق الدقيق. وفي هذا المجال أظهر الفقهاء 
الكبار براعتهم. وفي هذا النوع من الأسئلة تحديداً» يُمكن أن نرى تأثيرات 
القانون الروماني (وبالضرورة قوانين أخرى لا نعرف عنها ما يكفي) ورفده 
للفقه. ربما تكون المفاهيم الرومانيّة قد دخلت من خلال تطبيقات الأساقفة 
المسيحيين لهء أو من خلال النموذج اليهوديّ الذي كان قوياً أيض” . 


إذاً فقد أصبح الفقه عمليّة تقنيّة رفيعة» تقوم على حوارٍ عابر للمجتمع 
المسلم. أمّا الآن فقد تبلورت التقاليد الفقهيّة التي نمت في عواصم 
الولايات الرئيسة في مجموعة من المدارس» ا بوعي على 
مستوى المنهج وعلى مستوى القواعد الفقهية التفصياد المصودان ردك لبي مد 
المدارس باسم أبرز معلّميها المبجَلين. كان أبو حنيفة» أستاذ أبي يوسف. 
إماماً عظيما (وهنا يشير مصطلح إمام بالعموم إلى الأستاذ في العلم) في 
العراق؛ ولذا فد أطلق على الفقه الذي بقي وفيا لتقاليد العراق «الفقه 
الحنفي» . وكان الأوزاعي إماماً كبيراأ في سوريا وا طق على و ازا 
بنموذج مالك بن أنس في الحجاز وغيرها «المالكية». 


كان يُطلق على كل مدرسة من مدارس الفقه «مذهب». ومع تحوّل الفقه 
إلى عدم اتفني؛ ظهرت مجموعة جديدلة من المذاهب» مرتبطة جرايت 
أمذنولوصية "بدلا مخ الارتباط يمتاطق 0 فقل أسمن الشافعي مذهباً 


-هوو 6013151 316 101ا200 ,كمد4 نعط عأتلع كز ع 4وضااه ا[ يال ١221165‏ 5ع ء«طارل 6ط ركع لأاءظ عاععلع ]1 


(1911 ,101038 .لخ عتطمدعع 0م15 :5رعاع1ش) 5م12 
(4) براءجء !ه01 ,سمط **,للتهآ لمقطدهم18 ما عتميداذ1 ؟أه اأاعجآ لععء11م عط" ,عع 12 -زعوء/ .0 .5 
81-12 .صم ,(1951) 701.67 ,سعابدع ]1 


حيث يقبل فيتزجرالد بوجود بعض التأثير. في موضع آخر يُشير إلى التأثير اليهودي . انظر: 


-ع1آ ل[ امعط مآ ,نالل شط>1 112[10 مذ ””ب3“أمقط5 عط 04 5ع50112 320 1311" ,ل21جعع 2ط -لزعوء/! .0 .5 
:11212 ,020 مقطء 1 :1000 ,رمماع ططط5ة137) امعظ 741:01 ١1‏ ذا هط ,دموعاء3[ آ] امعط 180 320 لإصوعط 


85-12 .صم ,(1955 ,)مآ غ235 7١11:0016‏ 16 ,.عص1 بووعء© 20ز8 مذ !11/11 عط1 نزط لعأممط 


6ه 


جديداً » وانتقل إلى مضر لتعليمه» وانتشر متها انتشاراً كيرا .. ازتبط :مذهيت 
آخر بأحمد بن حنبل»: وسنتحدّث عنه لاحقأ بوصفه مؤْيّدَ التديّن الشعبوي 
لأهل الحديث؛ وقد جمع مجموعة مهمة من الأحاديث» وحاول طلابه أن 
يستعملوا الحديث (والقرآن) على نحو حصري بقدر استطاعتهم. لاحقاً 
اعتقد داوود الظاهري بأن الأحاديت كثيرة بها يكف لبتاء نظام فقهي كامل 
من دون استعمال القياس على الإطلاق؛ وقد كان الظاهري هو من أصرّ على 
أنّ الحديث يجب أن يؤخذ حرقيًاً. من دون التضمينات التي قدّمها أتمّة الفقه 
الأوائل؛ ويعتقد نقاده بأنّه هو أيضاً قد استعمل الاستنباط من دون أن يعترف 
بذلك”'2. فى الوقت نفسه نمت وتطوّرت مدارس الفقه الشيعيّة معتدَّةً بعلوم 
الأئمّة الخاصّة. وقد بعل الإمام جعفر الصادق المرجعيّة القائدة لدى كل 
من الشيعة الإثني عشريّة والإسماعيليّة» بين طوائف الشيعة المتأخخرة. في 
حين طوّر أئمّة الخيطة الزيدية المختلفين نظامين رئيسين خاصّين بهم. وطوّر 
الخوارج فده منفصلاً . بخاصّة مَنْ نشط مِنَ الخوارج في الآزمنة العاضة 
(الإباضية على وجه الخصوص» ال التي سيطرت على معظم أجزاء 
الجزيرة العربيّة خلال الفتنة الثالثة وأسست دولة في المغرب). 

كان على كلّ مسلم أن يختار المذهب الذي سيتّبعه إلا إذا كان عالماً 
كبيراً بما يكفي ليؤسّس طريقته الخاصّة (كما فعل المؤرّخ الطبري). عادة ما 
كان المسلمون يقبلون بالمذهب ا ونتيجة لذلك». أصبح 
معظم المسلمين في النهاية:- تاستتتاغ الشيغةء أحنافا أو شافعية» في حين 
سادت المالكية فى المغرب وإسبانيا. فى المسائل التى يمكن حسمها 
دا 0 المسادانت الفردية والأخلاق بفدائل المفرات 0 العقود لا 
يحتاج المرء إلا إلى استشارة مفتي مذهبه. أما إذا كانت المسألة قد وصلت 
إلى القضاءء فإِنْ القاضي المُعيّن من قبل الوالي كان يحكم بما يقتضيه 


مذهبه . 


)٠١ )‏ يظهر شيء من حذة ذهن الموقف الظاهري في دراسة روبير برونشفيغ بالصورة التي تم بها 
تعليم المذهب لاحن . انظر: 
.137-19 .مم ,(1955) 2 .7/01 ,ه1221 * ,)101231 -طط1 1لط7113 ندل عستناء0ل 12 تناك '' رع أ اطءكصتحظ .8 أرعطهج] 
لبعالعة أغقن شعو لة :انكل : 
رع 2التطءة 0116 138عء 7" ضع 21جاعط) عامإعتزعوء0) ءجط[ 14لا جنع اورزك معط 1[ :70111122 216 ,عط زج 0610© ج2مع1 
.(1884 


4ه 


روح القانون : النظام العام والحقوق الفردية 

في الأزسنة العباسية»"تأسّست البنية الضئلية للفقة لا يووضقة اقانونا انيه 
عن مخرجات قضايا وحالات سابقة 188 عوهم» وإنما بوصفه انوا يتشكل مع 
كل حالة ويتعامل م حيثياتها الخاصة 56مه لإ 0256 1338» وقد بات عط 
مجالاً كاملاً من الأخلاق والعبادات والمسائل المتعلّقة بالشأنين العام 
والخاص» على نحو متسق بدرجة كبيرة مع مبدأ المسؤوليّة الفرديّة أمام 
إزادة الله كما عبرت عنه الرسالة التبوية فى جميم المذاهب الفقهيّة» .ويف 
النظر عن الاختلافات الأؤلية في التركيز على عنصر أو آخر في استنباط 
الأحكام والقوانين» كانت روح القانون مشتركة ومتشابهة تقريباً» وقد عمّت 
هذه الروح جميع الفروع وتغلغلت فيها. 


كان هذا النظامء داخل نطاقه على الأقلّ؛ شاملاً وصارماً. ولكن» لم 
تكن هناك أيّةَ محاولة فعليّة لعقلنة جميع عناصر القانون الاجتماعي 
وممارساته على أساس الشريعة. فمنذ تم تحديد موقع الخليفة ودوره في 
الشريعة» منح الخلفاء حريّة التقدير والتصرّف في اتخاذ القراراث في العديد 
من شؤون السياسة العامّة من دون العودة بشكل مباشر وصريح إلى مبادئ 
الشريعة. كانت الشريعة تغطّي في المقام الأوّل المسائل التي تمسٌ التضامن 
بين العرب» والمسائل المتعلّقة بمصالح التجارء بخاصّة قوانين التجارة 
والعائلة؛ أما بقية المسائل فقد تمّ وضعها تحت المبدأ القائل بأنْ الأفعال 
التي لم تحرّمها الشريعة هي في حكم المباح الذي يتم التساهل معه. 
تعمّقت محدوديّة هذا النطاق في الأزمنة العباسيّة ‏ على الأقل في ظل حكم 
الخلفاء الأقوياء - عبر تحوّل إضافي في النظرة الاجتماعيّة بين العلماء. فمع 
تراجع ارتباط الإسلام بالعائلات العربيّة» ومع رواج الإسلام الشعبي بين 
الطبقات الدنياء وتزايد أعداد القصّاص في المدن ورواج بضاعتهم ‏ كان 
الإسلام الشعبي بدرجة كبيرة إعادة فكيل للقصص المسيحية واليهودية من 
وحن كتلن الموانين ح اتعترف ايها نظن قاذ الأنقياء من أهل افده 
والجماعة والشيعة وتطلّعاتهم. ٠‏ ومع التوجه نحو جمهور لا يطمح إلى 
الاضطلاع بدور سياسيٌ (في ظَل الظروف الزراعية ما قبل الحديثة). ٠‏ الله 
إلا من احتماليّة المشاركة السلبيّة في أعمال الشغب والاحتجاجات العنيفة 
لصالح فصيل حاكم أو آخرء وجّه العلماء اهتمامهم أكثر وأكثر إلى مسائل 


ةهك٠‎ 


الحياة الشخصيّة وإلى مسائل الاعتقاد لدى الفرق المختلفة. 


ولكن» على الرغم من ذلكء كثيراً ما كان يُنظر إلى الحياة الشخصية 
من زاوية علاقتها بالنظام 0 عنتاطنام : النظام العام في العبادة. 
والنظام العام في السوقء. وفي الطرق» وعلى الثغور والجبهات. وكان 
الخور نوق عن حلط القاتوة مموريها بقاير ٠‏ في فى العلن. أي ما يدخل في 
حدّ المجاهرة. على الرغم من التفاصيل الدقيقة جدّاً للأحكام التي تغظطي 
معظم الأفعال الشخصيّة, إلا أنْ القاضي كان يُصدر أحكامه بناء على ما 
يقدم إليه» من ذون أن يقوم بالتطفل والتدخل إلا في حال وجود انتهاك 
لحقوق مجموعة بريئة). كانت الشريعة يعاذا يعلو فوق جميع المعايير في 
المجتمع المسلم'". غير أن هذا النظام العام (كما كان منذ الأزمنة 


المروانية) كان نظاها تحوز فيه المجدوق الفردية. في كثير من الأحيان.» على 
أسبقيّة تتجاوز المصالح الجماعية 


كان الاهتمام الأوّل للقانون هو أعمال العبادات» المراسم العموميّة 
للعبادات الجماعيّة» كالصلاة والحجٌ. إضافة إلى العبادات الخاصّة. فقد تم 


تنظيم هذه المسائل بجميع تفاصيلها. ولكن, لم يكن ثمّة خظ دقيق يفصل 
بين العبادات العامّة والخاصّة وبين الطقوس الجماعيّة والفرديّة. كان تأثير 


)١١(‏ ثمّة من نظر إلى مقاربة الشريعة للقانون وحياة المجتمع - في العديد من الجوانب التي لم 
يح ايها عاد سردات العم اه فى كام بها الأوروبيّون ‏ على أنها «بدائيّة»» معتبرين بأن ذلك 
راجع إلى أنها قد نشأت بين البدو (وهو أمرٌ غير صحيح بالطبع) أو على الأقل بين العرب البسطاء. إن 
البساطة والشمول في هذه المقاربة لا يعني أنها بدائيّة؛ بل العكس هو الصحيح . فمثل هذه البساطة كان 
أمراً شديد الصعوبة تاريخيّاً . فاندراج القانون تحت الأخلاق لا يعني بالضرورة حالة من عدم التمايز 
البدائي» خاصّة أن سمات القانون الرئيسة كانت حاضرة: التمييز بين ما يستحقّ العقوبة وما لا يستحقٌ» 
نظام المصطلحات والمعرفة المتخصّصة. السلطات الكتابيّة» إمكانيّة التنبّؤ في الأحكام واطّرادهاء وما 
00 الا ا ا ا ا ا 


ا 9 في أكون الشريعة. فالحتن ذاقت اكع نينا الأخلاقتة؛ أما فى 
القاتوة الاتجلوب ما كيو »نان الشنوابق القاتولية يلق اصحيحة لآنها سراق (المساة:قايلتة التدتر 
بالقانون واراده). كما لا يُمكن اختزال هذا القانون الموجّه للحياة العامّة إلى حالة من التماهي البدائي 

مع النزعة الأخلاقيّة» مع بعض الاستثناءات المَبَليّة؛ بل ربما يكون نابعاً من احترام صحي لخصوصية 
الأفراد ومن الحاجة إلى تسهيل العلاقات بين البشر. وهو الأمر الذي يقدّره التجَارٌ الكوزموبوليتانيون 
أن قدي 


اكه 


المراسم العامّة للعبادات يعتمد بالأساس على مشاركة جميع الأفراد فيها؛ إذ 
إن مراحم حي تك تعر على ور كاهن. فوظيفة الإمام هي أن يكون 
لمودعا يحتذى به من قبل البقيّة. طالب الفقهاء الأفرادٌ بالدرجة نفسها من 
الدقة في تفاصيل الشعائرء» سواء أكانوا يتعبدون كجزء من جماعة أم كأفراد 
من دون مراقبة . كانت أعمال العبادة هذه هي الولاء الذي يقدَمه الإنسان 
إلى اللهء وكلّ التفاصيل الدقيقة هي بمعنى من المعاني جزء من الالتزام 
الكلى المشترك: 


إذاً فقدتمٌ وصف تفاصيل الالتزامات التعبّدية للأفراد فلن اسان 
الحديث؛ وكانت الخلافات بين المذاهب (التي تصل أجيانا إلى حدّ العنف) 
د صوره ة الخلااف حول تفاصيل أداء الطقوس والعبادات (بناء على وجود 


تعارض بين الأحاديث). مثل الخلااف حول وضعية يدي المصلى في مراحل 
الصلاة المختلفة. كان هناك اهتمام كيمو بالنقاء الشعائري والدقة أثناء أداء 


العبادات بطريقة تشبه الانضباط المصاحب لتنفيذ أحكام الإعدام مثلاً. فأوّلاً : 
كانت الطهارة الشخصيّة مطلوبة (وقد تمٌّ وصف طريقة غسل الأعضاء 
بالتفصيل)» ولكنء إضافة إلى ذلكء كان الوضوء الطقوسي مطلوباً بعد عدّة 
أشكال من الملامسةء غير الملوّثة ئة/ المنجسة على نحو واضح؛ وكانت بعض 
الأمور تلغي وجوب الصلاة برمّتها ؛ فالمرأة الحائض لا صلاةً عليها . على أن 
هذا الاهتمام امود ال الث فنيا فلن رانب الإنسان تجاه الله لم يجعل 
هذه العبادات مسائل شكليّة بالمعنى المباشر للكلمة؛ وذلك لأن الله يحكم 
بالأساس على النوايا حتى فى مسائل العبادات» ولا يتعلق حكمه بالحدث 
الفعلى ولكو :لا تنكق للمرء ايها أن درن القبناه] في آداء العاداك عل 
اتناس اله الحبييةه إذا كان قادرا على» تسم .مقنة أدانها يشكل نقتا 


تمّ التفصيل بدقة في خمسة أفعال طقوسيّة رئيسة يجب على المسلم أن 
يلتزم بها (تدعى أحيانا ا الإسلام الخمسة): شهادة ألا إله إلا الله وأن 
محيادا رسول الله (وتسمّى الشهادتين). وإقامة الصلاةء وإيتاء الزكاة. والحج 
ال مكّةع وصوم شهر رمضان. ولكنء كان هناك يفنا أمور دقيقةء تفصّلها 
الأجناديت: حول مسائل مثل قوة قوّة تأثير بعض صيغ الكلمات وأهميّتها 
للمصليء أو من هم الأشخاص الذين لُعنوا تاريخيّاً (أعداء الشعب عناطنام 
لإماعمء ) ) ومن هم الأشخاص المباركون (الذين اجتباهم الله وبأيّ شكل . 


؟ىة 


استنباط الحكم الشرعي 
يي سي 







السئة (سئة محمد) القرآن 
علم العلماء 93 الإجماع الحديث 
الإسناد (الرواة) 
الاجتهاد من قبل مجتهد 
فقه الفقيه 
! 
الشريعة 


فتوى المفتي 

حكم القاضي 
على سبيل المثال: كان محمّد يستعمل السواك بعد الأكل (سنّة)؛ هناك رواية تدلّ على ذلك 
( حديث) نقلتها سلسلة من الرواة (إسناد)؛ درس المجتهد هذه الرواية (اجتهاد)؛ وقرّر بأنّ 
استعمال السواك أمر مستحبٌ ليس للنبي وحده وإِنَّما لجميع المؤمنين أيضا (فقه)؛ وهكذا 
يصبح السواك جزءاً من الشريعة, الطريق المُختارة للحياة؛ وقد يُصدر المفتي فتوى لسائل 
يوصيه فيها بالسواك؛ ولكن بما أنّ الحكم الفقهي في المسألة هو الاستحباب فقط. فَإِنٌّ القاضي 
لن يُصدر أي عقوبة إذا لم يلتزم المؤمن بهذا السلوك. 


كان قانون السوق محل اهتمام عموميّ لا يقل أهميّة عن قانون 
المسجد؛ فقد كان وجود نظام عامٌ جيّد للسوق مطلوباً على نحو آكد. 
ولكن» مرّة أخرى؛ لم تكن المصالح الجماعيّة هي محطّ الاهتمام الرئيس 
للنظام العام بقدر ما كانت مسائل العدالة الفرديّة. فيما يتعلّق بقوانين العقود. 
ركزت الشريعة على الجوهر أكثر من تركيزها على الشكليّات. فالعقود» على 
سبيل المثال» لا تكون صالحة وملزمة إلا إذا كانت تتضمّن نوعاً من التكافؤ 
الحقيقيّ في التبادل. بالمجملء كان يُتوقّع أنْ تأخذ جميع العلاقات 
الإنسانيّة» خارج دائرة الأصدقاء المقرّبين والعائلة» شكل العلاقات التعاقديّة 


جه 


دل ان تتخدد بناء على مكانة الأفراد؛ غين أن كثيرا هن نثواة العقود 
كانت تحاول» نطريقة أو بأخرى. أن تضمن حقوق الضعيف لكي لا يحظى 
القوي بالأفضليّة ؛ فمثلاً. تم منع جميع العقود التي تتضمّن الحصول على 
فوائد [ربوية]: وهو موقف كان يزداد حضوراً وقوة في التقاليد التوحيدية. 
وشاول الثقهاء الممدليوة ععلله عونا مطاقا + غير اتأرين يعسن الأناك 
القرآنيّة على أنها تمنع تغطية أي مدفوعات نقدية بالمال. 


كان من المتونع صمينا أن تكون العقوظ والمواتق وما :شابييها مكترية: 
ولكن الصعان التخضى :من قبل ركل شيك كان مظلويا على أل بعال 
مزعحتيا قيها ا ضهنا لذ ووفة مة: في هذا المجال» لل ري 
يُمكن أن نلحظ امتداد تراث مدن الحاميات والأمصار العربيّة: فعلى الرغم من 
أن القرآن قد بجع على كتابة العقود. ل 
موثوقة على نحو أكبر من الكلمة المكتوبة التي يكتبها كاتب مستأجر ولا يُمكن 
لخب الستعلمين أن يقرؤوهاء والذين هم في الغالب من الأثرياء. كان القاضي 
في كل مديئة يحتفظ بقائمةٍ تضم أسماء المواظع القير ناه[ الفدول] الدين تقتل 
شهادتهم. بعضهم كانوا مجرّد موظفين ككتبة عدل. ولكنّ وجود اسم المرء في 
هذه القائمة كانت أمراً فووا كشاهن :على اشترقة ومرودتة. 


هكذا فقد كان قانون العقود مرتبطأ بشدّة بِمُثْل الشرفء والكرمء 
والمساعدة المتبادلة بين المؤمنين» ومتجانساً أيضاً مع شعور رجال القبائل 
العرب ومع الروح الشعبويّة القديمة للتوحيد. أما فيما يتعلق بالشؤون التي 
ندرجها اليوم تحت قطاع الأعمالء فإن بعض الشروط والبنود الصريحة 
كانت غير عمليّة. فقد تمٌّ استبعاد أشكال مفيدة من استئجار الأراضي على 
سبيل المثال» وتم تحريم الربا/الفائدة» الذي كان دوما مصدرا رئيسا 
للاستثمار. مع نهاية الأزمنة المروانيّة» كان فقهاء» مثل أبي حنيفة» يعملون 
على إيجاد طرائق لتسيير الأعمال بطريقة ملائمة» من دون الإخلال بالشروط 
المثاليّة للقانون بوصفها معايير أساسيّة. لا يجوز للمرء أن يُقدّم قرضاً لآخر 
وهو ينتظر الفرصة المناسبة ليستفيد من محنته؛ ولكن إن وافق رجلا الأعمال 
المتعاقدان» فقد يكون من المشروع للأوّل» الذي سيستفيد نتيجة الضفقة 
الحاليّة مع الآخرء أن يلتزم بمشاركة ربحه في صفقة تكميليّة مستقبليّة معه. 
كانت الحيل [الفقهية] التي عمل الفقهاء عليها لتحقيق هذه الغاية في البداية 


55: 


وسيلة لضمان روح القانون. مع الوقت» تحوّلت هذه الحيل إلى مجموعة 
واسعة من الذرائع والخدع التي تمنح للأمور الممنوعة صفة المشروعية. 
ولذلك. فقد بدأ الأشخاص الأكثر تقوى في النهى عن استعمالها . 

من وجهة نظر ما قبل حديئة» فإنَّ قانون العقوبات الشرعى كان معتدلاً 
جِداً إلى درجة أن معظم الحكام المسلمين ما قبل الحديثين كانوا يشعرون 
بأنهم ملزمون بأن يحموا رعاياهم من التطبيق الصحيح له؛ فقد كان يتضمن 
التنفيذ السريع للعقوبة ‏ كان التأخير والتأجيل مكروها لدى العلماء ‏ وكان 
يحمي المتّهم بطرائق تبدو في العصر الزراعي شديدة الرقة والنعومة إلى درجة 
خطرة مع المجرمين. تتنوّع العقوبات بين الإهانة أمام الناس, والضرب 
الجسدي [الجلد]ء والتعويضات الماليّة [الديات]. كان بتر الأعضاء شائعا 
بكثرة في الأزمنة ما قبل الحديثة» وقد أقرّته الشريعة أيضاً في حالات 
مخصوصة. أما الغرامات الماليّة» التى تكون أثقل على الفقراء منها على 
الأغنياء» فلم تكن شائعة. حدّد القرآن 5 عقوبات» ومنحت هذه العقوبات 
صفة إلزاميّة؛ ومن بينها قطع يد السارق؛؟ ولكنّ الفقهاء ضيّقوا تطبيق هذه 
العقوبة قدر الإمكان. بوضع شروط وحيئثيّات معيّنة للسرقة. وبقيت هناك 
العديد من أشكال الانحراف والخطأ التي لا يلقى مرتكبها عقوبته في الحياة 
الدنيا . 


قانون العائلة: الدفع باتحاه المساواة في المكانة الفردية 

كان ممعكل مهتم يتاتون الأسرة اعنام خخاضا .وقد حا قط هذا القاترة 
على مكان أساسيّ في الشريعة. فتحديد الموقع المدني لكلّ فرد تحديداً مناسباً 
هو الأساس الصلب للنظام العامٌء ولا يمكن ترك تحديد مواقع الأفراد للتعاقد 
الحر فيما بينهم. وبالتالي فلم يسمح بإضافة سوى عدد محدود من البنود في 
عقود الزواج مثلا أو في المواريث أو في غيرهما من العلاقات العائليّة. لا 
يحقٌّ للفرد أن يرتب العلاقات بالشكل الذي يناسبه هو أيَّاً كان: فهذه 
العلاقات محل اهتمام ومصلحة المجتمع كله. جزثياً» كانت هذه التحديدات 
والضرابط وسائل لحماية الضعيف في مواجهة القويٌ؛ ولكنّها من جهة أخرى 
كانت فرضا لمعايير مشتركة من الانضباط والاستقامة العامّة. 

في معرض مناقشتنا لقانون الأسرة» لا بدّ أن نتناول مسألة حقوق المرأة 


مك5 


والطفل وغيرهما من الأتباع الذين يعيلهم الذكر الذي يرأس العائلة» والذي 
يحظى بطبيعة الحال - إلا إذا وضع القانون شرطاً آخر ‏ بموقع الأفضليّة 
(ليس فقط بحكم تفوّق قوّته [الجسدية] بالمجمل على المرأة» بل كذلك لأنّه 
أكثر استقلاليّة» لأنه لا يحمل وينجب بنفسه وليس مسؤولاً مباشراً عن رعاية 
الطفل). ولذلك فإِنْ قانون الأسرة يتألف بدرجة كبيرة من قيود تضبط حريته 
المفترضة. في سياق منطقة النيل إلى جيحون ككلء. فإِنّ قانون الأسرة 
الإسلامي ‏ حتّى عندما قام بإدامة وتثبيت القواعد التي وضعها محمّد كان 
يعني شيئاً آخر مختلفاً تماماً عما كان يعنيه في زمن محمّد. 


شجعت قواعد الزواج الإسلامي المسؤوليّة الفرديّة في المدينة عبر 
تقوقيا الأاهزة التووية,. بونى قو جاة السكان التسيين نو المزادتية قبارنا : 
حينف كانت الآسشرة التووثة ف بالفغ] :تبجعت" القواعة على الحضاناة 
والحراك الاجتماعيّ. بخاصّة بين الذكورء الذين كان الإسلام يحابيهم من 
واج أخرى نهنا . عادةً ما كان الرجال الأثرياءء بخاصة في أزمية التراتب 
الاجتماعي الحاذء يحظون بأكثر من امرأة واحدة كشريكة في الفراش ؛ ان 
الغرب المسيحي تكلا :وحن فود قربي كد : كان من الشائع أن يكون 
للرجل المقتدر أكثر من عشيقة إضافة إلى زوجته. (كان معظم الرجال ذوي 
الدخل العاديّ في جميع المجتمعات مكتفين بشريكة واحدة» على الأقل 
بسبب النسبة الطبيعيّة لأعداد الجنسين)“. في المجتمعات المسيحيّة 


)١١(‏ في الكتابات الأقدم» كان يتم التمييز بين «الزواج الأحادي» و«الزواج المتعدّد؛ بوصفهما 
شكلين طبيعيين متعارضين من الزواج؛ يمارس المسيحيّون الشكل الأوّل» في حين تمارس معظم 
الشعوب الشكل الثاني . (ولأن الزواج الأحادي كان يحظى بقيمة أرفع, كان الكتّاب في كثير من 
الأحيان يُبرّرون موقف الأنظمة الاجتماعيّة غير المسيحيّة على أنها في حقيقتها تتبنّى «الزواج الأحادي» 
أيضاً. وكان ذلك يتم في كثير من الأحيان عبر القول بأنّ «الزواج المتعدّد؛ كان ممارسة مقصورةً على 
أقليّة» في تجاهل لحقيقة أن ذلك ليس له أي مزيّة خاصّة. إذ إنه في الواقع ليس إلا ما تضمنه قوانين 
الطبيعة). لقد تسبّبت هذه القسمة التقليديّة مع الأسف»ء في حجبٍ مصطنع للعديد من الأسئلة الهامّة 
في هذا الصددء إذ لا يقتصر الأمر على أنها أقافت تمييزا خاذا بيخ تظامين لا يكتلقان كثيرا فى 
ممارستهما (نظراً لعادة الاحتفاظ بعشيقة [عند أنظمة الزواج الأحادي])؛ بل تعذاه إلى حجب قاط 
الاختلاف الحقيقيّة وتعميتها . فوجود نظام «الحريم» القائم على الإماء. حتّى مع وجود زوجة واعحدة» 
كان ذا تأثير اجتماعى أكثر أهميّة من وجود زوجتين في البيت نفسه. وحين يكون هناك شريكة ثانويّة» 
فإنّ وضعها قد يؤثّر على الأسرة بقدر تأثير الشريكة الأساسيّة. التي تؤخذ وحدها بالاعتبار في «الزواج 
الأحادى». 


.5 


والمزديّة (كما في معظم المجتمعات)» كان على الأثرياء الذين يحافظون 
غلى أكفر من امرأة أن «يمتهوا ارات نخاصة للشريركة الأساسية وأبنائها: 
عند المزديين» تحظى الشريكة الثانوية ببعض الحماية القانونية وريما ينال 
أبناؤها حصّة من الميراث تحت ظروف خاصّة. أما عند المسيحيين» فإن 
الشريكات الثانويّات لا يحظين من حيث المبدأ بأيْ حقوق. ويوصم أبناؤهن 
بأنهم أشاء غير شرعيين (على الرغم 0 أن هؤلاء «الأبناء الطبيعيين» في 
التفارسة العماتةة. ويخلافة أتاه الرواحات العاونة وريد قفون انما ا بعلن 
و اجتماعي رفيع. كما في الغرب إبان العصور الوسطى. حيث كان 0 

غير الشرعي يحظى بتربية جيّدة ويحظى بنصيب من الميراث» بل وَأضيانا كان 
يحظى بالأراضي والألقاب). كانت قواعد الشريعة في الزواج تسمح للرجل 
بالزواج من أربع شريكات» يُساوي بينهنَ في الحقوق» ويتساوى كذلك 
أبناؤهنَ فى الحقوق؛ وبذلك فقد اختفت فكرة العشيقة أو المحظيّة من 
الحرائر بين الطبقات العاديّة ذات الامتيازات. إضافة إلى ذلك» على الرغم 
فو الى كان يخوة للرع ونيا فك ]له إلى السرير (وهو أمر كان يحدث في 
كل مكان يتوفر فيه الرقيق والعبيد)» فإِنْ الإماء اللواتي كنّ يحملن من الرجل 
كن يحظين بامتيازات مخصوصة هنّ وأبناؤهنّ» وإذا اعترف الأبٌ بهم فَإنّ 
حقوق الأولاد لن تختلف في شيء عن حقوق الأولاد من الزوجات 
التيوعات: 


في الأوساط الثريّة (وكثيراً ما تغدو عادات الأثرياء وأنماط حياتهم 
أتماطا يتجذيها من هم في أدنى السلّم الاجتماعي) كان النزوع نحو مثل هذا 
التنظيم هو الموقف المعارض تماها للحصرية المسيحية [أي الاكتفاء بزوجة 
واحدة]. بخاصّة في الجزء ء الأوروبي من حوض العدر :الافيفن المعوسظ 
حيث كانت النساء في الغالب معزولات وقابعات تحت استبداد رجالهنٌّ» 
كان نمطا الزواج المسيحي والإسلامي يبدوان متشابهين فى الحالة العادية؛ 
ولكن قن حالاث كاضف: كان لكل واسلدسن التطامين. الفا دوقي العلدفات 
كبيرة ة في النتائج. فالنظام المسيحي يويد ويصادق ‏ وفي بعض الظروف 
يشجع - على التكافل والتضامن في المصالح بين الزوجين المرتبطين برباط 
زوجية واحد على الرغم من إغراءات الثروة. أما نظام المسلمين فيضخحي 
بأولويّة رباط الزوجيّة لصالح المساواة في الحقوق بين - جميع المعنيين. 


/اكه 


بحكم عدم وجوه ميحطبات وعشيقات في البيوت. كانت الامتيازات 
المرتبطة بِهِنْ غائية اها وفي العائتلات العادية» ذات الزوجة الواحدة؛ء كانت 
هذه الحقيقة أكثر أهميّة. دافعت الشريعة عن امتياز الذكر.ء بوصفه المسؤول 
عن إعاشة أسرتهء وكانت المرأة محميّة بالأساس من عائلتها. فإذا طلّقت 
المرأة رجلها فإِنْ ذلك يعني أن تتسبّب بزعزعة استثماره الاقتصادي (ويلزم عن 
ذلك أن ينتقل واجب نفقتها ورعايتها إلى أقربائها). لا تقتصر مسألة التأكيد 
على حقّ الرجل وحده في الطلاق على كونها تحيّزاً وتحاملاً على القدرات 
العقليّة للمرأة» بل تبدو أيضاً جزءاً من الاقتصاد الزراعاتي. فوفقاً لجميع 
المذاهب الفقهيّة» يستطيع الرجل أن يطلّق امرأته على الفور إن لم يكن يخشى 
غضب عائلتها أو انتقامها؛ أما المرأة التي ترغب في ترك زوجهاء فإنْ عليها 
افر ذلك سس وحية: وغالا ف لكون المت القانوني المقنع لقبول طلاق 
المرأة من الرجل هو السبب الاقتصاديء باعتبار أن الزواج عقدٌ بين طرفين 
متكافئين: وقد أصبح من المعتاد أن يُدفع جزء من المّهِرء الذي يلتزم به الرجل 
تجاه زوجته. وقت الزواج؛ وفى تقال تطلدى الرجيل لروجته من دون سحب 
وجيهء فإِنَ عليه أن يدفع بقيّة المهرء الذي قد يكون كبيراً جداً أحياناً وموتقا 
في عقد الزواج. أما إذا حصلت المرأة على الطلاق من زوجهاء ٠‏ فإنْ عليها أن 
تَرّدَ له المهر الذي دفعه. (في نظام الشافعي» يُمكن للمرأة أن تحصل على 
انفصال قانوني بسهولة أكبر من قدرتها على الحصول على الطلاق) . 

غير أن التأكيد على المساواة بين الزوجات (وحقٌّ الابنة والزوجة في 
الميزات) كان يمكل يخظرة التقلؤلتة امقصادية ميية للمرأة. :فبيتما كانت 
أملاك المرأة ملكأ لزوجها في العائلات المسيحيّة؛ كان الزوج المسلم لا 
يستطيع التدحل في أملاك زوجته» ويوجب الشرع عليه أن يُنفق عليها من 
ماله. ولكن» كان لا بذ من كبح هذا الاستقلال النسائي الكامن ما أمكن. 

عبر الزواج من داخل العائلة الممتدّة - مثل زواج أبناء العمومة ‏ لكي تحافظ 
العائلة على أملاكها من الانتقال إلى غيرها عبر حصّة النساء من الميراث. 


؟ عن 


١١ 


المرأة ذات النسب الرفيع بمكانة شخصيّة جيّدة 5 ايا نا 
وبالأمومة إلى الأبد. في الوقت نفسه)» وس وحم 


14 


الرجال في المجتمع» الذي حصل نتيجة تشجيع الإسلام على تجاهل الرتب 
الموروثة» قد جعل العلاقة بين الطبقات المختلفة وثيقة ومتداخلة؛ حين يختلط 
الرجال والنساء بحريّة» فإِنّ هذا غالبا ما يُزيل أي هالة متبقيّة من الاحترام 
الخاصٌ والحصريّ للنساء ذوات النسب الرفيع. إذا كانت الزوجات مستعدات 
للاستفادة من الموقع الحرّ والتعاقدي المترتّب على ذلك. فإنْ الرجال لم يكونوا 
معدن أوبزاعبين فى :ذلله فدد وفع سكره اسنعت احدئ سحات: المرأء 
ذات المكانة أن تكون منعزلة عن جميع الرجال إلا عن رجلها (في حجراتها 
الخاصّة في بيت الزوجيّة. أو من وراء حجاب حين تكون في الخارج). 


كان هذ العرف ها عات النتسعويات العلا كما مدنو فى كل تن 
الغالك الأبراقة الفا ويد ان «الترعة السساراة الاساا قد -متاسيت» 
ويا للمفارقة» في انتشاره في الحياة الحضرية بالعموم. مع المساواة بين 
الزوجات على سويّة واحدة» أصبح ارتداء الحجاب ممارسة تلتزم بها جميع 
النسوة اللواتي ينظرن إلى أنفسهن على أنهن صاحبات مكانة عالية؛ ثم تبعت 
الطبقة الوسطى الطبقة العليا؛ في النهاية» لم يبقّ سوى النساء الفقيرات 
اللواتي يعملن في الخارج ممن لم يمارسن هذا الفصل في المدن والبلدات 
(في الأرئاف:وين البدو: كانمن الطسيعع أل هشر هذا العورف: كخيرا): 
ك1 قن لووك قم من القضا ولتم الواضح داخل المجتمع.؛ حيث 
يشكل :الخال (والقبات المغتات) دائرة واحجدة» وفيها تتحة القرارات 
السياسيّة والاجتماعيّة الأكثر خطورة وأهميّة؛ أما النساء المحترمات فإنهنّ 
يشكلن دائرة منفصلة» ثانويّة في الحياة العامّة للمجتمع» ولكنها تحكم الحياة 
الخاصّة لكل بيت. (وقد كان الوضع مشابهاً لذلك في أثينا الكلاسيكيّة). 
تحت هذه الظروف, تمّ أيضاً تعميم ممارسات الزواج الأخرى لدى الطبقات 
العلنا 4 فيتها كان الرجال عاد يححطون بدوعة. واهدة يات الطلا ف كياتنا 
حتّى في الطبقات الدنياء بل وبات العديد من الرجال الفقراء يحظون بأكثر 
من زوجة واحدة في الوقت نفسه. 


لم ترد جميع هذه التفاصيل المتشعّبة صراحة في الشريعة. فأصحاب 
المذاهب الفقهيّة التي تشكلت مبكراًء بخاصّة الأحناف» كانوا يميلون إلى 
إعطاء الذكر سلطة وامتيازاً واسعّين (ولو أنّه كان أقلّ من الامتياز الذي 
يحظى به رت الأسرة في العالم اللاتيني من عذة جوانب)» وهو أمر تغيّر مع 


9 


المذاهب الأخرى. على أنْ جميع المذاهب كانت تفترض بأنّ للمرأة دوراً 
اجتماعيًا مُعتَبّراً. تمّ توسيع نطاق الأوامر القرآنيّة بالاستقامة عن طريق 
الحديث؛» لتشمل انعزال النساء الذي ساد لاحقاً (كما تمٌ تبني بعض أشكال 
الاحتياط التي اتخذها محمّد مع زوجاته من قبل المسنلمين» الذين لم يفكروا 
بتقليده ه في امتيازه المتعلة بعدد الزوجات اللصبرن به). ولكن. مع ذلك. 
لم يكن الفصل والتمييز صريحين وفجين: فقد كان الحجاب لا يزال يُمثل 
جزءاً من الاحتشام الشخصي والحفاظ على خصوصيّة العائلة. لم يكن 
وطلوا :و لقنا أن يشاركن في الشعائر العمومية للمسلمين» باستثناء الحجح 
(حيث لا يجوز للجواة أن ترتدي النقاب» بوصفه علامة من علامات التمييز 
الاجتماعي)؛ ولكنّ النساء كن يحضرن صلاة الجماعة ويروين الأحاديث 
ويعلّمن العلم. ومن ثم فإِنَ إضعاف المكانة الذي لحق بنساء الطبقات 
العلياء الذي تلا عمليّة الفصل والتمييز الصارمة» لم يكن أمراً مُتوقعاً . 


كان الأطفال يبقون تحت رعاية آبائهم أو الأوصياء القانونيين عليهم . 
وقد كان محمّد مهتمّا بالأيتام على نحرٍ خاصٌ (بحكم أنّه كان يتيماً)» وقد 
ظهر ذلك جليًاً في الشريعة التي حاولت أن تحمي الأيتام من الإهدار غير 
القانوني لممتلكاتهم من قبل الأوصياء عليهم. كان يمكن للأطفال أن 
يتزوجوا في سنّ مبكر جداء وغاليا من زوجات يختارهِنٌ أباؤهم لهم؛ وقد 
أجاز بعض الفقهاء تزويج الفتاة الصغيرة من دون موافقتها ل رك 
تحت السنّ القانوني [لم تبلغ]» غير أنْهم أجازوا لها أن ترفض الزواج متى 

ما وصلت إلى البلوع . على اليه لم يكن تطلب من النيات ذا سم 
لهنّ) بالزواج ممن هم أدنى منهنَ. ولكن عند الوصول إلى سنّ البلوغ» كان 
الأيتاء» :والينات تدرعة أقل. لون قانونيّاً عن آبائهم بوصفهم الآن 
امون أخر ذا مسؤولين عن أنفسهم. ولا يُمكن للأب حتّى أن يُهدّدهم 
جرياتي كن الجيرات» إذ لم يكن عاك جى خخاضن با لابن البكر: فحتى لو 
فضّل الأب أحد أولاده فإِن الميراث يتورّع بينهم جميعاً ويأخذ كل واحدٍ 
منهم جزءاً من الأملاك: فتحت تأثير القران والعقليّة القَبَلِيّة في مدن 
الحاميات [الأمصار]ء كان الميراث يتوزّع بالضرورة» وأحياناً يمتدّ التوزيع 
إلى أبناء العمومة. ا فإن أئ تراكم كبير في الممتلكات العائليّة لا بد 
أن يتفتّت إلى أجزاء أصغر في الجيل التالي. 


و/ام 


في بيوت الأثرياء كان هناك أعضاء تابعون آخرونء ألا وهم العبيد 
كر المحكوم عليهم بالعمل بحسب رغبة أسيادهم . والذين يمكن أن 
ناقوا د ومشعو يشتروا من قبل السادة) والمعتقوان.. كان العبيد يُورَّنُونَ مع بقيّة 
الميراث» ما لم يقم السيّد بالاعتراف بأحد أبناء إمائه على أنه ابنه. ولكنّ 
الإسلام كان يُسْجَع المسلمين على إعتاق العبيد» وهناك العديد من الكفارات 
عن الخطايا التى تتطلّب من المرء إعتاق العبيدء» بخاصّة أولئك الذين تحؤلوا 
منهم إلى الإسلام. كانت وسائل الاسترقاق الجديدة محدودة؛ إذ لم يكن 
يحكنا امعرفاق المملندة ولا اهن الدكة الذيى عسو بيع المسلهية. 
وبحكم وجود نزوع مستمرٌ نحو إعتاق العبيد» كان الحصول على العبيد 
الجدد يتم في الغالب من خارجح حدود دار الإسلام. سواء عبر شرائهم أو 
أسرهم في الحروب. (كان العبيد في الغالب يأتون من شمال أوروباء حيث 
كان تصدير العبيد تجارة رائجة» ومن شرق إفريقياء وأواسط أسيا). كان 
للعبيد حقوق مفروضة على أسيادهم» ولكن من دون وجود عقوبات رادعة 
في حال انتهكها السيّد. وهو ما يعني أنْ حياة العبد كانت بالمجمل مرهونة 
ترحية سبدو فى المقايل» كان العيه وغطلع بالقلد لسن المسمؤولنات: 
وكانت العقوبات المفروضة عليه إن أخطأ هي نصف العقوبات المفروضة 
على الحرٌ. يُمكن للعبد في بعض الحالات أن يُتاجر وأن يشتري حريّته عبر 
عقدٍ لا يحقٌّ لسيّده أن ينتهكه ما دام قد ضَمِنّه ووافق عليه في البداية. أ 
المعتقون فقد كانت لهم ذات حقوق المولودين أحراراً. إِلَا أنتهم في 
الممارسة العمليّة ظلُوا مرتبطين بأسيادهم السابقين حتى في مسائل الميراث. 


القيود المفروضة على السلطة الجماعيّة 


كان الأثر الكلي للشريعة هو التأكيد على حقوق الأفراد بما هم أفراد. 
فالمساواة هي المبدأ الأساس بين جميع الذكور الأحرار. لم يكن للأجسام 
الجماعيّة» بمعزل عن أمَّةَ المسلمين نفسهاء أيّ قيمة أو مكانة. وقد استنبط 
الأفراد بعض الحقوق الشرعية من طبيعة العضويّة في أي مجموعة 
مخصوصة. إن التركيز على المصالح الفرديّة في مقابل المصالح الجماعيّة 
واضحٌ مثلا في مسألة حقّ المرور العمومي ضمن الممتلكات؛ فالشريعة 
بأن شوارع المدن لا بد أن تكون عريضة بمقدار معيّن» وعندما تأسّست 


الاه 


المدن. كان عرض الشوارع في الغالب أكبر من المطلوب؛ ولكنء. كان 
ميجوطا للأفراد أن يبنوا فوق مساحة العبور شريطة ألا يعوقوا حركة 
العابرين. أما الحقّ الثاني فقد كان يُعطي الأولويّة للقاعدة الأولى: أي إن 
الموازنة بين حقّ فرد وآخر كان أمرأ مصوناً أكثر من الموازنة بين حقوق 
الأفراد والمصالح العامة التي لج يكن: سنتشعر أئرها بشكل مباشر في أي 
حالة» على الرغم من أن نتائجها بالتراكم كانت تُؤثّْر على الجميع. بهذه 
الطريقة» كان القانون نفسه هو المسؤول عن فقدان المدن الإسلاماتية سريعا 
للمساحات المفتوحة الحرّة التي أرادها مؤْسّسو هذه المدن. وتحوّل المدن 
إلى تتموغة من المدزالت الملتوية الضتقة والاز قة المتشتبة " . 


يُمكن لروح المساواة الفردانيّة أن تُحابي القوي 0 
المتواضع والنزيه . وقد خففت الشريعة من حدّة ذلك - جرئياً عبر بنود وقوانين 
خاصّة تحمى الضعيف. ولكنّها خففت ذلك بالدرجة الكبرى عبر الانحياز 
القويّ للانضباط العام والتماثل. فتراث الاحترام للتجانس الثقافي في المدينة 
[المنوّرة]» ثم للتجانس بين العرب المروانيين» قد تحوّل إلى دافع لجميع 
المسلمين للتوافق مع النمط البرجوازي من الحياة» وهو نمط يمكن التكيّف 
معه من قبل معظم الرجال. لا تطالب شريعة الإسلام بوجود «رياضيين 
ديشي :وتشكر للدغعواث «المشانية > كان متطلويا عرد الأ شخاصن النزاعيق إلى 
التجريت والمغامرة: أن يظهرواء خخارجيًا على الأقل» بمظهر الاستقامة 
المعتدلة. لقد أعلن العلماء بن الإسلام هو دين الاعتدال» وأنه هو الطريقة : 
الطبيغثة للحياة: فكزن مولود يولك مسلما قبل أن يححرفه أبواه ويعلماتة دينا 
أخخر. 


بهذه الطريقة» كان لا بدّ من إنفاذ إرادة الله» التى يجب تنظيم أعضاء 


(*) في بناء الكوفة» وهي مثال قياسي للأمصار. حدّد عمر بن الخطاب عرض المناهج (أي 
الطرق) باربعين أراعاء وما يليها بثلاثين» وما بين ذلك بعشرين» والأزقة سبع أذرع . وكإنت المناهج 
الخمسة عشر الرئيسة تشع من الصحن» وهو مساحة مربعة طول ضلعها م تضم الجامع والقصر 
والسوق. إلا أنْ الإقطاع. الذي بدأ في عهد عثمان» كثر شيئاً فشيئاً في الصحن . ومع تزايد اللمكان في 
الخطط (الأحياء) تراصّت البيوت واندمجت السكك بالنسيج السكني . لمزيد من التفصيل والنقاش». 
انظر: هشام جعيطء الكوفة: نشأة المدينة العربيّة الاسلاميّة (بيروت: دار الطليعة» )١19”*‏ 
(المترجم) . 


"اه 


المجتمع لحملهاء والتأكيد على أن مهمّة المجتمع هي تحقيق العدالة 
والمحافظة على المسؤولية الفردية. بالطبع. كان لير اسمن يروو وجود 
خليفة أو إمام لأداء الدور الذي وام مجمد في الهديئة + لشوف» :على تطييق 
إرادة الله في الحوادث المختلفة. عمليّاً عبر : تعيين أفراد يقومون بمهامه في 
المجال العام. لا يعني ذلك إطلاقاً أنه يمكن لأي فرد أن يحمل المسؤوليّة 
عن عاتق أيّ فرد آخر أمام الله؛ ولكن لا بد من شخص ما أن يقوم بهذا 
الالتزام الاجتماعي. الذئ لا يمك أن يقوم به إلا شخص واحد في الوقت 
نفسه. كما لا يمكن أن يدير الشؤون والمسائل العامّة إلا شخص واحد 
ليصدر الأوامر بخصوصها. ولكنّ هذا الشخص باتء مع الوقت» أقل أهميّة 
من ذي قبل؛ فقد أصبحت أهميّته تنحصرهء في كثير من الأحيان» في كونه 
الضامن الشرعي لصلاحيّة العلم المتفق عليه نالا هه أن كوو معد د 
ادا في النزاعات. وحتى حينما يمكن لتدخّله الشخصيء أو تدحّل من 
ُعيّنهم» أن يُحدث فرقاًء كانت الشريعة» والمسلمون الذين يدعمونهاء في 
الغالب تضع حدودا لا بد أن يلتزم بها من يعيّنهم الخليفة. 


أصبح أهل السئّة والجماعة الآن مستعدين للتسوية مع أي شخص يجد 
عامّة المجتمع» الجماعة؛ بأنْ من الحكمة القبول به 0 امليق تان 
ضعف الحاكم سيظل أقل ضرراً على المجتمع ككل من الشقاق والنزاع. 
نظريّاً» كان الشيعة أقلّ تساهلاً فيما يتعلّق بشخص الإمام؛ فإمامهم لا بد 
أن يكوق: سحافر ا على العلم وتوف فالزيديّة (بخلاف الخوارج)» كانوا لا 
يزالون ينتظرون إهاها مو سيك معد بكرن إنانا في العلم. ورجل ثورة 
ودولة باعي . ولح معظم الشيعة كانوا في الغالب يعترفون بالوإمام الذي 
يقوم موقعه على حيازته للعلم الشرعي الموثوق». سواء أكان صاحب سلطة 
سياسيّة في الحاضر أم لم يكن؛ وهو ما يعني الاعتراف بسلطة الأمر الواقع 
للخليفة في الممارسة» من دون منحه سلطة أخلاقيّة ومعنويّة كضامن 
للشريعة . 

لقد كان تطبيق مطالب الدين في جميع مناحي الحياة مشكلة عالميّة في 
جميع المجتمعات الدينيّة. أما الصياغة الإسلاميّة الخاصّة لهذه المشكلة فقد 
كانت تدعو لإيجاد حل على أساس المساواة الجذريّة بين المؤمنين وعلى 
سينا ين الحكم الصالح الذي يدبّر شؤون المعاش الدنيويّة في آنٍ معاً. إِنَّ 


لاه 


المبادئ التي استعرضناها للتوّ تمثل محاولة حل للمشكلة. ولكنء, لا بدّ من 
الأخذ بعين الاعتبار بأنْ تطوّر هذه المبادئ لم يكن فقط استجابة لتحدٌ فكري 
وروحي عالي الرقيّ والتعقيد» وإن كان هذا جزءاً من الصورة طبعاً؛ فقد كان 
ذلك جزئياً احتجاجاً أخلاقيًاً على الطرائق المتطوّرة للمجتمع الفاسدء وكان 

يا تعينرا عن" توعة كروي بل وعن جهل بدائي بدقائق العمليات 
الاجتماعيّة المعقّدة. يتمظهر هذا الغموض في أي مسعى اجتماعي كبير. 
ولك وااو مدير :الم حظلة يننا قد هو لمحا ؤلة: المعدر نه بوالتسيلاة لحف 
لإعادة تشكيل تشكيل المجتمع بناء على مبادط واسيين. جديدة: 


الأمّة الاسلاميّة تحت حكم العباسيين: نظاما العدالة 


ع 1 س 
يا 


عون تضرة انق العلجاء): نان الاحة - أي المجتمع - يجب أن تُنظم 
كجسم سياسي وفق أحكام دينية ا مثل جميع الأحكام التي يقدمها 
قانون الشريعة. أعلن العباسيون اعترافهم بالشريعة بوصفها القواعد التي 
تشكل أساس حياة المجتمع المسلء ١‏ الآمّة المسلمة: ولكن» فى وجه 
الحكم التعسّفي للعباسيين» لم يعد من الممكن تفعيل الآمال الحقيقيّة للعلماء 
فى التظام السياسى ٠‏ ولكق» على الرقم:من أنه لع سمه للشريعة أبدا بآن 
تشكّل النظام الاجتماعي بأكمله. إلا أنْ دورها لم يكن منحصراً في 
المصادقة على ما يفعله الحكام. فالأمر ليس مجرّد انتصار نظري للعقل 
الإنساني» بل كان للشريعة دور عملي مهم؛ وكثيراً ما كان هذا الدور ينعكس 
على البنية النظرية نفسها 


طالْبَ العباسيّون على نحو أكيد وملموس بأن تتبع أحكام القضاة 
الشريعةً كما تطوّرت على يد منظري أهل التقوى. وهي الخطوة التي كانوا 
يحاولون تطبيقها عبر إقناع هؤلاء المنظرين أنفسهم بالعمل كقضاة. على 
الجانب الأوّلء فإِنْ من شأن هذا أن يجبر مثاليّة 0 على الانخراط في 
أشكال أكثر عمليّة مع امتداد آرائهم في مسائل القضاء. في الوقت نفسه. فإن 
من شأن هذه الخطوة أن تضع حدوداً على قرارات القضناة المستقاة من 
الشريعة نفسها. وقد أدّى ذلك إلى بلورة دور الشريعة في المجتمع المسلم 
كمُسيّرة لمجموعة من القطاعات عمليّاً. في الوقت الذي تحافظ فيه على 
سيادتها العليا [الأكثر نظريّة والأقلّ تفصيليّة] على بقيّة القطاعات. 


لاه 


كان للشريعة» التى نمت في المحاكم العسكريّة في مدن الحاميات. 
طابعها الفسكرى كما كان لها صبغتها الأرسشقراطثة؟ افمسآلة كزامة وشرف 
رجل القبيلة العربن كانت حجر أساس مهما في هذا النظام: وقد كان هذا 
ييا على نحو أخصّ في إجراءاتها الشكليّة: فهذه الإجراءات تضع 
الكرامة الشخصيّة للمتهم نصب عينيهاء مما يعني أن إدانة المتّهم كانت صعبة 
ما لم يكن هناك شهود مباشرون» وَفَيما غذا ذلك فإن المتّهم يمكن أن 
يبِرَئْ نفسه بحلف اليمين» وعقوبة الكذب في هذه الحالة هي العار. كان هذا 
النظام ملائماً لجيش زراعئ» على الرغم من أنه قد لا يُناسب قادة الجيش . 
ولكن هذا النظام لم يكن أرستقراطيّاً بالمعنى الزراعي للكلمة (فهو لم يكن 
ملائماً لطبقة ملاك الأراضيء الذين كانت تهمّهم السوابق القضائيّة بقدر ما 
يهمّهم الشرف الشخصي). في مقابل ذلك؛ وبعيداً عن الجيشء» تبنّى هذا 
النظام بسهولة مجموعة من التعديلات الملائمة لطبقة التجار: بالنسبة إلى 
التجار ااه الذين كانوا دوماً يريدون حماية ممتلكاتهم وجوه 
والأرستقراطيين» كانت مسألة الكرامة والشرف الشخصي مفيدة لهم أيضاً. 
تمّ تعديل قواعد الإجراءات ضمنيًاً عبر إدخال شاهد عدل في العمليّة؛ إذ إِنَ 
وجود كاتب عدل في المسائل التجاريّة أمرٌ مهم لحل الخلافات اناه 
الشسحكنة, امابالسية إلى أ قؤاعه أسساسة كلقن فق شنا ن :مهدا الاح 
العسكريّة في الشريعة بما يتعارض مع الأنشطة التجاريّة» فقد تمّ تعديل هذه 
ا منذ البداية عبر الحيل الفقهيّة» التي تراعي الأحكام والمحظورات 
مراعاة * شكلة وقباض هن تحواها إن ادي هده القواعد في البداية فيما 
أصبح لاحقاً مدرسة الفقه الحنفي ولجنا أيضاً في المذهب الشافعي ؛ ولم 
ب الفقوة الكبري الثالئة»: اللجالكية :عق ساك افيحليا 

بن المفرلات الجديدة التي أنتجت التأثير والمفعول ذاتهماء والتي 
0 فق النهاية غير قاعلة القبول:بالسوابق: الفقيتة؟ .وهو لامر 
الذئ لم يكن مدا فى المدرسستين الأخريين). 


هكذاء بعد أن تأقلمت مع الحياة التجاريّة» باتت الخريءة وقرافت خلين 
جميع المؤسسات الأصغر منها في المجتمع . وقد أصبح مفسّش الشوق 


اه الأخلاق العامة» المحتسيِب. هو المسؤول الذي يتوقع منه 
التجار الصغار وربئات البيوت والحرفيّون أن يقوم بتنظيم العلاقات اليومية 


ىه 


داخل المدينة. كان المحتسب يستقي قوانينه من القاضىء وكلّما ازداد تطوّر 
الشريعة» انعكس ذلك على أنشطته (على الرغم من أنّه لم يكن مُقَيّدا 
بإجراءات الشريعة في المسائل الروتينيّة). كانت سلطة المحتسب مستمدّة من 
سلطة الكليفة أو الوالي» الذي كان جهاز الشرطة التابع له يعتبر بأنّ نظام 
الحسبة يعمل بالتناغم معه. وفقاً لذلك»- اصبحتت: الشريعة هي القالب الذي 
يتشكل النظام الاجتماعي - حتى في أبسط المستويات المدنية د علن اساسة؛ 
وبقدر ما كان ذلك فحيها : بقدر ما كان ذلك يعني صعوبة إفلاات الطبقات 


العليا في الدولة ة من سطوتها ونفودها. 


ولكن» حين أصبحت محاكم القضاة مدارة وفق نظام الشريعة بشكلها 
الصارم لدى أهل التقوى. دفعت هذه القيود باتجاه ظهور أنواع أخرى من 
المحاكم المكمّلة لمحاكم القضاة. فمهما كانت عمليات الشريعة مناسبةً 
للجنود ذوي النزعة المستقلة» فإنّها بالكاد كانت مناسبةًٌ للجيوش التي أخذت 
تتشكّل وفق نزعة الحكم المطلق لدولة الخلافة: مجموعة من القوات 
المعرضة دوه للنقل 0 للتسريح. والمعتمدة بشكل شخصي على الخليفة. 
والأهمٌّ من ذلك أنه مهما كانت الشريعة ملائمة للأنشطة التجاريّة لطبقة 
التجارء فإنّها قطعاً كانت أقلّ ملاءمةً للعناصر الأخرى فى الحياة الحضريّة 
والتعر انب الأغرق فيان :داتساب عديدةن كاقت الكراكة اسهد : الى 
حجنا إحراداك الخريعة تندو اق اممقككين الجلاسفة القفياتة القاعله 
للمُدّعى عليهم» وهو ما كانت إجراءات الشريعة تعوقه. وهكذا فإِنْ وجود 
محاكم تكميليّة غير مقيدة م الشريعة (ولو أنها كانت تحاول الانصياع 
لمعايير الشريعة الأساسيّة) كان ارا يلوي + بحكم طبيعة الشريعة نفسها نفسها 
ولكنّها كانت مطلوبة أيضاً بحكم طبيعة الحكم المطلق للخلافة. 

لقد بقيت روح الحكم المطلق متعارضة جوهرياً مع روح الشريعة. فإلى 
جانب الملك العظيم» كان يقف السيّاف» ليقطع رأس أي رجل بكلمة واحدة 
يصدرها الخليفة. وهناء لم يكن يُستشار المفتي أو القاضي أو سبة محمّد. 
وإذا كانت إرادة الله حاضرة في هذه اللحظة. فإنها حاضرة في ما يردّده 
عمّال البلاط في خوفيٍ من أن الخليفة هو ظل الله في الأرض» كما كان 
الملك الساسانيّ من قبله. على الخليفة أن يحافظ على العدالة» ولا يُمكنه 
فعل ذلك في مواجهة الرجال الكبار ذوي النفوذ اانا إلا بشكل من العدالة 


“اه 


السريعة» لعلا يستعمل الرجل موارده ونفوذه لإذكاء حركة تمرّد أو ليجبر 
الخليفة على القبول بشروطه. 

ولكن» لم تكن العدالة المباشرة للخليفة سارية على علية القوم الذين 
يرتادون بلاط الخليفة فقط؛ فقد كانت إحدى وظائف الملك الرئيسة هي أن 
يجتمع مع وزيره في جلسات منتظمة للتباحث في المظالم الواردة إليهم : 
وهي بالأساس» الأخطاء التي ارتكبها عمال السلطة في أثناء. إذارة 'الميلك . 
وقد كان نطاق اختصاص البلاط وصلاحياته انا جذاء إذاّء فإضافة إلى 
محاكم القضاة العادية كان الحاكم يعقد محكمته الخاصّة للتعامل مع هذه 
المظالم. في هذه المحكمة» يُمكن للوزير» أو القاضي الذي يُمثله. أن يتخذ 
الإجراءات التى يراها ضروريّة للعدالة من دون العودة إلى قواعد القضاء 
الشترعي : كان الحرينة متبعة بالطيع وها دام :ذلك ممكنا». إلا فى بعال فيك 
بأنها تعوق سير العدالة. وهكذاء فإِنَ القضايا المبهمة كانت تحسم بحسب 
وزن الاحتمالات؛ فالأقوياء من المَدّعى عليهم لم يكن من الممكن تخويفهم 
بهيبة الحاكم ومنصبه؛ وفوق ذلكء كان ينظر إلى التعذيب وإلى العقوبات 
القاسية. في جميع المجتمعات في ما بعد العصر المحوري. على الأقل 
خارج الصين» على أنها أمور ضروريّة ولا عت 6 للحكم الجيد (على 
الأقل عند الجماهير)؛ ومن ثمٌ فإنها كانت تطبّق أيضا. وبينما بقيت المسائل 
العائليّة والتجاريّة من اختصاص القضاة. فإنْ الاتهامات الجنائيّة كانت تقدّم 
إلى محاكم أكثر اعتماداً على الخليفة؛ وكان هناك أكثر من نوع من المحاكم 
المختصّة بالتعامل مع الحالات المختلفة من المظالم. 


هكذاء كان النظام القانوني ‏ الذي يقع في قلب مجال الشريعة ‏ مُقِسّماً 
إلى قطاعين يحظيان بالشرعيّة على نحو حصري ومتبادل. على المستوى 
المدني المحليء كان يُعترف بالقرارات القاتوة تعن أن فقيو له اواك 
تستجيب لمعايير الشريعة» وتعبّر عن الثقافة الشعبويّة للسوق. أما على 
مستوى الحكم الإقليمي الكليء فإنَ القرارات القانونيّة» في مرجعيّتها 
النهائية» كانت تعتمد على معايير تستجيب للثقافة الأرستقراطيّة للبلاط ولطبقة 
السادة الزراعيين. وعلى الرغم من أن تجار المدينة كانوا يُفضّلون في الغالب 
دعم البلاط في أي صراع ينشب مع الأرستقراطيّة» فإنَ ثقافة البلاط ظلّت 
دوما غريبة عنهم. 


شرعنة دولة الخلافة 

ثبت الآن. بأنَ الأرستقراطيّة المرتبطة بالأراضي في منتصف المنطقة 
القاحلة كانت أضعف بكثير من أن نُسيطر على المجتمع في المدن النشيطة 

تجاريا . لقد تمظهرت هذه الحقيقة رمزياً في سمّة واضحة في التاريخ 
الإسلاماتي : زعي أن البؤرة الثالثة للثقافة العلياء المعبد. الذي كان يدعم 
المَلْكيّة في النظام الساساني وكان موتيظا يقد هَوَّةَ بثقافة البلاط وبالخلفية 
الزراعية الكامنة وراءه» قل أصبح الآن ا ثقافة السوق. لقد أصبح 
المسجد تحت سيطرة أهل الشريعة. كان ذلك يعني بأنَ قطاع القانون المحلّى 
والشريعي ‏ وجميع مناحي الثقافة المرتبطة به - قد أصبح هو وحده الشرعىّ 
على أساس أنْ المجتمع بأكمله يُكرّمه ويحترمه. وظلّت ثقافة البلاط ثقافة 
غير شرعيّة بالأساس . 

في الوضعيّة القائمة» ربما لم يُحدث هذا الافتقار إلى الشرعيّة إلا فارقاً 
ضئيلاً. في الواقع». فإن كل تقليد ثقافيَ يحمل معه التزام المجموعات 
المخلصة بتطبيقه. فالتوقعات العامّة فى مجموعةٍ ما لها دور مباشر فى 
الحالاات اليومية التي تدفعها المصالح الشخصية باتجاه أو بآخر؛ ومجموع 
هذه الحالات هو ما يُشكّل نمط المجتمع. غير أن هذه التقاليد الثقافيّة 
مصيبة ما في نظام البلاطء وتظهر الحاجة لوجود أفكار جديدة لتحافظ على 
نزعة الحكم المطلق في ظل الظروف الحالية» كان حقٌ الحكم المطلق في 
الوجود يصبح هو نفسه محل سؤال وتشكيك في ظل وجود تقليد بديل يحظى 
بشرعيّة أعلى . 
القانوني للحكم المطلق. كانت هذه الاستمرارية مرهونة ومعتمدلة في تبرير 
شرعيّتها على معايير الشريعة لتضمن بقائها . لقد فرضت الشريعة نفسها إلى 
درجة أن منتهكيها اليا كانوا ملتزمين لوقام لها ل بست أن ألغت هله 
الانتهاكات هبدأ سيادة الشريعة الذئ: كان وها على أهبة الاستعداد للعودة 
إلى حا التوادض القرار القانوني القادم . لم يكن هناك أي نظام قانونئ آخر 
تمكية أن يفوق في مكانته مبدأ الإنصاف الذي يُمثل غاية النظام. والذي 
يمكن لكل فرد أن يطبّقه ويطوّره بحسب ما يرتئيه؛ والذي كان له بالتالي قو قواة 


//ه 


ملزمة ضعيفة فى التوقّعات العامّة. ففي النلاظ» إنميرن الوزيو قرارا أ 
حكن لأايسلك مشررفة كافية» فإِنْ الوزير التالي لو قام بتجاهل هذه 
العايقة» قإنه الو تكون أسوا من اق ورم ارم اع على دللكه فإن ثقاقة 
البلاظ كاتك عاج إلى مشروعة مفتمةة من الشتريعة إذا "أرادوت: أن تصيد 
فى وجه الأزمات الح من شانهنا أن تحظم أي نوع من الترتيبات 
المتمرفكة 


أفسح العلماء تدريجياً موقعاً يُبرّر وجود البلاط في نظريّتهم. ولكنّ ذلك 
تمّ على مضض وتلكؤء ولم يُقدّم للبلاط الشرعيّة الحقيقيّة التي يحتاجها 
فعلاً؛ أي إِنّه لم يُقدّم للبلاط الروح اللازمة ليعبّر تمام التعبير عن روح 
الحكم المطلق. ومع ذلك» فإنّ هذه النظريّة قد اكتسبت تفصيلاً أوفى بعد 
انهيار دولة الخلافة عمليا. 


بعد خيبة أمل أهل التقوى التدريجيّة من الانتصار العباسي» لم يرد 
علماء السنّة ولا الشيعة أن يمنحوا الخليفة الحاكم دورا كبيرا. فعلى الرغم 
من اعترافهم بمنصبه. حافظ السنة» مثل الشيعة؛ على درجة من الاستقلال. 
فبقدر الإمكان» فرّض أهل السنئة السلطة القانونيّة كلها لحملة العلم: 
العلماء؛ الذين كان قبولهم يعتمد على عمليّة مستقلة من الاعتراف المتبادل 
بينهم داخل أي جيل حاضرهء بطريقة مشابهة للعمليّة التي حكمت علم نقد 
الإسناد في السابق. كان العلماء هم (ورثة النبيّ» الحقيقيين» وكان القانون 
يتأسّس على الفتاوى التي يصدرها العلماء بدلا من أن تتأسّس على مرسوم 
أو فرمان يُصدره الخليفة أو عمّاله. ولكنّ هذه «الطبقة الكهنوتيّة» لم تعد 
تملك بين يديها سوى الأحكام القانونيّة؛ فقد أصبحت الإدارات في أفضل 
الأحوال في يد «طبقة سياسيّة». في النهاية» اعترفت الشريعة بذلك. توم 
الطبقة الكهنوتيّة الصلاةً في المسجدء وتقرّر قوانين السوق» وتعلن واجب 
المسلمين في النفير إلى الثغور؛ أما الطبقة السياسيّة ‏ الشرطة» جامعو 
الضرائب» طبقات الكتّاب المختلفة ‏ فقد سعوا للحفاظ على المسجد فى 
حالٍ جيّدة» والحفاظ على النظام في السوقء» وقيادة الجند في الثغور. وهنا 
بات للخليفة دور. 


(من المهمّ ملاحظة أن تقسيم العمل هذاء كما تصوّرته الشريعة فى 


4/ه 


الممارسة». كانت «طبقة الكهنوت» تمثل «المؤسسة الدينيّة) لدت الي 
كانت لسن ل ل ا نظرياً. ام 


اا 000 6 ة6'ضظ”ظ' 
تمن واهدة العف ركد دقان اكاك القريدة وصيغها لدى أهل 
السئة والجماعة» التي طبّقَت عملا قد منحت الخليفة في النهاية دوراً إداريًا 
لع ولكن. وبهدف قصر مهمة الخليفة على المسائل الإداريّة. أنكر 
العلماء على الخليفة - وعلى أي شخص يفوّضه سلطته - أي دور سياسي 
حقيقي: أي الحقٌّ المستقلَ باتخاذ القرارات في السياسات الكبرى» وهو 
الحنّ الذي كان متاحاً لمحمّد وللخلفاء الأوائل» والذي استهلٌ قرّة الإسلام 
في العالم. إن كان لا بذ من الحفاظ على الرؤية الإسلاميّة» فيجب أن يكون 
ذلك على حساب قوّة محركها الديناميكي السياسي . 


بحكم هذا الدور اللاسياسي. وصل أهل السنة والجماعة إلى اتفاق 
يقضي بِأنْ أي طريقة من الطرائق المختلفة لاختيار الخليفة مقبولة نظرياً. 
تتريطة اقبول المجعدم بالععوم بها واشقواا ضلن :أن الخليقة لا يبعت أن 
يكون أحكم المسلمين أو أتقاهم. بل يكفي أن يكون مؤمَّلاً وكفؤاً لأداء 
المهامٌ الإداريّة: أن يحوز على جميع ملكاته»ء وأن يمتلك رأياً سديدا 
وفاغلا .و أناريكون حدر من الح البيوت المكنة الفرفئة . كات معانير 
الحدّ الأدنى هذه بمثابة شرعنة للطريقة التي يتم بها اختيار الخلفاء أصلاً : 
عبر تعيينهم من أسلافهم ضمن العائلة الحاكمة. ولكنّ العلماء ظَلُوا مصرّين 
على شرط مثاليّ واحد؛ وهو أنه يجب أن يكون هناك شخص واحد في 
منصب السلطة العليا في دار الإسلام ‏ الأراضي التي يحكمها المسلمون 
والتى تُحكم بقانون الشريعة ‏ وأنّه يجب المحافظة على ذلك لضمان وحدة 
المساهين والتلم اقيم ستيه .. ذاه مع سقوط الولايات وخروجها من 
السيطرة العمليّة للخليفة فى بغداد فى نهايات الأزمنة العباسيّة» ظلت هذه 
الأراقي تجيرة» بيحكم عون أهل السنه والجماغة ».على الامعراق رسلطة 
الخليفة ولو نظرياً. أخيراً. أصبح الاعتراف بالخليفة مسألة مركزيّة في 
مطالب أهل الشريعة السنّة في وجه حالة التشظي السياسي المتزايد للأمّة. 


همه 


الأشكال الفكريّة المرتبطة بإسلام الشريعة: دراسة التاريخ 

لم تكن الشريعة في حدّ ذاتها كافية لتُعرّف كل الثقافة الإسلاميّة من 
خلالها. لقد تجاوزت حدود اهتمام علماء الشيعة وأهل السئة مجالاات 
القانون وما يتضمّنه من أخلاقيّات» وصولاً إلى مجالات أوسع من الحياة 
الفكريّة. وقد طوّروا نوعيّة الدراسات التي كانت تهمٌّ أهل التقوى في الأزمنة 
المروانيّة: التلاوة المتقنة والمرثّلة للقرآن» والبحث التفصيلي في اللغة 
والنحوء والتاريخ» لا تاريخ النبيّ وحده بل تاريخ مجتمعه أيضاً. ثم أضافوا 
إلى هذه المجالات مجالاتٍ جديدة ظهرت من خلال الاحتكاك مع الفقه؛ 
مثل علم الرجال. اجتمعت هذه الدراسات سويّة انور تضيو را كان وا 
هي الأمور الأكثر أهميّة في الحياة» والتي أطلق عغلدها :جنا اها متهركدة 
حول الشريعة» «الذهنية الشريعية» . 


يستعمل دارسو الإسلاميّات مصطلح «أرثوذكسيّة» لوصف هذا النوع من 
الإسلام -السني والشيعي على السواء الذي يقبل بالشريعة» القانون المقدس 
الطقوسي الشامل» بوصفه أمراً أساسيّاً للحياة الدينيّة. ولكنّ هذا المصطلح لا 
يُمكن تطبيقه بهذا المعنى (ولا بأيَ معنى آخر) على حال المسلمين الأوائل» 
الذين لم تكن الصيغة المتطوّرة للشريعة في ذلك الوقت قد توفرت لديهم بعد؛ 
ولكن بعد العمليّة التى وصفناها قبل قليل» والتى اكتملت فيها الشريعة واكتسبت 
مكانتها العلياء أصبح لهذا المفهوم صلة ووم لما كانت كلمة «أرثوذكسي"» 
ذات دلالات مضللة على نحو كبير دوقتيرا ها كانك كد لكو بحين تععما» لورضت 
المقاربة المُشار إليها هنا للإسلام - فإنني أفضل صراحة استعمال تعبير يُحيل إلى 
الشريعة وإلى دورها المركزي في المشهد. وسأحتفظ بمصطلح ”أرئوذكسية» 
لوضفي ا سخالة تأعد موقعا رابكا ومؤسساء إما.رمما أو احسماعنا 4 ولق 
يكون المصطلح حين يُستعمل مكافتاً بالضرورة ل«الذهنية الشريعية» . 

على أن الاستعمال الشائع لمصطلح «أرثوذوكسية» لوصف «الذهنيّة 
الشتريعتةا'د إذا "ها تذكن الجر بانها [أى. الأرتوذفية] 'قن#تاخد اشكالا سنة 
أو شيعيّة (أو حتّى خارجيّة) ‏ يُشير بالفعل إلى الدور المركزي الذي اكتسبته 
الشريعة بين المسلمين”''' لقد أصبح هناك بالطبع العديد من مجموعات 


(17) إِنْ الصفة المشتقّة من الشريعة هي شرعي/ شريعي . وهي تُشير إلى قانون الشريعة نفسه» فى - 


امه 


المسلمين الذين اختزلوا الشريعة» بطريقة أو بأخرىء. إلى معناها الحرفي؛ 
ولكنّ شعور الغالبيّة كان يدفع هذه المجموعات إلى خارج - وربما أحيانا 
إلى أعلى - المعايير الإسلاميّة المقبولة. لقد تم القبول بسيادة الشريعة» أو 
على الأقل بأهميّتها الجوهريّة» ليس لدى ل التيازات الإسلاميّة فقطء بل 
ها لدى مختلف أصحاب الآراء في كل تيار؛ سواء أكان صوفياً أم حرفي 
لوه . لقد كان ذلك صحيحاً حتى عندما لم يكن احترام الشريعة ضمن 
مجموعة معيّنة هو العنصر الوحيد ولا الأهمّ أحياناً في حياة المجموعة 
الدينيّة. بالطبع» فحتى أولئك الذين رفضوا تطبيق الشريعة عملياً على 
أنفسهم. اعتبروا بأنها مُلزمة لمعظم المسلمين الآخرين. وهكذا فقد كان 
نظام الشريعة أمرا ثابتا على طول التاريخ الإسلامي اللاحق. 


كان النظام الاجتماعي العملي لمجتمع الأمّة أمراً مركزيّاً لتصوّر أهل 
الشريعة عن الحياة. ولكنّ العمل الفكري كان مطلوباً لتوضيح هذا النظام 
الاجتماعى ولضمان أن تنال صلاحيّته الروحيّة ما تستحقّه: على سبيل 
المثال» تطوير علوم دراسة التاريخ اللازمة لنقد الأسانيد» التي يعتمد عليها 
القول بقبول حديث ما أو رفضهء والعقليّة التحليليّة الضروريّة لتطوير القانون 
على أساس هذه الأحاديث. إِنّ اللحظة التي انسجم فيها الجانب القانوني 
0 من النظام في روح 0 اننا الى تحاى انها لفكيرم 
مجموعة من الأنماط الفكريّة التى حملت معها مجموعة من التقنيات 
المشتركة. وحملت معهاء. وهو الأهم. بصمة تشي بوجود ددح مشتركة: 
روح شعبويّة وواقعيّة» مع إدراكِ مستمرٌ بالأهميّة الأخلاقيّة للأحداث 


التاريخية . 


- حين أنَّ مصطلح «المنزع الشريعي' [الذي يُمثّله أهل الشريعة] يُشير إلى جملة المواقف التي اتصف بها 
المسلمون الذين اعتبروا بأن للشريعة سيادة لا ينازعها منازع في الدين وفي الحياة . (إِنْ استعمال 
يضطلح #أرتودكبية» يبر مغه مجموعة من المشاكل والساوئ: ؛ فهو من ناحية» يتماهى مع موقف 
النزعة الجماعيّة ‏ السنية» أو مع نوع خاص من اللاهوت»؛ في حين أنْ معظم «أهل الشريعة» قد رفضوا 
لوقت طويل أي صيغة منطقيّة لاهوتيّة للإيمان. والأسوأ من ذلك. من ناحية أخرى» أن السصطلح 
يُمكن أن يوقع القارئ غير الحصيف - بل والكثير من العلماء أيضا - في شرك تعريف أشكال الإسلام 
الأخرى بأنها «لاأرثوذكسيّة»). بل وبأنها بطريقة أو بأخرى «لاإسلاميّة». وهو موقف لا يحق لنا استيراده 
وفرضه على المادة التاريخية) . 


"مه 


يُمكننا أن نرى هذه الروح بخاصّة في عالم البحث التاريخي؛ ذلك أن 
تقنيات الكتابة التاريخية عبر الأحاديث والأسانيد كانت قد ظهرت في بيئتها 
الأصليّة. من الممكن استعمال نفس طريقة يقة نقد المرجعيّات المتبعة في 
القانون أو في العقائد.» في التاريخ العام (في صيغ أقل حذة من الصيغ 
المستعملة للغايات الدائوة بلسي ب كع فسلسلة الرواة يُمكن أن تكون 
كلّها شفاهيّة» وقد يكون أحد الوسائط على شكل نص مكتوب؛ ولكن 
الإسناد يتعامل مع كلتا الحالتين بالطريقة نفسهاء فما يهمّه هو الاستمرار 
الشخصي ل الضامنين لصحة النقل» من الآساتذة إلى التلاميذ. ولو 
حتّى من النصٌ المكتوب . 


لقد تحدّد موضوع التاريخ غالباً من خلال نظرة أهل الشريعة للعالم . 
بالنسبة إلى هؤلاء الرجال» كان فهم التاريخ ضرورياً لأنَ الوحي الإلهيَ نفسه 
كان تارففا د اع إن الأنبياء قد أرسلوا إلى أتراف فين فى | زمدة معنة د 
ولأن المجتمع الإسلامي» الذي تعاش الحياة الإلهيّة من خلاله» كان مجتمعا 
تأريكتا .بدأ البحث العازيخى عصد العلماء مع 'موضوعين النين لا عن 
عنهما: سيرة محمّد ‏ النموذج والقدوة الأهمٌّ ‏ وتقييم أحوال نقلة الأحاديث 
والروايات عن محمّدء وهو ما حل محل التجانس المباشر والوحدة الأصلية 
لمجتمع المدينة. ولكنّ اهتماماتهم سرعان ما توسّعت. ولكن» عندما كتب 
الفقيه القانوني الكبير من أهل السنّة والجماعة؛ ابن جرير الطبري (ت 
)2 ا العام في الأزمنة العباسيّة» كان لا يزال ميقا بتنبع نجاحات 
وإخفاقات المجتمعات المختلفة التي وصلتها رسالة الله» وتتبّع انتصارات 
وتراجعات المجتمع المسلم على وجه الخصوص . علاوة على ذلكء, فإِن 
الطبري كان» بحكم أنه عالم شريعة كبير» مهتم فوق كل شيء بالسلوك 
المسؤول للأفراد وليس بعمل المؤسسات ولا حتّى بروائع الملوك. . قم 
الطبري سجلاً عن القرارات الشخصية لضمائر المسلمين في سلسلة 
الاختيارات التي واجهت مجتمع المسلمين . 

من طبرستان» على الساحل الجنوبي لبحر قزوين» جاء الطبري إلى 
بغداد متأخرا عن لقاء الرجل الذي كان يأمل بالدراسة عنده» [أحمد] بن 
حنبل (مؤسّس المذهب الفقهي الشعبويٌ). وقد سافر بعد ذلك في أرجاء 
الهلال الخصيب طلباً للعلم الشرعي قبل أن يعود إلى بغداد ليُدرس فيها 


"مره 


كأحد العلماء. كان اهتمام الطبري الرئيس هو بناء نظام فقهي أكثر اكتمالاً ؛ 
وفي هذا الشاق :: ألفف الطبري أهم جامع للتعليقات على القرآن» الذي جمع 
فيه أهمّ التفسيزات للآنات التي جرت مناقشتهاء وقد قم آراءه الخاصّة 
بشكل رصين فأصبحت هي التفسيرات الأكثر شيوعاً . . وفد كان كتابه في 
التاريخ جزءاً من هذا المسعى نفسه. 


بعيداً عن تجسيد المبادئ التاريخيّة المعقّدة» يُمكن النظر إلى منهج 
الطبري التاريخي للوهلة الأولى على أنّه منهج يستبعد أيّ قصد تأويلي؛ إذ 
يتألف الكتاب من مجموعة من المعلومات والروايات التاريخيّة الجافة. نأذرا 
ما يتحدّث الطبري بصوته الخاصء فيما عدا بعض التأطيرات البسيطة فى 
الفقرات الانتقاليّة؛ فكل ما يريد الطبري قوله يقال من خلال الاختيارات 
الحصيفة» والترتيب» وتوثيق الأخبار حرقيّاً كما وردت إليه. 


حين نقارن تاريخ الطبري بالمؤرخ الذي يعدّل ألفاظ الروايات وينقّحها 
لتتلاءم مع بقيّة الاختيارات ومجموعة الحقائق» والذي يضيفه خلاصاته 
وتعليقاته» فإِننا نجد بأنْ المنهج الحرفي يُعاني من ضعف شديد. من حيث 
الأسلوبء فإِنْ الصورة التي يُقدّمها الكتاب غالبا ما تكون مشوّشة بعض 
الشىء. بخاصّة للقارئ الذي لا يعرف (كما كان جمهور الطبري يعرف) 
الوط الرئيسة للقضّة التاريخيّة. في وصف الطبري لموت عثمان على 
سبيل المثال» فإِنْ عدداً كبيراً من الروايات (بخاصّة الروايات التي تروي 
بعض التفاصيل حول بداية القصّة) تنتقل على .نحو مختصر إلى لحظة موت 
عثمان» ولكنّ استبعاد الجزء المكداف.بالفوك فعا ممحعل الروانة نقد 
حيويتها ومعناها ان وهكذاء فإِن عثمان يموت في أثناء السرد مرات 
عديدة قبل أن تروى أخبار موته الفعليّ بتفاصيلها. على مستوى أكثر 
جوهريّة. لا يستطيع الطبري أن يُصرّح ويوضح خلاصاته؛ فهو مثل المحقق 
الذي يُقدّم كل الأدلة التفصيلية التي يراها على صلة بخلاصته احص من 
المسيالة ولكنه في النهاية يفشل في صياغة روايته لها تاركاً للقارئ أن 
يرسم خلاصته من الأدلة التي جمعها له. وما لم يكن لدى القارئ ذات 
ذهنيّة المحقّق» فإنه قد يتوه وسط الروايات. 


بالنسبة إلى كاتب نزيه متحرّزء فإِنْ للمنهج الحرفيّ فوائده أيضا. فعمليّة 


ىه 


التوثيق الدقيق لجميع الروايات بأسانيدها تُتيح للقارئ مجموعة كبيرة من 
التفاصيل الدقيقة» وهي سمة لا شك بأن المؤرّخ الحديث قد يجد في نفسه 


حسداً لها فى بعض الأحيان. إضافة الى ذلك إذا كان الدليل مُضَلَلاء ٠»‏ فإن 
المؤرخ يكون قد زود القارئ بكل الفرص التي أتيحت له لتقييم الرواية؛ أما 
لو كان الدليل مقنعاًء فإنّه سيُقدّم بطريقة مُرضية من خلال براه سلس 
الشهود المتصلين بروايته» وهو الأمر المطلوب أيضاً في محاكم الشريعة. إِنْ 
إحدى الميزات العرضيّة في حالة مواد الطبري هي قدرتها على الحفاظ على 
حيويّة الأسلوب في الروايات» وهو أمر لم تكن العقليّة الفقهيّة الرصينة 
للطبري قادرةً على إنشائه أو تكراره من نفسها: ففيما عدا الطول الثقيل 
والتفصيلي. لم تكن قصص الطبري مملّة» لأنَ رواياته زاخرة بحيويّة إنسانيّة 
0 


ولكن» ربما كانت إحدى الميزات المهمة للمنهج الحرفي عند الطبري 
هي أنْ هذا المنهج سمح له ككاتب أن يتجنب التصريح بموقفه من أي قضيّة 
معيّنة علنأ أو إظهار انحيازاته منها؛ أي عبر الإشارة إلى خلاصتين 
متعارضتين في الوقت نفسه لمخاطبة فريقين مختلفين من القرّاء. فمعظم 
القرّاء لحت .خين.يكون العمل وافتحا وضويحا) يغيلوت إلى قراءة نا يعون 
أن يسمعوهء ا على الأأتل بيضاوف ى قراده ما لا يينعب كثيرا عن المقولاات 
التي يفكرون من خلالها؛ وإذا تم تقديم الداكل جيم رفي الجر 0 فإن 
معظمهم سيستنتجون ما يتوافق مع الأنماط المألوفة لديهم. وإذا لم يكونوا 
مستعدين لمواجهة بعض مشكلات بعينهاء ا ل ا ا 
ذلك؛ أما إذا كانوا مستعدين . لذلك». فإن الكاتب يقدّم لهم الوسائل والمواد 
اللازمة التي يحتاجونها. وهكذا فإِنْ كل قارئ سيكون راضياً بحسب 
مستواه. كان من المهم بالنسبة إلى الطبري أن يحاول إرضاء أوسع جمهور 
ممكن؛ فقد كان الطبري محطّ نظر الجميع» بحكم كونه مُعلَّماً لنظامه 
الخاصْ في الفقه في بغداد. لقد كانت أآراؤه متحرّرة إلى درجة دفعت 
بالمتعصّبين من أهل الحديث» الذين سيطروا على بغداد» إلى التشكيك في 
ولائه لما يعتقدون بأنه المذهب السني الصحيح؛ وفي إحدى المرات» نجا 
بصعوبة من الموت على أيديهم. لقد تمكن الطبري من تحويل منهج روايات 
الحديث إلى أداة رئيسة صالحة للكثير من الحالات. 


2/6 


الطبري عن موت عثمان: الانقسام الكبير لأهل الشريعة 

مثلت أحداث مقتل عثمان مشكلة كاشفة على نحو كبير لمؤرّخي أهل 
المسسة الماع تام حتى ام لمهم تبوكة أولنة للشيغة :. فقن وراعته 
المجتمع المسلم كتجربة حيّة للأمّة أول انتهاك صارخ لوحدته. لم تنكسر 
الوحدة بالمعنى السياسي وحسب - وهو ما قد يسمح بالتعامل مع الأحداث 
على أنها تكرار لحروب الردّة - بل انكسرت الوحدة داخل مجتمع المدينة 
حيث اصطفٌ صحابة النبى ضدّ بعضهم البعضء» وقتل خليفة النبىّ نتيجة 
للقن كان ذلك حنابة ,تشكيفة فى الاساعات القن 'تاثة غليها الام 
تاريخيّاًء فإنَ جميع الانتهاكات والشروخ التالية قد ظهرت نتيجة لهذا الشرخ 
الأول للوحدة. بالنسبة إلى أهل السئة» كانت تلك الأحداث حالة اختبار: 
إن كان يمكن الاعتماد على جميع صحابة محمّد كنقلة للأحاديث» وبالأعم. 
كنماذج وقدوات للأمّة؛ وإذا كانت الآمّة مباركة من الله (بحسب ما ينطوي 
عليه مبدأ الإجماع)» فكيف يُمكن تفسير مثل هذه الكارثة؟ لقد كانت هذه 
الأحداث بلا شكٌ هي الفتنة الأولىء. الامتحان والإغواء الأرّلء 

للمشاركين الأصليين فيها وحدهم. بل ايقن للجو عي الذزى: تا مرو ممه 
لاحقا : 

كان تأريخ الطبري لمسألة موت عثمان مواجهة مباشرة للمعضلة بطريقته 
الخاصّة. ولكن هذا سيبدو واضحاء فقط إذا فهم المرء طبيعة كتابة الطبري 
ونوعهاء وتفخص ما قام به الطبري من هذه الزاوية. يجب على القارئ أن 

يعتنى بالتسلسل الذي يقدّمه الطبري؛ فهو يبدأ برواية الأحداث التي قادت 
إلى سخط الكثيرين من العرب على عثمان ثم يُعلن بأنّ سبروق: أولن: الشتاقم 
العلنيّة التي وشبيع إلى دما نه رماتل ذلك وضيولة إلى مققلهه. ريدأ الطيرئ 
بتذكير مُطوّل بالقضايا التي كان غضب فيها الناس على ضعف عثمان: أعطى 
عبان يحض دل الذ عناة اليظياء مين انه الأمرتة وجي به 
عبد الرحمن بن عوف بذلك». جلب هذه الإبل ووزّعها على الناس؛ وعثمان 
جالس في بيته لم يفعل شيئاً. وهنا يذهب الطبري إلى وصف الإهانات 
العلنيّة الأولى التي اجترا الناس بها على عثمان. 

من هذه النقطة» يبني الطبري ملامح الأزمة. عبر سلسلة من القصصء 
يحكى كيف جاء وفد من المصريين المتمرّدين إلى المدينة» وكيف قابلهم 


2.5 


عثمان بعبارات تصالحيّة» وكيف شعروا بعد أن غادروا بأنه قد خدعهم وغدر 
بهم (ويُقال بأنَ مروان [بن الحكم] هو من خدعهمء وقد كان المساعد 
الرئيس لعثمان)» ثمّ كيف عادوا وطالبوا عثمان بالتنازل عن الخلافة» وكيف 
ترك قادة المدينة عثمان دون كثير دعم (أو كيف بذلوا جهودهم لحث عثمان 
على القبول السلمي بمطالب المصريين المحبطين)»؛ ثم كيف حاصر 
المصريون بيت عثمان» وكيف ادل عثمان طلباً للدعم من الولايات. 
وكيف انفجر المصريّون بعد أن انتشر الخبر وأجرموا بقتل عثمان. 


إلى هذه النقطة» يبدو نسيج الروانات السك مه معنادن سعددة ميقا 
وحيويّاً بشكل كبير»ء ويبدو معقولاً جداً كوثيقة إنسانيّة تجعل أفعال جميع 
الفعتيية بالقاضة أفعالا معقولة ومتهوفة وو افبحة . ولكق: قبل أن يخوصض 
الطبريّ في تفاصيل عمليّة القتل» وعند هذه النقطة الحرجة» يقاطع خيط 
الروايات بسرديّة جديدة» تبدأ من البداية من جديدء. وكل رواياتها منسوبة 
إلى راو واحدء هو سيف بن عمر [التميمي]. يُقَدَم سيف بن عمر هؤلاء 
المتمردين على أنهم رعاع. استقوا أفكارهم من يهودي دخل في الإسلام 
[يعني عبد الله بن سبأ] يحمل أفكاراً هرطقية غريبة» تحفزها مشاعره 
الشخصيّة؛ بينما يُصوّر جميع قادة الصحابة على أنهم داعمون لعثمان بصدق 
(فعلي. بحسب هذه الرواية» يطلب من أبنائه أن يحرسوا بيت عثمان). بل 
ويُصوّر محمد بن أبي بكرء ابن الخليفة الأوّل والمعارض الشرس لعثمان» 
على أنه قد ندم على معارضته (في تعارض م ات التي قدمها 
الطبري بيانقا ؛ والتي تروي في نفس المناسبات والحوادث بأنه قد سكن 
غضبه). شن عله السردية غياب إل مقاومة فاعلة لإنقاذ عثمان من قبل 
عائلته ومناصريه بأنْ ذلك كان بهدف تجتّب الاقتتال بين المسلمين» وتحكى 
أن عضان قد رس المدافعين بعنهة بو لصوو قعل قتل عدماة: رأنه قحو مرناقر . 
على خلاف الحيويّة التي اتسمت بها الروايات السابقة» فإِن روايات سيف 
ليست غير مقنعة من ناحية الدوافع المختلفة التي تفترضها ضمناً وحسبء بل 
غير مقنعة من ناحية الطبيعة التخطيطيّة لبعض تفاصيل السرديّة أيضاً. 


بعد أن يكمل الطبري هذه السرديّة» يتابع سرده لخليط الروايات التي 
باكت:الآن أقلّ اتساقاًء ويروي فصه مقتل عثمان. ويخلص إلى المزاوجة. 
بعد استذكار ما حدث (وتتبع سلسلة الأحذات) بين خطابين محكمين: الأوّل 


لاه 


يدافع عن عثمان ضد الاتهامات الموجّهة إليه. ويؤكّد على أحقيّة عثمان 
بالحكم» ويحذّر من خسارة المجتمع لوحدته الأصليّة في حالة مقتله؛ 
الخطاب الثاني فهو خطاب المتمردين» الذي يحاجج بوضوح بن عثمان إِمَا 
ا أمام مساعديه. ومن ثم فلا بد من أن يستقيل أو 
يقال لأجل تحقيق العدالة؛ أي أن يقتل. بين هذين الخطابين تبرز معضلة 
واضحة وهي : اي ل و 
الوقت نفسه على سيادة واستقلاليّة كافيتين لتحصينها كقوّة حقيقية؟ 

يُمكن قراءة هذا القسم بطريقتين على الأقل. فقد 597 العيدة 
والجماعة ‏ الذين يحملون ولاءً وإن كان ساذجاً أحياناً لعثمان ‏ بالسرديّة 
المركزيّة والمتناسقة بوضوح لسيفء لأنها تحلّ لهم المعضلة التاريخيّة بشكل 
مريح وجيّد. فجميع صحابة محمّد كانوا مع عثمان» ولم يكن الخطأ سوى 
نتيجة لامتزاج عنصرين: إفراط عثمان في التقوى. والتشوّش الناجم عن 
مُحرّض غريب من الخارج؛ ومن ثم فإنْ الشرخ الكبير في المجتمع لم يكن 
سوى غلطة. لا يُمكن تحميل وزرها لأيّ من رواة الأحاديث وأهل الجماعة 
[التضحابة]:. اسفعد عدأ التخطات لتق السئة المردتاته الأخرى جميعها 
بوصفها أخباراً بديلة تُعارض بعضها بعضاً بتشوّشها. وغالباً ما كان يُقرأ هذا 
القسم من تاريخ الطبري بهذه الطريقة 


في مقابل ذلك» سيّدرك القارئ الحصيف بأنْ لسيف سمعة سيّئة كرارٍ 
للحديث» ومن ثم فإنه سينحي روايته. . كما أنّه لن يجد نفسه واثقاً تماما 
بالواقدي؛ أذ حك بان سرديته هي التأويل المغاير والمعاكس نجاف . ففي 
الفقرة نفسهاء يجعل الطبري قارئه حذراً من التفاصيل التي يرويها الواقدي : 
فبعد حادثة خياليّة وعاطفيّة يرويها الواقدي» يتدخّل الطبري ليُقدّم نسخة أقصر 
عن ذات الحادثة» يتجاهل فيها التفصيل المركزي لقصّة الواقدي. وهو 
تفصيل لو كان صحيحاً لما أمكن لأيّ شاهد حيّ أن يتجاهله؛ ومن ثم فإِن 
الطبري بذلك يعلق على موثوقية الواقدي من دون أن يذكر ذلك صراحة . 
لكنّ القارئ المدكة سوحن أن اقطة الواقدى قن وذمة لبه انيف ككرت 
من خلال 'الطبري؛ فبينما يجد القارئ بأنَ رواية سيف الجافة - التي أصبحت 

و اشير التي التطلباري لها احصل جع تا - تقف في موضع تُعارض 
فيه تدفّق الفقرات في أكثر لحظاتها دراماتيكيّة» فإن الطبري يُسلّط الضوء ء على 


1ه 


نسخة الواقدي من القصّة من خلال موقعها في ترتيب الروايات؛ إذ إنه يقدم 
روايته ١‏ لمجعلقة نتذابية" | لأحداث وقدم طحي مر روايته في الجيا ب 
وكلتاهما لفان جر ضار عن التسلسل» وكلتاهما تَقدّم عبرةً وغذاءً جيّداً 
للفكر في المسألة . 

إن مغفئلة ككفت كه اليلفلة أن كون قاغلة عملا وسعئؤولة اانا 
فى الوقت نفسهء كما تظهر في الخطابين المتقابلين» قد تطورّرت خطوة إلى 
الأمام في تفاصيلها في العاذة النميية الواقدىء برلكة الخطابات تع 
على وجه الخصوص نقطة واحدة: ألا وهي أن عثمان وخصومه قد اختلفوا 
فى معرفة ما هو القانون فى هذه الحالة» وكلاهما التمس رأياً له في القرآن 
طرينة عيو بعانيية :على الحانب الكقية فإن اا امن الشطاين لذ ليده 
عن القبول بالظلم نتيجة لعدم أهليّة عثمان». أو خلعه وتفكيك وحدة 
المجتمع. ولكنّ البديل الممكن في هذه المعضلة كان هو سلوك 
عبد الرحمن بن عوف في بدايات القصّة ‏ (وهي الحادثة التي لفتت الانتباه 
بفشلها فى قول ما قال الطبريّ بأنه على وشك قوله) ‏ عبر أخذ المبادرة 
الفرديّة» حقّق عبد الرحمن العدالة في حادثة الإبل من دون أن يُشْكَك في 
ممصي طنناق 225 ْ 


إن القصّة الأولى التى تبدأ بها الحكاية والفقرة الأخيرة متكاملتان. ففى 
التنفة الأرتى لقضة ابم عوك ]تعد كبر عدجر) تامتسانة اه ليده 
والجماعة المتطوّرة للمعضلة: امتثال كل مسلم بالأمر بالمعروف والنهي عن 
المنكرء بقدر درجة فعاليّته» إن لم يكن هناك من يقوم بالمهمّة بدلاً منه. إذاً 
فعلى المستوى النظريّ» يجب ألا يعتمد المجتمع تماما على الخليفة لتحقيق 
العدل. وهكذا فإِنْ الخطاب المقابل يُذكُرنا بما يجب عمله لتفعيل هذا المبدأ 
في الممارسة (لا شك بأنْ الطبري لم يكن يدعو كل مسلم للتصرّف على 
النحو الذي تصرّف به عبد الرحمن بن عوف). فالقانون يجب أن يعمل لكي 
سد لدم او ا ل ا ا ا 

فهو الشريعة المتطوّرة المستقلة. التي يحملها المسلمون المسؤولون. 


لا يدّعي الطبري بأنه يَقدّم رواية شاملة ومتماسكة ودقيقة للأحداث؛ 
فهو واع بأنْ جميع مصادره ضعيفة من ناحيةٍ أو من أخرى, وربما لم يكن 


2/48 


الطبري يأمل أصلاً بسرد ما الذي حصل فعلاً بالتفصيل. ولكنّ تعامل الطبري 
مع موت عثمانء. الحادثة الكبرى للفتنة في المجتمع المسلم أضوفة مناسية 
مهمة لإظهار مدى سذاجة الاستجابة التقليديّة للحادثة» وطرح ما هي 
استجابة الشريعة اللازمة بدلا 1 


إن عمل الطبري التاريخي ليس عملاً تقليدياً بالطبع ؛ بل هو عمل أستاذ 
ماهر؟؛ فهو عمل يُظهر نوعا من البراعة الفكريّة التي أسهمت منهجيّة أهل 
الشريعة في جعلها ممكنة بقدر استطاعتها. فبقيّة المؤرّخين» سواء أكانوا 
تحليليين أم مجرّه جامعينٍ للرواياك دولا خبان» يستسملزن الأنتكال لتقت" 
دأنينا» ولكن أساقدهم هو ّقة بشكلٍ أبسط» واختياراتهم للروايات تعكس 
ميولهم وتحرّباتهم وانحيازاتهم الفكرية الأقلّ تطوّراً. وحتى بين هؤلاء» فإنّ 
تقنية توثيق الإسناد. والتناسب العام في الأحكام كانا أمرين مهمّين جعلا أَمةَ 
محمد تمنح هذه المدرسة في التاريخ درجة من الواقعيّة والرصانة 


والاحترام”*''. 


)١5(‏ لقد قلّل الكثير من العلماء ء من أهميّة عمل الطبري» ونظروا إليه بوصفه مجرد مصدر مفيد 
لجبع المواد ا ارح الملايهار وقد انهم عمله التاريخي بأنّه ضعيف في الترتيب مقارنة بعمله في تفسير 
القرآن» كما اتهم بأنه قد روّج روايات سيف المختلقة» ؛ بخاصّة فيما يتعلق بالفتوحات» إذ تشغب 
روايات سيف على التسلسل التاريخي بشكل كبير. نواضفه:مصضدراً أساهيا للسجلات العارييفة اللايخقةء 
قام الطبري بدورٍ مشابه لدوره في إرساء المواقف الرئيسة للأحداث الأولى؛ وفي إرساء الموقف من 
دور الشافعي القانوني . فقد حمّق عمل الطبري» مثئل عمل الشافعيء وَضواجا إنديولوجنا على سات 
الانفتاح التاريخي . ولكنّ سرديّات الطبري الضخمة حجماء وإن لم تكن شاملة. مفيدة وشارحة وحيوية 
52 . وليس من قبيل الزعم أنه قال لتلاميذه بأنه قد اختار عُشر الروايات التي وصلت إليه والتي كان 
يُمكن أن يُضمّنها (إلا أن القول بأنّه قد كتب نسخة مطوّلة من التاريخ ثم اختصرها قولٌ لا تسعفه 
العبارات والصيغ في مُوْلَفَه) . فالكلمة تغني اللبيب. وليس من قبيل المصادفة بأنه منذ اكتشاف عمل 
الطبري (كما يُشير جيب) أمكن للمؤرّخين الحديثين إعادة بناء المراحل التاريخيّة التي تعامل معها 
الطبري. لقد أراد الطبري لعمله أن يكون كذلك . 

)١5(‏ إِنْ دراسة أساليب الكتابة التاريخيّة الإسلاماتيّة قد بدأت للتو. لقد أشار برتولد شبولر فى 
مقالته. إلى أنّ المسلمين ما قبل الحديثين لم يمتلكوا نظرة كونيّة كالغربيين المحدثين» وسرد بصدد ذلك 
العديد من المراجع ؛ ولكنّ مقالته يشوبها العديد من الصور النمطيّة الخاطئة. انظر : 

ر(1955) 701.6 ,#1لاألءء536 **رم قناطاعقطءددغطء نطعوةء0) عطءذ5خ1لصنة1لهء36 20ن عطعختصة151 '* ,تعانامذ 10م0مع8 
7--125 .صم 


أما فرانز روزنتال فقد ركز في كتابه على بعض المؤرّخين الإخباريين العرب» بخاصة ف في الأزمنة 
المملوكية. ولكنّ عمله عقيم فلسفيًاً وغير مُفْسَر؛. انظر: 
(1952 ,1لئ8 .ل .8 بسعلاعآ) برإممعوه:«ماكفط تاكيالا زه بر«ماكاظ 4 ,لقطاهء05] ممهةء1 - 


و هن. 


سادت نفس هذه المواقف في دراسة النحو والأدن.. فقد شكلت هذه 
الدراسات في الواقع نشاطاً واحدا ييدف إلى 'الحفاظ غلن المغانيير الغالية 
والنقيّة لاستعمال اللغة العربيّة» التي هي لغة القرآن والحديث. تأسّس هذا 
المجال العلمى فى الدوائر التي كان همّها الأوّل هو الفهم الدقيق للألفاظ 
تعره المتديمطة: الرارةة فى اسايق الس .نانت مع على الأجيان 
اللاحقة. وكما هى الحال فى تطوّر قانون الشريعة» فقد كان المشتغلون بهذا 
العلم يأملون تجتّب البدع والاستحداث في اللغة» والحفاظ على البساطة 
الأصليّة والتجانس. على أنْ الأهميّة الخاصّة لهذا الفرع من الدراسات قد 
أتت من تيارات أخرى في المجتمع. أي من أنماط الحياة المرتبطة بالبلاط 
العباسي وليس من العلماء الأتقياء. 


على نحو أرقف وأدق» اخترقت مواقفف أهل الشريعة مجال الفكر 
المجرد؛ اللاهوت 0000 الفلسفي بالعموم (وسنعالج ذلك بتوسع 
لاحن ): وهنا كان اهتمام علماء الشريعة هو الدفاع بالوسائل المناسبة - 
عن المواقف المذهبيّة» التي تمّ تكرسيها كمذاهب صحيحة في الفقه. وهنا 
اشتبكت العديد من الفرق المختلفة والمتخالفة - كل يدافع عن وجهة نظره 
الخاصة. كان إثبات وجود سند قانوني» من تمودج حياة محمد على 
أن الله قد وافق على عر امن الآراء مك : وقد كان هذا ا كافياً 


دخ العلا اد لاسي د المواقف التي يؤيد القران والحديت 


انظر أيضاً دراسته : 
ر(1937) 2 .20 ,701.36 ,(عططهخ1) مالمادء01 م4716/1614 *:رعتطمهععه:1طماندخ عطءوتط هعد عت»دة"' ,لمطامعوهمج .] 
183 ) 01 1511ء الهلا :12أأناء221)) 151012215[ ع47451 011 65 لقع 16 ,2122801101011 .5 .12 لطهة ,1-14 .م 
.(1902 
ودراسة مارغليوث هي استعراض سطحيء وإن كان مثيراً للاهتمام. أما العمل الأكثر إفادة» وإن 
كان ضعيفا بعض الشيءء فهو: 
.1 51216112612181 ,15124771 [0 2102ل زا ”للك 19”*“' ,طط01 .2 .ى .1[ 
أعيد طبعه : 098ع862 :الآ ,1880560) 5|477[ “زه 16:1نه !!!»© 1786 9ه 51/4165 ,[.21 أء] ططذ0 .1 .ى .11 
.(1962 رووع272 
لقد درس تاريخ العقائد من قبل هلموت ريتر وآخرين» ولكن فقط من ناحية الترابط في المصادرء 
وهي المهمة التي اضطلع كلود كاهن في ,كعصطاناءة انها :كلجة©) 1704 يك وأربرى هل بسعطةت علنرو[ا0 
(1940 بحملها فيما تعلق ببعض السجلات التاريخية في المراحل الوسيطة . 


ه١‎ 


معقوليّتها؛ وقد قادهم هذا الجهد إلى عالم كامل من الأفكار المجرّدة. 

أخيراًء فقد كان لمواقف أهل الشريعة انعكاسات كبيرة على جميع 
المجالات التي استقوا منها العناصر الأساسيّة في انطلاقتهم: في التديّن 
والإخلاص الشخصى. لقد اصطبغ شعور المسلمين بتوججههم الكوني 
وطرائقهم في الاستجابة للتحذي الإلهي بروح الشريعة» مهما كانت درجة 
اختلافهم في الكثير من المسائل والقضايا . 


"وه 


التقوى الشخصيّة عند المسلمين: 
مواجهات مع التاريخ والذاتية 
(نحو ٠هلا‏ ه5[)94١-9"5لاه]‏ 


في مجتمع البلاطء كان سطح الحياة يُشْعٌّ بالبريق والزينة. لقد رأينا 
كيف عرّز ذلك نموذج الأدب؛ القائم على صقل الشخصيّة وتهذيبها. 
فالتهذيب الأنيق لمظاهر الحياة ‏ التناسب الدقيق في الأبنية التي يسكنها 
المرء. الاختيار الدقيق للألوان لتزيين الأواني والملابسء» والأهم من ذلك». 
الاستعمال المحترف والمثقّف للكلمات التي يستعملها المرء والأفكار التق 
ُقدّمها - كان يُؤْسّس نمطا للحياة اليوميّة يجعلها تسم بالجمال الحقيقيّ. لقد 
اصطفى البلاط العظيم روائع فنيّة» وأتاح لها الوجود الذي لم تكن تسمح به 
المنافسة المشحونة في العالم» وفي ظل الحماية التي يوفرها البلاط»ء 
والازدهار الذي يدعمه». نمت هذه الثقافة وانتشرت على امتداد الإمبراطوريّة 
عند كل من يستطيع تحمّل كلفة الاقتداء بالبلاط في هذه الأمور. ولكن. 
وراء هذا السطح البرّاق» كان يثوي العالم الأعمق والأكثر اصطخابا من 
الاستجابة الروحيّة» التي تعبّر عن نفسها في التقوى الشخصيّة. فعند كل 
رجل وامرأة» حتى في الطبقات الأكثر امتيازاًء كانت هناك روح متمرّدة تريد 
أن تحظم كل هذه الأبّهة والأناقة باسم الحقيقة المطلقة. 


لقد قامت أبّهة البلاط وروعته على الفخر والجشعء. وعلى التعذيب 
والقتل» وعلى كم هائل من الأكاذيب في الأقوال والأفعال. ولم تكن أي 
من دوائر الطبقات ذات الامتيازات في الحاضرة الإسلامية قادرة على تفادي 
مثل هذه الاتهامات. لقد كان هناك أشخاص يتوقون لكسر دائرة الحياة 
اليوميّة» مهما بدت جميلة زاهية» لمواجهة حقائق الكون في الأغوار الأعمق 


وه 


من وجودهمء ليواجهوا روعتها وجلالها بكلّ ما لديهم من أمل عَلّهم 
يجدون الالتزام الجذري الذي يستحقٌ أن يخاطر المرء بموته وحياته فى 
سبيله. لقد كرّس بعض الأفراد حياتهم بأكملها في سبيل هذا المسعى؛ في 
حين أن الكدبن مين الأعتخاض الاحردن» على الرضع ميق انهه الصضاغرا 
بجحاد حي ايع ادير بأفضل ما يُمكنهم. كانوا يدعمون الأشخاص 
الأكثر التزاماً درج كس الخعليم كر راسخة في العالم. وهكذا. أصبح 
الهم الروحي الشخصي أحد أبرز القوى النشيطة في الثقافة العليا في حواضر 
المسلمية: 


يمكن النظر إلى عظمة دولة المسلمين وقوّتها على أنها نابعة من قرّة 
الإسلام وعظمته» ومن كل ما كان المسلمون الملتزمون يأملون برؤيته في 
العالم؛ ولكن ربما يكون المسلمون على وجه الخصوص. الذين نهضوا بأثر 
من التحدّي الإسلامي الجديد» هم من شعروا بهذه الدفقة القويّة من الضجر 
الكوني وعدم الرضا. ولكنهم لم يكونوا راضين بالعودة إلى الأنظمة القديمة. 
ضيّقة الأفق» للتقوى» ولا حتّى إلى المانويّة؛ لأنْ الإسلام كان هو الدافع 
الأكبر لبحثهم. وسط وفرة الثروة وتنوّع الفرص التي يُتيحها الحكم الملكيّ 
العظيم» وجد هؤلاء الباحثون عن الالتزام الكوني» مثل الباحثين عن العلم أو 
الجمالء مجالاً واسعا للمبادرة الخلاقة. كان المسعى العظيم لمحمّد 
والمسلمين الأوائل لا يزال يحمل مضامين لم يتم استنباطها واستنطاقها بعد 
وهو ها 3[ حافوا واقها لمن تعشكرا بالقران ككتاب مقدّس. لقد دفعت 
تحديات القرآن الكامنة الكثيرين إلى محاولة الوصول إلى أهدافهم من خلاله. 

إننا لا نتحدّث هنا عن الدين بالعموم, وإِنْما عن التقوى الشخصيّة.» أي 
الرخلاص الروحئ الفردي: طريقة المرد في الاستجابة للإله» ولما يعتبره 
مفارقاً ومتجاوزاً للنظام الطبيعي» ما يدفعه للشعور ببعد كونيّ يعطي للحياة 
وعنق بعللا : ف«الدين» كما لاحظناء يشمل التشعبات والعر المختلفة 
للتقاليد التي تتمركز حول هذه الاستجابات. بالمجملء فإِنْ المجتمعات 
الدينيّة لا تتكرّن من هذه الاستجابات المحضة وحسبء بل تقوم ارقا على 
مؤسسات وأفراد قد لا يمتلكون أي رصيد من التقوىٍ اللبحفة على الريم 
0 ولائهم للمؤسسة؛ وقد تحوز هذه المجتمعات أيضاً على أشكال فنيّة أو 
أدوار في القة الاتسماعة أو مذافييه كو رفولوس ا ودوقة سكين هذه الأشاء 


3 


توجّه التقوى الشخصيّة» ولكنها تعكس أيضاً التقاليد الاجتماعيّة والفكرية 

الأخرى. لا يُمكن أيضاً اختزال التقوى إلى الأخلاق» على الرغم من أنها 

تؤسّس لمعايير معيّنة في السلوك تجاه الآخرين. ولا يمكن تعريف التقوى 

أنها فول متفحب للأساطير والشهادن» وهو :ها تمكن أن يحدث من دون 

شعور روحي حقيقي » وقد يكون. في أفضل الأحوال» ا 10 أى لخظا 
عن التقوى . 


إِنَّ التقوى الشخصيّة ليست إلا جزءاً صغيراً من الدين» ولكنها جوهره 
ولَبّه أيضاً. إذ إِنَّ الإخلاص الشخصي (سواء عن طريق الطقوس المعتادة, 
أو عن أي طريق آخر) هو ما يستحضر البعد الكوني» الذي يجعل الدين ديناً 
حمّاً؛ ومن ثم يُمكن لبنية المجتمع الديني كلها أن تبرّر نفسها على أساسه. 
بناء على ذلك». فإِنْ ما نلق عليه التقوى الشخصيّة أو الإخلاص يؤدي دوراً 
رئيساً فى الحضارة كلهاء على الأقلّ فى كلّ مكان تمتلك فيه التقاليد الدينيّة 
اخ برييية: :إن العرراك فى التقافة بالنهوم» بوالتخار اسم :في اموجه اشر 
وأساليبهاء هى تغيّرات مترابطة متبادلة الاعتماد. وإذا كانت دراسة تغيّر 
أبالمي النقوى آمرا عير امعان بالمقارنة م قرابنة مندر اساليب الفكون 


بالنسبة إلى بعض الأفرادء فإِنْ التقوى الشخصيّة هى الخلفيّة الكامنة 
وز الأعتجا كولم انعم العاة :43 بولك ها «السية الى النعفن الاير اتجرية 
وجوديّة وقوّة دافعة. في كلتا الحالتين» فإِنْ للتقوى الشخصيّة نتائج مترتّبة 
عليهاء يُمكن تمييزها عن النتائج الاجتماعيّة للولاء لمجتمع ديني معيّن. 
يُمكن أن تظهر مواقف الإخلاص والتقوى نفسها في تقليدين دينيين مختلفين» 
ويُمكن أيضأ أن تظهر بشكل مستقل عن أيّ تقليد ديني. في زمن الرشيد 
والمأمون». ظهرت داخل التقليد الإسلامى مجموعة من أساليب التقوى 
القكف: ةا لويخطلنة ولمعا رفة وي 1 لمكن القر لان ألا مق عله 
الأساليب يحدد ما هو «الإسلام»؛ على الرغم من أن أتباع كل أسلوب من 
هذه الأساليب كانوا يدّعون بأنه وحده يُمثْل الإسلام الحقٌّ. 


في ذلك الوقت». تزاحمت الأشكال المختلفة من استجابات الإخللاص 
في المجتمع المسلم وتبادلت تعزيز بعضها البعض. فمع تفاعل هذه الأشكال 


ههه 


مع المصالح الاجتماعيّة والضغوط المختلفة» ساهمت هذه الأشكال فى 
إحداث انعطاف مهم في مصير الحكم الملكتى العظير قن مار الجا 
الاجتماعية والفكرية. ولكن ع الأشكال المختلفة للتقوى. التي ظهرت فى 
ذلك الوقت»ء يتطلب انتباهاً دقيقاً لأنها انتشرت منذّ ذلك الوقت وتغلغلت 
في نسيج حياة المسلمين؛ بل إِنْ بعض عناصرها قد استمر حتى بعد أفول 
التقاليد التي أفرزتها وانهيارها . 


العلاقة بين أنماط التقوى والولاء الديني 

لا شك بأنَ الاستجابة التعبّديّة أمرّ شخصيّ بدوجة كبيرة» كما هي 
الحال في مسائل التذوق الجمالي. فلكل فردٍ ميوله وذائقته الخاصّة. فالتقوى 
عبد يعدن :الشخص تاك تنعو باتحام التعيد الفخم عن الشعور بالعظمة 
الإلهيّة؛ وفي بعضها الآخرء يلتمس النورٌ الإلهيّ تعبيره في لمسة اللطف في 
التعامل مع الآخرين في الحياة اليومية. وأا كان الولاء الديني للفرد. فإن 
جميع هذه الكسيراق التعتدنة :تمل إلى «الظهور بوالتكزو مضي التتخصيات 
التي تتآألف وتنسجم مع هذه التعبيرات. وهكذا فإِنْ الاستجابات التعبّدية إذا 
كانت أصيلة تتنوّع بقدر تنوّع الأشخاص إلى اللانهاية . 


على الرغم من ذلك» تختلف أشكال الاستجابات التعبّدية باختلاف 
التقاليد الدينيّة وباختلاف الثقافات» بل وتختلف من طبقة إلى أخرى. لا يتعلق 
الاختلاف هنا باختلاف الشعائر والعقائد بالضرورة» بل باختلاف نمط 
الإخلاص وأسلوب التعبّد الفردي. وهذا أمرٌ نراه أيضاً في الفنّ. فعلى الرغم 
من جميع الاختلافات بين الشخصيّات» فإنَّ فنون عصر النهضة الإيطالي مثلاً 
لطيو أستويا وتيظ] ها درا بوتشاما ول ستيان كيرا مع موك المناسين 
وأذواقهم قد قمعت تحت وطأة المعايير والتوفعات التي تحوّلت إلى موضة 
سائدة» ومن ثم فإِنّ بعض العبقريات الكامنة لم تجد طريقها للتطوّر 
والاكتمال. في الوقت نفسه. فإِنَ هناك درجة معقولة من التنوّع في الأمزجة 
داخل الخطوط العريضة الأناهةة للقطط السافلك: توكذلك كان الام في تجائل 
التقوى والإخالاص. بالتاكيدة كانت بعض الأرواح تضيق بدرجة أو بأخرى 
بتقليد واحد أو بفترة زمنيّة واحدة.. وربّما كانت تميل إلى التعبير عن نفسها في 
تقليد آخر أو فترة زمنيّة أخرى» على الرغم من أن كل نمط من أنماط التقوى 


2ه 


يحوي واكتلة نا رامعا من الاختلافات الشخصية. فالإسلام مثلاء مثل 
البروتستانتية. ل يبجع على حياة الرهينة الانعزالية. ولكن في كلا التقليدين 
[الإسلام والبروتستانتيّة]» وجد الأفراد الذين يميلون إلى المزاج الكاثوليكي أو 
البوذي» والذين كانوا سيصبحون وعاناء أشكالاً أخرى للتعبير عن إخللاصهم 
وتدينهم؛ ولكن هذه الأشكال كانت غير مُرضِية لهم على الأرجح. وكانت 
تصطنة بالحيزوزة يتمق اغوي الببافد: رافص للرهية : 


لا يقتصر الأمر على التقاليد الدينيّة الكبرى» بل إِنْ الأنماط المختلفة 
للتقوى تظهر داخل التقاليد الدينيّة الفرعيّة المختلفة أيضاًء حيث تجد 
الفروقات الشخصية طريقها للتعبير عن نفسها. صحيح أن هذه الأنماط تبقى 
منسجمة مع الخطوط العريضة الرئيسة للتقليد بالمجمل» إلا أنها يُمكن أن 
تفي دع كبيوا داخحل التقليد الواحد. فالتقوى المسيحية مغلا كات تقوم 
رما على مبدأ الخلااص الفردي وتجربته. + #ولكة هذه التجربة قد اتخذت 
أشكالاً مختلفة في الطقوس الجماهيرية في الكاثوليكية وفي البر ةشاشه 
الإنجيلية ا ٠‏ وفي 0 ال 0 فإنئنا نجد بَأن ا ا 
نمط الوعظ «الحماسى» لدى حركات الصحوة 0 ويمكن أن نجد 
الشكل ذاته من التنوّع في الخطوط الأساسيّة داخل الإسلام. 

إضافة إلى تأثير المستويات الاجتماعيّة والظروف التاريخيّة على هذه 
الأنماط المختلفة» فإِنَ دور الحوار في التقليد يضمن أن تجد الأمزجة 
ا ا ا ل ل ل 


الأشخاص الذين معاكون انط مشتركة : ولكن» إن حافظ التقليد على 
تعود جميع الأمزجة المختلفة للظهور بين ورثتها - كيف تتم عمليّة تأويل 
التقليد في ضوء الطيف الواسع من الأمزجة الإنسانيّة المختلفة. وسنرى نفس 
هذه الصيغة» التي تحافظ على ولاء الجميع». وهي تحمل معاني مختلفة 
ومتعارضة في المناطق المختلفة. تفرض وحلة التقليد حدوداً على هذه 
العمليّة»؛ بحيث لا يمكن لجميع الأمزجة المختلفة أن تكون متساوية ومتكافئة 
في أي تقليد من التقاليد؛ ولكن هذه العمليّة تسمح. بطبيعة الحال» بتطوّر 


/اوه 


ونموّ درجة معقولة من الاختلافات» التي تُولّد حالة من التوّتر والإجهاد فى 
وحدة أي جماعة تسعى لفرض درجة صارمة من الانضباط الداخلي. لقد 
كان اختلاف أنماط التقوى التي تطوّرت عند المسلمين في مجتمع الخلافة 
العليا يعكس جزئياً حالة الطبقات الاجتماعيّة المختلفة وطبيعة علاقاتها 
بالسلطة. ولكنها بالأساس كانت تعكس الأمزجة المختلفة» ومن ثم فيُمكن 
أن نصف المجموعات الرئيسة التي تشكلت بأنّها انعكاس لطرائق مختلفة فى 
رؤية الحياة» وهي طرائق تتكرّر في كافة المجتمعات تقريباً ١‏ 


كانت أنماط التقوى متنوّعة بين المسلمين فى أزمنة الخلافة العليا؛ على 
الرغم من ذلك» برزت بعض الحركات كحركات تكوينيّة وتأسيسيّة في سياق 
الأحداث. كانت بعض هذه الحركات كالمانويّة عابرة للخطوط الطائفيّة ؛ 
ولكنّ أكثر تلك الحركات نشاطاً قد ازدهرت داخل إطار الإسلام نفسه. لقد 
كان ذلك الزمن زمن:اضطرايه وتخشمر عفد المسلمية» وكانث الأنقاط 
الجديدة لد تزال تتشكل وننضح ؟ وهذه الحقيقة لشت مفاجئة» إد إن الإسلام 
نفسه» كولاء دينى . كان له يزال يضم باستمرار أعداداً جديدة من النشر 6 
الذين يلحدرون من خلفيات مختلفة. وكما هي التخال عادة في أزفكة 
امن فإن يه الحافل بالجذة يحظى صصون واهتمام كر من النزوع 

نحو العمق والتاسيين: ولكن. تمكننا انور نهنا بين نوعين من التقوى 
داخل الإسلام على الرغم من هذا الاختلاف؛ الأول هو التصوّف. الذي لم 
سك ويتتشئن إلا لاحقا 4 أمنا الثاني فهو الدعوي ل الذي يركز 
على التاريخ. فعلى نحو أكبر من المعتاد في التقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة, 
من الوعي قد أصبح نادرأ في التقاليد غير الإسلاميّة» التي هجرتها الطبقات 
التاريخيّة النشيطة لصالح الالتحاق بالإسلام. 


(*) هسونصعكةء وهى لفظة يونانيّة الأصل تعني «إعلان البشارة الأوّل» يقوم به منادي المسيح. 
داعياً غير المؤمنين إلى توبة الإيمان والمعمودية». انظر: صبحي حمودي اليسوعي» بعجم بعجم الإايمان 
المسيحي (بيروت: دار المشرق» »)١999‏ ص60 .١‏ وتُترجم في السياق المسيحي ب #الكرازةا: وترد 
في الأناجيل بهذه الترجمة. ولمّا كانت الكرازة هى الفعل الأساسى للتبشير» ٠‏ فإنَ مقابلها في السياق 
الإسلامي هو «الدعوة» . وقد اقترح البعض ترجنتها ب«الوعظ»» إلا أنَ الوعظ أخصٌ بالمؤمنين» وبعيد 
عن معنى الشهادة على الحقٌّ الذي تتضمّنه الكرازة» وهو المعنى العاف تهنا في إيحاءات دلالة لفظة 
«الدعوة» (المترجم). 


وه 


كنا قد عرّفنا «الديني» (في المقدّمة) على أنّه. في المقام الأوّل» تطبيق 
أي قعرة ترصووة لعا أو لاسر اشير كر على ديرن القوف في الة .. الي 
يشعر بها على أنّها نظام كوني (أي بأنه جوهرٌ/ لبَّ لظاهرة غير متجانسة يطلق 
عليهاء بحكم وجودهاء «الدين»)؛ وهو تركيز يستتبع» بطبيعته» تجربة الخشوع 
1005 كين فكرة ما عن المفارق الكوني» وععيدا ما للاستجابة له. 
سب أن افق بان هده الاتسدانة الستدية أ و«الديةةانيهذا المع المركرق 
تسكن أن تسدث بعلاث زافق أذت كل واحدة متها ذورا فى التقوى 
الإسلاميّة. يُمكننا أن نفرّق بين هذه المكوّنات الثلاثة في التجربة والسلوك 


البعض - ولكنها تمثل لحظات مختلفة من التجربة الروحيّة. كان كل واحد من 
هذه المكوّنات محدّداً حاسماً للتقليد التعبّتدي» وللحياة التعبّدية للأفراد» وكان 
دان الأخيران تاغية له وبقدر ها كان ذلك يها » رونا كان هذا 
المكوّن يحدّد طريقة التجربة والسلوك التعبّدي بأكمله . 


كينا وَل أن ليد إلى مكوّن (اتباع النمو ذج قضاءة)-م3:201م2» في 
التقوى الشخصيّة. حين يكون منتهى السعي هو إدامة الأنماط الكونيّة» التي 
تتكرر في الطبيعة على نحو دوري (بما في ذلك الطبيعة الاجتماعية): عبر 
الأستطورة والطقوين كتمانجزهرية أو متداغلة يتك الاقضات خن البيعة 
الطبيعيّة (والثقافيّة) المستمرّة» كما يمكن الإفصاح عن 0 نظام الكون . 
على سبيل المثال» حين يتوجّه المصلى فى المسجد إلى مكة ويسجدء فإنه 
يموضع نفسه في العلاقة الصحيحة مع الله: الخضوع. وفي العلاقة الصحيحة 
مع بقية المسلمين» الذين يتوجهون إلى القبلة ذاتها؛ ومن ثم فإن المصلي 
يعيل التناغم الكونيّ إلى حياته. (يتحدّث بعض الكتّاب عن ذلك كما لو أنه 
هو الدين بامتياز)"'' . 


(*) المزاوجة هنا من المؤلّف (المترجم). 
)0( لعل اق زمن ناقش هذا المكورّن هو : :115ة2) عارهه,2 عط أء 5006 ع[ ,81150 وعه:3/11 
.(1965 ,250 سقتللة © 
الذي تُرجم إلى الإنكليزيّة من الألمانيّة بعنوان : 270/0716 116 27:4 52074 7176 [و إلى العربية 
بعنوان: المقدّس والمُدنس]. أما دراسة كليفورد غيرتز التفسيريّة للدين» فهي أيضاً تتناول مُكوّن «اتباع 
النموذج» فقط. انظر: 


44 


ثانياء يمك أن نشير إلى مكوّن «الدعوة»ء حين يكون منتهى السعي هو 
خادفة تاريخيّة لا يمكن العودة إليهاء ٠‏ في حارف له التزامه الأخلاقي 
الويجابي. ففي الاستجابة للحظة الوحيء يُمكن النظر إلى البيئة» بخاصّة 
المجتمع التاريخي كما هو وكما كان سيصبح». بصورة مختلفة جذرياً عما 
تبدو عليه في الظاهرء إذ يصبح التحدّي أمام الفرد هو إيجاد طرائق جديدة 
للاستجابة لهذه الحقيقة. على سبيل المثال» قد يُدرك قارئ ار بأنَ كل 
شخص عظيم في العالم سيموث وسيحاسب ومن ثم فإنه لا د يستحقٌ التبجيل 
الذي يحظى بهء وأن عليه أن يجد طريقة يقةً لتغيير علاقته المتذلّلة بهذا العظيم؛ 
وألا يحمل التزاماً تجاه أحد إِلَّا لله وحده. كان هذا المُكوّن الدعوي أساسي 
في التقاليد التوحيديّة النبويّة (ومن هنا فإن بعض اللاهوتيين فد رأوا بأنها 
[أي التقاليد التوحيدية] تتجاوز «الدين» المحضء الذي يفهم من خلال 
وضعية «اتباع النموذج»). 


أخيراًء يُمكن أن نُشير إلى المكوّن الصوفي في التقوى الشخصيّة حين 
تسعى الذات الناضجة إلى المطلق الموضوعي في إدراكها الجوّاني الذاتي: 
عبر استكشاف الوعي أو التحكم به. يمكن للمدء + أن مضل عدر اذاقه :لو 
إيجاد معنى أكثر 0 في بيئته؟ على سبيل المثال». فالعابد الذي يتأمل 
قدرة الله الخالقة وضآلة نفسه. قد يصل إلى الشعور بأنّ جسده ليس إلا قطرة 
سابحة فى تبان هاوق من القطرانك» :وسعدى له أهذافه الدثيوية فيخيفة وتافية 
وسيبدو له أنّ طاعة الله هي وحدها الأمر الواضح والسهل. 


-مك [47:11020102122 ,.لع ,83202 اأعقطء111 :12 رطع أولا5 1601121نان) 2 25 لمأو تاع 1 '' رجارءعع0) 0111010 
.(1966 ,ع1501111608 :2000م.آ بع[ده لا بجع [ك1) و«منتوناءغ1 0 بركلةاك 111 10 0265م 


وبالمناسبة» فإِنّ هذه الدراسة تتضمّن مجموعة كبيرة من الظواهر التي نطلق عليها لفظ «دين»؛ 
لأن ما تقوله ينطبق بالكليّة على ما أسميته العنصر ال «توجيهي للحياة»؛ فعلى سبيل المثال» سينطبق 
ذلك بشيء من التعديل» أو حبّى من دون تعديل» على جانب «اتباع الدفرك ١‏ لق لتر عه السوفياتية 
(بما في ذلك الواقعية الاشتراكية وغيرها). وإذا كنا نسعى للوصول إلى منظور ثقافي محدد ومقعٌد, كما 
هي حال غيرتز». فإنَ ذلك سيكون صحيحاً؛ فما نطلق عليه "ديني» يبدو تنويعاً في الدرجة على فئة 
«التوجيهي للحياة» التي ذكرناها آنفاً . إذاء يُمكن القول بأن «الديني», سواء أكان في وضعية «الدعوي» 
أو «اتباع النموذج» أو «الصوفيّة» له وضعيّة تقابله في السلوك «التوجيهي للحياة» غير الدينيه وهو ما 
يضع تأكيداً على دور الفرد في النظام الكوني : (ربما يمكننا ع أن نستعمل تعبير السلوك «الاخترافي 
للنفس 626152010881م- »561‏ الذي يتضمن مشلا أنواعاً من العلاج النفسي للإشارة إلى الفئة التي يندرج 
تحتها السلوك الصوفي بشكله الديني). 


بالنسبة إلى معظم المسلمين» الذين يهتمّون بالدين اهتماماً ثانويّء كان 
السلوك التعبّدي غالبا ما ينتمي إلى طريقة «اتباع النموذج»؛ فيخضع المكوّنان 
الآخران لمكوّن «اتباع النموذج»: بقدر ما يدرك المرء التحدّي الذي يطرحه 
القرآن ويخوض غمار عمليّة تحوّل وعيه عن نفسه. بقدر ما يغذي ذلك 
ويقوّي تجربة اتباع النموذج» بخاصّة بعد أن تجسّدت في الشريعة كنموذج 
كلّى. ولكنّ التقاليد الكبرى للتقوى الإسلاميّة قد نشأت وتطوّرت بالدرجة 
الكيرق فى الصيورة اللاضرية آى)الصرقة و«.فكد عترها خن ابتعجابة تتسنم إن 
بشعور دعوي تجاه التاريخ أو بحس صوفي تجاه الذات. وَقالا ما كانت 
الشخصيّات التأسيسيّة فى الحياة الروحيّة للمسلمين تعمل من خلال إحدى 
هاتين الطريقتين؛ وبقدر ما يُعمّق الأفراد العاديّون وعيهم الروحي» بقدر ما 
يميلون إلى اتباع إحدى هاتين الطريقتين. 


أ التوجّهات الدعوية 

في حقبة حقبة الخلافة العلياء كانت أبرز تقاليد التقوى الشخصيّة مطبوعة 
بالتوجه العو فقد كان التزامها الإيجابي بالتحذي الأخلاقي. الذي 
تمظهر فى الأحداث التاريخيّة المتعيّنة ينا لبنية الوعى والسلوك الدينى. 
لا يعني هذا بأنّ مكوّن «اتباع النموذج» أو حبّى العناصر الصوفيّة كانت غائبة 
عن هذه التقاليد؛ فقد كان مكوّن «اتباع النموذج» ذا أهميّة أساسيّة بالطبع . 
ولكن». في جميع هذه التقاليد. أدى عنصر الدعوة دوراً أكبر من حجمه. 
على الأقل حين نقارنه بمعظم الحياة الدينيّة في العصر الزراعي . 


تقوى فرق أهل التقوى: حصريّتها وتفرّدها 
النظر عن رأيها في المسائل الدينيّة. ومنذ بداية الأزمنة العباسيّة» وصلتنا 
العديد من أسماء المدارس الفكريّة» أو على الأقل أسماء بعض المناصرين 
لهذا المعتقد أو ذاك المذهب؟؛ من الصعب أحانا معرفة أئ من هذه | سماد 
يعكس اختلافاً حقيقيّاً في المزاج التعبّدي”". على أنَّ أصحابها كانوا 


() في كثير من الأحيان يطلق العلماء لفمظة «طائفة 5604! على أي شكل من أشكال التجمع. سواء 
أكان رأياً معزولة أم مدرسة أساسيّة في الفكر أم كان جسماً دينياً فَتظلفا : من دون أي تمييز في نوع - 


"١ 


يشتركون في حمل شعور عالٍ بالتحدي التاريخي للوسلام بالصورة التي 
تجسّد عليها في القرآن. وغالباً ما كانت الاختلافات في الأنماط التعبّدية بين 
المسلمين على صلة مباشرة بالخلفيّة المشتركة لتقاليد الفرق التي تفرّعت عن 
فرق أهل التقوى في الأزمنة المروانية؛ وقد كانت هذه الاختلافات تعكس 
تشديدهم وتركيزهم المشترك على الأنكاة الاجتماعة والتاريخيّة للحياة 
الإنسانية: فقد نظر جميعهم إلى القدرة الإلهيّة على أنْها تعبّر عن نفسها من 
خلال مصائر المجتمعات الإنسانية. جيل فجيلاً: ولكنهم اختلفوا في طبيعة 
النظر إليها. وهكذا فإِنْ الاختللاف السياسي حول الإمامة كان يمكن أن ولد 
نتائجح عميقة على المستوى الشخصي . 


استمرّت التوججهات الاجتماعيّة والتاريخيّة في إلقاء ظلالها على أشكال 
العفوق والقدده لدى جميع الحركات التي خرجت من تحت عباءة أهل 
التقوعء. .وقد أضفت عليها 'مراجا تقشنا معرما » تطالتي منغاير :ضاومة من 
الأخلاق العامّة المتحرّرة من الاستعراض والترف ومن الأشكال الأخرى من 
العتارل أمام الثقافة الأرستقراطيّة. التي يمكن أن 0 من .وجهة نظر 
مساواتية» راغا من الفساد والانحلال الاجتماعي . بالعموم. ساهمت هذه 
التوجّهات في جعل الإسلام وسيلة فاعلة للحفاظ على المصالح الاجتماعيّة 
للتقليد التوحيدي المستمر. 

فنكينا تنح بأن جعفر "العا ليك القدبية قن تفص د أو تفز رك فى 
أشكال تديّن الفلاحين عبر عن نحو مركزة الأسطورة»ء نجد أَنْ الى 
القديم من أجل ابيع بين الحياة الشخصيّة النقيّة والنظام الاجتماعي العادل 
كان أموا أنياب 15 أولوتة لنئ المسلميرد فقة وضلت: التقالن الأدوائنة - 
السامية الشعبوية بين المسلمين إلى حالة من الازدهار والتفرد المتسق مع 
نفسه”". لقد تم التعبير عن أحد جوانب الشعبويّة من خلال الشعور 9 
والحاد وغير م بالتفرد الأخلاقي للمجتمع الحقٌء الذي قبل بالولاء 


- التجمع ودرجته. وهذا قد يؤدّي إلى تشوّش لا داعي له (قارن ذلك بالقسم المخصّص لاستعمالاات 
الألفاظ في المقدّمة). 
ل ود بالتفصيل في دراستي ي إلا أن الحاجة إلى 500 


2220-0 .22 56 3 .701 ,كتمع ذاء17 إن برماكةط **رعع8 1522 لطة سهاذآ'' بصمدعل2110 .5 .نت القطذ د31 


"0 


للحظة الإبداع الحقيقيّة؛ أي للحظة الوحي الحقٌ وما يكشفه هذا الوحي. 
فهذا المجتمع وحده من يحمل الحقيقة الصالحة للبقاء؛ وكل من يحمل هذا 
الولاء هو في الحقيقة متفوّق» ليس اجتماعيًا فقط. بل على مستوى كوني 
ان على كل من رفضوا هذا الولاء. ومعيار التفاير الحقيقي والوحيد بين 
المؤمنين» داخل هذا الولاء» هو درجة التقوى. لقد شعر المسلمون بأنهم 
المدافعون عن ديانة إبراهيم في وسط المجتمعات الذميّة التي تلطخت 
بالوثنية . 
تمظهر هذا الشعور بالتفرّد في إعلان الشهادة» التي تتكوّن من عبارتين 
مسا ريتيق فى الأى ةد قياف ألا الغد الا الحو ان محمد وول الاج اتظريا 
فكه تسر هاتين: العبار هن  .‏ وقد حدث ذلك فى أحيان نادرة - على 
بدخرراك مضتلقة» بالعارة الأولل هالفنة وكليةة ' آنا القانية فعمانة كاله 
خاصّة؛ ومن ثم فإِنْ وضع اسم أي نبي آخر في العبارة الثانية سيّبقيها على 
ذات الدرجة من الصلاحيّة بوصفها شهادة على أركان الحقيقة الإلهيّة. لا 
يُمكن إنكار مكانة الأنبياء الآخرين. ولكنّ المسلمين الأتقياء لم يكونوا 
قادرين .عمليّاً على الاعتراف إلا بِأنْ التقاليد التابعة منحالات الوجى 
الأخرئ للأنبياء لها صلاحيّة 'قانونيّة مؤقتة بالمقارتة مع التقاليد التي 'تبغت 
من دعوة محمّد؛ فجميع التقاليد الأخرى قد تم تحريفها. ومن ثم فإِن 
العبارة الثانية من الشهادة تحمل قوّة لا تفصح عن نفسها مباشرة من خلال 
الكلمات: فالأمر لا يتعلق بمحض "(النبوّة»» التى يمثل محمّد نموذجها 
الحالي» ولكنٌ نبوّة محمّد هي الحقيقة الأبديّة الثانية التى تشاطر حقيقة 
وجنة الهف السط تتسى أداثيؤة الافياة الأغرين فو :عينة لازن عق 
اعتراف محمد بهم. 2-0006 نع العسانر كد دي ال وي اال 
المساومة» يحمل كل مسلم من المسلمين هذه المكانة: فالمسلم وحده. 
بخلاف جميع الأمم الكافرة» هو من حمل الأمانة. وهو وحده من تحمّل 
تبعات تمثيل الله على الأرض؛ أمّا الآخرون فإنّهم أقل من أن يكونوا بشراً 
نجاف : ولكن حتّى لو لم يكن المسلمون في هذه الفترة ة هم الحكام 
السياسيين الفعليين» فإِنْهم كانوا أعضاء متساوين في المجتمع الذي يحكم. 
وكانوا يتشاركون مع هذا المجتمع غان مفسدرى لقص الكوني» مكانته 


وقيمته . 


0 


تم التعبير عن جانب آخر من هذا التفرد في الدور المركزي الطاغي 
الذي أسهم به القرآن في تقوى المسلمين؛ ذلك أن القرآن كان مقروءاً من 

جميع الألسن» ولم يكن لأيّ نخبة مدرّبة أو متعلّمة أن تحتكره. لقد أسهمت 
جميع كارت وعالبم التوحيد ما قبل الإسلامي في صياغة الإسلام. الذي 
يمكن أن 00 أنه أكثر أشكال التوحيد الإيرانى ي - السبامي شعبوية ؟؛ ولكن لم 
يكن يُسمح لأيّ شيء أن يحظ من مكانة القرآن كنقطة التزام مركزيّة في هذا 
التقليد. يُمكن بالطبع تأويل الآيات القرآنيّة بعيداً عن دلالتها المباشرة» 
ويمكن أحخياناً إسقاط وجهات نظر غير قرانيّة على القران. فعلى سبيل 
المثال» قد يجد من يقرأ القرآن من دون مفاهيم مسبقة بأن القرآن لم 
يخصّص سوى القليل من الاعتراض على الرسومات والمنحوتات مقارنة 
باعتراضه على الشعر؛ ومع ذلكء. فإِنَْ تقوى المسلمين في الأزمنة العباسيّة 
قد قلبت المسألة» إلى درجة أن جميع الآيات التي تحدّث فيها القرآن عن 
الأحيحان الوم ته [الأونان ]قد أصبيحف شين الوق السكي: إنيانة 
الأجيال اللاحقة ترى انحيازاتها المتأخّرة متجسّدة» بأثر رجعي. في القرآن 
نفسه. ولكنء» ومع كلّ ذلك» فإنَ تحدّي القرآن المركزي ظل حاضراً بقوّة, 
وقد وجد التراث الإيراني ‏ السامي قنوات مرّ عبرها إلى النصٌ القراني . 
وهكذا كان الأتقياء يُعرّفون الإسلام بالأساس بأنه الاستجابة والولاء للقرآن 
وقتسالنة: 


قَوّة القرآان 

أثبتت دعوة القرآن استمرار جاذبيّتها إلى أمدٍ طويل. فها سل التحديا 
للعرب الأواتل في فكة :والمدينة 7 في ثناياه تجديا لا يقل قوّة لتجار 
المدن والحرفيين المستقرين فيما بين النيل وجيحون. وكما حدث في 
العديد من التقاليد الدينيّة» فإِنْ الافتقار النسبي إلى التعقيد الفكري في بيئة 
محمّدء والذي كان واضحاً في القرآنء قد جعل القرآن يُسلّط الضوء على 
الحقائق الأكثر أساسيّة في حاة الك فالحالات: المالوفة» ‏ والتشييهنات 
المقترنة بالحياة اليومية جعلت فهم القرآن سهلا حتى على الأميين وغير 
الوعلفية: ولعل الأهمٌ من ذلك هو أن القرآن لم ينشغل بالتفاصيل الدقيقة 
للوعي ا والجمالي لدى الطبقات المتعلمة: فيعمى عن الصفات 
الأساسيّة التي يشترك البشر في الاتصاف بها من النبالة والضعة. ففيما 


5+5 


شعن بقطع يد السارق. لا م القرآن أي دفاع نظري دقيق (كما فعل 
مفسّرو القران وشرّاحه)ء كما أنه لا يَقدّم تفصيلا للحيثيات والظروف 
القانونية للعقوبة؛ بل يقدم هذه العقوبة ا وقاطع. ضعن 
ظروف وعي البشر العاديين» سواء على السارق أو على 2 شخص 0 
الشفقة والرأفة عن رؤية مسؤوليّته» أو يقوده غضبه وغيظه إلى الانتقام 
الأعمى. وحبّى بالنسبة إلى من يشعرون بأنهم بد رجدو طريقاً أفضل من 
الطريق الذي كان متاحاً لأهل المدينة» للاستجابة لمتطلبات العدالة كما 
تُطرح» فإِنَّ عليهم أن يتوقّفوا ليفكروا فيما إذا كانت استجابتهم متوازنة بدقّة 
فعلاً أو أنّها ملوّئة بمشاعرهم أو بافتراضهم عن صلاحهم واستقامتهم 
الشخصية . 


سكناه سعد القران فى كوه تحزيا كثيرا سانا كسا كان فن كه 
والمدينة. استمرٌ القرآن بشكله» حتى بعد نهاية الوحي الفعّال مع نهاية حياة 
محمّدء في كونه حدثاً وتشريعاًء لا مجرّد عبارات تُشير إلى الحقائق 
والمعائير» لم يكن القران ضما الثثرا با فى المعلوفات او عقن را 
عن الإلهام» وإنما لكي يُتلى باستمرار كفعل من أفعال الالتزام التعبّدي. كما 
أن القرآن لم يُصبح مجرد مصدر مقدّس للسلطة بعد انحسار المرحلة 
الك يي للإسلام . استمرٌ القران بدوره النشيط عند جميع من قبلوا الإسلام 
بجدية . ِنْ علاقة المؤمن بالقرآن ليست علاقة تصفح وقراءة متمعّنة؛ انها 
علاقة تعبّدٍ بمعانيه؛ لا باستقباله استقبالاً سلبياً» بل بتأكيده لنفسه عبر تلاوته 
باستمرار: لقد كان حدث الوحي ووقعه يتجدّد في كل مرّة يعيش فيها المؤمن 
معاني القرآن وأوامره في أثناء الصلاة. 

بناء على ذلك» فإِنْ المتعبّد يذكر نفسه من جديدء كلما قرأ شيئاً من 
القرآن» بالتحدّي الهائل: التحدّي الذي يتلخص في كلمة التوحيد. فهو يؤكّد 
من جديد بأن سلطة الإله الخالق وأوامره للإنسان أكبر من كل شيء آخرء 
مرخ ا مصدر وسيط للقيم » ومن أي واجب آخر. وهكذا فإِن المتعبّد يتعهّد 
بأن يعيش حياته وفقاً لما يطلبه القرآن من الفردء فى كل قيزة يتلوه؛ وكل 
فعل من أفعال العبادة يُكرَّسنُ في نفس المتعبّد أوامرَ القرآن. إِنَّ كلّ آيات 
القرآن تُقَدّم وتضيء»؛ من زاويتها الخاصّة» التحدّي الرئيس نفسهء الذي يُطبّق 
من خلال عشرات التفاصيل في الحياة اليوميّة» أو الذي يتصؤّر من خلال 


"6 


دروس الطبيعة والتاريخ!*) 


لقد أضفت القوّة الفريدة للقرآن لوه الأفراد اباذع كل اهتما مهم 
للتحدذي الواحد والشامل الذي يُقدّمه ‏ مركبا دينيًا خالضا للحركة النامية 
الرافضة للصور (الأيقونات) في التقاليد الإيرانيّة ‏ الساميّة؛ وهي حركة 
حيبت خصائص تقوى هذه التقاليد وشكل تحمّقها في الإسلام. لقد اعتبرت 
الصور ع غير مناسب عن الدين النبويّ المتوجّه للاله الأخلاقي بسبب 
ارتباطها بالآلهة الطبيعبّة؛ ؛ ولكن هذه الحركة أصيفث:فشتنة ومتفسمة فى 
حضور القرآنء وبعيدة تماماً عن أيّ ارتباط من هذا النوع؛ ذلك أنّ القرآن 
نفسه كان مكل :وا الوا : يكاد يكون ملموسا عن الإله 'لواحد الذي 
يعرض التحذي . 


إن هذا التحدذي يساس وعلى نحو جازم. 85 أخلاقيّ . فإذا كان 
القرآن يوجّه أبصارنا نحو إدراك عظمة الطبيعة: فِإِنْ ذلك لا يعني أن يُمجد 
المؤمن جمال الله أو يقف خائفاً من حكمته. وإنّما يعني الحذر من قدرة الله 
على فرض أوامره. عند الآفراد الأكثر عيناسة روعاء فإن تركيز ليع 
الحصرزي لأفكارة على القران: يمكن أن تولن.3ةة أخلؤفة ظطاعية ماتيا أن 
1 لمشفته با كمليا: . ومن ثم فإن وضع أي رموز أخرى في العبادة جنب 
إلى القرآن» حتى لو كانت هذه الرموز تشير بإخلاص إلى جوانب أخرى من 
الألوهيّة. سيتسبب في النهاية. بحكم طبيعة قوّة الرموز فى الوجود الإنساني. 
في تشتيت تشتيت الطاقة التعبّدية المركزة وتبديدها. ومثل هذا التحرير والإطلاق 


(4) ثمّة حاجة ماسّة لدراسة القرآن من وجهة نظر علمية حديئة تُقدّم طرائق بديلة لقراءة القرآن عن 
الطرائق التقليديّة في الغرب الحديث . فحتّى لو تم تقديم ترجمة أفضل للقرآن من الترجمة المتاحة» فإننا 
بحاجة إلى مُرفق موسّع مصاحب للقرآن يوضّح للقارئ الطريق عمًا يبحث. في ما هو متاح الآن 
للجمهورء انظر : 
ر655 21191511(97ل1آ 013ن201) :عله لا برع [1) ىوءآدودهان) [2124ء071 116 10 5©/ع06مم4 ,.له ,8211 ع0 .1 .ا 

1959(. 


وهو كتاب مُختص في أساليب تقديم الأعمال الكلاسيكية الغريبة إلى طالب التعليم الغربي 
الحديث. يقول آرثر جيفري» المرجع الفيلولوجي في النصّ القرآني» بأنْ ما يستدعي حضور القرآن في 
الدراسة العامّة هو فقط مكانته الهائلة لدى المسلمين. ومن ثم فإنّه لا يرى بأنْ للقرآن أي قيمة دينيّة أو 
أدبيّة. وهو يُفسّر مكانته بأنها نابعة عن مكانته اللاهوتيّة الفريدة» ولكته لا يقول بأن هذه المكانة بحاجة 
إلى تفسير فى ذاتها؛ أي إِنْ القرآن لا يجب أن يُعطى مكانة معتبرة لأسباب ذاتيّة إلا إذا منحه قارئه 
الملتزم به هذه المكانة اللاهوتية . 


للمشاعر ليس وسيلة بديلة للاقتراب من الواحد [الله]؛ بل هو تقسيم 
وإضعاف للإاخلاص المتوجّه إلى الواحد الأحد ولأوامره الأخلاقيّة كما 
تتجلّى في القرآن. ربّما يُمكن القول. من دون مجانبة الصواب» بأن مذهب 
وخلة الدب المقولة الأساسية فق تطؤق الابلاء هو فير لاهو عن وحدة 
فعل العبادة الأكمل» وتفانيها غير المجرّأ لتحقيق السيادة الأخلاقيّة لله على 
عباده . 


وفقا لذللق كان التحضون المركدى للقرآة سسععة مكل هذه التسيرائتة 
الرمزيّة عن الجوانب المحدودة للعلاقة بين الله والإنسان كما تظهر في 
الأسرار المقدّسة في المسيحيّة. ومع استبعاد الأسرار المقدّسة» تم استبعاد 
حرفة الكهنة والقسّيسين الذين تستوجب هذه الطقوس وجودهم. كما أن 
الحضور المركّز للقرآن يستبعد بالضرورة التعبيرات الرمزيّة الأخرى عن 
الإدراك الروحي الذي يتمظهر في الفنون؛ وهو بااحعوت اما مع 
البروتستانتيّة. ولكنّ مشاعر الأتقياء ذهبت إلى ما هو أبعد من مراعاة 
العبادات وتعهّد الأمكنة التي تقام فيها؛ فجميع مناحي الحياة يجب أن تقوم 
على روح دينية» ولا يجب التسامح إطلاقاً مع أي شيء يمكن أن يُنافس 
القرآن على استدعاء أعمق استجابات الروح. ومن ثم فإِنَْ جميع أشكال 
الحياة التخيّليّة كانت محل شبهة: العلوم والقصص الخياليّة» والموسيقى 
والرسم. فبقدر ما يكون الفنْ حقيقيًا في ذاته» بقدر ما يتجاوز كونه إمتاعا 
للحواس ويغدو استدعاء لحضور الروح؛ وهكذا فإنَ جميع الفنون معافية 
بالقوّة للقرآن» وهي شكل ناعم وخدو مون الوئنية . كنا أن العلم ليبس مجرد 
اشع موضوعي للفضول: فهو يتطلب إخلاصاً أخلاقاً خَاوها له... .ولهذا :فإن 
الأتقياء يُمكن أن يخافوا من جميع العلوم والفنون متى ظهرت. وبالطبع من 
جميع جوانب الثقافة العليا التي لا تتطابق مع الأهداف الأخلاقيّة التي يطلبها 
القرآن. 


2 


خيراء فإن وحدلة التعبد المتمركزة حول القرآن تعنى حصريّة المجتمع 
ل نفسه: فإذا كان التسامح مع افتكال العبادة الممختلفة داخل الإسلام 


غير ممكن مهما كانت توحيديّة» فإِنْ من الأصعب الاعتراف بشرعيّة أي 
مجتمع ديني منافس للمجتمع الذي يحافظ على الديانة القرآنيّة. إِنَّ مبدأ الإله 
الواحد يستلزم وجود وسط واحد للعبادة ومجتمع واحد للعماد . 


"١ 1/ 


النزعة الشريعوية كتعبير عن التقوى القرانية 

كانت التجربة الروحيّة عند من أخذوا الإيمان بجديّة هي الدافع الأقرى 
ولا شك نحو حصريّة الإسلام» وذلك عبر إقصائها جميمَ الصور الدينيّة: 
وإقصائها جميع الرمزيات المنافسة للقرآن بالعموم» بل وجميع المجتمعات 
المتافسة أيضا . غير أن هذه القلّة من الجادّين لم يكن لها أن تفرض بنفسها 
أي درجة من الحصريّة. فلم تكن تلك المشاعر لتؤثر لو لم تتصادف وتتزامن 
مع النزوعات الشعبويّة الأعم» بالصورة التي تعرّزت بها في البيئة التجارية : 
عدم الثقة بالأرستقراطيّة» وحياتها المترفة الاستثنائيّة» التي تشمل جميع 
العلوم والفنون الحقيقيّة؛ والسعي نحو استبدال روائع الثقافة العليا في 
المجتمع العالي بتفوّق المجتمع المقدس. الذي يجد فيه كل فرد عاديٌ 
كرامته فى العلاقات الأخلاقيّة اليوميّة فى حياته. إذاء فقد كانت القناعات 
الروحيّة للأتقياء فاعلة فقط في المناطق التي عرّزت فيها العواطف الشعبويّة 
الشعور التعبّدي. بناء على ذلكء فإنّ الأشكال الأكثر ترفاً من الفنون» والتي 
تتطلّب درجة عالية من الذائقة والموارد الأرستقراطيّة أو الكهنوتيّة كالنحت» 
كانت ممنوعة في الغالب؛ في حين أن الفنون التي يُمكن لجميع الطبقات أن 
تتداولها كالشعره. لم تكن دا في الغالب الأعم. على أن الدافع الشعبوي 
نفسه لم يكن ليلقى هذا النجاح لو لم يكن مدعوماً بالتبصرّات الروحيّة 
لأصحاب الحسٌ الاستثنائى؛ لقد كان المسجد هو المكان الذي يحظى به 
هوالاة الرتطال: ممكانة جز »بوهو المكاة الذى مانت تفنه الماع الحضرةة 
فاعلة بشكلها الكامل. 


على أي حال» إن الجزء العالمي من رؤية الإسلام ‏ أي أمله بالوصول 
إلى العدالة المساواتية التي تقوم على المسؤولية الإنسانيّة في ظل القيم 
والمعايير المتعالية ‏ هو ما أطلق حصريّة الإسلام وفرادته. إِنْ الاستجابة 
المباشرة لهذه الرؤية هو ما أتاح لها أن تتجسّد في التقليد الحيّ؛ والالتزام 
المسؤول بها هو الذي أعطى لهذه الرؤية زخمها في المجتمع الفعليَ؛ وجعل 
الإسلام كياناً مغلقاً مستقلا عن القيم والتقاليد المنافسة. وأصبح القرآن ‏ 
الذي أضبحت الرمزيّات الإسلامية مقصورة على كلماته واياته يو 
الصلبة العظيمة الوحيدة في الإسلام. 


على الرغه. .مخ القرّة المباشرة للقرآن» فإنْ النص في حدٌ ذاته لم يكن 


>” 


كافياً» ربماء لتركيز التقليد بقوّة لو لم يكن مرتبطأ بقوّة بحياة المجتمع 
الجارية. في زمن محمدء كان القرآ يجيب ويتفاعل مع الأحداث الجارية. 
يرشدها ويوججهها .وكا غاى. الحسلمين نن. الأجيال اللاحقة أن يجدوا 
مكافتاً يوازي مفعوله هذا المفعول. كأآن: أححد البحلول المقدمة: والذي تجسد 
فى تحدّي الحياة اليوميّة» هو العمل على صياغة مجموعة من القواعد 
للأخلاق العمليّة تكون متسقة مع العبادة القرآنيّة. وهنا ظهرت الشريعة» 
جسماً مستقلاً من القوانين التي تناولت الحالات التفصيليّة الكثيرة. في هذه 
العملية (اليى له تتوّف أبداً): أدى القرآن دوراً مركزيّاء ونَمَذْ بفعاليّة إلى 
حياة المجتمع . 

اكتسبت الشريعة قوّة عاطفيّة وشعوريّة إضافيّة لأنها جسّدت الولاء 
للمجتمع المسلمء الذي كانت تصف ظُرقه المثاليّة وترسمها. سرعان ما 
تكملت النزعة الحصرية الكامنة في القرآن بالحصرية التخدرة في المجتمع 
المسلم التاريخي. ففي التفاعلات التي تلت أحداث الفتنة الثالثة وانتصار 
العباسيين» تم التأكيد صراحة على هذا التوجه الجماعى [022088امء لروح 
الشريعة: أي الولاء لمجتمع المسلمين ولو كان ذلك على حساب أي قيمة 
أخرى. لقد امتزج ذلك بسهولة مع روح الشريعة؛ فبالنسبة إلى أهل التقوى. 
الذين رفضوا قيادة المروانيين ولم يحبّوا حكم العباسيين» كان التماهي مع 

في الدوائر الشيعيّة» ساعدت هذه الروح على ضبط المنظرين الغلاة 
ولجمهم؛ فقد وجد الإمام جعفر الصادق. بعد ملة قصيرة من مجيء 
العباسيين» بأنْ من الحكمة أن يتبرّأ من أحد أتباعه البارزين من الغلاة» وهو 
أبو الخطاب [محمد بن أبي زينب الأسديء. مؤسّس الفرقة الخطابيّة]ء 
لتماديه في إنكار روح الشريعة الصاعدة؛ فقد كان مهتمَّاً بالرمزيّات الباطنيّة 
أكثر من اهتمامه بالتطبيقات القانونيّة والفقهيّة (بعد ذلك بفترة قصيرة» أعدم 
أبو جعفر المنصور أبا الخطاب بتهمة الهرطقة). بالمجمل» تم كبح جموح 
المنظرين الغلاة في ذلك الوقت» على المستوى اللفظي على الأقل» كي لا 
سفوا إلى الخيريعة م بومكدا فال السطرين اللاسقية نمه الشيية الع بد 
رفعوا ا ب او ا 
الإلهيَ؛ وكلا المفهومين يضمر حمولات ميتافيزيقيَّة واسعة في التقليد 


4 


الإيراني 1 5 (وخلافاً 000 الغلا انكر 6 توصت 
المضامين الثانوية المضمرة في المصطلم: 07 للسيادة القانونية ا 


ظهر مزاج جماعي مشابه بين الفقهاء أنفسهم. فأبو يوسف. تلميذ أبي 
حنيفة» شددء في بغداد. على المعايير الفقهية القديمة. القائمة منذ الآزمنة 
المروانية؛ وكذلك فعل الأوزاعي. شيخ المدرسة السوريّة. الذي كان يحنّ 
بطبيعة الحال إلى زمن سيادة السوريين. ومن خلال هؤلاء الرجال» تمكن 
جزء من النزعة العربيّة القديمة من النجاة والحضور بطريقة ما في شريعة أهل 
التقوى . 


ولكن. مع ذلك. لم تكن هذه النزعة الشريعويّة «:35:+583 كافية وحدها 
للمشاركة الحيّة في القرآن» ومن ثمٌ لتشكيل محتوى كامل لحالة حيويّة من 
التقوى. لقد كانت بعض أنواع «الذهنيّة الشريعيّة» عامّة بين الحركات 
الإسلاميّة التي نبعت من فرق أهل التقوى؛ ولكنّ كل فريق منهم أضاف إليها 
مكوّنات إضافية 


علينا أن “قتافقن:هنا 5/51 أنواع التقوي النى“'ظيوت بين أولتك الذين 
رفضوا التصالح والتسوية لتأسيس نظام للمسلمين» الخوارج والشيعة على 
وجه الخصوص: الشيعة الزيدية بتمردهم السياسيّ الدائم» والمجموعات 
الشيعيّة الراديكاليّة الكبرى» الإثني عشريّة بانتظارهم المهدوي» والإسماعيلية 
تتمتعيع الباطجة محص كابر السامرية.. فخ :علينا إن تعوه. إلى أولفلك انين 
قبلوا بمفهوم الجماعة كما تأسّس واستقرّء بخاصة الأخلاقيّين المعتزلة 
ومنافسيهم الشعبويّين والمركزين على الولاء [للجماعة] من أهل الحديث. 
الورثة اللضيد لمجموعات أهل التقوى؛ والصوفية أيضاً : الذين شكلت 
ووخانتانهه الانتاين المعظه. الساء التسكة للمسلمين في القرون الأخيرة: 
وعليٌ هنا أن أستعرض ما أراه وأقيينا في هذه التقاليد المختلفة. وأن 
أهمل ما لا أراه كذلك؛ ومن ثم فإن ها سافولة: قد يجدو أكثو اطلاعاً 
ومعرفة مما هى عليه الحال. ولكن». » فقط عبر الدراسة المتعمقة لتقوى 
القادة والأفراد النموذجيين في كلّ تقليد» يُمكتنا أن نأمل بالوصول إلى فهم 


51٠ 


كاف لما لا يزال حتى الآن في كثير من الأحيان مجالاً للتخمين والظنّ . 


لقد رأينا في بداية الأزمنة العايةة كين هذا الكهبية بين الشيعة 
المناصرين لعليٌ. والذين يتطلّعون لتنقية الإسلام من جديد. لامج بلعل 
الجماعة., المؤيّدين لتضامن المجتمعء» والذين يتطلعون للحفاظ على ما تم 
إنجازه بالفعل. وقد اجتذب كلا الموقفين أكيقاضا مستعدين للمخاطرة 0 
شيء في سبيل العيذا والمثال» ثم اها يميلون إلى اغتباز. أن مدت 
كان أفضل ما يُمكن أن يحدث. ضمن هذين الولاءين الواسعين ظهرت 
تمييزات إضافيّة : تعكس (داخل كلّ مجموعة) النزوعَ المثالي الباحث عن 
الكمال» والنزوعَ العملي الباحث عن المحافظة على ما تم إنجازه» أو 
تعكس تمييزاً آخر بين من يميلون إلى أنْ الحقيقة مسألة ظاهريّة عموميّة مُتاحة 
للجميع ومن يرونها شأناً باطنيًاً مقصوراً على فئة أو نخبة معيّنة. قرا عر 
هذه التركيبات الميختلفة بوغيرها».ظهرت» ستعموعة :من الحركات القوية التي 
حولت يفي القاطا مميزة من التقوى. وأذق تعفيها أغرارا تاريخية كبرى . ْ 


مثلت اثنتان من الحركات ‏ اللتان استمرّتا لوقت طويل في الأزمنة 
العباسيّة ‏ روح الصرامة الحاضرة بين أهل التقوى المعارضين. وقد طالبتا 
بمعايير أعلى من المعايير السائدة» وطالبتا جميع المسلمين بذلك من دون 
كثير تسامح مع الضعف الإنساني. وتدريجيًاً. ضعفت الحركتان خلال أزمنة 
الخلافة العليا.ء واستمرتا لاحقاً في أمكنة معزولة. ولكن. بوكندرم أن 
الأمبراظورثة المركرنة القوثة كانت ما تزال تمكل: تعدبا سياسيا #واضيها 
للمصلحين الصارمين» فإن هاتين الحركتين قدمتا أجوبة مقنعة لبعض 


الأمزجة. 


كان الخوارج ‏ الحركة الأكثر شهرة بصرامتها الاجتماعيّة ‏ قد أنكروا 
ورفضوا التشيع كحركة للإصلاح. لقد لاحظنا كيف حاول الخوارج الحفاظ 
على درجة مطلقة من المساواة والمسؤولية , بين المؤمنين في مجتمع متجانس 
إلى كان ذلك حل حساب التكلى تعن المعحيع المي لكين غ٠‏ والانكماش 
إلى مجموعة من فرق المقاتلين المستقيمين. كان الخرارت اميتحان بيده 
بأسكلة الشريعة: ولكنهم أصرّواء فوق كل اعتبارء على أهميّة ار العام 
الصالح والفاعل . في بعض الأحيان كانوا فعا رسون لوه اميه كه 


51١ 


5 التقوى الآخرون نظرياً. لكي يتمكنوا من تطبيق نظريّتهم عملياً. ولكنّ 

جهم بالعموم كان طهورياً وعسكريّاً بدرجة مفرطة. تمكّن الخوارج 
9 تاشيين نموذج ومعيار عام بين علد معتبر من السكان في 
المناطق البعيدة ذات الغالبيّة المسلمة (لا سيّما في عَمان في شرقي الجزيرة 
العربيّة)» وقد كان هذا النظام مناسباً على المستوى الخارجي على الأقل. 
بعد القرن الثامن. ميغد الخوارح حركة مهمّة إلا في هذه المناطق . 


أما داخل الحركات الشيعيّة. فقد ظهر موقف مشابه مع الزيدية؛ فقد 
أضوروا: منذ زمن القاسم الرسّي (ت. »)85١‏ أكبر منظريهم» أن الإمام 
الحن كيه أن يكون علو (يسحدو من تمل فاطية» قادراً على الجمع بين 
المعرفة الفقهيّة والتعاليم الدينيّة بعمق. وبين المبادرة والفطنة السياسيّة اللتين 
تؤهّلانه لقيادة تمرّد مسلّح ضدّ السلطات. يُمكن أن لا يكون الإمام من نسل 
الحسن أو الحسين» ولا يُشترط فيه أن يكون ابن إمام؛ ولا يُشترط أن يكون 
هناك إمام لكل زمن إن لم يظهر من هو مؤمّل بالفعل للقب الإمام. وقد 
كانت نتيجة ذلك هي ظهور سلسلة من الآئمّة الأكفاء. الذين حكموا مناطق 
بعيدة شيا بخاصّة في اليمن. 


اليه ٠‏ تقوى الاحتجاج 


بعد الإحباط الكبير الذي أصاب توقعات الأتقياء فى زمن الثورة 
العباسيّة» طوّر التشيّع مسارّه الخاصٌ شيئاً فشيئاً» وطوّر أشكاله الخاصّة من 
التقوى. فقد طوّر الشيعة تدريجيّاً منطقهم الخاص ف في الشريعة وتنويعاتهم 
الخاصّة منها. غير أنْهم أضافوا إليها جرعة كبيرة من الولاء العلوي. الذي 
تبغ :ظابها ديا مكتنا (أستعمل مصطلح «الولاء العلوي» لوصف المركب 
االواسم اين مواقي لدو د لمر عه او للعلويين؟ ليس توقيرهم 
واحترامهم فقطء. وإنما انا مجموعة الأفكار المضخمة حول شخص محمد 
وحول افتراض وجود تعاليم سريّة نقلها إلى علي ونقلها علي بدوره إلى 
ذريّته» سواءٌ أظهرت هذه المواقف بين أهل السنّة والجماعة أم بين من 
يعرفون ألشفده بأنهم شيعة بالمعنى الدقيق للكلمة» ويرفضون موقف الجماعة 
صراحة). بالنسبة إلى الشيعة» دالو كن كانا أن يكون القانون مجموعة 
ب من المعايير الموثوقة التي يحافظ عليها المجتمع ككل في وجه أي 


51 


حاكم. فلا بذ من ضمان وجود استمرارية واتصال». كما كان في زمن 
مك بين بين المتحدث اسم هذه المعايير الموثوقة والإرادة الإلهية: أي 
وجود إمام حقٌ. وهذا ما يقدمه الولاء العلوي . 

شعر الشيعة منذ وقت مبكر بأنْ علياً ليس مجرّد خليفة من بين مجموعة 
من الخلفاء» بل إنْه كان صاحب سلطة خاصّة تؤمّله لقيادة مجتمع محمّد؛ 
فبحسس ما استكشفه الشيعة من المضامين الكامنة في قيادته المبكرة 
والتزامهم ا الحو 0 مقتنعين أنه 500 من 0 
وحيوات 26 الحقيقين؛ ل ل بالقانون اليحب وكالشدل وربما 
العلم بأشياء أخرى أيضاً. وبتخلي المسلمين عن علىّ» شعر الشيعة بأن 
جملة المسلمين قد نبذوا الحقّ؛ ومنل ذلك الوقت» أصبح الأتباع الحقيقيون 
لمح هم القلة الى .يتيك نمي الئةا لعي كرض للعده ولق امبقدةالعلم المقسن 
بالانتقال فيها جيلاً فجياة0© . 


مثل ذلك نقطة انطلاق لحالة من الحوار النشيط والمتنوّع بين من شعروا 
بأنهم بمثابة بقايا نخبة». وي أن يتمايز إسلامهم عن إسلام ات 
النواصب. وعلى الرغم من أن الولاء العلوي بالعموم قد بقي حاضراً بين 
عموم السكان. الدين كانوا يشعرون في الغالب بأن أي علوي مسال 
بالخلافة يستحقٌ أن يسمعء إلا أن الملارين يعضو العتر ين م برو ذلك 
كافياً. أما الزيديّة» فقد طورّروا (كما لاحظنا سابقاً) ولاء علويّاً كامل 
الأركان» يقوم على أساس طائفي, وإن كان يصعب وصفه بأنّه باطني/ 
دحبوي 65016516 . 


على خلاف الموقف الزيدي» الذي لا يقدّم إلا نسخة أكثر طهوريّة من 


(6) يظهر جزء من مزاج «الولاء العلوي» في دراسة لويس ماسينيون. انظر: 

8 عل 025 1أ2ع1أطنام ,اتعقتيهمآ «جرماك1'!] ع0 دءأاعلا؟] جاو دءء1تء«م دعا أء عأوط :ه71لهى ,ممع ز54255 5أنامآ 
.(1934 ,.ع01 اع االلههقكة ,101015) 7 زجمهؤ25عم ]1*3 عل أء دعم معتصدذز دعلناءة دعل 500166 

ثمة قائمة للدراسات الممتازة التي قام بها ماسينيون للتشيع والتصوّف في «الفهارس» في الفخلد 
الأو ل من : ,(1956-1957 ,12085 عل كتقعصةء1 أنطتاكه] :كناءعكقصة) .7015 3 ,710:1وأككهل/[ كتلامط دمع ها 11 
.701 

وهي مجموعة غنية من المقالاات حول الدين الإسلامي وحول بعض المسائل الإسلاماتية 
الأخرى . 


>11 


عر العادئ للمسلمين + تجن أن وفك القبيعة الأكتر تطوفا + الذي التزهرا 

بتعيين الإمام عن طريق النص كامناس للاستمرارية الطائفية.» قد أصبح أكثر 
0 حتى في أوساط من لا 'يتبتون: هذا 'الموقف: لدم هذا الموقف نمطأ 
مميّزا من التقوى يُخاطب أمزجة إنسانيّة واسعة ومتعدّدة» ويحظى بأهميّة 
خاصّة داخل البنية التي تُقدّمها التقاليد التوحيديّة. أوَّلاَء كان هذا موقفاً 
تخبويا/باطجًا : :فقن بحت التتبعة المع رفون هن حقيقة إذات امناذ ناف" ل 
يستطيع العامة أن يتالوهاه ولا لمكن الا لمن يستحئوتها أن يعلهموقنا 
وتعلهوها. إن فكرة الأسرار»: والتحكقة اشنا الى :0 لمك :شو الفيقية 
جديرة أن تنالهاء هي نتيجة حتميّة للموقف القائل بأن قلّة قليلة تحظى بامتياز 
أن تدرك المصير الحقّ للمسلمين وأن توالي القادة الحقيقيين للإسلام. 
وهكذاء ركّزت الطائفيّة الشيعيّة اهتماماتها على العلم الخاص بالأئمّة» الذي 
لا يقدّره سوى الشيعة. ولكنّ التماس العلوم الباطنيّة لم يكن كافيا لوحده؛ 
فهناك أشكال أخرى في الإسلام من الباطنيّة أثبتت ت توافقها مع موقف أهل 
السنة والجماعة؛ بخاصّة المقاربة الباطنيّة للتجربة الجوانية الفردية الصوفية. 
التي يُمكن للمريد فيها أن يتلقّى علومه فقط من خلال شيخ خبير. إن ما يُميّز 
النزعة الباطنيّة/ النخبويّة للتشيّع. هو أنها تعبّر عن رؤية للتاريخ متاحة فقط 
لأصحاب الامتياز؛ إنها باطنيّة «دعوية». 


في الجانب اليومي من العقيدة المشتركة» التي يجب أن يعتنقها الجميع 
من دون تمييزء والظاهرية بالتالي (من وجهة نظر باطنية)» فإن المفهوم القائل 
بأن التاريخ قد بدأ وسينتهي ها حاسمة هو فكرة أساسية للموقف الأخلاقي 
للتوحيد. لقد طوّرت جميع التقاليد في مرحلة مبكرة هذفها أخروياً. يُفصّل 
في ما سيحدث في نهاية الرينه وق وا نين النكر هيه ويكافؤون أو 
يعاقبون. (كان هذا مُتضمّناً في مزاجهم الدعوي من التقوى. كما 7 تم التعبير 
عدافي الاصطالاحات الود ولكنٌ التصوّرات الأخرويّة ال 7 
تعدو كونها مصيراً شخصيا ؛ صحيحٌ أن اتباع الميججع التاريخي الواحد الحقٌّ 
سيكون أقرا مهنا ولكن ذلك لنق.يكون جزءاً من التاريخ. لأنه لن يحدث 
إلا بعد أن ينتهي التاريخ . إضافة إلى هذه المقاربة المعتدلة» كان ثمة' تركيز 
دائم أكثر راديكاليّة داخل التفكير الأخروي في هذه التقاليد: النزعة 
المهدويّة. لا يقتصر الأمر هنا على وجود حساب نهائي بعد التاريخ» بل إن 


"515 


التاريخ نفسه سيكتمل بألفيّة [ألف سنة] من الهناء والنعمى» إذ سيوضع العالم 
الذي نعرفه على السكة الصحيحة ضمن التاريخ . كانت الرؤى المهدوية تعبر 
عن احتجاج اجتماعيّ قويّ؛ فهي تصوّر كيف أنْ عظماء الأشرار في العالم 
سيّذلّون أو يُدمّرون بسرعة كبيرة» وسيّرفع الوضعاءء الذين أثبتوا قدرتهم على 
الحفاظ على الإيمان والولاء الحقٌء لينالوا طيّبات هذا العالم, من دون 
مضطهدين ولة غات ومعيعاه الأوضن هذل كينا ابعلات جور ا برطلها 
بحسب العبارة الشيعية . 


لم تكن مثل هذه التوقعات تعني مجرّد الأمل بالمستقبل» بل كانت تعني 
أيضاً إعادة تقييم الحياة الاجتماعية والتاريخية في الحاضر. ففيى ضوء ترقب 
حدوث ذلكب :وقد كان كز جيل يجد الآأسبات المقنعة ليفترض بأن ذلك 
سيحدث في زمنه ‏ كانت الترتيبات الاجتماعيّة والسياسيّة تبدو مؤقتة وقابلة 
للتغيّر. فقد كان من الممكن في أي لحظة أن يظهر المهدي الموعود ويختبر 
المؤمنين عبر دعوتهم أن يشرعوا بتحوّل اجتماعي هائل تحت قيادته؛ مع 
وعد بالعون الإلهي إن لزم الأمر. ولكن». حتى قبل ظهور المهديء. فإن 
الدور الاجتماعي للعناصر المختلفة من السكان بات يتحرّك في مناخ مختلف 
عند من يدركون ما الذي سيحدث في نهاية التاريخ ؛ إذ يمكن لكل حدث 
تازيكى تدنيوى أن يكون يشدارة تيج لظهون الميندى» ومكذا نقد كان 
المؤمتون في حالة ترفّب واستعداد دائمين» وكانوا مستعدّين دوماً للاضطلاع 
بدورهم في الأحداث النهائيّة. بهذه الطريقة؛ فإِنْ الرؤية المهدويّة كانت 
تحوّل التاريخ كله.» حاضره ومستقبله. إلى مسرح دراماتيكي. ولكن. بقدر ما 
كانت هذه الرؤية المهدويّة تؤخذ على محمل الجدّء بقدر ما كانت تعارض 
الرؤى الاجتماعيّة الأخرى. وهكذا فقد كان على الرؤية المهدويّة» على 
العستورق الاجتماعي والفكري. أن “تا خذ طابغا ناطناء ولو كنوع من الدفاع 
عن نفسها . 

مع توقف الشيعة عن محاولة القيام بأيّ فعل سياسي مباشر»ء أصبح 
التشم هق الرافعة الاساضة للآمال المهدويّة» التي استمرّت في التعاليم 
الباطنيّة. بالنسبة إلى الشيعة» فإِنَ للقرآن تأويلات سريّة تجعله يتحدّث عن 
الأئمّة ومصائرهم؛ كما أنْ كتب التنبّؤات ‏ التي كانت تتداول بوصفها منسوبة 
إلى الأئمّة» بخاصّة إلى جعفر الصادق ‏ كانت تسرد الأحداث بشكل 


"516 


سوداويّ وبطريقة ملتبسة تسمح لكل جيل أن يرى في أحداث عصره انعكاساً 
لفِتَنِها وآمالها. كان العديد من الشيعة مهتمّين أيضاً بالتعاليم الباطنيّة؛ بخاضّة 
الخدوم الغامضة كالخيمياء. ولكنّ الرؤية الباطنية للتاريخ كانت هي جوهر 
التشيّع الراديكالي. حتى عندما انة تتشت الوؤئ الجهدونة بين أهل: السنة 
لفطك فإنّها ان نتشرت غالبا بصيغ الولاء العلوي . 


انبنى هذا التفكير الباطني الشيعي بالدرجة الكبرى على أعمال منظري 
الغلاة الأوائل ؛ ققك فيحيف تكينا ل ل 0 وأديخات 
أحياناً بعض المفاهيم الباطنيّة التي تنتمي إلى هرطقات ما قبل إسلاميّة. 
وبات يُنظر إلى الإيمان على أنّه حالة من إخلاص شخصي للبطل الإلهيّ. 
مما أنتج في كثير من الأحيان نوعاً من الحماسة العنيفة. غير أن هؤلاء 
المتحمّسين المتعصّبين لم ينفصلوا عن أشخاص أقل رؤيويّة» يهتممون فوق 
كل شيء بالإمام الحقٌّ كمقرر للقانون المقدس» ويكبحون جماح فضولهم 
عن المسائل الأكثر باطنيّة من ذلك. ومن هذه البيئة المتنوّعة» ظهر التشيّع 
الإثنا عشريء» والإسماعيلي». والجعفري . 


الشيعة الاثنا عشرية 


000 جعفر الصادق» : في زمن الثورة | العابة - لم تحظ إلا مجموعة 
0 0 أن الحركة التي تعود إلى محمد ابن الحنفية قد 

تهت مع القضية العباسية؛ حدقا بأثر السلالة الفاطمية المنحدرة من نسل 
جعمر؛ ؛ وبالطبع بسبب ملاحقتهم فكرياً عافتنا مل رمن جعدن. تابعت 
إحدى أبرز الطوائف التي صدرت عن هذه المجموعة مبايعة سبّة أئمَة بعد 
0 وفي كل مرة بعرت لبه م ويضبح تعن خلينة ا أمر 
المنصب؟). وبالتالي كاقت تبرر أسئلة أخرى حول المجموعة ومذهبها 
الاعتقادي. وكانت هذه المسائل تحل من خلال اختيار الإمام التالي» الذي 
نادراً ما كان يتم م اختياره بالإجماع. وباستثناء حالة الإسماعيلية. فإن الجزء 
الأكين من هذه المجموعة» الشيعة الوثني عشريّة» قد استقرت في النهاية على 
خظ واحدء وغاب صوت المعارضين فيها تدريجياً 


.1 1 


> 


إسماعيل 
(توفي قبل والده) 


محمد 
ثلاثةأئمةيزعم 
اختفاؤهم. 


حكم بين 484-405 
: كخليفة في المغرب. 
القائم [بأمر الله الفاطمي] 
د 0 ا 
المنصور (توفي 05) 

أ 1 
الدولة الفاطمية فى مصرء 
4. 
- الإسماعيلية - 





الشبول به امام من قبل 
الغالبية ؛ ؛ توفي دون أبناء عع). 


الشيعة الجعفرية والزيدية 


جعفر الصادق (ت. 9/56ا) 
(دُفن فى المدينة) 


م موسى الكاظم (ت. 49) سجنه العباسيون في بغداد. ودّفن في الكاظمية. 


علي الرضا (ت. 818) ولي العهد للمأمون» دفن في مشهد ‏ طوس . 
ِآ 


اا 1 8 (ولي الإمامة وهو صغير السن) . 


علي : النقيّ الهادي (ولي الإمامة وهو صغير السنّ). 


اح م ك0 


الحسن العسكري (ت"7لا4, في سامراء دون أي ابن جعفر (قبل به البعض 
معلوم) . وارثاً للامامة) . 


١ 


(كما هو مزعوم) 


محمد المنتظرء» مختفي. إلى أن يعود بصفة المهدي . 
يمثله أربعة وكلاء؛ رابعهم علي بن محمد السمري؛ رفض أن يوصي إلى أحد 
بعذه ٠‏ فانتهت معه الغيبة الصغرى وبدأت الغيبة الكبرى. 

- الإثنا عشرية - 


لم أشر إلى بعض الثورات الأخرى للعلويين خلال هذه هالحقبة 
(في مكة وقُّم وغيرهما). الحسين بن علي (الحسنيّ) في موقعة 
فخ قرب مكة. 8“6/. إدريس في غرب المغرب (فارَاً من موقعة 
فخ). 84/. يحيى (الحسني) في الديلم» ت. 17ل. 


محمد» ثار في الحجاز». 06 مع أبي السرايا » الذي كان قائداً 
لإمامين في الكوقة.» 4١6-48١5‏ 


محمد بن القاسم (الحسيني) في مرتفعات بحر قزوين» :8م 


(القاسم الرسيء ت8560, الإمام الزيدي المنظر : لم يقم بثورة فعَالة). 


الحسن بن زيد (ت. 884) ظهر في طبرستان؛ 814؟ (نجح في 
تأسيس سلالة استمرّت حتى 478). 
يتحبوابن عمربن الحسين بن زيدء في 
فقدت الكوفة أهميتها). 


الكوفة؛ 875 (بعد ذلك 


يحيى الهادي إلى الحق. خرج في اليمن» 10١‏ ولقي نجاحاً (ت. )41١‏ 


- الزيدية - 


تمّ الاعتراف بجعفر الصادق خليفة لوالده من دون معارضة تقريباً؛ فقد 
كان شخصاً متعلّماً ومُحترماً من قبل الجميع» ولم تكن الرؤية الطائفيّة 
للإمامة قد تشكلت بالفعل. ولكن موته قد دفع بالكثير من الأسئلة إلى 
الواجهة. فقد عيّن جعفر ابنه إسماعيل خليفة له» عبر قاعدة التعيين بالنصّ. 
وهو ما يفترض أن يحسم المسألة برمّتها؛ ولكنّ اسماعيل توفي قبل والده؛ 
فهل الإمام قابل للخطأ [غير معصوم] في مسألة على هذه الدرجة من 
الأهميّة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك. فهل كان الإمام يحمي معرفته بما 
سيحدث بهدف حماية الوارث الحقيقى من عيون السلطاتء التى كانت تنظر 
إلى آثمة الشيعة بعين الريية والشكٌ؛ أم أنَّ التعيين في حقّ الأئمّة مثله مثل 
بقيّة الشؤون البشريّة» مسألة عارضة يُمكن فيها استبدال خليفة الإمام بآخر؟ 
فق دوك الوسدول: إلين اتنفاق عام حول هذه المسائل» توجّه معظم الشيعة إلى 
الابن الأكبر من أبناء جعفر الأحياءء «عبد الله». الذي ادّعى بأنه حظي 
بتعيين آخر من أبيه. اعترض البعض عليه بحجّة أنه لا يمتلك ما يكفي من 
العلم. فهل كان هذا اختباراً من قبل بشر عاديين؟ بعد عدّة أسابيع» أكّد 
موت عبد الله من دون تعيين وارث له هذه الشكوك حوله. اتجهت الغالبية 
لاختيار ابن آخر [لجعفر الصادق] وهو موسى الكاظم. ولكن من دون أن 
يتفقوا جميعاً حول ما إذا كان موسى خليفة لعبد الله أو أنه هو الإمام الحقّ 
الخليفة لجعفر الصادق؛ ذلك أن إجابات هذه الأسئلة كانت تعتمد على كيفيّة 

فهم المرء وتصوّره لما يعنيه علم الإمام. غير أن الكتيرين” تمتكوا تفيية 
ا واعتبروا بأنْ الإمامة الاك اسلف رغزلاده الإساماية- أر كن 
حين اعتبر آخرون بأنّ جعفراً تقس ا رشيعاء لا يزال هو الإمام الحق 
الوحيد. 


تفي فرنى معطم زم إواص لي سحن العا بين وهو ما جعل أسئلة 
المؤمنين تزداد وتستشريى. بعد موته. تم القبول بعلي الرضا إهنافاً وإن لم يتم 
ذلك بالإجماع. ولكنّ ابن عليّ» عند موته. كان لا يزال غلاماً 0 
وكان ابنه من بعده في عمر أصغر من ذلك إلى درجة لا يُمكن معها أن يكون 
قد تلقّى أي ل ليد على الأقل لطر المعتادة. بأيّ معتى إذا 
يُمكن القول بأن هؤلاء الأيتام يمتلكون علماً خاصّاً ائتمن فيز علا غلية؟ 
كان على من قبل بإمامة هؤلاء الأئمّة وهو ما لم يفعله جميعهم أن يقرّوا 


5110 


ليس فقط بوجود تعيين إلهيّ للإمام بطريقة رسمية موثوقة» بنمس معنى 
الموثوقية حين نقول بأد المحكة الدسغورتة: العليا قل اضدرت قراراً مثلاً ؛ 
بل كان عليهم. فوق ذلك. أن يقرّوا بوجود تدخل إلهي أكثر فاعلية وا 
على الأقل لحماية الإمام من أن يتلقّى تعليماً خاطتاً في سنوات نشأته؛ وربما 
بطرائق أكثر قطعيّة: عبر كتاب سحري يحوي كل العلوم» ويبقى في عهدة 
الإمام وحده؛ أوء ببساطة أكثرء عبر الإلهام الإلهيّ؛ أو حتّى عبر وجود 
حو متداتوش للمان) الخرس .فيه التورب الوق انه يعرف لبون شيعه 
وحدها. 


في النهاية» توفي الحفيد الأكبر من نسل جعفرء الحسن العسكري». من 
دون أن يُعرف له ولد على الإطلاق (8177). ولم تقبل الغالبيّة بدعوى أخيه 
الضروريّ الافتراض بأنّ للحسن ابناً. وأنَّ هذا الابن قد اختفى؛ ريّما خوفا 
عليه من الاضطهاد العباسى. وقد ظهرت عذة سرديّات مختلفة لملء الفراغ 
الكامن في هذه العاصيول ولكنّ أهمّها كان القول بأن مثل هذا الاحتياط 
والحذر الكتس بعتن أن لهذا الإمام أعمة فائمقة. فهو إذا المهدي. محمد 
المفظر :زهو ذا ها استثنينا عبد الله من سلسلة الأئمّة» الإمام الثاني عشر؛ 
وقد ظهرت العديد من النبوءات التي تتحددّث عن عظمة الإمام الثاني عشر 
(ولهذا فقد بات يُطلق على أتباعه لقب «الإثني عشريّة»2 لأنهم يعترفون بإثني 
عشر إماماً؛ ولكتّهم بالعموم يُفضّلون أن يوصفوا بالشيعة الإماميّة). والإمام 
مختبىع» من دود أن يموت. لضن نهاية الزمان» إد سيعود ويأتي بالتصم: 
لأتباعه المخلصين» وحينها سيعمٌ الحقّ والعدل هذا العالم. 


جرت العادة على أن يتواصل كل إمام مع أتباعه ‏ مثلاً من أجل جمع 
الصدقات المدفوعة للإمام لتوزيعها على أعمال البرّ - عبر وكلاء وسفراء. 
يُمتلون الإمام (لم يكن الإمام يرغب دوماً في كشف نفسه شخصياً أمام أساعة 
المدتعير والمتحن وا ل عدا كك أن الأئمة 
الاشتباه دم 6 هذا إن 1 يكن 0 طفلا بحاجة إلى 00 من 
يعيّن ل ٠‏ في أداء دورهم المشروط بالإمام. 108 فمل د حافظوا على 


51 


استمرار التنظيم وبنيته المالية. ولكن. في عام ٠45غ.‏ توفي آخر هؤلاء 
الوكلا وافقا أن تنتك خليفة لد وبعد ذلك». لم يعد ثمّة تنظيم مركزي. 
ومع ذلك». فقد حافظت الطائفة على وجودها. كان زمن الوكلاء الأربعة 
يسمّى ب«الغيبة الصغرى» (للإمام)» بعد ذلك وجد الإثنا عشريّة أنفسهم في 
«الغيبة الكبرى». ولكن في ذلك الوقتء. كانت دولة الخلافة العليا أيضاً 
تشرف على نهايتها . 

هكذا فقد أصبح للأئمة قيمة كونيّة. وأضححت حياتهم مراة تعكس 
التقلبات المحزنة الى منيت: بها القضية الإلهية .بين البشر الجا خديق .»:فكما 
م نبذ علي وقتله غيلةٌ في النهاية؛ فقد بات الإثنا عشريّة يشعرون بأنّ جميع 
الأئمّة الذين تلوه قد اضظهدوا ثم قتلواء على الأقل سرّاً بالسمّ» من قبل 
المسلمية الأكتزار :والدتعويية بي م 0 السلطةء رار 
الأمويين : أو العباسيين. وكذلك تم تصوير النبن محمد بأنه كان يعاني بصمت 
من خيانة صحابته وعدم معميم له وصوّرته الروايات الشيعيّة بأنه قد تنبّأ 
بالمعاناة التي سيلقاها أحفاده وأتباعهم ؛ كما صوّرت الروايات فاطمة وهي 
تبكي على الظلم الذي عانته هي وأولادها بسبب بطش عمر؛ أما علىّء الذي 
يمثل مصير العدالة في هذا الا فقد مات شهيداً . بكى أتقياء الشيعة لكل 
هذه المظالم والآلام. ولكن الألم الذي لم ل ألم كان مقتل حفيد محمد 
وابن علىّ» الحسين» الذي خانه أنصاره وتركوه عطشاً في الصحراء إلى أن 
ديه أعداوه فزق ,رمال كرباذم: 


بوضعهم كأقليّة تقف في مواجهة عالم غلاب باطشء كان الشيعة ييكون 
ي اتيك لالم 6 سن على بوم إبذايو يتين ااي 
لأئمّتهم الذين حملوا كل هذه المعاناة ستمحو أخطاءهم وتجعلهم شركاء في 
الانتصار النهائي الذي سيكون من نصيب الصالحين. لقد لاحظ البعض 
وجود تشابهات بين هذا النمط من التقوى والتقوى المسيحية» ولكن أحداً لم 
يتتبع بعد ما إذا 05 الالاات دنا ويخنة بين الممطين او الا 


أما بخصوص مذاهبهم في القانون والنظام الاجتماعي» فلم يكن الشيعة 
مختلفين كثيرً عن بقيّة أهل التقوى ؛ مامحاي ا با 1071 


6 


والجماعة)». وكانت لهم ذهنيتهم الشريعيّة الخاصّة بهمء التي كانت 
المجموعات الشيعيّة المختلفة تشذ عنها بدرجات متفاوتة. مثل أهل السئة 
والجماعة» اعتمد الشيعة على الأحاديث للمصادقة على مقولاتهم ومبادئهم؛ 
ولكنهم بحثوا عن الأحاديث الواردة من سلاسل الأئمّة» واعتمدوا الأسانيد 
التي تمرٌ برجال الشيعة المعروفين» على خلاف طرق الإسناد السنية. ولكن. 
تبماعدا الأحاديث التععلنة والدوي الحاضة لعلى أن اللائقةاء..فإن الأحاديتك 
في الغالب كانت متطابقة مع أحاديث أهل السئة. فما منح الشيعة حيويّة 
مختلفة هو مزاجهم التعبّدي والإخلاصي الخاص المضاف إلى النزعة 
الشريعوية السائدة. 


أثبتت التقوىٍ الإثنا 00 1 0 كو محمد 
السئة والجماعة. لبعض الوقتء, في القرنين العاشر والحادي عشرء كان 
الهلال الخصيب ومعظم أراضي إيران تحت حكم حكام شيعة. وكانت 
المراسم والاحتفالات العلنيّة ثُقام في أيام انتصار الشيعة (اعتراف محمّد 
ب 1 وكا لد لتخخصيات الرائدة : لاد 
والفنون من الشيعة. ولكن حتى خلال هذه الفترة» ظل الشيعة اكه ولم 
يتمكنوا من التحكم بالحياة الاجتماعيّة بأكملها؛ إذ لم يكن ممكناً للسئّة أن 
يقتنعوا بتبني مزاج أقلوي يقوم على رثاء الذات ولومها مثلما كانت عليه 
الحال في توجّه المزاج الشيعي آنذاك. غير أنهم تأثروا بهذا التمجيد 
والتفخيم للشخصيات الرئيسة : أصبح علي بطلا مهماء ومُنحَ محمّد مكانة 
ميتافيزيقيّة» وبكى أهل السئة على الحسين مثلما بكى الشيعة عليه. 


التقوى الاسماعيليّة: النزعة الباطنيّة والهرمية 


اتخذ بعض أتباع جعفر الصادق طريقاً ا مانا . فباعترافهم بابنه 
إسماعيل إفافناً جما انوا حركة فكرية واجتماعية ديناميكيّة ساهمت فى 
ولاقة الحديت بون حركاك العنزد وتمكتت قن بالكهالة بمن الوصدون. إلى اللبلماة 
في مصر في القرن العاشرء. مع تراجع القَوّة العباسية سية. قام الْتسْ الباطني 
بدور أكبر بين الإسماعيليّة مما قام به عند الإثني عشريّة . 


51١ 


يمكة اعتاز الاسماعيللة أنجح الحركات التي نصفها ب«الباطنيّة», أي 
الذين يُعطون الأولويّة لالباطن, «المعنى الجوّاني»» في جميع الكلمات 
والصيغ اللينية:..ويبندو أن جميع هذه الحركات التي خرجت من رحم 
المنظرين الغلاة. كانت ذات نزوع شيعيّ. . وقد تأسّس نمط التقوى لديهم 
على مبدأ وجود جانب خفي وباطني من الحقيقة والمقدس». جانب محجوب 
عن العامة الذين لا يستطيعون سوى لمس قشور الإيمان لا لبّه الداخلي. 
وحدة:غلق» أمين أسراز.محخمد هو من اتثمن على المعاتىالسرية والباطتة 
للقرآن؛ ومن يملكون اليقظة الروحيّة الكافية ليعرفوا مو على ع اروحم 
قن يمون بغذهة لقا : 0 


55007 م 0 الباطنيّة بعد قرن: 
بخاصّة الإسماعيلية (وأيشيا بسرية). فالمانوية والإسماعيلية كانتا تعتزمان منح 
معتنقيهما حكمة ومكانة كونيّة لم تكن العقول الغليظة للبشر الفانين لتطمح 
إليهاء وبالكاد كان ينظر إلى من هم خارج المجموعة على أنهم بشر 
متساوون في رتبتهم . طوّرت الإسماعيلية. مثل المانوية» نظامها الكامل من 
العلوم» وقد انبنى هذا النظام على أتباع الفلسفة الهيلينيّة» ثم جرى تطويره 


(1) في دراسة الحركة الباطنيّة» فإِن علضاء أكث: من أي حالة أخرى من الدراسات الدينيّة أن 
نستعمل ما أطلق عليه ماسينيون «علم التعاطف» النفسي . فعلى العام المراقب أن يُقدّم السلوك العملي 
ل ا ارو ا ا ل وأن يشعر بها 
شخصيّاً ويوسّع إحالاتها بما يُتيح للأشخاص المتعلّمين الآخرين فهمها. ولكن ذلك يجب ألا يحل 
محل تفهّمه وتفهم القراء للأصل الذي يدرسونه فالهدف هو توسيع منظوره ليفسح مجالاً للمنظورات 
الأخرى . أي إن على العالم ألا يتوقف عن التساؤل: "ولكن لماذا؟» إلى أن يصل فهمه إلى النقطة التي 
يلتقط فيها إدراكا إنسانيًاً مباشراً لما يعنيه هذا الموقف الذي يدرسهء بحيث يصبح قادراً على الشعور 
بالفروقات الدقيقة التى تسجلها الوثائق» من خلال معرفته الكليّة بالافتراضات الأساسيّة والحيئيات 
المربظة بالحالة لاد لعفل هذا الأدراك أن يعض التخفى» غلن سبيل المثال«غير فحص ما فى 
الحيثيات التي يجب افتراضها مسبقاً» وما هي الحيثيات التي يجب أن ترتبط بهذه المواقف؛: حتى يتأنّى 
له التوثق على نحو مستقل من هذه الحيثيات . ولكن. »على الرغم من المحاطر التى تحف هذا السهع» 
نه يبقى أقل خطورة من المقاربات البرّانيّة السطحيّة . يُحيل ماسينيون إلى أعمال فلهلم دلتاي*وكارل 
يونغ ؛ ؛ ليُضيء هذه المسألة . انظر: 


:215 ) :1:47 '! ع 110« 0طهاظ شط .له ,رسغطة© 012106 :325ل **رنلءلا 0153[ وعآ'' رمممع 812551 15نا0آ 
109-114 .مم ,(1961 رععصةءظ عل 112117615162155 وعووع22 


17 


وتعديله بحسب الرؤية الباطنيّة التي تصوّر نظام الكون كبناء رمزي بالكامل . 


على أنَّ الإسماعيليّة تختلف عن المانويّة (وهنا يظهر طابعها المسلم). 
من جهة أنها متوجّهة بشِدّة نحو التطوير العملي للنظام الاجتماعي في العالم. 
ومتوجهة نحو حركة التاريخ البشري. كان سيكو 1 ومجاعيا” مثل بقية 
مجموعات أهل التقوى» يعترفون بالقوّة الملزمة للشريعة؛ التي تعتبر العمل 
الأبرز والأهمٌ لمحمد. ا كان يتم التغبير “ع الموقع الرفيع للشريعة من 
خلال إعطاء الأولويّة لمحمّد نفسه في البنية الهرميّة الرمزيّة التاريخيّة لدى 
الإسماعيليّة (مع أنّ بعض الباطنيّة قد تمادوا وصولاً إلى رفع رتبة عليّ 
وعلومه السريّة فوق رتبة محمّد). ولكنٌّ الولاء العلوي لم يكن مجرد مقو 
ومدعُم للنزعة الشريعويّة لدى الإسماعيليّة» بل كان بدرجة من الدرجات هو 
ما يجعلها مفارقة ومتعالية» بوصفه هو أساس الحقيقة الباطنيّة . 


كانت مهمة المؤمن هي تحقيق ذاته من خلال تحقيق فيو يق الله لذاته في العالم؛ 
أي من خلال إنفاذ الله لإمكاناته الكونية العقلية الخاصّة به. فالعالم ليس مجرد 
اختبار توضع فيه فيه جميع الأرواح ليُعلم ما إذا كانت ستقوم بواجبها أو لاء وهو 
ليس بالطبع من عمل الشرٌ الأعمى؛ فالعالم يُقَدّم بكل تفاصيله خظة إلهيّة 
معقّدة وجميلة في أن معا . كان الإسماعيليون يحبون - في تقليد يعود إلى أيام 
الفيثاغوريين ‏ تقديم رؤيتهم عن الجزء الخفيّ من النظام الكوني من خلال 
التماثلات بين الأرقام: فالفتحات السبع في رأس الإنسان تعكس الكواكب 
السبعة المرئيّة لناء كما تعكس الأيام السبعة التي تشكل ربع دورة القمره: كا 
تعكس الفواصل السبع داخل الأوكتاف الموسيقي الواحد. لقد كان هذا 
الاهتمام بالأرقام» على الرغم من أنّه قد أخذ أحياناً شكلاً سطحياً من 
الاهتمام بالنسب بين الأجزاء المختلفة» يحمل معه سمة يتشاركها مع علوم 
الفيزياء الحديثة» ألا وهي م اكتشاف تماثلات عقليّة غير حسيّة» يُمكن من 
خلالها رؤية معنى وطبيعة مشتركة تجمع تحتها الظواهر التي قد تبدو مختلفة 
ومتباعدة. لقد كان الاأهتمام الطاغي لهذه النزعات هو إيجاد وحدة مادية 
وفعتوية في الكو والتاريج ‏ وعو ها يعي وبعود منتى كوي لجع تفاصيل 
حياة الفرد. إذاً فالاختبار الطبيعي للنظام الديني هو: إلئ أي درجة يعكس 
التناغم الكوني في تفاصيله الدقيقة» وإلى أي درجة يُتيح لأتباعه أن يعكسوا 
هذا التناغم من خلال المشاركة فيه. 


تفن 


ينظر إلى الكوون في التعاليم التقليدية الإيرانية ‏ السامية. التي أدَى 
التقليد الفلسفي الإغريقي ورا كبيراً فيهاء ٠‏ على أنه كون مُنظم على نحو 
هرميّ؛ يقف الخالق على قمّته. ومن خلال الحركة الدائريّة المختلفة في 
مدارات السماء وأفلاكهاء يستحضر الخالق جميع الحركات المعقّدة التي 
تدور في عالمنا تحت فلك القمر. 0 
والأجرام الملائكيّة والحياة العاديّة للبشرء توجد بنية هرميّة دينيّة موازية عند 
الإسماعيليين» يقف النبيّ على رأسها بالطبع؛ وتتشكل البنية الهرميّة من 
02 ريدي يلظ الي فممثل النبيّ في كل جيل هو إمام الزمان» الذي 

يُعيّن بالنصٌ من داخل أسرة عليىّ» وهو يحمل العلم المقدس الذي يجعاء 
عالماً بالخطّة الإلهيّة: التي يكشفها فقط لمن يستحىٌ من أتباعه. ولكنّ 
التفويض لم ر ينتو مع نهاية سلسلة الأئمة. فكما نعلمء خلال معظم الأزمنة 
العْناسَيّة العلياه.:وبخلاف الشيعة الذين أضيهوا لاحت «الإثني عشريةك. لم 
يكن لدى الإسماعيليين إمام متاح؛ فإمامهم مختفٍ منذ وفاة إسماعيل (فابنه 
محمّد كان قد سافر ولم يكن كبار الإسماعيليّة يعرفون فيما يبدو مكائه). 
وهكذاء بذلا من وجود مكل واحد للنبيّ» اعترف الإسماعيليّة بإئني عشر 
فيا لمتلوة العندة كل في منطقته ؛ وتحتهمٍ يتراتب المؤمنون في نظام يتألف 
من طبقات عديدة بدءاً من الدعاة» وصولاً إلى المؤمنين الجدد””". يُعلَم 
أصحاب الرتب العالية من هم دونهم ما يلزمهم من- علوم الإمام السرية. 

تمت حماية التنظيم الهرمي من خلال الاستعمال المفرط لأحد المبادئ 
القديمة» وهو مفهوم التقية. في البداية استعمل الخوارج الذين لم يلتحقوا 
بالفرق الحربيّة هذا المبدأء ثم استعمله العديد من الشيعة ممن اضطروا 
للتكيّف مع السلطات التي لم يكن ضميرهم يقبل بها؛ وهكذا تطوّر مفهوم 
التقية» أي إخفاء التقئ لرأيه الحقيقيّ. لم تكن التقية تتعلق بحماية المرء 
لنفسه فقطء بل بحماية المجتمع الذي ينتمي إليه أبقا 4 .وهكذا كان الشعة 
يشبجّعون على استعمال التقية مع الأغلبيّة السنية والحكومات السنيّة: على 
الأقل. عدم لفت انتباههم إلى المعتقدات الشيعيّة التي سيرفضها الإسلام 


(0 للمزيد حول الإمام «المستورا. انظر الدراستين الأساسيةه لويلفرد مادلنج : 
0 ,34-88 .مم ,(1959) 701.6 ,1512771 «26 ”بطع شط عهقوستمعطد8 لقنا معلتستاج1 '' :عمساءع5420 لم1 للا 
--43.صم ,(1961) 701.37 ,«رهاك1 ع2 **رععطعآ معطءدنان!(22ذا معطت ععل مأ اقتسقم] كدج 


ع 


المؤسّس» والحكومات التي يجب الإطاحة بها باسم الإمام. أصبحت التقية 
0 0 6 عن مذهب ا ااا التي وماك اليد 
انيه تعني 1 الال المقدّسة 0 الآذات لان ف بما في ذلك اذان 
أتباع الإسماعيلية المبتدئين وغعير المستعدين لهذه التعاليم . وهكذا بقيت التقية 
فاعلة حتى في ظل حكم الإسماعيليين. أصبحت التقية هي وسيلة الضبط 
الداخليّة التى تدعم هذه البنية الهرميّة: لقد كان يتم حماية التعاليم في كل 
مستوى من أولئك غير المستعدين لها. 


الدائرية الإاسماعيلية 


لم يكن هدف الانضباط الهرمي للإسماعيليّة ضمانَ سلامة التعاليم 
لعزن وفعاليتها وحسبء فقد كان مناسياً أيضاأ للأهداف السياسيّة - 
عشرية بأنتتتهم هم كانوا بكو فعون وضع تذبير حديد للع يه 
وهكذا فإنَ عنصراً دراماتيكيّاً قد عاد إلى شعور المسلمين بالتاريخ من 
خلال الإسماعيلية» لا بمعنى الدورة الطبيعيّة» وإِنْما على مستوى أخلاقى 
صارم . 


إن انبعاث التصوّر الدائري بالتاريخ أمرٌ طبيعيّ عندما تتحرّك العمليّة 
التاريخية (في ظروف من شيوع القراءة والحياة الحضريّة) بسرعة واستمرارية 
كا فيتين إلى درجة تمككن الأفراد من الوعي بعمليّة التغيّر الطويلة الأمد. إذا 
افترضنا فكانا وَومانا لا بهانسي 6 مع نطاق محدود من الاحختيبالات »> فان 
تأملها سكين :نوع تق حون السعدائر بالزهق :(الشهور يان التهي: الجدياء 

يسير إلى الحضيضء» والاستنتاج بأنْ كل جيل» بعد نقاط البدايات المثاليّة 
عجر :تكو لاسرا بالعموم). وهذا التأمّل سيقودنا مباشرةً إلى توقّع وجود 
دورات» يتلو كل تجديدٍ فيها انحدار مستمرٌ . يمكن أن ينتج نوع مختلف 
قليلاآً من الدائريّة من ذات افتراض اللانهائية الآنف حين نطبقه على حسٌ 
الشباب وشعورهم بالزمن (أي الشعور بأنْ الجيل السابق هو مجموعة من 
العجوره الجملية )ء كما نرى في العديد من الكليشيهات الحديثة» التي تفترض 
سلفاً وجود أنماط من التقدّم التي تكرّر نفسهاء لا في المجتمعات الأخرى 


556 


فقطء بل أيضاً في الأنواع المستقبليّة إن تحتّم على نوعنا البشري أن يُدمّر 
نفسهء أو حتّى في كواكب أخرىء إلى أن يبرد الكون وينطفئ. إِنَّ تمسَّك 
التقاليهالتيفية من العزات الإبراتق ب السافى يتطق يلي هات وأبلدق: د 
والذي كان قويّاً حتى في الإسماعيليّة - يحمل شهادة على المكانة العالية 
لديهم للرؤى الأخلاقيّة القائلة بأنْ بعض الأفعال حاسمة ونهائيّة ولا يمكن 
أن تعكس أو تمحىء فهي ليست مجرّد أحداث عابرة تحدث في أنماط 
متكررة» مرة تلو مرة. 


مثلت الدائريّة الإسماعيليّة مثلما ملت باطنيّتها إعادة إحياء للرؤى التى 
اتقف هانق :لتقا لين :الا اناه المنافتة وتيا كركجان ف نطو سك له 
عن كوااد ع 'المتهت القاك ووعره ماله كأ ريكنة الجر 1 لمكن 
العودة فيهاء لها بداية ونهاية؟ وهو المذهب الذي سيطر عادةً على هذه 
التقاليد. يعكس العالم بشكل مفصّلء في بعض أفكار الإسماعيليين على 
الأقلء نموذجاً إلهيّاً. ولكنّه ليس نموذجاً خالياً من الفساد. فكما هي الحال 
فى الأنظمة التوحيديّة الإيرانيّة ‏ الساميّة جميعهاء فإِنْ هناك نقطة' من الخطأ 
الأولى :والخطتةم :وقد فس :الاسم عتلارق.'(على ضراو (اللتوضينن )اث د | لسن 
(الشيطان)» الذي تُروى قصّته باقتضاب في القرآن» على أنّها نقطة تحوّل 
كونيّة» تستلزم عمليّة تفصيليّة وطويلة من التصحيح والاسترجاع. وهذه 
العمليّة هي ما يكوّن التاريخ البشري. (في بعض الفلسفات الإسماعيليّة» فإن 
الانحراف الأوّل هو م الخاطئ والكاذب بالاستقلاليّة عن العقل 
الكونيٌ الساري في كل شيء»ء الذي يمكن حث الإرادة الحيويّة على 
الانغماس فيه). كان لجميع الأنبياء 0 (تتألف هذه القائمة عادةٌ من أدم 
ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد) أوصياء علموهم المعاني السريّة 
للوحي النبويّ الظاهري وأشننوا ملسلة فة الاخية المجهولين» تعرفهم نخبة 
محدودة فقط. ستتوّج هذه المهممّات بقدوم المهدي. الذي سيكون السابع في 
خط الأئمّة وسيعلنٌ بقدومه يوم القيامة. (أحياناً كان ثمّة تمييز بين ذلك 


() 20د 149-217 .مم ,(1951) 701.0 باأعلاط لهل دمانوسط **,...عناوتاعلاء ومصاءع 1 عط“ رصتط رهن نصصء1] 
,61 [/تاعواء 


وهو آخر من شدّد على أهميّة الدائريّة فى الفكر الإسماعيلي . كما أنْ عمل مرسيا إلياد عن الدائرية 
ذو صلة هناء بخاصة فى دراسته . انظر : 


ادح 


والبعث الخاص بكل فرد من المؤمنين» الذي يُمثل مسألة ووو ة أسياسة 
ب عاو سو او ا 


كه تتبع هذا النوع من الدائريّة» الذي اشتغله الإسماعيليون. في 
الكثير من جوانب الإسلام الباطني ةا : لم أن دائرية الإسماعيليين 
الأوائل كانت قابلة للتضخيم والمبالغة. فبالغالب» كانت دوريّة ظهور 
الشخصيات: السبعة الكبرى (النطقاء): والأئمّة السبعة لكل واحد:منهب'*. 
أمراً خاضعاً شعوريّاً ومنطقيّاً لخطيّة التقدّم الأخلاقي الذي ينطلق من 
الانحراف الكوني الأول إلى استعادة التناغم الكوني. إن استعداد 
الإسماعيليّة لتبني دور سياسيّ يظهر نزعتهم التاريخيّة» النابعة من اقتناعهم. 
مثل بقيّة المسلمين» بوجود مهمة خاصّة للوسلام. لاحقاء مع تطور 
المذهبء. فسّر فلاسفة الإسماعيليّة آراءهم من خلال الأفلاطونيّة المحدثة 
وأدخلوا في نظريّتهم بالتالي طابعاً لازمنياً مع الحفاظ على الدور التاريخي 
إضافة إلى ذلك» مع انخراط الإسماعيليّة في الأحداث السياسيّة العامّة من 
دون توقع الوصول إلى لحظة تحمّق نهائيّة» أصبحت نظريّتهم التاريخيّة أكثر 
تعقيداً 00 فباتت تتضمن تفسيرات لكل الحاللاث الطاركة والكادة التي 
ظهرت. . في هذه العملية أيضاً. وصلت النزعة الدائرية إلى درجة حجبت 
جعي | حهيا ا التصوّر الخطّي للتاريخ (وقد حصل ذلكء. على الأقل» في فكر 
الإسماعيلية النزاريّة لاحقاً). ولكن لب الإسماعيليّة ظلّ متمثلاً فى الترعة 
الممدةة: ْ 


بدءاً من الحسن (لأن علي لم بحن مجرد إمام. بل كان وفيا للنبي). 
إن الإمام السابع هو محمّد بن إسماعيل؛ ولأنه الإمام السابعء كان 


- حهذ/الا) 2 .20 ,701.2 ,كعدمتوناعغ1 زه بر«ماىةط **رعستااعععه1 220 17ممطع]8 1ه وعزعه 1م طارو8'“ ,علدناظ وعء 11 
329-44 .مم ,(1963 عع 

(#) النطماء ء السبعة هم : د ونوح وإبراغيم وموسى. وعيسى ومحمد والقام وكل واحد منهم هو 

الباطن الروحي (الممثول) الذي يُقابل جرماً سماوياً ظاهراً (المئل)؛ فآدم يُقابل زحل» ونوح المشتري» 
ومحمد عطارد. وهكذاً؛ ولكل واحدٍ من النطقاء ء إمام أساس يؤوّل نطقه, فأساس آدم شيث وأساس 
0 إسماعيل رسال عر م ا وهو محمد بن إسماعيل عند 


>51 


الكتيزوق: رتو عون .يأن يكون هو المهدي. وأن يتسلم مقاليد السلطة بمجرّد أن 
يكون تنظيم أتباعه مستعدًاً وفاعلاً بالدرجة الكافية. كان للسلطة الهرميّة 
والأسرار الباطنيّة إسهامها في حياة الأفرادى. لا من جهة تطوّرهم الروحي 
الشخصي فقطء بل أيضاً من خلال إشراكهم في قضية تاريخية راهنة. لقد 
كان هذا البرنامج الاجتماعي اعنافا للوصول إلى التحقق الإلهئّ» وللتطوّر 
الشخصي للنخبة. (في القرن العاشرء ظهر إمام إلى العلن - كواحد من نسل 
محمد بن إسماعيل ‏ وأطلق حملة جمعت الإسماعيليين لأوّل مرة حول 
إمام» وحاول بعدها السيطرة على دار الإسلام كلّها)" . 


خلال الأزمتة العاسية العا أصهفت الإسماعيليّة هي المحرّك ف 
للآمال المهدويّة ذات الطبيعة الباطنيّة» التي اجتمعت حول التشيّع؛ على 
الرغم من استمرار وجود مجموعات باطنيّة أخرى (لا سيّما الحركة التي 
انفصلت عن الإثني عشريّة في نهاية القرن العاشر وأصبحت معروفة 
ب«النصيريّة». الذين لا يزال جزء منهم يعيشون في المنطقة الزراعيّة في شمال 
ضوويا)» لفن كفك لأممافياةة الكثير للكتيرين ا فنك افدميت: ماف 
الميول التأمّلية صورة مرسومة ببراعة للكون. بخاصّة عبر ما أتاحته الرمزيّات 
الأسطوريّة الغنيّة التي أعملوها في الأجزاء المبكّرة من القرآن من حيويّة, 
زالقي كان المراع الأخلاق: البعات العدية بدن العلماء سجر جعانيهنا:». اننا 
بالنسبة إلى ذوي الميول الفكريّة» فإِنْ الغطاء الذي توقره النزعة الباطنيّة كان 
يُفسح مكاناً مهمّاً داخل الإطار الإسلامي للعديد من الاهتمامات التي كان 


(9) لا.يؤال كتات برنارد لويس هو الدراسة الأساسيّة لظهور الإمام الإسماعيلي وصعوده إلى 
السلطة. قد يكون لويس مبالغاً في حماسته في عزو الحركة إلى توجّه طبقي اقتصادي صريح . انظر: 

.(1940 ,5025 0طه 1ع11ء11 نذالا ,عع 110طاتنهن)) سخ[ 157:14 [0 0717715 71776 ,5اتتاعآ 70دمعع8 

ولذاء فلا بد من تصحيح الصورة العامّة للحركة الإسماعيليّة في ذلك الوقت من خلال دراسات 

ويلفرد مادلنج التي سبقت الإشارة إليها؛ ومن خلال مقالات : 300 1503'1115:2'' ,مرءغ5 .14 .5 

عل 21155 أوةء 217لا وعووعء: :215و) 5|271[ '! ع0 :2110 807هاط شط ,.لع ,لعطةن) ع01200) :225ل ,21305 تطحة0) 

أمملء5 116 إه «1اء|!:8 ,21-1111122 01 عطنط' عغطا )2 دذ1503'1115 :2000ع)ع2'' 99-108 .مم ,(1961 ,رعممةطآ 

15 221 5أ5نا21-8 تتذكة1-0'ناطق" لطة ,10-33 .مم ,(1955) 17 .701 ركء41لااى انهءأ نل هه أه1ء 0 /6 

14-35 .مم ,(1961) 701.17 ,نزاعاء50 عألماكل أمنرمكا 11:2 زه [هاتتيتمل ,15123111510 01 مملنأهاتااء ]1 

لقد استعمل هؤلاء الكتّاب الموادًٌ الإسماعيليّة لتجاوز الصورة المغرضة للإسماعيليّة التي رسمها 

لهم أعداؤهمء والتي قلدها بعض العلماء» وفي الوقت نفسه لتجاوز الصورة التي رسمها الإسماعيليُون 

بأثر رجعي لماضيهم . 


572 


يُمكن أن يشتغلها المسلمون في نظام بلاطء لكن ليس بصفتهم مسلمين: 
الفلسفة والعلوم الطبيعيّة. وفى ظل الرعاية الباطنيّة» والإسماعيليّة على 
الأرجح. تم تأليف أشهر الخلاصات المبكرة للتعاليم والعلوم ذات الطابع 
الهيلينى» رسائل إخوان الصفا؛ وبالمثل رأت الأعمال الكيميائيّة التأسيسيّة 
لجاب دق فيان الكور تحت هده الرضايف» اغتيرا بالسية :إلى الاشبخاض 
المعنيين في المدن المزدحمة. الذين يبحثول عن حصّة عادلة من الازدهار. 
قدّمت الاسماغيلة أملا «العدالة الاحشياعتة وحسًا بالمتشاركة التشيطة :فى 
الصراع نحت مباركة الله . ادنتها وحد التشيع. وأعفيانا ف أماكن الى 
انفيا. كان الاسمناعدا تنود كاوه وعا خبي اللعلويوع فى ها تاننةه الظروف 
المناسبة. على الرغم من ذلك, يبدو أن الإسماعيليينء مثل المانويّين» لم 
السكانء 5000 عابرة كرجه منهم . 500 الإسماعياتة 
مذهياً لنخبة محدودة. 


نزعة أهل الجماعة: تقوى التضامن 

فقما نت السد معن شيط يا الهولة والمعاناة في عالم شرير 
وأعمى ينتظرون الخلاص منه بوعد تاريخي مقذرء كان أهل السئة والجماعة 
يطوّرون أخلاقاً أكثر تناسباً مع حال الأغلبيّة الناجحة تاريخيًاً. فبينما ركز 
الشيعة على المهمّة التاريخيّة للمجتمع المسلم وتباكوا على من خانهاء ركز 
أهل السئة والجماعة على تراثها العظيم وطوّروا حسّاً بالفخر في تعريفهم 
لأنفسهم من خلالها . 


كان هناك العديد من أشكال التقوى المتنافسة تحت مظلّة أهل 
الجماعة» كما كانت الحال لدى الشيعة. ومن بين الفرق الكثيرة من أهل 
التقوى المعارضين الذين قبلوا لاحقاً بحكم العباسيين» تمكّن المعتزلة من 
الصجود. لمترة طويلة كمدرسة مستقلة. ا 0 ار 
للوسا] فيما ا «أهل الحديث». كان المعتزلة فاعلين في بغداد وفي 
أماكن أخرى» كالبصرة التي ظهروا فيها أوّل ما ظهروا. في الأزمنة 
المروانيّة» حاول علماء المعتزلة أن يصلوا إلى مواقف توفيقيّة» يمكن لجميع 
الفرق المتنازعة أن تتفق عليها: فقد رفضوا الحكم على على أو على 


4 


خصومهء واختاروا استعمال المصطلح القرآني «الفاسق» فيما يتعلّق بالخلاف 
حول منزلة فتكي الكشرة: ولكنهم أعقبوا هذا الموقف بلوازم منطقية 
صارمة؛ ومن ثم فإنهم قد رفضوا تصنيف الفاسق في أي منزلة سوى تلك 
المتضمّنة في المصطلح القرآني؛ أي ِنْه ليس مؤمناً ولا كافراء أنا يدك 
الحكم العباسيّ فقد كان المعتزلة راضين نسبيّاً عن توجّه الإسلام بصورته 
التي كان قائماً عليهاء ولم يكونوا مهتمين لا بالانخراط الشعوري ولا 
بالتعاليم الباطنية؛ فقد كان اهتمامهم منصبًا على النقاء الأخلاقي والمذهبي 
0" 


شحير المعتولة بصرامتهم وشذتهم في حياتهم الشخصية. ولكنهم 
اشتهروا أكثر بسبب آرائهم المذهبية. وإذا كانوا قد سمحوا لأنفسهم بشيء 
من البهجة الت > -فإن ذلك مقصورٌ على افتتانهم بالتحليل المنطقي. كان 
لهم بالعموم اهتمام كبير بالقانون [الفقه]ء ولكتهم أضافوا لهذا الاهتمام 
اهتماما فكريًا قويًا بالأسئلة الكبرى. وقد ركّزوا بخاصّة على سلامة التوحيد. 
شدّد المعتزلة على مسؤوليّة الأشخاص الأحرار أمام الله العادل؛ لا يجب أن 
تُعزى الشرور البشريّة إلى الله وإنّما إلى البشر أنفسهم» الذين سيُعاقبون بعدل 
على أخطائهم. وقد شدّدوا أيضاً على أنه لا يجب أن تُعزى أي من صفات 
النقص البشرية لله؛ فكل إشارة قرانيّة إلى صفات ماديّة أو شخصيّة يوصف 
بها الله يجب أن تُفهم على أنّها مجاز. إضافة إلى ذلك» كانوا مهتمّين 
بالالتزام الأخلاقي العملي الذي ترتبط الأمّة من خلاله» ولذلك فإن الأصول 
الخمسة للمعتزلة كانت تشمل إضافة إلى توحيد الله» وعدله» ومنزلة مرتكب 
الكبيرة» [والوعة والوفيد] رواجت الآمير بالمعروف والنهي عن المنكر 
اللي نا لد يناعيو 


كان المعتزلة من أوائل المسلمين الذين دفعوا بقوّة بفكرةٍ لم تنل موقعها 
الأثير على الرغم من حضورها فى القرآن» وهى فكرة «الاعتقاد»؛ بمعنى أن 


٠ )‏ لعل أفضل من أظهر هذه التركيبة بين النزعة الفكريّة والأخلاقيّة للمعتزلة هو إشماعيل 

الفاروقي. انظر : 
لز[ 01141 [هع1[ورمده]11/ 2 11 موس *“رأطعنامط1' طة1ذخجة* 1810 مذ كاء5 عط]1 ,“1و0عة1-اى .1 2211د1 
.366-88 .مم ,(1966 ؟عطتتعامء5) 3 .20 ,6 .7/01 


٠ 


المفهوم التوحيدي للإيمان يعني فعلاً للإرادة أكثر مما يعني فعلاً للفكر: أي 
الثقة بالله والالتزام بما يأمر به. ولكن في جميع التقاليد رحد كان 
هناك نزوع نحو الاستعاضة عن مفهوم الثقة بالإله ‏ الذي لا يصلح كاساس 
لتحديد الأتباع - بمفهوم الاعتقاد بأن الإله جدير بالثقة؛ والاستعاضة عن 
مبدأ الإخلاص والالتزام بالأوامر الإلهيّة باعتقاد المرء بأنه يجب أن يكون 
موقا إن"فيذا الاعتقاد يتيح المجال لإقامة معيار موضوعي لولاء المجتمع . 
وهكذاء أصبحت المفردات التي كانت تحمل دلالة الإيمان تفهم على أنها 
تُشير إلى الاعتقاذ.. (إِنْ مثل هذا الحمل لمغانى الألفاظ يجعل من كثير من 
نات الغرانا مرفكة المعني »وإ كانه فى دعقي العواضم دن انس 
ومحكمة الدلالة). وإذا كان المعتزلة قد ركُزوا على العمل بقدر تركيزهم 
على الاعتقاد. فإن تركيزهم على الاعتقاد الفكري هو ما قادهم لتطوير 
نظامهم المذهبي المفصّلء ليحذدوا ما هو الاعتقاد الصحيح ويدافعوا عنه. 
وقك شيك قاذ ا لنقظة نا قيرة لناى المسامية فق .الك الو فت قضاعدا . 


بدفاعهم عن أطروحاتهم المنطقيّة الأخلاقويّة» أصبح المعتزلة هم الدعاة 
الأوائل الأبرز لللاهوت المنافح عن الإيمان؛ علم الكلام . فقد بات معظم 
المجللية الدينيين الإسلاميين يرجعول إليهم لحا باهم أكثر كلما 
تقدمنا في مبحث الكلام. لم يكن خطاب المعتزلة موجّها لجماهير العوام. 
على الرغم من تشديدهم على المساواة المسؤولة ب بين المؤمنين » وعلى الرغم 
من سخطهم على الترف الأرستقراطي . ويبدو أن رؤيتهم في الحقيقة كانت 
أكت. توعان وتلاؤماً مع نخبة حكم صغيرة ؟ يكون على أعضائها أن عبر 
مكانتهم في مواجهة الرعاع الذين لا يتوقع منهم أن يحملوا اعتقاداً 000 
وهو أمر لم يكن إسلام القرن التاسع ليّلائمه» هذا إن كان ليلائمه في أي 

كان المعددلة تاشطوة سناسيا , دعم العديد منهم السلالة العباسيّة بفعاليّة 
بعد أن وصلت إلى السلطة. وقد كان بعضهم يأمل بالاستفادة من نفوذهم 
على الخلفاء العباسيين لفرض رؤيتهم الصارمة على المسلمين بالعموم : ل 
ضد المانويين؛ ولاخقاء في مواجهة العلماء المسلمين الذين فشل الاعتقاد 
الذي يحملونه شي الحفاظ على المسؤولية الشيرية أمام الله بدرجة كافية ؛ وهو 
ما أصبح واضحاً مع أهل الحديث». الدين باتوا هم الممثلين لشكل التقوى 


> 


الذي ارتبط في النهاية بموقف أهل الشريعة السئّة. قبل نهاية أزمنة الخلافة 
العلياء انحدرت شعبيّة المعتزلة المنتمين إلى أهل السنة والجماعة إلى أدنى 
مستوياتهاء ولحقتهم ويلات الكراهية التي صبّها خصومهم عليهم (على أن 
مبادئهم الفكرية بقيت حاضرة لدى مجموعات تتبع أنماطأً أخرى من التقوى. 
ومن خلالهم انتشرت هذه المبادئ بعد أن جرى تعديلها وتفصيلها). 


على الجانب الآخرء كان العديد من المعتزلة مناصرين للعلويين. 
متابعين في ذلك موقف المعارضين من أهل التقوى. وقد حظي بعضهم 
بأتباع وتلاميذ من الفرق الشيعيّة الحربيّة التي شكلت في نهاية المطاف 
الطائفة الزيديّة. من دون حضور اسم المعتزلة» انتشر نمط التقوى الخاصّ 
بالتعفولة فى التشكم الويدف (وفى العديد من المذاعي الاعتقادية لد 
المجموعات الشيعيّة أيضاً). أما فيما عدا ذلك» فقد تلاشى الاعتزال كتمط 
للتقوى بين أهل الجماعة. 

أهل الحديث 

كان الشكل الأكثر تأثيراً من تقوى أهل الجماعة في نهاية أزمنة الخلافة 
العلا هو الشكل المرقط باهل: الحديث»: المتجموعة الى شكلت: الأحاديث 
الوازكة عد اللي التصدر الرتيين للبيلطة النيتة عندماة اتير ال العدية 
في كثير من الأحيان ممثّلي «الأرثوذكسيّة» بامتياز). وقد عنوا أشدّ العناية 
بالحفاظ على ما تم إنجازه بصرامة أخلاقيّة أكثر منه بصرامة فكريّة أو 
شعوريّة» وهو ما قادهم إلى معارضة الظروف التي يعيش فيها المسلمون 
باسم الماضي المثالي. وبسبب تقواهم الرائجة والشعبويّة تبعهم الكثير من 
المسلمين» بخاصّة في بغداد. 

يبدو أن هذا التقليد من التقوى قد نما في الدوائر التي كانت تحنّ إلى 
تضامن الجماعة في الأزمنة المروانيّة (إما لأنهم لم يقبلوا بالثورات الطارئة 

» كما كانت الحال في واسطء عاصمة السوريين في العراق» وإما 
لأنهه كانوا يحملون مشاعرٌ من ردّ الفعل تجاههاء وهو ما بدأ تأثيره يظهر 
منذ حكم المنصور). قام أهل الحديث بإحياء مكانة معاوية بوصمه .أحد 
صحابة محمّدء وكانوا في البداية يميلون إلى التقليل من قيمة علي . وقد تبنوا 
مصطلح الجماعة كمصطلح مفضّل لتعريف أنفسهم من خلاله؛ إضافة إلى 


نض 


مصطلحر السئة والحديث. وقد كانوا يحاون مدرسة ابن عمر في المدينة 
على وجه الخصوص (التي كانت براه عنك ا لدنووا نيو )0 ولكنهم ضموا 
العديد من ورثة المدارس الأخرى أيضاً ؛ العديد من أتباع الحسن البصري 
ومن ردواة الحديث المؤيّدين المعتدلين للعلويين في الكوفة (وفي هذا 
السياق» أعيد الاعتبار لعليَ وتم الاعتراف به في صيغة مساومة تشئى خلا 
وتسيظا فهو رابع الخلناء ال اديت نوفقا 52 الزمنئ - ومن ثم فإنه يأتي 
بعد عثمانء, وإن كانت له أسبقيّة حاسمة على معاوية). وهكذا دمج أهل 
الحديث عدداً من التقاليد معا من خلال حوار أسهم فيه الكثيرون بدرجات 
متفاوتة. أصبح عدا لققليك البعدكك تدرييس: الزائعة الاسافية [لتقئق يبن 
علماء أهل السئّة والجماعة» وحظي باحترام شعبي واسع . 

كان لهذه النزوعات والتفاعلات المضادّة للثورات آثار واسعة النطاق. 
فقد كان لجميع معارضي المروانبية من أهل التقوى.سمعة سيعة: لدى: أجل 
الحديثء» وقد كان أهل الحديث هم من شوّهوا سمعة معظم الفرق (على 
الرغم من أنْهم كانوا يحترمون بعض الأفراد الذين أيّدوا هذه الفرق). كان 
الأمر بالمعروف والنهي عق الوك أحد المبادئ التي نذأت تخيمر: فغالتها 
وزخمها في الظروف العباسية الجديدة. لم بذكن أهل الحديث هذا الواجب»ء 
بخاصّة في العلاقات بين الأفراد» ولكنّهم لم يركّزوا عليه في القضايا 
العموميّة» بل اعترفوا من حيث المبدأ بالحاكم المسلم. على الرغم من 
ذلك كانوا معارضين بدرجة ماء بطريقتهم الخاصة.» ولم يكونوا سلبيين 
اجتماعيا. ففي دوائرهم. ازدهر العمل على صياغة نظام الشريعة الإسلامية 
بفعاليّة: وقد كسبوا ولاء بعض الأطراف» لم يكن من بينهم حنفيّة الكوفة 
(الذين كانوا مرجئة)» ولكنهم كسبوا ولاء الدوائر المحيطة بمالك في المدينة 
وبالشافعي. نظم أهل الحديث أنفسهم بطريقة غير رسميّة في بغداد. عبر 
بروز قادة يحترمونهم ويلتزمون بقراراتهم. عندما وصل هارون الرشيد إلى 
سذة الحكم (875/)» خسر المعتزلة حظوتهم. ودم النظام الحاكم أهل 
الحديث. وعند ذلك» استعمل أهل الحديث شعبيّتهم المتنامية في بغداد 
للشروع في حملة اضطهاد اجتماعي للمنشقّين؛ وفي بعض الأحيان كانت 
الحكومة تعتقل خصومهم. 


تأحنيف الداعة الشريعية في تقوى أهل الحديث على الولاء للمجتمع 


يفك 


بالعموم. الذي يعبّر عن نمسه من خلال احترام الأحاديث التي انتقلت عبر 
جنامية ‏ النبيّ (باعتبار أن ذلك تجسيد لحكمة المجتمع وعظمته ككل). 
فقد أعلن أهل الحديث بأنْ جميع صحابة النبيٌ يحظون بالدرجة ذاتها من 
الاحترام [العدالة]. وأن تفسنير. الدراقات والعداوات التى قسّمت الصحابة 
وفرّقتهم أمرٌ موكول إلى الله. فمجتمع الفاتحين المحمّدي يحمل معه في 
وحدته ناد 5ه من اللهء» ولا ينبغي إفساد هذه الوحدة بالأسئلة المتكلفة. 
أصبح الشيعة يرون تيان الحقيقة والعدالة قضيّة خاسرةء وباتوا يرون بأن 
الصالحين مضطهدون دوماً وأنّ طريقهم إلى الله لا يمرّ إلا من خلال المعاناة 
والاضطهاد. على النقيض من ذلكء» نظر أهل الحديث إلى الحقيقة على أنها 
المهيمنة في الغالب بين البشرء وقد رأوا بأنْ معيار تمييز الحىّ هو الرأي 
المشة كد في المجتمع الحاكم. اق في الأجماع ؛ وعندما يتم م اضطهاد الحقّ. 
م اي اس ل فإن ذلك لآ يعدو 
أن يكون فلودا مؤقتاً سيتمٌ التخلّص منه. وهكذا فلم يكن موقفهم هو 
التباكي» بل الشعور الرضبين /السؤراب؟ عن اناا الذي يقع تحت أيديهم. 
لقد كان نمط التقوى هذا مفيداً لبرنامج أهل الشريعة في النظام الاجتماعي. 
ومثل بؤرة تركيز على التجانس والوحدة التي عاشها المجتمع المسلم الأوّل. 

كانت هذه التقوى أكثر من مجرّد نوع من الوعي المجتمعي أو من 
استناد القانون إلى قاعدة واسعة. فقد كان لاهتمامهم بتفاصيل قانون الوحي 
بُعدٌ يتعلّق بالإخلاص المباشر والشخصيء وهو بُعدٌ ذو عاطفةٍ وخيالٍ 
خاصضّين لا يقلان عما يظهره الشيعة الإثنا عشريّة في منادبهم. فافتراضاتهم. 
في محاولة تطوير قانون الشريعة على أساس المجتمع التاريخي ككل». كانت 
تقول بأنَ القرآن والسنّة كافيان وحدهما لجعل المجتمع البشري يحمّق 
مسؤوليّته المباشرة من دون وسائط أمام الله. وهذا الأمر لا يُمكن أن 
يُستشعر إلا إذا أمكن أن يكون الله حاضراً من دون وسيط في القانون نفسه. 
وهكذاء فعندما ظهر المذهب القائل بأن القرآن هو كلام الله القديم - وليس 

يدر أمخلوق كالبكتن ويقتة الأشماءى تحمس أهل الخدية: لهذا القول 
0 

كان في هذه الفكرة تمجيد للنزعة النصوصية» التي كان هؤلاء الرجال 
يتجهون نحوها بالضرورة منذ أن أقاموا نظامهم على الأحاديث بدلا من 


55 


تقاليد المجتمع ‏ كما فعل الفقهاء الأوائل ‏ أو على العقل الخاصْ. كما نحا 
المعتزلة. وعلى شخلاق النزعات نحو التقليد أو العقلانيّة» أو الولاء 
الشكفي 'كماتحن لق الشيعات: تحن أن اع الحديت كانوا: محدون 
الكلماك الراضخة (الفن) ».يوأههها بالطيع القراة . يغام على ولك فإن 
التعبير الأعلى عن تقوى أهل الحديث قد تجلى في المذهب (الذي عبّر عنه 
الحديث) القائل بأنْ القرآن الذي يتلونه» بما هو كلمة الله» ليس مجرّد 
د ون الله ار كيان: كونن أبذق + اشىء 

ينتمي إلى الله نفسه؛ بل إِنْ المتحمّسين منهم كانوا مستعدّين للموت قبل أن 
1 القول بأن القرآن مخلوق. اه الرجال بصور وسيطة تحجب 
وجه الله عنهم؛ كما لم يعترفوا بأيْ شكل من الموسيقى المقدّسة أو البخور 
المُهيّحء ولا بالأولياء أو القديسين» أو بالمنقذ المخلص. ولكتّهم مع ذلك 
كانوا يونداوق: أن يكوك الله محسونا وملموسا ‏ فقه كانوا يويدؤت .أن :يووا الله 
بعد الموت».:وآن يمععوة الآن بشكل هياشر ينو تعلال: القران. “لفك كانت 
خيالاتهم قائمة على حضور الله نفسه. فكلامه كان على ألسنتهم حين يتلون 
القران» وبين أيديهم حين يحملون المصحف بتوقير» وكلامه ليس شيعا سوى 


نفسه . 


كان مثل هذا المذهب غريباً عن روح التقوى في المدينة الأولى» مثلما 
كان مذهب عبادة البطل لدى الشيعة غريباً. صُدم المعتزلة» واتهموا أهل 
الحديث بالانتقاص من توحيد الله ومن تعاليه وتنزّهه عن البشر بمواقفهم 
التشبيهيّة. لقد اعتبر المعتزلة بأن القول بأن القرآن». بما هو كلمة الله» «ليس 
بخالق ولا مخلوق» (بعبارة أهل الحديث). يعني وضع القران كمعبود آخر 
م الله لقند كان ذلك مععا رقا قماما مع روح القران. الذي كرس المعتزلة 
أنفسهم للدفاع عنها. . وبدعم من سلطة الخلافة في زمن المأمون. امتحن 
المعتزلة أرثوذكسيّة أهل الحديث حين طلبوا منهم أن يعترفوا بأنَ القرآنء مثل 
كل شيء آخرء هو مجرّد مخلوق. لم يقبل أهل الحديث بذلك: فمثل هذا 
القول كان سيهدم جوهر شعورهم بالحضور المباشر لله في القرآن في تحذّيه 
للروح- !لإنسانية . 


علي الرغم من ذلك». وجد أهل الحديث طريقهم الخاصّ للا كناد إلى 
فدرة الله المطلقة. التي كانت أمراً دروا لتقواهم مثلما كانت ضرورية لدى 


> 


المعتزلة. وهكذا فقد دفعوا بموقف كان قد ظهر منذ الأزمنة المروانيّة (وكان 
مم الحسن البصري). اكد عاى علو تدز الله على كل شيءء 
أصرّوا على أن الله وحده هو خالق أفعال الإنسان» حيّى الأفعال الشريرة/ 
السام . فالله يتجاوز أي معيار بشري للخير أو الشرّء أو العدل 
والظلم؛ فجميع الأشياء تنبع منه» وإذا كان فعل ما موصوفاً بالظلمء فإِنه 
كذلك لأنّ الله وصفه يذلكء وبين عب عي عا ضلة و على انه أب يلترم 
بها أو يحترمها. لا يُمكن لشيء أن يُقيّد إرادة الله! وهكذا فقد اتهم أهل 
الحديث بدورهم المعتزلة بأنهم ينتقصون من قدر الله. ففي محاولة المعتزلة 
لعقلنة إيمانهم» أكّدوا على حريّة الإرادة الإنسانيّة» التي ستكاقأ أو تعاقب 
بالعدالة الإلهيّة. اعتبر أهل الحديث ذلك إهانة لقدرة الله بطريقة مزدوجة: 
عبر الافتراض بأنَ الله عاجز عن فعل ما نّصِمُْه بأنّه قبيح» وبأنّه مجبر على 
فعل ما يصفه البشر بأنّه حسن؛ وثانياً عبر نسبة أفعال البشر الشريرة إلى 
البشر فقطء كما لو أن البشر المخلوقين قادرون على خلق أفعالهم بأنفسهم. 
مثل الله. وقد استشهدوا بالآيات القرآنيّة التي تأمر بالاستسلام والخضوع لله 
وإلا فإنَ الإنسان سيجد نفسه منسيّاً وتائهاً في المعاصي؛ ومن ثم فقد أدانوا 
هذا المذهب الذي يجعل الإنسان سيّد أفعاله واعتبروه مذهباً مخالفاً للقرآن. 
لاء فالله هو الفاعل الحقّ الوحيد في العالم» وما البشر إلا مخلوقاته المؤقتة 
والعابرة» التي لا يحقّ لها أن تحكم عليه بالعدل أو بالظلم أو بالعقلانيّة أو 
اللاعقلانيّة. وحين تنزل كلمة الله على البشرء فعليهم ألا يجرؤوا على 
التعامل معها كشيء مخلوق يختلفون حوله؛ بل عليهم أن يخشعوا ويستمعوا 
ويطيعوا وأن يشعروا بالامتنان. 


إن الإغواء الروحي الذي واجه أهل الحديث كان محاولتهم القبض على 
اللحظة الخلاقة. لحظة التقاء القرآن بالمطلق المتعاليى» ومحاولة التمسك 
بهاء عبر تحويلها إلى شيء يمكن الإمساك به وهو ما يعني حتمأ أن تخسر 
بعدها المتعالي والمطلق. لقد أمكن للمعدرلة أن د ذلكء» واتهموا أهل 
الحديث الأجل ذلك بالشرك لأنهم وضعوا شيئاً مساوياً في مكانته مع الله. 
ولكنٌ أهل الحديث كانوا محقّين أيضاً في ردّ الحجة على المعتزلة. الذين 
دفعتهم نزعتهم الفكريّة إلى مغبّة وضع العقل محل الله؛ وهو ما يعني اختزال 
السيادة الإلهيّة إلى صيغة الاعتقاد المجرد. 


7 


ابن حنبل وشعبويّة أهل الحديث 

لم يكن لهذه التقوى النصوصيّة أن تحقق هذا النجاح لولا وجود بعض 
الأبطال الذين توقّرهم: وعلى رأسهم الفقيه والمُحدّث الكبير أحمد بن حنبل 
 78(‏ ه86). كرّس ابن حنبل حياته منذ صباه للعلوم الإسلاميّة» واستمع 
إلى كل من أمكنه من رواة الأحاذيتة وحفظ. غندداً هائلا .من الروايات: 
عاش طونياك في فقر مدقع. الأمر الذي ازداد تعقيداً برفض ابن حنبل القبول 
بأيّ ممارسة شخصيّة لا يجد لها أساساً في فعل النبيَ كما نقلته الأحاديث. 
لقد اجتمعت قوّة حافظته وتقواه وكرمه وتسامحه (إذ عفا لاحقاً عن أكبر 
مضطهديه)» وفصاحته» وقدرته الجيدة على الحكم؛ ااحكويييق كلها" لتحفله 
الأستاذ والمعلم الأبرز للحديث . 


فى عهد المأمون  8١7(‏ *4)87. استعاد المعتزلة حظوتهم» وسمح لهم 
تحت حكمه وحكم من تبعه أن يضطهدوا قادة أهل الحديث (الذين لم 
يكونوا بدورهم متسامحين بما فيه الكفاية تحت حكم هارون الرسيكام فيما 
يشبه محاكم التفتيش» وهو ما عرف لاحقا بالمحنة. اختار المأمون ابن 
حنبل ليكون مثالا وقدوةً لغيره في حال تراجع عن القول بأن القرآان غير 
مخلوق. ه15 اناه بالقتل . ولكر د كحات ابن حنبل ورفضه القويّ شجع 
الآخرين على أن يحذوا حذوه. نجا ابن حنبل بحياته بسبب موت المأمون. 

ب 27 ا ف اه : .. س.(2١١)‏ 
ولكنه قضى وقتا طويلا في السجن وأصبح بمثابة شهيد لهذه القضية 2 . 


بنذو أن اب عفيل كان زرخلا سق خلنية متواضعة » بولذا نقد كانت 
التقوى التى يمثلها تخاطب سكان المدن البسطاءء بخاصّة سكان بغداد؛ 
ذلك أنْ الأنواع المختلفة من التقوى باتت في الغالب تعكس الانقسامات بين 


13721661 11. قط ع[ كزه بجأصمعع81:0 4 .ممططتاا علطا ننه العطجه8 «نطة 457:64 ,دمج‎ )١١( 

طلعلاعآ) 48 215-234 ,هسطتاط 116 1164هن) 17١91151110:‏ 700ه77260تتعطها![ 186 كزه 1اتلامع» 4 1ه ع171 0ل :1 

81 1897(. 

هذه القرا حي حم ماو بلهاده الإنكليزية المتوفرة عن بنجتل ٠‏ ومع الأسف. فإنها نُقدّم 

بعض الافتراضات غير الْمَدَفقَةَ والتي تنتمي إلى الفترة الزمنية الى كتبت:فيها (القول بن المعتزلة كانوا 

«عقلانيين»» بل وربّما متهبّكين أخلاقيَاً ؛ وأنْ أهل الحديث كانوا «تقليديين»» بمعنى التمسّك بتقليد 

ابت لا يتغيّر للمجتمع). ونتيجة لذلكء فإنّ الكتاب يفشل في التعامل مع المشكلة. في الكتاب 

مجموعة من الأمثلة عن الغموض والإبهام الذي ينجم عن استعمال كلمة «تقليد» لوصف روايات 
جود خاو ستهماوا الس لخدي لاه من دول توضيح يح المعنيين وتمييزهما. 


إض 


الطبقات الاجتماعيّة أكثر مما تعكس التاريخ المحلّي للمناطق والمدن كما 
كانت عليه الحال في زمن المروانيين. فعلى وجه الخصوص. فإنّ الاختلاف 

بين أهل السئة والجماعة وبين الشيعة» الذي كان في البداية استجابة لأمزجة 
00 أضيع! مع انتقاله من جيل إلى جيل؛ خافعا لأنواط العكياعة 
رئيسة؛ إذ تم تعزيزٌ نوع معيّن من الولاء م ضمن المجموعة الاجتماعيبّة. 
وينجذب إليه حتى من كانوا محايدين في البداية» بفعل جاذبيّة ال 
المشتركة. في الأرياف. أصبح العديد من ملاك الأراضي بعد أن أسلموا من 
أهل السئة والجماعة. فهو المذهب الرسميّ للبلاط. أما في المدن. فقد 
كان العديد من التجار الأغنياء والصيارفة شيعة؛ فالحيٌ التجاري في بغداد. 
الكرخ. كان معقلا للشيعة: وكان معظم هؤلاء على الأرجح من عائلاات 
الموالي القديمة. الذين تعود تقاليدهم إلى الأزمنة المروانية. 


من المعقول إذآء أن يكون تشيّع هذه الطبقة هو ما جعل طبقة التجار 
تتفسك: باستمرار بالقيم الإسلامية 3-7 ولع المساواة الاجتماعية في مقابل 
المساومة العباسيةء التي لم يكن انها تا تير سلبي كبير على السادة 
الأرستقراطيين. من هذه الطبقة» ظهرت مجموعة كبيرة من الكتّاب والإداريين 
في دولة الخلافة» الذين كانوا بالتالي شيعة في كثير من الأحيان» على الرغم 
من أنهم يعملون في خدمة العباسيين. ولمّا كانت الثقافة تزدهر عادةً بين 
البرجوازيّة العلياء فإِنْ وجود عدد كبير من الكتّاب والفلاسفة وغيرهم من 
قادة الثقافة الإسلاماتية فى حقبة الخلافة العليا من الشيعة لم يكن محض 
مصادفة. لقد كانت هناك عناصر أخرى في الحاضرة الإسلامية (بخاصّة في 
مدن مثل الكوفة وقُم) تبنّت التشيّع» ولكنّ البرجوازيّة أدّت دوراً رئيساً فيها. 


أما الطبقات الدنيا في المدينة» الحرفيّون والخدم والجنود العاديّون 
أيضاًء فقد كانوا فى الغالب من أهل السنّة والجماعة؛ فربّما لم يجد البشر 
العاديون إمكانيّة عمليّة للوصول إلى نظام سياسي مساواتي واسع بما فيه 
العاصمة) أن يعرّفوا أنفسهم كجزء من المجتمع الإسلامي ككل؛ وهي 
عضويّة تؤمّن لهم تفوّقا على الذميين والفلاحين غير المسلمين. كما أنهم لم 
يكونوا يمانعون خصومة البرجوازية الغنيّة؛ فأعمال الشغب بين السئة والشيعة 
فى بغدادء التى كان يتخللها أحيانا نهب الكرخ. لم تكن مدفوعة بالخلافات 


+ 


اللاهوبية فقط. كانت غالبيّة السكان». من الطبقات الدنيا والعليا على 
السواء» مستعدّة للقبول بالعائلة العباسيّة في موقع الخلافة» بعد أن أسهمت 
حالة الازدهار والرخاء في تأكيد أحقيّة مطالبهم [بالحكم]ء بغض النظر عن 
التشكّك في ذلك في البداية. وهكذا فقد اعتمد الشيعة على حالة معيّنة من 
السخط والاستياء ولم يتمكنوا من تعميم أنفسهم دن الحييم الاك هي 
المسلمين الجدد بعد هزائمهم الأولى الخيره . إذا فتحوّل سكان دولة الخلافة 
إلى الإسلام كان يعني أنهم يضيعتون هزعا هو اهل اليتةوالجماعة: 


على أي حال». وجد أهل الحديث استجابة قويّة لمواقفهم عند عدد كبير 
من أبناء الطبقات الفقيرة في بغداد. كانت التوقعات الدينيّة في بقيّة أنحاء 
الإمبراطوريّة تميل إلى التشكّل وفقاً لما يحدث في العاصمة؛ على الرغم من 
أَنْ بعض الولايات ‏ مثل خراسان وخوارزم - كانت قد ضبطت إيقاعها 
الديني بما يتوافق مع آراء علماء المعتزلة. لقد كانت رؤية أهل الحديث 
متجهة نحو نجاح كبير بعد انتصارها في بغداد. 


لم تظهر في أي حركة من الحركات ذاتٌ الدرجة من قوّة تطوّر الشعبويّة 
كما ظهرت مع أهل الحديث. كان أهل الحديث في الغالب على خلاف مع 
القصّاص. الأتقياء الذين يروون الحكايات والأساطير الشعبيّة الواردة من 
الأزمنة ما قبل الإسلاميّة (بخاصّة من التعاليم اليهوديّة والمسيحيّة). أو 
يخترعون أساطير خياليّة جديدة من الصور التي يُقدّمها القرآن. ولكنّ أهل 
الحديث.». في الوقت نفسهء كانوا يٍ من وفروا أوافية للدفاع عن بعض هذه 
القصص الأكثر مقبولية. فمهما كان أهل الحديث رافضين» ٠‏ من حيث المبدأء 
لهذه الأمورء فإن القصص التي تحوي كمعد ل ونصوّره في صورة 
البكر) ٠‏ وتحكي عن المعجزات الهائلة التي يُمكن للأنبياء أن يقوموا بها 
بقدرة الله كلها ساهمت في ترسيخ الحس بوجود اتصال شخصي مع الإله 

في الوحي. يزخر القرآن بالصور التجسيديّة كما تمتلئ الروايات بعجائب 
قصص الأنبياء ؛ ولم يجد أهل الحديث مبرّراً للتخفيف من نبرة هذه القصص 
ما دامت تضيف هالة من العظمة على الله وهالة من الكرامة على أنبيائه. 


بات كل ما يُروى في الأحاديث يلقى أذناً مصغية»ء وهكذا باتت 
صورة لله ترداد 1" بعل عدة سنوات من وفاة ابن حنيل . اتدلعث أعمال 


طرل 


شغب غاضبة عندما اعترض العالم الطبري علي واعظ. من :أجل الحديث [أبو 
بكر بن أبي داوود] فسّر آية من القرآن يالا تعني بأن محمّداً سيجلس على 
العرش بجوار الله (مثل عيسى لدى المسيحيين). أرادت الغوغاء إعدام العالم 
المتشكك.. حظيت الشخصيات الكونية في القرآن ببَعض الاعتراف أيقناء 
وإن كان ذلك قد تم بدرجة أقل وقدوخا وا نهو لدف منظري الغلاة: 
استشهد ابن حنبل نفسه بآيات من القرآن لدعم قوله بوجود مكانة كونيّة 
للقرآن. لقد كانت هذه الحركة متماهية بدرجة كبيرة مع العوامٌ من البشر إلى 
درجة أن 0 أهل الحديث كثيراً ما أطلقوا عليهم لقب «الحشويّة). أي 
(التعيوتين لكا 


على أن الشعبويّة لم تصل إلى حدّ التنازل ل لب 
الشعبية؛ فقد بقيت مقصورة على ما يراه العلماء هناها اكات بناء على 
ذلك. كان أهل الحديث حذرين فى رفض َف تلشنبية: و فحسيك ضير حي 
لأنهم كانوا يدركون بأنْ ذلك لا ينسجم مع المفهوم القرآني عن المطلق 
المتعالي. وهكذا فقد استعاروا صيغة كانت تُستعمل أصلاً في التفكير 
الفقهي. ليقولوا بأنْ العبارات الواردة في القرآن والحديث, والتي تبدو كما 
لو أنّها ُؤكّد على التجسيد والمشابهة لله بالبشر أو غير ذلك من المفاهيم غير 
المقبولة» ليقولوا بأنها يجب أن قبل حرفا ولكن مع التحفظ عليها #من دون 
السؤال عن الكيف». فالله استوى على العرش كما يقول النصّ» وهو أمر لا 
يجب تأويله بالمجاز إلى حدّ تعطيله كما فعل المعتزلة؛ ولكن يجب الإقرار 


)2 قدم هالكن را ددا للمماهاة تعن الحشوية وأهل الحديث» ولكنه اشكن الاسم من مفهوم 
«الحديث الزائد طاعععم؟5 غ202 نالع [الحفواء بدلاً من اشتقاقه من «العامة السوقيين أو الغوغاء 22قأنا/؟ 
136نامهم» [فى لسان العرب: حشْوة الناين رذالتهم]ء وهما معنيان تحملهما كلمة «حشو». انظر: 

.1-28 .مم ,(1934) 54 .701 ,2405ل ”,هلالا اتتطو 12/2" رلل1 2121 .5 .م 


ولكن استشهاده بعبارة النوبختي «أهل الحشو والجمهور [العظيم]» تعني بوضوح الدلالة على 
الانتساب إلى العامة والجمهور أو إلى الغالبيّة؛ ومن ثم فإِن نسبتهم إلى الكلام الزائد غير دقيقة» 
والصحيح : نسبتهم إلى الشعبوية. في سياق دراسته الممتازة» يُشير إلى أن أهل الحديث قد اتخذوا 
االموقف السهل بعدم الالتزام برأي»؛ ولكن موقفهم هذا كان مقترناً فقط بالحالات التي تتعارض فيها 
الأحاديث أو حين يكون هذا التعارض حاصلاً ضمناً (عندما تقاتل أصحاب محمّد فيما بينهم) . ' لم تكن 
مسألة الحياد وعدم الالتزام برأي مسألة سهولة أو صعوبة كما يشير هالكن» وإنها مسألة متعلقة بالتعبير 
عن حكمة إيمانيّة نقليّة 80615 ساكنة ؛ لقد كان الآمن يتعلق بإراساء الأسامن لبرنامج إيجابي» الذي كان 
أهل الحديث ملتزمين به التزاماً كاملاً إلى درجة معارضة النظام الحاكم القائم. 


56 


أنضا عأن النغير لا تكن أن يغعرقوا كى:ذلك» ولا حكن أنتيقاريوا ذلك 
باستواء رجل ما على العرش . حي توخل: هذه المواققه جنات قإننا ترك 
بأنها تسحب أىّ تنازل يُعتقد بأنها قد قدّمته إلى الخيالات الشعبية . 


فى النهاية. ونع 3١‏ اندمج اللاحقون من أهل الحديث والمعتزلة في 
تقليد أهل السئة والجماعة المشترك». أصبح هذا الموقف هو الأساس الذي 
يتبناه العلماء بروح عقلانيّة جافة» كان المعتزلة أوّل تمظهراتهاء التي حوّلت 
جميع التصويرات الكونيّة الزاخرة بالفنيّة في القران والحديث إلى عبارات 
جامدة يألفها العقل. ولكن» فى ذلك الوقتء. كانت التقوى الشعبيّة النازعة 
إلى الخيال قد بدأت تسري في عروق جديدة . 


بعد عهد المتوكلء في النصف الثاني من القرن التاسع» كان الممثلون 
الأكثر تطرّفاً لهذه المقاربة» الذين يُطلقون على أنفسهم لقب «الحنابلة» نسبة 
إلى ابن حنبل» يميلون إلى أن تكون لهم طريقتهم الخاصّة في شوارع بغداد. 
وفن “غيرها من الأماكن بترجة أقل .. وكاننفن يشك:بأن لةدرايا اخو.فى 
الستالة قاض للغالةا عيرة واحيانا إن جره القرغاد لم ينك 1 الو 
من التقوى مثل هذا التأثير الهائل على المجتمع كما كان للتقوى التي مثلها 
الحنابلة. خلال ارم العباسيّة الكلاسيكيّة كان هناك عدد من المدارس 
المتنافسة. ولكن.ء فى النهاية» فرض هذا النوع من التقوى مقولاته 
التوعوانة الرقيية رومراجه على اهل المنة والتجواف حهها -ولكنء ٠‏ قبل أن 
يحدة ذلك عدا نوع مختلف من التقوى الإسلامية بالمنافسة» تقوى ستطغى 
على تقوى أهل الحديث الأوائل في القرون التالية: إنها الصوفيّة. 


بت - التوجه الصوفي 

لقد ظهر كل من الشيعة الإثني عشرية والمعتزلة وأهل الحديث من رحم 
معارضة أهل التقوى للمروانيين» ومثلوا بشكل أو بآخر توجّها دعويّا. أدى 
ا 556 في التطوّر التاريخي للامة. منذ البداية» كان بعض المسلمين 
منجذبين إلى نمط أكثر فرديّة من التقوى» منشغلين بمشاكل تبدو أكثر شخصيّة 
وذاتيّة» يُواجهها المرء التقىّ حين يحاول أن يعمّق غياذاته: الدذاغلية وينفيها: 
مع نضج هذا النوع من التقوى» أصبح صوفيّاً بامتياز: وقد استلهم ملامحه 
اكترمن أى شيء من الوعي الداخلي الذاتي الذي ينبثق مع وصول الذات 


5١ 


إلى نضجها؛ وفي هذا النمط من التقوى» لم يكن للدور السياسي والتاريخي 
للأمّة إلا مجالٌ ضئيل. أطلق على هذا ا ا 
اسم «التصوّف» في الكوفة. ومنها انتشر هذا م وعم في المناطق 
الأخرئى في الروك التالية. حمل التصوّف». بدرجةٍ أو بأخرى». ذات سمات 
الحركات الصوفيّة المسيحيّة» ولكنه طوّر هذا المنزع وتقدم به عدّة خطوات 
إلى الأمام ؛ غلى أن التصوّف. مثل بقيّة أشكال التقوى بين المسلمين» كان 
إسلاميّاً بما لا يدع مجالاً للشكٌ. في بعض الأحيان» يُمكن أن نقول بأن 
الرجال الذين كانوا سيصبحون رهباناً مسيحيين قد انخرطوا في الإسلام 
بشكله الصوفي حينما شعروا بنداء يشدّهم نحو حياة أكثر تأمَّليّة. على صعيد 
الإبداع» سرعان ما تجاوز التصوّف الحركات المسيحيّة التأمّليّة المحليّة 
وتقدّم إلى مناطق أبعد منها بكثير. 


الرياضة الروحيّة في الاسلام: تطلّعات المتصوّفة 


مدو يآن المتضؤفة الأوائل قد سهوا للقباين: والتماند عن المؤسسية 
الأوائل. ولكنّهم سرعان ما باتوا يشكلون حركة واحدة كانت على صلة وثيقة 
بأهل الحديث . (وعلى الأرجح. لم يتآلف المتصوّفة مع النزعة الفكرية الحادّة 
اوعفر ل لب ل ا د 0م 
الامتحان الذاتي الذي يُخضع الصوفيّة أنفسهم له والنزعة الأخلاقيّة لأهل 
الحديث؛ بل إِنْ بعض كبار الصوفيّة قد انشغلوا أيضاً بالحديث؛ وقد كان 
معظم المتصوّفة من أهل السئّة والجماعة على أيّةَ حال. على الجانب الآخرء 
لم يكن جميع أصحاب النزوع الصوفي الأوائل مُعرّفين كجزء من حركة صوفيّة 
واحدة؛ فإحدى مجموعات أهل السنة والجماعة. الكرّاميّة» الذين دخلوا في 
الإسلام» وعلّموا تلامذتهم بشكل مستقل في خراسان. كانوا أيضاً يبدون 
مقربين بدرجة متساوية من المتصوفة ومن اهل الحديثء. وكانوا يخوضون 
خصومات ونزاعات مستمرّة معهم أيضاً؛ وقد كانوا منشغلين بالبحث في الفقه 
والحديث. بل وفي الاعتقادات الفكرية. التي اشفيفة لاحقا في التفكير 
الكلامي؛ ولكن. فى الوقت نفسه. أسهم مؤسّسهم (ابن كرام ت. 8هآ) 
بشكل در في التحليل الصوفي للتجربة الجوانيّة. ولكن» بالعموم؛ شكل 
الصوفيّة مجموعة متجانسة بدرجة كبيرة حافظت على حالة من التواصل بين 
أفرادها على الرغم من تورّعهم وانتشارهم في الحاضرة الإسلامية. 


55 


من زاوية نظر ماء يمكن القول بأنْ المتصوّفة مثلوا بين أهل السنة 
والجماعة ما مثّْلته التقوى الباطنيّة بين الشيعة. فالتصوّف» بحكم صعوبة 
تفسيره للعامّة نظراً لطبيعته الجوّانيّة» كان ميّالاً إلى شيء من الباطنيّة/ النخبوية 
وإلى الاهتمامات الباطنيّة بأشكالها المختلفة. كان الجانب الباطني في التشيّع 
أكثر وضوحاً بين الإسماعيليّة منه لدى الإثني عشريّة» ولكن لم تكن أي 
مجموعة من الشيعة الجعفريّة تخلو منه. أما بين أهل السئة والجماعة». فلم 
يعد لهذا النوع من الباطنيّة التاريخيّة مكان. ولكنّ التصوّف قدّم شكلاً باطنيا 
من التقوى بين أهل السئّة والجماعة. وأوجدَّ فسحة لأولئك الباحثين عن 
المعاني الخفيّة وآثارها الجوّانيّة» وهو ما لم تكن الشريعة المعتدلة تسمح به. 
ومثلما ركّزت الحركات الباطنيّة على الجوانب الأكثر شخصيّة وباطنيّة/ نخبوية 
من الولاء العلوي. ركّز المتصوّفة على الجوانب الأكثر جوّانيّة وباطنيّة من 
التقوى التخيّلية المرتبطة بحركة الحديث». إلى أن طغت هذه الاهتمامات على 
الاهتمام بالشريعة نفسها وإن لم تحلّ محلّها طبعاً. بدرجة أكبر ممّا كانت 
عليه عند الحركات الباطنيّة» كانت نقطة البداية لدى المتصوفة هي القرآن 
نفسهء بحثاً واستكشافاً لمعانيه الداخليّة» في محاولةٍ للوصول إلى ما وراء 
سطح الكلمات. غير أنْ تقنياتهم كانت أقلَ مجازيّة ورمزيّة من الباطنيّة. 
وركّزوا بدلاً من ذلك على التجربة الشخصيّة التي تكتّفها الكلمات وتبلورها؛ 
ومع ذلك. فقد كانت هناك نقاط تلاق بين هاتين الطريقتين في القراءة الأكثر 
فلا07 


كان للعقليكالهيوفى ‏ لاعنا: قن شكله الوفطون أن دهسين على الها 
االجزائتة توي الاسلامة: لدي اللسكة وبدرعة ها الدى الشيغة :".ولكق التصواتف 
كان حركة أقلويّة في المرحلة العباسيّة العليا. فمنذ الجيل الأوّل في 
الإسلام» كان هناك من يميلون إلى التركيز على النقاء الشخصي والتحرّر من 
إغواءات الحياة ومفاسدها. صحيح أن التقليد الإسلامي قد رفض حياة 


)١١(‏ ,701.9 ,راوه ”17 0:10 اقوط نزتأم2/11/0:0 *,2:2ص51آ هذ ععناعدء© [د1ه5 لصة وعتطاظ'“ روععارء8 أجمنززلح 

60-62 .مم ,(1959) 1-2 .205 

نيازي بركس يُقدّم بيانا دقيقاً ممتازأً للنزوعات الأخلاقيّة المتعدّدة في القرآن وبين الصوفيّة. وهو 

يظهر كيف أن الفلسفة والتصوّف كاناء بدرجة من الدرجات. ردّ فعل على الطريقة التى انفصل بها الفقه 
وعلم الكلام عن روح القرآن. ١‏ 


د 


الرهبنة العروبية. إلا أن عدداً كبا من المسلمين قد عرفوا بالزهد. الذي 
يصل أجهانا إلى درجة التقشف. كان هذا النزوع كينا في دوائ كر أهل 
القتوى بومال الحديك من التدركاته الالخرى :كا معد لد نين انقوف ننه 
إلى الحسن البصري (ت. 2358)., الوليّ الزاهد في البصرة في الأزمنة 
العرواكة: 


ولكنه ٠‏ مع الأزمنة العباسيّة» توقفت هذه النزعات عن كونها مجرّد نزوع 

نحو الزهد. فقد تم تعلم الكثير من أصحاب الميول الصوفيّة من الرهبان 
المسيحيين» ومن مصادر أخرى بلا شك. عن الحياة الجوانية للروح التي 
يمكن لها أن تنفصل عن العالم لتحبّ الله وحده. لقد.أصبح الإسلام؛ مع 
العباسيين» يشمل شريحة واسعة جداأً من المجتمع» ولم يعد مجرّد أقليّة 
حاكمة. في الوقت نفسهء بدأ التصوّف - الذي كان لفترة طويلة جزءاً من 
حياة منطقة ما بين النيل وجيحون» بخاصّة بين المسيحيين - بالازدهار بين 
المسلمين؛ فقد ظهر عدد من الأولياء الزاهدين وتجمّعت حولهم دوائر من 
المريدين المخلصين ليستجلوا كلماتهم ويعظلموا تجاربهم وليحاولوا محاكاة 
وتقليد زهدهم ونبذهم لكل متع الحياة الزائلة . 


وفو التضوفتة القران سوضظة,وعيالة انه الى ممحتد؟ ولكية بدلا من أن 
يكرّسوا أنفسهم للبحث في المعاني الحرفيّة لكلماته» كانوا يأملون بدرجة من 
الدرجات أن يسترجعوا في حياتهم جزءاً من التجربة التي مرّ بها محمّد في تلمّيه 
هذه الأجزاء المتفرّقة من كلمة الله. كان الصوفيّة فى العادة يقبلون بمقاربة 
القتريعة كد ورانهاا أهل المكة والتخناعة يوصفها مثاررة مبحيحة فى غالمه؛ 
ولكنّهم كانوا يميلون إلى اعتبار الشريعة أمراً برّانياً فقطء مسألة تتعلق بالأفعال 
الخارجيّة من دون أن تكون على صلة إلا عرضا بالروح. فالشريعة» وجميع 
المفاهيم الأخرى» خاضعةٌ وتابعة للحياة الجوّانيّة. وعبر البحث في المعاني 
الجوانيّة الكامنة وراء كلمات القرآن» كانوا يأملون بأن يعيشوا من جديد ذاتَ 
الحالة الروحيّة التي تشكلت فيها هذه الكلمات. وكانت وسائلهم هي العزلة 
والتأمّلء التأمّل بخاصّة في القرآن وفي اسم الله. أما النتائج التي كانوا يصلون 
الها فقن كاحت في الحالب ‏ عفلية كنيمة واخرية الترحةه و ]| أخلاقيا شديد 
النقاء» وتوجّهاً روحيّاً كاملاً لحياتهم؛ وهو ما أدَّى إلى تعظيم من حولهم لكل 
تفاصيل حياتهم القدسيّة واحترام كل آثارهم وتبجيلها . 


5.45 


فى الحضارة الإسلاماتيّة ككل» يمكن الحديث عن ثلاث حركات ذات 
تأشن تكريس دوعس الله السياتة :درت الانعاس ال رامن 
والتأكيد على نفوذ الشريعة في المسائل القانونيّة والاجتماعيّة؛ وصعود 
التجربة الصوفيّة وتعاليمها. لم يكن لشيء في الأدب أو في الفن أو العلم أو 
التطوّر الاقتصادي بكل تشعباتهم» أن يكون هو الطابع المميّز والفريد لهذه 
الحضارة. وهو ما يستدعي منا بذل جهد خاص هنا لنفهم التصوّف. 


إن تتبّع تاريخ التجربة والوعي الديني أمر صعب على نحو خاص؛ فهو 
أمرْ لا يُمكن اختزاله إلى تاريخ العبادة أو العقائدء أو حتّى إلى تاريخ 
الولاءات الدينية والطائفيّة. إن عليبا أن ندوس نوع التوقعات: الت كان 
الأشخاص الأكثر تة تفوّقاً 2 بأملوؤن بها في أي وقت من الأوقات» 5 
جهة درجة الإدراك الروحي التي يمكنهم الحصول عليهاء وما هو نوع 
الأخلاق أو المسؤوليّة الإلهيّة أو الاستجابة التى يُمكن أن يحصلوا عليها من 
هذا الإدراك: لاشك يأن إيفاع: تظور هذه المسعويات الحميقة من التحياء 
الروحيّة كان أبطأ من إيقاع تطوّر المستويات الأكثر مرئيّة؛ وربما كان في 
ذلك ا يا لويقاع التطوّر التكتولوجي في الرنة ما قبل الحديثة» ومن ثم 
فإن تسعه وتصوّره يغدو عفنا في أفضل الأحوال. 


عند تتبّع تطوّر التقاليد الصوفيّة على وجه الخصوص. فإِنْ من الصعوبة 
بمكان تتبّع المستوى الأعمق» بسبب طابع التجربة الصوفيّة التي لا تقبل 
الإفصاح عنها بالعبارات. لا يُمكن للتجربة الصوفيّة أن تنقل إلى من لا 
يتذوّقهاء فالأمر يُشبه ما تعنيه التجربة الموسيقيّة لأصمٌ منذ الولادة. ولكن. 
بما أن التجربة الصوفيّة شخصيّة دوماً لكل فرد»ء فإِنٌ النقاش حول حالات 
بعينهاء» حتى بين الأشخاص الذين يتمتّعون بدرجة من الحساسيّة تجاه التجربة 
الصوفية. صعب بقدر صعوبة نقاش مقطوعة موسيقيّة مع شخص لم يسمعها 
ولم يقرأ حتى نوتتها الموسيقية . وفي أفضل ارده فإن النقاش لن يكون 
تحليليًاً؛ بل مزيجاً من الانطباعات والتداعيات الذهية 


ولكن من الواضح أنه في قرون الخلافة العليا وما تلاهاء تمّت إضافة 
ِعْدٍ جديد إلى توقعات المتصوّفة حول ما ستؤدّي إليه التجربة الصوفيّة. ففى 
بيزنطة المسيحيّة (وفي الهند الهندوسيّة» لاحقاً على الأقل)». كما فى المنطقة 


5516 


ما بين النيل وجيحونء. نجد في هذه الحقبة نوعاً جديداً من التعبيرات الأدبيّة 
عن نمط رفيع.منالعشق الصوفيء. الذي يتجاوز كونه مجرد شكل أدبي . 
فعلى الرعم من عدم التخلي عن الأشكال القديمة من التجربة الدينيّة» يبدو 
أن وضعيّة معيّنة للروح؛ العو تم الوصول إليها في بعض الأحيان في السابق 
لذ :شك 1 أصحت: الآن متوقعة ة بالعموم من قبل المتصوّفة العاديين؛ وظهرت 
مجموعة من الطرق لتطوير هذه التوقعات. في الحاضرة الإسلامية» كان 
تطوّر العشق الصوفي الرفيع مرتبطأاً بتدعيم الإسلام في صورته الصوفيّة9". 


الحياة الصوفيّة بوصفها تهذيباً شخصياً 

بادئ ذي بدءء إن «التصوّف «مودء]313:5») و«الصوفئ 1681ة2» تعنيان 
بالمش لتقي التجررة السيغمة الجوانتة» فى اتتجربة موقنة بوصابرة بدرجة 
ماء تظهر كحدثء. ثم تستمرٌ آثارها بالحضورء فتدفع صاحبها إلى الوصول 
أو التعبير عن علاقة موثوقة أو معياريّة بين الفرد والنظام الكوني؛ ثم إن 
المقووقيه تحبلا ن يفنا إلى الم ات والسلوكات التي تترافق مع هذه 
التجربة أو تعبّر عنها ؛ وأخي اا نشي الممردتان إل الغازات: الستغملة لوصف 
هذه التجربة وتفسيرها. أما الاسم «المتصوف مناؤلامة» فهو ينطبق على من 
يتبنّى نمط الحياة الصوفيّة (ولكنّ صفة «صوفى ع50» تستعمل عادةً ‏ على 
غات امشجيال ونمو ناا على كتاف يحضي الغ لوضف أ الى + 
غامض أو رمزيء أو حتى رومانسي*'. ربما يكون هناك بُعْذٌ صوفي في 
معظم التجارب الدينيّة الجادّة؛ ولكثنا لا نستعمل لفظة التصوّف إلا إذا كانت 
التجربة الشخصيّة الجوانيّة هي مركز الانتباه التعبّدي . 


من المعتاد أن يتم التفكير في ما هو صوفيٍ على أنه حالة استثنائية من 
حالاات الوعي . فالحالاات الأكثر إثارة من التجربة الصوفية فئة 3< سم يلو ف 


)١4(‏ لقد لفت عمل غوستاف فون غرونباوم انتباهي إلى ذلك» كما لفت انتباهي إلى مجموعة 
أخرى من التوججهات الأساسيّة في التاريخ الإسلاماتي . إن معالجتي للتصوّف هنا قد استفادت» فيما 
آمل بو العام العري والروره البجان | لحى جطل رامن الباقس ورين لديا تار 
بملاحظاته المحفزة). ومن التوضيحات الودودة من إيوجين جندلين. 

(*) غنيّ عن القول أنْ الحديث هنا يدور حول دلالات اللفظة الإنكليزية عناكلام. وكما بِيَنتٌ في 
معدفة المكرسم فإنن سأينؤ"اللقظ سفن برد" يصوت العريت؛ ليظهر للقارئ أن الكلمة قد أخذت بعدها 
الاصطلاحي المعروف والدقيق (المترجم). 


55 


من الوعي». وعلاونانها في الغالب مؤقتة وعرضية على نحو يشبه فورات 
النضيي أن جالات الولة والعقى الساةة أر حلوسات السك فهو أن 
الحاللات الكلاسيكية تبدو أكقير قوّة وكثافة من لحظات قور الغضب أو 
النشوة الحادّةء كما أنهاا ذ فى الوقت نفسه تلو اكثر دوعا وعهنا يمك 
وصف تلك التجارب انها تجارت نشوة وجدية 260518 يشعر فيها الفرد بأنة 
أصبح خارج نفسه. ولكنْ للتجربة الصوفية نظأاقا أوسع من تجربة النشوة 
الشعوريّة وحدها. فالأحداث الأكثر إدهاشاً وقوّة» على الأقل كما تظهر في 
التقليد الصوفي الكلاسيكي» ليست إلا تجليات قصوى لنوع شائع من الوعي 
والإدراك. دائماً ما يصف المتصوّفة طريقهم الصوفي بأنّه طريق طويل» يمتدّ 
عدداً لا يُحصى من الخطوات» بداية بالنور الخافت الذي يغشى العاصي عند 
توبته وصولاً إلى وهج النشوة لدى الأولياء. وفي الواقع. فإِنْ كتّاب التصرّف 
قد استغرقوا وقتاً طويلاً في الحديث عن الفضائل اليوميّة من الصبر 
والشجاعة والتخلّى عن الأنانيّة كما يرونها من المنظور الصوفي» عوضاً عن 
الحديث عن النشوة الجارفة التي يعايشونها أو حتى عن الوحدة الكونيّة التي 
تكشفها لهم تجربتهم. وبإمكاننا أن نصف هذا النطاق الواسع من التجربة 
الجوانيّة والسلوك» الذي تظهر فيه حالات النشوة في مناسبات خاصًة» بأنْه 
اتصوّف يومئ" . 


أشاع فرويد مصطلح «الوعي المحيطي» لوصف حالة عدم التمييز التي 
يشعر بها الرائي. إذ يشعر بالاتحاد مع الكون ومع كل ما يحيطه به وهي 
حالة كثيراً ما يصفها من مرّوا بالنشوة الوجدية . يقترح فرويد بأنْ هناك طريقة 
واحدة لتفسير إمكانيّة تطوّر هذه الحالة عضوياً: فالأساس النفسى لها يكمن 
أن :روعي المولوك الصبغير» اللائ لا يمفظيع التصير بين انقسه والبيئة 'المتحيظة : 
ومن ثم فإِنَ استرجاع هذا الوعي غير المقسّم/ التمييزي أو إعادة بنائه - بأي 
لاض المختلفة ‏ يمكن أن يكون بوابة لأنواع جديدة من 
الإدراك : 


)١9(‏ لا يصوغ فرويد المسألة بهذه الطريقة ؛ ففرويد يتحدّث كما لو أن مثل هذه التجربة» إن لم 
تكن مضرة ار (إكلينيكياً): يُمكن أن تُردَ إلى أصولها العضويّة. وإن كان أحياناً أكثر تحرّزأ في 
صياغته . ولكن ظاهرة على هذه الدرجة من التعقيد يُمكن أن تُفْسّر من ناحية مركباتها وشروطها المسبقة 
الذاتيّة» ولا يجب ردّها واختزالها إلى ذاك المستوى وحرمانها من معناها على مستواها الخاصّ. - 


52/ 


إن مثل هذه التحليلات أساسيّة جداً. فمهما كانت درجة الاستقلالة 
التي نمنحها للظواهر الدينيّة والأخلاقيّة» فإِنْ على المرء أن يأخذ العمليّة 
العضويّة في حسبانه قدر الإمكان. ولاتطحين عه جل هده العملبَات» 
سيكون بمقدورنا الحديث بدقة نقدية عن معنى أي ظاهرة إنسانية وقيمتها. 
ا ل ل ل ه الإنساني سيساعدنا في تمييز 
درجة صلاحيّة الأنواع المختلفة من الحبّ. ولكننا لا نزال حتى الآن لا 
نعرف إلا القليل عما يحدث في الوعي الصوفي او الكشيوة الوجدية. يت 
الأسف. فإن مفهوم «الوعي المحيطي». على الرغم من أهميته». يركز تركيزاً 
مبالغاً فيه على أحد أنواع الحالات الذاتيّة» التي لا تشمل كل التجربة 
والعذا زة الصو وز وريه كرون ال 1 


من دون أن نبتعد عن فرويدء بإمكاننا أن نستدعى بعض الجوانب 
الأخرى من التجربة عبر ملاحظة كيف يُمكن للأشياء والأحداث أن تستدعي 
ارتباطات غير واعية» يمكنها بدورها أن تهبها قوّة ساحقة وطاغية. لا شك 
بأن مثل هذا الميكانزم يكمن وراء لكيه الخشوعيّة كِمًا حللها 
رودولف أوتو؛ ولا توجد مساحة يكون الخشوعيّ فيها أكثر وضوحاً من 
معظم أشكال التجربة الصوفيّة. يُمكن النظر إلى هذه التجربة على أنّها تذويت 
وتصعيد لحالة الرهبة الرائعة والسحر الجاذب, التي يُمكن أن يستجيب 


- لا شك بأن هذا النوع من الاختزال مغو . وإذا أراد المرء التمييز في هكذا ظاهرة» بين أصولها العضوية 
أو ميكانزماتها وبين معناها الأخلاقي والمعنوي. فإِنْ عليه أن يظلّ حذراً ود زا في الحديث عنهاء 
بعيداً عن جانبها السريري . 
(15) إن أشهر دراسة في الإنكليزية حول ظواهر التصوّف هي دراسة إيفيلين أندرهيل» التي 
تحصر نفسها بالدرجة الكبرى في التقليد المسيحي الغربي (الذي لا شكل بالضرورة ا قياسياً) . 
انظر: 
كلامل 20715) [هلا؟ امك 7/4215 /[0 7712721جزماء2ء2آ1 2714 لاه !! 111 171 نزولا 3 م 11571١‏ ا كنركلا ,التطعرع1020] ملزاعبحط 
.(1911 رعع1010160 :02002.]آ) كد76 


كما أنَ عمل وليام جيمس» تنويعات التجربة الدينيّة [تُرجم إلى العربية] (الذي سيُساعد عمل 
روبرت تشارلز زاينئرء الذي سأشير إليه في الهامش ١7‏ أدناف م لا يزال مفيداً ولم يتقادم 
بعد. انظر : 
.(1903 ,0© 20ة طعة 01 ,كطفمعطدمآ :هملممآ) ععءاعصوط كبامنعذاء غ1 زه دوء1اء71ه! 176 ,1225 مسدنا الا 
غير أنّ بعض الدراسات المهمّة حول ظواهر التصوّف قد ظهرت مؤخّراًء وهي دراسات تتناول 
الموضوع برمته من زاوية لن ترضي عجرفة المتصوفة القدماء الذين يرون أنفسهم نخبة وسط قطيع من 
الجهلة. ولا الازدراء القديم الأصحاب العقول الفظة للمتحمسين السذج المنحرفين. 


"5144 


للحظاتها كل شخص حساس ديئيّاً لتحمل له الشعور الخشوعي . إن مثل هذه 
التجارب» وإن كانت جزءاً من التحوّل والوعي الجواني. لا تحتاج إلى أن 
تحمل بالضرورة تضمينات «محيطية" . 


ولكنء إذا أردنا أن نفهم دور التصوّف في تطوّر الحضارة» فإنَ علينا 
أن ننظر إلى اللحظات الصوفيّة كجزء من عمليّة أخلاقيّة تحدث في كل 
مكان. من هذا المنظورء فإنّ نقطة النظر المفيدة لفهم النطاق الكلّي للتجربة 
الصوفيّة» سواء أكانت تجربة النشوة الوجدية أم تجربة الحياة اليوميّة» يجب 
أن تنطلق من تجربتنا المشتركة في الوصول إلى حالة الوضوح الذاتي : 
الوضوح الذي يأتي عندما تتراكب عناصر المشكلة معأء أو حين ينفض المرء 
عن نفسه غبش الرؤية بعد أن يصحوء أو حين تهدأ نوبة الغضب ويبدأ 
الإنسان في النظر إلى الحياة بشكل واقعي وبشيء من الاتساع. إِنْ جميع 
هذه التقريبات صورٌ أوّلية» هدفها إيصالنا إلى تصوير أكملء وإن كان لا 
يزال جزءاً من تجربتنا المشتركة كبشرء وهو تجربة الوضوح التي يُمكن للمرء 
أن يعايشها في لحظات العزلة والتذكّر واستجماع الذات: اللحظات التي 
يُمكن له فيها أن ينظر إلى طموحه أو استيائه في الحاضر نظراً موضوعياء بل 
وأن يمتلك المنظور المناسب لرؤية مشاعره والتحكم فيها؛ إذ ذ يمكن للمرء 
عندها أن يصف الأمر بأنْ عٌصابه القهري قد كف عن أن يكون قهري 00 
مثل هذه اللحظات (كما اكتشف الكثيرون)» يمكن للمرء أن يواجه خسارة 
أي شيء كان يرغب فيه بشدّة» بل وأن يدرك أسوأ صفاته» من دون أن 
يصاب بالقلق أو الشفقة تجاه ذاته» ويمكنه أن يجد الشجاعة ليحاول أن 
يكون أفضل شخص يمكنه أن يتخيّله . 


في مثل هذه اللحظات» يُمكن للإنسان أن يختبر لبعض الوقت كثيراً مما 
يصفه الصوفيّة حين يتحدّئون عن حالة الروح التي قطعت شوطاً طويلاً في 
طريق التصوف. فحين يكون المرء #فسيظ ١‏ تماما على لفلينةة فإنه يستطيع ولو 
للحظات أن يكفت عن القلق بشأن ما سيُفكر فيه الآخرون حول أفعاله إن 
كانت هذه الأفعال صحيحة في حدّ ذاتها. وهكذا فإنّ من المتوقّع من 
الصوفيٌ المتحفق بتصوّفه أن يتحرّر دائماً من رغبته في موافقة الآخرين ونيل 
رضاهم. يُقال بأنَ الولي أبا يزيد البسطامي (ت. 874) قد وصل إلى الريّ 
في أثناء عودته من الحجٌّء فاجتمعت الحشود لتقابله بكثير من التزلّف 


>51 


والعولةة وكان ذلك في شهر الصوم. رمضانء. فما كان من اي يزيد إلا أن 

تناول متعمّداً قطعة من الخبز وأكلها أمام الناس. لقد كان ذلك جائزاً له 
بحكم أنه مسافرٌ ولكنّ الحشود لم ترّ في ذلك إلا مجاهرة بالإفطار. فتفرّقت 
عنه. كما أن المرء عندها قد يمتلك الحريّة والراعة المتيغين: يال جباح 
والتعاطف مع أولعئك الذين وقفوا في وجه مستاعية أو قابلوه بالكراهية. 
تساعدنا هذه التجربة في توضيح وفهم التعاطف الدائم والعميق الذي يعزوه 
المتصوّفة إلى عيسى (الذي يصوّرونه على أنه الصوفي المثالي)» إذ يروون أنه 
كان يعبر في الطريق» وكان الناس يتعمّدون إهانته» وهو يردّ عليهم بالدعاء 
لهم بالبركة ومحاولة مساعدتهم؛ وحين سَئل: لماذا تفعل ذلك؟ أجاب: «كل 
ينفق مما عنده). ١‏ 


إذاً فقد يجد المرءء في لحظات استجماع الذات». أنه قادر على 
الاعتماد على حسّه السليم لتوجيه نظره وأحكامه وسط المسارات المختلفة 
المطروحة» فيشعر للحظهةٍ بأنه متحرّر من التأثير المشوّش الذي يُسبّبه اعتقاد 
المرء يأهحيّة ذاته أو مفاهيمة: المسنقة: إن مثل هذه التجربة تضىء حاتا تنا 
بعس لبعضوفة راموك علق اللا .ققد المتصو ف سحب أن.رصيل الصو 
إلى مستوى من الوعي يجعله يفلت زمام حياته طوعاً لتُسيّرها إرادة الله 
المباشرة» فلا يضع ثقته في أي أمر أصغر من ذلك؛ بحيث لا يضع المرء 
خططأً بل يعتمد على كل لحظة لتقدّم له ما يحتاجه. يعني ذلك مما يعنيه. 
استعدادَ المرء للتخلى عن أيّة فرصة لا تحمل معها علامة المباركة والرضا 
الالوكين مهما كانت عواقب :ذلك قآسية.: ثروي إتحدى القتصصن أن ضوفياً 
وال مقط فى معفرة وشرظ الطريق فون الضكر انور نندا يوثاداة مح 
لمنعاعدكس ل شهر ينا ا غتليه أن ترنفه وآن مضمن .إلى أن يناغالل 
وهكذا فقد ابتعد صحبه وتركوه في اللحفرة وححيدا : بعد مذة» مرّ رجلان من 
الطريق» ولكنّه لم ينادهما؛ وظلّ على حاله من الصمت حتى عندما شاهدا 
الحفرة وبدءا يهيلان التراب عليها. وعندما حل الظلام» وجد الصوفي شيئا 
يمتذ على طرف الحفرة. وفي لحظتها شعر بأنَ الله سمح له بأن يتعلق به 
ويخرج» وحين وصل إلى السطح. اكتشف بأنَه كان قد تعلّق بمخلب أسد. 
لقد قطع هذا الصوفي شوطأ كبير في مسلكه الصوفيّء وقصته تُستحضر 
لإظهار هذه الدرجة العالية من التوكّل وانعدام الخوف. ليس المغزى هنا أن 


+6٠ 


عباد الله وحَدمه كثره إلئ درجة 1 امو دن اده وعبيله ؛ ولكنها تتخيرنا 
سياس باع اص مس ماع ا 0 
ل لتر شل جما ري تضم الى مسرق متدء .رو حا بلا بي مخ 
تجربة الحياة اليوميّة من الحكم الصافي الذي يحوزه المرء ء فى لحظات 
استجماع ذاته. 


إن التجربة التى نشعر بها في لحظات العزلة واستجماع الذات يُمكن أن 
تُضيء جانباً آخر من التفكير الصوفي؛ ففي مثل هذه اللحظات». حين تتلاشى 
المخاوف المتأصّلة فيناء وحين لا نعود نشعر بالحاجة إلى الادّعاء والتبرير 
والدفاع عن أنفسنا أمام أي نوع من الحقيقة ‏ حين تظهر مدى تفاهة 
طموحاتناء وحين يجد المرء القدرة على مواجهة حقيقة نفسه أيَا كانت». 
والقدرة على محبّة كل من يحتاج إلى المحبّة ‏ من الممكن حينها. حتى 
بالبية إلى الشق العاذويرة: أن شعر :ينطوو أكسن اتنيزاعا فت ا لعياة .. ف 
تلك اللحظات» يكون عرفت الأنسان أقل تجوكرا سول ننسة) وكانهيكون 
شيئا موضوعيّا يُمكنه أن يشعر بكل الحيوات الإنسانيّة معأ ويكون في الآن 
نفسه منفصلاً تماماً عن أيّةَ ضغوطات قد يعيشها المرء في حياته المشخصة. 
وهذا فور نانفا الموقف المعنوي الذي يبرز بكثافة وشدلة أكبر في التجربة 

من لحظات استجماع الذات اليومية. وما تستحضره هذه اللحظات من 
تخل عن الأنانية. قد يصل الصوفئ إلى درجات أكثر كثافة من الوعي 
والإدراك» وهو ما قوبيا عن فشكن سارت الوجد الطاغية. يمكن لهذه 
اللحظات من الوجدء التي تحمل معها حالةً من ل د من ره 
في الدور الذي نكي تن التراف لون تاريخياً كانت ونا 0 من 
عمليّة مراقبة النفس وضبطها وتهذيبها . فهي تحدث في سياق تحمل فيه 
تتجربة الوجد والنشوة (سواء أكانت محيطيّة أم غير ذلك) نظرةً أخلاقيَاً تنحو 

نحو الشمول والكلية . إن أنا كن الحياة الصوفية بالمعنى التاريخي هو السعي 


"6١ 


الحثيث نحو وضوح الرؤيا والإخلاص. وأيَّاً كان المستوى الذي وصله 
الروحانيونء سواء أكاتا متصوفة أم لا فإنهم كانوا دوه يعبرون عن 
تجربتهم باستعمال استعارات الضوء والحقيقة. ومحكُ هذا النوع من وضوح 
الرؤيا هو علاقته بالحياة اليومية. فالمعيار الرئيس الذي يحكم به الصوفيّ 
على «أصالة» تجربته الصوفية والوجديّة ‏ أهي من الله أم من الشيطان (أو 
أنها نابعة من مجرّد حدث ذاتي متشابه» له أصول عضويّة ولكنه شائه ناقص 
النموّ) ‏ هو مدى صلتها المستمرة ة بجميع أبعاد حياة المرءء بما فى ذلك 


حياته اليوميّة. يقول الهجويري (ت. 21١77‏ في وصف الصوفي الحقٌّ فى 
زمانه (في سياق محاولته التمييز بين الصوفيٌ الحقٌّ والمدّعين والمخادعين 
الكثر في طريق التصوّف)» متحدّثاً عن أحد المتصوّفة: «وقد وجدته شعلة من 
ع ل ار 


تبدأ الممارسة الصوفيّة بنوع من العزلة وتذكّر أحوال النفس: التأمّل في 
معاني الحقائق المهمّة والأساسيّة؛ فحين يضع المصلّي نفسه بين يدي كائن 
نوكلك رونا أوسعء يعشقه ويعترف بوضاغة نحسة ايام غطمة ديه يتجاوز 
طييغقة البشرية : إن مركز التأمّل عند الصوفيّة هو القرآن بالطبع أما موضوع 
العشق فهو الإله الفريد الذي يستحضره القرآن. 


يقود التأمّل إلى درجة ما من العزلة والانسحابء ذلك أن التصرّف 


(0) يميز زايئر في عمله (على نحو تخطيطيّ مبالغ فيه) بين «التصوّف الطبيعي». التجربة الشائعة 
من التماهي مع البيئة المحيطة (وهي تجربة يُمكن استحضارها من خلال بعض أنواع المخدّرات أو في 
تجارب الفصام)؛ والتصوّف الواحدي, الذي تكون تجربته أكثر انضباطا وتقود إلى ]امن عرك الو 
الفردي فيما يبدو نارفا لليفة الطبيعةة؛ وبين التصوّف الإيماني» الذي تكون تجربته منضبطة أيضاء 
ولكنه يتطوّر كاستجابة من الحبّ للحضور المفارق الذي تستحيل الذات والطبيعة في حضرته إلى لا 
شيء. انظر : 

(1957 رؤ5وعء21 2002ع0131) :0721010)) ع1رج/ه< 2714 350746 11تكاء 1 ادبراا ,تعصطءع 22 .0 .]1 

ويقترح (على نحو غير مقنع) بأنْ ما يميّز التصوّف «الإيماني»»؛ أو كما يُسمّيه أيضاً التصرّف 

«الفائق للطبيعة». عن الأنواع الأخرى هو نتائجه الأخلاقيّة . بالمثل. قام جورج قنواتي ولوي غارديه 

في كتابهما بتمييز مشابه بين التصوّف الفائق للطبيعة والتصوّف الواحدي الطبيعي» الذي أحسنا دراسته 
بتفصيل أكبر من زايئر» وإن كان عملهما مفتقراً إلى المسح الشمولي . انظر : 


فجتل 16 أ 5ع22671612© ,كع 16200710 أ© 452615 :7714716/غا5ا711 11/6 ]كنز ,أع33:0) 5تنامآ 320 2531821 .0 .00 
.(1961 رضللا :وموط) دعياب 


إن مثل هذه التقسيمات تضلّلنا عن الطابع التكاملي للتجربة الفرديّة» ولكنّها تجعلنا ندرك بأنْ لكل 
تجربة بنيتها التي يُمكن تعريفهاء وبأن لهذه البنية في هذه التجارب المتموضعة في التاريخ نتائجها . 


"6 


يحتاج إلى تركيز المرء لطاقاته كلّها. ولكي يخلص المرء نفسه من ولعها 
بإرضاء رغباتها ومجانبة مكروهاتهاء فإن اية أن سقو كن لوا قاسياً من 
الزهد. فلكي يعوّد الصوفيٌ نفسه على عدم الاهتمام براحته الجسذيةء كان 
بعضهم يعلّق نفسه من رجليه ساعاتٍ في اليوم؛ وليعوّد نفسه على عدم 
الاكتراث بالجوع» كان الصوفيّ يعيش على بضع حبات في اليوم. ولكن 
أساتذة الصوفيّة كانوا يحذّرون دوماً من سعي المرء وراء الزهد طلباً له في 
حذ ذاته؛ وهو ما قد نعبر عنه اليوم بالسعي وراء الزهد بفعل مشاعر عصابية 
من الذنب والتأثم. إِنْ جميع أشكال الانسحاب والعزلة يجب أن ترسي 
درجة أكثر اكتمالاً من التحكم بالنفس» وهو أمرٌ شبيه بتدريبات الرياضيين 


وانضباطهم . 


مع العزلة والابمفاع تان الوغواءات والفتن. فالصرامة الزهدية. مع 
تحرير 0 يُمكن أن تُنتج أنواعاً حادة من البهجة والغبطة : روى بصرية 
وصوتية. وظواهر جسدية فوق طبيعية» إضافة إلى لحظات من النشوة الوجدية 
الشفيفة . وَكلها أمورٌ كان الشيوخ يُحذْرون مري يديهم منها. كيلا تصبح نوعاً 
آخر من المتع التي يتعلّق بها الإسان: على الصوفيّ. بوصفه انا 50 
ا أكبر من التجرد والإخلاص . ولكن عليه باستمرار 0 يجدد تأتلاته 


يحب إلاه. 


الحياة الصوفية بوصفها حريّة شخصيّة 

تتنوّع نتائج كل هذا في حياة الفرد الشخصيةء مثلما تتعدّد المسارات 
الصوفية نفسها من شخص إلى آخر. . غير أن ذلك لا يمنع وجود مجموعة من 
الخطوط المشتركة ونا ٠‏ ينزع الصوفيٌ لآن يكون له توجه (روحي»)؛ إلى أن 
يشعر في لحظة معيّنة بأنه لم يعد محكوماً بأي روتين ملزم؛ أو مقيّداً بأ 
قانون مقدس. لا لشيء ء سوى لأنهما روتين وقانون؛ فلو أنّه التزم الروتين» 
إن في ذلك خروجاً عن قناعته حول موقعه الصحيح في نظام الكون في هذه 
اللحظة؟ ؛ بل إن الإمكانات المتهرةوة :قن تاخدة بعيداً عن أيّ عرف» بما في 


> 


ذلك أعراف الصوفيّة وطريقة نظرهم إلى الأشياء. إِنّ الكلمة الصوفيّة 
المفضّلة لوصف الله هي «الحق». وقد عبّر عن هذا المعنى لاحقاً الشاعر 
الفارسي جلال الدين الرومي (المثنوي» ج7: 1757" وما يليها) في صورة 
فرخ البظ الذي ربّته الدجاجة. يتوق فرخ البْط للذهاب إلى الماء للسباحة؛ 
وهنا كتين الماء بوالبعفر يفاض إلى الانيانقة اندم اها الأمّء الى قرفن إلون 
الطبيعة الأمّ فإنها تخاف من الماء الغريب عنهاء وتحتٌ الب على البقاء 
على اليابسة. على كل روح أن تختار مثل فرخ الب هذاء هل ستبقى على 
البانسة الامنة يفنا فيها من روتين معروف النتائج والأعراف وقانون الشريعة 
كما فعلت الأمّ وكما يحثها أصحابها؛ أم ستستجيب لنداء طبيعتها الداخليّة 


ما عن لها جو 


الحقيفية وتبحر نحو الأعمق. 





عند بعض المتصوّفة» أصبح ذلك يعني بأنْ جميع القواعد البرانيّة ‏ أي 
نواعت الخبريعه على وحه المتصيوطى عر عير ماري للضوتر الذي ببداذن على 
الروح التي لا تق تقيّدها القواعد. أما معظم للد فقد اعتبروا بأن الشريعة 
و كك لل 2 اليم يي على الأقل خوفاً من أن تصبح حريّتهم حجر 
عثرة أو تشكيك في طريق إخوانهم الأضعف. إذا أحبّ المرء الله فإنْه 
سيكون متعظّشاً لطاعة أوامره. وبالنسبة إلى الصوفيّة» فإِنَ الصلاة المفروضة 
كانت غالباً مُناسبّةَ لاستحضار الشعور التعبّدي الكثيف. ولكنّ جلهم كانوا 
متفقين على أنْ القواعد الخارجيّة/ البرانيّة صالحة وسارية فقط بسبب معناها 
الجوّاني وغايتها الروحية. 


كان الصوفيّة ميالين على نحو متزايد إلى التقليل من شأن الفوارق بين 
المفتقدااف الدركة الحطلنة. وتقادك تصوّر معظم أهل التقوى عن انحصار 
الصلاحيّة في طائفتهم أو دينهم» كان المتصوفة ينحون منحى أكثر اتساعا في 
رؤيتهم؛ إذ لا يعنيهم الولاء الديني للمرء بقدر ما تهمهم صفاته الروحية 
والأخلاقية: أي كانت الهيفة أو الصورة التي تتخذها. في النهاية» وبعد 
انقضاء زمن الخلافة العلياء أصبح شنائعا بين المتصوّفة القول:نبآن الوثنيية: 
الذين يسجدون أمام الحجارة المنحوتة. هم أيضاً يعبدون الإله الحقٌ: لأنهم 
يعبدون أقرب صورة يُمكنهم أن ا يسري في قلب العالم 
كله بما فى ذلك الحجارة. لقد ظهرت هذه الرؤية مبكراً؛ فقد كان أحد 


الصوفية يطلب من مريديه أن يعيدوا صياغة عبارة المسلمين في الشهادة على 


16 


النحو الثالى : لا إله إلا اللهء عيسى رسول اللّهما» وضي عبارة صحيحة تقنياء 


خصّص بعض المتصوّفة مكانة مقدّسة خاصّة لعيسى المسيح بوصفه نبيّ 
الحياة التجوانثة ::ورسول إتجيل المحنة. بالسمة إلى متعظم المتضوفة» كما 
هي الحال لدى معظم الروحانيين» فإنَْ محبّة الله وبالتالي الرأفة بمخلوقاته. 
هي لبّ الحياة الجوانيّة وجوهرهاء مثلما أنْ تعظيم الله والعدل بين مخلوقاته 
هو أسنّ الحياة البرانيّة التي تنظمها الشريعة. في أذهان معظم الصوفيّة. كان 
الوحي المحمّدي بلا شكٌ هو الوحي الأعظم والأنقى. توضع الفكرة في 
القالب التالى أحيانا: كشف موسى عن جلال الله» وعن القانون الذي يجب 
أنتطعه را ا أما عيسى فقد كشف عن جمال الله» وعن الحب الذي 
يحب أن نحمله حين نلمح ومضةً من ملكوته؛ ولكنّ محمداً جاء بالقانون 
والحت» كاشفا عن جلال الله وجماله معا. 


بتوججهاتهم الروحيّة والعالميّة» كان الصوفيّة ميالين لتطوير أخلاق «نقيّة) 
شديدة: وهي مبادئ تتعالى عن الأغراض التي تحكم العلاقات بين الأفراد. 
كانت رابعة [العدويّة] البصرية» التي توفيت عام ,4480١‏ واحدةً من ألمع 
أولياء الصوفيّة. يُقال بأنها حملت إبريقا من الماء في يد وشعلة من النار في 
الأخرى وركضت في الشوارع. وخية شكلة: غ:ذلك:: أخابت بأنها ذاهة 
إلى جهنم لتطفئها وإلى الجنّة لتحرقها كي لا يعبد الناس الله خوفاً من النار 
أو طلبا للجنة» وإِنْما حبًا له. وتقول إحدى الروايات المختلقة بأن الحسن 
البصري رآها ذات يوم من على مبعدة وهي على تل في الصحراء تحيطها 
الغزلان والسباع. وكلها ساكنة في حضرتها؛ وحين افترب منها فرت 
الحبواناك سالها اد عن سر دذللك» فسألته 3 اكل اليوم؛ فاجاب: 
«قليلا من البصل». سالته: «وبماذا طبخ؟». فاجاب: «بشيء من سمن 
الحيوان؟». وهكذا عرف الحسن الجواب. 


كان في الإغراء الروحي للتصوّف وجةٌ مُكمّل ومعاكس لنظيره لدى أهل 
الحديث الذين رفضوا المسار الصوفى. فالخطر عند أهل الحديث يكمن فى 
محاولة الإمساك بما يتعدّر قوله في عبارة» أي التمسك بالله في داخل كلمات 
القرآن. في مثل هذه المحاولة» خاطر أهل الحديث بخسارة القدرة على 


56 


الاستجابة العفويّة التي لا تكفت عن السعي وراء حدود ما تجده لصالح 
المسؤولية المنضبطة تجاه الحقيقة المعروفة سلفا : وهي المسؤولية التي 
جعلت البشر يُقبلون التحدّي القرآني ويعيشون بناء عليه حين نزل عليهم. لقد 
كانت مثل هذه المسؤوليّة ضرورية وها للحفاظ على استمرار الالتزام 
بالتقاليد في أيّ مجموعة. ولكن إن تم التمسّك بالمسؤوليّة بصرامةٍ حصريّة 
فإنها ستتحؤّل إلى فيد يفرض شكلا من التطابق والتنميط» الذي يحول دون 
ظهور أي فهم جديدء وستخنق الحوار الخلاق الضروريّ أيضاً لأيّ تقليد 
ثقافى» وستفقد التراث الذي تخدمه حيويّته. أما المغامرون من المتصوّفة» 
نقد كاتوالضلى سلاقيي» مخاضين على وب التجديد ليده الاتعحانة 
الجوّانيّة العفويّة: الاستجابة لحقيقة جديدة» لإمكانات جديدة للإنسان» لأي 
شيء يُمكن إيجاده؛ فهذا ما جعل نزول القرآن ممكناً في المقام الأوّلء وهو 
نا تق الحوان:الضرورئ لتحيوئة التقليك: الى اسثيله القران حا + على أن 
كنم الانيضها :]إن كلها امكان سه تحن العا لية ةر التتمرل من دود 
تمييزء تضمر في ثناياها خطرٌ تقويض الاحترام والالتزام بالقواعد. المعترف 
بها فى الممارسة اليوميّة» التى تحافظ على الأنماط الثقافيّة الجارية الضروريّة 
للحاد الإنسانة فلن ان مجعم من المسمعات. 


أصبح هذا الشكل من المعضلة» الذي يُمكن أن يظهر بين المسؤوليّة 
والاستجابة الحيّة» خيطاً ناظماً لتاريخ المسلمين طوال قرون عديدة. وكما 
هي الحال عادة» فإِنَ اختطاط طريق ثالث بين الطريقين» للجمع بين 
الاستجابة الحرّة والمسؤولية الرصينة. سيؤدّي على الأرجح إلى التضحية بقيم 
الطرفين عمليّاً عند محاولةٍ الجمع بينهما . لكي يكون المرء مخلصاً وفعالاً. 
فإنَ عليه غالباً أن يختار طريقاً من الطرق المختلفة» وأن يلتزم وينشغل 
باهتمامات هذا الطريق دون غيره»ء وهو ما يؤدّي إلى تجاهل الاهتمامات 
الأخرئ» أو إشاءة فهمهاء أو اتحقارها أحيانا. قد شعن المؤرح غير 
المتحيّز بأنّ المتصوفة الجوّانيين وأهل الحديث المنشغلين بالشريعة يكملان 
بعضهما في الحياة الروحيّة الإسلامية. ولكن في بغداد» وغيرها من 
الولايات» فى القرن الأخير من عمر الخلافة العلياء نادراً ما كان يتم النظر 
إلى المسألة هكذا. فمع نضح الأشكال المختلفة من التقوى الإسلاميّة, 


أصبح أهل الشريعة أقلّ ثقة في المتصوّفة» وباتوا ميّالين إلى اضطهاد الأكثر 


161 


شطحاً منهم بتهم المروق والزندقة؛ كما أن المتصوّفة» على الرغم من 
احترامهم للشريعة ولدوائر أهل الحديث التى ظهرت حركتهم منهاء كانوا 
ينظرون في سرّهم بشيء من الدونيّة إلى علماء الشريعة باعتبارهم منشغلين 
بالقشور عن اللب الذي يكمن فيه الحق . 


في قراءة النصوص الصوفية 

لم يستطع الصوفيّة الاستغناء عن التعبير اللفظي عن تجربتهم» كن 
والتحليل الفكري لها. وإذا كان إدراكهم قد تأنّى من خلال عمليّة روحيّة لا 
يُمكن حصرها فى كلمات» مثلما لا يُمكن أن نصف إحساسنا بالموسيقى من 
خلال العبارات» فإن الصوفيّ يُمكن أن يستلهم مجموعة من الدروس 
الأخلاقيّة فى المستويات الأولى من تعميق رؤيته وتصفيتها. أمّا ما تحمله 
المستويات الأعمق» بخاصّة لحظات النشوة» فهو عصىيّ علق التغيين» تضيق 
عنه العبارة. ولكن» إن كان لا بد من ضبط هذا المسعىء فلا بذ من وجود 
نوع من التواصل لاستخلاص مجموعة من الحكم من التجارب المختلفة. قد 
لا يكون مناسباً لمن لم يعش تجربة روحيّة جدّية أن يقرأ مثل هذه النصوص . 
وهي نصوص لم تُكتب لتكون مقروءة للجميع. في الأزمنة الحديثة» لم يعد 
من الممكن لأئ نتاج إنساني أن يُحافظ على حرمته المقدّسة؛ فتحن تشغ 
بأن جميع الحواجز يجب أن تسقط وأنْ المبتدئ أيضأً يجب أن يتذوّق بقدر 
استطاعته كل ما يبدو مهمّاً للبشرء لكي يمتلك أفضل فرصة ممكنة للتفكير 
فيما تعنيه الحياة. وهكذا فإننا بأيدِء قد تكون مدنسة» نقلب صفحات 
النصوص المقدّسة القديمة. وإذا كان الأمر كذلك. فإِنْ علينا على الأقل أن 
نقرأها بشيء من الاحترام والحذر الضروريين. 


علي أن أنبّه هنا إلى أنني في نقاش هذه المسائل» أقدّم أفكاري حول 
الفسنانا تين أكون كوانها إلى درجة معقولة منهاء ولا أستطيع أن ا 
تقديم قور ان العداعات الى لم تضم معالمها تكاها بالنسة إلى.. 
أن عالم الحياة الصوفية عصيّ على نحو خاص. وغريب على 0 
المنهجي الذي أتوخاه. 


عند قراءة النصوص الصوفيّة علينا أن نحافظ في أذهاننا على تمييز بين 
ئة مكوّنات ترد في الروايات حول أي تجربة معيّنة» وهى مكوّنات لا 


”1/ 


تفرق النصوص بينها عادة.ء ذلك أنها تبدو غير ذات معنى للصوفيّ. علينا 
أوّلآً أن نمز الحالة نفسهاء العمليّة التي يعايشها الإنسان بما هو كائن 
عضوي مثلاء أهي لحظات من الوجد أم رؤى بصريّة؟ لا بذ أن يكون 
لهذه الحالة طابع عضويء. كامن في بنية الإنسان؛ -فهذه الأمور لا تحدث 
للقرود على سبيل المثال. في الواقع. فقد تم إنتاج أو إعادة إنتاج العديد 
من هذه الحالات النموذجيّة تحت تأثير العقاقير المخدّرة؛ وقد دأب بعض 
المتصوّفة المتأخّرين. بخاصة في المراحل الوسيطة المتأخَرة» على استعمال 
هذه المواد المخدّرة كطرق مختصرة» مع معرفتهم بما يعنيه ذلك. ثانياً. 
علينا أن نميّز المعنى المَّصوغ في عبارة» الذي يحدّده صاحب الرؤية 
الوجديّة للحالة» أو المعنى الذي يستنتجه منها. ؤهذه المسألة تتعلق 
بالعبارات والكلمات التي ترتبط الحالة بالسياق العام للحياة. ربما يكون 
للحالة ذاتها معنيان مختلفان في سياقين متغايرين؛ ومن ثم فإن علينا أن 
ندرك السياق الذي يتحدذث فيه الصوفيٌ. وأخيراً: حب عن ان تعر 
المحتوى التجريبي الكامن وراء المعنى المّصوغ في عبارة» لندرك إلى أي 
شىء تحيل الكلمات وما هو المعنى الذي لا ينقال وراء الكلمات في 
الحو نة الكرتة لوقي 4 وعتن: ذ للك انقط : لمكطا ١‏ القو لي أ فا بيدا نا ادرف مع 
فال قله تبعص اق 


قد يُقارن البعض الحالة الروحية بحالة مثل الخوف. حين يعتقد المرء 
بأنه يرى شريط حياته يمرٌ أمام عينيه» ثم يجد في نفسه بعد ذلك من القوّة ما 
يدفعه ليكون وليفعل أموراً لم يكن يعتقد أنه قادر عليها قبل ذلك. لا شك 
بأنّ هذه الحالة ليست حالةً من استجماع الذات بكليتهاء على الرغم من أنها 
تُمثّل صدمة قاسية. إِنَّ الصورة التي يمنحها المُجرّب للحالة تساعدنا في 
إدراك الدور الذي قامت به الصدمة فيها. ولكن لو قال الصوفيّ أن الخوف 

من الموت أو جهدّم هو ما حرّكه لإصلاح تتسم فإن علينا انضاء ان نؤول 
هذه العبارات» التي ترمز إلى أشياء لم يختبرها أل شا كنا أحد: وفقط حين 
ننظر إلى الحالة من جهة مضامينها الأعمق المتصلة تشجؤرة بالذني 
والمسؤوليّة» سنغدو قادرين على رؤية ما يحدث فعلا في تلك اللخظة. 
ولماذا تؤسس لتداعيات عميقة الأثر. يُمكننا أيضاً تمثيل الأمر من خلال 
شخص يستمع إلى سوناتا لبيتهوفن. هناك الحالة الصوتية الفيزيائية ‏ 


160 


الرياضية؛ وناك سعاغات: تلنقاد حول اللعفاله؟ :و لكك لا تمكن: أن تند 
بالفهم إلى أن نشعر بالموسيقى بما هي موسيقى . 


فى رواية سبجلها أحد الزائرين» يصف أبو يزيد البسطامي (ت. 475) - 
اناق ذكرنا تقورة مق قلق الحاضى لندفىالرى ب بواتعدة تسن اكات التجا ري 
الصونفيّة: «نظرت إليه بعين الحق» فقلت له: «من هذا؟». فقال: «هذا لا أنا 
ولا غيري. لا إله إلا أنا». فغيرني عن أنائيتي إلى هويته» وأزالني عن هويتي 
بهويته [وأراني هويته فرداًء فنظرت إليه 500 فلما نظرت إلى الحقٌ بالحق 
وأوف لمحن بالحقة فبقيت بالحقٌّ زماناً لا نفسٌ لي ولا لشانةولة ادن ل 
ولا علمء حتى أنّ الله أنشأ لي علماً من علمهء ولساناً من لطفه» وعيناً من 
نورهء وعلمتٌ من علمه] وناجيته ل فقلت: «ما بالي بك؟1. 
فقال: «أنا لك بك, لا إله غيرك». يُمثل ذلك حالة مشهورة من الوعي الذي 


وجد العديد من المتصوّفة أنفسهم فيهء حالة من «عكس الأدوار»: فالعبد 

يؤدىي دور الإله والإله يؤدي دور العبد. وهو ما قاله المفاوج للاحما حين 

بتفصيل في الفقرة التي اقتبستها أعلاه. وفي هذه الحالة» فإِنْ أساس العبارة 

هو نوع خاص من التجربة. صر تعدو هوية الفرد فيها محل شك ومساءلة. 
0 

ومع ذلك يكون الوعي فيها مكتّفاً على نحو 


(1) إن الترجمة [الإنكليزيّة] هنا مأخوذة من نشرة مكتبة جون رايلندز لآرثر جون آريري: .4.3 

36-7 .مح ,(1956) 29 .701 ,بره «طاط كه مانن :07ل ©[ /0 ناعللا 1/16 :12 ,لتتوع عم 

على أن الاختيارات المطبوعة هناك مشوؤّهة بسبب الحذف الاعتباطي لبعض أجزائها . لقد قام 

زايئر بترجمة ة أوفى وأكمل في كتابه التصوف الهندوسي والإسلامي. في سياق محاولته إبراز (مرة 

أخرى) أن أفكار البسطامي الوحدويّة مشتقّةٌ من تقليد الفيداتا الهندوسي؛ وأنها من حم هى عضر الع 

الوحدوية لدى الصوفية اللا حقين . وقد انخرط الكثيرون فى البحث فى هذه المضالة . (وكثيراً ما تمت 
المماهاة بين مفهوم الفناء عند البسطامي ومفهوم النيرفانا الهندي). انظر: 

.(1960 رووع1 عط هلطاك :2002م.آ) اداع ا دبرار راع اا 27104 4م81 ,تعغصطعح 7 .© .]1 

من المرجّح أن يكون للتصوّف الهنديّ تأثيرٌ على المنطقة الإيرانيّة ‏ البحر أبيض متوسّطيّة في 

بعض المراحل المبكرة. ولكن» ليس لدينا أي دليل مؤكّد في حالة البسطامي . ويبدو أن الكلمة الأخيرة 

في هذا السياق هي ما قاله ماسينيون في نشأة المصطلح الفني في التصوف الاسلامي. الذي يُنكر كلا 

من التألين المتدى والوحدوي على الطا + انظر: 
:215 2) .0ع . ل'ع] ,7714716ألاكلة701 25110146 [10< ©[ 46 1/6 7ر[عء1 علاواعاء| 14 65 7ع 071 1.65 ,71255182012 5أنا0 يآ 
(1954 ,تعمطاناء 0 


64 


إن صياغة البسطامي لهذه التجربة تُظهر بأنّها تجربة ذات أبعاد مختلفة 
في حياته تربو على أن تكون مجرّد حالة من تفكك النفسء أو حلماً 
مضطريباً (وهي اراد حديف لد انا وتجاهلها). إن هذه العبارات جزء من 
سرد مطوّل عن تجربته الجوّانيّة التي يبدو له أنها تلخخص ما وصل إليه في 
مسيرة حياته كلها: وهي سرديّة تشبه» من ناحية نفسيّة خالصة.» وصف 
الحديث لصعود محمّد إلى السماءء وهي حادثة ألمح إليها القرآن أيضاً. 
لقد خاض البسطامي عمليّة طويلة من ضبط النفس وتهذيبهاء أجبر فيها نفسَه 
على نزع قشور تمركزها حول ذاتها مراراً. يترافق تخلّي الصوفيّ عن 
الانشغال بما يريده ويرغب فيه مع تحليه المتزايد بالاهتمام المركز بشخصية 
الإله الخالق الإسلاميّة» الذي له وحده أن يحدّد ما هى الاستجابة الصحيحة 
لفيا المدارقة التى اريدها الدرةه إن فى الاضر شما من الماك لمعت 
بالمحبوب في علاقة الحبٌّ: فأن يسعى الصوفئ لإرضاء الله يعني أن يتوقف 
عن إرضاء نفسه. مع شدّة توثّر الوجد في سياق أخلاقي» يبدو الله أكثر 
حياةً وسطوعاً؛ ويجد المتقرّب نفسه في مواجهة الله كما لو أن لا شيء 
سواهما. بعد وقت طويل» تصبح لهذه المواجهة كثافة طاغية» ويختفي من 
شدّة اللطف المعنى الذي لا يزال مرتبطا بالنفس. يتم تمثيل هذه النقطة 
وترميزها على صورة حوار ‏ على الرغم من أنّه حوارٌ فعلآء أي مواجهة بين 
اثنين - يكون فيه المتحدّث طرفاً واحداًء أما الطرف الآخر فيخسر كل 
هويته . 

أن بالنسية الى المى القهناتى اللتجرية فى كليدها :ببعيدا عن أي 
صياغات رمزيّة لهاء فإِنْ بإمكان كل قارئ أن يستجيب لذلك بحسب ما تهيّئه 
له تجربته الشخصيّة . لاشك بأنْ ثمّة عناصر عصابيّة هنا؛ ربما يقول البعض 
أن البسطامي كان يحاول أن يدفع بخطّ واحد من النتائج على حساب بقيّة 
الخطوط التى تشكل معاً الحياة العضويّة المتوازنة؛ وبأنْ ذلك قد دفعه إلى 
معضلة منطقيّة - نظراً إلى استحواذها الكثيف عليه تحوّلت إلى معضلة نفسيّة 
أيضاًء التي تعبّر عن نفسها في هلوسات كابوسية. 


فى حين قد يشعر شخص آخر بأن ما يهم هنا هو ما يفعله المرء مع 
العصاب؛ أي إِنَّ لخيط النتائج الذي تتبّعه البسطامي صلة عميقة بالإنسان؛ 


5 


وأنّه بغضٌ النظر عما إذا كان قد وصل إلى هذه النقطة عبر صيرورة كابوسية 
أو عبر عمليّة تحرر للنفسء فإنْ لهذه النقطة إمكانيّات يجب التعامل معها. 
فالسؤال دوماً: هل هذا الذي يهمّني هو حمَّاً ما أريده؟ هو استدعاء جديد 
للجواب نفسه: لاء إننى أريده فقط لأنني أريد ما وراءه؛ إلى أن يصل المرء 
إلى الاحالة النهائّة: ويصبح ما بُريده الإنسان من الحياة في بؤرة تركيزه 
تماماً. وهكذا فإنَّ معظم التفاعلات اليوميّة التي تخوضها النفس في الحياة 
يُصبح أموراً غير مهمّة على الإطلاق. 

ولكنّ تجربة البسطامي لا يُمكن أن تُختزل حتّى إلى هذا (فلو كان 
ذلك كل ما فى الأمرء لأمكنه التجييور عنه في عبارات عديدة)؛ ذلك أن 
السطاي كان فنك الععانة ولس "النتائج فنطاء؛ لقن يقي المعدى اللاتيق 
لتبادل الأدوار محل نقاش بين الصوفيّة لقرون عديدة». قدّموا خلالها 
إجابات مختلفة؛ بعضهم اعتبرها أرفع التجارب» وبعضهم وضعها في منزلة 
انا فى الطريق الضيوفى »:واععيرها العضن اإغواء ضادعا بحب أن :تحدن مده 
القرية ورشس هد ١‏ 


التحليل الصوفي للاوعي 

بغضٌ النظر عن كيفيّة تأويل هذه التجربة» فإننا نتعامل هنا مع نوع من 
الإدراك الذي ينبثق من المستويات اللاوعية للشخصية. وقد كان الصوفية 
واعين بذلك. وسعوا للاقتراب بقدر الإمكان مما أطلقوا عليه «السرًا 
الجواني لقلب. منذ الحقبة العباسيّة الكلاسيكيّة» حاول الصوفيّة أن يصفوا 
فا ابلقوتة ويخ الوه على نحو منظم, الأمر الذي نراه بوضوح مع [الحارث] 
المحاسبي  !/8١(‏ 861). الذي قدم (بغض النظر عن إخلاصه لروح أهل 
الحديك) المتهيجية الفكررّة: المععرلة . 

اتخذت التحليلات الكلاسيكيّة المركزيّة هيئة توصيف مراحل تكثف 
الوعي الصوفي. وتم وصف سلسلتين تشكلان مستويين من الوعي الصوفي: 
أوَلهما المقام. وهو مستوى يحققه السالك عبر الرياضة الروحيّة والنموّ 
الشخصيء فيصل مثلاً إلى مقام الصبر أو التوكّل أو اليقين. غالباً ما كانت 
هذه المقامات تصطفّ في سلسلة متتالية المراتب» فالوصول إلى أحد 
المقامات يُشكّل الأرضيّة التي تؤهل السالك للمقام التالي؛ وقد اختلف 


55١ 


الشرّاح والمحللون أيّما اختلاف في تحديد هذه المقامات ووصفها. أما 
الحال فهو ظرف مؤقت يختبره السالك شعورياً من وقت إلى آخرء ويُعتبر هبة 
ين آنه*"".في.المسعوياتالعلنا» يضح النقاعن أكقر تعفيدا .ققد حت 
مقاربة «الاتحاد مع الله على أنه طريق لولبيّ» يشبة دوران المّراش حول 
شعلة النار إلى أن تهلكه. 


كان من شأن ذلك مساعدة السالك على معرفة موقعه الفعلت» 
الكشف عن نقاط ضعفه ‏ ونقاط قوّته ‏ التي قد يكون غافلاً عنهاء غير 
ارك ليزي كان الصسوفية عابو والسفييي عن :(الكيط ان الشر نه كص رصني 
على الكففت عن المحتة السرية '(للة) الكاضة فى كل إنساك ٠.‏ عملا كان 
هذا عو هلف الشيخ الصوف (بير #م)”*؟ ومريذيه .غالبا ما كان المتضدفة 
المبتدئون يتعلمون الطريق الصوقيّ من خلال العلاقة الشخصيّة مع شي 
صو اكرات عدر يكرت نذا 2 مخض لمر نرقم ومرجه لعيما ترم( 
لاا ار با لاد ل ا ست 
مخاوفة وآماله غير الواعية. (اهتم الصوفيّة كثيراً برمزيات الخيالات 
والأحلام؛ ولكن مفاهيمهم عن 0 الأحلام واهية وساذجة على نحو 
صادم). لاحقاء أصبحت عمليّة التهذيب أكثر شخصيّة» تقوم على مراقبة 
النضيى والزهد. أما التحليلات التي قام بها الصوفيّة لما وصلوا إليه» فقد 
كانت تحليلا للعقل اللاواعي. لقد كانت إحدى الحكم الصوفيّة الأولى 
تقول: من عرف نفسه فقد عرف ربه. 


يجب ألا نخلط بين التحليلات الصوفيّة والأنواع المختلفة المشابهة 
لها بدرجة أو 0 في الأزمنة الحديثة؛ إذ إِنْ هدف الصوفيّ لم يكن 
القيام بدراسة علميّة عامّة حول الشخصيّة الفرديّة» على الرغم من أنه قد 
يجد محاولات قريبة من ذلك في زمانه. كما أنه. بخلاف الروائيين 
المحدثين» لم يكن مهتماً بالدرجة الأولى بتعقيد الشخصيّة الفرديّة» وإنما 
(19) يُمكن الاطلاع على المعالجة الكلاسيكيّة لهذه المواضيع في الرسالة القشيريّة التي درسها 


ريتشارد هارتمان في كتابهء حيثث يستع رض الاصطلالاحات الصوفية التقنية المتشعبة والمتداخلة. انظر: 
.(1914 ,184011 لصد ععنرة11 امتالوعظ) 05 عانلاأاء1ى :22 كة نوا كدن][- 41 ,لاسمسممط لمقطعن] 


(*) بيرء ذات أصل فارسي» بمعنى شيخ الطريقة (المترجم) . 


2117 


بالإمكانات الكلّية للإنسان» التي قد تكون الاختلافات والخصوصيّات 
الشخصيّة عائقاً أمامها. كما أن المتصوّفة لم يكونوا مهتمين بعلاج 
الشخصيات المَرَضيّة على الرغم من التشابهات التي نلاحظها بين 
طريقتهم والعلاج النفسي الحديث منذ فرويد. فالعلاج الابتدائي يُمكن أن 
يساعد الشخص المتقوقع على نفسه بسبب المخاوف المكبوتة داخله. 
ولكنّ الضبط الأخلاقى والشعوري عند المتصوّفة كان يهدف بالأساس 
لدفع الشخصيات العاديّة إلى مستويات فوق عاديّة. كان هدف التحليلات 
الصوفيّة إذاً هو المساعدة في فهم الحالة النفسيّة للسالكين في الطريق» 
وفهم موقع الإنسان من الكون. وقد كانت نقطة انطلاقهم بطبيعة الحال 
هى الوثيقة التى انطلق منها التحدذّي. والتي كان التصوّف كله استجابة 
نياة القرانء :ركذا إن مع المسطتلحاك: الع كان يك مها هذا 
التحليل كانت نابعة من القرآن. 


لعل ما يسترعي اهتمام المؤرّخ في النشاط الصوفي هو الانضباط 
والتهذيب. والرموز التي يستدعيهاء والتحليل الذي يقوم على هذه الرموز. 
إدافلة من المتصيرفة :وميم انو يريد السيطافي + الذى الوديكقيه شنا 
والذئ, لم تشكل:مريدوة حسما 'منظما الأ بعد فزن من :وفاتة أو أكقر د الدين 
برّوا أقرانهم بسبب الرموز الفاعلة التي أنتجوها. ولكنّ عظمة الصوفيّ في 
المجال العام لم تكن تكمن في كثافة تجربته» وإنما في مهارته في تسيير ذلك 
في القنوات العامّة إما عبر تنظيم شبكة مريديه» أو عبر تأليف صيغ رمزية 
تعتن غنة_الححياة ومعتاها» أو تظوي: تحليله للحالاف الأخلاقة والتفسة 
كمرشد للشيوخ بوصفهم موجّهين للضمائر. 


بهذا المعنى» كان أهمّ المتصوّفة شعبيّاً هو الجنيد في بغداد (ت 
.. وكما يظهر في الرسم التوضيحي لأعلام الصوفيّة. فإنّه قد تتلمذ على 
يد أبرز شيوخ الصوفيّة الذين سبقوه. كان لدى الجنيد حسٌ قويّ بالكمال 
الكامن في الإنسان منذ أن صوّره الله فى البداية. وقد درس الجنيد بعناية 
الحالات المختلفة للوعي وما تكشفهء وتعمّق في تفاصيلها. فقد نظر إلى 
الطريق الصوفيّ بأكمله على أنه عودة» في مستوى آخرء إلى الحضور 
الأصلىّ مع الخالق. الذي عاشه الإنسان بطريقة ذريّة عندما خلقه الله. فكما 


بذ 


يروي القرآن. فإن الله أخذ من ظهر آدم ذريته. وأعطى لكل منهم وجوداً 

منفصلاً : وواجههم بالتحدّي”*“. وقد كان ذلك بداية حزن الإنسان» الحزن 

الذي يصبح أعمق وأعمق حين يدرك الإنسان انفصاله الكامل عن الله. ولكنّ 
محاولة الهرب من الحزن بالمتع السطحيّة حل خاظئ. . يجب أن نسمح 

للخرن يأآن يتعتق شوق إلى اذ؛ وعندهاء بحسب الوعي الصوفي» سيحقق 

الفرد الهدف الرئيس من خلقه. الذي تاه عن عينيه وسط تعقيدات 0 

اليومية وإغراءاتها . 


أعلام الصوفية الأوائل 


رف وفاة الحسن البصري» عالم الحديث والزاهد الذي وعظ الناس 
بالخوف من الله . 

"/ا/ وفاة إبراهيم بن أدهم. علم من الأعلام. أصبحت له أهمية كبيرة عند 
بعض الصوفية اللاحقين (بوصفه الصوفي الأول). 

١8م‏ وفاة رابعة [العدوية]» المرأة الصوفية التي جسدت مذهب العشق 
الإلهي. 

ادم وفاة المحاسبي» العارف بمواقف المعتزلة» ممثل الانتقال بالتقوى 


اللادنيويّة من الزهد إلى التصوف التام؛ كتب عن التزكية الأخلاقية 
من خلال كمال النفس؛ تأثر به الغزالي. 


١5م‏ وفاة ذي النون المصري؛ ارتبط بالأفلاطونية المحدثة القبطية؟) وصف 
الأحوال والمراتب الصوفية على نحو دقيق؛ وكان مهتمأ بالخيمياء . 

ام وفاة أبى يزيد البسطامي» أول أعلام «السكر» الصوفي. 

14 وفاة الحكيم الترمذي» كاتب سير المتصوفة الأوائل» كتب في 
موضوعات مرتبطة عادة بالغلاة والدوائر الهيلينية ؛ تاثر به ابن عربي . 

. وفاة الجنيد» تلميذ المحاسبي» الذي طوّر نظاماً شاملا‎ 1١ 

فك وفاة الحلاج» تلميذ الجنيد» أحد أعلا م «السكر) الصوفي الذي أعدم 


بدعوى الهرطقة ؛ أصبح يندا للصوفية 0 


00 


1 7 


(*) وإ أحَدَ ويك من بف ادم من ظَمُورهر ري وَأَفَبِدَمْ ع1 نيهم أَلستُ ت برَيكم قالوأ 
أت تفولواً وم لْقيَمَةٍ إن كُنًا عَنْ هذا غَفِلِينَ» [الأعراف: .]1١737‏ 


م 


15 


زافق الحقية .على اتعنيزانف: التسطامى؛ ولكنه .وأئ..يأن“الستطافى. لم 
يقطع شوطاً كافياً ليصل إلى كمال تحقّق تجربته. فشطح/ات البسطامي. 
التى يماهى فيها بينه وبين الله»ء قد جعلته من صوفية السكرء 
5 بأن ا المراتب هي أن يُوْحَذْ الإنسان بشعوره بلاشيئيّته أمام 
كلانيّة الله وهى تخالة- لأ .ركاة الناطق: فنا يعر فو ها نقول. .وا الخد 
بان :فنا كلوه بعبوو الما علق :فالولى الندن سجهاون عله الجالة [من 
السكر] ليصل إلى حالة من الرصانة [الصحو] يكون فيهاء بإدراكه 
ومعرفته بالله» إنساناً أكثر كمالاًء في حالةٍ من التحكّم بالنفس ورباطة 


ع 


الحاضش: 


إدراكاً من الجنيد لما قد يسبّبه هذا الإدراك لله بين أهل الشريعة من 
فزع الذين لم يكونوا راغبين في تدخل الإسراف الشعوري والعاطفي بين 
الرجل ومسؤولياته اليوميّة» عمل الجنيد جاهداً على تجئب الشطح حتى 
في محادثاته السريّة ورسائله مع أقرانه. غير أنْ أحد تلاميذه. الحلاج» 
كان قليل الصبر على هذا الحذر؛ فقد كان مقتنعاً بأنّ جميع البشر 
يمكنهمء ويجب عليهمء. أن يفتحوا صدورهم لمحبّة الله؛ وهكذا أخذ 
يتجول في أراضي المسلمين يعظ الناس بنموذج الاسحجاية المححة 
العياكيرزة لستفيور الله موضقها يرا :مين كل أشكال الامعتافة البراقة 
وأعظم قدرا من الشعائر. لقد كانت تعاليمه حول طبيعة الإنسان والحبٌ 
الإلهيّ رقيقة وبارعة» وشعريّة أيضا ‏ وقد ضمّن الكثير منها في أشعاره ‏ 
إلا أنها قطعاً كانت متهوّرة وطائشة. فمثل البسطامي» كان الحلاج رو 
حالة السكر والاستجابة الصادقة ويفضلها على حالة الرصانة النابعة من 
المسؤوليّة. حين أصبح للحلاج مريدون في المناصب العليا في بغداد. 
وجدت السلطات سببا لسجنه بتهمة المروق عن الدين. في النهاية تمت 
محاكمته وإدانته بالقول بأنَّ التحقق الرمزي والروحي للقانون أهمّ من 
الطقوس الفعلية. وتم صلبه بعد قطع يديه ورجليه». ثم م قطعت أوضاله 
ار 4176 بويقيال بأنة«ؤضط: الافه: كان 0 هرات ما فعله قضاته 
بإدانته لحماية حياة المجتمع. مثلما كان هو محمًا في التعبير بالمفارقات 


5 


اللغويّة عن حبّه لله””". 





)١(‏ لدارسى التصوّف باللغات الأوروبيّة ثلاثة أنواع من المصادر. . فمن أراد الاطلاع على 
وصف الأنشطة الفلافة وتنظيماتها في الحقبة الحديثة. انظر خاصة حول المغرب: 
0115021[ :5؟عاع أ ) 111514]17::07:65ج: كا كلس اع 5ء1 001/767 65 ,1ه 013مم00) 223162 أن أمممعء7 عنوغع 0 
:(1897 
وحول الهند (وهو غير نقديّ)؛ انظر: 
.(1938 ,ء10115] ع انطو 1أطنط /201ك[ علاط :111012 ,017 لع نآ) 5/1175 4714 5217115 15[ :تكلا رمقططتاك مطمل 
انظ أنضا الفصول"الرسية من مل حون براون: 
1567 ,ظكع 0 طنا؟1' :000امآ) ااعتاهنةا جامك لأمانءة 0 07 كعرأئاارء2 116 ,بووعظ ,2 وطول 
حول واقع الأراضي العثمانيّة» وهو يحوي عدداً من الأخطاء التي صوّب بعضها جون بيرج على 
نحو ممتاز: .(00.,1937) 220 عدقتاآ :2002م.آ) دعاإكئتسعءط كره «ءك0 :تادماعاء8 786 رعو رزظ .>آ صطمل 
/ أما كتاب جوزيف مكفيرسون» موالد القاهرة. فجهله عميم . انظر: 
(1941 رؤ5و5ء؟2 .1/1 .11 :50تهن)) اأونروظ [0 كك://هه14 176 ,ص هدطعططء51 مدصدخ!11/لا طمعوهل 
حول الأعمال الصوفيّة الكلاسيكيّة» يمكن العودة إلى كتابات رينولد نيكلسون». وهي دراسات 
بهم ودقيقة: كما أن دواسات مارغريت سميث مهمّة في المرحلة المبكرة؛ أما لويس ماسينيون فكتابه 
نشأة المصطلح الفني في التصوة ف الإسلامي 7056 4| 06 ملهو ا«تأعءا علاواءدء| لاك 165راع 071 وم[ ) 
1ه نامتعيتر الذي أشرنا إليه نانفا في الهامش 2.١8‏ يتتبع التطوّر الروحي في المرحلة المبكرة؛ أما 
كتابه «آلام الحلاج : شهيد التصوف الإسلامي) فهو تحفة رائعة. وفيه تتبع ممتاز للمرحلة الصتاخرة: 
انظر: 
.(1922 ,تع قطاناء0) 0 1 © 77125110116 771471076 ,[112116-!'4 ::10ئىكهظ 4ط ,202ع 542551 15نام0آ 
كما أنْ كلّ دراساته تُظهر دراية واسعة ومعمّقة بما كان يدورء وهي دراساتٌ يجب تتبّعها 
تفصيلاً ؛ وكذلك أعمال لوي غارديه» وإن كانت فيها مسحة ة كاتوليكية بدرجهة ما؟ وأعمال زايئر» وإن 
كانت تخطيطيّة بدرجة كبيرة» إلا أنها تظل جديرة؛ أما أعمال هنري كوربان» فهي صعبة التتبّع ومليئة 
بالانحيازات المسبقة» ولكتها عميقة وتأسيسيّة؛ أما دراسات آربري فهي مفيدة بالأساس بسبب 
المقاطع الطويلة التي يترجمها ويضمّنها فيها. أما بخصوص الكتّاب المتصوّفة لين حار حمتويم 
ف[أبو سعيد] الخراز منظم ومنهجيّ ‏ يتعامل مع الترقي الأخلاقي؛ أما الكلابدي فيروي الكثير من 
القصص.ء. ولكنه دفاعيّ فيما تعلق بمسائل 0 أما الهجويري فهو مصئف منظمء » يتناول كافة 
مسائل الخلاف العملية عن منظور أهل الشريعة؛ أما الشبستري فيقدّم ميتافيزيقا وحدويّة؛ أما كتاب 
الجامي» لوائح [الحق ولوامع العشق] فقلّما يتناول المسائل الميتافيزيقيّة؛ أما كتاب عبد القادر 
[الجيلاني]» الفتوّة» فهو مواعظ أخلاقيّة وصوفيّة؛ أما رسائل الجنيد» حول التجربة الصوفيّة 
والتهذيب» فصياغتها الإنكليزيّة سيّئة؛ أما عمل ابن عربي» فصوص الحكم., في الميتافزيقاء فهو 
مختصر حتى بنسخته الفرنسية . وفي كتب الغزالي دفاع فكريّ عن التصرّف؛ أما القشيري فأعماله 
تصئف المراتب الروحية. لا نزال بحاجة إلى ترجمات جيّدة لأعمال [أبي طالب] المكي والجنيدء 
وهما مرشدان أساسيّان للمتصوّفة» وكذلك لأعمال ابن عربي كن السهروردي تحول الرؤى 
الميتافيزيقية والرؤيوية للحياة. أما ترجمة الأشعارء فغالباً ما ترككزت حول الرومي والعطار. وهي في 
الغالب الأعم ترجمات شعرية تعبيرية . 


5 


النظر العقلي: 
الفلسفة وعلم الكلام 
(نحو 0١٠هل/ا-ه7[)95١-5"اه]‏ 


تبرعمت طريقة حياة أهل الشريعة وأفكارهم». ونمت من غصن التقاليد 
الثقافيّة الإيرانيّة - الساميّة» التي نبعت بدورها من الدعوات النبويّة في العصر 
المحوري» وساهمت ا تدا على أن هذه التقاليد قد تحوّلت 
وتودلت: كنك نهنا مع قدوم الإسلام. وتبلورت في أنماط جديدة. غير أن 
حضورها ظل ثابتاً من خلال الجدّية العالية التي تمظهرت في أشكال مختلفة 
فق تقو المسلفيق»:والقى. ياقك تشكل هدورها- الأشاتن الذئ تعتمت غلية 
شرعيّة النظام الاجتماعي. وبات يُنظرء عند المسلمين العاديين» إلى الحقول 
الفكريّة والتخصصات التي بزغت مع أهل الشريعة على أنها تخصصات 
المسلمين الأبرز بلا منازع» وغدت بمثابة الركائز الأساسيّة للنظام الاجتماعي 
وللعدالة وللنقاء الشخصي . 


ولكنّ الثقافة الإيرانيّة ‏ السامية أظهرت فى بعض الأحيان وجهها 
المسماريّ أيضاً: ذاك الذي ينظر إلى التناغم العقلاني للطبيعة» لا إلى 
الأحكام الأخلاقيّة التاريخيّة. على أنه هو مصدر الإلهام. وقد كان لهذا 
التقليد أهميته الكبيرة ة في الحياة» بوصفه غريبا عن أبهة البلاط ورعونته وعن 
التقليد التوحيدي أيضاً . ولكنٌْ الإسلام في حدّ ذاته لم يكن جزءاً من النقاش 
0 التقليد العقلاني. بل 0 غريي! عنه » شي البداية. نما هذا التقليد 0 

لقد تمظهر استقلال هذين الحوارين جزئيّاً فى الاختلافات اللغويّة 
واللسانيّة. فقد كانت التقاليد التوحيديّة الإبراهيميّة مرتبطة ارتباطاً كبيراً 


56 


بالأشكال المختلفة من الآراميّة (السريانيّة) وببعض اللغات الملية الأخرى. 
ولكن» كما لاحظنا سابقأء فقد تمثّلت إحدى نتائج هيمنة الهيلينيّة على بعض 
قطاعات المجتمع بين النيل وجيحون بعد عصر الإسكندر فى ضرورة دراسة 
التقليد العقلاني للعلوم الرياضية» وما يرتبط به من النفكير الفلسفى» باللغة 
الإغريقيّة المقترنة بالتقليد الهيليني. وقد كانت هذه الحالة سائدةً في كلّ من 
المقاطعات الساسانية والرومانية في زمن الفتوحات العربية. فقد تزايدت 
ترجمة الكثير من الأعمال العلميّة إلى السريانيّة وإلى البهلويّة بدرجة أقلّ. 
ولكن حتى في السريانيّة كان هذا التقليد لا يزال مرتبطاً بالمعلّمين الإغريق. 


انخرط كل من التقليد النبوي الإبراهيمي وتقليد الفلسفة والعلوم الهيلينيّة 
في أصلهما في البحث في القضايا الكبرى التوجيهية للحياة 0881هأامعه-ع]ذ! . 
فحتّى التقاليد العلميّة والرياضيّة المسماريّة كانت بالأساس أدوات لرؤى دينيّة 
أكبر. كما أنْ الانتقال إلى التقليد الإغريقي كان في الوقت نفسه انتقالاً إلى 
إطار ديني دين لا وهو التقليد السقراطى العنية دنطمه105نطط» الذي 
كانك. الشاليفالعرمتة” المخموهة ايد ل نتن كان تراط وأناةطرن: 
بحسب التعريف الذي نستعمله هنا للدين» شخصيّتين دينيّتين مثل عاموس 
وأشعياء؛ وكانت الجغرافيا وعلم الفلك علوما تابعة للرؤية الكونيّة الشاملة 
التي يعمل أتباع التقاليد السقراطيّة المختلفة عليهاء مثلما عمل أتباع التقاليد 
الإبراهيميّة على علم التأريخ العبراني في خدمة الرؤية الروحيّة للتقليد. 
ولكن» على خلاف التقليد الإبراهيمي» فإِنَ التقليد السقراطي كان يخاطب 
مك البدالة نكة فكرئة يحدودة فط ؛ فلم يذل أتباعه عنهدا لشكيل اباط 
ديثّة شعبية غامة.. فقك تركت الغباذات: اليوميّة والمفل الديئة الشعبية لطيقة 
الكهنة وللتقاليد الشعبيّة قائمةَ؛ وغالباً ما اكتفى الفلاسفة باقتراح بعض 
الإصلاحات المحدودة وتغيير بعض الصيغ. مع صعود التقاليد التوحيديّة, 
بخافة المي » شلك هذه العنا لبد بعر الوقكة التعة ني النظرة 
الفلسفية» باعتبار أنها توافق روح الأديان السابقة نفسها. 

على أنَّ قدوم التوحيد قد أحدث فرقاً: فقد كان أنصار التقليد التوحيدي 
أكثر شموليّة في مطالبهم وأكثر غيرةً من وجود أي نظرة بديلة عن التوجه 
المطلوب للحياة. لا يُمكن للفلسيفة أن تحتمل الظهور في دور ديني صريح 
حتى فى نطاق النخبة. وهكذا فقد مال أنصار التقليد السقراطي أو الفلسفي 


10 


إلى التأكيد على الصلاحيّة الذاتيّة للعديد من العناصر المتخصّصة في تقليدهم 
يوضفها تقاليد علمتة :ميشقلة سكن للمرء أنيقارك نه مخض النطن عن 
انتمائه الديني أو تطلعه الروحيّ. لا يقتصر هذا النمط من التعامل على 
اللؤاضياف أ القللك: ونا لمفظق ع ,رز يدق الا د معت إلى العبنافي يها الت 
تم التعامل معها أحياناً على أنها حقل اختصاص مستقل؛ لا يلزم عن 
مسلنناتها أى الترام روتحى بوه وتحكق متا بعتها توصفيا تمريدا دكرا 
الف (وهى فكرة كانت لتكون بغيضة عند أفلاطون» لأسباب عديدة» كما 
هي بغيضة عند الوجوديين وأنصار التحليل اللغوي). 

فى سياق التأكيد على استقلالية الحقول العلميّة المختلفة» كانت قدرة 
| مات التقليد الفلسفي] على فتح نقاشاتهم وحواراتهم على درجة أوسع 
من المشاركة معتمدةً على مدى قدرتهم على إظهار هذه الاستقلاليّة؛ وفي 
الوقت نفسه كان ثمّة ميل نحو تحديد نوع الأسئلة التي تتناولها هذه الحقول. 
لقد أدّى ذلك أيضا إلى حالة من الغموض فى المسائل التوجيهيّة للحياة» 
وفي الجوانب الدينيّة من هذا التقليد» الذي كان عليه أن يُقدّم نفسه على أنه 
ببساطة حكمة إنسانية فلسفية؛ فقد بات يبدو. حتى بالنسبة إلى بعض 
المختصّين فيه» أنه مجرّد عمل عقلي خالٍ من أي التزام أخلاقي أو روحي. 
مع ذلك. امكي العقليل الفلسفي عمليّاً في إذكاء نقاش عام ري يشارك فيه 
الكثيرون من تخصصات وحقول مختلفة». وهو نقاش استمر في افتراض 
وجود رؤية مشتركة للعالم» ونوع من الالتزامات الروحيّة المشتركة؛ بل 
ووجود طريقة للمشاركة في الالتزام الروحي الفلسفي والدين الشعبي السائد 
في آنِ معاً. 


شكل أتباع التقاليد الفلسفيّة السقراطيّة عالماً خاصّاً بهم بمعزل عن أي 
وجدوا أنفسهم فيه. في الأزمنة العباسيّة العلياء كان هذا التقليد 
مرتبطا عملياً بالمسيحيّة: ذلك أن أغلت المتحد:: ثين بالسريانية كانوا من 
المسيسي ب وقل قائرتك المسيد بهذا التقليد تأثّراً عميقاً قف كان جلي 
المفكرين المسيحيين أن يواجهوا التقاليد الميتافيزيقيّة والمنطقيّة الهيلينيّة» وهو 
ما انعكس على صياغة مشكلات اللاهوت المسيحى حول الطبيعة وقدرة الله 
وحريّة البشر وغير ذلك من المسائل. في الوقت نفسهء حافظت التقاليد 
الفكرية الهيلينية على استقلالها عن المسيحيّة. وكان لها أتباع من المسيحيين 


554 


كان مجتمع الوثتيين لومي 0 يداك يطوّر التقاليد الهيلينتة ا كل 
ثقافيا نضا قائماً بنفسه. 


التهذيب العملي لتراث العلوم الطبيعية 

مما كان قل الدراهة التو موطةه البناشب: لالجا الكتروعة: اليد 
يمكن أن يشتغلوا فيه باستقلال نسبي عن التزامهم الإسلامي. هو الدراسات 
الكاريت ةو كدارة من الجمع البسيط لروايات الحديث 100 إلى التأليف 
الميحكم الذي نجده في تاريخ الطبري. عبر التقليد- الفلسفي عن نفسه 
موضوعيًا في الدراسات الطبيعية. بخاصة في العلوم المبنية على الرياضيات . 
فمن دون ثقافة قوية في العلوم الوضعية 0©6مءك؟ ع«انازوهم» ستغدو المقاربة 
الفلسفية العقلانية للحياة عقيمة وفارغة» مثلما ستكون حال المرء لو حاول 
إيجاد نفسه في الروح النبويّة من دون أن يمتلك حسّاً تاريخيّاً قويّاً. إضافة 
إلى ذلك فإِنْ هذه العلوم الوضعيّة تنطوي على فائدة كبيرة. حين بدأت ترجمة 
تعاليم التقاليد العقلانيّة في المنطقة إلى العربيّة» كان من الطبيعيّ أن تكون 
البداية بترجمة كتب الطب والفلك. بعد ذلك بمدّة» بدأت ترجمة الأعمال 
الميتافيزيقيّة الجاذة إلى العربية. 


منذ زمن المأمون ومروراً بالقرن التاسع والعاشر أيضاًء كانت ترجمة 
النصوص القديمة» بخاصّة من الإغريقية والتراث الإغريقي (من السريانية 
والبهلوية). وَأيْقينا من السنسكريتية. هي النشاط العلمي الأهم. تين 
المسيحيّ حنين بن إسحاق مدرسة للمترجمين» الذين كانوا على مستوى 
علمىّ عالٍ يؤمّلهم لتحسين الترجمات السابقة التي تمّت وتوسيع نطاق 
الترجمات الجديدة. لقد تكبّد هؤلاء المترجمون عناء جمع المخطوطات لكل 
عمل ومقارنة النصوص ببعضهاء لكي يكون الأساس الذي تقوم عليه الترجمة 
سليماً: كانت إحدى المهامٌ الرئيسة في مرحلة ما قبل الطباعة هي تجاوز 
الأخطاء والتصحيفات التي يرتكبها النشاخ الأجراء الذين لا يهمّهم محتوى 
المخطوط أو لآ ينيفو وقد كان ذلك أمرا “مهما بيناحة فقن التصوض :التي 
تشكّل أساساً لمباحث لاحقة مبنيّة عليها. وهكذاء أصبح التراث الفلسفي 
والعلمي الإغريقي أكثر حريّة ودقة في العربيّة مما كان عليه في اللغة 


08 


الساسانيّة. وقد آتت النتائج أكلها بإثراء الكتابة العلميّة العربيّة بالمواد 
الإغريقيّة القديمة. 


ينها تكون اجن أهم الإنجازات التي تم م تحقيقها هو المواضع على 
المصطلحات التقنيّة وابتكار أنماط جديدة في تركيب الجمل تتيح أداء 
الأعمال العلميّة بالعربيّة بطلاقة. إن جميع اللغات الإنسانيّة مؤهلة للتكيف 
مع شتى الاستعمالات اللسانيّة» ولكن حين نبدأ باستعمال لغة ما لأهداف 
تجريديّة ومنطقية. سنجد بأن كل لغة تنطوي على ؛ بعض العوائق والمصاعب 
فى برجعة سك :متعم لاه قلاع 2 بعلن سيل لجنا لبه لم تكن هنظ في 
إلحاق العنارائظ بيعقيها بوكيعية الجدن الداتوثة للركسة». .ولكق, الج مين 
أوجدوا أنماطاً وتراكيبّ لأداء مختلف الأغراض اللسانيّة بفعاليّة. بهذه 
الخطوة» تمّ إكمال العمل الذي بدأه كتّاب النثر مثل ابن المقفع.» وأصبحت 
العربيّة لغة مكتوبة قادرة على نقل وأداء جميع مجالات الثقافة ما قبل 
الحدد 0000-0 


في الفترة نفسها كانت العربيّة تُستعمل في جملة من التطوّرات العلميّة 
المهمّة» في أعمال المسلمين في الغالب. لم تأتِ الكثير من هذه التطوّرات 
والتحسينات إلا بعد وقت طويل. ولكن آخر قرن ونصف من أزمنة الخلافة 
العليا شهد إنجاز عدد كبير من الكشوفات يتجاوز ما تم إنجازه في المقرون 
العديدة السابقة لذلك فى منطقة النيل إلى جيحون وأراضى حوض البحر 
الأبيض المتوسّط. تُعزى بعض هذه الكشوفات إلى الصلة بالتقليد الإغريقي 
عونا بالتقلية السسكريى (زفى عملة عداكف دن الأوية الساسانتة بعد 
ازدهار العلوم الهنديّة والتفات الساسانيين إليها). وتعزى الكثير من 
التحسينات والتطويرات إلى التوجه العملي الذي اصطبغت به الدراسات 


)١(‏ لكل لغة عبقريّتها الخاصّة» بمعزلٍ عن تطوّرها وتثقّفها بالاستعمال الأدبي والعلمي . لقد 
درس ماسينيون» في العديد من مقالاته. عبقرية اللغة العربية. إِنَما على نحو تصويريّ قد لا يكون مقنعا 
قوها . مع ذلك» فإنْ الملاحظة المشتركة - القائلة بأنّ مساهمة العرب الكبرى في الحضارة الإسلاماتيّة 
هي لغتهم المذهلة في قدرتها على التكيّف» التي تصلح لأداء احتياجات العلوم الرفيعة» في الوقت 
الذي ما يزال البدو الأقحاح يتحدّثون بها شير ذئ :وت :فيد الننمة سيف نخصوضة بالعوند» كتير 

ما تم الاحتفاء بنظام اللغات الساميّة في تغيير توزيع الصوائت لصياغة الأفعال والأسماء على نحو 
إيقاعيّ دلا لي يفوق نظام البوادئ واللواحق [في اللغات اللاتينية]؛ ولكنّ ذلك يجعلها أيضاً أقل مووة 
وأقل دقة. 


ا/ا” 


العلمية با كنا محدف غالبا م حية أخدت الدواسن الميسنة هده الدراسات 
ونزعتها من سياقاتها القديمة ومن شبكة الرموز التي كانت ترتبط بها؛ أو 
حين كانت هذه الدوائر لا تمتلك معرفة كافية بهذه السياقات القديمة. 


ربما كان أحد أكثر الحقول العلميّة جاذبيّة هو علم الفلك؛ فهو أقدم 
الدراسات الطبيعيّة التي تم تطويرها في كل مكان. وقد قدّم نتائج مُرضية 
على مستوى المخيلة والدراما لتطبيقه للمراقبة الدقيقة وإن كانت بسيطة 
وبدائية . ولكنّ النتائج كانت تأتي مرضية بشكل كبير. في لايك" ل عرمي 
كان هناك إغراء كبير يتمثل في إيجاد الكمال ذاته الذي لقدقة رؤيتهم عن 
العقل الكلى في علم الفلك. وفي شكل الكون ونظامه ككل . 


كان أرسطو قد تصوّر نظاماً تكون فيه حركة النجوم والكواكب حول 
الأرض مرسومة في دوائر دقيقة متحدة المركزء وهي حركة يُمكن حسابها من 
و الفرزيا تق أملا كطليموس ققد لون نطانا زياضنا أذىق لحينات 

قع الكواكب كما نلاحظها بتفاصيل وافية. وقد استمرٌ بطليموس في 
ياج المسارات: الذائرية لرسم خريطة هذه التركة لي تكن :هذه الجركة 
الدائريّة مجرّد تطبيق للافتراض القائل بأنْ الأجسام التي لا تخضع لتأثير 
خارجي يجب أن تتحرّك بطبيعتها في شكل دائري» بل كان هذا الافتراض 
يَقدّم طريقة أسهل للتعامل مع المسالة 0-7 ناحية الهندسة الويا م التي 
وات عون كر 5ةابوتعظ ين الم كن زفق . ولكنّ نظامه كان قائماً على 
دوائر داخل دوائرء. واو او تناف وقد تخلى عن أي 
جهد لإظهار الكيفيّة التى تصدر عنها هذه الحركة» باعتبار أنه كان منشغلا 
بتتبع مسارات الراك مد خلال الملاحظة المباشرة» وكان يريد الوصول 
إلى أقصى درجة ممكنة من القدرة على التنبّؤ باقتران الكواكب وما إلى ذلك. 
مع حلول زمن الجوحات العربيّة» كان نظام أرسطوء الأقل اعتماداً على 
الملاحظة والأقل إقناعاً. لا يزال مفضّلاً في بعض الدوائر لأنّه يشكّل جزءا 
من نظام أكبر في الفيزيقا التي كانت هي الأخرىة تعدا عن أي تفاصيل . 
تَفْسّر الأشياء في نظام مرسوم على نحو جميل . 


الذذئ ادن مصطلح «الخوارزميات 2180:1588) من اسمه نتيجة دراساته في 


5/1 


علم الحساب/ الجبر كان النظام الأرسطي وعائحا «الغرنتة .. :ولكوق» تخت 
حكم المسلمين» تمّ بناء مراصد كبيرة وبدأت الملاحظات الفلكيّة تتحسّن 
أكثر من السادق: (بذل المأمون هيدا كبيرا العدون عطوظ العرض بدقة 
عالية). وبحلول زمن الفلكيّ اليهودي ابن ربن الطبري» أصبحت الفوائد 
العمليّة لنظام بطليموس واضحة. ومنل للك اللحظة نضاعداء اعتمد نظام 


الفلك لدى المسلمين على بطليموس» وهو ما اعتمد عليه علم الفلك الغربيّ 
ازيف لاش . 


على الرغم من أهميّة الرياضيات للعديد من المجالات» فإنها كانت 
بالأساس خادمة لعلم الفلك؛ ومن ثم فإنها قد حظيت باهتمام خاص من 
خلال علم الهندسة؛ فقد اتجه المشتغلون بالرياضيات من المتحدذثين بالعربية 
إلى تطوير علم المثلثات الكرويّة. ولكن» في نهاية الأزمنة الهيلينية 
والرومانيّة» حصل الانفتاح الجديد للرياضيات على علم الجبر. على الرغم 
من أنّنا لا تغرف الكثير عمًا بحداثك6 يبدو أن الاشتغال بالجبر متوارث من 
الرياضيات المسماريّة المتأخّرة» التي حظيت تقاليدها بالصدارة بحكم كونها 
أكثر كفاءةً من المقاربة الهندسيّة. على أي حال. في ظل حكم المسلمين» 
تطوّر علم الجبر تطوراً كبيراً جنب إلى جنب مع إحياء العديد من الجوانب 
المفيدة فى التقاليد المسماريّة. فقد تطوّرت وسائل حل المعادلاات من 
ال وكات تعلدنا تطويقة ووس ها 


جمع الخوارزمي في توليفة واحدة كلا من التقاليد الهيلينيّة 
والسنسكريتية بصورتهما اللتين تطورتا عليها في المدارس الساسانية» وجمع 
ورسخ بهذه التوليفة أهميّة واعتبارا لهذا الحقل وعرف أدواته ومنهجياته 


(7) 220 5صعاطه22 :لإلمممسمعاقة لهعناقطتعط 112 أمعاعممة 1ه نم1115 حر“ ,تعتوطععون71 0100© 
1-8 .مح ,(1945) 4 .701 ,دء الاك #ارعاموط روء 7[ زه 0711ل ,11611005 


وليه استعراض عام كاله اللراسات فى الخلوم الفديية في وللت الوقيع» وكيف كانت الرؤى 
القديمة تتعايش جنباً إلى جنباً مع الجديدة في عصر كان التواصل العلميّ فيه مسألة تعتمد على مقدارٍ من 
الحظ والمصادفة (وكيف يُمكن لبعض الاكتشافات المهمّة أن تختفي من دون أثر ؛ بخاصّة ‏ والقول لي 
- إذا ما كانت مرتبطةً بتقنيات متقادمة؛ مثل الهندسة المعقّدة للإغريق بدلاً من أساليب الجبر الأكثر 
تحاط الدرونها لا كملق الامو لاا والعريع بتدودهابتقددى باستعما ل الور ر كود فق زف ذه التر ادل 
العلمي في ذلك الوقت. 


> 


الأوّليّة. من عنوان كتابه الأشهر [المختصر فى حساب الجبر والمقابلة]. 
الذى كان اتوت الى :ذل عمل للخبام من إلى ابشعر اق نظرى + اشيتت 
اللغات الغربية الحديثة مصطلح «الجبر 21218658 . في الرياضيات.» كانت 
إحدى أكثر التقنيات إفادة» التي أسهم الخوارزمي على نشرهاء هي نظام 
الأعداد ذات القيمة المكانيّة (عناة,-م6هةام) التي تحوي الصفر (بدلاً من 
استعمال نظام أبجدي يعتمد على تدوين رموز أسماء الأرقام). لقد كان 
نظام الأعداد ذات القيمة المكانيّة مستعملاً في المسماريّة. وقد وجد 
العلماء المسلمون هذا النظام مع الصفر في التقليد السنسكريتي وعمّموه 
تدريجا + أكقانا على أسامن التظاء السيين .على كلم العشري» اتباعا 
للاستعمالاات المسمارية القديمة. 


بعيداً عن علم الفلك. كان للرياضيات أهميّة في الدراسات الفيزيائيّة, 
مثل البصريات والموسيقى؛ فقد حظيت النظرية. التي كانت قد تطوّرت عند 
الإغريق. بقوّة دفع كبيرة في العربيّة. فلم يكن يُنظر إلى دراسة الأجزاء 
الموسيقية شيقية انها دراسة للاأصوات (القابلة لتحويلها إلى رياضيات غلى شكل 
غنات موسيقية متمايزة فى الأوكتاف)» وإِنْما بوصفها مقدّمة لدراسة النسب 
بالعموم : وعلى وجه الخصوص كنموذج ملموس ل«موسيقى الأفلاك»» نظام 
الأجزاء الذي يتوقع منه أن يسود في حركة الأجرام السماويّة. ولأجل ذلك 
فقد جذبت الموسيقى اهتمام معظم العلماء البارزين. 


مع الطبء» ننتقل إلى ميدان مختلف من العلوم الطبيعيّة: الأحياء. 
حيث لم تنجح محاولة الاعتماد على الرياضيات في هذا المجال. كان 
الاهتمام هنا منصبّاً على علم تشريح الإنسان وعلى علم الأمراض. 
واعتماداً على أعمال الإغريق» حافظ الأطباء الإسلاماتيون على التقاليد 
العليا للإغريق (بما في ذلك قَسَّم أبقراط)» واعتمدوا على الكتب 
الكلاسيكيّة التى اعتمد عليها الأطباء الإغريق والسريان. وقد كان العديد 
منهم ملاحظين سريريين حادّي الملاحظة. أشهر أطباء أزمنة الخلافة العليا 
هو محمد بن زكريا الرازي (ت. 9750 أو 9475). الذي عيّن الفروق بين 
الحصبة والجدري وقذم مجموعة من العلاجات لأمراض أخرى. خاول 
الجهاز الإداري للخلافة أن يحافظ على معايير عالية في المستشفيات 
العامّة» وأن ينظّم اختباراً للأطباء لتمييزهم عن المشعوذين من خلال 


038 


منصب المحتسبء على الأقل في العاصمة فبينة”"",, :ولكق الطلت» كه 
التغين لأقة العملتة4 كان "مرنيظا بالامتيازات: يكن عا اهتمام جدذي 
بعلم الأحياء (ولم يكن هذا الاهتمام موود في أي مكان آخر). فقد 
شهدت الدراسة العمليّة لتربية النباتات والحيوانات والزراعة بالعموم تطوّراً 
كثيراً في زمن المسلمين (على سبيل المثال» تم تطوير التهجين بين أشجار 
الحمضيات عند المسلمين)» وقد كان هناك العديد من الكتابات في هذه 
المجالات» ولكنها كانت منفصلة عن الجسم العام للعلوم | 


الخيمياء 


بحكم فائدتها الكبيرة في صناعة الأدوية» بقيت هناك بعض الصلات 
بين الطبّ والكيمياء» التي كانت تتعامل في الغالب مع المواد العضويّة فقط . 
ونن اشير الرازي على وجه الخصوص لتطويره مجموعة من المستحضرات 
الطبية المفيدة على اسان المعارف الكيميائية المتوفرة في زمانه . وبينما كان 
علم الفلك من بين العلوم الأخرى هو التجلّي الأبرز لمحاولة العقل الإنساني 
إدراك العظمة المطلقة وفهم ما يبدو له في البداية قوة غامضة وفائقة» تنتمي 
إلى عالم أكبر من عالم الإنسان (كان التطبيق الرئيس لعلوم الفلك هو علم 
التنجيم» حيث يسعى البشر لمعرفة مصائرهم).؛ فإِنْ الكيمياء كانت تمثل سعي 
الإنسان للتحكم في هذه القوى وتوجيهها نحو الغايات التي يريدها؛ وهو 
توجّه أسهم مبكرأء وإن كان أقل انتشاراً من الأوّل (قبل الأزمنة الحديثة) في 
تشكيل التقليد العلميَّ. ظهر في قلب الدراسات الكيميائيّة» في الأزمنة 
الإغريقيّة والإسلاميّة على السواء» تطبيق عملي نطلق عليه «الخيمياء 
لالاعطء21»)» وهو اتجاه يبحث في طرق تحويل المواد إلى مواد اشر وعلى 
وجه الخصوص تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب وفضّة. 


إفرة ع اع [(15 20215017 1621م 1050لط2-معنلع74 عط1]" ,امطعع ه14 :د81 لصة الطعقطءك طمعو0ل 

2150 ) ,كاقل 01 '117ناع12 ,1511 2117لآ مقنامنزع8) *”,0ئنه0) 01 هة110-د10 لسة 20لطع83 05 مقلن ظدمط1 

.(13,1937 هع 1أطنم 

[وقد ورد أصلها في كتاب القفطي إخبار العلماء بأخبار الحكماء]. وهى ورقة ضعيفة » إلا أنها 

تُقدّم للقارئ اتصالاً و بالحياة العلمية لذلك الوقت؟؛ فعلى سبيل المثال» تنلحظ فيها أن مصطلح 

«الحرارة» كان يستعمل على نحو واسع للأغراض الطبية بطريقة تقابل استعمالنا مصطلح «الطاقة 
/ا62618» اليو م. 


11/6 


يبدو أن تقليد الخيمياء يعود إلى الأزمنة الإغريقيّة فى استعمال 
الوضفات: التى :طورها الحرديون العادِيّون في عملهم للحصول على نتائج 
مخصوصة مرجؤة. كان العلماء واعين بنظريّة أرسطو عن وجود نوعين من 
الكيفيّات. السيولة وذرحة الحرارة ‏ التي تنقسم إلى أربع كيفيات أساسةة: 
رطب» جافء» حارء بارد؛ والتي بدورها تمثّل العناصر الأربعة 
[الأسطقسات] الرئيسة التي تتألّف منها جميع المركبات بنسب مختلفة: 
الهواء (حارء رطب»., النار (حار. جاف). الماء (بارد» رطب». التراب 
(بارد»ء جاف). على هذا الأساسء فإِنْ جميع الموادٌ الطبيعيّة» بوصفها 
مركبات. يمكن أن تنحل إلى عناصرها الأولى وتتركب من جديد تركيباً 
مكدافا : ومع الخبرة العمليّة التي تحصّل عليها الحرفيّون والتقنيّون في 
وصفاتهم. قادتهم هذه النظرية إلى فكرة أنْ المعادن هي أبخرة متكثفة. يمكن 
أن تتألف في عناصر جديدة إذا عادت إلى صورتها الغازيّة. وهكذا فقد ظل 
الخيميائيّون يعملون على زيادة قوّة الأفران وعدد الأنابيق لإنتاج امراك 
الجديدة التي تريدوتها: 


يبدو أن اهتمام أصحاب العقول الأكثر فلسفيّة كان منصبّاً على 
المضامين النظريّة لدراساتهم. فقد توقعوا أن لا يقتصر الأمر على تعلم إعادة 
تركيب العناصر فى معادن ومواد جديدة» بل أن يكتشفوا العمليّة المشابهة 
لذلك. التي يفترضون أنّها تعمل في الكون ككل وفي الروح الإنسانيّة أيضاً: 
والتي يُمكن اكتشافها من خلال الخيمياء» إذ إِنْ الكون بأكمله مبنىّ على 
المبادئ والاسيتن ذاتيا. كان: ينظ :إلى الإسان علن أكون مد كار 
فيه جميع العمليات الكونيّة في صورة عضويّة. إِنْ أحد الأهداف الرئيسة 
للخيميائى هو تنقية المواد المختلفة إلى أقصى درجة ممكنة» وفق الاعتقاد 
القائل بأنّ المادّة في حالة نقائها التام ستكون غير معرّضة للفساد: فعدم 
قابليّة الذهب للفساد تُظهر مدى نقائه. ولكنء بالنسبة إلى الفيلسوفء. فإن 
الأمر المهمّ حم هو ما يُمكن أن يتعلّمه عن تطهير الروح الإنسانيّة من كل 
ذلك. وكلما اتجه الخيميائيون إلى الفلسفة في نقاشهم. باتت نقاشاتهم 
تدورء في صيغ شديدة الرمزيّة» حول المبادئ السيكولوجيّة بقدر ما تدور 
حول المبادئ الكيميائيّة للمواد؛ فمثلاء يُمكن النظر إلى الانجذاب المتبادل 
بين الرجل والمرأة بوصفه انعكاساً لاندماج العناصر المتعارضة فيهما (ونتيجة 


كا" 


لذلك» فقد كانوا في بعضص الأحيان مهملين ذ في الفحص الدقيق لماهية المواد 
التي ينتجونها) . 


له شك في هذا السياق بأن أهمّ الأعمال الكيميائية في الأزمنة العباسية 
العللنا قد أتددت فحت ترطاية التقوى الإاسماعيلية »أو الباطتّة على الأقل': 
الكتابات المرتبطة باسم جابر بن حيان. كان جابر شخصية تاريخية بارزة. 
تلينذا للؤمام الشيعي جعفر الصادق (ت. 7560)» ولكنٌ معظم الأعمال 
المنسوية إليه - التي تضم م أشتاتاً من مذاهب مختلفة ‏ تعود إلى تواريخ لاحقة 
لدذللة» 


ولكننا نلحظ في أعمال جابر ظهوراً جديداً في الحقبة الإسلامية للنزوع 
الذي كان خافتاً في الأزمنة الرومانيّة: الاهتمام الكبير بالمسائل العمليّة في 
مقابل الجانب الرمزي من الدراسة. لقد تم تطوير نظريّةٍ للمواد: على سبيل 
المثال» يُمكن ردّ جميع المعادن إلى معدنين رئيسين» الكبريت المثالي (الذي 
يجسّد الحار والجاف) والزئبق المثالي (الذي يجسّد البارد والرطب)؛ وفي 
حال أمكن الوصول إلى الصيغة النقيّة منهماء يُمكن تركيب جميع المعادن 
الأخرى بما فى ذلك الذهب. بل وكان ثمّة محاولة لحساب النسب الرياضيّة 
الى متضمن نقاء الفتضتر» كانت .هذه التطورات النظرتة استحانة للزيادة فى 
الإنتاج العملي لجميع أشكال الأكاسير (وهي المواد القمانة معطا : 
التي تستخدم في إنتاج المزيد من التفاعلات الكيميائيّة)؛ كان لبعضها 
استعمالات طبيّة» في حين يُقال بأن بعضها الآخر كان يستعمل تجاريًا 
كبدائل لمواد اخرف» عقاف المخدرات. بالطبع كان بعض المشاركين في 
هله الفبباعة.,مفتقزين إلى الدزاهة ولكة: البعض الآخر كانوا يغتقدون فغاذ 
بأنتهم ينتجون شكلاً غير نقىّ من المادّة الأصليّة: فإذا كان الذهب الذي 
أنتجوه شائهاًء فإنهم لا يقنعون بأنّه ليس ذهباًء بل يعتقدون بأنّه ليس مكتمل 
النقاء . 


بطبيعة الحال» لم يكن الخيميائيون البتخاضنا متوافقين مع محيطهم 
الاجتماعيّ» فغالا ما كانت الجماهير تتهمهم بالتعامل بالسحر والتجارة مع 
الشيطان» بل وبالفساد والتزوير؛ هذا إن لم يعتبروهم محض دجّالين. وهكذا 
كان عليهم في الغالب أن يعملوا بسريّة وأحياناً في حالة من العزلة الفكريّة. 


3 


في هذه النظريّة والممارسة التخمينيّة بدرجة كبيرة التى طوّروهاء كانت 
تستعمل بعض الوسائل كالعلاقات بين الأرقام في «المربعات السحريّة» أو 

حتى الرمزيات المنسوبة إلى الأحرف» فتكون الغا مزيفة ومشكوكة الصحة 
ولا تقوم على أساس نظري أو عملي. وقد كانت هداك حالاه.من تمرين 
السحر الصرف: أي استعمال وسائل يُعتقد بأن لها فعاليّة ما من دون أن 
تكون عمليتها الطبيعيّة مفهومة ولو بشكل أوَّليء فتصبح بمثابة تدخّل من قوى 
غامضة خاصّة. إما أن تكون قوى شخصيّة أحياناً للممارس وإمّا قوى غير 
إنسانيّة يخضعها الممارس بتقنيات خاصّة. ولكنّ العلماء الطبيعيين كانوا 
يدركون الفرق الجذري بين العمليّة الكيميائيّة والسحر؛ فسواء اعتقدوا بأنَّ 
الخيميائيين قادرون على تحويل العناصر أو لا (أو كانواء كما كان البعض 
بالفعل. يعتقدون بأن السحر وحده الذي يقدر على فعل ذلك)» فإنهم كانوا 
يدركون بأن العمليّة التي يعملون عليها هي جزء أصلي من الطبيعة. كانت 
الكيجياء ء تشكل جزءاً معترفاً به من العلوم. وإن كانت أقل رتبة من علم 
الفلك أو الرياضيات» أو بقيّة العلوم الوضعيّة التي يُمكن إيجاد رؤية فلسفيّة 
للعالم يا 


الفللاسفة والمجتمع : الطب والتنجيم 


حافظ التقليد الفلسفي على وحدته الشاملة» التى كان عليها في الأزمنة 
التقديسة» :فى العرنثة وين كله النقلية الاين كائراا من الفسمين فى العالت: 
الأمر الذي قاد الباحثين والدارسين في هذا الميدان إلى ما وراء الانشغال 
الأكاديمي بمجموعة من العلوم الوضعيّة. يُطلق على من ينخرط فكريًاً في 
هذا التقليد بدراساته وأبحاثه لقب «الفيلسوف 2172313505»)؛ ويطلق على التقليد 
بمجمله «الفلسفة 1212585». تتطابق الكلمة في أصلها مع الإتادهدهاتطما» 
ولكنْ دلالتها تتجاوز دراسة الميتافيزيقا والمنطق برفقة العلوم الوضعية. 


(4) لعل أفضل مقدّمة للخيمياء الإسلاماتيّة هي النصف الأوّل من كتاب الخيمياء لإريك جولن 
هولميارد. الذي يركز على الجانب الكيميائي المتزياتى من التعليه على عبات الجا ني لتحيفي 
والسيكولوجي منه . يمكن وصف تصؤرات جوتياره لتر بأنها تقليديّة تستندٌ إلى التصوّرات 
الشائعة من دون نقدهاء ولكنّ أفكاره تظلٌ واضحة تتوخى الدقة. انظر: 

.(1957 رقع[800 متتعدء2 :ع82112201) بزبرء(/ء/4 ,210إتصاهظ1آ .ل .8آ 


اكد 


وتشير إلى طريقة عيش فلسفيّة.» تكون هذه الدراسات والمباحث مجرد 
تعبيرات عنها . 

يكرّس الفيلسوف حياته لحكم نفسه من خلال العقل. وقد كان يعتقد 
بِأنَ العقل» الذي نجده في صورة ناقصة في نفوسنا البشريّة» هو ما يكمن 
وراء الكون ككل . دائماً ما كانت جوانب الطبيعة تدرس بروح باحثة عن 
المبادئ المنطقيّة العقليّة الموحّدة الكامنة وراء سطح التمظهرات المتنوّعة 
والمختلفة. كانت هذه الدراسة تشمل البشر أيضاً بأجسادهم (التي يُناط 
فهمها بعلوم الطب)» وبوجودهم العقلي» الذي يجب أن يستهدي بعلوم 
الأخلاق والسياسة. بعد المعرفة العقليّة بالمبادئ الأولى للطبيعة وللنفس» 
يخوض الفيلسوف في بقيّة المسائل ليَحدّد طريقته الشخصيّة في العيش. 
وتصوّره عن كيفيّة تنظيم المجتمع ككل. وكلما اقترب الإنسان من هذه 
العقلانيّة» اقترب من تحقيق هدف وجوهه بالتناغم مع الحياة كلها. بالنسبة 
إلى الفيلسوف.». فإن الشخص المثالي هو «الفيلسوف» الحكيم. الذي يعيش 
تحباقة كلينا بمقتضى تقليد الفلسفة [الإغريقية] 8نطمه1105ط2. (حين أشير إل 
«الفيلسوف» أو «الفلسفة» بالمعنى المثالي للكلمة؛ أضعهما بين علامتي 
تنصيص» لتمييزهما عن أي عنصر ذاتي؛ أما حين أشير إلى التقليد التاريخي 
الفعلي ككل» فإنني سأعمد إلى تكبير الحرف في بداية الكلمة)”* . 

وقف الفلاسفة. على 0 فى معارضة العادم العقليى لعلماء 
الشريعة. على الرغم من أنهم غالبَاً ما كانوا متختترون أنفسهم مسلمين 
صالحين. في الوقت نفسه. كان الفلاسفة ينظرون باستهجان إلى ما د 
حياة البلاط من ترف وطغيان. لا يُمكن القول بأنّ الفيلسوف كان يُمثّل 
برنامجا اجتماعيًا شاملاء بالشكل الذي نجده في نزوع العلماءء بل وعند 
رجال ثقافة البلاط: الأدباء؛ غير أن أفكار الفلاسفة كانت على تماسسن 
واتصال مع كافة جوانب العيش ؛ ؛ بل إِنّ بعضهم كان يحمل آمالاً حدنة يان 
يرى المجتمع كله وهو يتشكّل من جديد يحسب أفكاره. على أيه حال» 


كال اللري وضعت علامات التنصيص كما أَعَنَازْ المؤلفية أما في الإشارة إلى التقليد 
التاري: يخي الفعلي فإنني أدة الففلة الفلسقة سين دوروها بصوتها العربيّ 21215388 وكذا في لفظة 
فلبيوق: أما حين يستعمل اللفظة الإغريقيّة هنطمهوهانطم فإنني أورد اللفظة بصوتها الإغريقي للحفاظ 
على تمييزات المؤلف واضحةً في ذهن القارئ (المترجم) . 


032 


كانت مواقف الفلاسفة تتمتّع بتأثير معتبر» ليس فقط بين الأدباء بل فى النهاية 
بين علماء الشريعة أنفسهم . وكما حصل سابقاً في الإمبراطوريّة العايا نل 
أصبحت الفلسفة في الأزمنة العباسية العليا تؤدي دقرا اونا وإن كان هامشيا 
في الحياة الثقافيّة. ولكنء. في سبيل القيام بذلك». كان على الفلاسفة أن 
يجدوا لأنفسهم مكانا مناسباً حيث يُمكنهم» على الرغم من التعارض بين 
تقليدهم والتقليد السائد» من أن يحظوا بالاعتراف الاجتماعي . 

وهكذا فإنْ المختصّين في الفلسفة كانوا يميلون. كغيرهمٍ من العلماء 
والأدياء للعمل في مهن معينة . ككانا ما كانوا يصبحون أطباء أو منجمين ١‏ 
فيمارسون بذلك العلوم التطبيقية التي تحظى بأكبر فدر من الاعتراف في ذلك 
الزمن. (حظي العديد من الفلاسفة بفرصة الاطلاع على مواد التقليد الفلسفي 
من خلال عملي التدد بن لدى الأطباء والمنججمين). كان لهاتين المهنتين 
خصائص مشتركة تجعلهما مناسبتين على نحو خاص للعالم الفيلسوف. 
يتطلّب كل من الطب :والتنجيم تدريباً عملياً جيداًء في علم التشريح وعلم 
الفلك على التوالي؛ وكلاهما يضم مجموعة من النظريات المنطقيّة المتقنة 
في ظاهرهاء والتي تبدو لنا اليوم مجموعة من الأوهام. إلا أن قوّتها 
الإقناعيّة كانت تكمن في تجاوبها مع التوقّعات العائلة أن الطبيعة لا ند أن 
تشكل نظاما عقولا شاملا ؛ وكلاهما كان يحوي بالقدر نفسه تبصّرات 
الحكماء ووسائلهم البارعة في ممارسة التقنيات القابلة للتطبيق بمعزل عن 
تكسن الممادس . 

انبنى الطبّ في العصر الزراعي في تشخيصه وعلاجاته على كم كبير من 
التجارب التى تتجسّد فوق كل شيء في كتابات الأطبّاء العظماء. ومن بين 
هؤلاء الأطباءء كان نجم جالينوس هو الألمع في غرب نهر السندء إضافة 
إلى مجموعة أخرى من الرجال الذين أُلّفوا بالإغريقيّة. (وإلى هذه القائمة 
القصيرة من الأطباء الكلاسيكيين» تمّت إضافة أسماء جديدة» حتى في 
أوروباء كالكاتب العربي الرازي). وعلى الرغم من الاستحالة الاجتماعية 
لآن يقوم الطبيب بتشريح الجسد الإنساني» حافظ هؤلاء الأطباء على تقليد 


طويل من "المراقبة السريريّة الدقيقة وجمع الملاحظات». وهوما أصبح 
الأساس للتطوّرات العلاجيّة اللاحقة 


على أنَّ علاج الأمراض بعد تشخيصها لم يكن مسألة محسومة ويقينيّة 


.1 


دوماً . فقد كان هناك مجموعة كبيرة من الأدوية المخذرة المعروفة. 
الموصوفة لأنواع مختلفة من الأمراض. . كانت اللجترائة العم في حال 
الضرورة» ومن دون تخدير بالطبع. وكان الأطباء ينون ضاف عبني 
قواعد العيش الصحًي ويرعونهم في فترة النقاهة للحصول على نتائج أفضل . 
ولكنّ الكثير من التحليلات الطبيّة» بل وبعض العلاجات» كانت تقوم على 
ورياك قارح نم لمتكي البسا ف لمن التجدري النعاتة, 


إنّ إحدى أشهر هذه النظريات هي نظريّة الأخلاط الأربعة» وهي تقول 
بأنّ جسم الإنسان يحوي أربعة أنواع من السوائل (أشهرها وأوضحها الدم). 
وهي ما يحافظ على أداء الجسد لوظائفه. تقابل الأخلاط الأربعة تراكب 
الكيفيّات الفيزيقيّة الأربع» التي تُعْتبر النظريّة الأساس لكل الأشياء الفيزيقيّة 
(الحار والبارد» والرطب والجاف). وقد كان يُعتقد بأن الأوبئة واللأمراض 
0 التوازن بين هذه الكيفيات الفيزيقية يقيّة الأربع في الجسم. وهو 
ما يؤدي إلى اختلال التوازن بين الأخلاط الأربعة. إحدى التطبيقات الشائعة 
لهذه النظرية كان يتمثل في جعل المريض بالحمى ينزف (للتخلص من الدم 
الحار). في حين أننا اليوم بتنا نستعمل أقراص الأسبرين من دون مخاطرة. 


تعالج معظم الأمراض نفسها بنفسها؛ غير أن بعض الأمراض اقل 
عاجلذ أو اخلاً» ومنما كانت براعة اللبيت:. لقد كان ين الضعت عملا 
تحديد مدى فعالية العلاجات من عدمها. ولم تكن هناك أرضيّة مقنعة لرفض 
نظريّة تبدو متسقة مع التصوّر العام للنظام الطبيعي» بقدر ما يُمكننا أن نعرفه 
(وقد كان الفلاسفة يعتقدون بأن العقل الإنساني قادر على معرفته بشكل 
جيد). بنا بناء على ذلكء كان الطب قائماً جزئياً على قدرٍ معقول من المعرفة 
الفعليّة عن التشريح والأدوات والوسائل الطبيّة على وجه الخصوص ؛ وجزياً 
على التعامل المنظم الذي يقوم على افتراض عقلانيّة الكون؛ وجزثياً على 
المهارة الشخصيّة للطبيب» ومدى حساسيّته للحالة الفيزيقيّة؛ والأهم من 
ذلك. قدرته على الاتصال مع المريض على المستوى النفسي . 


كانت الحال متا نيه في التنجيم. فإذا كان الأطباء يستقدمون عدم 
المشورة في الحالاات الظكة الخطرة. فَإِن المنجمين كانوا يستدغوق 2 
لتقديم المشورة ‏ حول التوقيت المناسب» أو الخطوة المناسبة» وغير ذلك 


5 


من المسائل» بطرق رمزية مختلفة ‏ إذا ما كان هناك حالة عمليّة حرجة يبدو 
أن نتائجها تعتمد على الحظ أكثر من الخطوات المحسوبة من قبل الفاعلين 
المنخرطين فيها. كان هذا الشعور بالاعتماد على الحظ حاضراً في الأعمال 
الكبرى» كشْنّ الحملات العسكريّة» كما كان حاضراً فى قضايا الزواج 
والولادة. على أي حال» فإِنَ الشخص العاديّ لم يكن يعرف كيف له أن 
يساعد نفسه؛ كما أنه لم يكن يمتلك طريقة ة للتحكم بالمستقبل الغامض 
والمبهم؛ فإذا أخذ توا المختصٌ وكانت النتيجة إيجابيّة» فإن هذا فى 
صالحه؛ وإن كانت النتيجة سلبيّة» فإِنْ ما حدث لن يكون أسوأ مما كان 
مسحت 


كان البشر العاديّون ‏ من الفلاحين إلى الملوك ‏ يعتقدون بنجاعة الطتٌ 
والتنجيم على السواء. وقد رفضهما بعض العلماءء» بوصفهما أموراً لم ترد 
في سنة النبئّ محمّد (فيما عدا بعض قضايا الطبّ النبويّ المذكورة فى 
الحديث» كالتداوي بالعسل). رفض معظم العلماء [علماء الشريعة] التنجيم 
باعتباره علماً شيطانيّاً (وإن كان فعَّالاً»» ولكنّهم كانوا أكثر تبنامحاً مع 
الطبّ. في حين أقام العديد من الفلاسفة تمييزاً حادًاً. فرفضوا محاولة 
المنجمين التنبّو بالنتائج المستقبليّة» لا باعتبار ذلك أمرأ شيطانيًا ذا نتائج 
صحيحة. وإنّما باعتباره وهماً وكذباً. (كان هناك اعتراف واسع بتأثير 
الحركات السماويّة على حيوات البشر. ولكنّْ قدرة الإنسان على معرفة هذا 
التأثير كانت محل شكٌ). على أنْ بعض الشخصيات التي رفضت الاعتراف 
بأيَ فائدة للتنجيمء. مثل عالم الرياضيات العظيم البيروني (ت. نحو 
5 ؛» كانت مستعدّةَ للكتابة فى هذا الباب» بل وممارسته إرضاءً لطلبات 
الزبائن . ش 


كانت نظريّة التنجيم تعتمد على المذهب القاتل بأنْ التغيّرات في 
الأجرام السماويّة ترتبط بتغيّر الحظ في الأرض. فالتغيّرات السنويّة لمسار 
الشمس واضحة الأثر في حياة البشرء كما أن حركة القمر تؤثْر في المدّ 
والجزر كما تؤثّر في أحوال العشق. عندما راكم البابليون القدماء ما يكفي 
من المعلومات عن مسار جميع الكواكب المرئيّة» وأصبح بإمكان الفلكيين 
أن يبدؤوا بتنبّؤ مسارها في السماءء بما في ذلك التنبّؤ بمواعيد الكسوف 


والخسوف» أصبح يُعتقد بأنْ الدوائر الكاملة لمسارات الأجرام السماويّة 


ا 


تعتمدء ولا شكٌّ. على مسارات يتعذر فهمها في الحياة الإنسانيّة (وإلا فما 
هو الشيء الآخر المههّ؟). على أساس الأساطير المتوارثة وبعض الحالات 
التاريخيّة» وباستعمال عقليّة المماثلة والمشابهة؛ تم وضع مجموعة من 
الارتباطات الرئيسة؛ فعلى سبيل المثال» فإنْ حركة كوكب الزهرة ‏ المرتبط 
بآلهة الحبّ ‏ يجب أن يُؤثّر بطريقة ما على الحبّ. وما إن تم قبول هذه 
الافتراضات الرئيسة» حتّى بات بإمكان المنطق إحكام أي وضعيّة معيّنة 
لاقترانات الكواكب وتقديم تفسير لها (بخاصّة وضعيّة الكواكب في لحظة 
معينة من جهة علاقتها بوضعية الكواكب في لحظة ميلاد الإنسان). كانت 
الحسابات المطلوبة لهذا الغرض ضعيفة وعُرضة للخطأ الإنساني؛ وذلك لأنه 
من الصعب على المرء أن يثبت صحّة هذا النظام أو بطلانه من خلال 
الممارسة. وقد أصبح هذا النظام شهيرا فانتشر خارج حدود بابل باعتباره 
العنصر الأهمٌ في تعاليم العرافة والتنجيم» التي كان يبدو بأن البشر بحاجة 
إليها بقدر حاجتهم إلى الطبّ. أصبحت الرياضيات وعلم الفلك» المرتبط 
بالريا شيا كه جزءاً من التقليد الهيليني ما بين النيل وجيحون (وفي اووونا: 
وبالتالي فقد أصبحا أيقينا 0 الفلسفة في الأزمنة الإسلاميّة. 


كانت نظريّة علم التنجيم معتمدة على افتراضات بوجود ترابط واقتران 
بين الأحداث الكونيّة والأحداث البشريّة» وهي افتراضات تُقدّم نفسها بسهولة 
لمن يعتقدون بأنْ الكون بنية عقلانيّة مفهومة. عملياً. كان علم التنجيم يعتمد 
على معرفة دقيقة بعلم الفلك. وكانت هذه المعرفة جزءا من المعلومات 
العقليّة التي رعاها الفلاسفة. ولذلك. فقد كان من الصعب على الفلاسفة أن 
يتجاوزوا دراسة علم التنجيم على ذات الأساس الذي يدرس الطب بناء 
عليه. أخيراًء فإِنْ دراسة التبضّر التنجيمي كانت تتطلّب الدرجة ذاتها من 
المزاج الرصين الدقيق الذي يتطلبه الطب؛ فقد كانت مطلوبة ممن يعيشون 
في أزمة» مكل الطينا» وكات تعفمدة أكثر فين الطلين» .على العساسة 
الشخصيّة للمنججم ومهاراته النفسيّة . 


نتيجة لذلك. كان الرجل نفسه يُصبح أحياناً طبيباً ومنججما ويكتيين بذكرة 
أحياناً لنجاحه في أزمةٍ ما تتطلّب مهارته في كلا الحقلين. وهكذا فقد كان 
الفيلسوف البارز يحظى أحيانا بالقرب من الرجال الأقوياء ذوي 000 
الذين يحمونه من مخاوف العوام الجهلة (الذين كانوا في الغالب لا يثقو 


1 


ب الفلاسفة» وليس فقط بالخيميائيين» ويتهمونهم بممارسة السحر والفنون 
السوداء [اسم آخر للسحر الأسود]). في الوقت نفسهء كان ذلك يُساعد 
الفلاسفة على الحصول على التمويل الكافي لبناء مكتبات جيدة تضم م المواد 
العلمية والعليف , » على الرغم من قل عدد المهتمين. بهذه الطريقة» أرّت 
الفلسفة دوراً ينا في المجتمع الإسلاماتي على 0 من عدم موافقة معظم 
العلماء عليهاء وعدم اكتراث معظم الأدباء. وتعرنثة إلى أسالنب العياة 
الرقيقة وإلى دقائق التعبير اللغوي الأنيق . 


الفلسفة بوصفها رؤية للعالم 

لقد كان الفيلسوف كما قلنا مخلصاً للعقل الفلسفي» مكرّساً نفسه لتتبّع 
استنتاجاته إلى حيث تقوده. من دون أن ينحاز إلى افتراضاته المسبقة. 
ولكنّ «العقل»» بالنسبة إلى الفيلسوف» يتجاوز فعل «التعمّل والتفكيرا 
كنشاط عام. فالعقلانيّة الحقّة لا تعني التعامل مع الحالات المختلفة بذكاء 
(لقد أصبح هناك نقاشٌ اليوم حول مدى تمتّع القرود بدرجة من هذا الذكاء 
العملي)؛ إِنْ العقلانيّة تعني وضع اجمب التجارب والقيم في مفهوم شامل» 
فتك ميتطقت + لالحقيقة .. لفد. أنيقت الفلسفة أنها:تيعلك رزؤيتها البفامة 
للعالمء ولها رؤيتها الخاصّة لنظام الكون (الكوزمولوجيا). وهي رؤية التزم 
بها أتباع الفلاسفة ضمناً. وهذه الرؤية تنطلق من مفهوم خاصٌّ عن 
(العقلانية» نفسها. 

تتطلب النسخة الفلسفيّة من العقلانيّة في البداية الحصول على كميّة 
وافرة من المعلومات الاختصاصيّة. ولكنّ الفيلسوف لم يكن مهتمّاً بجمع 
الحقائق فقط؛ فهو يدرس الرياضيات وعلم الفلك والكيمياء وعلم الأحياء 
والطبّء بوصفها علوماً عقليّة وكلية. تعتمد هذه المعرفة» كما يُفترض» على 
الإدراك الأساسي للمبادئ الحاكمة» مثل الحركة الدائريّة للأجرام السماوية. 
أو الطبائع الأربعة للأجسام تحت فلك القمر؛ وهكذا يُمكن فهم جميع 
الأجسامء بقدر ما ترتبط بموضوع التخث والدراية 4 فيها 0 أما 
الملاحظات التجريبيّة (بما فى ذلك التجارب العرضية الماروسة) فإن قيمتها 
مشروطة بما تعدنا به من الوصول إلى المبادئ الكونيّة: كان يُفترض بِأن 
الوصول إلى المبادئ الأساسيّة ممكن من خلال درجة بسيطة من الملاحظة. 


510 


وبعد ذلك يُمكن استنباط كل شيء آخر من هذه الفياوة :عبن المتظطىق 
الصحيح. على أنَّ الثقة بالملاحظة العمليّة كانت ضعيفة» حتّى كأمثلة/ 
ماصدقات على الكليات. لقد كان ثمّة إقرار (صحيح في ظروف ذلك الزمن) 
بأنه في أي حالة يتم التعامل معهاء توجد نسبة كبيرة من الحظ والمصادفة 
التي تتدخل فيهاء فلا تكون فعا لأ/ماضدقاً خالضا للقواعد الكونيّة؛ ومن ثم 
فإِنّ التجربة ‏ سواء أكانت مقصودة أم عرضيّة - لا يمكن أن تكون حاسمة 
على مستوى معرفة المبادئ العقلية. فلا يُمكن أن نعرف عدد الأسنان في فم 
الإنسان مثلاً عبر تفص الفم فعلا : بالفليل من المصر يملكون أسنانهم 
كاملة.» ويمكن لأ شخص أن بكوق شاد أو فكتلنا عن الآخرين. وهكذا 
فإِنَ الملاحظة التجريبيّة» على الرغم من أهميّتها. ٠‏ لا يمكن أن تحل محل 
التعمّل والتفكير المنهجي . 


على أيّ حال» لا يجب على «الفيلسوف» الحقٌّ أن يهتمٌ بالجزئيّات في 
حدٌ ذاتهاء كما يفعل جراح الأسنان وهو يدرس فم الإنسان وتركيبة الأسنان 
ليصنع سنا اصطناعياً. فهذا الاهتمام أليق بالحرفيين ذوي المهارة في الفنون 
التطبيقيّة منه بالعلم الذي يليق بالسادة. وهكذاء فإِنْ أيّ اهتمام مرتبط بما هو 
وقتي» وبما هو حادثء. وبما ينتمي إلى عالم التاريخ والزمن» كان محتقرا 
باعتباره اهتماما غير مجدٍء وغير ذي صلة بتهذيب النفس. فالمطلوب هو 
الفهم الكافي للكلّ الذي لا يتغيّر؛ ذلك أن جميع الحوادث الفرديّة هي» في 
أفضل الأحوال» مِثال مكرّر ومُعادء ومعرفتّها ستكون معرفة مؤقتة. تقابل 
احتياجات اللحظة. يرى البعض بأنْ هناك زيادة نسبيّة في الاهتمام بالملاحظة 
والتجربة عند العلماء المسلمين عند مقارنتهم بالإغريق القدماء؛ وقد يكون 
هذا استنتاجا معقولاء خاصّة مع تراكم المعلومات والتقنيات (ومعلوماتنا لا 
تزال قليلة لإصدار حكم بهذا الصدد)؛ ولكنّ هذه الزيادة لم تكن كافية لتغيير 
الروح/ المزاج السائد. 

طبّقت العلوم الإغريقية النموذجيّة هذا المبدأً. في الهندسة». كان من 
الممكن استنتاج عدد كبير من المسائل من عدد بسيط من ف االعود لواف فنا 
ا ا ل ا ا الذي لا يوجد في 
الطبيعة» وليس هو المتحقّق في الجسم ثلاثي الزوايا؛ وإهمالٌ بقيّة المثلئات 
هو ما يجعل الحسابات الهندسيّة فاعلة حتى على المستوى العملي. في علم 


"506 


الفلك. إذا لاحظ المراقب الانتظام الأساسي لعدد من الأجرام السماوية. 
فإنْه سيكون قادراً على التنبّو بمواعيد اقتران الكواكب ومواعيد الكسوف إلى 
نهاية الزمن. على مستوى مثالي يُمكن تحويل الحقيقة كلها إلى عبارة 

فقيقة» تكون واد واضويها لا شك فيه وصحيحة على مر الزسن لأى 
ا ولكنّ الجهد المطلوب لإنجاز هذه العونة تطلي يموع 
واسعة من الافتراضات المسبقة والمسلمات» التي يجب على الفيلسوف أن 
يكون مستِعدا للتسليم بها . 


إِنْ الاعتراف المنهجي بجهلنا بمجموعة كبيرة من المسائل الحاسمة ترفٌ 
فكريّ لم يكن متاحاً لجماهير العواة ين عبن امن ونتيجة لذلك». فقد 
ضعت أفضل التخمينات الممكنة لتجيب عن النتائج المترتية .على المشائل 
من دون أن يكون هناك دليل حقيقي متوفر لإثبات ذلك (أو نفيه). من هذه 
الظروف» نشأت جملة من المفاهيم والتصوّرات الأقل نقديّة عن العالم. 
تصوّرات تملأ العالم بالقوى التي نشعر بها داخل أنفسناء وهي تصوّرات 
تفسّر كل ما يحدث بفعاليّة: فإذا كان المرء لا يعرف أيّ تفسير لما يحدث. 
من دون أن يستطيع الاعتراف بالجهل والتصرّف بناء عليه» فسيكون من 
المعقول أكثر أن يعتقد بمفاهيم مثل ال مانا ممحم'*. والتعاويذ.» وطرد 
الأرواح. والعين الشريرة» والسحرء وبمظاهر الأرواحيّة والسحر. فجميع 
هذه الأمور نتجت عن استقراء الأشياء المألوفة بالنسبة إلينا أكثر من غيرها. 
أما بين الطبقات ذات الامتيازات في مجتمع المدينة الزراعاتي»: فقد كان 
عع ابعص ها كين قن الفا ووقت الفراغ الفكري» ليكرسوا حياتهم 
للتفكر والتأمّل من دون كثير اكتراث بالنتائج العمليّة . وعند هؤلاءء كان 
القبول المنهجي بالجهل أمرا ممكاء بل :ريما أمرا أساسا وخبرطا. خبوورنا 
للولوج إلى عتبة البحث المعمّق. هذا ما تفترضه الفلسفة. وهكذا كان 
الفلاسفة يتباهون برؤاهم المتحررة. التي لم تكن الجماهير قادرة على تحمل 
كلفة مشاركتها . 


(*) قوّة الطبيعة الكلّية القادرة على التجسّد في الموضوعات المختلفة» جالبة الخير والشرء 
ومانحة السلطة المقدّسة لمن يحوزها . وهو مفهوم ساد بين القبائل البيلونيزيّة في أستراليا وبعض 
الأطراف الجنوبية في آسياء وقد جرّد منه مارسيل موس ودوركهايم تيو وأ عامّاً يصحٌ على جملة من 
ظواهر الأديان «البدائيّة» (المترجم). 


"2/5 


نغيدا عق يغهن الهفوات: الى تمكن أن تحدث في بعض الحالات. 
بخاصّة في مجال مثل الخيمياء» كان الفيلسوف 00 من الأخطاء الشعبيّة 
العامة. ولكن» يجب أن يكون هناك حدّ لاعتراف المرء ء بالجهل؛ فالبحث لا 
يتطلب فقط وجود مجهول لاستكشافه. بل يتطلب أيضا وجود مجال معروف 
ليكون بمثابة نقطة انطلاق. بالنسبة إلى الفيلسوف. فإِن الافتراض الأساسي 
المطلوب هو أن الكون عقلا ني في أساسه؛ 2 إنه عقلاني في جوهره»؛ على 
الرغم من عدم معرفتنا بالأشكال العارضة التي تتخذها الظواهر الكونيّة في 
الوقائع الحاضرة والآتية. إِنْ العقلانيّة إذاً لبيك فانلثة ادها تنا لقناو ل الا سيلة 
والإشكالات التى تعرض لناء بل هي عقلانية أنطولوجيّة متأصّلة مستقلة من 
حيث الميدا عن أذهانا. 


ولكنء كان لهذه العقلانيّة الأنطولوجيّة آثار أخرى. فالسؤال عن طبيعة 
الشيء في البحث الفعلي يتضمن بالضرورة السؤال عن قيمته. فإذا كان بحث 
الغره برعل ,بالتتقيقة: الكونتة ود افإنه ستتعلن ببالتقيم أيضاً + بومكذا قن التفكير 
الكوزمولوجي في ما قبل الحداثة كان يتم عبر الافتراض بأنْ الأنواع 
المختلفة من الوجودء العناصر المختلفة» تحمل قيمة متأصّلة» رفيعة أو 
خسيسة» فى داخلها: وهذه القيمة ليست مستمذة من قيمة العنصر فى 
الأغراض والأقكفيالات عتم عل فى اقنعة الع اروسةة ويك ا حزن 2 
اععان الساى, فالكواك أعلى تفن بزتنة الكاتنات ومن الأجهان» والحيوان 
أعلى من النبات» والإنسان أعلى 5 بقيّة الحيوانات» والملائكة أعظم من 
البشر. ويبدو أنْ هذا المفهوم نتيجة طبيعيّة للقول بعقلانية أنطولوجيّة للكون 
بأسره: فإذا كان الترابط العقلانى بين الأحداث متأصّلاً أنطولوجياً فى بنية 
الوجود»: قإن. قبينة الأحدائقب: الى لا تمكننا عن :ووه التقكير ون الأحدالت 
أوءى "أسنابها» بحت أن كرن ياضلة اطووها أبضا: 1 

إذا تم القبول بهذه البنية العقلانيّة الآأنطولوجيّة للكون وتراتب القيمة 
وفقاً لهذه البنية (باعتبارها نقطة انطلاق أساسية للبحث» من دونها يصبح 
الاعتراف المنهجي للجهل قاتلا مُقيماً): ؛ يمكن حينها بناء رؤية للكون يكون 
فيها كل شيء في موضعه الصحيح . وقد طوّرت الفلسفة ‏ باعتبارها موروثة 
من المدارس الإغريقيّة ‏ هذه الرؤية إلى أقصاها. فجميع المعارف» من أكثر 
العلوم اختصاصيّة إلى أكثر النظريات تركيبيّة» تشكّل كلا واحداً؛ ذلك أن 


1 


كل نظريّة في أي فرع من فروع المعرفة تشتق مسلماتها من خلاصات الفروع 
الاخرى. فكما تعتمد نظريات الطب على نتائج البحث في الفيزياء» تعتمد 
النظريات الفيزيائية بدورها على الخلااصات الميتافيزيقية. وعلى المبادئ 
الأخلاقيّة والجماليّة. والتعرّض لأيّ جزء من هذا البناء: الشامل يعني مهاجمة 
البثاء بأ كمله:. 


يتكوّن الوجود من كيانات/ موجودات يمكن أن تؤتى فلى حضوا يتألف 
كل كيان من جوهر ثابت» وأعراض تطرأ عليها الحوادث. مثل قطعة 
الحينين الف تك إن معقياء الر ا تاسجها. إنذقنا كان معن المنده 
[الفيلسوف] لتفسيره لم يكن هذه الحوادث أو الأحوالء وإِنّما الكيانات 
المتمايزة في حد ذاتها: والكلمة التي تقابل كلمة «العلة/ السبب 6وناهه» لم 
تكن تعنى سببت حادث معيّن» وائما الهيذا التكوينت للكيان/ الموجود: المادة 
الت تكن :هده [العلة التحاذكة] هدو السورة الى هده [الغلة:الضوورنة]: 
والخاية الح كدي[ العلة القانتة ]ء :والفاها. "الذى. تكسي ينه [ العلةالشاعلة] . 
(إذاَّء ففي مقابل النظام الذي يفترض التدقق والتغيّر ضمن استمراريّة متصلة 
من الحقول والصورء كان ينظر إلى الحركة والتغيّر أنهما شيء مفروض من 
الخارج). لكل كيان من هذه الكيانات ماهيته الجوهرية اللازمنية» التي تجعل 
الشيء ما هو عليه لا شيئاً آخر. وهي ماهيّة يُمكن صياغتها في تعريف يقوم 
على المقولات: فالخشب من جنس المواد الأرضيّة الصلبة» يتمايز عن بقيّة 
القراك الصيلة وغاضئة الاليافه وناغنيارن الج الا ككف ميخ النباتاتت الثاضة 
[وهو الفصل عند المناطقة]. والإنسان هو حيوان» يمتاز بأنه حيوان عاقل. 
وهكذا فإنَّ كلّ نوع من الوجودء وكلّ كيان» مقترن بقيمة ثابتة متأصّلة فيه. 


إن الكيانات» كما تدرسها الفيزياء» هي في الغالب مركبات: تتألف من 
أربعة عناصرء بخصائص مشتقةمن طبيعة تركيب هذه العناصر (حاول 
الكيميائيٌون أن يكتشفوا ما هي التفاعلات التي تنتج المركبات المختلفة). 
0 الأنقى ‏ أي تلك الأقرب إلى التركيب المتناغم المثالي للعناصر - 
تستحقّ أن تحوز على القيمة والمكانة الأعلى. توضيع العاصير الاريعة امكاليا 
فى دوائر متحدة المركز؛ فى المركز يأتي التراتة» ثم الماء فوقه. ثم الهؤاء. 
ان الما ااا ليا : وهذا تس 
أشكال الحركة التي تحاول العودة إلى الحالة الطبيعيّة للمواد. وقد زعم 


.14 


الفلكيّون (وإن لم يكن جميعهم قد قالوا بذلك) بأنْ المواد التي تقع على 
الأرض» وتحت فلك القمرء هي وتخندها المركبات» ومن ثم م فإنها غرضة 
للفساد؛ أي عرضة للوجود ثم الانحلال وللولادة ثم التفكك. أما ما فوق 
فلك القمرء فإنَّ الحركة الدائريّة الأزليّة للأجرام السماويّة تظهر أنها مكوّنة 
من مادّة أثيريّة أنقى حبّى من العناصر الأربعة التي تتأف منها الطبيعة تحت 
ذلك القمر (فيذى لاعن :ترف عل الإراجة4 آى إنيا تدك خطا [ولبين 
دائريًاً]» ومن ثم فإِنَ حركتها ليست أزليّة). 


مفهوم الفلاسفة عن الله 

بالنظر إلى هذا التصوّر للكون المادّيء كان من الطبيعي الوصول إلى 
تعامل منهجي منظم مع الكون بعد في نظام أرسطو. فإن الميتافيزيقا 
ببساطة هي ما يمكن للمرء أن تغلمة بعك أن تتقى ماد الفيزيقا/ الفيزياء ؛ 
فهي بالأساس ذات النوع من الدراسة. وتحمل معها ذات النوع من النتائج . 
كان من الواضح في هذا النوع عت السوفيةه الى أي مدى يستطيع العقل 
التحليلي التقدّم في نقاش المسائل في المستويات الإنسانيّة العليا المعمّدة؛ 
وما هي المضامين الإنسانيّة المتضمّنة فيها . 


تشكل هذه الافتراضات عن الوجود الأساس الذي يقوم عليه دليل 
وعواة الله (علئن أشاسن كتاباتك النابقن )ادن انق سينا( 7 )0 أشهر 
الفلاسفة؛ إذ لا بد من إثبات وجود الله والبرهنة عليه لمن لا يمثل الله عنده 
تحدياً مُجرّباً ومُعيشاً وإِنّما كياناً كونيّاً لا يُمكن معايشة تجربة مباشرة معه. 
يفترض دليل ابن سينا سمتين اثنتين مستمدتين من رؤية الفلاسفة للعالم. 
يتألف العالم من أشياء مركّبة» وعلى عقولنا أن تميّر بين أكثر من مكوّن (لا 
يقتصر الأمر فقط على الكيانات المركّبة» فحتّى أبسط الموجودات هى 
مركبة» على الأقل من الصورة والمادّة». على أنّ عقولنا تتطلّع في النهاية 
إلى وجود شيء بسيط بساطة تامّة» أي وجود غير مركب». شيء غير قابل 
للتحليل والتجزئة. إننا نتحدّث عن الأشجار والحجارة والماء والهواء؛ ولكن 
إن وجدنا بأن هذه الأشياء يُمكن تحليلها إلى مكوّنات أصغر (لحاء الشجرة» 
والخشب,. واللبء. والسيليكون والميكا والكوارتز)» فإننا نعرف بأثنا لن 
نستطيع فهمها عقليّاً حتى نأخذ مكوّناتها بالاعتبار» ثم نحلّلها إلى عناصر 


014 


أصغرء وهكذا وصولاً إلى النقطة التي لا يُمكننا بعدها تحليل عناصرها 
أبدا . إذأء لم يكن يُنظر إلى هذا النوع من العقلانيّة على أنّه مجرّد وظيفة أو 

يقة عمل عقولنا.ء بل على أنه يحدّد الطبيعة الأنطولوجيّة للوجود. وبناء 
على ذلك كان يُنظر إلى البسيط على أنه هو الأوّلى وأن المركب مشتقٌّ منه؛ 
وبالمثل» فإن الثابت سيبدو هو الأساسىئ. فزن .تحن تلان المتغيّر على أنه 
او 

في هذه الحالة. من المنطقيّ أن نقول بأن أيّ شيء مركب لن يكون 
زافق لشروط عقولناء» ويجب أن نقرّ بأن له ا اللو لوصا قائماً في شيء 
آخرء ومن ثم فإِنْ وجوده مشروط بوجود شيء آخر خارجه. وكل ما هو 
مكتووط. يخييرة: أذتى .براتية فق الأشباء ذاتية الوحود» مثلما أن الأطفال الدين 
يعتمدون على رغبات والديهم وتترتب حياتهم كما يشاؤون لهم مرتبة أدنى 
من مرتبة الأبوين اللذين يستطيعان التصرّف بحسب ما يريدان من دون أن 
يعتمدا على أطفالهما. إذاء فالبسيط بساطة مطلقة هو وحده ما لا يحتاج 
سبباً من خارجه لوجوده؛ ومن ثم فإنه واجب الوجود: أي إنه موجود من 
دون سبب إلا ذاته. هل هناك إذاً مثل هذا الوجود «الواجب»., أي شيء 
بسيط تماماً ولا يحتاج إلى سبب؟ م اترى ‏ للطوك دن وما يعد 
الوجود واجب» فإنه موجود طيعا . ولكن في هذا البسياق فان :نا يهم في 
النهاية هو أن هذه البنية الهرميّة العقليّة للكائنات تستلزم وجود كيان مطلق 
واحد يقف على رأس هذا الهرم؛ فسلسلة الأسباب التي توجد الكائنات 
بحاجة إلى موجودٍ لا علة له في نهايتها ليكون بداية لسلسلة العلل لثلا نجد 
أنفسنا في تسلسل منطقي لانهائي لا يقبله العقل . 

ا م جد لكر اد العنة اران لكر ارد جات نشي زه ان 
عليه التقليد التوحيدي: الله؟ فالعلة الميتافيزيقيّة الأولى ليست بالضرورة هي 
نفسها الإله الخالق. ولكن» عند الفلاسفة 5206 فإن «واجب الوجود) 
سيحوز على أعلى الصفات الأنطولوجيّة» وسيكون أعظم الكائنات وأكملها 
(لأنه مستغن بنفسهء ولا يعتمد على أي شيء خارجه). وإذا كان كاملا فإنه 
لن ينقصه أي صفة قيّمة؛ والقيمة لا تنبع هنا مما نعتبره يّمأ بل مما هو قيّم 
على نحوٍ أصلي في الكون المنظم عقلانيا : وهكذا فإنّه سيكون عالماً وحيا 
وأقوى من كل صاحب قوة؛ أي إِنّه سيكون الكائن الأكمل الأعظم سانا 


+96 


موعتدن ‏ للعياذة والتبجيل من كل من دونه أكثن مما تيجل الرعية العلوك 
والآبناءً آباءهم . لقد شعر الفللاسفة بأن مثل هذا الكائن يستحقٌ ‏ ووحده من 
خسو الفكانة الى يعر وكا ا لمر عدون له 


فى مرحلة متأخّرة من الأزمنة الرومانيّة» طوّرت مجموعة من الفلاسفة 
الإغريق (الذي يُسمّون بالأفلاطونيين المحدثين)؛ بزعامة أفلوطين (ت. 
؛ مجموعة من أفكار أفلاطون وحوّلوها إلى نظام كوزمولوجي مفصّل 
ووعايبيى هلالا راق بواتهياة الأسانتة بطريقة تعمل طابنا وينا + الحعند 
كوزمولوجيا الأفلاطونية المحدثة على ثلاثة 0 على ما قدّمه أرسطو ف 
عم الفلك والميتافيزيقاء التي تقوم على مبدأ العلّة الأولى الكونيّة كما 

فصّلناه؛ وعلى بعض الجيا قم المنطقية والأسطورية التى قدّمها أفلاطون. 
الذي كان م بانجذاب الأجسام المادية وتشوّفها إلى المعايير غير المادية 
الكامنة وراءها؛ وعلى التجربة د تفترض الكوزمولوجيا 
الأفلاطونية المحدنة ضهنا بعض المفاهيم الدينيّة الوثنيّة الهيلينيّة وإن أمكن 
كبينها مع العدالنب الجسيستة »وقد 2 تتولها ب#الحموم في تذديل الللزسر: 
نطم211050 في الأزمنة الإسلاميّة (وقد رأينا بعض سماتها في النظام 
الإسماعيلي). 


عندما طوّر الفلاسفة المسلمون هذه الكوزمولوجياء كانت هذه دراما 
اللازمنيّة تحمل إمكانات منطقيّة ومادّية فى آنِ معأ. يصدرٌ الكون صدوراً 
قَدَيما وعلى نحو لازمني» من الواحد المتعالي تغالءا:مطلقا»: السيط بساطة 
تامة. الذي لا لمكن معرفته إنباناً إلا بما يلزم عن اننا العلة الأولى. . وعن 
النقاء العقلاني لوحدانيته ؛ يصدر العقل المطلق. العقلانية في حد ذاتها (ومع 
كونها شيعا و ايد > إلا أنها تحمل في طياتها كثرة في التناغمات 
والعلاقات). من العقل المطلق والواحد المطلق يُمكن أن تصدر جميع 
أشكال الكثرة ‏ الحركة والتغيّر؛ وعلى وجه الخصوصء النفس المطلقة - 
المبداً المطلق للحركة الذاتيّة. تنتج النفس الحركة (وبالتالي تنتج الزمن) في 
استجابتها الضروريّة للعقل المطلق» وتحاول أن تحاكي كمال العقل؛ وهو ما 
لا يمكن لها تحقيقه ؛ لأن طبيعتها مشتقّة من العقل وليست هي العقل نفسه. 

من العقل الات والنفس المطلقة تصدر الأفلاك السماويّة متحدة المركز 
لأرسطو ويتحرّك النظام الفلكي لبطليموس» وحركاتها دائريّة منتظمة؛ لكل 


14١ 


فلك من هذه الأفلاك ‏ بدءاً من النجوم الثابتة إلى أفلاك الكواكب المختلفة 
إلى القمر - عقله ونفسه. وهما ما يحكمان حركته. إِنَّ التفاعل بين جميع 
هذه الحركات الدائريّة. التي تصبح أكثر عدا كلما نزلت نحوناء يعود إلى 
التعقيد الحاصل تحت فلك القمرء الأرض بعناصرها الأربعة ومركباتها 
الكثيرة المشتقة منها. (ويُشرف العقل الفعال من الفلك الأدنى على كل هذا 
التعقيد) . 


إلى هذه النقطة., فإِنْ النظريّة تتعامل فقط مع الكثرة والحركة التي 
نلحظها للكائنات في الكون المشاهد؛ ولكنّ ا الديني ينبثق من كونها 
ترى العقل الإنساني اتلعكانا للعقل الفعال الذي يتسيّد عالمنا. إذا قمنا بتنقية 
عقولنا وتطهيرهاء فإِنْ بإمكاننا المشاركة في كل هذه العمليّة الكونيّة, 
وبالتالي عكس عمليّة نزول وعينا من الوحدة إلى الكثرة عبر العودة فكريًاً من 
الكثرة إلى الواحدية المطلقة. بهذه الطريقة» تصبح الحياة الفلسفيّة مبرّرة: 
البحث عن الإدراك الفكري» والفهم الكلىي في مقابل المؤقّت والعابر من 
الحالات؛ والتطهير الأخلاقى للنفس» الذي يجعل البحث العقلى الهادئ 
وقافكه سكين :إن المدكه النتشن هو الطرق الاحن تجا اله وضادقة؛ 
أما الطقوس والقواعد الأخلاقيّة ومذاهب البشر العاديين الجاهلين فما هي 
إلا محاولات ناقصة في الطريق الفلسفي الحقٌّ. 


يُمكن لمثل هذه الرؤية الدينيّة أن تتناغم مع أي عبادة دينيّة شعبيّة 
تقريباً. ولكنّ أنصار الرؤى المنافسة قد لا يرضون عن شروط هذا التناغم . 
فالموحّدون في التقليد الإيراني - السامي. على وجه الخصوص.ء قد 
يشككون فيما إذا كاتف الغعلة الأولى فلسفيّاً هي نفسها : الله. فالموخدون 
يتصوّرون الله بصفات مختلفة» باعتباره الخالق المطلق» الذي خلق العالم 
بإرادته الحرّة» وباعتباره الححكم الأخلاقي النهائي» الذي يتدخل بنفسه 
وبشكل إيجابي في الحياة الإنسانيّة. فالمفاهيم التوحيديّة عن الله قد تأسّست 
من خلال الملاحظة والاستجابة للوقائع والمعلومات التاريخيّة والمرحليّة التي 
يميل الفلاسفة إلى تجاهلها باعتبارها غير خاضعة للعقل. إن فكرة الأنبياء 
عن الله أكثر أخلاقيّة منها أنظو لوي وأكثر تاريخيّة منها افده أزليّة؟ قد 
يريد الله احترام البشر وتوقيرهم. ولكنه قبل ذلك يريد منهم تقديم الطاعة. 
ويلي 010 والتبجيل إذا الحا :اكوا رهف لطاليا كان تراعيها 


14 


أن التقاليد الفلسفيّة والنبويّة ليست متناغمة سلفأ وفي الظروف الإسلامية 
المبكرة» لم يكن من السهل الوصول إلى تفاهم بين هذين التقليدين”. 

قذاةةاغين الفلاسنة قخصنة مختلفة تنام عه :«اله) لدى الآشياء» بقدر 
اختلافهما في تصوّر المصير الإنساني. ومهما حاولنا حجب هذه الاختلافات 
من خلال استعمال الكلمات والمفاهيم المشتركة» فإنّ الاختلاف سيظهر في 
المسائل والمراحل الحاسمة. فالفلاسفة يرفضون أ تاريخ كوني». له بداية 
ونهاية ؛ ومن فإنهم لا يفيلوناباه باعيا ره الخالق :: أي باعتاره .عابر أو 
حَكماًء بالمعنى الإبراهيمي. بدلاً من ذلك. فإنّهم يرون العالم أرلكا/ قذدماً؛ 
وهو [أي الله] (باعتباره العقل المطلق) يُمكنه فقط أن يعرف الأشياء المجرّدة 
والكليّات في الكون؛ كما أنه لن يبعث الأجساد البشريّة في نهاية 3 ْ 
--- ل ل د ان سد 

يضاح المرء لولائه الآوّل» أهو ين ينتمي إلى التقليد الفلسفي أم 0 


الفلسفة والوحى الإسلامي 


رأى حذاق الفلسفة نطمهدهانطم أنْها نتيجة ضرورية عن العقل الكلي. 
الموجود في كل موجود عاقل في أي أمّة وفي أيّ زمن. (كان ينظر إلى 
الفلسفة ونطمه5هائط5 في الإسلام. كما ل إليها في بلاد الإغريق» بوصفها 
الفهم الحقيقي والحكمة). ولما كانت الفلسفة» مثل جميع العناصر الثقافيّة 
الأخرى» مُترجمةً من اللغات القديمة إلى العربيّة» فلم يكن يُتوقّع منها أن 
تلبّى احتياجاتٍ جديدة. ولكن., كما رأينا في العلوم الطبيعيّة» فإن الفلسفة 
الإسلاماتية قد أثبتت أنها أكثر من مجرّد استمرار عربي للتقليد السرياني لقد 


(4) يُمكن الاطلاع على عرض ممتاز لافتراضات ومناهج البحث الرئيسة ومضامينها الأخلاقيّة, 
كما يراها الفلاسفة. فى كتاب الفارابى. انظر : 

رع271420)) الطدك/13 نا 0 ان 20 22512160 ,451011 مده منواط إه براومدم]ةراط د *أطه !4 
.(1962 رعمعههة01) 01 ووعءظ ععرظ :.111 
لاحظ أنه. كما يُشير مهدي. على الرغم من أن نظريّة الفيض الأفلاطونيّة المحدثة لم تُذكر في 
الجزء الأوّل من الكتاب (الذي يظهر فيه واجبات الفيلسوف الحقٌّ - وفي الأجزاء الأخيرة منه يضرت 
لذللك مثالين رنيسين - ويستعرض فيه جملة من المذاهب الأخرى)» إلا أن نظرية الفيض خاضيزة ضجناً 
: في أكثر من موضع»ء كما أن المنهجيّة الأساسيّة تقود إليها بوضوحء بخاصّة عندما يجعل من دراسة 

النجوم والنفوس نقطة انطالاق مزدوجة لدراسة المبادئ الإلهيّة في الميتافيزيقا . 


1 


أعطى المجتمع المزدهر في المدن العباسيّة دفعة قويّة للبحث العقلي؛ ولكنّ 
الكوكبة الفكريّة الجديدة للمجتمع الإسلاماتي كانت ذات تأثير خاصّ. وقد 
كانت النتائج متميزة ا كنا حتى في ما بطل عليه الفلسفة تبإطمهوهاتطم» 
بالمعنى المباشر للكلمة. 


على الرغم من رفضها لما هو تاريخي ولما هو مرتبط بالتقاليد.» وعلى 
الرغم من محاولتها استنتاج كل.شيء من المبادئ العقليّة المجرّدة والأزليّة 
كانت الفلسفة بالطبع تقليدا ثقافيًا تاريخيًا؛ فقد كان لها شخصياتها الكاريزماتية 
المؤسسة (بخاصّة سقراط. الذي كان مثالا وذكرى يقتدي بها الفلاسفة). وعلى 
الرغم من أنْ الفلاسفة قد قدّموا أنفسهم على أنهم مستقلون عن المرجعيات 
السابقة. مقتبسين قول أرسطو بأنه يدين بالكثير لصداقة أفلاطون ولكنه يدين 
أكثر للحقيقة» غبى أن النا من تن ةرسدا بالضرورة أقوال معلّميهم وحاولوا 
الوصول إلى تفاهم ما مع أفكارهم. حتى عندما كانوا يحاولون تحسين هذه 
الأفكار أو تطويرها. تحت الظروف الجديدة التي جاءت مع الإسلام» ظرحت 
العدينهن الأسغلة واستغيرت الفورض الجِديدة:-وتشارعت:وتثرة البعوار 
الفلسفى: فقد تطوّرت الفلسفة أيضا من خلال تفاعل القرارات الشخصيّة 
الواعية مع المشكلات الجديدة عبر الصلات الاجتماعيّة؛ وقد أثّرت نتائج هذه 
القرارات على كل التراث اللاحق للفلسفة. ووضعت حدوداً لما يُمكن 
للفلاسفة أن يحاولوا فعله في المستقبل من جهة علاقتهم بالمجتمع» وبالتالي 
لنوع وجهات النظر التي يُمكن أن يُطوّروها بهذا الصدد"". 


كما رأيناء فقد طوّر فلاسفة التقليد الإغريقي درجة معيّنة من التجانس 


(5) إِنّ التعارض والتقابل الذي أقيمه في هذا الفصل بين التقاليد النبويّة والفلسفيّة قد أصبح 

معياريّاً في أدبيّات هذا الحقل منذ عقود. وكثيراً ما تمّ استحضاره في عقد المقارنات بين الحاضرتين 
الإسلامية والمسيحية». وكثيراً ما يؤول إلى تقابل بين الثقافة الساميّة العبرانيّة على الأقل. وبين 
الإغريقية . ويبدو هذا التقابل دقيقا إلى درجة تجعل المبالغة في الاعتماد عليه أمراً خطراً . ويتعاظم هذا 
الخطر إذا ما أسندت هذه المقابلة إلى تعارض في الأمزجة ب بين «عرقين». غير أنني بتفسير التعارض 
بوصفه تقابلاً بين حوارين تاريخيين» كل منهما مفتوح لأبحكم طبيغة الحزار) على التداخل مع التقاليد 
الأخرى. آمل أن أكون قد نجحت في تفادي مخاطر هذا التقابل. تحلى وجه الخصرض» بإت من 
الواضح بأنّ كل حوارٍ منهما كان جزءاً لا يتجرّأ من ثقافة شاملة في كل من المركب الإيراني - السامي 
والأوروبي. وإن كان كلّ حوار منهما قد أدى دوراً مختلفاء بل وحمل عناصر مختلفة في ثقافة هاتين 
المنطقتين. 


14 


والوحدتى معارديم العامّة» اخذين المنطق والكثير و اعورم كن أرسطوء 
وآخذين تصوّرهم عن عن الكون وموقع الأفراد فيه من أفلاطون أو من تأويل 
أفلوطين لأفكار أفلاطون. داخل 1 التوجّه العام» كان ثمة درجة معقولة 
من التنوّع في المدارس التي تعتمد بدرجات يعفاوقة حلي أرستطو أو 
أفلاطون؛ كما كان هناك اتجاهات فكريّة أخرى. بخاصّة الرواقيّة المتأخرة. 
التي استمرت في جذب بعض الاهتمام. ولكن» كان يُتوقع من كل تلميذ أن 
يقرأ مجموعة من الأعمال الفلسفيّة مع أستاذه. وغالباً في شكل مجموعات. 


في هذا الشكل المعياري» بدرجة أو بأخرى؛ ظهر التقليد الفلسفي بعد أن 
تمّت ترجمة معظم الأعمال الفلسفيّة المهمّة إلى العربيّة. ومن نقطة الانطلاق 
هذهء بدأ الفلاسفة المسلمون تفكيرهم الفلسفي. حين تمّت ترجمة الأعمال 
الفلسفية والعلمية الكل سيكية» تمّت على نحو تدريجي لمصلحة الأفراد العاديين 
والعلماء الذين لن يتعلّموا الإغريقية. في هذه العمليّة ٠‏ توقف نظام المناهج 
التعليميّة القديم جزئيّاً . فالذين درسوا الفلسفة بترجمتها العربيّة كانوا يتعلّمونها 
بدرجة من الارتجال والاعتباط. ولكنّ هذا النوع من التناول كان مفيداً لفتح 
منظورات جديدة: فحين لا تصل المشكلات بنظامها المعياري وتُشرح من قبل 


الوعلتية الر سمي : فإِنٌ من شأن ذلك أن يكشف وجوها جديدة للمسائل.» وهو 
ما قاد الفلاسفة الإسلاماتيين إلى تقديم هذه المواد فى توليفات جديدة . 


وهكذا فإن [أبا بكر] محمد بن زكريا الرازي (ت. 9586 أو 485) 
الطبيكت الذئ قرأ قيما يبدق:غددا من الفلاسفة السكرين غير المشمولية غادة 

في المنهج الدراسي الفلسفي التقليدي ‏ قد أصبح واعياً بشكل حادٌ بالفجوات 
والثغرات القائمة في الرؤى المعياريّة» فرفض النظام الكوني الذي يقوم على 
علَة أولى واحدة». «المحرك الذي لا يتحرك). الذي يحرّك ا ماذة الكون 
غير المتشكلة في صورة [الهيولى]. بدلا من ذلك» افترض الرازي وجود 
خمسة مبادئ قديمة [وهي الباري والنفس والهيولى والمكان والزمان]ء توجد 
معاً على الرتبة ذاتها من الضرورة المنطقية . غير أنه لم يستطع أن يُجيب عن 
سيؤال كيك يمكن أزريشاأ الزهان أو المكان أو الماذة هن غين المنذا الأدل 
(العقل أو النفس). أو كيف يُمكن أن تندرج تحت مقولة أخرى . تتضمن رؤيته 
للكون جميع الافتراضات الأساسيّة التي سلّم بها الفلاسفة» وقد مكل بذلك 
اليا نسبيّاً عن التقليدء الذي كان مهيمناً حتّى عليه» هو الذي انتقد بشدّة 


> 


الميتافيزيقيين القدماء» ومن تبعهم من الفلاسفة الذين لم يتمكّنوا من تجاوز 
حلولهم: ولكن. تحت الظروف الجديدة التي جاء بها الإسلام (على الرغم من 
أنه كان على الأرجح مسلماً بالاسم فقط) أمكن للرازي أن يصل إلى استنتاج 
بعض الخللاصات الجديدة من ذات الإطار الونسن: ْ 

ولكنّ النتيجة الأهم التي نبعت من البيئة الإسلاميّة كانت المواجهة 
الجدياه مع التخانيد التوجيزية التي افرضديا . فعلى الرغم من أنْ بعض 
اده 0 ار بأي دين عادي أي 1 فإن و الماددمة لين 10 
مذاهبهم كانت تتنوّع في المسائل الحساسة وفقا لدرجة انتمائهم وولائهم. 
0 المسيحيّون 0 لمشكلات ع اخرار ير السبيد الدداحت ل 


كان ا الفلاسفة المسلمين» المستقلين فلسفيًاً. هو يعقوت الكندي 
(ت. بعد 2481/١‏ وكان من أصول عربية» بخللاف معظم العلماء المسلمين). 
وقد بيّأ/ كيّف الكندي الحلّ المسيحي الذي تبنّاه أساتذته مع المذهب 
الإسلامي مع قليل من التعديلات الجوهريّة؛ وهو تكييف يرى بأنْ تعاليم 
الوحي حول الله والروح والنفس هي أمثال وقصص عن الحقائق الفلسفيّة. 
ويبدو أن الكندي قد كان قريباً من مفكّري المعتزلة في محاولتهم لنزع التشبيه 
والتجسيد عن إيمانهم» وإن كان مقتنعاً فيما يبدو بأنْ حلولهم لم تكن متوافقة 
مع الرؤى الفلسفية العقلانيّة. اشتهر الكندي بجمعه للتعريفات الفلسفية. 
كان مهتمّاً بتشجيع النظر العقلي أكثر من اهتمامه بالعمل على أي نظام فلسفي 
معيّن. ولكن لم يكن لهذه المقاربة أن تبقى مقنعة ومرضية؛ فالتقليد السقراطي 
لا يُمكن أن يقنع بالبقاء بأسئلته محصورة ضمن حدود الإطار الذي يفرضه 
تدخل تاريخي كالإسلام؛ ولا يُمكق أيضا للتقليك:القرانن ي أن يقبل بالتبعيّة في 
استنتاجاته لسلطة النظر العقلي الإنساني الشخصي . 


البدائكل عن الديانة السقراطية والابراهيمية 
تظهر المعضلة وتتوضح في الحوار الذي دوّنه أبو حاتم الرازي» الداعي 


15 


الإسماعيلي» الحوار الذي جرى على العلن بينه وبين الفيلسوف [أبي بكر] 
يويك اتن زكري ا من بين جميع حملة التقليد القرآني» كان 
الاسماعيليّة أكثر المهتمّين بالمذاهب المرتبطة بالفلسفة؛ فبناؤهم الرمزي كان 
يستبطن الصورة الهيلينية القديمة للعالم» وقد قاموا في القرون التالية بتكييف 
الكوزمولوجيا الفلسفية القديمة لأهدافهم الخاصة. ولكة الإسماعيليٌ [أي أبا 
حاتم الرازي] كان مصدوماً. مثل أيّ تابع آخر للوحي التوحيدي» مما اعتبره 
رفضا خخطراً ترا للوحي التاريخي الذي يعترف به المجتمع. لصالح 
التفكير اللحظي والعابر للأفراد. 

يبدأ الفيلسوف [أبو بكر] الرازي بالاعتراض على الاعتماد على الوحي 
على أساس أنّ هناك عدداً من المذاهب التي تعتمد على الوحي» من دون أن 
يكون ثمّة طريقة لحسم الخلافات والأقوال المتعارضة بينهاء ومن ثم فإن 
هذا الادّعاء [أي الاستناد إلى الوحي] لن يؤدّي إلا إلى صراع مدمر بين 
النكرة وهو ما لا يُمكن أن يكون غاية الله. إن حظ البشر من العقل متساوء 
وهذا وحده فا عظها اماد بحسم الخلافات». ولا بد أن إرادة الله تقضي أن 
نستعمل العقل للوصول إلى الحقيقة. يرد [أبو حاتم] الرازي الإسماعيلي 
بالقول بأنّه صحيحٌ بأنَ جميع البشر يملكون عقولاً» إلا أنَ هذه العقول 
ليست متكافئة؛ فبعض البشر أذكى من بعضهم الآخرء ومن ثم فإنه من 
المحتم أن يقود البعض البعضٌّ الآخر؛ ولذلكء. لا بد أن يكون هناك قائد 
شرعي موثوق إذا أردنا الوصول إلى الحقيقة؛ وخر ما يريده الله لنا طعا 
وليعرف الأقل ذكاءً هذا القائدء فإنه لا بدّ يكون 0 يحمل الوحي 

بعد ذلك يقلب الرازي الإسماعيلي وجهة نظر الفيلسوف ضذهء فيقول 
بأنْ أتباع العقل الفردي يختلفون فيما بينهم مثلما يختلف أتباع الوحي. 
ويلاحظ بِأنْ الفيلسوف الرازي نفسه قد انتقد بعض الخلاصات المهمّة لبعض 
الفلاسفة العقلانيين السابقين له ومن ثم فإنْه يتساءل ما إذا كان الرازي 


(0) كلاهما من الري». ولذا سمّي كل منهما بالرازي . وقد لخصت هنا ما ورد في المناظرة بين بين 
الرازيين لأبي حاتم الرازي» والموثقة في الكتاب الذي حرره باول كراوس لمحمد بن زكريا الرازي. 
انظر: 
-151163ا ,123115 أنحة2 نإ 0عغ016ء ,هء1:/مه0ك1]0[ط ومءم0 ,21-1321 7221221998 162 111113111130 عل 8 طم 

-291 .هم ,1 .701 ,(1939 ,6615]اعآ 01 لإا[ناع 2 ,/ا119732516ملآ 20'تاط :03120)) 22 .20 جومم 


[يُمكن الاطلاع على نصّ المناظرة في كتاب أعلام النبوّة لأبي حاتم الرازي]. 


> 1/ 


8 


علموة بها يعني بأن أحكم الفلاسفة قد يُخطئون؛, وأنْ الوصول إلى حلول 
نهائشية عدن يجيب الفيلسوف بأن المفكرين “اللا فين ؛ ؛ بحكم قدرتهم 
على الاستفادة ممن سبقهم» يمكن أن يُضيفوا نتائج أبحائهم لتحسين عمل 
السابقين. وهنا يُشير الإسماعيلي بأنّه سيكون هناك مفكّرون لاحقون دوما 
لإضافة تحسينات إلى التحسينات التي أضافها الرازي» ومن ثم فإنَ الرازي 
لا يملك ما يضمن له بأنه على حقّ؛ وبما أنْ الآراء المختلفة ستبقى في 
الكتب المصفوفة ا إلى تخد :فإ التيجة النهائة هي أعداد مضاعفة من 
الآراء المختلفة حول ما يختلف فيه البشر. 

عند هذه النقطة ينتقل الفيلسوف إلى قلب المشكلة. فهو ليس مهتمّا بالتقدّم 
اللانهائن للمعرفة لمصلحة أجيال مستقبليّة م: مُفترضة (إذ يُمكن أن يضيق مدى 
فزع ار مهبر سليلة هن السارات التفصيلة الدقيقة). ل من ذلك». كان 
[أبو بكر] الرازي مهتمًا بالسعي نحو الحقيقة في الجيل الحاضر. وقد حافظ 
على تله معكيرا أنكايي نهو ذيذل كر سشكر يها في بوستعة بالك اله 
سيكون على طريق الحقّء حتى لو لم يصل إلى الحقّء وسيكون على الطريق 
المطلوب. ذلك أنْ المطلوب هو تطهير روحه من «الكدورة» [من الكَدّر]. 
الظاهرة في تشوّش العقل بفعل الانطباعات الحسية ورغبات الحياة» لكي 
يتمكن من الحكم على الأشياء بموضوعيّة والتصرّف بناء على ذلك. «لأنَ 
الأنفس لا تصفو من كدورة هذا العالم» ولا تتخلّص إلى ذلك العالم [أي 
الحياة الروحانيّة]» إلا من خلال الدراسة المستقلة والفحص ؛ «فإذا نظر فيها 
ناظر [أي الفلسفة العقلانيّة]”*' وأدرك منها شيئاً» ولو أقل قليل»ء صفت نفسك 
من هذه الكدورة وتخلّصت. ولو أن العامّة الذين أهلكوا أنفسهم وغفلوا عن 
البحث نظروا فيها أدنى نظرء. لكان في ذلك خلاصهم من هذه الكدورة. . 

على أنْ الرازي الإسماعيليء, المقتنع بعدم تكافؤ عقول البشرء أقل 
تفاؤلاً بالعوام. وهكذا فقد تساءل ما إذا كان بإمكان الشخص المعتقد 
بشرائع الوحي أن يُطهر نفسه بدراسة الفلسفة. وهو ما يجيب عنه الفيلسوف 


الفيلسوف. وهو تلويدك أوليلك الفلا سد ) يعتمقد فى نفسه بأنه أحكم ممن 


(*) ما بين المعقوفتين في الموضعين من إيراد المؤلف, والاقتباس من الأصل العربي. انظر : 
أبو حاتم الرازي» أعلام النبوّة: الردّ على «الملحد؛ أبي بكر الرازي (بيروت: المؤسّسة العربية 
للتحديث الفكري؛ دار الساقي» كء ص؟77) (المترجم). 


54 


بأنمة بيقن خناضها للؤراء السنائدة منقلدا لأقوالياء لا يُمكن أن يُعدَ حتى 
في زمرة طلبة «الفلسفة» (وفي ذلك إكتارة إلى ها بيظاليهية فلا هن القاراشة 
والسسةه المسكقلي )ار رولكة لبها عات ره بأ دان متصادون: افلس 
العقلانيّة عمليّاً. إن لم يتبخروا في النظرء قد ينكرون الوحي. ولكنهم في 
المقابل يسقطون في التقليد لمجموعة أخرى من الآراء الواردة في كتب 
الفلاسفة» التي يعترف الفيلسوف بأنها ليست بالضرورة آراء صحيحة. مثل 
000١‏ فوائد الوحي التاريخي من دون أن يحمّقوا التطهّر والنقاء 
الذي يدعو له الفيلسوف؛ ولا توصك هترلة اسوا من هذه. 


كان كل من الفيلسوف والإسماعيلي مهتمّين بالأبعاد الأخلاقيّة للحياة» 
الى تكون المعرفة المحضة أداة لها. فقد كان الفيلسوف الرازي ينظر إلى 
عمليّة البحث على أنّها تصنع الرجل الفاضل» وكان مستعداً (على خلاف 
معظم الفلاسفة) لأن يرى أكبر عدد ممكن من الأشخاص منخرطين في هذه 
العمليّة (وقد كتب كتابا يتناول أمراض الروحء لعله يُقنع طبقة الأدباء بأن 
ينظروا إلى ما هو أبعد من الثقافة السطحيّة المهنية). أما الرازي الإسماعيلى 
[أبو حاتم]ء فقد طالبء باعتباره مسلماً معتقداً بالشريعة» بأن تقوم الحياة 
المسؤولة على نينا ف اك موضوعية من «(النقاء») اي وقد بحث عن 
الضامن الأوضح للموقع الاجتماعي الصحيح (وهو مأ د يعنى القبول التاريخي 
والعودة للوحي الذي نزل على 0 ال الفلاسفة: أمام العوام 
على الأقل. أن الإسماعيليٌ كان محما 


0 تحقيق الإمكانات العقلانيّة للبشر من دون أن 
تقودهم إلى متاهات الأخطاء الاي الماك للسود مزالا بين شنا 
الفلاسفة وقتاً طويلاً: ٠‏ قبل أن يعثروا على إجابته على المستوى العملي . كان 
وَل ما قاموا به هو العمل على تقليص الخلافات في الآراء بين الفلاسفة. لقد 
لاحظنا كيف أن المناهج الدراسيّة المعياريّة للفلسفة» » في الإغريقية والسريانية. 
كانت تعتمد على كل من أفلاطون وأرسطوء بحرا يحهم على الرغم من 
التعارض المعروف بين ارائهما . وبخلاف الرازي» بقي معظم الفلاسفة 
نكما تبر مع [لأطروسات العديظة. . وعلى الرغم من عدم إمكانيّة تجامل 


44 


الخلافات سن المعلمين الأوائل. كان ينظر إلى الفلسفة هنطمه5هانط2 أنها تَقَدَ 
توجّها وهدفاً موحداً. ومن ثم فإنها ؛ على الأقل من ناحية الإمكان» ل 
واحداً. جرت عمليات التوفيق بين المعلمين الكبيرين في طريقين رئيسين . 
فالمنهجيّة المنطقيّة لأفلاطون, مثلاً» كانت تُفْسّر من خلال أرسطو. وقد عكس 
ذلك محاولة صريحة ومباشرة لحل المشكلات الفكريّة التي تركها كلا المعلمين 
مفتوحة. ولكنْ بعض عمليات التوفيق والمناغمة بينهما كانت بالأساس استجابة 
للحاجة إلى تبرير الفلسفة هنطمهوهانطم باعتبارها غير متعارضة ذاتياً» بيخلاف 
الدوغما الدينيّة. فقد تمٌّ تأويل تعاليم أرسطو التي تبدو غير متسقة مع خلود 
الروح ومع فعل الخلق الحادث في الزمن من طريق أفلاطون؛ وأخيانا بمساعدة 
أحد كتب الأفلاطونية المحدثة [تاسوعات أفلوطين] الذي : ترجم إلى العربيّة ثم 
غنون خطأ ب«أثولوجيا أرسطو» [أو كتاب الربوبيّة]. ولكنّ التأكيد على أن 
الفلاسفة الحقيقيين سيصلون إلى ذات النتائج من خلال مسارات بحثهم 
المستقلة كان جزءا من أجزاء الجواب على المخاطر التي يُولّدها الاستعمال 
الحرٌ للعقل الفرديّ من نتائج مشوّشة ومتعارضة. كان الحل الأساسي للفلاسفة 
هو الحفاظ على الفلسفة العقلانيّة حكراً على أنفسهم وحدهمء والتضحية بأيّ 
كونيّة/ عالميّة إنسانيّة ممكنة للعقلانيّة في اعتراف حذر بعدم أهليّة العوام. وقد 
كان ذلك يعني الوصول إلى تسوية وتفاهم مع دين الوحي الشعبي . 


يعد أبو نصر الفارابي (ت. )46٠‏ هو الرجل الذي أسّس التقليد 
الكلاسيكي لمواقف الفلاسفة المسلمين من الوحي. ولد الفارابي على ضفة 
نهر تسيكون الأدائلة تر كنة اعسكر اووس فى يقذا ناوعا كن افبها: بمرارده اللخاطة 
إلى أن أصبح في وقت متأخر موسيقيّا للبلاط في حلب. وبخلاف أبي بكر 
الرازي» كان الفارابي يأخذ الإسلام على محمل الجد. ولكنه درس في مدرسة 
أكثر تصلباً وتشدّداً في عقلانيّتهاء ضمن التقاليد المسيحية الهيلينية» مقارنة 
بنظيره الكندي» وهو ما يمكن تتبّعه في الرسم التوضيحي للمدارس الفلسفية 
الإسلاماتية. ٠‏ ثم م أضاف الفارابي دقه نظره الخاص إلى هذه الحصيلة”* . 


(8) يُمكن الاطلاع على دراسات عامّة مفيدة حول الرازي والفارابي في أعمال عبد الرحمن 


بدوي وإبراهيم مدكور على التوالى» والواردة فى : /ه بز07)كفةظ 4 ,.لء ,لتقطة ل2سسسقطه84 مدال8 
-.(1963 ,112123550112 :دعل دطاوء17/1) برإممده]ة:[ط :1« ز|كع ال 


ولا 


يستند هذا المخطط إلى: 


فلزية الاسكتدسة: اصيحت كلاسيكة؟ أكثن أررسطة» 
بما فى ذلك الرواقية المتأخرة؛ فلسفة تستدخل الوحي 
(المسيحي). 


' 


مدرسة بغداد (المترجم خنين) ضمن هذا التقليد. 
الفارابي (ت. )46١‏ نشأ ضمن هذا التراث» واضعاً 
الفلسفة فوق الوحيء. الذي فسره نايدا . 


اسنتقن كا من اند رق أت 1152) والجدوسة الاسانة 


المغربية فلسفتهم من الفارابي» مع تركيز أرسطي إضافيّ ؛ 
رفض التوفيق مع علم الكلام» وشدّد على الشريعة. 


تِيّة المبكرة 


مدرسة أثينا : أكثر أفلاطونية؛ أكثر ميلاً لإجلال الوحي 
(الوثني). 


وفق النساطرة بين هذه المدرسة والمسيحية. 


الكندي. الذي أقرٌ بعلم الكلام المعتزلي» ضمن هذه 
الجووية 

الرازي (ت. 9556 أو 975)., ذو الخلفية غير 
المعروفة. رفض الإسلام ؛ لا يُعلم له أتباع رئيسيون. 
تأثر كل من | وات اه له دي 


اليج هيا وكذلك مداسيا: 





:1 ]طآ) ااأعادء 17 0:14 4516771ط برر/أووده]:ط زه بر10كىة2 ,.0» ,لقصطدء علق ط120 2[111هم5217 :12 *'رلاطمه0د5ه1لط عامنداو]'" ,عء1/212ا لعقطء81] 
.120-11-8 .مم ,9 .701 ,(1952 ,مانتامنآا 20د وعااطة عع:1مء7) 


يبدو أنْ الفارابي وأتباعه قد طوّروا اهتماماً خاصضًاً بالمسائل الاجتماعيّة 
والسياسيّة ‏ بخاصّة تلك المسائل التي يحضر الدين فيها ‏ أكثر مما فعل 
الفلاسفة المسيحيون (أو الوثنيون الأقدم). ربما 5 التوجه السياسي 
للإسلام هو ما دفعهم نحو ذلك.» ولكنّ السيولة 80169 الثقافيّة العامّة لتلك 
الأزمنة قد أنعشت ‏ حتى بمعزل عن الإسلام نفسه ‏ الآمال السفاسية 
لأفلاطون التي عبّر عنها في صقلية» وعبّر عنها تلاميذه بشكل أكثر نجاحاً فى 
مؤسسات إغريقيّة جديدة. لقد اعتقد الفارابي» وآخرون غيره من دون شكٌ» 
بان اشع جديدة قد ظهرت مع مجيء 0 وفكلة الإلهية المقبولة 
عالميّاء وهي وضعية قد تسمح ببناء مجتمع مثالي أكثر فلسفة. على أي 
حال» تحدّث الفارابي ومن جاء بعده عن إصلاح تدريجي مأمول. وأسهموا 
بكثير من جهودهم في مجال الفلسفة السياسيّة . 


لقد كانت ظاهرة الإسلام هائلة الحجم والساتيرة وبغض النظر عن 
موقف المرء الشخصي تجاه ذلك, فإِنّ تجاهل الأمر كان مستحيلاً .لمن يريد 
أن يفهم العالم والحياة الإنسانيّة. لماذا تبنّى عدد كبير جداً من البشر هذا 
التأويل للحياة والمجتمع؟ ما هو معنى نظام الأفكار والأفعال هذا [الإسلام] 
وما قيمته؟ لقد حاجٌّ أفلاطون سابقا بأن أيّ مجتمع حسن التنظيم يحتاج إلى 
مذاهب وعقائد. يمترض أعضاء ء المجتمع بأنها وحي إلهيّ. ولا د يش يشترط في 
هذه موحي عر الود يري وإنثما بتوخى مها أ0 1 تقود البشر 
النظر هذه عن الإسلاء©. 


يجب أن يعتقد أعضاء المجتمع الصالح أن هناك إلها واحذاء غير أن 
ذلك لا يعني بالضرورة أن يتوقّعوا فهم طبيعته فهماً عقليًاً تامأ (أي فهما 


(9) ,(ؤناء25متهة12) 10رعآدمه4! هط دءع 746/71 *,21/5آ 0*5غ212 1620 أطدعة1 0ط '' ,572155 معآ 
319-44 .مم ,(19597) ١701.3‏ 

والعمل يُقدّم مثالاً إرشادياً حول الكيفية التي يقرأ بها ليو شتراوس الفلاسفة لاستكناه وجهات 
نظرهم الأساسيّة . قد تبدو منهجيّته غير مقنعة للوهلة الأولى» ولكنها تفرض نفسها مع التراكم وتوسّع 
حالات دراساته. أما الافتراض البديل لذلك فهو اعتبار أن الفارابي وكل المعجبين به به ليسوا إلا 
حمفقى . . من الضروريّ أن أضيف هنا بأنْ كتابنات إروين روزنتال المتنوّعة تشي بحالة من عدم الفهم 


فلسفيًاً)؛ ويجب أن يعتقدوا بأن البشرء بوصفهم كائنات عاقلة» يجب أن 
ترفعوا عه الشواغل الماديّة» وأن يتعاملوا بعدالة فيما بينهم أمام الله (مرة 
أخرى» على الرغم من أنهمٍ ليو بحاجة إلى الفهم العقلي لطبيعة البشر أو 
لطبيعة العدالة). يمكن أن تقد تقدم هذه الاعتقادات الأساسيّة للجماهير على 
شكل صورهء مثل تصوير الجحيم كإشارة لمصير الإنسان المنحط المنشغل 
بالشهوات الماديّة. نظريّاً. يجب أن يحكم المجتمعٌ الجيّد «فيلسوف'» 
كامل» أي حكيم بالمعنى الفلسفيّ. الذي سيفهم كل هذه المبادئ بنفسه 
كما سيكون قادراً على تلقين الأفكار الضروريّة للآخرين. ولكنء إن كان 
ذلك مستحيلاً» فإنّ هناك عدداً من التقريبات الممكنة؛ فعلى الأقل بعد 
أن 'تكون القوانين متوافقة مع المتطلبات العقليّة والفلسفيّة.» وأن تدم في 
شكل يشجّع البشر من غير المتفلسفين أن يُراعوا هذه القوانين. إِنْ دور 
محمّد إذاً هو دور المشرّع وواهب القوانين [من خلال صلته بالعقل الفعّال 
وتلقّيه الإلهام والوحي منه بحسب الفارابي]: ومهمّته الكبرى كانت 
جلب قانون الشريعة وإحاطته بالعقوبات التي ستجعل البشر أكثر مراعاة 
واقناضا له 


إن الدين الشعبئن» بحسب هذه الرؤية» ليس مجرّد خيال نافع» على 
الرغم من أنه أيضا ليس حكمة يُمكن وضعها في مصاف «الفلسفة» 
العقلانيّة”''2. فالوحي عمليّة طبيعيّة أساسيّة لتأسيس المجتمعء الذي لا 
يمكن أن بيوجك من دون شكل من القائون المفنع على, مستوى التخبيل: 
يجلب النبيّ الحقيقة. يورظفها مه هه أوتيهاء ٠‏ على الرغم من أن هذه 
الحقيقة ليست رفيعة يما يكفى لتكون تاه ل«الفلاسفة» العقلانيين. وإذا 
كانت مقولاتها ومذاهبها العليا إقرارات بالمبادئ العقليّة نفسهاء فإنها مصوغة 
في قالب بسيط من الصور التي يُمكن للبشر البسطاء أن يفهموها. إِنَ القانون 


(١)افترض‏ العديد من الدارسين بأن الفارابى كان يحاول التوفيق بين «الدين والفلسفة»» بين 
(الأيمان والعقلةء باعتبازهما مصدرين ستقلية ‏ لذات التحقيقة::وقد أراة الفازان'إظياز أن القاسقة 
العقلانيّة لا تقضي برفض أي شيء أكّد عليه التقليد التوحيدي؛ ولكنّ الفارابي وفلاسفة الإسلام 
اللاحقين» بخلاف الكندي الذي تصوّر المسألة بمصطلحات مشابهة. قصروا الدور الروحيّ للدين 
الشعبيّ بقوّة وقلّما منحوه رصيداً فكريًاً معتبراً . إن ريتشارد والزر وليو شتراوس ومحسن مهدي هم أكثر 
العلماء قاد فى عدر نوات الفلاسفة. وقد استفدت من مهدي أيّما استفادة من تواصلنا الشفويء وإن 
كنت أجد في نة نفسي اعتراضاً على بعض آرائه . 


الذي يقدمه النبيٌ صالح وواجتٌ محكم على جميمع الستير الذين صادف أن 
وجدوا داخل المجتمع الذي شرع له . 


قد يكون هناك سبب وجيه على المستوى التجريدي م 
العقلاني ليُْفضل ديناً شعبياً على آخر. على أن الفيلسوف المسلم قد يشعر 
بأن شريعة الإسلامء بتشديدها على القانون وعلى الجسم الاجتماعي 
وتحرّرها النسبيَّ من الدوغما المفرطة في خياليّتهاء كمقولة التثليث» تتوافق 
مع مطالب العقل من الدين الشعبي الجيّد الذي يحت على النقاء والطهارة 
الفرديّة. استعمل الفارابي (في البلاط الشيعى فى حلب) لغة تُشير ‏ عبر 
تأكيدها على أهميّة الإمام الطبيعية كقائد 0 الع - إلى أن الإسلام» 
ليس السنّي فقط بل والشيعي. ؛ يُمكن أن يُؤْسّس لمجتمع أكثر إرضاءً . على 
أي حال» فإِنْ «الفيلسوف» العقلاني كان مُلزماً فلسفياً باتباع الدين الشعبي 
لمجتمعه»؛ وبالاعتراف بمذاهبه (حتى لو كان يفهمها بمعانيها الضمنيّة)» وأن 
يدعم معاوساتها. تشكل التعاليؤ: الدينئة عرءا لا يعهرا هنا يجب على 
«الفيلسوف» معرفته (تحت باب «الفلسفة السياسيّة»). وبهذا المعنى المقيّد» 
نإ كرك القوتيرت نت الجاضيرة الإسلاية سبلم تدا ويا لسن تار 
ممكناً له وحسب» ل افو واجب عليه . 


على أن تقاليد الفلسفة لم تكن فقط أقدم وأكثر استقلاليّة من الإسلام؛ 
بل إنها أيضا كانت تفترض درجة جذريّة من النخبويّة تجعلها مقصورة على 
أولئك القادرين على التخلي عن جميع أشكال الترف الماذي والفكري 
لتكريس حياتهم لمتابعة هذه الأفكار التي لا تحمل تطبيقات عمليّة كبيرة. 
ولكن» حبّى هذه المنفعة التي يُمكن للفلاسفة تقديمها كانت مقتصرة على 
الأغنياء عموماً من الملوك وعمال البلاط» القادرين على تحمّل تكاليف هذه 
الحيثة: لقدنشع اهل الشتريعة هن الستلجين دوما أن الفلاسفة :غرياء وقد 
كان شعورهم هذا يمتدّ إلى رجل الشارع البسيط. في حين أن الفلسفة ككل. 

مع العلوم التي دعمتهاء لم تصبح مقبولة تماما في مجتمع الخلافة العليا 
كجزء ء أساسي من الثقافة. بالطريقة يقة التى تم بها قبول الشريعة القائمة على 
النبوّة» بل وحتى بالطريقة التي تم بها قبول نزعة الحكم المطلق. فظلت 
الفلسفة منزوية وأجنبيّة بعض الشيء. 


طلائع المترجمين والفلاسفة والعلماء 


لمع نجمه جابر بن حيّان» الخيميائي» بات اسمه علماً تُنسب إليه المعارف 

اا لاا الخيميائية . 

نحو ٠‏ إنشاء مستشفى تعليمي في بغداد. 

848-47 تزدهر مدرسة المعتزلة: مسعى فكري ذو جوانب شتّى» يرعاه البلاط 
رعاية سخية . 

نحو /6٠‏ وفاة الخوارزمي, «أبو الجبر»ء عالم الرياضيات (مستخدم الأرقام 
الهندية) والفلكي . 

نحو */ا/ وفاة الكندي». غَالبا ما كان يدعى ب«الفيلسوف الأول» ؛ وفاة حنين بن 


سدق | سرعم :اي لااعماك الزيللة إإى المزيةة 
أوائل القرن جابر في الخيمياء تدخل حيز التداول وتنتشر. 


العاشر أعمال 

ه11 وفاة الرازي» الفيلسوف والخيميائي والطبيب. 

كل وفاة البتّاني» عالم الرياضيات (علم المثلثات)» والفلكي . 

46 وفاة الفارابي» الفيلسوف الميتافيزيقي . 

نحو 91/١‏ مجموعة رسائل إخوان الصفاء وهي مجموعة شاملة من المعارف 


علم الكلام والفلسفة 


كانت الكوزمولوجيا هى الحقل الذي يفتخر به الفلاسفة. فهى ميدان 
تصويرهم العقلي للكون ككل ولموقع الروح الإنسانيّة فيه. وقد مثل ذلك 
تحديا كبيراً لأنصار التقليد التوحيدي ليقوموا بالمثل. وهكذا فقد نحا أهل 
التقوى نحو تطوير مبادئ نظريّة أَوّليّة عن الله والإنسان» كجزء من بنائهم 
الفكري الشامل. في البداية» كان ذلك يتم خطوة تلو خطوة بحسب ما تدعو 
إليه الحاجة؛ فعلى سبيل المثال» تطوّرت العديد من الآفكار والمبادئ حين 
كان على الوحي الإسلامي أن يواجه التقاليد التوحيديّة الآخرى: التوحيد 
المطلق لله» نبوّة محمّد. وصلاحيّة الأوصاف التي يسبغها القرآن على الله 
وعلى يوم الحساب. كان الهدف الأوّل للمعتزلة. الذين كانوا أَوّل من قدم 
هذا ده 2 الدفاع 8 على نطاق واسعء هدفاً فيك | افيا وهو 
إظهار أنه لا يوجدل شيء في في القرآن يآناة العقل الصحيح . ولكنءع وبسرعة » 


0ن 


في سياق الخلافات مع غير المسلمين ومع المسلمين على السواء (مثل 
الخلااف مع الفكر التجسيدي الخفي - والشيعي - لهشام ص الحم لالعدي 
البغدادي]). تحتم عليهم أن يقرّروا مجموعة من المعايير التي تبعدة ما يعتبر 
اموا يأباها العقل وينكرها؛ وقد كان ذلك يعنيء في :نهاية المطافء شين 
كوزمولوجيا شاملة» يستطيعون القول بأنّها عقلانيّة وبأنّها تتناغم مع القرآن. 


أطلق على هذا النشاط اسم الكلام؛ أي النقاش في مسائل الاعتقاد 
الديني على أساس معايير عقلانيّة. اعتبر الأكثر صرامةً من أهل الشريعة أن 
ذلك بدعة» وأنكروا أن يكون للعقل الإنساني صلاحيّة إثبات ما جاء به 
الوحي. ولكن هذا النشاط [أي الكلام] قد انتشر مع.سيادة الولاء الديني 
للإسلام» وظهرت بذلك عدد من المدارس اللاهوتيّة المتنافسة. 


إن أوّل مفكر منهجي/ نسقي بين المعتزلة» الذي أعطى لهذه المدرسة, 
الميّالة للجدال والحجاجء الإطارٌ الشامل لنظامها العقائدي. هو أبو الهذيل 
[العلاف] (ت. .)685٠‏ وبين أتباعه. أصبح المذهب قائما علنى خمسة 
أصول: )١‏ التوحيدء وتحت هذا الأصل تم انتقاد وإدانة الثنويّة المانويّة 
والنزاعات التجسيديّة» وأيضاً الحرّفيّة الفجّة التى يتناول بها أهل الحديث 
تويز اك القرآن؟ '؟) العدل:وتحت هذا الأضل تن رفض نسبة أي شكل 
من الظلم إلى الله في حكمه على البشر؛ وهو ما يستلزم بالضرورة القول بأنَ 
البشر مسؤولون وحدهم عن أفعالهم» ومن ثمٌ فإنهم يستحقّون العقاب على 
خطاياهم؛ ”) الحساب القادم [الوعد والوعيد]: وتحت هذا الأصل تم 
التأكيد على أهميّة الاستقامة وصلاح العمل في مقابل الاكتفاء بالولاء 
للمسلمين [موقف المرجئة] (مع نزوع نحو رفع القرآن إلى رتبة المعيار 
الأساس .على بعسافي الحديق)؟ 4) المدزلة بيق السترلتين لمرتكب» الكييزة» 
فهو ليس بمؤمن ولا بكافر؛ 06) الأمر الع والنهي عن المنكر: أي 
أخذ زمام المبادرة تجاه النظام الاجتماعي الإلهيَ. وداخل هذا الإطارء ظهر 
طيف واسع من الآراء المختلفة داخل هذه المدرسة مع تطوّرها. 


تحت أصل التوحيد»ء طرح المعتزلة الأسئلة الأكثر كوزمولوجيّة؛' ذلك 
أنَهم أرادوا فهم مبدأ الخلق والأمر الإلهيين للعالم: فهل هناك» على سبيل 
المثال أمور لد يستطيع الله عملها؟ وهو سؤال كان يقابل بالنفي عادةٌ . ويبدو 


ظّ١آ‎ 


أن مصطلحاتهم ‏ الجوهرء الحادث» الموجودء المعدوم» إلخ ‏ كانت تردّد 
صدى التقليد الفلسفى الإغريقى وإن كان ذلك بصورة غير دقيقة؛ وربما كانت 
تكسن التقاقنات. اللاهواتة الميييسئة العى تار لها المععرلة وعدرهم من 
المسلمين. على أن توجّههم كان يؤكّد على أُوَلويّة الوحي. 


لم يكن المعتزلة أصحاب المدرسة الوحيدة في النظر العقلي الإسلامي. 
ولكنهم ولوقت طويل كانوا أضحات التأثير الأكير فكريا . ولكن. مع صعود 
تقوى أهل الحديث». وجد المعتزلة أنفسهم كرت | بعيدين عن التيارات 
الأكثر شعبيّة في ذلك الوقت. كانت المفاهيم الميتافيزيقية للتوحيد والعدل 
الإلهىَّ مفاهيم يُمكن الدفاع عنها من القرآن» وكانت متسقة بما فيه الكفاية 
مع إيمان المسلمين البسطاء في الأزمنة المبكرة. ولكنّ المعتزلة في هذه 
المسائل وفي العديد من المسائل الرئيسة» كانوا على خلاف مع حركة أهل 
الحديث» التي كانت تتسامح مع التشبيه والتجسيدء وتركّز على كلية قدرة الله 
أكثر من تركيزها على عدله»؛ كما كانت تقبل روايات الحديث على حساب 
القرآن أحياناً. مع نهاية القرن التاسع» بدأ العديد من الرجال وبعضهم 
يُعرّفون أنفسهم على أنهم من أهل الحديث بالعمل على التبرير والدفاع 
العقلي عن هذه الرؤى الأكثر شعبيّة في مواجهة المعتزلة؛ وهو موقف 
مخالف للموقف التقليدي لأهل الحديث فى رفض الخلافات الكلاميّة 
برمّتها. وقد كانت أبرز شخصيّتين فى هذا السناق هما أبو الحسن الأشعري 
(ت. ه9980) وأبو منصور الماتريدي (ت. 1)). 


حاول هؤلاء الرجال حصر الكلام وتصوّرات الكوزمولوجيا المصاحبة 
له في الدفاع عن المذاهب التي تراكمت من خلال الأحاديث» والتي باتت 
تمثل المذاهب والآراء المتفق عليها لدى أهل الشريعة. ولكنّ اهتمامهم لم 
يكن منصبّاً ببساطة على المذاهب الفرديّة» بل على مزاج الحركة الفكريّة 
برمتها. وبتشككهم بقدرة العقل المجرّدء حاولوا أن يقيموا أدلتهين بأقل قدر 
ممكن على ما يفرضه العقل من مقولات كما فعل المعتزلة. وبقدر ما فعلوا 
ذلك». بقدر ما ابتعدوا كر عه رؤى التقليد الهيليني وإن حافظوا على 
مقولاته ١7‏ , 


0 في دراسة جوزيف شاخت» مجموعة متنوّعة من الملاحظات المفيدة حول العلاقة بين‎ )١١( 


07١00/ 


من عير الواضج تمامأ ما هي المواقف التي تبئاها الأشعري فعلاً ؛ فلما 
أصبح عَلَما لمدرسة فكرية» نسبت إليه جميع المواقف الاأساسية التي اتخذتها 
المدرسة؛ بل ونسبت إليه بعض الأعمال التي لم يكتبها ::ولكن من المرجع 
أن يكون الأشعري هو من طوّر الصيغ الأساسيّة لبعض القضايا التي طرحها 
المعتزلة. لقد اعتبر المعتزلة بأن وصف الله بأنه يمتلك أيّ صفات خاصة. 
كالعا أو القدرة هي امر حار هذا إن لم يكن وقوعاً في التجسيد. أق تزتها 
وقوعا في ما هو أسوأ من ذلك بالقول بوجود كيان قديم آخر مع الله : ذلك 
أن نسبة العلم أو القدرة إلى الله يعني أنْهما [أي العلم والقدرة] قديمان في 
حدٌ ذاتهما. كان المعتزلة قد أكٌدوا لأجل ذلك على أن الله يعلم ويقدر من 
دون علم خاص أو قدرة خاصّة». بل بمحض وجوهه وذاته. ولكنّهم من دون 
أن يدركواء كانوا يسمحون لاستعمال مفاهيم «الصفة» و«الذات»., الموروثة 
من الفلاسفة» أن يقودهم إلى نفس الطريق الذي سلكه الأفلاطونيّون 
المحدثون» نحو التأكيد على بساطة الله بساطةً مطلقة. اعترض أهلّ الحديث 
على ذلك باعتباره إفراغاً لمفهوم الله من محتواه [أي تنزيهاً يُفقضي إلى 
التعطيل]؛ وهو أمرٌ لا يقل 0 عن الجحود بالله. ويبدو أن الأشعري قد 
أكد على وجود صفات لله؛ ولكنّهء مراعاءةً لما يقوله المعتزلة» صار يقول 
بِأنَ هذه الصفات ليست شيئاً سوى الذات. لقد تم الاحتفاظ بالمقولات 
المنطقيّة» ولكن من دون أن يُسمح لها أن تنتقص من فعاليّة الله» التي يمكن 
أن تتدخل في التاريخ . 


ربما كان الأشعري يرغب في تجنب مقولات الفلاسفة برمّتها. لقد 
لاحظنا كيف تحوّل الايمان بالله ورسوله إلى مسألة فكريّة يُعبَّر عنها في صورة 
العقيدة» أي الإقرار والتصديق بجملة من المواقف. خاصّة عند المعتزلة. 
على أن أهل الحديث. الذين باتوا واعين بالحاجة إلى تعريف المجتمع 
الإلهيَ مثل المعتزلة» وافقوا على ذلك أيضاً؛ ولكنّهم شعروا بأنْ الإيمان 


- مدارس علم الكلام وغيرها من التيارات الإسلاميّة. (وعلى الرغم مما يشي به العنوان. لا تدور 
الدراسة حول لااهوت محمد أو عن الللاهوت العمستمد مكة عه وإنما حول الللاهوت الإسلامي 

بعامة). انظر: 
701 ,15127114 :لاك **,لإاعه1معط]1 1 01 11156019 عط 10 5عه50101 برعلل '' راطعقطءة معدل 
.(1)1953 


نتطلف اتكراط أككر شخصئة ارقا بواستهدوا من القران على أن الإيمان 
يزيد وينقصء» وهو أمرٌ لا ينسجم مع محض الإقرار والتصديق. فالقصص 
المعبّرة فى الأحاديث وسيرة النبي كانت تَبِيّن ما هو المطلوب أجلى تبيين. 
فير أن الجذالات الكلامة كانت تتظلن :ضياغات مرجرة وعامة 'فن .هذه 
الحالة» لم يحاول الأشعري تقديم نوع جديد من التجريد من النصوص» أو 
إضافة تمييزات منطقيّة جديدة؛ فقد عمد إلى صيغ «الإيمان» المستخلصة من 
النصوص لأهداف قانونيّة/ فقهيّة (وليس مذهبيّة عقديّة)» لتحديد من هم 
المشمولون في حقوق المؤمنين من قبل أصحابه من أهل الحديث. يشمل 
الإيمان إذاً الإقرار والتصديق والعمل أيضاًء على الرغم من أنْ التصديق هو 
الأساس. وبهذه الطريقة» قدّم الأشعريّ في علم الكلام المنهجيّ صياغة 
تقرّر المسائل الرئيسة من دون أن تساوم إلا قليلا على الطابع الإنسانيّ 
للنصوص . 

مع اقترابف القوان العاشر من نهايته» كان هناك عدد من المدارس 
الكلاميّة التى تتنافس فيما بينها بعنف أحيانا. فإلى جانب المعتزلة والكراميّة 
توق الجن الصوقى» اطيررك مدريطا تنا تتسسييا إلى الأشعري 
والماتريدي. كان الأشاعرة مرتبطين بفقهاء الشافعية» فى حين ارتبط 
الجاترودتة :رو المع 21): لحني اسع الأشعوك إلى ‏ أتقى ها كرون هد 
الاتباع الصارم لمواقف أهل الحديثء, كما طوّر أيضاً تأويلاً معقّداً ورفيعا 
للكوزمولوجيا التي تحرّكت بعيداًء بأقصى ما يتيحه المنطق عن مواقف 
الفلسفة . 


أصبحت طبيعة كوزمولوجيا فلاسفة المسلمين واضحةً عند مقابلتها 
بكوزمولوجيا الكلام الأشعري. فقد كان الفلاسفة. منذ أيام أفلاطون. 
مهتمين بما هو ثابت وصالح على مر الزمان. تظهر العصا مستقيمة في 
الهواء» ولكنها تبدو منكسرة حين نغطسها في الماء. وحين يغضب رجل ماء 
فقن جلو نان امن سخولة عرفية لعيدواله: أو«عفة الطانكن + دولكنة سبدو ابا 
ذقائقموضوعا للشقفة. إذا وله المر» ف اليتد» فسيرى .بان إخراق يععنان 
والده أمرْ مهم غاية الأهميّة؛ ولكنّه لو وُلد في الجزيرة العربيّة» فإنه سيدفن 
والده؛ وسيمنع أي شخص من إحراقه. في سنة من السنوات تكون الحقول 
غنيّة بالحبوب» ثم تصبح قاحلة جرداء في السنة التالية. في مثل هذا العالم 


لذ" 


المتغيّر» ما الذي يستطيع الإنسان أن يكون متأكّداً منه؟ إِنّ الجواب العقلي 
للفلاسفة هو أنه على الرغم من أن البشر والنباتات والحقول تظهر وتختفي» 
إلا أننا قادرون على معرفة ما هي الحبوب في حد ذاتهاء وما هو الحقل في 
حذ ذاتهء وما هو الصحيح.ء على مستوى شامل وكلي: فى زراعة الحبوب 
في أي حقل ؛ بإمكاننا أن نعرف ما هو الغضبء. وما هي الشفقة. وما هو 
الإنسان في ذاته. بعيداً عن أيّ شعور مشخخص أو متعيّن في لحظة مؤقّتة. إن 
المعرفة إذاً هي مسألة مرتبطة بالمفاهيم اللازمنية» بالجواهرء وبالقوانين 

الطبيعية؟ وليست مسالة متعلقة بالتفاضيل البععئرة والموقنة تمكتنا أن نكون 
متأكدين من أنْ مجموع زوايا كلّ مثلث هي ١18١‏ درجة» وأنّ البشر يحترمون 
العدل أكثر من الظلمء وأن كشهرة البلوط: تتعيو هق بندوة البلوط؛ ولكن لا 
يُمكننا أن نتيّن تماماً من الوقائع المتعيّنة ؛ يُمكننا فقط أن نحوز رأياً موقّتاً 
وشووطا ان هذه القطعة من الخشب ذات الأضلاع الثلاث هي مثلث» وبأن 
هذا الإنسان عادلء وبأن هذه البذرة من البلوط ستنمو لتصبح شجرة بلوط . 


فى اللمقايل > جاخلك عر ة ربرسجو انا جره حير سد ميعن 
وشككوا بوجود قوانين ثابتة للطبيعة. بالنسبة إليهم» فإِنَّ الحقائق الأكثر أهميّة 
ليست هى الحقائق الكلية المجرّدة» بل الحقائق الصلبة والتاريخيّة. وأوّل 
هذه الحقائة ئق هو أن محمّداًء الرجل الفردء قد أتى بالحقيقة العليا إلى البشر 
في مكان وزمان مخصوصين» وأن هذه الحقيقة قد انتقلت في هذا المجتمع 
جيلاً فجيل . وثاني هذه الحقائق ى هو أن كل فرد يقف أمام خيار نهائي يتطلب 
اتخاذه قراراً إما بقبول هذه الحقيقة أو برفضها. يمكن للمرء أن يعرف 
محمداً بنفسهء أو أن يعرفه عبر الأحاديث التي تروي سيرته؛ ولكن من 
الصعب للغاية أن يعرف الإنسان أيّ حقيقة موثوقة عن الجوهر الكلي للنبوّة 
في حدٌّ ذاتها. يُسلّم الأشاعرة بأنْ هناك مجموعة من الأحداث التي تميل 
إلى تكرار نفسهاء ولكنّ ذلك راجع إلى عادة الله في تنظيم الطبيعة. ولكنهم 
أصروا على أنه لا وجود لدليل على أ الأحداتث يحت أن تتكرز دوماً؛ 
وكلّ ما يُمكن أن نعرفه يقيناً هو الحقائق الزمنيّة الصلبة. ْ 


:| لتاؤاميقة فقيل انوا :]إلى الخيو اه والقواين القايعة :القى الا عر 
وفكروا تاها 3 ميجو و ل ويا ل د 


.7٠ 


زمن إلى آخرء ويمكن للمجتمعات أن تصعد وتهبط وأن تزداد علماً أو تغرق 

فى الجهل»ء ولكن 5 من ذلك لين جعدنذا جدَّة أصيلة. عندما يتعلم هؤلاء 
الرعال كرك : يُحقّقون المطالب الفكريّة والأخلاقيّة لطبيعتهم الحقّة» فإنهم قد 
يُطهّرون أرواحهم العاقلة وصولاً إلى النقطة التي تجعلهم ينعتقون. بعد موتهم 
إلى العالم غير المتغيّر. على الرجل الحكيم أن يصل إلى التأمّلٍ لكر 
وإلى معرفة الوجودء بدءاً من موضوعات العلوم الفرديّة وصولاً إلى فهم 
طبيعة العقل الإلهي نفسه . 

رأى الفلاسفة في عالم مصاوع النظام الطبيعي تعاننا وجاو ا للقوى 
الاعتباطيّة للحوادث المعزولة والحوادث التي لا يمكن التنبّؤ بها.ء وهذه 
الأخيرة هئ القتوى:التى تشكل أساس الشعوز بالرعية الفيجة التى اتشعل 
جميع الأحداث الخارجة عن مألوف الإنسان غير المفكر. ولكن عالم النظام 
الطبيعي لا يُعطي معنى إلا للنوع [أي للمفهوم الكلي وليس لتعيّناته الجزئيّة 
المشخصة]ء ولا يكون للإانسان كفرد معنى إلا إذا أصبح سيدا مجرّداً 
للطبيعة العقلانية. لقد وجد أتباع التقليد النبويّ والتوحيدي السيي فى تيد 
عميق وشخصىئ فى مواجهة المطالب الشخصيّة الأخلاقيّة قية لقبول مثل هذا 
العالّم. وقد رأى أتباع هذا التقليد في الله القوّة التي تتجاوز بدورها نظام 
الطبيعة (وبالتالي واه مدي ميحر رجو الإنسان بعيدا عن كونه مجرد 
تحمو تحقق للأنواع الطبيعيّة). أراد الأشاعرة صيانة مبدأ التجاوز والتعالي الإلهي 
على حساب كل شيء آخر (حتى لو بدا بأنه غير متوافق مع مفهوم حريّة 
الإرادة لدى الفرد. الذي لا يمكن أن ينتقص منه بأكثر مما فعل الفلاسفة فى 
قاعدتهم عن حتميّة العلاقة بين السبب والنتيجة)؛ ذلك أنّْهم لا يُمكن أن 
يشعروا بأنهم يملكون مسؤوليّة شخصيّة إلا في حضور الله. 


بناء على ذلكء. فإن امير الذين تطلعوا إلى الوحي وإلى 
الأحاديث النبوية المواوقة. فكرواة في الكون على أنه نتيجة لفعل الإرادة فى 
الزمق» أي باعقاره هكادنا ميدكو يتيافة أنه وواعطل الكر وه <فإن كل معن 
هو بدوره فعل مباشر لله. لقد كان للبشر بداية وتاريخ مهم في السياق الذي 
جمع فيه الله البشر وطلب منهم طاعته من خلال رسله. والأشخاص الذين 
يطيعون أوامر الله سيكافؤون في الجنة في نهاية التاريخ, ومن يعصونه 
سيعاقبون في الغان:. أما عند الفلاسفة. فإِنْ النخبة الحكيمة والعالمةء 


ل1١‎ 


الأشخاص الذين يمكن أن يصبحوا علماء وفلاسفة موضوعيين ١‏ هم وعدم 
العشل الكدان» أما عند الأشاعرة ى العقايل (الذين كانوا يعتبرون بأن القليل 

من التعليم ضرره أكبر من نفعه). فإن البركة الإلهية ممنوحة للبشر العاديين 
الذين تتوافق أعمالهم العلنيّة مع النموذج الذي وضع لمجتمع محمد. 
علم الكلام كنظام: إشكالية القدرة الالهيّة 

على هذا الاسام طوّر الأشاعرةع مع نهاية القرن العاشر. نكلاها 
متكاملا . م المشكلة ا الي ا ل دا الله 
ويقال بأن الأشعري نفسه م سؤالاً على أستاذه المعتزليٌ ([أبي على] 
الجبائى). الذي يقول صراحة أن الله يجازي البشن .نهنا يستحمقونه . ذلك أن 
البشر يستطيعون اختيار أفعالهم. وقد كان هذا السؤال عن ثلاثة إخوة: كان 
للأخ الأول منزلة عالية في الجنّة» بحكم أنه عاش طويلاً وقام بالعديد من 
الأعمال الصالحة؛ وحينها اشتكى الأخ الأصغرء الذي كانت له منزلة أدنى 
من أخيه في الجنّة بعد أن مات شابّاً ولم تتح له الفرصة ليزداد من 
السيّئات لو سمح له بالبقاء حيّاً لمدّة أطول. صرخ الأخ الثالث من جهنّم 
ُحتياً أن الله لم يقبض روحه مبكراً أيضاً. 


و الواضح أنه لا توجد طريقة» ضمن حدود المنطق العاديٌ» للقول 
في آنِ معاً بأنّ الله كلي القدرة وكلّي الخير. ومن الواقعي أكثر أن نكتفي 
بالقول بأنَ كل شيء هو إرادته» من دون تفسير أو تبرير. ولكن» في الوقت 
نفسهء لا يُمكننا أن ننسب كل حركة تحدث في الوجود إلى الله: فعلينا أن 
نقيم نوعاً من التمييز بين أعمال الرقيان العسووك وس الحجر وهو يسقط 
من أعلى. كان الحل الذي طوّره الأشاعرة محاولة لوصف الوضعيّة 
الأخلفة ومها سيط نقد أكنوا آزلة يان الخير والشرّ [الحسن والقبيح]؛ 
بل وقوانين المنطق نفسهاء هي ما شرّعه الله ووضعهء ومن ثم فإِنَ من 
الوقاحة أن يحاول البشر محاكمة الله (أو تبرير أفعاله) على أساس المقولات 
التي صاغها الله لحياة البشر. ومن ثمٌ فإِنْ الأمور التي تقع مسؤوليّتها على 
البشر هي قرارات الله الاعتباطيّة. والمسؤوليّة الإنسانيّة ليستء كما يقول 


. 75 


بعض المعتزلة» مَلكة ينتج الفعل من خلالها (عبر قرار إرادي ضد الطبيعة 
المتأصّلة)؛ بل إِنْ الله وحده هو خالق جميع الأفعال مباشرةة» ولكن للإنسان 
في بعض الأفعال قدرة إضافيّة على كسب الأفعال» وهو ما يجعل الأفراد 
بإرادة الله وكلاء مختارين ومسؤولين. 


غير أنَّ نظرية الوجود التي قدّمها الأشاعرة كانت تمثّل حلاً نظريًا 
للمشكلة» وتمثّل أيضاً تعبيراً أساسيّاً عن وجهة النظر التوحيديّة في الطبيعة 
والتاريخ. لا يتألف الكون من كيانات» جواهر ثابتة تطرأ عليها الحوادث. 
تحمل معها طبيعتها التي تنشأ عنها فعاليّتها وتأثيراتها . فهذا القول يعني 
وجود سبب ثانٍ مع الإرادة المباشرة لله. بدلا من ذلكء قالوا بأن الكون 
يتألف من نقاط ذريّة [الجوهر الفرد]ء لكل منها موقعهاء في دل لحظة. في 
الزمان والمكان» والاستمرارٌ الوحيد فى الوجود هو إرادة الله الذي يخلق 
عه النفاظ الذرنة حلفا سديدا :فى كر لسظةي ناذا را بن حدما عمد ١‏ فى 
يسردم اللي ةنوت ادقن » تن لذ يقر تو 5 لبود مسجو طة الجارية قر 
تفاط القرئة الف تعطا بق جع هنا كان بدا وفكران هد العركييات 
والتسلسلات من النقاط الذريّة عائدٌ إلى عادة الله في إرادته» ولكنّها ليست 
ضروريّة أو ملزمة له. 

فى مثل هذا الوجود. لا وجود لشيء اسمه المعجزة: ثمَة فقط 
عجائب» تخالف المألوف والمعتاد 55 يفعله الله عادة» ولكتها [أي 
العجائب] طبيعيّة في ذاتها مثل أي حدث آخر؛ أو يُمكننا القول بدلاً من 
ذلك بأن كل شيء هو معجزة., وتدخل فريد لقدرة الله (بناء على ذلك» كان 
الأشاعرة يقبلون بأيَ مقدار من المعجزات المنسوبة إلى الأنبياء» ولكنّهم في 
الوقت نفسه لا يعطون قيمة كبيرة للمعجزات والعجائب فى حدٌ ذاتها؛ 
المععزات النن كن ولياة وححة يجيه أن اترحظ مرسالة المت إذا انق 
الالة تان ترس لةانعن ناا مع المعيز ةاتولبين السك » يقد كان للك يعت 
بأ التركيق وحيه: أن كوو وى لقعت الى يتوه يقلن قبدة'الرنينا له ولي 
على الإشارات الخارقة). في مثل هذا العالّم أيضاًء لا يُمكن أن تُنسب إلى 
الأفعال الإنسانيّة أي أسباب عضويّة داخليّة أو نتائج؛ ذلك أن الأفعال 
مخلوقات من مخلوقات الله مثل كل شيء آخر. ولكنّ الله يُمكن أن يُعطى 


يما 


لأيّ فعل إنساني القيمة النفسيّة التي يُريدها. أخيراًء ففي مثل هذا العالمء 


*1لاب7 


فإِنَ المعرفة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها هي المعرفة التاريخية؛ ومعرفة 
الحقيقة تنكشف في لحظات تاريخية : وهي دوما معرفة بأحداث فرديّة متعيّنة . 
آنا العميباتك::.نمهيا: كانتت عنيةة»: فإنها محا زئة بخطرةة بولة لمكن ليا بان 
حال أن تقود إلى معرفة الحقائق النهائيّة حول طبيعة الحياة والكون. 

كان لهذه النقاشات الكلامية توجهها المعادي للفلسفة. وعلى الرغم من 
ذلك» فقد كان علم الكلام محل تشكك في نظر الكثيرين من علماء الفقه 
وأهل الشريعة بالعموم؛ بل وريّما عند غالبيّتهم. وقد ظل علم الكلام» حتّى 
وقت بعيد بعد أزمنة الخلافة العلياء في موقع ثانويّ في أفضل الأحوال. 
بالمقارنة بموقع الشريعة في أعين معظم العلماء ٠.‏ إذا كانضحيها بأن 
التعميمات الفكريّة لا يمكن» بحسب هذا التحليل الذرى للوجودء أن تقودنا 
ال شيء » فلماذا سنفكر كثيراً إذ؟ 


15>ى ى2,, 


5 


الأدب: ازدهار الثقافة الأدبية العربية 
(نحو*١81-ه98[)94:5١-85اه]‏ 


إذا كان كل اضرية والمسلمون الذين جعلوا من التقوى شعارهم 
ميّالين إلى توخي الحذر من الارتباط الصريح بالبلاط» وإذا كان الفلاسفة 
اده المعتمدون اليا على رعاية البلاط. يزدرون طرائقه ويحتقرون 
مسالكه. فإن ذلك لم يمنع البلاط من أن يتربّع على قمّة هرم المجتمع 
الإسلاماتي ككل. ففي البلاط». كانت تتخذ معظم القرارات الحاسمة التي 
تؤسّس لجميع السياقات السياسيّة والاجتماعيّة» بل والاقتصاديّة» التي تعمل 
جميع التيارات الأخرى في الثقافة العليا ضمنها. فلم يكن للسلام 
والازدهارء اللذين مثلا شرط الإزهار والتفتّح الثقافي الجديدء أن يقوما إلا 
على أساس الحكومة المركزيّة وحكمها المطلق. 


بأو لصيس اسن و و 0 


رسوح عاداتها في الذهن.» بحيث يسعى البشر إن ل إذا ما وقعت 
في أزمة أو مرّت بوقت عصيبء بدلاً من أن يشعروا بالمعاناة بسبب قوّتها 
والسعادة بتعثّرها وترقّب بديل يحل محلّها. ومن خلال ذلك فقطء كانت 
للحكم المطلق الفرصة للتعافي من الهزائم المؤقتة الحادّة التي تعصف به. 
في سبيل الحفاظ على عادات الذهن هذهء لم يكن لسلطة الحكم المطلق 
أن تعتمد على اعتراف أهل الشريعة المتردّد بهاء بل كان عليها أن تعتمد 
بالأساس على مواقف طبقة واسعة من المسؤولين والبيروقراطيين» وعلى 
شريحة أوسع من ملاك الأراضي والتجار الأثرياء» الذين كان المسؤولون 


هذ”7, 


الحكوميون ينحدرون 3 بينهم. . لم يعمد هؤلاء الرجال آمالهم السياسية 
الكبرى على العدالة الكلية المشكلة (إذ كانوا بذلك سيُصبحون في 00 
الجماهير من العوام). انها عفدنا آمالهم على لام كر واقعيّة يمكن أن 
يضمن الحفاظ على النظام الجيد الضروري لأمن: وسلامة ذوي الح 
والثروة» ولأصحاب الحياة الثقافيّة العليا الذين باتوا يحظون بفضل هذا 
النظام بحياة جيدة. 


فيقنا نيدو :فإن واقع الكتّاب قد اختلف في أزمنة الخلافة 
العلياء عما كان عليه في الأزمنة الإسلاميّة المبكرة وعما كان عليه في 
الازية الصا سان أيقيا ؛ إذ لم يعد الكتبة ينحدرون فقط من طبقة النبلاء 
الأرراقة القديمةع ‏ التعيدد رز ة كل في النظام الزراعي» بل أصبحوا ينحدرون 
أحياناً من العائلات العربيّة ومن الداخلين الجدد في الإسلام من 
العناصر السكانية التجاريّة والحضرية. الذين لم يكونوا يشتركون فيما بينهم 
إلا :في مله البيروقراطي وموقعهم ا ذي الدخل الجيّد. 3 


ذات تطلّع 55 ا لذن اعت فك هنك انك يمل السلماء 
وقيمهم. » ولكتها لم ادها بجدية كبيرة» واعتبرت بأن مكل الفللاسفة 
مقصورة على فئة محلودة. يسك إدراج ثقافتهم هذه تحت شعار 
الأدب. نمط الحياة المهذب الذي نشأ حول البلاط وفي مراكز الولايات» 
والذي أصبح نمطا يُحتذى به في العديد من الأماكن الأخرى. وفي هذه 
الثقافة» يمكن العثور على تلك الأنماط الثابتة من التوقعات التي تمثل 
دعماً صلباً لتقليد الحكم المطلق» المتحرّر من القيود التي تفرضها الذهنيّة 
القرسية: 

حظيت ثقافة الأدب في البلاط بانتصاراتها الكبرى الخاصة التي رسخت 
مكانتها وثبتت بعاتم . في البلاط.ء كانت أشكال الموضة لك وفيه 
كانت أعظم الإنجازات 550 في أبعاد فكريّة وجماليّة مهمّة في الثقافة 
التي تجاهلها كلّ من علماء الشريعة والفلاسفة. بحلول زمن الخليفة 
المأمون. في بداية القرن التاسع. اتخذت هذه الأماط أيضا شكلا كلاسكيا 
جديداً تم م قبوله.» مثلما حصل مع الولاء الديني الجديد» في مختلف مناطق 
المسلمين. وفى وجه هذا الشكل الجديد» تلاشت جميع التقاليد السابقة عن 


35ىى,غ 


الحياة المهذّبة والأنيقة» حتى تلك التى سادت سابقاً في البلاط الساساني . 
حمل هذا التقليد الثقافي الجديد عسبء الحفاظ على مكانة الحكومة وهيبتها. 
وبالتالى الحفاظ على استقرار المجتمع بأكمله. 


وبقدر ما يصحٌ ذلك» بقدر ما يُمكن القول بأن الفشل النهائي الذي 
مُنيت به نزعة الحكم المطلق في الحفاظ على نفسها يُمكن أن يعزى إلى 
تخرانداته الأدب في تأسيس قاعدة ثابتة وراسخة لها في المجتمم: فقد 
وفرت أنّهة الخلافة فترة من الرخاء واللعمن التق مالك قرفا تمك اه هذه 
القاعدة فيها. ولكن. تحلول غهد المافون كان الؤقك: قد نذا بالنفاة:.. لقد 
عملت ثقافة الأدب وسط عدد كبير من الصعوبات والمعوّقات؛ وأوّلها هو أن 
هذه القاعدة كان عع أن بق “من دوق أن.تعتسد بجدية على 21 مرجع 


ثقافية أقدم من الولاء المجتمعي للمسلمين نفسه. 


القطيعة مع التقاليد السابقة 


في أوروبا والهند والشرق الأقصى الكونفوشي» استمرٌ تدريس اللغات 
الكلاسيكيّة واستمرّت المثل الثقافيّة التى ظهرت فى العصر المحوري فى 
العاتين المباشين على الثقافة العلبا فى كلك المقاطق زوفيو ل إلى الا رمد 
الحديئة. أما في المنطقة الواقعة بين نهر النيل ونهر جيحون». فلم يكن هناك 
أيّ تقليد كتابي لي المسمارية: وكان لكل مجتمع مِلي 
تقليده الخاصٌ. وبالمثل طوّر مجتمع المسلمين تقليده الخاص. لقد انطلق 
هذا التقليد من التقاليد السابقة 0 كان يتطلع إلى لحظاته الخلاقة الخاصة 
به» التي اختبرت في اللغة الجديدة [العربيّة] والولاء الديني الجديد 
[الإسلام]. بقيت العناصر المركزيّة للخلفيّة الثقافيّة الإسلاماتية (كما هي 
الحاد في يه دي 0 الأخرئ) د من 0 ل ات 


الجافة ا 0 ار 2 
الكلاسيكيّة المسماريّة» مثل ملحمة جلجامش. بل تمّ أيضا تجاهل الأعمال 
الكبرى للتقاليد النبويّة» هذا إن لم تنس هي الأخرى؛ ذلك أن ما تم الحفاظ 
عليه من الإنجازات الثقافيّة منذ العصر المحوري وما تلاه قد تمّ في زيّ 
إسلا مي جديد. 


/اا/ا 


كتّاب الأدب الرفيع الكلاسيكي العربي الأوائل 


القرن الخامس 
و السادس 


أوائل القرن الثامن 
نحو /5٠١‏ 
نحو 16م 
نحو 418 
نحو 4140 


56م 
4ك 


847 
يفف 


6١ 


٠65 
1456 


الشعر العربي ما قبل الإسلام (نمط القصيدة «الكلاسيكية»)؛ شعراء العرب 
من أمثال امرئ القيس» طرفة» زُهيرء وغيرهم؛ تجاور عصور ثقافية ساسانية 
وبيزنطية مهمة . 

الشعراء الأمويون جرير والفرزدق والأخطل؛ ازدهار أسلوب الغزل 
(مقطوعات الحب الغنائيّة» وازدهار النزعة الغنائيّة بعامّة). عمر بن أبى 
ربيعة.» ت . ./1١9‏ 

وفاة ابن المقفع» مترجم الأعمال الفارسية» ومستشار الخليفة وكاتب النثر. 
وفاة أبي نواس» شاعر البلاط صاحب الأساليب الجديدة» والذي ذم الشعر 
القديم. : 

وفاة الأصمعي. النحوي والمعجمي العربيء الراوية الذي جمع الشعر 
العربي القديم . 

وفاة أبي تمام» جامع الشعر العربي القديم» الشاعر المبتكرء الذي حاكى 
الطراز الشعري القديم. 

وفاة الجاحظهء اللاهوتي المعتزلي» أستاذ المقالة النثرية العربية. 

وفاة ابن قتيبة» النحوي والناقد الأدبي واللاهوتي» كتب النثر بروح أدبية 
رفيعة؛ ممثل معتدل للأساليب الجديدة. 

وفاة البلاذري» جامع الأحاديث؛ كتب تاريخ الفتوحات العربية . 

وفاة الطبري» إمام المفسرين؛ مؤرخ استند إلئ مناهج الحديث في تأريخه 
للمراحل التاريخيّة الإسلاميّة وما قبلها . 

وفاة الإصطخريء عالم الجغرافياء الذي كتب وصفاً للعالم مستنداً إلى عمل 
البلخي (ت. 455). 

وفاة المسعودي. الرحالة» والكاتب المطلع» والمؤرخ «الفلسفي». 

وفاة المتنبي» آخر الشعراء العظام ضمن الأسلوب الشعري القديم» النموذج 
الأبرز للبراعة الشعريّة وأساليب الإشارة والتورية الشعريّة . 


كانت القطيعة التي قام بها الإسلام مع هذه الاستمراريّة صدّى (على 
مستوى أكثر شموليّة) للقطائع المشابهة التي قامت بها جميع التقاليد الكتابية 
بين النيل وجيحون منذ الوقت الذي تم فيه التخلي عن التقليد المسماري : 
ففي هذه الحصريّة التوحيديّة» نِحَتْ جميع المجتمعات الدينيّة الجديدة حو 
رفض ثقافة الغرباء/ الدخلاء عنها ياعتبارها خاطئة وضالة. وربما كان في 
رفض بعض المسلمين للثقافة البهلويّة الساسانيّة أثرٌ من كراهيتهم للتقاليد 


1 


الأرستقراطيّة الزراعيّة. على أنْ المسلمين كانوا أقدر على القيام بقطيعة 
شاملة مع الاستمراريّة الثقافيّة بالمقارنة مع المجموعات السابقة» وذلك عائد 
إلى الدرجة العالية التي تحققت تحفقت بها التطلعات الدينيّة التوحيدية الشعبوية 
والأخلاقويّة في الإسلام» بخاصّة في شكلها المقترن بأهل الشريعة. في 
البداية. أسهم هذا الجهد المبذول لتحقيق هذه التطلعات الدينية في افتراق 
المجتمع الإسلاماتي عن ماضيهء ولكنه انا كان هو ما صن للحضارة 
الإسلاماتية وجودها الخاص والمتمايز. كان لهذه التطلعات ور رئيس في 
منع الاعتراف بشرعيّة التقاليد اللأخرى في الحضارة ككل» » على الرغم من أن 
ذلك لم يسهم جوهريّاً بأكثر من إضفاء صبغة جديدة على محتوى تلك 
الحضارة ومضمونها. بهذا الم ويج الخرية! وتران التقاليد 
الثقافيّة السابقة]. أصبح التقليد الكتابي فعا وهنا كناك قينا تسيل 
أقليّة» وبات معرّضاً لتأرجح الآراء وتذبذبها. لقد كان الشعور بالنفور الدينيّ 
من التقاليد الإغريقية والسريانية والبهلوية والاغتراب عنهاء هو ما منع 
70 الكلاسيكتة أن تحظى بمكانة حر كمرجعيات ثقافيّة في المجتمع 
الجديد. إذاّ كان تحميوٌ تحقيق الإسلام للمثل الجماعية الشعبية للتقاليد القديمة 
الأكترستصوزا عو ها بجعله ارين الحصر يك الت لفاك تللق التكا لين تقال 
أجنبيّة وغريبة . ْ 
كانت التقاليد الدينيّة الإبراهيميّة الأخرى هي الضحيّة عادر للحصريّة 

الإسلامية؛ ققد اتهبج محمد اليهود والمسيحيين بأنهم أمباؤ وا تفسين الرسالة 
الإلهيّة التي جاءتهم. وفقا للقرآن» فإن النصارى قد أضافوا التزامات جديدة 
من عند أنفسهم لم يفرضها الله عليهم أبداء مثل الرهبنة» والأسوأ من ذلك 
أنهم (أو معظمهم) قد جعلوا من المسيح ومريم موضوعات للعبادة مع الله. 

أما اليهود. فإنهم قد جروا على أنفسهم أعباء إضافية ومرهقة بسبب قسوة 
قلوبهم المزمنة. فضلاً عن أنّْهم قد كتموا البراهين التي يحملها كتابهم والتي 
تؤيد بعثة محمد ورسالته. بسبب غيرتهم من أن يحظى سواهم بتفضيل الله. 

لم يكن للمسلمين إذاً أن عيسو تمد ذة مع أعدائهم السريين هؤلاء. ولكن. 
لم يكن هناك في القرآن ما يدعو إلى الرفض الكلي لكتبهم . 


بين أهل التقوى الأوائل» تطوّرت هذه المؤشّرات إلى إدانة شاملة 
لاتباع الكتابّين المقدسّين» وليس فقط لممثليهم في الجزيرة العربيّة زمنّ 


148 


محمد. فأوّلاً قام هؤلاء بتحريف تصوضهم المقدسة عبر إخفاء بعض 
الفقرات وتشويه بعضها ودس بعضها الآخر. اتا كان علماؤهم. على 
الرغم من ذلك» قادرين على معرفة اقتراب بعثئة محمد (من كتبهم المقدسة). 
وعرفوا العلامات التي تدل عليهء ولكنّ اليهود والنصارى رفضوا الاعتراف 
بنبوّته بدافع من غيرتهم . ونتيجة لذلك». فإن أهل الكتاب» برفضهم الإويمان 
بمحمّد وبالقران في ذلك الوقت. وبمتابعة الأجيال المتتالية منهم لهذا 
الجحرة هو الإكان. لصوا عدر حيلة ول هو عقون ومداكون بإتكار 
الإسلام والكفر به؛ وإذا كان الإسلام قد تسامح معهم» فإنَ ذلك لا يعني أنّهم 
شركاء مع المسلمين في العبادة أخطؤوا في بعض الجزئيات: بل إِنَّ التسامح 
معهم قد تم بأمر الله ورحمته التي لا مردّ لها ولا تفسير. في المقابل» فبدلاً 

من أن تكون كتبهم منجماً غنيًاً بالمعلومات حول الأنبياء الأوائل الذين د يؤمن 
0 أصبحت كتباً يجب تجنّبها باعتبارها كُتباً محرّفةٌ أسوأ من 
الكنيج التي يكتبها النشوع لأن الوحي الصادق فيها قد اختلط بالأكاذيب لعي 
أوحاها لهم الشيطان. وكل ما له قيمة في كتبهم قد وصل صل إلى المسلمين من 
قبل من دخلوا في الإسلام مبكراً الذين نقلوا أخبار التوراة والإنجيل في 
مرويات الأحاديث, التى هي وحدها ما يُمكن الوثوق به. 


عر اي ير بلسي طاح مار من القيود 
الرمزية التي فرضوها على أهل الذمّة من ء يتين - أن تليسوا أنواعاً 
معيّنة من الملابس المُهينة» وأن يحملوا شعارات خاضة ثُميّرهم. وعليهم ألا 
يبنوا بيوت عبادة جديدة» وهكذا ‏ وتمّت نسبة معظم هذه القيودء بأثر 
رجعيء, إلى عمر [بن الخطاب]. قام الخلفاء اللاحقون» كالمتوكل» بفرض 
هذه القيود على المستوى العملي. مع تضاؤل حجم المجتمعات الذميّة, 
أصبح الشعور الشعبي للمسلمين آكدّ في تخطئة الأقليّات وإدانتهم. ولكنّ 
أحد أكثر القيود مصيريّة وأبلغها أثراً كانت مفروضة على المسلمين أنفسهم : 
فبخلاف المسيحيين» الذين يمكنهم أن يحتقروا اليهود في الوقت الذي 
يقرؤون فيه كتبهم المقدّسة العبرانيّة» فإِنَ المسلمين» الأكثر اتساقا مع النزعة 
الجماعيّة الشعبيّة» باتوا محرومين من قراءة الكتاب المقدّس برمّته. في أزمنة 
الخلافة العلياء وجد عدد من المفكرين المسلمين أنفسهم على علاقة وثيقة 
بزملائهم المسيحيين» وباتوا قادرين على تطوير نقدٍ جدي للعقائد المسيحية» 


.," 


0 ا اله الجديد: ولكنّ مثل هذه الجهود 


بناء على ذلك» ”2 ءا 5 الكلاسيكيّة 
كالكتاب المقدّس ‏ النصوص التي تجسّد التقليد النبوي العبراني وتطوّره 
المسيحي - كانت معروفة عند المسلمين ومحل احترام بينهم. ٠‏ في الغالب 
على شكل نصوص متشظية أسطوريّة ومحرّفة» فإِنّها قد مارست تأثيرها الأكبر 
من خلال الاستمرارية غير الواعية للأنماط الاجتماعة أكثر من تأثيرها غير 
المباشر من خلال التقليد الكتابي (هذا إذا تجاهلنا المواجهة المباشرة لكل 
جيل جديد مع نصوص الوحي الأصلية) . 


فى المجالات التي لا تتصادم صراحة مع الدين» كانت القطيعة أقل 
حدّة. ولكن. حتى هناء لم تحظ التقاليد الأكثر أهميّة بمكانة راسخة. في 
ثقافة الأدباء. بعيداً عن الإسلام نفسهء قامت أربعة تقاليد رئيسة بدور واع. 
كان الأدباء واعين جيّداً بالعروبة» وما يرتبط بها من قيمة رفيعة للغة العربيّة 
المضريّة وحَمّلتها من البدوء الأعرف بخباياها. ارتبطت العروبة أيضاء على 
المستوى النظريّ بالثقافة العليا القديمة لليمن؛ ولكن عملياً لم يبقّ من هذه 
الثقافة إلا بعض الأبطال والأساطير الهامشيّة. إلى جوار ذلكء. كان الأدباء 
واعين بالنزعة الإيرانيّة» المرتبطة بمجد البلاط الساساني وأبّهته وبحكمة 
الإمبراطور الوشووان» الذي الك محمد في زمانه. وفل كان لهذا الوعي 
والإدراك آثار كبيرة؛ فقد رفض الأدباء صراحة التقليد السامي الذي تحمله 
الألسنة الآرامية المختلفة والمرتبط بالرعية والأتباع حتى في أيام الساسانيين 
(على الرغم مخ أن العديد من الأنماط الكتابيّة/ العالِمة العربيّة والدينية 
0 قل اشتقّت ينا من اك ا كان الأدياء على يك ل 
المسيحية) بالوثنية . 


العالميّة, على الأقل كما تحقق ذلك من قبل بين النيل وجيحون. 0 
الفلاسفة المسلمون أبداً باستبدال الكتّاب القدماء كنقاط انطلاق لهذا التقليد 
وحواراته. ولكن هذا التقليد يكن هلها بالكامل ؛ وحتى في شكله 


ك7 


الحقدف فإنْ الإسلام كمجتمع ديني لم يكن يمثّل وطناً بالنسبة إليه بالمقارنة 
مع المجتمعات السابقة؛ فهو لم يشكل الباعث الفكري الرئيس فى الثقافة 
الإسلاماتية. 


يُمكن القول بأنْ قلب التراث ما قبل الإسلامي لثقافة المسلمين العرب 
كان يكمن من عذة جوانب في التقاليد الآراميّة الساميّة في الهلال الخصيب. 
ولكن ذلك كان صحيحاً على نحو خاصٌ : فى الجوانب المتعددة للتقليد 
الديني؛ إذ إن الإسلام كان: ووأ للتقليد الإبراهيمي النبوي؛ ولم يتم قمع 
الاأحالاف المباشيزة إلى الكراتات الأسسى إلآ فى محال الدي:. كاتت 
الآأضيات العلماقة التيرنة للفاك:الارامة» قيما عدا الأدييات اتى تمد 
تقليد الفلسفة هنطمه5ه1نط52» غير مهمة بالمجمل مقارنة بالأدنات الدينية 
البويا ضيه« لقن سدلك نعود ها (يصعب الحكم على اتساع نطاقه بالاستناد إلى 
الأدبيات الآرامية والسريانية التي وصلت إليناء والدينية في غالبها)» ولكنه 
كان محتقراً من الدوائر ذات الامتيازات بوصفه تراث الفلاحين. (ولكن هذا 


التراث المكثمر قل جعل م: منها [أي السريانية] لغة آدم والانبياء الأوائل) 1 


كانت البولوية قد أصبحت لع اثقافةه ثرلة في جميع الا بعاد على ايد 
طبقات الحكم الساساني . ولكنْ الكتب الدينية للمزدية كانت مكروهة» ويتم 
جني أكثر من نظيرتيها اليهوديّة والمسيحيّة (على الرغم من أن القرآن لا 
يصرّح بهذه الإدانة على نحو أكيد)؛ فقد كان ينظر إلى هذه الكتب باعتبارها 
خاطئة تماماء ويُنظر إلى من يُطالعها أنه خائن للإسلام. ولكن لم يكن من 
الممكن إدانة أعمال التاريخ والأدب والعلوم الطبيعية بالطريقة نفسها. علاوة 
على ذلك» فإن التقليد البهلوي العلماني هو الذي مثل الرافد الثقافي 
الأساس لإضفاء الشرعيّة على نزعة الحكم المطلق في السابق. باسم دولة 
الخلافة نفسهاء التمس بعض المسلمين معاييرها الثقافيّة باعتبارها معايير لا 
عق عنيا: اجتماعا وباعتبارها روائع إنسانيّة لا يمكن تجاوزها. وهناء 
غملة خضرية: المسلمين يشكل أكثر دقة وبراعة : 


لوقن الضر ف الواعية [الشعوبية]ء التي ظهرت للحط نين قيمة العاصر 
العربية في ثقافة المسلمين». 4 اليجانننا كبيراً (على الأقل في العاصمة). ٠‏ في 
الحقيقة» ففي الهلال الخصيب كما في الأطراف الجنوبيّة غير العربية للجزيرة 


ضف 


العربية وفي مصرء كانت العديد من المناطق مُقبلةٌ على تبني نسخة من العربية 
كأشامن للغة الشعبيّة السائدة؛ ومع اللغة العربيّة» جاء الفخر بالتراث العربى 
وازدراء العناصر (الأكثر قرويّة ورجعيّة) التي حافظت على اللسان الأراقئ 
وكان يطلق عليهم بازدراء «الأنباط». ولكن» في أماكن أخرى» ظلت 0 
السائدة غير عربية. ولم يستطع البشر العاديون. الذين أصبحوا مسلميرة 2 
يعرّفوا أنفسهم أنهم عرب بمعنى الكلمة. هناء تكون النظرية الثقافية 5" 
صلةٌء إيجابياً أو سلبياً» من واقع الحياة اليوميّة. 


فى المرتفعات الإيرانيّة على وجه الخصوصء كانت الألسنة الإيرانيّة 
فى السائناةء .وفى اللجزء الأكبر.من التجت الأيرانى كانت اللهجات المختلفة 
بنشاونة ,يبظ إلى وريد تسل تمتها القة أدرة قاريية واتعدة امتاحة اميه : 
وهذه هى اللغة البهلويّة. ولكنّ اللغة البهلويّة الأدبيّة كانت تستعمل على وجه 
الخصوص من قبل الكهنة والكتبة البيروقراطيين» وهم العناصر الأدبيّة/ 
الكتابيّة الأكثر أهميّة في الأراضي الإيرانيّة» الأكثر زراعيّة» من الإمبراطورية 
التيدافن 3 4وقق كانت" تكفبه بطريقة حر فاع وقير موخذةء حت أن البثير 
العاديين كالتجار كانوا يجدونها صعبة على نحو مزعج. علاوة على ذلك. 
نمت التوقعات بأن يستعمل كل مجتمع ديني» مع لغته الأدبيّة الخاصّة به 
نصوصه الخاصّة» التي تصبح مقدّسة بحكم ارتباطها بالكتابات المقدّسة 
للمجتمع . وهكذاء فعندما توجّه المسلمون المتحدّثون بالفارسيّة إلى دراسة 
العرببّة بدلاً من البهلويّة» تحوّلوا إلى استعمال النصوص العربيّة بدلا من 
البهلويّة المرتبطة بالفرس؛ وقد انتشرت هذه الفكرة بسرعة باعتبارها ملائمة 
وألصق بالتقوى في آنٍ معأ . مع نهاية أزمنة الخلافة العلياء حفن ايانث 
الفارسيّة كتب على يد المسلمين؛ ٠‏ لم تعد تكتب بالخط البهلوي؛ بل بدأت 
تكتب على نحو جديد بالأحرف العربيّة» وقد أدّى ذلك عَرَضأ إلى تغيّر في 
أساليب النطق وفي النحو (وإن لم تكن كبيرة جدّاً). ثم تلا ذلك تغيّر إضافي 
في طريقة حكيها ونطقهاء بعيداً عن النموذج المعياري للغة البهلويّة الأدبيّة 
وفي خراسان خاصةء تحت سلالةٍ حاكمة من الحكام ذوي الأصول الفارسيّة 
(الدولة الساماتة) أضبيحت هذه الفاريكة الجديدة لينانا أدبياء بخاصّة في 
الخهوء 


ولك الضحة كانت أن اصحة: التقنتوية القدوية قطلي عليه عاضا 


071 


الاستياء 52-0 بينجا لنت ترجية بعش السوس الببارك: بس ]د 
العربية وحسب » بل لاحقا إلن الفارسية الجديدة دشنا : كانت تقاليد الفارسية 

الجديدة مرتبطة تك ا وهو مناخ لم نكرة 0 البهلوية أن 
ليا ب اين البهلوي. 5 معايير كتابية أقرب إلى عربية المسلمين 


بخلاف نظيره الإغريقي» ألهم التقليدٌ البهلوي التقليدّ الأدبي الإسلاماتي 
في العديد من المجالات التى تحظى باعتراف وتقدير» بخاصّة فى حياة 
البللاط وفي المجال الأدبي؛ ومن ثمّ فإنّه قد وسّع نطاق السكان الخاضعين 
لتأثيره. ولكنه لم يفعل ذلك في شكله الأصلىّ وإِنّما في مظهر جديد. مثل 
الإغريقئة6 فقك أسسيت البهلوية. مكانة قوئة لنفبتها.سنواء يتضوضها الأصلة 
أو المترجمة» فكان يفترض بالرجل جل المتعلّم أن يكون على دراية بنصوصها 
الكلاسيكية؛ وبخلاف الإغريقية. لم تعش البهلوية كيدا عن الترجمات 
المتكيّفة لها) طويلاً في زمن الخلافة الغليا لحن :بين الفرس ::-زاسطناء-ما كان 
فرظا بالأغراض الدينيّة عند المزديين. 


إن النتيجة المترتّبة على ذلكء أنه بخلاف أوروبا والصين وحبّى الهند 
(الفى تير 'قبها اتضتوضن الفيةا والأونا نكاد روها مخعلت عن الشيفة 
والعايكتفاف )4 لو سب كه اتدل عنبا قبن :فى الحا فيرة الانتلاافية اعمال 
الإنسانيّة الكبرى العائدة إلى المراحل ما قبل الملية في العصر المحوري. 
وهكذا تم استبعاد الرؤى الإنسانيّة المتوفرة في قصّة الملك داوود في سفر 
الملوك في الكتاب المقدّس لصالح الكلاسيكيات التي ترتبط بالولاء 
للمسلمين. بعيداً عن التقليد الفئوي للفلاسفة» لم يكن هناك تراث كلاسيكي 
يتجاوز المجتمع أو أصله الكامن في الوحي. (أما الشعر العربي السابق 
للوسلامء الذي تم الحفاظ عليه. فانه لا يصلح لملء هذا الفراغ وأداء هذا 
الدورء إلا بقدر ما تصلح النيبلونغن”*' لأداء هذا الدور في الثقافة الجرمانيّة 


(#) وهى ملحمة شعريّة مجهولة المؤلّف (أو المؤلّفين) كُتبت في القرن الثاني عشر بالجرمانيّة - 


./"” 5 


التى رفضت اللاتيئيّة). لقد بلغت النزعة الجماعيّة الشعبويّة ازدهارها الكامل 
فى المظةة: ربما تعود هذه الخصائص المميّزة للحضارة الإسلاماتية. 
والفريدة فى المعمورة إلى الفقر الروحي النسبي لها بالمقارنة مع الحضارات 
الكبرى المعاصرة لها؛ ولكنّها في المقابل ربما تعود إلى قرّة فريدة مكتفية 
ذاتياً وإلى اكتمال ثقافيى: وهي القوّة التي أدّت في القرون اللاحقة دورها في 
توفير شروط الأمكات أن تتمدّد الحاضرة الإسلامية على طول نصف الكرة 
الأرضيّة من دون أن تتعرّض لخطر فقدان جذورها الثقافيّة المحليّة أو تدمير 
التضامن بين أبناء مجتمعها المترامي الأطراف”'' . 


تثقيف الأديب 

كانت جميع الموارد الثقافيّة تتوافد من أنحاء الحاضرة الإسلامية وتتركز 
في ثقافة الأدب في البلاط . وكان الأدباء هم من حازوا مجموعة متنوّعة 
وبديعة من الموارد الى تمتل غالم الزينة والرفاه فى بي المجتمع . ومع وجود 
مَلَكيّة قويّة تضبط النظام العام السضدوة سن الزلاط بحياة ذات تكهة 


ومذاق خاص . 


إذا كان للمرء أن يُميّز بين قطبي نقيض تتوزرّع بينهما معاييرنا في الحكم 
على قيمة الحياة الإنسانيّة» فتكون العلاقات الأخلاقيّة بين البشر هي صاحبة 
الأولويّة في القطب الأوّل» وتكون الجودة والمعايير الرفيعة في التعليم والفن 


- الوسيطة» وتعود إلى تقاليد شفوية قديمة تمتدّ إلى القرن الخامس الميلادي» وهي أوَل الملاحم البطوليّة 
(0) إننا لا نمتلك دراسات كافية حول عمليّة تحوّل الثقافة العليا من اللغات القديمة إلى العربية» 
بخاصة فيما يتعلق بحالة التقاليد المختلفة فى الأزمئة الساسانيّة . ثمّةَ بعض الدراسات حول التحوّل من 
الإغريقيّة (لا تقتصر على العلوم الطبيعية والميتافيزيقا)» بخاصّة دراسات بيكر وفون غرينباوم وكرايمر 
التي أشرنا إليها في الهامش رقم 8 في التوطئة العامّة [في الكتاب الأوّل]. لرودي بارت دراسة حول 
هذهالمو ضوع وهي تستحقٌّ المباحثة : الاودع1ناك|ة8 ععكةأءء 71و ك5هك 14لا «ره|ك1 «26 بأعنوط الناجا 
.(1950 ,[.طم .2] :لمعم ص0 اطنا1) 
يمكنني أن أضيف أن أيسر دراسة يُمكن الاطلاع عليها بالإنكليزية هي دراسة دي لاس أوليري» 
مببالك: الثقافة الأعريقية إلى العرت [مترجم إلى العرية ]. ومثل غيره من أعمال أوليري» تشوب دراسته 
بعض الأخطاء في المعلومات والأحكام. ولا لف كفير ا إلى ما قاله المؤلّفون المعتمدون حول 
العلوم العربية. انظر: 
2201 تدوع 1 2820 عع011160آ1 :008ه2مآ) وطهعل 6[ 6 لعدعوط ععتعنء5 عاوء:) ه80 ,لاقوعآ”0 لإن3.] 126 
.(1949 ,.0)آ 


هك 


وحسن التقدير للموارد الإنسانية هي صاحبة الرتبة الأعلى في القطب الثاني. 
فإِن أهل الشريعة كانوا في جهة القطب الأخلاقي» في حين كان الأدباء 
أقرب إلى القطب الثاني . بالنسبة إليهم. ها لب 0 الإنسان قيمتها 
هو الدرجة التي تصقل فيها النفس ويدت شق تمك من الاستفادة 
حنانا من الثروة والراحة. نادراً ما كان المسلم يقول ذلك صراحةء ولكنٌ 
هذا المثال والنموذج عن النبالة كان متضمّنا في أخلاق أزسطوء وقد كانت 
أخلاق أرسطوء من بين الكتابات الفلسفيّة ٠‏ هي ما حظي - بقليل من 
التكييفات العربية - بإعجاب الأدباء والذيوع والا نتشار بينهم . . وبيئما تطلع 
العلماء إلى الأرؤفة الأخلاقويّة والشعبويّة في الماضي الإيرا: ني - الساميّ 
وأعادوا صياغتهاء فقد تطلّع الأدياء إلى الأرومة المقابلة فى ذلك الماضي 
وأنتجوا ثقافة جديدة من روحها. 


ولكنّ الأدب في أزمنة الخلافة كان مختلفاً فيما يبدو عما كان عليه فى 
الأزعية السانيانتة» ١‏ فى لكنه ويعميةة ول افى زويكه العامة يشا اقمن 
الواضح ‏ إذا حكمنا بناءً على القصص القديمة التي تمّ حفظها ونقلها - بأنّه 
كان أقل اكتراثاً بالشخصيات الأسطوريّة المحلية مما كان عند الساسانيين» 
وكان أكثر تمركرا وافنمادا غيلى السدينة» واكفر كو زعوي ليغا نتة ححاول 
الكتّاب الأكثر مثاليّة متبعين نماذج سابقة» أن يربطوا بين ثقافة الأدب وبين 
الولادة والتنشئة» وعلّموا بعضهم البعض ازدراء التجار محدثي النعمة. ولكنّ 
ذلك كان تجاهلاً لحقاء ا الاجتماعين. فالأدب لم يعد يستلزم تجانس 
طبقة النبلاء الساسانيّة» كما أنه لم يعد يُنتج تجانسا مشابها جديدا معتمدا 
على ملاك الأراضي ومكرّسا لسلطان الخليفة. 


إلى حدّ بعيدء كان الأدب طريقة حياة طبقة مخصوصة من الإداريين 
والمسؤولين المعتمدين فى النهاية على سلطة الخلافة. وقد كان الأديب 
يمتهن أعمال السكرتاريّة وأعمال الموظفين الكتبة والإدارة البيروقراطية. 
ولكنّ الأدب كان ينمو بقوّة عند التجار الميسورين وعند كل من يطمح 
لمواكبة العصر والتقدّم فيه. كان التثقيف الأدبي يتضمّن بالأساس توليفة 
شاملة من عناصر الثقافة العلياء وقد منح مكانة خاصة لتعاليم اهل الشريعة 
-00 وأعتدى درجة من 000 ا للعلماء. 00 م 


7 


البلاط. كان من الضروري أن يمتلك الأديب معرفة ولو بسيطة بالفلسفة. 
ولكن. كان للأدبس روحه الخاصة التي لا تخطئها العين . 


أعطى الأدب موقعاً مركزياً للأدب العربي» بخاصّة الشعر والنثر 
المسجوع؛ إذ حظي الأدب العربي بقيمة وموقع لا ينازعه عليه أي فنْ آخر 
كان للشعر المنطوق أن يرفع من شأن صاحب الثقافة والتهذيب إلى درجةٍ لم 
تكن لأيّ فنّ آخرء وكان ثمّة طبقة من الفصحاء الذين توكل إليهم مهمّة تنقيح 
الكلمات والمعاني. كان على الأديب أن يكون عارفا باللغة العربيّة المضريّة 
المعياريّة. فالقدرة على الحديث الجيّدء والكتابة الجيّدة» كانت هي الشيمة 
الأيرةالوالة على وى النتقعة والشيفه وقلى كمه المعقر بدن الرسجال: 
وكان ذلك يعني أوَّلاً معرفة الدقائق النحويّة للغة المضريّة (وهذه الأمنية لم 
عتم سل تالدب وحسبء ل الل علي لبرت الذين بيدأت 


5-7 دل ري بل وفى كل محادثة: كانت البراعة اللغوية 
التي تتجلى في وضع الفكرة المح ا رت ا 5000 
فى الكوفة والبصرة على وجه الخصوصء قد أصبحت تحظى بأهميّة اجتماعيّة 


كبرى باعتبارها جزءا من أدوات الإنسان في العالم . 


اكلم إضافة إلى الاضطلاع باللغة» كان على الآديب أن يعرف القليل 
عن كل ما ب: يثير الاهتمام والفضول. فالرسالة الرسمية المثالية» مهما كانت 
فارغة المضمون. يجب أن تكشي» نطريقة لامعة وأنيقة . فووا تطوّرت هذه 
المعاييرء وأصبحت أساليب بعض الأفراد نماذج تُحتذى ثم يتمّ تجاوزها إلى 
نماذج جديدة. في النهاية. أصبح من المعروف والضروري أن كل 
الرسائل الرسميّة الجديّة بالسجع والنهايات الرنانة. ويجب أن تُزيّنَ كل 
التأليفات المهمّة بالاقتباسات الشعريّة وأن توضّح بالإحالات ليسهل فهمها 
وينفكٌ غموضها . كانت حياة التقوى والرصانة محمودة عند معظم الأدباء؛ 
0 القيمة الاعلى 0 كانت ل وبراعة كرت الانيق 
م ا 


07" 


ما يجب على الأديب معرفته: التاريخ والجغرافيا 

نظرياًء يجب أن يكون لجميع أنواع الدراسات دورٌ في تغذية ثقافة 
الأدب متعدّدة الجوانب. ولكنء كان ثمّة أشكال قائمة من التمييز بينها. 
فالدراسات الأدبيّة بالعربيّة والدراسات المرتبطة بقانون الشريعة (بما فى ذلك 
التاريخ) كان يطلق عليها العلوم «التقليديّة» أو «النقلية»» لأنها تعتمد على 
المعلومات التاريخيّة حول الأحداث والظروف التى لن تتكرّر (حتّى النحو 
العومي: على نميل اكالم كان يعمد على ها :كان ينول العرته نل رننن 
بنسته بزلدين على كي قي ذلك )8 فى يعقى الأخنان كان تطلق عليها 
الدراسات «العربية» بسبب الدور المهم الذي تؤديه المعرفة بالعربية فيها. في 
الطرف المقابل» كانت تقوم الدراسات «العقلية» أو (غير العربيّة»» مثل 
العلوم الطبيعيّة» التي يمكن (من حيث المبدأ) أن تتطوّر من الصفر على 
أساس التجربة المتوفرة والمتاحة فى كل زمن من الأزمان» والتى كان من 
المعلوم بأنها قد تطرّرت بلغات 25-1 سابقة. عادةً ما كان للذواسات 
«العربيّة» المكانة العليا لدى الأدياء. وذلك لأسباب أدبيّة ودينيّة أيضا . 

على الأدباء الأتقياء إذاً أن يغرفوا ما استطاعوا من فقه الشريعة 
المتحصّل في زمانهم. وقد كانت المعرفة الفقهيّة أمراً عمليًاً ضروريًاً لكل من 
الأفراد وموظفي الدولة؛ ذلك أنْ الفقه كان هو الأساس الرسمي والمعترف 
والنظام ار جماني) “كما أن معرفة الفقه كانت تتضمن التقوىالضرورة: 

فى الوقت نفسهء على الأديب أن يحوز معرفة واسعة بالتاريخ #(والجتراني 
ع أن يعرف الأخيان المشهوزة زوالا قوال الذائعة التي 0 أن تقكنني أو 
يُشار إليها؛ كما كان عليه»ء بطبيعة الحال أن يعرف السوابق التي حصلت في 
البلاط. أخيراًء عليه أن يُلمّ بالعلوم الطبيعيّة إلماماً معقولاً. وفوق ذلك» 
عليه أن يوسّع معرفته ودرايته بالشعرء وهو ما يتضمّن المعرفة بقواعد السلامة 
الشعريّة التى طوّرها النحاة» وحفظ أكبر قدر ممكن من الأبيات الشعريّة 
ليستحضرها في المناسبات الملائمة لها. كما أن معرفة المختارات الشعريّة: 
والمسح الموسوعي للعلوم والمعارف المتوفرة» والفهارس الوصفية للكتب» 
كانت كلها أموراً تساعد الأديب ليبقى على صلة راهنة بمعارف عصره. 

لم تكن معازرف الأديت: أي كان مجالهاء مُنفضلة عن اهتمامه بالأدب 
الرفيع . . فحين يدرس الأديب علم الأحياء على سبيل المكال ».لا يكون عهدنا 


يف 


بتعلّم وه الكاتنات: لعفيو نه نقلن منا يكون ميتا بمغرفة :ا لأشياء الغريية الت 
يُمكن أن تقال في هذا العلم. فاهتمام الأديب بالحيوانات يندرج في سياق 
أقرب إلى «صدّق أو لا تُصدّق» منه إلى سياق محاضرة في «علم الحيوان». 
فمحطّ اهتمامه هو العناصر الجماليّة التي يمكن للأدب فيها أن يُحيل إلى 
عالم الحيوان. كانت جميع المعارف إذاً وسائل لإثراء الأدب وتجميله. 


كانت الكتابة التاريخيّة ‏ التي يُمكن من خلالها تقديم العديد من الأمثلة 
المفحمة أو المثيرة التي تضفي لمسة من الحيويّة على جميع المسائل ااه 
د ا كان تُوضّح الاتجاهات المختلفة التي توجّه تفكير الأدباء. يقرأ 
الأديب التاريخ بأنواعه المختلفة التي يستعملها العلماء. وأبرزٌ أشكال التاريخ 
هذه كانت سجلات الحوليات السنوية التي تدوّن ما يجري في كل سنةٍ من 
أحداث» وهو شكل انتقل من التواريخ السريانيّة وتم تطويره وتعديله (كما 
فعل الطبري) مع إضافة عمليّة إسناد الروايات وإضافة توجّه إسلامي ما. كان 
هناك أشكال أخرى أقل أهميّة للأدباء وإن كانت تخدم احتياجات خاصّة 
بالشريعة: كالمصئّفات التي تَوْرّخَ سير المسلمين البارزين بالأجيال بدءأ بجيل 
صحابة محمّدء أو مصئفات تاريخ العقائد التي تُسججل أقوال المذاهب 
المختلفة. ولكنّ أنواعاً أخرى من التاريخ» تلك التي يتخّلها التأثير الأدبي 
وتعتني بتوججهات البلاط كانت هي الأكثر أهميّة للأدب. على سبيل المثال» 
إن قصص معارك العرب: التي يتناولها جل الشعراء» والتي حُفظت بالتقليد 
الشفوي (ثم لك بالكتابة)» قد ولجت إلى العالم الذهني للأدياء» باعتبارها 
مرتبطة بالشعر وبالتاريخ معا ود ادحو اوتعرار هو المرا رك لمر المدرية 
مستمدّة من السجلات التاريخيّة لمجتمع محمّدء مثل تواريخ أهل الشريعة, 
وَإنما كانت»«سيطقاة من انناب الحرات: 


لم يكن 3 التاريخ القصصي.ء النابع من الماضي العربي القديم. 
أهميّة كبيرة . ففي الوضعية الحضريّة» كان تاريخ الملوك هو ما يشعٌ بالوميض 
دل بالإثارة . أما تاريخ الإغريق (الهامشي عراف ل فلم يكن 
رونا فيما يبدو إلا من خلال الصورة المشوّهة التي قدمتها المصادر 
المسيحيّة المتأخرة. أما التقليد التاريخي العبراني الكتابي» الموغل في الزمن 
القديم. فقد كان كذلك معروفاً من خلال الروايات الشفويّة المجتزأة من 
الأشخاص الذين تحوّلوا من اليهودية إلى الإسلام. أما التاريخ الساسانيٌ فقد 


سك 


كان أكثر حضوراً وأكثر احتراماًء وقد تم نقله إلى لغة البلاط الجديدة. 
العربيّة. لا يرتكز التاريخ الساساني على تطوّر المجتمع ولا على الغزوات 
واتمعارك القَبَليَة والسا على فيك المدورك الأمطال:. وق كانت هده 
الشخصيات 00 في قالب الشخصيات العظيمة التي تجسد النظام 
الاجتماعي بأكمله. طبقاً للمفهوم الإيراني القديم عن الحكم الملكيّ 
المطلق. فالملك الجيّد يأتي بعهد مبارك. والعلكالضعيفة أن الشترير ,تدر 
على شعبه الكوارث والدواهي. إضافةً إلى العناصر الأخرى التي تم إدخالها 
من النثر الفارسي» تم إدخال هذا التقليد التاريخي. لا إلى التعاليم والأدب 
العربي وحسبء. بل إلى كل الآداب الإسلاميّة لاحقاً من خلال لغة الفرس 
العامة | 


في بعض الأحيان» كانت المواقف التاريخيّة للساسانيين تتغلغل في 
المواد التاريحية الآتية من المصادر الأخرى. لقد : تم التنسيق بصعوبة بين 
التقليد الساساني الإيراني والتقليد الكتابي للهلال - ليشكلة فعا مادة 
التاريخ ما قبل الإسلامي؛ فقد بات يُنظر إلى الرجل الإيرا: ني الأوّل على أنه 
آدم» وبات يكتسب من ثم صفاتٍ ملوكيّة؛ وأصبح 0 إمبراطوراً عظيما 
مثل أبطال الأساطير الإيرانيّة. غير أن وجهة النظر الساسانيّة ظلّت فقط 
واحدةً من روافد الكتابة التاريخيّة. 


من هذه الخلفيّة» تطوّرت جملة من المقاربات التاريخيّة الإسلاماتية 
والمتوافقة مع الاحتياجات الخاصّة اا يُمكئنا أن نلحظ بأن أسلوب 
الإسنادء الذي يُفضّله العلماء» ظلّ حاضراً حتى في المواد التاريخيّة التي 
هيمنت عليها مقاربة البلااط. وقد قم البلاذري (مت. نحو 89”5) فى 
عمله التاريخئ الدقيق عذةً طرق لدراسة التاريخ. وقد درس تاروع 
الفسلموة. من زاففة قار كدر علمانيّة بالمقارنة مع معاصره الأصغر سنا 
الطبري. فقد كتب البلاذري تاريخا كبيرا للفتوحات العربية [فتوح 
البلدان]. منظمة كسلسلة من الدراسات المفصلة لكل منطقة منهتوحةء 
وضمّن ذلك مجموعة من الوئثائق التي نقلها حرفيّاً أو أوجزها. وبالعلاقة 
مع الفتوحات» قدم البلاذري كميّة وفيرة من المعلومات حول الإدارة 
لاه وهي معلوهات: ميتة على تضق نخاض ».لان الحالة الإداريّة 
والضرائب المفروضة على قلق أو أضرى اقادث تععمة تحرننا على 


|“ 


حيئيّات شروط الاستسلام التي جرت بين سكان المنطقة والمسلمين. كما 
قام البلاذري بدراسة شاملة لعائلات المسلمين الكبرى [أنساب الأشراف] 
- مربّباً إياها بحسب طبقات النسب (مثل المتخصّصين في علم الأنساب). 
ولكنّه ونّْق قدراً جيّداً من المعلومات الشخصيّة ولم يكتف بترتيب الأجيال 
تباعاً إلى محمّد كما فعل الآخرون ‏ وضمّن في ذلك معلومات عامّة 
مهمة. ولم يتجاهل تفاصيل الإدارة المركزية» حين تناول الأشخاص 
النيق أفجهرا تفاع كان هذا النوتنبصييب الغاتلاتف ناميا يكل 
خاص لأولئك الذين يعوّلون كثيراً على النسب وينظرون إلى تقاليد العائلة 
يوصفها التحمر الأشامى للولاء ويوضفها ما بحث: الاحفاد:.هلئ التستك 
بالمعايير الرفيعة لأجدادهم . 


أما علي المسعودي (ت. 407) فقد مثّل رغبة أكثر وضوحاً لمعرفة 
تفاصيل المعلومات الغريبة من كلّ مكان وجمعها ومزجها مع حكاياته 
التاريخية. التي تترتّب بحسب عهود الملك على نحو متسلسل زمنيّاً. 
ولتشيكن ديكا فر اناو فلكاه ٠‏ كما تتضمن جميع الحقائق ق المهمة عن 
العالم. التي يستطيع الأديب أن يدبح بها محادثاته ورسائله الرسمية . لم يقدم 
المسعودي نكهة أدبيّة خاصّة وحسب» دل سكل عمل أيضا رؤية فلسمية 
تتجاوز الحدود الطائفية والمجتمعية في الزمان والمكان. بفضوله العلميّ 


وحسشسن تقذيره. 

كثيراً ما كان يتم التعامل مع الجغرافيا بوصفها حقلَ دراسةٍ مستقلاً . 
وقد كانت مفيدة للأغراض الإداريّة (والتجاريّة)؛ بل إِنْها كانت مهمّة لدراسة 
رواة الأخادية) الذين يجب أن تعلم موافع ولادتهم كنا كانت. وفوف 
ذلك من وجهة نظر أدبيّة فإِنَ الجغرافيا يُمكن أن تُقدّم كنزاً للفضول الباحث 
عن الغرائبيات. 


تمكن دراسة هذا الموضوع [الجغرافيا] من زاويتّي نظر. قبع اللعقنا ليد 
الإغريقيّة والسنسكريتيّة القديمة. 0 يقسّم العالم بحسب خطوط العرض والطول 
(تبدأ خطوط الطول أحياناً من الجزر الغربيّة في الأطلسي. 3 وأحنانا من 
أوجاين. موقع المرصد الرئيس في وسط الهند) . تم تحديد سبعة (أقاليم» 
بناءً على خطوط العرض (لكل منها مناخه الخاصّ) بين خط الاستواء 


07 


والقطب الشمالي» وهو ما يقابل المناطق الثلاث عندنا'*؟ , . تم تحديد الموقع 
0 لعدد من المدن فلكي إبأكبر د دقة ممكنة آنذاك . قامت هذه 00 
فقن ديا م الشترق بذلا من أن تنزل ل من القرن 
الصومالي ( على الرغم من الاحتجاجات المتكررة من البحارة الذين لم يكن 
العلماء الجغرافيُّون يعترفون بهم). ومع ذلك» فقد أضاف الجغرافيّون الكثير 
من التفاصيل إلى ما أنجزه الإغريق . 


عفن النظر عن هذا القشا فى 'الحسناتب الدقيق» كان المسلمرة 
المقدلموة نوا كوف نكر راقص هن ال بعاة لحك ائئة اشع ا 
التاريخي الأفرق هك اسيوق: وقد تم التعبير عن ذلك في دراسة الجعراتيا ين 
زاسة الفط القانقةة برهن 0 نظر أقل تجافبا .مع العرقة الرياضية 
للفلاسفة. ولكنّها أكثر عا للأهداف الأدبيّة الع العامّة» بل وريما 
تكون أكثر واقعيّة. تبعاً لرجل من بلخ [وهو أبو يزيد بن سهل البلخي] 
كتب: من الجخرافيا فى وقت: مبكر (معتمدا بالأساس غلى الأدبيات 
السابقة)» قام العالم الأصطخري (ت. )40١‏ من منطقة فارس بوضع 
وصف شامل للعالم (بخاصّة لأراضي المسلمين) اعتماداً على أسفاره 
الواسعة والكثيرة» كما اعتمد على دراسات الأفراد المختلفة للمناطق 
الجغرافيّة. تمّ تحديد مواقع المدن في الخرائط بحسب طول مسافة السفر 
بينها؛ مع إشارة إلى الغرائب التي قد يراها السائح في كل منطقة (والتي 
غالباً ما تُنقل إليه أخبارهاء ويُضيف إليها لونه الخاصّ). وقد تم تقليد 
أسلوب العمل هذا وإضافة تحسينات مختلفة عليه من قبل جغرافيين لاحقين. 
كانت الخرائط تظهر بشكل خام وبدائي» من دون أن تتقعٌّد بالرسم الدقيق. 
ودرّج نموذج رسم الخرائط على نحو إجمالي وعامُ: فعلى سبيل المثال» قد 
035 (#) أ المنطقة الاستوائثة والمدارية المعتدلة والقطبيّة الشماليّة (المترجم). : 

(#*) انظر أمثلة ذلك في صورة العالم للإدريسي واللاصطخري وخرائط الصفاقصي والجيهاني 


4 110 ل زد. ت ]). وفيه إن 


07 


يظهر البحر الأبيض المتوسّط بشكل إهليلجي أو حنّى دائري. 

تبعاً للتقليد الإيراني القديم» مع إضافة بعض التحسينات» قسّم هؤلاء 
الجغرافيّون العالمَ المأهول (الأراضي الممتدّة في أفرو ‏ أوراسيا) إلى عدد 
من المناطق الكبرى [يُسميها ياقوت الحموي في معجم البلدان الكشورات 
السبعة]ء وعادةً ما كانت سبعاً (استجابة ل«القارات» ‏ وهي ثلاث في العالم 
القديم ‏ ولا تزال تُستعمل كوحدات اعتباطيّة في الجغرافيا الغربيّة الحديثة). 
ولاه و مسسياي العديس الم اك واجريس و لاطو ل 
مركز هذه المناطق» كانت مملكة العرب والفرسء الذين ينظر إليهم 
باعتبارهم الأكثر نشاطاً وأوّل من اعتنق الإسلام. وتحيط بهم منطقتا 
الحضارتين العظيمتين: حضارة الأوروبيين (الروم والبيزنطيين). والهنود. 
اللتين يُنظر إليهما بوصفهما مواطن الفلسفة القديمة. (غالباء لم يكن يتم 
الفصل بين «الفرنجة» في غرب أوروبا والبيزنطيين الذين كانوا أصحاب 
القيادة الثقافيّة التي يتبعها الفرنجة» وكذلك لم يكن هناك تمييز أو فصل قائم 
فى المتطقة الهتدئة الواسيغة).'كانت"الشاطق الستم _اللشعري:- تشمل 
مجموعات مختلفة؛ إذ يستوطن الترك :وسط أوراستيا؛ ونستوطة الشيودان 
إفريقيا جنوب الصحراءء وأخيراً يأتي الصينيون الذين كانوا معروفين 
بمهاراتهم التقنيّة كصناع وفنانين. بالغ المسلمون في تقدير قوّتهم العسكريّة 
وتعاليمهم وموقعهم بين البشرء ولكن في القرون التالية كان يتم التقارب مع 
الحقيقة الواقعيّة بناء على إحساسهم بأهميّتها. خلاصة القول أنْ المسلمين 
كانوا يمتلكون صورة أكثر واقعيّة عن العالم بالمقارنة بأيّ تقليد حضاري آخر 
آنذاك”'" . 


الشعر بوصفه مهارة من الطراز الأوّل 
إذا كان الأدب 116 هو الفنٌ المتوّج عتن الغعرمه» فإن الشيعر كان 
هو المتوّج بين الآداب. لقد كان الشعر هو التركة الرئيسة للتقليد الثقافي 
العربي القديم» الذي طبع طرائقه وأساليبه في اللغة العربيّة المضريّة. أيَاْ كان 
(1) إِنْ التصوّرات الإسلاماتيّة عن الجغرافيا بكلّ ما يعتورها من نقص كانت أقلّ تضليلاً من 
تصوّرات الغربيين آنذاك», التي لا تزال آثارها البغيضة حاضرةً في العلوم الحديثئة. انظر القسم 


المخصّص لاستعمالات الألفاظ في دراسات تاريخ العالم في المقدّمة . 


ضرف 


موقع الشعر في البهلويّة في الثقافة الساسانيّة» فإنَ الموقع المركزي للشعر 
العربي في الثقافة الإسلاماتية يساعدنا في فهم الفجوة بين الثقافتين وإدراكها. 


كان الشعر يردّد ليَغْنى ‏ بالالحان التقليديّة ‏ في العلن» ولم يكن يُكتب 
(من حيث المبدأً) لكي يُقرأ أو يُدرس. علينا أن تتصمفير دالت جيه تتعاون 
أن نعيّم تأثير الشعر: فهو لم يكن رسالة شخصيّة من الكاتب إلى القارئ». بل 
كان يتكئع على الكلمات القويّة العارمة. التي لا تستطيع العبارات النثرية أن 
تعبّر عنها بنفس الحيويّة. لقد كان الشعر تعبيراً جميلاً ورشيقاً عن العواطف 
ا التي يشترك الجمهور في انتظار تذوقها والاستماع إليها؛ ومن ثم 

فإنَ شكل الشعر كان موجّهاً نحر ذلكء» ليبقى الانتباه مشدوداً إلى التفاصيل 
التي يُقدّمها الشاعر من دون أن يتشورش بمقاربة كلية غير مألوفة. وبالمثل. 
يجب أن يكون الموضوع مألوفا إلى درجة كافية تتيح لكل مستمع أن يركز 
ويللاحظ الطريقة التي يتم التعبير بها عن الفكرة من دون أن يتوه ود يعدت 
بتتبع المعاني المتشعبة للفكرة نفسها. وقد كان هذا صحيحاً حتّى في الشعر 
التعليمي» الذي يقوم على تطبيق النصيحة الحكيمة القائلة بأنْ الهدف ليس 
تقديم فكرة جديدة» بل تقديم فكرة قديمة ومجرّبة بطريقة ذكيّة تجبر القارئ 
على تذكّرها. 

من ثم فإِنْ الشعر هو التأليف اللفظي المكتّف داخل حدود شكليّة. 
يُمكننا أن نعتمد مصطلح «الشعر» لوصف أي نوع من التأليف. ضمن أي 
تقليد لغوي» يدعو إلى أعلى درجة من التكثيف والتقيّد بالشكل. إن هذا 
النوع من التأليف المكتّف مناسبٌ للعبارات الرمزيّة الاستيهاميّة التي نصفها 
بأنها اشعريّة» بالمعنى العام والفضفاض للكلمة. ولكنّ ذلك عائد جزئيا لق 
توقّعات القارئ التي ظهرت من هذا الشكل الثابت. إذاء فإنَ استمراريّة 
الشكل وثباته هي جزء من عمليّة التواصل نفسها: وهو شكل مفروضء لا 
من خلال أعراف غير مُفكر فيهاء وإنما من خلال منظورٍ إنسانيّ دقيق. في 
الإنكليزيّة الحديثة» بتنا وبي ل يو الشكليّة.للإيقاع 
والوزن ومواضيع الشعر المحدّدة سلفاً. ولكننا لا نزال نمتلك بعض 
المتطلبات 00 على الأقل فيما يتعلّق بالإيقاع العام وموضوع القصيدة. 
في فى العربية (بالعموم قبل الأزمنة الحديثئة) كانت هذه المعايير أكثر صرامة في 
معظم النواحي. في العربيّة الكلاسيكيّة» لا تشمل الضوابط الشكليّة للشعر 


ير 


الإيقاع والتفعيلاات وحسب ») بل عرد تفن عذدد التفعيلاات في كل بيت 
شعري » كما أن ليه ار أغراضًا ومواضيع معينة للقصائد وتتظاين 


قبل المجتمع بعدد من الأنواع التقليدية من الأنماط الإيقاعيّة والآوزان 
التي كان يعرفها كلّ رجل وامرأة حظي بدرجة من التثقيف. إن بعض هذه 
الأوزان بدائيّة بدرجة كبيرة» ولكنّ بعضها الآخر معقّد بدرجةٍ ما ويتمبّع 
بإيقاع مثير للاهتمام (كان الوزن الإيقاعي معتمداً على طول المقاطع الصوتيّة 
كما في اللاتينيّة» وليس على التشديد والنبر كما في الإنكليزيّة). كان على 
الشاعر أن يدوزن كلماته ضمن أحد هذه الأوزان [البحور] بطريقة لعافم 
على النمط الرئيس واضحاً. أحياناً لا يتضح ما هو الوزن من السطر الأوّل 
أو الثاني من القصيدة. (لاحقأء بات من المفيد للرجل العاديّ أن يعرف 
وزن القصيدة لكي يتمكّن من قراءتها بطريقة تُعبّر عن إيقاعها وتحافظ على 
تدفقها؛ ولهذا فقد كان البعض يُشيرون إلى بحر القصيدة حين يستشهدون 
بها). ولكنّ المهم هو أن تُعْنى الكلمات بصورة صحيحة ضمن هذا الوزن. 
في بعض الأحيان» يتجرّأ الشاعر المُجيد في تنويع عدد المقاطع أو التلاعب 
ببعض العناصر الإيقاعية الثانويّة [الزحافات والعلل] بطريقة لا تكسر الوزن 
ولا تخرج القصيدة عن بحرها (وهذه الحقيقة تزيد من الصعوبة التي يجدها 
العديد من المحدثين في فهم الشعر العربي حين يقارنونه مثلاً مع الشعر 
الفارسي المتأخرء بأنماطه الإيقاعيّة الصارمة). 


احتاج الشعراء الأقل مهارة وسليقة إلى قواعد تُخبرهم متى يكونون قد 
خرجوا عن ورد القصيدة؛ وفل تم صوع هذه القواعد في العصر العباسي 
بقواعد تفصيلية مرهقة. قد يُعطي ذلك انطباعاً أن ما كان في أصله مجالاً 


8_0 


من الحريّة قد أصبح خاضعاً لقواعد الصنعة والحرفية. يحسب لبعض الشعراء 
بأنهم امتتخدثوا حورا 'جديدة. ولكديا في الغالب لم تكن تُقبل ؛ فإذا أراد 
الشاعر تقديم بحر جديدء فإن الجمهور يجب أنديكون هدري للاستماع إلى 
هذا العمل الجديدء وهي مهمة قلّما توازي الفوائد المرجوّة منها؛ ولذلك» 
ظل الشعراء في معظم الوقت يدورون فى مجموعة من البحور المألوفة 
والمعروفة بين الجمهور. 


نايف 


كان الشعر هو الفنّ العظيم الوحيد المنحدر من الأزمنة ما قبل 
الإسلاميّة (إذ كان هو الفنّ الجميل الوحيد آنذاك). . في الجزيرة العربيّة ما 
قبل الإسلام. كانت أغراض الشعر محدودة وقليلة ا (أبرزها شعر المدح 
والفخرء سواء أكان بالنفس أم بالقبيلة؛ وشعر الهنجاءء الذي يُقال لذمّ 
الخصوم والقبائل المعادية؛ ورثاء الموتى» والذي كان مشهوراً بين النساء). 
تم الحفاظ على هذه الأغراض منفصلة بشكل واع: فكل غرض كان يحمل 
تقليده الخاصن المتمايز عما سواه» وكان له لحظة ولادة ولحظات ابتكار 
وتطوير متلاحقة يمكن للشعراء اللاحقين أن يستفيدوا منهاء ما أن يعتاد 
الجمهور عليها. وعلى الرغم من أنْ تحديد الأغراض الممكنة متعلّق فقط 
بحساسية الإنسان وما يقبله وسط التلقي , فإن العرب» مثل عبرم من شعوب 
ما قبل الحداثة» كانوا واعين تماماً بأن الجمهور لا يُمكن أن يستورعب ل 
عدداً تاودا من الأشكال التي كان الجمهور يحاول اانا تسمية مبتكريهاء 
ولم يكن 0 المبتكر والمبدع يخجل من استعمال الأشكال التي ابتكرها 
غيره . 

كانت أبرز الأشكال الشعريّة البدويّة القديمة هى القصيدة الغنائيّة 
الطويلة» التي تترنّب فيها الموضوعات على نحو محدّد سلفاً؛ فهي تبدأ 
بالعدم على مااقاتين البعث والرتوف على أسلال اهل المحيوب قن 
القتحراء» 8 اسع رصلتها تائهة بين «الواخات: حيكا تصف عبر التشييهات 
تفاصيل حياة الصحراء» وتصف قيمة الشاعر ومكانته التي ي: ينسبها إلى نفسه؛ 
ثم يأتي الموضوع الرئيس للقصيدة» الذي قد يكون مجرّد الفخر بالذات. 
وقد تنتهي القصيدة بمدح أحد السادة الذين يتوقع الشاعر منهم مكافأة على 
جهده وإحسانه القصيد. ولكنٌ العديد من المقطوعات الشعريّة كانت أقل 
طولاً من القصيدة. وتشكل «مقطوعات» واشذرات»» تلج مباشرة في غرضها 
من دون مقدّمات. على أيّ حال» فإن النطاق المحدود للموضوعات الشعريّة 
قد استدعى نطاقا محدودا من المشاعر والمفردات. داخل هذه القيود. 
وضمن العناصر نفسهاء كانت النتائج مذهلة في بعض الأحيان. وإذا ما تمّ 
إيجاد نمط جيّد ومتقن» فإنه يُصبح محل اقتداء واتباع . 

كان الشعر ينتقلٌ شفاهةً بين الرواة (وأحياناً يكونون هم أنفسهم 
شعراء)» الذين يُلقون هذه القصائد علنأ كما صدرت من فم الشاعرء 


كرف 


ويُمرّرونها إلى الأجيال التالية. في الأزمنة العباسيّة» تمّت كتابة ما بقي من 
أعمال الشعراء الكبار من قبل عدد من الرواة وعلماء اللغة» وباتت هذه 
القصائد بمثابة النصوص المعتمدة شعريا. لم تكن قيمة هذه القصائد تنبع من 
كونها تتحدّث عن أحداث معاصرة أو من الفضائل التي تحويها أو أخبار 
القبائل التى ترويهاء بل كانت قيمتها نابعة من أنها معيار الأدب الذي ينبغي 
العودة إليه وتأمّله لثرائه وبراعته. 


اعترف النقاد بأنْ الشاعر امرأ القيس الوثني هو أعظم شعراء العرب. 
في الحديث النبويّ» يؤكّد محمّد هذا الحكه؛*". فهو الحفيد المغامر لزعيم 
تجمّع قبلي كبير وسط الجزيرة» كانت تحكمه قبيلة كندة في نهاية القرن 
الشامين: وقكرة افرفة القس تقر الكفير هين البفيالات نفد .ورك انو 
الزعامة» ولكنه قتل بعد أن انهارت قرّة كندة» فترك امرؤ القيس حياة اللهو 
وملاحقة العذارى للمطالبة بثأر أبيه. تصوّره التقاليد أنه قوي ولكنه متهوّر 
وغير محظوظه وقد انتهت به الحال في النهاية مقتولاً بسبب عدم ثقة 
الإمبراطور الروماني به» بعد أن ذهب إليه طالباً المساعدة» فمنحه عباءة 
الشرف: .ولكنها كاذخ مسيمؤمة .: كانت لحة: امرئ القيس ‏ نقئة هذا لأغراضن 
النحويين» كما كانت حياته الغراميّة عريضة بما يكفي للاستحواذ على أحلام 
الكتبة البيروقراطبين في الحياة المملة التي يعيشونها في شوارع بغداد. 


تم جمع ديوان عا امرئ القيس وتنقيحه قدر الإمكان على يد نحوي 
البلاط الأصمعي رت 111 كان امرؤ القيين عير خط أول مين ابتكر 
المقدمة الغزليّة التي يجب أن تستهل بها جميع القصائد المطوّلة. ولاشكٌ أنه 
كان ففخيو حسنية اسان الغزلية الصريحة والمباشرة وصوره الحيوية 
والجامحة. أصبحت الصور التشبيهية هي كنز الشعر العربيٌ ورأس ماله 
يسعى كل شاعر كي يتجاوز أقرانه في البراعة فيها. تم انتخاب قصيدة امرئ 
القيس المطوّلة لتكون إحدى المعلّقات. التي يُقال بأنّها القصائد التي 
تصدرت في المنافسات السنويّة بين الشعراء في المعارض/ الأسواق قرب 
مكة؛ ولكنّها تقّحت في العصر العباسي. تفيزز الما تميدنة امرئ القيس 


(*) يشير إلى ما ورد في مسند أحمد : «امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار» وإسناده 
ضعيف جداً (المترجم) . 


يضف 


عواطقه وعزمّه القوي 0 
في المجتمع الحضري المتنوّع في الأزمنة العباسيّة» تمّ الحفاظ على هذا 
التقليد الوئني بوصفه النموذج الأكمل لصفاء الشعريّة وجلاء التعبير ودقّته؛ 
0 الذي ل اي أن 1 0 العام 
تراث العرب [وديوانهم]؛ 1 إن الأشخاص من ذوي الأنساب غير العربية 
كانوا يرغيبون أحياناً في أن يكونوا «أكثر عربيّة من العرب أنفسهم» عبر التثقّف 
بهذا الشعر. ولكن ربما يكون أحد عوامل جاذبيّته هو السحر والرومانسيّة 
الطافحة في هذه الأبيات» التي تعبّر عن شخصيات جريئة لا تتردّد مثل سكان 
المدن» أو لعل شيئاً من فتنته كان مستمدّاً من أن شخوصه لم يكونوا مقيّدين 
بفروض الإسلام» فكانوا أقدرٌ على التعبير عن العواطف الإنسانيّة كما هي . 
استمرٌ تأليف الشعر الجديد فى دوائر الأدباء» ولكنّ قيمته كانت على 
الأقل بنفس قيمة استعمال الأبيات ‏ غالبا عبر استحضار الآأبيات القديمة 
جدا من الذاكرة ‏ من ناحية فعاليّته وسط الحوار أو فى التأليف النثري. فى 
الشعر الجاهلي» يُمثل كل بيت وحدة تعبيريّة مكتفية بذاتها تعبّر عن شعور 
يمكن تعميمه غالبا ؛ ولذلك» فقد بدأ استعمال هذه الأبيات لتدبيج الرسائل 
والوثائق» بل والأطروحات العلميّة (وأحياناً لترك انطباع لدى القارئ بسعة 
معرفة الكاتب). 
يا عيد مالك من شوق وإيراقي ومَرٌ طيفي على الأهوال طرّاقٍ 
يخاطب الشاعر نفسه (وقد انتقيت هذا البيتَ من مطلع قصيدة من 
مجموعة تم تقديمها للمنصورء المفضّليات). إِنْ الكلمات العربيّة في هذا 
ا لبس لوق ومباشرة. 0-0 0 مهجور بد افي 007 العباسية) 0 
القرن 0 قاطع 5 يتيتك ان تأتط شرا (في إشارة إلى السيف 


( 2< .(19572 ممتهتآ لهة معلاة .0 :دملدمآ) 005 تعنع5 171:6 ,لإتتعطقق .ل عناطائم 

الكتاب فيه نقاش مفصّل لتاريخ المعلّقات وترجماتها الإنكليزيّة المختلفة . . قبل ترجمة آربري» 
كانت الترجمة المعتمدة لها هي ترجمة تشارلز ليال. إِنْ ترجمة أربري جيّدة جذاء ولكنها لا تزال» مثل 
غيرها من الترجمات» عاجزةٌ عن أداء التعبيرات الموجزة المباشرة للأصل . 


برف دا 


الذي يحمله). لا يحتوي البيت على رصيد من التقوى» ولكنه تعبير صريح 
عن صلابة المرء وحاجته ووحدته في آنِ معاً. ولو وضعه الكاتب الناثر في 
محلّه الصحيح, فإنَ البيت سيستدعي أصداء من عالم آخرء وسيهب للنثر (إن 
كان جيّداً بما يكفي) لمسة من السحر. 

لهذه الأسباب المتعدّدة» الدينيّة والأدبيّة والاجتماعيّة» أصبح شكل 
القصيدة (وأسلوب البيت الشعري المشتق منها) هو الشكل المرجعي الذي 
كل لمر م ا تتكييا ا لها العربية ولايانة الأدب . 


افعها لتحيارة هده لمعا بيو اه 


الأدب ا أن يؤكُدوا القطبعة مع الها بي 0 كان ب 
العربي القديم يُعدّ عند النحويين المصدرٌ الموثوق الوحيد الموازي تاريخيّا 
في لحا رد ولخدا ومن ثم فإنه . 5 0 الذي يُمكن فهم 
ونا ناف مح عالماء الشربعة أهميّة خاضة لدراسة الشعر ما قبل 
الأجلى للفخر وجنوح الخيال والترف المفرط لت كان محمّد ليُدينه 

في الحقيقة. ريات قتي العراسيين للخم القزور وأونا ابو بين 
الاعتبارات اللاهوتية؛ وهو ما يصدق أيفنا وإن بدرجة أقل على الشعراء 
المسلمين في الحقبة المروانية (وكثير منهم غير متمسك بالتقوى). الذين 
استمروا في التقليد القديم وإن لم يعتبروا استمراراً نقيّاً له بالطبع. ولم 
يُعتبروا معصومين لغويًاً”*". إِنَّ ما يهم الأديب هو تمثيل دقائق النحو فى هذا 


خلاف بين النقاد القدامى (المترجم) . 


خرف 


الشعر (وأصداء الحريّة المتدققة في ذلك الزمن القديم). ولكنّ العلماء كانوا 
الأبيات واستقامتها الأخلاقيّة 


كان التقاش معوال الشهر حوءا من تقاف أوسع حول العلاقة الثقافيّة مع 
التقاليد العربية القديمة؛ فقد اعترض الكثيرون في دوائر البلاط على الدور 
الذي يؤديه التقليد العربي في ثقافة الإمبراطورية مع محدوديته؛ وعارضوا 
نزوع اللغويّين العرب (والعلماء من خلفهم) نحو تقويض مكانة التقليد الأدبي 
ذي الأساس الإيراني لطبقة الكتاب» مؤكدين على أنه لا يجوز تبرير زيادة 
الدور العربي القديم باسم الإسلام (الذي كان موجّهاً.أصلاً ضدّ التقليد 
العربي الوثني» الذي بات الآن يحظى بالاحترام والتوقير). وهكذا فقد 
ظهرت العديد من الأدبيات التي تمتدح جدارة الشعوب الأخرى على حساب 
العرم و اسان وكانت هذه الأدبيات تحط من منزلة التقليد العربي 
بوضفة اليد غرى بتتهن نينتا لق الذافقة البحسدة الرقيفة : 


أطلق على هذه الحركة الأدبيّة اسم «الشعوبيّة؛» وهي حركة انتصرت 
للشعوب غير العربية» واستمرّت كموضة فكريّة طوال الوقت الذي ظل فيه 
الفخر العربيٌ يؤدي دوراً في دولة الخلافة. وقد اشكماذة الحركة من 
الأبحاث الجادّة النزيهة التي قام بها علماء اللغة مثل أبي عبيدة (وهو من 
أصول فارسيّة يهوديّة» تُوفَى نحو عام 876)» الذي قام بجهود كبيرة لتقعيد 
التقليد حول المسائل العربيّة القديمة» فاستنبطت [الشعوبيّة] منها ما يؤكد 
على تفاهة وغثاثة ما كان عليه عرب القبائل. ولكن هذا الموقف بات محل 
هجوم قويّ من قبل من شككوا بحصر الأرستقراطيّة للأدب في تقليد كتّاب 
البلاط. أظهر ابن قتيبة بخاصّة ‏ وهو من مرو في خراسان وقضى معظم 
حياته فى بغداد (ت. 889) - بأنْ التحامل ضدّ العربيّة غير مبرّر. وبحكم 
انتماته إلى أهل الحديث في رؤيته الدينيّة» فقد دمج بين المواد العربية 
القديمة والمواد المشتقّة من الثقافة الإيرانية في جسد أدبي واحد. وقد درس 
ابن قتيبة جميع موضوعات الأدب» بما في ذلك الأحاديث النبويّة (من منظور 
فيلولوجي/ فقه - لغوي). ولعل أبرز اهتماماته الأدبيّة قد تمثلت في جمع 
مجموعة مناسبة اي ا أدب اا من الأحاديث والاجتعار 


./ 5 


(لاحقاً» اعتمدت العديد من الكتب الإرشادية للأدباء على هذا النموذج). 
ولكن» سرعان ما قرّر المحكّمون الكبار”*' للذائقة الأدبيّة بأن الشعر العربيّ 

هو الشعر الأكثر تفوّقاً» وبأنّ الذائقة العربيّة» إن لم تتم محاكاتها وتقليدهاء 
يجب أن تحظى بالاحترام على الأقل» وبأنه يجب تشريف النسب العربي» 
حكم المالاسيه احى ب تتبعحة: لذلك» تم الاعتراف بعدم إمكانية استعادة 
المجتمع لأنماطه الثقافية التي تعود إلى القرون الساسانية. وبآن الثقافة 
العربية التي سادت في العصر المرواني قد أصبحت عنصراً رفسا ف درت 

جميع المسلمين. 

فى هذه الأثناء» ومنذ زمن الرشيد»ء تعرّضت المعايير العربيّة القديمة 
اد تبرض الكل لك التعراء مكل الى تراس الشاغو الحاوز اذى كانت 
أشعاره تُعْنّى وتتردّد في كل مكان (باستثناء الصحراء بلا شكٌ!)؛ مال الشعر 
إلى ترف وانبساط لم يكن ليوافق المعايير القديمة. وعلى الرغم من وجود 
عله مق القيوة الشكلبة الى “يصب الناعهااغلى سبتل المقال “يجب أن 
كرون كر فعمدة نان قاف زاحدة فكرن على خلول: التمينة كان العور 
قادراً على تناول كل أنواع المشاعر ما دامت مشاعر قابلة للتعميم وليست 
ذاتيّة تماماً. وهكذا فقد ظهرت قصائد في الصيد والحبّ والتأسّي والزهد 
الفلسفي والحكمة والخمر. بقيت الزخارف محدودة» وظل هناك ميل مستمرٌ 
للحفاظ على التمايز ب بين الأغراض الشعرية المختلفة. 00 
منها في تقليد خاص به؛ على أن يتمّ التعبير عن كلّ عاطفةٍ فيه بأبلغ شكل 
ممكن. فإذا أراد الشاعر أن يحكي عن تقدمه في العمرء ا 
الشيب ويذكر ما تعيّره به الأوانس منهء وعليه أن يرثي فَقَدَ أصحابه أو 


(؟) 02 كء هناك رطط01 .2 .ىل .11 :12 *,صونزأطة 'نتطك عط 01 م272 دع 5 تمعناد 50121 عط1“' ,015 .2 .ىم .1] 

2 :شنا ,دمؤوه80) علأه0 .16 1322 !17/111 220 تتقطك .ل 010كصداد بوط لعاتل»ء ,تررهان1 زه 10نهع ]أن ع[ 

.(1962 رووععط 

وفيه يوضح جب نتائج استقرار مكانة التقليد العربي بين كتبة البلاطء إضافة إلى العديد من النقاط 
والمسائل الأخرى. انظر: 

.140-174 .مم ,(1965) 12 .701 رموء 4051 **,11633:0' نا٠طث‏ :0 عئنة1طم22 عنآ'' ,عأمرمعع.آ 062220 

يناقش جيرارد ليكومتي إلى أيّ مدى كانت النقاشات الأدبيّة والنحويّة في زمن ابن قتيبة مرتبطة 

باللاهوت (يمكن ردّ الكثير من خلاصاته بل وقلبها ؛ وذلك عائدٌ إلى ما يفترضه من وجود شكل من 

الأرثوذكسيّة في ذلك الوقت؟ كما أنه يفترض أن أحد الأشخاص كان معتزلياً فحخف ا : في الوقت الذى 

كانت ضركة المت لفن المعيكدة فو ,ميان النهي والضابة) : ْ 


,,ىى١‎ 


نسيانهم له؛ ولكن ليس له أن يتحدّث عن فصولٍ وحوادث شهدهاء مما لا 
يُعتبر مثالا قنامنا ومعتاداً للتقدم ة فى العمر؛ فإن فعل ذلك» فإن هذا يعنى 
تجاهل الجمهور والتخلّي عن اللاشخصيّة الخالصة للفنّ لصالح الحكاية 
الشخصيّة العابرة. ولكن حين نقارن ذلك بشعر الصحزاءء نجد شعر المدينة 
مطحم مرعن (رمتيامات 000 متنواعة كثيرة» وأتاح قدراً البرقنة 
الحريّة على مستوى الشكل والصورة” 


منذ زمن امرئ القيس» انتقل التقليد الذي ساهم في تطويره بأدائه البارع 
إلى موطن جديدء 07 استنباته في بيئة مختلفة تماما . ولكن. فى النهاية. 


فإنَ المعايير القديمة لهذا التقليد» التي ظلّت تحظى ببعض الاهتمام طبعاًء 
قد تعرّزت على يد محكمي الذائقة الأدبيّة ونقّادها بوصفها المعايير التى تليق 
بالأديب الحقّ واسع الاطلاع. وفيما إذا ما كان من الممكن شرعنة انعطافة 
جديدة في هذا التقليد ‏ في هذه الحالة» عبر النقاد الأدبيين» كأساس لهيبة 
البلاط ومكانته ‏ فإِنْ ذلك يعتمد على مدى التقارب الذي ستحافظ عليه هذه 
الانعطافة مع الماضي (فكل خطوة جديدة في التقليد ستسبّب ارتجاجا 
وحليخلة :ها كما سيعتمد ذلك على صلتها بالتوقعات التي تحكم هوى 
جمهور الشعر. كان الشعر الجديد محبوبا من قبل الجمهور بالطبع» ولكنّ 
الأساس الوحيد في هذه البيئة لمنح الشرعيّة الكاملة للشعر الجديد كانت مدى 
استمراريّته النحويّة والتاريخيّة إضافةً إلى ما يقدّمه من متعة وفتنة. على أن 
العديد من النقاد العباسيين قد أصرّوا على أن نوع اللغة وتنويعة المواضيع التي 
كرّسها امرؤ القيس ونظراؤه هي وحدها ما يُمكن أن يوصف بأنه شعر حق؛ أما 
البراعة الشعريّة فهي أداة التفوّق داخل هذه الحدود. ومن ثمٌ فإنهم قد أدانوا 
الشعر «الجديد)ء كشعر أبي نواس» الذي استمرٌ في تقديم رارف وأساليت 
جديدة» بل واستعمال مفردات غريبة عن النقاء اللغوي البدوي القديم الذي 
يُثْمّنه النقاد؛ نتيجة لذلك. رفضت هذه الأشعار الانصياع للعبة القديمة» 
ولكنّها ظلّت تقدّم نفسها في صورة شعريّة وتطلق على مُنتَجها اسم «الشعر". 


(6) ”,500-1000 ...خم ,بصاعه2 عتطوممخ 01 عتتاأع نماك 320 طابرزه؟0)'' رتسناوطاع متم 708 .8 عللقأونا0 

:117 بلمأععصء) 1325 صتصسحة طتطج1! بإ 0عاتلء ,ءع1/4ء11 405 176 ,ان .1 متائطظ :م1 
(1944 رووعءط إ11أووع/الملآ 

وفيه توضيح ممتاز للفروقات التي طرأت جيلاً فجيلاً (على أنه يركز على الشعر ما قبل 


. 77 


كان ابن قتيبة من ألمع النقاد» وكان يُقدّر القيم الشعريّة كجزء من ثقافة 
الأدب بالعموم. وقد أسهمت أعماله في المعاجم وقواعد العروض والنحو 
في تقوية النقاد المحافظين وتدعيم أَسْسِهم . وقد دافع عن فواعد المكدثية 
فى الأدب». وانتقد الكتاب المتحررين من أمثال الجاحظ (الذي سنتحدث عنه 
بعد قليل). ولكنّه اعتبر أيضاً بأن اد الجديد في بعض الأحيان قد يكون 
على ذات ججودة تعن الملا ف الوتتهة 


بعد ابن قتيبة» قام النقاد بدراسات أوسع وأخصب حول استعمال 
التشبيهات والصور الشعرية» وهو ما أتاح 8 انعا للشعراء «الجدد». 
وقد كانت نتيجة العذا قم النقدي هذاء لبعض الوقت» هي كثافة الإنتاج في في 
النقد الأدبي بجوار الإنتاج الشعري. وقد كان أحد أكثر النقاد جرأةً شاعرا 
فى الوقت نفسهء وهو ابن المعتز (ت. 408).» ابن الخليفة”*؟؛ وقد كتب 
نكي قتغرنة عن كص راض الخدنة يطيورة لم موقي العيرةة [ ولعي : 
باسم الإله الملك الرحمن]ء 5 تنتمي في قالبها إلى التقاليد الفارسية. وقد 
طوّر نقداً مفصّلاً للأنواع المختلفة من المجازات والتوججهات الأدبيّة» منحازاً 
للابتكارية والإبداع [يقصد كتاب 00 كما أن اجن النقاة [لعله قدامة بن 
جعفر] قد استعمل التقاليد الإغريقيّة للنقد الأدبي. 


بعد وفاة ابن قتيبة» تم وضع معايير نقدية منهجية. بخاصّة من قبل 
تلاميذه» الذين عرفوا ب«مدرسة بغداد». فى ذلك الوقت» كان رجال الفقه قد 
كدو عن | لتعدينك خرن هذا في لعرا فين والحجار بده وبانرا بكي نون فين 
مذاهب الأحناف والمالكيّة والشافعيّة؛ وقد تم إدراج جميع الفقهاء السابقين 
فى إحدى هذه المدارس المعترف بها. وفي هذا ا أنفنا تشففت 
المدارس النحويّة الكوفيّة والبصريّة وتمايزت مواقفها وآراؤها. وبالمثل. 
بدأت الخطوط والاتجاهات الأدبيّة تتضح . 


فى النهاية. سا5 المذهب الذي يرى صدارة الكلاسيكيّات القديمة 
0 3 أن هذه ا بالعربية ادر" -0 09 باتت 


(*) بل ولَّيَ الخلافة يوماً وليلة ثم قتله غلمان المقتدر من الترك (المترجم) . 


71 


فهذه البيئة المصطنعة استلزمت إرساء معايير مصطنعة أيضاً . . إذآً فقد أصبح 
على النقاد أن يضعوا بعض الحدود الضروريّة» ليضعوا كعريقا للشعر من جهة 
فنع :ا لعلوة: مع الانفصال الحاصل بين اللغة المحكيّة للمشاعر اليوميّة من 
جهة واللغة الرسميّة للتأليف 9 الفرصة سانحة 
للاحتفاء بتأويل ضيّق متجانس للشعر ضمن هذه الحدود. وبالنسبة إلى 
الأدباء الذيق كثيرا .ما كانوا يستعملون الشعر لأغراضن الرخرفة والتربين أو 
الاستعراض حتّى في كتاباتهم ورسائلهمء كان رأي النقاد بمثابة القانون. 
وهكذاء فقد تتابعت أجيال الشعراء وهم يجهدون لإعادة إنتاج القصيدة 
الصحراويّة المطوّلة في أعمالهم الجدّية بهدف نيل اعتراف النقاد. 

كان بعض الشعراء قادرين على الاستجابة لمطالب النقّاد بمهارة عالية؛ 
أبرزهم أو تمام (ت. نحو 8660),. الذي كان امنا وميد را للشعر القديمء 
وهو لفا لأشعار ذات قيمة كبيرة ة تُحاكي نمط الشعر القديم. ولكنْ مثل هذا 
العمل الى قاد به ابو تماف هد مهما كان مدر لا يمكن أن يتكرّر إلى ما لا 
نهاية؛ بل إنه قد يبدو عديم الطعم. لا يُمكن للتقليد الحيّ أن تراوح خطاه 
في مكانها؛ بل عليه أن يستكشف الإمكانات المتاحة التي يُمكن العمل من 
خلالها على كل المواضيع الممكنة» بما في ذلك الأمور الغريبة والمتنافرة. 
وهكذاء ففي سياق الأجيال اللاحقة» أصبح الذوق يميل إلى أسلوب أكثر 
تفضياك وإ حكانا في الشعر والنثر على السواء. وضمن الأشكال التي تم 
قبولهاء كان الملاذ الوحيد هو الجذة (التي كانت مطلوبة دوماً) في استعمال 
التشينهقات عدن المتوقعة. والإشارات المثقفة لذوي المعارف الواسعة. والدقة 
المرهفة فى وصل حبال المخيّلة بالمعنى . 

وصل هذا النزوع إلى ذروته مع شاعر الفخرهء المتنبّي  4١5(‏ 450), 
وفك اكتست هذا اللفب في شبابه بنشره لدعوة دينيّة» إذ اتهمه أعداؤه بأنه 
اذعى التنوة بين الكدو:.ؤقد كان المعدى كنين الأسفانة لا يبالي أين حل ما 
دامت موهبته وذائقته محل احترام. وتقال نان #فخمقة كاذقا لموذجا اللروح 
المستقلّة للشعراء القدامى. وعلى الرغم من أنه اعتاش على شعر المديح, 
إلا أنه فضَلء بدلا من بغدادء البلاط الحمداني شبه البدويّ لسيف الدولة 
في حلب . وقد قُتل في أسفاره أَنَّاً من أن يتراجع عما قاله في أشعاره حين 
هاجم البدو قافلته فدافع عن نفسه ولم يهرب. .وفك مل تعره كا نفد 


. 15 


أشعار العربيّة» لأنَّ استعماله للكلمات قد أظهر أوسع مدى من الابتكارية 
ذلك أن صوره تحافظ على توتر دقيق جدا بين الخيال والواقع من دون ان 
تقع في السطحيّة . 


بعد وفاتهء» حاول من تلاه أن يستمرًوا على النهج ذاته» ولكنهم علدو 
في حالة مصطنعة من الكدّ في محاولة إحداث نفس الأثر؛ وظهروا غالبا 
بمظهر سخيف. على أيّةَ حال» فقد حََمَتَ بريق الشعر في الأدب العربي بعد 
حقبة الخلافة العليا. فقد بذل الشعراء حيدا ككينا للوصول إلى المعايير التي 
وميا النقتا و زلكن اع هدده المغايير كان يعطاث العدة زوفل السكل 
الصحيح للشعر. ولكنّ هذه الجدّة لا يُمكن أن ثنال إلا عبر الإسهاب 
والمبالغة في التفصيل والبيان» وهو ما رفضه النقاد» الملتزمون بالقواعد 
العالية والبسيطة للشعر القديم. داخل شكل الشعر المتعارف عليه» كان يتمّ 
فعاف أعيا جد دسي العانير الضفية قات العرالسي 7 


(7) انظر العمل البارع لهاملتون جب» وفي ملاحقه سردٌ للعديد من الترجمات الجيّدة عن الأدب 
العربى إلى اللغات الغربيّة الحديثة. وقد عمدت أكثر من مؤسّسة على تغذية هذه القائمة» بخاصضة 
مشروع اليونسكو اشرق غرب». انظر : 

926 ووع]2 لإاأأواء انط لآ 071010 :02ل0همآ له *1) 1(م10اءعلال1::1:0 انأ :671117 1ط عقطه4 رططز0 .2 .ى .1] 
.(1963 ماله جاعم 
من بين المختارات الشعرية المترجمة. أزكّي كتاب رينولد نيكلسون» ترجمات من الشعر والنثر 
الشرقي (والشرقي هنا تعني العربي والفارسي» والنشر غالبا ما يكون في ميدان التاريخ)» وهي مختارات 
أنيقة ومتقنة» ولكتها تعاني من انشغالها بمحاولة أداء الأصوات على نحو مصطنع. ٠‏ بالطريقة التي كان 
بها بريطانيّو القرن التاسع عشر يرون الشعر (وهو شكل شائع من التصعيب). انظر : 
11 نل اا ,عع 2172110 0)) 205 1ه نرراء20 11نء 051 [0 717271516110715 ,812015011 .ىذ 0101ط<تزع1] 
- 111826 1101 :011 لا بتق17) 1ه 17آ1ط 151277112 تزع 47:110/0, ,عاء11162 123265 320 ,(1922 رووع؟ 211715109 لآ 
.(1964 ,1211 

وغالب مختاراته من العربية. مع بعض المختارات من المارسية والتركية؛ وتشمل الشعر والنثر. 
وتمتاز هذه المجموعة بالتنوع في الموضوعات وفي المترجمين. انظر أيضاً : 

-4 1127[ 44 زه 7267215(ع0 17 :1701 ذه 4 :11 دوز كو ع 17716 رطه1لهتعاتتطك صستطهء10 320 طامهتتته1] أرعطعء1] 
.(1944 ,.10.آ ووء: غ110 عط 1 :ه200مط) ءا 


وهي مجموعة انطباعيّة تضم مقطوعات مختارة بحريّة (تضمٌ بعض الأدباء الذين كتبوا بالعربيّة من 
غير العرب). 

انطو ايف : 
(1965 رذوع281 لإأأو]ء تلطلا نذالا ,ع51108منهن)) 15نرع0/ا اك «مر عامط 4 :اعوط عتطوع4 ,تمععطعم .ل تنتطاهم 

وهو ترجمة حرفية) إنما مفهومة. تقابل النصٌ العربيّ بدقّة» يضم توطئة مفيدة ويفا وخر ا 
للعروض العربيّ وتعريفاً بالشخصيات الأدبية. ثمة مجموعة مفيدة من المختارات بالفرنسيّة كذلك . 


ه., 


النثر والسجع : الأمتاع والتثقيف 


لم يحافظ النثر العربي ‏ الذي بدأ كوارث مباشر من من البهلويّة للحكم 
الساسانيّ المطلق ‏ على هذا الأثر. ربما يكون النثر العربي قد أدى دوراً 
كانه للدور الاجتماعي الذي كان يؤديه في البلاط السامتاتى» ولكنّ مُث 
الأدب وقيمه لم تكن متمحورة حول الملك العظيم (إذ إن معظم الآداب 
العلماقة الع :وصلعا من البملوتة كانت كدور سكول الملكةة). لعن كاد 
اهتمامات الأدباء كوزموبوليتانيّة واسعة النطاق. ولم يكن النثر أكثر ارتباطاً 
بالملكة مو اش 

يُمكن القول بِأن النثر مثل الشعر هو تأليف لفظي شكلىيّ مكتّف بدرجة 
ذا لالش امن لع يميا ررة ا رامضاونة عادية ندونة وال كاله ف دده 
من الرقيّ والتعقيد في شكله المطلوب. كان للنثر أيضاً أغراض مُتّفق عليها 
ضبمنا <. ولكتناة شعن الكلمة [أئ: الشر] للغاليقف الأفل شكليه والاف" كينا 
من النوع الآدبي الذي ندعوه «الشعر»» لأنْ النثر يستجيب للحاجة إلى إيجاد 
وسائل أكثر مرونة في التعبير. 


كما لاحظنا سابقاً بخصوص الشعرء فإِنّ أغراض الأدب بالعموم في 
العصر الزراعي لم تكن إتاحة المجال للروح المعذبة لتسكب روحها في 
الكلمات؛ ولم يكن هدف الأدب هو صياغة المعلومات التي قد تُثير فضول 
القارئ. حتى فى زمننا هذاء فإن هناك بعض الحدود والقيود المفروضة على 
ادن قن الع العام وما ينطوي عليه من رقابة» كما أنْ هناك قيوداً 
مفروضة ضمناً من الحسّ الذي يُحدّد ما هو المرتبط بالأدب. لقد كانت هذه 
القيود أكثر صرامة في العصر الزراعي وإن كانت تختلف في تفاصيلها من 
مجتمع إلى آخر+ القد تطوّرت بعض. أنواع التغبير الأدتي في .بلاة الإغريق 
القديمة مثلاً وليس في الحاضرة الإسلامية: كالتراجيدياء التي أتاحت التعبير 
ةو عن المصير الكوني الذي يلقاه البشرء والتي [أي التراجيديا] لم 
تفسح لها" المسحة كان ولم حك المساوول سينا لإعادة إحيائها (بل إن 
الأدب الإسلاماتي كان تحت قو الجانيو الحادٌ على المشاعر الشخصية) . 
في المقابل» ثمة أنواع أدبيّة وجدت في الحاضرة الإسلامية وكانت غائية عند 
الإغريق القدماء. ولكن». 27 كان ثمّة نطاق صغير ومحدّد للمواة ضيع ضيع التي 


أ 


تُعتبر مناسبةً للأدب؛ على وجه الخصوصء فإن المواضيع القيحصة بوالداتة 
الحميمية - التي فسعت في العصر الحديث مواضيع افا : في الرواية 
والسير الشخصية كافة مُستبعدَة في الغالب» وكانت تعقير غير لاتمة 


للغوفي الفلى.. 
كان لتهذيب الألفاظ بين الأدباء في الأزمنة العباسيّة وظيفتان اثنتان. 
فمن جانب» كان ذلك بمثابة لعبة د قيقة تتطلب درجة عالية من الصقل 


والتثقيف؛ فمحاكمة القصيدة أو القصّة المحكيّة كان يتم على نفس الأساس 
الذي نحكم به على لعبة شطرنجء جيّدة أو لا. وكان الأدب حرفة أكثر 
جديّة للسادة» بالمقارنة مع مجتمع الأعمال التجاريّة الحديث؛ فأناقة المرء 
فى اتزيية. مقزلةوأناقة -رسائلة التدريةن بيفاظلة: إذا كان الرسل ضاحب مكانة 
اجتماعيّة رفيعة - كانت أموراً تحدّد رتبته» ومدى جدارته بها. على الجانب 
الآخن»: فقد كان للأدب مهحة التغعليم والتتفيق؟ افيحبه أن حر 
بالمعلومات المفيدة» سواء أكانت حقائق تتعلّق بالسلوك الجيّد للمرء أم 
كانت أمثولات يُمكن للقارئ أن يستفيد من عِبَّرِها في المستقبل. بل إن 
التواذن والأخيان المتيرة للفضول: كانت و في قالب يهدف إلى زيادة 
تمدّن المرء» وتهب لوناً ونكهةً لرسائله. وبغضٌ النظر عن الرتبة الرفيعة 
التي يحظى بها الشعرء فإن هاتين الوظيفتين كانتا متحقّقتين في الغالب في 
النثر :مخ “دون الشعر . ْ ْ 


على الأديب أن يُلمّ إلماماً واسعاً بالأمثال والأمثال السائرة» بخاصّة 
تلك التي تعود إلى بدو الجزيرة؛ وأن يعرف الحكايات الخياليّة: كقصص 
ألف ليلة وليلة» التي كانت متوقرة بصيغة بدائيّة آنذاك» وأن يعرف حكايات 
جحا الأحمقء. الشخصيّة الكاريكاتوريّة/ التهريجيّة التى تتبدّى الحكمة أحياناً 
وسط ظرّفها (بطبيعة الحال لم تكن هذه القصص تحظى بنفس الاحترام الذي 
تحظى به الأمثال والحكم السائرة). وقد أصبحت ترجمة ابن المقمع من 
البهلويّة لكتاب يحفل بالقصص الأخلاقيّة حول الحيوانات [كليلة ودمنة] 
تحت حكم المنصورء هي الأسلوب المعياري الذي حاول الكثير من الكتّاب 
اللاحقين احتذاءه. 


كان الك ويسيظا ماخر أ ومكقويا تطريق: يقة تحافظ على الانتباه. دوا 


ا / 


إلى الروابط الذكيّة بين الصور والأفكار. وقد وجد تراث النثر البسيط 
الواضح ممثله الأبرز في شخصيّة عمرو لحن بحر » انق عثمان] الجاحظ 
(غاقى تقوها ما بين 59" - 8318). الذي حرص على تنويع مستوى الأفكار 
ووتيرنها حورها وَاطيا ليجَنْب قارته الملل كما يظل تقول. وليجعل عمله 
ملائماً لأغراض العتقيمب وحم أيغيا + ولكن. ننتتنا كانت اعمال ابن 
المققع تدور في البلاط الملك الأسد [في كليلة ودمنة]. أقترح : لم تعن 
أغمال الجاحظ بالأمراء ولا بالملوك؟ إِد قدم الجاحظ عبر المزاوجة بين 
سعة المعرفة والموهبة الأدبية ما يتوافق مع المتطلبات الاجتماعية من الأديب 

كان الجاحظ قبيح الشكل: عيناه جاحظتان (ومن ذلك عرف باسمه), 
تحامل عليه المجتمع العربي بسبب أصوله السوداء. وقد كان صاحب مزاج 
محيدينه مدر عاد وظيفة رسمية . ولكنٌ موهبته في التعبير ورواية 
القصص والأخبار. ومعرفته الموسوعية التي تظهر في تتبعه لأ فسالة: فد 
جعلت منه شخصاً واسع الشهرة» حتى فى أثناء حياته. يقال بأن الخليفة 
المتوكل نفك رتسل اليد 0 فؤذنا لاه (وهو ,متصب» تكله عادة أبرة علناء 
العصر). ولكنْ الجاحظ قد أثار خوفه ورعبه سفت شكله]ء فما كان إلا أن 
صرفه فوراً وأعطاه مكافأة مجزية كتعويض . 

كان الجاحظ بستجمتم برواية الحكايات والنوادر؛ وكتابه «البخلاء») 
من الأخبار الغريبة والنكت العجيبة ما يجمع» فيوضح الجاحظ أفكاره من 
خلال رواية القصة المناسبة. وبعض هذه القصص تتعلق بشخصيات بارزة. 
والجاحظ يزعم أنها حقيقيّة. وقد استمرٌ هذا النوع من الكتابة في التقليد 
العربي» ولكنه يعود إلى كتاب «طبائع الشخصيات» الذي كتبه ثيوفراستوس 
بالإغريقية. ٠‏ فمي هذا النوع من الكتابة» كان يتم الحفاظ على مسافة جمالية/ 
استطيقية تتيح للقارئ أن يستمتع بالحمق والسذاجة من دون أن يعيشهما. من 
خلال اختيار الصفات الشخصية التى تعبر عن «قالب شخصية +عاء2هطء» 
البخيل فى حدّ ذاته. غير أنْ أوصاف الجاحظ مشخّصة بشكل بارع؟ فبإمكانه 
أن يتحدّث عن بخيل في أقصى البخل؛ رجل غني يشرح لماذا لا يستظيع 
مبادلة النقودء التى تُنقش عليها عبارة «لا إله إلا الله لشراء غرض دنيوي 
لا يوضع اسم الله عليه (تصل القصّة إلى ذروته بعد وفاة البخيل» حين يرثه 


. 


ابنه ويكتشف طرائق أشدّ بخلاً للاقتصاد والتوفير من أبيه فيلوم أباه في قبره 
الطعام الكثير للضيف.». حين كانت الثروة تعني الطعام فكان ميعك ا 5 
فى إيجاد وسائل تبعدهم عن الطعام؛ بل إنه كان يفسّر طريقته أنها تعبير عن 
الضيافة الحقّة. 


كتب الجاحظ الكثير دفاعاً وهجوماً عن كل فرقة ومجموعة ذات شأن؛ 
وهكذا فقد كتب عن فضائل الترك والسود [فخر السودان على البيضان]؛ 
ولكنه دافع في الوقت نفسه عن تفوّق العرب على بقيّة الشعوب» ودافع عن 
سمعة اليهود فى الوقت الذي كان فيه المسيحيّون يحظون بسمعة أفضل. 
وهاجم المزديّة» وأكّد علوّ شأن التجار على المسؤولين الحكوميين» وقارن 
بين امتيازات الشبان والفتيات العذراوات. كانت معظم هذه المقالاات 
القصيرة مخصّصة للإمتاع (على الرغم مما يقال من أن الجاحظ كان على 
استعداد لتأجير قلمه لمهاجمة شخص (ما).ء ولكنّها كانت تمتلك وجهة نظر 
قويّة. وقد قادّه فضوله إلى عمل بعض التجارب لإثبات خطأ بعض الخوارق 
الشعبيّة» وكذلك جاءت تعليقاته على القرآن منحازة للعقل والمعقول. وقد 
بلغ به الاقتدار أنه كان يدافع عما شاء من المواقف غير الشعبيّة ويقنع 
القارئ برأيه بها وإن كان هو نفسه غير مُعتقدٍ بها. وهكذا فإِنْ عرضه لأقوال 
الشيعة لم يكن ينتقي السمات الساذجة والأقوال الخرقاء (التي يستشهد بها 
أهل السنة والجماعة عادةً). بل كان عرض للمواقف المعتبرة التي يقول بها 
الشيعة. وتقديماً لها في صورة متحضّرة. وقد كان الجاحظ معتزلياً متحمساً 
على درجة عالية من الذكاء والتأثير الذي جعله خليقاً بأن لومس مدرسة 
فكرية معتزلية خاصّة 

إن لأعمال الجاحظء التي ذاعت ووصلت إليناء أهميّة خاصّة سخ قد 
جوانب؛ لبي زر بصنوف من المعارف اللغويّة والآدبيّة الواسعة» وتَقدّم 
مخرونا ؤفيرا من المعلومات التي يحتاجها الكاتب ليعرف كيف يكتب بأناقة 
وبراعة وبمعرفة واسعة ودقة وإيجاز؛ بل إن عرض القصص والحكايات يبدو 
تابعاً لمراده من إيضاح الأدوات التقنيّة للأسلوب الجيّد للكتابة العربيّة 


4ك 


الزاخحر: الاخالات:.والإشارات الغربئة القديمة: نزبنا كاقت أغمنال الكاوطز 
وسيلة لقبول الكتّاب بالتقليد العربي كمصدر رئيس للأدب؛ بل وربما يكون 
هذا هو الهدف المقصود للجاحظ أصلاً . فمثل هذه الأعمال الواسعة المعرفة 
كانت تعتبر درّة الأعمال بالنسبة إلى الأدباء. وبعيداً عن أسلوب النثر اللطيف 
00 فإن الكقي :<ذاث الخسيولة المعرفية الكبيرة تادرا ها ذكون سيل 
القراءة 


حظي تقليدٌ نثري آخر باحترام يفوق ما حظي به تقليد ابن المقفّع 
والجاحظ. وهو السجع. أو النثر المقمى؛ ففيه كانت الجمل تصطفت قدر 
الإمكان على نحو إيقاعيّ» ويلتزم الكاتب بتقفية [وضع ٠قافية]‏ كل جملتين 
متتاليتين أو ثلاث. وقد كان هذا التو من النثر وال إلى ابدام الكلمات 
المغربة والمتكلفة. كان القرآن قد قم وروا لهذه الكتابة المقفاةء ولكنْ 
الأثر الأدبي للسجع كان أكثر شكليّة من نموذج القرآن. وفيه كان أثر الصنعة 
أجلى. ولكنه كان تقليداً يبعث البهجة وكان يُستعمل في المراسم المختلفة 
وفي الرسائل الرسميّة أيضا. استعمل ابن دريد (ت. 97) النثر المقمى في 
جمعه لأخبار البدو وقصصهم وأحدائهم. وبذلك فقد جمع بنجاح بين 
موضوع رائج وأسلوب كتابة رائج أيضا. 


البستم الخو المسجوع بشيء من الشكليةة كما اتسم بعنايته 0 
اللفظي وأصوات المفردات بطريقة كانت الثقافات الأخرى لتعتبرها جزءاً من 
حالم الشعين :0 الشدد-+ في الواقع. كان الشعر فى العربية كفا ذأ تسدنا 
مارت كد ٠‏ فلم يكن ثمة نزوع للدمج بين الشعر والسجع. وهكذا فقد 

بقى السجع وتنا بالنثر العادي. وأصبح ريا 00 في كتابة التاريخ 
والرسائل الشخصيّة. وقد وصل هذا الشكل الأدبئ إلى ذروة ازدهاره بعد 
انهيار دولة الخلافة. ْ 


(/ا) بعلالاعصدمكتة]/![-معتعله :كتمة) عتطةزط عك 1101ه مر ها اء اتعتاجكوط باء1] 841 ع1 رأقاكء8: وعاتقطن) 

1953(. 

وهي دراسة قيّمة حول الحياة الاجتماعيّة والدينيّة والفكرية. يشوب الدراسة قصورٌ يتمثل في 

إسقاطها التاريخيّ الارتجاعي لتصوّر ناجز عن مذهب أهل السنة على زمان سابق» يم لمتر ير هد 

الموقف أنه (أرثوذكسي"» منذ البدء» كما تشوبها أخطاء أخرى هنا وهناك مردّها افتراض أن من ينهم 
بالزندقة والهرطقة هو متهتك فاجر ضرورة . 


و«هل//ا. 


لم يكن ثمّة خط فاصل حادٌ بين السجع والنثر البسيط. فحتّى الجاحظ 
كان يستعمل التقفية في نثرهء كما كان يلذ له استعمال الكلمات المتجانسة 
عيونا رسع وقد ساعدت بنية اللغة العربيّة في ذلك . نكما كن الجدان لي 
اللعاه: البنايقة الاغردى: قانت الكلهاتك المر كه والاكى تعقيدا بشن من 
الكلمات الأبسط [الجذور]ء لا عبر إضافة لواحق وبوادئ 557 بتصريف 
داخلى فى صوت الكلمة. يُمكن تحليل أيّة كلمة للوصول إلى جذرها الذي 
كرون عاد مو فنونة احرف أملقةه رتمكق انديطير هذا العدر :فى هيد 
كبتر اق ا لاشكال الصرفيّة عبر دخول حروف العلل وتبدذل مواقع الحركات 
وإضافة الأحرف المكمّلة؛ وكل إضافة أو 'تخوير ل 
مخصوصة: إذاًّ فمن جذر س ل م تتألف كلمة مسلمء كاسم فاعل» وإسلام 
كاسم مصدرء إضافة إلى مجموعة أخرى من الكلمات المرتبطة بهذا المعنى 
بأشكال مختلفة» كالجمع والفعل الماضي وغيرها. تحافظ أنماط الاشتقاق 
على درجة عالية من الاتساق في تشكيلها : فكلمة ملحد (أي مهرطق) اسم 
فاعل أيضاً. والإلحاد هو اسم مصدر”*". ومن ثم فإنَ الإيقاع والقافية 
ينطويان على معنى نحوي ومعنى دلاليّ اهنا . وهكذا فإِنْ الكلمات تَردّد 
صدى بعضها البعض بطرق شديدة التعقيد إلى درجةٍ تجعل التطابق بين 
المعاني متعسّراً. وهذه إحدى السمات التى تجعل أسلوب القرآن عصيّاً على 
الترصمةة بونقى سمه لمكن تعديمها على الكتارة العو بالفعسل.» إن العفاية 


كان الشعور بالتطابق بين الصوت والمعنى. الذي يشعر به كل متحدث 
سيط بلغة واحدة». تغورا عرزا وتتضاعفاً في العربية. . فحتى ذوو الميول 
الفلسفيّة كانوا يميلون إلى النظر إلى الكلمات: العربية على أنَّها الب 
تواضعات اعتباطيّة ؛ وقد تم التأكيد على هذا النزوع بين المسلمين» 
نزوع نجده زائدة ماثلاً في كلّ مجتمع من خلال تحويل رموزه ل 
موضوعية نلعا من رموز دائرة الأبراج السماوية. روزا بساعات اليوم. 
وصولا إلى حروف الأبجديّة - فاعتبروا [أي السملمون] أجنانا يان الغربة 


(*) وكلاهما من لح د أي مال إلى غير الوسط والحقٌ والواجبء. ومنه اللحد في جانب القبرء 
إذ هو ميل عن وسط القبر إلى جانبه. انظر موضعه في لسان العرب (المترجم). 


اهب 


تجسد النظام الطبيعي» حتى حينما كانوا على علم باللغات الأخرى سوى 
العربيّة. لقد كان لذلك نتائج عرضيّة على اللاهوت والفلسفةء وهو ما 
سنتناوله لاحقاً. إلا أن الأثر المباشر والمستمرٌ كان في حقل الأدب نفسه. 
فصّل النحاة واللغويّون [وأبرزهم ابن جني] في هذه السمات» ووضعوها في 
نظام كامل مع الكثير من الاستثناءات والشذوذات التي يجب مراعاتها (مما 
جعل النحو العربيّ يبدو أصعب مما هو عليه بالفعل). وقد ترك النحاة 
انطباعاً نأن اللغة كل مغلق على نفسه: فهناك عدد محدود من الأنماط 
الصيرة الي يمكن أن تفيل في المرجة الأضيلة لاز إن المعاجم ننسها تندر 
كهنا لو انها نندعنة ينا للقواعد العوتة بمحزة أن عطي الجدر القلوتن 
للكلمة). وقد أسهم الاحترام الكبير للغة القرآن في تعزيز نهذا الانطباع. 57 
ثم فإِن ثبات العربيّة المضريّة الكلاسيكيّة وعدم تغيّرهاء ومعها الأشكال 
الشعريّة القديمة التى صادق عليها النقاد ‏ (وقد بدأت إرهاصات هذه الفكرة 
غندما تمّ الحفاظ على العربيّة الكلاسيكيّة للأغراض الشعريّة». على الرغم من 
أنْها لم تعد هي اللغة المحكيّة فعلياً) ‏ قد كان بمثابة تأكيد على ذلك أيضاً . 
وحتى من دون هذا التدخّل من قبل النحاة» أعطت طبيعة العربيّة نكهة خاصّة 
لا يمكن مقاومتها للكتابة العربيّة التي تشبّع على التلاعب بالكلمات من 
أجل المتعة المحضة (وأحياناً نُضلل القارئ في إغراءات لفظيّة). وهكذاء 
فإِنَ النظام المغلق للنحاة قد أضاف إلى هذا النزوع قواعد لفظيّة صارمة 
تحوّلت إلى كلاسيكيّة جديدة؛ أدّت في النهاية إلى إحباط الاستعمال الأدبي 
للعربن من قبل كل من يُمكن أن يُقدّم بديلا . 


فنون الترف 

كانت فئون الكلام تحطيٍ بأعلى درجات الرقعةء غير أن أناقة الديكور 

في العصود كانت تتطلب أنفيا استغلالاً كاملا لإمكانات الفنون البصرية. 
وكيك وفر بلاط الخليفة وقصور الولاة موارد هائلة للابتكارات والأعمال 
القئة ولا ميقا الأرية النصكة الشيكنة. على أن الفنون البصرتة ع مكل فنون 
الكلام» كابيت اك اتصافاً بالكوزموبوليتانية منها اتصافا بالضخامة. فعلى 
خلاف التقليد الساساني. الذي كان يحافظ باستمرار على الأيقونات 
الملكية. ليس فقط في الأبنية العظيمة» ٠‏ بل أيضاً في المنحوتات الحجريّة 


ع0 


والأدوات الفضبّة والمنسوجات وغير ذلك؛ لم تكن دار الخلافة» في ظل 
الإسلام تُركز إطلاقاً على هذه الرمزيات الفنيّة . 


كان الفئّانون حرفيين بالأساس». يعملون تحت طلب الرعاة الأثرياء. في 
المجتمع الزراعي غادة كانت الأتماط: المعامدة والمهارات: التفية تقل من 
جيل إلى آخر ضمن نطاق العائلات المتخصصّة. فلم يكن اختيار الحرفيين 
معتمداً على توفْر المزاج الفئّي لديهم» وإِنْما على ولادتهم ضمن إحدى هذه 
العائلات. فتعلّم تقنيات استعمال النار في صناعة الزجاج أو حياكة 
الملابس» إلخ؛ وتعلّم الأشكال الزخرفيّة والتصاميم المخصوصة المستعملة 
كانت تشكّل عمليّة واحدة في تدريب النشء. وهكذاء فلم تكن ثمة مساحة 
كبيرة للإبداع الفرديّ من وجهة نظر فنيّة؛ ذلك أنْ كل مدينة كانت معروفة 
بتصاميمها المتوارثة التي تُحافظ عليها. ولم يكن ثمّة سبب فنّْي وجيه لتغيير 
الأسلوت أو المتضتوف: 


على الرغم ف ذلك2 أسهم وجود دولة كبرى مثل دولة الخلافة في 

ار انا لمت فنية 0 بستنا فكما هي لان بقية 
ذلك عادةً على بخو تدريجي . وكان الحفاظ على المعايير 0 / 
تجديدها في أي جيل من الأجيال أمراً يعتمدل على دذائقة ئقة وثروة العائلاات 
الرائدة التي تر عى لون فالبللاط المزدهر. والآفراد الم كالتجار» 
هم اوخدكم من بإمكانهمٍ تحمل تكلفة هذه الأعمال الدقيقة ة والتقسية التي 
تتطلب من الحرفيين وقتاً طويلا .وكهدا مديذا ‏ : ا نفسه.ء كانت 
0 0 امسا ا 
وشعارات النبالة غذل1همعط المختلفة, أو قد تميل إلى تجتبها. ولكن» 7 
كانت الأغراض الأخرى التي يخدمها الفنّء فإِنّه في أيّ مجتمع زراعي 
كان يلبّي بالضرورة الحاجة إلى الزخرفة الباهظة للقصور ومباني الأثرياء. 
العامّة والخاصّة. وصحيحٌ أن العمارة لم تكن ضخمة مثلما كانت عليه 
في التقليد الساساني» إلا أنها كانت تمتلك طرائقها الخاصّة لتجديد 
الذائقة وابتكار ألوانٍ جديدة لها. 


ةا 


كان الفن في حقبة الخلافة العليا أرستقراطيًاً أكثر منه برجوازياً. ولكته 
مع ذلك كان يستلهم عناصره من وضعيّة الثراء الفوريّة عند من بمقدورهم 
الاستمتاع بها أكثر مما يستلهم عناصره من التقاليد العائليّة. وقد أسهم 
التردّد الديني بخصوص الفنون البصريّة في جعلها أكثر مباشرةً وبساطة؛ إذ 
إن التصاوير في الحاضرة الإسلامية ‏ على النقيض تماماً من حالة الحاضرة 
المسيحية في العصور الوسطى عم تكن على ضلة بالذين. الرسعي». افحلماء 
السنة والشيعة. الذين ورثوا كرفا وخدارا متشككا من الوثنية؛ من اليهود 
والمسيحيين بين النيل وجيحونء قد منعوا تصوير الكائنات الحيّة بأىّ صورة 
دينية 00 عن رهاب الأيقونة وتأثيراته لاحن بالمصيلء 0 نتناول 
المراحل الأكثر تطوّراً من تاريخ الفنّ الإسلاماتي). فأوّلاً وقبل كلّ شيء. 
لا يجوز استعمال الفنون التصويريّة في مجال العبادة» وهو المجال الذي 
مثّل مصدراً رئيساً للإلهام الفنّى عند الشعوب الأخرى. ونتيجة لذلك» 
أصبح التصوير والرسم ترفاً دُنيويَاً مقصوراً على بلاط الخلافة وقصور 
التجار الأثرياء. وفي ذلك العصرء الذي كان البحث العميق للخيال 
الإنساني فيه يعبّر عن نفسه بتعابير دينيّة» كان ذلك [أي إقصاء الفنون 
البصريّة عن مجال العبادة] يضع حدوداً قاسيّة منذ البداية على إمكانية ظهور 
أي فنون بصريّة تأويليّة عميقة, اللهُمٌ إلا ما ندب من الروح الشخصيّة 
للحرفيين لع وما عبّر عن نفسه خلسة من التقاليد الاجتماعية التي 
مار حبيتيا 


في حقبة الخلافة العلياء استمرت الفنون التصويرية بجمالية عالية 
عالا» و لكنها "تسا رودق الى 'تطاون اشسكالا ‏ إبذاعنة برض كتللف الك أمكن 
تطنونيها الاتحما. [الغضاوير التجداركة فى سام اء. عمدت الى لطوير 
النزوعات الساسانيّة والرومانيّة المتأخّرة 585 إعادة صياغة للنزعة الطبيعية 
الإغريقيّة القديمة؛ فالفتيات الراقصات الملوّنات مثلاء يُظهرن سمات 
إغريقية قديمة في نوع الأقمشة المطرّزة التي يرتدينهاء بينما تبدو ملامح 
وجوههنّ نسيطة وتجريديّة على نحو مقصود كي لا تستحضر أثر الحياة» 
في حين يتم استحضار أثر الحياة على نحو جامد وساكن من خلال 
الخطوط التي تصوّر الرقص ببراعة على الجدار المزخرف. 


076 5 


غير أن النزوع الأكثر خصوبة قد ظهر في الفنون المشغولة على 
الموضوعات القابلة للانتقال. فخلال الأزمنة البارثيّة والساسانيّة بخاصّة. 
رعى الأثرياء بدرجةٍ ما فنّ صناعة الخزف والفخارء بخاصّة في شرق 
العراق. حتّى في القرى» ظلّت صناعة الفخّار بسيطة وبدائيّة بالمقارنة مع 
القرون السابقة. ولكن في ظل استيراد العباسيين للخزف من الصين (في عهد 
توسّعها مع سلالة تانغ)» تم إحياء فنون صناعة الخزف. لم يكن من الممكن 
مماثلة الخزف الصينى تماماء ولكنّ المسلمين وجدوا طرقا لمحاكاة جودته 
وساضم .وكا الى مضاعة الخرض بوني ردن الكنون التير نجام | جتنت 
الأعواق لكك واعينال الجطادةو:واعمالسفاعة بابي ال كن 
الموارد التي تم تطويرها بين المصممين في المنطقة ‏ من أعمال الجصٌّ لدى 
القبطيين وأعمال النسيج في مصر وصياغة الفضّة في إيران - لتشكل معاً فنا 
جديدا له سماته الخاصة. 


بتحرّرهم من العديد من التضمينات الرمزيّة التي كانت تَقيّد الفنانين في 
التقاليد السابقة» تمكن الفنانون الإسلاماتيون ‏ من أبناء الطوائف جميعهاء 
الذين غاننا جا عولوا مرهانة العسامية عافن اشكاز كتلية. دين دن 
البغريةة انقوجة امعان اليخارف الى كع بإنكانات ددن كبر من 
الفنون القديمة وتطويرها: على سبيل المثال» تم تبسيط الزخرفة القديمة 
المعروفة باسم «شجرة الحياة» إلى نمط من التقويس المزدوج بحيث خسرت 
طابعها الشجريّ لتصبح شكلاً قابلاً للتكرار في أنماط لانهائية - بعد أن 
تمّت إضافة تفريعات تتوزّع من الأطراف - تتمدّد في كل اتجاه. هكذا فإِنَ 
الزخارف المشهورة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسّط قد خسرت 
أثر الطبيعة الذي ظلّت تحمله منذ أمد بعيد. وهكذا تم التخلّى عمًا تبِقَّى 
من النزعة الطبيعيّة» وعن الأشكال المعتادة من الحدود الخارجيّة التى 
تحيط بالترصيعة الداخليّة (الميدالية)» بعد أن تمّ هضمها وإعادة إنتاجها في 
أشكالٍ متناظرة ومتداخلة وقابلة للامتداد إلى اللانهاية» مما منحها حسّاً 
خاصضًاً من الغنى والتكامل. 

في هذا الفنّ المتنوّع» كان الخطّ العربي بمثابة الخيط الناظم للوحدة. 
كان فنّ الخط يُعتبر فنأ أساسيّاً (وكان الخطاطون الكبارء الذين يُقدّمون 


هوب 


اال جديدة في تشكيل الكتابة أكثر شهرة من الرسامين الكبار)©. شكّل 
فنَ الخظ موضوعا يوحّد الأنواع المختلفة من الفنون» بل ويوحًد العمل 
الفني الواحد:. 'فبعد أن كانت الكتابة العربيّة تقوم على خط أو اتتمرة 
بالأساسء بدأ بعض الخطاطين بإطالة بعض الحروف والتلاعب بها بطريقة 
واو أسلويا دودا من دون أن يفقد القارئ قدرته على فهم المكتوب. وقد 
تم وصل الحروف ببعضها البعض في الكلمات بتدفق سلس» ؛ وهو ما أضاف 
سا بالاستمرارية إلى التصميم الذي بشنانة الشكل المنتج. . فوجود إطار من 
الخظ العربي حول باب أو حول طبق من الأطباق يُمكن أن يحل محل 
الحدود الخارجية في خلق انطباع بالوحدة المتكاملة من دون أن تكون للكتابة 
نهاية مُحدّدة تفقدها حسّها القابل لملامتداد اللانهائى. وقد كانت عظمة البلاط 
تنعكس في غنى. الفنون المحيطة به. ْ 


في العاصمة الجديدة سامرّاء ‏ التي بُنيت بأمر من الخليفة التالي 
للمافون ابقصد الحنتعي ] با وجدات. يعض الآثار العمرانيّة الضخمة التي 
امقو ف لعفيو ع فحجم الأبنية كان هائلاً» فقد كانت المساحة 
المدعّمة بالأعمدة للجامع الحسين أكبر من حجم كاتدرائية القديس بطرس في 
روما (على أن الأعمدة لم تكن تحمل القبّة). كان الاسلوات الفني نويا 
وعحيساة مع خطوط من الزخرفة التي تطوّرت عن الأعمال الآراميّة 
والساسانية السابقة. ولكنٌ البناء فيما يبدو كان تسرغ فى الغالب؛ فالأغنياء 
كانوا ينون الأدة الأشييم أ الاجيا ل الثاليةل روكانوا تريتوة افير ل«خلى 
النتائج بسرعة. كان الآجر ‏ الذي يسهل تشكيله والتلاعب به هو مادّة 
البناء الرائجة. حتّى في مصر التي كانت تتوفر فيها الأحجار بكثرة (بخلاف 


(8) إن التمييز الغربى المعتاد بين الفنون «الرئيسة» و«الفرعيّة» ‏ الذي لا يزال حاضراً في بعض 
الأحيان في النقاشات الدائرة حول الفنّ الإسلاماتي ‏ هو تمييز لا يمت بصلة للثقافات الأخرى: ففي 
كل بيئة من البيئات» يتم منح بعض الوسائط مكانة تفوق الأخريات وتحظى بدورٍ أكبر من غيرها. 
وكثيراً ما يصعب على من ينتمون إلى ثقافة ترى في الخط تفصيلاً ثانوياً أن يُقدّروا الجمال المبدع في 
هذا التعبير اليدوي . 

(9) أشاز بعض الكتّاب إلى أنّ العمارة الإسلاماتيّة قد غدت أكثر إيرانيّةَ في ظلّ الحكم العباسي ؛ 
ولكن علينا ألا نخلط هنا بين العمارة في العاصمة وبينها في الحاضرة الإسلامية بعامة. ففي سورياء لم 
تختلف العمارة عما كانت عليه في ظل الحكم المرواني؛ كما أننا لا نمتلك شواهد عن العمارة في 
العراق في الأزمنة المروانيّة . 


. 65 


العراق). كانت الزخارف بالغالب تُصنع من الجصّ. لم يعد أحد ينتج الا بنية 

العظيمة القافرة على الصبهرة فى وج الزفق كبلك التى اقبت فى ازمدة 
ع 5 1 7 5 20١‏ 

الساسانيين؟ ومعظم أرئة ذلك الزمان قد اندثرت ملا مهيا" . 


)٠١(‏ لقد أمكن لنا من خلال عمل أرشيبالد كاميرون كريزويل الممتاز والدقيق والمثابر حول فنّ 
البناء الإسلاماتي من فهم ما كانت عليه هذه العمارة من خلال بعض التفاصيل القليلة التي بقيت منها . 
مع الأسف. فعلى الرغم من دقّة قياساته وفرزه لتيارات «التأثيرات» المختلفة» فإنّه ظلّ مفتقراً إلى 
الحسٌ الفنّي. ولا تزال هذه الفجوة في التناول قائمةً . انظر مثلاً : 

.(1932-1940 ووع:2 2002ع213) :20:)1010)) .17015 2 رع للتاعء111[ء 4 :تنآك غ1 برا بوط ,اا و0 .0 .ى .1 


/اه / 


9 
فول تقليد الحكم المطلق 


]ه"#:_-١8[94غهم_مإ‎ 


بعد عقود من الازدهارء ومع اندماج سكتان المدن في المجتمع 
المسلم» تراجع المدّ العربيَ القديم الذي كانت له سابقة تشكيل 
الإمبراطوريّة؛ وكاف تتخيمر تارك ختلقة زفتوما بوبقانا:-كعلك.التى:ظلك 
شاخضة في أنساب بعض العائلات وفي القالب الكلاسيكي للشعر العربي. 
فكان لا بد من الحفاظ على دوام الإمبراطوريّة على أسس أكثر ثباتاً. لقد 
تزامن حكم المأمون (بعد استئثاره بالسلطة» 8١7‏ 87#)» ومن تلاه من 
الخلفاء» مع أوج تطوّر قانون الحريوم فالفقيه الشافعي توفي في عام ١٠8؛‏ 
وكذا توفي البخاري» جامع الأحاديث. في .87١‏ كما أن حكم هؤلاء 
الخلفاء قد عاصر ذروة تشكل الثقافة الأدبيّة العربيّة. لقد دعم كل من العلماء 
والأدباء دولة الخلافة بطرق مختلفة» أو على الأقل دعموا منصب الخليفة. 
على أنْ الفقهاء كانوا يبذلون قصارى جهدهم لتقليص السلطة وإبقاتها في 
الحدّ الأدنى المسموح به؛ في حين أن الثقافة الأدبيّة الكوزموبوليتانيّة 
للأدباءء بحكم تجنبها للفخامة والأبهة المفرطة» وتمسّكها بقدر معقول من 
التقوى؛ لم تسهم في شرعنة الحكم الملكيّ المطلق القائم على الأراضي 
الزراعيّة. بحلول زمن المأمون» كان البلاط قد أرسى الخطوط العريضة 
للحكم المطلق الذي يُرضي مزاج الأدباء. ولكنّ تحقيق ذلك قد تمّ على 
حساب المخاطرة بالاغتراب عن العلماء» الذين كان الأدباء أنفسهم يعترفون 
بمعاييرهم . 


في هذا المجتمع الزراعي الذي كان الإسلام هو صاحب الحقّ في 


64 


منح الشرعيّة فيه» طرحت خمسة حلول مختلفة لمشكلة كيف يُمكن 
)5956 نظام حكم مستقر وثابت. قم الخوارج والزيدية وعدا من هذه 
الحلول: إعادة بناء المصدر الحادى التعليك المسلم الى مجن ينوم على 
الصلة ا بين الأفراد غلا لتتطامه 1206 -10 -ع30 . يكون البخلية فيه 
مسؤولا أمام 0 بعامة. غير أن لزي قل قبلوا بشيء 6 
والزيدي. لم يكن افيا أو مانن لمجتمع 07 98 النطاق كهذا : 
وهكذا يظهر بأن الزيدية والخوارج لم يظهروا ار يسير شبن إلى فدرتهم على 
إقامة ما يتتجاوز د ها ا امارد سي تاتباء 0-2 
العامة نظاها 0 جديا وهو نظامٌ كان أقدر 0 و والتكف 

مع المجتمع الزراعي الواسع. بالمقارنة مع نمط النظام السياسي في 
0 المنوّرة. ولحن الإسماعيلية لم كوا من إقناع معظم المسلمين 
نَأن نظام الشرعية الوزهئ متوافقٌ مع الدعوة القرانيّة والمحمدية. ثالثاً 
اقترح الفلاسفة بأنَ الإسلام يجب أن يؤدي دور الميثولوجيا السياسيّة التي 
0 0 التى 007 الفلسفة؛ ولكن مثل م هذا 0 كان يعني 5 
ا ومن ثم م فإن هذا الحا ا يجتذب إلا قله من الأتباع . إل حل 
كبيرء كانت الحلول الأكثر شعبيّة هي الحلول التي قدّمها الأدباء. 
المؤيّدون للحكم المطلق. وحلول علماء الشريعة» سواء من أهل السنة 
والجماعة أو من الشيعة الإثني عشريّة (الذين رفضوا سياسات المذاهب 
الشيفة “النشنيطة. الأخرى):: 


لم كرد لدى الأدباء تصوّر سياسيّ واضح عن العلاقة بين اللضادم 
والدولة» ولكن النزوع الذي انطوت عليه سياساتهم كان واضيجنا افلواتك 
الأمر لهم. ٠‏ لكيّفوا المصطلحات الإسلامية مع المبادئ الملكية الزراعية 
القديمة (وهكذا فقد كانوا مستعدين لوصف الخليفة بأنه «ظل الله في 
الأرض». منما يعني إسباغ صفة الوسيط [بين الله والبشر] عليه)؛ وكانوا [لو 
ترك الأمر لهم] سيخضعون المختصين الدينيين لسلطة البلاط والبيروقراطيّة. 
ولكن. 5 كانت احتمالية نجاحهم في مسعاهم هذاء فإنهم لم يكونوا بحال 


1 


ليمقيوا “فق إقاعة عرمية دينتة نبلطونة على غراو التمودغ المزدئ» في الازمنة 
الساسانيّة» ولم يكونوا ليقدروا على فعل ذلك. أما العلماء في المقابل فقد 
شججّعوا كل أشكال المقاومة لهذا النزوع - على سبيل المثال» رفض بعض 
العلجاف رتفا عاد إسباغ صفات المدح والإجلال للخليفة والعددة لَه 
وأصروا على التعامل معه مثلما يتعاملون مع أيّ مسلم عاديّ ‏ وطوّروا في ف 
مقابل ذلك جوانبٌ التقليد الإسلامي ا مبادرة الأفراد في 
المجتمع في مقابل الجوانب التي تركّز على القيادة السياسيّة؛ ومن ثمٌ فإنهم 
قد قلّصوا دور الخليفة ليكون مجرد إداريّ يطبّق الشريعة بين مسلمين متكافئين 
يقفون كلهم على قدم المساواة. في الواقع. كان لضا ينم 0 
بعيدة كل البعد عن هذه المبادئ» وبات أقصى ما بمكنتهم هو شذله إلى هذا 
النموذج من دون أن بأفلوا تحدنة ماه 


كانت الروح العامّة لمطالب العلماء الشاملة متعارضة تماماً مع تلك التي 
لاقيف د كافت ]أرقنة الاحفواء :وا لابقا زاك المسياحنة لها أهورا امنات : 
للأدباء وإن كانت أكثر سيولة وأقلَّ ثباتاً؛ فالثقافة العليا عندهم تمثّل غاية 
التنظيم الاجتماعي؛ والكاتب الذي بما يملكه من موهبة خلاقة هو النموذج 
الذي يطمح الأدباء للعيش وفقه. أما عند العلماء» فكان لا بذدّ من استبعاد 
كل أشكال الحظوة والامتيازات الاجتماعيّة (اللهم إلا امتيازات آل البيت)؛ 
وغاية التنظيم الاجتماعي عندهم هي العدالة بين الرجال والنساء ء كلهم؛ 
وبطل هذا النموذج الاجتماعي هو الإنسان الذي يعيش تحط تهنا 0 
من الحياة العادية. صحيح أن معايير الأدباء كانت وحدها هي الفاعلة في 
سياسات الحياة اليومية» لكنٌ معايير العلماء التى تجسّد الشريعة كانت هى 
وحدها ما حظي بالاحترام على المدى البعيد»: على الأقل فى دائرتها 
المختارة» بل وبين الآدباء أنفسهم . وقد تمكنت الشريعة بذلك من الحفاظ 
على مكانتها دما حتى في أوقات أزماتها : ذلك أنها ظلّت تمثّل عند معظم 
السكان التوقعات العامّة التي لا يُمكنهم التخلّى عن الإيمان بها مهما نابّها 
من تعثّر وانتكاس هنا أو هناك. 


المأمون: تجارب في توحيد صف الشريعة والبلاط 
كان المامون معنا فكرا وويدا بالعدالة؛ ولكنّه لم يتمكن من تحصيل 


اكلا 


الرضا الكامل لا من العلماء ولا من الأدباء. فلمًا كانت بداية حكمه من 
خراسان». فقد تأخخر قدومه إلى بغداد طويلاً وكان حكمها يسيّر من خلال 
المسؤولين الخراسانيين. لم يكن المأمون. على أيّة حال» يحظى بشعبيّة 
جيّدة في بغداد (وعلى الرغم مما دأبت عليه العائلة العباسيّة من رعاية 
ثقافيّة» وجد المأمون بين الشعراء معارضين له وهسّائين). ولكن». بصرف 
النظر عن هذا الاستياء الواضحء فإِنْ المأمون كان مدركاً لما يعتور وحدة 
إمبراطوريّته من هشاشة وضعفء, وكان أحرص ما يكون على تقوية هذه 
الوتحدة وتمعحيا» فقداردا عهده بحالة من عدم اليقين والاحتراب الأهلي 
الذي نجم عن تقسيم هارون الرشيد إمبراطوريّته. وإذا كان في انتصار 
المأمون إبطالَ لنتائج التقسيم التي قام به الرشيدء فإنَّ حالة عدم الاستقرار 
التي نجمت عن تلك الفكرة ظلت حاضرة وبينة في غياب التوافق السياسي 
نيو “الشكاق: بخاصة بين المسلمين. 


في مصرء اندلع العنف على هامش الصراع الرئيس للسيطرة على 
بغداد» واستمرٌ لعدّة سنوات بين فرق متخالفة تتنافس فيما بينها في 
عقاول عن البذلطلة المركرة,. الأخطر من ذللقن. يفن أن العاف تدخ 
منفلتاً من زمام سيطرته طوال السنوات الستّ الأولى من عهده؛ فقد ظهر 
تمرّد شيعى كبير بقيادة المغامر أبى السراياء فى' الكوفة والبصرة  8١5(‏ 
رود مو فكة زونك كا نك يذه الح قداهى الوضيندة التي 
أظهرت قدرتها على استثارة وعي المسلمين جميعاً). بعد أشهر من قمع 
هذه الحركة»ء بدأت نذر الكراهية بين بغداد وخراسان بالظهور على السطح 
وتأكيد نفسها؛ فبقاء المأمون لوقت طويل في خراسان قد دفع القيادات 
العباسيّة فى بغداد للتمرّد »)8١9  48١5(‏ بل وإلى محاولة تنصيب خليفة 
آخن:(إبراهيو اين الميندى دق العانون] 201 ب:114) الذي بتي ات 
بغداد؛ ولكنّ اصطفاف القادة الأكفاء مع المأمون وتأمينه سيطرته على 
معظم الولايات قد مككنه من سحق هذه الخطوة؛ إلا أنه أدرك ضرورة 
الانتقال. إلى العاصمة المعترف بها .)8١9(‏ في هذه الأثناء» وبالتزامن مع 
تمرّد الخوارج في خراسان» عبّرت حركات شعبيّة بين الإيرانيين 
الأذربيجانيين» والعرب في الجزيرة» والقبط في مصرء عن سخطها ونفاد 
صبرها من السلطة المركزية. 


كف 


مراحل ضعف الخلافة العليا ١م‏ ه:141 

جيل المأمون 
خلافة المأمون: البلاط يدعم ترجمة جديدة للأعمال الفلسفية اليونانية؛ 
محاولة قمع تقوى أهل الحديث (القائلين بأن القرآن غير مخلوق) بدعم من 
المعتزلة (نقاش لاهوتي). ْ 














17م "مق 


امهم أحمد بن حنبل» ٠»‏ تلميذ الشافعي؛ يُضطهد من قبل المأمون بوصفه رمز لمقاومة 
أهل الحديث للأرثوذكسية المعتزلية؛ أصبح إماماً لمدرسة فقهية متصلبة . 

الام ثورة بابك [الخرمي] على ملاك الأراضي والعرب تمركزت في أذربيجان. 

سام الطاهريون؛. كحكام وراثيين ومستقلين في إيران والشرق . 

م-117/ خلافة المعتصم : فاتحة دخول الأتراك المرتزقة كقاعدة لقوّة الخليفة (انتقلت 


العاصمة إلى سامراء) . 
جيل خلفاء سامراء (5*م _ ؟وم) 
خلافة الواثق» آخر الحكام العباسيين العظام لإمبراطورية لم تزل تحتفظ 






8117-4 


54 وفاة ابن كرامء مؤسس الفرقة [الكرامية]ء من خراسان. 

ام وفاة البخاري. مؤلف أعظم مجموعات الخذوت المعتيذة؛ تتجاور مجمو عته 

44 اكلم خلافة المتوكل» الذي تخلى عن محاولة الخلافة تأطير الأرثوذكسيّة اللاهوتية 
من خلال المعتزلة. ودعم تقوى أهل الحديث ؛ قمع الشيعة؛ أوّل خليفة يُقتل 
على يد جنوده الترة: 

1 405و انهيار السلطة العباسية» واستقلال الأقاليم واحداً تلو الآخرء إلى أن فقدت 
الاقتصادي والاجتماعىء أو ازداد في معظم المناطق . 

١6م‏ أكلم تعاقب ثلاثة خلفاء [كلهم قتلوا] على يد الترك؛ خرجت جميع الأقاليم إلا 
المركزية منها من السيطرة الفعلية للخلافة . 

١46١٠و‏ الصفاريون (أسرة عسكرية) يحكمون بشكل مستقل في شرقي إيران» وأخيانا 
في معظمها . 

86515 - 118و دولة الشيعة الزيدية فى نواحى بحر قزوين. 

11-6 ابن طولون وأبناؤه يحكمون مصر فعلياً بشكل مستقل 

454 "الم ثورة الزنج (الأفارقة) العبيد فى العراق الأدنى. 

47م 


وفاة محمد الترمذي. جامع الأحاديث والمصتف فى مراتب صحّة الحديث . 


"كا 


04 ”ؤم الموفق [بالله]ء أخو الخليفة المعتمد والحاكم الفعلى» أعاد بناء قوّة الخلافة 

بين سوريا وخراسان. 
جيل انبعائة الموفق 

السامانيون (الفرس) يحكمون بلاد ما وراء النهر بشكل شبه مستقل» إنما فى 

وفاق مع سياسة الخليفة عادة. 

اختفاء الإمام الثاني عشر للشيعة الإثني عشرية» قام أربعة وكلاء بتمثيله في 

الغيبة الصغرى.» التي تلتها الغيبة الكبرى» حين انقطعت صلة الإثني عشرية 

بإمامهم . 

ابن جرير الطبري» مفسر القرآن» والمؤرخ (امتد تأريخه إلى سنة *131) 

معتمداً على تسلسل الحوادث زمنيّاً؛ على نقيض مع معاصره الكبير أحمد 

البلاذري (ت. 897)> 

القرامطة.» مجموعات عربية من الشيعة الإسماعيلية» نشطوا في الصحراء 

العراقية والسورية» وكانوا فاتحة صعود مختلف الفرق الشيعية إلى السلطة. 

وبالتالي تسريع انهيار سيطرة دولة الخلافة . 

المعتضد (حتى 407).» ابن الموفق؛ ومن ثم المكتفي؛ استقرت سيطرة 

الخلافة من مصر وحتى غربي إيران» بالتجاور مع حكم الأغالبة في شمال 

أفريقيا وحكم السامانيين في غرب إيران» الذين كانوا أتباعاً للخلافة اسماً من 


دون أن يخضعوا لسيطرتها . 
دولة الشيعة القرامطة في شرق الجزيرة العربية . 
















هام _ 4958 


1445١ _ "لالم‎ 


10م - 11717 


و054١‎ 


"4 08و 






تأسيس 


نحو 4٠١‏ تأسيس الدولة الزيدية في اليمن. 

0 السامانيون بقيادة إسماعيل (407-8947) يضمّون خراسان إلى حكمهم؛ 
ويوشكون على الإطاحة بالصفاريين؛ سرعان ما باتوا الرعاة الثقافيين 
للأعمال المكتوبة بالفارسية . 

الل سارل خلافة المقتدر؛ سقطت سلطة الخليفة مرة أخرى في قبضة الفوضى وسوء 
الحكم؛ تصاعد قوّة العائلات الشيعية في العاصمة. 

وو ولاو العرب الحمدانيون يحكمون أنفسهم ذاتيًاً» باستقلالٍ تام أحياناء في الموصل 
(ولاحقا في حلب)؛ وقد دعموا التشيع . 

4و الاو الإسماعيليون يُقيمون خلافتهم الفاطمية في المغرب» ويحلون محل الأغالبة . 

.٠١"١ 4‏ الحكام الأمويون في إسبانيا يتخذون لقب الخليفة (115 451١‏ : الخليفة 


«عبد الرحمن الغالث» [الناصر] يعيد بناء السلطة الإسلامية الموحدة دأخل 
إسبانيا)؛ الثقافة الإسبانية العربية تزدهر وتجتذب إليها مساهمة المسيحيين 
المحليين . 


55 


147-41 تعرّزت كل من الثقافة العربية والفارسية تحت حكم نصر الثاني الساماني في 
بلاد ما وراء النهر وخراسان (450», وفاة الرودكي» أول شاعر فارسي 
كلاسيكي) . 

ام وما الأشاعرة» وفقوا بين مذاهب المعتزلة الكلامية وعقائد أهل الحديث. 

:“و _ موا الحكام العسكريون البويهيون من الفرس يستقلون في مجموعة من المراكز 
المنفصلة في غربي إيران والعراق»؛ مستخدمين الجنود الفرس (الديلم) 
والترك؛ أيدوا الشيعة الإثني عشرية. 

ملو _ ه44 تقلّص ما تبقّى من سلطة الخليفة التي يسوسها أمير الأمراء» قائد الجيش» 
إلى أن تم الاستيلاء على ذلك المنصب باحتلال البويهيين بغداد. 

4 د 44 الإِخشِيدِيُون يحكمون مصر بشكل مستقل . 


كان ثمّة خطر أكثر خفاءً يترص بالحكم المطلق. فبعد قمع معظم 
الثورات واستعادة الهدوء في بغداد في الجزء الأخير من عهد المأمون. 
وجد كل من الأغالبة (في المغرب)» بل والطاهريين (في خراسان) ‏ الذين 
التصرّف في ولاياتهم كما لو أنهم سلالات حكم محليّة مستقلة؛ وهكذا 
فقد أرسوا سلالات حكم ورائيّة حافظت على صلات وثيقة مع الخلفاء. 
تمكنت عذة عائلات من كسب مثل هذا النوع من الولاء بين قوّاتها 
العسكريّة» التي ارتأى قادتها أنهم قادرون على حكم هذه المناطق المترامية 
(مثل بني الساج على سبيل المثال [في أذربيجان ونواحيها]). حين كانت 
هذه المكانة السياسيّة المستقلة تترافق مع قاعدة مناطقيّة» فإنها كانت تمثل 
تهديداً للسلطة المركزيّة. لقد مثّل القائد طاهر [بن الحسين] وعائلته دولة 
تمكن من السيطرة عليها [بعد حصارها]؛ ولكنه ظل في الوقت ذاته» بفضل 
تحالفاته المحليّة في خراسان. حاكم خراسان والأراضي الشاسعة التابعة 
لها ؛ ثم خلفه أبناؤه من دون أيّ مساءلة. كان ذلك يعني أنْ الكتلة الأكثر 
أهميّة من قوات الإمبراطوريّة» الخراسانيين ‏ الذين كانوا أكثر فعاليّة حتى 
من القوات العربية ‏ قد باتوا تابعين لعائلة تتم بقاعدة محلية لسلطتها فى 
ولاية واحدة» وهي ولاية فائقة الأهميّة للإمبراطوريّة وبعيدة عن السيطرة 
المركزيّة لها. 

كان ذلك اتعكات] لمجموعة اعمق من الحقاتق الاستمافةة ردنا كانت 


6ى/, 


القوات الخراسانيّة» التي أوصلت العباسيّين إلى سدّة الخلافة» ترى نفسها 
بالأساس جزءا من المستوطنين العرب. كانت القوات التي دعمت المأمون 
صريحة في انتمائها الإيرانئ '. ولكنّ بغداد والهلال الخصيب لم تكونا 
مستعدتين للخضوع للسيطرة الطاهريّة والخراسانيّة (ولم يكن المأمون مستعذاً 
لذلك أيضاً ؛ ؛ كما لم يكن واضحاً بأنَ خراسان مستعدّة للخضوع لسيطرة أي 
قوة بغدادية). في كل مكان. بدأت الولاءات المحليّة تسود. 


ولكن» على الرغم من الأهميّة المتزايدة التى بدأت تحظى بها 
المصالح والطموحات المحلية. كان هناك عاطفة عامة بين المسلمين تجاه 
وحدة المسلمين. وهكذاء فقد كانت الفصائل المتنازعة فى مصر تعتمد 
على الدعم النفسي» وبعض الدعم المادّي أيضاًء من القوة القائمة فى 
بغداد. والتي كان لتدخلها خلال الحرب على الخلافة أثر فعّال. فى 
العراق نفسهء كانت هناك مطالبات لا تتوقف للتوافق على خليفة واحد 
يحكم 0 اتيحاء الحاضرة الإسلامية؛ وقد كان لكييت المأمون ولاء 
الولايات الأخرى.». بخاصّة المدن المقدسة فى الحجاز. مزية كبرى له فى 
صراعه الأوّل مع الأمين. ولكنّ العاطفة المتطلّعة إلى الوحدة لم تعد أمراً 
يمكن الاعتماد عليه. 


كان المأمون حاكماً قوياً؛ فقد تمكن من إخضاع الثورات التي قاومته 
بفضل حسن اختياره لقادته العسكريين. وقد استمرٌ المأمون في صراع 
عسكري دؤوب للسيطرة والسيادة؛ ولكنّه استهل إلى جوار ذلك عمليّة تهدف 
إلى إحكام القاعدة الدينيّة للإمبراطوريّة؛ ولم يكن ذلك إلا نشر أحد فهوم 
علماء الشريعة» الذي لن يتصادم أو يعارض سلطة الحكم الملكى المطلق . 


: حول القوات العربيّة والخراسانيّة فى ظل الدولة العباسيّة المبكرة» انظر مادّة‎ )١( 
عأقطصْتلد© عط" رططذ0 .1 .ى .11 مد .لع 294 ,نماك ره متوعهمماءسءاظ نهذ **بطوتؤوزط"“ بمعطة© علن هات‎ 
220 ,قتطماء120نط28) 5 هع |1 0 بز«0أادقط 4 ,.له بممغاع5 .784 طأعصمع كا :م1 **روء) 5162 طوعة عطا‎ 24: 
.مم ,1 .701 ,(1955 رووعع 73212 الإقموء8 01 211725117 لآ‎ 51-8. 
حيث يُشير جب إلى التغيّر فى نظرة الجند. ولكنّ الدراسة القارقة حول عهد المأمون تظل هى‎ 
دراسة فرانسيسكو غابريلى . انظر:‎ 


.(1929 ,اع لكقددل8 مها عدأ ٠"‏ :عتجاعآ) :ذال ' أاع ء :41-1441 ,تاعوطة0) معوعمم 2 آ 


كى2ق 


4م 


م٠١‎ 


م٠‎ 


م١‎ 


م 


1م 


81م 16م 


5م 
11م 
11م 


85 -ل/اام 


11م 


1/ 


41م 


الفتنة الرابعة: حروب المأمون 


وفاة هارون الرشيد» يصبح الأمين الخائقة انيه« الوفقةة لمكو" ينها 
يستأثر المأمون بخراسان. 

الأمين يعين ابنه موسى خليفة له من على منبر الجمعة» مما أثار سؤال مكان 
المأمون في نظام الخلافة بحسب ما تنصٌّ عليه «الوثيقة المكية" . 

المأمون يرفض الاستسلام» ويعلن تمرده عندما رفض المجيء إلى بغداد . 
يرسل الأمين جيشاً بقيادة على بن عيسى لمواجهة قوات المأمون بقيادة طاهر بن 
الحسين؛ يُقتّل علي؛ ويهزم طاهر الدفعة الثانية من الجيش الذي أرسله 
الأمين؛ إقليم الجبال تحت سيطرة قوات طاهر ؛ وسوريا في حالة اضطراب . 
الحسين بن علي [بن ماهان] يخلع الأمين لفترة وجيزة» ويبايع المأمون؛ يعود 
الأمين مجدداً لكن عساكر المأمون تحتل خوزستان؛ توكل بغداد إلى قادة 
المأمون» طاهر وهرثمة بن أعين . 

رجال طاهر يقتلون الخليفة عند سقوط بغداد؛ بعد أن كان هرثمة قد أعطاه الأمان. 
أبو السرايا ومحمد بن إبراهيم طباطبا يشعلان ثورة شيعية في الكوفة» يتم 
قمعها كن قبل أغردمة : 

يقتل هرثمة على يد وزير المأمون الفضل بن سهل . 

يحاول البغداديون إقناع منصور بن المهدي تنصيبٌ نفسه خليفة؛ لكنه يرفض . 
المأمون يجعل الشيعي علي الرضا («الإمام الثامن») وارثه» بناءًَ على مشورة 
وزيره العدل» لكن البغداديين وآخرين غيرهم في العراق يثورون؛ ومعهم 
أحد قادة المامون. 

بابك [الخرمي] يشعل ثورة اجتماعية ‏ دينية . 

البغداديون يبايعون إبراهيم» ابن آخر للمهدي؛ علي الرضا يحذر المأمون من خطورة 
الموقف؛ المأمون يشعر أن وزيره الفضل لم يكن مخلصاً لهء وهو ما بلغ الفضل . 
صرت هلان الريا؟ والفضل يُقتل» ربما بأمر من الخليفة؛ المأمون يتحرك 
غربا باتجاه بغداد. 

المأمون يدخل بغداد؛ الخليفة المنافس يستسلم؛ توجّب عليه بعد ذلك 
مواجهة ثورة الخوارج» والاضطراب في مختلف الأقاليم» وثورة بابك؛ 
تتعاظم قوّة طاهر من دون إمكانيّة عزله» يصبح تقريباً حاكماً مستقلاً على 
خراسان, القاتد الرئيس لقوات المأمون. 


(*) ذلك أن الرشيد قد أثبت صيغة الخلافة بين الأمين والمأمون في موسم الحجّ في وثيقة مغلّظة 
الأيمان» حلفوا بتطليق النساء وإعتاق العبيد وإنفاق الأموال إن انتهكوهاء وأشهد وزراءه وحاشيته عليها 
وعلقها في الكعبة (وبعد ثللاث سنين» ضمن الرشيد ابنه القاسم في الوثيقة كوليّ عهدٍ ثالث) (المترجم) . 


ك7 


كان المأمون صاحب عقل باحث ورصين.ء وهو ما دفعه ليجعل البلاط 
راعياً وداعماً للعلوم الطبيعيّة والفلسفة التي أسلفنا الحديث عنها. على 
المستوى السياسي. قادته صفاته هذه إلى سياسات دينيّة كان يمكن أن تؤدي 
إلى تدعيم المثال الإمبراطوري للبلاط بمؤسسات دينيّة رسميّة ومعترف بهاء 
يتحد المسلمون في ظلها قدر الإمكان. لا ندري ما إذا كان المأمون قد 
تصوّر في عقله النموذج الهرمي للكهنة المزديين» الذين مثّلوا سلطة اجتماعيّة 
موازنة للملكيّة الساسانيّة» ومكنوها بالتالي من تحقيق درجة عالية من 
الاستقلاليّة والاستمراريّة» ولكنّ جهود المأمون لو نجحت» كانت لتفضي 
اوداك لضام ولكن لم يكن أي من فرق علماء الشريعة - ومنهم المعتزلة 
الذين كان المأمون يفضلهم خا عدا للتخلي عن ل 10 أهل التقوى 
القديمة لصالح سلطة الخلافة» حتى لو كان ذلك في سبيل ضمان وحدة 
ا 


عقب الثورات الشيعيّة في العراق» حاول المأمون أن يمتصٌّ الحركة 
الشيعيّة ويسيطر عليها عبر تعيين إمام أهمٌ فرقها وارثأً وخليفة له. «علي 
الرضا». حفيد جعفر الصادق. فظرياء كان الك يواتن بمياضة 
المسلمين 000 ؛ فأهل السئة والجماعة يقبلون ريا بالوارث الذي يعبّنه 
الخليفة. على أن الشيعة قد أثبتوا عجزهم عن توفير قوّة حقيقيّة معتبرة» ومن 
ثم فإنَ استدارة المأمون نحو الشيعة قد زادت من حدّة مقاومة بغداد. ولكنّ 
عليّاً الرضا مات في الوقت المناسب [للمأمون» وربّما مسموما] في أثناء 
سعق الدافول لتهيذئة يغذاد: عبر جغلها غاضيعه من عدية. ولم يقم الخليفة 
بعد ذلك بأيْ محاولات أخرى لإدماج التيار الشيعي في نظام الحكم بشكل 
مباشرء على الرغم من استمراره في التأكيد على الاحترام الذي يكنه لعلي . 

اتخذ المأمون تدابير إضافيّة بهدف قمع حالة التحزّب بين الفرق الدينية . 
ومن دون رعاية مباشرة لأيّ مدرسة لاهوتيّة في حدّ ذاتهاء رفض المأمون 
الصيغ الأكثو تطرّفاً لأهل الحديث,. الذين تحؤلواء مع زيادة شعبيتهم في 
بغداد» إلى مجموعات حربيّة متشددة في معارضتها لكل مخالف لهمء بما 
فى ذلك الشيعة. فأحد أساتذة أهل السنة والجماعةء وهو [الحارث] 
المحاسبي» لم يعد يجرؤ على اللبرسى علا في العاصمة بعد إدانة ابن حنبل 
له. طلب المأمون من جميع القضاة الرسميين» ومن العلماء (ما أمكن) أن 


)م 


يرفضوا مقولات معيّنة من أقوال أهل الحديثء التي كان المعتزلة ينتقدونها 
من قبل (هم وجميع المتخصصين في عدم الكلام في ذلك الوقت)» ثم - 
ولكنّ ذلك كان يعني تبني موقف لاهوتي رسمي وفرض نوع من الوحدة 
الدينية على الجميع . وبقدر نجاحه في مسعاه هذاء لم يقتصر جهد المامون 
على مواجهة حالة التحرّب بين الفرق وتقليص القوّة العموميّة لأهل الحديث؛ 
بل إِنّْهِ بالعموم قد هيّأ المجال لظهور مؤسسات إسلاميّة أكثر خضوعا وأسهل 
انقياداً مما كان عليه معظم العلماء السابقين في معارضتهم الدينيّة للحكم 
الملكئ المطلق . 


ولكنّ هذا التدحل في الواقع قد زاد من حذة التحزّب والفِرقيّة. من بين 
جميع فرق معارضة أهل التقوى» كان المعتزلة أشدّ المدافعين المتحمسين 
عن الإسلام في مواجهة المخالفين من غير المسلمين. وربما كان المعتزلة 
لهذا السبب أكثر الفرق استعدادا لاستعمال الاستدلال العقلي في بناء 
مذهبهم ل مر الاعتماد على الأحاديث. كان المعتزلة هم من قاد الحملة 
ضدٌ المانويّة. وقد استمرّوا في مجابهة جميع التأثيرات غير الإسلاميّة التي 
تسرّبت إلى طبقة الموظفين والمسؤولين في الحكومة؛ ولكتهم قد وجّهوا 
انتباههم الآن. بمساعدة المأمون وبقيادة قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد. 
إلى ما بدا بأنه نزوع غير إسلامي داخل إسلام الشريعة نفسه. 


لم يكن العلماء المتخصصون في جمع الأحاديث ‏ الذين نطلق عليهم 
بالإجمال لقب أهل الحديث ‏ على علاقةٍ حسنة مع العباسيين» المنهمكين 
في شؤون الدنيا. إضافة إلى ذلك. فإن حماستهم الدينية الخاصة.». التي 
تمسّكوا بها في حيواتهم الخاصّة» قد باتت تؤسّس لاستقلالٍ شعوري عن 
دولة المسلمين القائمة؛ كما أنها في الوقت نفسه. قد أشعلت حماستهم 
لفرض مبادئ فرقتهم الخاصّة بأنفسهم حيثما استطاعوا من دون مراعاة للنظام 
السياسي العامٌ. 


كما بزأينا”سابقا ققد -عتريف هله الحماسة الديةة عق نمه فى المذهت 
الذي يماهي ويطابق بين القرآن والله: فكلمات القرآن التى يُردّدها المسلمون 
على ألسنتهم هي. بخلاف كل شيء آخر في العالم» «غيرٌ مخلوقة». كان هذا 


3 


المفهوم. الذي يؤكُْد على الصلة المباشرة بين القانون الإلهي والمؤمنين. 
مكانت] جذا لمفاهيم أهل الشريعة عن المساواة الاجتماعيّة والكرامة الفرديّة؛ 
ولكنه. وللأسباب نفسهاء ٠‏ لم يكن ملائماً للحكم الملكي المطلق. إن ما 
كرهه علماء المعتزلة (ورجال الكلام الآخرون) في هذا المذهب لم يكن 
بالدرجة الأولى الروح الفِرّقيّة المستقلّة التي يُعرّزهاء بل الغلط الس 
والمناقض للقرآن في هذا ار الذي يفضي إلى توثين القرآن وجعله 

عبطا ونا لله [في القدم]. والذي يقحم حالة من الغموض المستعصي في 
الإسلام؛ تخالف الروح المباشرة والقابلة للتعقّل في الإيمان. ولكنّ 
المأمون». لأههاب: فكرية وسياسية» كان متها <١‏ بسن قانون يجعل القائل بعدم 
خلق القرآن غير مسلم بحق. 1 

تمت إقاله العلماء المعارضين لللكونين ماضصييم العامة مه التي امتلأت 
بدلا منهم برجال المعتزلة (الذين رفض الكثيرون منهم أنضا أن يعرنوا) 
أنفسهم بالانتماء إلى النظام الحاكم). هكذاء أصبحت 21 الدوة للدولة 
معتمدةً في مصيرها على نتائج الجدل بين المعتزلة وأهل الحديث: ولكن. 
بما أن عامّة أهل المدن. بخاصّة بغدادء قد وقفوا فى وجه المعتزلة» كان 
اللكرمغتي قنام الأسناض: الديدن للدولة على عن فكرتة مخدود: بلالا مه 
الجاقي علي عامة الجماهير. وهو ما يعني المزيد من الانقسام وليس 
الوحدة . 


(1) إن دراسة دومينيك سوردلء دراسة جيّدة جداً حول سياسات المأمون. يركز سوردل على 
النزوعات الشيعيّة لبعض المعتزلة» ويميل إلى اعتبار السياسات الشيعيّة المبكرة والسياسات المعتزليّة 
المتأخرة صورتين تعبّران عن نفس الباعث» الذي يربطه بفريق الفلاسفة ‏ المعتزلة الشيعة في البلاط 
(الذي لا يُورد أسماء أفراده) مقيماً تقابلاً بين هذا الفريق والمُحدّئين. وهو يقترح بأنَ هذا الفريق من 
الفلاسفة ‏ المعتزلة الشيعة كان مُفضَّلاً من قبل البرامكة. فى حين كان الرشيد يحابى فريق أهل 
الحديث» وتبعه الأمين في ذلك (وإبراهيم). انظر: ١ ١‏ 

5 065 عئانا 120 ”,010300 21-113 35106ط26' عطم أده نال ع1816115أء: 201110116 هآ'' ,أع501010 100121210116 
.27-48 .مم ,(1962) 30 ١701.‏ ,ىء/ا15/077119 


إنني أرى بأنْ تحليلاته حول هذا الفريق من الفلاسفة ‏ المعتزلة الشيعة تحليلات مجانبة للصواب» 
وتميل إلى إسقاط رؤية تاريخيّة متأحرة على تلك الأزمنة التكوينية . يضف تموردل فوقت:أهل الحديثك 
الشعبيّ في بغداد انذاك بأنه أرثوذكسي»)» ويتحدث عن مذاهبه «التقليديّة  »20110831‏ وهو ما يجعله 
يخلط بين استعمالين مختلفين للكلمة - ويغيب عن نظره الدور الابتكاري الفرقي لهم؛ في حين أنه في 
المقابل يفترض بأنّ أولئك الذي كانوا يُسمّون «الزيديّة» قد امتلكوا مذهباً كاملاًء وهو ما لم يتم إلا مع 
[القاسم] الرسّي؟ ومن ثمّ فإنّه يفشل في فهم لماذا لم يكن الإمام الرضاء الذي لا وجه للاعتراض عليه - 


0182 


المعتصم : معضلة الجيش الشخصي 


ترك المأمون لأخيه المعتصم (الذي حكم مابين “8*7 817) 
الخلافةَ» وترك له معها خلافاته وجدالاته مع أهل الحديث. تابع المعتصم 
الخظ العام لسياسات أخيهء إِنْما بدرجة أقل من المبادرة والفعاليّة. على أنه 
قام بقطيعة كبيرة على مستوى السياسة العسكريّة. فإذا كان توحيد 
الإمبراطوريّة على أساس قاعدة مشتركة للسطة أهمّ المهمّات» فإن إحدى 
الوسائل الأساسيّة لتحقيق ذلك كانت تتمثل في منح السلطة المركزيّة 
الممثلة بالخليفة» قوَّةَ عسكريّة تابعة له مباشرة. مع الأسف. فإن تحقيق ذلك 
قد تم على حساب إضعاف الروابط القائمة بين سلطة الخلافة وعموم 
المسلمين؟؛ فقد بات حرس الخليفة الشخصي» الذي يتألف جله من العبيد 
المرتزقة. خافيها لقيادة أحد عبيد الخليفة ده 
مكانة يعترف بها المجتمع . كان من شأن هذه الخطوة أن تمنح الخليفة قدرا 
أكبر من الاستقلاليّة عن الخلافات الفِرّقيّة بين المسلمين» وبوجه أخصّ عن 
هيمنة القوات الخراسانيّة (التى ربّما باتت أكثر ولاءَ لقادتها الطاهريين شبه 
الاين ص لاني قليف ).كما نا حتفت لتمرس التكليفة ب لدف نات 
يتكوّن في غالبيّته من آلاف العبيد الأشدّاء حصراً ‏ التماسكٌ الداخلي المتين 
والقدرة على مواجهة المجتمع بالعمومء من دون مسؤوليّة تلزمهم تجاهه. 
فهؤلاء العبيد لم يكونوا عونا ولا تراد بل كانوا في الغالب من الترك 
الوافدين من سهوب وسط أوراسيا (المنطقة التي ظلّت مَظمَعاً لتجار العبيد 
ومُسترقيهم)» ولم يشعر هؤلاء بالتالي بأنهم مرتبطون بالسكان المحليين في 
العراق ولا في غيرها من الولايات. 


لْمَد أسهم السلوك العنيف. غير المسؤول. لحرس الخليفة الشخصي 
تجاه أهل بغداد في إجبار المعتصم على اتخاذ خطوة ثانية عززت من اغترابه 


- في مذهبهم مقبولاً بالنسية إليهم . ار ا الما اح باع ار عاد العام ا نبااي 
بين الفلاسفة - المعتزلة الشيعة (الذي لم يُوجد في الواقع الفعلي) : هو أنّ مآلات الاهتمامات الفكرية 
للبرامكة ثم المأمون نت تعس ندر الهلسنة رد تلم الكلدم نهاك من لون والتسامح 
مع أهل الذمّة من غير المسلمين (وانتباهُه إلى أن النزعة الشعبيّة والفِرّقيّة لأهل الحديث كانت تهدّد هذه 
السياسات). 


ااا 


وانعزاله عن مجموع المسلمين. فقد أسّس المعتصم مدينة أخرى: سامرّاءء 
وبناها (8757) على ضفة دجلة» مبتعدةً إلى الشمال من بغداد لتكون مركزاً 
للحكم. وظلت بغداد بطبيعة الحال هي المسيطرة على التجارة والعلم. أما 
في سامراءء فقد كان الخليفةء المحاط بحرسه من العبيد الترك. ملكا 
مطلقاًء إنما بات بعيداً عن العناصر الاجتماعيّة المهيمنة في الإمبراطورية. 


تزامنت وفاة المأمون مع وض الإمبراطوريّة حملة دفاعيّة ضدّ 
البيزنطيين. وقد تمكن المعتصم من تجديد الروح الهجوميّة التي سادت في 
زمن الرشيدء وتمكن من شنّ أكثر الحملات العسكريّة طموحاً منذ أيام 
الخرواتيين فى الأناضول: تمّ تحطيم شوكة أنقرة والاستهلاء على. عمورية؛ 
وتم إعداد العذة للبدء بحصار جديد للقسطنطينيّة» ولكنّ المشروع لم يكتمل 
بعد أن هّلك أسطول المسلمين في عاصفة شرسة. ولكن سرعان ما تم 
العحلى قرالا تاضول: والالسعاب ففها . .وقد كان ذل عير اخ الماثر 
عطي اللخارسة لذولة املق 


في هذه الأثناء. لم يُفلح مشروع تأسيس مؤسسات دينيّة مرتبطة 
بالحكومة؛ ولم يُكتب له التقدّم إلا خطواتٍ ضئيلة. على أن الشعور الدينيٌ 
الجداعي ادس عا بالطيع كلى ترك ريده امن لزيا لقا ان 
قاف ثويوة اباك [الخرمي]. ذات الطابع الريراني في أذربيجان» أن تصلب 
من موقف الرجال الذين يُعتقد بأنّهم يُكنون نوعاً من التعاطف الصريح 
التقاليد الإيرانيّة فى العاصمة. تحقّق الانتصار على بابك (8717) 0 يد 
الأنشيق ا[واسهه كدر ين كاوسن] التي كانه مناكما فارت] ورف اليفكم فن 
مقاطعةٍ تقع وراء نهر جيحون [وهي أشروسنة]ء ولكنه في الوقت نفسه كان 
قائداً كبيراً لدى الخليفة. دخل الأفشين في سام . ولكنه أخفى تعاطفه مع 
الثقافة الإيرانية القديمة؟ فرفض الختان مثلاًء زاعماً أن ما منعه من ذلك هو 
خوفه على صحّتهء كما أنه ظل على محبّته للكتب البهلويّة القديمة برسوماتها 
الملوّنة وزينتها المخصوصة. على هذا الأساس» تمككن أعداؤه في العاصمة 

من اتهامه بالخيانة» زاعمين بأنّه كان يتآمر سرأ مع بابك ضدّ المسلمين وضدّ 
و العروبية التي تشكل مادّة ا وقد لاحظواء على وجه خاص» 
أنه كان يسمح لأتباعه فين مقاطعته بأن يصفوه بألفاظ تأليهيّة» وهو موقف 
يتنافى مع الإسلام قطعا 


؟لالا . 


الخلفاء العباسيون 








0 ه94) 
0 8537) 
الواثق 
ود ا 0 00 
المستعين ي المعتز الموفق 
('كمى ‏ ككم) لكين عم) ا ؟كم) زككم- ككم) 0 الم 0 
55 -- 
(445- 
المكتفى لمقتدر 
(907-م © 0 2 58 7 2-5 ”"اة) 
المستكفي الراضي المتقي المطيع 
)95٠  99":5( )455- 545(‏ (450ة ‏ 445) (555ة ‏ كلاة) 


"ااا 


وقد استمات في الدفاع عن نفسهء مُشيراً إلى أنْ تلك الألقاب التي 
قبلها لنفسه استمراز للمفاهيم الشعبية السائدة بين سلالته. وليس في يده 
رفضها من دون أن يقوّض شرعيّة حكمه بين قومه (الذي كان يستعمله لخدمة 
الإسلام). وأنه لم يك يعنا تهذه المفاهيم. إلا أن هذه الحججح السياسية لم 
تهدئ من فورة جمهور المسلمين. وهكذاء نجح أعداؤه في مسعاهم. وحكم 
من بالموت .)865٠(‏ ثم تم تشويه جئته. كما هو عرف تلك 
الايام 


في النهاية تم إخماد الثورات المستمّرة منذ عهد المأمون. ومع حكم 
ابن المعتصم وخليفته» الواثق (8417 - 4)8417. لم تعد سلظة حكومة الخلافة 
(من حيث المبدأ) محل شك أو سؤال في الولايات المختلفة (اللهمء إِلّا إذا 
استثنينا الطرف الغربئّ الأقصى من حوض البحر الأبيض المتوسّط). ولكنّ 
موقع العبيد الأتراك في قلب الإمبراطوريّة قد ترسّخ واستحكم . 


تدهور عمليّة الريّ في السواد 

إلى جوار التراجع السياسي في مقدار الولاءات البشريّة لدولة الخلافة, 
خسرت بغداد بعد عصر المأمون قاعدة اقتصاديّة أساسيّة. كان الموقع 
الصا فين والتقافى اله كدي البقداد قد تأشن غلها. وغلى المدى تعد 
كان لهذا الفشل الاقتصادي تأثير هائل على الحكم المطلق لا يقل عن تأثير 
الفعل الساسى .الى لذ رفصل غنه بالصرورة 


كان إنتاج المنطقة الزراعيّة الغنيّة بين النهرين ‏ السواد ‏ قد بدأ يقل» لا 
في مردوده للحكومة وحسب» بل في ناتجه الإجماليّ أيضاً - يمكن القول 
بأنْ ذلك قد نجم جزئيّاً - على الأقل في حوض ديالى (المنطقة القريبة من 
بغداد) ‏ عن أسباب متراكمة تقع خارج قدرة الحكومة على السيطرة عليها . 
إذ يبدو بأن منسوب الأرض قد ارتفع بطريقة جعلت نهر ديالى يجري بسرعة 
نه لتجارزت سرع في يعضن لتحا اللقطة الخرجة» مرا 


(*) سجن ومات جوعاً ثم صلب وأحرقت جدّته ونثر رمادها في دجلة. يمكن الاطلاع على الخبر 
وعلى نصّ محاكمته في: غلام حسين صديقيء, الحركات الدينيّة في إيران في القرون الأولى» ترجمة 
نصير الكعبي (بيروت: المركز الأكاديمي للأبحاث» )3١1‏ (المترجم). 


اا 


يفيض النهر دورياً ويورّع الطمي على الأراضي من حوله. أصبح النهر يمشط 
قاعه ويجرفه» حتى انخفض مستواه عن الأرض المحيطة به. في البداية. 
مثّلت الضفاف المرتفعة للنهرء التي تشكلت من الطمي الفائض عنهء مشكلة 
هندسيّة طفيفة تعوق جر مياه النهر للريّ. ولكن» حين تعمّق قاع النهر 
واتخقض أكثر عن سكروف الل + أصحت المشكلة أكثر تعتيدا من سجاه 
تمهيد قنوات الري وتمهيد الضفاف المرتفعة. وهكذاء. بات على المهندسين 
أن يُحوّلوا مجاري قنوات الريّ بطرق مكلفة (بل إنهم في النهاية حاولوا 
رصف قاع النهر وتعبيده لمنع المزيد من الانجراف لقاعه). ولكن». على 
الرغم من كل هذه الاستثمارات المتزايدة» تناقصت مساحة الأراضي 
المزروعة. 


ولكنّ الأمر لم يقتصر على هذه التغيّرات الجيولوجيّة حي لم تقتصر 
هي الأخرى على حوض ديالى بالطبع). فمع عمليّة الريّ االمكثفة المستمرة 
منذ عهد أنوشروان على الأقل» ارتفعت نسب الملوحة فى أجزاء واسعة من 
نيوان العراقا(فتتهن التروية تستب في ارتداع ,نضوتث الفياه الحرفئة إلى 
درجة باتت المياه المالحة معها تقضى على جذور النباتات). وكان لا بد 
لعلاج ذلك من عمليّة طويلة من الإصلاح لتصريف هذه المياه» ثمّ استصلاح 
الأراضي من جديد. على أيَّ حال» مع بداية القرن العاشرء كان السواد يدر 
ناتجاً أقلّ بكثير مما كان عليه فى الأجيال السابقة. وكان أن وصل هذا 
الاتعدار إلى تقطد بات عا خاضيما لتسارعه الذاتون مل تكن لقوق :أن 
الأضيعطراك. العسكرى:تفيه قدنعا سق اترااجع متواره السكوقة » الملترفة 
بنفقات البلاط الباهظة؛ الأمر الذي أسهم أيضاً في مضاعفة أسباب 
المشكلة: في عام 977»: عندما تضرّرت قناة النهروان الرئيسة بسبب حركة 
الجنود في أثناء الاقتتال الداخلي بين القوى المتنافسة» لم يتمٌّ تدارك الأمر 
واسترجاعها بسرعة. فقد كف المهندسون عن محاولة الحفاظ على المستوى 
الزراعي القديم. وهكذا وصلت عمليات صيانة السواد إلى نقطةٍ بات تناقص 
العوائد والإيرادات معها أقلّ جدوى من الاستثمارات المودعة فيها. 

في مثل هذه الظروف» يمكن حتّى للمسؤولين المدنيين أن يتوقفوا عن 
محاولة الحفاظ على المعايير الإداريّة؛ فحين تهبّ ريح الفوضى وتضعف 
الروح المعنوية» تبرز الصعوبات الطبيعيّة عبر ميل المسؤولين لخفض 


نيف 


توقعاتهم حول ما شكل السبلوك البيزوتراطي المقبول؟ ويصبح الفساد. الذي 
هو خطر دوماء كن خطراً تاسوه وفتكا . 


ولكوةديها أن" النعة الساسية .والأكياء :2 السوا فك أصييدة معد 
على ,تعداد والمداق:الكبرئ:الأخرىء كان التدخل المركرى فبروريا إذا أريد 
لهذه المنطقة ألا تنحدر زراعيّاً إلى المستوى الذي كانت عليه فى حقبة الريّ 
غير المزكري ا اك لبها قبل |الأرمة:النباسانتة. لوقع المنادرات البساءة 
في موقع كاف يُؤهلها لاستعادة درجة معقولة من الازدهارء ذلك أن الأرض 
كانت تدار من المدن؛ ومن دون تدخحل مركزي كانت المنطقة توشك على 
السقوط في يد الرعاة» الذين كانوا وحدهم من يملكون البنية الاجتماعيّة 
القبليّة» والموارد البدويّة البديلة» التي تُمكنهم من الصمود في وجه ضغط 
المدن. في القرون التالية» لم يعد السواد مصدراً رئيساً للدخل المركزي في 
المنطقة» ولم يعد يُقدّم للحكومة المشرفة عليه إلا القليل من الموارد التي 
ساعد الحكومة المركزيّة على مواجهة حركات التمرّد والقلاقل الأخرى في 
أرعجاء الإمبراطورية. ولكن. لم يكن ثمة قاعدة اقتصادية بديلة متاحة على 
ذات الشاكلة: للاغبراطوركة:ذات البيروقراطية المركاثة » ولك تحمكة من 
الأسعن ارود كان على لاسر اطورية أن حم فاع افتعناة عام شعاد 
سلطتها. وهكذا ترافقت مشكلة الشرعية ال ا ال 
الاقتصادية» ومدى قدرة الاقتصاد على الاستمرار» وضاعفت كل تهنا أثان 
الأخرى. كا أن أزمة الثقة السياسكة» سني ضنغفة السيطرة المركرية 
واأتحها وا قاة ا مهدو »قن :سر عع ين لاط نانك الاقتض د . 


أزمة الحكم المطلق للخلافة 

قام الخليفة التالي للوائق» المتوكل (الذي حكم ما بين 841 - 811) 
بالتراجع عن السياسة الدينيّة التى تبناها المأمون والمعتصمء ولكن من دون 
أن يُمكنه ذلك من إعادة الإمبراطوريّة إلى ما كانت عليه من قوّة مهيب غير 
منحازة إلى :طرف إبان زمن الرشيد. ومع مرور الوقت. كانت القوّات التركية 


() درس عبد العزيز الدوري (وكل كتبه مهمّة)» التاريخ الاقتصاديّ في نهاية مرحلة الخلافة 
العليا في كتابه: تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع (بغداد: مطبعة المعارف. .)١940‏ 


| 4 


تدرك بأن اعتمادها على الخليفة وحده يعني اعتماد الخليفة عليها وحدها 
أيقا :. خاؤل. الخلناء تعويضن هذة النتائج, وموازنتها عبر إدخال عناصر إثنية 
أخرى في القوات». لتصبح القوات مزيجاً من فرق متنافسة يسهل السيطرة 
عليها . وهكذا فقد وُْضِع الترك في مواجهة العبيد الزنج والقوات الآتية من 
الولايات الغربيّة. ولكن إذا كانت قوّات الجنود مستقلّة اجتماعيا وقائمة 
بذاتهاء فإن قوتهم الجمعيّة ستعتمدء بالضرورة» على المجموعة القادرة على 
التسيّد بينهم» وستغدو هذه المجموعة قادرة على فرض اختياراتها على 
الخليفة وإجباره عليها من دون خوف من أي تدخل خارجى, ما دامت 
تمكنت من لجم منافسيها العسكريين وتخويفهم. لقد نجحت سياسة «فرّق 
تسد» في تحقيق أهداف الخليفة على المدى القصير»ء ولكنها في حال وقوع 
أيّ أزمة جدّية بين القرّات» كانت تؤدّي إلى اقتتال فصائلي مدمُّر ولا يمكن 
السيطرة عليه» وتجعل القادة في خضمّه أقل مسؤوليّة . 


جلس المتوكّل على العرش في المقام الأوّل برغبة الحرس الأتراك, 
وانشغل في حياته الخاصّة بالترف والسفاسف, مما شبّع نموّ بعض الجوانب 
الفنيّة - وهذه بالطبع إحدى وظائف الملك - إلا أن ذلك قد تم على حساب 
المسؤوليات الملكيّة (في يوم من أيام شربه» اشتهى المتوكّل أن يكون كل 
شىء باللون الأصفر: يرتدي الضيوف ملابس صفراءء أن تكون الجواري 
كترازاك» أنديكون الطعاء اضفر اللوةا قن :صحوة من الذعب» “كه يجب 
أن تكون المياه الجارية فى الحدائق مصبوغة بالزعفران الأصفر. ويبدو أن 
عن عبان لتر كد اعخطدا اذى اتقدين داتعت اق الممطدوية الفا فل ان 
صفرة المياه قبن أن مسكر الحلية اذ يُلاحظ شيئاً؛ فلما نفد الزعفران. 
أخذوا الثياب المعصفرة بالقصب ونقعوها فى المياه لتحافظ على اللون 
الأمدن نيبا ):. أما الساينة القنانه قفد أركك مد اهل الحديف لوطي : 
الذين ابتهجوا بنهاية محاولة دولة الخلافة السيطرةة على علماء أهل السئة 
والجماعة» ومارسوا ذ في الوقت نفسه اضطهاداً فعَالاً على خصومهم؛ فعانى 
المعتزلة من المهانة والاذلال: وهدمت فغايك الشيعة. واتسناقا مع المذهب 
القائل بعدم جواز إقامة الذميين أماكنَ جديدة للعبادة بعد الفتح الإسلامي. 
تم تدمير العديد من الكنائس والكس اليهودية 


طوال أربع عشرة سنة» لم تمتلك الحكومة سياسة إمبراطوريّة موحّدة. 


/ البلا 


)0 فقد ظهر إلى العلن مدى القوّة الجديدة. المقربة : من العرشء التي 
5 قوّة عسكرية كافية للتصرف : قام الجنود الترك العبيد باغتيال المتوكل 
سوا ١‏ من دون أن يجدوا من يعارضهم من أيّ قطاع من 


قطاعات المجتمع . 


تلت إدللة ا أعظم من الأزمة التي تلت موت الرشيد: في النهاية. 
ثبت بأن المطالب بوحدة المسلمين؛ التي صعدت منذ زمن معاوية واستمرّت 
حاضرة في كل أزمة» قد باتت هشّة وعاجزة. فخلال عشر سنوات (851 - 
تناوب على كرسي الخلافة في سامراء أربعة خلفاء» لم يجلس 
أحدهم على العرش إلا قليلاء حاول جميعهم عبثاً أن يتملّصوا من قبضة 
الجنود الأتراك» الذين نصّبوهم ثم خلعوهم كيفما شاؤوا. أوْلهم (المنتصرء 
وهو ابن المتوكل)» وقد وصم بأنه قاتل أبيه» وسرعان ما تم خلعه. ثم تلاه 
المهتدي. الذي غرف بين الناس كنموذج في النزاهة والاعتدال» وحاول 
بذلك كسب مكانة دينيّة وكسب دعم أعيان رعيّته وقد تمككن لعدّة أشهر من 
مقاومة الأزمة بشجاعته؛ إلا أنه قتل أيضاً في نهاية المطاف. كان جميعهم 
ضنقيعة : لأحيد الفصائل العسكرية» ومن ثم فإنهم كانوا خاضعين للقائد 
العسكريّ صاحب السلطة» الذي كان ينهب ثروات الدولة لصالح قواته 
وبالتالى يهيّيء لسقوظة مالءا واقتضاديًا .. أما الولاياتك المختلفة .فقد: تركت 
لتُدير نفسها عبر أجهزتها الخاصّة في تلك الفترة. 


تمكن الحاكم الفعليّ التالي لدولة الخلافة» الموقق [بالله] (حكم ما بين 
8١‏ 841) - أخو الخليفة المعتمد الذي لم يكن له من الخلافة إلا الاسم 
من فرض سلطته على القوات العسكريّة عبر مناورات سياسيّة عدّة وشيء 
من حسن الحظ. وبحكم امتلاكه شعبيّة جيّدة بين العباسيين في رأي 
البغداديين» تمكن من شقّ طريقه عبر سلسلة من الانتصارات العسكريّة 
بالصبر والتنظيم الجيّد. وقد واجه الثورات والحروب الأهلية من كل حدب 
وصوب. في الجهة الغربيّة» سمح الموفق للحاكم التركي على عنصرء 
أحمد بن طولونء» بالاستقلال عمليًا بمصر. بل وبضم سوريا تحت جناحه 
(لاحقا تسبّب ابن طولون بالمزيد من المتاعب للموفق عبر محاولته إقناع 
أخيه»: الخليفة الاسمي. بالهرب من الوصاية المفروضة عليه من الموفق 
واللجوء إليه والمكوث تحت حمايته» وقد احتاج الحاكم الفعلي إلى بعض 


"44 


الركت لحي لخدم الدسائس وإجهاضها. على أنه فضّل ألا يخلع أخاه الغادر. 
بل أن يحافظ على مظهر شرعيّة الخلافة). في الشمال» لم يتمكن الموفق 
من منع قيام دولة للشيعة الزيديّة في طبرستان» جنوب بحر قزوين. 


أما في الشرق» فقد عاد د سجستان يعقوب الصفار من قتاله على 
الجبهات بعد أن أصبح بطلاً شعبيّا . كان يعقوب يقود القوات العسكرية 
المحليّة فى مواجهة عصابات الخوارج في شرق إيران». الذين كانوا قد 
تحوّلوا إلى عصابات من الشطّارء ولم يعد لهم تأييد بين السكان المحليين» 
الذين كان الكثيرون منهم قد دخلوا في الإسلام وباتوا يشعرون بالخطر الذي 
يهدد نظام المسلمين. سرعان ما تمككن يعقوب من الاستئثار بحكم ولايته 
خلال الاضطرانات التى “تلت وفاة المتوكل» وكسي ثقة :كان المدن 
وحماست قن تأبيده» .وق كان ذلك عانذا حجري إلى العظايا التخصية النى 
كان يقدّمها كقاتد (يُقال بأن أوَّل ما جذب اهتمام العامّة نحوه هو براعته في 
إدارة عصابةٍ للصوص بنفسه). إضافة إلى سياسته الاجتماعيّة. وقد كان 
يعقوت: ابن لخرفة .وكان يقود القوات الس «ثالك تخليها من أبناة المدن؛ 
الذين لم تكن لهم ولاءات أرستقراطيّة على الإطلاق. وهكذا فقد عرف هو 
وخلفاؤه من عائلته بأنهم أقرب إلى مصالح الطبقات الدنيا من أهل المدن في 
مواجهة طبقة النبلاء من ملاك الأرضي. في هذه الحالة العامّة من عدم 
اليقين» كان يعقوب مقتنعاً بتوسيع دائرة سلطته وقوّته؛ فقاد رجاله ضدّ غير 
المسلمين عبر الجبال الشرقيّة» وتمكن في عام (8571) من السيطرة على 
جميع أراضي إيران» حيث يظهر بأنْ السكان لم يكرهوا قدومهء خاصة وأن 
قوّاته كانت تتحلى بدرجة عالية من الانضباط. ولم يتمكّن نظام الطاهريين 
الأرستقراطيّ من الصمود في وجهه. ولكنّ الموفق هزم يعقوب حين حاول 
الأخير تهديد العراق؛ وعلى الرغم من ذلك كان عليه أن يقبل احتفاظ 
يعقوب وأخيه عمرو بحكم مستقل لمعظم أجزاء إيران. 

تركزت جهود الموفق الكبرى على العراق لأهميّته الاقتصاديّة؛ فعلى 
الرغم من نقص إيراداته» إلا أنْ العراق لم يكن قد دخل بعد طوره الأخير 
من الانحدار. في الجنوبء. ثار العبيد الأفارقة». الذين كانوا يُسمّون 
ب«الزنج». والذين تمّ جلب العديد منهم للعمل في مناطق السباخ [ جمع 
سبخة وهي الأرض الملحية. وكان عليهم أن يزيلوا طبقة الملح لتظهر التربة 


4 //ا 


الصالحة للزراعة» ثم ينقلون الملح ليباع في المدن] على أطراف دجلة (في 
م 584 بقيادة قائد خارجيٌ [وهو علي بن محمد الورزنيني العلوي]. 
وامنسيوا دولتهم الخاصّة. التي قلبت الطاولة على الاسياد السابقين» 
فاستعبدت مالكي العبيد السابقين. تم نهب البصرة» ووقعت أجزاء كبيرة من 
جنوب العراق وخوزستان في أيديهم لبعض الوقت. وقد بنوا لأنفسهم 0 
حصينة [وسط فروع الأنهارء وهي مدينة المختارة» جنوب البصرة]ء مما 
أحوّج جنود الموفق إلى تقنيات خاصّة للوصول إليها. ولم يتم القضاء على 
هذه الثورة بشكل كامل إلا في عام ”887. 


على الرغم من كل 0 تمكن الموفق من استعادة شيء من القوّة 
والهدف لدولة الخلافة» إلا أنه لم يتمكن من تجاوز الضعف العميق الذي 
وم غيد المشر كال راك انيار بيات اجنها تزى بولية وى با لد 
المعتضد [بالله] (حكم ما بين 894١‏ -405) ويدي حفيدهء المكتفي [بالله] 
(حكم ما بين 907 -408). م د 
طولون غير مؤهل للحكم. كانت الموارد التي بقيت للسلطة المركزية كافية 
لتمدّ السلطة سيطرتها على كتلة من الولايات الممتدة من مصر في الغرب إلى 
فارس [المقاطعة] فى الشرق» ومن عُمان فى الجنوب إلى أرمينيا فى 
السمان تظلك: القووانت جلاهرة ص4 رولكة اسكوائفها طر مكنا ابطريقة آد 
بأخرى. وقد حافظت الولايات البعيدة في الشرق والغرب والجنوبء, التي 
كانت جزءاً من إمبراطوريّة الرشيد» على استقلال كامل ولم تساهم سوى 
بالقليل في دعم الإمبراطوريّة مالياًء لكنّها في الغالب اعترفت بسيادة 
الخليفة. كان فائض الونتاج المالي راك فى يداد (التي أصبحت عاصمة 
من جديد سنة 8697). ولكنّ الجند ظلوا يشكُلون عنصراً مستقلاً كامناً في 
السلطة. حتى في المركز. على الرغم من أنهم كانوا خاضعين لبعض الوقت 


لإدارة مدنية 5 


فشل ثورة الترامطة 
سواع عن كانت بغداد في يد الخليفة وبيروقراطيته المدنية أواحية 


كانت في يل الأتباع السك ردك والطغاة الطارئين» كان مركز 0 
السياسية في الحاضرة الإسلامية آخذاً فين الابتعاد عن بغداد؛ فقّد باتت 


كيدا 


المبادرة مرهونةٌ» أكثر وأكثرء بمن يستطيع عقد التحالفات بين العناصر 
المهيمنة فى الولايات المختلفة. 


مع نهاية القرن التاسع» بدأت حركات التمرّدء كتلك التي قام بها 
بابك» والتي تقوم على تقاليد وطنيّة قديمة» تفقد أهميّتها؛ وكذلك حصل 
الأمر ذاته مع ثورات الشيعة والخوارج التي كانت تحاول إصلاح دولة 
الخلافة من داخل طبقة الحكم المسلمة القديمة. لم تعد طبقة المسلمين 
الحاكمة ‏ التي تشعر بأنها انطلقت كطبقة للمسلمين ولو أنها تضمٌ العديد من 
المستويات الاجتماعيّة المختلفة ‏ ولا الطبقة القويّة من القيادة الوطنيّة السابقة 
على الإسلام؛ قوّة سياسيّة فاعلة: فجميع العناصر السياسيّة الرئيسة على 
جميع المستويات الفاعلة في المجتمع باتت :من المسلمير: ومن ثمء فعوضا 
عن الأشكال السابقة من الثورات» كانت الحركات الجديدة التي هاجمت 
سلطة الخلافة أو انتقصت منها تقوم في الغالب على كتل سكانيّة» يمكن 
القول بأنها كتل مسلمة ولكنّ أفكارها السياسيّة كانت مستمدَةً من مصالح 
وافتماعات أقل كتمولية وأقل تيلوراً وصقلاً من المصالح التي قد تهمّ مجتمع 
المسلمين ككل واحد. 


أصبحت الولايات؛ مثل سوريا ومصر وفارس» هي مركز الاهتمام وليس 
الإمبراطوريّة ككل. أيّاْ كانت العصبيّة وروح الجماعة السارية بين الكتّاب 
الإداريين في دولة الخلافة ككلء» فإنها لم تكن قويّة بما يكفي لتمنع طبقة 
الكتّاب المحليين من الانضمام إلى برجوازيّة المدن في ربط مصالحهم بحاكم 
محلي كفؤ وما يستتبع ذلك من أثر مباشر على مدنهم. وفي هذا السياق. لم 
تؤد طبقة ملاك الأراضي القديمة الذين لم يعودوا يمثلون القوّة العسكريّة في 
الإمبراطورية. والذين تمزّقت قوتهم بسبب سعي الإدارة لمنح الأراضي 
لأشخاص جدد ‏ سوى دور ضئيل . حين بات ابن طولون قادراً على حرمان 
بغداد من حصّتها من الضرائب» وبات يحتفظ بعائداتها عنده وينفقها على 
الأعمال العامة في مدن مصرء سر هذا النوع من التغيير السكان» وأفرحهم 
رؤية حاكمهم مستقلا . في ظل هذه الظروف» لم يكن ثمّة مقاومة شعبيّة في 
وجه الوالي المعيّن حين يخلع نير الخليفة عنه؛ بل كلما :ليوات شكذا مقا وامة 
حتى في وجه المغامرين العسكريّين الذين يقودون عناصر عسكريّة محليّة (البدو 
في الهلال الخصيب مثلاً) يُمكن لها أن تنتزع منصب الحاكم. 


5 


2, 


05/, 
1خ 
١١م‏ 


1م 
/81/ 
811 


/ام 


ىل 


11 


م 
م 


1: 


16 


نحو 6١‏ (؟) 


الدول والاآمارات اللاحقة: ضعف سيطرة الخليفة 


00 ا 





المرتفعات الايرانية والمنطقة الشمالية الشرقية 


الشيعة 0 يستقلون 0 1 أقاموا عاصمة في فاس . 


الأغالبة يستقلون (حتى 404)» العاصمة في القيروان, شنّوا 
فتدوماً على صقلية جنوب إيطاليا؛ أسلمة إفريقيا. 


الطاهريون (حتى لام ) . 
الصفاريون (حتى 408) ينتزعون معظم الأراضي من يد الطاهريين. 


الطولونيون (حتى 46 يتسلمون السلطة في مصر) ويتوسعون 


داخل سوريا. 
السامانيون (حتى144) يحكمون منطقة كبيرة لبعض الوقت. 
ويطورون ممارسات إدارية مهمة؛ ينحدر 0 من أسرة 
زرادشتية نبيلة؟ رعوا ثقافيًا الرازي والرودكي وابن سينا 
الشيعة الفاطميون يخلفون الأغالبة في إفريقيا. 
إعلان الخلافة في قرطبة . الشيعة الحمدانيون في الموصل (حتى 441). 


. | الشيعة البويهيون يستولون على شيراز. ؛ 
الإخشيديون (حتى 114) يعتلون السلطة في مصرء ويتوسعون 
داخل سوريا. 
الحمدانيون في حلب (حتى )»)١‏ يرعون الفارابي, 
الأصفهاني؛ والمتنبي. ' : 
الشيعة البويهيون يستولون على بغداد. 
السلاجقة الأتراك يدخلون منطقة بخارى ويعتنقون الإسلام. 


أصبحت الحركات الشيعيّة والخارجيّة القديمة مقصورة على المناطق 
المكلتة يا إن الكبحاد مه ند تسول إلى منطقة فعوولة سياس + :ذئ 
النهاية» نجحت الجهود المستمرّة الرامية إلى تأسيس حكم علوي محليّ في 
الحجاز إلى درجةٍ ما؛ ولكنّ انعكاس ذلك على الحركة الشيعيّة الواسعة 
ظلّ محدوداً؛ إذ إِنْ الحجاز لم يعد بؤرة اهتمام لأي حركة سياسيّة عامة. 
عن أن التشيّع كان يحظى بعدد كبير من الأتباع (بخاصّة بين البدو) في 
المناطق الوسطى والمركزيّة» التي كان الموفق يسعى إلى الحفاظ على 
سلطة دولة الخلافة فيها من خلال حملاته العسكرية. وقد كاد الاستياء من 
حكومة الخلافة المسرفة يؤول إلى رفض علماء أهل السنّة والجماعة لهاء 
وهم الذين كانوا قد عقدوا المساومة التاريخيّة معها. ولكنّ ذلك لم يكن 
يعني عادة إلا أن يكون بعض الحكام الميحليين وداعموهم شيعة في 
شعورهم الديني, من دون أن يقدّموا نرناقهها فاه ا ماي ١‏ عن 
ميؤاة.: 

غير أن حركة واحد قد مثلت استثناءً عن ذلك كلّه؛ ألا وهي الشيعة 
الإسماعيليّة. فقد أقامت برنامجها على إطار عمل إسلامي شامل» إنما لم 
يقم هذا الإطار على القاعدة التي يعترف بها قادة التقوى الإسلامية؛ بل 
اقترحت هذه الحركة استبدال نخبة سياسية ودينيّة جديدة بالقديمة» وأسست 
نفسها في سبيل هذه الغاية على الاستياء الذي عم جميع الطبقات. ومع 
انتشار العقيدة الإسماعيلية بفضل دعاتها الأبطال» كانت الأرض ممهدة 
لظهور ثورة شاملة. في نهاية القرن التاسع» اشتعلت ثورة إسماعيلية في 
الصحراء المتاخمة للعراق وسوريا تحت اسم «القرامطة» . 


حظي الثوار ببعض الدعم من الفلاحين (نقرأ عن طوائف الفلا جين 
المؤمنين بالوعود المهدوية التي تماهت مع القرامطة)؛ ولا بد أن الحركة 
اعتمدت بدرجة كبيرة على البدو الذين خاب أملهم منذ وقت طويل بدولة 
الخلافة. ويبدو أَنْ قيادة الثورة كانت متمدّنة وحظيت بدعم الطبقات الدنيا 
فن الميدن تارك عيده كبون من الشيان فى معيكرات الاهيما عبلعية. فى 
الصحراء» وشعروا هناك بأنّ طرق الحياة القديمة قد ذهبت بلا رجعة» وبأن 
الطبقات ذات الامتيازات قد سقطتء. وبأن العدالة الحقّة على وشك أن 
تعوة كر لنت مرارة هائلة لدى كلا الطرفين» وتم ارتكاب المجازر البشعة 


ينف 


التي ترافق الحروب الأهلية دوماً. نقرأ فى أحد الأخبار عن امرأة تقيّة ذهيت 
إلى معسكراك الصنحراء لاستدغاء ابتهاء :الل انضيم إلى المتمردينة :وقد 
فزعت الأم من الجوّ المتحدّي والمندفع في المعسكرات» ودرجة المساواة 
المطلقة» والرفض الواعي لأعراف المجتمع القائم:: والمطالبة الصارمة 
بالامتثال والانتظام بالمعايير الثوريّة الجديدة؛ وقد أظهر الابن المتحرّر 
صلابته وقسوته رافضاً الاعتراف بواجبات أمّه عليه؛ فتبرأت منه الأم وعادت 
مجللة باستنكار القرامطة وانتقادهم . 


استمرّت الحركة في تهديد الحكم العباسي في العراق عدّة سنوات. 
وكان يُمكن اتهام أي شيعي بالتواطؤ مع القرامطة» فيُسجن أو يُقتل. ولكن 
دولة الخلافة تمكنت من ردع هذا التهديد في نهاية المطاف؛ ذلك أنّْها كانت 
لا تزال قويّة بما يكفي لتحافظ على سيطرتها على الولايات المركزيّة. وقد 
كان هذا آخر الانتتصارات الكبرى للإمبراطوريّة. 


بعيداً عن ذلك بعض الشيء» ظهرت مجموعة تحمل أيضاً اسم 
«القرامطة» فى البحرين» التى كانت قد تكوّنت بالأصل حول مجموعة من 
القرق/الشيطتة الى اتسعيث :لعن الوقك على لأف )القض:ة الإسماعياية: 
بعد فشل ارك فلن الصحراء السوريّة» أسست هذه المجموعة جمهوريتها 
في مدن الواحات الواقعة شرق الجزيرة العربيّة. كان' الحكم في هذه الدولة 
أوليغارشيّاً [حكم الأقليّة]» وكانت الدولة تتدخّل بشكل مباشر لتحافظ على 
ظروف الازدهار والفرص الاقتصاديّة المتساوية في البلدات. تمّ تجاهل 
أشكال إسلام الشريعة وإن لم يتم قمعها. لم يتم إدماج الفلاحين في الدولة 
الجديدء وإِنّما اقتصر دورهم فيما يبدو على توفير الموارد لسكان المدن. 
أرسل هؤلاء القرامطة» لبعض الوقت» بعثات عسكريّة إلى المناطق البعيدة 
فى الجزيرة العربيّة والعراق (وأشهرها الحملة العسكريّة التي قصدت مكة 
وأخذت معها الحجر الأسود من الكعبة» فقّد اعتبر الاسماعيليُون بأن التبجيل 
الذي يُمنح للحجر الأسود نوع من الوثنيّة. لاحقاً تمّ إرجاع الحجر الأسود 
إلى مكانه). وقد جدّد هؤلاء بعض جوانب الثورة القرمطيّة وأهوالها. ولكن 
بعد عقود من الهدوء النسبيى» في القرن الحادي عشرء استعادت الشريعة 
مكانتها في البحرين وتمّ تدمير الأشكال الجمهوريّة» ربما بمساعدة الفلاحين 
والمزارعين. 


. 15 


الفاطميّون والسامانيون 

ددا ققدت الخلافة السبايقة سق الحناظ على بسيذار# عت سان 
ردت الداخليّة» باتت الولايات البعيدة تُنظم ودار كمجتمعات مسلمة 

مستقلّة. وهناك» على الأقل منذ موت المتوكّل» لم يعد سؤال تدخل السلطة 

المركزيّة مطروحاً» إذ بات يُمكن للدول أن تقوم على قاعدة أقلّ طموحاً من 
السعي وراء استعادة جميع أراضي دولة الخلافة. بل إن الحركة الإسماعيلية 
أيضاً كانت تركّز على مصالح الولايات التابعة لها . 

كافك القوزة الاسماغيلتة الأترن كيدا غن المركن» حنيتة كانت سلظة 
الخلافة قد كت عن التأثير. أما حركة القرامطة فى البادية فقد كانت مرتبطة 
تماسدر نقادة اماع مطاف دن ويا من همل تمان بتك ر نمك افده 
القئادة مرشتعها الخاض للامافةه الى .سوا أكانمن تسل اتعتاعيل قعل 
أم لا لم يكن يحظى بولاء جميع المجموعات الإسماعيليّة؛ بل إِنْ القرامطة 
فى البادية قد رفضوا الاعتراف بهء فكان عليه أن يتجه إلى مناطق أخرى . 
وتدرهنا وهاه له الأرفكة :فى كل فن السين والجة ودين سكووا مين 
كسب دعم إحدى الكتل القبليّة البربريّة الرئيسة (قبيلة صنهاجة) في الجزء 
الداخلي من الجزائر الحديثة» وقد تمكن من السفر إلى هناك بمشقّة وزعم 
بأنه هو الخليفة الحقٌّء وسمى نفسه المهدي - بكل ما يحمله هذا الاسم من 
دلالات أخرويّة. في عام 404؛ فأوجد ما أطلق عليه السلالة الفاطميّة 
نسبة إلى ابنة النبيّ التي ينحدر نسبه منها. وقبل أن تنطفئ الحماسة» نجح 
المهدي في الإطاحة بالخوارج الإباضية في تهرت [تيارت] وبحكم الأغالبة 
في شرقي المغرب . 

ندال الله البجدية أذ يرز( رسمان عن يمشن نواه لكان دمرة 
في توقعاتهم الأخرويّة. وتحالف بالمقابل مع المدن التجاريّة الساحليّة عبر 
نقل عاصمة شرق المغرب من القيروان» الواقعة على تقاطع الطرق 
الصحراويّة. إلى مدينة المهديّة» الساحليّة. يتبذى هذا التغيّر في المزاج العام 
من خلال عمل القاضي نعمان [بن حيون]؛ الفقيه المالكي السابق الذي 
تحوّل إلى الإسماعيليّة وأسس نظاماً فقهيا شرعياً مفصّلاًء يقوم على أساس 
المدرسة التي تنسب نفسها إلى جعفر الصادقء. لتزويد السلالة الجديدة 
بمادّتها القانونيّة الخاصّة. وقد فسّرت السلالة الجديدة بأنّ العمل الأخروي 


/ظك, 


للمهدي في إخضاع العالم سيتوزّع على حكام هذه السلالة؛ وفي هذه الأثناء 
يجب على الدولة أن تعمل بالمجمل مثلما تعمل أي دولة أخرى للمسلمين. 
قاوم المهدي وابنه (الذي أطلق عليه اسم أخروتاً آخرء وهو القائم» وقد 
حكم ما بين 474 455) ثورات الخوارج البربر القويّة» التي حصرت قّة 
الإسماعيليين لبعض الوقت في عاصمتهم البحريّة الجديدة؛ ولكنهم تمكنوا 
من كسب دعم كافيٍ من المدن للحفاظ على تنظيمهم سليماً ولهزيمة البربر. 
ومع قوات البربر الموالية لهمء ؛ تمكنوا من السيطرة على جميع الساحل 
المغربي. فأخضعوا حكام الأدارسة في المدن المغربية. ولكنهم لم يعبروا 
إلن إسيانياء التي بقيت مستقلّة تحت حكم الأمراء الأمويين. وبقوّتهم 
البحرية التي حلفت قوؤة قوّة الأغالبت البحريّة» ورث الفاطميون الموقع الذي 
حظي به المسلمون في صقلية» وأصبحت مدينة المهديّة عاصمة تجاريّة كبرى 
في البعر الأبيضن لحري 


في نفس الوقت الذي سقطت فيه الأراضي التابعة للأغالبة في يد 
السلالة الفاطميّة» سقطت الأراضي التابعة للطاهريين في يد حكام العائلة 
السامانيّة» التي كانت أكثر القوى الصاعدة ولاءً أو احتراماً على الأقل 
للخلافة. وقد تمكن حكام بخارى وسمرقند في حوض نهر زرافشان شمال 
نهر جيحون (الذين بدؤوا حكمهم في 870)» تمكنوا في عام ”407 (بقيادة 
إسماعيل بن نصر) من السيطرة على خراسان وانتزاعها من يد الدولة 
الصفاريّة. في النهاية» فإِنْ القوة الاجتماعيّة تكمن بيد من يستطيعون تجميع 
القوى الاجتماعيّة» التى كان الصفاريّون قد استبعدوها وتجاهلوها. اضطر 
الصفاريّون للعودة إلى موطنهم في سيستان [سجستان]ء حيث كانوا قادرين 
على الحفاظ على سلطتهم محلياً لأجيال عديدة. تألّفت الدولة السامانيّة إذا 
من المناطق الواقعة شمال شرق إيران وحوضي نهري سيحون وجيحود (وهي 
أراض شاسعة)» ولكنّها كانت تتألف بالغالبيّة من السكان الفرس وتحظى 
بأرستقراطيّة مشتركة وبتقاليد عسكريّة. شعر الدهاقنة [جمع دهقان]. وهم 
طبقة السادة من ملاك الأرضء بأنْ الدولة دولتهمء وأنْ قيادتها الوطنيّة 
تمثلهم. ومن ثم فقد دافعوا عنها في وجه قبائتل الترك البدويّة. لقد اصطبغت 
الطبقة الأرستقراطيّة كلها في شمال شرق إيران بهذا الصراع مع البدوء فقد 
كانوا معرّضين لهجوم البدو على طول المنطقة القاحلة التي تمتد على 


. 5 


مسافات شاسعة. وقد تم تعريف هذا الصراع على أنه دفاع عن الإسلام وعن 
النزعة الإيرانيّة في آنِ معاً. تحت حكم نصر الثاني (الذي حكم ما بين 11 
457)» تمككن السامانيّون من جلب السلام والازدهارء أقترح: ليس إلى 
منطقة حوض جيحون وخراسان وحسبء. بل إلى المناطق الغربية من إيران 
أيضاً . 

في داخل أراضيهم. حافظ السامانيُون على البنية البيروقراطية للخلافة 
كما هي» مع القليل من التعديلات التي تتناسب مع ممارساتهم المحليّة؛ 
فقد كانوا رعاة متنئوّرين للثقافة الأدبيّة فى كل من اللغتين العربيّة 
والفارسية. وفي ظل حكمهم2. وجد الأدب العربيٌ موطناً للتجدّد والتطوّر» 
لا يقلّ عما وجده في بغداد. وفي ظلّ حكمهم أيضاً. أصبحت فارسيّة 
المسلمينء. التى تبناها الدهاقنة» لغة معتادةة للأدب. وعلى خلاف الدولة 
الصفارية, التي لم تتحالف مع العناصر الأرستقراطيّة في سيستان» تمسّك 
السامانيّون بامتيازات الطبقة العلياء ولاقوا في مقابل ذلك مدح الطبقات 
المتعلمة وتمجيدها. 


أما في الأراضي التي بقيت تابعة لحكومة الخلافة في بغداد» فنجد على 
العكس من ذلك بأنْ الحكومة الجيّدة ‏ إن ونسدك ء اكانك :ل ترال معتمدة 
علق فذة الخلتة وسلطف» وهو اكات خنع ويضعفه تدريحعاءنن ننه 
مراحل تنصيب الخليفة بعد وفاة المكتفي (408)» يُقال بأنّ رجال البلاط 
الطموحين كان يُفضّلون صعود صبىّ صغير إلى الحكم» يسهل التحكم به. 
عوضا عن صعود رجل قويّ يمتلك أفكاره الخاصّة (كان المرشح للخلافة 
انذاك هبق اين المععر» الشباعر والتاقد الآذبي):. فالصبى» المتعدن» كان 
مُناسباً لتحقيق آمالهم العاجلة والقريبة. على أنَّ خلافته (التي امتدت ما بين 
4- ”4"5) كانت تكراراً لخلافة المتوكّلء بلا أهداف واضحة ولا 
سياسيات جيّدة» ولو على نطاق أقل مما كانت عليه خلافة المتوكّل. ولكنّ 
دولة الخلافة الآن لم تكن تحتمل صعود حاكم ضعيف . 


الانهيار 


هذه المرّة لم يعد من الممكن استعادة الدولة. فإضافة إلى أن الجيش 
كان من دون جذور اجتماعيّة» كانت الشؤون الماليّة للدولة محكومة من قبل 


ىما 


القخخار الأترياء الكبان (وكثيرا ها كانوا من الشتيعة) الذين كاتوا تيتسين »بزيادة 
ربحهم الشخصيء بدلاً من أن تكون ماليّة الدولة في يد أرستقراطيّة مستقلة 
أو بيد البيروقراطيّة الراسخة» اللتين تمتلكان عادةً مصلحة في استقرار 
الحكم. ويبدو بأن ما بقي من الأستقراطيّة الساسانية القديمة قد أصبح ٍ أكثر 
العطدانا إلى نموذج الحكام المحليين. أما بلاط المقتدر فقد كان غارقاً في 
الإسراف والتبذير. في ظل هذه الظروف. كانت النتيجة هي سوء الإدارة 
المالية» وهو ما انتهى إلى مشكلات مزمنة فى قدرة الدولة على التزويد 
المالى: .وسيق أذئ ذلك إلى تأخر دقع مستحقات الجثد يشكل مسعمة: 
وصل الحال إلى فقدان الانضباط العسكري. مع نهاية حكم المقتدرء كانت 
الدولة قد وصلت إلى حد الإفلاسن. في الوقت نفسه» انكمشت سلطة بغداد 
حتى في الولايات القريبة منها بشكل سريع. بعد وفاة المقتدر (الذي تمّ على 
يِل أفضل قادته» مؤنس [الخادم]ء وعلى كره منهء وهو الذي ثار عليه في 
سبيل الحفاظ على دولة الخلافة)» كان ما بقي من إمبراطوريّة الخلافة آيلا 
للسقوط السريع 


ما بين عامي 7١‏ وه450. تناوب أربعة خلفاء على على الحكم. وكان كل 
واحد منهم خاضعاً لرحمة الفصيل العسكري الذي نصّبه خليفة. بات القائد 
العسكريّ الأقوى مُلقّبا بلقب «أمير الأمراء»ع وكان يحظى بسلطة هائلة في 
الدولة؛ وتخلّى الخليفة عن أي دور إداري مباشرء محافظأً على وظائف 
رمزيّة وحضور شكليٌ في المراسم. ولكن سرعان ما باتت حكومة بغداد. 
التي اغتصبها الجند» تحكم مساحة أكبر من العراق بقليل. فالأراضي 
الواسعة التي ورثها ادر قد أصبحت مقسّمة بين القوى العسكريّة» التي 
لم تكن تحمل حسّاً بالمسؤوليّة يوازي حبّى ما يحمله حكام الولايات 
البعيدة في الشرق والغرب. وسادت قوّة الشيعة» بصورة أقل مشهديّة وأقل 
طموحاً من حالة الإسماعيليين» وبدأت لبعض الوقت تهيمن على شؤون 
الإمبراطور ب 

منذ عام 17 أسّس الزيديّة الشيعة حكمهم في اليمن 2 ولكتهم امو 
تعيدَي اا عن مركز الخلافة. مثل الإسماعيلية في المغرب. أما في 
المناطق القريبة من المركزء فقد حكم الحمدانيُون ‏ قادة التجمعات القبليّة 
البدويّة ‏ الموصل في الجزيرة منذ عام 405» وذلك قبل نهاية حكم 


٠. 


المقتدر» وأصبحوا مستقلّين تماماً. كان الحمدانيّون شيعة» مثل معظم البدو 
الشماليين في ذلك الوقتء. مع بعض الميل إلى النصيريّة» ولكنّ قوتهم 
الأساسيّة كانت مستمدّة من موقعهم كزعماء محترمين بين البدوء. الذين كانوا 
يحرصون على رضاهم. منذ عام 955», حَكم أحد فروع العائلة مدينة حلب . 
وهناك» كان عليهم أن يحملوا عبئاً كبيراً أمام المسلمين في مواجهة التقدّم 
العسكري البيزنطي الجديد (وهي المحاولة الوحيدة التي قام بها غير 
المسلمين بمهاجمة أراضي الخلافة خلال حقبة ضعف السلطة المركزية). 
استعاد البيزنطيون صقلية وأجزاء كبيرة من المرتفعات الشرقيّة فى الأناضول» 
وتقدّموا شيئاً ما فى سوريا؛ وعندها تقاطر الغزاة المتطوّعون من كل مكان 
للمشاركة فى هذه الحرب المقدسة ووقف الكارثة. اجتذب سيف الدولة» 
الحاكم الأشهر للحمدانيين» الشعراء والعلماء إلى حلب: فقد كان راعياً 
للمتنبي وللفارابي. ولكئه كان أقل نجاحا في حروبه ضد البيزنطيين» التي لم 
يلقّ خلالها سوى القليل من الدعم الرسمىّ من دول الملمين الاخرى»: ولم 
يتمكن من إنقاذ أنطاكية. ولكنّ الشعراء مدحوا شجاعته على الرغم من 
ذلك. وقد اشتهر سيف الدولة بفضل هذه القصائد كما لو أنه قد دحر 
العدو. 

و 


بحلول عام 458. في المناطق الجنوبيّة من بحر قزوين؛ أسس 
الزياريّون» القادة العسكريّون» دولة مستقلّة» وبدؤوا بالاستحواذ على الحكم 
في عراق العجم أيضاً. ومن بين جنودهم المنحدرين من منطقة الديلم» وهي 
منطقة صغيرة ولكنها منيعة في المرتفعات الوعرة المحاذية لبحر قزوين. 
تمكن ثلاثة إخوة من بني بويه من الصعود إلى الرياسة» وسرعان ما أعلنوا 
استقلالهم عن الزياريين وعن الخلافة معاً. وبحلول عام 2375 باتوا 
يسيطرون على الجزء الأكبر من غرب إيران على الرغم من أنّهمء مثل 
الحمدانيين» كانوا مضطرين في حكمهم لمراعاة رضا رجالهم من الجنود 
المكتر فين فق الديلى ولاحمقا من ولد الثرك. كان البويهيون شيعة أرضاًء 
كمعظم سكان الديلم (وقد دخلوا في الإسلام في الغالب عن طريق الثوار 
الشيعة الذين كانوا يتحصّنون في جبالهم). كان البويهيّون ميالين إلى الاثني 
عشريّة» ولكنهم لم يحصروا أنفسهم بمذهبهم؛ وقد منحوا الأعياد 
والمناسبات الشيفة مكانة رسميّة في أثناء حكمهم . 


4 


لم يصعد نجم البويهيين» مثل الطاهريين والطولونيين» كولاة مُعيّنِين بشكل 
اعتيادي, وإنما كمرتزقة/ متعاقدين يملؤون الفراغ السياسي؛ ولم تكن تربطهم 
أي قيود أو روابط خاصّة مع حكومة الخليفة. ولكنهم. كل الحيداسين الم 

يحاولوا أن يستبدلوا بالخليفة أي شخصيّة أخرى : : وكل ما قاموا به هو أنهم 
الظلوا سلظة ا مكلداء الشعدة فى لان مع )الى بطو هليه . وقد حاولوا 
ضمان استمرار إدارة دولة الخلافة» إنْما بأسط شكل ممكن . 


كانت مصر قد عادت إلى السلطة المركزية. بوجه الع ومين في عام 
0 أثناء حكم المقتدرء ولكن في عام نيك الوالي الذي عينه 
الخليفة ‏ وهو فائد ينحدر من دولة زا لمر تهون لكان 1 شين جاالة 
قويّ بما يكفي إلى درجةٍ يصعب معها استبداله. وهكذا فقد حكم مصر على 
نحو مستقل» وضمٌّ اليه جعرء | جرخ اسودزديا (وفي البداية قام بمواجهة البيزنطيين 
شكل أكثر تجاه سما قعل ست الندولة) : وقد حكم أبناؤه من بعده ولكن 
بشكل اسمي تحت وصاية كافورء الذي كان في الأصل عبداً زنجياً مخصياً . 
وبعد موت كافورء أمكن للفاطميين في المهديّة أن يُحقّقوا حلمهم القديم 
بالاستيلاء على مصر. 

لقد فشل أنصار الحكم الملكي المطلق في بناء بنية للسلطة قادرة على 
الحياة» حين سمحوا لهيبة الخلافة وسلطتها أن تتبددا جيلاً بعد جيل. ولم 
يكن علماء الشريعة قادرين على تقديم نظام سياسي مستقرء سواء بالتعاون 
مع الدولة في ظل حكم المأمون والمعتصم أو بالاستقلال الذي تمتّعوا به 
عنها بعد ذلك. ولكنّ الانهيار والأفول هنا لم يلحق بسلطة الخلافة ومكانتها 
وحسبء بل بالتقليد الملكي برمّته» الذي بدأ قبل الإسلام بوقت طويل. لقد 
بات تراث الحكم المطلق الإيراني ‏ السامي بأكمله تحت المُساءلة» وبات 
فعلفاً دوق أننيحظى ‏ بمناصير له أن يبديل .عند . 


(:) لوعنانئاله2 عط :دلأعدططة' لزأند عطا 12062 صهذاذ1 220 العصتصعء ه60" ,ط6ز0 .2 الى .لآ 
1م[ 2-14[ ,ع«لاهطده 5 02 عننوه0011) :«نهاك'! 0 :110 <1080ظ شط :3 656265]ص ؟عأمدم **,22ذ 15 ذه عدصة1ا60) 
115-17 .مم ,(1961 ,ععصةءعط عل 21761512115 لآ 5عوو5ء21 :262115) 1959 


حيث يقترح بأن فشل دولة العباسيين في الحفاظ على نفسها لمدى زمنيّ طويل كما فحل 
الساسانيون مردذه إلى الضعف النسبي للطبقات الزراعية في الدولة العباسية. حيث تطوّرت البيروقراطية 
والجيش والمؤسسات الدينية في استقلالٍ نسبي عن المَلكيّة. وقد تتبئعت بعض خيوط فكرته هنا (كما أن 
دراسته تُشير إلى الانتشار الواسع لمشاعر الولاء العلويّ في تلك الفترة) . 


7١1 


في عام 4405». تمكن أحد القادة البويهيين ‏ وكان أخواه يحكمان 
المرتفعات الإيرانيّة الغربيّة المطلة على العراق ‏ من احتلال بغداد. وعلى 
الرغم من تشيّعه» اتخذ القائد البويهي في بغداد (معرّ الدولة) لقب أمير 
الأمراءء واعترف بالمكانة النظرية للخلفاء العباسيين» الذين احتفظوا ببلاطهم 
وبسلطة محليّة معقولة. ولكن العراق كان قد أصبح مجرّد ولاية تابعة للسلطة 
البويهية الجديدة. لقد توقفت دولة الخلافة عن الوجود كإمبراطورية مستقلة. 


79١ 


مراجع مختارة للتوسشع 


تم تقسيم الأعمال التالية بناء على موضوعاتها على نحو يُقابل جزثياً 
ولفين كلا فصول هذا الكتاب. لم أسع م للكمال في هذا الضنددء وإنما كان 


اختياري للكتب متوافقاً مع ما أجد عندي من ملاحظات بخصوصه. وقل 

خاولت أن اشير إلى الأعمال التي تشكل نقاط انطالاق مفيدة للراغبين في 
تتبع المسائل في حقل معين بمزيد من التفصيل. في العديد من الموضوعات 
التفصيلية. ٠‏ علقت على المراجع في مواضعها في هوامش الكتاب. إن افاقية 
المراجع هذه لا:تشمل. جميع الأغمال الى انتشهدت بها في الكتات. .على 
القارئ أن يعود إلى قائمة مراجع سوفاجيه ‏ كاهن (والمُشار إليها أدناه) قبل 
التوسّع في القراءات الإضافية 


أعمال مرجعيّة عامّة 

ر(1954-1966 ,للقظ .ل .8 :معلاع.]) .له 2984 1171 07 02016مملع نظ 176 
التي ظهر منها عاد اهنا الأوّلان وبعص الكراريسن [وقد استمر العمل على إعدادها 
بين عامى 6 _ 25٠١٠0‏ وندا العمل على الطبعة الثالثة منذ /ا١١١5].‏ يعد 
موادّها نخبة من علماء الإسلاميّات. وكل مادّة فيها تحوي ثبتاً للمراجعم. وهي 
تمثل المرجع العامً الأساس لأيّ موضوع مرتبط بالإسلام أو بالحضارة 
الإسلاماتيّة» بخاصّة في الأزمنة ما قبل الحديثة. للاطلاع على مواد تتناول الدين 
والقانون» والتي لم تغط في الطبعة الثانية بعدء انظر النسخة المختصرة من: 


1.1 220 156 .1 .خط همالتمسة1آ1 بوط 4عاتلع ,«نهاك]1 كه منولعهمماء نوعط مع 5101 116 
و(1953 مالظ .ل .8 بمعلاعآ) ومع صنو1 


بذث 


التي تم تحديثهاء بخاصّة في فائمة مراجعهاء. من المقاللات المختارة من الطبعة 
الأو لى هن دائرة ة المعارذ ف الإسلامية (1913-1938 ,النوظ) مانا زه منفعممماءسبص. 
في أربعة مجلدات وبعض الملاحق؛ وضحح أنها تقادمت الآن. ولكنها 0 
مهمّة بحكم وجود بعض المواد التي لم تُدحَل في الطبعة الثانية ولا في دائرة 
المعارف الاسلاميّة المختصرة. ١‏ 


رع21251108)) علضاكاهه10 .1 بإ لعغتلء ,دعاممعءط ««ناساة عط زه كها)4 أمعتءمائةي 2 - 
(1957 رؤوعع (61516 1زم نآ 1132730 :ركز 


وهو الأطلس التاريخي العام الوحيد في هذا المجال. على ما ينقصه من ملاحق 
وافتقاره إلى التفاصيل التاريخيّة وحاجته إلى المراجعة وإضافة الخرائط وبعض 
التطويرات في المراحل ما قبل الحديثة المتأخرة. 


-21لا ومغععمء2 :13 بممأععماءط) برمماكاط عننجهاك] زه كها)4 ,112220 .الا برممح1ة 
.1951 رووععط بإأزوموع7؟ 


دراسة هازارد أساسية حول التغيّرات في توازن القوّة بين المسلمين والمسيحيين 
فى عموم مبطنة سه |1 عن الفدريية قرناً بقرك» وهضي تحويي بعضصس 
المعلومات العامة حول الظروف السياسية فى العديد من المناطق فى كل فرن». 
ولكنها لا تتناول ما يقع شرق إيران أو في الشمال والجنوب البعيدين. من 
المأمول أن يصدر أطلس أفضل فى الطبعة الجديدة من دائرة المعارف الاسلاميّة 

ومن الممكن الاطلاع على بعضص الخرائط المفيدة في كتاب جاي لي سترانح . 
أراضي الخلافة الشرقبّة: بلاد ما بين النهرين» فارس وآشيا الوسطى: من فتوحات 
المسلمين إلى عصر تيمور :7016مناه0 «معاكمط ١16‏ زه كفائها ,ععههنا5 عآ .0 
١0 ][7© 111:6 0[‏ ]007105 405/26[ 1/16 0771ل ه451 أهعاترء 0 لنره ,وتاكدهء2آ ,1:12تهاممود»ء 114 
(1930 ,ؤوعع2 لإاأومع انهلا عع لل طسقت :]8 ,عولقطسمن) عمق الذي يُغْطى منطقة 
الأناضول أيضاً. كما تتوفر بعض الخرائط في الموادٌ ذات الصلة في دائرة 
المعارف الإسلاميّة. وفى كتاب زامبار /ء #نهملهء62 عل اعنهكة ,عنوطتصمة عل .8 
لعأسرمعع ,1927 ,1ع /امصضقلط ,عكتهكلمآ .11) «بماكا'| علء:1ماكنط'| علامم عنعها0«ه:01) عل 
(1953» الذي يحوي جداول موسّعة لسلاسل الحكام. كما تتوفر بعض الخرائط 
فى الأعمال الثانويّة العامة المُشار إليها أدناه. 


قور بورزورث» السلالاات العربية ة الحاكمة: دليل مرجعي في التاريخ والأنساب 
[وقد تُرجم إلى العربيّة] ه :دءناكمسبرط عننجهاكط 7116 ,طاءهوه8 .8 لعمكانات 


إازوع2عل0لآ طوعتاطمتل (طععدطمتلط) عاممطلممط لمءنوماءءمء) 0س لمعنومام دهعل 
(1967 ,228255 وهو يحوي مللاحظات مختصرة حول الأحداث السياسية التي نرت 
على سلالات المسلمين المهمّة من غرب البحر الأبيض المتوسّط إلى المنطقة 


. 148 


الهنديّة» كما يضمٌ قوائم بحكامها. وقد حل هذا الكتاب محل عمل ستانلي لين 
بول. سلالات المحمديين الحاكمة :2ه77:404جه/740 +77 ,ع1هه0-عممآ لإعلصها5 
(1925 ركقعة2 0عأاسلرمعء :1893 رع[طهاكهم060) :2002م.آ[) ...د112ثك4 ترط على أن الأخير 
يحوي رسومات تفصيليّة لسلاسل النسب. كما أنْ عمل زامبار المشار إليه أعلاه. 
على الرغم من حاجته إلى بعض التصحيحات» يظل أساسياً . 


ببليوغرافيات 


6 0 0111126110:15) 1176 071 800/5 /0 أكقط اعه[56 4 ,.0هء 5هؤ12065آ1 .8 .0 .له .خا - 
.(1955 رؤووع21 1511(9ع015لا 01010 :011لا بت [1) ]بره 071 


وهو مرجع مفيد للقراءة العامة. تسرد الأقسام المخصصة للعالم الإسلامي 
(والهند) قائمة بأفضل الكتب المكتوبة بالإنكليزيّة حول معظم جوانب 
الحضارة الإسلاماتية. بما شق ذلك جملة من الترجمات المنقولة. 


011 لا بتاءع[1) و تمنو ةاع1 أمء0©7 176 10 011106 5 120067 4 ,.0» ,نلتقلكة .ل 5ه[ 71قط) 2 - 
(1965 رووعع2 ععم2 ع [آ' 


وفيه فصل ممتاز عن الإسلام يضم بعض التطويرات الحديثة . 
-4 81511087 4 :أكمط #«أأكعد أب[ 17 /[0 « 815107 116 10 :17110011110 ,أع5211728 طوعل 2 - 


-3ن) 01 615117 17[ملا عط1' لخن ,لزإع[أععلاهمع8) معطهن) ع0نند1ن زط لعذ5الاع1 ,0106 أمعتقتزم 
.(1965 رؤوع:2 111011212 


رهن التهان له انبوناتسيو ب كاه )انيما سوق » :وعى نقلل الاق اا 
للباحث في هذا الموضوعء على الرغم من أنه يتجاهل الأراضي الواقعة 
شرقيّ فارس» ويُركّز تركيزاً أكبر على التاريخ السياسي والاجتماعي. كما 
أن الطبعة الفرنسيّة (1961 ,علاماعصدمدنهة])1-مع ملك :وعدم)ء وإن لم تكن حديثة 
نما كه قفارت له ترال يده 


1.0017 لإاوه1ن) :2002مرآ) تر(مهجوه:!815 «تعتكل 0204 أعانده 071 ,دووعوء2 .2  [.‏ - 
.(1966 


وهو ليس ببليوغرافيا بالمعنى المفيدء ولكنه توسيع مفيد في بعض الجوانب 
على قائمة سافاجيه ‏ كاهن. 


0601م 1115601131 تدع 1رعصة ص1 *,0110آ1آ ستاود 38 عط]1' ,حتعآ 0عممعه 8‏ - 


.(1961 ,قهللتمعد !1 :عاءره لا بجع1]) ع زه 116[ [2 27151012 10 01106 


66 


وهو مقدمة جيدة إلى الدراسات التي أنجزت عن المرحلة السابقة بقة لعام 
١86٠‏ للمهتمين بالتاريخ من غير المتخصّصين . وفى املد نفسه » دراسه 
رودريك دافيسون. ”1450 عدمزة )ك8 2410016 156“ وهو معني بدرجة كبيرة 
بالمسائل السياسيّة. أما الصفحات التي تتناول الإسلامْ تحت عنوان «تاريخ 
الأديان» في نفس الجععلن فهى ذات نفع قليل . 
رأعا ل 01) ع0 :طلأقع8) «بننهءء11.ط- رهاس[ «ع4 طعناطل :ته ,نم انا ستممواط 01056507 .1 - 
.(1923 
وهو - وإن تقادم ‏ ما يزال مفيداً في المسائل الدينيّة؛؟ ويستعرض مواضيع 
وخلاصات الكتّاب الذين يسردهم. يمكن العودة إليه للاستزادة ببخصوص 
واقع الدراسات الغربيّة في القرّن التاسع عشر وبداية العشرين في معظم 
المسائل. 
.(1958 ,15ع1ع8 :ذ الا ,عع 110طجتهةن ) 1953 - 906[ ,كله 5127711[ ء1:0 ,2502دء2 .([آ .ل - 
الموضوعات الإسلاميّة في ال الدورية والجماعيّة؛ ؛ بحسب 
ولا تزال الأجزاء ا شن ل ان النن نسي 1 


-113135 تطاع ل دوطوع17171) أو«انعءء ءادو لاط '! ع0 ع4لناء'] © 17:1001/21101 ,51201 5لدء12 2 - 
.(1963 ,5017/12 


وفيه ببلوغرافيا مفصّلة ومشروحة, لغويّة وتاريخيّة» حول الشعوب المتحدثة 
بالألظية والفينية بت الأوغريّة. بخاصّة من الترك (من دون أن يتناول 
الأجسام الخبرئ: التي ابتعدت عن السهوب [الأوراسيّة]ء كالعثمانيّين 
والهنغار) . 


المحللات والدوريات 


مجلّة الشرق الأوسط. تصدر عن معهد الشرق الأوسطء واشنطن 85256 84:0316) 
100 لد انا ,12501. وتر تركز على الستمادل ا و د 
عرضاً للكتب وملااحظات قيّمة حول المقالات الدورية العمل ثبت بالمجلاات 
العلمية. 


5ك 


1 العالم الاسلامي. الصادرة عن مؤسسة هارتفورد للتعليم اللاهوتي 812]064) 
(202102نا10 562015281 . وهى مصممة بالأساس لتزوّد المبشرين المسيحيين بما 
جنا جونة تمق تراك بيخول الإنبلام:: ولك تظاق اهتيامها واسمع عدا ؛ كما أنها 
تضم 5207 وملاحظات حول الكتب . 

المجلّة الاسلاميّة الفصليّة» تصدر عن المركز الثقافي الإسلامي في لندنء يُحرّرها 
دعاة مسلمون يخاطبون الناطقين بالإنكليزيّة» وتضمٌ مواد يكتبها علماء إسلاميّات 
من المسلمين وغير المسلمين» وبعض موادها قيمة للغاية. 


للساهنناك القليتة البخالتة 
مجلة الدراسات الاسلاميّة. بخاصّة قسمها الملخص الإسلامي 0 **) 
(مءة«بعاكقء الذي يستعرض الكتب والدراسات.» حتى الصادرة باللغات غير 
نشرة مدرسة الدراسات الافريقية والمشرقية (جامعة لندن) اممطء5 6( ره «ناءاا8) 
((200مآ 01 لإأتواء كتطلا) دعاك «بمء ةركل متنه أموادهة0 زم التي تخصص حصّة 
كبيرة للموادٌ التاريخية الإسلاماتية المهمة. 
ستوديا إسلاميكاء وتصدر على نحو غير منتظمء وتحوىي دراسات ذات قيمة 
رفيعة. بالفرنسية والإنكليزية . 
أرابيكاء وتحوي دراسات ممتازة فى حقل الدراسات العربيّة. 


للمزيد من المجلات الممتازة» انظر سوفاجيه ‏ كاهن, الفصل العاشر. 


حول التطوّرات التاريخيّة فى الأراضى الاسلاماتيّة بعامّة 


-01ه :1951 ,عططه 1 ركتناء 1[ مطاخهة0) 5تط01)) منع7:0/0م!اى] ,3-0253585زع:22 .11 عزاء 7‏ - 


.(1621122 12 220 طنتص مم5 12 كمه 


وفيه مجموعة وافرة من المعلومات حول معظم جوانئنب التاريخ والثقافة 
1610612 ,82111) .7015 3 ,67:467ط 72150/[2731ه 1س[ «عك ع1رءنزءدء © ,نأ اتام5 862010 - 


1952-1959(. 


وقد ترجم مجلداه الأوّلان إلى الإنكليزيّة على يد فرانك باجلي (وتمٌ تصحيحه) 
يبعلوال .ل .8 :معلاعآط) 11 0ه 1[ كاقوط ,نرء نيك لمع 1715101 4م -10ره”17 ببرزاو لز 1/6 
(1960 ,8111. ويحوي تلخيصاً لبعض الأحداث السياسيّة ومسرداً للمراجع . 


/ا, 


- كارل بروكلمان» تاريخ الدول والشعوب الاسلامية [ثرجم إلى العربية ] 6ابءة(ءو© 0 
(1939 ماعتمن/8) «تعتمماى 0 «عع/أه !1 1نع :1:12:15 467 . وقد 0 جم إلى الإنكليزية 
على يد جول كارمايكل وموشيه بيرلمان ,ممقصاءءط عطوه]38 لمة أعقطعءتصصمقك اعمل 
(1949 ,انه تدوع 1 2110 01608 :05002ط) دءاومءط عتتبعاك1 2[ زه برد«ماىة87 . وهو 
سرد سياسي مكف يتضمّن بعض التاريخ الثقافي» بخاصّة حول الإمبراطوريّة 
العثمانيّة؛ ويتجاهل الشعوب الإسلاماتيّة شرفي فارس . 


رأممهك]ا :عاءده لا بعع1!) برمه)ئ881 ه ,أمظ 141:44 1776 ,ععطوتط .]7 لإعمل9ه - 
.(1959 
ويركز السام على امبر اكور العثمانية والدول التالية لها. و يستحق القراءة 


8 فيليهلم بارتهولدء ثقافة المسلمين [1918] ع7اآنان) :7ه#1انادديكة ,ل[مطامة8 .77 ١/7.‏ 
تُرجم عن الروسية ترجمة سيئة من قبل شهيد سهروردي (لإ221250طنا5 لنطقط5) 
(1934 ,8غأناء02[1 01 '(19761516ه[] 16). وهو استعراض تاريخى مختصر وممتاز 


بالتركيز على قلب أوراسيا . 


لتاءءع8) .7015 2 ,456201471 1:0لا- :عع 1407 17 1512772 “2267 ,84101161 أوباوسث .1 - 

.(1885-1887 
وهو سرديّة تحكى القصّة خلال القرن الخامس عشر. واقق حملت عله مجنوعة 
من الدراسات الحديثة» على أنْ توصيفه للتطوّرات في المرحلة العباسيّة لا تزال 
مفيذة . 


حول المنطقة الإسلامية بعامة 


3 ,[1949] برءنانياى أمء101دضلط لم :15771 7م340/127110 ,رططات .1 .ة دمالتصة11 2 - 
.(1953 رووعءط '()1و1ع2117 لآ 021010)) .0ه 


وهو دراسة بارزة حول الدين كما تشكّل منذ الأجيال الأولى إلى تطوّراته 
اللاحقة . 


(1910 ,متعخصمك/اا أعهن) :وءءط1عل1ء8) مرواك1 برعل «6طغا «ععاسنادءاه”! ,تعطتج0010 22مع1 ؟ 
الذي تُرجم إلى الفرنسية على د مكة فيا كتين ارمق بعنوان 2 101 ها أء 12087716 علا 
(1920 ,#عصطادع0 أننوط :كتتوط) «رماءة/. وهو لا يقل بر اعة عن جب (ود يُغطي نفس 
المادّة)» وهو أكثر تفصيلاً : مع هوامش مفيدة» ولكنه في بعض المسائل قد أصبح 
نيما يهنا جه إلى : معدت » 


ات 


كينيث مورجان (محرر)» الإاسلام: الطريق المستقيمء تأويلات الاسلام عند 
المسلمين برط ءلء م1:11 اماك «طاوط ارأعنه+51 1116-بهاك1 ,.لء رصدعءه81 طلأعصدع ]ا 
(1958 رووعء 102210 :011لا بجع7]) 5«ةأكيكا . وهو يضم مواد 15 ين مسلمين 
ملالفيى على :لمكا رب الفكرقة بواللعيانة الغرة + وتخاطت الترييين عو ا سام 
كما يرونه في الأجزاء المختلفة من العالم. التكرارات في الكتاب سطحيّة أحيانا . 
توماس أرنولد» الدعوة إلى الإسلام» [ثرجم إلى العربيّة]ء 7726 ,10مصعةى نقصمط1 
(1913 رعاطقأكده© :وملدمآ) .لله 254 ,اررماك] “زه عتتطعوهط ذلك أن طبعة عام ١05‏ 
أقلَ اكتمالاً في دراستها لآليات انتشار الدين الإسلامي» وباتت متقادمة؛ ولكنّ 
سرده لأحداث توسّع الإسلام من البداية إلى القرن التاسع عشر في جميع أجزاء 
العالم مفيل . 

م اج » نداء المعئذنة هلا بجع1!) أء تجمدنا ع[ زه [[ه0) 176 ,عع 0:3) طأعصدعك] 
(1956 رووع؟5 10176251197 0<10:0. والجزء الأول منه تفسير دقيق للدين الإسلامى 
ف اقل مث فيس يعمل اعترافا عونا الإبياام ) آنا الضف الداتى لللاش 
مهمة التبشير المسيحي بين المسلمين كما يراها. 


أعمال عامّة حول الثقافة الاسلاماتيّة فى ظلّ الخلافة العليا 


برنارد لويمس2. العرب في التاريخ [تُرجم إلى العربية] 2ن دطه4 176 ,5تاع.آ لتمسرءظ 
(1956 ,115131 151137 لآ 02:5كمنطء 111 :2ه0لهم.آ) .0ه 3:3 [1950] بر:ه510ة8 . وهو 
عمل مختصر ولكنه يقدم مسحاً تاريخيّا ثاقباً للتاريخ الاجتماعي والسياسي. 
بخاصّة ما قبل عام ١٠٠٠م؛‏ إذ إِنّ التاريخين العربي والإسلامي ظلا متزامنين 
ومتوافقين نسبيّاً حتى ذلك التاريخ. في الفصول ما بين ” و8 يُعْطَي المجتمع 
الإسلامي بالعموم . 

فِيَليب حتيء تاريخ العرب [ترجم إلى العربية] 1716 /0 ««21510 ,غ111 .1 مناتطم 
(1964 مهةلائصهة]3 :عاتملا 5ع[ زندمكدمآ) .له 88 ,[1937] دطه4 . وهو أكثر نهنا نا 
من كتاب لويس. ولكنّ مفاهيمه الإرشادية غير موثوقة» وكذا بعض المسائل التي 
جرم بخصوصها. ولكنّه أكثر إنصافاً بكثير من كتاب موير المُشار إليه أدناه. ربما 
يمكن الاستفادة من الكتاب بخاصّة في دراسة واقع الجزيرة العربيّة قبل الإسلام 
والتطوّرات السياسيّة حتى عام ٠6/ام.‏ 


موريس جودفروا ديمومبين (وسير جي بلاتونوف)». العالم الإسلامى حتى 
الحملات الصليبية ,(2120007 .1 نعع52 0طة) دعص زط متمصءآ- 2000© 112106 


و(1931 ,50هع80 :25ة2) 270152065) عتلله' لا وكلال 227111716 نط 1© 771115111771071 1407106 1.6 


وهو يصوّر التغيّر في المؤسسات السياسيّة أكثر من مسار الأحداث» ويُمكن أن 


74 


يمشنين عنه اليوم لصالح كتاب إدوارد بيروي» العصر الوسيط: توسع المشرق 
وولادة الحضارة الغربية ١/111‏ .701 ,عهقمونهحن0 .8 .0 ,14046 يك ه115 . وهو 
يشمل الفترة العثمانيّة المبكرة» كما يشمل ملاحظات حول بعض التغيّرات 
الاجتماعية والاقتصادية المهمة. 


© ]| 1© 0712211 '] 06 7151011هطلازء'!] ,ع6ع4 40:67[ 6ط ,.0ه ,لام2مء2 85001120 - 
زا :(1955 رععصهءط ع0 و5ع15121ء الطنا وعووء:2 :وأعوط) 12 :رع4لقء02 1101هئخ] أله ها عل 

.111 .701 ,راأءع2ناه01) .1/آ .له ,ك0 11هع1]أآطقء دعل 6[ 66ج :12715101 
توماس أرنولد وألفريد جويلام (محرران)». تراث الإسلام 4 ل10ممعم 35صتمط1 
7م6151 2117ل 01010 :انه لا بتاع1]) ««ره|ت1 /[0 برعمع6ط1 7176 ,.05» ,عتتتدد[1تن) 10م 
.(5655 284 :1931 ,ؤووهئ. وفيه مسح لبعض التطوّرات الثقافية الإسلامية في القرون 
الأربعة أو الخمسة الأولى» بخاصّة من زاوية التراث الذي تمّ اقتباسه في 
التطوّرات الأوروييّة اللاحقة. 


غوستاف فون غرونباوم. إسلام العصور الوسطى ,0121026521022 708 .18 01051896 
رووع22 0116280 01 197625119م[آ1 :آ1 ,معمعتطع) .له 254 ,[1946] «مماك1 أمدءنوء14 
(1953. وهو يتتبّع نتائج رؤية العالم المرتبطة بالإسلام» ضمن تقلبات 
التاريخ, بخاصّة في مرحلة الخلافة العلياء ولكنّه يستحضر بعض الموادٌ المتأخرة 
أنضها ” 

غوستاف فون غرونباوم» الاسلام: مقالات حول طبيعة التقليد الثقافي وتطوره 
4 0 طادره7) 27:4 ءجلهاه17 1/16 1371 5ن[ه دكي :15/4771 ,311126681112 1701 .18 05]310/6ا 


.(1961 ,2ه06همآ ,انه صهموع1 20د ععل0160ه]1) له 254 ,[1955] 41110ه 17 أمعنايت 
ألفريد فون كرامرء تاريخ الشرق الثقافي تحت حكم الخلافة 708 1560م 


002 015 2 بتتعرتاه) ‏ «عل ‏ «16اها ‏ 071115 كعك 1/116 عدم ع لااأيهت) 2 ,كعصرع ا 
(1875-1877 مقظمعللا ,يع11تتسصددء8. لا يزال مكتدفا وإن أصبح فَدَحما: تمت 
ترجمة بعض أجزائه فى «رزصنله ع( «عفسه 07114 176 5ه طعطعلنةه-دلباطع] .5 
(1920 ,02163 01 000100 


إِر يك شرودرء أمئة محمد برط 12 4 :ءاومءط 45ه :اسه لط ,تعلءمعاءة5 عط 
(1955 ,.00) اطع لك جاعءعط 11 504 :عطند]1 ,00ذ0:1) برع4:1010 . وفيه مجموعة من 
الترجمات الجميلة عن العربيّة» التي يروي بواسطتها قصّة المسلمين حتى عام 
.٠‏ صحيح أن فيه مسحة رومانسيّة» إلا أنها غير مشوّهة. وهي تعكس 
الأحكام التقليديّة (مثل أحكامه عن الأمويين والمعتزلة)» وهي بحاجة إلى 
المراجعة. 


/لء٠‎ 


حول , بعض التأثيرات غير العربية سة ما قبل الاسلامية في الإسلام وفي 
الثقافة الاسلاماتية 


يورغ كرامرهء مشكلة تاريخ الثقافة الاسلامية «02 ««رءاطه«ط 1205 ,1عماء 12 ع1ة ل 
(1959 بمعع صتط ذا 1 ,كع لإعص1[[) عنجءة طعدمع«لااي1 351271150116 . والكتيب في حد ذاته مقالة 
عامّة» ولكنّ مسائله تمثل مقدّمة للدراسات (المتوزّعة في المقالات والدراسات) حول 
الانتقال من الثقافات ما قبل الإسلاميّة إلى الثقافة الإسلاماتية» بخاطة من الهيلينية . 


توق أندونة: أصل الإسلام والمسيحية 10 715ها15 دع ع1«لا :مك00 8267 ,رعقعلمك 101 
بسامطاء5)0 لطهة 12دومملآ ,23-25 .7015 ,اكتكلوة1ة عاأذا1مأقتطه1>31) ادع ١ك0171)‏ كه 
(1936 عق أن الدراسنات: المعاخرة قن القت نطلل هن النيك فى عضن 
المسائل حول العلاقة بين المواعظ المسيحيّة والسور القرانية. 


ريتشارد بيل ٠‏ أصول الإسلام وبيئته المسيحية :ا 1:نها:1 زه اع 07 776 ,ااء8 10قطعن] 
(1926 ,قله التصاعد]/1 :200م.آ) 1:716:11دم«اطورط :بعذاىة 07 115 . وهو يتناول الا ثح: 
أبراهام جيجرء ما الذي استقاه محمد من اليهودية؟ 2 ”7 ,مم01 لتقطةعطم 
[1833] 14[7710711716717كه 02721/1117716لال 02771 كلات 14011077177160 . 7 جم الين الايكليرية 


بعنوان (1898 ,28/120125 ,.17.10.0.5.2.0.1) بها[ 2:14 44151لال ,ع طتناولا .71 .1. جر ئَّ 
حل ا كتاب أبراهام كاتشن .الثالئ.: 


أ اهام كاتش. اليهودية في الإسلام /7ا11) 1510771 3١‏ ااتكقم4لال رطذاه ]1 .1 متقطدعطم 
(1954 رؤ5ء؟2 [1[811761511] ع1هملا 28169 :مل . وهو دراسات حول الأصل اليهودي 
للمادة القرآنيّة. مع الأسف. فإِنْ دراستين حول التأثير اليهودي على محمّد مبنيّتان 
على افتراضات غير مقنعة» وهما: تشارلز توريء» التأسيس اليهودي للاسلام 
المأ لاكم] طذابنء ل 011لا بجع1ظ) ««به|ك1 [ه 72102110لاه10 بأكتسول 116 ,لزعم2ه1 .0) دوع اأتقط6 
(1933 ,همنهناءع8 04؛ وحنا زكارياس. من موسى إلى محمد 2 ,22121185 113008 
(1955 ,1412210 :23215 172260لتقط5]0 3 14015 . 


فرانتس بوهل. حياة محمد [1903] «1ط 77:645به لكا ,اطنا8 .1787 .2 وأموءوط. ولا يزال 
نافعا كسردية شاملة لسيرة محمد . 
تور اندز يهء» حياة محمد ومعتقده 2ن عااعن0 بع 2منعنآ) ك6 :علبلا وزع[ عور 


(1930 ,86. وقد ترجم إلى الإنكليزيّة بعنوان ,ه700 ,اععدء84ة انطممعط1 
(1936 ,مابطامتآ 220 سالط ءع:0601) :هه0هم.]) :انه 15ل 4:ه انعا[ 116. وهو تفسير 


محتصر ومحكم لبعض الجوانب الجوانية من حياة محمد. 


م١١‎ 


- وليام مونتغمري واتء محمّد في مكة. ومحمّد في المدينة [تُرجما إلى العربيّة] 
4 41 77171126هالل ألا[ مطة مءء1/16 21 717:164مالاة ,17/2 تعصدمع اد 1510 سدنلل بلا 
(1956 280 1953 ,ووعءءط 5109رءلائه[1آ 0400). وهما دراستان مفصّلتان تستدعيان 
المضامين الاجتماعية والسياسيّة لرسالة محمد وإدارته للدولة. وفيهما تعديلاات 
على خلاصات بوهل واستكمال لدراسة أندريه. 


- مونتغمري واتء محمد: النبيّ ورجل الدولة :6م20 -104ا«تمطبكة :171/2 .11 .م 
(1961 رووعء2 71516لولآ 071010 :011لا /119) 514165771471 4ه . وهو اختصار سهل 
وجيد لما سبق . 


- ريجى بلاشيرء مشكلة محمد ع0 نددكظ ,اعا«مطملط عل ع«ذاطه,2 مآ رعمغطعداظ كوغ 5 
06 م رول 21555 :215ة28) 5371| :1 ع0 «لا 0710216 لنأك . علا 111 عذنا م0 7ع610 
(1952 ,ععهو. يركز فيه على قلّة ما نعرفه عن تلك المرحلة. 

- ابن إسحاق. سيرة محمّدء ترجمه إلى الإنكليزيّة ألفرد جويلام /ه +/ضط ,و1593 هذ1 
21615137 001010 :011لا ب9ع81) عننن كللتنان) لعككلثق ((آ6 122512660 ,71620 7تمايااز 
(1955 ,و5ع8؟ وقد تم إلحاق إضافات ابن هشام على نحو غير مناسب في النهاية . 
ون العيرة العركي الأولى» الث ترف بها هدوع السلمين كفرجم مردوق. 

عه اليوان كايتاني» حوليات الإسلام. ٠‏ مج .05 10 ,771هأ؟1 '[أاع0 :|4716 ,نسهاع تت عدمعآ 
(1905-1926 ,نامءه11 .نآ :دده :34135 12 هذ. وقد خضعت السنوات الأربعون 
الأولى بعد الهجرة لتمحيص دقيق ومفصّلء وإن كان مفتقراً إلى العمق أحياناً» وقد 
ترجم بعض المصادر الرئيسة. على أن أحكام كايتاني لا تبدذو موثوقة دوما . 


ترجمات القرآن إلى الانكليزيّة 

- لعل أفضل ترجمة من ناحية التأثير الكلّى للنصٌ واستمراريّة اتصاله في القراءة 
المتأنيّة هى ترجمة 1 ص آر بري .015 2 ,17116777614 انهم 17116 ,لمتعطعة .ل ختنتطاءم 
(1955 000 لطة دعالة عع:1ه0»© :ه00هه.1). وهو يستفيد من اللغة القديمة 
والمهجورة ومعانيها وإن كان لا يخلو من خطأ. أما ترجمة ريتشارد بيل 54ةطء81 
(1937 ,مقا .1 لهة .1 تطععداطهنك8) .كاه 2 ,اجه'م01 :71 ,لأعهاء فهي أكثر دقة 
ولكنّها لا تناسب القراءة المتصلة» وتشوبها في بعض الأحيان تفسيرات مغرضة؛ 
وقد تمّت إعادة ترتيب الآيات بصورتها التقليديّة. أما ترجمة نسيم جوزيف :داوود 
(1956 ,وكلوه80 متدومء2 :ه00همآ) بجعم 7712 ,1235000 .1 .ل فهي الترجمة الأسهل 
للقراءة» ولكنّها متعسّفة فى أداء الكثير من المعاني. أما كتاب محمد بكتال» 
معانى القرآن العظيمء يجين تجتبه لأنه يؤدّي المعاني على نحو غير لائق 
ويصحبها بتأويلاات حدائية . 


65خ 


- لعل البديل الأفضل عن ترجمة أربري هو ترجمة إدوارد بالمر ,#عتطلة2 .8 8020 
[1880] همك 776 . وهى ‏ وإن كانت أقل مقروئية من ترجمة داوود - أكثر دقة. 
وكذلك هى ترجمة حو رودويل هذ 208) [1861] بهم 7176 ,1أءجل50 .101 مطول 
(همتاتلء 5'مقمدزرء180» فهي أقل معروتة بكثير ولكتّها أكثر دقة من ترجمة داوود. 
ومثل ترجمة بيل» فإِنْ ترجمة رودويل غية ترني الآيات. كما أنّ هناك عدداً قر 
الترجمات الإنكليزية التي قام بها المسلمون الهنود المحدثون. والتي يظهر فيها 
أثر الإسلام الهندي واضحاً. أما ترجمة عبد الله يوسف علي كتكبالا طهال464 
(1938 ,كققطمث 20تتمسمقطسا/! :ء«تمطمآ) سه 01 رزا80 776 ,نآاى'. فمن الصعب فصلها 
عن التعليقات الحداثيّة المصاحبة لها. وترجمة محمد على 176 ,ثلك' 31302220 
(1951 رووعء طهلؤ9للمماية :عءتمطمآ) .لع تل ,يب 07 نراه1]1 فيها شيء من من عدم الدقةع 
كما أنَّ مذهبه الأحمديّ واضح التأثير في الهوامش. أخيرأء ظلّت ترجمة جورج 
سال (75/ا١)‏ (2365ه5 أقد8 عط 4ه 011715002 (1734) 5216 ع06018 طوال قرنٍ ونصف 
هى السيخة الإنكليزية المعتمدة؛ وهى تؤذئ المغاتى آداء محقولاً من وجهة نظر 
التقليد السنّى. ولكنها مثقلة مولا النقليد الدوة وعدا خلة بخطوطه وتأويلاته. 
وهو ما يُمكن أن يكون أمراً مفيداً لمن شاء الاطلاع على هذا النوع من التفسير؛ 
كما أن هوامشه تلخخص آراء أهل السنّة الأشهر . 


د ريجى بلاشير ع0 5581© 112 56102 112001105 بتجه+00 عل ,عوغطعوا8 دنو6] 


,(1947-1950 ,ع/17ا 81215021216 .2 .0) :83215) .7015 2 ,501152665 065 160125561216216 


وهي ترجمة شاملة وفيها تقديم حصيف للقرآن كما كان معروفاً في الإسلام المبكرء 
وتفوق في ذلك كل ما هو موجود بالإنكليزيّة. والمجلّد الأوّل )١1951(‏ هو مقدّمة 
تاريخية. تُقدّم إرشاداً للطلبة أفضل من مقدمة ريتشارد بيل للقران ,ااء8 4بماعنع 
(1953 رؤوعع [الووءاتصلآ طععناطصتلظ تطععدطسصنل8) به +0 ءا 16 «مناءكه1. التى. 
وإن كانت مهمّة» فإِنّها تخمينيّة بدرجة كبيرة. أ أما مقدّمة إلى القرآن التي أعدّها 
بلاشير» والتي تم طبعها مستقلّة (1409) مع ترجمته للقرآن بعد أن تم اختصارها 
من مجلّدين إلى مجلّد واحدء فهي تحوي الملاحظات الأكثر أساسيّة (1901). 


حول الخلافة المبكرة والأزمنة المروانيّة 
لا نزال مفتقرين إلى تناول حديث جادٌ للفتوحات العربيّة. ٠»‏ على الرغم من صدور 
عملين جديدين. حول سوريا ومصر وغريهماء. انظر: تاريخ كامبريدج للعصور 
الوسطى. المفجلن الأوّل» الكتاب الثاني» الفمصلان ١١‏ و5٠ء‏ اللذان كتبهما (إن 
كان قصذنا الفصول) كارل بيكر . حول بلاد ما وراء النهنة انظر : 


لهنا0آ1 :2002م.آ) عاكل أمجادء0 بز داوعناود0©) طهع4 71:6 ,ططز0 .1 .ىن دمغ[ نسح11 
.(1923 ملإأعلء50 1)16وم 


10م 


يوليوس فلهاوزن.» تمهيد لأحداث تارد بخ الإسلام 4 ,71112115611 15ا انال 
0 نلتادع8) ١171‏ ,رعازعط ه10 1ه 51122211 طذ ,كاجرها:1 د65 عاطءنطءده 0 «رمادوااة «ياد 
(1899 ,#عمططزع21» وكتابه الامبراطورية العربية وسقوطها 0ضن طء261 عطءولط328 1235 
(1902 ,تعصساعظ .0 :متامع8) 52 وزعو. وقد 0 جم الأخير إلى الإنكليزية أع7دع:742 
.171 220 ,1927 ,ها أتعلهن) 01 لإاأأوةء كتمنا) آله كا[ 214 ملع ع[ طهع4 7176 ,عزء/13 
(1963 ,]ناراء8 ,15833/35. ولا يزال الكتاب المرجعى فى هذه المرحلة هو كتاب 
ليون كايتاني » حوليات الإسلام ماع[ '[اء0 تأمددار ا 6دمع1 (انظر أعلاه), 
وهو مفيد للمرحلة السابقة على فعاو 


يوليوس فلهاوزن». أحزاب المعارضة السياسية الدينية ينية في صدر الإسلام [ثُرجم إلئن 
العر بية] 1 1711 5204716111 05111011 مم0 115171 أامم-دةتوناء7 1216 ,عدن 2 طااء/11 كنانا نال 
(1901 ,مسقدسلء/78 :هناءء8) «تعائقء وهو كتاب أساسي للتاريخ السياسي لطلائع 
الشيعة والخوار 8 


نشر هنري لامنس مجموعة من الدراسات التفصيليّة حول المرحلة الأمويّة؛ وقد 
تمّت الإشارة إليها في قائمة مراجع سافوجيه ‏ كاهن. في بعض الأحيان» يشطح 
لامنس في خلاصاته. ولكنّ كتابه يظلّ أساسيًاً لا غنى عنه. أما كتاب فرانسيسكو 
غايريلي (المشاق إليه في سافوجيه كاهن) فهو أكد وأدق» ولكنه أكثر ركاكة 
كا : 


وليام مويرء الخلافة: صعودها وانحدارها وسقوطها. وقد راجعه تي. إتش. وير 
عاء 77 .11 .1" لط 0عؤا7ع1 ,آله 1ه ,عتتاءء ,عكةل 115[ :ء741مةأه) 176 ,1لنلة .ملالا 
(1915 ,أهة0©2 .ل نطعئتناطم1ل8) . وهو يتتبع السجلات العربية التقليدية. مع 
المراجعات التي قدّمها فلهاوزن وغيره؛ على أنْ عمله مصبوغ بالانحياز المسيحي 
الذي طبع القرن التاسع عشر 


إن دراسات هاملتون جب حول هذه المرحلة وغيرها مهمة. وقل تم جهمع بعضها 
فى دراسات في حضارة الأسلام [مترجم إلى العربية ] كره 167لهعذ]اسان) 1176 0:1 4165لااى 
000 :]مخ ,د5غأ5ه80) علآه2 .1 مصدنالك71 0مه باتقطد .ل 01400ها5 نإ 0160 ,تهاد1 


(1962 رووع2. 


أحمد البلاذري» فتوح البلدان. وقد تُرجم إلى الإنكليزيّة بعنوان /0 07175 176 
6 151711 1/76 على يد فيليب حتي (المجلد الأوّل)» والمتجلد الثاني على بد 
فرانسيس مورجوتن وصدر عن (برانودء انمآ وأطستنا[ه©). والكتاث يتناول حمللات 
الفتوح والتنظيمات السياسيّة والماليّة لكل منطقة تحت حكم المسلمين. على أن 


الترجمة مختصرة شيئاً ما أو متقّحة. 


حول التطورات الادارية والسياسية مه ذ فى ظل الخلافة 


وليام موير » الخلافة (ء1هنزمةاه0 )0 (انظر أعلاه) . وهو يغطي 57 الشيكر من 
هذه المرحلة أنقا .. 

دومينيك سورديلء. الوزارة العباسية ع4 ع4052510' :ه:ءال!آ ع1 ,اعلكناه5 عندوتصنصدهطآ 
(1959-1960 ,1032235 عل 1122215 ال ا .5 2 ,936 2 749 . يظل على تماس دائم 
مع موضوعه.» ولكنه يضيء على بعض الجوانب من تطوّر الإدارات؟؛ كما أنه 
يحوي قائمة مراجع موسعة حول تلك الفترة» مع بعض التعليقات على المصادر. 
توماس ارنولدء الخلافة تن جم إلى العربية] 7ع1) عنمر/مناه0 776 ,10ممعى ممسمط1 
(1924 رؤوع؟2 [(2171510لآ 01010 :ع1:ولا. وهو لم يعد مفيدا الان. وإفادته 
خفوضة بحشيه خرل: أن الخلاقة لآ تمك عند المسلمين نظيرا لما اتمكلة البابوة 
[ عند المسيحيين !. حول الخلافة كمؤسسة . انظر مجيد خدوري وهربرت ليبسني ١‏ 
القانون في الشرق الأوسط. المجلد الأوّل ,لإعهووطونآ .1 .11 لصة م120 .21 
(1955 وعاناأتاكمآ أمدظ 5410014 :)0آ ,مماع صتطكة177) 1 .01ل ,اعمط 141001 ©1716 171 طاه رلا . 
وقد كتب الفصل الأوّل هاملتون جب. 

إميل تيان» مؤسسات القانون العام عند المسلمين. مجلّدان درم نايا/ ادا ربسقل؟ مانس 
(1954-1957 ملإععاذ اأعداعع]] :15ه) .7015 2 ,1071 #الاكلا::7 عأأطلام 4011 لك . وفيه توصيف 
للمؤسسات الحكوميّة.» بخاصّة في الشقٌّ النظري؛ ولا بد من قراءته بشيء من الحذر . 
هارولد بوين» حياة الوزير على بن عيسى وعصره 0210 11/6 176 ,80162 112:01 
م21761511لآ ع1108طمتدن) :خالا ,عع 110طمتهن) ,ء:12[ 0004 ١. '15©, 1١176‏ #الى' /[0 17165 
(1928 ,85655. وهو دراسة معمقة لوظائف الوزير فى بداية القرن العاشر. 

ابن مسكويه وآخرون (جزء من كتاب «تجارب الأمم»), بترجمة أميدروز ومرغوليث 
بعلوان (1920-1921 ,1اءتهاء812 .8 :0:1010)) ع1هزمثله0 اأممططل 6[ “زه عدوتاءظ 176 . 


والاجزاء من 4 إلى " فيها ترجمة لهذا المؤرّخ وغيره من مؤرّخي القرن العاشر. 


حول الجوانب العامّة للحياة الاجتماعيّة والثقافيّة نفى ظل الخلافة العليا 


آدم متس» عصر النهضة في الحضارة الإسلامية [تُرجم إلى العربية] ,2162 10ةلم 
(1922 ,كعخص اا .ل) بع نءطاع11»10) ددم |[ دعل 55:07126زه 170 216 . تُرجم إلى الإنكليرية 
على يد خودا ‏ بخش ومرغوليث يعنوان .2 800 طقطلن8-لتطع]1 .5 نزط لغغةاقمدى 
(1937 رعةقتاآ :2002همآ) جبدان] “ره ء12تهمدكتمدء1]2 7176 ,طاناه تامع :7142 .5 . وهي ترجمة 
سيئة لعمل جيّد 2 التفاصيل التي يقدمها حول القرن العاشر ف العالم الإسلامي. 
وإن كان فتعيفاً في تعميماته وفي تناسب مواضيعه. وفي انحيازاته التي رفت 
مؤلفي القرن التاسع عشر. 


برتولد سبولر. إيران في العصور ع ميّة المبكرة : السياسة والثقافة والادارة 
والحياة العامة... 7#" إلى ١٠١66‏ :نزء2 «عنلءكنسبماكن-رإقجر جز مم ,ععاسمك لأمارعع8 
:20و 771) 1055 كل 633 ...ا(عطعط ك6[ 711|1 0/76 710لا ,عانلاا أوسدء !1 ,لها أيغ1 ,علا زامطمر 
(1952 ,#عضاء)5 مصه1. وفيه قدر ممتاز من المعلومات من دون نفاذ فى الرؤية. 
نابيا بوك أميرتان في بغداد: أ هارون الرشيد وزوجته 01:25 110 ,]01 ططى 71313 
,281255 80قعلطن) 01 لإأأوةء كته نلا) اأعه؟ل-له صاجه] “ره 177/6 0ه 740167 :4ه0زع80 /ه 
(1946 [وقد ترجم إلى العربيّة بعنوان «المرأة والسياسة في الاسلام مع دراسة نموذجين 
من العصر العباسي: الخيزران أم الرشيد وزبيدة زوجته»]. وهو خلاصة دقيقة. 

هنري جورج فارمرء «تاريخ الموسيقى العربية حتى القرن الثالث عشر» [وقد ترجم 
إلى العربية | 027117 [لنرءء 1111 ع[ 10 عتكلللط تمتطه ع4 “ره :815107 4 ,تعمسوط .0 .11 
(1929 ,ع1123آ :1.02002). وهو يعني بلفظة «122ط12ه) الع بية». بل وريما 
الإسلاماتيّة بالعموم من الناحية الاجتماعيّة والأدبيّة. 

إفاريست ليفي بروفنسال» تارد بخ إسبانيا المسلمة 02 21510276 ,الهعمء 161-207 .8 
.(1950-1953 ,علاناع 11215022 :82115) .7015 3 ,771071للاك 1 5208716ظ'!/ . وهى دراسة 
ممتازة حول التاريخ السياسي والثقافة هناك حثّى القرن الحادي عشر. ١‏ 


أنطوان فتال» الوضع القانوني لغير المسلمين في بلدان الإسلام 7281 عستاماهم 
7111611 :اتاتاع8) 1512771 04 5ن[20م  ©11‏ 77107185ألاكلا71011-7!1 2 0465 [4ع162 512411411 ©[ 
(1958 ,16ا0110ط)68. وهى دراسة شاملة تعتمد نا فين على المصادر التكارة, 
على أنها تشمل بعض الحقائق التاريخيّة» بخاضة في البلدان العربية؟؛ :وهي تتوقف 
قبل العصور الوسطى المتأخرة. 

سولومون دي جويتين» دراسات في التاريخ والمؤسسات الإاسلامية .(1 208زه1آه5 
(1966 ,81111 .3 .8 تتطعلاعطآ) 110725لا1 ]ك1 2714 «ز107كطظ 7ه |1 1 5114165 ,00112 . 
وهي مجموعة من المقالات المتفاوتة. وفي بعضها مسح جيد للتطوّرات 
الاجتماعية والاقتصادية. 

سولومون دي جويتين» اليهود والعرب: علاقاتهم عبر العصور .(1 50107208 
باععاعمطء5 :ده لا بجع81) دمع 4 عط بأعلاه 11 داعه001) 111617 ,كدطه :4 27214 دلنااعل ,طاع 001 
(1955. وهو استعراض عام لعلاقاتهم عو التاريخ . 

والتر فيشيل» اليهود في الحياة الاقتصادية والسياسية في إسلام العصور الوؤسطى 
«مام1 أسدعمناء4ة! “ره ء/آ أمعةاتاوط 0714 ع1ا«م«معظ 176 ا دسول ,اعطعساط .ل ملالا 
(1937 ,لإأع501 غ1201وث 31ز10 :2002م.كآ). و 0 دراسة لخمس حالات أصبح فيها 
اليهود ذوي مكانة بارزة (ثلاث منها خلال حقبة الخلافة العليا)» وفيها تحليل 
للمعافي الا حتاف ة لمعير ململي 


65م 


حول الأدب العربي الكلاسيكي 


هاملتو ن جب»ء الأدب العر بى : مقدمة 4 :ع ه116[ عنطه4 ,ططذي .1 .ذخ ده] د11[ 
(1963 ,.4ع 24 ,1926 رووععط 0 2 :011لا 117) 1711041:11071 . وهو دراسة 
استقصائيّة مختصرة للأدب ما قبل الحديث» وفيه إشارات إلى الترجمات الجيدة . 
زانتولد تيكلشون» التاريخ الأدبي للعرب نز7© 11167 4 ,نه 15مطعال5 .ذخ 2010لزع1] 
2137151137 ع1108ططتندن) :1907 ,ضاكمتا ععطناظ .1 :مملممآ) دطمعلم 182 /إه0 نم1150[ 
1267 همه 1930 ,ؤوه:2. وهو دراسة استقصائيّة أشمل وإن كانت أقدم مقارنة بعمل 
جب» مع بعض الترجمات القصيرة. والكتاب مفيد بخاصّة لدراسة الموضوع في 
القرون الأولى. 

غوستاف فون غرونباوم» مدى الواقع في الشعر العربي الأول مه؛ .8 40ادن© 
©6011 (8 101/1171 عع 0615 :دقار 7ع ع1أء ناطاءعاطاء تاع17/1«1 1016 ,012116621111 
(1937 مهتتطعا!١)‏ ع اسلا إعناكىجء 1لا مالع 1! 0/1 15:ءدكة اماه :116]. وهو حلبيدهد فيه إلفنى 
الاتساق الذي اتسمت به رؤية الشعر العربي ما قبل الإسلامي من جهة نظرته إلى 
العالم. 

تشارلز ليال.» ترجمات عن الشعر العر بي القديم “[ه 1211015كننه 77 ,الولانآ .[ وعاتقط©6 
(1930 مجمعء؟ ,1885 ,رعاأدع5]102 ل0صة 125ة7/1111؟ :«مل0صمآ) بماعءمط ببوتطه4 أده 471 . 
وهو بالأساس ترجمات من الشعر ما قبل الإسلامي» مع مقدّمة وملاحظات 
ممتازة؟ وترجمته أمينة إلى درجة معقولة. 

آرثر أربري . المعلقات السبع : الفصل الأول في الأدب العربي لقع عق .ل اتلطاقم 
عالط عع36018) :060200آ) ع لاله ااا عأطه 4 از «عامهط0 أكراط 1716 :0065 «رعناع5 17:6 
(1957 ,1121/12 220ة. وهي ترجمة حديثة وتصويريّة للقصائد السبع الإاشهتر قبل 
الإسلام. 

د عثمان عمرو الجاحظء كتاب البخلاء. لإ 260 اقصهنا ,كع هه كعك ء«داذط 1.6 
(1951 ,علاناعهم812150 .0.5 :25 ة©) غ19اء2 022165 . وهو نمو ذجَ عن أفضل ميال 


هذا الكاتب الممتع . 
غوستاف فون غرونباوم» وثيقة من القرن العاشر الميلادي فى النظريّة الأدبيّة 
والنقد العربي: الأقسام المخصّصة لشعريّة الباقلانى فى إعجاز القرآن 406اون0 


0014 11607[7 هعلاط عقطه :4م 0 1206117116711 671/7 0-:1271/1 ك4 ,تلتتتوطعصتط© جزم 


نآ[ ,معتعتطت)) تنه ا0-لت عةز1 كقدة!!؟وة8-له زه برماعوط نجه كدرمتقاءء5 16 «سرئنء 6011 
(1950 ,15655 280هلطن) 01 '[]06151زه[]. وفيه مقارنة لاهوتيّة شهيرة بين القرآان وشعر 
امرئ القيس من ناحية البراعة اللغويّة وجمالية الألفاظ . 


م١1‎ 


عن 


ابن قتيبة» مقدمة كتاب الشعر والشعراء »| 06 ء«+1| ننه 111-0440110 رطقطنة )نا و1 
:2315) 265لإ10612012-/(210106120 © 714311106 لا 1260قههنا ,دما06م 465 اه وأئهمم 
(1947 روعااعآ 5ء1اء8 و5ع.آ ...5001616. وهو ملاحظات ناقد أدبي عربي من القرن 
التاسع . 

ثمة مجموعة من المختارات الشعريّة القيّمة في : رينولد نيكلسون. ترجمات من 
الشعر والنثر الشر في 014 :ز7اء20 10516771 كه 17271514110715 ,2وذ5[مطء111 .ى 10ممبزء 2 
(1922 رووععط نإ أومع المآ عع لط د :]8 ,عع70طمتهن) مم27 ؟ وفيه عيّنة من 
الكتابات الممثلة بالعربيّة والفارسيّة. وآرثر آربري. جوانب الحضارة الاسلاميّة كما 
صورتها النصوص الأصليّة 5 011112411011 15107711 0 5أعءم:4 ,لتتوعطعة .ل تبتطاءرم 
(1964 مستبكمنآ 20ج وع1ام 06018 :020052.[) داعدء 1 لماجاعة07 1176 111 4ءاءأامء2 ؟ وفيه 
كذلك مجموعة من الأمثلة من العربيّة والفارسيّة. وانظر إريك: شرودرء أمّة محمّد 
(انظر أعلاه) . 


النظرة الاجتماعيّة لاسلام أهل الشريعة 

نويل كولسون. تاري بخ القانون الاسلامى :هاا زه بز«ه8151 4 ,هه15نه© .1 عمل 
(1964 ,ؤووع21 ]151 1لمنآ طقعتاط سال تطععناط متل8) «رمط. وهو مقدمة مختصر ةَ ممتازة 
إلى الشريعة وإلى التطوّرات الحديثة . 

جوزيف شاخت,ء. مقدمة إلى القانون الاسلامى 111-0111010 41 رأطعفطء5 طمعءوول 
(1964 رؤوع؟2 219761513ل1آ 071010 :011لا 77عء[18) هط 751271112 . ود يصلح بديلا عن 
المر جع السابق . 


موريس جودفروا ديمومبين» مؤسسات المسلمين -/3311061501) 112111106 
:200 0ط]) 1120031807 قطه2 إ6 1121512660 ,1715111110115 1771أكلة 7/4 ,5ع 0لا2202ء10 


(1950 ,صةه] له موااى ء060:8 . إذ يقترح بعض المضامين الاجتماعية لمبادئ 
الشريعة») ويصف في الفصل المخصّص للعبادات الصلاة والحج وغيرها من شعائر 
الإسلام. 

دانكن ماكدونلدء تطور اللاهوت. والفقه. والنظرية الدستورية عند المسلمين 
20 ,4271لا 1مكة«لال ,نزع 1716010 7#أأكب ك1 [0 8260271611 ,14206023104 .8 موعستار[ 
بأتاماءع8 ,12839215 .رمع 1903 ,و 'تعصطقء5 :011لا بنع11) :17607 10712 201 
(1963. يحوي بعض الإضاءات الممتازة وإن كانت أطروحته قد تقادمت. 

لوى غارديهء المدينة الاسلاميّة : الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة 014 مل ,625061 ونناه.آ 
(1954 7 :وضة) ع4او111امم © 5012/6 71 ,4177104716اى71 . وهو كتاب من وجهة نظر 
كاثوليكيّة» يُركُر على التأثيرات الحديئة على شعوب المسلمين» بخاصّة العرب. 


4ه 


ألفر د جويلام». تقاليد الإسلام بع11) تمهاس[ زه 17004111005 1716 ,رعتصنده[لتناي 10م 
(1924 بووعءط تزؤأزومء ه17 ه04 :رول . لا يدور حول التقاليد 5ه1220160» بالمعنى 
الإنكليزي للكلمة» وإِنّما حول مرويات الحديث ونظام نقدها؛ معتمد على 


إجناتس جولدتسيهرهء دراسات محمدية [تثرجم إلى العربية] ,:عط00102 18022 
لمهة لعاتلهء :(1890 ,ع1ل112 ,يعلزعماعل!) 11 .101 ,ء هللاي عد امملء نه ال 
رمع تعتطء) 11 ١01.‏ ,دءت4لااى ««أادعكة كه «طععاذ .11 .5 لطهة ععطعد8 1.١‏ .ل نإ6 لع 12[كم دما 
(1966 ,410186 :.11. وهو دراسة كلاسيكيّة حول نمو الحديث. 


جوزيف شناخت:»: أضول الفقه المحمدي [تثرجم إلى العربية] 176 ,غطعةطء5 طامءدو0ل 
رو5ق 21‏ 17أ5و1ء كلملا 01010 :1ه 17 بجع )11‏ 0726لا 1مك «لال 1//47717106007 [0 ك7ع 071 
(1950. حول تطوّر الفقه والأحاديث التي استعملت لهذا الغرض» مع دراسة 
حيئيّات ذلك وآثاره والخلافات التي دارت حول الرأي والقياس» إلخ. 


مجيد خدوري وهربرت ليبسني (محرران)» القانون في الشرق الأوسط. المجلد 
الأول اضصول: التقناتون الاملافيس وتطوّره ل ختعط ه11 24 ندلل هط ]1 31210 
01 22626م10ع107 220 تالع0121" ,1 1/01 أكمط 741:00 ©1876 11 طلهط ,.قل» ,لاروعطء1]آ 
(1955 رعأنألاكهآ غمد8 1501001 :120 ,مماأعصنتط5ة11) **200[آ عتممذ[ة1 والفصول الأر بعة 
الأولى تمدن عضا يازغ لتشكل الشريعة وتطرتاقها الأساننةة؟: آم نقتة الكتان 
فيناقش بعض بنود القانون كما تمظهرت في المحاكم والبلاط» مع عناية خاصّة 
بوضع الأراضي العربيّة والإمبراطوريّة العثمانيّة. 

اصف علي أصغر فيضى ١‏ معالم القانون المحمدي /[0 041117165 رعء1852 .لخ .لذ أووم 


(1949 رذوء1] لإألق1ء تالآ 071010 :[ده لا 17]) هط :34:17:14 . وفيه تفصيل 
للقانون كما يطبّق فى الهند الحديثة. 

[أبو الحسن] على الماوردي؛ الأحكام السلطانية.» ترجمه إلى الفرنسيّة فاجنان 165 
(1915 رهتهة000ل :5يعنوا4) طقمعهط .1 (6 2512160ة]) ,22 201/16771676711 15لا 51061 . 
وفيه إيضاح لمعالم تقليد الشريعة الكلاسيكي» بعد تعديله بما يناسب واقع 
الإشكالاات التي طرحها سقوط دولة الخلافة في القرن العاشر. 

صحيح البخاري». بترجمة هوداس ووليام مارسي .0 لآط 2]60[قصقعا جطتطة1-5ىم 
:215) .7015 4 ,110/65 7هاكط 172411105 265 85 711313815 71111322 0صه 1100035 
(1903-1914 ,8[16ه20ه عأرعمةومم1 . وهو المجموعة الرئيسة للأحاديث النبويّة . 


المحقق الحلي شر ائع الإسلام لعأ دأقطةا ,ا«جعان[-له “21 نهاك ,111 ل-اه وأوومطا1-1ه 
-1871 ,220028164 علرع مم1 :15 2) .7015 2 ,1771071/لاكلا771 127011 25 3119© .ىم ترط 


(1872. وهو الكتاب المفضّل في الفقه بين الشيعة الإثني عشرية. 


48م 


حول الحياة التعبّدية في أزمنة الخلافة العليا وما تلاها 


دانكن ماكدونلدء الموقف الديني والحياة فى الإسلام 6 ,5426002210 .8 ممعصسد[ 
,2255 01216280) 01 لالأأقةء كلطلا :آآ ,معدعتطن)) ت«بدماكط با لآ 0714 ع4ل1ة اال كلام توناعر 
(1965 ,1]12:8]5 :انماءظ .رمع :1909 . ولا ير ال مقدمة ممتازة بهذا الخصو ص . 
رينولد نيكلسونء الصوفيّة في الاسلام. [ترجم إلى العربيّة] .ى فاممرهجه 
ع01608] لإ5 .رمع :1914 ,لاع عع01ع0 :2هه200مآ) امعماك1 زه دىءةادبرلة 171:6 ,دهوامطءنك] 
(1963 ,5008م.آ ,اننوط دوع 20ة. وهو الكتاب الاسام من بين دراساته الجيدة. 
وهو مَقَلفة ممتازة. يمكن اللاستعاضة عنه بالكتاب التالى لآرثر أربرى . 

آر سك ١‏ برى » التصوف ٠‏ 07 كع ةاكتركن! 116 [0 4011711 471 514/557711 الإلتعطعم .ل تلاطادم 
(1950 ,لاتكتطنآ مصهة معلاك عع0601) :1.02008) «مان1 . وهو أقل غمقاً من السابق» إلا 


أن قيمته المضافة تتأتّى من ترجمات النصوص الصوفيّة التى يضمّها . 

جورج قنواتي ولوي جارديهء التصوف الاسلامى: الجوانب والاتجاهات. الخبرات 
والتقنيات اه 5أعءم45 :710712 7ألاكله7:1 1191/6 ددركة ,أء03:0 5تنامآ 0هة 5مك .© .0 
(1961 بهذلا :حاهة©) 1/65 12/[1711 1© 26716165© ,1611027125 . وهو استقصاء و اسع 
تتوخى النظر إليها بوصفها «فائقة للطبيعة». 

لويس ماسينيون» بحث في نشأة المصطلح الفني في التصوّف الاسلامي 5ذناه.1آ 
46 0511011 2| 06 17110116/ 12 ©/1©2<)101] الك 011217165 ك25] 'لاى 47كك1 ,112551811011 
(1954 ,صملا :ونروم) .0ه 254 ,[1922]. وهى دراسة موسّعة لتطوّر الفكر الصوفى فى 
لويس ماسينيون» آلام الحلاج: شهيد التصوّف الاسلامي [تُرجم إلى العربيّة] وننام] 
6 11016كنزد "براه ,ماله -لت للامكدجهكل! 16 :«بنرهد 21-0 4 510:1ده هط ,1125518202 
(1922 ,#عسطاناء0 .2 :كنموط) «بواءة7. وهو دراسات مفصّلة عن أشهر حالة من 
تماس التصوّف مع الضمير الشعبي» بكل تشعباته؛ والكتابٌ دراسة عظيمة القدر 
مارغريت سميثء قراءات من متصوفة الإسلام 01 1200417185 ,لاتسرك أعمدع 12 
(1950 ,عوعسآ :ههلهم.آ) ,سداءة “ره دوعةاددرلة 176. مجموعة من المختارات 
المترجمة. على أن دراساتها الموسّعة مفيدةٌ أيضا. 

علي أبن دبنا الطبري» كتاب اللبين والكاوة [في إثبات نبوة ا . ومؤلف 
الإسلاء في وجه الات 00 ويصور تقوى ا علي مستوى 8 


2.8٠ 


دوايت دونالدسون» عقيدة الشيعة. تاريخ الإسلام في فارس والعراق 5/116 1/6 
(1933 123[ :طه0لدمآ) عله« له مأكموط اا «جرهاك1 زه برم«ماكطط 4 ,«10ج186/!1. وهو 
عرض غير نقديّ لنظريّات الإمامة الأرثوذكسية المتأخَرة حول الشيعة الأوائل. 
التي استحضرت تصوراتها ومشاعرها تيحاة الأيطاك الأوائل ودامام ويسمكة 
تصحيح بعض أخطائه من خلال دراستي ١كيف‏ أصبح الشيعة الأوائل طائفة») 
|1010 *بلقتتماء56 :ع7رمعه8 وتلطد لإأنوظ عط 1010 بوط" رممدوع 2700 .5 .0 [الأقطاذ1ة31 
1-3 .مم ,(1955) 75 .701 ,نزراءاء50 أمننرء 0 :نهء 47161 1/76 /0. 


الفلسفة والعلوم واللاهوت فى أزمنة الخلافة العليا وما تلاها 


هنري كوربان. تاريخ الفلسفة الإاسلامية [ترجم إلى العربية] ,هذ6:ه00) ضصمء1] 
:215ة2) 1011017 0غ 5تتاعطاه طكاد؟ ,1 ٠701.‏ ,علو 1 تداك ©1[ومده!5/1 4 046 11151016 
(1964 ,3150صتااةه0 . صدر مق بعاد الأول :وسلحق يه اخ وهو أفضل مقدمة 
مصعصرة لهذا السدان وى المفجلة: الأزل عنف القرة: الثالى شر لمكن فمفارية 
هذا العمل يعمل الزن الثالى . ْ 


ريتشارد رودولف والزرء فصل «الفلسفة الإسلامية» في: تاريخ الفلسفة الشرقية 
و الغر بية و.0© 120131115122313 11آ6م5317722 :12 **رلاطم11050طط علمد 151" ,مء171312 .]1 
آلآ 0ضصة معللط عع01ع36) :2002مآ) ,مععادء! 2220 تاتعاكموط بر[ووده]ةط /[0 م1]871510 
120-48 .مم ,11 .701 ,(1953. مادّة محكمة ومنظمة ودقيقة» تصلح مدخلاً لبعض 
جوانب الفلسفة الإسلامية. 


محسن مهدي (محرر مع ر. ليرنر)ء. الفلسفة السياسية الوسيطة ,ذلط112 ماوطن31 
رو5ع؟21 عع11 :.111 ,عمعمء01)) بج[ممدماتط7ط لمءة1ثامط لممءن4ء14 ,(تعصععآا .1 طاته) .0ء 
(1963. وهي مجموعة من المختارات لفلاسفة مسلمين ويهودء وفيها اشتغال 
فلسفي عامٌ مفيد يتجاوز حدود العنوان» ولكنها لا تتناول فلاسفة المرحلة الوسيطة 
المتأخّرة. (لا تتوافق المختارات من كتابات المسلمين بالكلية مع الكتّاب 
المسيحيين) . 


ألدو ميلي؛ العلوم العربيّة ودورها في التطوّر العلمي العالمي م2 ,ذاءز31 4100 
ل ب تطعلاعط) 7710:1012 50127111710116 1101لااوطة '[ كتجهل 01« :مر أه عطونه ععتروزع؟. 
(1938 ,النءظ. وهو يركز على الأجزاء التي الت في العلوم ادووندة الغربية في 
الحقبة الوسيطة. ولكنه شامل في نطاق اشتغاله؛ وهو يصلح كبديل للأجزاء 
0 هذا الموضوع من عمل جورج سارتون الكبيرء مدخل إلى تاريخ 


م١١‎ 


باول كراوس» جابر بن حيان: مساهمة في تأريخ الأفكار العلميّة في الاسلام 52-1 
0715 3017111101165 104665 5ع ع«[مأكلط "| 4 ::10غلاط )007111‏ ,اتونرره/ادطة «أطول ,كتتوي1 
(1942 ,للطلءة مطهة ,1933 , لكآللة .1701) عاوبروط كل الاازاومط '! 6 دء101«ة 84 :1 ,«بماد1”] ؟ 
وفيه دراسة للأعمال الإسلاماتيّة المبكرة المهمّة فى الكيمياء. 

فضل الرحمن. النبوة فى الإسلام :0ه آ) 512771[ از برع /ممم2 ,تلتقصطجج]1-سنااجج 2 
(1958 مقأنتاستآ لصة معاآى عع:ه66 . وفيه تحليل دقيق لتأويللات الفلاسفة لمسألة النبوّة. 
أرند جان فنسنكء» العقيدة الاسلاميّة: نشأتها وتطوّرها التاريخي ,كأءضنكه/7 .1 .4 
طالا ,عع10]طمتندن) اتنعتجرمماءناء12 أمع 115101 2714 كأدء 01 15[ ,هلءء0) ١ررزادعب‏ 1/4 11:6 
(1932 ر,ؤ5ء88 ((17215961511] 002351086 . وهو دراسة حول تطوّر اللاهوت الإسلامى 
خلال المراحل المبكرة؛ يُمكن قراءته مع 

مونتغمري وات. المشيئة والقدر فى صدر الإسلام ,171/211 0م7102 .1717 
(1948 ,عةتتاآ :ه00همآ) تمان براجدط از «مخ1اهودزاوعلء<2 014 177111 . وفيه سبر للقوى 
الدافعة في التطوّر اللاهوتي الإسلاميء ولكنّه ليس شاملاً مثل كتاب فنسنك . 
المقارن :01/571012 1160/1016 2 171100111011 ,2078211هة .11 .11 20د أع02:0 5ننام] 
(1948 ,710 :كلكةط) ء76همم 116010816 06 241كىىهت وهو تحليل كاثو ليكى معمق2. ير 0 
بالأساس على المرحلة المبكرة» وعلى بعض العرب المتأخرين. 

مونتغمري وات» الفلسفة واللاهموت الإسلاميّ ,1772 لإاع لمع 71021 .117 
طعغناط م801 تطععتاطستلظ) **1 .20 زؤلاع511 علتممدأوآ'“ ,نرو ه1761 2210 نر/مهدم]ةاط 
(1962 ,ؤ5وع:2 21021971511 وهو مقدمة مختصرة للباحث المبتدئ. 


ريتشارد مكار في ٠‏ لاهوت الأشعر يِ -أه “زه نرع 176010 7176 ,716021 .ل 0تقطعن] 
(1953 ,رعناو تامطاة© عتتعدط مم1 :أناماء8) 458077 . وفيه ترجمة لنصّين وبعض 
الملاحظات حول هذا اللاهوتي [المتكلّم] الرئيسٌ» مع تأريخ لسيرته الذاتيّة 
وبعض المواد الأساسيّة حوله. 


حول المواقف الفكريّة الإاسلاماتيّة في المراحل الوسيطة (وهو جزء 
مكمّل للمراجع حول الفلسفة أعلاه) 


سهيل أفنان» ابن سينا: حياته وأعماله ننه نا 5ذلظ تماعء 41 رصقكك .24 انعطه5 


(1958 بستنانهتآ لصه معالة عع:1ه»ء© :2هه20م.آ) 170:85 . دراسة مختصه مع تصنت 


بالعديد من الأعمال التي جعلت ابن سينا فيلسوفاً أكثر شهرةً من أقرانه؛ وفيه 


عناية خاصّة بدراسات أيه إم جويشون وترجماته. 


م١‎ 


إمام الحرمين الجوينى» الارشاد [إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد].ء وهو 
مترجم ضمن له .له , لمع -1-اء) 21-1564 ,لالإفصصدعة21-11 تمقحط] ,تمناع انال 
(1938 601[ أوع822 :53215) الشأعناآ .(1-.1 نزط طأعدعء؟ظ م0أطآ 1532512160 ؟ وهطير 


رسالة كاملة ومفصّلة في علم الكلام أعدّها أستاذ الغزالي. 


مونتغمري وات.». عقيدة الغزالي وممارساته 1011 176 ,11/26 5102180101 .مثالا 
(1953 بلأنتتهتآ مطة دعالط عع:م0ء0 :0002مم.آ) 4[7عه1-0ه /07 82:11:66 8210 . وهو 
ترجمة (مع مقدّمة قصيرة جيّدة) حول رسالتين من رسائل الغزالي» أولاهما المنقذ 
من الضلال» والثانية مقدّمة لممارسات الحياة التعبّدية. 


جى. إتش. بوسكء. الغزالى: إحياء علوم الدين :0702411 ,ا501نه80 .11-.0 
(1955 بهمووع8 .7/1 :كتهو ) (ل0قك-له «طلالل' #ر,1) آم ه! 46 5172665 د5ع4 0211011 ام[ . 


ملخص لتحفة الغزالي الكبرى . 

أر ند جان فنسنكء» فكر الغزالى :215ة©) :0222217 42 ءموارءط هلل ,عأعساكدء1717 .ل .م 
(1940 ,6لاناعم402165-13150 . دراسة للموقف الر وحي عند الغر الي. مع تركيز 
خاصٌ على تصوّفه؛ ولعلّه يُقلّل من أهميّة ما كان إسلاميّاً أصيلاً في إبداع 
الغزالى. 


ابن رشدء تهافت التهافت. بترجمة سيمون فان بيرغ و[لطكن1-صطآ] وع20عم 
متك ا 251260 ةا ,(لء22ء 1712067 116 كه 17120/16727126 ©1716  )‏ الاق [ه1-أه آنا 1 


(1954 ,نآ :2002م.آ) .7015 2 ,رطوععءظ معل 20. وهي ترجمة ممتازة لرد ابن رشد 
على الغزالي. وتشمل العديد من المقاطع من عمل الغزالي. 


هنري كوربان». سهروردي حلب: مؤسس المذهب الإاشراقي ,هز16ه00 تإرمء1] 
و(158215301) 11221176متن1 عصتهاءه00 12 ع0 "ناث )0م10 (1191 .ك0) 0 510/111 
712150122107 :83215) 16 .120 :132162265 5ع6)610 5ع 5001666 12 ع0 1621005[طنط 
(1939. وهو كتيّب للرجل الذي أفنى نفسه لإضاءة معالم الفكر الصوفي المتأخخر 
فى إيران فى أعماله اللاحقة؛ بخاصّة فى الخيال الخلاق والصلاة الخلاقة فى 
لصحو ف ابسن عربى :282115) 47051 00 46 ع ] 00715 0600116 10 
(1958 ,1031102لة1 1 ل كتابه الأقرب إلى القراء. الأرض السماوية وجسد 
البعث: من إيران المز د إلى الشيعية 0 ,107اعء لاد ع دم1م» أء عادءامه 1676 
(1960 ,اأعأاققطن)/أعطعب8 :وة11ه0)) 716 7ك ببدم[ '[ ه «ءغ44206! :ه١1‏ !. 


محيي الدين بن العربى» فصوص الجكم 5 6556 ج50 هط ,1طوعش '-0ط1 1-0-0305 تطنك3 
ملطلث :5عة2) أالكقطعاععتا8 كتطة1' بإط ل0عتداكمهنا ,لصم ةلله علي1) دء61(ومرم 


(1955 ,أعطء241. وهي ترجمة موجزة لواحد من أهم عملين لابن العربي . 


الله 


أبو العلا عفيفي»2 الفلسفة الصوفيّة عند محبي الدين بن عربي [مُترجم إلى العربيّة] 
رع17108طططهن)) #طمنك4 '-اسط:-داط لأجساا “ره برزممدم!ةطط أمعنادبراز 116 ,تللتقم .8 .م 
(1939 ,ؤوء؟2 '6151](9انه[آ ع8ل10طصدن :314» وهو دراسة ميتافيزيقيّة حول ابن 
العر بي . 

رينولد نيكلسون. فكرة الشخصية فى التصوف ره ه14 176 ,دهوامطءل8 10ممبرءظ 
26]مع2 :1923 رووعم2 00 ع ))202251108‏ 5771/اى ‏ 171 نز]ة[هتمرروم 
(1964 ,كققطدة 20صتسططن3. وهو دراسة متأنية حول المفكرين الصوفيين 
المتأخحرين حول هذه المسألة. 

أبو بكر بن طفيل. حى بن يقظان «2ه8 زه برمماعة 776 ,انإوكنآحمه1 ععلده-ناطم 
بتاء[2) 2م0غ[تاط .5 .لى لصهة إعاعاء0 09صطتاك نز6 عأاطوعذى جده؟! 0تغدأقصهنا ,«قعبه1!-رط 


(1929 ,وعكاه]5 :1:ملآا وهو ترجمة لعمل ابن طفيل الرئيس من دون التوطئة المهمة. 


هنريك صمويل نيبرج » المؤلّفات الصغرى لابن العربى. ©:11617 ,216618 .5 .11آ 
(1919 ,لالظ .1 . تهسعل رع .آ) #طهمل4' -اه-:16 د05 56771/16 . وهو شر حَ علمي بديع . 


محسن مهدىء» فلسفة التاريخ عند ابن خلدون [تُرجم إلى العربية] ,نلط813 مأقطن84 
.(1957 ,تتاتتطتآ لصة معلاذ عع1مء0) :مه00<مآ) بردماكة زه برزممده!1(ط ناهول 16 


وهو أفضل مقدمة لهذا الفيلسوف المهم. 


15